فصل: تفسير الآية رقم (163):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير الجلالين (نسخة منقحة)



.تفسير الآية رقم (163):

{إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآَتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (163)}
{إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إلى نُوحٍ والنبيين مِن بَعْدِهِ و} كما {أَوْحَيْنَا إلى إِبْرَاهِيمَ وإسماعيل وإسحاق} ابنيه {وَيَعْقُوبَ} ابن إسحاق {وَالأَسْبَاطَ} أولاده {وعيسى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وهارون وسليمان وَءاتَيْنَا} أباه {دَاوُودُ زَبُوراً} بالفتح اسم للكتاب المؤتى، والضم مصدر بمعنى مزبوراً أي مكتوباً.

.تفسير الآية رقم (164):

{وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا (164)}
{وَ} أرسلنا {رُسُلاً قَدْ قصصناهم عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ} روي أنه تعالى بعث ثمانية آلاف نبيّ أربعة آلاف من بني إسرائيل وأربعة آلاف من سائر الناس قاله الشيخ في سورة [غافر: 78] {وَكَلَّمَ الله موسى} بلا واسطة {تَكْلِيماً}.

.تفسير الآية رقم (165):

{رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (165)}
{رُسُلاً} بدل من (رسلاً) قبله {مُبَشّرِينَ} بالثواب من آمن {وَمُنذِرِينَ} بالعقاب من كفر أرسلناهم {لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى الله حُجَّةٌ} تقال {بَعْدَ} إرسال {الرسل} إليهم {فيقولوا رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتّبِعَ ءاياتك وَنَكُونَ مِنَ المؤمنين} [47: 28] فبعثناهم لقطع عذرهم {وَكَانَ الله عَزِيزاً} في ملكه {حَكِيماً} في صنعه.

.تفسير الآية رقم (166):

{لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (166)}
ونزل لما سئل اليهود عن نبوته صلى الله عليه وسلم فأنكروه {لكن الله يَشْهَدُ} يبين نبوّتك {بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ} من القرآن المعجز {أَنزَلَهُ} ملتبساً {بِعِلْمِهِ} أي عالماً به أو وفيه علمه {والملئكة يَشْهَدُونَ} لك أيضاً {وكفى بالله شَهِيداً} على ذلك.

.تفسير الآية رقم (167):

{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلَالًا بَعِيدًا (167)}
{إِنَّ الذين كَفَرُواْ} بالله {وَصُدُّواْ} الناس {عَن سَبِيلِ الله} دين الإسلام بكتمهم نعت محمد صلى الله عليه وسلم وهم اليهود {قَدْ ضَلُّواْ ضلالا بَعِيداً} عن الحق.

.تفسير الآية رقم (168):

{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا (168)}
{إِنَّ الذين كَفَرُواْ} بالله {وَظَلَمُواْ} نبيه بكتمان نعته {لَمْ يَكُنِ الله لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً} من الطرق.

.تفسير الآية رقم (169):

{إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (169)}
{إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ} أي الطريق المؤدّي إليها {خالدين} مقدّرين الخلود {فِيهَا} إذا دخلوها {أَبَداً وَكَانَ ذلك عَلَى الله يَسِيراً} هيناً.

.تفسير الآية رقم (170):

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآَمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (170)}
{ياأيها الناس} أي أهل مكة {قَدْ جَاءكُمُ الرسول} محمد صلى الله عليه وسلم {بالحق مِن} عند {رَّبّكُمْ فَئَامِنُواْ} به واقصدوا {خَيْراً لَّكُمْ} مما أنتم فيه {وَإِن تَكْفُرُواْ} به {فَإِنَّ للَّهِ مَا فِي السموات والأرض} ملكاً وخلقاً وعبيداً فلا يضرّه كفركم {وَكَانَ الله عَلِيماً} بخلقه {حَكِيماً} في صنعه بهم.

.تفسير الآية رقم (171):

{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (171)}
{ياأهل الكتاب} الإنجيل {لاَ تَغْلُواْ} تتجاوزوا الحدّ {فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى الله إِلاَّ} القول {الحق} من تنزيهه عن الشريك والولد {إِنَّمَا المسيح عِيسَى ابن مَرْيَمَ رَسُولُ الله وَكَلِمَتُهُ ألقاها} أوصلها الله {إلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ} أي ذو روح {مِنْهُ} أضيف إليه تعالى تشريفاً له وليس كما زعمتم ابن الله أو إلهاً معه أو ثالث ثلاثة لأن ذا الروح مركب والإِله منزه عن التركيب وعن نسبة المركب إليه {فَئَامِنُواْ بااله وَرُسُلِهِ وَلاَتَقُولُواْ} الآلهة {ثلاثة} الله وعيسى وأُمّه {انتهوا} عن ذلك وأتوا {خَيْراً لَّكُمْ} منه وهو التوحيد {إِنَّمَا الله إله واحد سبحانه} تنزيهاً له عن {أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السموات وَمَا فِي الأرض} خلقاً وملكاً وعبيداً والملكية تنافي النبوّة {وكفى بالله وَكِيلاً} شهيداً على ذلك.

.تفسير الآية رقم (172):

{لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا (172)}
{لَّن يَسْتَنكِفَ} يتكبر ويأنف {المسيح} الذي زعمتم أنه إله عن {أَن يَكُونَ عَبْداً للَّهِ وَلاَ الملئكة المقربون} عند الله لا يستنكفون أن يكونوا عبيداً للهِ، وهذا من أحسن الاستطراد ذكر للرد على من زعم أنها آلهة أو بنات الله كما رَدَّ بما قبله على النصارى الزاعمين ذلك المقصود خطابهم {وَمَن يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيهِ جَمِيعاً} في الآخرة.

.تفسير الآية رقم (173):

{فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (173)}
{فَأَمَّا الذين ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات فَيُوَفّيهِمْ أُجُورَهُمْ} ثواب أعمالهم {وَيَزِيدُهُم مِّن فَضْلِهِ} ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر {وَأَمَّا الذين استنكفوا واستكبروا} عن عبادته {فَيُعَذّبُهُمْ عَذَاباً أَلُيماً} مؤلماً هو عذاب النار {وَلاَ يَجِدُونَ لَهُمْ مّن دُونِ الله} أي غيره {وَلِيّاً} يدفعه عنهم {وَلاَ نَصِيراً} يمنعهم منه.

.تفسير الآية رقم (174):

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا (174)}
{ياأيها الناس قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ} حجة {مِّن رَّبِّكُمْ} عليكم وهو النبي صلى الله عليه وسلم {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُّبِيناً} بيِّناً وهو القرآن.

.تفسير الآية رقم (175):

{فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (175)}
{فَأَمَّا الذين ءامَنُواْ بالله واعتصموا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مَّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صراطا} طريقاً {مُّسْتَقِيماً} هو دين الإسلام.

.تفسير الآية رقم (176):

{يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (176)}
{يَسْتَفْتُونَكَ} في الكلالة {قُلِ الله يُفْتِيكُمْ فِي الكلالة إِن امرؤ} مرفوع بفعل يفسره {هَلَكَ} مات {لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ} أي ولا والد وهو الكلالة {وَلَهُ أُخْتٌ} من أبوين أو أب {فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ} أي الأخ كذلك {يَرِثُهَا} جميع ما تركت {إِن لَّمْ يَكُنْ لَّهَا وَلَدٌ} فإن كان لها ولد ذكر فلا شيء له أو أنثى فله ما فضل عن نصيبها ولو كانت الأخت أو الأخ من أمّ ففرضه السدس كما تقدّم أوّل السورة [12: 4] {فَإِن كَانَتَا} أي الأختان {اثنتين} أي فصاعداً لأنها نزلت في جابر وقد مات عن أخوات {فَلَهُمَا الثلثان مِمَّا تَرَكَ} الأخ {وَإِن كَانُواْ} أي الورثة {إِخْوَةً رّجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ} منهم {مِثْلُ حَظّ الأنثيين يُبَيّنُ الله لَكُمْ} شرائع دينكم ل {أن} لا {تَضِلُّواْ والله بِكُلّ شَئ عَلِيمٌ} ومنه الميراث روى الشيخان عن البراء أنها آخر آية نزلت أي من الفرائض.

.سورة المائدة:

.تفسير الآية رقم (1):

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ (1)}
{ياأيها الذين ءَامَنُواْ أَوْفُواْ بالعقود} العهود المؤكدة التي بينكم وبين الله والناس {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأنعام} الإِبل والبقر والغنم أكلاً بعد الذبح {إِلاَّ مَا يتلى عَلَيْكُمْ} تحريمه في {حُرّمَتْ عَلَيْكُمُ الميتة} الآية، فالاستثناء منقطع، ويجوز أن يكون متصلاً والتحريم لما عرض من الموت ونحوه {غَيْرَ مُحِلّى الصيد وَأَنتُمْ حُرُمٌ} أي مُحْرِمون، ونصب (غير) على الحال من ضمير (لكم) {إِنَّ الله يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ} من التحليل وغيره لا اعتراض عليه.

.تفسير الآية رقم (2):

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آَمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2)}
{ياأيها الذين ءَامَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شعائر الله} جمع (شعيرة) أي معالم دينه بالصيد في الإِحرام {وَلاَ الشهر الحرام} بالقتال فيه {وَلاَ الهدى} ما أهدي إلى الحرم من النعم بالتعرّض له {وَلاَ القلائد} جمع (قلادة)، وهي ما كان يقلد به من شجر الحرم ليأمن، أي فلا تتعرّضوا لها ولا لأصحابها {وَلاَ} تحلوا {أَمِينَ} قاصدين {البيت الحرام} بأن تقاتلوهم {يَبْتَغُونَ فَضْلاً} رزقاً {مِّن رَّبِّهِمْ} بالتجارة {وَرِضْوَاناً} منه بقصده بزعمهم الفاسد، وهذا منسوخ بآية (براءة) [5: 9] {وَإِذَا حَلَلْتُمْ} من الإِحرام {فاصطادوا} أمر إباحة {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ} يكسبنكم {شَنَئَانُ} بفتح النون وسكونها، بَغض {قَوْمٍ} لأجل {أَن صَدُّوكُمْ عَنِ المسجد الحرام أَن تَعْتَدُواْ} عليهم بالقتل وغيره {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى البر} فعل ما أمرتم به {والتقوى} بترك ما نهيتم عنه {وَلاَ تَعَاوَنُواْ} فيه حذف إحدى التاءين في الأصل {عَلَى الإثم} المعاصي {والعدوان} التعدّي في حدود الله {واتقوا الله} خافوا عقابه بأن تطيعوه {أَنَّ الله شَدِيدُ العقاب} لمن خالفه.

.تفسير الآية رقم (3):

{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (3)}
{حُرّمَتْ عَلَيْكُمُ الميتة} أي أكلها {والدم} أي المسفوح كما في [الأنعام: 145] {وَلَحْمُ الخنزير وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ الله بِهِ} بأن ذبح على اسم غيره {والمنخنقة} الميتة خنقاً {والموقوذة} المقتولة ضرباً {والمتردية} الساقطة من علو إلى أسفل فماتت {والنطيحة} المقتولة بنطح أخرى لها {وَمَا أَكَلَ السبع} منه {إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ} أي أدركتم فيه الروح من هذه الأشياء فذبحتموه {وَمَا ذُبِحَ عَلَى} اسم {النصب} جمع (نصاب) وهي الأصنام {وَأَنْ تَسْتَقْسِمُواْ} تطلبوا القَسْم والحكم {بالأزلام} جمع (زلم) بفتح الزاي وضمها مع فتح اللام (قدح) بكسر القاف صغير لا ريش له ولا نصل وكانت سبعة عند سادن الكعبة عليها أعلام وكانوا يحكمونها فإن أمرتهم ائتمروا وإن نهتهم انتهوا {ذلكم فِسْقٌ} خروج عن الطاعة، ونزل يوم عرفة عام حجة الوداع {اليوم يَئِسَ الذين كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ} أن ترتدوا عنه بعد طمعهم في ذلك لما رأوا من قوّته {فَلاَ تَخْشَوْهُمْ واخشون اليوم أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} أحكامه وفرائضه فلم ينزل بعدها حلال ولا حرام {وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى} بإكماله وقيل بدخول مكة آمنين {وَرَضِيتُ} أي اخترت {لَكُمُ الإسلام دِيناً فَمَنِ اضطر فِي مَخْمَصَةٍ} مجاعة إلى أكل شيء مما حرم عليه فأكله {غَيْرَ مُتَجَانِفٍ} مائل {لإِثْمٍ} معصية {فَإِنَّ الله غَفُورٌ} له ما أكل {رَّحِيمٌ} به في إباحته له بخلاف المائل لإِثم أي المتلبس به كقاطع الطريق والباغي مثلاً فلا يحل له الأكل.

.تفسير الآية رقم (4):

{يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (4)}
{يَسْئَلُونَكَ} يا محمد {مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ} من الطعام {قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطيبات} المستلذات {وَ} صيد {مَا عَلَّمْتُمْ مّنَ الجوارح} الكواسب من الكلاب والسباع والطير {مُكَلّبِينَ} حال من (كلَّبت الكلب) بالتشديد: أي أرسلته على الصيد {تُعَلِّمُونَهُنَّ} حال من ضمير (مكلبين)، أي تؤَدِّبونهن {مِمَّا عَلَّمَكُمُ الله} من آداب الصيد {فَكُلُواْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} وإن قتلنه بأن لم يأكلن منه بخلاف غير المعلمة فلا يحل صيدها وعلامتها أن تُسْتَرْسَلَ إذا أرسلت وتنزجر إذا زجرت وتمسك الصيد ولا تأكل منه وأقل ما يعرف به ذلك ثلاث مرات فإن أكلت منه فليس مما أمسكن على صاحبهن فلا يحل أكله كما في حديث الصحيحين وفيه أن صيد السهم إذا أرسل وذكر اسم الله عليه كصيد المعلم من الجوارح {واذكروا اسم الله عَلَيْهِ} عند إرساله {واتقوا الله إِنَّ الله سَرِيعُ الحساب}.