فصل: 28- كتاب الفرائض عن رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة الأحوذي شرح جامع الترمذي للمباركفوري ***


28- كتاب الفرائض عن رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم

بالهمز جمع فريضة أي المقدرات الشرعية في المتروكات المالية في شرح السنة‏:‏

الفرض أصله القطع، يقال فرضت لفلان إذا قطعت له من المال شيئاً‏.‏ وفي المغرب‏:‏ الفريضة اسم ما يفرض على المكلف وقد يسمى بها كل مقدر، فقيل الأنصباء المواريث فرائض لأنها مقدرة لأصحابها، ثم قيل بعلم بمسائل الميراث علم الفرائض، وللعالم بها فرضى وفارض‏.‏

1388- باب ما جاءَ في مَنْ تَرَكَ مَالاً فَلِوَرَثَتِه

2109- حَدّثنا سَعِيدُ بنُ يَحْيَى بنِ سَعِيدٍ الأُمَوِيّ، حدثنا أَبِي، حدثنا محمدُ بنُ عَمْرٍو، حدثنا أَبو سَلَمَةَ، عن أَبي هُرَيْرَةَ قالَ‏:‏ ‏"‏قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ مَنْ تَرَكَ مَالاً فَلِوَرَثَتِهِ، وَمَنْ تَرَكَ ضَيَاعَاً فَإِلَيّ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ‏.‏ وقد رَوَاهُ الزّهْرِيّ عن أَبِي سَلَمَةَ عن أَبي هُرَيْرَةَ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أَطْوَلَ مِنْ هَذَا وَأَتَمّ‏.‏

وفي الباب عن جابر وأنس ومَعْنَى قَوْلِهِ ضِيَاعاً ضَائِعاً لَيْسَ له شَيْءٌ فأنَا أُعُولُهُ وَأُنْفِقُ علَيِه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏من ترك مالاً فلأهله‏)‏ وفي بعض النسخ فلورثته ‏(‏ومن ترك ضياعاً‏)‏ بفتح الضاد ويكسر أي عيالاً‏.‏ قال الخطابي‏:‏ الضياع هنا وصف لورثة الميت بالمصدر أي ترك أولاداً أو عيالاً ذوي ضياع أي لا شيء لهم، والضياع في الأصل مصدر ضاع ثم جعل اسماً لكل ما يعرض للضياع ‏(‏فإلى‏)‏ أي مرجعه ومأواه، أو فليأت إلي أي أنا أتولى أمورهم بعد وفاتهم وأنصرهم فوق ما كان منهم لو عاشوا فأذب المستأكلة من الظلمة أن يحوموا حوله فيخلص لورثته‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن صحيح‏)‏‏)‏ وأخرجه الشيخان وأحمد والنسائي وابن ماجة ‏(‏وقد رواه الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أطول من هذا وأتم‏)‏ روى البخاري في صحيحه من طريق يونس عن ابن شهاب قال حدثني أبو سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم فمن مات وعليه دين ولم يترك وفاء فعلينا قضاؤه، ومن ترك مالاً فلورثته ‏(‏وفي الباب عن جابر وأنس‏)‏ أما حديث جابر فأخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وابن حبان والدارقطني والحاكم‏.‏ وأما حديث أنس فلينظر من أخرجه‏.‏

1389- باب ما جاءَ في تَعْلِيمِ الفَرَائِض

2110- حَدّثنا عَبْدُ الأَعْلَى بنُ وَاصِلٍ، حدثنا محمدُ بنُ القَاسِم الأَسَدِيّ، حدثنا الفَضْلُ بنُ دَلْهَمٍ، حدثنا عَوْفٌ عن شَهْرِ بنِ حَوْشَبٍ عن أَبي هُرَيْرَةَ قالَ‏:‏ قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏تَعَلّمُوا الفَرَائِضَ والقُرْآنَ وَعَلّمُوا النّاسَ فَإِنّي مَقْبُوضٌ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هذا حديثٌ فيِه اضْطِرَابٌ‏.‏ وَرَوَى أَبُو أُسَامَةَ هذا الحَدِيثَ عن عَوْفٍ عن رَجُلٍ عن سُلَيْمانَ بنِ جَابِرٍ عن ابنِ مَسْعُودٍ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم‏.‏

حدّثنا بذلكَ الحُسَيْنُ بنُ حُرَيْثٍ، أخبرنا أَبُو أُسَامَةَ‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏تعلموا الفرائض والقرآن‏)‏ قيل المراد بالفرائض هنا علم الميراث، وقيل ما افترض الله تعالى على عباده بقرينة ذكر القرآ ن ‏(‏وعلموا الناس‏)‏ المذكور ‏(‏فإني مقبوض‏)‏ يقبضني الله تعالى ويميتني‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث فيه اضطراب‏)‏ وقد بينه الترمذي بقوله ‏(‏وروى أبو أسامة الخ‏)‏ قال الحافظ في الفتح‏:‏ قد ورد في الحث على تعلم الفرائض حديث ليس على شرط المصنف أخرجه أحمد والترمذي والنسائي وصححه الحاكم من حديث ابن مسعود رفعه‏:‏ ‏"‏تعلموا الفرائض وعلموها الناس فإني امرؤ مقبوض وإن العلم سيقبض حتى يختلف الاثنان في الفريضة فلا يحدان من يفصل بينها‏"‏، ورواته موثقون إلا أنه اختلف فيه على عوف الأعرابي اختلافاً كثيراً، فقال الترمذي إنه مضطرب والاختلاف عليه أنه جاء عنه من طريق ابن مسعود وجاء عنه من طريق أبي هريرة وفي أسانيدها عنه أيضاً اختلاف، ولفظه عند الترمذي من حديث أبي هريرة‏:‏ تعلموا لفرائض فإنها نصف العلم وإنه أول ما ينزع من أمتي‏.‏ وفي الباب عن أبي بكرة أخرجه الطبراني في الأوسط من طريق راشد الحماني عن عبد الرحمن بن أبي بكر عن أبيه رفعه‏:‏ ‏"‏تعلموا القرآن والفرائض‏"‏ وراشد مقبول لكن الراوي عنه مجهول‏.‏ وعن أبي سعيد الخدري بلفظ‏:‏ ‏"‏تعلموا الفرائض وعلموها الناس‏"‏ أخرجه الدارقطني من طريق عطية وهو ضعيف، قال ابن الصلاح‏:‏ لفظ النصف في هذا الحديث بمعنى أحد القسمين وإن لم يتساويا‏.‏ وقال ابن عيينة إذا سئل‏:‏ عن ذلك إنه يبتلي به كل الناس‏.‏ وقال غيره‏:‏ لأن لهم حالتين حالة حياة وحالة موت، والفرائض تتعلق بأحكام الموت انتهى ما في الفتح ملخصاً‏.‏

قلت‏:‏ قوله ولفظه عند الترمذي من حديث أبي هريرة‏:‏ تعلموا الفرائض الخ فيه أن هذا ليس لفظ حديث أبي هريرة المذكور في الباب، نعم رواه ابن ماجة والحاكم والدارقطني عنه بنحو هذا اللفظ كما ذكره الحافظ في التلخيص‏.‏

1390- باب ما جاءَ في مِيرَاثِ البَنَات

2111- حَدّثنا عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ، حدثني زَكَرِيّا بنُ عَدِيّ، أخبرنا عُبَيْدُ الله بنُ عَمْرٍو عن عَبْدِ الله بنِ محمدِ بنِ عَقِيلٍ عن جَابِرِ بنِ عَبْدِ الله قالَ‏:‏ ‏"‏جَاءَتْ امْرَأَةُ سَعْدِ بنِ الرّبِيعِ بابْنَتَيْهَا مِنْ سَعْدٍ إِلى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فقالتْ‏:‏ يا رسولَ الله هَاتَانِ ابْنَتَا سَعْدِ بنِ الرّبِيعِ قُتِلَ أَبُوهُمَا مَعَكَ يَوْمَ أُحُدٍ شَهِيداً، وإِنّ عَمّهُمَا أَخَذَ مَالَهُمَا فَلَمْ يَدَعْ لَهُمَا مَالاً، ولاَ تُنْكَحَانِ إِلاّ وَلَهُمَا مَالٌ‏.‏ قالَ‏:‏ يَقْضِي الله في ذلكَ‏.‏ فَنَزَلَتْ آيَةُ المِيرَاثِ، فَبَعَثَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إِلَى عَمّهِمَا فقالَ‏:‏ أَعْطِ ابْنَتَيْ سَعْدٍ الثّلثَيْنِ وَأَعْطِ أُمّهُمَا الثّمُنَ وَمَا بَقِي فَهُوَ لَكَ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هذا حديثٌ صحيحٌ‏.‏ لا نَعْرِفُهُ إِلاّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الله بنِ محمدِ بنِ عَقِيلٍ‏.‏

وقد رَوَاهُ شَرِيكٌ أيضاً عن عَبْدِ الله بن محمد بنِ عَقِيلٍ‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏جاءت امرأة سعد بن الربيع‏)‏ بفتح الراء وكسر الموحدة أي الأنصاري الخزرجي وكان آخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين عبد الرحمن بن عوف، ودفن هو وخارجة بن زيد في قبر واحد، ذكره صاحب المشكاة ‏(‏قتل أبوهما معك‏)‏ أي مصاحباً لك‏.‏ قال في اللمعات، معك ظرف مستقر أي كانا معك لا ظرف لغو متعلق بقتل ‏(‏شهيداً‏)‏ تمييز ويجوز أن يكون حالاً مؤكدة لأن السابق في معنى الشهادة ‏(‏وأن عمهما أخذ مالهما‏)‏ أي على طريق الجاهلية في حرمان النساء من الميراث ‏(‏فلم يدع لهما مالاً‏)‏ أي ولم يترك عمهما لهما مالاً ينفق عليهما أو تجهزان به للزواج ‏(‏ولا تكحان‏)‏ أي لا تزوجان عادة أو غالباً أو مع العزة ‏(‏قال يقضي الله في ذلك‏)‏ أي يحكم به في القرآن ‏(‏فنزلت آية الميراث‏)‏ أي قوله تعالى ‏{‏يوصيكم الله في أولادكم‏}‏ ‏{‏وأعط أمهما الثمن‏}‏ وذلك لقوله تعالى ‏(‏فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم‏)‏ ‏(‏وما بقي فهو لك‏)‏ أي بالعصوبة، وهذا أول ميراث في الإسلام‏.‏ قال البيضاوي رحمه الله‏:‏ واختلف في البنتين فقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما‏:‏ حكمهما حكم الواحدة أي لا حكم الجماعة لأنه تعالى جعل الثلثين لما فوقهما، وقال الباقون حكمهما حكم ما فوقهما لأنه تعالى لما بين أن حظ الذكر مثل حظ الأنثيين، إذا كان معه أنثى وهو الثلثان اقتضى ذلك أن فرضهما الثلثان، ثم لما أوهم ذلك أن يزاد النصيب بزيادة العددرد ذلك الوهم بقوله ‏(‏فإن كن نساء فوق اثنتين‏)‏ ويؤيد ذلك أن البنت الواحدة لما استحقت الثلث مع أخيها فبالحرى أن تستحقه مع أخت مثلها وأن البنتين أمس رحماً من الأختين وقد فرض لهما الثلثين بقوله ‏(‏فلهما الثلثان مما ترك‏)‏ انتهى والحديث يوافق الجمهور ولعله لم يبلغ ابن عباس أو ما صح عنده‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن صحيح‏)‏ وأخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجة‏.‏

1391- باب ما جَاءَ في ميراثِ ابنة الابن مع ابنة الصّلْب

2112- حَدّثنا الْحَسَنُ بنُ عَرَفَةَ حدثنا يَزِيدُ بنُ هَارُونَ عن سُفْيَانَ الثّوْرِيّ عن أَبِي قَيْسٍ الأَوْدِيّ عن هُزيلِ بنِ شُرحَبِيل قالَ‏:‏ ‏"‏جَاءَ رَجُلٌ إِلى أَبِي مُوسَى وَسُلَيْمَانَ بنِ رَبِيعَةَ فَسَأَلَهُمَا عن ابْنَةٍ وَابْنَةِ ابْنٍ وَأُخْتٍ لأَبٍ وَأُمّ، فَقَالاَ‏:‏ للاِبْنَةِ النّصْفُ، وَللأُخْتِ مِنَ الأَبِ وَالأُمّ مَا بَقِيَ‏.‏ وَقَالاَ لَهُ‏:‏ انْطَلِقْ إِلَى عَبْدِ الله فَاسْأَلَهُ فإِنّهُ سَيُتَابِعُنَا، فَأَتَى عَبْدَ الله فَذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ وَأَخْبَرَهُ بِمَا قَالاَ‏.‏ قالَ عَبْدُ الله‏:‏ قَد ضَلَلْتُ إِذاً وَمَا أَنَا مِنَ المُهْتَديِنَ، وَلَكّنِ أَقْضِي فيها كما قَضَى رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم لِلإبْنَةِ النّصْفُ وَلإْبْنَةِ الابْنِ السّدُسُ تَكْمِلَةَ الثُلُثَيْنِ، وَلِلأُخْتِ مَا بقِيَ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ‏.‏ وأَبُو قَيْسٍ الأَوْدِيّ اسْمُهُ عَبْدُ الرحمنِ بنِ ثَرْوَانَ الكُوفِيّ‏.‏

وقد رَوَاهُ شُعْبَةُ عن أَبِي قَيْسٍ‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏جاء رجل إلى أبي موسى وسليمان بن ربيعة‏)‏ في رواية النسائي‏:‏ جاء رجل إلى أبي موسى الأشعري وهو الأمير وإلى سليمان بن ربيعة الباهلي‏.‏

قال الحافظ‏:‏ كانت هذه القصة في زمن عثمان رضي الله تعالى عنه لأنه هو الذي أمر أبا موسى على الكوفة‏.‏ وكان ابن مسعود قبل ذلك أميرها ثم عزل قبل ولاية أبي موسى عليها بمدة، قال وقد ذكروا أن سليمان المذكور كان على قضاء الكوفة ‏(‏فقالا للابنة النصف وللأخت من الأب والأم ما بقي‏)‏ يعني النصف الباقي لقوله تعالى ‏{‏إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك‏}‏ وفيه أن الولد يشمل البنت فكأنه غفل عن هذا أو أراد أن الولد مختص بالذكر أو قال للأخت النصف على جهة التعصيب، كذا في المرقاة ‏(‏إلى عبد الله‏)‏ أي ابن مسعود ‏(‏فإنه سيتابعنا‏)‏ أي يوافقنا ‏(‏قال عبد الله ضللت إذاً‏)‏ أي إن وافقتهما في هذا الجواب ‏(‏وما أنا من المهتدين‏)‏ أي حينئذ إلى الصواب ‏(‏ولكي أفضي فيها‏)‏ أي في المسألة ‏(‏تكملة الثلثين بالإضافة ونصبه على المفعول له أي لتكميل الثلثين‏)‏ وقال الطيبي رحمه الله‏:‏ ‏(‏إما مصدر مؤكد لأنك إذا أضفت السدس إلى النصف فقد كملته ثلثين، ويجوز أن يكون حالاً مؤكدة ‏(‏وللأخت ما بقي‏)‏ أي لكونها عصبة مع البنات، وبيانه أن حق البنات الثلثان كما تقدم، وأخذت الصبية الواحدة النصف لقوة القرابة، فبقي سدس من حق البنات فتأخذه بنات الابن واحدة كانت أو متعددة، وما بقي من التركة فلأولى عصبة، فبنات الابن من ذوات الفروض مع الواحدة من الصلبيات، كذا ذكره السيد في شرح الفرائض‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن صحيح‏)‏ وأخرجه البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجة والدارمي والطحاوي ‏(‏وأبو قيس الأودي اسمه عبد الرحمن بن ثروان‏)‏ بمثلثة مفتوحة وراء ساكنة، صدوق ربما خالف من السادسة، مات سنة عشرين ومائة‏.‏

1392- باب ما جاءَ في مِيرَاثِ الإِخْوَةِ من الأَبِ وَالأُم

2113- حَدّثنا بُنْدارٌ، أخبرنا يَزِيدُ بنُ هَارُونَ، أخبرنا سُفْيَانُ عن أَبِي إِسْحَاقَ عن الحَارِثِ عن عَلِيّ أَنّهُ قالَ‏:‏ ‏"‏إِنَكُمْ تَقْرَأُونَ هذِه الاَيةَ‏:‏ ‏{‏مِنْ بَعْدِ وَصِيّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ‏}‏ وَإِنّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَضَى بالدّيْنِ قَبْلَ الوَصِيّةِ، وأَنّ أَعْيَانَ بَنِي الأُمّ يَتَوَارَثُونَ دُونَ بنِي العَلاّتِ الرجُلُ يَرِثُ أَخَاهُ لأِبِيِه وَأُمّهِ دُونَ أَخِيِه لأَبِيِه‏"‏‏.‏

‏.‏‏.‏‏.‏- حدّثنا بُنْدَارٌ، أخبرنا يَزِيدُ بنُ هَارُونَ، أخبرنا زَكَرِيّا بنُ أَبِي زَائِدَةَ، عن أَبِي إِسْحَاقَ عن الحَارِثِ، عن عَلِيّ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِه‏.‏

2114- حدّثنا ابنُ أَبِي عُمَرَ، أخبرنا سُفْيَانُ أخبرنا أَبُو إِسْحَاق عن الحَارِثِ عن عَلِيّ قالَ‏:‏ ‏"‏قَضَى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أَنّ أَعْيَانَ بَنِي الأُمّ يَتَوَارَثُونَ دُونَ بَنِي العَلاّتِ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هذا حديثٌ لا نَعْرِفُهُ إِلاّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي إِسْحَاقَ عن الْحَارِثِ عن عَلِيّ‏.‏ وقد تَكَلّمَ بَعْضُ أَهْلِ العِلمِ في الحَارِثِ، وَالعَمَلُ على هذا الْحَدِيثِ عِنْدَ عَامة أَهْلِ العِلمِ‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ‏)‏ بكسر إن‏.‏ والواو للحال ‏(‏وأن أعيان بني الأم‏)‏ بفتح أن والواو للعطف، أي وقضى بأن أعيان بني الأم، والمراد من أعيان بني الأم الإخوة والأخوات لأب واحد وأم واحدة من عين الشيء وهو النفيس منه ‏(‏يرثون‏)‏ وفي بعض النسخ يتوارثون ‏(‏دون بني العلات‏)‏ وهم الإخوة لأب وأمهات شتى‏.‏ والمعنى أن بني الأعيان إذا اجتمعوا مع بني العلات فالميراث لبني الأعيان لقوة القرابة وازدواج الوصلة‏.‏ قال الطيبي‏:‏ قوله، ‏"‏إنكم تقرأون‏"‏ إخبار فيه معنى الاستفهام، يعني إنكم أتقرأون هذه الاَية هل تدرون معناها‏؟‏ فالوصية مقدمة على الدين في القراءة متأخرة عنه في القضاء، والاَخرة فيها مطلق يوهم التسوية، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بتقديم الدين عليها وقضى في الإخوة بالفرق انتهى ‏(‏الرجل يرث أخاه لأبيه وأمه دون أخيه لأبيه‏)‏ استيئناف كالتفسير لما قبله‏.‏ وذكر الحافظ هذا الحديث في التلخيص وفيه يرث الرجل أخوه لأبيه وأمه دون أخيه لأبيه وعزاه للترمذي وابن ماجة والحاكم‏.‏ فإن قلت‏:‏ إذا كان الدين مقدماً على الوصية فلم قدمت عليه في التنزيل‏؟‏ قلت‏:‏ اهتماماً بشأنها الكشاف لما كانت الوصية مشبهة بالميراث في كونها مأخوذة من غير عوض كان إخراجها مما يشق على الورثة ويتعاظم ولا تطيب أنفسهم بها، كان أداؤها مظنة للتفريط بخلاف الدين فإن نفوسهم مطمئنة إلى أدائه‏.‏ فلذلك قدمت على الدين بعثاً على وجوبها والمسارعة إلى إخراجها مع الدين، ولذلك جيء بكلمة أو للتسلية بينهما في الوجوب، قاله القاري‏.‏ قلت‏:‏ وسيأتي وجه تقديم الوصية على الدين في القراءة مفصلاً في باب يبدأ بالدين قبل الوصية‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أن أعيان بني الأم يتوارثون دون بني العلات‏)‏ تقدم شرحه آنفاً‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقد تكلم بعض أهل العلم في الحارث‏)‏ ذكر الحافظ كلامهم فيه في تهذيب التهذيب، وقال في التقريب‏:‏ الحارث بن عبد الله الأعور الهمداني الحوتي الكوفي أبو زهير صاحب علي كذبه الشعبي في رائه ورمي بالرفض وفي حديثه ضعف، وليس له عند النسائي سوى حديثين انتهى‏.‏ وقال في التلخيص بعد ذكر هذا الحديث‏:‏ أخرجه الترمذي وابن ماجة والحاكم من حديث الحارث عن علي والحارث فيه ضعف‏.‏ وقد قال الترمذي‏:‏ إنه لا يعرف إلا من حديثه لكن العمل عليه، وكان عالماً بالفرائض‏.‏ وقد قال النسائي لابأس به انتهى ‏(‏والعمل على هذا الحديث عند أهل العلم‏)‏ وفي بعض النسخ عند عامة أهل العلم‏.‏

1393- باب ميراث البنين مع البنات

كذا في بعض النسخ باب بغير ترجمة، ووقع في بعضها باب ميراث البنين مع البنات

2115- حَدّثنا عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ أخبرنا عَبْدُ الرحمنِ بنُ سَعْدٍ، أخبرنا عَمْرُو بنُ أَبِي قَيْسٍ، عن محمدِ بنِ المُنْكَدِرِ، عن جَابِرِ بنِ عَبْدِ الله قالَ‏:‏ ‏"‏جَاءَنِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَعُودُنِي وَأَنَا مَرِيضٌ في بَنِي سَلَمَةَ، فَقلت‏:‏ يَا نَبيّ الله كَيْفَ أَقْسِمُ مَالِي بَيْنَ وَلَدِي‏؟‏ فَلَمْ يَرُدّ عَلَيّ شَيْئَاً فَنَزَلَتْ‏:‏ ‏{‏يُوصِيكُمْ الله فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذّكَرِ مِثْلُ حَظّ الأُنْثَيَيْنِ‏}‏ الاَيَة‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ‏.‏ وقد رَوَاهُ شعبة وابنُ عُيَيْنَةَ وَغَيْرُهُ عن محمدِ بنِ المُنْكَدِر عن جَابِرٍ رضي الله عنه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا عبد الرحمن بن سعد‏)‏ هو عبد الرحمن بن عبد الله بن سعد ابن عثمان الدشتكي أبو محمد الرازي المقري ثقة من العاشرة ‏(‏حدثنا عمرو بن أبي قيس‏)‏ الرازي الوزوق كوفي نزل الزي صدوق له أوهام من الثامنة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وأنا مريض في بني سلمة‏)‏ بفتح المهملة وكسر اللام هم قوم جابر وهم بطن من الخزرج ‏(‏بين ولدي‏)‏ كذا وقع في رواية الاَتية‏.‏ ولا في رواية الترمذي هذه بزيادة لفظ بين ولدي، ولم يقع هذا اللفظ في الرواية واحد من بقية الأئمة الستة بل وقع في بعض طرق حديث جابر المذكور في الصحيحين‏:‏ فقلت يا رسول الله إنما يرثني كلالة، ووقع في رواية للبخاري‏:‏ إنما لي أخوات، فبين رواية الترمذي هذه وهذه الروايات مخالفة ظاهرة في الصحيح فهو مقدم ‏(‏فلم يرد على شيئاً فنزلت ‏{‏يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين الاَية‏}‏ وفي الرواية الاَتية فلم يجيني شيثاً وكان له تسع أخوات حتى نزلت آية الميراث ‏{‏يستفتونك قل الله يفتيكم‏}‏ الخ‏:‏ قال ابن العربي بعد أن ذكر الروايتين في إحداهما فنزلت ‏(‏يستفتونك‏)‏ وفي أخرى آية المواريث هذا تعارض لم يتفق بيانه إلى الاَن ثم أشار إلى ترجيح آية المواريث وتوهيم يستفتونك قال الحافظ‏:‏ ويظهر أن يقال إن كلا من الاَيتين لما كان فيها ذكر الكلالة نزلت في ذلك لكن الاَية الأولى لما كانت الكلالة فيها خاصة بميراث الإخوة من الأم كما كان ابن مسعود يقرأ ‏(‏وله أخ أو أخت من أم‏)‏ وكذا قرأ سعد بن أبي وقاص، أخرجه البيهقي بسند صحيح استفتوا عن ميراث غيرهم من الإخوة فنزلت الأخيرة، فيصبح أن كلا من الاَيتين نزل في قصة جابر لكن المتعلق به من الاَية الأولى ما يتعلق بالكلالة وأما سبب نزول أولها فورد من حديث جابر أيضاً في قصة ابنتي سعد بن الربيع ومنع عمهما أن ترثا من أبيهما فنزلت ‏"‏يوصيكم الله‏"‏ الاَية انتهى‏.‏

1394- باب مِيرَاثِ الأَخَوَات

سقط هذا الباب من بعض النسخ

2116- حَدّثنا الفَضْلُ بنُ الصّبَاحِ البَغْدَادِيّ، حدثنا سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، أخبرنا محمدُ بنُ المَنْكَدِرِ، سَمِعَ جَابِرَ بنَ عَبْدِ الله يقولَ‏:‏ ‏"‏مَرِضْتُ فَأَتَاني رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَعُودُنِي، فَوَجَدَنِي قَدْ أُغْمِيَ عَلَيّ، فَأَتَانِي وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وعمر وَهُمَا مَاشِيَانِ، فَتَوَضّأَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فَصَبّ عَلَيّ مِنْ وَضُوئِهِ، فَأَفَقْتُ‏.‏ فَقلت‏:‏ يا رسولَ الله كَيْفَ أَقْضِي في مَالِي‏؟‏ أَوْ كَيْفَ أَصْنَعُ في مَالِي‏؟‏ فَلَمْ يُجِبْنِي شيئاً، وكانَ له تِسْعُ أَخَوَاتٍ حتى نَزَلَتْ آيَةُ المِيرَاثِ ‏{‏يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ الله يُفْتِيكُمْ فِي الكَلاَلَةِ‏}‏ الاَيَة‏.‏

قالَ جَابِرٌ فِيّ نَزَلَتْ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قد أغمي‏)‏ بصيغة المجهول ‏(‏عليّ‏)‏ بتشديد الياء‏.‏ قال في النهاية‏:‏ أغمي على المريض غشي عليه كأن المرض ستر عقله وغطاه انتهى‏.‏ وقال الكرماني‏:‏ الإغماء والغشى بمعنى واحد‏.‏ قال العيني‏:‏ وليس كذلك، فإن الغشي مرض يحصل من طول التعب وهو أخف من الإغماء، والفرق بينه وبين الجنون والنوم أن العقل يكون في الإغماء مغلوباً وفي الجنون يكون مسلوباً وفي النوم يكون مستوراً انتهى ‏(‏فصب علي من وضوئه‏)‏ بفتح الواو‏.‏ وقال الحافظ‏:‏ يحتمل أن يكون المراد صب علي بعض الماء الذي توضأ به أو مما بقي منه، والأول المراد فللمصنف يعني البخاري في الاعتصام‏:‏ ثم صب وضوئه علي، ولأبي داود‏:‏ فتوضأ وصبه علي انتهى ‏(‏فأفقت‏)‏ أي من إغمائي ‏(‏يستفتونك‏)‏ أي يستخبرونك في الكلالة، والاستفتاء طلب الفتوى ‏(‏قل الله يفتيكم في الكلالة‏)‏ قال الجزري في النهاية‏:‏ قد تكرر في الحديث ذكر الكلالة وهو أن يموت الرجل ولا يدع والداً ولا ولداً يرثانه، وأصله من تكلله النسب إذا أحاط به، وقيل الكلالة الوارثون الذين ليس فيهم ولد ولا والد، فهو واقع على الميت وعلى الوارث بهذا الشرط، وقيل الأب والابن طرفان للرجل، فإذا مات ولم يخلفهما فقد مات عن ذهاب طرفيه فسمي ذهاب الطرفين كلالة‏.‏ وقيل كل ما احتف بالشيء من جوانبه فهو إكليل وبه سميت لأن الوراث يحيطون به من جوانبه انتهى‏.‏ وقال القسطلاني‏:‏ الكلالة الميت الذي لا ولد له ولا والد، وهو قول جمهور اللغويين، وقال به علي وابن مسعود أو الذي لا والد له فقط، وهو قول عمر، أو الذي لا ولد له فقط‏.‏ وهو قول بعضهم، أو من لا يرثه أب ولا أم‏.‏ وعلى هذه الأقوال فالكلالة إسم للميت، وقيل الكلالة اسم للورثة ما عدا الأبوين والولد، قاله قطرب، واختاره أبو بكر رضي الله تعالى عنه، وسموا بذلك لأن الميت بذهاب طرفيه تكلله الورثة أي أحاطوا به من جميع جهاته انتهى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن صحيح‏)‏ وأخرجه البخاري في الطهارة وفي التفسير وفي الطب وفي الفرائض وفي الإعتصام، ومسلم وأبو داود وابن ماجة في الفرائض، والنسائي فيه وفي الطهارة وفي التفسير وفي الطب، وأخرجه الترمذي أيضاً في التفسير‏.‏

1395- باب في مِيرَاثِ العَصَبَة

2117- حَدّثنا عَبْدُ الله بنُ عَبْدِ الرحمنِ، أخبرنا مُسْلِمُ بنُ إبراهيمَ، حدثنا وُهَيْبٌ حدثنا ابنُ طَاوسٍ عن أَبيِه عن ابنِ عَبّاسٍ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قالَ‏:‏ ‏"‏أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فَمَا بَقِيَ فَهُوَ لأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ‏"‏‏.‏

2118- حدّثنا عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ، أخبرنا عَبْدُ الرّزّاقِ عن مَعمَرٍ عن ابنِ طَاوسٍ، عن أَبِيِه عن ابنِ عَبّاسٍ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هذا حديثٌ حَسنٌ‏.‏ وقد رَوَى بَعْضُهُم عن إبن طاوسٍ عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ألحقوا‏)‏ بفتح همزة وكسر حاء أي أوصلوا ‏(‏الفرائض‏)‏ أي الحصص المقدرة في كتاب الله تعالى من تركة الميت وهي النصف والربع والثمن والثلثان والثلث والسدس ‏(‏بأهلها‏)‏ أي المبينة في الكتاب والسنة ‏(‏فما بقي‏)‏ بكسر القاف أي فما فضل بينهم من المال ‏(‏فهو لأولى رجل‏)‏ أي لأقرب رجل من الميت ‏(‏ذكر‏)‏ تأكيد أو احتراز من الخنثى، وقيل أي صغير أو كبير‏.‏ وفي شرح مسلم للنووي‏:‏ قال العلماء‏:‏ المراد بالأولى الأقرب مأخوذ من الولي بإسكان اللام على وزن الرمي وهو القرب، وليس المراد بأولى هنا أحق بخلاف قولهم الرجل أولى بماله لأنه لو حمل هنا على أحق لخلا عن الفائدة لأنا لا ندري من هو الأحق ووصف الرجل بالذكر تنبيهاً على سبب استحقاقه وهي الذكورة التي هي سبب العصوبة وسبب الترجيح في الأرث، ولهذا جعل للذكر مثل حظ الأنثيين، وحكمته أن الرجال تلحقهم مؤن كثيرة بالقيام بالعيال والضيفان وإرفاد القاصدين ومواساة السائلين وتحمل الغرامات وغير ذلك، وقد أجمعوا على أن ما بقي بعد الفروض فهو للعصبات يقدم الأقرب فالأقرب، فلا يرث عاصب بعيد مع وجود قريب‏.‏ فإذا خلف بنتاً وأخاً وعماً فللبنت النصف فرضاً والباقي للأخ ولا شيء للعم‏.‏ وجملة عصبات النسب الابن والأب ومن يدلى بهما ويقدم منهم الأبناء ثم بنوهم وإن سفلوا، ثم الأب ثم الجد ثم الإخوة لأبوين أو لأب وهم في درجة‏.‏ في شرح السنة‏:‏ فيه دليل على أن بعض الورثة يحجب البعض، والحجب نوعان‏:‏ حجب نقصان، وحجب حرمان‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن‏)‏ بل هو صحيح فإنه أخرجه الشيخان ‏(‏وقد روى بعضهم عن ابن طاؤس عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل‏)‏ قال الحافظ في الفتح‏:‏ قيل تفرد وهيب بوصله، ورواه النوري عن ابن طاؤس لم يذكر أبن عباس بل أرسله‏.‏ أخرجه النسائي والطحاوي، وأشار النسائي إلى ترجيح الإرسال ورجح عند صاحبي الصحيح الموصول لمتابعة روح بن القاسم وهيباً عندهما، ويحيى بن أيوب عند مسلم، وزياد بن سعد وصالح عند الدارقطني، واختلف على معمر فرواه عبد الرزاق عنه موصولاً‏.‏ أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي وإبن ماجة، ورواه عبد الله بن المبارك عن معمر والثوري جميعاً مرسلاً أخرجه الطحاوي، ويحتمل أن يكون حمل رواية معمر على رواية الثوري وإنما صححاه لأن الثوري وإن كان أحفظ منهم لكن العدد الكثير يقاومه، وإذا تعارض الوصل والأرسال ولم يرجح أحد الطريقين قدم الوصل انتهى‏.‏

1396- باب مَا جَاءَ في مِيرَاثِ الجَد

2119- حَدّثنا الْحَسَنُ بنُ عَرَفَةَ، حدثنا يَزِيدُ بنُ هَارُونَ عن هَمّامِ بنِ يَحْيَى عن قَتَادَةَ عن الحَسَنِ عن عِمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ قالَ‏:‏ ‏"‏جَاءَ رَجُلٌ إِلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ‏:‏ إِنّ ابْنِي مَاتَ فَمَالِي مِنْ ميراثِهِ‏؟‏ فَقَالَ‏:‏ لَكَ السّدُسُ، فلما وَلّى دعَاهُ فقالَ‏:‏ لَكَ سُدُسٌ آخر، فلمّا وَلىّ دَعَاهُ قالَ‏:‏ إنّ السّدُسَ الاَخَر لَك طُعْمَةٌ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ‏.‏ وفي البابِ عن مَعْقِلِ بن يَسَارٍ‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقال إن ابن ابني مات فمالي من ميراثه‏)‏ أي وله بنتان ولهما الثلثان وكان معلوماً عندهم ‏(‏قال لك السدس‏)‏ أي بالفرضية ‏(‏يقال لك سدس آخر‏)‏ أي بالعصوبة ‏(‏قال إن السدس الأخر‏)‏ قال القاري في شرح المشكاة‏:‏ بكسر الخاء وفي نسخة يعني من المشكاة بالفتح، والمراد به الاَخر بالكسر ‏(‏لك طعمة‏)‏ يعني رزق لك بسبب عدم كثرة أصحاب الفروض وليس بفرض لك‏.‏ فإنهم إن كثروا لم يبق هذا السدس الأخير لك قال الطيبي‏:‏ صورة هذه المسألة أن الميت ترك بنتين وهذا السائل فلهما الثلثان فبقي الثلث، فدفع عليه الصلاة والسلام إلى السائل سدساً بالفرض لأنه جد الميت وتركه حتى ذهب فدعاه ودفع إليه السدس الأخير كيلا يظن أن فرضه للثلث‏.‏ ومعنى الطعمة هنا التعصيب، أي رزق لك ليس بفرض، وإنما قال في السدس الاَخر طعمة دون الأول لأنه فرض، والفرض لا يتغير بخلاف التعصيب، فلما لم يكن التعصيب شيئاً مستقراً ثابتاً، اسماه طعمة انتهى‏.‏ اعلم أنه قد اختلف الصحابة في الجد اختلافاً طويلاً ذكره الحافظ في الفتح والتلخيص والقاضي الشوكاني في النيل، فإن شئت الوقوف على ذلك فارجع إلى هذه الكتب‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث صحيح حسن‏)‏ وأخرجه أحمد وأبو داود والنسائي‏.‏ قال المنذري في لتلخيص السنن بعد نقل كلام الترمذي هذا‏:‏ وقد قال علي بن المديني وأبو حاتم الرازي وغيرهما إن الحسن لم يسمع من عمران بن حصين انتهى‏.‏ قلت‏:‏ قد أسند ابن أبي حاتم في كتابه المراسيل عن هؤلاء الأئمة أن الحسن لم يسمع من عمران بن حصين شيئاً‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وفي الباب عن معقل بن يسار‏)‏ أخرجه أحمد عن الحسن أن عمر سأل عن فريضة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجد فقام معقل بن يسار المزني فقال قضى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال ماذا‏:‏ قال السدس‏.‏ قال مع من‏؟‏ قال لا أدري، قال لادريت فما تغني إذن، وأخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة ولكنه منقطع لأن الحسن البصري لم يدرك السماع من عمر، فإنه ولد في سنة إحدى وعشرين وقتل عمر في سنة ثلاث وعشرين وقيل سنة أربع وعشرين، وذكر أبو حاتم الرازي أنه لم يصح للحسن سماع من معقل بن يسار‏.‏

1397- باب ما جَاءَ في مِيرَاثِ الْجَدّة

2120- حَدّثنا ابنُ أَبِي عُمَرَ، حدثنا سُفْيَانُ، حدثنا الزّهْرِيّ قالَ مَرّةً‏:‏ قَالَ قَبِيصَةُ وَقَالَ مَرّةً عن رَجُلٍ عن قَبِيصَةَ بنِ ذَوَيْبٍ قالَ‏:‏ ‏"‏جَاءَتْ الجَدّةُ أُمّ الأُمّ أَوْ أُمّ الأَبِ إِلى أبي بَكْرٍ‏:‏ فَقَالَتْ إِنّ ابْنَ ابْنِي أَوْ أَنّ ابْنَ ابْنَتِي مَاتَ، وَقَد أُخْبِرْتُ أَنّ لِي في الكِتَابِ حَقّاً، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ مَا أَجِدُ لَكِ في الكِتَابِ مِنْ حَقَ، وَمَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم قَضَى لَكِ بِشَيْءٍ‏.‏ وَسَأَسْأَلُ النّاسَ، فَشَهِدَ المُغِيرَةُ بنُ شُعْبَةَ أَنّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم أَعْطَاهَا السّدُسَ‏.‏ قالَ وَمَنْ سَمِعَ ذَلكَ مَعَكَ‏؟‏ قالَ‏:‏ محمدُ بنُ مَسْلَمَةَ‏.‏ قالَ‏:‏ فَأَعْطَاهَا السّدُسَ‏.‏ ثُمّ جَاءَتْ الْجَدّةُ الأخْرَى التي تُخَالِفُهَا إِلَى عُمَر، قَالَ سُفْيَانُ‏:‏ وَزَادَنِي فِيه مَعْمَرٌ عن الزّهْرِيّ، وَلمْ أَحْفَظْهُ عن الزّهْرِيّ، وَلَكِنْ حَفِظْتُهُ مِنْ مَعْمَرٍ أَنّ عُمَر قالَ‏:‏ إِن اجْتَمَعْتُمَا فَهُوَ لَكُمَا وَأَيّتُكُمَا انْفَرَدَتْ بِهِ فَهُوَ لَهَا‏"‏‏.‏

2121- حدّثنا الأَنْصَارِيّ، حدثنا مَعْنٌ، حدثنا مَالِكٌ عن ابنِ شِهَابٍ عن عُثْمَانَ بنِ إِسْحَاقَ بن خَرْشَةَ عن قَبِيصَةَ بنِ ذُؤَيْبٍ قالَ‏:‏ ‏"‏جَاءَتْ الْجَدّةُ إِلى أَبِي بَكْرٍ فَسَأَلَتْهُ مِيْرَاثَهَا، قَالَ لَهَا‏:‏ مَا لَكِ في كِتَابِ الله شَيْءٌ، وَمَا لَكِ في سُنّةِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم شَيْءٌ فَارِجْعِي حتى أَسْأَلَ النّاسَ، فَسَأَلَ النّاسَ، فَقَالَ المُغِيرَةُ بنُ شُعْبَةَ‏:‏ حَضَرْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم أَعْطَاهَا السّدُسَ، فَقَالَ هَلْ مَعَكِ غَيْرُكِ‏؟‏ فَقَامَ محمدُ بنُ مَسْلَمَةَ فَقَالَ مِثْلَ مَا قَالَ المُغِيرَةُ بنُ شُعْبَةَ، فَأَنْفَذَهُ لَهَا أَبُو بَكْرٍ‏.‏ قالَ‏:‏ ثُمّ جَاءَتْ الجَدّةُ الأُخْرَى إلى عُمَرَ بنِ الْخَطّابِ فَسَأَلَتْهُ مِيرَاثَهَا، فَقَالَ‏:‏ مَا لَكِ في كِتَابِ الله شَيْءٌ وَلَكِنْ هُوَ ذَلِكِ السّدُسَ، فإِنْ اجْتَمَعْتُمَا فِيِه فَهُوَ بَيْنَكُمَا، وَأَيّتُكُمَا خَلَتْ بِهِ فَهُوَ لَهَا‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ وفي البابِ عن بَريدة‏.‏

وهذا حديث حسنُ وَهُوَ أَصَحّ مِنْ حَدِيثِ ابنِ عُيَيْنَةَ‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا سفيان‏)‏ هو ابن عيينة ‏(‏قال قبيصة بن ذويب‏)‏ قال في التقريب‏:‏ قبيصة بن ذويب بالمعجمة مصغر ابن حلحة الخزاعي أبو سعيد أو أبي إسحاق المدني نزيل دمشق من أولاد الصحابة وله رؤية مات سنة بضع وثمانين‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏جاء الجدة أم الأم أو أم الأب‏)‏ شك من الراوي، وقد ذكر القاضي حسين أم الجدة التي جاءت إلى الصديق أم الأم، وأن التي جاءت إلى عمر أم الأب، وفي رواية ابن ماجة ما يدل له كذا في التلخيص ‏(‏ما أجد لك في الكتاب‏)‏ أي في كتاب الله ‏(‏ثم جاءت التي تخالفها‏)‏ وفي نسخة‏:‏ الجدة الأخرى، وفي رواية ابن ماجة‏:‏ ثم جاءت الجدة الأخرى من قبل الأب إلى عمر تسأله ميراثها‏.‏ ‏(‏وأيتكما انفردت به‏)‏ أي انفردت بالسدس، وكان ذلك بمحضر من الصحابة ولم ينكر عليه أحد فكان إجماعاً‏.‏ قال الطيبي رحمه الله‏:‏ فإن اجتمعتما الخ بيان للمسألة والخطاب في فإن اجتمعتما وأيتكما، للجنس، لا يختص بهاتين الجدتين‏.‏ فالصديق إنما حكم بالسدس لها لأنه ما وقف على الشركة، والفاروق لما وقف على الاجتماع حكم بالاشتراك كذا في المرقاة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن عثمان بن إسحاق بن خرشة‏)‏ قال في التقريب عثمان بن إسحاق بن خرشة بمعجمتين بينهما راء مفتوحات القرشي العامري المدني، وثقه الدوري في رواية ابن معين من الخامسة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏مالك في كتاب الله‏)‏ أي في كلامه ‏(‏ومالك في سنة رسول الله‏)‏ أي في حديثه ‏(‏فقام محمد بن مسلمة‏)‏ بفتح فسكون ‏(‏فأنفذه لها‏)‏ أي فأنفذ الحكم بالسدس للجدة وأعطاه إياها ‏(‏ثم جاءت الجدة الأخرى‏)‏ أي من قبل الأب كما في رواية ابن ماجة ‏(‏ولكن هو ذلك‏)‏ قال القاري بكسر الكاف، وفي نسخة يعني من المشكاة بالفتح على خطاب العام ‏(‏السدس‏)‏ صفة ذلك أو عطف بيان له، أي ميراثك ذلك السدس بعينه تقسمانه بينكما ‏(‏فإن اجتمعتما‏)‏ وهذا تصريح بما علم ضمناً وتوضيح لمنطوق ما فهم مفهوماً، والخطاب للجدة من طرف الأم والجدة من طرف الأب ‏(‏وأيتكما خلت به‏)‏ أي انفردت بالسدس‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن صحيح‏)‏ قال الحافظ في التلخيص بعد ذكر هذا الحديث‏:‏ أخرجه مالك وأحمد وأصحاب السنن وابن حبان والحاكم من هذا الوجه وإسناد صحيح لثقة رجاله إلا أن صورته مرسل، فإن قبيصة لا يصح له سماع من الصديق ولا يمكن شهوده للقصة، قاله ابن عبد البر بمعناه‏.‏ وقد اختلف في مولده والصحيح أنه ولد عام الفتح فيبعد شهوده القصة، وقد أعله عبد الحق تبعاً لإبن حزم بالانقطاع‏.‏ وقال الدارقطني في العلل بعد أن ذكر الاختلاف فيه عن الزهري‏:‏ يشبه أن يكون الصواب قول مالك ومن تابعه انتهى ‏(‏وهو أصح من حديث ابن عيينة‏)‏ لأن مالكاً أتقن وأثبت من سفيان بن عيينة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وفي الباب عن بريدة‏)‏ أخرجه أبو داود والنسائي عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل للجدة السدس إذا لم تكن دونها أم وفي إسناده عبيد الله العتكي مختلف فيه وصححه ابن السكن‏.‏

1398- باب ما جاءَ في مِيرَاثِ الجَدّةِ مَعَ ابْنِها

2122- حَدّثنا الحَسَنُ بنُ عَرَفَةَ أخبرنا يَزِيدُ بنُ هَارُونَ عن محمدِ بنِ سَالِمٍ عن الشّعْبِيّ عن مَسْرُوقٍ عن عَبْدِ الله بنِ مَسْعُودٍ‏:‏ قالَ في الْجَدّةِ مَعَ ابْنِهَا‏:‏ ‏"‏إِنّهَا أَوّلُ جَدّةٍ أَطْعَمَهَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم سُدُسَاً مَعَ ابنِهَا وَابْنُهَا حَيٌ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هذا حديثٌ لا نَعْرِفُهُ مَرْفُوعاً إِلاّ مِنْ هذا الوَجْهِ‏.‏

وقَدْ وَرّثَ بَعْضَ أَصْحَابِ النبيّ صلى الله عليه وسلم الْجَدّةَ مَعَ ابْنِهَا، وَلَمْ يُوَرّثْهَا بَعْضُهُمْ‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أطعمها رسول الله صلى الله عليه وسلم سدساً‏)‏ أي أعطاها تبرعاً‏.‏ قاله الطيبي رحمه الله‏:‏ قوله إنها أول جدة مقول القول والضمير راجع إلى الجدة المذكورة في المسألة، أي قال ابن مسعود في مسألة الجدة مع الابن هذا القول‏.‏ قال المظهر‏:‏ يعني أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم أم أبي الميت سدساً مع وجود أبي الميت مع أنه لا ميراث لها معه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث لا نعرفه مرفوعاً إلا من هذا الوجه‏)‏ في سنده محمد بن سالم الهمداني، أبو سهل الكوفي وهو ضعيف‏:‏ والحديث أخرجه أيضاً الدارمي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقد ورث بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الجدة مع ابنها ولم يورثها بعضهم‏)‏ قال في اللمعات‏:‏ اعلم أن الجدات سواء كانت أبويات أو أميات يسقطن بالأم‏.‏ أما الأميات فلوجود إدلائها الأمومة واتحاد السبب الذي هو الأمومة، وأما الأبويات فلاتحاد السبب مع زيادة القربى وتسقط الأبويات دون الأميات بالأب أيضاً، وهو قول عثمان وعلي وزيد بن ثابت وغيرهم‏.‏ ونقل عن عمر وابن مسعود وأبي موسى الأشعري أن أم الأب ترث مع الأب، واختاره شريح والحسن وابن سيرين لهذا الحديث، وقيل الجدة ليس لها ميراث والذي أعطاها رسول الله صلى الله عليه وسلم طعمة أطعمها، ولم يكن ميراثاً كما يشعر به لفظ الحديث‏.‏ وأقربهن وأبعدهن في ذلك سواء انتهى‏.‏

1399- باب ما جاءَ في مِيرَاثِ الخَال

2123- حَدّثنا بُنْدَارٌ، أخبرنا أَبُو أَحمد الزّبَيْرِيّ، حدثنا سُفْيَانُ عن عَبْدِ الرحمنِ بن الْحَارِثِ عن حَكِيمِ بنِ حَكِيمِ بنِ عَبّادِ بنِ حُنَيْفٍ عن أَبِي أُمَامَةَ بنِ سَهْلِ بنِ حُنَيْفٍ قالَ‏:‏ ‏"‏كَتَبَ مَعِي عُمَرُ بنُ الْخَطّابِ إِلى أَبِي عُبَيْدَةَ أَنّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ‏:‏ الله ورسولُهُ مَوْلَى مَنْ لاَ مَوْلَى لَهُ، وَالْخَالُ وَارِثُ مَن لاَ وَارِثَ لَهُ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ وفي البابِ عن عَائِشَةَ وَالمِقْدَامِ بنِ مَعْدِ يكَرِبٍ وهذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ‏.‏

2124- أخبرنا إسحاقُ بنُ مَنْصُورٍ، أخبرنا أَبُو عَاصِمٍ، عن ابنِ جُرَيْجٍ عن عَمْرِو بنِ مُسْلِمٍ عن طَاوسٍ عن عَائِشَةَ قالَتْ‏:‏ ‏"‏قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم- الْخَالُ وَارِثُ مَنْ لاَ وَارِثَ لَهُ‏"‏‏.‏

وهذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ وقد أَرْسَلَهُ بَعْضُهُمْ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيِه عن عَائِشَةَ‏.‏

واخْتَلَفَ فِيِه أَصْحَابُ النبيّ صلى الله عليه وسلم فَوَرّثَ بَعْضُهُمْ الْخَال وَالْخَالَةَ وَالَعَمّةَ‏:‏ وإلى هذا الْحَدِيثِ ذَهَبَ أكْثَرُ أَهْلِ العِلمِ في تَوْرِيثِ ذَوِي الأَرْحَامِ وَأَمّا زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ فَلَمْ يُوَرّثْهُمْ وجَعَلَ المِيرَاثَ فِي بَيْتِ الْمَالِ‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا سفيان‏)‏ هو الثوري ‏(‏عن حكيم بن حكيم بن عباد بن حنيف‏)‏ بضم الحاء المهملة وفتح النون وسكون الياء، وبالفاء الأنصاري الأوسي، صدوق من الخامسة ‏(‏قال كتب معي‏)‏ وفي رواية عن أبي أمامة أن رجلاً رمى رجلاً بسهم فقتله وليس له وارث إلا خال فكتب في ذلك أبو عبيدة بن الجراح إلى عمر، فكتب عمر أي في جوابه ‏(‏أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ الله ورسوله مولى من لا مولى له‏)‏ وفي حديث المقدام بن معد يكرب الذي أشار إليه الترمذي أنا مولى من لا مولى له أرث ماله وأفك عانه ‏(‏والخال وارث من لا وارث له‏)‏ أي إن مات ابن أخته ولم يخلط غير خاله فهو يرثه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وفي الباب عن عائشة والمقدام بن معد يكرب‏)‏ أما حديث عائشة فأخرجه الترمذي بعد هذا وأما حديث المقدام فأخرجه أبو داود عنه مرفوعاً‏:‏ أنا أولى بكل مؤمن من نفسه، فمن ترك ديناً أو ضيعة فإلي، ومن ترك مالاً فلورثته، وأنا مولى من لا مولى له أرث ماله وأفك عانه، والخال مولى من لا مولى له يرث ماله ويفك عانيه‏.‏ وفي رواية له‏:‏ أنا وارث من لا وارث له أفك عنيه، وأرث ماله، والخال وارث من لا وارث له يفك عنيه ويرث ماله‏.‏ والحديث سكت عنه أبو داود والمنذري وأخرجه أيضاً أحمد والنسائي وابن ماجة والحاكم وابن حبان وصححاه، وحسنه أبو زرعة الرازي وأعله البيهقي بالاضطراب‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن‏)‏ وأخرحه أحمد وابن ماجة، وذكره الحافظ في التلخيص ولم يتكلم عليه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أخبرنا أبو عاصم‏)‏ اسمه الضحاك بن مخلد بن الضحاك بن مسلم الشيباني أبو عاصم النبيل البصري ثقة ثبت من التاسعة ‏(‏عن ابن جريج‏)‏ هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج الأموي مولاهم المكي ثقة فقيه فاضل، وكان يدلس ويرسل من السادسة ‏(‏عن عمرو بن مسلم‏)‏ الجندي اليماني صدوق له أوهام من السادسة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏الخال وارث من لا وارث له‏)‏ فيه دليل لمن قال بتوريث ذوي الأرحام وهو القول الراجح، وقد تعسف القاضي أبو بكر ابن العربي في الجواب عن هذا الحديث فقال المراد بالخال السلطان‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن غريب‏)‏ وأخرجه النسائي والدارقطني وأعله النسائي بالاضطراب، ورجح الدارقطني والبيهقي وقفه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏واختلف فيه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فورث بعضهم الخال والخالة والعمة‏.‏ وإلى هذا الحديث ذهب أكثر أهل العلم في توريث ذوي الأرحام الخ‏)‏ إعلم أن ذا الرحم هو كل قريب ليس بذي فرض ولا عصبة، فأكثر الصحابة كعمر وعلي وابن مسعود وأبي عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل وأبي الدرداء وابن عباس في رواية عنه مشهورة وغيرهم يرون توريث ذوي الأرحام، وتابعهم في ذلك من التابعين‏:‏ علقمة والنخعي وشريح والحسن وابن سيرين وعطاء ومجاهد، وبه قال أبو حنيفة رحمه الله وأبو يوسف رحمه الله ومحمد رحمه الله وزفر ومن تابعهم‏.‏ وقال زيد بن ثابت وابن عباس في رواية شاذة‏:‏ لا ميراث لذوي الأرحام، ويوضع المال عند عدم صاحب الفرض والعصبة في بيت المال، وتابعهما في ذلك من التابعين سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير، وبه قال مالك والشافعي، كذا في المرقاة‏.‏ وقال الشوكاني في النيل‏:‏ احتج الأولون بأحاديث الباب وبعموم قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض‏}‏، وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون‏}‏ ولفظ الرجال والنساء والأقربين يشملهم‏.‏ والدليل على مدعي التخصيص‏.‏ وأجاب الاَخرون عن ذلك فقالوا‏:‏ عمومات الكتاب محتملة وبعضها منسوخ، والأحاديث فيها ما تقدم من المقال ويجاب عن ذلك بأن دعوى الاحتمال إن كانت لأجل العموم فليس ذلك مما يقدح في الدليل، وإلا استلزم إبطال الاستدلال بكل دليل عام وهو باطل وإن كانت لأمر آخر فما هو‏؟‏ وأما الاعتذار عن أحاديث الباب بما فيها من المقال فقد عرفت من صححها من الأئمة ومن حسنها، ولا شك في انتهاض مجموعها للاستدلال إن لم ينتهض الإفراد‏.‏ ومن جملة ما استدلوا به على إبطال ميراث ذوي الأرحام حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ سألت الله عز وجل عن ميراث العمة والخالة فسارني أن لا ميراث لهما، أخرجه أبو داود في المراسيل، والدارقطني من طريق الدراوردي عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار مرسلاً، وأخرجه النسائي من مرسل زيد بن أسلم‏.‏ ويجاب بأن المرسل لا تقوم به الحجة، ولها طرق موصولة ذكرها الحافظ في التلخيص والشوكاني في النيل وكلها ضعيفة‏.‏

قال الشوكاني بعد ذكرها‏:‏ وكل هذه الطرق لا تقوم بها حجة، وعلى فرض صلاحيتها للاحتجاج فهي واردة في الخالة والعمة فغايته أنه لا ميراث لهما، وذلك لا يستلزم إبطال ميراث ذوي الأرحام انتهى‏.‏

1400- باب ما جاءَ في الذي يَمُوتُ وَلَيْسَ لَهُ وارِث

2125- حَدّثنا بُنْدَارٌ، حدثنا يَزِيدُ بنُ هَارُونُ، أخبرنا سُفْيَانُ عن عَبْدِ الرحمنِ بنِ الأَصْبِهَانِيّ، عن مُجاهِدِ بنِ وَرْدَانَ، عن عُرْوَةَ عن عَائِشَةَ ‏"‏أَنّ مَوْلًى للنبيّ صلى الله عليه وسلم وَقَعَ من عَذْقِ نَخْلَةٍ فَمَاتَ، فقالَ النبيّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ انْظُرُوا هَلْ لَهُ مِنْ وَارِثٍ‏؟‏ قالوا‏:‏ لا‏.‏ قَالَ‏:‏ فَادْفَعُوهُ إلى بَعْضِ أَهْلِ القَرْيَةِ‏"‏‏.‏

وهذا حديثٌ حسنٌ وفي الباب عن بريدة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن عبد الرحمن بن الأصبهاني‏)‏ هو عبد الرحمن بن عبد الله بن الأصبهاني الكوفي الجهني ثقة من الرابعة، مات في إمارة خالد القشيري على العراق ‏(‏عن مجاهد بن وردان‏)‏ المدني صدوق‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقع من عذق نخلة‏)‏ قال في المجمع‏:‏ العذق بالفتح النخلة وبالكسر العرجون بما فيه من الشماريخ ويجمع على عذاق ‏(‏فادفعوه إلى بعض أهل القرية‏)‏ وفي رواية أبي داود‏:‏ اعطوا ميراثه رجلاً من أهل قريته‏.‏ قال القاري‏:‏ أي فإنه أولى من آحاد المسلمين‏.‏ قال القاضي رحمه الله‏:‏ إنما أمر أن يعطي رجلاً من قريته تصدقاً منه أو ترفقاً أو لأنه كان لبيت المال ومصرفه مصالح المسلمين وسد حاجاتهم فوضعه فيهم لما رأى من المصلحة، فإن الأنبياء كما لا يورث عنهم لا يرثون عن غيرهم وقال بعض الشراح‏:‏ الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم لا يرثون ولا يورث عنهم عن التلبس بالدنيا الدنية وانقطاع أسبابهم عنها‏.‏ وأما ما وقع في حديث المقدام‏:‏ وأنا مولى من لا مولى له أرث ماله، فإنه لم يرد به حقيقة الميراث وإنما أراد أن الأمر فيه إلي في التصدق به أو صرفه في مصالح المسلمين أو تمليك غيره انتهى كذا في المرقاة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وفي الباب عن بريدة‏)‏ أخرجه أبو داود عنه قال‏:‏ مات رجل من خراعة فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بميراثه فقال‏:‏ التمسوا له وارثاً أو ذا رحم، فلم يجدوا له وارثاً ولا ذا رحم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ أعطوه الكبير من خراعة‏.‏ قال المنذري‏:‏ وأخرجه النسائي مسنداً ومرسلاً‏.‏ وقال جبريل ابن أحمر‏:‏ ليس بالقوي، والحديث منكر‏.‏ هذا آخر كلامه‏.‏ وقال الموصلي‏:‏ فيه نظر‏.‏ وقال أبو زرعة الرازي شيخ‏.‏ وقال يحيى بن معين كوفي ثقة انتهى‏.‏ والحديث أخرجه أيضاً أحمد في مسنده‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن‏)‏ وأخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة وسكت عنه أبو داود، ونقل المنذري تحسين الترمذي فأقره‏.‏

1401- باب في ميراث المولى الأسفل

وفي بعض النسخ باب في ميراث المولى الأسفل

2126- حَدّثنا ابنُ أَبِي عُمَر، حدثنا سفيانُ، عن عَمْرِو بنِ دِينَارٍ، عن عَوْسَجَةَ عن ابنِ عَبّاسٍ‏:‏ ‏"‏أَنّ رَجُلاً مَاتَ على عَهْدِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، وَلَمْ يَدَعْ وَارِثاً إِلاّ عَبْداً هُوَ أَعْتَقَهُ، فَأَعْطَاهُ النبيّ صلى الله عليه وسلم مِيرَاثَهُ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هذا حديثٌ حسنٌ‏.‏ والعملُ عِنْدَ أَهلِ العِلمِ في هذا البابِ‏:‏ إِذَا مَاتَ الرَجُلُ وَلَمْ يَتْرُكْ عَصَبَةً أَنّ مِيرَاثَهُ يُجْعَلُ في بَيْتِ مَالِ المُسْلِمِينَ‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن عوسجة‏)‏ المكي مولى ابن عباس ليس بمشهور من الرابعة ‏(‏ولم يدع وارثاً‏)‏ أي لم يترك احداً يرثه ‏(‏لا عبداً‏)‏ استثناء منقطع أي لكن ترك عبداً ‏(‏فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم ميراثه‏)‏ هذا الإعطاء مثل ما سبق في حديث عائشة رضي الله عنها أعطوا ميراثه رجلاً من أهل قريته بطريق التبرع لأنه صار ماله لبيت المال‏.‏ قال المظهر‏:‏ قال شريح وطاؤس‏:‏ يرث المعتق من المتق كما يرث المعتق من العتيق‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن‏)‏ وأخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه‏.‏ قال المنذري في تلخيص السنن‏:‏ قال البخاري‏:‏ عوسجة مولى ابن عباس الهاشمي روى عنه عمرو بن دينار ولم يصح‏.‏ وقال أبو حاتم الرازي‏:‏ ليس بالمشهور، وقال النسائي‏:‏ عوسجة ليس بالمشهور ولا نعلم أحداً يروي عنه غير عمرو‏.‏ وقال أبو زرعة الرازي ثقة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏والعمل عند أهل العلم في هذا الباب إذا مات رجل ولم بترك عصبة‏)‏ أي وارثاً ‏(‏أن ميراثه يجعل في بيت مال المسلمين‏)‏ هذا إذا كان بيت المال منتظماً وأما إذا لم يكن منتظماً فيجعل في المصالح العامة كالمدارس الدينية وغيرها والله تعالى أعلم‏.‏

1402- باب مَا جَاءَ في إِبْطَالِ المِيرَاثِ بَيْنَ المُسْلِمِ والْكافِر

2127- حَدّثنا سَعِيدُ بنُ عَبْدِ الرحمنِ المَخْزُومِيّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ قاُلوا‏:‏ حدثنا سفيانُ، عن الزّهْرِيّ ح‏.‏ وحدثنا عَلِيّ بنُ حُجْرٍ، أخبرنا هُشَيْمٌ، عن الزّهْرِيّ، عن عَلِيّ بنِ حُسَيْنٍ، عن عَمْرِو بنُ عُثْمانَ، عن أُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ‏:‏ ‏"‏أَنّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ‏:‏ لاَ يَرِثُ المُسْلِمُ الْكَافِرُ وَلاَ الْكَافِرُ المُسْلِمَ‏"‏‏.‏

2128- حدّثنا ابنُ أَبِي عُمَرَ، حدثنا سُفْيَانُ، حدثنا الزّهْرِيّ نَحوَه‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ وفي البابِ عن جَابِرٍ وَعَبْدِ الله بنِ عَمْرٍو‏.‏

وهذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ‏.‏ هَكَذَا رَوَاهُ مَعْمَرٌ وَغَيْرُ وَاحِدٍ عن الزّهْرِيّ نَحْوَ هذا‏.‏ وَرَوَى مَالِكٌ عن الزّهْرِيّ عن عَلِيّ بنِ حُسَيْنٍ عن عُمَرَ بنِ عُثْمانَ عن أُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ‏.‏ وَحَدِيثُ مَالِكٍ وَهْمٌ، وَهِمَ فِيِه مَالِكٌ‏.‏ وَرَوَى بَعْضُهُم عن مَالِكٍ فقَالَ عن عَمْرٍو بنِ عُثْمَانَ‏.‏ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِ مَالِكِ قالُوا عن مالِكِ عن عُمَر بنِ عُثْمَانَ‏.‏ وعَمْرُو بنُ عُثْمانَ بنِ عِفانَ هُوَ مَشْهُورٌ مِنْ وَلَدِ عُثْمانَ ولا نَعْرِفُ عُمَرَ بنَ عُثْمَانَ‏.‏

والعملُ على هذا الْحَدِيثِ عِندَ أَهلِ العِلمِ‏.‏

وَاخْتَلَفَ أَهْلُ العِلمِ في مِيرَاثِ الْمُرْتَدّ، فَجَعَلَ بَعْضُ أَهلِ العِلمِ مِنْ أَصحابِ النبيّ صلى الله عليه وسلم وَغَيْرِهِمْ المَالَ لِوَرَثَتِهِ مِنَ المُسْلِمِينَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ لاَ يَرِثُ ورَثَتُهُ مِن المُسْلِمينَ‏.‏ وَاحْتَجّوا بحَديثِ النبيّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏لا يَرِثُ المُسْلِمُ الكَافِرَ‏"‏ وَهُوَ قَوْلُ الشّافِعيّ‏.‏

2129- حَدّثنا حُمَيْدُ بنُ مَسْعَدَةَ، أخبرنا حُصَيْنُ بنُ نُمَيْرٍ عن ابنِ أَبِي لَيْلَى عن أَبِي الزّبَيْرِ، عن جَابِرٍ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، قال‏:‏ ‏"‏لا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلّتَيْنِ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هذا حديثٌ لا نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ، إِلاّ مِنْ حَدِيثِ ابنِ أَبِي لَيْلَى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن علي بن حسين‏)‏ قال في التقريب‏:‏ علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب زين العابدين، ثقة ثبت عابد فقيه فاضل مشهور‏.‏ قال ابن عيينة عن الزهري‏:‏ ما رأيت قرشياً أفضل منه من الثالثة انتهى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم‏)‏ فيه دليل على أن المسلم لا يرث الكافر ولا الكافر المسلم، وعليه عامة أهل العلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وفي الباب عن جابر وعبد الله بن عمرو‏)‏ أما حديث جابر فأخرجه الترمذي في هذا الباب‏.‏ وأما حديث عبد الله بن عمرو فأخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجة عنه مرفوعاً‏:‏ لا يتوارث أهل ملتين شيئاً، وأخرجه أيضاً الدارقطني وابن السكن وسند أبي داود فيه إلى عمرو بن شعيب صحيح‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن صحيح‏)‏ قال الحافظ في التلخيص‏:‏ هو حديث متفق عليه وأخرجه أصحاب السنن أيضاً‏.‏ وأغرب ابن تيمية في المنتقى فادعى أن مسلماً لم يخرجه وكذا ابن الأثير في الجامع ادعى أن النسائي لم يخرجه انتهى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هكذا رواه معمر وغير واحد عن الزهري نحو هذا‏)‏ أي رووا عن الزهري عن علي بن حسين عن عمرو بن عثمان بالواو ‏(‏وروى مالك عن الزهري عن علي بن حسين عن عمر بن عثمان‏)‏ أي بغير الواو ‏(‏وحديث مالك وهم‏)‏ أي خطأ ‏(‏وهم فيه مالك‏)‏ أي أخطأ فيه ‏(‏وروى بعضهم عن مالك فقال عن عمرو ابن عثمان‏)‏ أي بالواو ‏(‏وأكثر أصحاب مالك قالوا عن مالك عن عمر بن عثمان‏)‏ أي بغير الواو‏.‏ قال الحافظ في التقريب‏:‏ عمر بن عثمان بن عفان في حديث أسامة صوابه عمرو تفرد مالك بقوله عمر وقال في تهذيب التهذيب‏:‏ عمر بن عثمان بن عفان المدني عن أسامة بن زيد بحديث لا يرث المسلم الكافر، قاله مالك عن الزهري عن علي بن الحسين عنه‏.‏ وقال عامة الرواة عن علي عن عمرو بن عثمان وهو المحفوظ‏.‏ وقال في الفتح‏:‏ اتفق الرواة عن الزهري أن عمرو بن عثمان بفتح أوله وسكون الميم إلا أن مالكاً وحده قال عمر بضم أوله وفتح الميم، وشذت روايات عن غير مالك على وفقه وروايات عن مالك على وفق الجمهور ‏(‏وعمرو بن عثمان هو مشهور من ولد عثمان ولا نعرف عمر بن عثمان‏)‏ قال الحافظ في تهذيب التهذيب إن لعمر بن عثمان وجوداً في الجملة كما قال ابن عبد البر إن أهل النسب لا يختلفون أن لعثمان ابناً يسمى عمر وآخر يسمى عمراً‏.‏ وقد ذكر ابن سعد عمر بن عثمان، وقال كان قليل الحديث، وذكر عمرو بن عثمان وقال كان ثقة وله أحاديث، وذكر الزبير بن بكار أن عثمان لما مات ورثه بنوه عمرو وأبان وعمر وخالد والوليد وسعيد وبناته وزوجتاه، لكن لا يدل ذلك على أنه روى هذا الحديث عن أسامة بن زيد انتهى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏والعمل على هذا الحديث عند أهل العلم‏)‏ قال النووي في شرح مسلم‏:‏ أجمع المسلمون على أن الكافر لا يرث المسلم‏.‏ وأما المسلم فلا يرث الكافر أيضاً عند جماهير العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم‏.‏ وذهبت طائفة إلى توريث المسلم من الكافر وهو مذهب معاذ بن جبل ومعاوية وسعيد بن المسيب ومسروق وغيرهم، وروي أيضاً عن أبي الدرداء والشعبي والزهري والنخعي نحوه على خلاف بينهم في ذلك والصحيح عن هؤلاء كقول الجمهور، واحتجوا بحديث‏:‏ الإسلام يعلو ولا يعلى عليه، وحجة الجمهور هذا الحديث الصحيح الصريح ولا حجة في حديث الإسلام يعلو ولا يعلى عليه لأن المراد به فضل الإسلام على غيره ولم يتعرض فيه الميراث فكيف يترك به نص حديث‏:‏ لا يرث المسلم الكافر، ولعل هذه الطائفة لم يبلغها هذا الحديث انتهى ‏(‏واختلف أهل العلم في ميراث المرتد فجعل بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم المال لورثته من المسلمين الخ‏)‏ قال النووي‏:‏ والمرتد لا يرث المسلم بالإجماع، وأما المسلم فلا يرث المرتد عند الشافعي ومالك وربيعة وابن أبي ليلى وغيرهم، بل يكون ماله فيئاً للمسلمين‏.‏ وقال أبو حنيفة والكوفيون والأوزاعي وإسحاق‏:‏ يرثه ورثته من المسلمين، وروي ذلك عن علي وابن مسعود وجماعة من السلف، لكن قال الثوري وأبو حنيفة‏:‏ ما كسبه في ردته فهو لبيت المال، وما كسبه في الإسلام فهو للمسلمين‏.‏ وقال الاَخرون‏:‏ الجميع لورثته من المسلمين انتهى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا حصين بن نمير‏)‏ بالنون مصغراً الواسطي أبو محصن الضرير كوفي الأصل لابأس به، رمي بالنصب من الثامنة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لا يتوارث أهل ملتين‏)‏ قال ابن الملك‏:‏ يدل بظاهره على أن اختلاف الملل في الكفر يمنع التوارث كاليهود والنصارى والمجوس وعبدة الأوثان، وإليه ذهب الشافعي‏.‏ قلنا‏:‏ المراد هنا الإسلام والكفر، فإن الكفرة كلهم ملة واحدة عند مقابلتهم بالمسلمين وإن كانوا أهل ملل فيما يعتقدون انتهى‏.‏ وقال الإمام محمد رحمه الله في موطئه‏:‏ لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم‏.‏ والكفر ملة واحدة يتوارثون به وإن اختلفت مللهم، فيرث اليهودي من النصراني والنصراني من اليهودي، وهو قول أبي حنيفة رحمه الله والعامة من فقهائنا‏.‏ انتهى‏.‏ وقال النووي في شرح مسلم‏:‏ توريث الكفار بعضهم من بعض كاليهودي من النصراني وعكسه والمجوسي منهما وهما منه‏.‏ قال به الشافعي رحمه اللهوأبو حنيفة رحمه الله‏.‏ وآخرون ومنعه مالك، قال الشافعي‏:‏ لكن لا يرث حربي من ذمى ولا ذمى من حربي قال أصحابنا‏:‏ وكذا لو كانا حربيين في بلدين متحاربين لم يتوارثا انتهى‏.‏ وقال الشوكاني في النيل‏:‏ ظاهر قوله لا يتوارث أهل ملتين أنه لا يرث ملة كفرية من أهل ملة كفرية أخرى، وبه قال الأوزاعي ومالك وأحمد والهادوية‏.‏ وحمله الجمهور على أن المراد بإحدى الملتين الإسلام‏.‏ وبالأخرى الكفر، ولا يخفى بعد ذلك انتهى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث جابر إلا من حديث ابن أبي ليلى‏)‏ هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى‏.‏ قال في التقريب‏:‏ صدوق سيء الحفظ جداً‏.‏ وأخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجة من حديث عبد الله بن عمر، قال في النيل‏:‏ سند أبي داود فيه إلى عمرو بن شعيب صحيح‏.‏

1403- باب ما جاءَ في إِبْطَالِ ميرَاثِ الْقَاتِل

2130- حَدّثنا قُتَيْبَةُ، حدثنا الّليْثُ عن إسحاقَ بنِ عَبْدِ الله، عن الزّهْرِيّ، عن حُمَيْدِ بنِ عَبْدِ الرحمنِ، عن أَبي هُرَيْرَةَ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قالَ‏:‏ ‏"‏الْقَاتِلُ لاَ يَرِثُ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هذا حديثٌ لا يَصِحّ، لا يُعْرَفُ إِلاّ مِنْ هذَا الوَجْهِ، وإسحاقُ بنُ عَبْدِ الله بنِ أَبِي فَرْوَةَ قد تَرَكَهُ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ، منهم أَحمدُ بنُ حَنْبَلٍ‏.‏

والعَمَلُ على هذا عِنْدَ أَهْلِ العِلمِ، أَنّ القَاتِلَ لا يَرِثُ، كانَ القَتْلُ خطَأً أَوْ عَمْداً‏.‏ وقالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ إِذَا كَانَ القَتْلُ خَطَأً، فَإِنّهُ يَرِثُ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن إسحاق بن عبد الله‏)‏ قال في التقريب‏:‏ إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة الأموي مولاهم المدني، متروك من الرابعة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏القاتل لا يرث‏)‏ فيه دليل على أن القاتل لا يرث من المقتول، سواء كان قتل خطأ أو عمداً وإليه ذهب أكثر أهل العلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث لا يصح‏)‏ وأخرجه ابن ماجة والنسائي في السنن الكبرى وقال إسحاق متروك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏والعمل على هذا عند أهل العلم أن القاتل لا يرث، كان القتل خطأ أو عمداً الخ‏)‏ قال الشوكاني في النيل تحت حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعاً‏:‏ لا يرث القاتل شيئاً، أخرجه أبو داود والنسائي‏:‏ استدل به من قال بأن القاتل لا يرث سواء كان القتل عمداً أو خطأ وإليه ذهب الشافعي وأبو حنيفة وأصحابه وأكثر أهل العلم قالوا‏:‏ ولا يرث من المال ولا من الدية‏.‏ وقال مالك والنخعي والهادوية‏:‏ إن قاتل الخطأ يرث من المال دون الدية، ولا يخفى أن التخصيص لا يقبل إلا بدليل، وحديث عمر بن شيبة بن أبي كثير الأشجعي عند الطبراني نص في محل النزاع، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ له إعقلها ولا ترثها‏.‏ وقد كان قتل امرأته خطأ، وكذلك حديث عدي الجذامي عند البيهقي في سننه بلفظ، أن عدياً كانت له امرأتان اقتتلتا فرمى إحداهما فماتت، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه فذكر له ذلك، فقال له‏:‏ اعقلها ولا ترثها‏.‏ وأخرج البيهقي أيضاً أن رجلاً رمى بحجر فأصاب أمه فماتت من ذلك، فأراد نصيبه من ميراثها فقال له إخوته‏:‏ لا حق لك، فارتفعوا إلى علي رضي الله عنه فقال له‏:‏ حقك من ميراثها الحجر وغرمه الدية ولم يعطه من ميراثها شيئاً‏.‏ وأخرج أيضاً عن جابر بن زيد أنه قال‏:‏ أيما رجل قتل رجلاً أو امرأة عمداً أو خطأ فلا ميراث له منهما، وأيما امرأة قتلت رجلاً أو امرأة عمداً أو خطأ فلا ميراث لها منهما، وقال قضي بذلك عمر بن الخطاب وعلي وشريح وغيرهم من قضاة المسلمين‏.‏ وقد ساق البيهقي في الباب آثاراً عن عمر وابن عباس وغيرهما، تفيد كلها أنه لا ميراث للقاتل مطلقاً انتهى‏.‏

1404- باب ما جاءَ في مِيراثِ المَرْأَةِ من دِيةِ زَوْجِهَا

2131- حَدّثنا قُتَيْبَةُ وَ أَحمدُ بنُ مَنِيعٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ، قالُوا‏:‏ حدثنا سفيانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عن الزّهْرِيّ عن سَعِيدِ بنُ المُسَيّبِ قالَ‏:‏ قالَ عُمَرُ‏:‏ الدّيَةُ عَلَى العَاقِلَةِ ولا تَرِثُ المرأَةُ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا شيئاً، فَأَخْبَرَهُ الضّحّاكُ بنُ سفيانَ الكِلاَبيّ ‏"‏أنّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم كَتَبَ إِلَيْهِ‏:‏ أَنْ وَرّثِ امْرَأَةَ أَشِيمَ الضّبَابِيّ من دِيَةِ زَوْجِهَا‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏كتب إليه أن ورث امرأة أشيم الضبابي‏)‏ بكسر الضاد المعجمة وتخفيف الياء الموحدة الأولى، منسوب إلى ضباب بن كلاب، قتل في حياة النبي صلى الله عليه وسلم خطأ‏.‏

قال الشوكاني في النيل‏:‏ فيه دليل على أن الزوجة ترث من دية زوجها كما ترث من ماله‏.‏ وكذلك يدل على ذلك حديث عمرو بن شعيب لعموم قوله فيه بين ورثة القتيل، والزوجة من جملتهم، وكذلك قوله في حديث قرة بن دعموص‏:‏ هل لأمي فيها حق‏؟‏ قال نعم‏.‏ انتهى‏.‏

قلت‏:‏ حديث عمرو بن شعيب الذي أشار إليه الشوكاني أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة عنه عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى أن العقل ميراث بين ورثه القتيل على فرائضهم‏.‏ وحديث قرة بن دعموص أخرجه البخاري في تاريخه عنه قال‏:‏ أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أنا وعمي، فلت‏:‏ يا رسول الله عند هذا دية أبي فمره يعطننها، وكان قتل في الجاهلية، فقال أعطه دية أبيه، فقلت هل لأمي فيها حق‏؟‏ قال نعم‏.‏ وكانت ديته مائة من الإبل وحديث سعيد بن المسيب المذكور في الباب أخرجه الترمذي أيضاً في باب المرأة ترث من دية زوجها من أبواب الديات وتقدم هناك شرحه‏.‏

1405- باب مَا جَاءَ أَنّ الميراث الأموال لِلْوَرَثَةِ والعَقْلُ على العَصَبَة

وفي بعض النسخ على العصبة وهو الظاهر

2132- حَدّثنا قُتَيْبَةُ، أخبرنا الّليْثُ عن ابنِ شِهَابٍ عن سَعِيدِ بنِ المُسَيّبِ عن أَبي هُرَيْرَةَ ‏"‏أَنّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَضَى في جَنِينِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنيِ لِحْيَانَ سَقَطَ مَيّتَاً بِغُرّةِ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ، ثم إِنّ المرأةَ التي قُضِي عليها بِغُرّةٍ تُوُفّيَتْ، فَقَضَى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أَنّ مِيرَاثَهَا لِبَنِيهَا وَزَوْجِهَا، وأَنّ عَقْلَهَا عَلَى عَصَبَتِهَا‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ وَرَوَى يُونُسُ هذا الْحَدِيثَ عن الزّهْرِيّ عن سَعِيدِ بنِ المُسَيّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ عن أَبي هُرَيْرَةَ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ‏.‏

ورواه مَالِكٌ عن الزّهَرِيّ عن أَبِي سَلَمَةَ عن أَبي هُرَيْرَةَ، وَمَالِكٌ عن الزّهْرِيّ عن سَعِيدِ بنِ المُسَيّبِ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم مرسل‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قضى‏)‏ أي حكم ‏(‏في جنين امرأة من بني لحيان‏)‏ قال النووي‏:‏ المشهور كسر اللام في لحيان وروى فتحها، ولحيان بطن من هذيل ‏(‏بغرة‏)‏ بضم الغين المعجمة وشدة الراء منوناً ‏(‏عبد أو أمة‏)‏ بدل من غرة وأو للتنويع لا للشك، وقد تقدم تفسير الغرة في باب دية الجنين من أبواب الديات ‏(‏ثم إن المرأة التي قضى عليها‏)‏ بصيغة المجهول أي حكم عليها وهي المرأة الجانية ‏(‏توفيت‏)‏ أي ماتت‏.‏ قال في اللمعات في شرح هذه العبارة كلام، وهو أن الظاهر أن يكون المراد بالمرأة التي قضى عليها أي على عاقلتها بغرة المرأة الجانية فيكون الضمائر في بنيها وزوجها لها، وكذا في قوله والعقل على عصبتها، وتخصيص التوريث لبنيها وزوجها لأنهم هم كانوا من ورثتها وإلا فالظاهر أن ميراثها لورثتها أياً ما كان، ويرد عليه أن بيان وفاة الجانية ليس بكثير المناسبة في هذا المقام بل المراد موت الجنين مع أمها كما ورد في رواية‏:‏ فقتلها وما في بطنها، فقال الطيبي في توجيهه‏:‏ إن علي في قوله قضى عليها وضع موضع اللام كما في قوله تعالى ‏{‏ولتكونوا شهداء على الناس‏}‏ فيكون المراد بالمرأة المجني عليها والضمائر لها إلا في قوله‏:‏ على عصبتها فإنه للجاني وهذا إذا كانت القضية واحدة‏.‏ قال الطيبي‏:‏ وهو الظاهر انتهى‏.‏ وقال النووي في شرح مسلم‏:‏ قال العلماء‏:‏ هذا الكلام ‏(‏يعني قوله ثم إن المرأة التي قضى عليها بالغرة توفيت الخ‏)‏ قد يوهم خلاف مراده‏.‏ فالصواب أن المرأة التي ماتت هي المجني عليها أم الجنين لا الجانية‏.‏ وقد ضرح به في الحديث بعده بقوله‏:‏ فقتلها وما في بطنها، فيكون المراد بقوله‏:‏ التي قضي عليها بالغرة هي التي قضى لها بالغرة، فعبر بعليها عن لها‏.‏ وأما قوله على عصبتها، فالمراد القاتلة أي على عصبة القاتلة انتهى‏.‏ وحديث أبي هريرة المذكور في هذا الباب أخرجه البخاري في الفرائض وفي الديات ومسلم وأبو داود والنسائي في الديات‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وروى يونس هذا الحديث عن الزهري عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ونحوه‏)‏ روى البخاري في صحيحه قال‏:‏ حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن وهب حدثنا يونس عن ابن شهاب عن ابن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن أي أبا هريرة قال‏:‏ اقتتلت امرأتان من هذيل فرمت إحداهما الأخرى بحجر قتلها وما في بطنها‏.‏ فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقضى‏:‏ أن دية جنينها غرة عبد أو وليدة، وقضى دية المرأة على عاقلتها، وقد رواه مسلم أيضاً قال‏:‏ حدثنا أبو الطاهر قال أخبرنا ابن وهب رحمه الله قال وأخبرنا حرملة بن يحيى التجيبي، قال أنبأنا ابن وهب قال أخبرني يونس بهذا الإسناد ‏(‏عن أبي سلمة عن أبي هريرة ومالك عن الزهري‏)‏ قال في هامش النسخة الأحمدية‏:‏ هذه العبارة لا توجد في النسخ الدهلوية ولكن وجدتها في النسخة الصحيحة التي جئت بها من العرب انتهى‏.‏

قلت‏:‏ ويدل على صحة هذه النسخة أن مالكاً روى هذا الحديث موصولاً ومرسلاً‏.‏ ففي صحيح البخاري في باب الكهانة من كتاب الطب‏:‏ حدثنا قتيبة عن مالك عن ابن شهاب عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن امرأتين رمت إحداهما الأخرى فطرحت جنينها فقضى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بغرة عبد أو وليدة‏.‏ وعن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في الجنين يقتل في بطن أمه بغرة عبد أو وليدة، الحديث‏.‏

1406- باب مَا جَاءَ في ميراث الرّجل الذي يُسلِمُ عَلَى يدي الرّجُل

2133- حَدّثنا أَبُو كُرَيْبٍ، حدثنا أَبُو أُسَامَةَ و ابنُ نُمَيْرٍ وَ وَكِيعٌ عن عَبْدِ العَزِيزِ بنِ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العزِيزِ عن عَبْدِ الله بنِ مَوْهِبٍ‏.‏ وقالَ بَعْضُهُم عن عَبْدِ الله بنِ وَهْبٍ عن تَمِيمٍ الدّارِيّ قالَ‏:‏ ‏"‏سَأَلْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ما السّنّةُ في الرّجُلِ مِنْ أَهْلِ الشّرْكِ يُسْلِمُ عَلَى يَدِ رَجُلٍ مِن المُسْلِمِينَ‏؟‏ فقالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ هُوَ أَوْلَى النّاسِ بِمَحْيَاهُ وَمَمَاتِهِ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هذا حديثٌ لا نَعْرِفُهُ إِلاّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الله بنِ وَهْبٍ، وَيُقَالُ ابنُ مَوْهِبٍ عن تميمٍ الدّارِيّ‏.‏ وقد أدْخَلَ بعضهم بين عبد الله بن مَوْهِبٍ وبين تَميمٍ الدّاريّ قَبِيصَةَ بنَ ذُوَيْبٍ، وَرَوَاهُ يَحْيَىَ بنُ حَمْزَةَ عن عَبْدِ العَزِيزِ بنِ عُمَرَ، وَزَادَ فيِه عن قَبِيصَةَ بنِ ذُوَيْبٍ وَهُوَ عِنْدِي لَيْسَ بمُتّصِلٍ‏.‏ والعَمَلُ على هذا الحديث عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ العِلْمِ‏.‏ وهو عندي ليس بمتصل وقالَ بعضُهُمْ‏:‏ يَجْعَلُ مِيرَاثَهُ في بَيْتِ المَالِ، وهو قَولُ الشّافِعيّ، وَاحْتَجَ بحَدِيثِ النبيّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏أَنّ الْوَلاَءَ لِمَنْ أَعْتَقَ‏"‏ صلى الله عليه وسلم‏.‏

2134- حَدّثنا قُتَيْبَةُ، أخبرنا ابنُ لَهِيعَةَ عن عَمْر بنِ شُعَيْبٍ عن أَبِيِه عن جَدّهِ أَنّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ‏:‏ ‏"‏أَيّمَا رَجُلٍ عَاهَرَ بحُرّةٍ أَوْ أَمَةٍ فالَوَلَدُ وَلَدُ زِنَا لا يَرِثُ وَلاَ يُورَثُ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ وقد رَوَى غَيْرُ ابنِ لَهِيعَةَ، هذا الحديثَ عن عمرو بنِ شُعَيْبٍ، والعملُ على هذا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنّ وَلَدَ الزّنَا لاَ يَرِثُ مِنْ أَبِيِه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز‏)‏ بن مروان الأموي المدني نزيل الكوفة، صدوق يخطئ من السابعة ‏(‏عن عبد الله بن موهب‏)‏ قال في التقريب‏:‏ عبد الله بن موهب الشامي أبو خالد قاضي فلسطين لعمر بن عبد العزيز، ثقة لكن لم يسمع من تميم الداري من الثالثة ‏(‏وقال بعضهم عن عبد الله بن وهب‏)‏ قال في التقريب‏:‏ عبد الله بن وهب عن تميم الداري صوابه عبد الله بن موهب‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ما السنة في الرجل‏)‏ أي ما حكم الشرع في شأن الرجل ‏(‏من أهل الشرك‏)‏ أي الكفر ‏(‏يسلم على يد رجل‏)‏ وفي رواية على يدي الرجل، أي هل يصير مولى له أم لا‏؟‏ ‏(‏هو‏)‏ أي الرجل المسلم الذي أسلم على يديه الكافر ‏(‏أولى الناس بمحياه ومماته‏)‏ أي بمن أسلم في حياته ومماته، يعني يصير مولى له‏.‏ قال المظهر‏:‏ فعند أبي حنيفة والشافعي ومالك والثوري رحمهم الله‏:‏ لا يصير مولى، ويصير مولى عند عمر بن عبد العزيز وسعيد بن المسيب وعمرو بن الليث لهذا الحديث، ودليل الشافعي وأتباعه قوله عليه الصلاة والسلام‏:‏ الولاء لمن أعتق، وحديث تميم الداري يحتمل أنه كان في بدء الإسلام لأنهم كانوا يتوارثون بالإسلام والنصرة ثم نسخ ذلك، ويحتمل أن يكون قوله عليه الصلاة والسلام‏:‏ هو أولى الناس بمحياه ومماته‏.‏ يعني بالنصرة في حال الحياة، وبالصلاة بعد الموت فلا يكون حجة انتهى، كذا في المرقاة‏.‏ وقال الخطابي‏:‏ قد يحتج به من يرى توريث الرجل ممن يسلم على يده من الكفار، وإليه ذهب أصحاب الرأي إلا أنهم قد زادوا في ذلك شرطاً وهو أن يعاقده ويواليه، فإن أسلم على يده ولم يعاقده ولم يواله فلا شيء له‏.‏ وقال إسحاق بن راهويه كقول أصحاب الرأي إلا أنه لم يذكر الموالاة‏.‏ قال الخطابي‏:‏ ودلالة الحديث مهمة وليس فيه أنه يرثه وإنما فيه أنه أولى الناس بمحياه ومماته‏.‏ فقد يحتمل أن يكون ذلك في الميراث، وقد يحتمل أن يكون ذلك في رعي الذمام والإيثار والبر والصلة وما أشبهها من الأمور، وقد عارضه قوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ الولاء لمن أعتق‏.‏ وقال أكثر الفقهاء‏:‏ لا يرثه، وضعف أحمد بن حنبل حديث تميم الداري هذا، وقال‏:‏ عبد العزيز راوية ليس من أهل الحفظ والإتقان انتهى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث لا نعرفه إلا من حديث عبد الله بن موهب الخ‏)‏ وأخرجه أحمد والدارمي والنسائي وابن ماجة ‏(‏وقد أدخل بعضهم بين عبد الله بن وهب وبين تميم الداري قبيصة بن ذويب‏.‏ ورواه يحيى بن حمزة عن عبد العزيز بن عمر وزاد فيه عن قبيصة بن ذويب قال البخاري في صحيحه في باب‏:‏ إذا أسلم على يديه من كتاب الفرائض ويذكر عن تميم الداري رفعه قال‏:‏ هو أولى الناس بمحياه ومماته‏.‏ قال الحافظ في الفتح‏:‏ قد وصله البخاري في تاريخه وأبو داود وابن أبي عاصم والطبراني والباغندي في مسند عمر بن عبد العزيز بالعنعنة كلهم من طريق عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز قال‏:‏ سمعت عبد الله بن موهب يحدث عمر بن عبد العزيز عن قبيصة بن ذويب عن تميم الداري قال‏:‏ قلت يا رسول الله ما السنة في الرجل‏؟‏ الحديث ‏(‏وهو عندي ليس بمتصل‏)‏ قال البخاري في صحيحه‏:‏ واختلفوا في صحة هذا الخبر انتهى‏.‏ وقد بسط الحافظ الكلام على هذا الحديث في الفتح والعيني في العمدة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏والعمل على هذا عند بعض أهل العلم‏)‏ كإسحاق بن راهويه وغيره ‏(‏وقال بعضهم يجعل ميراثه في بيت المال، وهو قول الشافعي، واحتج بحديث النبي صلى الله عليه وسلم أن الولاء لمن أعتق‏)‏ وقول الشافعي ومن تبعه هو الظاهر لأن حديث تميم الداري المذكور في الباب على تقدير صحة لا يقاوم حديث عائشة‏:‏ إنما الولاء لمن أعتق‏.‏ وعلى التنزل فتردد في الجمع هل يخص عموم الحديث المتفق على صحته بهذا، فيستثني منه من أسلم أو تؤول الأولوية في قوله‏:‏ أولى الناس بمعنى النصرة والمعاونة وما أشبه ذلك لا بالميراث، ويبقى الحديث المتفق على صحته على عمومه‏؟‏ جنح الجمهور إلى الثاني ورجحانه ظاهر، وبه جزم ابن القصار في ما حكاه ابن بطال فقال‏:‏ لو صح الحديث لكان تأويله أنه أحق بموالاته في النصر والإعانة والصلاة عليه إذا مات ونحو ذلك، ولو جاء الحديث بلفظ أحق بميراثه لوجب تخصيص الأول والله أعلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أيما رجل عاهر‏)‏ بصيغة الماضي من باب المفاعلة أي زنا‏.‏ قال الجزري في النهاية‏:‏ العاهر الزاني، وقد عهر يعهر عهراً وعهوراً إذا أتى المرأة ليلاً للفجور بها، ثم غلب على الزنا مطلقاً ‏(‏فالولد ولد زنا لا يرث‏)‏ أي من الأب ‏(‏ولا يورث‏)‏ بفتح الراء وقيل بكسرها، قال ابن الملك‏:‏ أي لا يرث ذلك الولد من الواطئ ولا من أقاربه إذ الوراثة بالنسب ولا نسب بينه وبين الزاني، ولا يرث الواطئ ولا أقاربه من ذلك الولد والحديث في سنده ابن لهيعة وفيه مقال معروف ولكن قال الترمذي‏:‏ رواه غيره عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده‏.‏

1407- باب ما جاءَ فيمن يَرِثُ الوَلاَء

بفتح الواو يعني ولاء العتق وهو إذا مات المعتق ورثه معتقه أو ورثه معتقه

2135- حَدّثنا قُتَيْبَةُ، حدثنا ابنُ لَهِيعَةَ عن عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ عن أَبِيِه عن جَدّه أَنّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ‏:‏ ‏"‏يَرِثُ الوَلاَءَ مَنْ يَرِثُ المَالَ‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ هذا حديثٌ لَيْسَ إِسْنَادُهُ بالقَوِيّ‏.‏

2136- حَدّثنا هَارُونُ أَبُو مُوسَى المُسْتَملِيّ البَغْدَادِيّ، أخبرنا محمدُ بنُ حَرْبٍ، حدثنا عُمَرُ بنُ رُؤبَةَ التّغْلِبيّ عن عبد الواحدِ بنِ عَبْدِ الله بنِ بُسْرٍ النّصْرِيّ عن وَاثِلَةَ بنِ الأَسْقَعِ قالَ‏:‏ قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏المَرْأَةُ تَحُوزُ ثَلاَثَةَ مَوَارِيثَ‏:‏ عَتِيقَهاَ وَلَقِيطَهاَ وَوَلَدَهَا الذي لاَعَنَتْ عَنْهُ‏"‏‏.‏ هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ لاَ يُعْرَفُ إلاّ مِنْ هذا الوَجْهِ من حَدِيثِ محمدِ بنِ حَرْبِ‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يرث الولاء‏)‏ أي مال العتيق ‏(‏من يرث المال‏)‏ أي من العصبات الذكور، والمراد العصبة بنفسه‏.‏ قال المظهر‏:‏ هذا مخصوص أي يرث الولاء كل عصبة يرث مال الميت، والمرأة وإن كانت ترث إلا أنها ليست بعصبة بل العصبة الذكور دون الإناث‏.‏ ولا ينتقل الولاء إلى بيت المال ولا ترث النساء بالولاء إلا إذا أعتقن أو أعتق عتيقهن أحداً انتهى‏.‏ وقال في اللمعات‏:‏ أي إذا مات عتيق الأب أو عتيق عتيقه يرث الابن ذلك الولاء، وهذا مخصوص بالعصبة ولا ترث النساء الولاء إلا ممن أعتقته أو أعتق من أعتقته انتهى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث ليس إسناده بالقوى‏)‏ لأن فيه ابن لهيعة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا هارون أبو موسى المستملي البغدادي‏)‏ هو هارون بن عبد الله البزاز الحافظ المعروف بالحمال ‏(‏أخبرنا محمد بن حرب‏)‏ الخولاني الحمصي الأبرش ثقة من التاسعة ‏(‏أخبرنا عمر بن روية‏)‏ بضم الراء وسكون الواو بعدها موحدة ‏(‏التغلبي‏)‏ بمثناه الحمصي صدوق من الرابعة ‏(‏عن عبد الواحد بن عبد الله بن بسر النصري‏)‏ قال في التقريب‏:‏ عبد الواحد بن عبد الله بن كعب بن عمير النصري بالنون أو بسر بضم الموحدة وسكون المهملة الدمشقي، ويقال الحمصي، ثقة من الخامسة‏.‏ وقال في تهذيب التهذيب في ترجمته‏:‏ ويعرف أبوه بابن بسر أي بضم الموحدة بالمهملة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏المرأة تحوز‏)‏ أي تجمع وتحيط ‏(‏ثلاثة مواريث‏)‏ جمع ميراث ‏(‏عتيقها‏)‏ أي ميراث عتيقها فإنه إذا أعتقت عبداً ومات ولم يكن له وارث ترث ماله بالولاء ‏(‏لقيطها‏)‏ أي مقوطها فإن الملتقط يرث من اللقيط على مذهب إسحاق ابن راهويه، وعامة العلماء على أنه لا ولاء للملتقط لأنه عليه الصلاة والسلام خصه بالمعتق بقوله‏:‏ ‏"‏لا ولاء إلا ولاء العتاقة‏"‏ قال الخطابي‏:‏ أما اللقيط فإنه في قول عامة الفقهاء حر، فإذا كان حراً فلا ولاء عليه لأحد‏.‏ والميراث إنما يستحق بنسب أو ولاء، وليس بين اللقيط وملتقطه واحد منهما‏.‏ وكان إسحاق بن راهويه يقول‏:‏ ولاء اللقيط لملتقطه ويحتج بحديث واثله، وهذا الحديث غير ثابت عند أهل النقل، فإذا لم يثبت الحديث لم يلزم القول به، فكان ما ذهب إليه عامة العلماء أولى انتهى ‏(‏وولدها الذي لا عنت عنه‏)‏ أي عن قبله ومن أجله‏.‏ في شرح السنة‏:‏ هذا الحديث غير ثابت عند أهل النقل، واتفق أهل العلم على أنها تأخذ ميراث عتيقها، وأما الولد الذي نفاه الرجل باللعان فلا خلاف أن أحدهما لا يرث الاَخر لأن التوارث بسبب النسب انتفى باللعان، وأما نسبه من جهة الأم فثابت ويتوارثان‏.‏ قال القاضي رحمه الله‏:‏ وحيازة الملتقطة ميراث لقيطها محمولة على أنها أولى بأن يصرف إليها ما خلفه من غيرها صرف مال بيت المال إلى آحاد المسلمين فإن تركته لهم لا أنها ترثه وراثة المعتقة من معتقها، وأما حكم ولد الزنا فحكم المنفي بلا فرق إنتهى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هذا حديث حسن غريب‏)‏ قال الحافظ في الفتح بعد ذكر هذا الحديث‏:‏ حسنه الترمذي وصححه الحاكم وليس فيه سوى عمر بن روبة مختلف فيه، قال البخاري‏:‏ فيه نظر ووثقة جماعة انتهى‏.‏ وحديث واثلة هذا أخرجه أيضاً أبو داود والنسائي وابن ماجة‏.‏