فصل: تفسير الآية رقم (29)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير ابن عبد السلام ***


تفسير الآية رقم ‏[‏29‏]‏

‏{‏لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ ‏(‏29‏)‏‏}‏

‏{‏بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ‏}‏ الخانات المشتركة ذوات البيوت المسكونة، أو حوانيت التجار، أو منازل الأسفار ومناخات الرحال التي يرتفق بها المسافرون، أو الخرابات العاطلة، أو بيوت مكة ‏{‏مَتَاعٌ لَّكُمْ‏}‏ عروض الأموال ومتاع التجارة، أو الخلاء والبول؛ لأنه متاع لهم، أو المنافع كلها‏.‏ فلا يلزم الاستئذان فيها‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏30‏]‏

‏{‏قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ‏(‏30‏)‏‏}‏

‏{‏مِنْ أَبْصَارِهِمْ‏}‏ من صلة، أو يغضوها عما لا يحل، أو هي للتبعيض؛ لأن البصر إنما يجب غضه عن الحرام ‏{‏وَيَحْفَظُواْ فُرُوجَهُمْ‏}‏ بالعفاف عن الزنا، أو بسترها عن الأبصار، وكل موضع فيه حفظ فالمراد به عن الزنا، إلا في هذا الموضع قاله أبو العالية، وسميت فروجاً؛ لأنها منافذ للبدن‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏31‏]‏

‏{‏وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ‏(‏31‏)‏‏}‏

‏{‏زِينَتَهُنَّ‏}‏ الزينة ما أدخلته على بدنها حتى زانها وحسَّنها في العيون كالحلي والثيابن والكحل والخضاب، وهي ظاهرة وباطنة فالظاهرة لا يجب سترها ولا يحرم النظر إليها ‏{‏إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا‏}‏ الثياب، أو الكحل والخاتم «ع»، أو الوجه والكفان، والباطنة‏:‏ القرط والقلادة، والدملج والخلخال وفي السوار مذهبان وخضاب القدمين باطن، وخضاب الكفين ظاهر، والباطنة يجب سترها عن الأجانب ولا يجوز لهم النظر إليها‏.‏ ‏{‏وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ‏}‏ بمقانعهن على صدروهن تغطية لنحورهن وكن يلقينها على ظهروهن بادية نحورهن، أو كانت قمصهن مفرجة الجيوب كالدارعة يبدو منها صُدُورهن فأُمِرن بإلقاء الخُمُرُ عليها لسترها وكنى عن الصدور بالجيوب لأنها ملبُوسة عليها ‏{‏وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ‏}‏ الباطنة ‏{‏إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ‏}‏، ‏{‏أَوْ نِسَآئِهنَّ‏}‏ المسلمات، أو عام فيهن وفي الكافرات ‏{‏مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ‏}‏ من العبيد والإماء، أو خاص بالإماء قاله ابن المسيب ومجاهد وعطاء ‏{‏غَيْرِ أُوْلِى الإِرْبَةِ‏}‏ الصغير لا إرب له فيهن لصغره، أو العِنِّين لا إرب له لعجزه، أو المعتوه الأبله لا إرب له لجهله، أو المجبوبُ لفقد إربه مأثور، أو الشيخ الهرم لذهاب إربه، أو الأحمق الذي لا تشتهيه المرأة ولا يغار عليه الرجل، أو المستطعم الذي لا يهمه إلا بطنه، أو تابع القوم يخدمهم لطعام بطنه فهو مصروف الشهوة لذله «ح»، وأخذت الإربة من الحاجة، أو من العقل من قولهم رجل أديب ‏{‏لَمْ يَظْهَرُواْ عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ‏}‏ لم يكشفوها لعدم شهوتهم، أو لم يعرفوها لعدم تمييزهم، أو لم يطيقوا الجماع، وسميت العورة عورة لقبح ظُهورها وغض البصر عنها أخذاً من عور العين ‏{‏وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ‏}‏ كن إذا مشين ضربن بأرجلهن لتسمع قعقعة خلاخلهن فنهين عن ذلك‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏32‏]‏

‏{‏وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ‏(‏32‏)‏‏}‏

‏{‏وَأَنكِحُواْ‏}‏ خطاب للأولياء، أو للأزواج أن يتزوجوا ندباً عند الجمهور أو إيجاباً ‏{‏الأَيَامَى‏}‏ المتوفى عنها زوجها، أو من لا زوج لها من الثيب والأبكار، رجل أيم وامرأة أيم ‏{‏وَالصَّالِحِينَ‏}‏ أنكحوا الأيامى بالصالحين من رجالكم، أو أمر بإنكاح العبيد والإماء كما أمر بإنكاح الأيامى ‏{‏فُقَرَآءَ‏}‏ إلى النكاح يغنهم الله به عن السفاح، أو فقراء من المال يغنهم الله تعالى بقناعة الصالحين، أو باجتماع الرزقين ‏{‏وَاسِعٌ‏}‏ الغنى ‏{‏عَلِيمٌ‏}‏ بالمصالح، أو واسع الرزق عليم بالخلق‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏33‏]‏

‏{‏وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآَتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آَتَاكُمْ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ ‏(‏33‏)‏‏}‏

‏{‏فَكَاتِبُوهُمْ‏}‏ ندباً، أو وجوباً إذا طلب العبد ‏{‏خَيْراً‏}‏ قدرة على الاحتراف والكسب «ع» أو مالاً، أو ديناً وأمانة، أو وفاءً وصدقاً أو الكسب والأمانة‏.‏ ‏{‏وَءَاتُوهُم‏}‏ من الزكاة من سهم الرقاب أو بحط بعض نجومه ندباً، أو إيجاباً فيحط ربعها، أو سهماً غير مقدر «ع»، كان لحويطب بن عبد العزى عبد سأله الكتابة فامتنع فنزلت، ‏{‏فَتَيَاتِكُمْ‏}‏ الإماء ‏{‏الْبِغَآءِ‏}‏ الزنا ‏{‏تَحَصُّناً‏}‏ عفة ‏{‏إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً‏}‏ لا يتحقق الإكراه إلا عند إرادة التحصن لأن من لا تبغي التحصن تسارع إلى الزنا بغير إكراه، أو ورد على سبب فخرج على صفة السبب وليس بشرط فيه كان ابن أُبَيِّ يُكره أمته على الزنا فزنت ببرد فأخذه وقال‏:‏ ارجعني فازني على آخر فقالت‏:‏ لا والله وأخبرت الرسول صلى الله عليه وسلم فنزلت‏.‏ وكان ذلك مستفيضاً من عادتهم طلباً للولد والكسب ‏{‏لِّتَبْتَغُواْ‏}‏ لتأخذوا أجورهن على الزنا ‏{‏غَفُورٌ رَّحِيمٌ‏}‏ للمُكْرَهات دون المُكْرِهين‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏35‏]‏

‏{‏اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ‏(‏35‏)‏‏}‏

‏{‏نُورُ السَّمَاوَاتِ والأَرْضِ‏}‏‏:‏ هاديهما أو مدبرهما، أو ضياؤهما أو مُنَوِّرهما؛ نَوَّر السماء بالملائكة والأرض بالأنبياء، أو السماء بالهيبة والأرض بالقدرة، أو نَوَّرهما بالشمس والقمر والنجوم ‏{‏مَثَلُ نُورِهِ‏}‏ نور المؤمن في قلبه، أو نور محمد صلى الله عليه وسلم في قلب المؤمن، أو نور القرآن في قلب محمد صلى الله عليه وسلم أو نور الله تعالى في قلب محمد صلى الله عليه وسلم، أو قلب المؤمن ‏{‏كَمِشْكَاةٍ‏}‏ كُوَّة لا تنفذ و‏{‏الْمِصْبَاحُ‏}‏ السراج، أو قنديل ‏[‏و‏]‏ المصباح‏:‏ الفتيلة، أو موضع الفتيلة من القنديل وهو الأنبوب والمصباح‏:‏ الضوء «ع»، أو السلسلة والمصباح‏:‏ القنديل، أو صدر المؤمن والمصباح‏:‏ القرآن الذي فيه والزجاجة قلبه والمشكاة، حبشي معرَّبٌ، ‏{‏الْمِصْبَاحٌ فِي زُجَاجَةٍ‏}‏ القنديل؛ لأنه فيها أضوأ قاله الأكثرون، أو المصباح القرآن والإيمان والزجاجة قلب المؤمن ‏{‏كَوْكَبٌ‏}‏ الزهرة، أو كوكب غير معين عن الأكثر ‏{‏دُرِّيء‏}‏ يشبه الدر في صفاته، دُرِّيٌ‏:‏ مضيء، دِرِّيءٌ‏:‏ متدافع قوي الضوء من درأ دفع، دِرِّيٌّ‏:‏ جارٍ درأ الوادي إذا جرى، والنجوم الدراري الجواري ‏{‏شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ‏}‏ إبراهيم عليه الصلاة والسلام، والزجاجة‏:‏ محمد صلى الله عليه وسلم، أو صفة لضياء دهن المصباح ‏{‏مُّبارَكَةٍ‏}‏؛ لأنها من زيتون الشام وهو أبرك من غيره، أو لأن الزيتون يورق غصنه من أوله إلى آخره ‏{‏لا شَرْقِيَّةٍ‏}‏ ليست من شجر الشرق ولا من شجر الغرب لقلة زيت الجهتين وضعف نوره ولكنها من شجر ما بينهما كالشام لاجتماع القوتين فيه، أو لا شرقية تستتر عن الشمس عند الغروب ولا غربية تستتر عنها وقت الطلوع بل هي بارزة من الطلوع إلى الغروب فإنه أقوى لزيتها وأضوأ، أو هي وسط الشجر لا تنالها الشمس إذا طلعت ولا إذا غربت وذلك أجود لزيتها، أو ليس في شجر الشرق ولا في شجر الغرب مثلها، أو ليست من شجر الدنيا التي تكون شرقية، أو غربية، وإنما هي من شجر الجنة «ح» أو مؤمنة ليست بنصرانية تصلي إلى الشرق ولا يهودية تصلي إلى الغرب، أو الإيمان ليس بشديد ولا لين؛ لأن من أهل الشرق شدة وفي أهل الغرب لين ‏{‏يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِىءُ‏}‏ صفاؤه كضوء النهار ‏{‏وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ‏}‏ أو يكاد قلب المؤمن يعرف الحق قبل أن يُبين له، أو يكاد العلم يفيض من فم المؤمن العالم قبل أن يتكلم به «ح» أو تكاد أعلام النبوة تشهد للرسول صلى الله عليه وسلم قبل أن يدعو إليه ‏{‏نُّورٌ عَلَى نُورِ‏}‏ ضوء النار على ضوء الزيت على ضوء الزجاجة، أو نور النبوة على نور الحكمة، أو نور الرجاء على نور الخوف، أو نور الإيمان على نور العمل، أو نور المؤمن هو حجة لله يتلوه مؤمن هو حجة لله حتى لا تخلو الأرض منهم، أو نور نبي من نسل نبي ‏{‏لِنُورِهِ‏}‏ نبوته، أو دينه، أو دلائل هدايته ‏{‏وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ‏}‏ هذا مثل ضربه للمؤمن في وضوح الحق له وفيه، أو ضربه لطاعته وسماهما نوراً لتجاوزهما عن محلهما، أو قالت اليهود يا محمد كيف يخلص نور الله من دون السماء فضرب الله تعالى ذلك مثلاْ لنوره «ع»‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏36‏]‏

‏{‏فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ ‏(‏36‏)‏‏}‏

‏{‏بُيُوتٍ‏}‏ المساجد «ع»، أو سائر البيوت ‏{‏تُرْفَعَ‏}‏ تُبْنَى، أو تطهر من الأنجاس والمعاصي، أو تعظم، أو ترفع فيها الحوائج إلى الله تعالى ‏{‏وَيُذْكَرَ فِيهَا أسْمُهُ‏}‏ يتلى كتابه «ع»، أو تذكر أسماؤه الحسنى، أو توحيده بأن لا إله غيره، ‏{‏فِى بُيُوتٍ‏}‏ متعلق بقوله كمشكاة، أو بقوله تعالى «يسبح» ‏{‏يُسَبِّحُ‏}‏ يصلي له «ع» أو ينزهه ‏{‏وَالأَصَالِ‏}‏ العشايا‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏37‏]‏

‏{‏رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ ‏(‏37‏)‏‏}‏

‏{‏تِجَارَةٌ‏}‏ التجار‏:‏ الجلاب المسافرون، والباعة‏:‏ المقيمون‏.‏ ‏{‏عَن ذِكْرِ اللَّهِ‏}‏ بأسمائه الحسنى، أو عن الآذان ‏{‏تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ‏}‏ على جمر جهنم، أو تتقلب أحوالها بأن تلحقها النار ثم تنضجها ثم تحرقها، أو تقلب القلوب‏:‏ وجيبها وتقلب الأبصار نظرها إلى نواحي الأهوال، أو تقلب القلوب‏:‏ بلوغها الحناجر وتقلب الأبصار الزُّرق بعد الكُحْل والعمى بعد الإبصار، أو يتقلب قلب الكافر عن الكفر إلى الإيمان ويتقلب بصره عما كان يراه غيَّاً فيراه رشداً‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏38‏]‏

‏{‏لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ‏(‏38‏)‏‏}‏

‏{‏بِغَيْرِ حِسَابٍ‏}‏ بغير جزاء بل يبتديه تفضلاً، أو غير مقدر بالكفاية حتى لا يزيد عليها، أو غير قليل ولا مضيق، أو غير ممنون به‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏39‏]‏

‏{‏وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآَنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ ‏(‏39‏)‏‏}‏

‏{‏كَسَرَابٍ‏}‏‏:‏ هو الذي يتخيل لرائيه أنه ماء جارٍ والآل مثله إلا أنه يرتفع عن الأرض ضُحى حتى يصير كأنه بين السماء والأرض، وقيل السراب بعد الزوال والآل قبل الزوال، والرقراق بعد العصر ‏{‏بِقِيعَةٍ‏}‏ جمع قاع كجيرة وجار وهو ما انبسط من الأرض واستوى‏.‏ مثل مضروب لاعتماد الكافر على ثواب عمله فإذا قدم على الله تعالى وجد ثوابه حابطاً بكفره ووجد أمر الله عند حشره، أو وجد الله تعالى عند عرضه، نزلت في شيبة بن ربيعة ترهّب في الجاهلية ولبس الصوف وطلب الدين وكفر في الإسلام‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏40‏]‏

‏{‏أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ ‏(‏40‏)‏‏}‏

‏{‏كَظُلُمَاتٍ‏}‏ ظلمة البحر وظلمة السحاب وظلمة الليل ‏{‏لُّجِّىٍّ‏}‏ واسع لا يرى ساحله، أو كثير الموج، أو عميق، ولجة البحر‏:‏ وسطه ‏{‏لَمْ يَكَدْ‏}‏ لم يَرَهَا ولم يكد قاله الزجاجَ، أو رآها بعد أن كادَ لا يراها، أو لم يطمع أن يراها، أو يكاد صلة ‏{‏وَمَن لًّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً‏}‏ سبيلاً إلى النجاة فلا سبيل له إليها، أو من لم يهده الله إلى الإسلام لم يهتدِ إليه‏.‏ مثل للكافر والظلمات ظلمة الشرك وظلمة الشك وظلمة المعاصي، والبحر اللجي قلبه يغشاه موج عذاب الدنيا من فوقه موج عذاب الآخرة‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏41‏]‏

‏{‏أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ ‏(‏41‏)‏‏}‏

‏{‏صَآفَّاتٍ‏}‏ مُصْطفة الأجنحة في الهواء ‏{‏صَلاتَهُ‏}‏ الصلاة‏:‏ للإنسان والتسبيح‏:‏ لسائر الخلق، أو هذا في الطير؛ ضرب أجنحتها صلاة وأصواتها تسبيح، أو للطير صلاة لا ركوع فيها ولا سجود، قاله سفيان، علم الله صلاته وتسبيحه، أو علمها هو‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏43‏]‏

‏{‏أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ ‏(‏43‏)‏‏}‏

‏{‏يُزْجِى‏}‏ يسوق ‏{‏رُكَاماً‏}‏ يركب بعضه بعضاً ‏{‏الْوَدْقَ‏}‏ البرق يخرج من خلال السحاب، أو المطر عند الجمهور ‏{‏مِن جِبَالٍ‏}‏ أي في السماء جبال بَرَد فينزل من السماء من تلك الجبال ما يشاء من البرد، أو ينزل من السماء بَرَداً يكون كالجبال، أو السماء‏:‏ السحاب والسماء صفة للسحاب سُمي جبالاً لعظمته فينزل منه برداً ‏{‏سَنَا بَرْقِهِ‏}‏ صوت برقه، أو ضوؤه، أو لمعانه‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏44‏]‏

‏{‏يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ ‏(‏44‏)‏‏}‏

‏{‏يُقَلِّبُ اللَّهُ الَّيْلَ وَالنَّهَارَ‏}‏ بتعاقبهما، أو بنقص كل واحد منهما وزيادة الآخر، أو يغير النهار بظلمة السحاب تارة وبضوء الشمس أخرى ويغير الليل بظلمة السحاب تارة وبضوء القمر أخرى‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏45‏]‏

‏{‏وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ‏(‏45‏)‏‏}‏

‏{‏مِّن مَّآءٍ‏}‏ النطفة، أو أصل الخلق كله الماء ثم قلب إلى النار فخلق منها الجن وإلى الريح فخلق منها الملائكة وإلى الطين فخلق منه ما خلق ‏{‏عَلَى بَطْنِهِ‏}‏ كالحوت والحية ‏{‏عَلَىَ رِجْلَيْنِ‏}‏ كالإنسان والطير ‏{‏عَلَى أَرْبَعٍ‏}‏ كالأنعام ولم يذكر ما زاد لأنه كالماشي على أربع لأنه يعتمد في مشيته على أربع‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏48‏]‏

‏{‏وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ ‏(‏48‏)‏‏}‏

‏{‏مُّعْرِضُونَ‏}‏ كان بين بِشْر المنافق وبين يهودي خصومة فدعاه اليهودي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ودعا بشر إلى كعب بن الأشرف؛ لأن الحق إذا توجه على المنافق دعا إلى غير الرسول صلى الله عليه وسلم ‏[‏ليسقط عنه‏]‏ وإن كان الحق له حاكم إليه ليستوفيه له فنزلت ‏{‏وَإِذَا دُعُواْ‏}‏‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏49‏]‏

‏{‏وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ ‏(‏49‏)‏‏}‏

‏{‏مُذْعِنِينَ‏}‏ طائعين، أو خاضعين، أو مسرعين، أو مقرين‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏50‏]‏

‏{‏أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ‏(‏50‏)‏‏}‏

‏{‏مَّرَضٌ‏}‏ شرك، أو نفاق‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏54‏]‏

‏{‏قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ‏(‏54‏)‏‏}‏

‏{‏مَا حُمِّلَ‏}‏ من إبلاغكم ‏{‏مَّا حُمِّلْتُمْ‏}‏ من طاعته ‏{‏تَهْتَدُواْ‏}‏ إلى الحق ‏{‏الْبَلاغُ‏}‏ بالقول للطائع وبالسيف للعاصي‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏55‏]‏

‏{‏وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ‏(‏55‏)‏‏}‏

‏{‏الأَرْضِ‏}‏ بلاد العرب والعجم، أو أرض مكة؛ لأن المهاجرين سألوا الله تعالى ذلك ‏{‏الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ‏}‏ بنو إسرائيل في أرض الشام، أو داود وسليمان عليهما الصلاة والسلام ‏{‏وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ‏}‏ بإظهاره على كل دين ‏{‏لا يُشْرِكُونَ‏}‏ لا يعبدون إلهاً غيري، أو لا يراؤون بعبادتي، أو لا يخافون غيري «ع»، أو لا يحبون غيري‏.‏ قيل هي في الخلفاء الأربعة‏.‏ قال الرسول صلى الله عليه وسلم‏:‏ «الخلافة بعدي ثلاثون»‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏58‏]‏

‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ‏(‏58‏)‏‏}‏

‏{‏الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ‏}‏ النساء يستأذن في الأوقات الثلاث خاصة ويستأذن الرجال في جميع الأوقات، أو العبيد والإماء فيستأذن العبد دون الأمة على سيده في هذه الأوقات، أو الأمة وحدها؛ لأن العبد يلزمه الاستئذان في كل وقت «ع»، أو العبد والأمة جميعاً ‏{‏وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُواْ الْحُلُمَ‏}‏ الصغار الأحرار فإن كان لا يصف ما رأى فليس من أهل الاستئذان وإن كان يصفه فيستأذن في الأوقات الثلاث ولا يلزمهم الاستئذان فيما وراء الثلاث‏.‏ وخُصَّت هذه الأوقات لخلوة الرجل فيها بأهله وربما ظهر منه فيها ما يكره أون يرى من جسده‏.‏ وبعث الرسول صلى الله عليه وسلم إلى عمر رضي الله تعالى عنه وقت القائلة غلاماً من الأنصار فدخل بغير إذن فاستيقظ عمر رضي الله تعالى عنه بسرعة فانكشف منه شيء فرآه الغلام فحزن عمر رضي الله تعالى عنه لذلك وقال‏:‏ وددت أن الله تعالى بفضله نهى أن يدخل علنيا في هذه الساعات إلا بإذننا فانطلق إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فوجد هذه الآيات قد نزلت فخر ساجداً‏.‏ ‏{‏ثَلاثُ عَوْرَاتٍ‏}‏ لما اشتملت الساعات الثلاث على العورات سماهن عورات إجراءً لعورات الزمان مجرى عورات الأبدان فلذلك خصها بالإذن ‏{‏لَيْسَ عَلَيْكُمْ‏}‏ جناح في تبذلكم في هذه الأوقات، أو في منعهم فيها ‏{‏وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ‏}‏ في ترك الاستئذان فيما سواهن‏.‏ ‏{‏طَوَّافُونَ عَلَيْكُم‏}‏ بالخدمة فلم يُحرَّج عليهم في دخول منازلكم، والطوَّاف‏:‏ الذي يكثر الدخول والخروج‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏59‏]‏

‏{‏وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ‏(‏59‏)‏‏}‏

‏{‏الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ‏}‏ الرجال أوجب الاستئذان على من بلغ؛ لأنه صار رجلاً‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏60‏]‏

‏{‏وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ‏(‏60‏)‏‏}‏

‏{‏وَالْقَوَاعِدُ‏}‏ جمع قاعد قعدت بالكبر عن الحيض والحمل، أو لأنها تكثر القعود بعد الكبر، أو لأنها لا تراد فتقعد عن الاستمتاع ‏{‏لا يَرْجُونَ‏}‏ لا يردن لأجل كبرهن الرجال ولا يردهن الرجال ‏{‏ثِيَابَهُنَّ‏}‏ رداؤها الذي فوق خمارها تضعه إذا سترها باقي ثيابها، أو خمارها ورداءها ‏{‏مُتَبَرِّجَاتٍ‏}‏ مظهرات من زينتهن ما يستدعى النظر إليهن فإنه حرام على القواعد وغيرهن، وجاز لهن وضع الجلباب لانصراف النفوس عنهن، وتمنع الشواب من وضع الجلباب ويُؤمرن بلباس أكثف الجلابيب لئلا تصفهن ثيابهن ‏{‏وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ‏}‏ تعفف القاعدة من وضع الجلابيب أفضل لها وأولى بها من وضعه وإن كان جائزاً‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏61‏]‏

‏{‏لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آَبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ‏(‏61‏)‏‏}‏

‏{‏لَّيْسَ عَلَى الأَعْمَى‏}‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏ إلى ‏{‏الْمَرِيضِ‏}‏ كان الأنصار يتحرجون من الأكل مع هولاء إذا دعوا إلى طعام ويقولون الأعمى لا يبصر أطيب الطعام، والأعرج لا يقدر على الزحام عند الطعام، والمريض عن مشاركة الصحيح في الطعام، فكانوا يعزلون طعامهم، ويرون أنه أفضل من مشاركتهم فنزلت الآية رافعة للحرج في مؤاكلتهم «ع»، أو كان الأنصار يستخلفون أهل الزَّمانة المذكورين في منازلهم إذا خرجوا للجهاد فكانوا يتحرجون أن يأكلوا منها فرخص لهم أن يأكلوا من بيوت من استخلفهم، أو نزلت في سقوط الجهاد عنهم «ح»، أو لا جناح على من دُعي منهم إلى وليمة أن يأخذ معه قائده ‏{‏بُيُوتِكُمْ‏}‏ أموال عيالكم وزوجاتكم لأنهم في بيته، أو أولادكم فنسبت بيوت الأولاد إليهم كقوله‏:‏ «أنت ومالك لأبيك» ولذلك لم تذكر بيوت الأبناء، أو البيوت التي أنتم ساكنوها خدمة لأهلها واتصالاً بأربابها كالأهل والخدم ‏{‏أَوْ بُيُوتِ ءَابَآئِكُمْ‏}‏‏.‏‏.‏‏.‏ إلى ‏{‏خَالاتِكُمْ‏}‏ أباح الأكل من بيوت هؤلاء إذا كان الطعام مبذولاً غير مُحرز، فإن مكان مُحرزاً فلا يجوز هتك الحرز، ولا يتعدى إلى غير المأكول ولا يتجاوز الأكل إلى الادخار ‏{‏مَلَكْتُم مَّفَاتِحَهُ‏}‏ وكيل الرجل وقَيِّمُه في ضيعته يجوز أن يأكل مما يقوم ‏[‏عليه‏]‏ من ثمار الضيعة «ع»، أو يأكل من منزل نفسه ما ادخره، أو أكله من مال عبده ‏{‏صَدِيقِكُمْ‏}‏ في الوليمة خاصة، أو في الوليمة وغيرها وإذا كان الطعام غير محرز، والصديق واحد يعبّر به عن الجمع، قال الرسول صلى الله عليه وسلم‏:‏ «قد جعل الله في الصديق البار عوضاً من الرحم المذمومة»، والصديق‏:‏ من صدقك عن مودته، أو من وافق باطنه باطنك كما يوافق ظاهره ظاهرك، وما تقدم ذكره محكم لم ينسخ منه شيء، قاله قتادة‏:‏ أو نسخ بوقوله تعالى‏:‏ ‏{‏لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتَ النبى‏}‏ ‏[‏الأحزاب‏:‏ 53‏]‏ وبقوله‏:‏ «لا يحل مال أمرىء مسلم» الحديث ‏{‏أَن تَأْكُلُواْ جَمِيعاً‏}‏ كان بنو كنانة في الجاهلية يرى أحدهم أنه يحرم عليه الأكل وحده حتى أن أحدهم ليسوق الذود الحُفَّل وهو جائع حتى يجد من يؤاكله ويشاربه فنزلت فيهم، أو في قوم من العرب كانوا يتحرجون إذا نزل بهم ضيف أن يتركوه يأكل وحده حتى يأكلوا معه، أو في قوم تحرجوا من الاجتماع على الأكل ورأوا ذلك دِيناً، أو في قوم مسافرين اشتركوا في أزوادهم فكان إذا تأخر أحدهم أمسك الباقون حتى يحضر فرخص لهم في الأكل جماعة وفرادى ‏{‏بُيُوتاً‏}‏ المساجد، أو جميع البيوت ‏{‏عَلَى أَنفُسِكُمْ‏}‏ إذا دخلتم بيوتكم فسلموا على أهلكم وعيالكم، أو المساجد، فسلموا على من فيها «ع»، أو بيوت غيركم فسلموا عليهم «ح»، أو بيوتاً فسلموا على أهل دينكم، أو بيوتاً فارغة فسلموا على أنفسكم‏:‏ السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أو سلام علينا من ربنا تحية من الله ‏{‏تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّهِ‏}‏ السلام اسم من أسماء الله تعالى، أو التحية بالسلام أمر من أوامره، أو الرد عليه إذا سلم دعاء له عند الله، أو الملائكة ترد عليه إذا سلم فيكون ثواباً من عند الله ‏{‏مُبَارَكَةً‏}‏ بما فيها من الثواب الجزيل، أو لما يرجى من قبول دعاء المجيب‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏62‏]‏

‏{‏إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ‏(‏62‏)‏‏}‏

‏{‏أَمْرٍ جَامِعٍ‏}‏ الجهاد، أو طاعة الله، أو الجمعة، أو الاستسقاء والعيدان وكل شيء تكون فيه الخطبة ‏{‏لِّمَن شِئْتَ‏}‏ على حسب ما ترى من أعذارهم ونياتهم‏.‏ قيل نزلت في عمر رضي الله تعالى عنه استأذن الرسول صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك أن يرجع إلى أهله، فأذن له وكان المنافقون إذا استأذنوه نظر إليهم ولم يأذن، فيقول بعضهم لبعض إن محمداً يزعم أنه بُعث بالعدل وهكذا يصنع بنا ‏{‏وَاسْتَغْفِرْ‏}‏ لمن أذنت له لتزول عنه مذمة الانصراف‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏63‏]‏

‏{‏لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ‏(‏63‏)‏‏}‏

‏{‏لا تَجْعَلُواْ دُعَآءَ الرَّسُولِ‏}‏ نهى عن التعرض لدعائه بإسخاطه فإن دعاءه يوجب العقوبة وليس كدعاء غيره «ع»، أو لا تدعونه بالغلظة والجفاء ولكن بالخضوع والتذلل؛ يا رسول الله، يا نبي الله، أو لا تتأخروا عن أمره ولا تقعدوا عن استدعائه إلى الجهاد كما يتأخر بعضهم عن أجابة بعض ‏{‏الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ‏}‏ المنافقون يتسللون عن صلاة الجمعة يلوذ بعضهم ببعض استتاراً من الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يكن أثقل عليهم من الجمعة وحضور الخطبة، أو كانوا يتسللون في الجهاد برجوعهم عنه يلوذ بعضهم ببعض ‏{‏لِوَاذاً‏}‏ فراراً من الجهاد «ح» ‏{‏يُخَالِفُونَ‏}‏ يعرضون، أو «عن» صلة ‏{‏عَنْ أَمْرِهِ‏}‏ أمر الله تعالى، أو الرسول صلى الله عليه وسلم ‏{‏فِتْنَةٌ‏}‏ كفر، أو عقوبة، أو بلية تظهر نفاقهم ‏{‏عَذَابٌ أَلِيمٌ‏}‏ جهنم، أو القتل في الدُنيا‏.‏

‏[‏سورة الفرقان‏]‏

تفسير الآية رقم ‏[‏1‏]‏

‏{‏تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ‏(‏1‏)‏‏}‏

‏{‏تَبَارَكَ‏}‏ تفاعل من البركة «ع»، أو خالق البركة، أو الذي تجيء منه البركة وهو العلو، أو الزيادة، أو العظمة ‏{‏الْفُرْقَانَ‏}‏ القرآن؛ لأن فيه بيان الحلال والحرام، أو الفرقة بين الحق والباطل، وقيل الفرقان اسم لكل مُنزل ‏{‏لِيَكُونَ‏}‏ محمداً صلى الله عليه وسلم أو الفرقان ‏{‏لِلْعَالَمِينَ‏}‏ الجن والإنس؛ لأنه أرسل إليهم ‏{‏نَذِيراً‏}‏ محذراً من الهلاك، ولم تعم رسالة نبي قبله إلا نوح عليه الصلاة والسلام فإنه عم الإنس برسالته بَعد الطوفان وقبل الطوفان مذهبان‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏4‏]‏

‏{‏وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آَخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا ‏(‏4‏)‏‏}‏

‏{‏وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ‏}‏ مشركو مكة، أو النضر بن الحارث «ع» ‏{‏إِفْكٌ‏}‏ كذب اختلقه وأعانه ‏{‏قَوْمٌ‏}‏ من اليهود، أو عبد الله بن الحضرمي، أو عداس مولى عتبة «وجبر مولى عامر بن الحضرمي»، أو أبو فكيهة الرومي‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏7‏]‏

‏{‏وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا ‏(‏7‏)‏‏}‏

‏{‏يَأْكُلُ الطَّعَامَ‏}‏ أنكروا أن يكون الرسول مثلهم محتاجاً إلى الطعام متبذلاً في الأسواق، أو ينبغي كما اختص بالرسالة فكذلك يجب أن لا يحتاج إلى الطعام كالملائكة ولا يتبذل في الأسواق كالملوك ‏{‏أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ‏}‏ دليلاً على صدقه، أو وزيراً يرجع إلى رأيه‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏8‏]‏

‏{‏أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا ‏(‏8‏)‏‏}‏

‏{‏كَنزٌ‏}‏ ينفق منه على نفسه وأتباعه كأنهم استقلوه لفقره ‏{‏وَقَالَ الظَّالِمُونَ‏}‏ مشركو مكة، أو عبد الله بن الزَّبَعْرَى ‏{‏مَّسْحُوراً‏}‏ سُحر فزال عقلُه، أو سحركم فيما يقوله‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏9‏]‏

‏{‏انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا ‏(‏9‏)‏‏}‏

‏{‏ضَرَبُواْ لَكَ الأَمْثَالَ‏}‏ بما تقدم من قولهم ‏{‏فَضَلُّواْ‏}‏ عن الحق في ضربها، أو فناقضوا في ذلك لأنهم قالوا‏:‏ افتراه ثم قالوا يُملى عليه ‏{‏سَبِيلاً‏}‏ مخرجاً من الأمثال التي ضربوها، أو سبيلاً لطاعة الله تعالى أو سبيلاً إلى الخير‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏13‏]‏

‏{‏وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا ‏(‏13‏)‏‏}‏

‏{‏ضَيِّقاً‏}‏ تضيق جهنم على الكافر كمضيق الزُّج على الرمح ‏{‏مُّقَرَّنِينَ‏}‏ مُكَتَّفين، أو قرن كل واحد منهم إلى شيطانه‏.‏ ‏{‏ثُبُوراً‏}‏ ويلاً أو هلاكاً، أو وانصرافاه عن طاعة الله كقول الرجل واحسرتاه وانداماه‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏16‏]‏

‏{‏لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ خَالِدِينَ كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْئُولًا ‏(‏16‏)‏‏}‏

‏{‏مَا يَشَآءُونَ‏}‏ من النعيم وتُصرف المعاصي عن شهواتهم ‏{‏وَعْداً مَّسْئُولاً‏}‏ وعدهم الله الجزاء فسألوه الوفاء فوفى «ع»، أو يسأله لهم الملائكة فيجابون إلى مَسْألتهم، أو سألوه في الدنيا أن يرزقهم الجنة فأجابهم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏17‏]‏

‏{‏وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ ‏(‏17‏)‏‏}‏

‏{‏يَحْشُرُهُمْ‏}‏ حشر الموت، أو البعث «ع» ‏{‏وَمَا يَعْبُدُونَ‏}‏ عيسى وعُزير والملائكة ‏{‏فَيَقُولُ‏}‏ للملائكة، أو لعيسى وعُزير والملائكة ‏{‏ءَأَنتُمْ‏}‏ تقريرٌ لإكذاب المدعين عليهم ذلك‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏18‏]‏

‏{‏قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآَبَاءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا ‏(‏18‏)‏‏}‏

‏{‏مِنْ أَوْلِيَآءَ‏}‏ نواليهم على عبادتنا، أو نتخذهم لنا أولياء ‏{‏مَّتَّعْتَهُمْ‏}‏ بتأخير العذاب، أو بطول العمر، أو بالأموال والأولاد ‏{‏بُوراً‏}‏ هلكى، البوار‏:‏ الهلاك «ع»، أو لا خير فيهم، بارت الأرض‏:‏ تعطلت من الرزع فلم يكن فيها خير، أو البوار‏:‏ الفساد بارت السلعة‏:‏ كسدت كساداً فاسداً‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏19‏]‏

‏{‏فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلَا نَصْرًا وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا ‏(‏19‏)‏‏}‏

‏{‏فَقَدْ‏}‏ كذبكم الكفار أيها المؤمنون ‏{‏بِمَا تَقُولُونَ‏}‏ من بنوة محمد صلى الله عليه وسلم، أو كذب الملائكة والرسل الكفار بقولهم إنهم اتخذوهم أولياء من دونه ‏{‏صَرْفاً‏}‏ للعذاب عنهم ولا ينصرون أنفسهم، أو صرف الحجة ‏{‏وَلا نَصْراً‏}‏ على آلهتهم في تكذيبهم، أو صرفك يا محمد عن الحق ولا نصر أنفسهم من عذاب التكذيب، أو الصرف‏:‏ الحلية من قولهم إنه ليتصرف أي يحتال، وفي الحديث‏:‏ «لا يقبل منه صرف أي نافلة ولا عدل أي فريضة»، أو الصرف‏:‏ الدية والعدل‏:‏ القود‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏20‏]‏

‏{‏وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا ‏(‏20‏)‏‏}‏

‏{‏فِتْنَةً‏}‏ اختباراً يقول الفقير لو شاء لجعلني غنياً مثل فلان وكذلك يقول الأعمى والسقيم للبصير، والسليم، أو العداوات في الدين، أو صبر الأنبياء على تكذيب قومهم، أو لما أسلم بلال وعمار وصهيب وأبو ذر وعامر بن فهيرة وسالم مولى أبي حذيفة وغيرهم من الفقراء والموالي قال‏:‏ المستهزئون من قريش انظروا إلى أتباع محمد من فقرائنا وموالينا فنزلت، والفتنة‏:‏ البلاء، أو الاختبار ‏{‏أَتَصْبِرُونَ‏}‏ على ما امتُحنتم به من الفتنة تقديره أم لا تَصْبرون‏.‏ ‏{‏بَصِيراً‏}‏ بمن يجزع‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏21‏]‏

‏{‏وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا ‏(‏21‏)‏‏}‏

‏{‏لا يَرْجُونَ‏}‏ لا يخافون، أو لا يأملون، أو لا يبالون ‏{‏الْمَلائِكَةُ‏}‏ ليخبرونا بنبوة محمد، أو رسلاً بدلاً من رسالته ‏{‏اسْتَكْبَرُواْ‏}‏ باقتراحهم رؤية ربهم ونزول الملائكة، أو بإنكارهم إرسالَ محمد صلى الله عليه وسلم إليهم ‏{‏عُتُوّاً‏}‏ تجبراً، أو عصياناً، أو سرفاً في الظلم، أو غلواً في القول، أو شدة الكفر «ع»، نزلت في عبد الله بن أبي أمية ومكرز بن حفص في جماعة من قريش قالوا‏:‏ لولا أنزل علينا الملائكة، أو نرى ربنا‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏22‏]‏

‏{‏يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا ‏(‏22‏)‏‏}‏

‏{‏يَوْمَ يَرَوْنَ‏}‏ يوم الموت، أو القيامة ‏{‏لا بُشْرَى‏}‏ للمجرمين بالجنة ‏{‏وَيَقُولُونَ‏}‏ الملائكة للكفار، أو الكفار لأنفسهم ‏{‏حِجْراً مَّحْجُوراً‏}‏ معاذ الله أن تكون لكم البشرى، أو حراماً محرماً أن تكون لكم البشرى، أو منعنا أن يصل إلينا شيء من الخير‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏23‏]‏

‏{‏وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا ‏(‏23‏)‏‏}‏

‏{‏وَقَدِمْنَآ‏}‏ عمدنا ‏{‏مِنْ عَمَلٍ‏}‏ خير فأحبطناه بالكفر، أو عمل صالح لا يراد به وجه الله‏.‏ ‏{‏هَبَآءً‏}‏ رَهَج الدواب «غبار يسطع من تحت حوافرها»، أو كالغبار يكون في شعاع الشمس إذا طلعت في كوة، أو ما ذرته الريح من أرواق الشجر، أو الماء المهراق «ع» أو الرماد‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏24‏]‏

‏{‏أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا ‏(‏24‏)‏‏}‏

‏{‏وَأَحْسَنُ مَقِيلاً‏}‏ المستقر في الجنة، والمقيل دونها، أو عبّر به عن الدعة وإن لم يقيلوا، أو مقيلهم الجنة على الأسرة مع الحور، ومقيل أعداء الله مع الشياطين مقرنين «ع»، أو يفرغ من حسابهم وقت القائلة وهو نصف النهار‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏25‏]‏

‏{‏وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا ‏(‏25‏)‏‏}‏

‏{‏بِالْغَمَامِ‏}‏ المعهُود لأنه لا يبقى بعد انشقاق السماء، أو غمام أبيض يكون في السماء ينزله الله تعالى على الأنبياء فيشقق السماء فيخرج منها ‏{‏وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ‏}‏ ليبشروا المؤمن بالجنة والكافر بالنار، أو ليكون مع كل نفس سائق وشهيد‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏27‏]‏

‏{‏وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا ‏(‏27‏)‏‏}‏

‏{‏الظَّالِمُ‏}‏ قيل عقبة بن أبي مُعيط ‏{‏سَبِيلاً‏}‏ طريقاً إلى النجاة أو بطاعة الله، أو وسيلة عند الرسول صلى الله عليه وسلم تكون صلة إليه‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏28‏]‏

‏{‏يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا ‏(‏28‏)‏‏}‏

‏{‏فُلاناً‏}‏ لا يثنى ولا يجمع‏.‏ وهو هنا الشيطان، أو أُبي بن خلف، أو أمية بن خلف كان خليلاً لعقبة وكان عقبة يغشى مجلس الرسول صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ أمية بلغني أنك صبوت إلى دين محمد، فقال‏:‏ ما صبوت فقال‏:‏ وجهي من وجهك حرام حتى تأتيه فتتفل في وجهه وتبرأ منه، فأتاه عقبة وتفل في وجهه وتبرأ منه فاشتد ذلك على الرسول صلى الله عليه سلم فنزلت‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏30‏]‏

‏{‏وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآَنَ مَهْجُورًا ‏(‏30‏)‏‏}‏

‏{‏مَهْجُوراً‏}‏ أعرضوا عنه، أو قالوا‏:‏ فيه هُجراً وقبيحاً، أو جعلوه هجراً من الكلام وهو ما لا فائدة فيه كالبعث والهذيان‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏32‏]‏

‏{‏وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآَنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا ‏(‏32‏)‏‏}‏

‏{‏وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ‏}‏ قريش، أو اليهود‏:‏ هلا نُزل القرآن جملة واحدة كالتوراة ‏{‏لِنُثَبِّتَ‏}‏ لنشجع به قلبك؛ لأنه معجزة تدل على صدقك، أو أنزلناه متفرقاً لنثبت به فؤادك؛ لأنه أُمي لا يقرأ فنزل مفرقاً ليكون أثبت في فؤاده وأعلق بقلبه، أو ليثبت فؤاده باتصال الوحي فلا يصير بانقطاعه مستوحشاً ‏{‏وَرَتَّلْنَاهُ‏}‏ رسلناه شيئاً بعد شيء «ع»، أو فرقناه، أو فصلناه، أو فسرناه، أو بيناه «ع»‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏38‏]‏

‏{‏وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا ‏(‏38‏)‏‏}‏

‏{‏الرَّسِّ‏}‏ المعدن، أو قرية من قرى اليمامة يقال‏:‏ لها الفلج من ثمود، أو ما بين نجران واليمن إلى حضرموت، أو بئر بأذربيجان «ع»، أو بأنطاكية الشام قتل بها صاحب ياسين، أو كل بئر لم تُطْو فهي رس‏.‏ وأصحابها قوم شعيب، أو قوم رسو نبيهم في بئر، أو قوم نزلوا على بئر وكانوا يعبدون الأوثان فلا يظفرون بأحد يخالف دينهم إلا قتلوه وَرَسُّوه فيها وكان الرسل بالشام، أو قوم أكلوا نبيهم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏40‏]‏

‏{‏وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ نُشُورًا ‏(‏40‏)‏‏}‏

‏{‏الْقَرْيَةِ‏}‏ سدوم‏.‏ و‏{‏مَطَرَ السَّوْءِ‏}‏ الحجارة‏.‏ ‏{‏يَرَوْنَهَا‏}‏ يعتبرون بها ‏{‏لا يَرْجُونَ‏}‏ لا يخافون بعثاً‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏43‏]‏

‏{‏أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا ‏(‏43‏)‏‏}‏

‏{‏مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ‏}‏ قوم كانوا يعبدون ما يستحسنونه من الحجارة فإذا رأوا أحسن منه عبدوه وتركوا الأول «ع»، أو الحارث بن قيس كان إذا هوى شيئاً عبده، أو التابع هواه في كل ما دعاه إليه «ح»‏.‏

‏{‏وَكِيلاً‏}‏ ناصراً، أو حفيظاً، أو كفيلاً أو مسيطراً‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏45‏]‏

‏{‏أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا ‏(‏45‏)‏‏}‏

‏{‏مَدَّ‏}‏ بسط ‏{‏الظِّلَّ‏}‏ الليل يظل الأرض يدْبر بطلوع الشمس ويقْبل بغروبها، أو ظلال النهار بما حجب عن شعاع الشمس، والظل ما قبل الزوال والفيء بعده، أو الظل‏:‏ قبل طلوع الشمس والفيء بعد طلوعها‏.‏ ‏{‏سَاكِناً‏}‏ دائماً‏.‏ ‏{‏دَلِيلاً‏}‏ برهاناً على الظل، أو تالياً يتبعه حتى يأتي عليه كله «‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏46‏]‏

‏{‏ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا ‏(‏46‏)‏‏}‏

‏{‏قَبَضْنَاهُ‏}‏ قبضنا الظل بطلوع الشمس، أو بغروبها‏.‏ ‏{‏يَسِيراً‏}‏ سريعاً «ع»، أو سهلاً، أو خفياً‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏47‏]‏

‏{‏وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا ‏(‏47‏)‏‏}‏

‏{‏لِبَاساً‏}‏ غطاء كاللباس‏.‏ ‏{‏سُبَاتاً‏}‏ راحة لقطع العمل فيه، أو لأنه مسبوت فيه كالميت لا يعقل‏.‏ ‏{‏نُشُوراً‏}‏ باليقظة كالنشور بالبعث، أو ينتشر فيه للمعاش‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏48‏]‏

‏{‏وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا ‏(‏48‏)‏‏}‏

‏{‏الرِّيَاحَ‏}‏ قال أُبي بن كعب‏:‏ كل شيء من ذكر الرياح في القرآن فهو رحمة وكل شيء من الريح فهو عذاب، قيل لأن الرياح جمع وهي الجنوب والشمال والصبا لأنها لواقح، والعذاب ريح واحدة، وهي الدَّبور؛ لأنها لا تُلقح‏.‏ ‏{‏نشراً‏}‏ تنشر السحاب ليمطر، أو تحيي الخلق كما يحيون بالنشور‏.‏ ‏{‏بشراً‏}‏ لتبشيرها بالمطر، أو لأنهم يستبشرون بالمطر‏.‏ ‏{‏رَحْمَتِهِ‏}‏ بالمطر‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏49‏]‏

‏{‏لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا ‏(‏49‏)‏‏}‏

‏{‏بَلْدَةً مَّيْتاً‏}‏ لا عمارة بها ولا زرع وإحياؤها إنبات زرعها وشجرها ‏{‏وَأَنَاسِىَّ‏}‏ جمع إنسان، أو جمع إنسي‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏50‏]‏

‏{‏وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا ‏(‏50‏)‏‏}‏

‏{‏صَرَّفْنَاهُ‏}‏ الفرقان، أو المطر‏.‏ قسمة بينهم فلا يدوم على مكان فيهلك، ولا ينقطع عن آخر فيفسد، أو يصرفه في كل عام من مكان إلى مكان، قال ابن عباس‏.‏ رضي الله تعالى عنهما‏:‏ ليس عام بأمطر من عام ولكن الله تعالى يصرفه بين عباده ‏{‏كُفُوراً‏}‏ قولهم‏:‏ مطرنا بالأنواء‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏52‏]‏

‏{‏فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا ‏(‏52‏)‏‏}‏

‏{‏فَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ‏}‏ في تعظيم آلهتهم، أو موادعتهم ‏{‏وَجَاهِدْهُمْ بِهِ‏}‏ بالقرآن أو الإسلام‏.‏ ‏{‏كَبِيراً‏}‏ بالسيف، أو الغلظة‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏53‏]‏

‏{‏وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا ‏(‏53‏)‏‏}‏

‏{‏مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ‏}‏ أرسل أحدهما في الآخر، أو خلاهما مرجت الشيء خليته، ومرج الوالي الناس تركهم، ومرجت الدابة تركتها ترعى، فهما بحر السماء وبحر الأرض، أو بحر فارس والروم، أو بحر العذب وبحر الملح‏.‏ ‏{‏فُرَاتٌ‏}‏ عذب أو أعذب العذب ‏{‏أُجَاجٌ‏}‏ ملح، أو أملح الملح، أو مر، أو حار متوهج من تأجج النار ‏{‏بَرْزَخاً‏}‏ حاجزاً من اليبس «ح» أو التخوم، أو الأجل ما بين الدنيا والآخرة‏.‏ ‏{‏وَحِجْراً‏}‏ مانعاً أن يختلط العذب بالمالح‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏54‏]‏

‏{‏وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا ‏(‏54‏)‏‏}‏

‏{‏نَسَباً‏}‏ كل من ناسب بولد أو والد وكل شيء أضيف إلى آخر ليعرف به فهو يناسبه‏.‏ ‏{‏وَصِهْراً‏}‏ الرضاع، أو المناكح، أو النسب ما لا يحل نكاحه من قريب وغيره والصهر ما يحل نكاحه من قريب وغيره، أصل الصهر الملاصقة، أو الاختلاط لاختلاط الناس بها‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏55‏]‏

‏{‏وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُهُمْ وَلَا يَضُرُّهُمْ وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا ‏(‏55‏)‏‏}‏

‏{‏عَلَى رَبِّهِ‏}‏ أولياء ربه‏.‏ ‏{‏ظَهِيراً‏}‏ عوناً، أو الكافر هين على الله، ظهر فلان بحاجتي استهان بها، منه ‏{‏وَرَآءَكُمْ ظِهْرِيّاً‏}‏ ‏[‏هود‏:‏ 92‏]‏ قيل نزلت‏:‏ في أبي جهل‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏60‏]‏

‏{‏وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا ‏(‏60‏)‏‏}‏

‏{‏قَالُواْ وَمَا الرَّحْمَنُ‏}‏ لم تكن العرب تعرف هذا الاسم لله تعالى فلما دعوا إلى السجود له بهذا الاسم سألوا عنه مسألة الجاهل، أو لأن مسيلمة يُسمى بالرحمن فلما سمعوه في القرآن ظنوه مسيلمة فأنكروا السجود له، أو ورد في قوم لا يعرفون الصانع ولا يقرون فلما دعوا إلى السجود أزدادوا نفوراً على نفورهم وإلا فالعرب كانت تعرف الرحمن قبل ذلك‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏61‏]‏

‏{‏تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا ‏(‏61‏)‏‏}‏

‏{‏بُرُوجاً‏}‏ نجوماً عظاماً أو قصوراً فيها الحرس، أو مواضع الكواكب، أو منازل الشمس‏.‏ ‏{‏سِرَاجاً‏}‏ الشمس‏.‏ سُرُجاً‏:‏ النجوم، وسمى الشمس سراجاً لاقتران نورها بالحرارة كالسراج، وسمى القمر بالنور لعدم ذلك فيه‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏62‏]‏

‏{‏وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا ‏(‏62‏)‏‏}‏

‏{‏خِلْفَةً‏}‏ ما فات في أحدهما قضي في الآخر، أو يختلفان ببياض أحدهما وسواد الآخر، أو يخلف كل واحد منهما الآخر بالتعاقب‏.‏ ‏{‏يَذَّكَّرَ‏}‏ يصلي بالليل صلاة النهار، وبالنهار صلاة الليل‏.‏ ‏{‏شُكُوراً‏}‏ النافلة بعد الفرض قيل نزلت في عمر رضي الله تعالى عنه‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏63‏]‏

‏{‏وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ‏(‏63‏)‏‏}‏

‏{‏هَوْناً‏}‏ علماء حلماء «ع»، أو أعفاء أتقياء، أو بالسكينة والوقار، أو متواضعين غير متكبرين ‏{‏الْجَاهِلُونَ‏}‏ الكفار، أو السفهاء، ‏{‏سَلاماً‏}‏ سداداً، أو طلباً للمسالمة، أو وعليك السلام‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏65‏]‏

‏{‏وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا ‏(‏65‏)‏‏}‏

‏{‏غَرَاماً‏}‏ غراماً ملازماً، والغريم لملازمته، أو شديداً وشدة المحنة غرام، أو ثقيلاً‏.‏ مغرمون‏:‏ مثقلون، أو أغرموا بنعيم الدنيا عذاب النار‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏67‏]‏

‏{‏وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ‏(‏67‏)‏‏}‏

‏{‏يُسْرِفُواْ‏}‏ النفقة في المعاصي «ع»، أو لم يكثروا حتى يقول الناس قد أسرفوا، أو لا يأكلون الطعام لإرادة النعيم ولا يلبسون الثياب للجمال وهم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم‏.‏ كانت قلوبهم كقلب رجل واحد، أو لم ينفقوا نفقة في غ ير حقها‏.‏ ‏{‏يَقْتُرُواْ‏}‏ يمنعوا حق الله «ع»، أو لا يجيعهم ولا يعريهم، أو لم يمسكوا عن طاعة الله تعالى، أو لم يقتصروا في الحق‏.‏ قال الرسول صلى الله عليه وسلم‏:‏ «من منع في حق فقد أقتر ومن أعطى في غير حق فقد أسرف» ‏{‏قَوَاماً‏}‏ عدلاً، أو إخراج شطر الأموال في الطاعة، أو ينفق في الطاعة ويكف عن محارم الله تعالى‏.‏ والقوام بالفتح الاستقامة والعدل، وبالكسر ما يدوم عليه الأمر ويستقر‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏68‏]‏

‏{‏وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا ‏(‏68‏)‏‏}‏

‏{‏إِلا بالْحَقِّ‏}‏ كفر بعد الإيمان، أو زنا بعد أحصان، أو قتل نفس بغير نفس‏.‏ ‏{‏أَثَاماً‏}‏ عقوبة، أو جزاء، أو اسم وادٍ في جهنم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏69‏]‏

‏{‏يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا ‏(‏69‏)‏‏}‏

‏{‏يُضَاعَفْ‏}‏ عذاب الدنيا وعذاب الآخرة، أو يجمع له بين عقوبات الكبائر التي فعلها، أو استدامة العذاب بالخلود‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏70‏]‏

‏{‏إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ‏(‏70‏)‏‏}‏

‏{‏مَن تَابَ‏}‏ من الزنا ‏{‏وَءَامَنَ‏}‏ من الشرك وعمل صالحاً بعد السيئات‏.‏ ‏{‏حَسَنَاتٍ‏}‏ يبدلون في الدنيا بالشرك إيماناً وبالزنا إحصاناً، وذكر الله تعالى بعد نسيانه وطاعته بعد عصيانه، أو في الآخرة من غلبت سيئاتُه حسناتِه بُدلت سيئاته حسنات، أو يبدل عقاب سيئاته إذا تاب منها بثواب حسناته التي انتقل إليها‏.‏ ‏{‏غَفُوراً‏}‏ لما سبق على التوبة‏.‏ ‏{‏رَّحِيماً‏}‏ بعدها‏.‏ لما قتل وحشي حمزة كتب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم‏.‏ هل لي من توبة فإن الله تعالى أنزل بمكة إياسي من كل خير‏.‏ ‏{‏والذين لاَ يَدْعُونَ مَعَ الله‏}‏ الآية ‏[‏الفرقان‏:‏ 68‏]‏ وأن وحشياً قد زنا وأشرك وقتل النفس فأنزل الله تعالى‏:‏ ‏{‏إلا مَن تَابَ‏}‏ من الزنا وآمن بعد الشرك وعمل صالحاً بعد السيئات الآية‏.‏ فكتب بها الرسول صلى الله عليه وسلم إليه فقال‏:‏ هذا شرط شديد ولعلي لا أبقى بعد التوبة حتى أعمل صالحاً‏.‏ فكتب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم هل من شيء أوسع من هذا‏.‏ فنزلت ‏{‏إِنَّ الله لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ‏}‏ الآية ‏[‏النساء‏:‏ 48‏]‏ فكتب بها الرسول صلى الله عليه وسلم إلى وحشي فقال‏:‏ إني أخاف أن لا أكون من مشيئة الله فنزل في وحشي وأصحابه ‏{‏قُلْ ياعبادي الذين أَسْرَفُواْ‏}‏ الآية ‏[‏الزمر‏:‏ 53‏]‏ فبعث بها إلى وحشي فأتى الرسول صلى الله عليه وسلم فأسلم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏72‏]‏

‏{‏وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا ‏(‏72‏)‏‏}‏

‏{‏الزُّورَ‏}‏ الشرك بالله، أو أعياد أهل الذمة وهو الشعانين، أو الغناء، أو مجالس الخنا، أو لعب كان الجاهلية، أو الكذب، أو مجلس كان النبي صلى الله عليه وسلم يُشتم فيه‏.‏ ‏{‏بِاللَّغْوِ‏}‏ كان المشركون إذا سبوهم وأذوهم أعرضوا عنهم وإذا ذكروا النكاح كفوا عنه، ويكنون عن الفروج إذا ذكروها، أو إذا مروا بإفك المشركين أنكروه، أو المعاصي كلها ومرورهم بها ‏{‏كِرَاماً‏}‏ تركها والإعراض عنها‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏73‏]‏

‏{‏وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا ‏(‏73‏)‏‏}‏

‏{‏لَمْ يَخِرُّواْ‏}‏ لم يقيموا، أو لم يتغافلوا‏.‏ ‏{‏صُمّاً وَعُمْيَاناً‏}‏ لكنهم سمعوا الوعظ وأبصروا الرشد‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏74‏]‏

‏{‏وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ‏(‏74‏)‏‏}‏

‏{‏مَنْ أَزْوَاجِنَا‏}‏ اجعل أزواجنا وذريتنا قرة أعين أو ارزقنا من أزواجنا أولاداً ومن ذريتنا أعقاباً، وقرة العين‏:‏ أن تصادف العين ما يرضيها فتقر على النظر إليه دون غيره، أو القر البرد معناه بَرَّدَ الله دمعها، دمع السرور بارد، ودمع الحزن حار، وضد قرة العين سخنة العين‏.‏ ‏{‏قُرَّةَ ‏[‏أَعْيُنٍ‏]‏‏}‏ أهل طاعة تقر أعيننا في الدنيا بصلاحهم وفي الآخرة بالجنة ‏{‏إِمَاماً‏}‏ أئمة هدى يهتدى بنا «ع»، أو نأتم بمن قبلنا حتى يأتم بنا من بعدنا، أو أمثالاً، أو قادة إلى الجنة، أو رضاً‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏75‏]‏

‏{‏أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا ‏(‏75‏)‏‏}‏

‏{‏الْغُرْفَةَ‏}‏ الجنةٍ، أو أعلى منازل الجنة ‏{‏صَبَرُواْ‏}‏ على الطاعة، أو عن شهوات الدنيا‏.‏ ‏{‏تَحِيَّةً‏}‏ بقاء دائماً، أو ملكاً عظيماً‏.‏ ‏{‏وَسَلاماً‏}‏ جميع السلامة والخير، أو يحيي بعضهم بعضاً بالسلام‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏77‏]‏

‏{‏قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا ‏(‏77‏)‏‏}‏

‏{‏مَا يَعْبَؤُاْ‏}‏ ما يصنع، أو ما يبالي بكم‏.‏ ‏{‏دُعَآؤُكُمْ‏}‏ عبادتكم له وإيمانكم به، أو لولا دعاؤه لكم إلى الطاعة‏.‏ ‏{‏لِزَاماً‏}‏ القتل ببدر أو عذاب القيامة، أو الموت، أو لزوم الحجة لهم في الآخرة على تكذيبهم في الدنيا‏.‏ وأظهر الوجوه أن اللزام الجزاء للزومه‏.‏

‏[‏سورة الشعراء‏]‏

تفسير الآية رقم ‏[‏1‏]‏

 ‏{‏طسم ‏(‏1‏)‏‏}‏

‏{‏طسم‏}‏ اسم الله تعالى أقسم به جوابه ‏{‏إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ‏}‏ ‏[‏الشعراء‏:‏ 4‏]‏ «ع»، أو اسم للقرآن، أو من الفواتح التي افتتح بها كتابه، أو حروف من أسماء الله تعالى وصفاته مقطعة الطاء من طَوْل، أو طاهر، والسين من قدوس أو سميع، أو سلام‏.‏ والميم من مجيد، أو رحيم أو ملك‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏3‏]‏

‏{‏لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ‏(‏3‏)‏‏}‏

‏{‏بَاخِعٌ‏}‏ قاتل أو مخرج، والبخع القتل‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏4‏]‏

‏{‏إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آَيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ ‏(‏4‏)‏‏}‏

‏{‏ءَايَةً‏}‏ مَا عَظُم من الأمور القاهرة، أو ما ظهر من الدلائل الواضحة ‏{‏أَعْنَاقُهُمْ‏}‏ لا يلوي أحد منهم عنقه إلى معصية، أو أراد أصحاب الأعناق، أو الأعناق الرؤساء، أو العنق الجماعة من الناس، أتاني عنق من الناس أي جماعة‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏7‏]‏

‏{‏أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ ‏(‏7‏)‏‏}‏

‏{‏زَوْجٍ‏}‏ نوع معه قرينه من أبيض وأحمر وحلو وحامض ‏{‏كَرِيمٍ‏}‏ حسن، أو مما يأكل الناس والأنعام، أو النافع المحمود، أو الناس نبات الأرض فمن دخل الجنة فهو كريم قاله الشعبي، ‏{‏والله أَنبَتَكُمْ مِّنَ الأرض نَبَاتاً‏}‏ ‏[‏نوح‏:‏ 17‏]‏‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏13‏]‏

‏{‏وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنْطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ ‏(‏13‏)‏‏}‏

‏{‏وَيَضِيقُ صَدْرِى‏}‏ لتكذيبهم، أو للضعف عن إبلاغ الرسالة‏.‏ ‏{‏وَلا يَنطَلِقُ لِسَانِى‏}‏ من مهابته، أو للعقدة التي كانت به‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏14‏]‏

‏{‏وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ ‏(‏14‏)‏‏}‏

‏{‏وَلَهُمْ عَلَىَّ‏}‏ عندي ذنب، أو عقوبة ذنب هو قتل النفس‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏16‏]‏

‏{‏فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ ‏(‏16‏)‏‏}‏

‏{‏رَسُولُ‏}‏ بمعنى رَسُولاً، أو كل واحد منا رسول، أو إنا رسالة ومنه‏:‏

‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏ *** وما أرسلتهم برسول

تفسير الآية رقم ‏[‏18‏]‏

‏{‏قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ ‏(‏18‏)‏‏}‏

‏{‏وَلَبِثْتَ فِينَا‏}‏ لأنه كان لقيطاً في داره «لبث فيهم ثلاثين سنة» وغاب عنهم عشر سنين، ثم دعاه ثلاثين سنة، وعاش بعد غرقه خمسين سنة‏.‏ ذكر ذلك امتناناً عليه‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏19‏]‏

‏{‏وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ ‏(‏19‏)‏‏}‏

‏{‏فَعْلَتَكَ‏}‏ قتل النفس ‏{‏مِنَ الْكَافِرِينَ‏}‏ أي على ديننا الذي تقول أنه كفر، أو من الكافرين لإحساني إليك‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏20‏]‏

‏{‏قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ ‏(‏20‏)‏‏}‏

‏{‏الضَّآلِّينَ‏}‏ الجاهلين لأنه لم يعلم أنها تبلغ النفس، أو من الضالين عن النبوة، أو من الناسين كقوله ‏{‏أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 282‏]‏‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏22‏]‏

‏{‏وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ‏(‏22‏)‏‏}‏

‏{‏وَتِلْكَ نِعْمَةٌ‏}‏ اتخاذك بني إسرائيل عبيداً قد أحبط نعمتك التي تمن عليَّ بها، أو لما ظلمت بني إسرائيل ولم تظلمني اعتددت بذلك نعمة تمن بها عليَّ، أو لم يكن لفرعون على موسى نعمة وإنما رباه بنو إسرائيل بأمر فرعون لاستبعاده لهم فأبطل موسى نعمته لبطلان استرقاقه، أو أنفق فرعون على تربية موسى من أموال بني إسرائيل التي أخذها منهم لما استعبدهم فأبطل موسى نعمته وأبطل منته لأنها أموال بني إسرائيل لا أموال فرعون «ح» والتعبيد الحبس والإذلال والاسترقاق لما فيه من الذل‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏32‏]‏

‏{‏فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ ‏(‏32‏)‏‏}‏

‏{‏ثُعْبَانٌ‏}‏ الحية الذكر، أو أعظم الحيات، أو أعظم الحيات الصفر شعر العنق‏.‏ ‏{‏مُّبِينٌ‏}‏ أنها ثعبان، أو أنها آية وبرهان، قيل كان اجتماعهم بالإسكندرية‏.‏ قيل كان السحرة أثني عشر ألفاً، أو ستعة عشر ألفاً‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏35‏]‏

‏{‏يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ ‏(‏35‏)‏‏}‏

‏{‏تَأْمُرُونَ‏}‏ تشيرون‏.‏