فصل: تفسير الآية رقم (127):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير الجلالين (نسخة منقحة)



.تفسير الآية رقم (127):

{وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127)}
{وَ} اذكر {إِذْ يَرْفَعُ إبراهيم القواعد} الأسس أو الجُدُر {مِنَ البيت} يبنيه، متعلق (بيرفع) {وإسماعيل} عطف على {إبراهيم} يقولان {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا} بناءنا {إِنَّكَ أَنتَ السميع} للقول {العليم} بالفعل.

.تفسير الآية رقم (128):

{رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128)}
{رَبَّنَا واجعلنا مُسْلِمَيْنِ} منقادين {لَكَ} اجعل {مِنْ ذُرِّيَّتِنَا} أولادنا {أُمَّةً} جماعة {مُّسْلِمَةً لَّكَ} (ومن) للتبعيض وأتى به لتقدُّم قوله: {لا ينال عهدي الظالمين} {وَأَرِنَا} علّمنا {مَنَاسِكَنَا} شرائع عبادتنا أو حجنا {وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التواب الرحيم} سألاه التوبة مع عصمتهما تواضعاً وتعليماً لذرّيتهما.

.تفسير الآية رقم (129):

{رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (129)}
{رَبَّنَا وابعث فِيهِمْ} أي أهل البيت {رَسُولاً مّنْهُمْ} من أنفسهم وقد أجاب الله دعاءه بمحمد صلى الله عليه وسلم {يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ ءاياتك} القرآن {وَيُعَلّمُهُمُ الكتاب} القرآن {والحكمة} أي ما فيه من الأحكام {وَيُزَكّيهِمْ} يطهرهم من الشرك {إِنَّكَ أَنتَ العزيز} الغالب {الحكيم} في صنعه.

.تفسير الآية رقم (130):

{وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (130)}
{وَمَنْ} أي لا {يَرْغَبُ عَن مِلَّةِ إبراهيم} فيتركها {إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ} جهل نفسه أنها مخلوقة لله يجب عليها عبادته أو استخف بها وامتهنها {وَلَقَدِ اصطفيناه} اخترناه {فِي الدنيا} بالرسالة والخُلَّة {وَإِنَّهُ فِي الأخرة لَمِنَ الصالحين} الذين لهم الشئدرجات العلى.

.تفسير الآية رقم (131):

{إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (131)}
واذكر {إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ} انقد لله وأخلص له دينك {قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ العالمين}.

.تفسير الآية رقم (132):

{وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (132)}
{ووصى} وفي قراءة {أوصى} {بِهَا} بالملة {إبراهيم بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ} بنيه قال {يابنى إِنَّ الله اصطفى لَكُمُ الدين} دين الإسلام {فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} نَهيٌ عن ترك الإسلام وأمْرٌ بالثبات عليه إلى مصادفة الموت.

.تفسير الآية رقم (133):

{أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آَبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (133)}
ولما قال اليهود للنبي ألست تعلم أنّ يعقوب يوم مات أوصى بنيه باليهودية نزل: {أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء} حضوراً {إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الموت إِذْ} بدل من {إذ} قبله {قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِى} بعد موتي؟ {قَالُواْ نَعْبُدُ إلهك وإله آبَائِكَ إبراهيم وإسماعيل وإسحاق} عَدَّ إسماعيل من الآباء تغليبٌ ولأن العم بمنزلة الأب {إلها واحدا} بدل من {إلهك} {وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} و(أم) بمعنى همزة الإنكار أي لم تحضروه وقت موته فكيف تنسبون إليه ما لا يليق به.

.تفسير الآية رقم (134):

{تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (134)}
{تِلْكَ} مبتدأ والإشارة إلى إبراهيم ويعقوب وبنيهما وأُنِّث لتأنيث خبره {أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ} سلفت {لَهَا مَا كَسَبَتْ} من العمل أي جزاؤه واستئناف {وَلَكُمْ} الخطاب لليهود {مَّا كَسَبْتُم وَلاَ تُسْئَلُونَ عَمَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} كما لا يسألون عن عملكم والجملة تأكيد لما قبلها.

.تفسير الآية رقم (135):

{وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (135)}
{وَقَالُواْ كُونُواْ هُودًا أَوْ نصارى تَهْتَدُواْ} (أو) للتفصيل وقائل الأوّلـ (يهود المدينة) والثاني (نصارى نجران) {قُلْ} لهم {بَلِ} نتبع {مِلَّةَ إبراهيم حَنِيفاً} حال من {إبراهيم} مائلاً عن الأديان كلها إلى الدين القيم {وَمَا كَانَ مِنَ المشركين}.

.تفسير الآية رقم (136):

{قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (136)}
{قُولُواْ} خطاب للمؤمنين {ءَامَنَّا بالله وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا} من القرآن {وَمَا أُنزِلَ إِلَى إبراهيم} من الصحف العشر {وإسماعيل وإسحاق وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطَ} أولاده {وَمَا أُوتِىَ موسى} من التوراة {وَعِيسَى} من الإنجيل {وَمَا أُوتِيَ النبيون مِن رَّبّهِمْ} من الكتب والآيات {لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مّنْهُمْ} فنؤمن ببعض ونكفر ببعض كاليهود والنصارى {وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}.

.تفسير الآية رقم (137):

{فَإِنْ آَمَنُوا بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (137)}
{فَإِنْ ءَامَنُواْ} أي اليهود والنصارى {بِمَثَلِ} (مثل) زائدة {مَا ءَامَنتُمْ بِهِ فَقَدِ اهتدوا وَّإِنْ تَوَلَّوْاْ} عن الإيمان به {فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ} خلاف معكم {فَسَيَكْفِيكَهُمُ الله} يا محمد شقاقهم {وَهُوَ السميع} لأقوالهم {العليم} بأحوالهم، وقد كفاه إياهم بقتل قريظة ونفي النضير وضرب الجزية عليهم.

.تفسير الآية رقم (138):

{صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ (138)}
{صِبْغَةَ الله} مصدر مؤكد لـ (آمنا) ونصبه بفعل مقدر أي صبغنا الله، والمراد بها دينه الذي فطر الناس عليه لظهور أثره على صاحبه كالصبغ في الثوب {وَمَنْ} أي لا أحد {أَحْسَنُ مِنَ الله صِبْغَةً} تمييز {وَنَحْنُ لَهُ عابدون} قال اليهود للمسلمين نحن أهل الكتاب الأول وقبلتنا أقدم ولم تكن الأنبياء من العرب ولو كان محمد نبياً، لكان منا فنزل:

.تفسير الآية رقم (139):

{قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ (139)}
{قُلْ} لهم {أَتُحَاجُّونَنَا} تخاصموننا {فِي الله} أن اصطفى نبياً من العرب {وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ} فله أن يصطفي من عباده من يشاء {وَلَنَا أعمالنا} نُجَازَى بها {وَلَكُمْ أعمالكم} تُجَازَوْنَ بها فلا يبعد أن يكون في أعمالنا ما نستحق به الإكرام {وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ} الدين والعملَ دونكم فنحن أولى بالاصطفاء والهمزة للإنكار والجمل الثلاث أحوال.

.تفسير الآية رقم (140):

{أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (140)}
{أَمْ} بل أ {تَقُولُونَ} بالتاء والياء {إِنَّ إبراهيم وإسماعيل وإسحاق وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطَ كَانُواْ هُودًا أَوْ نصارى قُلْ} لهم {ءَأنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ الله} أي الله أعلم وقد برَّأ منهما إبراهيم بقوله: {ما كان إبراهيمُ يهودياً ولا نصرانياً} [67: 3] والمذكورون معه تبعٌ له {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ} أخفى عن الناس {شهادة عِندَهُ} كائنة {مِنَ الله}؟ أي لا أحد أظلم منه وهم اليهود كتموا شهادة الله في التوراة لإبراهيم بالحنيفية {وَمَا الله بغافل عَمَّا تَعْمَلُونَ} تهديد لهم.

.تفسير الآية رقم (141):

{تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (141)}
{تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُم وَلاَ تُسْئَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} تقدّم مثله.

.تفسير الآية رقم (142):

{سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (142)}
{سَيَقُولُ السفهاء} الجهال {مِنَ الناس} اليهود والمشركين {مَا ولاهم} أي شيء صرف النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين {عَن قِبْلَتِهِمُ التي كَانُواْ عَلَيْهَا} على استقبالها في الصلاة وهي بيت المقدس؟ والإتيان بالسين الدالة على الاستقبال من الإخبار بالغيب {قُل لّلَّهِ المشرق والمغرب} أي الجهات كلها فيأمر بالتوجه إلى أي جهة شاء لا اعتراض عليه {يَهْدِى مَن يَشَآء} هدايته {إلى صراط} طريق {مُّسْتَقِيمٍ} دين الإسلام أي ومنهم أنتم دل على هذا.

.تفسير الآية رقم (143):

{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (143)}
{وكذلك} كما هديناكم إليه {جعلناكم} يا أمّة محمد {أُمَّةً وَسَطًا} خياراً عدولاً {لِّتَكُونُواْ شُهَدَاءَ عَلَى الناس} يوم القيامة أنَّ رسلهم بلَّغتهم {وَيَكُونَ الرسول عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} أنه بلغكم {وَمَا جَعَلْنَا} صيرنا {القبلة} لك الآن الجهة {التي كُنتَ عَلَيْهَا} أولاً وهي الكعبة وكان صلى الله عليه وسلم يصلي إليها فلما هاجر أُمِرَ باستقبال بيت المقدس تألُّفا لليهود فصلى إليه ستة أو سبعة عشر شهراً ثم حُوِّلَ {إِلاَّ لِنَعْلَمَ} علم ظهور {مَن يَتَّبِعُ الرسول} فيصدقه {مِمَّن يَنقَلِبُ على عَقِبَيْهِ} أي يرجع إلى الكفر شكا في الدين وظنا أن النبي صلى الله عليه وسلم في حيرة من أمره وقد ارتد لذلك جماعة {وَإِن} مخففة من الثقيلة واسمها محذوف أي: وإنها {كَانَتْ} أي التولية إليها {لَكَبِيرَةً} شاقة على الناس {إِلاَّ عَلَى الذين هَدَى الله} منهم {وَمَا كَانَ الله لِيُضِيعَ إيمانكم} أي صلاتكم إلى بيت المقدس بل يثيبكم عليه لأن سبب نزولها السؤال عمن مات قبل التحويل {إِنَّ الله بالناس} المؤمنين {لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} في عدم إضاعة أعمالهم و(الرأفة) شدّة الرحمة وقُدّم الأبلغ للفاصلة.

.تفسير الآية رقم (144):

{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (144)}
{قَدْ} للتحقيق {نرى تَقَلُّبَ} تصرُّف {وَجْهِكَ فِي} جهة {السماء} متطلعا إلى الوحي ومتشوّقاً للأمر باستقبال الكعبة وكان يودّ ذلك لأنها قبلة إبراهيم ولأنه أدْعَى إلى إسلام العرب {فَلَنُوَلّيَنَّكَ} نحِّولنَّك {قِبْلَةً ترضاها} تحبها {فَوَلّ وَجْهَكَ} استقبل في الصلاة {شَطْرَ} نحو {المسجد الحرام} أي الكعبة {وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ} خطاب للأمة {فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ} في الصلاة {شَطْرَهُ وَإِنَّ الذين أُوتُواْ الكتاب لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ} أي التولي إلى الكعبة {الحق} الثابت {مِّن رَّبّهِمُ} لما في كتبهم من نعت النبي صلى الله عليه وسلم من أنه يتحول إليها {وَمَا الله بغافل عَمَّا يَعْمَلُونَ} بالتاء أيها المؤمنون من امتثال أمره وبالياء أي اليهود من إنكار أمر القبلة.

.تفسير الآية رقم (145):

{وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آَيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ (145)}
{وَلَئِنِ} لام قسم {أَتَيْتَ الذين أُوتُواْ الكتاب بِكُلّ ءَايَةٍ} على صدقك في أمر القبلة {مَّا تَبِعُواْ} أي لايتبعون {قِبْلَتَكَ} عناداً {وَمَا أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ} قطع لطمعه في إسلامهم وطمعهم في عوده إليها {وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ} أي اليهود قبلة النصارى وبالعكس {وَلَئِنِ اتبعت أَهْوَاءَهُم} التي يدعونك إليها {مّن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ العلم} الوحي {إِنَّكَ إِذَاً} إن اتبعتهم فرضاً {لَّمِنَ الظالمين}.

.تفسير الآية رقم (146):

{الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (146)}
{الذين آتيناهم الكتاب يَعْرِفُونَهُ} أي محمداً {كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ} بنعته في كتبهم قال ابن سلام: (لقد عرفته حين رأيته كما أعرف ابني ومعرفتي لمحمد أشدّ) {وَإِنَّ فَرِيقًا مّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الحق} نعته {وَهُمْ يَعْلَمُونَ} هذا الذي أنت عليه.