فصل: 2001- باب في فَضْلِ التّوْبَةِ وَالاسْتِغْفَارِ وَمَا ذُكِرَ مِنْ رَحْمَةِ الله لِعِبَادِه

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة الأحوذي شرح جامع الترمذي للمباركفوري ***


2001- باب في فَضْلِ التّوْبَةِ وَالاسْتِغْفَارِ وَمَا ذُكِرَ مِنْ رَحْمَةِ الله لِعِبَادِه

3670- حدثنا ابنُ أبي عُمَرَ، حدثنا سُفْيَانُ عَن عَاصِمِ بنِ أَبِي النّجُودِ عَن زِرّ بنِ حُبَيْشٍ قال‏:‏ ‏"‏أتَيْتُ صَفْوَانَ بنَ عَسّالٍ المُرَادِيّ أَسْألَهُ عَنِ المَسْحِ عَلَى الخُفّيْنِ فقالَ ما جَاءَ بِكَ يَا زِر‏؟‏ فَقلت‏:‏ ابْتِغَاءَ العِلْمِ‏.‏ فقالَ‏:‏ إنّ المَلاَئِكَةَ لَتَضَعُ أجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ العِلْمِ رِضاً بِمَا يَطْلُبُ، فقلت‏:‏ إِنّهُ حَكّ في صَدْرِيَ المْسَحُ عَلَى الْخُفّيْنِ بَعْدَ الغَائِطِ وَالبَوْلِ وكُنْتَ امْرَءًا مِنْ أصْحَابِ النبيّ صلى الله عليه وسلم فَجِئْتُ أَسْأَلُكَ هلْ سَمِعْتَهُ يَذْكُرُ في ذَلِكَ شَيْئاً‏؟‏ قالَ نَعَمْ كَانَ يَأْمُرُنَا إِذَا كُنّا سفراً أَوْ مُسَافِرينَ أنْ لاَ نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلاثَةَ أَيّامٍ وَلَيَالِيهِنّ إِلاّ مِنْ جَنَابَةٍ لَكِنْ مِنْ غَائِطٍ وَبَوْلٍ وَنَوْمٍ‏.‏ قالَ‏:‏ فَقلت‏:‏ هَلْ سَمِعْتَهُ يَذْكُرُ في الْهَوى شَيْئاً‏؟‏ قالَ‏:‏ نَعَمْ‏؟‏ كُنّا مَعَ رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم في سَفَرٍ فَبَيْنَا نَحْنُ عِنْدَهُ إذْ نَادَاهُ أعْرَابِيّ بِصَوْتٍ لَهُ جَهْورِيّ يَا مُحَمدُ‏.‏ فأَجَابَهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عَلَى نَحْوٍ مِنْ صَوْتِهِ هَاؤُمُ‏.‏ قَقُلْنَا لَهُ اغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ فإِنّكَ عِنْدَ النبيّ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ نُهِيتَ عَن هَذَا، فقالَ وَالله لاَ أغْضُضُ‏.‏ قالَ الأعْرَابيّ‏:‏ المَرْءُ يُحِبّ القَوْمَ ولَمّا يَلْحَقْ بِهِمْ، قالَ النبيّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ المَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبّ يَوْمَ القِيَامَةِ فَمَا زَالَ يُحَدّثُنَا حَتّى ذكَرَ بَاباً مِنْ قِبَلِ الْمَغْرِبِ مَسِيره سبعين عاماً عَرْضه أَوْ يَصِيرُ الرّاكِبُ في عَرْضِهِ أرْبَعِينَ أوْ سَبْعِينَ عاماً قالَ سُفْيَانُ‏:‏ قِبَلَ الشّامِ خَلَقَهُ الله يَوْمَ خَلَقَ السّمَاوَاتِ وَالأرْضَ مَفْتُوحاً يَعْنِي للتّوْبَةِ لاَ يُغْلِقُ حَتّى تَطْلُعَ الشّمْسُ مِنْهُ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ‏.‏

3671- حدثنا أَحْمَدُ بنُ عَبْدَةَ الضّبّيّ، حدثنا حَمّادُ بنُ زَيْدٍ عَن عَاصِمٍ عَن زِرّ بنِ حُبَيْشٍ قالَ‏:‏ ‏"‏أتَيْتُ صَفْوَانَ بنَ عَسّالٍ المُرَادِيّ فقالَ لِي‏:‏ مَا جَاءَ بِكَ، قلت‏:‏ ابْتِغَاءَ العِلْمِ، قالَ‏:‏ بَلَغَنِي أَنّ المَلاَئِكَةَ تَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ العِلْمِ رِضاً بِمَا يَفْعَلُ‏.‏ قالَ‏:‏ قلت‏:‏ لَهُ إِنّهُ حَاكَ أوْ حَكّ في نَفْسِي شَيْءٌ مِنَ المَسْحِ عَلَى الْخُفّيْنِ فَهَلْ حَفِظْتَ مِنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فِيهِ شَيْئاً‏؟‏ قالَ نَعَمْ كُنّا إذَا كُنّا في سَفَر أوْ مُسَافِرِينَ أَمَرَنَا أنْ لا نَخْلَعَ خِفَافَنَا ثَلاَثاً إلاّ مِنْ جَنَابَةٍ وَلَكِنْ مِنْ غَائِطٍ وَبَوْلٍ وَنَوْمٍ، قالَ‏:‏ فَقلت‏:‏ فَهَلْ حَفِظْتَ مِنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم في الْهَوَى شَيْئاً‏؟‏ قالَ‏:‏ نَعَمْ‏.‏ كُنّا مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم في بَعْضِ أَسْفَارِهِ فَنَادَاهُ رَجُلٌ كانَ في آخِرِ القَوْمِ بِصَوْتٍ جَهورِي أعْرَابِيّ جِلْف جَاف‏.‏ فقالَ يا مُحمّدُ يا مُحمّدُ‏.‏ فقالَ لَهُ القَوْمُ‏:‏ مَهْ إنّكَ قَدْ نُهِيتَ عَنْ هَذَا، فأَجَابَهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عَلَى نَحْوٍ مِنْ صَوْتِهِ هاؤُمُ‏.‏ فقالَ‏:‏ الرّجُلُ يُحِبّ القَوْمَ وَلَمّا يَلْحَقْ بِهِمْ‏.‏ قالَ فقالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ المَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبّ‏.‏ قال زِرّ فَمَا بَرِحَ يُحَدّثُنِي حَتّى حَدّثَنِي أَنّ الله عَزّ وَجَلّ جَعَلَ بالْمَغْرِبِ بَاباً عَرْضُهُ مَسِيرَةُ سَبْعِينَ عاماً لِلتّوْبَةِ لاَ يُغْلَقُ ما لم تَطْلُع الشّمْسُ مِنْ قِبَلِهِ وَذَلِكَ قَوْلُ الله تَبَارَكَ وَتَعَالى ‏{‏يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبّكَ لاَ يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا‏}‏‏"‏ الاَية‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏فقلت ابتغاء العلم‏)‏ أي جاء بي عندك طلب العلم ‏(‏فقال إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يطلب‏)‏ تقدم شرحه في باب فضل الفقه على العبادة من أبواب العلم ‏(‏قلت إنه‏)‏ الضمير للشأن ‏(‏حك في صدري‏)‏ قال في النهاية‏:‏ حك الشيء في نفسي إذا لم تكن منشرح الصدر به وكان في قلبك منه شيء من الشك والريب ‏(‏المسح على الخفين‏)‏ بالرفع على أنه فاعل حك ‏(‏وكنت‏)‏ بصيغة الخطاب ‏(‏هل سمعته‏)‏ أي النبي صلى الله عليه وسلم ‏(‏قال كان يأمرنا إذا كنا سفراً أو مسافرين إلى قوله لكن غائط وبول ونومٍ‏)‏ تقدم شرح في باب المسح على الخفين للمسافر والمقيم ‏(‏يذكر في الهوى شيئاً‏)‏ بفتح الهاء والواو وهو الحب‏.‏ قال في القاموس هويه كرضيه هوى فهو أي أحبه ‏(‏بصوت له جهوري‏)‏ بفتح الجيم وسكون الهاء ثم واو مفتوحة ثم راء مكسورة ثم ياء مشددة أي عال ‏"‏هاؤم‏"‏ قال في النهاية‏:‏ هاؤم بمعنى تعال وبمعنى خذ، ويقال للجماعة كقوله تعالى‏:‏ ‏"‏هاؤم اقرءوا كتابيه‏"‏ وإنما رفع صوته عليه الصلاة والسلام من طريق الشفقة عليه لئلا يحبط عمله من قوله تعالى‏:‏ ‏{‏لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي‏}‏ فعذره لجهله ورفع النبي صلى الله عليه وسلم صوته حتى كان مثل صوته أو فوقه لفرط رأفته به انتهى ‏(‏أغ من صوتك‏)‏ أي اخفضه ‏(‏وقد نهيت عن هذا‏)‏ أي عن رفع الصوت فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم ‏(‏فقال والله لا أع‏)‏ إنما قال هذا لأنه كان أعرابياً جلفاً جافياً كما في الرواية الاَتية ‏(‏ولما يحلق بهم‏)‏ جملة حالية أي والحال أنه لم يلحق بهم‏.‏ ووقع في حديث أنس عند مسلم‏:‏ ولم يلحق بعملهم‏.‏ وفي حديث أبي ذر ولا يستطيع أن يعمل بعملهم، وفي بعض طرق حديث صفوان بن عسال عند أبي نعيم ولم يعمل بمثل عملهم وهو يفسر المراد ‏"‏المرء مع من أحب يوم القيامة‏"‏ قال النووي‏:‏ ولا يلزم من كونه معهم أن تكون منزلته وجزاؤه مثلهم من كل وجه ‏(‏فما زال يحدثنا‏)‏ هذا قول زر بن حبيش ‏(‏من قبل المغرب‏)‏ بكسر القاف وفتح الموحدة أي من جانبه ‏(‏مسيرة عرضه أو يسير الراكب في عرضه‏)‏ كلمة أو للشك من الراوي وكذلك في قوله أربعين أو سبعين عاماً وفي الرواية الاَتية سبعين عاماً من غير شك ‏(‏حتى تطلع الشمس منه‏)‏ أي من المغرب‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن صحيح‏)‏ وأخرجه ابن ماجة وابن حبان والحاكم وقال صحيح الإسناد‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏حاك أو حك‏)‏ شك من الراوي وقد تقدم تفسير حك وأما معنى حاك فقال في القاموس حاك الثوب حوكاً وحياكاً وحياكة نسجه وحاك الشيء في صدري رسخ وقال حاك القول في القلب حيكاً أخذ ‏(‏أعرابي جلف جاف‏)‏ هذه الثلاثة صفات لقوله رجل فالجلف بكسر الجيم وسكون اللام الأحمق وأصله من الجلف وهي الشاة المسلوخة التي قطع رأسها وقوائمها ويقال للدن أيضاً شبه الأحمق بهما لضعف عقله وجاف مشتق من الجفاء‏.‏ قال في النهاية‏:‏ من بدا جفا أي من سكن البادية غلظ طبعه لقلة مخالطة الناس والجفاء‏.‏ غلظ الطبع انتهى‏.‏ ‏(‏مه‏)‏ هو إسم مبنى على السكون بمعنى أسكت ‏(‏قال زر‏)‏ أي ابن حبيش ‏(‏فما برح‏)‏ أي فما زال ‏(‏يحدثني‏)‏ أي صفوان بن عسال ‏{‏يوم يأتي بعض آيات ربك‏}‏ هو طلوع الشمس من مغربها ‏{‏لا ينفع نفساً إيمانها‏.‏‏.‏‏.‏ ‏}‏ الاَية تمامها ‏{‏لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً قل انتظروا إنا منتظرون‏}‏‏.‏

2002- باب

3672- حدثنا إبْرَاهيمُ بنُ يَعْقُوبَ، أخبرنا علِيّ بنُ عَيّاشٍ الْحِمْصِيّ حدثنا عَبْدُ الرّحْمَنِ بنُ ثابِتِ بنِ ثَوْبَانَ عَن أبِيهِ عَن مَكْحُولٍ عَن جُبَيْرِ بنِ نُفَيْرٍ عَن ابنِ عُمَرَ عَن النبيّ صلى الله عليه وسلم قالَ‏:‏ ‏"‏إنّ الله يَقْبَلُ تَوْبَةَ العَبْدِ ما لَمْ يُغَرْغِرْ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ‏.‏

3673- حدثنا مُحمّدُ بنُ بَشّارٍ، أخبرنا أبُو عامِرٍ العَقَدِيّ عَن عَبْدِ الرّحْمَنِ بنِ ثابِتِ بنِ ثَوْبَانَ عَن أَبِيهِ عَن مَكْحُولٍ عَن جُبَيْرِ بنِ نُفَيْرٍ عَن ابنِ عُمَرَ عَن النبيّ صلى الله عليه وسلم بهذا الإسناد نحْوَهُ بِمَعْنَاهُ‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا إبراهيم بن يعقوب‏)‏ الجوزجاني ‏(‏أخبرنا علي بن عياش‏)‏ بفتح المهملة وشدة التحتانية وبالمعجمة ‏(‏الحمصي‏)‏ الألهاني بفتح الهمزة وسكون اللام ثقة ثبت من التاسعة‏.‏ قوله‏:‏ ‏"‏إن الله يقبل توبة العبد‏"‏ ظاهره الإطلاق وقيده بعض الحنفية بالكافر قاله القاري‏.‏ قلت‏:‏ الظاهر المعول عليه هو الأول ‏"‏ما لم يغرغر‏"‏ من الغرغرة أي ما لم تبلغ الروح إلى الحلقوم يعني ما لم يتيقن بالموت فإن التوبة بعد التيقن بالموت لم يعتد بها لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الاَن ولا الذين يموتون وهم كفار‏}‏ قيل وأما تفسير ابن عباس حضوره بمعاينة ملك الموت فحكم أغلبي لأن كثيراً من الناس لا يراه وكثيراً يراه قبل الغرغرة‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن غريب‏)‏ وأخرجه أحمد وابن ماجة وابن حبان والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان‏.‏

2003- باب

3674- حدثنا قُتَيْبَةُ، حدثنا المُغِيرَةُ بنُ عَبْدِ الرّحْمَنِ عَن أَبي الزّنادِ عَن الأَعْرَجِ عَن أبي هُرَيْرَةَ قالَ‏:‏ قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏لله أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ أَحَدِكُمْ مِنْ أَحَدِكُمْ بِضَالَتِهِ إذَا وَجَدَهَا‏"‏‏.‏

قال وفي البابِ عَن ابنِ مَسْعُودٍ والنّعْمَانِ بنِ بَشِيرٍ وأنَسٍ‏.‏ قال‏:‏ وهَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيح غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ من حديث أبي الزناد‏.‏ وقد رُوي هذا الحديث عن مكحول بإسناد له عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا‏.‏

- قوله‏:‏ ‏"‏لله أفرح‏"‏ بلام التأكيد المفتوحة، وفي حديث ابن مسعود عند مسلم‏:‏ لله أشد فرحاً‏.‏ قال النووي‏:‏ قال العلماء فرح الله تعالى هو رضاه، وقال المازري الفرح ينقسم على وجوه منها السرور والسرور يقارنه الرضا بالمسرور به، قال فالمراد هنا أن الله تعالى يرضى بتوبة عبده أشد مما يرضى واجد ضالته بالفلاة، فعبر عن الرضا بالفرح تأكيداً لمعنى الرضا في نفس السامع ومبالغة في تقريره انتهى‏.‏ قلت‏:‏ لا حاجة إلى التأويل، ومذهب السلف في أمثال هذا الحديث إمرارها على ظواهرها من غير تكييف ولا تشبيه ولا تأويل وقد سبق بيانه في باب فضل الصدقة ‏"‏من أحدكم بضالته‏"‏ قال في النهاية‏.‏ الضالة هي الضائعة من كل ما يقتني من الحيوان وغيره، يقال ضل الشيء إذا ضاع وهي في الأصل فاعلة ثم اتسع فيها فصارت من الصفات الغالبة وتقع على الذكر والأنثى والاثنين والجمع‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏وفي الباب عن ابن مسعود والنعمان بن بشير وأنس‏)‏ أما حديث ابن مسعود وحديث أنس فأخرجهما الشيخان، وأما حديث النعمان بن بشير فأخرجه مسلم‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏وهذا حديث حسن صحيح غريب‏)‏ وأخرجه الشيخان‏.‏

2004- باب

3675- حدثنا قُتَيْبَةُ، حدثنا الّليْثُ عَن مُحمّدِ بنِ قَيْسٍ قَاصّ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيزِ عَن أَبي صِرْمَةَ عَن أَيّوبَ أَنّهُ قالَ حِينَ حَضرَتْهُ الوَفاةُ‏:‏ ‏"‏قَدْ كَتَمْتُ عَنْكُمْ شَيْئاً سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ‏:‏ لَوْلاَ أَنّكُمْ تُذْنِبُونَ لَخَلَقَ الله خَلْقاً يُذْنِبُونَ فَيَغْفِر لَهُمْ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ وقَدْ رُوِيَ هَذَا عَن مُحمّدِ بنِ كَعْبٍ عَن أَبي أَيّوبَ عَن النبيّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ‏.‏

3676- حدثنا بِذَلِكَ قُتَيْبَةُ، أخبرنا عبْدُ الرّحْمَن بنُ أبي الزناد عَن عُمَرَ مَوْلَى غَفْرَةَ عَن مُحمّدِ بنِ كَعْبٍ القُرَظِيّ عَن أبي أَيّوبَ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏عن محمد بن قيس قاص عمر بن عبد العزيز‏)‏ قال في التقريب محمد ابن قيس المدني القاص ثقة من السادسة وحديثه عن الصحابة مرسل ‏(‏عن أبي صرمة‏)‏ بكسر الصاد المهملة وسكون الراء الأنصاري ‏(‏عن أبي أيوب‏)‏ الأنصاري‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏قد كتمت عنكم شيئاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم‏)‏ إنما كتمه أولاً مخافة اتكالهم على سعة رحمه الله تعالى وإنهماكهم في المعاصي وإنما حدث به عند وفاته لئلا يكون كاتماً للعلم، وربما لم يكن أحد يحفظه غيره فتعين علته أداؤه ‏"‏لو لا أنكم تذنبون‏"‏ أي أيها المؤمنون ‏"‏لخلق الله خلقاً‏"‏ أي قوماً آخرين من جنسكم أو من غيركم ‏"‏يذنبون فيغفر لهم‏"‏ وفي رواية مسلم لجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم‏.‏ قال الطيبي‏:‏ ليس في الحديث تسلية للمنهمكين في الذنوب كما يتوهمه أهل الغرة بالله تعالى فإن الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم إنما بعثوا ليردعوا الناس عن غشيان الذنوب بل بيان لعفو الله تعالى وتجاوزه عن المذنبين ليرغبوا في التوبة، والمعنى المراد من الحديث هو أن الله كما أحب أن يعطي المحسنين أحب أن يتجاوز عن المسيئين، وقد دل على ذلك غير واحد من أسمائه الغفار الحليم التواب العفو، أو لم يكن ليجعل العباد شأناً واحداً كالملائكة مجبولين على التنزه من الذنوب بل يخلق فيهم من يكون بطبعه ميالاً إلى الهوى متلبساً بما يقتضيه ثم يكلفه التوقي عنه ويحذره عن مداناته ويعرفه التوبة بعد الابتلاء فإن وفي فأجره على الله وإن أخطأ الطريق فالتوبة بين يديه كذا في المرقاة‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن غريب‏)‏ وأخرجه أحمد ومسلم‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏عن عبد الرحمن بن أبي الرجال‏)‏ بكسر الراء ثم جيم واسمه محمد ابن عبد الرحمن بن عبد الله بن حارثة بن النعمان الأنصاري المدني نزيل الثغور صدوق ربما أخطأ من الثامنة ‏(‏عن عمر‏)‏ بن عبد الله المدني كنيته أبو حفص ‏(‏مولى غفرة‏)‏ بضم الغين المعجمة وسكون الفاء ضعيف وكان كثير الإرسال من الخامسة

2005- باب

3677- حدثنا عبْدُ الله بنُ إسْحَاقَ الجَوْهَرِيّ، البصريّ أخبرنا أَبُو عاصِمٍ، أخبرنا كثيّر بنُ فَائدٍ، أخبرنا سَعِيدُ بنُ عُبَيْدٍ قالَ‏:‏ سَمِعْتُ بَكْرَ بنَ عَبْدِ الله المُزَنِي يَقُولُ‏:‏ أخبرنا أَنَسُ بنُ مالِكٍ قال سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ‏:‏ ‏"‏قالَ الله تَبَارَكَ وتعَالى‏:‏ يا ابنَ آدَمَ إِنّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى ما كانَ فِيكَ وَلاَ أُبَالِي‏.‏ يا ابنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَت ذُنُوبُكَ عَنَانَ السّمَاءِ ثُمّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلاَ أُبَالِي‏.‏ يا ابنَ آدَمَ إنّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأرْضِ خَطَايَا ثُمّ لَقِيتَنِي لاَ تُشْرِكُ بي شَيْئاً لأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حسن غَرِيبٌ لاَ نَعْرِفُهُ إِلاّ مِنْ هَذَا الوَجْهِ‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا عبد الله بن إسحاق الجوهري‏)‏ البصري مستملي أبي عاصم يلقب بدعة بكسر الموحدة وسكون المهملة ثقة حافظ من الحادية عشرة ‏(‏حدثنا أبو عاصم‏)‏ اسمه الضحاك النبيل ‏(‏أخبرنا كثير بن فائد‏)‏ بالفاء البصري مقبول من السابعة ‏(‏أخبرنا سعيد بن عبيد‏)‏ الهنائي البصري‏.‏ قوله‏:‏ ‏"‏إنك ما دعوتني ورجوتني‏"‏ ما مصدرية ظرفية أي ما دمت تدعوني وترجوني يعني في مدة دعائك ورجائك ‏"‏غفرت لك على ما كان فيك‏"‏ أي من المعاصي وإن تكررت وكثرت ‏"‏ولا أبالي‏"‏ أي والحال أني لا أتعظم مغفرتك على وإن كان ذنباً كبيراً أو كثيراً‏.‏ قال الطيبي‏:‏ في قوله ولا أبالي معنى لا يسأل عما يفعل ‏"‏عنان السماء‏"‏ يفتح العين أي سحابها وقيل ما علا منها أي ظهر لك منها إذا رفعت رأسك إلى السماء‏.‏ قال الطيبي‏:‏ العنان السحاب وإضافتها إلى السماء تصوير لارتفاعه وأنه بلغ مبلغ المساء ‏"‏بقراب الأرض‏"‏ بضم القاف ويكسر أي بما يقارب ملءها ‏(‏خطايا‏)‏ تمييز قراب أي بتقدير تجسمها ‏"‏لا تشرك بي شيئاً‏"‏ الجملة حال من الفاعل أو المفعول على حكاية الحال الماضية لعدم الشرك وقت اللقي ‏"‏بقرابها مغفرة‏"‏ قال الطيبي‏:‏ ثم هذه للتراخي في الإخبار وأن عدم الشرك مطلوب أولى ولذلك قال لقيتني وقيد به وإلا لكان يكفي أن يقال خطايا لا تشرك بي‏.‏ قال القاري‏:‏ فائدة القيد أن يكون موته على التوحيد‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن غريب‏)‏ وأخرجه أحمد والدارمي عن أبي ذر‏.‏

2006- باب ‏(‏خَلْقِ الله مَائَةَ رَحْمَةٍ‏)‏

3678- حدثنا قُتَيْبَةُ، حدثنا عَبْدُ العَزِيزِ بنُ مُحمّدٍ عَن العَلاَءِ بنِ عَبْدِ الرّحْمَنِ عَن أَبِيهِ عَن أبي هُرَيْرَةَ أَنّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ‏:‏ ‏"‏خَلَقَ الله مِائَةَ رَحْمَةٍ فَوَضَعَ رَحْمَةً وَاحِدَةً بَيْنَ خَلْقِهِ يَتَرَاحُمونَ بِهَا وَعِنْدَ الله تِسْعَةٌ وتِسْعُونَ رَحْمَةً‏"‏‏.‏

وفي البابِ عَن سَلْمَانَ وجُنْدُبِ بنِ عَبْدِ الله بنِ سُفْيَانَ البَجَلِيّ‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ‏.‏

- قوله‏:‏ ‏"‏خلق الله‏"‏ أي يوم خلق السماوات والأرض كما في حديث سلمان عند مسلم‏.‏ قال القرطبي‏.‏ يجوز أن يكون معنى خلق اخترع وأوجد ويجوز أن يكون بمعنى قدر وقد ورد خلق بمعنى قدر في لغة العرب فيكون المعنى أن الله أظهر تقديره لذلك يوم أظهر تقديره السماوات والأرض ‏"‏فوضع رحمة واحدة بين خلقه‏"‏ أي من جملة المائة، وفي رواية لمسلم‏:‏ إن لله مائة رحمة أنزل منها رحمة واحدة بين الجن والإنس والبهائم والهوام فبها يتعاطفون وبها يتراحمون وبها تعطف الوحش على ولدها ‏"‏وعند الله تسعة وتسعون رحمة‏"‏ وفي رواية لمسلم‏:‏ وأخر الله تسعاً وتسعين رحمة يرحم بها عباده يوم القيامة‏.‏ قال الطيبي‏:‏ رحمة الله تعالى لا نهاية لها فلم يرد بما ذكره تحديداً بل تصويراً للتفاوت بين قسط أهل الإيمان منها في الاَخرة وقسط كافة المربوبين في الدنيا‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏وفي الباب عن سلمان وجندب بن عبد الله بن سفيان البجلي‏)‏ أما حديث سلمان فأخرجه مسلم، وأما حديث جندب بن عبد الله فأخرجه أحمد في مسنده‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏وهذا حديث حسن صحيح‏)‏ وأخرجه الشيخان

2007- باب

3679- حدثنا قُتَيْبَةُ، حدثنا عبْدُ العَزِيزِ بنُ مُحمّدٍ عَن العَلاَءِ بنِ عَبْدِ الرّحمَنِ عَن أَبِيهِ عَن أبي هُرَيْرَةَ أَنّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ ‏"‏لَوْ يَعْلَمُ المُؤْمِنُ مَا عِنْدَ الله مِنَ العُقُوبَةِ مَا طَمَعَ في الجَنّةِ أحَدٌ، وَلَوْ يَعْلَمُ الكافِرُ مَا عِنْدَ الله مِنَ الرّحْمَةِ مَا قَنَطَ مِنَ الْجَنّةِ أَحَدٌ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ لا نَعْرِفُه إِلاّ من حَدِيثِ العَلاَءِ بنِ عَبْدِ الرّحمَنِ عَن أَبِيهِ عَنْ أبي هُرَيْرَةَ‏.‏

- قوله‏:‏ ‏"‏من العقوبة‏"‏ بيان لما ‏"‏ما طمع‏"‏ من باب سمع أي ما رجا ‏"‏أحد‏"‏ أي من المؤمنين فضلاً عن الكافرين ولا بعد أن يكون أحد على إطلاقه من إفادة العموم إذ تصور ذلك وحده يوجب اليأس من رحمته، وفيه بيان كثرة عقوبته لئلا يغتر مؤمن بطاعته أو اعتماداً على رحمته فيقع في الأمن ولا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون ‏"‏ما قنط‏"‏ من القنوط هو اليأس من باب نصر وضرب وسمع ‏"‏أحد‏"‏ أي من الكافرين‏.‏ قال الطيبي‏:‏ الحديث في بيان صفتي القهر والرحمة لله تعالى فكما أن صفات الله تعالى غير متناهية لا يبلغ كنه، معرفتها أحد كذلك عقوبته ورحمته، فلو فرض أن المؤمن وقف على كنه صفته القهارية لظهر منها ما يقنط من ذلك الخواطر فلا يطمع بجنته أحد‏.‏ وهذا معنى وضع أحد موضع ضمير المؤمن، ويجوز أن يراد بالمؤمن الجنس على سبيل الاستغراق‏.‏ فالتقدير أحد منهم ويجوز أن يكون المعنى على وجه آخر وهو أن المؤمن قد اختص بأن يطمع بالجنة فإذا انتفي الطمع منه فقد انتفى عن الكل، وورد الحديث في بيان كثرة رحمته وعقوبته كيلا يغتر مؤمن برحمته فيأمن من عذابه ولا ييأس كافر من رحمته ويترك بابه، كذا في المرقاة‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن‏)‏ وأخرجه الشيخان

2008- باب

3680- حدثنا قُتَيْبَةُ، حدثنا اللّيْثُ عَن ابنِ عجْلاَنَ عَن أَبِيهِ عَن أَبي هُرَيْرَةَ عَن رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ‏:‏ ‏"‏إِنّ الله حينَ خَلَقَ الْخَلْقَ كَتَبَ بِيَدِهِ عَلَى نَفْسِهِ أَنّ رَحْمَتِي تَغْلِبُ غَضَبِي‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيح غريب‏.‏

3681- حدثنا مُحمّدُ بنُ عبدأَبِي الثَلْجٍ- درَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَغْدَادَ أَبُو عَبْدِ الله صَاحِبُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ- حَدّثَنَا يُونُسُ بنُ مُحمّدٍ، حدثنا سَعِيدُ بنُ زَرْبِيّ عَن عَاصِمٍ الأَحْوَلِ وَثَابِتٍ عَن أَنَسٍ قَالَ‏:‏ ‏"‏دَخَلَ النبيّ صلى الله عليه وسلم المَسْجِدَ وَرَجُلٌ قَدْ صَلّى وَهُوَ يَدْعُو وَهُوَ يَقُولُ في دُعَائِهِ‏:‏ اللّهُمّ لا إلَهَ إِلاّ الله أَنْتَ المَنّانُ، بَدِيع السّمَاوَاتِ والأَرْضِ ذَا الْجَلاَلِ والإِكْرَامِ‏.‏ فقَالَ النبيّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ أَتَدْرُونَ بمَا دَعَا الله‏؟‏ دَعَا الله باسْمِهِ الأَعْظَمِ الّذِي إِذا دُعِي به أجَابَ وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ غَرِيب مِنْ حديث ثابت عن أنس وقد رُوِيَ هَذَا الحَدِيثُ مِنْ غَيْرِ هَذَا الوَجْهِ عَن أَنَسٍ‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏عن ابن عجلان‏)‏ اسمه محمد ‏(‏عن أبيه‏)‏ هو عجلان المدني مولى فاطمة بنت عتبة لا بأس به من الرابعة‏.‏ قوله‏:‏ ‏"‏إن الله حين خلق الخلق‏"‏ أي المخلوقات ‏"‏كتب بيده على نفسه أن رحمتي تغلب غضبي‏"‏ بفتح الهمزة وتكسر على حكايته مضمون الكتاب، وفي رواية للبخاري في التوحيد‏:‏ أن الله لما قضى الخلق كتب عنده فوق عرشه أن رحمتي سبقت غضبي‏.‏ قال الجزري قوله‏:‏ إن رحمتي تغلب غضبي هو إشارة إلى سعة الرحمة وشمولها الخلق كما يقال غلب على فلان الكرم أي هو أكثر خصالة وإلا فرحمة الله وغضبه صفتان راجعتان إلى إرادته للثواب والعقاب‏.‏ وصفاته لا توصف بغلبة إحداهما الأخرى وإنما وعلى سبيل المجاز للمبالغة انتهى‏.‏ وقال الطيبي‏:‏ أي لما خلق الخلق حكم حكماً جازماً ووعد وعداً لازماً‏.‏ لا خلف فيه بأن رحمتي سبقت غضبي فإن المبالغ في حكمه إذا أراد إحكامه عقد عليه سجلاً وحفظه، ووجه المناسبة بين قضاء الخلق وسبق الرحمة أنهم مخلوقون للعبادة شكراً للنعم الفائضة عليهم‏.‏ ولا يقدر أحد على أداء حق الشكر وبعضهم يقصرون فيه فسبقت رحمته في حق الشاكر بأن وفي جزاءه وزاد عليه ما لا يدخل تحت الحصر، وفي حق المقصر إذا تاب ورجع بالمغفرة والتجاوز، ومعنى سبقت رحمتي تمثيل لكثرتها وغلبتها على الغضب بفرسي رهان تسابقتا فسبقت إحداهما الأخرى‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن صحيح‏)‏ وأخرجه الشيخان‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا يونس بن محمد‏)‏ المؤدب ‏(‏أخبرنا سعيد بن زربي‏)‏ بفتح الزاي وسكون الراء بعدها موحدة مكسورة الخزاعي البصري العباداني أبو عبيدة أو أبو معاوية منكر الحديث من السابعة‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏أللهم لا إله إلا أنت المنان‏)‏ قال في النهاية‏:‏ المنان هو المنعم المعطي من المن العطاء لا من المنة وكثيراً ما يرد المن في كلامهم بمعنى الإحسان إلى من لا يستثيبه ولا يطلب الجزاء عليه فالمنان من أبنية المبالغة كالسفاك والوهاب ‏(‏ذا الجلال والإكرام‏)‏ أي ياذا العظمة والكبرياء وذا الإكرام لأوليائه ‏"‏أتدرون بما دعا الله‏"‏ أي تعلمون بالإسم الذي دعا الله به هذا الرجل ‏"‏دعا الله باسمه الأعظم‏"‏ جملة مستأنفة بيان لما دعا الله به وقد تقدم الكلام في ما يتعلق بالإسم الأعظم في باب جامع الدعوات ‏"‏الذي إذا دعي به أجاب الخ‏"‏ تقدم شرحه في الباب المذكور‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث غريب‏)‏ وأخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة وابن حبان والحاكم‏.‏

2009- باب قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏رغِمَ أنفُ رجُلٍ‏"‏

3682- حدثنا أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيمَ الدّوْرَقِيّ، حدثنا رِبْعِيّ بنُ إِبْرَاهِيمَ عَن عَبْدِ الرّحمَنِ بنِ إِسْحَاقَ عَن سَعيدِ بنِ أَبي سَعِيدٍ الْمَقْبُريّ عَن أَبي هُرَيْرَةَ قالَ قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏رَغِمَ أنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلّ عَلَيّ، وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ ثُمّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ‏.‏ وَرَغِم أَنْفُ رَجُلٍ أَدْرَكَ عِنْدَهُ أَبَوَاهُ الكِبَرَ فَلمْ يُدْخِلاَهُ الْجَنّةَ‏.‏

قَالَ عَبْدُ الرّحمَنِ وَأظُنّهُ قَالَ أوْ أَحَدُهُما‏"‏ قال‏:‏ وفي البابِ عَن جَابرٍ وَأَنَسٍ‏.‏ وهَذا حديثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الوَجْهِ ورِبْعِيّ بنُ إبْرَاهيمَ هُوَ أخُو إسْمَاعِيلَ بنِ إبْرَاهيمَ وهُوَ ثِقَةٌ وهُوَ ابنُ عُلَيّةَ‏.‏ وَيُرْوَى عَن بَعْضِ أَهْلِ العِلْمِ قَالَ إذَا صَلّى الرّجُلُ عَلَى النبيّ صلى الله عليه وسلم مَرّةً في المَجْلِسِ أَجْزَأَ عَنْهُ مَا كَانَ في ذَلِكَ المَجْلِسِ‏.‏

3683- حدثنا يَحْيَى بنُ موسى و وزياد بن أيوب قالا‏:‏ حدثنا أبُو عَامِرٍ العَقَدِيّ عَن سُلَيْمَانَ بنِ بِلاَلٍ عَن عمَارَةَ بنِ غَزِيّةَ عَن عَبْدِ الله بنِ عَلِيّ بنِ حُسَيْنِ بنِ عَليّ بنِ أَبي طَالِبٍ عَن أَبِيهِ عَن حُسَيْنِ بنِ عَلِيّ بنِ أَبي طَالِبٍ عَن عَلِيّ بنِ أَبي طَالِبٍ قالَ قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏البَخِيلُ الّذِي مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلّ عَلَيّ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ غَرِيبٌ‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏أخبرنا ربعي‏)‏ بكسر الراء المهملة وسكون الموحدة وكسر العين المهملة وشدة التحتية ‏(‏بن إبراهيم‏)‏ بن مقسم الأسدي أبو الحسن البصري أخو إسماعيل بن عليه وهو أصغر منه ثقة صالح من التاسعة ‏(‏عن عبد الرحمن بن إسحاق‏)‏ القرشي المدني‏.‏ قوله‏:‏ ‏"‏رغم أنف رجل‏"‏ أي لصق أنفه بالتراب كناية عن حصول الذل‏.‏ قال في النهاية‏:‏ رغم برغم ورغم يرغم رغماً ورغماً ورغماً وأرغم الله أنفه أي ألصقه بالرغام وهو التراب‏.‏ هذا هو الأصل ثم استعمل في الذل والعجز عن الانتصاف والانقياد على كره انتهى وهذا إخبار أو دعاء ‏"‏ذكرت‏"‏ بالبناء للمفعول ‏"‏فلم يصل علي‏"‏ قال الطيبي‏:‏ الفاء استبعادية والمعنى‏:‏ بعيد على العاقل أن يتمكن من إجراء كلمات معدودة على لسانه فيفوز بها فلم يغتنمه فحقيق أن يذله الله، وقيل إنها للتعقيب فتقيد به ذم التراخي عن الصلاة عليه عند ذكره صلى الله عليه وسلم ‏"‏ثم انسلخ‏"‏ أي انقضى ‏"‏قبل أن يغفر له‏"‏ أي بأن لم يتب أو لم يعظمه بالمبالغة في الطاعة حتى يغفر له ‏"‏فلم يدخلاه الجنة‏"‏ لعقوقة وتقصيره في حقهما‏.‏ والإسناد مجازي فإن المدخل حقيقة هو الله يعني لم يخدوهما حتى يدخل بسببهما الجنة‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏وفي الباب عن جابر وأنس‏)‏ أما حديث جابر يعني ابن سمرة فأخرجه الطبراني بأسانيد أحدها حسن، وأما حديث أنس فأخرجه أحمد والنسائي والطبراني في الأوسط وابن حبان في صحيحه وغيرهم‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن غريب‏)‏ وأخرجه ابن حبان في صحيحه والبزار في مسنده والحاكم في مستدركه وقال صحيح ‏(‏وهو ابن علية‏)‏ أي إسماعيل بن إبراهيم هو ابن علية، وعلية إسم أمه ‏(‏ويروى عن بعض أهل العلم قال‏:‏ إذا صلى الرجل على النبي صلى الله عليه وسلم مرة في المجلس أجزأ عنه ما كان في ذلك المجلس‏)‏ أي ما دام كان في ذلك المجلس‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏عن عبد الله بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب‏)‏ مقبول من الخامسة ‏(‏عن أبيه‏)‏ هو المعروف بزين العابدين‏.‏ قوله‏:‏ ‏"‏البخيل‏"‏ أي الكامل في البخل ‏"‏الذي من‏"‏ قال الطيبي‏:‏ الموصول الثاني مقحم بين الموصول الأول وصلته تأكيداً‏.‏ كما في قراءة زيد بن علي ‏{‏الذي خلقكم والذين من قبلكم‏}‏ أي بفتح الميم انتهى‏.‏ وقيل يمكن أن تكون شرطية والجملة صلة والجزاء فلم يصل على ‏"‏ذكرت عنده‏"‏ أي ذكر اسمي بمسمع منه ‏"‏فلم يصل علي‏"‏ لأنه بخل على نفسه حيث حرمها صلاة الله عليه عشراً إذا هو صلى واحدة‏.‏ قاله المناوي‏.‏ وقال القاري‏:‏ فمن لم يصل عليه فقد بخل ومنع نفسه من أن يكتال بالمكيال الأوفى فلا يكون أحد أبخل منه كما تدل عليه رواية‏:‏ البخيل كل البخيل انتهى‏.‏ قلت‏:‏ أشار القاري بقوله ومنع نفسه من أن يكتال بالمكيال الأوفى إلى حديث أبي هريرة‏:‏ من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى إذا صلى علينا أهل البيت فليقل أللهم صلى على محمد النبي الأمي الحديث رواه أبو داود‏.‏ قال الحافظ ابن كثير بعد ذكر حديث علي وحديث أبي هريرة المذكورين فيهما دليل على وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كلما ذكر وهو مذهب طائفة من العلماء منهم الطحاوي والحليمي ويتقوى بالحديث الاَخر الذي رواه ابن ماجة‏:‏ حدثنا جبارة بن المغلس حدثنا حماد بن زيد حدثنا عمرو بن دينار عن جابر بن زيد عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ ‏"‏من نسي الصلاة علي أخطأ طريق الجنة‏"‏‏.‏ جبارة ضعيف ولكن رواه إسماعيل القاضي من غير وجه عن أبي جعفر محمد بن على الباقر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏من نسي الصلاة علي أخطأ طريق الجنة‏"‏‏.‏ وهذا مرسل يتقوى بالذي قبله‏.‏ وذهب آخرون إلى أنه تجب الصلاة عليه في المجلس مرة واحدة ثم لا تجب في بقية ذلك المجلس بل يستحب‏.‏ نقله الترمذي عن بعضهم، ويتأيد بالحديث الذي رواه الترمذي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏ما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله فيه ولم يصلوا على نبيهم إلا كان عليهم ترة يوم القيامة فإن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم‏"‏ انتهى‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن غريب صحيح‏)‏ وأخرجه أحمد والنسائي وابن حبان والحاكم عن الحسين بن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

2010- باب

3684- حدثنا أَحْمَدُ بنُ إبْرَاهِيمَ الدّوْرَقِيّ، حدثنا عُمَرُ بنُ حَفْصِ بنِ غِيَاثٍ، أخبرنا أَبي عَن الحَسَنِ بنِ عُبَيْدِ الله عَن عَطَاءِ بنِ السّائِبِ عَن عَبْدِ الله بنِ أبي أَوْفَى قَالَ كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ ‏"‏اللّهُمّ بَرّدْ قَلْبِي بالثّلْجِ والبَرَدِ والمَاءِ البَارِدِ، اللّهُمّ نَقّ قَلْبِي مِنَ الْخَطَايَا كَمَا نَقّيْتَ الثّوْبَ الأَبْيَضَ مِنَ الدّنَسِ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ غريبٌ‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏عن الحسن بن عبيد الله‏)‏ بن عروة النخعي‏.‏ قوله‏:‏ ‏"‏أللهم برد قلبي‏"‏ أي اجعله بارداً ‏(‏والبرد‏)‏ بفتحتين هو حب الغمام‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن صحيح غريب‏)‏ وأخرجه أحمد بنحوه‏.‏

2011- باب

3685- حدثنا الحَسَنُ بنُ عَرَفَةَ، حدثنا يَزِيدُ بنُ هَارُونَ عَن عَبْدِ الرّحمَنِ بنِ أبي بَكْرٍ القُرَشِيّ الملكي عَن مُوسَى بنِ عُقْبَةَ عَن نَافِعٍ عَن ابنِ عُمَرَ قالَ‏:‏ قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏مَنْ فُتِحَ لَهُ مِنْكُمْ بابُ الدّعاءِ فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الرّحْمَةِ ومَا سُئِلَ الله شَيْئاً يَعْطي أحَبّ إلَيهِ مِنْ أَنْ يُسْأَلَ العَافِيَةَ وَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ إِنّ الدّعاءَ يَنْفَعُ مِمّا نَزَلَ وَمِمّا لَمْ يَنْزِلْ فَعَلَيْكُمْ عِبَادَ الله بالدّعَاءِ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ غَرِيبٌ لا نَعْرِفُهُ إِلاّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرّحمَنِ بنِ أبي بَكْرٍ القُرَشِيّ وهُوَ المَكّيّ المُلَيْكِيّ وهُوَ ضَعِيفٌ في الحَدِيثِ ضعّفه بَعْضُ أهْلِ العلم مِنْ قِبَلِ حِفْظِهِ وقد رَوَى إسْرَائِيلُ هَذَا الحَدِيثَ عَن عَبْدِ الرحْمَنِ بنِ أَبي بَكْرٍ عَن مُوسَى بنِ عُقْبَةَ عَن نَافِعٍ عَن ابنِ عُمَرَ عَن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قالَ ‏"‏مَا سُئِلَ الله شَيْئاً أَحَبّ إِلَيْهِ مِنَ العَافِيةِ‏"‏‏.‏

3686- حدثنا بِذَلِكَ القَاسِمُ بنُ دِينَارٍ الكُوفيّ، أخبرنا إِسحاقُ بنُ مَنْصُورٍ الكُوفيّ عَن إسْرَائِيلَ بهَذَا‏.‏

3687- حدثنا أَحْمَدُ بنُ مَنِيعٍ، أخبرنا أَبُو النّضْرِ، أخبرنا بَكْرُ بنُ خُنَيْسٍ عَن مُحّمدٍ القُرَشِيّ عَن رَبيعَةَ بنِ يَزِيدَ عَن أَبي إدْرِيسَ الخَوْلاَنِيّ عَن بِلاَلٍ أنّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ ‏"‏عَلَيْكُمْ بِقِيَامِ اللّيْلِ فإِنّهُ دَأْبُ الصّالِحينَ قَبْلَكُمْ وَإِنّ قِيَامَ اللّيْلِ قُرْبَةٌ إلى الله وَمَنْهَاةٌ عَن الإِثْمِ وتَكْفِيرٌ للسّيّئَاتِ ومَطْرَدَةٌ للدّاءِ عَن الجَسَدِ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هذَا حديثٌ غريبٌ لا نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ بِلاَلٍ إِلاّ مِنْ هَذَا الوَجهِ مِنْ قِبَلِ إسْنَادِهِ قال سَمِعْتُ مُحمّدَ بنَ إسْمَاعِيلَ يَقولُ مُحمّدٌ القُرَشِيّ هُوَ مُحمّدُ بنُ سَعِيدٍ الشّامِيّ وَهُوَ ابنُ أَبي قَيْسٍ وَهُوَ مُحمّدُ بنُ حَسّانَ وقد تُرِكَ حَدِيثُهُ‏.‏ وقَد رَوَى هذَا الحَدِيثُ مُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ عَن رَبِيعَةَ بنِ يَزِيدَ عَن أبي إدْرِيسَ الْخَوْلاَنِيّ عن أبي أُمَامَةَ عَن النبيّ صلى الله عليه وسلم‏.‏

3688- حدثنا بِذَلِكَ مُحمّدُ بنُ إسْمَاعِيلَ أخبرنا عَبْدُ الله بنُ صَالِحٍ عَن مُعَاوِيَةَ بنُ صَالِحٍ عَن رَبِيعَةَ بنِ يَزِيدَ عَن أبي إِدْرِيسَ الْخَوْلاَنيّ عَن أَبي أُمَامَةَ عَن رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم أنّهُ قالَ‏:‏ ‏"‏عَلَيْكُمْ بِقِيَامِ اللّيْلِ فإِنّهُ دَأْبُ الصّالِحِينَ قَبْلَكُمْ، وَهُوَ قُرْبَةٌ إِلى رَبّكُمْ وَمَكْفَرَةٌ للِسّيّئَاتِ وَمَنْهَاةٌ لِلإِثْمِ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ وهَذَا أصَحّ مِنْ حَدِيثِ أَبي إدْرِيسَ عَن بِلاَلٍ‏.‏

- قوله‏:‏ ‏"‏من فتح له منكم باب الدعاء‏"‏ أي بأن وفق لأن يدعو الله كثيراً مع وجود شرائطه وحصول آدابه ‏"‏فتحت له أبواب الرحمة‏"‏ يعني أنه يجاب لمسئوله تارة ويدفع عنه مثله من السوء أخرى كما في بعض الروايات فتحت له أبواب الإجابة، وفي بعضها فتحت له أبواب الجنة ‏"‏وما سئل الله شيئاً يعني أحب إليه‏"‏ قال الطيبي‏:‏ أحب إليه تقييد للمطلق بيعني وفي الحقيقة صفة شيئاً ‏"‏من أن يسأل العافية‏"‏ أن مصدرية والمعنى‏:‏ ما سئل الله سؤالاً أحب إليه من سؤال العافية ‏"‏إن الدعاء ينفع مما نزل‏"‏ أي من بلاء نزل بالرفع إن كان معلقاً وبالصبر إن كان محكماً‏.‏ فيسهل عليه تحمل ما نزل به فيصبره عليه أو يرضيه به حتى لا يكون في نزوله متمنياً خلاف ما كان بل يتلذذ بالبلاء كما يتلذذ أهل الدنيا بالنعماء ‏"‏ومما لم ينزل‏"‏ أي بأن يصرفه عنه ويدفعه منه أو يمده قبل النزول بتأييد من يخف معه أعباء ذلك إذا نزل به ‏"‏فعليكم عباد الله بالدعاء‏"‏ أي إذا كان هذا شأن الدعاء فالزموا يا عباد الله الدعاء‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث غريب‏)‏ قال المنذري في الترغيب بعد ذكر هذا الحديث‏:‏ رواه الترمذي والحاكم كلاهما من رواية عبد الرحمن بن أبي بكر المليكي وهو ذاهب الحديث عن موسى بن عقبة عن نافع عنه، وقال الترمذي حديث غريب وقال الحاكم صحيح الإسناد‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا إسحاق بن منصور الكوفى‏)‏ السلولي ‏(‏عن إسرائيل‏)‏ بن يونس‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏أخبرنا أبو النضر‏)‏ إسمه هاشم بن القاسم البغدادي ‏(‏عن بلال‏)‏ بن رباح المؤذن وهو ابن حمامة وهي أمه كنيته أبو عبد الله مولى أبي بكر من السابقين الأولين شهد بدراً والمشاهد مات بالشام سنة سبع عشرة أو ثمان عشرة وقيل سنة عشرين وله بضع وستون سنة‏.‏ قوله‏:‏ ‏"‏عليكم بقيام الليل‏"‏ أي التهجد فيه ‏"‏فإنه دأب الصالحين‏"‏ بسكون الهمزة ويبدل ويحرك أي عادتهم وشأنهم‏.‏ قال الطيبي‏:‏ الدأب العادة والشأن وقد يحرك وأصله من دأب في العمل إذا جد وتعب ‏"‏وإن قيام الليل قربة إلى الله‏"‏ أي مما يتقرب به إلى الله تعالى‏:‏ ‏"‏ومنهاة‏"‏ مصدر ميمي بمعنى إسم الفاعل أي ناهية ‏"‏عن الإثم‏"‏ أي عن ارتكابه قال الله تعالى‏:‏ ‏"‏إن الحسنات يذهبن السيئات‏"‏ وقال ‏{‏إن الصلاة تنهي عن الفحشاء والمنكر‏}‏ ‏{‏وتكفير للسيئات‏}‏ أي مكفرة للسيئات وساترة لها ‏"‏ومطردة للداء عن الجسد‏"‏ أي طارد ومبعد للداء عن البدن‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث غريب‏)‏ وأخرجه أحمد والحاكم والبيهقي في السنن الكبرى ‏(‏وسمعت محمد بن إسماعيل‏)‏ هو الإمام البخاري ‏(‏يقول محمد القرشي هو محمد بن سعيد الشامي وهو ابن أبي قيس وهو محمد بن حسان وقد ترك حديثه‏)‏ قال في التقريب‏:‏ محمد بن سعيد بن حسان بن قيس الأسدي الشامي المصلوب ويقال له ابن سعيد ابن عبد العزيز أو ابن أبي عتبة أو ابن قيس أو ابن أبي حسان ويقال له ابن الطبري أبو عبد الرحمن وأبو عبد الله أو أبو قيس وقد ينسب لجده وقيل إنهم قلبوا إسمه على مائة وجه ليخفى‏.‏ كذبوه وقال أحمد بن صالح وضع أربعة آلاف حديث وقال أحمد‏:‏ قتله المنصور على الزندقة وصلبه من السادسة‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا بذلك محمد بن إسماعيل‏)‏ هو محمد بن إسماعيل الترمذي أو هو الإمام البخاري لم يتعين لي ‏(‏أخبرنا عبد الله ابن صالح‏)‏ الجهني ‏(‏حدثني معاوية بن صالح‏)‏ الحضرمي قوله‏:‏ ‏"‏ومكفرة للسيئات‏"‏ مصدر ميمي بمعنى إسم الفاعل أي مكفرة للذنوب قوله‏:‏ ‏(‏وهذا أصح من حديث أبي إدريس عن بلال‏)‏ لأن في سند حديث بلال محمد القرشي وقد عرفت حالة‏.‏ وحديث أبي أمامة هذا أخرجه أيضاً ابن أبي الدنيا في كتاب التهجد وابن خزيمة في صحيحه والحاكم كلهم من رواية عبد الله بن صالح وقال الحاكم‏:‏ صحيح على شرط البخاري كذا في الترغيب‏.‏ وفي الباب عن أبي الدرداء عند ابن عساكر وعن سلمان الفارسي عند الطبراني وعن جابر عند ابن السني‏.‏

2012- باب

3689- حدثنا الْحَسَنُ بنُ عَرَفَةَ حدثني عَبْدُ الرّحْمنِ بنُ مُحمّدٍ المُحَارِبيّ عَن مُحمّدِ بنِ عَمْرٍو عَن أَبي سَلَمَةَ عَن أَبي هُرَيْرَةَ قَالَ‏:‏ قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏أَعْمَارُ أُمّتِي مَا بَيْنَ السّتّينَ إلى السَبْعِينَ وَأَقَلّهُمْ مَنْ يَجُوزُ ذَلِكَ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ مُحمّدِ بنِ عَمْرٍو عَن أبي سَلَمَةَ عَن أَبي هُرَيْرَةَ عَن النبيّ صلى الله عليه وسلم لا نَعْرِفُهُ إلاّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وقَدْ رُوِيَ عَن أَبي هُرَيْرَةَ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏حدثني عبد الرحمن بن محمد‏)‏ بن زياد المحاربي أبو محمد الكوفي لا بأس به كان يدلس قاله أحمد من التاسعة ‏(‏عن محمد بن عمرو‏)‏ بن علقمة بن وقاص الميثي‏.‏ قوله‏:‏ ‏"‏أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين‏"‏ أي نهاية أكثر أعمار أمتي غالباً ما بينهما ‏"‏وأقلهم من يجوز ذلك‏"‏ أي يتجاوز السبعين فيصل إلى المائة فما فوقها قال القاري‏:‏ وأكثر ما اطلعنا على طول العمر في هذه الأمة من المعمرين في الصحابة والأئمة سن أنس بن مالك فإنه مات وله من العمر مائة وثلاث سنين وأسماء بنت أبي بكر ماتت ولها مائة سنة، ولم يقع لها سن ولم ينكر في عقلها شيء وأزيد منهما عمر حسان بن ثابت مات وله مائة وعشرون سنة عاش منها ستين في الجاهلية وستين في الإسلام، وأكثر منه عمراً سلمان الفارسي فقيل عاش مائتين وخمسين سنة وقيل ثلثمائة وخمسين سنة والأول أصح‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث غريب حسن‏)‏ وأخرجه ابن ماجة ‏(‏وقد روي عن أبي هريرة من غير هذا الوجه‏)‏ أخرجه الترمذي في باب أعمار هذه الأمة من أبواب الزهد‏.‏

2013- باب في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم

3690- حدثنا مَحْمُودُ بنُ غَيْلاَنَ، حدثنا أبُو دَاوُدَ الْحَفْرِيّ عَن سُفْيَانَ الثّوْرِيّ عَن عَمْرِو بنِ مُرّةَ عَن عَبْدِ الله بنِ الحَارِثِ عَن طُلَيْقِ بنِ قَيْسٍ عَن ابنِ عَبّاسٍ قالَ‏:‏ ‏"‏كَانَ النبيّ صلى الله عليه وسلم يَدْعُو يَقُولُ‏:‏ رَبّ أَعِنّي وَلاَ تُعِنْ عَلَيّ، وانْصُرْني وَلاَ تَنْصُرْ عَلَيّ وَامْكُرْ لِي ولاَ تَمْكُرْ عَلَيّ، وَاهْدِنِي وَيَسّرْ الْهُدَى لِي، وَانْصُرْني عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيّ‏.‏ رَبّ اجْعَلْنِي لَكَ شَكّاراً، لَكَ ذَكّاراً، لَكَ رَهّاباً، لَكَ مِطْوَاعاً، لَكَ مُخْبِتاً، إِلَيْكَ أَوّاهاً مُنِيباً‏.‏ رَبّ تَقَبّلْ تَوْبَتِي، وَاغْسِلْ حَوْبَتِي، وَأَجِبْ دَعْوَتِي، وَثَبّتْ حُجّتِي، وَسَدّدْ لِسَانِي، وَاهْدِ قَلْبِي، وَاسْلُلْ سَخِيمَةَ صَدْرِي‏"‏‏.‏

قالَ مَحْمودُ بنُ غَيْلاَنَ وحَدّثَنا مُحمّدُ بنُ بِشْرٍ العَبْدِيّ عَن سُفْيَانَ الثّوْرِيّ بهذا الإسناد نَحْوَهُ‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هذا حديث حسن صحيح‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏عن عمر بن مرة‏)‏ الجملي المرادي ‏(‏عن عبد الله بن الحارث‏)‏ الزبيدي المكتب ‏(‏عن طليق‏)‏ بالتصغير بن قيس الحنفي الكوفي ثقة من الثالثة‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏يقول‏)‏ بدل من يدعو أو حال ‏"‏رب أعنى‏"‏ أي على أعدائي في الدين والدنيا من النفس والشيطان والجن والإنس ‏"‏وامكر لي ولا تمكر علي‏"‏ قال الطيبي‏:‏ المكر الخداع وهو من الله إيقاع بلائه بأعدائه من حيث لا يشعرون، وقيل هو استدراج العبد بالطاعة فيتوهم أنها مقبولة وهي مردودة، وقال ابن الملك المكر الحيلة والفكر في دفع عدو بحيث لا يشعر به العدو، فالمعنى‏:‏ ‏"‏أللهم اهدني إلى طريق دفع أعدائي عني ولا تهد عدوي إلى طريق دفعه إياه عن نفسه‏"‏ كذا في المرقاة ‏(‏واهدني‏)‏ أي دلني على الخيرات ‏"‏ويسر لي الهدي‏"‏ أي وسهل اتباع الهداية أو طرق الدلالة حتى لا أستثقل الطاعة ولا أشتغل عن الطاعة ‏"‏وانصرني على من بغا علي‏"‏ أي ظلمني وتعدى علي ‏"‏رب اجعلني لك شكاراً‏"‏ أي كثير الشكر على النعماء والاَلاء وتقديم الجار والمجرور للاهتمام والاختصاص أو لتحقيق مقام الاخلاص ‏"‏لك ذكاراً‏"‏ أي كثير الذكر ‏"‏لك رهاباً‏"‏ أي كثير الخوف ‏"‏لك مطواعاً‏"‏ بكسر الميم مفعال للمبالغة أي كثير الطوع وهو الانقياد والطاعة ‏"‏لك مخبتاً‏"‏ أي خاضعاً خاشعاً متواضعاً من الإخبات قال في القاموس‏:‏ أخبت خشع ‏"‏إليك أواهاً‏"‏ أي متضرعاً فعال للمبالغة من أوه تأويها وتاوه تأوهاً إذا قال أوه أي قائلاً كثيراً لفظ أوه وهو صوت الحزين‏.‏ أي اجعلني حزيناً ومتفجعاً على التفريط أو هو قول النادم من معصيته المقصر في طاعته وقيل الأواه البكاء ‏(‏منيباً‏)‏ أي راجعاً قيل التوبة رجوع من المعصية إلى الطاعة والإنابة من الغفلة إلى الذكر والفكرة والأوبة من الغيبة إلى الحضور والمشاهدة قال الطيبي‏:‏ وإنما اكتفى في قوله أواهاً منيباً بصلة واحدة لكون الإنابة لازمة للتأوه ورديفاً له فكأنه شيء واحد ومن قوله‏:‏ ‏{‏إن إبراهيم لحليم أواه منيب‏}‏ ‏"‏رب تقبل توبتي‏"‏ أي بجعلها صحيحة بشرائطها واستجماع آدابها فإنها لا تتخلف عن حيز القبول قال الله تعالى ‏"‏وهو الذي يقبل التوبة عن عباده‏"‏‏.‏ ‏"‏واغسل حوبتي‏"‏ بفتح الحاء ويضم أي امح ذنبي ‏"‏وأجب دعوتي‏"‏ أي دعاني ‏"‏وثبت حجتي‏"‏ أي على أعدائك في الدنيا والعقبي وثبت قولي وتصديقي في الدنيا وعند جواب الملكين ‏"‏وسدد لساني‏"‏ أي صوبه وقومه حتى لا ينطق إلا بالصدق ولا يتكلم إلا بالحق ‏"‏واهد قلبي‏"‏ أي إلى الصراط المستقيم ‏"‏واسلل‏"‏ بضم اللام الأولى أي أخرج من سل السيف إذا أخرجه من الغمد ‏"‏سخيمة صدري‏"‏ أي غشه وغله وحقده‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن صحيح‏)‏ وأخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة وابن حبان والحاكم وابن أبي شيبة‏.‏

2014- باب

3691- حدثنا هَنّادٌ، حدثنا أَبُو الأَحْوَصِ عَن أبي حَمْزَةَ عَن إِبْرَاهِيمَ عَن الأَسْوَدِ عَن عَائِشَةَ قالَتْ قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏مَنْ دَعَا عَلَى مَنْ ظَلَمَهُ فَقَدِ انْتَصَرَ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ غَرِيبٌ لا نَعْرِفُهُ إلاّ مِنْ حَدِيثِ أَبي حَمْزَةَ وَقَدْ تَكَلّمَ بَعْض أَهْلِ العِلْمِ في أَبي حَمْزَةَ وَهُوَ مَيْمُونَ الأَعْوَرُ‏.‏

3692- حدثنا قُتَيْبَةُ، حدثنا حُمَيْدُ بنُ عَبْدِ الرّحمنِ الرّؤَاسِي عَن أبي الأَحْوَصِ عَن أبي حَمْزَةَ بهَذَا الإسْنَادِ نَحْوَهُ‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏أخبرنا أبو الأحوص‏)‏ إسمه سلام بن سليم ‏(‏عن أبي حمزة‏)‏ الأعور القصاب إسمه ميمون قوله‏:‏ ‏"‏من دعا على من ظلمه فقد انتصر‏"‏ أي انتقم منه‏.‏ قال المناوي‏:‏ أي أخذ من عرض الظالم فنقص من إثمه ثواب المظلوم بحسبه‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث غريب‏)‏ في سنده أبو حمزة الأعور وهو ضعيف‏.‏

2015- باب

3693- حدثنا مُوسَى بنُ عَبْدِ الرّحْمَنِ الكِنْدِيّ الكُوفِيّ حدثنا زَيْدُ بنُ حُبَابٍ قالَ وَأَخْبَرَنِي سُفْيَانُ الثّوْرِيّ عَن مُحمّدِ بنِ عَبْدِ الرّحْمَنِ بنِ أبي ليلى عَن الشّعْبِيّ عَن عَبْدِ الرّحْمَنِ بنِ أَبي لَيْلَى عَن أَبي أَيُوبَ الأَنْصَارِيّ قالَ قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏مَنْ قالَ عَشْرَ مَرّاتٍ لاَ إلَهَ إِلاّ الله وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يحي ويميت وَهُوَ عَلَى كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ‏.‏ كَانَتْ لَهُ عِدْلُ أَرْبَعِ رِقَابٍ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ‏"‏‏.‏

قال‏:‏ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الحَدِيثُ عَن أَبي أَيّوبَ مَوْقُوفاً‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا زيد بن حباب‏)‏ أبو الحسين العكلي ‏(‏عن محمد بن عبد الرحمن‏)‏ لسفيان الثوري عدة شيوخ أسماؤهم محمد بن عبد الرحمن ولم يتعين لي أن محمد بن عبد الرحمن هذا من هو‏.‏ قوله‏:‏ ‏"‏كانت له عدل أربع رقاب‏"‏ قال في النهاية‏:‏ العدل والعدل بالكسر والفتح وهما بمعنى المثل وقيل هو بالفتح ما عاد له من جنسه وبالكسر ما ليس من جنسه وقيل بالعكس ‏"‏من ولد إسماعيل‏"‏ بفتح الواو واللام وبضم الأول وسكون الثاني خصص بني إسماعيل لشرفهم وإنافتهم على غيرهم من العرب والعرب أفضل الأمم ولقربهم منه عليه السلام ومزيد اهتمامه بهم، ويستفاد منه جواز استرقاق العرب خلافاً لمن منع ذلك‏.‏ وحديث أبي أيوب هذا أخرجه الشيخان أيضاً

2016- باب

3694- حدثنا مُحمّدُ بنُ بَشّارٍ، حدثنا عبْدُ الصّمَدِ بن عَبْدِ الْوَارِثِ حدثنا هَاشِمٌ وهُوَ ابنُ سَعِيدٍ الكُوفِيّ، حدّثَنَا كِنَانَةُ مَوْلى صَفِيّةَ قالَ‏:‏ سَمِعْتُ صَفِيّةَ تَقُولُ‏:‏ ‏"‏دَخَلَ عَلَيّ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَبَيْنَ يَدَيّ أرْبَعَةُ آلاَفِ نَوَاةٍ أُسَبّحُ بِهَا‏.‏ قالَ‏:‏ ‏"‏لَقَدْ سَبّحْتِ بِهَذِهِ ألاَ أُعلّمُكِ بأَكْثَرَ مِمّا سَبّحْتِ بِهِ‏؟‏ فَقُلْتُ بَلَى عَلّمْنِي، فقَالَ‏:‏ قُولِي سُبْحَانَ الله عَدَدَ خَلْقِهِ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ غريبٌ لا نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ صَفِيّةَ إلاّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ حَدِيثِ هَاشِمِ بنِ سَعِيدٍ الكُوفيّ وَلَيْسَ إسْنَادُهُ بمَعْرُوفٍ‏.‏ وفي البابِ عَن ابنِ عَبّاسٍ‏.‏

3695- حدثنا مُحمّدُ بنُ بَشّارٍ، حدثنا مُحمّدُ بنُ جَعْفَرٍ عَن شُعْبَةَ عَن مُحمّدِ بنِ عَبْدِ الرّحْمَنِ قالَ سَمِعْتُ كُرَيْباً يُحَدّثُ عَن ابنِ عَبّاسٍ عَن جُوَيْرِيّةَ بِنْتِ الحارِثِ‏:‏ ‏"‏أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم مَرّ عَلَيْهَا وَهِيَ في مَسْجِدِهَا، ثُمّ مَرّ النبيّ صلى الله عليه وسلم بِهَا قَرِيباً مِنْ نِصْفِ النَهارِ فقالَ لَهَا مَا زِلْتِ عَلَى حَالِكِ‏؟‏ قالَتْ نَعَمْ، فقَالَ‏:‏ ألاَ أُعَلّمُكِ كَلِمَاتٍ تَقولِينَها‏:‏ سُبْحَان الله عَدَدَ خَلْقِهِ، سُبْحَانَ الله عَدَدَ خَلْقِهِ، سُبْحَانَ الله عَدَدَ خَلْقِهِ، سُبْحَانَ الله رِضَي نَفْسِهِ، سُبحَانَ الله رَضَي نَفْسِهِ، سُبحَانَ الله رِضَي نَفْسِهِ، سُبحَانَ الله زِنَةَ عَرْشِهِ، سُبْحَانَ الله زِنَةَ عَرْشِهِ، سُبْحَانَ الله زِنَةَ عَرْشِهِ، سُبحَانَ الله مِدَادَ كَلِمَاتِهِ، سُبحَانَ الله مِدَادَ كَلِمَاتِهِ، سُبحَانَ الله مِدَادَ كَلِمَاتِهِ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ‏.‏ وَمُحمّدُ بنُ عَبْدِ الرّحْمَنِ هُوَ مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ وَهُوَ شَيْخٌ مَدَنِيّ ثِقَةٌ وقَدْ رَوَى عَنْهُ المَسْعُودِيّ وسفيان الثّوْرِيّ هَذَا الْحَدِيثَ‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا كنانة‏)‏ بكسر الكاف وخفة النون الأولى ‏(‏مولى صفية‏)‏ يقال إسم أبيه نبيه مقبول ضعفه الأزدي بلا حجة من الثالثة ‏(‏قال سمعت صفية‏)‏ بنت حي بن أخطب الإسرائيلية أم المؤمنين تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم بعد خيبر ماتت سنة ست وثلاثين وقيل في ولاية معاوية وهو الصحيح‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏وبين يدي‏)‏ أي قدامى والواو للحال ‏(‏أربعة آلاف نواة‏)‏ بفتح النون وهي عظم التمر ‏"‏لقد سبحت بهذه‏"‏ أي بهذه النواة ‏"‏عدد خلقه‏"‏ منصوب صفة مصدر محذوف تقديره أسبحه تسبيحاً عدد خلقه‏.‏ قال القاري هذا الحديث أصل صحيح لتجويز السبحة بتقريره صلى الله عليه وسلم فإنه في معناها إذ لا فرق بين المنظومة والمنثورة فيما بعد به‏.‏ ولا يعتد بقول من عدها بدعة انتهى‏.‏ قلت‏:‏ تقدم الكلام في هذه المسألة في باب عقد التسبيح باليد‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث غريب‏)‏ وأخرجه الحاكم‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏وليس إسناده بمعروف‏)‏ تفرد به هاشم بن سعيد وهو ضعيف‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏وفي الباب عن ابن عباس‏)‏ أخرج حديثه أبو داود‏.‏

- قوله‏:‏ ‏(‏عن محمد بن عبد الرحمن‏)‏ بن عبيد القرشي التيمي ‏(‏عن جويرية‏)‏ بالتصغير ‏(‏بنت الحارث‏)‏ بن أبي ضرار الخزاعية من بني المصطلق أم المؤمنين كان إسمها برة فغيرها النبي صلى الله عليه وسلم وسباها في غزوة المريسيع ثم تزوجها وماتت سنة خمسين على الصحيح‏.‏ قوله‏:‏ ‏"‏وهي في مسجدها‏"‏ بفتح الجيم وبكسر أي موضع سجودها للصلاة ‏"‏ما زلت‏"‏ بكسر التاء ‏"‏على حالك‏"‏ أي على الحال التي فارقتك عليها ‏"‏عدد خلقه‏"‏ منصوب على نزع الخافض أي بعدد كل واحد من مخلوقاته‏.‏ وقال السيوطي نصب على الظرف أي قدر عدد خلقه ‏"‏سبحان الله رضي نفسه‏"‏ أي أسبحه قدر ما يرضاه ‏"‏سبحان الله زنة عرشه‏"‏ أي أسبحه بمقدار وزن عرشه ولا يعلم وزنه إلا الله تبارك وتعالى ‏"‏سبحان الله مداد كلماته‏"‏ بكسر الميم أي مثل عددها وقيل قدر ما يوازيها في الكثرة عيار كيل أو وزن أو عدد أو ما أشبهه من وجوه الحصر والتقدير، وهذا تمثيل يراد به التقريب لأن الكلام لا يدخل في الكيل والوزن وإنما يدخل في العدد، والمداد مصدر كالمدد يقال مددت الشيء مداً ومداداً وهو ما يكثر به ويزاد كذا في النهاية‏.‏ والحديث دليل على فضل هذه الكلمات وأن قائلها يدرك فضيلة تكرار القول بالعدد المذكور ولا يتجه أن يقال إن مشقة من قال هكذا أخف من مشقة من كرر لفظ الذكر حتى يبلغ إلى مثل ذلك العدد فإن هذا باب منحه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعباد الله وأرشدهم ودلهم عليه تخفيفاً لهم وتكثيراً لأجورهم من دون تعب ولا نصب فلله الحمد‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن صحيح‏)‏ وأخرجه مسلم والنسائي وابن ماجة‏.‏

2017- باب

3696- حدثنا مُحمّدُ بنُ بَشّارٍ، حدثنا ابنُ أَبي عَدِيّ قَالَ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بنُ مَيْمُونٍ صَاحِبُ الأَنْمَاطِ عَن أبي عُثْمَانَ النّهْدِيّ عَن سَلْمَانَ الفَارِسِيّ عَن النبيّ صلى الله عليه وسلم قالَ‏:‏ ‏"‏إِنّ الله حَيِيّ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِي إذَا رَفَعَ الرّجُلُ إِلَيْهِ يَدَيْهِ أَنْ يَرُدّهُمَا صِفْراً خَائِبَتَيْنِ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هَذا حديثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ‏.‏ ورواه بَعْضُهُمْ ولَمْ يَرْفَعْهُ‏.‏

3697- حدثنا مُحمّدُ بنُ بَشّارٍ حدثنا صَفْوَانُ بنُ عِيسَى حدثنا مُحمّدُ بنُ عَجْلاَنَ عَن القَعْقَاعِ عَن أبي صالحٍ عَن أبي هُرَيْرَةَ ‏"‏أَنّ رَجُلاً كانَ يَدْعُو بإِصْبَعَيْهِ فقال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أَحّدْ أَحّدْ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هذا حديث حسن صحيح غريب‏.‏ ومعنى هَذَا الحَدِيثِ إذَا أشَارَ الرّجُلُ بِإِصْبَعَيْهِ في الدّعَاءِ عِنْدَ الشّهَادَةِ فَلاَ يُشِيرُ إلاّ بأَصْبُعٍ وَاحِدَةٍ‏.‏

- قوله‏:‏ ‏"‏إن الله حي‏"‏ فعيل من الحياء أي كثير الحياء ووصفه تعالى بالحياء يحمل على ما يليق له كسائر صفاته نؤمن بها ولا نكيفها ‏"‏كريم‏"‏ هو الذي يعطي من غير سؤال فكيف بعده ‏"‏صفراً‏"‏ بكسر الصاد المهملة وسكون الفاء أي خاليتين، قال الطيبي يستوي فيه المذكر والمؤنث والتثنية والجمع ‏"‏خائبتين‏"‏ من الخيبة وهو الحرمان‏.‏ وفي الحديث دلالة على استحباب رفع اليدين في الدعاء والأحاديث فيه كثيرة، وأما حديث أنس لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يرفع يديه في شيء من الدعاء إلا في الاستسقاء فالمراد به المبالغة في الرفع‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن غريب‏)‏ وأخرجه أبو داود وابن ماجة والبيهقي في الدعوات الكبير وصححه الحاكم‏.‏

قوله ‏(‏عن القعقاع‏)‏ بن حكيم‏.‏ قوله ‏(‏كان يدعو‏)‏ أى يشير ‏(‏بأصبعيه‏)‏ الظاهر أنهما المبحتان ‏(‏أحد أحد‏)‏ كرر للتأكيد في التوحيد أى أشر بأصبع واحدة لأن الذي تدعوه واحد سبحانه، وأصله واحد أمر مخاطب من التوحيد وهو القول بأن الله واحد قلبت الواو همزة‏.‏ قوله ‏(‏هذا حديث حسن غريب‏)‏ وأخرجه النسائي والبيهقي في الدعوات الكبير‏.‏

48- أحاديث شتى من أبواب الدعوات

أي أحاديث متفرقة منها‏.‏ قال في مختار الصحاح أمر شت بالفتح أي متفرق تقول شت الأمر يشت بالكسر شتاً وشتاتاً بفتح الشين فيهما أي تفرق وقوم شتى وأشياء شتى وجاؤوا أشتاتاً أي متفرقين وأحدهم شت بالفتح‏.‏