فصل: تفسير الآية رقم (42):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير الشعراوي



.تفسير الآية رقم (42):

{لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (42)}
والعَرَضُ هو ما يقابل الجوهر، والجوهر هو ما لا تطرأ عليه أغيار، فالصحة عَرَض والمرض؛ لأن كليهما لا يدوم، إذن فكل ما يتغير يسمى عَرَضٌ حاضر يأكل منها البَرُّ والفاجر.
إذن: فقول الحق سبحانه وتعالى: {لَوْ كَانَ عَرَضاً قَرِيباً} أي: لو كان أمراً من متاع سهل التناول، ومحبباً للنفس؛ وليس فيه مشقة السفر والتضحية بالمال والنفس؛ لأسرعوا إليه. {وَسَفَراً قَاصِداً}، والقاصد هو المقتصد الذي في الوسط؛ وبعض الناس يسرف في الكسل، فلا يستنبط الخير من السعي في الأرض ومما خلق الله، وبعض الناس يسرف في حركة الدنيا ويركض كركض الوحوش في البرية، ولا يكون له إلا ما قسمه الله. وأمزجة الناس تتراوح ما بين الإسراف والتقتير، أما المؤمن فعليه أن يكون من الأمة المقتصدة. والحق هو القائل: {مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ} [المائدة: 66].
لأن المؤمن لا يأخذه الكسل فيفقد خير الدنيا، ولا يأخذه الإسراف فينسى الإيمان. إذن: فالحق سبحانه وتعالى يوضح لرسوله صلى الله عليه وسلم أنه لو كان هناك متاع من متاع الدنيا أو سفر بلا مشقة ولا تعب لاتبعوك، فهم لم يتبعوك؛ لأنه ليست هناك مغانم دنيوية؛ لأن هناك مشقة، فالرحلة إلى تبوك، ومقاتلة الروم، وهم أصحاب الدولة المتحضرة التي تضع رأسها برأس دولة الفرس، وهذه أيضاً مشقة، والعام عُسْر والحر شديد، ولو أن الأمر سهل مُيسَّر لاتبعوك.
ويتابع سبحانه: {ولكن بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشقة} أي: أن المشقة طويلة، ثم يقول: {وَسَيَحْلِفُونَ بالله لَوِ استطعنا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ} هم إذن لم يتبعوك؛ لأن المسألة ليست عرضاً قريباً ولا سفراً سهلاً، بل هي رحلة فيها أهوال، وتضحيات بالمال والنفس، وحين تعود من القتال سوف يحلفون لك؛ أنهم لو استطاعوا لخرجوا معكم للقتال.
وقد قال الحق ذلك قبل أن تأتي أوان الحلف، وهذه من علامات النبوة؛ لكي يعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم المنافقين مِنْ صادقي الإيمان. وسبحانه وتعالى يفضح غباء المنافقين؛ لذلك قال: {وَسَيَحْلِفُونَ بالله} واستخدام حرف السين هنا يعني أنهم لم يكونوا قد قالوها بعد، ولكنهم سيقولونها في المستقبل، ولو أنهم تنبهوا إلى لم يكونوا قد قالوها بعد، ولكنهم سيقولونها في المستقبل، ولو أنهم تنبهوا إلى ذلك لامتنعوا عن الحلف. ولقالوا: إن القرآن قال سنحلف، ولكننا لن نحلف. ولكن الله أعماهم فحلفوا، وهكذا يأتي خصوم الإسلام ليشهدوا- رغم أنوفهم- للإسلام. ومثال آخر على نفس الأمر؛ عندما حُوّلت القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة الشريفة؛ قال الحق سبحانه وتعالى: {سَيَقُولُ السفهآء مِنَ الناس مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ التي كَانُواْ عَلَيْهَا} [البقرة: 142].
وقوله هنا {سَيَقُولُ} معناها أنهم لم يقولوا بعد، وإلا ما استخدم فيها حرف السين.
وهذه الآية نزلت في القرآن يتلى ولا يتغير ولا يتبدل إلى يوم القيامة.. ورغم أنه كان في استطاعتهم ألا يقولوا ذلك القول، ولو فعلوا لساهموا في التشكيك بمصداقية القرآن، ولهدموا قضية الدين التي يتمنون هدمها، ولكنهم مع ذلك قالوا: {مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ} وجاءوا مثبتين ومُصدِّقين للقرآن.
وفي هذه الأيام نجد شيئاً عجيباً؛ نجد من يقول: أنا لا أتبع إلا ما جاء في القرآن، أما السنة فلستُ مطالباً بالالتزام بها. وتقول لمن يردد هذا الكلام: كم عدد ركعات الصبح وركعات الظهر والعصر والمغرب والعشاء؟ وسوف يرد قائلاً: صلاة الصبح ركعتان، والظهر أربع، والعصر أربع، والمغرب ثلاث، والعشاء أربع. ونقول: من أين أتيت بهذا؟ يقول: من السنة.
نقول: إذن فلابد من اتباع السنة حتى تستطيع أن تصلي، ولن تفهم التطبيق العملي لكثير من الأحكام إلا باتباع السنة.
ويجبر الحق سبحانه هذا الذي يحارب سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ويدعو إلى عدم الالتزام بها؛ يجبره سبحانه على الاعتراف بضرورة اتباع السنة، وبهذا يصدق قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يوشك الرجل يتكئ على أريكته يُحدَّث بحديثي، فيقول: بيني وبينكم كتاب الله، فما وجدنا فيه حلالاً استحللناه، وما كان فيه حراماً حرَّمْناه، وإن ما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حرم الله».
وقد قالوا ذلك القول طَعْناً في الكتاب، ولكنهم من حيث لا يدرون أكدوا صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهم لم يمتلكوا الذكاء؛ لأن الذكاء الذي لا يهدي للإيمان هو لون من الغباء وعَمى البصيرة، وكذلك كان حال من حلفوا بعدم استطاعتهم الخروج للقتال؛ فقد سبقهم قول الله: {وَسَيَحْلِفُونَ بالله لَوِ استطعنا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ} وجاءوا من بعد ذلك وحلفوا؛ ليؤكدوا صدق القرآن. وهم في حلفهم يدّعون عدم استطاعتهم للقتال، مع أن لديهم المال والقدرة.
ويقول الحق عنهم: {يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ والله يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} وما داموا قد حلفوا بالله كذباً، فقد أدخلوا أنفسهم في الهلاك، فهم لم يكتفوا بعدم الجهاد؛ بل كذبوا وفضح الله كذبهم.
ويقول الحق بعد ذلك: {عَفَا الله عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حتى يَتَبَيَّنَ لَكَ...}.

.تفسير الآية رقم (43):

{عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ (43)}
وكلمة {عَفَا} تدل على أن هناك أثراً قد مُحي؛ تماماً كما يمشي إنسان في الرمال؛ فتُحْدِث أقدامه أثراً، ثم تأتي الريح فتملأ مناطق هذا الأثر بالرمال وتزيله. وهي تُطلق في الدين على محو الله سبحانه وتعالى لذنوب عباده فلا يعاقبهم عليها. وما دام الإنسان قد استغفر من ذنبه وقال: أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه، فلا يجب أن يحرجه أحد بعد ذلك، ولا أن يعايره أحد، فقد استغفر عند من يملك الملك كله، وهو وحده سبحانه الذي يملك العفو والمغفرة، فلا يُدْخِلنَّ أحدكم نفسه في هذه المسألة، ولا يجب أن يحرج إنسان مذنباً ما دام قد استغفر مَنْ يملك العفو، ومن يسمع مستغفراً عليه أن يقول: عفا الله عنك. ولا أحد يعرف إن كان الله قد عفا عنه أم لا، فَلْتُعِنْهُ بالدعاء له، ومن يعاير مذنباً نقول له: تأدب؛ لأنه لم يرتكب الذنب عندك، ولكنه ارتكبه عند ربه، وإذا كان من يستغفر من ذنبه لا يُحرج به بين الناس، فما بالنا بعفو الله سبحانه القادر وحده على العفو.
وهنا يقدم الحق سبحانه العفو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أذن لهم بالقعود عن القتال، ثم يأتي القرآن من بعد ذلك ليؤكد أن ما فعله رسول الله بالإذن لهم بالقعود كان صواباً، فيقول في موضع آخر من نفس السورة: {لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً} [التوبة: 47].
إذن: فلو أنهم خرجوا لكانوا سبباً في الهزيمة، لا من أسباب النصر. وصوَّبَ الحق عمل الرسول، وهو صلى الله عليه وسلم له العصمة.
وهنا نحن أمام عفو من الله، على الرغم من عدم وجود ذنب يُعفى عنه، وهنا أيضاً إذن من الرسول لهم بالقعود، ونزل القرآن ليؤكد صوابه.
وهناك من فهم قول الحق: {لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ} على أنها استفهام استنكاري، وكأن الحق يقول: كيف أذِنْتَ لهم بالعفو؟
إذن: فرسول الله بين أمرين: بين عفو لا يُذْكَرُ بعده ذنب، واستفهام يفيد عند البعض الإنكار.
ونقول: إن الحق سبحانه وتعالى أيَّد رسوله صلى الله عليه وسلم بقوله: {لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً} [التوبة: 47].
فكأن الرسول قد هُدِيَ إلى الأمر بفطرته الإيمانية، وقد أشار القرآن إلى ذلك؛ ليوضح لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم معصوم وفطرته سليمة، وكان عليه أن يقدم البيان العقلي للناس؛ لأنه الأسوة حتى لا يأتي من بعده واحد من عامة الناس ليفتي في مسألة دينية ويقول: أنا رأيت بفطرتي كذا، بل لابد أن يتبين الإنسان ما جاء في القرآن والسنة قبل أن يفتي في أمر من أمور الدين.
وعلى سبيل المثال: اختلف الأمر بين المسلمين في مسألة الفداء لأسرى بدر ونزل القول الحق: {لَّوْلاَ كِتَابٌ مِّنَ الله سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَآ أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [الأنفال: 68].
وأيَّد الله حكم رسوله وأبقاه. إذن فرسول الله صلى الله عليه وسلم هُدِي إلى الأمر بفطرته الإيمانية، ولكن هذا الحق لا يباح لغير معصوم.
وقد أباح الحق سبحانه الاستئذان في قوله: {فَإِذَا استأذنوك لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَن لِّمَن شِئْتَ مِنْهُمْ} [النور: 62].
والحق سبحانه وتعالى يقول هنا في الآية التي نحن بصدد خواطرنا عنها: {عَفَا الله عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حتى يَتَبَيَّنَ لَكَ الذين صَدَقُواْ وَتَعْلَمَ الكاذبين} وهكذا يتبين لنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أذن لهم بالمقدمات والبحث والفطرة، ورأى أن الإذن لهؤلاء المتخلفين هو أمر يوافق مراد الحق سبحانه؛ لأنهم لو خرجوا مع جيش المسلمين ما زادوهم إلا خبالاًً، لعدم توافر النية الصادقة في الجهاد؛ لذلك ثبطهم الله، وأضعف عزيمتهم حتى لا يخرجوا. والعفو هنا جاء في شكلية الموضوع، حيث كان يجب التبيُّن قبل الإذن، فيقول الحق سبحانه: {حتى يَتَبَيَّنَ لَكَ الذين صَدَقُواْ وَتَعْلَمَ الكاذبين} أي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لو لم يأذن لهم لكانوا قد انكشفوا، ولكن إذنه لهم أعطاهم ستاراً يسترون به نفاقهم، فهم قد عقدوا النية على ألا يخرجوا، ولو فعلوا ذلك لافتُضِحَ أمرهم للمسلمين جميعاً، فشاء الرسول صلى الله عليه وسلم أن يسترهم.
ثم يقول الحق سبحانه وتعالى: {لاَ يَسْتَأْذِنُكَ الذين يُؤْمِنُونَ بالله واليوم الآخر...}.

.تفسير الآية رقم (44):

{لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (44)}
ويلفتنا سبحانه: أن الذين طلبوا ذلك الإذن بالقعود فضحوا أنفسهم، فقد استأذنوا بعد مجيء الأمر من الله {انفروا خِفَافاً وَثِقَالاً}، وكل مؤمن بالله واليوم الآخر- في تلك الظروف- لا يمكن أن يتخلف عن الجهاد في سبيل الله. والمؤمن الحق لن يقدم الأعذار ليتخلف، حتى وإن كانت عنده أعذار حقيقية، بل سيحاول إخفاءها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخرج معه مجاهداً بل إنه يسرع إلى الجهاد، حتى ولو كان الله قد أعطاه رخصة بعدم الجهاد.
وهذه الآية- إذن- تحمل التوبيخ للذين استأذنوا، بل وتحمل أكثر من ذلك، فالمؤمن إذا دُعِيَ للجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وبأمر من الله لا يكون تفكيره كالشخص العادي؛ لأن الإنسان في الأمور العادية إذا طُلِبَ منه شيء أدار عقله وفكره؛ هل يفعله أو لا يفعله؟ ولكن المؤمن إذا دُعِي للجهاد في سبيل الله، ومع رسول الله، وبأمر من الله؛ لا يدور في عقله الجواب، ولا تأتي كلمة (لا) على خاطره أبداً، بل ينطلق في طريقه إلى الجهاد.
وكيف يكون الأمر بالخروج إلى القتال صادراً من الله، ثم يتحجج هؤلاء بالاستئذان بعدم الخروج؟
إذن: فمجرد الاستئذان دليل على اهتزاز الإيمان في قلوبهم؛ لأن الواحد منهم في هذه الحالة قد أدار المسألة في عقله، يخرج للجهاد أو لا يخرج، ثم اتخذ قراراً بالتخلف. والغريب أن هؤلاء استأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في عدم الخروج، مع أن أمر الجهاد صادر من الله سبحانه وتعالى، ولم تكن المسألة تحتاج إلى أن يأذن لهم الرسول بالتخلف. إلا أنهم كانوا يبحثون عن عذر يحتمون به.
والمثال من حياتنا اليومية أننا نجد أولاد البلد يسخرون من البخيل الذي لا يكرم ضيفه ويدَّعي أنه سيكرمه، فتجده ينادي ابنه ويقول له أمام الضيف: انزل إلى السوق وابحث لنا عن خروف نذبحه للضيف ولا تتأخر فنحن منتظرون عودتك.. وما إن يقول الضيف أدباً منه: لا. تجد البخيل يصرف ابنه. ويتخذ من رفض الضيف أدباً منه: لا. تجد البخيل يصرف ابنه. ويتخذ من رفض الضيف حجة لعدم إكرامه، وكأنه يريد ذلك، ولكن الواقع يقول: إنه لا يريده من أول الأمر.
ونعلم جميعاً أن الإنسان لا يستأذن في إكرام ضيوفه. والمثال: هو إبراهيم عليه السلام عندما جاءته الملائكة في هيئة رجال، وأراد أن يكرمهم فلم يستأذنهم في أن يذبح لهم عجلاً، بل جاء به إليهم مذبوحاً ومشوياً، هذا سلوك مَنْ أراد إكرام الضيف بذبيحة فعلاً، أما مَنْ يريد أن يبحث عن العذر، فهو يتخذ أساليب مختلفة يتظاهر فيها بالتنفيذ، بينما هو في حقيقته لا يريد أن يفعل، مثلما يقال لضيف: أتشرب القهوة أم أنت لا تحبها؟ أو يقال له: هل تريد تناول العشاء أم تحب أن تنام خفيفاً؟ أو يقال: هل تحب أن تنام عندنا أن تنام في الفندق، وهو أكثر راحةً لك؟
وما دام هناك من سأل الرسول: أأخرج معك للقتال أم أقعد، فهذا السؤال يدل على التردد، والإيمان يفترض يقيناً ثابتاً؛ لأن التردد يعني الشك، وهو الذهاب والرجوع على التوالي، وهو يعني أن صاحب السؤال متردد؛ لأن طرفي الحكم عنده سواء.
إذن: فالمؤمنون بالله لا يستأذنون رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دُعوا إلى الجهاد؛ لأن مجرد الاستئذان في الخروج إلى الجهاد لا يليق بمؤمن.
وقوله تعالى: {والله عَلِيمٌ بالمتقين} أي: أن الله يعلم ما في صدورهم من تقوى، فهم إنْ خدعوا الناس، فلن يستطيعوا خداع الله؛ لأنه مُطَّلع على ما تُخفي الصدور.