فصل: تفسير الآية رقم (221):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير الجلالين (نسخة منقحة)



.تفسير الآية رقم (221):

{وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (221)}
{وَلاَ تَنْكِحُواْ} تتزوّجوا أيها المسلمون {المشركات} أي الكافرات {حتى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مّن مُّشْرِكَةٍ} حرّة لأنّ سبب نزولها العيب على من تزوّج أمة وترغيبه في نكاح حرّة مشركة {وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ} لجمالها ومالها وهذا مخصوص بغير الكتابيات بآيةِ {والمحصنات مِنَ الذين أُوتُواْ الكتاب} [5: 5] {وَلاَ تُنْكِحُواْ} تزوجوا {المشركين} أي الكفار المؤمنات {حتى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ} لماله وجماله {أولئك} أي أهل الشرك {يَدْعُونَ إِلَى النار} بدعائهم إلى العمل الموجب لها فلا تليق مناكحتهم {والله يَدْعُواْ} على لسان رسله {إِلَى الجنة والمغفرة} أي العمل الموجب لهما {بِإِذْنِهِ} بإرادته فتجب إجابته بتزويج أوليائه {وَيُبَيِّنُ ءاياته لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} يتعظون.

.تفسير الآية رقم (222):

{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222)}
{وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ المحيض} أي الحيض أو مكانه ماذا يُفعل بالنساء فيه؟ {قُلْ هُوَ أَذًى} قذر أو محله {فاعتزلوا النسآء} اتركوا وطأهنّ {فِي المحيض} أي وقته أو مكانه {وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ} بالجماع {حتى يَطْهُرْنَ} بسكون الطاء وتشديدها [يطّهّرن] والهاء وفيه إدغام التاء في الأصل في الطاء أي يغتسلن بعد انقطاعه {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ} بالجماع {مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ الله} وبتجنبه في الحيض وهو القُبُل ولا تعدوه إلى غيره {إِنَّ الله يُحِبُّ} يثيب ويكرم {التوابين} من الذنوب {وَيُحِبُّ المتطهرين} من الأقذار.

.تفسير الآية رقم (223):

{نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (223)}
{نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ} أي محل زرعكم الولد {فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ} أي محله وهو القبل {أنى} أي كيف {شِئْتُمْ} من قيام وقعود واضطجاعِ وإقبال وإدبار. نزل ردّاً لقول اليهود من أتى امرأته في قبلها من جهة دبرها جاء الولد أحول {وَقَدّمُواْلأَنفُسِكُمْ} العمل الصالح كالتسمية عند الجماع {واتقوا الله} في أمره ونهيه {واعلموا أَنَّكُم ملاقوه} بالبعث فيجازيكم بأعمالكم {وَبَشِّرِ المؤمنين} الذين اتقوه بالجنة.

.تفسير الآية رقم (224):

{وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (224)}
{وَلاَ تَجْعَلُواْ الله} أي الحلف به {عُرْضَةً} علة مانعة {لأيمانكم} أي نُصْباً لها بأن تكثروا الحلف به {أن} لا {تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ} فتُكْرَه اليمين على ذلك ويسن فيه الحنث ويكفِّر بخلافها على فعل البر ونحوه فهي طاعة {وَتُصْلِحُواْ بَيْنَ الناس} المعنى لا تمتنعوا من فعل ما ذكر من البر ونحوه إذا حلفتم عليه بل ائتوه وكفروا لأن سبب نزولها الامتناع من ذلك {والله سَمِيعٌ} لأقوالكم {عَلِيم} بأحوالكم.

.تفسير الآية رقم (225):

{لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (225)}
{لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ الله باللغو} الكائن {فِي أيمانكم} وهو ما يسبق إليه اللسان من غير قصد الحلف نحو والله، وبلى والله فلا إثم عليه ولا كفارة {ولكن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} أي قصدته من الإيمان إذا حنثتم {والله غَفُورٌ} لما كان من اللغو {حَلِيمٌ} بتأخير العقوبة عن مستحقها.

.تفسير الآية رقم (226):

{لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (226)}
{لّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نّسَائِهِمْ} أي يحلفون أن لا يجامعوهن {تَرَبُّصُ} انتظار {أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِن فَآءُو} رجعوا فيها أو بعدها عن اليمين إلى الوطء {فَإِنَّ الله غَفُورٌ} لهم ما أتوه من ضرر المرأة بالحلف {رَّحِيمٌ} بهم.

.تفسير الآية رقم (227):

{وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (227)}
{وَإِنْ عَزَمُواْ الطلاق} أي عليه بأن لا يفيئوا فليوقعوه {فَإِنَّ الله سَمِيعٌ} لقولهم {عَلِيمٌ} بعزمهم المعنى ليس لهم بعد تربص ما ذكر إلا الفيئة أو الطلاق.

.تفسير الآية رقم (228):

{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (228)}
{والمطلقات يَتَرَبَّصْنَ} أي لينتظرن {بِأَنفُسِهِنَّ} عن النكاح {ثلاثة قُرُوء} تمضي من حين الطلاق، جمع قرء بفتح القاف، وهو الطهر أو الحيض قولان وهذا في المدخول بهن أما غيرهن فلا عدّة عليهن لقوله: {فما لكم عليهن من عدّة} [49: 33] وفي غير الآيسة والصغيرة فعدّتهن ثلاثة أشهر والحوامل فعدّتهن أن يضعن حملهن كما في [سورة الطلاق: 65] والإماء فعدّتهن قرءان بالسنة {وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ الله فِي أَرْحَامِهِنَّ} من الولد أو الحيض {إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بالله واليوم الأخر وَبُعُولَتُهُنَّ} أزواجهن {أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} بمراجعتهن ولو أبين {فِي ذلك} أي في زمن التربص {إِنْ أَرَادُواْ إصلاحا} بينهما لإِضرار المرأة وهو تحريض على قصده لا شرط لجواز الرجعة وهذا في الطلاق الرجعي (وأحق) لا تفضيل فيه إذ لا حق لغيرهم في نكاحهن في العدّة {وَلَهُنَّ} على الأزواج {مِثْلُ الذي} لهم {عَلَيْهِنَّ} من الحقوق {بالمعروف} شرعاً من حسن العشرة وترك لإضرار ونحو ذلك {وَلِلرّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} فضيلة في الحق من وجوب طاعتهن لهم لما ساقوه من المهر والإنفاق {والله عَزِيزٌ} في ملكه {حَكِيمٌ} فيما دبره لخلقه.

.تفسير الآية رقم (229):

{الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آَتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (229)}
{الطلاق} أي التطليق الذي يراجع بعده {مَرَّتَانِ} أي اثنتان {فَإِمْسَاكٌ} أي فعليكم إمساكهن بعده بأن تراجعوهن {بِمَعْرُوفٍ} من غير ضرار {أَوْ تَسْرِيحٌ} أي إرسال لهن {بإحسان وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ} أيها الأزواج {أَن تَأخُذُواْ مِمَّا ءّاتَيْتُمُوهُنَّ} من المهور {شَيْئاً} إذا طلقتموهن {إِلاَّ أَن يَخَافَا} أي الزوجان {أنْ} {لا يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ} أي لا يأتيا بما حدّه لهما من الحقوق، وفي قراءة {يُخُافا} بالبناء للمفعولـ (فإن لا يقيما) بدل اشتمال من الضمير فيه، وقرئ بالفوقانية في الفعلين {إلأّ أن تخافا لا تقيما} {فَإِنْ خِفْتُمْ} {أنْ} {لا يُقيما حُدُودَ اللّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} نفسها من المال ليطلقها أي لا حرج على الزوج في أخذه ولا الزوجة في بذله {تِلْكَ} الأحكام المذكورة {حُدُودُ الله فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ الله فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظالمون}.

.تفسير الآية رقم (230):

{فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (230)}
{فَإِن طَلَّقَهَا} الزوج بعد الثنتين {فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ} بعد الطلقة الثالثة {حتى تَنْكِحَ} تتزوّج {زَوْجًا غَيْرَهُ} ويطأها كما في الحديث الذي رواه الشيخان {فَإِن طَلَّقَهَا} أي الزوج الثاني {فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا} أي الزوجة والزوج الأول {أَن يَتَرَاجَعَا} إلى النكاح بعد انقضاء العدة {إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ الله وَتِلْكَ} المذكورات {حُدُودُ الله يُبَيّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} يتدبرون.

.تفسير الآية رقم (231):

{وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلَا تَتَّخِذُوا آَيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (231)}
{وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النساء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} قاربن انقضاء عدّتهن {فَأَمْسِكُوهُنَّ} بأن تراجعوهن {بِمَعْرُوفٍ} من غير ضرار {أَوْ سَرّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} اتركوهن حتى تنقضي عدّتهن {وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ} بالرجعة {ضِرَارًا} مفعول له {لِّتَعْتَدُواْ} عليهن بالإلجاء إلى الافتداء والتطليق وتطويل الحبس {وَمَن يَفْعَلْ ذلك فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} بتعريضها إلى عذاب الله {وَلاَ تَتَّخِذُواْ آيات الله هُزُوًا} مهزوءاً بها بمخالفتها {واذكروا نِعْمَةَ الله عَلَيْكُمْ} بالإسلام {وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُم مّنَ الكتاب} القرآن {والحكمة} ما فيه من الأحكام {يَعِظُكُمْ بِهِ} بأن تشكروها بالعمل بِهِ {واتقوا الله واعلموا أَنَّ الله بِكُلّ شَئ عَلِيمٌ} لا يخفى عليه شيء.

.تفسير الآية رقم (232):

{وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (232)}
{وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النساء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} انقضت عدتهن {فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ} خطاب للأولياء أي تمنعوهن من {أَن يَنكِحْنَ أزواجهن} المطلقين لهن، لأن سبب نزولها أن أخت معقل بن يسار طلقها زوجها فأراد أن يراجعها فمنعها معقل بن يسار، كما رواه الحاكم {إِذَا تراضوا} أي الأزواج والنساء {بَيْنَهُم بالمعروف} شرعاً {ذلك} النهي عن العضل {يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بالله واليوم الأخر} لأنه المنتفع به {ذلكم} أي ترك العَضْل {أزكى} خير {لَّكُمْ وَأَطْهَرُ} لكم ولهم لما يُخْشَى على الزوجين من الريبة بسبب العلاقة بينهما {والله يَعْلَمُ} ما فيه المصلحة {وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} ذلك فاتبعوا أمره.

.تفسير الآية رقم (233):

{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آَتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (233)}
{والوالدات يُرْضِعْنَ} أي ليرضعن {أولادهن حَوْلَيْنِ} عامين {كَامِلَيْنِ} صفة مؤكِّدة ذلك {لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرضاعة} ولا زيادة عليه {وَعلَى المولود لَهُ} أي الأب {رِزْقُهُنَّ} إطعام الوالدات {وَكِسْوَتُهُنَّ} على الإرضاع إذا كن مطلقات {بالمعروف} بقدر طاقته {لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا} طاقتها {لاَ تُضَآرَّ والدة بِوَلَدِهَا} أي بسببه بأن تُكْرَهَ على إرضاعه إذا امتنعت {وَلاَ} يضار {مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ} أي بسببه بأن يكلف فوق طاقته وإضافة (الولد) إلى كل منهما في الموضعين للاستعطاف {وَعَلَى الوارث} أي وارث الأب وهو الصبي أي على وليه في ماله {مِثْلُ ذلك} الذي على الأب للوالدة من الرزق والكسوة {فَإِنْ أَرَادَا} أي الوالدان {فِصَالاً} فطاماً له قبل الحولين صادراً {عَن تَرَاضٍ} اتفاق {مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ} بينهما لتظهر مصلحة الصبي فيه {فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا} في ذلك {وَإِنْ أَرَدتُّم} خطاب للآباء {أَن تَسْتَرْضِعُواْ أولادكم} مراضع غير الوالدات {فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} فيه {إِذَا سَلَّمْتُم} إليهن {مَّآ ءَاتَيْتُم} أي أردتم إيتاءه لهن من الأجرة {بالمعروف} بالجميل كطيب النفس {واتقوا الله واعلموا أَنَّ الله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} لا يخفى عليه شيء منه.

.تفسير الآية رقم (234):

{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (234)}
{والذين يُتَوَفَّوْنَ} يموتون {مِنكُمْ وَيَذَرُونَ} يتركون {أزواجا يَتَرَبَّصْنَ} أي ليتربصن {بِأَنفُسِهِنَّ} بعدهم عن النكاح {أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} من الليالي، وهذا في غير الحوامل أما الحوامل فعدّتهن أن يضعن حملهن بآية (الطلاق)، والأمَةُ على النصف من ذلك بالسُّنَة {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} انقضت عدة تربصهن {فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} أيها الأولياء {فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ} من التزين والتعرض للخطّاب {بالمعروف} شرعا {والله بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} عالم بباطنه كظاهره.

.تفسير الآية رقم (235):

{وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (235)}
{وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم} لوّحتم {بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النسآء} المتوفى عنهن أزواجهن في العدّة كقول الإنسان مثلاً: إنك لجميلة، ومن يجد مثلك؟ ورُبَّ راغب فيك {أَوْ أَكْنَنتُمْ} أضمرتم {فِي أَنفُسِكُمْ} من قصد نكاحهن {عَلِمَ الله أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ} بالخطبة ولا تصبرون عنهن فأباح لكم التعريض {ولكن لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّاً} أي نكاحاً {إِلآ} لكن {أَن تَقُولُواْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا} أي ما عرف شرعاً من التعريض فلكم ذلك {وَلاَ تَعْزِمُواْ عُقْدَةَ النكاح} أي على عقده {حتى يَبْلُغَ الكتاب} أي المكتوب من العدّة {أَجَلَهُ} بأن ينتهي {واعلموا أَنَّ الله يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ} من العزم وغيره {فاحذروه} أن يعاقبكم إذا عزمتم {واعلموا أَنَّ الله غَفُورٌ} لمن يحذره {حَلِيمٌ} بتأخيره العقوبة عن مستحقها.