فصل: تفسير الآية رقم (22):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير الجلالين (نسخة منقحة)



.تفسير الآية رقم (22):

{وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (22)}
{وَلَوْ قاتلكم الذين كفَرُواْ} بالحديبية {لَوَلَّوُاْ الأدبار ثُمَّ لاَ يَجِدُونَ وَلِيّاً} يحرسهم {وَلاَ نَصِيراً}.

.تفسير الآية رقم (23):

{سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (23)}
{سُنَّةَ الله} مصدر مؤكد لمضمون الجملة قبله من هزيمة الكافرين ونصر المؤمنين أي سَنَّ الله ذلك سُنَّة {التي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ الله تَبْدِيلاً} منه.

.تفسير الآية رقم (24):

{وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (24)}
{وَهُوَ الذي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ} بالحديبية {مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ} فإنّ ثمانين منهم طافوا بعسكركم ليصيبوا منكم فأُخذوا وأُتي بهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فعفا عنهم وخلى سبيلهم فكان ذلك سبب الصلح {وَكَانَ الله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً} بالياء والتاء أي لم يزل متصفاً بذلك.

.تفسير الآية رقم (25):

{هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (25)}
{هُمُ الذين كَفَرُواْ وَصَدُّوكُمْ عَنِ المسجد الحرام} أي عن الوصول إليه {والهدى} معطوف على كُمْ {مَعْكُوفاً} محبوساً حال {أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ} أي مكانه الذي ينحر فيه عادة وهو الحرم بدل اشتمال {وَلَوْلاَ رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاء مؤمنات} موجودون بمكة مع الكفار {لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ} بصفة الإِيمان {أن تَطَئُوهم} أي تقتلوهم مع الكفار لو أذن لكم في الفتح بدل اشتمال من هم {فَتُصِيبَكمْ مّنْهُمْ مَّعَرَّةٌ} أي إثم {بِغَيْرِ عِلْمٍ} منكم به وضمائر الغيبة للصنفين بتغليب الذكور وجواب (لولا) محذوف: أي لأذن لكم في الفتح لكن لم يؤذن فيه حينئذ {لّيُدْخِلَ الله فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ} كالمؤمنين المذكورين {لَوْ تَزَيَّلُواْ} تميزوا عن الكفار {لَعَذَّبْنَا الذين كَفَرُواْ مِنْهُمْ} من أهل مكة حينئذ بأن نأذن لكم في فتحها {عَذَاباً أَلِيماً} مؤلماً.

.تفسير الآية رقم (26):

{إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (26)}
{إِذْ جَعَلَ} متعلق بعذبنا {الذين كَفَرُواْ} فاعل {فِي قُلُوبِهِمُ الحمية} الأنفة من الشيء {حَمِيَّةَ الجاهلية} بدل من الحمية وهي صدهم النبي وأصحابه عن المسجد الحرام {فَأَنزَلَ الله سَكِينَتَهُ على رَسُولِهِ وَعَلَى المؤمنين} فصالحوهم على أن يعودوا من قابل ولم يلحقهم من الحمية ما لحق الكفار حتى يقاتلوهم {وَأَلْزَمَهُمْ} أي المؤمنين {كَلِمَةَ التقوى} لا إله إلا الله محمد رسول الله وأضيفت إلى التقوى لأنها سببها {وَكَانُواْ أَحَقَّ بِهَا} بالكلمة من الكفار {وَأَهْلُهَا} عطف تفسيري {وَكَانَ الله بِكُلِّ شَئ عَلِيماً} أي لم يزل متصفاً بذلك ومن معلوماته تعالى أنهم أهلها.

.تفسير الآية رقم (27):

{لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آَمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا (27)}
{لَّقَدْ صَدَقَ الله رَسُولَهُ الرؤيا بالحق} رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم عام الحديبية قبل خروجه أنه يدخل مكة هو وأصحابه آمنين ويحلقون ويقصرون فأخبر بذلك أصحابه ففرحوا فلما خرجوا معه وصدهم الكفار بالحديبية ورجعوا وشق عليهم ذلك وراب بعض المنافقين نزلت. وقوله (بالحق) متعلق بصدق أو حال من الرؤيا وما بعدها تفسيرها {لَتَدْخُلُنَّ المسجد الحرام إِن شَاءَ الله} للتبرك {ءَامِنِينَ مُحَلّقِينَ رُءُوسَكُمْ} أي جميع شعورها {وَمُقَصِّرِينَ} بعض شعورها، وهما حالان مقدّرتان {لاَ تخافون} أبداً {فَعَلِمَ} في الصلح {مَّا لَمْ تَعْلَمُواْ} من الصلاح {فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ} أي الدخول {فَتْحاً قَرِيباً} هو فتح خيبر وتحققت الرؤيا في العام القابل.

.تفسير الآية رقم (28):

{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (28)}
{هُوَ الذي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بالهدى وَدِينِ الحق لِيُظْهِرَهُ} أي دين الحق {عَلَى الدين كُلّهِ} على جميع باقي الأديان {وكفى بالله شَهِيداً} أنك مرسل بما ذكر كما قال الله تعالى:

.تفسير الآية رقم (29):

{مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (29)}
{مُحَمَّدٌ} مبتدأ {رَسُولِ الله} خبره {والذين مَعَهُ} أي أصحابه من المؤمنين مبتدأ خبره {أَشِدَّاءُ} غلاظ {عَلَى الكفار} لا يرحمونهم {رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} خبر ثان، أي متعاطفون متوادّون كالوالد مع الولد {تَرَاهُمْ} تبصرهم {رُكَّعاً سُجَّداً} حالان {يَبْتَغُونَ} مستأنف يطلبون {فَضْلاً مِّنَ الله وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ} علاماتهم مبتدأ {فِي وُجُوهِهِمْ} خبره وهو نور وبياض يُعْرَفون به في الآخرة أنهم سجدوا في الدنيا {مِّنْ أَثَرِ السجود} متعلق بما تعلق به الخبر، أي كائنة. وأعرب حالاً من ضميره المنتقل إلى الخبر {ذلك} أي الوصف المذكور {مّثْلُهُمْ} صفتهم مبتدأ {فِي التوراة} خبره {وَمَثَلُهُمْ فِي الإنجيل} مبتدأ وخبره {كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْئَهُ} بسكون الطاء وفتحها: فراخه {فَآزَرَهُ} بالمد والقصر. قواه وأعانه {فاستغلظ} غلظ {فاستوى} قوي واستقام {على سُوقِهِ} أصوله جمع ساق {يُعْجِبُ الزراع} أي زرَّاعه لحسنه، مثّل الصحابة رضي الله عنهم بذلك لأنهم بدأوا في قلة وضعف فكثروا وقووا على أحسن الوجوه {لِيَغِيظَ بِهِمُ الكفار} متعلق بمحذوف دل عليه ما قبله، أي شبهوا بذلك {وَعَدَ الله الذين ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات مِنْهُم} أي الصحابة ومن لبيان الجنس لا للتبعيض لأنهم كلهم بالصفة المذكورة {مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} الجنة وهما لمن بعدهم أيضاً كما في آيات.

.سورة الحجرات:

.تفسير الآية رقم (1):

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (1)}
{ياأيها الذين ءَامَنُواْ لاَ تُقَدِّمُواْ} من قدم بمعنى تقدم أي لا تتقدموا بقول ولا فعل {بَيْنَ يَدَىِ الله وَرَسُولِهِ} المبلغ عنه، أي بغير إذنهما {واتقوا الله إِنَّ الله سَمِيعٌ} لقولكم {عَلِيمٌ} بفعلكم نزلت في مجادلة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما عند النبي صلى الله عليه وسلم في تأمير الأقرع بن حابس أو القعقاع بنمعبد.

.تفسير الآية رقم (2):

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (2)}
ونزل فيمن رفع صوته عند النبي صلى الله عليه وسلم {ياأيها الذين ءَامَنُواْ لاَ تَرْفَعُواْ أصواتكم} إذا نطقتم {فَوْقَ صَوْتِ النبى} إذا نطق {وَلاَ تَجْهَرُواْ لَهُ بالقول} إذا ناجيتموه {كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ} بل دون ذلك إجلالاً له {أَن تَحْبَطَ أعمالكم وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ} أي خشية ذلك بالرفع والجهر المذكورين.

.تفسير الآية رقم (3):

{إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (3)}
ونزل فيمن كان يخفض صوته عند النبي صلى الله عليه وسلم كأبي بكر وعمر وغيرهما رضي الله عنهم. {إِنَّ الذين يَغُضُّونَ أصواتهم عِندَ رَسُولِ الله أولئك الذين امتحن} اختبر {الله قُلُوبَهُمْ للتقوى} أي لتظهر منهم {لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ} الجنة.

.تفسير الآية رقم (4):

{إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (4)}
ونزل في قوم جاؤوا وقت الظهيرة والنبي صلى الله عليه وسلم في منزله فنادوه {إَنَّ الذين يُنَادُونَكَ مِن وَرآءِ الحجرات} حجرات نسائه صلى الله عليه وسلم جمع حجرة وهي ما يحجر عليه من الأرض بحائط ونحوه وكان كل واحد منهم نادى خلف حجرة لأنهم لم يعلموه في أي حجرة، مناداة الأعراب بغلظة وجفاء {أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ} فيما فعلوه محلَّك الرفيع وما يناسبه من التعظيم.

.تفسير الآية رقم (5):

{وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5)}
{وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُواْ} أنهم في محل رفع بالابتداء، وقيل فاعل لفعل مقدر، أي ثبت {حتى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ والله غَفُورٌ رَّحِيمٌ} لمن تاب منهم.

.تفسير الآية رقم (6):

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6)}
ونزل في الوليد بن عقبة وقد بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى بني المصطلق مصدقا فخافهم لترة كانت بينه وبينهم في الجاهلية فرجع وقال إنهم منعوا الصدقة وهموا بقتله فهمّ النبي صلى الله عليه وسلم بغزوهم فجاؤوا منكرين ما قاله عنهم. {ياأيها الذين ءَامَنُواْ إِن جَآءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ} خبر {فَتَبَيَّنُواْ} صدقه من كذبه، وفي قراءة {فتثبتوا} من الثبات {أن تُصِيبُواْ قَوْماً} مفعول له أي خشية ذلك {بِجَهَالَةٍ} حال من الفاعل أي جاهلين {فَتُصْبِحُواْ} تصيروا {على مَا فَعَلْتُمْ} من الخطأ بالقوم {نادمين} وأرسل صلى الله عليه وسلم إليهم بعد عودهم إلى بلادهم خالداً فلم ير فيهم إلا الطاعة والخير فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك.

.تفسير الآية رقم (7):

{وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (7)}
{واعلموا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ الله} فلا تقولوا الباطل فإن الله يخبره بالحال {لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الأمر} الذي تخبرون به على خلاف الواقع فيرتب على ذلك مقتضاه {لَعَنِتُّمْ} لأثمتم دونه إثم التسبب إلى المرتب {ولكن الله حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإيمان وَزَيَّنَهُ} حسَّنه {فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الكفر والفسوق والعصيان} استدراك من حيث المعنى دون اللفظ لأن من حبب إليه الإِيمان الخ غايرت صفته صفة من تقدم ذكره {أولئك هُمُ} فيه التفات عن الخطاب {الراشدون} الثابتون على دينهم.

.تفسير الآية رقم (8):

{فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (8)}
{فَضْلاً مِّنَ الله} مصدر منصوب بفعله المقدر، أي أفضل {وَنِعْمَةً} منه {والله عَلِيمٌ} بهم {حَكِيمٌ} في إنعامه عليهم.

.تفسير الآية رقم (9):

{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9)}
{وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ المؤمنين} الآية، نزلت في قضية هي أن النبي صلى الله عليه وسلم ركب حماراً ومرّ على ابن أبيّ فبال الحمار فسدّ ابن أبيّ أنفه فقال ابن رواحة: والله لبول حماره أطيب ريحاً من مسكك، فكان بين قوميهما ضرب بالأيدي والنعال والسعف {اقتتلوا} جُمِعَ نظراً إلى المعنى لأن كل طائفة جماعة. وقرئ {اقتتلتا} {فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا} ثني نظراً إلى اللفظ {فَإِن بَغَتْ} تعدّت {إِحْدَاهُمَا على الأخرى فقاتلوا التي تَبْغِى حتى تَفِئ} ترجع {إلى أَمْرِ الله} الحق {فَإِن فَآءَتْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا بالعدل} بالإِنصاف {وَأَقْسِطُواْ} أعدلوا {إِنَّ الله يُحِبُّ المقسطين}.

.تفسير الآية رقم (10):

{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10)}
{إِنَّمَا المؤمنون إِخْوَةٌ} في الدين {فَأَصْلِحُواْ بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} إذا تنازعا، وقرئ {إخوتكم} بالفوقانية {واتقوا الله لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}.

.تفسير الآية رقم (11):

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11)}
{ياأيها الذين ءَامَنُواْ لاَ يَسْخَرْ} الآية نزلت في وفد تميم حين سخروا من فقراء المسلمين كعمار وصهيب، والسخرية: الازدراء والاحتقار {قَوْمٌ} أي رجال منكم {مّن قَوْمٍ عسى أَن يَكُونُواْ خَيْراً مِّنْهُمْ} عند الله {وَلاَ نِسآءٌ} منكم {مِّن نِّسَآءٍ عسى أَن يَكُنَّ خَيْراً مّنْهُنَّ وَلاَ تَلْمِزُواْ أَنفُسَكُمْ} لا تعيبوا فتعابوا، أي لا يعب بعضكم بعضاً {وَلاَ تَنَابَزُواْ بالالقاب} لا يدعو بعضكم بعضا بلقب يكرهه، ومنه يا فاسق يا كافر {بِئْسَ الاسم} أي المذكور من السخرية واللمز والتنابز {الفسوق بَعْدَ الإيمان} بدل من الاسم لإِفادة أنه فسق لتكرره عادة {وَمَن لَّمْ يَتُبْ} من ذلك {فأولئك هُمُ الظالمون}.