فصل: تفسير الآية رقم (141):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير الشعراوي



.تفسير الآية رقم (141):

{وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (141)}
والتمحيص يختلف عن المحْق، لأن التمحيص هو تطهير الأشياء وتخليصها من العناصر الضارة، أما المحق فهو الذهاب بها كلها. ويقول الحق بعد ذلك: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الجنة وَلَمَّا يَعْلَمِ الله...}.

.تفسير الآية رقم (142):

{أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142)}
إن الإيمان ليس مجرد كلمة تقال هكذا، بل لابد من تجربة تثبت أنكم فُتِنْتُم ونجحتم في الفتنة، والفتنة هي الامتحان إذن فلا تحسبوا أن المسألة سوف تمر بسهولة ويكتفي منكم أن تقولوا نحن نحمل دعوة الحق، لا. إذا كنتم صادقين في قولكم يلزمكم أن تكونوا أسوة حين يكون الحق ضعيفا؛ فالحق حين يكون قويا فهو لا يحتاج إلى أسوة. بل قضية الإيمان الحق تحتاج إلى الأسوة وقت الضعف. ودخول الحنة له اختبار يجب أن يجتازه المؤمن.
والحق يقول: {وَلَمَّا يَعْلَمِ الله الذين جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصابرين} وعندما نسمع ذلك فعلينا أن نعرف أن الله يعلم علما أزليا من المجاهد ومن الصابر، ولكنه علم لا تقوم به الحُجة على الغير، فإذا حدث له واقع صار حُجة على الغير. وبعد ذلك يقول الحق: {وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الموت مِن قَبْلِ أَن تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ}

.تفسير الآية رقم (143):

{وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (143)}
وكان القوم الذي فاتهم شرف الاشتراك في بدر قد أرادوا ان يذهبوا مع الرسول للمشاركة في غزوة أُحُد، ويوضح لهم الحق: أكنتم تظنون أن تمنى المعارك وحده يحقق النصر، وهل كنتم تظنون أن كل معركة يدخلها المؤمنون لابد أن تكون منتصرة؟ وإن كنتم تظنون أن المسألة هي نصر لمجرد التمني، فمعنى ذلك أنكم دخلتم إلى معسكر الإيمان من أجل الفأل واليُمن والنصر، ونحن نريد ان نعرف من الذي يدخل معسكر الإيمان وهو بائع روحه وهو مُحتسب حياته في سبيل الله.
فلو أن الأمر يمر رخاء، لدخل كل واحد إلى معسكر الإيمان، لذلك يقول الحق: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الجنة وَلَمَّا يَعْلَمِ الله الذين جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصابرين}. فهل ظننتم أنكم تدخلون الجنة بدون أن يُخرج الحق على الملأ ما علمه غيبا، وتترجمه الأحداث التي يجريها سبحانه فيصير واقعا وحُجة عليكم، ويبرز الله سبحانه من الذين جاهدوا؛ أي دخلوا في زُمرة الحق، والذين صبروا على الأذى في الحق.
ويقول سبحانه: {وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الموت مِن قَبْلِ أَن تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ} أي إن ما كنتم تتمنونه قديما صار أمامكم، فلو أن التمني كان صحيحا لأقبلتم على الموت كما تقبلون على الحياة. ويقول سبحانه من بعد ذلك: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرسل...}.

.تفسير الآية رقم (144):

{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (144)}
ونحن نعرف ان رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمه الأول هو (محمد)، وله اسم ثانٍ عرفناه من القرآن وجاء في الإنجيل هو (أحمد): {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابن مَرْيَمَ يابني إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ الله إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التوراة وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسمه أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُم بالبينات قَالُواْ هذا سِحْرٌ مُّبِينٌ} [الصف: 6].
وقد ورد اسمه صلى الله عليه وسلم مُحمد في القرآن أربع مرات، وأحمد وردت مرة واحدة.
والآية التي نحن بصددها، وهي آية ذكر فيها اسم محمد: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرسل}. ولنقرأ قول الحق: {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَآ أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ ولكن رَّسُولَ الله وَخَاتَمَ النبيين وَكَانَ الله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} [الأحزاب: 40].
وقوله تعالى: {والذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات وَآمَنُواْ بِمَا نُزِّلَ على مُحَمَّدٍ وَهُوَ الحق مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ} [محمد: 2].
وها هو ذا القول الكريم: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ الله والذين مَعَهُ أَشِدَّآءُ عَلَى الكفار رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ الله وَرِضْوَاناً} [الفتح: 29].
والاسم هو ما وُضع عَلَماً على المسَمَّى؛ بحيث إذا ذُكر الاسم جاء إلى الذهن المسمى، فإذا اشترك اثنان في بيئة واحدة في اسم؛ فلابد من التمييز بينهما بوصف. فإذا كان في أسرة واحدة ولدان اسم كل واحد منهما مُحمد، فلابد أن نميز بين الاثنين بصفة، وفي الريف نجد من يسمى (مُحمداً الكبير) و(مُحمداً الصغير).
وكلمة (مُحمد) وكلمة (أحمد) مشتركتان في أصل المادة؛ لأنهما من (الحاء والميم والدال) فالمادة هي الحمد، إلا أن التوجيه الاشتقاقي في محمد غير التوجيه في أحمد، لأن الاسم قبل أن يكون علماً إذا خرجت به عن معناه الأصلي، انحل عن معناه الأصلي، وصار علما على الشخص.
ولذلك قد نجد رجلا له جارية سوداء فيسميها (قمرا) وقد يكون للرجل عبد شقي فيسميه: (سعيدا). فإذا صار الاسم علما على شيء فإنه ينتقل من معناه الأصلي ويصير عَلَماً على المسمَّى، لكن الناس حين تُسمى أبناءها تلمح التفاؤل في أن يصير المعنى الأصلي واقعا.
والدميمة التي يسميها صاحبها (قمرا) افتقدت جمال المسمى، ولذلك فهو يريد لها أن تأخذ جمال الاسم.. وكلمة (مُحمد) حين ننظر إليها في الاشتقاق نجد انها ذاتٌ يقع عليها الحَمْد من غيرها، مثلما تقول: فلان مكرَّم أي وقع التكريم من الغير عليه.
وكلمة (أحمد) نجدها ذاتا وقع عليها الحمد لغيرها.
وعندما نقول: مُكرِّم- بضم الميم وفتح الكاف مع تشديد الراء مكسورة- أي وقع التكريم منه لغيره. ونحن عندنا اسمان لرسول الله صلى الله عليه وسلم، في القرآن وكلاهما من مادة (الحمد) ف (محمد) ملحوظ فيه أن الحمد وقع عليه كثيرا من غيره. لكن لو كان المراد أن الحمد وقع عليه دون الكثرة فيه لكان اسم (محمود) هو الذي يطلق عليه فقط.
أما (أحمد) فقد قلنا إنه ملحوظ فيها أن الحمد وقع منه لغيره. و(أحمد) تتطابق مع أفعل التفضيل فنحن نقول: (فلان كريم وفلان أكرم من فلان). إذن ف (أحمد) أي وقع منه الحمد لغيره كثيرا، فلو كان الحمد قد وقع منه بقدر محدود لقلنا (حامد). إذن ف (أحمد) مبالغة في (حامد) وقع منه الحمد لغيره كثيراً فصار أحمد. و(محمد) مبالغة في (محمود)، وقع عليه الحمد من غيره كثيرا فصار محمداً.
إذن فرسول الله صلى الله عليه وسلم جمع له الله بين الأمرين؛ فهو محمد من الله وحامد لله؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع الله له بين مقامين: مقام الاصطفاء ومقام المجاهدة، فبالاصطفاء كان (محمدا) و(محمود)، وبالمجاهدة كان (حامدا) و(أحمد). إذن نحن هنا أمام مقامين اثنين لرسول الله صلى الله عليه وسلم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا محمد وأحمد والمقفى والحاشر ونبي التوبة ونبي الرحمة».
وسيكون لذلك كلام ونحن نتناول هنا بالخواطر معركة أحُد، فبعد أن انحل القوم من الرماة عن أمره، وحدثت الكرَّة عليهم من المشركين القرسيين، بعد ذلك يتجه الصحابة هنا وهناك ليفروا، ويتكتل المشركون على رسول الله لدرجة أن ابن قمئة يمسك حجرا ويضرب به حضرة النبي عليه الصلاة والسلام فيكسر رَبَاعِيَّته. وتنغرز في وجنتي الرسول حلقتا المغفر، ويسيل منه الدم، ويحاول الرسول صلى الله عليه وسلم أن يصعد على صخرة من الجبل ليعلوها فلم يستطع فجلس تحته طلحة بن عبيد الله فنهض به حتى استوى عليها. وكلها مجاهدات بشرية.
أما كان الله بقادر أن يُجنِّب رسوله كل ذلك؟ إنه سبحانه قادر. ولكن كل ذلك كان تكريما من الله، ولم يرد سبحانه أن يحرم رسوله من لذة المجاهدة، وحتى يعرِّف الله المؤمنين بمحمد نقول: إن الله لم يأت بمحمد ليدلله على خلقه، ولكن ليدُلَّ كُلَّ مؤمن على أن رسول الله حينما حدث له ما حدث قد ذاق المجاهدة؛ فقد فر بعض المقاتلين من المعركة في أحد، وكادت ريح الهزيمة تهب على معسكر الإيمان، ها هو ذا سيدنا أبو عبيدة رضي الله عنه يذهب إلى رسول الله فيجد حلقتي المغفر في وجنتيه صلى الله عليه وسلم، فيحاول سيدنا أبو بكر أن يخلع حلقتي المغفر، فيتألم الرسول صلى الله عليه وسلم، فيقول سيدنا أبو عبيدة: إليك يا أبا بكر، بالله دعني.
ويمسك أبو عبيدة بإحدى الحلقتين وينزعها من وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فسقطت ثنيته، ثم نزع الحلقة الأخرى فسقطت ثنيته الأخرى فكان أبو عبيدة- رضي الله عنه- ساقط الثنيتين، وقال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لكل أمة أمين، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح». وينزف دمه صلى الله عليه وسلم، وسيدتنا فاطمة يلهمها الله أن تأتي بقطعة من حصير وتحرقها، وتأخذ التراب الباقي من الحريق وتضمد به الجرح. إن الله لم يشأ أن يحرم رسوله لذة المجاهدة.
ويأتي أنس بن النضر ويجد الصحابة وفيهم عمر بن الخطاب وطلحة بن عبيد الله وقد ألقوا ما بأيديهم، فيسألهم أنس: ما يجلسكم؟ فيقولون: قُتل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقول: فماذا تصنعون بالحياة بعده؟ قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم استقبل القوم من المشركين فقاتل حتى قتِل.
هذه كلها مواقف لم تكن تأتي وتظهر إلا بهذه المعركة. {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ} أي اسمعوا. هذا محمد وهذه منزلته، هو رسول من الله جاء بعد عيسى بن مريم، وكان من الواجب أن نعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم مؤكد على بشريته. {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرسل أَفإِنْ مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقلبتم على أَعْقَابِكُمْ}.
وهل انقلب أتباع الرسل السابقين على أعقابهم حينما ماتت رسلهم؟ فكيف تكونون أقل شأنا من هذه الأمم؟ هبوا أن ذلك قد حدث، فلماذا لا يبقى الخير الذي بلغه فيكم رسول الله إلى يوم القيامة؟ الرجل الذي يكون قد صنع خيرا يموت بموته، أيكون قد صنع شيئا؟ لا؛ فالذي يريد أن يصنع خيرا فعليه أن يصنع خيرا يخلفه.
لذلك فالزعامات الفاشلة هي التي يكون الفرد فيها زعيما، ثم يموت ونبحث عن زعيم بعده فلا نجد ونتساءل: لماذا خنق الزعيم أصحابه وزملاءه؟ أكان خائفا منهم؟ ونظل نتمنى أن يكون قد ربَّى الزعيم أناسا، فإذا ما ذهب نجد من يخلفه، فلا يوجد إنسان يضمن حياته؛ لذلك يقول الحق: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرسل}.
وساعة تسمع القول الكريم: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ} فهذا أسلوب اسمه أسلوب القصر. إنه سبحانه وتعالى يقصر محمدا على الرسالة. فإذا قصر محمد صلى الله عليه وسلم على الرسالة فهذا يعني أن بعض المعاصرين له كانوا يعتقدون أن محمدا أكبر من رسول ولا يموت.
فأوضح الله سبحانه أن محمدا رسول، وقد خلت من قبله الرسل، ولن يخلد الله أحدا.
وهل غاب ذلك عن الذهن؟ نعم كان ذلك يغيب عن الذهن بدليل أنه حتى بعد أن نزلت هذه الآية وصارت قرآنا يُتلى، نجد أن سيدنا عمر رضي الله عنه وكانت له فطرة صافية توافق وحي الله، إنه محدَّث مُلْهَم.
ها هو ذا عمر بن الخطاب حينما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتقل إلى رحاب الله يقول: والله ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يموت حتى يقطع أيدي أناس من المنافقين كثير وأرجلهم. قال عمر بن الخطاب ذلك من هول الفاجعة ونسي الآية فيأتي سيدنا أبو بكر فيقول: من كان يعبد الله فإن الله حيٌّ لم يمت، ومن كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، وتلا قوله تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرسل أَفإِنْ مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقلبتم على أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ على عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ الله شَيْئاً وَسَيَجْزِي الله الشاكرين}. فقال عمر بن الخطاب: (فلكأني لم أقرأها إلا يومئذ).
ثم إن عمر بعد أن بايع المسلمون أبا بكر بالخلافة قال: أما بعد فإني قلت لكم أمس مقالة، وإنها لم تكن كما قلت، وإني والله ما وجدت المقالة التي قلت لكم في كتاب أنزله الله، ولا في عهد عهده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكني كنت أرجو أن يعيش رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يَدْبُرنا فاختار الله عز وجل لرسوله الذي عنده على الذي عندكم، وهذا الكتاب الذي هدى الله به رسوله فخذوا به تهتدوا كما هَدِيَ له رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذه تعطينا أمرين اثنين:
الأمر الأول: هو عِشق الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
والأمر الثاني: هو حاجة إيمان؛ فالعشق لا يستقيم ولا يصح أن يخرجنا عن طور التصور الإيماني؛ فعمر بن الخطاب قال: عندما سمعت أبا بكر يتلو هذه الآية عرفت حتى ما تقلني رجلاي، وحتى هويت على الأرض.
إذن فقوله سبحانه: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرسل} يعني لا ترتفعوا به أنتم أيها المؤمنون برسالته فوق ما رفعته أنا.
ومعنى {يَنقَلِبْ على عَقِبَيْهِ} أي يَرجع. فهل هذا الرجوع رجوع عن المعركة؟ أو رجوع عن أصل التشريع وأصل الديانة وأصل الرسالة التي جاء بها محمد؟ إن هذا يصح، وذلك يصح. وقوله الحق: {أَفإِنْ مَّاتَ أَوْ قُتِلَ} قول واضح، وسبق أن تعرضنا إلى الموت وإلى القتل، وقلنا: إن الموت والقتل مؤداهما واحد، وهو الذهاب بالحياة، إلا أن الذهاب بالحياة مرة يكون بنقض البنية التي لا تسكن الروح فيها إلاّ بمواصفاتها، فإن نقضت البنية ولم تجد الروح المسكن الملائم لها تتركه، لكن الموت على إطلاقه: هو أن تذهب الحياة بدون نقض البنية، فالإنسان يذهب حتف أنفه، أي نجده قد مات وحده.
إذن فنقض البنية يؤدي إلى ذهاب الحياة بالقتل؛ لأن الروح لا تسكن في مادة إلا بمواصفات خاصة، فإذا انتهت هذه المواصفات ذهبت الروح. لكن عندما تذهب الروح بمفردها بدون نقض للبنية فهذا هو الموت لا القتل.
والله سبحانه يقول: {أَفإِنْ مَّاتَ أَوْ قُتِلَ} ذلك أنهم أشاعوا أن النبي قد قتل. وكيف يجوز ذلك على الصحابة والله قد قال: {والله يَعْصِمُكَ مِنَ الناس} [المائدة: 67].
وهنا نقول: هل أنت علمت أن هذه الآية قد نزلت قبل أُحد أو بعدها؟ وهل أنت حسن الظن بأن كل صحابي يكون مستحضرا لكل آيات القرآن في بؤرة شعوره؟ ألا ترى أنهم عندما سمعوا خبر قتله هربوا، وإذا كان سيدنا عمر قد نسي هذه الآية: {أَفإِنْ مَّاتَ أَوْ قُتِلَ} كما أنه يحتمل أن يكون المراد من عصمة الله رسوله من الناس أنه سبحانه يحفظه من فتنة الناس وإذلالهم.
هكذا أراد الله أن تمثل لنا معركة أُحد كل الطوائف والأصناف التي تُنسب إلى الإيمان تمثيلا يتضح في موقف ابن أُبيّ حيث انخذل وانقطع عن رسول الله بثلث القوم، ومرحلة أقل منها، تتمثل في طائفتين هَمَّتا، ثم شاء الله أن يربط على قلوبهما فيظلا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولما نشبت المعركة كان للرماة موقف في المعركة الأُحدية.
فحين رأوا النصر أولا ورأوا الغنائم سال لعاب بعضهم على الغنائم، فحصل انشقاق فيهم، فعبد الله بن جبير وهو رئيس الرماة ومعه من القلة يُصر على تنفيذ أمر رسول الله فيقاتل حتى استشهد، واستشهدوا وهؤلاء هم الذين أرادوا الآخرة. بينما كان هناك قوم آخرون أرادوا الغنائم، وحيما أشيع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قُتل فرت البقية الباقية من الرماة وغيرهم من المعركة، ورسول الله ينادي القوم: (إليَّ عباد الله إليّ عباد الله).
كل هذه مصاف إيمانية تمثل لنا كيف يُصفى الله مواقف المنسوبين إليه. وتظهر وتوضح موقف كل واحد، وأنه مفضوح إيمانيا إن وقف موقفا يخالف منهج الله. كان رسول الله صلى الله عليه وسلم- في هذا الوقت- في موقف الإنهاك لقوته البشرية لدرجة أننا قلنا: إنه أراد أن يصعد فلم تَقو مادته البشرية، فطأطأ طلحة ظهره ليصعد النبي عليه، وهو في هذه المرحلة من الإنهاك المادي البشري يريد الحق سبحانه وتعالى أن يعطيه من القوة في هذا الضعف وفي هذا الإنهاك ما يقف به أمام جبار من جبابرة قريش.
كان هذا الجبار يتهدده.
ولو أن الموقف كان موقف قوة لرسول الله أكان من المعقول أن ينتصر رسول الله على جبار قريش؟
ولكن الله يريد أن يُرينا تأييد الله لرسوله، في موقف إنهاكه وكيف يقف من جبار قريش هذا الموقف، هذا الجبار هو (أبي بن خلف الجمحي) وكانت عنده رَمَكة فيقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم: هذه الرمكة أنا أعلفها كل يوم فَرَقاً من ذرة لأقتلك عليها. فيقول له رسول الله قولة الواثق من أن ربه لن يخذله: (بل أنا أقتلك إن شاء الله).
لم يلتق هذا الرجل مع رسول الله وهو في قوته، ولكنه جاء لرسول الله وهو في هذا الموقف الذي أثخنته فيه الجراح وكسرت رباعيته ودخلت خلقتا المغفر في وجنتيه وسال دمه. وبعد ذلك يأتي إليه هذا الرجل (أبي بن خلف الجمحي) وهو يقول: أين محمد؟ لا نجوت إن نجا، فقال القوم: يا رسول الله أيعطف عليه رجل منا؟
فيشير إليهم رسول الله أن اسكتوا. إنه- رسول الله- لايريد قوة لقوة، ولكنه علم أن أُبَيّاً قد عرف أن رسول الله منهك فجاء في هذا الوقت، فأخذ رسول الله الحربة، وضرب أبي بن خلف بها فنالت منه، فسقط من على فرسه يخور كما يخور الثور، فقال له أصحابه: (لا بأس عليك يا أُبيّ، ما أجزعك: إنما هو خدش).
وهذا الذي قتله رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي اشتد عليه غضب الله تعالى لما رواه ابن عباس رضي الله عنهما قال: (اشتد غضب الله على مَنْ قتله رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده في سبيل الله واشتد غضب الله على قول دَمَوْا وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم).
ولننظر كيف أن الذين عادوا رسول الله صلى عليه وسلم استكبارا وعنادا، ولم يعادوه عقيدة قلبية، إنهم يعتقدون صدقة، ويعتقدون حُسن بلاغه عن الله، ويتحقق ذلك من قوله سبحانه وتعالى: {وَجَحَدُواْ بِهَا واستيقنتهآ أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فانظر كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المفسدين} [النمل: 14].
فما هو الاستيقان هنا؟ لقد قال أصحاب أبيّ له: ما أجزعك إنما هو خدش فقال أبيّ: والذي نفسي بيده لو كان الذي بي بأهل الحجاز لماتوا جميعا. لكن أصحاب أبي قالوا له مرة أخرى: لا بأس عليك يا أبي إنه خدش بسيط. لكنْ أبي يقول: لا والله لقد علمت أنه يقتلني؛ لأنه قال لي بمكة: (أنا قاتلك إن شاء الله) فوالله لو بصق علي لقتلني. فمات وهم قافلون به إلى مكة.
هذا يحدث من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في موقف الضعف والإنهاك، ويشاء له الله أن يقتل جبارا من جبابرة قريش وهو في هذه الحالة.
إن كان ذلك لأدلة تثبت لهم أن البشرية المادية لا علاقة لها مطلقا بمدد النصر من الله؛ فالله يمُد رسوله حتى في وقت الضعف. ومدده سبحانه لرسوله وقت ضعف الرسول هو إعلام بقيوميته سبحانه على جنوده؛ لأنهم لو ظلوا أقوياء لقيل في عرف البشر: أقوياء وغلبوا.
لكن ها هو ذا الرسول يصيب الجبار من قريش في مقتل والرسول ضعيف، وبعد ذلك يعطي الحق سبحانه لرسول الله أشياء إيمانية تزيده ثقه بأنه هو رسول الله، وتزيد المؤمنين ثقة بانه رسول الله. لقد خرج إلى المعركة وهو يعلم بما سيكون فيها؛ لأنه قال: (إني قد رأيت والله خيرا رأيت بقرا تُذبح ورأيت في ذباب سيفي ثَلْمِّا، ورأيت أني أدخلت يدي في درع حصينة فأولتها المدينة).
وقال صلى الله عليه وسلم: «لقد رأيتني يوم أحد وما في الأرض قربى مخلوق غير جبريل عن يميني وطلحة عن يساري».
إذن فالمعركة بكل أحوالها عُرضت عليه، ومع ذلك أقبل رسول الله على المعركة ليستدل من ذلك على أن الله أعطاه المناعة قبل أن يخوض المعركة. هذا ما يتعلق به صلى الله عليه وسلم، لقد رأى فأول، وأما الذي يتعلق بالناس، فيأتي إلى واحد من قتلى المعركة- وقتلى المعركة، لا يُغسلون؛ لأن الذي يغسل هو من يموت في غير معركة- يأتي الرسول إلى واحد من هؤلاء الشهداء فيقول: (إن صاحبكم لتغسله الملائكة)- يعني حنظلة- المؤمنون يرون أنه صلى الله عليه وسلم قد خرج عن القاعدة في الشهداء. كيف؟ لقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بالخبر بعد ذلك.. ولا يُخرج حنظلة عن قانون الشهداء أنه يُغسّل.. ولكن الذي يغسله هم الملائكة.. إن الملائكة تغسل حنظلة.
وبعد أن رجع رسول الله إلى المدينة يسأل أهله ما شأنه.. فيعلم أن حنظلة قد دخل بعروسه.. ثم نودي للمعركة.. فأعجله نداء المعركة.. فذهب إلى المعركة جُنبا.. فذلك غُسْل الملائكة له، لقد تأكد الخبر من زوجة حنظلة.. إذن فهذه شهادة أخرى أن الله سبحانه وتعالى لم يتخل عنهم في أوقات الضعف، وأن تلك العملية كانت عملية مقصودة.
إن الحق سبحانه وتعالى يعطي الرسول صلى الله عليه وسلم أشياء لتؤكد لنفسه أنه رسول الله. ألم نقل سابقاً: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء له صحابته فقالوا يا رسول الله: إن جابر بن عبد الله عليه دين ليهودي وأجل الدين إلى جَزّ التمر وتمُره خَاسَ هذا العام أي فسد من آفةٍ مثلاً فنحب يا رسول الله أن تطلب من اليهودي أن يُنظر جابرا- أي ينتظر عليه ويؤخره إلى وقت آخر- فذهب رسول الله إلى اليهودي وطلب منه أن يُنظر جابرا، فلم يرض اليهودي وقال: لا يا أبا القاسم.
فأعاد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال اليهودي: لا يا أبا القاسم. فأعاد عليه الرسول مرة ثالثة فقال اليهودي: لا يا أبا القاسم.. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بثقة الإيمان بالله ما معناه: يا جابر اذهب بي إلى بستانك.
وذهب رسول الله فجاس خلال النخل، ثم ذهب إلى عريش جابر الذي يجلس فيه، واضطجع وقال: يا جابر جز واقض. قال جابر: فذهبت فجززت، فإذا ما جززته يؤدي ما عليّ لليهودي ويبقى لي مالم يبق لي وأنا غير مدين. فلما بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أشهد أني رسول الله». إن الحق سبحانه يعطي رسوله بينات توضح أنه رسول الله، فاليهودي لم يرض بشفاعة النبي، فيعطي الله رسوله ما يؤكد أنه رسول الله. وهكذا نرى أن الله يعطي رسوله في وقت الضعف الأدلة التي تؤكد له أنه رسول الله. والذي يدل على ذلك هؤلاء الذين أحبوا أن يؤذوه في اسمه. إنّ اسمه مُحمد كما نعرف، و(محمد) أي الممدوح من الكل، وبكثرة، فيأتي خصومه ويريدون أن يهجوه وأن يلعنوه، فيصرفهم الله سبحانه وتعالى حتى عن شتم الاسم لا المسمى فقط.
إن الله أراد أن يصعد العصمة، وأراد سبحانه ألا ينالوا بالسباب من اسم رسول الله، فألهم الله خصوم رسول الله أن يسموا المشتوم عندهم مذمما بدلا من محمد. وعندما يريدون اللعن، فهم لا يلعنون الاسم محمداً ولكنهم يسبون الاسم الذي اختاروه وهو مذمم، فيضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ عندما سمع ما قالته أم جميل امرأة أبي لهب: مذمما عصينا.. وأمره أبينا.. ودينه قلينا. وهي تقصد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد حدث أن حمالة الحطب أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد عند الكعبة ومعه أبو بكر الصديق وفي يدها حجر فلما وقفت عليهما أخذ الله ببصرها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا ترى إلا أبا بكر فقالت: يا أبا بكر أين صاحبك؟ فقد بلغني أنه يهجوني والله لو وجدته لضربت بهذا الحجر فاه أما والله إني لشاعرة وقالت ما قالت.
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا تعجبون لَما يصرف الله عني من أذى قريش يشتمون مُذَمَّماً ويلعنون مذمما وأنا محمد».
هكذا نرى من أفواه الحاقدين على رسول الله أنه معصوم بإرادة الله، حتى الاسم أبعده الله عن اللعن، أما المسمى فلن يلعن ولن يشتم.
إن ما حدث في غزوة أحد كان هو التربية الأولى لصحابة رسول الله، والتأكيد على صدق بلاغه عن الله. إن هذه المعركة قد صورت ذلك وجسدته، ولذلك حين نلحظ المعارك التي جاءت بعد هذه المعركة فإننا لا نجد للمؤمنين هزيمة أبدا، لأنهم صُفوا التصفية وربُوا التربية التي جعلت كل واحد منهم عارفا أن الله يعلم ما يخفيه وإن لم يحسن البلاء والجهاد فسيفضح الله ما في نفسه، وسيعلن الله عنه؛ لذلك دخل كل مؤمن منهم المعارك وهو مقبل على الجهاد، كل المعارك بعد أُحد جاءت نصرا وجاءت سلاما.
وهنا يعلمنا الحق أن البقاء على منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم هو النجاة وهو النصر، ويحذرنا سبحانه ألا ينقلب المؤمن على عقبيه، قال لنا: {أَفإِنْ مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقلبتم على أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ على عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ الله شَيْئاً وَسَيَجْزِي الله الشاكرين}.
{وَمَن يَنقَلِبْ على عَقِبَيْهِ} هي صورة حركية مادية مرئية. وقد حدث ذلك من بعض الصحابة في معركة أحُد، لقد فر البعض وانقلب بعضهم إلى المدينة، ومعنى (انقلب) أي أعطى ظهره للمعركة بعد أن كان مواجها لعدوه، وهي مثل قوله: {وَلَّوُاْ الأدبار}.
ولكن في قوله: {انقلبتم على أَعْقَابِكُمْ} فيه انقلاب حسي أيضا، وفيها كذلك انقلاب نفسي، وهو الانصراف عن أصل الدين، ولذلك سيعرفنا الحق أن المنافقين بعد حدوث تلك الواقعة وبعد ما فشا وذاع في الناس قتل الرسول كان لهم كلام، وضعاف الإيمان كان لهم كلام آخر؛ فالمنافقون الذين هم أكثر شرا من الكفار قالوا: لو كان نبيَّا لما قتل، ارجعوا إلى إخوانكم وإلى دينكم.
أما الذي آمنوا إيمانا ضعيفا فقالوا: سنذهب إلى ابن أُبَيّ ليأخذ لنا أمانا من أبي سفيان. فيقف أنس بن النضر قائلا: اللهم إني أبرأ إليك مما جاء به هؤلاء- أي المنافقون- وأعتذر إليك مما يقول هؤلاء- أي ضعاف الإيمان-.
لقد وزعها بالحق؛ فهو يبرأ إلى الله من قول المنافقين الذين قالوا: إنهم سيعودون إلى دينهم القديم، ويعتذر ويستغفر عن ضِعاف الإيمان. ويقول سبحانه: {وَمَن يَنقَلِبْ على عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ الله شَيْئاً}. لماذا؟ لأن الله أزلاً وقبل أن يخلق شيئا من خلقه له كل صفات الكمال، إذن فأي صفة من صفات الكمال لم تطرأ عليه سبحانه من خلقه، إنه سبحانه أوجد الكون بما فيه الخلق لأنه قادر، وأوجده لأنه حكيم، وأوجده لأنه عالم، إذن فخلق الخلق لم يزد الله صفة من صفاته، فحين خلقكم وصنعكم أعطى لكم المنهج لتكونوا خلقا سويا. إذن فالمصلحة تعود علينا نحن الخلق، فكان يجب أن تنظروا إلى المناهج التي تأتي من الله على أنه لا نفع فيها لله، ولكن النفع فيها عائد عليكم. ولذلك جاءت الآية من بعد ذلك لتقول: {وَسَيَجْزِي الله الشاكرين} لأن الشكر إنما يؤديه العبد على نعمة، نعمة تمحيص وتعليم وبيان مكانة الرسول صلى الله عليه وسلم من ربه. لقد تعلم المؤمنون أن الله يستحق منهم الشكر على هذه النعم.
وبعد ذلك ينتقل بنا الحق إلى قضية عامة، القضية العامة للناس جميعا هي: {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله كِتَاباً مُّؤَجَّلاً...}.