فصل: تفسير الآية رقم (18):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير الجلالين (نسخة منقحة)



.تفسير الآية رقم (18):

{وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (18)}
{وَيُبَيّنُ الله لَكُمُ الأيات} في الأمر والنهي {والله عَلِيمٌ} بما يأمر به وينهى عنه {حَكِيمٌ} فيه.

.تفسير الآية رقم (19):

{إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (19)}
{إِنَّ الذين يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الفاحشة} باللسان {في الذين ءَامَنُواْ} بنسبتها إليهم وهم العصبة {لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدنيا} بحدّ القذف {والأخرة} بالنار لحقِّ الله {والله يَعْلَمُ} انتفاءها عنهم {وَأَنتُمْ} أيها العصبة بما قلتم من الإفك {لاَ تَعْلَمُونَ} وجودها فيهم.

.تفسير الآية رقم (20):

{وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (20)}
{وَلَوْلاَ فَضْلُ الله عَلَيْكُمْ} أيها العصبة {وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ الله رَءوفٌ رَّحِيمٌ} بكم لعاجلكم بالعقوبة.

.تفسير الآية رقم (21):

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (21)}
{ياأيها الذين ءَامَنُواْ لاَ تَتَّبِعُواْ خطوات الشيطان} أي طريق تزيينه {وَمَن يَتَّبِعْ خطوات الشيطان فَإِنَّهُ} أي المتبع {يَأْمُرُ بالفحشاء} أي القبيح {والمنكر} شرعاً باتباعها {وَلَوْلاَ فَضْلُ الله عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنكُم} أيها العصبة بما قلتم من الإِفك {مِّنْ أَحَدٍ أَبَداً} أي ما صلح وطهر من هذا الذنب بالتوبة منه {ولكن الله يُزَكّى} يطهِّر {مَن يَشَآءُ} من الذنب بقبول توبته منه {والله سَمِيعٌ} بما قلتم {عَلِيمٌ} بما قصدتم.

.تفسير الآية رقم (22):

{وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (22)}
{وَلاَ يَأْتَلِ} يحلف {أُوْلُواْ الفضل} أي أصحاب الغنى {مِنكُمْ والسعة أَن} لا {يُؤْتُواْ أُوْلِى القربى والمساكين والمهاجرين فِي سَبِيلِ الله} نزلت في أبي بكر حلف أن لا ينفق على مسطح وهو ابن خالته مسكين مهاجر بدريّ لما خاض في الإِفك بعد أن كان ينفق عليه، وناس من الصحابة أقسموا أن لا يتصدّقوا على من تكلم بشيء من الإِفك {وَلْيَعْفُواْ وَلْيَصْفَحُواْ} عنهم في ذلك {أَلاَ تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ الله لَكُمْ والله غَفُورٌ رَّحِيمٌ} للمؤمنين قال أبو بكر: بلى أنا أُحب أن يغفر الله لي ورجع إلى مسطح ما كان ينفقه عليه.

.تفسير الآية رقم (23):

{إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (23)}
{إِنَّ الذين يَرْمُونَ} بالزنا {المحصنات} العفائف {الغافلات} عن الفواحش بأن لا يقع في قلوبهنّ فعلها {المؤمنات} بالله ورسوله {لُعِنُواْ فِي الدنيا والأخرة وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}.

.تفسير الآية رقم (24):

{يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24)}
{يَوْمَ} ناصبه الاستقرار الذي تعلق به لهم {تَشْهَدُ} بالفوقانية والتحتانية {عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} من قول وفعل وهو يوم القيامة.

.تفسير الآية رقم (25):

{يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ (25)}
{يَوْمَئِذٍ يُوَفّيهِمُ الله دِينَهُمُ الحق} يجازيهم جزاءه الواجب عليهم {وَيَعْلَمُونَ أَنَّ الله هُوَ الحق المبين} حيث حقق لهم جزاءه الذي كانوا يشكون فيه ومنهم عبد الله ابن أبيّ والمحصنات هن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر في قذفهنّ توبة ومن ذكر في قذفهنّ أوّل سورة التوبة [3: 9] غيرهُنّ.

.تفسير الآية رقم (26):

{الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (26)}
{الخبيثات} من النساء ومن الكلمات {لِلْخَبِيثِينَ} من الناس {والخبيثون} من الناس {للخبيثات} مما ذكر {والطيبات} مما ذكر {لِلطَّيّبِينَ} من الناس {والطيبون} منهم {للطيبات} مما ذكر أي اللائق بالخبيث مثله وبالطيب مثله {أولئك} الطيبون والطيبات من النساء ومنهم عائشة وصفوان {مُبَرَّءونَ مِمَّا يَقُولُونَ} أي الخبيثون والخبيثات من الرجال والنساء فيهم {لَهُمْ} للطيبين والطيبات من النساء {مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} في الجنة، وقد افتخرت عائشة بأشياء منها أنها: خلقت طيبة ووعدت مغفرة ورزقاً كريماً.

.تفسير الآية رقم (27):

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (27)}
{ياأيها الذين ءَامَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حتى تَسْتَأْنِسُواْ} أي تستأذنوا {وَتُسَلّمُواْ على أَهْلِهَا} فيقول الواحد السلام عليكم أأدخل؟ كما ورد في حديث {ذلكم خَيْرٌ لَّكُمْ} من الدخول بغير استئذان {لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} بإدغام التاء الثانية في الذال خيريَّتَهُ فتعملون به.

.تفسير الآية رقم (28):

{فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (28)}
{فَإِن لَّمْ تَجِدُواْ فِيهَا أَحَداً} يأذن لكم {فَلاَ تَدْخُلُوهَا حتى يُؤْذَنَ لَكُمُ وَإِن قِيلَ لَكُمْ} بعد الاستئذان {ارجعوا فارجعوا هُوَ} أي الرجوع {أزكى} أي خير {لَكُمْ} من القعود على الباب {والله بِمَا تَعْمَلُونَ} من الدخول بإذنٍ وغير إذنٍ {عَلِيمٌ} فيجازيكم عليه.

.تفسير الآية رقم (29):

{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ (29)}
{لَّيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَدْخُلُواْ بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ} أي منفعة {لَكُمْ} باستكنان وغيره كبيوت الربط والخانات والمُسَبَّلَة {والله يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ} تُظهرون {وَمَا تَكْتُمُونَ} تخفون في دخول غير بيوتكم من قصد صلاح أو غيره، وسيأتي أنهم إذا دخلوا بيوتهم يسلمون على أنفسهم.

.تفسير الآية رقم (30):

{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30)}
{قُلْ لّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنْ أبصارهم} عما لا يحلُّ لهم نظره، ومن زائدة {وَيَحْفَظُواْ فُرُوجَهُمْ} عما لا يحلّ لهم فعله بها {ذلك أزكى} أي خيرٌ {لَهُمْ إِنَّ الله خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} بالأبصار والفروج فيجازيهم عليه.

.تفسير الآية رقم (31):

{وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31)}
{وَقُل للمؤمنات يَغْضُضْنَ مِنْ أبصارهن} عما لا يحلّ لهنّ نظره {وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} عما لا يحلّ لهن فعله بها {وَلاَ يُبْدِينَ} يُظهرن {زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} وهو الوجه والكفان فيجوز نظره لأجنبي إن لم يخف فتنة في أحد وجهين، والثاني تحرم، لأنه مظنة الفتنة، ورُجِّح حَسْماً للباب {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ على جُيُوبِهِنَّ} أي يسترن الرؤوس والأعناق والصدور بالمقانع {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} الخفية، وهي ما عدا الوجه والكفين {إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ} جمع بعل، أي زوج {أَوْ ءَآبَائِهِنَّ أَوْ ءَابَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَني إخْوَانِهِنَّ أوْ بَني أَخَواتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أيمانهن} فيجوز لهم نظره إلا ما بين السرّة والركبة فيحرم نظره لغير الأزواج وخرج بنسائهن الكافرات فلا يجوز للمسلمات الكشف لهنّ وشمل ما ملكت أيمانهنّ العبيد {أَوِ التابعين} في فضول الطعام {غَيْرِ} بالجرّ صفة والنصب استثناء {أُوْلِى الإربة} أصحاب الحاجة إلى النساء {مِنَ الرجال} بأن لم ينتشر ذكر كُلَ {أَوِ الطفل} بمعنى الأطفال {الذين لَمْ يَظْهَرُواْ} يطَّلعوا {على عورات النساء} للجماع فيجوز أن يبدين لهم ما عدا ما بين السرة والركبة {وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ} من خلخال يتقعقع {وَتُوبُواْ إِلَى الله جَمِيعاً أَيُّهَ المؤمنون} مما وقع لكم من النظر الممنوع منه ومن غيره {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} تنجون من ذلك لقبول التوبة منه وفي الآية تغليب الذكور على الإناث.

.تفسير الآية رقم (32):

{وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (32)}
{وَأَنْكِحُواْ الأيامى مِنْكُمْ} جمع أَيِّم: وهي من ليس لها زوج بكرا كانت أو ثيباً ومن ليس له زوج وهذا في الأحرار والحرائر {والصالحين} أي المؤمنين {مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمائِكُمْ} وعِبَاد من جموع عَبْد {إِن يَكُونُواْ} أي الأحرار {فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ الله} بالتزوّج {مِن فَضْلِهِ والله وَاسِعٌ} لخلقه {عَلِيمٌ} بهم.

.تفسير الآية رقم (33):

{وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآَتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آَتَاكُمْ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ (33)}
{وَلْيَسْتَعْفِفِ الذين لاَ يَجِدُونَ نِكَاحاً} أي ما ينكحون به من مهر ونفقة عن الزنا {حتى يُغْنِيَهُمُ الله} يوسِّع عليهم {مِن فَضْلِهِ} فينكحون {والذين يَبْتَغُونَ الكتاب} بمعنى المكاتبة {مِمَّا مَلَكَتْ أيمانكم} من العبيد والإِماء {فكاتبوهم إِنْ عَلِمُتُمْ فِيهِمْ خَيْراً} أي أمانة وقدرة على الكسب لأداء مال الكتابة وصيغتها مثلاً: كاتبتك على ألفين في شهرين كل شهر ألف فإذا أدّيتَها فأنت حرّ فيقول قبلت {وَءاتُوهُم} أمرٌ للسادة {مِّنْ مَّالِ الله الذي ءاتاكم} ما يستعينون به في أداء ما التزموه لكم، {وَلاَ تُكْرِهُواْ فتياتكم} أي إمائكم {عَلَى البغاء} أي الزنا {إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً} تعففاً عنه، وهذه الإرادة محلّ الإِكراه فلا مفهوم للشرط {لّتَبْتَغُواْ} بالإِكراه {عَرَضَ الحياة الدنيا} نزلت في عبد الله بن أبيّ كان يُكْرِهُ جواريه على الكسب بالزنا {وَمَن يُكْرِههُّنَّ فِإِنَّ الله مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ} لهنّ {رَّحِيمٌ} بهنّ.

.تفسير الآية رقم (34):

{وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ آَيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (34)}
{وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ ءايات مبينات} بفتح الياء وكسرها في هذه السورة، بيَّن فيها ما ذكر، أو تُبَيِّنَة {وَمَثَلاً} خبراً عجيباً وهو خبر عائشة {مّنَ الذين خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُمْ} أي من جنس أمثالكم أي أخبارهم العجيبة كخبر يوسف [12] ومريم [19] {وَمَوْعِظَةً لّلْمُتَّقِينَ} في قوله تعالى: {وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ الله} {لَّوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ المؤمنون} الخ {وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ} الخ {يَعِظُكُمُ الله أَن تَعُودُواْ} الخ وتخصيصها بالمتقين لأنهم المنتفعون بها.

.تفسير الآية رقم (35):

{اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (35)}
{الله نُورُ السموات والأرض} أي مُنَوِّرهما بالشمس والقمر {مَثَلُ نُورِهِ} أي صفته في قلب المؤمن {كمشكاوة فِيهَا مِصْبَاحٌ المصباح فِي زُجَاجَةٍ} هي القنديل والمصباح السراج أي: الفتيلة الموقودة، والمشكاة الطاقة غير النافذة، أي الأنبوبة في القنديل {الزجاجة كَأَنَّهَا} والنور فيها {كَوْكَبٌ دُرّىٌّ} أي مضيء بكسر الدال وضمها من الدرء بمعنى الدفع لدفعها الظلام، وبضمها وتشديد الياء منسوب إلى الدرّ: اللؤلؤ {يُوقَّدُ} المصباح بالماضي، وفي قراءة بمضارع أَوْقد مَبْنِيّاً للمفعول بالتحتانية وفي أخرى (تُوقَدُ) بالفوقانية، أي الزجاجة {مِنْ} زيت {شَجَرَةٍ مباركة زَيْتُونَةٍ لاَّ شَرْقِيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ} بل بينهما فلا يتمكن منها حرّ ولا برد مضرين {يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِئ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ} لصفائه {نُورٌ} به {على نُورٍ} بالنار، ونور الله: أي هداه للمؤمن نور على نور الإِيمان {يَهْدِى الله لِنُورِهِ} أي دين الإِسلام {مَن يَشَاء وَيَضْرِبُ} يبيِّن {الله الأمثال لِلنَّاسِ} تقريباً لأفهامهم ليعتبروا فيؤمنوا {والله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} ومنه ضرب الأمثال.