فصل: تفسير الآية رقم (3):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير الجلالين (نسخة منقحة)



.تفسير الآية رقم (3):

{وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا (3)}
{وَإِنْ خِفْتُمْ أَ} ن {لا تُقْسِطُواْ} تعدلوا {فِي اليتامى} فتحرّجتم من أمرهم فخافوا أيضاً أن لا تعدلوا بين النساء إذا نكحتموهن {فانكحوا} تزوّجوا {مَا} بمعنى (مَن) {طَابَ لَكُمْ مّنَ النساء مثنى وثلاث وَرُبَاعَ} أي اثنتين اثنتين وثلاثاً ثلاثاً وأربعاً أربعاً ولا تزيدوا على ذلك {فَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ لا تَعْدِلُواْ} فيهن بالنفقة والقَسْم {فواحدة} انكحوها {أَوْ} اقتصروا على {مَا مَلَكَتْ أيمانكم} من الإماء إذ ليس لهن من الحقوق ما للزوجات {ذلك} أي نكاح الأربع فقط أو الواحدة أو التسرِّي {أدنى} أقرب إلى {أَلاَّ تَعُولُواْ} تجوروا.

.تفسير الآية رقم (4):

{وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا (4)}
{وَءَاتُواْ} أعطوا {النساء صدقاتهن} جمع (صَدُقَة) (مهورهن) {نِحْلَةً} مصدر عطية عن طيب نفس {فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَئ مّنْهُ نَفْساً} تمييز محول عن الفاعل، أي طابت أنفسهن لكم عن شيء من الصداق فوهبنه لكم {فَكُلُوهُ هَنِيئاً} طيباً {مَّرِيئاً} محمود العاقبة لا ضرر فيه عليكم في الآخرة نزلت ردًّا على من كره ذلك.

.تفسير الآية رقم (5):

{وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا (5)}
{وَلاَ تُؤْتُواْ} أيها الأولياء {السفهاء} المبذِّرين من الرجال والنساء والصبيان {أموالكم} أي أموالهم التي في أيديكم {التي جَعَلَ الله لَكُمْ قياما} مصدر (قام) أي تقوم بمعاشكم وصلاح أَوَدِكم فيضيعوها في غير وجهها، وفي قراءة {قِيمَا} جمع (قيمة) ما تقوم به الأمتعة {وارزقوهم فِيهَا} أطعموهم منها {واكسوهم وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً} عِدُوهم عِدَةً جميلة بإعطائهم أموالهم إذا رشدوا.

.تفسير الآية رقم (6):

{وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آَنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا (6)}
{وابتلوا} اختبروا {اليتامى} قبل البلوغ في دينهم وتصرفهم في أحوالهم {حتى إِذَا بَلَغُواْ النّكَاحَ} أي صاروا أهلاً له بالاحتلام أو السن وهو استكمال خمسة عشرة سنة عند الشافعي {فَإِنْ ءَانَسْتُم} أبصرتم {مِّنْهُمْ رُشْداً} صلاحا في دينهم ومالهم {فادفعوا إِلَيْهِمْ أموالهم وَلاَ تَأْكُلُوهَا} أيها الأولياء {إِسْرَافاً} بغير حق حال {وَبِدَاراً} أي مبادرين إلى إنفاقها مخافة {أَن يَكْبَرُواْ} رشداء فيلزمكم تسليمها إليهم {وَمَن كَانَ} من الأولياء {غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ} أي يعف عن مال اليتيم ويمتنع من أكله {وَمَن كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ} منه {بالمعروف} بقدر أجرة عمله {فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ} أي إلى اليتامى {أموالهم فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ} أنهم تسلموها وبرئتم لئلا يقع اختلاف فترجعوا إلى البينة وهذا أمر إرشاد {وكفى بالله} الباء زائدة {حَسِيباً} حافظاً لأعمال خلقه ومحاسبهم.

.تفسير الآية رقم (7):

{لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (7)}
ونزل ردًّا لِما كان عليه الجاهلية من عدم توريث النساء والصغار {لّلرّجَالِ} الأولاد والأقرباء {نَّصِيبٌ} حظٌّ {مّمَّا تَرَكَ الوالدان والأقربون} المتوفون {وَلِلنّسَاء نَصِيبٌ مّمَّا تَرَكَ الوالدان والأقربون مِمَّا قَلَّ مِنْهُ} أي المال {أَوْ كَثُرَ} جعله الله {نَصِيباً مَّفْرُوضاً} مقطوعاً بتسليمه إليهم.

.تفسير الآية رقم (8):

{وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا (8)}
{وَإِذَا حَضَرَ القسمة} للميراث {أُوْلُوا القربى} ذوو القرابة ممن لا يرث {واليتامى والمساكين فارزقوهم مّنْهُ} شيئاً قبل القسمة {وَقُولُواْ} أيها الأولياء {لَهُمْ} إذا كان الورثة صغاراً {قَوْلاً مَّعْرُوفاً} جميلاً بأن تعتذروا إليهم أنكم لا تملكونه وأنه للصغار وهذا قيل إنه منسوخ وقيل لا ولكن تهاون الناس في تركه وعليه فهو ندب وعن ابن عباس واجب.

.تفسير الآية رقم (9):

{وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (9)}
{وَلْيَخْشَ} أي ليخف على اليتامى {الذين لَوْ تَرَكُواْ} أي قاربوا أن يتركوا {مِّنْ خَلْفِهِمْ} أي بعد موتهم {ذُرّيَّةً ضعافا} أولاداً صغاراً {خَافُواْ عَلَيْهِمْ} الضياع {فَلْيَتَّقُواّ الله} في أمر اليتامى وليأتوا إليهم ما يحبون أن يفعل بذرّيتهم من بعدهم {وَلِيَقُولُواْ} للميّت {قَوْلاً سَدِيداً} صواباً بأن يأمروه أن يتصَّدق بدون ثلثه ويدع الباقي لورثته ولا يتركهم عالة.

.تفسير الآية رقم (10):

{إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا (10)}
{إِنَّ الذين يَأْكُلُونَ أموال اليتامى ظُلْماً} بغير حق {إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ} أي مِلأها {نَارًا} لأنه يؤول إليها {وَسَيَصْلَوْنَ} بالبناء للفاعل والمفعول يدخلون {سَعِيراً} ناراً شديدة يحترقون فيها.

.تفسير الآية رقم (11):

{يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (11)}
{يُوصِيكُمُ} يأمركم {الله فِي} شأن {أولادكم} بما يذكر {لِلذّكْرِ} منهم {مِثْلُ حَظِ} نصيب {الأنثيين} إذا اجتمعتا معه فله نصف المال ولهما النصف فإن كان معه واحدة فلها الثلث وله الثلثان وإن انفرد حاز المال {فَإِن كُنَّ} أي الأولاد {نِسَاءً} فقط {فَوْقَ اثنتين فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ} الميت وكذا الاثنتان لأنه للأختين بقوله: {فلهما الثلثان مما ترك} فهما أولى ولأن البنت تستحق الثلث مع الذكر فمع الأنثى أولى. (وفوق) قيل صلة وقيل لدفع توهم زيادة النصيب بزيادة العدد لمّا فُهِمَ استحقاق البنتين الثلثين من جعل الثلث للواحدة مع الذكر {وَإِن كَانَتْ} المولودة {واحدة} وفي قراءة بالرفع، (فكان) تامة {فَلَهَا النصف وَلأَبَوَيْهِ} أي الميت ويبدل منهما {لِكُلّ واحد مّنْهُمَا السدس مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ} ذكر أو أنثى. ونكتة البدل إفادة أنهما لا يشتركان فيه وألحق بالولد ولد الابن وبالأب الجدّ {فَإِن لَّمْ يَكُنْ لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ} فقط أو مع زوج {فَلأُمّهِ} بضم الهمزة وكسرها فراراً من الانتقال من ضمة إلى كسرة لثقله في الموضعين {الثلث} أي ثلث المال أو ما يبقى بعد الزوج والباقي للأب {فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ} أي اثنان فصاعداً ذكوٌر أو إناث {فَلاِمِهِ السدس} والباقي للأب ولا شيء للإخوة وإرث من ذكر ما ذكر {مِن بَعْدِ} تنفيذ {وَصِيَّةٍ يُوصِى} بالبناء للفاعل والمفعول {بِهَا أَوْ} قضاء {دِينِ} عليه، وتقديم الوصية على الدين وإن كانت مؤخرة عنه في الوفاء للاهتمام بها {ءَابَاؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ} مبتدأ، خبره {لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً} في الدنيا والآخرة فظانٌّ أن ابنه أنفعُ له فيعطيه الميراث فيكون الأب أنفع وبالعكس وإنما العالمُ بذلك الله ففرض لكم الميراث {فَرِيضَةً مِّنَ الله إِنَّ الله كَانَ عَلِيماً} بخلقه {حَكِيماً} فيما دبَّره لهم أي: لم يزل متصفاً بذلك.

.تفسير الآية رقم (12):

{وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (12)}
{وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أزواجكم إِنْ لَّمْ يَكُنْ لَّهُنَّ وَلَدٌ} منكم أو من غيركم {فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الربع مِمَّا تَرَكْنَ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ} وألحق بالولد في ذلك ولد الابن بالإجماع {وَلَهُنَّ} أي الزوجات تعدّدن أو لا {الربع مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُنْ لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ} منهنّ أو من غيرهنّ {فَلَهُنَّ الثمن مِمَّا تَرَكْتُم مّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ} وولد الابن في ذلك كالولد إجماعاً {وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ} صفة والخبر {كلالة} أي لا والد له ولا ولد {أَو امرأة} تورث كلالة {وَلَهُ} أي للموروث كلالة {أَخٌ أَوْ أُخْتٌ} أي من أمّ وقرأ به ابن مسعود وغيره {فَلِكُلّ واحد مّنْهُمَا السدس} مما ترك {فَإِن كَانُواْ} أي الإخوة والأخوات من الأمّ {أَكْثَرَ مِن ذلك} أي من واحد {فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثلث} يستوي فيه ذَكَرُهم وأُنثاهم {مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يوصى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارّ} حال من ضمير (يوصي) أي غير مدخل الضرر على الورثة بأن يوصى بأكثر من الثلث {وَصِيَّةً} مصدر مؤكد لـ {يوصيكم} {مِّنَ الله والله عَلِيمٌ} بما دبره لخلقه من الفرائض {حَلِيمٌ} بتأخير العقوبة عمن خالفه، وخصت السنة توريث من ذكر بمن ليس فيه مانع من قتل أو اختلاف دين أو رقٍّ.

.تفسير الآية رقم (13):

{تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13)}
{تِلْكَ} الأحكام المذكورة من أمر اليتامى وما بعده {حُدُودُ الله} شرائعه التي حدّها لعباده ليعملوا بها ولا يتعدّوها {وَمَن يُطِعِ الله وَرَسُولَهُ} فيما حكم به {يُدْخِلْهُ} بالياء والنون التفاتا {جنات تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنهر خالدين فِيهَا وذلك الفوز العظيم}.

.تفسير الآية رقم (14):

{وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ (14)}
{وَمَن يَعْصِ الله وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ} بالوجهين [يدخله وندخله] {نَاراً خالدا فِيهَا وَلَهُ} فيها {عَذَابٌ مُّهِينٌ} ذو إهانة وروعي في الضمائر في الآيتين لفظ (من) وفي (خالدين) معناها.

.تفسير الآية رقم (15):

{وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا (15)}
{والاتى يَأْتِينَ الفاحشة} الزنا {مِن نّسَائِكُمْ فاستشهدوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنْكُمْ} أي من رجالكم المسلمين {فَإِن شَهِدُواْ} عليهنّ بها {فَأَمْسِكُوهُنَّ} احبسوهنّ {فِي البيوت} وامنعوهنّ من مخالطة الناس {حتى يَتَوَفَّاهُنَّ الموت} أي ملائكته {أَوْ} إلى أن {يَجْعَلَ الله لَهُنَّ سَبِيلاً} طريقاً إلى الخروج منها أُمِرُوا بذلك أوّل الإسلام ثم جعل لهنّ سبيلاً بجلد البكر مائة وتغريبها عاماً، ورجم المحصنة، وفي الحديث لما بيَّن الحدّ قال «خذوا عني، خذوا عني، قد جعل الله لهنّ سبيلاً» رواه مسلم.

.تفسير الآية رقم (16):

{وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآَذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا (16)}
{واللذان} بتخفيف النون وتشديدها {يأتيانها} أي الفاحشة: الزنا أو اللواط {مِّنكُمْ} أي الرجال {فَئَاذُوهُمَا} بالسبّ والضرب بالنعال {فَإِن تَابَا} منها {وَأَصْلَحَا} العمل {فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَا} ولا تؤذوهما {إِنَّ الله كَانَ تَوَّاباً} على من تاب {رَّحِيماً} به وهذا منسوخ بالحدّ إن أريد بها الزنا، وكذا إن أريد بها اللواط عند الشافعي لكنّ المفعول به لا يرجم عنده- وإن كان محصناً- بل يُجلد ويُغرّب، وإرادة اللواط أظهر بدليل تثنية الضمير والأوّل قال أراد الزاني والزانية، ويردّه تبيينهما بـ (من) المتصلة بضمير الرجال واشتراكهما في الأذى والتوبة والإعراض وهو مخصوص بالرجال لما تقدّم في النساء من الحبس.

.تفسير الآية رقم (17):

{إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (17)}
{إِنَّمَا التوبة عَلَى الله} أي التي كتب على نفسه قبولها بفضله {لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السوء} المعصية {بِجَهَالَةٍ} حال أي جاهلين إذ عصوا ربهم {ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن} زمن {قَرِيب} قبل أن يغرغروا {فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ الله عَلَيْهِمْ} يقبل توبتهم {وَكَانَ الله عَلِيماً} بخلقه {حَكِيماً} في صنعه بهم.

.تفسير الآية رقم (18):

{وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآَنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (18)}
{وَلَيْسَتِ التوبة لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السيئات} الذنوب {حتى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الموت} وأخذ في النزع {قَالَ} عند مشاهدة ما هو فيه {إِنّى تُبْتُ الئ ان} فلا ينفعه ذلك ولا يقبل منه {وَلاَ الذين يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ} إذا تابوا في الآخرة عند معاينة العذاب لا تقبل منهم {أُوْلَئِكَ أَعْتَدْنَا} أعددنا {لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً} مؤلماً.