فصل: تفسير الآية رقم (104):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير الجلالين (نسخة منقحة)



.تفسير الآية رقم (104):

{قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (104)}
قل يا محمد {قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ} حجج {مِن رَّبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ} ها فآمن {فَلِنَفْسِهِ} أبصر، لأنّ ثواب إبصاره له {وَمَنْ عَمِىَ} عنها فَضَلَّ {فَعَلَيْهَا} وبال إضلاله {وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ} رقيب لأعمالكم، إنما أنا نذير.

.تفسير الآية رقم (105):

{وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (105)}
{وكذلك} كما بيَّنا ما ذكر {نُصَرِّفُ} نبيِّن {الأيات} ليعتبروا {وَلِيَقُولُواْ} أي الكفار في عاقبة الأمر {دَرَسْتَ} ذاكرت أهل الكتاب. وفي قراءة {دَرَسْتَ} أي كُتُبَ الماضين وجئت بهذا منها {وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}.

.تفسير الآية رقم (106):

{اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (106)}
{اتبع مَا أُوحِىَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ} أي القرآن {لا إله إِلاَّ هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ المشركين}.

.تفسير الآية رقم (107):

{وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (107)}
{وَلَوْ شَاءَ الله مَا أَشْرَكُواْ وَمَا جعلناك عَلَيْهِمْ حَفِيظاً} رقيباً فتجازيهم بأعمالهم {وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ} فتجبرهم على الإِيمان، وهذا قبل الأمر بالقتال.

.تفسير الآية رقم (108):

{وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (108)}
{وَلاَ تَسُبُّواْ الذين يَدْعُونَ} هم {مِن دُونِ الله} أي الأصنام {فَيَسُبُّواْ الله عَدْواً} اعتداء وظلما {بِغَيْرِ عِلْمٍ} أي جهلاً منهم بالله {كذلك} كما زيَّنَّا لهؤلاء ما هم عليه {زَيَّنَّا لِكُلّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ} من الخير والشر فأتوه {ثُمَّ إلى رَبّهِمْ مَّرْجِعُهُمْ} في الآخرة {فَيُنَبّئُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} فيجازيهم به.

.تفسير الآية رقم (109):

{وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آَيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الْآَيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ (109)}
{وَأَقْسَمُواْ} أي كفار مكة {بالله جَهْدَ أيمانهم} أي غاية اجتهادهم فيها {لَئِن جَاءَتْهُمْ ءَايَةٌ} مما اقترحوا {لَّيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ} لهم {إِنَّمَا الايات عِندَ الله} يُنْزلها كما يشاء، وإنما أنا نذير {وَمَا يُشْعِرُكُمْ} يدريكم بإيمانهم إذا جاءت؟ أي أنتم لا تدرون ذلك {إِنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لاَ يُؤْمِنُونَ} لما سبق في علمي. وفي قراءة بالتاء خطاباً للكفار. وفي أخرى بفتح {إن} بمعنى (لعل)، أو معمولة لما قبلها.

.تفسير الآية رقم (110):

{وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (110)}
{وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ} نحوِّل قلوبهم عن الحق فلا يفهمونه {وأبصارهم} عنه فلا يبصرونه ولا يؤمنون {كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ} أي بما أنزل من الآيات {أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ} نتركهم {فِي طغيانهم} ضلالهم {يَعْمَهُونَ} يتردّدون متحيّرين.

.تفسير الآية رقم (111):

{وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ (111)}
{وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الملائكة وَكَلَّمَهُمُ الموتى} كما اقترحوا {وَحَشَرْنَا} جمعنا {عَلَيْهِمْ كُلَّ شَئ قُبُلاً} بضمتين: جمع قبيل، أي فوجاً فوجاً، وبكسر القاف وفتح الباء: أي معاينة فشهدوا بصدقك {مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ} لما سبق في علم الله {إِلا} لكن {أَن يَشَاءَ الله} إيمانهم فيؤمنوا {ولكن أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ} ذلك.

.تفسير الآية رقم (112):

{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112)}
{وكذلك جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِىٍّ عَدُوّاً} كما جعلنا هؤلاء أعداءك ويبدل منه {شياطين} مردة {الإنس والجن يُوحِى} يوسوس {بَعْضُهُمْ إلى بَعْضٍ زُخْرُفَ القول} ممَّوهَهُ من الباطل {غُرُوراً} أي ليغروهم {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ} أي الإِيحاء المذكور {فَذَرْهُمْ} دع الكفار {وَمَا يَفْتَرُونَ} من الكفر وغيره مما زين لهم، وهذا قبل الأمر بالقتال.

.تفسير الآية رقم (113):

{وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ (113)}
{ولتصغى} عطف على (غروراً): أي تميل {إِلَيْهِ} أي الزخرف {أَفْئِدَةُ} قلوب {الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالأخرة وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُواْ} يكتسبوا {مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ} من الذنوب فيعاقبوا عليه.

.تفسير الآية رقم (114):

{أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا وَالَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (114)}
ونزل لما طلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل بينه وبينهم حكماً، قل {أَفَغَيْرَ الله أَبْتَغِى} أطلب {حَكَمًا} قاضياً بيني وبينكم {وَهُوَ الذي أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الكتاب} القرآن {مُفَصَّلاً} مبينا فيه الحق من الباطل {والذين ءاتيناهم الكتاب} التوراة كعبد الله بن سلام وأصحابه {يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ} بالتخفيف والتشديد {مِّن رَّبِّكَ بالحق فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الممترين} الشاكّين فيه. والمراد بذلك التقرير للكفار أنه حق.

.تفسير الآية رقم (115):

{وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (115)}
{وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ} بالأحكام والمواعيد {صِدْقاً وَعَدْلاً} تمييز {لاَ مُبَدِّلَ لكلماته} بنقض أو خُلْفٍ {وَهُوَ السميع} لما يقال {العليم} بما يفعل.

.تفسير الآية رقم (116):

{وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (116)}
{وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأرض} أي الكفار {يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ الله} دينه {إن} ما {يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظن} في مجادلتهم لك في أمر الميتة إذ قالوا ما قتل الله أحق أن تأكلوه مما قتلتم {وَإنْ} ما {هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ} يكذبون في ذلك.

.تفسير الآية رقم (117):

{إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (117)}
{إِنَّ رَّبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ} أي عالم {مَن يَضِلُّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بالمهتدين} فيجازي كلاًّ منهم.

.تفسير الآية رقم (118):

{فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآَيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ (118)}
{فَكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ اسم الله عَلَيْهِ} أي ذبح على اسمه {إِن كُنتُم بئاياته مُؤْمِنِينَ}.

.تفسير الآية رقم (119):

{وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ (119)}
{وَمَا لَكُمْ أ} ن {لاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ اسم الله عَلَيْهِ} من الذبائح {وَقَدْ فَصَّلَ} بالبناء للمفعول وللفاعل في الفعلين {لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ} في آية {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الميتة} [3: 5] {إِلاَّ مَا اضطررتم إِلَيْهِ} منه فهو أيضاً حلال لكم، المعنى: لا مانع لكم من أكل ما ذكر وقد بُيِّن لكم المحرَّم أكله، وهذا ليس منه {وَإِنَّ كَثِيرًا لَّيُضِلُّونَ} بفتح الياء وضمها {بِأَهْوَائِهِم} بما تهواه أنفسهم من تحليل الميتة وغيرها {بِغَيْرِ عِلْمٍ} يعتمدونه في ذلك {إِنَّ رَّبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بالمعتدين} المتجاوزين الحلال إلى الحرام.

.تفسير الآية رقم (120):

{وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُوا يَقْتَرِفُونَ (120)}
{وَذَرُواْ} اتركوا {ظاهر الإثم وَبَاطِنَهُ} علانيته وسرّه، و(الإِثم) قيل: الزنى، وقيل: كل معصية {إِنَّ الذين يَكْسِبُونَ الإثم سَيُجْزَوْنَ} في الآخرة {بِمَا كَانُواْ يَقْتَرِفُونَ} يكتسبون.

.تفسير الآية رقم (121):

{وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (121)}
{وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسم الله عَلَيْهِ} بأن مات أو ذبح على اسم غيره، وإلا فما ذبحه المسلم ولم يسم فيه عمدا أو نسياناً فهو حلال: قاله ابن عباس وعليه الشافعي {وإِنَّهُ} أي الأكل منه {لَفِسْقٌ} خروج عما يحل {وَإِنَّ الشياطين لَيُوحُونَ} يوسوسون {إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ} الكفار {ليجادلوكم} في تحليل الميتة {وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ} فيه {إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ}.

.تفسير الآية رقم (122):

{أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (122)}
ونزل في أبي جهل وغيره {أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا} بالكفر {فأحييناه} بالهدى {وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي الناس} يتبصر به الحق من غيره وهو الإِيمان {كَمَن مَّثَلُهُ} (مثل) زائدة: أي كمن هو {فِي الظلمات لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا} وهو الكافر؟ لا {كذلك} كما زين للمؤمنين الإِيمان {زُيِّنَ للكافرين مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} من الكفر والمعاصي.

.تفسير الآية رقم (123):

{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (123)}
{وكذلك} كما جعلنا فساق مكة أكابرها {جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أكابر مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُواْ فِيهَا} بالصدّ عن الإِيمان {وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنفُسِهِمْ} لأن وباله عليهم {وَمَا يَشْعُرُونَ} بذلك.

.تفسير الآية رقم (124):

{وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آَيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ (124)}
{وَإِذَا جَاءَتْهُمْ} أي أهل مكة {ءَايَةٌ} على صدق النبي صلى الله عليه وسلم {قَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ} به {حتى نؤتى مِثْلَ مَا أُوتِىَ رُسُلُ الله} من الرسالة والوحي إلينا لأننا أكثر مالاً وأكبر سنّاً. قال تعالى: {الله أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} بالجمع والإفراد، و(حيث) مفعول به لفعل دلّ عليه (أعلم) أي يعلم الموضع الصالح لوضعها فيه فيضعها، وهؤلاء ليسوا أهلاً لها {سَيُصِيبُ الذين أَجْرَمُواْ} بقولهم ذلك {صَغَارٌ} ذل {عِندَ الله وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُواْ يَمْكُرُونَ} أي بسبب مكرهم.

.تفسير الآية رقم (125):

{فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (125)}
{فَمَن يُرِدِ الله أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ للإسلام} بأن يقذف في قلبه نوراً فينفسح له ويقبله كما ورد في حديث {وَمَن يُرِدْ} الله {أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً} بالتخفيف والتشديد عن قبوله {حَرَجاً} شديد الضيق بكسر الراء صفة، وفتحها مصدر وُصِفَ فيه مبالغة {كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ} وفي قراءة {يصَّاعد} وفيهما إدغام التاء في الأصل في الصاد، وفي أخرى بسكونها {فِي السماء} إذ كُلِّفَ الإِيمان لشدّته عليه {كذلك} الجعل {يَجْعَلُ الله الرجس} العذاب أو الشيطان أي يسلّطه {عَلَى الذين يُؤْمِنُونَ}.

.تفسير الآية رقم (126):

{وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا قَدْ فَصَّلْنَا الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (126)}
{وهذا} الذي أنت عليه يا محمد {صراط} طريق {رَبِّكَ مُسْتَقِيماً} لا عوج فيه، ونصبه على الحال المؤكد للجملة، والعامل فيها معنى الإِشارة {قَدْ فَصَّلْنَا} بيَّنَّا {الأيات لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ} فيه إدغام التاء في الأصل في الذال: أي يتعظون، وخصوا بالذكر لأنهم هم المنتفعون.

.تفسير الآية رقم (127):

{لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (127)}
{لَهُمْ دَارُ السلام} أي السلامه وهي الجنة {عِندَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}.