فصل: تفسير الآيات (12- 26):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير الثعلبي



.تفسير الآيات (12- 26):

{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14) ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ (15) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ (16) وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ (17) وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ (18) فَأَنْشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (19) وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ (20) وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (21) وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (22) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (23) فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ (24) إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ (25) قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ (26)}
{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان} يعني ابن آدم {مِن سُلاَلَةٍ مِّن طِينٍ} أي من صفوة ماء آدم الذي هو من الطين ومنيّه والعرب تسمّي نطفة الشيء وولده سليله وسلالته لأنّهما مسلولان منه. قال الشاعر:
حملت به عَضب الأديم غضنفراً ** سلالة فرج كان غير حصين

وقال آخر:
وهل كنت إلاّ مهرة عربية ** سليلة أفراس تجلّلها بغل

{ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ} حريز مكين لاستقرارها فيه إلى بلوغ أمدها وهو الرحم.
{ثُمَّ خَلَقْنَا النطفة عَلَقَةً فَخَلَقْنَا العلقة مُضْغَةً فَخَلَقْنَا المضغة عِظَاماً} قرأ ابن عامر عظماً على الواحد في الحرفين، ومثله روى أبو بكر عن عاصم لقوله لحماً، وقرأ الآخرون بالجمع لأنّ إلانسان ذو عظام كثيرة.
{فَكَسَوْنَا} فألبسنا {العظام لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ} اختلف المفسرون فيه. قال ابن عباس ومجاهد والشعبي وعكرمة وأبو العالية والضحاك وابن زيد: نفخ الروح فيه.
قتادة: نبات الأسنان والشعر.
ابن عمر: استواء الشباب، وهي رواية ابن أبي نجيح وابن جريج عن مجاهد.
وروى العوفي عن ابن عباس: إنّ ذلك تصريف أُحواله بعد الولادة، يقول: خرج من بطن أُمّه بعد ما خلق فكان من بدو خلقه الآخر أن استهلّ، ثمَّ كان من خلقه أن دُلّ على ثدي أُمّة، ثمّ كان من خلقه أن عُلّم كيف يبسط رجليه، إلى أن قعد، إلى أن حبا، إلى أن قام على رجليه، إلى أن مشى، إلى أن فطم، فعلم كيف يشرب ويأكل من الطعام، إلى أن بلغ الحلمَ، إلى أن بلغ ان يتقلّب في البلاد.
وقيل: الذكورة والأُنوثية، وقيل: إعطاء العقل والفهم.
{فَتَبَارَكَ الله} أي استحق التعظيم والثناء بأنّه لم يزل ولا يزال وأصله من البروك وهو الثبوت.
{أَحْسَنُ الخالقين} أي المصوّرين والمقدّرين، مجاهد: يصنعون ويصنع الله والله خير الصانعين.
ابن جريج: إنما جمع الخالقين لأنّ عيسى كان يخلق، فأخبر جلَّ ثناؤه أنّه يخلقُ أحسن ممّا كان يخلق.
وروى أبو الخليل عن أبي قتادة قال: لمّا نزلت هذه الآية إلى آخرها قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه {فتبارك الله أحسن الخالقين} فنزلت {فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين}.
قال ابن عباس: كان ابن أبي سرح يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأملى عليه هذه الآية، فلمّا بلغ قوله: {خَلْقاً آخَرَ} خطر بباله {فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين} فلمّا أملاها كذلك لرسول الله قال عبد الله: إن كان محمد نبيّاً يوحى إليه فانا نبىّ يوحى إليّ، فلحق بمكة كافراً.
{ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذلك لَمَيِّتُونَ} قرأ أشهب العقيلي لمايتون بالألف، والميّت والمائت، الذي لم يفارقه الروح بعد وهو سيموت، والميْت بالتخفيف: الذي فارقه الروح، فلذلك لم تخفف ههنا كقوله سبحانه وتعالى {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَّيِّتُونَ}
[الزمر: 30] {ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ القيامة تُبْعَثُونَ (*) وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَآئِقَ} وإِنما قيل: طرائق لأن بعضهنّ فوق بعض، فكلّ سماء منهنّ طريقة، والعرب تسمّي كلّ شيء فوق شيء طريقة، وقيل: لأنّها طرائق الملائكة.
{وَمَا كُنَّا عَنِ الخلق غَافِلِينَ} يعني عن خلق السماء، قاله بعض العلماء، وقال أكثر المفسرين: يعني عمّن خلقنا من الخلق كلّهم ماكنّا غافلين عنهم، بل كنّا لهم حافظين من أن تسقط عليهم فتهلكهم.
وقال أهل المعاني: معنى الآية: إنّ من جاز عليه الغفلة عن العباد جاز عليه الغفلة عن الطرائق التي فوقهم فتسقط فالله عزّ وجلّ {وَيُمْسِكُ السمآء أَن تَقَعَ عَلَى الأرض إِلاَّ بِإِذْنِهِ} [الحج: 65] ولولا إمساكه لها لم تقف طرفة عين.
قال الحسن: وما كنّا عن الخلق غافلين أن ينزل عليهم ما يجيئهم من المطر.
{وَأَنزَلْنَا مِنَ السمآء مَآءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الأرض} ثمَّ أخرجنا منها ينابيع فماء الأرض هو من السماء.
{وَإِنَّا على ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ} حتى تهلكوا عطشاً وتهلك مواشيكم وتخرب أراضيكم.
{فَأَنشَأْنَا لَكُمْ بِهِ} بالماء {جَنَّاتٍ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَّكُمْ فِيهَا} يعني في الجنّات {فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} شتاء وصيفاً، وإنّما خصّ النخيل والأعناب بالذكر لأنّهما كانا أعظم ثمار الحجاز وما والاها، فكانت النخيل لأهل المدينة، والأعناب لأهل الطائف، فذكر القوم ما يعرفون من نعمه.
{وَشَجَرَةً} يعني وأنشأنا لكم أيضاً شجرة {تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَآءَ} وهي الزيتون، واختلف القُرّاء في سيناء، فكسر سينه أبو عمرو وأهل الحجاز، وفتحه الباقون، واختلف العلماء في معناه، فقال مجاهد: معناه البركة، يعني: إنه جبل مبارك، وهي رواية عطية عن ابن عباس، قتادة والحسن والضحّاك: طور سيناء بالنبطية: الجبل الحسن.
ابن زيد: هو الجبل الذي نودي منه موسى عليه السلام، وهو بين مصر وأيلة، معمر وغيره: جبل ذو شجر، بعضهم: هو بالسريانية الملتفّة الاشجار، وقيل: هو كلّ جبل ذي أشجار مثمرة، وقيل: هو متعال من السّنا وهو الارتفاع.
قال مقاتل: خُصّ الطور بالزيتون لأن أول الزيتون نبت بها، ويقال: إنّ الزيتون أول شجرة نبتت في الدنيا بعد الطوفان.
{تَنبُتُ بالدهن} وأكثر القراء على فتح التاء الأَوّل من قوله تنبت وضم بائه، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بضم التاء وكسر الباء ولها وجهان:
أحدهما: أن الباء فيه زائدة كما يقال: أخذت ثوبه وأخذت بثوبه، وكقول الراجز:
نحن بنو جعدة أصحاب الفلج ** نضرب بالسيف ونرجو بالفرج

أي ونرجو الفرج.
والوجه الآخر: أنّهما لغتان بمعنى واحد نبت وأنبت، قال زهير:
رأيت ذوي الحاجات حول بيوتهم ** قطينا لهم حتى إذا أنبت البقل

أي نبت {وَصِبْغٍ لِّلآكِلِيِنَ} أي إدام نصطبغ به.
{وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأنعام لَعِبْرَةً} وهي الدلالة الموصلة إلى اليقين المؤدىّ به إلى العلم وهي من العبور كأنه طريق يُعبر إليه ويتوصل به إلى المراد.
{نُّسْقِيكُمْ مِّمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فيِهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَعَلَيْهَا وَعَلَى الفلك تُحْمَلُونَ * وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إلى قَوْمِهِ} قال ابن عباس: سمّي بذلك لكثرة ماناح على نفسه، واختلف في سبب نوحه، فقال بعضهم: لدعوته على قومه بالهلاك حيث قال: {رَّبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى الأرض مِنَ الكافرين دَيَّاراً} [نوح: 26] وقيل: لمراجعته ربّه في شأن أُمته، وقيل: لأنّه مرَّ بكلب مجذوم، فقال: إخسأ يا قبيح فأوحى الله سبحانه إليه: أعبتني أم عبت الكلب؟.
{فَقَالَ ياقوم اعبدوا الله مَا لَكُمْ مِّنْ إله غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ (*) فَقَالَ الملأ الذين كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ مَا هذا إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ} يتشرف {عَلَيْكُمْ} فيكون أفضل منكم فيصير متبوعاً وأنتم له تبعاً.
{وَلَوْ شَآءَ الله لأَنزَلَ مَلاَئِكَةً مَّا سَمِعْنَا بهذا} الذي يدعونا إليه نوح {في آبَآئِنَا الأولين * إِنْ هُوَ} ما هو {إِلاَّ رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ} جنون، نظيرها قوله سبحانه {مَا بِصَاحِبِهِمْ مِّن جِنَّةٍ} [الأعراف: 184] ويقال للجن أيضاً: جنّة، قال الله سبحانه {وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجنة نَسَباً} [الصافات: 158] وقال: {مِنَ الجنة والناس} [الناس: 6] يتفق الاسم والمصدر.
{فَتَرَبَّصُواْ} فانتظروا {بِهِ حتى حِينٍ} يعني إلى وقت ما، وقيل: إلى حين الموت، فقال لمّا تمادوا في غيّهم وأصرّوا على كفرهم {رَبِّ انصرني} أعني بإهلاكهم {بِمَا كَذَّبُونِ} يعني بتكذيبهم إياي.

.تفسير الآيات (27- 35):

{فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (27) فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (28) وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ (29) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ (30) ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ (31) فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (32) وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ (33) وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ (34) أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ (35)}
{فَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ أَنِ اصنع الفلك بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَآءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التنور فاسلك فِيهَا} فأدخل فيها، يقال: سلكته في كذا وأسلكته فيه، قال الشاعر:
وكنت لزاز خصمك لم أُعرّد ** وقد سلكوك في يوم عصيب

وقال الهذلي:
حتى إذا أسلكوهم في قتائدة ** شلاًّ كما تطرد الجمّالة الشردا

{مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثنين وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ القول مِنْهُمْ وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي الذين ظلموا إِنَّهُمْ مُّغْرَقُونَ}.
قال الحسن: لم يحمل نوح في السفينة إلاّ من يلد ويبيض، فأما ما يتولد من الطين وحشرات الأرض والبق والبعوض فلم يحمل منها شيئاً.
{فَإِذَا استويت} اعتدلت في السفينة راكباً فيها، عالياً فوقها {أَنتَ وَمَن مَّعَكَ عَلَى الفلك فَقُلِ الحمد للَّهِ الذي نَجَّانَا مِنَ القوم الظالمين * وَقُل رَّبِّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكاً} قرأه العامة بضم الميم على المصدر أي إنزالاً مباركاً، وقرأ عاصم برواية أبي بكر بفتح الميم وكسر الزاي أي موضعاً.
{وَأَنتَ خَيْرُ المنزلين * إِنَّ فِي ذلك لآيَاتٍ وَإِن كُنَّا} وقد كنّا، وقيل: وما كنا إلاّ مبتلين مختبرين إيّاهم بتذكيرنا ووعظنا لننظر ماهم عاملون قبل نزول العذاب بهم.
{ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ} أي أهلكناهم وأحدّثنا من بعدهم {قَرْناً آخَرِينَ * فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ} قال المفسّرون يعني هوداً وقومه {أَنِ اعبدوا الله مَا لَكُمْ مِّنْ إله غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ * وَقَالَ الملأ مِن قَوْمِهِ الذين كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِلِقَآءِ الآخرة وَأَتْرَفْنَاهُمْ} نعّمناهم ووسّعنا عليهم، والترفة: النعمة، في الحياة الدنيا {مَا هذا} الرسول {إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ * وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِّثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَاسِرُونَ * أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَاباً وَعِظاماً} قد ذهبت اللحوم {أَنَّكُمْ مُّخْرَجُونَ} من قبوركم أحياءً، وأعاد إنّكم لمّا طال الكلام، ومعنى وكنتم تراباً وعظاماً إنكم مخرجون.

.تفسير الآيات (36- 44):

{هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ (36) إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (37) إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ (38) قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ (39) قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ (40) فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (41) ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قُرُونًا آخَرِينَ (42) مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ (43) ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضًا وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْدًا لِقَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ (44)}
{هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ} قال ابن عباس: هي كلمة بُعْد يقول: ما توعدون، واختلف القرّاء فيه، فقرأ أبو جعفر بكسر التاء فيهما، وقرأ نصر بن عاصم بالضم، وقرأ ابن حبوة الشامي بالضم والتنوين، وقرأ الآخرون بالنصب من غير تنوين، وكلّها لغات صحيحة، فمن نصب جعل مثل أين وكيف، وقيل: لأنهما أداتان فصارتا مثل خمسة عشر وبعلبك ونحوهما.
وقال الفرّاء: نصبهما كنصب قولهم ثمثّ وربّت، ومن رفعه جعله مثل منذ وقط وحيث، ومن كسره جعله مثل أمس وهؤلاء. قال الشاعر:
تذكرت أياما مضين من الصبا ** وهيهات هيهات إليك رجوعها

وقال آخر:
لقد باعدت أُم الحمارس دارها ** وهيهات من أُم الحمارس هيهاتا

واختلفوا في الوقف عليها، فكان الكسائي يقف عليها بالهاء، والفرّاء بالتاء، وإنّما أُدخلت اللام مع هيهات في الاسم لأنها أداة غير مشتقّة من فعل فأدخلوا معها في الاسم اللام كما أدخلوها مع هلمّ لك.
{إِنْ هِيَ} يعنون الدنيا {إِلاَّ حَيَاتُنَا الدنيا نَمُوتُ وَنَحْيَا} يموت الآباء ويحيى الأبناء {وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ * إِنْ هُوَ} يعنون الرسول {إِلاَّ رَجُلٌ افترى على الله كَذِباً وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ * قَالَ رَبِّ انصرني بِمَا كَذَّبُونِ قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ} عن قليل، وما صلة {لَّيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ} على كفرهم {فَأَخَذَتْهُمُ الصيحة} يعني صيحة العذاب {بالحق فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَآءً} وهو ما يحمله السيل {فَبُعْداً لِّلْقَوْمِ الظالمين * ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قُرُوناً آخَرِينَ} والقرن أهل العصر، سمّوا بذلك لمقارنة بعضهم ببعض.
{مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ} ومن صلة.
{ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا} مترادفين يتبع بعضهم بعضاً، وقرأ أبو جعفر وابن كثير وأبو عمرو تترى بالتنوين على توهّم أنَّ الياء أصليّة، كما قيل: معزي بالياء ومعزىً وبهمي وبهما فأُجريت أحياناً وترك اجراؤها أحياناً، فمَن نوَّن وقف عليها بالألف، ومن لم ينوّن وقف عليها بالياء، ويقال: إنها ليست بياء ولكن ألف ممالة، وقرأه العامّة بغير تنوين مثل غضبى وسكرى، وهو اسم جمع مثل شتّى، وأصله: وترى من المواترة والتواتر، فجعلت الواو تاء مثل التقوى والتكلان ونحوهما.
{كُلَّ مَا جَآءَ أُمَّةً رَّسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضاً} بالهلاك أي أهلكنا بعضهم في أثر بعض.
{وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ} أي مثلا يتحدّث بهم الناس، وهي جمع أُحدوثة، ويجوز أن يكون جمع حديث، قال الأخفش: إنّما يقال هذا في الشّر، فأمّا في الخير فلايقال: جعلتهم أحاديث وأُحدوثة وإنما يقال: صار فلان حديثاً.
{فَبُعْداً لِّقَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ} نظيرها {فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ} [سبأ: 19]؟.

.تفسير الآيات (45- 59):

{ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (45) إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا عَالِينَ (46) فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ (47) فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ (48) وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (49) وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ (50) يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (51) وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (52) فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (53) فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ (54) أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ (55) نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ (56) إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (57) وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (58) وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ (59)}
{ثُمَّ أَرْسَلْنَا موسى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ * إلى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فاستكبروا} تعظّموا عن الإيمان {وَكَانُواْ قَوْماً عَالِينَ} متكّبرين، قاهرين غيرهم بالظلم، نظيرها {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِي الأرض} [القصص: 4].
{فقالوا} يعني فرعون وقومه {أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا} فنتّبعهما {وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ} مطيعون متذللّون، والعرب تسمّي كلّ من دان لملك عابداً له، ومن ذلك قيل لأهل الحيرة: العباد لأنّهم كانوا أهل طاعة لملوك العجم.
{فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُواْ مِنَ المهلكين} بالغرق {وَلَقَدْ آتَيْنَا موسى الكتاب} التوراة {لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ} لكي يهتدي بها قومه فيعملوا بما فيها {وَجَعَلْنَا ابن مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً} دلالة على قدرتنا، وكان حقّه أن يقول آيتين كما قال الله سبحانه {وَجَعَلْنَا الليل والنهار آيَتَيْنِ} [الإسراء: 12] واختلف النحاة في وجهها، فقال بعضهم: معناه: وجعلنا كل واحد منهما آية كما قال سبحانه {كِلْتَا الجنتين آتَتْ أُكُلَهَا} [الكهف: 33] أي آتت كلّ واحدة أُكلها وقال: {إِنَّمَا الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رِجْسٌ} [المائدة: 90] ولم يقل أرجاس، وقال بعضهم: معناه: جعلنا شأنهما واحداً لأنّ عيسى ولد من غير أب، وأُمّه ولدت من غير مسيس ذكر. {وَآوَيْنَاهُمَآ إلى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ}.
أخبرنا أبو صالح منصور بن أحمد المشطي قال: أخبرنا أبو محمد عبدالله بن محمد بن عبد الله الرازي قال: أخبرنا سلمان بن علي قال: أخبرنا هشام بن عمار قال: حدّثنا عبد المجيد عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد بن المسيب عن عبد الله بن سلام في قول الله سبحانه {وَآوَيْنَاهُمَآ إلى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ} قال: دمشق، وقال أبو هريرة: هي الرملة، قتادة وكعب: بيت المقدس، قال كعب: وهي أقرب الأرض إلى السماء بثمانية عشر ميلاً. ابن زيد: مصر، الضحّاك: غوطة دمشق، أبو العالية: إيليا وهي الأرض المقدسة، ويعني بالقرار الأرض المستوية والساحة الواسعة، والمعين: الماء الظاهر لعين الناظر، وهو مفعول من عانه يعينه إذا أدركه البصر ورآه، ويجوز أن يكون فعيلاً مَعَنَ يمعن فهو مَعين من الماعون.
{ياأيها الرسل كُلُواْ مِنَ الطيبات} يعني من الحلالات، يعني: وقلنا لعيسى: كلوا من الطيبات، وهذا كما يقال في الكلام للرجل الواحد: أيّها القوم كفّوا عنّا أذاكم، ونظائرها في القرآن كثيرة. قال عمرو بن شريل: كان يأكل من غزل أُمّه، وقال الحسن ومجاهد: المراد به محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
{واعملوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ * وَإِنَّ هذه} قرأه أهل الكوفة بكسر الألف على الابتداء، وقرأ ابن عامر بفتح الألف وتخفيف النون جعل إنّ صلة مجازه: وهذه أُمتّكم، وقرأ الباقون بفتح الألف وتشديد النون على معنى هذه، ويجوز أن يكون نصباً بإضمار فعل، أي واعلموا أنّ هذه {أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً} أي ملّتكم ملّة واحدة وهي دين الإسلام.
{وَأَنَاْ رَبُّكُمْ فاتقون * فتقطعوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً} قرأه العامة بضم الباء يعنى كتباً، جمع زبور بمعنى: دان كلّ فريق منهم بكتاب غير الكتاب الذي دان به الآخر، قاله مجاهد وقتادة، وقيل: معناه فتفرقوا دينهم بينهم كتباً أحدثوها يحتجون فيها لمذاهبهم، قاله قتادة وابن زيد، وقرأ أهل الشام بفتح الباء أي قطعاً وفرقاً كقطع الحديد، قال الله سبحانه {آتُونِي زُبَرَ الحديد} [الكهف: 96].
{كُلُّ حِزْبٍ} جماعة {بِمَا لَدَيْهِمْ} عندهم من الدين {فَرِحُونَ} معجبون مسرورون {فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ} قال ابن عباس: كفرهم وضلالتهم، ابن زيد: عماهم، ربيع: غفلتهم {حتى حِينٍ} إلى وقت مجيء آجالهم.
{أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ} نعطيهم ونزيدهم {مِن مَّالٍ وَبَنِينَ} في الدنيا {نُسَارِعُ} نسابق {لَهُمْ فِي الخيرات} ومجاز الآية: أيحسبون ذلك مسارعة لهم في الخيرات، وقرأ عبد الرَّحْمن ابن أبي بكر: يُسارَع على مالم يسم فاعله، والصواب قراءة العامة لقوله سبحانه {نُمِدُّهُمْ}.
{بَل لاَّ يَشْعُرُونَ} أنَّ ذلك استدراج لهم، ثمَّ بيّن المسارعين إلى الخيرات فقال عزَّ من قائل {إِنَّ الذين هُم مِّنْ خَشْيةِ رَبِّهِمْ مُّشْفِقُونَ * والذين هُم بِآيَاتِ رَبَّهِمْ يُؤْمِنُونَ * والذين هُم بِرَبِّهِمْ لاَ يُشْرِكُونَ * والذين يُؤْتُونَ مَآ آتَواْ} يعطون ما أعطوا من الزكوات والصدقات، هذه قراءة أهل الامصار وبه رسوم مصاحفهم.
أخبرنا عبد الخالق بن علي قال: أخبرنا إسماعيل بن نجية قال: حدّثنا محمد بن عمار بن عطية قال: حدَّثنا أحمد بن يزيد الحلواني قال: حدّثنا خلاد عن إبراهيم بن الزبرقان عن محمد ابن حمّاد عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ {والذين يأتون ما آتوا من المجيء}.
وأخبرنا الحاكم أبو منصور حمد بن أحمد البورجاني قال: حدَّثنا علي بن أحمد بن موسى الفارسي قال: حدّثنا محمد بن الفضيل قال: حدّثنا أبو أُسامة قال: حدّثني ملك بن مغول قال: سمعت عبد الرَّحْمن بن سعيد الهمداني ذكر أنّ عائشة رضي الله عنها قالت: يا رسول الله: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَآ ءَاتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ} أهو الذي يزني ويشرب الخمر وهو على ذلك يخاف الله؟ قال: «لا يا ابنة الصدّيق ولكن هو الذي يصوم ويصلي ويتصدق وهو على ذلك يخاف الله سبحانه».