فصل: تفسير الآية رقم (78):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير الجلالين (نسخة منقحة)



.تفسير الآية رقم (78):

{أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا (78)}
{أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الموت وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ} حصون {مُّشَيَّدَةٍ} مرتفعة فلا تخشوا القتال خوف الموت {وَإِن تُصِبْهُمْ} أي اليهود {حَسَنَةٌ} خصب وسعة {يَقُولُواْ هذه مِنْ عِندِ الله وَإِن تُصِبْهُمْ سَيّئَةٌ} جدب وبلاء كما حصل لهم عند قدوم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة {يَقُولُواْ هذه مِنْ عِندِكَ} يا محمد أي بشؤمك {قُلْ} لهم {كل} من الحسنة والسيئة {مِنْ عِندِ الله} من قبله {فَمَالِ هَؤُلاءِ القوم لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ} أي لا يقاربون أن يفهموا {حَدِيثاً} يُلقى إليهم و(ما) استفهام تعجيب من فرط جهلهم ونفي مقاربة الفعل أشد من نفيه.

.تفسير الآية رقم (79):

{مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (79)}
{مَا أَصَابَكَ} أيها الإنسان {مِنْ حَسَنَةٍ} خير {فَمِنَ الله} أتتك فضلاً منه {وَمَا أصابك مِن سَيّئَةٍ} بلية {فَمِن نَّفْسِكَ} أتتك حيث ارتكبت ما يستوجبها من الذنوب {وأرسلناك} يا محمد {لِلنَّاسِ رَسُولاً} حال مؤكدة {وكفى بالله شَهِيداً} على رسالتك.

.تفسير الآية رقم (80):

{مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا (80)}
{مَّنْ يُطِعِ الرسول فَقَدْ أَطَاعَ الله وَمَن تولى} أعرض عن طاعته فلا يهمنك {فَمَا أرسلناك عَلَيْهِمْ حَفِيظاً} حافظاً لأعمالهم بل نذيراً وإلينا أمرهم فنجازيهم وهذا قبل الأمر بالقتال.

.تفسير الآية رقم (81):

{وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (81)}
{وَيَقُولُونَ} أي المنافقون إذا جاؤوك: أمرنا {طَاعَةٌ} لك {فَإِذَا بَرَزُواْ} خرجوا {مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مّنْهُمْ} بإدغام التاء في الطاء وتركه أي أضمرت {غَيْرَ الذي تَقُولُ} لك في حضورك من الطاعة أي عصيانك {والله يَكْتُبُ} يأمر بكتب {مَا يُبَيّتُونَ} في صحائفهم ليجازوا عليه {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ} بالصفح {وَتَوَكَّلْ عَلَى الله} ثق به فإنه كافيك {وكفى بالله وَكِيلاً} مفوّضاً إليه.

.تفسير الآية رقم (82):

{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (82)}
{أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ} يتأملون {القرءان} وما فيه من المعاني البديعة {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ الله لَوَجَدُواْ فِيهِ اختلافا كَثِيراً} تناقضاً في معانيه وتبايناً في نظمه.

.تفسير الآية رقم (83):

{وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا (83)}
{وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ} عن سرايا النبي صلى الله عليه وسلم بما حصل لهم {مّنَ الأمن} بالنصر {أَوِ الخوف} بالهزيمة {أَذَاعُواْ بِهِ} أفشوه، نزل في جماعة من المنافقين أو في ضعفاء المؤمنين يفعلون ذلك فتضعف قلوب المؤمنين ويتأذى النبي صلى الله عليه وسلم {وَلَوْ رَدُّوهُ} أي الخبر {إِلَى الرسول وإلى أُوْلِى الأمر مِنْهُمْ} أي ذوي الرأي من أكابر الصحابة أي لو سكتوا عنه حتى يُخْبَروا به {لَعَلِمَهُ} هل هو مما ينبغي أن يذاع أو لا {الذين يَسْتَنْبِطُونَهُ} يتتبعونه ويطلبون علمه وهم المذيعون {مِنْهُمْ} من الرسول وأولي الأمر {وَلَوْلاَ فَضْلُ الله عَلَيْكُمْ} بالإسلام {وَرَحْمَتُهُ} لكم بالقرآن {لاَتَّبَعْتُمُ الشيطان} فيما يأمركم به من الفواحش {إِلاَّ قَلِيلاً}.

.تفسير الآية رقم (84):

{فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا (84)}
{فَقَاتِلْ} يا محمد {فِي سَبِيلِ الله لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ} فلا تهتمّ بتخلفهم عنك، المعنى قاتل ولو وحدك فإنك موعود بالنصر {وَحَرّضِ المؤمنين} حُثهم على القتال ورغبهم فيه {عَسَى الله أَن يَكُفَّ بَأْسَ} حرب {الذين كَفَرُواْ والله أَشَدُّ بَأْساً} منهم {وَأَشَدُّ تَنكِيلاً} تعذيباً منهم فقال صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده لأخرجن ولو وحدي» فخرج بسبعين راكباً إلى بدر الصغرى فكف الله بأس الكفار بإلقاء الرعب في قلوبهم ومَنْع أبي سفيان عن الخروج كما تقدم في [آل عمران 172-173].

.تفسير الآية رقم (85):

{مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا (85)}
{مَّن يَشْفَعْ} بين الناس {شفاعة حَسَنَةً} موافقة للشرع {يَكُنْ لَّهُ نَصِيبٌ} من الأجر {مِنْهَا} بسببها {وَمَن يَشْفَعْ شفاعة سَيّئَةً} مخالفة له {يَكُنْ لَّهُ كِفْلٌ} نصيب من الوزر {مِنْهَا} بسببها {وَكَانَ الله على كُلّ شَئ مُّقِيتاً} مقتدراً فيجازي كل أحد بما عمل.

.تفسير الآية رقم (86):

{وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا (86)}
{وَإِذَا حُيّيتُم بِتَحِيَّةٍ} كأن قيل لكم سلام عليكم {فَحَيُّواْ} المحيِّي {بِأَحْسَنَ مِنْهَا} بأن تقول له عليك السلام ورحمة الله وبركاته {أَوْ رُدُّوهَا} بأن تقولوا له كما قال أي الواجب أحدهما والأول أفضل {إِنَّ الله كَانَ على كُلّ شَئ حَسِيباً} محاسبا فيجازي عليه ومنه رد السلام، وخصت السنة الكافر والمبتدع والفاسق والمسلِّم على قاضي الحاجة ومن في الحمام والآكل فلا يجب الرد عليهم بل يكره في غير الأخير ويقال للكافر و(عليك).

.تفسير الآية رقم (87):

{اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا (87)}
{الله لاَ إله إِلاَّ هُوَ} والله {لَيَجْمَعَنَّكُمْ} من قبوركم {إلى} في {يَوْمِ القيامة لاَ رَيْبَ} لا شك {فِيهِ وَمَنْ} أي لا أحد {أَصْدَقُ مِنَ الله حَدِيثاً} قولاً.

.تفسير الآية رقم (88):

{فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا (88)}
ولما رجع ناس من أُحد اختلف الناس فيهم، فقال فريق نقتلهم وقال فريق: لا فنزل: {فَمَا لَكُمْ} أي ما شأنكم صرتم {فِي المنافقين فِئَتَيْنِ} فرقتين؟ {والله أَرْكَسَهُمْ} ردهم {بِمَا كَسَبُواْ} من الكفر والمعاصي {أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُواْ مَنْ أَضَلَّ} ه {الله} أي تعدّوهم من جملة المهتدين؟ والاستفهام في الموضعين للإنكار {وَمَن يُضْلِلِ} ه {الله فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً} طريقاً إلى الهدى.

.تفسير الآية رقم (89):

{وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (89)}
{وَدُّواْ} تمنوا {لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ} أنتم وهم {سَوَآء} في الكفر {فَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ أَوْلِيَاء} توالونهم وإن أظهروا الإيمان {حتى يُهَاجِرُواْ فِي سَبِيلِ الله} هجرة صحيحة تحقق إيمانهم {فَإِن تَوَلَّوْاْ} وأقاموا على ما هم عليه {فَخُذُوهُمْ} بالأسر {واقتلوهم حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ وَلِيّاً} توالونه {وَلاَ نَصِيراً} تنتصرون به على عدوّكم.

.تفسير الآية رقم (90):

{إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا (90)}
{إِلاَّ الذين يَصِلُونَ} يلجئوون {إلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ ميثاق} عهد بالأمان لهم ولمن وصل إليهم كما عاهد النبي صلى الله عليه وسلم هلال بن عويمر الأسلمي {أَوْ} الذين {جَاءُوكُمْ} وقد {حَصِرَتْ} ضاقت {صُدُورُهُمْ} عن {أَن يقاتلوكم} مع قومهم {أَوْ يقاتلوا قَوْمَهُمْ} معكم أي ممسكين عن قتالكم وقتالهم فلا تتعرّضوا إليهم بأخذ ولا قتل وهذا وما بعده منسوخ بآية السيف [5: 9] {وَلَوْ شَاء الله} تسليطهم عليكم {لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ} بأن يقوّي قلوبهم {فلقاتلوكم} ولكنه لم يشأ فألقى في قلوبهم الرعب {فَإِنِ اعتزلوكم فَلَمْ يقاتلوكم وَأَلْقَوْاْ إِلَيْكُمُ السلم} الصلح أي انقادوا {فَمَا جَعَلَ الله لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً} طريقاً بالأخذ والقتل.

.تفسير الآية رقم (91):

{سَتَجِدُونَ آَخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا (91)}
{سَتَجِدُونَ ءاخَرِينَ يُرِيدُونَ أَن يَأْمَنُوكُمْ} بإظهار الإيمان عندكم {وَيَأْمَنُواْ قَوْمَهُمْ} بالكفر إذا رجعوا إليهم وهم أسد وغطفان {كُلَّ مَا رُدُّواْ إِلَى الفتنة} دعوا إلى الشرك {أُرْكِسُواْ فِيِهَا} وقعوا أشدّ وقوع {فَإِن لَّمْ يَعْتَزِلُوكُمْ} بترك قتالكم {وَ} لم {يُلْقُواْ إِلَيْكُمُ السلم} لم {يكفُّواْ أَيْدِيهِمْ} عنكم {فَخُذُوهُمْ} بالأسر {واقتلوهم حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ} وجدتموهم {وَأُوْلَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سلطانا مُّبِيناً} برهانا بينا ظاهرا على قتلهم وسبيهم لغدرهم.

.تفسير الآية رقم (92):

{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (92)}
{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً} أي ما ينبغي أن يصدر منه قتل له {إِلاَّ خَطئاً} مخطئاً في قتله من غير قصد {وَمَن قَتَلَ مُؤْمِناً} بأن قصد رمي غيره كصيد أو شجرة فأصابه أو ضربه بما لا يقتل غالباً {فَتَحْرِيرُ} عتق {رَقَبَةٍ} نسمة {مُؤْمِنَةٍ} عليه {وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ} مؤدّاة {إلى أَهْلِهِ} أي ورثة المقتول {إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ} يتصدّقوا عليه بها بأن يعفوا عنها وبينت السنة أنها مائة من الإبل عشرون بنت مخاض وكذا بنات لبون وبنون لبون، وحقاق وجذاع وأنها على عاقلة القاتل، وهم عصبته في الأصل والفرع موزعة عليهم على ثلاث سنين على الغني منهم نصف دينار والمتوسط ربعٌ كل سنة فإن لم يفوا فمن بيت المال فإن تعذر فعلى الجاني {فَإن كَانَ} المقتول {مِن قَوْمٍ عَدُوّ} حرب {لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ} على قاتله كفارة ولا دية تسلم إلى أهله لحرابتهم {وَإِن كَانَ} المقتول {مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مّيثَاقٌ} عهد كأهل الذمّة {فِدْيَةٌ} له {مُّسَلَّمَةٌ إلى أَهْلِهِ} وهي ثلث دية المؤمن إن كان يهودياً أو نصرانياً، وثلثا عشرها إن كان مجوسياً {وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً} على قاتله {فَمَن لَّمْ يَجِدْ} الرقبة بأن فقدها وما يحصلها به {فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} عليه كفارة ولم يذكر الله تعالى الانتقال إلى الطعام كالظهار وبه أخذ الشافعي في أصح قوليه {تَوْبَةً مّنَ الله} مصدر منصوب بفعله المقدر {وَكَانَ الله عَلِيماً} بخلقه {حَكِيماً} فيما دبره لهم.

.تفسير الآية رقم (93):

{وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (93)}
{وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمّداً} بأن يقصد قتله بما يقتل غالباً عالماً بإيمانه {فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ الله عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ} أبعده من رحمته {وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً} في النار وهذا مُؤَوَّل بمن يستحله أو بأنّ هذا جزاؤه إن جُوزي ولا بِدْعَ في خُلْف الوعيد لقوله: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ} [48: 4] وعن ابن عباس أنها على ظاهرها وأنها ناسخة لغيرها من آيات المغفرة وبينت آية البقرة [178: 2] أنّ قاتل العمد يقتل به وأنّ عليه الدية إن عفي عنه وسبق قدرها وبينت السنة أنّ بين العمد والخطأ قتلاً يسمى شبه العمد وهو أن يقتله بما لا يقتل غالباً فلا قصاص فيه بل دية كالعمد في الصفة والخطأ في التأجيل والحمل وهو والعمد أولى بالكفارة من الخطأ.

.تفسير الآية رقم (94):

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (94)}
ونزل لما مر نفر من الصحابة برجل من بني سليم وهو يسوق غنما فسلم عليهم فقالوا ما سلم علينا إلا تقية فقتلوه واستاقوا غنمه {ياأيها الذين ءَامَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ} سافرتم للجهاد {فِي سَبِيلِ الله فَتَبَيَّنُواْ} وفي قراءة {فتثبتوا} بالمثلثة في الموضعَين {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ ألقى إِلَيْكُمُ السلام} بألف أو دونها أي التحية أو الانقياد بقوله كلمة الشهادة التي هي إمارة على الإسلام {لَسْتَ مُؤْمِناً} وإنما قلت هذا تقية لنفسك ومالك فتقتلوه {تَبْتَغُونَ} تطلبون بذلك {عَرَضَ الحياة الدنيا} متاعها من الغنيمة {فَعِنْدَ الله مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ} تغنيكم عن قتل مثله لماله {كذلك كُنتُمْ مِّن قَبْلُ} تعصم دماؤكم وأموالكم بمجرّد قولكم الشهادة {فَمَنَّ الله عَلَيْكُمْ} بالاشتهار بالإيمان والاستقامة {فَتَبَيَّنُواْ} أن تقتلوا مؤمناً وافعلوا بالداخل في الإسلام كما فُعل بكم {إِنَّ الله كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً} فيجازيكم به.