فصل: تفسير الآية رقم (140):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير الجلالين (نسخة منقحة)



.تفسير الآية رقم (140):

{إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140)}
{إِن يَمْسَسْكُمْ} يصبكم بأحد {قَرْحٌ} بفتح القاف وضمها، جهد من جرح ونحوه {فَقَدْ مَسَّ القوم} الكفار {قَرْحٌ مِّثْلُهُ} ببدر {وَتِلْكَ الايام نُدَاوِلُهَا} نُصَرِّفُها {بَيْنَ الناس} يوماً لفرقة ويوماً لأخرى ليتعظوا {وَلِيَعْلَمَ الله} علم ظهور {الذين ءَامَنُواْ} أخلصوا في إيمانهم من غيرهم {وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَآءَ} يكرمهم بالشهادة {والله لاَ يُحِبُّ الظالمين} الكافرين أي يعاقبهم وما ينعم به عليهم استدراج.

.تفسير الآية رقم (141):

{وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (141)}
{وَلِيُمَحِّصَ الله الذين ءَامَنُواْ} يطهرهم من الذنوب بما يصيبهم {وَيَمْحَقَ} يهلك {الكافرين}.

.تفسير الآية رقم (142):

{أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142)}
{أَمْ} بل أ {حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الجنة وَلَمَّا} لم {يَعْلَمِ الله الذين جاهدوا مِنكُمْ} علم ظهور {وَيَعْلَمَ الصابرين} في الشدائد.

.تفسير الآية رقم (143):

{وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (143)}
{وَلَقَدْ كُنتُمْ تَمَنَّوْنَ} فيه حذف إحدى التاءين في الأصل {الموت مِن قَبْلِ أَن تَلْقَوْهُ} حيث قلتم ليت لنا يوما كيوم بدر لننال ما نال شهداؤه {فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ} أي سببه الحرب {وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ} أي بصراء تتأملون الحال كيف هي فلم انهزمتم؟

.تفسير الآية رقم (144):

{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (144)}
ونزل في هزيمتهم لما أشيع أن النبي صلى الله عليه وسلم قتل وقال لهم المنافقون إن كان قتل فارجعوا إلى دينكم: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرسل أَفإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ} كغيره {انقلبتم على أعقابكم} رجعتم إلى الكفر، والجملة الأخيرة محل الاستفهام الإنكاري، أي ما كان معبودا فترجعوا {وَمَن يَنقَلِبْ على عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ الله شَيْئاً} وإنما يضر نفسه {وَسَيَجْزِى الله الشاكرين} نعمه بالثبات.

.تفسير الآية رقم (145):

{وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآَخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ (145)}
{وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله} بقضائه {كتابا} مصدر أي: كتب الله ذلك {مُّؤَجَّلاً} مؤقتاً لا يتقدّم ولا يتأخر فلمَ انهزمتم والهزيمة لا تدفع الموت والثبات لا يقطع الحياة؟ {وَمَن يُرِدْ} بعمله {ثَوَابَ الدنيا} أي جزاءه منها {نُؤْتِهِ مِنْهَا} ما قسم له ولا حظَّ له في الآخرة {وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الأخرة نُؤْتِهِ مِنْهَا} أي من ثوابها {وَسَنَجْزِى الشاكرين}.

.تفسير الآية رقم (146):

{وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146)}
{وَكَأَيِّن} كم {مِّن نَّبِىٍّ قَاتَلَ} وفي قراءة {قاتَل}، والفاعل ضميره {مَعَهُ} خبر مبتدؤه {رِبّيُّونَ كَثِيرٌ} جموع كثيرة {فَمَا وَهَنُواْ} جبنوا {لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ الله} من الجراح وقتل أنبيائهم وأصحابهم {وَمَا ضَعُفُواْ} عن الجهاد {وَمَا استكانوا} خضعوا لعدوّهم كما فعلتم حين قيل: قُتل النبي صلى الله عليه وسلم {والله يُحِبُّ الصابرين} على البلاء أي يثيبهم.

.تفسير الآية رقم (147):

{وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (147)}
{وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ} عند قتل نبيهم مع ثباتهم وصبرهم {إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا اغفر لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا} تجاوزنا الحدّ {فِي أَمْرِنَا} إيذاناً بأن ما أصابهم لسوء فعلهم وهضماً لأنفسهم {وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا} بالقوّة على الجهاد {وانصرنا عَلَى القوم الكافرين}.

.تفسير الآية رقم (148):

{فَآَتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (148)}
{فئاتاهم الله ثَوَابَ الدنيا} النصر والغنيمة {وَحُسْنَ ثَوَابِ الأخرة} أي الجنة وحُسْنُةُ: التفضل فوق الاستحقاق {والله يُحِبُّ المحسنين}.

.تفسير الآية رقم (149):

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ (149)}
{ياأيها الذين ءَامَنُواْ إِن تُطِيعُواْ الذين كَفَرُواْ} فيما يأمرونكم به {يَرُدُّوكُمْ} إلَى الكفر {على أعقابكم فَتَنقَلِبُواْ خاسرين}.

.تفسير الآية رقم (150):

{بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ (150)}
{بَلِ الله مولاكم} ناصركم {وَهُوَ خَيْرُ الناصرين} فأطيعوه دونهم.

.تفسير الآية رقم (151):

{سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ (151)}
{سَنُلْقِى فِي قُلُوبِ الذين كَفَرُواْ الرعب} بسكون العين وضمها: الخوف، وقد عزموا بعد ارتحالهم من أحد على العود واستئصال المسلمين فرَعِبُوا ولم يرجعوا {بِمَآ أَشْرَكُواْ} بسبب إشراكهم {بالله مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سلطانا} حجة على عبادته وهو الأصنام {وَمَأْوَاهُمُ النار وَبِئْسَ مثوى} مأوى {الظالمين} الكافرين هي.

.تفسير الآية رقم (152):

{وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (152)}
{وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ الله وَعْدَهُ} إياكم بالنصر {إِذْ تَحُسُّونَهُمْ} تقتلونهم {بِإِذْنِهِ} بإرادته {حتى إِذَا فَشِلْتُمْ} جبنتم عن القتال {وتنازعتم} اختلفتم {فِي الأمر} أي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالمقام في سفح الجبل للرمي فقال بعضكم: نذهب فقد نُصر أصحابنا بعضكم: لا نخالف أمر النبي صلى الله عليه وسلم {وَعَصَيْتُمْ} أمره فتركتم المركز لطلب الغنيمة {مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ} الله {مَّا تُحِبُّونَ} من النصر، وجوابـ (إذا) دل عليه ما قبله أي منعكم نصره {مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا} فترك المركز للغنيمة {وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الأخرة} فثبت به حتى قُتِلَ كعبد الله بن جبير وأصحابه {ثُمَّ صَرَفَكُمْ} عطف على جوابـ (إذا) المقدر ردّكم للهزيمة {عَنْهُمْ} أي الكفار {لِيَبْتَلِيَكُمْ} ليمتحنكم فيظهر المخلص من غيره {وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ} ما ارتكبتموه {والله ذُو فَضْلٍ عَلَى المؤمنين} بالعفو.

.تفسير الآية رقم (153):

{إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (153)}
اذكروا {إِذْ تُصْعِدُونَ} تبعدون في الأرض هاربين {وَلاَ تَلْوُونَ} تُعَرِّجُون {على أحَدٍ والرسول يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ} أي من ورائكم يقول: «إليَّ عباد الله إليَّ عباد الله» {فأثابكم} فجازاكم {غَمّاً} بالهزيمة {بِغَمّ} بسبب غمكم للرسول بالمخالفة وقيل الباء بمعنى (على)، أي مضاعفاً على غم فوت الغنيمة {لّكَيْلاَ} متعلق بـ (عفا) أو بـ (أثابكم) فـ (لا) زائدة {تَحْزَنُواْ على مَا فَاتَكُمْ} من الغنيمة {وَلاَ مَا أصابكم} من القتل والهزيمة {والله خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}.

.تفسير الآية رقم (154):

{ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (154)}
{ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّن بَعْدِ الغم أَمَنَةً} أمناً {نُّعَاساً} بدل {يغشى} بالياء والتاء {طَائِفَةً مّنكُمْ} وهم المؤمنون فكانوا يميدون تحت الحَجَفِ وتسقط السيوف منهم {وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ} أي حملتهم على الهم فلا رغبة لهم إلا نجاتها دون النبي وأصحابه فلم يناموا وهم المنافقون {يَظُنُّونَ بالله} ظناً {غَيْرِ} الظن {الحق ظَنَّ} أي كظن {الجاهلية} حيث اعتقدوا أن النبي قتل أو لا ينصر {يَقُولُونَ هَلْ} ما {لَّنَا مِنَ الأمر} أي النصر الذي وعدناه {مِنْ} {شَئ قُلْ} لهم {إِنَّ الامر كُلَّهُ} بالنصب توكيد والرفع مبتدأ خبره {لِلَّهِ} أي القضاء له يفعل ما يشاء {يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِم مَّا لاَ يُبْدُونَ} يظهرون {لَكَ يَقُولُونَ} بيان لما قبله {لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأمر شَئ مَّا قُتِلْنَا هاهنا} أي لو كان الاختيار إلينا لم نخرج فلم نقتل لكن أخرجنا كرهاً {قُلْ} لهم {لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ} وفيكم من كتب الله عليه القتل {لَبَرَزَ} خرج {الذين كُتِبَ} قضى {عَلَيْهِمُ القتل} منكم {إلى مَضَاجِعِهِمْ} مصارعهم فيقتلوا ولم ينجهم قعودهم لأن قضاءه تعالى كائن لا محالة {وَ} فعل ما فعل بأحد {لِيَبْتَلِيَ} يختبر {وَلِيَبْتَلِىَ الله مَا فِي صُدُورِكُمْ} قلوبكم من الإخلاص والنفاق {وَلِيُمَحّصَ} يميز {مَا فِي قُلُوبِكُمْ والله عَلِيمٌ بِذَاتِ الصدور} بما في القلوب لا يخفى عليه شيء وإنما يبتلي ليظهر للناس.

.تفسير الآية رقم (155):

{إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (155)}
{إِنَّ الذين تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ} عن القتال {يَوْمَ التقى الجمعان} جمع المسلمين وجمع الكفار بأُحُد وهم المسلمون إلا اثني عشر رجلاً {إِنَّمَا استزلهم} أزلهم {الشيطان} بوسوسته {بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ} من الذنوب وهو مخالفة أمر النبي صلى الله عليه وسلم {وَلَقَدْ عَفَا الله عَنْهُمْ إِنَّ الله غَفُورٌ} للمؤمنين {حَلِيمٌ} لا يُعجِّل على العصاة.

.تفسير الآية رقم (156):

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (156)}
{ياأيها الذين ءامَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كالذين كَفَرُواْ} أي المنافقين {وَقَالُواْ لإخوانهم} أي في شأنهم {إِذَا ضَرَبُواْ} سافروا {فِي الأرض} فماتوا {أَوْ كَانُواْ غُزًّى} جمع (غاز) فقتلوا {لَّوْ كَانُواْ عِنْدَنَا مَا مَاتُواْ وَمَا قُتِلُواْ} أي لا تقولوا كقولهم {لِيَجْعَلَ الله ذلك} القول في عاقبة أمرهم {حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ والله يُحْيىِ وَيُمِيتُ} فلا يمنع عن الموت قعود {والله بِمَا تَعْمَلُونَ} بالتاء والياء {بَصِيرٌ} فيجازيكم به.

.تفسير الآية رقم (157):

{وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (157)}
{وَلَئِنِ} لام قسم {قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ الله} أي الجهاد {أَوْ مُتُّمْ} بضم الميم وكسرها من (مات يموت ويمات) أي أتاكم الموت فيه {لَمَغْفِرَةٌ} كائنة {مِنَ الله} لذنوبكم {وَرَحْمَةً} منه لكم على ذلك واللام ومدخولها جواب القسم وهو في موضع الفعل مبتدأ خبره {خَيْرٌ مّمَّا يَجْمَعُونَ} من الدنيا بالتاء والياء.

.تفسير الآية رقم (158):

{وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ (158)}
{وَلَئِنِ} لام قسم {مُّتُّمْ} بالوجهين {أَوْ قُتِلْتُمْ} في الجهاد أو غيره {لإِلَى الله} لا إلى غيره {تُحْشَرُونَ} في الآخِرَةِ فيجازيكم.

.تفسير الآية رقم (159):

{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159)}
{فَبِمَا} (ما) زائدة {رَحْمَةٍ مِّنَ الله لِنتَ} يا محمد {لَهُمْ} أي سهلت أخلاقك إذ خالفوك {وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً} سيّئ الخلق {غَلِيظَ القلب} جافياً فأغلظت لهم {لاَنْفَضُّواْ} تفرّقوا {مِنْ حَوْلِكَ فاعف} تجاوز {عَنْهُمْ} ما أتوه {واستغفر لَهُمْ} ذنبهم حتى أغفر لهم {وَشَاوِرْهُمْ} استخرج آراءهم {فِي الأمر} أي شأنك من الحرب وغيره تطيباً لقلوبهم وليُستَنَّ بك فكان صلى الله عليه وسلم كثير المشاورة لهم {فَإِذَا عَزَمْتَ} على إمضاء ما تريد بعد المشاورة {فَتَوَكَّلْ عَلَى الله} ثق به بعد المشاورة {إِنَّ الله يُحِبُّ المتوكلين} عليه.