فصل: 1835- باب ومن سورة العنكبوت

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة الأحوذي شرح جامع الترمذي للمباركفوري ***


1835- باب ومن سورة العنكبوت

مكية وهي تسع وستون آية

بسم الله الرحمن الرحيم 3306- حدثنا مُحَمّدُ بنُ بَشّارٍ و مُحَمّدُ بنُ المُثَنّى قَالاَ‏:‏ حدثنا مُحَمّدُ بنُ جَعْفَرٍ، أخبرنا شُعْبَةُ عَنِ سَماكِ بنِ حَرْب قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ مُصْعَبَ بنَ سَعْدٍ يُحَدّثُ عَن أَبِيهِ سَعْدٍ قَالَ‏:‏ ‏"‏أُنْزِلتْ فِيّ أَرْبَعُ آيَاتٍ فَذَكَرَ قِصّةً فَقَالتْ أُمّ سَعْدٍ أَلَيْسَ قَدْ أَمَرَ الله بالبِرّ‏.‏ والله لاَ أَطْعَمُ طَعَاماً ولاَ أَشْرَبُ شَرَاباً حَتّى أَمُوتَ أَوْ تَكْفُرَ، قَالَ فَكانُوا إذَا أَرَادُوا أَنْ يُطْعِمُوهَا شَجَرُوا فَاهَا، فَنَزلتْ هَذِه الاَيَةُ ‏{‏وَوَصّيْنَا الإنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً وإن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي الاَيَةَ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ‏.‏

3307- حدثنا مَحْمُودُ بنُ غَيْلاَنَ، حدثنا أَبُو أُسَامَةَ وعَبْدُ الله بنُ بَكْرٍ السّهْمِيّ عَن حَاتِم بنِ أَبي صَغِيرَةَ عَن سِمَاك بن حرب عَن أَبي صَالحٍ عَن أُمّ هانئ عَن النبيّ صلى الله عليه وسلم في قَوْلِه تعالى‏:‏ وتَأْتُونَ في نَادِيكُمْ المُنْكَرَ قَالَ‏:‏ كانُوا يَخْذِفُونَ أَهْلَ الأَرْضِ ويَسْخَرُونَ مِنْهُمْ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ إنّما نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثَ حَاتِم بنِ أَبي صَغِيرَةَ عَنْ سِمَاكٍ‏.‏

- قوله ‏(‏عن أبيه سعد‏)‏ هو ابن أبي وقاص‏.‏ قوله ‏(‏أنزلت في‏)‏ بتشديد الياء ‏(‏فذكر قصة‏)‏ روى مسلم هذا الحديث بذكر القصة في باب فضل سعد بن أبي وقاص من كتاب الفضائل ‏(‏وقالت أم سعد‏:‏ أليس قد أمر الله بالبر والله لا أطعم طعاماً ولا شراباً حتى أموت أو تكفر‏)‏ وفي رواية مسلم‏:‏ حلفت أم سعد ألا تكلمه أبداً حتى يكفر بدينه ولا تأكل ولا تشرب قالت‏:‏ زعمت أن الله وصاك بوالديك فأنا أمك وأنا آمرك بهذا، قال مكثت ثلاثاً حتى غشى عليها من الجهد ‏(‏شجروا فاها‏)‏ أي فتحوا فمها زاد مسلم بعصا ثم أوجروها‏.‏ قال النووي أي صبوا فيها الطعام وإنما شجروه بالعصا لئلا تطبقه فيمتنع وصول الطعام جوفها ‏(‏ووصينا الإنسان بوالديه حسناً‏)‏ أي براً وعطفاً عليهما ‏{‏وإن جاهداك لتشرك بي‏}‏ الاَية ‏{‏ما ليس لك به علم‏}‏ أي إن طلبا منك وألزماك ‏{‏أن تشرك بي‏}‏ إلهاً ليس لك علم بكونه إلهاً ‏{‏فلا تطعهما‏}‏ أي في الإشراك، وعبر بنفي العلم عن نفي الإله لأن ما لم يعلم صحته لا يجوز اتباعه فكيف بما علم بطلانه، وإذا لم تجز طاعة الأبوين في هذا المطلب مع المجاهدة منهما له فعدم جوازها مع مجرد الطلب بدون مجاهدة منهما أولى، ويلحق بطلب الشرك منهما سائر معاصي الله سبحانه فلا طاعة لهما فيما هو معصية الله ‏{‏إلى مرجعكم فأنبئكم‏}‏ أي فأخبركم ‏{‏بما كنتم تعملون‏}‏ أي بصالح أعمالكم وسيآتيها أي فأجازيكم عليها‏.‏

قوله ‏(‏هذا حديث صحيح‏)‏ وأخرجه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي‏.‏

- قوله ‏(‏عن حاتم بن أبي صغيرة‏)‏ هو أبو يونس البصري وأبو صغيرة اسمه مسلم وهو جده لأمه وقيل زوج أمه ثقة من السادسة‏.‏ قوله ‏{‏وتأتون في ناديكم‏}‏ النادي والندى والمنتدى مجلس القوم ومتحدثهم ولا يقال للمجلس ناد إلا ما دام فيه أهله ‏{‏المنكر‏}‏ اختلف في المنكر الذي كانوا يأتونه فيه فقيل كانوا يخذفون الناس بالحصباء ويستخفون بالغريب، وقيل كانوا يتضارطون في مجالسهم قالته عائشة، وقيل كانوا يأتون الرجال في مجالسهم وبعضهم يرى بعضاً، وقيل كانوا يلعبون بالحمام، وقيل كانوا يناقرون بين الديكة ويناطحون بين الكباش وقيل يبزق بعضهم على بعض ويلعبون بالنرد والشطرنج ويلبسون المصبغات وكان من أخلاقهم مضغ العلك وتطريف الأصابع بالحناء وحل الإزار والصفير ولا مانع من أنهم كانوا يفعلون جميع هذه المنكرات‏.‏ ذكره صاحب فتح البيان‏.‏ قلت يؤيد الاحتمال الأول حديث أم هانئ هذا ‏{‏كانوا يخذفون‏}‏ من الخذف بالخاء والذال المعجمتين وهو رميك بحصاه أو نواة أو نحوهما تأخذ بين سبابتيك وهذا تفسير‏.‏ لإتيانهم المنكر ‏{‏ويسخرون منهم‏}‏ عطف على يخذفون‏.‏ قال في القاموس‏:‏ سخر منه أي هزئ ‏"‏قوله ‏(‏هذا حديث حسن‏)‏ وأخرجه أحمد وابن جرير وابن أبي حاتم‏.‏

1836- باب ومن سورة الروم

مكية وهي ست أو تسع وخمسون آية

بسم الله الرحمن الرحيم 3308- حدثنا نَصْرُ بنُ عَلِيّ الجَهْضَمِيّ، حدثنا المُعْتَمِرُ بنُ سُلَيْمانَ عَن أبيهِ عَن سُلَيْمانَ الأَعْمَشِ عَن عَطِيّةَ عَن أَبِي سعِيدٍ قَالَ‏:‏ ‏"‏لمّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ ظَهرَتْ الرّومُ على فَارِسَ فأَعْجَبَ ذَلِكَ المُؤْمِنِينَ فَنَزَلتْ ‏{‏ألم غُلِبَتْ الرّومُ‏}‏ إِلى قَوْلِه ‏{‏يَفْرَحُ المؤْمِنُونَ بِنَصْرِ الله‏}‏ قَالَ فَفَرِحَ المُؤْمِنُونَ بِظُهُورِ الرّومِ عَلَى فَارِسَ‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذا الوَجْهِ كذا قرَأَ نَصْرُ بنُ عَلِيّ غَلَبَتْ الرّومُ‏.‏

3309- حدثنا الْحُسَيْنُ بنُ حُرَيثٍ، حدثنا مُعَاوِيَةُ بنُ عَمْرٍو عَن أَبي إِسْحاقَ الفَزَارِيّ عَن سُفْيانَ الثوري عَن حَبِيبِ بنِ أَبي عَمْرةَ عَن سَعِيدِ بن جُبَيْرٍ عَن ابنِ عَبّاسٍ في قَوْلِه تَعَالى‏:‏ ‏{‏ألم غُلِبَتِ الرّومُ في أَدْنَىَ الأَرْضِ‏}‏ قَالَ غلبَتْ وَغَلبتْ‏.‏ قَالَ‏:‏ كَانَ المُشْرِكُونَ يُحِبّونَ أن يَظْهَر أَهْلُ فَارِسَ عَلَى الرّوم لأَنّهمْ وَإِيّاهُمْ أَهْلُ أَوْثَانِ وَكَانَ المُسْلِمُونَ يُحِبونَ أَنْ يَظْهَرَ الرّومُ عَلَى فَارِسَ لأَنّهم أَهْلُ الكِتَابِ، فَذَكَرُوهُ لأَبي بَكْرٍ فَذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ ‏"‏أَمَا إِنّهُمْ سَيَغْلِبُونَ‏"‏ فَذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ لَهمْ فَقَالُوا اجْعَلْ بَيْنَنَا وبَيْنَكَ أجَلاً فإِنْ ظَهرنَا كانَ لَنَا كَذَا وكَذَا وَإِنْ ظَهرْتُم كَان لَكُمْ كَذَا وكَذَا فَجَعَلَ أجَلاً خَمْسَ سِنِينَ فَلَمْ يَظْهَروا فَذَكَروا ذَلِكَ لِلنّبي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ ‏"‏ألاَ جَعَلْتَه إِلى دُونِ‏"‏ قَالَ أُرَاهُ العَشْرَ قَالَ قَالَ سَعِيدٌ وَالبِضْعُ مَا دُونَ العَشْرِ، قَالَ ثُمّ ظَهَرتِ الرّومُ بَعْدُ، قَالَ فَذَلِكَ‏.‏ قَوْلُهُ تعالى ‏{‏ألم غُلِبَتِ الرّومِ‏}‏ إلى قَوْلِهِ ‏{‏وَيَوْمَئذٍ يَفْرَحُ المُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ الله من يشاء‏}‏‏.‏ قَالَ سفيانُ سَمِعْتُ أَنّهُمْ ظَهَرُوا عَلَيْهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ غَرِيبٌ إنّمَا نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ سُفيانَ الثّوْرِيّ عَن حَبِيبِ بنِ أبِي عَمْرَةَ‏.‏

3310- أخبرنا أبُو مُوسَى مُحَمّدُ بنُ المُثَنّى، حدثنا مُحَمّدُ بنُ خَالِدِ بنِ عَثْمَةَ حدثني عَبْدُ الله بنُ عَبْدِ الرّحْمَنِ الجُمَحِيّ، حدثني ابنُ شِهَابٍ الزّهْرِيّ عَن عُبَيْدِ الله بنِ عَبْدِ الله بنِ عُتْبَةَ عَن ابنَ عَبّاسٍ أنّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لأَبِي بَكْرٍ في مُنَاحَبَةٍ‏:‏ ‏"‏‏{‏ألم غُلِبَتْ الرّومُ‏}‏ أَلاّ احْتَطْتَ يا أبا بَكْرٍ فَإِنّ البِضْعَ مَا بَيْنَ الثَلاَث إلى التِسع‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ حَسَنٌ مِنْ هَذَا الوَجْهِ مِنْ حَدِيثِ الزّهْرِيّ عَن عُبَيْدِ الله عَن ابنِ عَبّاسٍ‏.‏

3311- حدثنا مُحَمّدُ بنُ إِسْمَاعِيلُ حدثنا اسْمَاعيلُ بنُ أبِي أُوَيْسٍ حدثني ابنُ أبِي الزّنَادِ عَنْ أَبِي الزّنَادِ عَن عُروْةَ بنِ الزّبَيْرِ عَن نِيَارِ بنِ مُكْرَمٍ الأَسْلَميّ قَالَ ‏"‏لَمّا نَزَلت ‏{‏ألم غُلِبتِ الرّومُ في أدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيغْلِبُونَ في بِضْعِ سِنِينَ‏}‏ فَكانَتْ فَارِسُ يَوْمَ نَزَلتْ هَذِهِ الاَيَةُ قَاهِرينَ للرّومِ وكانَ المُسْلِمُونَ يُحبّونَ ظُهُورَ الرّومِ عَلَيْهمْ لأَنّهُمْ وإيّاهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ وفي ذَلِكَ قَوْلُ الله تَعَالَى ‏{‏وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ المُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ الله يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ العَزِيزُ الرّحِيمُ‏}‏ وكَانتْ قُرَيْشٌ تُحِبّ ظُهورَ فَارِسَ لأَنّهُمْ وإيّاهُمْ لَيْسُوا بأَهْلِ كِتَابٍ وَلاَ إيمَانٍ بِبَعْثٍ، فَلَمّا أَنْزَلَ تَعَالَى الله هَذِهِ الاَيَةَ خَرَجَ أبُو بَكْرٍ الصّدّيقُ رضي الله عنه يَصِيحُ في نَوَاحِي مَكّةَ ‏{‏الم غُلِبتِ الرّومُ في أدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيغْلِبُونَ في بِضْعِ سِنِينَ‏}‏ قَالَ نَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ لأَبِي بَكْرٍ فَذَلِكَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ زَعَمَ صَاحِبُكم أنّ الرّومَ سَتَغْلِبُ فَارِسَ فِي بِضْعِ سِنينَ أفَلاَ نُرَاهِنُكَ عَلَى ذَلِكَ قَالَ بَلَى، وَذَلِكَ قبْلَ تَحْرِيم الرّهَانِ فَارْتَهَنَ أبُو بَكْرٍ والمُشْركُونَ وَتَواضَعُوا الرّهَانَ وقَالُوا لأَبِي بَكْرٍ كَمْ تَجْعَلُ البِضْعَ ثَلاَثَ سِنينَ إلى تِسْعِ سِنينَ فَسَمّ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ وَسَطاً تَنتَهِي إليهِ‏.‏ قَالَ فَسَمّوا بَيْنَهُمْ سِتّ سِنينَ، قَالَ فَمَضَت السّتّ سِنِينَ قبْلَ أنْ يَظْهَرُوا فأَخَذَ المُشْركُونَ رَهْنَ أبِي بَكْرٍ، فَلَمّا دَخَلت السّنَةُ السّابِعَةُ ظَهَرتِ الرّومُ عَلَى فَارِسَ فعَابَ المُسْلِمُونَ عَلَى أبِي بَكْرٍ تَسْمِيَةَ سِتّ سِنِينَ قَالَ لأَنّ الله تعالى قَالَ في بِضْعِ سِنِينَ، قَالَ وَأسْلَمَ عِنْدَ ذَلِكَ نَاسٌ كَثِيرٌ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ غَريبٌ من حديث نيار بن مكرّم لا نَعْرِفُهُ إلاّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرْحمَنِ بنِ أبي الزّنَادِ‏.‏

- قوله ‏(‏لما كان يوم بدر ظهرت الروم إلخ‏)‏ تقدم هذا الحديث مع شرحه في أوائل أبواب القراءات‏.‏

- قوله ‏(‏عن حبيب بن أبي عمره‏)‏ القصاب أبي عبد الله الحماني الكوفي ثقة من السادسة قوله ‏(‏قال‏)‏ أي ابن عباس ‏(‏غلبت‏)‏ بصيغة المجهول أي الروم أولاً ‏(‏وغلبت‏)‏ بصيغة المعلوم أي ثم غلبت، وفي رواية ابن جرير فغلب الروم ثم غلبت ‏(‏أن يظهر‏)‏ أي يغلب ‏(‏لأنهم‏)‏ أي المشركين ‏(‏فإن ظهرنا كان لنا كذا وكذا‏)‏ أي من قلائص وفي أثر عبد الله بن مسعود عند ابن جرير قالوا هل لك أن نقامرك فبايعوه على أربع قلائص ‏"‏ألا جعلته إلى دون‏"‏ قال أراه ‏"‏العشر‏"‏ وفي رواية ابن جريرة ‏"‏أفلا جعلته إلى دون العشر‏"‏‏.‏ قوله ‏(‏هذا حديث حسن صحيح‏)‏ وأخرجه أحمد والنسائي وابن جرير‏.‏

- قوله ‏(‏حدثنا عبدالله بن عبدالرحمن الجمحي‏)‏ أبو سعيد المدني قال عثمان الدارمي قلت لابن معين كيف هو‏؟‏ فقال لا أعرفه‏.‏ وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن عدي مجهول‏.‏ كذا في تهذيب التهذيب‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏قال لأبي بكر في مناحبة ‏{‏ألم غلبت الروم‏}‏‏)‏ المناحبة المراهنة ‏"‏ألا‏"‏ بفتح الهمزة وشدة اللام حرف التحضيض ‏"‏احتطت‏"‏ من الاحتياط وفي رواية ابن جرير لما نزلت ‏"‏ألم غلبت الروم في أدنى الأرض‏"‏ الاَية ناحب أبو بكر قريشاً ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له‏:‏ إني قد ناحبتهم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم هلا احتطت‏.‏ قوله ‏(‏هذا حديث غريب حسن‏)‏ وأخرجه ابن جرير‏.‏

- قوله ‏(‏حدثنا محمد بن إسماعيل‏)‏ لم يتعين لي أنه هو الإمام البخاري أو هو محمد بن إسماعيل السلمي أبو إسماعيل الترمذي فإنهما من شيوخ أبي عيسى الترمذي ومن أصحاب إسماعيل بن أبي أويس ‏(‏عن نيار‏)‏ بكسر النون وتخفيف التحتانية ‏(‏بن مكرم‏)‏ بضم أوله وسكون ثانيه وفتح ثالثه صحابي عاش إلى أول خلافة معاوية وأنكر ابن سعد أن يكون سمع من النبي صلى الله عليه وسلم فذكره في الطبقة الأولى من أهل المدينة وقال سمع من أبي بكر وكان ثقة قليل الحديث‏.‏ قوله ‏(‏يصيح في نواحي مكة‏)‏ أي ينادي فيها من الصياح وهو الصوت بأقصى الطاقة ‏(‏زعم صاحبك‏)‏ يعنون رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏(‏وتواضعوا الرهان‏)‏ أي تواطأوا عليه‏.‏ قوله ‏(‏هذا حديث صحيح غريب‏)‏ قال الحافظ ابن كثير بعد ذكر هذا الحديث‏:‏ وقد روى نحو هذا مرسلاً عن جماعة من التابعين مثل عكرمة والشعبي ومجاهد وقتادة والسدي والزهري وغيرهم انتهى‏.‏ قلت‏:‏ أخرج بن جرير في تفسيره رواية عكرمة والشعبي ومجاهد وقتادة رحمهم الله تعالى‏.‏

1837- باب ومن سورة لقمان

مكية إلا ‏{‏ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام‏}‏ الاَيتين فمدنيتان وهي أربع وثلاثون آية

بسم الله الرحمن الرحيم 3312- حدثنا قُتَيْبَةُ حدثنا بَكْرُ بنُ مُضَرَ عَن عُبَيْدِ الله بنِ زحر عَن عَلِيّ بن يَزِيدَ عَن القَاسِمِ بن عَبْدِ الرّحمَن عَن أَبِي أُمَامَةَ عَن رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ ‏"‏لا تَبِيعُوا القَيْنَاتِ ولاَ تَشْتَرُوهُنّ ولاَ تُعَلّمُوهُنّ ولا خَيْرَ في تِجارَةٍ فِيهِنّ وثمَنُهُنّ حَرَامٌ‏"‏ وفي مِثْلِ ذلك أُنْزِلتْ عليه هَذِهِ الاَيَةُ ‏{‏وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَشْتَري لَهْوَ الحَدِيثِ لِيُضِلّ عَنْ سَبِيل الله‏}‏ إلى آخِر الاَيَةِ‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هذَا حَدِيثٌ غَريبٌ إِنّمَا يُرْوَى مِنْ حدِيث القَاسِمِ عَنْ أبي أُمَامَةَ والقاسِمُ ثِقَةٌ وعَلِيّ بنُ يَزِيدَ يُضَعّفُ في الحَدِيثِ قَالَهُ مُحمّدُ بنُ إِسْمَاعيلَ‏.‏

- قوله ‏"‏عن أبي أمامة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ لا تبيعوا القينات إلخ‏"‏ تقدم هذا الحديث بإسناده ومتنه في باب كراهية بيع المغنيات من أبواب البيوع وتقدم هناك شرحه‏.‏

1838- باب ومن سورة السجدة

مكية وهي ثلاثون آية

بسم الله الرحمن الرحيم 3313- حدثنا عَبْدُ الله بنُ أَبِي زِيَادٍ أخبرنا عبْدُ العَزيزِ بنُ عَبْدِ الله الأُوَيسِيّ عَن سُلَيْمانَ بنِ بِلاَلٍ عَن يَحْيَى بنِ سَعيدٍ عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ عَن هَذِهِ الاَيَةِ ‏{‏تَتَجَافى جُنُوبُهُمْ عَن المَضَاجِع‏}‏ نَزَلتْ في انْتِظَارِ هذه الصّلاَةِ التّيِ تُدْعَى العَتَمَةَ‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ غَرِيبٌ لا نَعْرِفَهُ إِلاّ مِنْ هَذَا الوَجْهِ‏.‏

3314- حدثنا ابنُ أبِي عُمَرَ، أخبرنا سُفْيَانُ عَن أبِي الزّنَادِ عَن الأَعْرَجِ عَن أبِي هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ‏:‏ ‏"‏قَالَ الله تعالى أَعْدَدْتُ لِعبَادِي الصّالِحِينَ مَا لا عَيْنٌ رَأَتْ وَلاَ أُذُنٌ سَمِعتْ وَلا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ‏"‏‏.‏ وتَصْدِيقُ ذَلِكَ في كِتَابِ الله عز وجلّ ‏{‏فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ‏}‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ‏.‏

3315- حدثنا ابنُ أبِي عُمَرَ، أخبرنا سُفْيَانُ عَن مُطَرّفِ بنِ طَرِيفٍ وعَبْدِ الملكِ هُوَ ابنُ أَبْجَر سَمِعَا الشّعْبِيّ يَقُولُ سَمِعْتُ المُغِيرَة بنَ شُعْبَةَ عَلَى المِنْبَرِ يَرْفَعُهُ إِلى النبيّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ‏:‏ ‏"‏إِنّ مُوسَى عليه السلام سَأَلَ رَبّهُ فَقَالَ أي رَبّ أَيّ أَهْلِ الجَنّةِ أَدْنَى مَنْزِلةً، قَالَ رَجُلٌ يَأَتِي بَعْدَ مَا يَدْخُلُ أَهْلُ الجَنّةِ فيُقَالُ لَهُ ادْخُلْ‏.‏ فيَقولُ كَيْفَ أَدْخُلُ وقَدْ نَزَلُوا مَنَازِلَهُمْ وَأَخَذُوا أَخَذاتِهِمْ‏؟‏ قَالَ فَيُقَالُ لَهُ‏:‏ أَتَرْضَى أَنْ يَكُونَ لَكَ مَا كَانَ لِمَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الدّنْيَا‏؟‏ فَيَقُولُ نَعَمْ أَيْ رَبّ قَدْ رَضِيتُ، فَيُقَالُ لَهُ‏:‏ فَإِنّ لَكَ هَذَا ومِثْلَهُ ومِثْلَهُ وَمِثْلَهُ، فَيَقُولُ رَضِيتُ أَيْ رَبّ، فَيُقَالُ لَهُ‏:‏ فَإِنّ لَكَ هَذَا وَعَشْرَةَ أَمْثَالِهِ، فَيَقُولُ رَضِيتُ أَيْ رَبّ، فَيُقَالُ لَهُ‏:‏ فإِنّ لَكَ مَعَ هَذا مَا اشْتَهَت نَفْسُكَ وَلَذّتْ عَيْنُكَ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ‏.‏ ورَوَى بَعْضُهُم هَذَا الحَدِيثَ عَنِ الشّعْبِيّ عَنِ المُغِيرَةِ وَلَمْ يَرْفَعْهُ، والمَرْفُوعُ أَصَحّ‏.‏

- قوله ‏(‏حدثنا عبدالعزيز بن عبدالله الأويسي‏)‏ بضم الهمزة وفتح الواو وسكون التحتية مصغراً أبو القاسم المدني ثقة من كبار العاشرة ‏(‏عن سليمان بلال‏)‏ هو التيمي عن يحيى بن سعيد هو الأنصاري‏.‏ قوله ‏{‏تتجافى جنوبهم‏}‏ أي ترتفع وتتنحى ‏{‏عن المضاجع‏}‏ أي مواضع الاضطجاع لصلاتهم ‏(‏نزلت في انتظار الصلاة التي تدعى العتمة‏)‏ أي صلاة العشاء وروى أبو داود هذا الحديث من وجه آخر عن أنس بن مالك في هذه الاَية ‏{‏تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ومما رزقناهم ينفقون‏}‏ قال‏:‏ كانوا يتيقظون ما بين المغرب والعشاء يصلون قال وكان الحسن يقول قيام الليل والحديث سكت عنه أبو داود والمنذري، وأخرجه ابن مردية عن رواية سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس في هذه الاَية قال يصلون ما بين المغرب والعشاء قال العراقي‏:‏ وإسناده جيد وروى الترمذي في مناقب الحسن والحسين في حديث طويل عن حذيفة‏:‏ أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فصليت معه المغرب فصلى حتى صلاة العشاء ثم انفتل قال الحافظ ابن كثير في تفسيره‏:‏ قال أنس وعكرمة ومحمد بن المنكدر وأبو حازم وقتادة هو الصلاة بين العشاءين، وعن أنس أيضاً هو انتظار صلاة العتمة‏.‏ رواه ابن جرير بإسناد جيد انتهى‏.‏ قوله ‏(‏هذا حديث حسن صحيح غريب‏)‏ وأخرجه أبو داود‏.‏

- قوله ‏"‏قال الله أعددت‏"‏ من الإعداد أي هيأت ‏"‏ما لا عين رأت‏"‏ كلمة ما إما موصولة أو موصوفة وعين وقعت في سياق النفي فأفاد الاستغراق ‏"‏ولا خطر‏"‏ أي وقع ‏"‏على قلب بشر‏"‏ زاد ابن مسعود في حديثه‏:‏ ‏"‏ولا يعلمه ملك مقرب ولا نبي مرسل‏"‏‏.‏ أخرجه ابن أبي حاتم وهو يدفع قول من قال‏:‏ إنما قيل البشر لأنه يخطر بقلوب الملائكة‏.‏

قال الحافظ‏:‏ والأولى حمل النفي فيه على عمومه فإنه أعظم في النفس ‏{‏فلا تعلم نفس ما أخفى‏}‏ بصيغة المجهول من الإخفاء أي خبيء، قرأ الجمهور‏:‏ أخفى بالتحريك على البناء للمفعول وقرأ حمزة بالإسكان فعلاً مضاعفاً مسنداً للمتكلم يؤيده قراءة ابن مسعود نخفى بنون العظمة وقرأها محمد بن كعب أخفى بفتح أوله وفتح الفاء على البناء للفاعل وهو الله‏.‏ ونحوها قراءة الأعمش أخفيت ‏{‏من قرة أعين‏}‏ ما تقر به أعينه‏.‏ قوله ‏(‏هذا حديث حسن صحيح‏)‏ وأخرجه أحمد والشيخان‏.‏

- قوله ‏(‏حدثنا سفيان‏)‏ هو ابن عيينة‏.‏ قوله ‏"‏وأخذوا أخذاتهم‏"‏ بفتح الهمزة والخاء قال القاضي هو ما أخذوه من كرامة مولاهم وحصلوه أو يكون معناه قصدوا منازلهم، قال وذكره ثعلب بكسر الهمزة ‏"‏فإن لك مثله ومثله ومثله‏"‏ وفي رواية مسلم لك مثله ومثله ومثله ومثله ومثله خمس مرات ‏"‏فإن لك هذا ما اشتهت نفسك ولذت عينك‏"‏ زاد مسلم‏:‏ قال رب فأعلاهم منزلة قال أولئك الذين أردت غرست كرامتهم بيدي وختمت عليها فلم تر عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على قلب بشر‏.‏ قال ومصداقة في كتاب الله عزّ وجلّ ‏{‏فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين‏}‏ الاَية قال النووي معنى أردت اخترت واصطفيت، وأما غرست كرامتهم بيدي إلى آخره فمعناه اصطفيتهم وتوليتهم فلا يتطرق إلى كرامتهم تغيير، وفي آخر الكلام حفذف للعلم به تقديره‏:‏ ولم يخطر على قلب بشر ما أكرمتهم به وأعددته لهم‏.‏ قوله ‏(‏هذا حديث حسن صحيح‏)‏ وأخرجه مسلم‏.‏

1839- باب ومن سورة الأحزاب

مدنية وهي ثلاث وسبعون آية

بسم الله الرحمن الرحيم 3316- حدثنا عَبْدُ الله بنُ عَبْدِ الرّحْمَنِ، أخبرنَا صَاعِدٌ الحَرّانِيّ، أخبرنا زُهَيْرٌ أخبرنَا قابُوسُ بنُ أَبي ظَبْيَانَ أَنّ أَبَاهُ حَدّثَهُ قَالَ‏:‏ ‏"‏قُلْنَا لابنِ عَبّاسٍ‏:‏ أَرَأَيْتَ قَوْلَ الله عَزّ وَجَلّ ‏{‏مَا جَعَلَ الله لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ‏}‏ مَا عَنَى بِذَلِكَ‏؟‏ قَالَ قَامَ نَبِيّ الله صلى الله عليه وسلم يَوْماً يُصَلّي فَخَطَرَ خَطْرَةً فَقَالَ المُنَافِقُونَ الّذِينَ يُصَلّونَ مَعَهُ أَلاَ تَرَى أَنّ لَهُ قَلْبَيْنِ قَلْباً مَعَكُمْ وقَلْباً مَعَهُمْ فَأَنْزَلَ الله‏:‏ ‏{‏مَا جَعَلَ الله لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْن فِي جَوْفِهِ‏}‏‏"‏‏.‏

3317- حدثنا عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ حدّثني أَحْمَدُ بنُ يُونسَ أَخبرنا زُهَيْرٌ نَحْوَهُ‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ‏.‏

3318- حدثنا أَحْمَدُ بنُ مُحمّدٍ حدثنا عَبْدُ الله بنُ المُبَارَكِ حدثنا سُلَيْمَانُ بنُ المُغِيرَةِ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ ‏"‏قَالَ عَمّي أَنَسُ بنُ النّضْرِ‏:‏ سُمّيتُ بِهِ لَمْ يَشْهَدْ بَدْراً مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَكَبُرَ عَلَيْهِ فَقَالَ أَوّلُ مَشْهَدٍ قَدْ شَهِدَهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم غِبْتُ عَنْهُ‏.‏ أَمَا وَالله لَئِنْ أَرَانِي الله مَشْهَداً مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فيما بعد لَيَرَيَنّ الله مَا أَصْنَعُ‏.‏ قَالَ فَهَابَ أَنْ يَقُولَ غَيْرَهَا، فَشَهِدَ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ مِنَ العَامِ القَابِلِ فَاسْتَقْبَلَهُ سَعْدُ بنُ مُعَاذٍ فَقَالَ يَا أَبَا عَمْرٍو‏:‏ أَيْنَ‏؟‏ قَالَ وَاهَا لِرِيحِ الْجَنّةِ أَجِدُهَا دُونَ أُحُدٍ، فَقَاتَلَ حَتّى قُتِلَ فَوُجِدَ في جَسَدِهِ بِضْعٌ وَثَمَانُونَ مِنْ بَيْنِ ضَرْبَةٍ وَطَعْنَةٍ ورَمْيَةٍ‏.‏ قَالَتْ عَمّتِي الرّبَيّعُ بِنْتُ النّضْرِ فَمَا عَرَفْتُ أَخِي إِلاّ بِبَنَانِهِ‏"‏ وَنَزَلَتْ هذِهِ الاَيَةُ ‏{‏رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا الله عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدّلُوا تَبْدِيلاً‏}‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ‏.‏

3319- حدثنا عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ أخبرنا يَزِيدُ بنُ هَارُونَ، حدثنا حُمَيْدٌ الطّوِيلُ عَنْ أَنَسِ بنَ مَالِكٍ‏:‏ ‏"‏أَنّ عَمّهُ غَابَ عَنْ قِتَالِ بَدْرٍ فَقَالَ غِبْتُ عَنْ أَوّلِ قِتَالٍ قَاتَلَهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم المُشْرِكينَ لإَنِ الله أَشْهَدَنِي قِتَالاً لِلْمُشْرِكينَ لَيَرَيَنّ الله كَيْفَ أَصْنَعُ، فَلَمّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ انْكَشَفَ المُسْلِمُونَ فَقَالَ‏:‏ الّلهُمّ إِنّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمّا جَاء بِهِ هَؤُلاَءِ يَعني المشْرِكِينَ وأَعْتَذِرُ إِلَيْكَ مِمّا صَنَعَ هؤلاء يَعْنِي أَصْحَابَهُ، ثُمّ تَقَدّمَ فَلَقِيَهُ سَعْدٌ، فَقَالَ يَا أَخِي مَا فَعَلْتُ أَنَا مَعَكَ فَلَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أَصْنَعَ مَا صَنَعَ فَوجدَ فِيهِ بِضْعاً وَثَمَانِينَ بَيْنَ ضَرْبَةٍ بِسَيْفٍ وَطَعْنَةٍ بِرُمْحٍ وَرَمْيَةٍ بِسَهْمٍ فَكُنّا نَقُولُ فِيهِ وَفي أَصْحَابِهِ نَزَلَتْ ‏{‏فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ‏}‏ قَالَ يَزِيدُ‏:‏ يَعْنِي هذه الاَيَةَ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ‏.‏ واسْمُ عَمّهِ أَنَسُ بنُ النّضْرِ‏.‏

3320- حدثنا عَبْدُ القُدّوسِ بنُ مُحمّدٍ القطان البَصْرِيّ، أخبرنا عَمْرُو بنُ عَاصِمٍ عَنْ إِسْحَاقَ بنِ يَحْيَى بنِ طَلْحَةَ عَنْ مُوسَى بنِ طَلْحَةَ قَالَ‏:‏ ‏"‏دَخَلْتُ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَقَالَ أَلاَ أُبَشّرُكَ‏؟‏ قُلْتُ بَلَى، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ‏:‏ طَلْحَةُ مِمّنْ قَضَى نَحْبَهُ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ غَرِيب لا نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ إِلاّ مِنْ هَذَا الوَجْهِ وَإِنّمَا رُوِيَ هَذَا عَنْ مُوسَى بنِ طَلحَةَ عَنْ أَبِيهِ‏.‏

3321- حدثنا أبو كُرَيْبٍ حدثنا يُونُسُ بنُ بُكَيْرٍ عَنْ طَلْحَةَ بنِ يَحْيَى عَنْ مُوسَى وعِيسَى ابْنَيْ طَلْحَةَ عَنْ أبيهِمَا طَلْحَةَ‏:‏ ‏"‏أنّ أَصْحَابَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم قَالُوا لأعْرَابيّ جَاهِلٍ سَلْهُ عَنْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ مَنْ هُوَ‏؟‏ وكانُوا لاَ يَجْتَرِئونَ عَلَى مَسْأَلَتِهِ يُوَقّرُونَهُ وَيَهابُونَهُ، فَسَأَلَهُ الأَعْرَابيّ فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثمّ سَأَلَهُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ ثُمّ سَأَلَهُ فأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمّ إِنّي اطّلَعْتُ مِنْ بَابِ المَسْجِدِ وَعَلَيّ ثِيَابٌ خُضْرٌ فَلَمّا رَآنِي النبيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ‏:‏ أَيْنَ السّائِلُ عَمّنْ قَضَى نَحْبَهُ‏؟‏ قَالَ الأَعْرَابيّ أَنا يَا رَسُولَ الله، فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم هَذَا مِمّنْ قَضَى نَحْبَهُ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ لاَ نَعْرِفُهُ إِلاّ مِنْ حَدِيثِ يُونُسَ بنِ بُكَيْرٍ‏.‏

3322- حدثنا عَبْدُ بنُ حميدٍ، حدثنا عُثْمَانُ بنُ عُمَرَ عَنْ يُونُسَ بنِ يَزِيدَ عَنِ الزّهْرِيّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ‏:‏ ‏"‏لَمّا أُمِرَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بِتَخْيِيرِ أَزْوَاجِهِ بَدَأَ بِي فَقَالَ‏:‏ يَا عَائِشَةُ إِنّي ذَاكِرٌ لَكِ أَمْراً فَلاَ عَلَيْكِ أَنْ لاَ تَسْتَعْجِلِي حَتّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْكِ، قَالَتْ‏:‏ وَقَدْ عَلِمَ أَنّ أَبَوَاي لَمْ يَكُونَا لِيَأْمُرَانِي بِفِرَاقِهِ، قَالَتْ ثُمّ قَالَ‏:‏ إِنّ الله تعالى يَقُولُ ‏{‏يَا أَيّهَا النّبِيّ قُلْ لأِزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنّ تُرِدْنَ الحَياةَ الدّنْيَا وَزِينَتهَا فَتَعَالَيْنَ‏}‏ حَتّى بَلَغَ ‏{‏لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنّ أَجْراً عَظِيماً‏}‏‏.‏ قُلْتُ في أَيّ هَذَا أَسْتَأْمِرُ أَبَوَيّ فإنّي أُرِيدُ الله وَرَسُولَهُ وَالدّارَ الاَخِرَةَ، وَفَعَلَ أَزْوَاجُ النبيّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَ مَا فَعَلْتُ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ‏.‏ وقد رُوِيَ هَذَا أَيْضاً عَنْ الزّهْرِيّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها‏.‏

3323- حدثنا قُتَيْبَةُ أَخبرنا مُحمّدُ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ الأصْبَهَانِيّ عَنْ يَحْيَى بنِ عُبَيْدٍ عَنْ عَطَاءِ بنِ أَبي رَباحٍ عَنْ عُمَرَ بنِ أَبِي سَلَمةَ رَبِيب النبيّ صلى الله عليه وسلم قالَ ‏"‏لَمّا نَزَلَتْ هَذِهِ الاَيَةُ عَلَى النبيّ صلى الله عليه وسلم ‏{‏إِنَمَا يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ ويُطَهّرَكمْ تَطْهِيراً‏}‏ في بَيْتِ أُمّ سَلَمَةَ فَدَعَا فَاطِمَةَ وَحَسَناً وَحُسَيْناً فَجَلّلَهُمْ بِكِسَاءٍ وَعَليّ خَلْفَ ظَهْرِهِ فَجَلّلَهُ بِكسَاءٍ ثُمّ قَالَ‏:‏ اللّهُمّ هَؤُلاَءِ أَهْلُ بَيْتِي فَأَذْهِبْ عَنْهُمْ الرّجْسَ وَطَهّرْهُمْ تَطْهِيراً‏.‏ قَالَتْ أُمّ سَلَمَةَ وَأَنَا مَعَهُمْ يَا نَبِيّ الله، قَالَ أَنْتِ عَلَى مَكَانِكِ وَأَنْتِ عَلَى خَيْرٍ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ غريبٌ مِنْ هَذَا الوَجْهِ مِنْ حَدِيثِ عَطَاءٍ عَنْ عُمَرَ بنِ أَبِي سَلَمَةَ‏.‏

3324- حدثنا عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ أخبرنا عَفّانُ بنُ مُسْلِمٍ أخبرنا حَمّادُ بنُ سَلَمَةَ أخبرنا عَلِيّ بنُ زَيْدٍ عَن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ ‏"‏أَنّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يَمُرّ بِبَابِ فَاطِمَةَ سِتّةَ أَشْهُرٍ إِذَا خَرَجَ لِصَلاَةِ الْفَجْرِ يَقُولُ‏:‏ الصّلاَةَ يَا أَهْلَ البَيْتِ ‏{‏إنّمَا يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهّرَكُمْ تَطْهِيراً‏}‏‏"‏ قال‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ غرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ إِنّمَا نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ حَمّادِ بنِ سَلَمَةَ‏.‏ قال‏:‏ وفي البابِ عَنْ أَبِي الحمراءِ ومَعْقِلِ بنِ يَسَارٍ وَأُمّ سَلَمَةَ‏.‏

3325- حدثنا عَلِيّ بن حُجْرٍ أَخبرنا دَاوُدُ بنُ الزّبْرِقَانِ عَن دَاوُدَ بنِ أَبِي هِنْدٍ عن الشّعبيّ عَن عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ ‏"‏لَوْ كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم كَاتِماً شَيْئاً مِنَ الَوحْيِ لَكَتَم هَذِهِ الاَية ‏{‏وإِذْ تَقُولُ لِلّذِي أَنْعَمَ الله عَلَيه‏}‏ يَعْنِي بالإسْلاَمِ ‏{‏وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ‏}‏ يَعْنِي بالعِتْقِ فَأَعْتَقتْهُ ‏{‏أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ واتّقِ الله وَتُخْفِي في نَفْسِكَ ما الله مُبْدِيهِ وَتَخشَى الناسَ والله أَحقّ أَنْ تَخْشَاهُ‏}‏ إلى قَوْلِهِ ‏{‏وَكَانَ أَمْرُ الله مَفْعُولاً‏}‏‏.‏ وأَنّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم لَمّا تزوجها قالوا تَزَوّجَ حَلِيلَةَ ابْنِهِ فَأَنْزَلَ الله تعالى ‏{‏مَا كَانَ مُحمّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم وَخَاتَمَ النّبِيّينَ‏}‏ وَكَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم تَبَنّاهُ وَهُوَ صَغِيرٌ فَلَبِثَ حَتّى صَارَ رَجُلاً يُقَالُ لَهُ زَيْدٌ بنُ مُحّمدٍ فَأَنْزَلَ الله ‏{‏أُدْعُوهُمْ لاَِبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ الله فإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخوَانُكُمْ في الدّينِ ومَوَالِيكُمْ‏}‏ فُلاَنٌ مَوْلَى فُلاَنٍ وفلاَنٌ أَخُو فُلاَنٍ ‏{‏هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ الله‏}‏ يَعْنِي أَعْدَلُ عِنْدَ الله‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ قَدْ رُوِيَ عَنْ دَاوُدَ بنِ أَبِي هِنْدٍ عَنِ الشّعْبيّ عَنْ مَسرُوق عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ‏:‏ ‏"‏لَوْ كَانَ النبيّ صلى الله عليه وسلم كَاتِماً شَيْئاً مِنَ الْوَحْيِ لَكَتَمَ هَذِهِ الاَيَةَ ‏{‏وإذْ تَقُولُ لِلّذِي أَنْعَمَ الله عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ‏}‏‏"‏ الاَية هَذَا الْحَرْفُ لَمْ يُرْوَ بِطُولِهِ‏.‏

3326- حدثنا بِذَلِكَ عَبْدُ الله بنُ واضح الكُوفِيّ، أخبرنا عَبْدُ الله بنُ إدْرِيسَ عَنْ دَاوُدَ بنِ أَبِي هِنْدٍ‏.‏

3327- حدثنا مُحّمدُ بنُ أَبَانَ أخبرنا ابنُ أَبِي عَدِيّ عَنْ دَاوُدَ بنِ أَبي هِنْدٍ عَن الشّعْبيّ عَن مسْرُوقٍ عَن عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ‏:‏ لَوْ كَانَ النبيّ صلى الله عليه وسلم كَاتِماً شَيْئاً مِنَ الْوَحْيِ لَكَتَمَ هَذِهِ الاَيةَ ‏{‏وَإِذْ تَقُولُ لِلّذِي أَنْعَمَ الله عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ‏}‏ الاَيَةَ‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ‏.‏

3328- حدثنا قُتَيْبَةُ أخبرنا يَعْقُوبُ بنُ عَبْدِ الرّحمَنِ عَنْ مُوسَى بنِ عُقْبَةَ عَن سَالِمٍ عَنْ ابنِ عمَرَ قَالَ‏:‏ مَا كُنّا نَدْعُو زَيْدَ بنَ حَارِثَةَ إلاّ زَيْدَ بنَ مُحّمدٍ حَتّى نَزَلَ القُرْآنُ ‏{‏أُدْعُوهُمْ لاَِبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ الله‏}‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ‏.‏

3329- حدثنا الْحَسَنُ بنُ قَزْعَةَ البَصْرِيّ، أخبرنا مَسْلَمَةُ بنُ عَلْقَمَةَ عَنْ دَاودَ بنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ عَامِرٍ الشّعْبِيّ في قَوْلِ الله عز وجلّ ‏{‏مَا كَانَ مُحمّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ‏}‏ قَالَ مَا كَانَ لِيَعِيشَ لَهُ فِيكُمْ وَلَدٌ ذَكِرٌ‏.‏

3330- حدثنا عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ حدّثنا مُحمّدُ بنُ كَثِيرٍ، أخبرنا سُلَيْمَانُ بنُ كَثِيرٍ عَن حُسيْنٍ عَن عِكْرِمَةَ عَنْ أُمّ عُمَارَةَ الأَنْصَارِيّةِ ‏"‏أَنّهَا أَتَتِ النبيّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ مَا أَرَى كُلّ شَيءٍ إِلاّ لِلرّجَالِ وَمَا أَرَى النّسَاءَ يُذْكَرْنَ بِشَيءٍ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الاَيَةُ‏:‏ ‏{‏إنّ المُسْلِمينَ وَالمُسْلِمَاتِ وَالمُؤْمِنينَ وَالمُؤْمِنَاتِ‏}‏‏"‏ الاَية‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ غَريبٌ وَإِنّمَا يُعْرَفُ هَذَا الحَدِيث مِنْ هَذَا الْوَجْهِ‏.‏

3331- حدثنا عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ، أخبرنا مُحمّدُ بنُ الفَضْلِ أخبرنا حَمّادُ بنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ‏:‏ ‏"‏لَمّا نَزَلَتْ هَذِهِ الاَيَةُ في زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ ‏{‏فَلَمّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً زَوّجْنَاكَهَا‏}‏ قَالَ فَكَانَتْ تَفْخِرُ عَلَى أزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم تَقُولُ‏:‏ زَوّجَكُنّ أَهْلُكُنّ وَزَوّجَنِي الله مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ‏.‏

3332- حدثنا عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ، أخبرنا عُبَيْدُ الله بنُ مُوسَى عَن إسْرَائِيلَ عَن السّدّيّ عَن أَبِي صَالحٍ عَنْ أُمّ هَانِيءٍ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ قَالَتْ‏:‏ ‏"‏خَطَبَنِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فاعْتَذَرْتُ إلَيْهِ فَعَذَرنِي ثُم أَنْزَلَ الله تعالى ‏{‏إنّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ الّلاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمّا أَفَاءَ الله عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمّكَ وَبَنَاتِ عَمّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاَتِكَ الّلاتِي هَاجَرْنَ مَعَك وامرأة مؤمنةً إن وهبت نفسها للنبي‏}‏ الاَيَة قَالَتْ فَلَمْ أكُنْ أَحِلّ لَهُ لأَنّي لَمْ أُهَاجِرْ كُنْتُ مِنَ الطّلَقَاءِ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ لاَ نَعْرِفُهُ إِلاّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ حَدِيثِ السّدّيّ‏.‏

3333- حدثنا أَحْمَدُ بنُ عُبْدَةَ الضّبّيّ أخبرنا حَمّادُ بنُ زَيْدٍ عَن ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ‏:‏ ‏"‏نَزَلَتْ هَذِهِ الاَيةُ ‏{‏وَتُخْفِي في نَفْسِكَ مَا الله مُبْدِيِهِ وتخشَى الناس‏}‏ في شَأْنِ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ جَاءَ زَيْدٌ يَشْكُو فَهَمّ بِطَلاَقِهَا فَاسْتَأْمَرَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏{‏أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتّقِ الله‏}‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ‏.‏

3334- حدثنا عَبْدُ أخبرنا رَوْحٌ عَن عَبْدِ الحَمِيدِ بنِ بَهْرَام عَن شَهْرِ بنِ حَوْشَبٍ قَالَ قَالَ ابنُ عَبّاسٍ‏:‏ ‏"‏نُهِيَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عنْ أَصْنَافِ النّسَاءِ إِلاّ مَا كَانَ مِنَ المُؤْمِنَاتِ المُهَاجِرَاتِ قَالَ ‏{‏لاَ يَحِلّ لَكَ النّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلاَ أَنْ تَبَدّلَ بِهِنّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنّ إِلاّ مَا مَلكَتْ يَمِينُكَ‏}‏ فأحَلّ الله فَتَيَاتِكُمُ المُؤْمِنَاتِ ‏{‏وامْرَأَةً مُؤمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا للِنّبيّ‏}‏ وَحَرّمَ كُلّ ذَاتِ دِيْنٍ غَيْرَ الإسْلاَمِ ثُم قَالَ ‏{‏وَمَنْ يَكْفُرْ بالإيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ في الاَخِرَةِ مِنَ الخَاسِرين‏}‏ وَقَالَ ‏{‏يَا أَيّهَا النبيّ إِنّا أَحْلَلْنَا لَكَ أزْوَاجَكَ اللاّتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمّا أَفَاءَ الله عَلَيْكَ‏}‏ إِلى قَوْلِهِ ‏{‏خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ المُؤْمِنِينَ‏}‏ وَحرّمَ مَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ أَصْنَافِ النّسَاءِ‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ إِنّمَا نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ عبدِ الحمِيدِ بنِ بَهْرَامَ سَمِعْتُ أَحمَدَ بن الحَسَنِ يقول‏:‏ قال أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ لاَ بَأْسَ بِحَديِثِ عَبْدِ الْحَمِيدِ بنِ بَهْرَا عَن شَهْآ بنِ حَوْشَبٍ‏.‏

3335- حدثنا ابنُ أَبِي عُمَر، أخبرنا سُفْيَانُ بن عيينة عَنْ عَمْرٍو عَن عَطَاءٍ قَالَ‏:‏ قَالَتْ عَائِشَةُ‏:‏ ‏"‏مَا مَاتَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم حَتّى أُحِلّ لَهُ النّسَاءُ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ‏.‏

3336- حدثنا عُمَرُ بنُ إسْمَاعِيلَ بنِ مُجَالِدِ بنِ سَعِيدٍ، أخبرنا أبِي عن بيانٍ عَن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ قَالَ ‏"‏بَنَى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بِامْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِ فَأَرْسَلَنِي فَدَعَوْتُ قَوْماً إِلى الطّعَامِ فَلَمّا أَكَلُوا وَخَرَجُوا قَامَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مُنْطَلِقاً قِبَلَ بَيْتِ عَائِشَةَ فَرَأَى رَجُلَيْنِ جَالِسَيْنِ فانْصَرَفَ رَاجِعاً فَقَامَ الرّجُلاَنِ فَخَرَجَا فَأَنْزَلَ الله عز وجلّ ‏{‏يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النبيّ صلى الله عليه وسلم إِلاّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إلى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إنَاهُ‏}‏‏"‏ وفي الحَدِيثِ قِصّةٌ‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ بَيَانٍ وَرَوَى ثابِتٌ عَنْ أَنَسٍ هَذَا الحَدِيثَ بِطُولِهِ‏.‏

3337- حدثنا مُحمّدُ بنُ المُثَنّى، أخبرنا أَشْهَل بنُ حَاتِمٍ قَالَ ابنُ عَوْنٍ‏:‏ حدثناهُ عَنْ عَمْرِو بنِ سَعِيدٍ عَن أنَسِ بنِ مَالِك قَالَ ‏"‏كُنْتُ مَعَ النبيّ صلى الله عليه وسلم فَأَتَى بَابَ امْرَأَةٍ عَرّسَ بِهَا فإِذَا عِنْدَهَا قَوْمٌ فَانْطَلَقَ فَقَضَى حَاجَتَهُ واحْتُبِسَ ثُمّ رَجَعَ وَعِنْدَهَا قَوْمٌ فَانْطَلَقَ فَقَضَى حَاجَتَهُ فَرَجَعَ وَقَد خَرَجُوا‏.‏ قَالَ فَدَخَلَ وَأَرْخَى بَيْنِي وبَيْنَهُ سِتْراً قَالَ فَذَكَرْتُهُ لأَبي طَلْحَةَ قَالَ فَقَالَ لَئِنْ كَانَ كَمَا تَقُولُ لَيَنْزِلَنّ في هَذَا شَيْءٌ‏.‏ قَالَ‏:‏ فَنَزَلَتْ آيَةُ الحِجَابِ‏"‏‏.‏ هَذا حديثٌ غريبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ‏.‏ وعَمْرُو بنُ سَعِيدٍ يُقَالُ لَهُ الأَصْلَع‏.‏

3338- حدثنا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيدٍ، حدثنا جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ الضُبَعِيّ عَن الْجَعْدِ بن عُثْمَانَ عَن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ‏:‏ ‏"‏تَزَوّجَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فَدَخَلَ بِأَهِلِهِ، قَالَ فَصَنَعَتْ أُمّي أُمّ سُلَيْمٍ حَيْساً فَجَعَلَتْهُ في تَوْرٍ فَقَالَتْ يَا أَنَسُ اذْهَبْ بِهَذَا إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فَقُلْ لَهُ بَعَثَتْ بِهَذا إلَيْكَ أُمّي وَهِيَ تَقْرِئُكَ السّلاَمَ وَتَقُولُ إنّ هذَا لَكَ مِنّا قَلِيلٌ يَا رَسُولَ الله‏.‏ قَالَ فَذَهَبْتُ بِهِ إلى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ إنّ أُمّي تُقْرِئُكَ السّلاَمَ وَتَقُولُ إنّ هَذَا مِنّا لَكَ قَلِيلٌ، فَقَالَ ضَعْهُ، ثُمّ قَالَ اذْهَبْ فَادْعُ لِي فُلاَناً وَفُلاَناً وفُلاَناً وَمَنْ لَقِيتَ وَسَمّى رِجَالاً، قَالَ فَدَعَوْتُ مَنْ سَمّى وَمَنْ لَقِيتُ، قَالَ قُلْتُ لأَنَسٍ عَدَدُكَمْ كَانُوا‏؟‏ قَالَ زَهَاءُ ثَلاَثِمَائَةٍ، قَالَ وَقَالَ لِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَا أنَسُ هَاتِ التّوْرِ، قَالَ فَدَخَلُوا حَتّى امْتَلأَتِ الصّفّةُ والْحُجْرَةُ فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لِيَتَحلّق عَشْرَةٌ عَشْرةٌ ولْيَأْكُلْ كُلّ إنْسَانٍ مِمّا يَلِيهِ، قَالَ فَأَكَلُوا حَتّى شَبِعُوا، قَالَ فَخَرَجَتْ طَائِفَةٌ وَدَخَلَتْ طَائِفَةٌ حَتّى أَكَلُوا كُلّهُمْ، قَالَ فَقَالَ لِي يَا أَنَسُ ارْفَعْ‏.‏ قَالَ فَرَفَعْتُ فَمَا أَدْرِي حِينَ وَضَعْتُ كَانَ أَكْثَرَ أَمْ حِينَ رَفَعْتُ، قَالَ وَجَلَسَ مِنْهُمْ طَوَائِفُ يَتَحَدّثُونَ في بَيْتِ رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم وَرسولُ الله صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ وَزَوْجَتُهُ مُوَلّيَةٌ وَجْهَهَا إلى الحَائِطِ، فَثَقُلُوا عَلَى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فَخَرَجَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فَسَلّمَ عَلَى نِسَائِهِ ثُمّ رَجَعَ فَلَمّا رَأَوْا رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَدْ رَجَعَ ظَنّوا أَنّهُمْ قَدْ ثَقُلُوا عَلَيْهِ قال‏:‏ فابْتَدَرُوا الْبَابَ فَخَرَجُوا كُلّهُمْ وَجَاءَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم حَتّى أَرْخَى السّتْرَ وَدَخَلَ وَأَنَا جَالِسٌ في الْحُجْرَةِ فَلَمْ يَلْبَثْ إلاّ يَسِيراً حَتّى خَرَجَ عَلَيّ وَأُنْزِلَتْ هذِهِ الاَيَاتُ، فَخَرَجَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فَقَرَأَهُنّ عَلَى النّاسِ‏:‏ ‏{‏يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النّبيّ إلاّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعَامِ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتَمْ فادْخُلُوا فإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلاَ مُسْتَأْنِسِينَ لحدِيثٍ إِنّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النبيّ‏}‏ إِلى آخِرِ الاَيةِ‏.‏ قَالَ الْجَعْدُ قَالَ أَنَسٌ‏:‏ أَنَا أَحْدَثُ النّاسِ عَهْداً بِهَذِهِ الاَيَاتِ وَحُجِبْنَ نِسَاءُ النبيّ صلى الله عليه وسلم‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ‏.‏ وَالْجَعْدُ هُوَ ابنُ عُثْمَانَ ويُقَالُ هُوَ ابنُ دِينَارٍ وَيُكْنَى أَبَا عُثْمَانَ بَصْرِيّ وَهُوَ ثِقَةٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ رَوَى عَنْهُ يُونُسُ بنُ عُبَيْدٍ وَشُعْبَةُ وَحَمّادُ بنُ زَيْدٍ‏.‏

3339- حدثنا إسحاقُ بنُ مُوسَى الأَنْصَارِيّ، حدثنا مَعْنٌ، حدثنا مَالِكُ بنُ أَنَسٍ عن نُعَيْمِ بنِ عَبْدِ الله المُجْمِرِ أَنّ مُحَمّدَ بنَ عَبْدِ الله بنِ زَيْدٍ الأَنْصَارِيّ‏.‏ وعَبْدُ الله بنُ زَيْدٍ الّذِي كَانَ أُرِيَ النّدَاءَ بالصّلاَةِ أَخْبَرَهُ عَن أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيّ أَنّهُ قَالَ‏:‏ ‏"‏أَتَانَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم ونَحْنُ في مَجْلِسِ سَعْدِ بنِ عُبَادَةَ فَقَالَ لَهُ بَشِيرُ بنُ سَعْدٍ أَمَرَنَا الله أَنْ نُصَلّي عَلَيْكَ فَكَيْفَ نُصَلّي عَلَيْكَ قَالَ فَسَكَتَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم حَتى تمنّينا أَنّهُ لَمْ يَسْأَلْهُ، ثُمّ قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم قُولُوا‏:‏ اللّهُمّ صَلّ عَلَى مُحَمّدٍ وَعَلَى آلِ مُحمّدٍ كمَا صَلّيْتَ عَلَى إبراهيم وَعَلَى آلِ إبْرَاهيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحمّدٍ وعَلَى آلِ مُحمّدٍ كمَا بَارَكْتَ عَلَى إبْرَاهيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهيمَ في العالمينَ إنّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، والسّلاَمُ كمَا قَدْ عُلّمْتُمْ‏"‏ قال‏:‏ وفي البابِ عَن عَلِيّ وأَبي حُمَيْدٍ وكَعْبِ بنِ عُجْرَةَ وطَلْحَةَ بنِ عُبَيْدِ الله وأَبي سَعِيدٍ وَزَيْدِ بنِ خَارِجَةَ ويُقَالُ ابنُ حَارِثَةَ وبُرَيْدَةَ قال‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ‏.‏

3340- حدثنا عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ، حدثنا رَوْحُ بنُ عُبَادَةَ عَن عَوْفٍ عَن الحَسَنِ ومُحمّدٍ وَخِلاَسٍ عَن أَبي هُرَيْرَةَ عَن النبيّ صلى الله عليه وسلم أَنّ مُوسَى عَلَيهِ السّلاَمُ كانَ رَجُلاً حَيِيّا سِتّيراً مَا يُرَى مِنْ جِلْدِهِ شَيْءٌ اسْتِحْيَاءً مِنْهُ فآذَاهُ مَنْ آذَاهُ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ فَقَالُوا مَا يَسْتَتِرُ هَذَا التّسَتّرَ إلاّ مِنْ عَيْبٍ بِجِلْدِهِ إِمّا بَرَصٌ وإمّا أُدْرَةٌ وإمّا آفَةٌ وإنّ الله عز وجلّ أَرَادَ أَنْ يُبَرّئَهُ مِمّا قَالُوا، وإنّ مُوسَى عليه السلام خَلاَ يَوْماً وَحْدَهُ فَوَضَعَ ثِيَابَهُ عَلَى حَجَر ثُمّ اغْتَسَلَ فَلَمّا فَرَغَ أَقْبَلَ إلى ثِيَابِهِ ليَأْخُذَهَا وإنّ الحَجَرَ عَدَا بِثَوْبِهِ فَأَخَذَ مُوسَى عَصَاهُ فَطَلَبَ الْحَجَرَ فَجَعَلَ يَقُولُ ثَوْبي حَجَرُ ثَوْبي حَجَرُ حَتّى انْتَهَى إِلى مَلأٍ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ فَرَأَوْهُ عُرْيَاناً أَحْسَنَ النّاسِ خَلْقاً وَأَبْرَأَهُ مِمّا كَانُوا يَقُولُونَ، قَالَ وقَامَ الْحَجَرُ فأَخَذَ ثَوْبَهُ فَلَبِسَهُ وَطفِقَ بالْحَجَرِ ضَرْباً بِعَصَاهُ، فَوَالله إنّ بالْحَجَرِ لَنَدْباً مِنْ أَثَرِ عَصَاهُ ثَلاثَاً أَوْ أَرْبَعاً أَوْ خَمْساً فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى ‏{‏يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا لاَ تَكُونُوا كالّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرّأَهُ الله مِمّا قَالُوا وَكانَ عِنْدَ الله وَجِيهاً‏}‏‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ وقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَن أَبي هُرَيْرَةَ عَن النبيّ صلى الله عليه وسلم‏.‏ وفيه عن أنس عن النبيّ صلى الله عليه وسلم

- قوله ‏(‏حدثنا عبدالله بن عبدالرحمن‏)‏ هو الإمام الدارمي ‏(‏أخبرنا صاعد‏)‏ بن عبيد البجلي أبو محمد أو أبو سعيد ‏(‏الحراني‏)‏ بفتح الحاء المهملة وشدة الراء بالنون مقبول من كبار العاشرة ‏(‏أخبرنا زهير‏)‏ هو ابن معاوية‏.‏ قوله ‏(‏فخطر خطرة‏)‏ يريد الوسوسة التي تحصل للإنسان في صلاته‏.‏ قال في النهاية في حديث سجود السهو حتى يخطر الشيطان بين المرء وقلبه يريد الوسوسة، ومنه حديث ابن عباس‏:‏ ‏"‏قام نبي الله صلى الله عليه وسلم يوماً يصلي فخطر خطرة فقال المنافقون إن له قلبين‏"‏ انتهى‏.‏ وفي رواية‏:‏ ‏"‏صلّى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة فسها فيها فخطرت منه كلمة فسمعها المنافقون فقالوا إن له قلبين‏"‏ فنزلت ‏(‏ألا ترى‏)‏ وفي رواية ألا ترون ‏(‏أن له قلبين قلباً معكم وقلباً معهم‏)‏ أي مع أصحابه فأنزل الله ‏{‏ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه‏}‏ قال ابن جرير‏:‏ اختلف أهل التأويل في المراد من قوله الله ‏{‏ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه‏}‏ فقال بعضهم‏:‏ عنى بذلك تكذيب قوم من أهل النفاق وصفوا نبي الله صلى الله عليه وسلم بأنه ذو قلبين فنفى ذلك عن نبيه وكذبهم ثم ذكر أثر بن عباس هذا ثم قال‏:‏ وقال آخرون بل عنى بذلك رجل من قريش كان يدعى ذا القلبين من ذهنه ثم ذكر من قال ذلك ثم قال وقال آخرون بل عنى بذلك زيد بن حارثة من أجل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان تبناه فضرب الله بذلك مثلاً انتهى‏.‏ وقال ابن كثير في تفسيره‏:‏ يقول تعالى موطئاً قبل المقصود المعنوي أمراً معروفاً حسيا وهو أنه كما لا يكون للشخص الواحد قلبان في جوفه ولا تصير زوجته التي يظاهر منها بقوله‏:‏ أنت علي كظهر أمي أماً له‏.‏ كذلك لا يصير الدعى ولداً للرجل إذا تبناه فدعاه إبناً له فقال ‏{‏ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهن أمهاتكم‏}‏ كقوله عزّ وجلّ ‏{‏ما هن أمهاتهم إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم‏}‏ الاَية وقوله تعالى ‏{‏وما جعل أدعياءكم أبناءكم‏}‏ هذا هو المقصود بالنفي، فإنها نزلت في شأن زيد بن حارثة رضي الله عنه مولى النبي صلى الله عليه وسلم كان النبي صلى الله عليه وسلم قد تبناه قبل النبوة فكان يقال له زيد بن محمد فأراد الله تعالى أن يقطع هذا الإلحاق وهذه النسبة بقوله تعالى ‏{‏وما جعل أدعياءكم أبناءكم‏}‏ كما قال تعالى في أثناء السورة ‏{‏ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شيء عليماً‏}‏ وقال ههنا ‏{‏ذلكم قولكم بأفواهكم‏}‏ يعني تبنيكم لهم قول لا يقتضي أن يكون إبناً حقيقياً فإنه مخلوق من صلب رجل آخر فما يمكن أن يكون له أبواه كما لا يمكن أن يكون للبشر الواحد قلبان‏.‏ وقد ذكر غير واحد أن هذه الاَية نزلت في رجل من قريش كان يقال له ذو القلبين وأنه كان يزعم أن له قلبين، كل منهما بعقل وافر فأنزل الله هذه الاَية رداً عليه‏.‏ هكذا روى العوفي عن ابن عباس وقال به مجاهد وعكرمة والحسن وقتادة، ثم ذكر ابن كثير حديث ابن عباس الذي نحن في شرحه، ثم قال‏:‏ وقال عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري في قوله ‏{‏ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه‏}‏ قال بلغنا أن ذلك كان في زيد بن حارثة ضرب له مثل يقول‏:‏ ليس ابن رجل آخر ابنك، وكذا قال مجاهد وقتادة وابن زيد إنها نزلت في زيد ابن حارثة رضي الله عنه وهذا يوافق ما قدمناه من التفسير انتهى‏.‏ قوله ‏(‏هذا حديث حسن‏)‏ وأخرجه وابن جرير وابن أبي حاتم‏.‏

- قوله ‏(‏حدثنا أحمد بن محمد‏)‏ هو المعروف بمردويه ‏(‏أخبرنا سليمان بن المغيرة‏)‏ القيسى مولاهم البصري أبو سعيد ثقة‏.‏ قوله ‏(‏قال قال‏)‏ أي قال ثابت قال أنس ‏(‏عمي أنس بن النضر‏)‏ مبتدأ وخبره لم يشهد بدراً وقوله سميت به جملة معترضة ‏(‏فكبر عليه‏)‏ وفي رواية مسلم فشق عليه ‏(‏أول مشهد‏)‏ أي لأن بدراً أول غزوة خرج فيها النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه مقاتلاً وقد تقدمها غيرها لكن ما خرج فيها صلى الله عليه وسلم بنفسه مقاتلاً ‏(‏أما‏)‏ بالتخفيف للتنبيه ‏(‏والله لئن أراني الله مشهداً‏)‏ وفي الرواية الاَتية‏:‏ لئن الله أشهدني قتالاً للمشركين ‏(‏ليرين الله‏)‏ قال النووي ضبطوه بوجهين أحدهما ليرين بفتح الياء والراء أي يراه الله واقعاً بارزاً والثاني ليرين بضم الياء وكسر الراء ومعناه ليرين الله الناس ما أصنعه ويبرزه الله تعالى لهم ‏(‏ما أصنع‏)‏ مفعول لقوله ليرين ومراده أن يبالغ في القتال ولو زهقت روحه ‏(‏قال‏)‏ أي أنس بن مالك ‏(‏فهاب‏)‏ أي خشي أنس بن النضر ‏(‏أن يقول غيرها‏)‏ أي غير هذه الكلمة وذلك على سبيل الأدب منه والخوف لئلا يعرض له عارض فلا يفي بما يقول فيصير كمن وعد فأخلف ‏(‏فقال‏)‏ أي أنس بن النضر ‏(‏يا أبا عمرو‏)‏ هو كنية سعد بن معاذ ‏(‏أين‏)‏ أي أين تذهب ‏(‏قال‏)‏ أي أنس بن النضر ابتدأ في كلامه ولم ينتظر جوابه لغلبته اشتياقه إلى إيفاء ميثاقه وعهده بربه بقوله ليرين الله ما أصنع ‏(‏واها لريح الجنة‏)‏ قال في القاموس‏:‏ واهاً له ويترك تنوينه كلمة تعجب من طيب شيء وكلمة تلهف انتهى، والمراد هنا هو الأول ‏(‏أجدها دون أحد‏)‏ أي عند أحد وفي رواية البخاري في المغازي ‏"‏فقال أين يا سعد إني أجد ريح الجنة دون أحد‏"‏‏.‏

قال الحافظ‏:‏ يحتمل أن يكون ذلك على الحقيقة بأن يكون شم رائحة طيبة زائدة عما يعهد فعرف أنها ريح الجنة ويحتمل أن يكون أطلق ذلك باعتبار ما عنده من اليقين حتى كأن الغائب عنه صار محسوساً عنده، والمعنى أن الموضع الذي أقاتل فيه يؤول بصاحبه إلى الجنة ‏(‏إلا ببنانه‏)‏ بفتح الباء والنون جمع بنانة وهي الأصبع وقيل طرفها ‏{‏رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه‏}‏ المراد بالمعاهدة المذكورة ما تقدم ذكره من قوله تعالى ‏{‏ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولون الأدبار‏}‏ وكان ذلك أول ما خرجوا إلى أحد، وهذا قول ابن إسحاق، وقيل ما وقع ليلة العقبة من الأنصار ‏(‏إذ بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم أن يؤووه وينصروه ويمنعوه‏)‏ والأول أولى ‏{‏فمنهم من قضى نحبه‏}‏ أي مات أو قتل في سبيل الله، وأصل النحب النذر فلما كان كل حي لا بد له من الموت، فكأنه نذر لازم له فإذا مات فقد قضاه، والمراد هنا من مات على عهده لمقابلته بمن ينتظر ذلك وأخرج ذلك ابن أبي حاتم بإسناد حسن عن ابن عباس كذا في الفتح ‏{‏ومنهم من ينتظر‏}‏ أي ذلك ‏{‏وما تبدلوا تبديلاً‏}‏ أي ما غيروا عهد الله ولا نقضوه‏.‏ قوله ‏(‏هذا حديث حسن صحيح‏)‏ وأخرجه أحمد ومسلم والنسائي‏.‏

- قوله ‏(‏لأن الله أشهدني‏)‏ أي أحضرني واللام في لئن مفتوحة دخلت على إن الشرطية لا جزاء له لفظاً وحذف فعل الشرط فيه من الواجبات والتقدير لئن أشهدني الله ‏(‏انكشف المسلمون‏)‏ وفي رواية وانهزم الناس ‏(‏مما جاءوا به هؤلاء‏)‏ يعني من قتالهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏(‏وأعتذر إليك مما صنع هؤلاء‏)‏ يعني من فرارهم ‏(‏ثم تقدم‏)‏ أي نحو المشركين ‏(‏فلقيه سعد‏)‏ أي ابن معاذ ‏(‏فقال‏)‏ أي سعد ‏(‏فلم أستطيع أن أصنع ما صنع‏)‏ أي أنس بن النضر وهذا صريح في أنه نفى استطاعة إقدامه الذي صدر منه حتى وقع له ما وقع من الصبر على تلك الأهوال بحيث وجد في جسده ما وجد فاعترف سعد بأنه لم يستطع أن يقدم إقدامه ولا يصنع صنيعه، وفيه رد على ابن بطال حيث قال‏:‏ يريد ما استطعت أن أصف ما صنع أنس ‏(‏فوجد فيه‏)‏ أي في جسده وفي رواية البخاري قال أنس فوجد نابه‏.‏ قوله ‏(‏هذا حديث صحيح‏)‏ وأخرجه البخاري والنسائي وابن أبي حاتم‏.‏

- قوله ‏(‏حدثنا عمرو بن عاصم‏)‏ هو الكلابي القيسي ‏(‏عن موسى بن طلحة‏)‏ ابن عبيد الله التيمي كنيته أبو عيسى أو أبو محمد المدني نزيل الكوفة ثقة جليل من الثانية ويقال إنه ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم قوله ‏(‏دخلت على معاوية‏)‏ هو ابن أبي سفيان رضي الله عنه ‏"‏طلحة ممن قضى نحبه‏"‏ طلحة هذا هو والد موسى وهو أحد العشرة المبشرة بالجنة قتل في وقعة الجمل وكان هو مع جماعة كعثمان بن عفان ومصعب وسعيد وغيرهم نذروا إذا لقوا حرباً ثبتوا حتى يستشهدوا وقد ثبت طلحة يوم أحد وبذل جهده حتى شلت يده وقى بها النبي صلى الله عليه وسلم وأصيب في جسده ببضع وثمانين من بين طعن وضرب ورمى، ويحتمل أن يكون معناه ذاق الموت في الله وإن كان حيا لما ذاق من شدائد فيه، ويدل عليه حديث‏:‏ من سره ‏"‏أن ينظر إلى شهيد يمشي‏"‏ إلخ‏.‏ وقيل الموت عبارة عن الغيبوبة عن عالم الشهادة وقد كان هذا حاله من الانجذاب‏.‏ قوله ‏(‏هذا حديث غريب‏)‏ وأخرجه ابن أبي حاتم وابن جرير‏.‏

- قوله ‏(‏عن طلحة بن يحيى‏)‏ بن طلحة بن عبيدالله التيمي المدني‏.‏ قوله ‏(‏يوقرونه ويهابونه‏)‏ جملتان حاليتان من ضمير لا يجترئون ‏"‏هذا‏"‏ يعني طلحة رضي الله عنه قوله ‏(‏هذا حديث حسن غريب‏)‏ وأخرجه ابن أبي حاتم وابن جرير ويأتي هذا الحديث والذي قبله في مناقب طلحة بن عبيد الله‏.‏

- قوله ‏(‏عن يونس بن يزيد‏)‏ هو ابن أبي النحار الأيلي ‏(‏عن أبي سلمة‏)‏ هو ابن عبد الرحمن بن عوف‏.‏ قوله ‏"‏فلا عليك أن لا تستعجلي‏"‏ أي فلا بأس عليك في التأني وعدم العجلة ‏"‏حتى تستأمري أبويك‏"‏ أي تشاوري وتطلبي منهما أن يبينا لك وأيهما في ذلك، ووقع في حديث جابر عند مسلم ‏"‏حتى تستشيري أبويك‏"‏ ‏{‏يا أيها النبي قل لأزواجك‏}‏ وهن تسع وطلبن منه من زينة الدنيا ما ليس عنده ‏{‏إن كنتن تردن الحياة الدنيا‏}‏ أي السعة في الدنيا وكثرة الأموال ‏{‏وزينتها فتعالين‏}‏ أي أقبلن بإرادتكن واختياركن وبعده ‏{‏أمتعكن‏}‏ أي متعة الطلاق ‏{‏وأسرحكن سراحاً جميلاً‏}‏ أي أطلقكن من غير إضرار وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الاَخرة أي الجنة ‏{‏فإن الله أعد للمحسنات منكن‏}‏ أي بإرادة الاَخرة ‏{‏أجراً عظيماً‏}‏ أي الجنة ‏(‏في أي هذا‏)‏ ويروى ففي أي شيء قوله ‏(‏هذا حديث حسن صحيح‏)‏ وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي‏.‏

- قوله ‏(‏حدثنا محمد بن سليمان بن الأصبهاني‏)‏ في التقريب محمد بن سليمان ابن عبد الله الكوفي أبو علي بن الأصبهاني صدوق يخطئ من الثامنة ‏(‏عن يحيى بن عبيد عن عطاء بن أبي رباح‏)‏ قال في التقريب‏:‏ يحيى بن عبيد عن عطاء بن أبي رباح يحتمل أن يكون الذي قبله وإلا فمجهول انتهى‏.‏ والذي قبله هو يحيى بن عبيد المكي مولى بني مخزوم قال الحافظ ثقة من السادسة‏.‏ قوله ‏{‏إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس‏}‏ قيل هو الشك وقيل العذاب وقيل الإثم‏.‏ قال الأزهري الرجس اسم لكل مستقذر من عمل قاله النووي ‏{‏أهل البيت‏}‏ نصبه على النداء ‏{‏ويطهركم‏}‏ من الأرجاس والأدناس ‏(‏في بيت أم سلمة‏)‏ متعلق بنزلت ‏(‏فجللهم بكساء‏)‏ أي غطاهم به من التجليل ‏(‏فجلله بكساء‏)‏ أي آخر ‏(‏قالت أم سلمة وأنا معهم يا نبي الله‏)‏ بتقدير حرف الاستفهام ‏"‏أنت على مكانك وأنت على خير‏"‏ يحتمل أن يكون معناه أنت خير وعلى مكانك من كونك من أهل بيتي ولا حاجة لك في الدخول تحت الكساء كأنه منعها عن ذلك لمكان عليّ وأن يكون المعنى أنت على خير وإن لم تكوني من أهل بيتي كذا في اللمعات قلت الاحتمال الأول هو الراجح بل هو المتعين، وقد اختلف أهل العلم في أهل البيت المذكورين في الاَية فقال ابن عباس وعكرمة وعطاء والكلبي ومقاتل وسعيد بن جبير إن أهل البيت المذكورين في الاَية هم زوجات النبي صلى الله عليه وسلم خاصة قالوا والمراد بالبيت بيت النبي صلى الله عليه وسلم ومساكن زوجاته لقوله واذكرن ما يتلى في بيوتكن، وأيضاً السياق في الزوجات من قوله ‏{‏يا أيها النبي قل لأزواجك إلى قوله لطيفاً خبيراً‏}‏‏.‏ وقال أبو سعيد الخدري ومجاهد وقتادة وروي عن الكلبي أن أهل البيت المذكورين في الاَية هم علي وفاطمة والحسن والحسين خاصة‏.‏ ومن حججهم الخطاب في الاَية بما يصلح للذكور لا للإناث وهو قوله عنكم وليطهركم ولو كان للنساء خاصة لقال عنكن وليطهركن، وأجاب الأولون عن هذا بأن التذكير باعتبار لفظ الأهل كما قال سبحانه ‏{‏أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت‏}‏ وكما يقول الرجل لصاحبه كيف أهلك يريد زوجته أو زوجاته فيقول هم بخير، وتمسك الأولون أيضاً بما أخرجه ابن أبي حاتم وابن عساكر من طريق عكرمة عن ابن عباس في الاَية قال نزلت في نساء النبي صلى الله عليه وسلم خاصة‏.‏ وقال عكرمة من شاء بأهلته أنها نزلت في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وروي هذا عنه بطرق‏.‏ وتمسك الاَخرون أيضاً بحديث عمر بن أبي سلمة وحديث أنس المذكورين في الباب وما في معناهما، وقد توسطت طائفة ثالثة بين الطائفتين فجعلت هذه الاَية شاملة للزوجات ولعلي وفاطمة والحسن والحسين، أما الزوجات فلكونهن المرادات في سياق هذه الاَيات كما قدمنا ولكونهن الساكنات في بيوته صلى الله عليه وسلم النازلات في منازله، ويعضد ذلك ما تقدم عن ابن عباس وغيره، وأما دخول علي وفاطمة والحسن والحسين فلكونهن قرابته وأهل بيته في النسب، ويؤيد ذلك ما ورد من الأحاديث المصرحة بأنهم سبب النزول، فمن جعل الاَية خاصة بأحد الفريقين أعمل بعض ما يجب إعماله وأهمل ما لا يجوز إهماله، وقد رجح هذا القول جماعة من المحققين منهم القرطبي وابن كثير وغيرهما‏.‏ قوله ‏(‏هذا حديث غريب‏)‏ وأخرجه ابن جرير والطبراني وابن مردويه‏.‏

- قوله ‏(‏أخبرنا علي بن زيد‏)‏ هو ابن جدعان قوله‏:‏ ‏"‏الصلاة يا أهل البيت‏"‏ أي حضرت صلاة الفجر وحانت أو احضروا الصلاة‏.‏ قوله ‏(‏هذا حديث حسن غريب‏)‏ وأخرجه أحمد وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر والطبراني والحاكم وصححه ابن مردويه‏.‏ قوله ‏(‏وفي الباب عن أبي الحمراء ومعقل بن يسار وأم سلمة‏)‏ أما حديث أبي الحمراء فأخرجه ابن جرير وابن مردويه وفيه قال ‏"‏رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا طلع الفجر جاء إلى باب علي وفاطمة رضي الله عنهما فقال‏:‏ الصلاة الصلاة إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً‏"‏، وفي نسده أبو داود الأعمى واسمه نفيع بن الحرث وهو وضاع كذاب، وأما حديث معقل بن سيار فلينظر من أخرجه، وأما حديث أم سلمة فأخرجه الترمذي في فضل فاطمة رضي الله عنها‏.‏ وفي الباب أيضاً عن عائشة أخرجه مسلم عنها قالت خرج النبي صلى الله عليه وسلم غداة وعليه مرط مرحل من شعر أسود فجاء الحسن بن علي فأدخله ثم جاء الحسين فدخل معه ثم جاءت فاطمة فأدخلها ثم جاء علي فأدخله ثم قال‏:‏ ‏"‏‏{‏إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً‏}‏‏"‏‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏أخبرنا داود بن الزبرقان‏)‏ بكسر زاي وسكون موحدة وكسر راء وبقاف الرقاشي البصري نزيل بغداد متروك وكذبه الأزدي من الثامنة‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏لكتم هذه الاَية وإذ‏)‏ منصوب باذكر ‏{‏تقول للذي أنعم الله عليه‏}‏ هو زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏(‏فأعتقته‏)‏ وكان من سبى الجاهلية اشتراه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجاهلية وأعتقه وتبناه ‏{‏أمسك عليك زوجك‏}‏ أي لا تطلق زوجك هي زينب بنت جحش رضي الله عنها إبنة عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمها أميمة بنت عبد المطلب ‏{‏واتق الله‏}‏ أي في أمر طلاقها ‏(‏وتخفى‏}‏ الواو للحال أي والحال أنك تخفي ‏{‏في نفسك ما الله مبديه‏}‏ أي مظهره وهو نكاحها إن طلقها زيد، وقيل حبها، والصحيح المعول عليه عندي هو الأول ‏{‏وتخشى الناس‏}‏ أي تخاف أن يقول الناس تزوج محمد زوجة ابنه ‏{‏والله أحق أن تخشاه‏}‏ أي في كل شيء وتزوجكها ولا عليك من قول الناس وبعد هذا ‏{‏فلما قضى زيد منها وطرأ‏}‏ أي حاجة، وقضاء الوطر في اللغة بلوغ منتهى ما في النفس من الشيء، يقال وطراً منه إذا بلغ ما أراد من حاجته فيه، والمراد هنا أنه قضى وطره منها بنكاحها والدخول بها بحيث لم يبق له فيها حاجة وتقاصرت عنه همته وطابت عنه نفسه‏.‏ وقيل المراد به الطلاق لأن الرجل إنما يطلق امرأته إذا لم يبق له فيها حاجة ‏{‏زوجناكها‏}‏ أي لم نحرجك إلى ولي من الخلق يعقد لك عليها تشريفاً لك ولها‏.‏ فلما أعلمه الله بذلك دخل عليها بغير إذن ولا عقد ولا تقدير صداق ولا شيء مما هو معتبر في النكاح في حق أمته، وهذا من خصوصياته صلى الله عليه وسلم التي لا يشاركه فيها أحد بإجماع المسلمين، وكان تزوجه بزينب سنة خمس من الهجرة وقيل سنة ثلاث وهي أول من مات من زوجاته الشريفات المطهرات ماتت بعده بعشر سنين عن ثلاث وخمسين سنة، وقيل المراد به الأمر له بأن يتزوجها والأول أولى وبه جاءت الأخبار الصحيحة كذا في فتح البيان ‏{‏لكيلا يكون على المؤمنين حرج‏}‏ أي ضيق علة للتزويج وهو دليل على أن حكمه وحكم الأمة واحد إلا ما خصه الدليل ‏{‏في أزواج أدعيائهم‏}‏ جمع دعى وهو المتنبي أي في التزويج بأزواج من يجعلونه ابناً كما كان العرب يفعلون فإنهم كانوا يتبنون من يريدون وكانوا يعتقدون أنه يحرم عليهم نساء من تبنوه كما يحرم عليهم نساء أبنائهم حقيقة، فأخبرهم الله أن نساء الأدعياء حلال لهم ‏{‏إذا قضوا منهن وطراً‏}‏ أي إذا طلق الأدعياء أزواجهم بخلاف ابن الصلب فإن امرأته تحرم على أبيه بنفس العقد عليها ‏{‏وكان أمر الله مفعولاً‏}‏ أي قضاء الله ماضياً وحكمه نافذاً وقد قضى في زينب أن يتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏(‏لما تزوجها‏)‏ أي زينب ‏(‏قالوا تزوج حليلة ابنه‏)‏ أي زوجة ابنه ‏{‏ما كان محمد أبا أحد من رجالكم‏}‏ أي فليس صلى الله عليه وسلم أبا زيد فلا يحرم عليه التزويج بزوجته زينب ‏{‏ولكن رسول الله‏}‏ أي ولكن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏{‏وخاتم النبيين‏}‏ قرأ الجمهور بكسر التاء وقرئ بفتحها، ومعنى الأولى أنه ختمهم أي جاء آخرهم، ومعنى الثانية أنه صار كالخاتم لهم الذي يختمون به ويتزينون بكونه منهم‏.‏ قال أبو عبيدة الوجه الكسر لأن التأويل أنه ختمهم فهو خاتمهم وأنه قال‏:‏ ‏"‏أنا خاتم النبيين وخاتم الشيء آخره‏"‏‏.‏ وقال الحسن الخاتم هو الذي ختم به والمعنى ختم الله به النبوة فلا نبوة بعده ولا معه قال ابن عباس يريد لو لم أختم به النبيين لجعلت له ابنا يكون بعده نبياً، وعنه أن الله لما حكم أن لا نبي بعده لم يعطه ولداً ذكراً يصير رجلاً وعيسى ممن نبئ قبله وحين ينزل ينزل عاملاً على شريعة محمد صلى الله عليه وسلم كأنه بعض أمته ‏{‏أدعوهم لاَبائهم‏}‏ للصلب وانسبوهم إليهم ولا تدعوهم إلى غيرهم ‏{‏هو أقسط عند الله‏}‏ تعليل للأمر بدعاء الأبناء للاَباء والضمير راجع إلى مصدر ادعوهم ومعنى أقسط أعدل أي أعدل من كل كلام يتعلق بذلك فترك الإضافة للعموم كقوله الله أكبر وأعدل من قولكم هو ابن فلان ولم يكن ابنه لصلبه ‏{‏فإن لم تعلموا آباءهم‏}‏ تنسبونهم إليهم ‏{‏فإخوانكم‏}‏ أي فهم إخوانكم ‏{‏في الدين ومواليكم‏}‏ فقولوا أخي ومولاي ولا تقولوا ابن فلان حيث لم تعلموا آباءهم على الحقيقة‏.‏ قال الزجاج مواليكم أي أولياؤكم في الدين، وقيل المعنى فإن كانوا محررين ولم يكونوا أحراراً فقولوا موالي فلان‏.‏ قوله ‏(‏هذا الحرف لم يرو بطوله‏)‏ أي روى مقتصراً على هذا القدر فحسب ولم يرو بطوله مثل الرواية المتقدمة‏.‏ ونقل الحافظ في الفتح حاصل كلام الترمذي هذا بلفظ قال الترمذي روى عن داود عن الشعبي عن مسروق عن عائشة إلى قوله ‏"‏لكتم هذه الاَية‏"‏ ولم يذكر ما بعده ثم قال الحافظ وهذا القدر أخرجه مسلم كما قال الترمذي وأظن الزائد مدرجاً في الخبر فإن الراوي له عن داود لم يكن بالحافظ انتهى‏.‏ قلت‏:‏ والراوي عن داود في الرواية الطويلة المتقدمة هو داود بن الزبرقان وقد عرفت أنه متروك‏.‏ قوله ‏(‏هذا حديث حسن صحيح‏)‏ وأخرجه مسلم‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏حتى نزل القرآن ‏{‏ادعوهم لاَبائهم‏}‏‏)‏ قال الحافظ ابن كثير هذا أمر ناسخ لما كان في ابتداء الإسلام من جواز ادعاء الأبناء الأجانب وهم الأدعياء فأمر تبارك وتعالى برد نسبهم إلى آبائهم في الحقيقة وأن هذا هو العدل والقسط والبر ‏{‏هو أقسط عند الله‏}‏ أي هو أعدل عنده من قولكم هو ابن فلان ولم يكن ابنه لصلبه ولم أقسط أفعل تفضيل قصد به الزيادة مطلقاً من القسط بمعنى العدل‏.‏ قوله ‏(‏هذا حديث حسن صحيح‏)‏ وأخرجه الشيخان‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا مسلمة بن علقمة‏)‏ المازني أبو محمد البصري صدوق له أوهام من الثامنة‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏قال‏)‏ أي الشعبي ‏(‏ما كان ليعيش له فيكم ولد ذكر‏)‏ يعني حتى يبلغ الحلم فإنه صلى الله عليه وسلم ولد له القاسم والطيب والطاهر من خديجة رضي الله عنها فماتوا صغاراً وولد له صلى الله عليه وسلم إبراهيم من مارية القبطية فمات أيضاً رضيعاً وكان له صلى الله عليه وسلم من خديجة أربع بنات زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة رضي الله عنهم أجمعين‏.‏ فماتت في حياته صلى الله عليه وسلم ثلاث وتأخرت فاطمة رضي الله عنها حتى أصيبت به صلى الله عليه وسلم ثم ماتت بعده لستة أشهر‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا محمد بن كثير‏)‏ العبدي البصري ‏(‏أخبرنا سليمان بن كثير‏)‏ العبدي أبو داود ويقال أبو محمد البصري لا بأس به في غير الزهري من السابعة ‏(‏عن حصين‏)‏ هو ابن عبدالرحمن السلمي الكوفي أبو الهذيل ‏(‏عن أم عمارة‏)‏ بضم العين وتخفيف الميم يقال اسمها نسيبة بنت كعب بن عمرو ‏(‏فنزلت هذه الاَية‏:‏ ‏{‏إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات‏}‏ فذكر الله لهن عشر مراتب مع الرجال فمدحهن بها معهم‏:‏ الأولى الإسلام، والثانية الإيمان، قال الحافظ ابن كثير‏:‏ قوله تعالى‏:‏ ‏{‏إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات‏}‏ دليل على أن الإيمان غير الإسلام وهو أخص منه لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم‏}‏ وفي الصحيحين‏:‏ ‏"‏لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن‏"‏‏.‏ فيسلبه الإيمان ولا يلزم من ذلك كفره بإجماع المسلمين فدل على أنه أخص منه انتهى‏.‏ والثالثة القنوت وهو قوله‏:‏ ‏{‏والقانتين والقانتات‏}‏ أي المطيعين والمطيعات، وقيل المداومين على الطاعة والعبادة، والباقية ظاهرة واضحة‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن غريب‏)‏ وأخرجه عبد بن حميد والطبراني‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا محمد بن الفضل‏)‏ السدوسي أبو الفضل البصري لقبه عارم ثقة ثبت تغير في آخر عمره من صغار التاسعة‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏تقول زوجكن أهلوكن‏)‏ وفي رواية البخاري‏:‏ ‏"‏زوجكن أهاليكن‏"‏، والأهلون والأهالي كلاهما جمع أهل والأول على القياس والثاني على غيره، وأهل الرجل امرأته وولده وكل من في عياله وكذا كل أخ أو أخت أو عم أو ابن عم أو صبي أجنبي يعوله في منزله‏.‏ وعن الأزهري‏:‏ أهل الرجل أخص الناس به ويكنى به عن الزوجة‏.‏ قاله العيني ‏(‏وزوجني الله من فوق سبع سماوات‏)‏ وفي مرسل الشعبي‏:‏ ‏"‏قالت زينب يا رسول الله أنا أعظم نسائك عليك حقاً أنا خيرهن منكحاً وأكرمهن سفيراً وأقربهن رحماً فزوجنيك الرحمن من فوق عرشه وكان جبريل هو السفير بذلك وأنا ابنة عمتك وليس لك من نسائك قريبة غيري‏"‏‏.‏ أخرجه الطبري وأبو القاسم الطحاوي في كتاب الحجة والتبيان له‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن صحيح‏)‏ وأخرجه البخاري‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏عن السدى‏)‏ اسمه إسماعيل بن عبدالرحمن ‏(‏عن أبي صالح‏)‏ اسمه باذام ويقال له باذان‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏فاعتذرت إليه فعذرني‏)‏ قال في الصراح‏:‏ الاعتذار غدر خواستن والعذر بالضم والسكون معذور داشتن‏.‏ وقال صاحب المشكاة في الإكمال في ترجمة أم هانئ رضي الله عنها‏:‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبها في الجاهلية وخطبها هبيرة بن أبي وهب فزوجها أبو طالب من هبيرة وأسلمت ففرق الإسلام بينها وبين هبيرة وخطبها النبي صلى الله عليه وسلم فقالت والله إن كنت لأحبك في الجاهلية فكيف في الإسلام ولكني امرأة مصبية فسكت عنها انتهى‏.‏ وقولها إني امرأة مصبية بضم الميم وسكون الصاد وكسر الموحدة أي ذات صبي ‏{‏إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن‏}‏ أي مهورهن ‏{‏وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك‏}‏ أي أباح لك التسري مما أخذت من المغانم وقد ملك صفية وجويرية فأعتقهما وتزوجهما وملك ريحانة بنت شمعون النضرية ومارية القبطية أم ابنه إبراهيم عليه السلام وكانتا من السراري رضي الله عنهما ‏{‏وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك‏}‏ أي إلى المدينة فمن لم تهاجر منهن لم يجز له نكاحها ‏(‏الاَية‏)‏ بقيتها مع تفسيرها هكذا ‏{‏وامرأة مؤمنة‏}‏ أي وأحللنا لك امرأة مصدقة بالتوحيد وهذا يدل على أن الكافرة لا تحل له قال إمام الحرمين‏:‏ وقد اختلف في تحريم الحرة الكافرة عليه‏.‏ قال بن العربي‏:‏ والصحيح عندي تحريمها وبهذا يتميز علينا فإنه ما كان في جانب الفضائل والكرامات فحظه فيه أكثر وما كان من جانب النقائص فجانبه عنها أطهر‏.‏ فجوز لنا نكاح الحرائر الكتابيات وقصر هو صلى الله عليه وسلم على المؤمنات ولهذا كان لا تحل له الكتابية الكافر لنقصانها بالكفر انتهى ‏{‏إن وهبت نفسها للنبي إن أراد‏}‏ أي النبي ‏{‏أن يستنكحها‏}‏ أي يطلب نكاحها ‏{‏خالصة لك من دون المؤمنين‏}‏ لفظ خالصة حال من الضمير في وهبت أو مصدر مؤكد أي خلص لك إحلال ما أحللنا لك خالصة بمعنى خلوصاً والفاعلة في المصادر غير عزيز كالعافية والكاذبة وكان من خصائصه صلى الله عليه وسلم أن النكاح ينعقد في حقه بمعنى الهبة من غير ولي ولا شهود ولا مهر لقوله‏:‏ ‏{‏خالصة لك من دون المؤمنين‏}‏، والزيادة على أربع ووجوب تخيير النساء‏.‏ واختلفوا في انعقاد النكاح بلفظ الهبة في حق الأمة فذهب أكثرهم إلى أنه لا ينعقد إلا بلفظ الإنكاح أو التزويج وهو قول سعيد بن المسيب والزهري ومجاهد وعطاء وبه قال مالك والشافعي وقال إبراهيم النخعي وأهل الكوفة‏:‏ ينعقد بلفظ التمليك والهبة، ومن قال بالقول الأول اختلفوا في نكاح النبي صلى الله عليه وسلم فذهب قوم إلى أنه كان ينعقد في حقه صلى الله عليه وسلم بلفظ الهبة لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏خالصة لك من دون المؤمنين‏}‏ وذهب آخرون إلى أنه لا ينعقد إلا بلفظ الإنكاح أو التزويج كما في حق سائر الأمة لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏إن أراد النبي أن يستنكحها‏}‏ وكان اختصاصه في ترك المهر لا في لفظ النكاح ‏(‏قالت‏)‏ أي أم هانئ ‏(‏كنت من الطلقاء‏)‏ بضم الطاء المهملة وفتح اللام وبالمد جمع طليق هم الذين أسلموا يوم الفتح ومن عليهم وخلى عنهم‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن‏)‏ وأخرجه ابن جرير والطبراني وابن أبي حاتم‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏نزلت هذه الاَية إلخ‏)‏ قال الحافظ‏:‏ لم تختلف الروايات أنها نزلت في قصة زيد بن حارثة وزينب بنت جحش ‏(‏فهم بطلاقها‏)‏ أي أراد أن يطلقها ‏(‏فاستأمر‏)‏ أي استثار‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن صحيح‏)‏ وأخرجه أحمد والبخاري‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا عبد‏)‏ بن حميد ‏(‏حدثنا روح‏)‏ بن عبادة‏.‏ قوله ‏(‏قال‏)‏ أي الله تعالى ‏{‏لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل‏}‏ بترك إحدى التائين في الأصل ‏{‏بهن من أزواج‏}‏ بأن تطلقهن أو بعضهن وتنكح بدل من طلقت ‏{‏إلا ما ملكت يمينك‏}‏ من الإماء فتحل لك‏.‏ قال الحافظ ابن كثير‏:‏ ذكر غير واحد من العلماء كابن عباس ومجاهد وقتادة وغيرهم أن هذه الاَية نزلت مجازاة لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم ورضا عنهن على حسن صنيعهن في اختيارهن الله ورسوله والدار الاَخرة لما خيرهن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما اخترن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان جزاؤهن أن الله تعالى قصره عليهن وحرم عليه أن يتزوج بغيرهن أو يستبدل بهن أزواجاً غيرهن ولو أعجبه حسنهن إلا الإماء والسراري فلا حرج عليه فيهن، ثم إنه تعالى رفع عنه الحرج في ذلك ونسخ حكم هذه الاَية وأباح له التزوج‏.‏ ولكن لم يقع منه بعد ذلك تزوج لتكون المنة لرسول الله صلى الله عليه وسلم عليهن، ثم ذكر حديث عائشة الاَتي ثم قال‏:‏ وقال آخرون بل معنى الاَية لا يحل لك النساء من بعد أي من بعد ما ذكرنا لك من صفة النساء اللاتي أحللنا لك من نسائك اللاتي أتيت أجورهن وما ملكت يمينك وبنات العم والعمات والخال والخالات والواهبة وما سوى ذلك من أصناف النساء فلا يحل لك، هذا مروى عن أُبي ابن كعب وعكرمة ومجاهد في رواية عنه والضحاك في رواية وأبي صالح والحسن وغيرهم ثم قال‏:‏ واختيار ابن جرير رحمه الله، أن الاَية عامة فيمن ذكر من أصناف النساء وفي النساء اللواتي في عصمته، وكن تسعاً وهذا الذي قاله جيد ولعله مراد كثير ممنن حكينا عنه من السلف فإن كثيراً منهم روي عنه هذا وهذا ولا منافاة انتهى ‏(‏ثم قال‏)‏ أي ثم قرأ ابن عباس ‏{‏ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الاَخرة من الخاسرين‏}‏ يعني ومن يجحد ما أمر الله به من توحيده ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم وما جاء به من عند الله فقد بطل ثواب عمله الذي كان عمله في الدنيا وخاب وخسر في الدنيا والاَخرة‏.‏ وهذه الاَية في سورة المائدة والظاهر أن ابن عباس قرأها لبيان وجه تحريم الله على رسول الله صلى الله عليه وسلم كل ذات دين غير الإسلام‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏عن عمرو‏)‏ هو ابن دينار‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحل له النساء‏)‏ وفي حديث أم سلمة عند ابن أبي حاتم ‏"‏لم يمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحل الله له أن يتزوج من النساء ما شاء إلا ذات محرم‏"‏ وذلك قوله الله تعالى ‏{‏ترجى من تشاء منهن‏}‏ الاَية قال ابن كثير بعد ذكر هذا الحديث ‏(‏فجعلت هذه‏)‏ أي ‏{‏ترجى من تشاء منهن‏}‏ الاَية ‏(‏ناسخة للتي بعدها في التلاوة‏)‏ أي لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن إلا ما ملكت يمينك ‏(‏كآبتي عدة الوفاة في البقرة الأولى ناسخة للتي بعدها‏)‏ انتهى‏.‏ المراد بالاَية الأولى ‏{‏والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً‏}‏ وبالاَية الثانية ‏{‏والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً وصية لأزاوجهم متاعاً إلى الحول غير إخراج‏}‏‏.‏

قلت‏:‏ اختلف في تفسير قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ترجى من تشاء وتؤوي إليك من تشاء‏}‏ فقيل معناه تعتزل من شئت منهن بغير طلاق وتقسم لغيرها، وقال ابن عباس تطلق من تشاء منهن وتمسك من تشاء‏.‏ وقال الحسن‏:‏ تترك نكاح من شئت وتنكح من شئت من النساء، وقيل تقبل من تشاء من المؤمنات اللاتي يهبن أنفسهن فتؤويها إليك وتترك من تشاء فلا تقبلها‏.‏ فقول من قال‏:‏ إن هذه الاَية ناسخة لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏لا يحل لك النساء من بعد‏}‏ إلخ إنما يصح على بعض هذه الأقوال‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن صحيح‏)‏ وأخرجه أحمد والنسائي‏.‏

- قوله ‏(‏عن بيان‏)‏ هو ابن بشر‏.‏ قوله ‏(‏بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بامرأة من نسائه‏)‏ هي زينب أي دخل بها‏.‏ قال في النهاية‏:‏ البناء والابتناء الدخول بالزوجة والأصل فيه أن الرجل كان إذا تزوج امرأة بنى عليها قبة ليدخل بها فيها فيقال بنى الرجل على أهله قال الجوهري‏:‏ ولا يقال بنى بأهله‏.‏ وفيه نظر فإنه قد جاء في غير موضع من الحديث وغير الحديث وعاد الجوهري استعمله في كتابه انتهى‏.‏ ‏(‏إلى الطعام‏)‏ أي طعام الوليمة ‏(‏قام رسول الله صلى الله عليه وسلم منطلقاً قبل بيت عائشة فرأى رجلين جالسين‏)‏ فيه اختصار وإجمال توضحه روايات البخاري ومحصل القصة‏:‏ أن الذين حضروا الوليمة جلسوا يتحدثون واستحى النبي صلى الله عليه وسلم أن يأمرهم بالخروج فتهيأ للقيام ليفطنوا لمراده فيقوموا بقيامه فلما ألهاهم الحديث عن ذلك، قام وخرج فخرجوا بخروجه إلا الثلاثة الذين لم يفطنوا لذلك لشدة شغل بالهم بما كانوا فيه من الحديث‏.‏ وفي غضون ذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يريد أن يقوموا من غير مواجهتهم بالأمر بالخروج لشدة حيائه فيطيل الغيبة عنهم بالتشاغل بالسلام على نسائه وهم في شغل بالهم وكان أحدهم في أثناء ذلك أفاق من غفلة فخرج وبقي الإثنان فلما طال ذلك ووصل النبي صلى الله عليه وسلم إلى منزله فرآهما فرجع فرأياه لما رجع فحينئذٍ فطنا فخرجا فدخل النبي صلى الله عليه وسلم وأنزلت الاَية فأرخى الستر بينه وبين أنس خادمه أيضاً ولم يكن له عهد بذلك ‏{‏يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم‏}‏ أي في الدخول بالدعاء ‏{‏إلى طعام‏}‏ أي فتدخلوا ‏{‏غير ناظرين‏}‏ أي منتظرين ‏{‏إناه‏}‏ أي نضجه مصدر أنى يأني وبعده ‏{‏ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم‏}‏ أي أكلتم الطعام ‏{‏فانتشروا‏}‏ أي فاخرجوا من منزله ‏{‏ولا مستأنسين لحديث‏}‏‏.‏ أي لا تطيلوا الجلوس ليستأنس بعضكم بحديث بعض ‏(‏إن ذلكم‏)‏ أي المكث وإطالة الجلوس ‏{‏كان يؤذي النبي فيستحي منكم‏}‏ أي من إخراجكم ‏{‏وإنه لا يستحي من الحق‏}‏ أي لا يترك بيانه‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏وفي الحديث قصة‏)‏ أي طول وكلام أكثر من هذا ‏(‏هذا حديث حسن غريب‏)‏ وأصله في الصحيحين ‏(‏وروى ثابت عن أنس هذا الحديث بطوله‏)‏ أخرجه مسلم في باب زواج زينب بنت جحش ونزول الحجاب من كتاب النكاح‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا أشهل بن حاتم‏)‏ الجمحي مولاهم أبو عمرو وقيل أبو حاتم بصرى صدوق يخطئ من التاسعة ‏(‏قال ابن عون حدثناه عن عمرو بن سعيد‏)‏ الضمير في قال راجع إلى أشهد، وابن عون مبتدأ وحدثناه خبره أي قال أشهد ابن عون حدثنا هذا الحديث عن عمرو بن سعيد، وابن عون هذا هو عبد الله بن عون وعمرو بن سعيد هو أبو سعيد البصري‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏عرس بها‏)‏ من التعريس أي بنى بها قال في النهاية أعرس الرجل فهو معرس إذا دخل بامرأته عند بنائها ولا يقال فيه عرس‏.‏ قلت قوله ولا يقال فيه عرس ترده رواية الترمذي هذه، وقال في المجمع قيل هو أي عرس لغة في أعرس ‏(‏فاحتبس‏)‏ الحبس المنع واحتبسه حبسه فاحتبس لازم ومتعد كذا في القاموس ‏(‏فنزلت آية الحجاب‏)‏ وهي قوله تعالى‏:‏ ‏{‏يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي‏}‏ إلخ‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏عن الجعد أبي عثمان‏)‏ قال في التقريب‏:‏ الجعد بن دينار اليشكري أبو عثمان الصيرفي البصري صاحب الحلى ثقة من الرابعة‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏فدخل بأهله‏)‏ هي زينب بنت جحش ‏(‏فصنعت أمي أم سليم حيساً‏)‏ هو الطعام المتخذ من التمر والأقط والسمن وقد يجعل عوض الأقط الدقيق أو الفتيت ‏(‏فجعلته في تور‏)‏ بفتح تاء وسكون واو هو إناء من صفر أو حجارة كالإجانة وقد يتوضأ منه ‏(‏قال زهاء ثلثمائة‏)‏ بضم الزاي وفتح الهاء وبالمد أي قدر ثلاث مائة من زهوت القوم أي حزرتهم وهو بالنصب على تقدير كانوا وقيل برفعه أي عددنا مقدار ثلثمائة ‏"‏هات‏"‏ بكسر التاء أي أعطني ‏(‏حتى امتلأت الصفة‏)‏ بضم صاد وتشديد فاء هو موضع مظلل في مسجد المدينة وأهل الصفة فقراء المهاجرين ومن لم يكن له منم منزل يسكنه فكانوا يأوون إليه ‏(‏ليتحلق‏)‏ الحلقة بفتح الحاء وسكون اللام هي الجماعة من الناس مستديرون كحلقة الباب وغيره والتحلق تفعل منها وهو أن يتعمدوا ذلك ‏"‏ارفع‏"‏ أي الطعام ‏(‏حين وضعت‏)‏ أي الطعام قال الحافظ بعد ذكر هذا الحديث عن صحيح مسلم ويجمع بينه وبين رواية حميد ‏(‏يعني عن أنس قال أولم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بنى بزينب ابنة جحش فأشبع الناس خبزاً ولحماً‏)‏ بأنه صلى الله عليه وسلم أولم عليه باللحم والخبز وأرسلت إليه أم سليم الحيس انتهى‏.‏ وقال النووي‏:‏ وفي هذا الحديث أنه يستحب لأصدقاء المتزوج أن يبعثوا إليه بطعام يساعدونه به على وليمته وفيه الاعتذار إلى المبعوث إليه وقول الإنسان نحو قول أم سليم هذا منا لك قليل انتهى ‏(‏وزوجته مولية وجهها‏)‏ وكذلك في صحيح مسلم وزوجته بالتاء، قال النووي‏:‏ هكذا هو في جميع النسخ بالتاء وهي لغة قليلة تكررت في الحديث والشعر المشهور حذفها ‏(‏فثقلوا‏)‏ بفتح المثلثة وضم القاف ‏(‏قال أنس أنا أحدث الناس عهداً بهذه الاَيات‏)‏ يعني أول الناس علماً بهذه الاَية فعلمتها أولاً ثم علمها الناس‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن صحيح‏)‏ وأخرجه مسلم والنسائي وابن أبي حاتم وعلقه البخاري في كتاب النكاح فقال وقال إبراهيم بن طهمان عن الجعد أبي عثمان عن أنس فذكر نحوه‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏عن نعيم بن عبدالله المجمر‏)‏ كنيته أبو عبدالله المدني مولى آل عمر يعرف بالمجمر بسكون الجيم وضم الميم الأولى وكسر الثانية وكذا أبوه ثقة من الثالثة ‏(‏وعبدالله بن زيد الذي كان أدى النداء بالصلاة‏)‏ يعني عبد الله بن زيد والد محمد هذا هو الذي أدى النداء بالصلاة وفي رواية مسلم وعبد الله بن زيد هو الذي كان أدى النداء بالصلاة ‏(‏عن أبي مسعود الأنصاري‏)‏ اسمه عقبة بن عمرو صاحبي بدري جليل‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏فقال له بشير بن سعد‏)‏ بن ثعلبة بن جلاس الأنصاري الخزرجي صحابي جليل بدري استشهد بعين التمر ‏(‏أمرنا الله أن نصلي عليك فكيف نصلي عليك‏)‏ أي أمرنا الله تعالى بقوله‏:‏ صلوا عليه وسلموا تسليماً‏.‏ فكيف نلفظ بالصلاة ‏(‏حتى ظننا‏)‏ من الظن وفي رواية مسلم حتى تمنينا من التمني ‏(‏أنه لم يسأله‏)‏ قال النووي‏:‏ معناه كرهنا سؤاله مخافة من أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم كره سؤاله وشق عليه ‏"‏وبارك على إبراهيم وعلى محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم‏"‏ قال العلماء‏:‏ معنى البركة هنا الزيادة من لخير والكرامة وقيل هي بمعنى التطهير والتزكية‏.‏ قال النووي ‏"‏والسلام كما قد علمتم‏"‏ معناه قد أمركم الله تعالى بالصلاة والسلام علي فأما الصلاة فهذه صفتها وأما السلام فكما علمتم في التشهد وهو قولهم‏:‏ السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، وقوله علمتم هو بفتح العين وكسر اللام المخففة ومنهم من رواه بضم العين وتشديد اللام أي علمتكموه وكلاهما صحيح‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏وفي الباب عن علي وأبي حميد إلخ‏)‏ أما حديث علي فأخرجه النسائي، وأما حديث أبي حميد فأخرجه الشيخان، وأما حديث كعب بن عجرة فأخرجه الجماعة، وأما حديث طلحة بن عبيد الله فأخرجه النسائي، وأما حديث أبي سعيد فأخرجه البخاري والنسائي وابن ماجه، وأما حديث زيد بن خارجة فأخرجه أحمد والنسائي، وأما حديث بريدة فأخرجه أحمد وفي سنده أبو داود الأعمى اسمه نفيع وهو ضعيف جداً ومتهم بالوضع‏.‏ وفي الباب أحاديث أخرى إن شئت الوقوف على ألفاظ هذه الأحاديث فراجع النيل‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن صحيح‏)‏ وأخرجه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏عن عوف‏)‏ هو ابن أبي جميلة الأعرابي ‏(‏عن الحسن‏)‏ هو البصري ‏(‏ومحمد‏)‏ هو ابن سيرين ‏(‏وخلاس‏)‏ بكسر الخاء المعجمة وتخفيف اللام وآخره مهملة هو ابن عمرو الهجري‏.‏ قوله‏:‏ ‏"‏كان رجلاً حيياً‏"‏ بفتح الحاء المهملة وكسر التحتانية الخفيفة بعدها أخرى مثقلة بوزن فعيل من الحياء أي ذا حياء ‏"‏ستيراً‏"‏ بفتح السين بوزن كريم ويقال ستيراً بكسر السين وتشديد الفوقية المسكورة بوزن سكين أي ذا تستر يستتر في الغسل‏.‏ ما يرى من جلده ‏"‏شيء استحياء منه‏"‏ هذا يشعر بأن اغتسال بني إسرائيل عراة بمحضر منهم كان جائزاً في شرعهم وإنما اغتسل موسى وحده استحياء ‏"‏فآذاه من آذاه‏"‏ بالمد فيهما من الإيذاء ‏"‏إما برص‏"‏ محركة بياض يظهر في ظاهر البدن لفساد مزاج ‏"‏وإما أدرة‏"‏ بضم الهمزة وسكون الذال في الخصية يقال رجل آدر بين الأدر بفتح الهمزة والدال، ووقع في رواية ابن مردويه عن عوف الجزم بأنهم قالوا إنه آدر ‏"‏وإن الله أراد أن يبرئه‏"‏ بتشديد الراء من التبرئة أي ينزهه عن نسبة ذلك العيب ‏"‏وإن موسى خلا يوماً وحده‏"‏ أي انفرد عن الناس يوماً حال كونه منفرداً ‏"‏عدا بثوبه‏"‏ أي فر ومضى مسرعاً ‏"‏ثوبي حجر ثوبي حجر‏"‏ أي أعطني ثوبي أو رد ثوبي وحجر بالضم على حذف النداء ‏"‏حتى انتهى إلى ملأ‏"‏ أي جماعة والظاهر أن فيهم المؤذين ‏"‏فرأوه عرياناً‏"‏ أي أبصروه حال كونه عرياناً ‏"‏وطفق‏"‏ بكسر الفاء أخذ وشرع ‏"‏بالحجر ضرباً‏"‏ يضربه ضرباً فالجار متعلق بالفعل المقدر كما في قوله سبحانه ‏{‏فطفق مسحاً بالسوق والأعناق‏}‏ ‏"‏فوالله إن بالحجر لندبا‏"‏ بالتحريك أثر الجرح إذا لم يرتفع عن الجلد فشبه به أثر الضرب في الحجر قال الحافظ‏:‏ ظاهره أنه بقية الحديث وقد بين في رواية همام في الغسل أنه قول أبي هريرة انتهى‏.‏ ولفظ رواية همام عند البخاري في الغسل هكذا قال أبو هريرة ‏"‏والله إنه لندب بالحجر ستة أو سبعة ضرباً بالحجر‏"‏ فذلك قوله‏:‏ ‏{‏يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى‏}‏ أي لا تؤذوا نبيكم كما آذى بنو إسرائيل موسى وهو قولهم إنه آدر ‏{‏فبرأه الله مما قالوا‏}‏ أي فطهره الله مما قالوا فيه ‏{‏وكان عند الله وجيهاً‏}‏ أي كريماً ذا جاه وقدر‏.‏ ومما أوذي به نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قسم قسماً فقال رجل هذه قسمة ما أريد بها وجه الله‏.‏ فغضب النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك‏.‏ وقال ‏"‏يرحم الله موسى لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر‏"‏‏.‏ رواه البخاري‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن صحيح‏)‏ وأخرجه الشيخان‏.‏

1840- باب ومن سورة سبأ

مكية ‏{‏إلا ويرى الذين أوتوا العلم‏}‏ الاَية وهي أربع أو خمس وخمسون آية

بسم الله الرحمن الرحيم 3341- حدثنا أَبُو كُرَيْبٍ وَعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ قَالاَ أخبرنا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ الحَسَنَ بنِ الحَكَمِ النّخَعيّ قَالَ‏:‏ حَدّثني أَبو سَبْرَةَ النّخَعيّ عَنْ فَرْوَةَ بنِ مُسَيْكٍ المُرادِيّ قَالَ ‏"‏أَتَيْتُ النبيّ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ يَا رَسُولَ الله أَلاَ أُقَاتِلُ مَنْ أَدْبَرَ مِنْ قَوْمِي بمَنْ أَقْبَلَ مِنْهُمْ‏؟‏ فأَذِنَ لِي في قِتَالِهِمْ وَأَمّرَني، فَلَمّا خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ سَأَلَ عَنّي مَا فَعَلَ الغُطَيْفِيّ فأُخْبِرَ أنيّ قَدْ سِرْتُ، قَالَ فأَرْسَلَ في أَثَرِي فَرَدّني فَأَتَيْتُهُ وَهُوَ في نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ‏:‏ ادْعُ القَوْمَ فَمنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ فَاقْبَلْ مِنْهُ، وَمَنْ لَمْ يُسْلِمْ فَلاَ تَعْجَلْ حَتّى أُحْدِثَ إِلَيْكَ، قَالَ وأُنْزِلَ في سَبَإ ما أُنْزِلَ، فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ الله وَمَا سَبَأٌ أَرْضٌ أَو امرأةٌ‏؟‏ قَالَ لَيْسَ بِأَرْضٍ وَلاَ امْرَأَةٍ وَلَكنّهُ رَجُلٌ وَلَدَ عَشْرَةً مِنَ العَرَبِ فَتَيَامَنَ مِنْهُمْ سِتّةٌ وَتَشَاءَمَ مِنْهُمْ أَرْبَعَةٌ، فأَمّا الّذِينَ تَشَاءَمُوا فَلخْمٌ وجذامٌ وَغَسّانُ وعَامِلَةُ، وأَمّا الّذِينَ تَيَامَنَوُا فالأَزْدُ والأَشْعَريونَ وحِمْيَرُ ومَذْحِج وَأَنْمَار، وَكِنْدَةُ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ الله ومَا أَنْمَارُ‏؟‏ قَالَ الّذِينَ مِنْهُم خَثْعَمُ وَبَجِيلَةُ‏"‏ ورُوي هذا عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ‏.‏

3342- حدثنا ابنُ أَبي عُمَر حدثنا سُفْيَانُ عَن عَمْرو بن دينار عَن عِكْرمَةَ عَن أَبي هُرَيْرَةَ عَن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ ‏"‏إذَا قَضَى الله في السّمَاءِ أَمْراً ضَرَبَتِ المَلاَئِكَةُ بِأجْنِحَتِهَا خَضَعَاناً لقوله كَأَنّهَا سِلْسِلَةٌ عَلَى صَفْوَانٍ، فإذا فُزّعَ عَن قُلُوبِهمْ قَالُوا مَاذَا قَال رَبّكُمْ‏؟‏ قَالُوا الحَقّ وَهُوَ العَلِيّ الكَبِيرُ، قَالَ والشّيَاطِينُ بَعْضُهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ‏.‏

3343- حدثنا نَصْرُ بنُ عَلِيّ الْجَهْضَمِيّ، أخبرنا عَبْدُ الأَعْلَى أخبرنا مَعْمَرٌ عَن الزّهْرِيّ عَن عَلِيّ بنِ حُسَيْنٍ عَن ابنِ عَبّاسٍ قَالَ ‏"‏بَيْنَمَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ في نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ إِذْ رُمِيَ بِنَجْمٍ فاسْتَنَارَ فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ لِمْثلِ هَذَا في الجَاهِليّةِ إذَا رَأَيْتُمُوهُ‏؟‏ قَالُوا‏:‏ كُنّا نَقُولُ يَمُوتُ عَظِيمٌ أَوْ يُولَدُ عَظيمٌ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ فإِنّهُ لاَ يُرْمَى بِهِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَياتِهِ وَلَكِنّ رَبّنَا عز وجلّ إذَا قَضَى أَمْراً سَبّحَ له حَمَلَةُ العَرْشِ ثُمّ سَبّحَ أَهْلُ السّمَاءِ الّذِينَ يَلُونَهُم ثُمّ الّذِينَ يَلُونَهُمْ حَتّى يَبْلُغَ التّسْبِيحُ إلى هَذِهِ السّمَاءِ ثُمّ سَأَلَ أَهْلُ السّمَاءِ السّادِسَةِ أَهْلَ السّمَاءِ السّابِعَةِ مَاذَا قَالَ رَبّكُمْ‏؟‏ قَالَ‏:‏ فيُخْبِرونَهُمْ ثُمّ يَسْتَخْبِرُ أَهْلُ كلّ سَمَاءٍ حَتّى يَبْلُغَ الخبرُ أَهْلَ السّمَاءِ الدّنْيَا وتَخْتَطِف الشّيَاطِينُ السّمْعَ فَيُرْمَوْنَ فَيَقْذِفُونَهَا إِلى أَوْلِيَائِهِمْ، فَمَا جَاؤوا بِهِ عَلَى وَجْهِهِ فَهُوَ حَقّ وَلَكِنّهُمْ يُحَرّفُونَ وَيزِيدُونَ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ‏.‏ وقد رُوِيَ هَذَا الحَدِيثُ عَن الزّهْرِيّ عَن عَلِيّ بنِ الحُسَيْنِ عَن ابنِ عَبّاسٍ عَن رِجَالٍ مِنَ الأَنْصَارِ قَالُوا كُنّا عِنْدَ النبيّ صلى الله عليه وسلم فذكر نحوه بمعناه حدثنا بذلك الحسين بن حريثٍ حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا الأوزاعي‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏أخبرنا أبو أسامة‏)‏ اسمه حماد بن أسامة ‏(‏عن الحسن بن الحكم النخعي‏)‏ كنيته أبو الحكم الكوفي صدوق يخطئ من السادسة ‏(‏حدثني أبو سبرة النخعي‏)‏ الكوفي يقال اسمه عبدالله بن عابس مقبول من الثالثة ‏(‏عن فروة بن مسيك‏)‏ بضم الميم وبفتح السين المهملة مصغراً المرادي ثم الغطيفي صحابي سكن الكوفة يكنى أبا عمير واستعمله عمر‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏من أدبر‏)‏ أي عن الإسلام ‏(‏بمن أقبل منهم‏)‏ أي مع من آمن من قومي ‏(‏في قتالهم‏)‏ أي في قتال من أدبر من قومي ‏(‏وأمرني‏)‏ أي جعلني أميراً ‏"‏ما فعل الغطيفي‏"‏ يعني فروة بن مسيك ‏(‏فأخبر‏)‏ بصغية المجهول ‏(‏فأرسل في أثري‏)‏ بفتحتين وبكسر الهمزة وسكون المثلثة أي عقبى، قال في القاموس‏:‏ خرج في أثره وإثره أي بعده ‏(‏فردني‏)‏ أي فأرجعني ‏"‏ادع القوم‏"‏ أي إلى الإسلام ‏"‏فأقبل منه‏"‏ أي فأقبل الإسلام منه ‏"‏فلا تعجل‏"‏ أي بقتالهم ‏"‏حتى أحدث إليك‏"‏ يعني حتى آمرك بأمر حادث جديد ‏(‏وأنزل في سبأ‏)‏ بفتح السين والموحدة وبالهمزة والمراد بها القبيلة التي هي من أولاد سبأ ابن يشجب بن يعرب بن قحطان بن هود ‏(‏ما أنزل‏)‏ أي من الاَيات ‏"‏ولد عشرة‏"‏ بالنصب إذا كان ولد بصيغة المعلوم وبالرفع إذا كان بصيغة المجهول أي ولد له عشرة وكذلك في رواية أحمد ‏"‏فتيامن منهم ستة‏"‏ أي أخذوا ناحية اليمن وسكنوا بها ‏"‏وتشاءم منهم أربعة‏"‏ أي قصدوا جهة الشام ‏"‏فلخم‏"‏ بفتح اللام وسكون الخاء المعجمة ‏"‏وجذام‏"‏ بضم الجيم وبالذال المعجمة بوزن غراب ‏(‏وغسان‏)‏ بالغين المعجمة وتشديد السين المهملة بوزن شداد ‏"‏وعاملة‏"‏ بكسر الميم قال في القاموس بنو عاملة بن سبأ حي باليمن ‏"‏وأما الذين تيامنوا فالأزد‏"‏ بفتح الهمزة وسكون الزاي وبالدال المهملة ‏(‏والأشعرون‏)‏ قال في القاموس الأشعر أبو قبيلة باليمن منهم أبو موسى الأشعري ويقولون جاءتك الأشعرون بحذف ياء النسب ‏"‏وحمير‏"‏ بكسر الحاء وسكون الميم بوزن درهم ‏"‏وكندة‏"‏ بكسر الكاف وسكون النون ‏(‏ومذحج‏)‏ بفتح الميم وسكون ذال معجمة وكسر حاء مهملة وبجيم ‏(‏وأنمار‏)‏ بفتح الهمزة وسكون النون ‏(‏الذين منهم خثعم‏)‏ بوزن جعفر ‏(‏وبجيلة‏)‏ بفتح الموحدة وكسر الجيم كسفينة‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث غريب حسن‏)‏ وأخرجه أحمد وابن جرير وابن أبي حاتم وأخرجه أبو داود مختصراً في كتاب الحروف والقراءات‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏عن عمرو‏)‏ هو ابن دينار ‏"‏إذا قضى الله في السماء أمراً‏"‏ أي إذا حكم الله عزّ وجلّ بأمر من الأمور ‏"‏ضربت الملائكة بأجنحتها خضعاناً‏"‏ بفتحتين من الخضوع وفي رواية بضم أوله وسكون ثانيه وهو مصدر بمعنى خاضعين قاله الحافظ ‏"‏لقوله‏"‏ أي لقول الله تعالى ‏"‏كأنها‏"‏ أي كلماته المسموعة، وفي رواية البخاري كأنه أي القول المسموع ‏"‏سلسلة‏"‏ أي من الحديد ‏"‏على صفوان‏"‏ هو الحجر الأملس ‏"‏فإذا فزع عن قلوبهم‏"‏ بضم الفاء وتشديد الزاي وبالعين المهملة أي كشف عنهم الفزع وأزيل ‏"‏قالوا‏"‏ أي سأل بعضهم بعضاً ‏"‏قالوا الحق‏"‏ أي قال الله القول الحق‏.‏ قيل المجيبون هم الملائكة المقربون كجبرئيل وميكائيل وغيرهما‏.‏ قلت‏:‏ ويؤيده حديث ابن مسعود الاَتي ‏"‏وهو العلي الكبير‏"‏ أي ذو العلو والكبرياء، وفي حديث ابن مسعود عند أبي داود قال ‏"‏إذا تكلم الله بالوحي سمع أهل السموات صلصلة كجر السلسلة على الصفاة فيصعقون فلا يزالون كذلك حتى يأتيهم جبريل فإذا جاء فزع عن قلوبهم فيقولون يا جبرئيل ماذا قال ربك فيقول الحق فيقولون الحق‏"‏ ‏"‏والشياطين بعضهم فوق بعض‏"‏ أي لاستراق السمع‏.‏ زاد البخاري فيسمعها مسترق السمع هكذا بعضه فوق بعض فيسمع الكلمة فيلقيها إلى من تحته ثم يلقيها الاَخر إلى من تحته حتى يلقيها على لسان الساحر أو الكاهن فربما أدرك الشهاب قبل أن يلقيها وربما ألقاها قبل أن يدركه فيكذب معها مائة كذبة فيقال‏:‏ أليس قد قال لنا يوم كذا وكذا كذا‏.‏ وكذا فيصدق بتلك الكلمة التي من السماء‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن صحيح‏)‏ وأخرجه البخاري وأبو داود وابن ماجه‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا عبدالأعلى‏)‏ هو ابن عبدالأعلى ‏(‏عن علي بن حسين‏)‏ بن علي ابن أبي طالب الهاشمي المدني المعروف بزين العابدين‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏إذا رمي بنجم‏)‏ أي قذف به والمعنى انقض كوكب وهو جواب بينما ‏(‏فاستنار‏)‏ أي الجو به ‏"‏ما كنتم تقولون لمثل هذا في الجاهلية إذا رأيتموه‏"‏ ليس سؤاله صلى الله عليه وسلم للاستعلام لأنه كان عالماً بذلك بل لأن يجيبوا عما كانوا يعتقدونه في الجاهلية فيزيله عنهم ويقلعه عن أصله ‏(‏يموت عظيم‏)‏ أي رجل عظيم ‏"‏لا يرمي‏"‏ بصيغة المجهول ‏"‏به‏"‏ أي بالنجم ‏"‏لموت أحد ولا لحياته‏"‏ أي ولا لحياة أحد آخر ‏"‏تبارك اسمه‏"‏ أي تكاثر خير اسمه ‏"‏حتى يبلغ التسبيح‏"‏ أي صوته أو نوبته ‏"‏إلى هذه السماء‏"‏ أي السماء الدنيا ‏"‏فيخبرونهم‏"‏ أي أهل السماء السادسة بما قال الله تعالى ‏"‏حتى يبلغ الخبر‏"‏ أي يصل ‏"‏وتختطف الشياطين‏"‏ من الاختطاف أي تسترق ‏"‏فيرمون‏"‏ بصيغة المجهول أي الشياطين يقذفون بالشهب ‏"‏فيقذونه‏"‏ أي ما سمعوه من الملائكة ‏"‏إلى أوليائهم‏"‏ من الكهنة والمنجمين ‏"‏فما جاءوا به‏"‏ أي أوليائهم ‏"‏على وجهه‏"‏ أي من غير تصرف فيه ‏"‏فهو حق‏"‏ أي كائن واقع ‏(‏ويزيدون‏)‏ أي يزيدون فيه دائماً كذبات أخر منضمة إليه‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن صحيح‏)‏ وأخرجه أحمد ‏(‏وقد روى هذا الحديث عن الزهري عن علي بن حسين عن ابن عباس عن رجال من الأنصار إلخ‏)‏ أخرجه مسلم‏.‏

1841- باب ومن سورة الملائكة

وتسمى سورة فاطر مكية وهي خمس أو ست وأربعون آية

بسم الله الرحمن الرحيم

3344- حدثنا أَبُو مُوسَى مُحمّدُ بنُ المُثَنّى ومُحمّدُ بنُ بَشّارٍ قَالاَ‏:‏ حدثنا مُحمّدُ بنُ جَعْفَرٍ حدثنا شُعْبَةُ عَن الوَلِيدِ بنِ العَيْزارِ أَنّهُ سَمِعَ رَجُلاً مِنْ ثَقِيفٍ يُحَدّثُ عَن رجال مِنْ كِنَدةَ عَن أَبي سَعِيدٍ الخُدْرِيّ عَن النبيّ صلى الله عليه وسلم أَنّهُ قَالَ في هَذِهِ الاَيَةِ ‏{‏ ‏"‏ثُمّ أَوْرَثْنَا الكِتَابَ الذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ ومِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ ومِنْهُمْ سَابِقٌ بالْخَيْرَاتِ بإِذْنِ الله‏}‏ قَالَ‏:‏ هَؤُلاَءِ كُلّهُمْ بِمنْزلَةٍ وَاحِدَةٍ وكُلّهُمْ في الجَنّة‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ غَرِيبٌ حَسَنٌ لا نعرفه إلا من هذا الوجه‏.‏

- قوله‏:‏ ‏{‏ثم أورثنا‏}‏ أي أعطينا ‏{‏الكتاب‏}‏ أي القرآن ‏{‏الذين اصطفينا من عبادنا‏}‏ هم أمة محمد صلى الله عليه وسلم ‏{‏فمنهم ظالم لنفسه‏}‏ بالتقصير في العمل به ‏{‏ومنهم مقتصد‏}‏ يعمل به في أغلب الأوقات ‏{‏ومنهم سابق بالخيرات‏}‏ يضم إلى العمل به التعليم والإرشاد إلى العمل ‏{‏بإذن الله‏}‏ أي بإرادته ‏(‏قال‏)‏ أي رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏هؤلاء‏"‏ أي الأنواع الثلاثة ‏"‏كلهم بمنزلة واحدة وكلهم في الجنة‏"‏ قال الحافظ ان كثير في تفسيره‏:‏ معناه أي في نهم من هذه الأمة وأنهم من أهل الجنة وإن كان بينهم فرق في المنازل في الجنة‏.‏ وقال قال علي بن طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا‏}‏ قال هم أمة محمد صلى الله عليه وسلم ورثهم الله تعالى كل كتاب أنزله، فظالمهم يغفر له ومقتصدهم يحاسب حساباً يسيراً، وسابقهم يدخل الجنة بغير حساب‏.‏ وكذا روي عن غير واحد من السلف أن الظالم لنفسه من هذه الأمة من المصطفين على ما فيه من عوج وتقصير‏.‏ وقال آخرون‏:‏ بل الظالم لنفسه ليس من هذه الأمة ولا من المصطفين الوارثين للكتاب، والصحيح أن الظالم لنفسه من هذه الأمة، وهذا اختيار ابن جرير كما هو ظاهر الاَية وكما جاءت به الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من طرق يشد بعضها بعضاً فذكرها، ومنها حديث الباب، ومنها حديث أبي الدرداء رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ‏"‏قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا‏}‏ فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله‏}‏ فأما الذين سبقوا فأولئك الذين يدخلون الجنة بغير حساب، وأما الذين اقتصدوا فأولئك الذين يحاسبون حساباً يسيراً، وأما الذين ظلموا أنفسهم فأولئك الذين يحبسون في طول المحشر ثم هم الذين تلافاهم الله برحمته فهم الذين يقولون ‏(‏الحمد لله الذين أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور الذي أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب‏}‏‏"‏ رواه أحمد‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث غريب حسن‏)‏ وأخرجه أحمد وابن جرير وابن أبي حاتم وفي أسانيد كلهم من لم يسم فتحسين الترمذي له لشواهده‏.‏

1842- باب ومن سورة يس

مكية وهي ثلاث وثمانون آية

بسم الله الرحمن الرحيم 3345- حدثنا مُحمّدُ بنُ وَزِيرٍ الْوَاسِطِيّ حدثنا إِسْحَاقُ بنُ يُوسُفَ الأَزْرَقُ عنْ سُفْيَانَ الثّوْرِيّ عَنْ أَبي سُفْيَانَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ قالَ‏:‏ ‏"‏كَانَتْ بَنُو سَلَمَةَ فِي نَاحِيَةِ المَدِينَةِ فَأَرَادُوا النّقْلَةَ إِلى قُرْبِ المَسْجِدِ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الاَيةُ ‏{‏إِنّا نَحْنُ نُحْيِى الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدّمُوا وَآثَارَهُمْ‏}‏ فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إِنّ آثَارَكُمْ تُكْتَبُ فَلاَ تَنْتَقِلُوا‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ الثّوْرِيّ‏.‏ وَأَبُو سُفْيَانَ هُوَ طَرِيفٌ السّعْدِيّ‏.‏

3346- حدثنا هَنَادٌ أخبرنا أبُو مُعَاوِيَةَ عن الاعْمَشِ عَن إِبْرَاهِيمَ التيمي عَنْ أَبِيهِ عَن أَبي ذَرّ قالَ ‏"‏دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ حِينَ غَابَتِ الشّمْسُ وَالنبيّ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ فَقَالَ النبيّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ يَا أبَا ذَرَ أَتَدْرِي أَيْنَ تَذْهَبُ هَذِهِ‏؟‏ قالَ‏:‏ قُلْتُ الله وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ‏.‏ قالَ‏:‏ فإِنّهَا تَذْهَبُ فَتَسْتَأْذِنُ في السّجُودِ فَيُؤْذَنُ لَهَا وَكَأَنّهَا قَدْ قِيلَ لَهَا اطْلعِي مِنْ حَيثُ جِئْتِ فَتَطْلُعُ مِنْ مَغْر بِهَا قَالَ‏:‏ ثُمّ قَرَأَ ‏{‏ذَلِكَ مُسْتَقرٌ لَهَا‏}‏‏"‏ قَالَ‏:‏ وَذَلِكَ في قِرَاءَةِ عَبْدِ الله‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏عن أبي نضرة‏)‏ العبدي الواسطي‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏كانت بنو سلمة‏)‏ بكسر اللام بطن من الأنصار وليس في العرب سلمة بكسر اللام غيرهم ‏(‏فأرادوا النقلة‏)‏ بضم النون وسكون القاف أي الانتقال ‏{‏إنا نحن نحيي الموتى‏}‏ أي يوم القيامة وفيه إشارة إلى أن الله تعالى يحيي قلب من يشاء من الكفار الذين قد ماتت قلوبهم بالضلالة فيهديهم بعد ذلك إلى الحق ‏{‏ونكتب ما قدموا‏}‏ أي في حياتهم من خير وشر ليجازوا عليهم ‏{‏وآثارهم‏}‏ فيه قولان أحدهما نكتب أعمالهم التي باشروها بأنفسهم وآثارهم التي أثروها من بعدهم فيجزيهم على ذلك أيضاً إن خيراً فخير وإن شراً فشر‏.‏ كقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏من سن في الإسلام سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيئاً، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيئاً‏"‏‏.‏ رواه مسلم، وهذا القول هو اختيار البغوي‏.‏ والقول الثاني المراد بذلك آثار خطاهم إلى الطاعة أو المعصية، قال ابن أبي نجيح وغيره عن مجاهد ما قدموا أعمالهم وآثارهم قال خطاهم بأرجلهم‏.‏ وكذا قال الحسن وقتادة وآثارهم يعني خطاهم، ويدل على هذا القول الثاني حديث أبي سعيد هذا، قال الحافظ ابن كثير‏:‏ وهذا القول الثاني لا تنافي بينه وبين القول الأول بل في هذا تنبيه ودلالة على ذلك بطريق الأولى‏.‏ والأحرى فإنه إذا كانت هذه الآثار تكتب فلأن تكتب تلك التي فيها قدوة بهم من خير وشر بطريق الأولى انتهى ‏"‏إن آثاركم تكتب‏"‏ أي يكتب أجر خطاكم وثواب أقدامكم‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن غريب‏)‏ وأخرجه ابن أبي حاتم وابن جرير والبزار‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏عن أبي ذر قال‏:‏ دخلت المسجد حين غابت الشمس إلخ‏)‏ تقدم هذا الحديث بإسناده ومتنه في باب طلوع الشمس من مغربها من أبواب الفتن وتقدم هناك شرحه‏.‏

1843- باب ومن سورة والصافات

مكية وهي مائة واثنتان وثمانون آية

بسم الله الرحمن الرحيم 3347- حدثنا أَحْمَدُ بنُ عَبْدَةَ الضّبّيّ، حدثنا مُعْتَمِرُ بنُ سُلَيْمَانَ حدثنا لَيْثُ بنُ أَبي سُلَيْمٍ عَنْ بِشْرٍ عَنْ أنَسِ بنِ مَالِكٍ قالَ قالَ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏مَا مِنْ دَاعٍ دَعَا إِلى شَيْءٍ إِلاّ كَانَ مَوْقُوفاً يَوْمَ القيامَةِ لاَزِماً لَهُ لاَ يُفَارِقُهُ وَإِنْ دَعَا رَجُلٌ رَجُلاً ثُمّ قَرَأَ قَوْلَ الله عَزّ وَجَلّ ‏{‏وَقِفُوهُمْ إنّهُمْ مَسْؤولُونَ مَا لَكُمْ لاَ تَنَاصَرُونَ‏}‏‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ غَرِيبٌ‏.‏

3348- حدثنا عَلِيّ بنُ حُجرٍ، أخبرنا الْوَلِيدُ بنُ مُسْلِمٍ عَنْ زُهَيْرِ بنِ مُحمّدٍ عَنْ رَجُلٍ عَن أَبي العَالِيَةِ عَن أُبيّ بنِ كَعْبٍ قَالَ ‏"‏سَأَلْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم عَن قَوْلِ الله تعَالى‏:‏ ‏{‏وَأَرْسَلْنَاهُ إلى مَائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ‏}‏ قَالَ‏:‏ عِشْرُونَ أَلْفَاً‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ غَرِيبٌ‏.‏

3349- حدثنا مُحمّدُ بنُ المُثَنّى، حدثنا مُحمدُ بنُ خالِدِ بنِ عَثْمَةَ حدثنا سَعِيدُ بنُ بَشِيرٍ عَن قَتَادَةَ عَن الحَسَنِ عَن سَمُرَةَ عَن النبيّ صلى الله عليه وسلم في قَوْلِ الله تعالى‏:‏ ‏"‏‏{‏وَجَعَلْنَا ذُرّيّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ‏}‏ قَالَ‏:‏ حَامٌ وَسَامٌ وَيافِثٌ كذا‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ يُقَالُ‏:‏ يَافِثٌ ويَافِتٌ بالتّاءِ والثّاءِ ويُقَالُ يَفثُ قال‏:‏ وهَذا حديثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ لاَ نَعْرِفُهُ إلاّ مِنْ حَدِيثِ سَعيدِ بنِ بَشِيرٍ‏.‏

3350- حدثنا بِشْرُ بنُ مُعَاذٍ العَقَدِي حدثنا يَزِيدُ بنُ زُرَيْع عَن سَعِيدِ بن أَبي عَرُوبَةَ عَن قَتَادَةَ عَن الْحَسَنِ عَن سَمُرَةَ عَن النبيّ صلى الله عليه وسلم قالَ‏:‏ ‏"‏سَامُ أَبُو العَرَبِ وَحَام أَبُو الْحَبَشِ ويَافِثٌ أَبُو الرّومِ‏"‏‏.‏

- قوله‏:‏ ‏"‏دعا‏"‏ أي أحداً ‏"‏إلى شيء‏"‏ أي من الشرك والمعصية ‏"‏إلا كان‏"‏ أي الداعي ‏"‏لازماً له‏"‏ أي للشيء الذي دعا إليه، وظاهر رواية ابن جرير الاَتية يدل على أن الضمير المرفوع في كان راجع إلى المدعو والمجرور في له إلى الداعي فتفكر وتأمل ‏"‏وإن‏"‏ وصلية ‏"‏دعا رجل رجلاً‏"‏ أي إلى شيء‏.‏ وروى ابن جرير هذا الحديث بلفظ‏:‏ أيما رجل دعا رجلاً إلى شيء كان موقوفاً لازماً بغاربه لا يفارقه ثم قرأ هذه الاَية ‏{‏وقفوهم إنهم مسؤولون‏}‏ أي احبسوهم عند الصراط حتى يسألوا عن أعمالهم وأقوالهم التي صدرت عنهم في الدار الدنيا ‏{‏مالكم لا تناصرون‏}‏ أي يقال لهم تقريعاً وتوبيخاً‏:‏ ما لكم لا ينصر بعضكم بعضاً كحالكم في الدنيا‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث غريب‏)‏ وأخرجه ابن أبي حاتم وابن جرير وفي سنده ليث بن أبي سليم وكان قد اختلط أخيراً ولم يتيمنه حديثه فترك وفيه أيضاً بشر عن أنس وهو مجهول‏.‏

- قوله‏:‏ ‏{‏وأرسلناه‏}‏ أي يونس عليه وعلى نبينا الصلاة السلام ‏{‏إلى مائة ألف أو يزيدون‏}‏ قال ابن عباس‏:‏ معناه ويزيدون وقيل معناه بل يزيدون وقيل أو على أصلها والمعنى أو يزيدون في تقدير الرائي إذا رآهم قال هؤلاء مائة ألف أو يزيدون على ذلك فالشك على المخلوقين‏.‏ قال الخازن‏:‏ والأصح هو قول ابن عباس الأول وأما الزيادة تقدير فقال ابن عباس كانوا عشرين ألفاً، ويعضده ما روي عن أبي ابن كعب رضي الله تعالى عنه ‏(‏يعني حديث الباب الذي نحن في شرحه‏)‏ وقيل يزيدون بضعاً وثلاثين ألفاً وقيل سبعين ألفاً انتهى ‏(‏قال‏)‏ أي رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏عشرون ألفاً‏"‏ وبه قال ابن عباس وفي رواية عنه كانوا مائة وثلاثين ألفاً وعنه مائة ألف وبضعة وأربعين وعنه مائة ألف وبضعة وثلاثين ألفاً‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث غريب‏)‏ وأخرجه ابن أبي حاتم وابن جرير وفي سنده مجهول‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا سعيد بن بشير‏)‏ الأزدي مولاهم أبو عبدالرحمن أو أبو مسلمة الشامي أصله من البصرة أو واسط ضعيف من الثامنة‏.‏ قوله‏:‏ ‏{‏وجعلنا ذريته‏}‏ أي ذرية نوح عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام ‏{‏هم الباقين‏}‏ أي وحدهم دون غيرهم كما يشعر به ضمير الفصل وذلك لأن الله أهلك الكفرة بدعائه ولم يبق منهم باقية ومن كان معه في السفينة من المؤمنين ماتوا كما قيل ولم يبق إلا أولاده ‏(‏قال‏)‏ أي رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏حام وسام ويافث‏"‏ قال سعيد بن المسيب ولد نوح عليه السلام ثلاثة سام ويافث وحام وولد كل واحد من هؤلاء الثلاثة ثلاثة فولد سام العرب وفارس والروم‏.‏ وولد يافث الترك والصقالبة ويأجوج ومأجوج، وولد حام القبط والسودان والبربر، وروي عن وهب بن منبه نحو هذا‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏بالتاء‏)‏ أي الفوقية ‏(‏والثاء‏)‏ أي المثلثة وبكسر الفاء فيهما ‏(‏ويقال يفث‏)‏ أي بحذف الألف وبالمثلثة قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن غريب‏)‏ وأخرجه بن جريج وابن أبي حاتم، وفي سماع الحسن من سمرة كلام معروف‏.‏ وسعيد بن بشير ضعيف كما عرفت‏.‏

- قوله‏:‏ ‏"‏ويافث أبو الروم‏"‏ المراد بالروم ههنا هم الروم الأول وهم اليونان المنسبون إلى رومي بن ليطي بن يونان بن نوح عليه السلام قاله ابن كثير، وحديث سمرة هذا أخرجه أيضاً أحمد وأبو يعلى وابن المنذر والطبراني والحاكم وصححه‏.‏