فصل: تفسير الآية رقم (24):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير الجلالين (نسخة منقحة)



.تفسير الآية رقم (24):

{قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ (24)}
{قَالُواْ ياموسى إِنَّا لَنْ نَّدْخُلَهَا أَبَداً مَّا دَامُواْ فِيهَا فاذهب أَنتَ وَرَبُّكَ فقاتلا} هم {إِنَّا هاهنا قاعدون} عن القتال.

.تفسير الآية رقم (25):

{قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (25)}
{قَالَ} موسى حينئذ {رَبِّ إِنّى لاَ أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِى} إلا {أَخِى} ولا أملك غيرهما فأجْبرهم على الطاعة {فافرق} فافصل {بَيْنَنَا وَبَيْنَ القوم الفاسقين}.

.تفسير الآية رقم (26):

{قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (26)}
{قَالَ} تعالى له {فَإِنَّهَا} أي الأرض المقدّسة {مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ} أن يدخلوها {أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ} يتحيرون {فِي الأرض} وهي تسعة فراسخ قاله ابن عباس {فَلاَ تَأْسَ} تحزن {عَلَى القوم الفاسقين} روي أنهم كانوا يسيرون الليل جادين فإذا أصبحوا إذا هم في الموضع الذي ابتدأوا منه ويسيرون النهار كذلك حتى انقرضوا كلهم إلا من لم يبلغ العشرين، قيل وكانوا ستمائة ألف ومات هارون وموسى في التيه وكان رحمة لهما وعذاباً لأولئك (وسأل موسى ربه عند موته أن يدنيه من الأرض المقدّسة رمية بحجر فأدناه) كما في الحديث، ونبِّئ يوشع بعد الأربعين وأمر بقتال الجبارين فسار بمن بقي معه وقاتلهم وكان يوم الجمعة ووقفت له الشمس ساعة حتى فرغ من قتالهم، وروى أحمد في مسنده حديث «إنّ الشمس لم تحبس على بشر إلا ليوشع لياليَ سار إلى بيت المقدس»

.تفسير الآية رقم (27):

{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آَدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآَخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27)}
{واتل} يا محمد {عَلَيْهِمْ} على قومك {نَبَأَ} خبر {ابنى ءَادَمَ} هابيل وقابيل {بالحق} متعلق باتل {إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً} إلى الله وهو كبش لهابيل وزرع لقابيل {فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا} وهو هابيل بأن نزلت نار من السماء فأكلت قربانه {وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الأخر} وهو قابيل فغضب وأضمر الحسد في نفسه إلى أن حج آدم {قَالَ} له {لأَقْتُلَنَّكَ} قال: لِمَ؟ قال لتقبل قربانك دوني {قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ الله مِنَ المتقين}.

.تفسير الآية رقم (28):

{لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28)}
{لَئِنْ} لام قسم {بَسَطتَ} مددت {إِلَىَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِى مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِىَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنّى أَخَافُ الله رَبَّ العالمين} في قتلك.

.تفسير الآية رقم (29):

{إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (29)}
{إِنّى أُرِيدُ أَن تَبُوأَ} ترجع {بِإِثْمِى} بإثم قتلي {وَإِثْمِكَ} الذي ارتكبته من قبل {فَتَكُونَ مِنْ أصحاب النار} ولا أريد أن أبوء بإثمك إذا قتلتك فأكون منهم، قال تعالى: {وَذَلِكَ جَزَآؤُاْ الظالمين}.

.تفسير الآية رقم (30):

{فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ (30)}
{فَطَوَّعَتْ} زينت {لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ} فصار {مّنَ الخاسرين} بقتله ولم يدر ما يصنع به لأنه أوّل ميت على وجه الأرض من بني آدم فحمله على ظهره.

.تفسير الآية رقم (31):

{فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ (31)}
{فَبَعَثَ الله غُرَاباً يَبْحَثُ فِي الأرض} ينبش التراب بمنقاره وبرجليه ويثيره على غراب ميت معه حتى واراه {لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِى} يستر {سَوْءَةَ} جيفة {أَخِيهِ قَالَ ياويلتى أَعَجَزْتُ} عن {أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هذا الغراب فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أَخِى فَأَصْبَحَ مِنَ النادمين} على حمله وحفر له وواراه.

.تفسير الآية رقم (32):

{مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ (32)}
{مِنْ أَجْلِ ذلك} الذي فعله قابيل {كَتَبْنَا على بَنِى إسراءيل أَنَّهُ} أي الشأن {مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ} قتلها {أَوْ} بغير {فَسَادٍ} أتاه {فِي الأرض} من كفر أو زنا أو قطع طريق أو نحوه {فَكَأَنَّمَا قَتَلَ الناس جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا} بأن امتنع عن قتلها {فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً} قال ابن عباس: من حيث انتهاك حرمتها وصونها {وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ} أي بني إسرائيل {رُسُلُنَا بالبينات} المعجزات {ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مّنْهُمْ بَعْدَ ذلك فِي الأرض لَمُسْرِفُونَ} مجاوزون الحدّ بالكفر والقتل وغير ذلك.

.تفسير الآية رقم (33):

{إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33)}
ونزل في العرنيين لما قدموا المدينة وهم مرضى فأذن لهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يخرجوا إلى الإبل ويشربوا من أبوالها وألبانها فلما صحوا قتلوا راعي النبي صلى الله عليه وسلم واستاقوا الإبل {إِنَّمَا جَزَآؤُاْ الذين يُحَارِبُونَ الله وَرَسُولَهُ} بمحاربة المسلمين {وَيَسْعَوْنَ فِي الأرض فَسَاداً} بقطع الطريق {أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مّنْ خلاف} أي أيديهم اليمنى وأرجلهم اليسرى {أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأرض} (أو) لترتيب الأحوال فالقتل لمن قتل فقط والصلب لمن قتل وأخذ المال والقطع لمن أخذ ولم يقتل والنفي لمن أخاف فقط قاله ابن عباس وعليه الشافعي وأصح قوليه أن الصلب ثلاثاً بعد القتل وقيل قبله قليلاً ويلحق بالنفي أشبهه في التنكيل من الحبس وغيره {ذلك} الجزاء المذكور {لَهُمْ خِزْىٌ} ذلٌّ {فِي الدنيا وَلَهُمْ فِي الأخرة عَذَابٌ عَظِيمٌ} هو عذاب النار.

.تفسير الآية رقم (34):

{إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (34)}
{إِلاَّ الذين تَابُواْ} من المحاربين والقطَّاع {مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ فاعلموا أَنَّ الله غَفُورٌ} لهم ما أتوه {رَّحِيمٌ} بهم عَبَّرَ بذلك دون (فلا تحدّوهم) ليفيد أنه لا يسقط عنه بتوبته إلا حدود الله دون حقوق الآدميين كذا ظهر لي، ولم أرَ من تعرّض له والله أعلم فإذا قتل وأخذ المال يقتل ويقطع ولا يصلب وهو أصح قولي الشافعي ولا تفيد توبته بعد القدرة عليه شيئاً وهو أصح قوليه أيضا.

.تفسير الآية رقم (35):

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (35)}
{ياأيها الذين ءَامَنُواْ اتقوا الله} خافوا عقابه بأن تطيعوه {وابتغوا} اطلبوا {إِلَيهِ الوسيلة} ما يقرّ بكم إليه من طاعته {وجاهدوا فِي سَبِيلِهِ} لإِعلاء دينه {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} تفوزون.

.تفسير الآية رقم (36):

{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (36)}
{إِنَّ الذين كَفَرُواْ لَوْ} ثبت {أَنَّ لَهُمْ مَّا فِي الأرض جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُواْ بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ القيامة مَا تُقُبّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَليمٌ}.

.تفسير الآية رقم (37):

{يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ (37)}
{يُرِيدُونَ} يتمنَّون {أَن يَخْرُجُواْ مِنَ النار وَمَا هُم بخارجين مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ} دائم.

.تفسير الآية رقم (38):

{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38)}
{والسارق والسارقة} (أل) فيهما موصولة مبتدأ ولشبهه بالشرط دخلت الفاء في خبره وهو {فاقطعوا أَيْدِيَهُمَا} أي يمين كل منهما من الكوع وبينت السنة أن الذي يقطع فيه ربع دينار فصاعداً، وإنه إذا عاد قطعت رجله اليسرى من مفصل القدم ثم اليد اليسرى ثم الرجل اليمنى وبعد ذلك يعزّر {جَزَاء} نصب على المصدر {بِمَا كَسَبَا نكالا} عقوبة لهما {مِّنَ الله والله عَزِيزٌ} غالب على أمره {حَكِيمٌ} في خلقه.

.تفسير الآية رقم (39):

{فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (39)}
{فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ} رجع عن السرقة {وَأَصْلَحَ} عمله {فَإِنَّ الله يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ} في التعبير بهذا ما تقدم فلا يسقط بتوبته حق الآدمي من القطع وردّ المال، نعم بيَّنت السنة أنه إن عفا عنه قبل الرفع إلى الإمام سقط القطع وعليه الشافعي.

.تفسير الآية رقم (40):

{أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (40)}
{أَلَمْ تَعْلَمْ} الاستفهام فيه للتقرير {أَنَّ الله لَهُ مُلْكُ السموات والأرض يُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ} تعذيبه {وَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ} المغفرة له {والله على كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} ومنه التعذيب والمغفرة.

.تفسير الآية رقم (41):

{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آَمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آَخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (41)}
{ياأيها الرسول لاَ يَحْزُنكَ} صُنْعُ {الذين يسارعون فِي الكفر} يقعون فيه بسرعة أي يظهرونه إذا وجدوا فرصة {مِنْ} للبيان {الذين قَالُواْ ءَامَنَّا بأفواههم} بألسنتهم متعلق بـ (قالوا) {وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ} وهم المنافقون {وَمِنَ الذين هِادُواْ} قوم {سماعون لِلْكَذِبِ} الذي افترته أحبارهم سماع قبول {سماعون} منك {لِقَوْمٍ} لأجل قوم {ءاخَرِينَ} من اليهود {لَمْ يَأْتُوكَ} وهم أهل خيبر زنى فيهم محصنان فكرهوا رجمهما فبعثوا قريظة ليسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن حكمهما {يُحَرّفُونَ الكلم} الذي في التوراة كآية الرجم {مِن بَعْدِ مواضعه} التي وضعه الله عليها أي يبدّلونه {يَقُولُونَ} لمن أرسلوهم {إِنْ أُوتِيتُمْ هذا} الحكم المحرف أي الجلد أي أفتاكم به محمد {فَخُذُوهُ} فاقبلوه {وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ} بل أفتاكم بخلافه {فاحذروا} أن تقبلوه {وَمَن يُرِدِ الله فِتْنَتَهُ} إضلاله {فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ الله شَيْئاً} في دفعها {أُوْلَئِكَ الذين لَمْ يُرِدِ الله أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ} من الكفر ولو أراده لكان {لَهُمْ فِي الدنيا خِزْىٌ} ذل بالفضيحة والجزية {وَلَهُمْ فِي الأخرة عَذَابٌ عَظِيمٌ}.

.تفسير الآية رقم (42):

{سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (42)}
هم {سماعون لِلْكَذِبِ أكالون لِلسُّحْتِ} بضم الحاء وسكونها أي الحرام كالرشا {فَان جَاءُوك} لتحكم بينهم {فاحكم بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} هذا التخيير منسوخ بقوله: {وَأَنِ احكم بَيْنَهُمْ} الآية فيجب الحكم بينهم إذا ترافعوا إلينا وهو أصح قولي الشافعي فلو ترافعوا إلينا مع مسلم وجب إجماعاً {وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ} بينهم {فاحكم بَيْنَهُم بالقسط} بالعدل {إِنَّ الله يُحِبُّ المقسطين} العادلين في الحكم أي يثيبهم.

.تفسير الآية رقم (43):

{وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (43)}
{وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ التوراة فِيهَا حُكْمُ الله} بالرجم استفهام تعجب أي لم يقصدوا بذلك معرفة الحق بل ما هو أهون عليهم {ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ} يُعرضون عن حكمك بالرجم الموافق لكتابهم {مِن بَعْدِ ذلك} التحكيم {وَمَا أُوْلَئِكَ بالمؤمنين}.

.تفسير الآية رقم (44):

{إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآَيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (44)}
{إِنَّا أَنزَلْنَا التوراة فِيهَا هُدًى} من الضلالة {وَنُورٌ} بيان للأحكام {يَحْكُمُ بِهَا النبيون} من بني إسرائيل {الذين أَسْلَمُواْ} انقادوا لله {لِلَّذِينَ هَادُواْ والربانيون} العلماء منهم {والأحبار} الفقهاء {بِمَا} أي بسبب الذي {استحفظوا} استُودِعوه أي استحفظهم الله إياه {مِن كتاب الله} أن يبدّلوه {وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء} أنه حق {فَلاَ تَخْشَوُاْ الناس} أيها اليهود في إظهار ما عندكم من نعت محمد صلى الله عليه وسلم وَالرجم وغيرهما {واخشون} في كتمانه {وَلاَ تَشْتَرُواْ} تستبدلوا {بئاياتي ثَمَنًا قَلِيلاً} من الدنيا تأخذونه على كتمانها {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ الله فَأُوْلَئِكَ هُمُ الكافرون} به.