فصل: تفسير الآية رقم (254):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير الجلالين (نسخة منقحة)



.تفسير الآية رقم (254):

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ (254)}
{ياأيها الذين ءَامَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رزقناكم} زكاته {مّن قَبْلِ أَن يَأْتِىَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ} فداء {فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ} صداقة تنفع {وَلاَ شفاعة} بغير إذنه وهو يوم القيامة وفي قراءة برفع الثلاثة {والكافرون} بالله أو بما فرض عليهم {هُمُ الظالمون} لوضعهم أمر الله في غير محله.

.تفسير الآية رقم (255):

{اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (255)}
{الله لآ إله} أي لا معبود بحق في الوجود {إِلاَّ هُوَ الحى} الدائم البقاء {القيوم} المبالغ في القيام بتدبير خلقه {لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ} نعاس {وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السموات وَمَا فِي الأرض} ملكاً وخلقاً وعبيداً {مَّن ذَا الذي} أي لا أحد {يَشْفَعُ عِندَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ} له فيها {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ} أي الخلق {وَمَا خَلْفَهُمْ} أي من أمر الدنيا والآخرة {وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ} أي لا يعلمون شيئاً من معلوماته {إِلاَّ بِمَا شَآءَ} أن يُعَلِمَهُم به منها بإخبار الرسل {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السموات والأرض} قيل أحاط علمه بهما وقيل ملكه وقيل الكرسي نفسه مشتمل عليهما لعظمته لحديث «ما السموات السبع في الكرسي إلا كدراهم سبعة ألقيت في ترس» {وَلاَ يَؤدُهُ} يثقله {حِفْظُهُمَا} أي السموات والأرض {وَهُوَ العلى} فوق خلقه بالقهر {العظيم} الكبير.

.تفسير الآية رقم (256):

{لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256)}
{لآ إِكْرَاهَ فِي الدين} على الدخول فيه {قَد تَّبَيَّنَ الرشد مِنَ الغي} أي ظهر بالآيات البينات أن الإيمان رشد والكفر غيّ نزلت فيمن كان له من الأنصار أولاد أراد أن يكرههم على الإسلام {فَمَنْ يَكْفُرْ بالطاغوت} الشيطان أو الأصنام وهو يُطْلَق على المفرد والجمع {وَيُؤْمِن بالله فَقَدِ استمسك} تمسك {بالعروة الوثقى} بالعقد المحكم {لاَ انفصام} انقطاع {لَهَا والله سَمِيعٌ} لما يقال {عَلِيمٌ} بما يفعل.

.تفسير الآية رقم (257):

{اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (257)}
{الله وَلِيُّ} ناصر {الذين ءَامَنُواْ يُخْرِجُهُم مّنَ الظلمات} الكفر {إِلَى النور} الإيمان {والذين كَفَرُواْ أَوْلِيٍَآؤُهُمُ الطاغوت يُخْرِجُونَهُم مّنَ النور إِلَى الظلمات} ذِكْرُ الإخراج: إما في مقابلة قوله: {يخرجهم من الظلمات}، أو في كل من آمن بالنبي قبل بعثته من اليهود ثم كفر به {أولئك أصحاب النار هُمْ فِيهَا خالدون}.

.تفسير الآية رقم (258):

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آَتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (258)}
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الذي حَآجَّ} جادل {إبراهيم فِي رِبّهِ} ل {أَنْ ءاتاه الله الملك} أي حمله بطره بنعمة الله على ذلك وهو (نمرود) {إِذ} بدل من (حاجَّ) {قَالَ إبراهيم} لما قال له من ربك الذي تدعونا إليه؟ {رَبّيَ الذي يُحْىِ وَيُمِيتُ} أي يخلق الحياة والموت في الأجساد {قَالَ} هو {أَنا أُحْىِ وأُمِيتُ} بالقتل والعفو عنه، ودعا برجلين فقتل أحدهما وترك الآخر فلما رآه غبياً {قَالَ إبراهيم} منتقلاً إلى حجة أوضح منها {فَإِنَّ الله يَأْتِى بالشمس مِنَ المشرق فَأْتِ بِهَا} أنت {مِنَ المغرب فَبُهِتَ الذي كَفَرَ} تَحيَّر ودَهشَ {والله لاَ يَهْدِى القوم الظالمين} بالكفر إلى مَحجَّة الاحتجاج.

.تفسير الآية رقم (259):

{أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آَيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (259)}
{أَوْ} رأيت {كالذى} الكاف زائدة {مَرَّ على قَرْيَةٍ} هي بيت المقدس راكباً على حمار ومعه سلة تين وقدح عصير وهو (عزير) {وَهِىَ خَاوِيَةٌ} ساقطة {على عُرُوشِهَا} سقوطها لما خرَّبها بختنصر {قَالَ إِنّى} كيف {يُحْىِ هذه اللهُ بَعْدَ مَوْتِهَا} استعظاماً لقدرته تعالى {فَأَمَاتَهُ الله} وألبثه {مِاْئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ} أحياه ليريه كيفية ذلك {قَالَ} تعالى له {كَمْ لَبِثْتَ} مكثت هنا؟ {قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ} لأنه نام أول النهار فقُبِضَ وأُحيي عند الغروب فظن أنه يوم النوم {قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِاْئَةَ عَامٍ فانظر إلى طَعَامِكَ} التين {وَشَرَابِكَ} الْعَصِير {لَمْ يَتَسَنَّهْ} لم يتغير مع طول الزمان، و(الهاء) قيل أصل من (سانَهْتُ) وقيل للسكت من (سَانَيتُ)، وفي قراءة بحذفها {وانظر إلى حِمَارِكَ} كيف هو؟ فرآه ميتاً وعظامه بيض تلوح!فعلنا ذلك لتعلم {وَلِنَجْعَلَكَ ءَايَةً} على البعث {لِلنَّاسِ وانظر إِلَى العظام} من حمارك {كَيْفَ نُنشِزُهَا} نحييها بضم النون وقرئ بفتحها من (أنشر) و(نشر)- لغتان-، وفي قراءة {نُنشزُها} بضم النون والزاي أي نُحَرِّكُها ونَرْفَعُها {ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا} فنظر إليها وقد تركبت وكسيت لحما ونفخ فيه الروح ونهق {فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ} ذلك بالمشاهدة {قَالَ أَعْلَمُ} علم مشاهدة {إِنَّ الله على كُلِّ شَئ قَدِيرٌ} وفي قراءة {اعْلَمْ} أمْرٌ من الله له.

.تفسير الآية رقم (260):

{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (260)}
{وَ} اذكر {وَإِذْ قَالَ إبراهيم رَبِّ أَرِنِى كيف تُحْي الموتى} تعالى له {أَوَلَمْ تُؤْمِن} بقدرتي على الإحياء؟ سأله مع علمه بإيمانه بذلك ليجيبه بما سأل فيعلم السامعون غرضه {قَالَ بلى} آمنت {ولكن} سألتك {لّيَطْمَئِنَّ} يسكن {قَلْبِى} بالمعاينة المضمومة إلى الاستدلال {قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مّنَ الطير فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ} بكسر الصاد وضمها أملهن إليك وقطعهن واخلط لحمهن وريشهن {ثُمَّ اجعل على كُلّ جَبَلٍ} من جبال أرضك {مّنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادعهن} إليك {يَأْتِينَكَ سَعْيًا} سريعاً {واعلم أَنَّ الله عَزِيزٌ} لا يعجزه شيء {حَكِيمٌ} في صنعه فأخذ طاووساً ونسراً وغراباً وديكاً وفعل بهن ما ذكر وأمسك رؤوسهن عنده ودعاهن فتطايرت الأجزاء إلى بعضها حتى تكاملت ثم أقبلت إلى رؤوسها.

.تفسير الآية رقم (261):

{مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (261)}
{مَثَلُ} صفة نفقات {الذين يُنفِقُونَ أموالهم فِي سَبِيلِ الله} أي طاعته {كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلّ سُنبُلَةٍ مّاْئَةُ حَبَّةٍ} فكذلك نفقاته تُضَاعَف لسبعمائة ضعف {والله يضاعف} أكثر من ذلك {لِمَن يَشَاء والله واسع} فضله {عَلِيمٌ} بمن يستحق المضاعفة.

.تفسير الآية رقم (262):

{الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (262)}
{الذين يُنفِقُونَ أموالهم فِي سَبِيلِ الله ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُواْ مَنّاً} على المنفق عليه بقولهم مثلاً: قد أحسنت إليه وجبرت حاله {وَلا أَذًى} له بذكر ذلك إلى من لا يحب وقوفه عليه ونحوه {لَهُمْ أَجْرُهُمْ} ثواب إنفاقهم {عِندَ رَبّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} في الآخرة.

.تفسير الآية رقم (263):

{قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ (263)}
{قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ} كلام حسن وردٌّ على السائل جميل {وَمَغْفِرَةٌ} له في إلحاحه {خَيْرٌ مّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى} بالْمن وتعيير له بالسؤال {والله غَنِىٌّ} عن صدقة العباد {حَلِيمٌ} بتأخير العقوبة عن المانّ والمؤذى.

.تفسير الآية رقم (264):

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (264)}
{ياأيها الذين ءامَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صدقاتكم} أي أجورها {بالمن والأذى} إبطالاً {كالذى} أي كإبطال نفقة الذي {يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء الناس} مرائياً لهم {وَلاَ يُؤْمِنُ بالله واليوم الأخر} وهو المنافق {فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ} حجر أملس {عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ} مطر شديد {فَتَرَكَهُ صَلْدًا} صلباً أملس لا شيء عليه {لاَّ يَقْدِرُونَ} استئناف لبيان مثل المنافق المنفق رئاء الناس، وجُمِعَ الضمير باعتبار معنى (الذي) {على شَئ مّمَّا كَسَبُواْ} عملوا أي لا يجدون له ثواباً في الآخرة كما لا يوجد على الصفوان شيء من التراب الذي كان عليه لإذهاب المطر له {والله لاَ يَهْدِي القوم الكافرين}.

.تفسير الآية رقم (265):

{وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآَتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (265)}
{وَمَثَلُ} نفقات {الذين يُنفِقُونَ أموالهم ابتغاء} طلب {مَرْضَاتِ الله وَتَثْبِيتًا مّنْ أَنفُسِهِمْ} أي تحقيقاً للثواب عليه بخلاف المنافقين الذين لا يرجونه لإنكارهم له، و(مَن) ابتدائية {كَمَثَلِ جَنَّةٍ} بستان {بِرَبْوَةٍ} بضم الراء وفتحها، مكان مرتفع مستو {أَصَابَهَا وَابِلٌ فَأَتَتْ} أعطت {أُكُلُهَا} بضم الكاف وسكونها ثمرها {ضِعْفَيْنِ} مثل ما يثمر غيرها {فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ} مطر خفيف يصيبها ويكفيها لارتفاعها، المعنى: تثمر وتزكو كَثُر المطر أم قل فكذلك نفقات من ذكر تزكو عند الله كَثُرَت أم قلت {والله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} فيجازيكم به.

.تفسير الآية رقم (266):

{أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (266)}
{أَيَوَدُّ} أيحب {أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ} بستان {مّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنهار لَهُ فِيهَا} ثمر {مِن كُلّ الثمرات} قد {أَصَابَهُ الكبر} فضعف من الكبر {وَلَهُ ذُرّيَّةٌ ضُعَفَاء} أولاد صغار لا يقدرون عليه {فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ} ريح شديدة {فِيهِ نَارٌ فاحترقت} ففقدها أحوج ما كان إليها وبقي هو وأولاده عجزة متحيرين لا حيلة لهم وهذا تمثيل لنفقة المرائي والمانّ في ذهابها وعدم نفعها أحوج ما يكون إليها في الآخرة والاستفهام بمعنى النفي. وعن ابن عباس: هو الرجل عمل بالطاعات ثم بُعِثَ له الشيطان فعمل بالمعاصي حتى أحرق أعماله {كذلك} كما بيَّن ما ذكر {يُبيّنُ الله لَكُمُ الأات لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ} فتعتبرون.

.تفسير الآية رقم (267):

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآَخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (267)}
{ياأيها الذين ءَامَنُواْ أَنفِقُواْ} أي زكوا {مِن طَيّبَاتِ} جياد {مَّا كَسَبْتُم} من المال {وَمِنْ} طيبات {مَا أَخْرَجْنَا لَكُم مّنَ الأرض} من الحبوب والثمار {وَلاَ تَيَمَّمُواْ} تقصدوا {الخبيث} الرديء {مِنْهُ} أي من المذكور {تُنفِقُونَ} ه في الزكاة، حال من ضمير (تيمموا) {وَلَسْتُم بِأَخِذِيهِ} أي الخبيث لو أعطيتموه في حقوقكم {إِلا أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ} بالتساهل وغض البصر فكيف تؤدون منه حق الله؟ {واعلموا أَنَّ الله غَنِيٌّ} عن نفقاتكم {حَمِيدٌ} محمود على كل حال.

.تفسير الآية رقم (268):

{الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (268)}
{الشيطان يَعِدُكُمُ الفقر} يخوّفكم به إن تصدّقتم فتمسكون {وَيَأْمُرُكُم بالفحشاء} البخل ومنع الزكاة {والله يَعِدُكُم} على الإنفاق {مَّغْفِرَةً مّنْهُ} لذنوبكم {وَفَضْلاً} رزقاً خلفاً منه {والله واسع} فضله {عَلِيمٌ} بالمنفق.

.تفسير الآية رقم (269):

{يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (269)}
{يُؤْتِى الْحِكْمَةَ} أي العلم النافع المؤديّ إلى العمل {مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِىَ خَيْرًا كَثِيرًا} لمصيره إلى السعادة الأبدية {وَمَا يَذَّكَّرُ} فيه إدغام التاء في الأصل في الذال يتعظ {إِلاَّ أُوْلُواْ الالباب} أصحاب العقول.