فصل: تفسير الآية رقم (100):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير الجلالين (نسخة منقحة)



.تفسير الآية رقم (100):

{وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100)}
{والسابقون الأولون مِنَ المهاجرين والأنصار} وهم من شهد بدراً أو جميع الصحابة. {والذين اتبعوهم} إلى يوم القيامة {بإحسان} في العمل {رَّضِىَ الله عَنْهُمْ} بطاعته {وَرَضُواْ عَنْهُ} بثوابه {وَأَعَدَّ لَهُمْ جنات تَجْرِي تَحْتَهَا الأنهار} وفي قراءة بزيادة (من) {خالدين فِيهَا أَبَداً ذلك الفوز العظيم}.

.تفسير الآية رقم (101):

{وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ (101)}
{وَمِمَّنْ حَوْلَكُم} يا أهل المدينة {مِّنَ الاعراب منافقون} كـ (أسلم) و(أشجع) و(غفار) {وَمِنْ أَهْلِ المدينة} منافقون أيضاً {مَرَدُواْ عَلَى النفاق} لَجُّوا فيه واستمرّوا {لاَ تَعْلَمُهُمْ} خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم {نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ} بالفضيحة أو القتل في الدنيا وعذاب القبر {ثُمَّ يُرَدُّونَ} في الآخرة {إلى عَذَابٍ عَظِيمٍ} هو النار.

.تفسير الآية رقم (102):

{وَآَخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآَخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (102)}
{وَ} قوم {ءَاخَرُونَ} مبتدأ {اعترفوا بِذُنُوبِهِمْ} من التخلف نعته، والخبر {خَلَطُواْ عَمَلاً صالحا} وهو جهادهم قبل ذلك أو اعترافهم بذنوبهم أو غير ذلك {وَءَاخَرَسَيِّئاً} وهو تخلّفهم {عَسَى الله أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ} نزلت في أبي لبابة وجماعة أوثقوا أنفسهم في سواري المسجد لما بلغهم ما نزل في المتخلفين وحلفوا لا يحلهم إلا النبي صلى الله عليه وسلم فحلَّهم لما نزلت.

.تفسير الآية رقم (103):

{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103)}
{خُذْ مِنْ أموالهم صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} من ذنوبهم فأخذ ثلث أموالهم وتصدّق بها {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} أي ادع لهم {إِنّ صلواتك سَكَنٌ} رحمة {لَهُمْ} وقيل طمأنينة بقبول توبتهم {والله سَمِيعٌ عَلِيمٌ}.

.تفسير الآية رقم (104):

{أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (104)}
{أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ الله هُوَ يَقْبَلُ التوبة عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ} يقبل {الصدقات وَأَنَّ الله هُوَ التواب} على عباده بقبول توبتهم {الرحيم} بهم؟ والاستفهام للتقرير، والقصد به تهييجهم إلى التوبة والصدقة.

.تفسير الآية رقم (105):

{وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (105)}
{وَقُلْ} لهم أو الناس {اعملوا} ما شئتم {فَسَيَرَى الله عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ والمؤمنون وَسَتُرَدُّونَ} بالبعث {إلى عالم الغيب والشهادة} أي الله {فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} يجازيكم به.

.تفسير الآية رقم (106):

{وَآَخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (106)}
{وَءَاخَرُونَ} من المتخلفين {مُرْجَؤُونَ} بالهمز وتركه {مرْجَونَ} مؤخرون عن التوبة {لاْمْرِ الله} فيهم بما يشاء {إِمَّا يُعَذّبُهُمْ} بأن يميتهم بلا توبة {وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ والله عَلِيمٌ} بخلقه {حَكِيمٌ} في صنعه بهم، وهم الثلاثة الآتون بعد: (مرارة بن الربيع) و(كعب بن مالك) و(هلال بن أمية): تخلفوا كسلاً وميلاً إلى الدعة لا نفاقاً ولم يعتذروا إلى النبي صلى الله عليه وسلم كغيرهم، فوقف أمرَهم خمسين ليلة وهجرهم الناس حتى نزلت توبتهم بعد.

.تفسير الآية رقم (107):

{وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (107)}
{وَ} منهم {الذين اتخذوا مَّسْجِدًا} وهم اثنا عشر من المنافقين {ضِرَارًا} مضارة لأهل مسجد (قباء) {وَكُفْراً} لأنهم بَنَوه بأمر (أبي عامر) الراهب ليكون معقلاً له يقدّم فيه من يأتي من عنده، وكان ذهب ليأتي بجنود من قيصر لقتال النبي صلى الله عليه وسلم {وَتَفْرِيقًا بَيْنَ المؤمنين} الذين يُصلّون بقباء بصلاة بعضهم في مسجدهم {وَإِرْصَادًا} ترقباً {لِّمَنْ حَارَبَ الله وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ} أي قبل بنائه وهو أبو عامر المذكور {وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ} ما {أَرَدْنآ} ببنائه {إِلاَّ} الفعلة {الحسنى} من الرفق بالمسكين في المطر والحرّ والتوسعة على المسلمين {والله يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لكاذبون} في ذلك.

.تفسير الآية رقم (108):

{لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ (108)}
وكانوا سألوا النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي فيه فنزل {لاَ تَقُمْ} تصلِّ {فِيهِ أَبَدًا} فأرسل جماعة هدموه وحرّقوه وجعلوا مكانه كُناسة تلقى فيها الجيف {لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ} بنيت قواعده {عَلَى التقوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ} وضع يوم حللت بدار الهجرة وهو مسجد (قباء) كما في البخاري {أَحَقُّ} منه {أن} أي بأن {تَقُومُ} تصلي {فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ} هم الأنصار {يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ والله يُحِبُّ المطهرين} أي يثيبهم، وفي إدغام التاء في الأصل في الطاء، روى ابن خزيمة في صحيحه عن عُوَيْمِ بن ساعدة أنه صلى الله عليه وسلم أتاهم في مسجد (قباء) فقال: «إنّ الله تعالى قد أحسن عليكم الثناء في الطهور في قصة مسجدكم فما هذا الطهور الذي تَطَهَّرون به؟» قالوا: والله يا رسول الله ما نعلم شيئاً إلا أنه كان لنا جيران من اليهود وكانوا يغسلون أدبارهم من الغائط فغسلنا كما غسلوا. وفي حديث رواه البزار: فقالوا: نُتْبعُ الحجارة بالماء، فقال: «هو ذاك فعليكموه».

.تفسير الآية رقم (109):

{أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (109)}
{أفمن أسس بنيانه على تقوى} مخافة {من الله و} رجاء {رضوان} منه {خير أم من أسس بنيانه على شفا} طرف {جرف} بضم الراء وسكونها جانب {هار} مشرف على السقوط {فانهار به} سقط مه بانيه {في نار جهنم} خير تمثيل للبناء على ضد التقوى بما يؤول إليه والاستفهام للتقرير أي الأول خير وهو خير مثال مسجد قباء والثاني مثال مسجد الضرار {والله لا يهدي القوم الظالمين}

.تفسير الآية رقم (110):

{لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (110)}
{لاَ يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الذي بَنَوْاْ رِيبَةً} شكّا {فِي قُلُوبِهِمْ إِلاَّ أَن تَقَطَّعَ} تنفصل {قُلُوبُهُمْ} بأن يموتوا {والله عَلِيمٌ} بخلقه {حَكِيمٌ} في صنعه بهم.

.تفسير الآية رقم (111):

{إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآَنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111)}
{إِنَّ الله اشترى مِنَ المؤمنين أَنفُسَهُمْ وأموالهم} بأن يبذلوها في طاعته كالجهاد {بِأَنَّ لَهُمُ الجنة يقاتلون فِي سَبِيلِ الله فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ} جملة استئناف بيان للشراء. وفي قراءة بتقديم المبني للمفعول. أي فَيُقْتَلُ بعضُهم ويقاتِل الباقي {وَعْدًا عَلَيْهِ حَقّا} مصدران منصوبان بفعلهما المحذوف {فِي التوراة والإنجيل والقرءان وَمَنْ أوفى بِعَهْدِهِ مِنَ الله} أي لا أحد أوفى منه {فاستبشروا} فيه التفات عن الغيبة {بِبَيْعِكُمُ الذي بَايَعْتُمْ بِهِ وذلك} البيع {هُوَ الفوز العظيم} المنيل غاية المطلوب.

.تفسير الآية رقم (112):

{التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآَمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (112)}
{التائبون} رفع على المدح بتقدير مبتدأ من الشرك والنفاق {العابدون} المخلصون العبادة لله {الحامدون} له على كل حال {السائحون} الصائمون {الراكعون الساجدون} أي المصلّون {الأمرون بالمعروف والناهون عَنِ المنكر والحافظون لِحُدُودِ الله} لأحكامه بالعمل بها {وَبَشِّرِ المؤمنين} بالجنة.

.تفسير الآية رقم (113):

{مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (113)}
ونزل في استغفاره صلى الله عليه وسلم لعمِّه أبي طالب واستغفار بعض الصحابة لأبويه المشركين {مَا كَانَ لِلنَّبِىِّ والذين ءَامَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِى قربى} ذوي قرابة {مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أصحاب الجحيم} النار، بأن ماتوا على الكفر.

.تفسير الآية رقم (114):

{وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ (114)}
{وَمَا كَانَ استغفار إبراهيم لأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَآ إِيَّاهُ} بقوله: {سأستغفر لك ربِّي} [47: 19] رجاء أن يُسلم {فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ} بموته على الكفر {تَبَرَّأَ مِنْهُ} وترك الاستغفار له {إِنَّ إبراهيم لأَوَّاهٌ} كثير التضرع والدعاء {غَفُورٌ حَلِيمٌ} صبور على الأذى.

.تفسير الآية رقم (115):

{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (115)}
{وَمَا كَانَ الله لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ} للإِسلام {حتى يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ} من العمل فلا يتقوه فيستحقوا الإِضلال {إِنَّ الله بِكُلِّ شَئ عَلِيمٌ} ومنه مستحق الإِضلال والهداية.

.تفسير الآية رقم (116):

{إِنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (116)}
{أَنَّ الله لَهُ مُلْكُ السموات والأرض يُحْىِ وَيُمِيتُ وَمَا لَكُمْ} أيها الناس {مِن دُونِ الله} أي غيره {مِن وَلِىٍّ} يحفظكم منه {وَلاَ نَصِيرٍ} يمنع عنكم ضرره.

.تفسير الآية رقم (117):

{لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (117)}
{لَقَدْ تَابَ الله} أي أدام توبته {على النبى والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه فِي سَاعَةِ العسرة} أي وقتها، وهي حالهم في غزوة (تبوك): كان الرجلان يقتسمان تمرة، والعشرة يتعقبون البعير الواحد، واشتدّ الحرّ حتى شربوا الفرث {مِن بَعْدِ مَا كَادَ تَزِيغُ} بالتاء والياء. تميل {قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ} عن اتباعه إلى التخلف لما هم فيه من الشدّة {ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ} بالثبات {إِنَّهُ بِهِمْ رَءوفٌ رَّحِيمٌ}.

.تفسير الآية رقم (118):

{وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (118)}
{وَ} تاب {على الثلاثة الذين خُلِّفُواْ} عن التوبة عليهم بقرينة {حتى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأرض بِمَا رَحُبَتْ} أي مع رحبها أي سعتها فلا يجدون مكاناً يطمئنون إليه {وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ} قلوبهم للغم والوحشة بتأخير توبتهم فلا يسعها سرورٌ ولا أُنس {وَظَنُّواْ} أيقنوا {أن} مخففة {لاَّ مَلْجَأَ مِنَ الله إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ} وفَّقهم للتوبة {لِيَتُوبُواْ إِنَّ الله هُوَ التواب الرحيم}.

.تفسير الآية رقم (119):

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119)}
{ياأيها الذين ءَامَنُواْ اتقوا الله} بترك معاصيه {وَكُونُواْ مَعَ الصادقين} في الأيمان والعهود: بأن تلزموا الصدق.

.تفسير الآية رقم (120):

{مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (120)}
{مَا كَانَ لأَهْلِ المدينة وَمَنْ حَوْلَهُمْ مّنَ الأعراب أَن يَتَخَلَّفُواْ عَن رَّسُولِ الله} إذا غزا {وَلاَ يَرْغَبُواْ بِأَنفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِ} بأن يصونوها عما رضيه لنفسه من الشدائد، وهو نهي بلفظ الخبر {ذلك} أي النهي عن التخلف {بِأَنَّهُمْ} بسبب أنهم {لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ} عطش {وَلاَ نَصَبٌ} تعب {وَلاَ مَخْمَصَةٌ} جوع {فِي سَبِيلِ الله وَلاَ يَطَئُونَ مَوْطِئًا} مصدر بمعنى (وطأ) {يَغِيظُ} يغضب {الكفار وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ} للّهِ {نَّيْلاً} قتلاً أو أسرا أو نهبا {إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ} ليجازَوْا عليه {إِنَّ الله لاَ يُضِيعُ أَجْرَ المحسنين} أي أجرهم بل يثيبهم.