فصل: تفسير الآية رقم (159):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير الشعراوي



.تفسير الآية رقم (159):

{وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (159)}
عزيز: يَغلِب ولا يُغْلَب، ومع ذلك هو رحيم في غَلَبه.
ثم ينتقل الحق سبحانه إلى قصة أخرى من مواكب الأنبياء والرسل: {كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ}

.تفسير الآيات (160- 161):

{كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ (160) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ (161)}
فقال هنا أيضاً {أَخُوهُمْ} [الشعراء: 161] لأنه منهم ليس غريباً عنهم، وليُحنِّن قلوبهم عليه {أَلا تَتَّقُونَ} [الشعراء: 161] إنكار لعدم التقوى، وإنكار النفي يطلب الإثبات فكأنه قال: اتقوا الله.

.تفسير الآيات (162- 164):

{إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (162) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (163) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (164)}
وهكذا كانت مقالة لوط عليه السلام كما قال إخوانه السابقون من الرسل؛ لأنهم يصدُرون جميعاً عن مصدر واحد.
ثم يخصُّ الحق سبحانه قوم لوط لما اشتُهروا به وكان سبباً في إهلاكهم: {أَتَأْتُونَ الذكران مِنَ العالمين}

.تفسير الآية رقم (165):

{أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ (165)}
فكأنها مسألة وخصلة تفردوا بها دون العالم كله.
لذلك قال في موضع آخر: {أَتَأْتُونَ الفاحشة مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن العالمين} [الأعراف: 80].
أي: أن هذه المسألة لم تحدث من قبل لأنها عملية مستقذرة؛ لأن الرجل إنما يأتي الرجل في محل القذارة، ولكنهم فعلوها، فوَصْفه لها بأنها لم يأتها أحد من العالمين جعلها مسألة فظيعة للغاية.

.تفسير الآية رقم (166):

{وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ (166)}
يعني: كان عندكم مندوحة عن هذه الفِعْلة النكراء بما خلق الله لكم من أزواجكم من النساء، فتصرفون هذه الغريزة في محلها، ولا تنقلونها إلى الغير.
أو {وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ} [الشعراء: 166] أي: أنهم كانوا يباشرون هذه المسألة أيضاً مع النساء في غير محلِّ الاستنبات، فقوله تعالى: {نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أنى شِئْتُمْ} [البقرة: 223].
البعض يظنها على عمومها وأن {أنى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] تعطيهم الحرية في هذه المسألة، إنما الآية محددة بمكان الحَرْث واستنبات الولد، وهذا محله الأمام لا الخلف.
لذلك قال بعدها: {بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ} [الشعراء: 166] والعادي هو الذي شُرع له شيء يقضي فيه إربته، فتجاوزه إلى شيء آخر حرَّمه الشرع.
ثم يقول الحق سبحانه: {قَالُواْ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ}

.تفسير الآية رقم (167):

{قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ (167)}
أي: إن لم تنته عن ملامنا ومعارضتنا فيما نفعله من هذه العملية {لَتَكُونَنَّ مِنَ المخرجين} [الشعراء: 167] كما قالوا في آية أخرى: {أخرجوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ} [النمل: 56] أي: لا مكان لهم بيننا، لكن لماذا؟ {إِنَّهمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} [النمل: 56] سبحان الله جريمتهم أنهم يتطهرون، ولا مكان للطُّهْر بين هؤلاء القوم الأراذل.
ثم يقول الحق سبحانه عن لوط: {قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ}

.تفسير الآية رقم (168):

{قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ (168)}
وفرْقٌ بين كوني لا أعمل العمل، وكوْني أكره مَنْ يعمله، فالمعنى: أنا لا أعمل هذا العمل، إنما أيضاً أكره مَنْ يعمله، وهذا مبالغة في إنكاره عليهم.
ثم يقول لوط: {رَبِّ نَّجِنِي وَأَهْلِي}

.تفسير الآيات (169- 171):

{رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ (169) فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ (170) إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ (171)}
لم يملك لوط عليه السلام أمام عناد قومه وإصرارهم على هذه الفاحشة إلا أنْ يدعو ربَّه بالنجاة له ولأهله، فأجابه الله تعالى {إِلاَّ عَجُوزاً فِي الغابرين} [الشعراء: 171].
والمراد: امرأته التي قال الله في حقها: {ضَرَبَ الله مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ امرأت نُوحٍ وامرأت لُوطٍ} [التحريم: 10].
فجعلها الله عز وجل مثالاً للكفر والعياذ بالله؛ لذلك لم تكُنْ من الناجين، ولم تشملها دعوة لوط عليه السلام، وكانت من الغابرين. يعني: الهالكين.

.تفسير الآيات (172- 173):

{ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ (172) وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ (173)}
{الآخرين} [الشعراء: 172] أي: الذين لم يؤمنوا بدعوته، ولم ينتهوا عن هذه الفاحشة، ثم بيَّن نوعية هذا التدمير، فقال: {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَراً فَسَآءَ مَطَرُ المنذرين} [الشعراء: 173] ولما كان المطر من أسباب الخير وعلامات الرحمة، حيث ينزل الماء من السماء، فيُحيي الأرض بعد موتها، وصف الله هذا المطر بأنه {فَسَآءَ مَطَرُ المنذرين} [الشعراء: 173] فهو ليس مطرَ خَيْر ورحمة، إنما مطر عذاب ونقمة.
كماء جاء في آية أخرى: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُواْ هذا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا استعجلتم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} [الأحقاف: 24- 25].
وهذا يُسمُّونه(يأس بعد إطماع)، وهو أبلغ من العذاب والإيلام، حين تستشرف للخير فيُفاجئك الشر، وسبق أنْ أوضحنا هذه المسألة بالسجين الذي يطلب من الحارس شَرْبة ماء، ليروي بها عطشه، فلو حرمه الحارس من البداية لَكانَ الأمر هيِّناً لكنه يحضر له كوب الماء، حتى إذا جعله على فيه أراقه على الأرض، فهذا أشد وأنكَى؛ لأنه حرمه بعد أن أطمعه، وهذا عذاب آخر فوق عذاب العطش.
وفي لقطة أخرى بينَّ ما هية هذا المطر، فقال: {فَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنْضُودٍ مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظالمين بِبَعِيدٍ} [هود: 82- 83].
فالحجارة من {سِجِّيلٍ} [هود: 82] أي: طين حُرِق حتى تحجَّر وهي {مُّسَوَّمَةً} [هود: 83] يعني: مُعلَّمة بأسماء أصحابها، تنزل عليهم بانتظام، كل حجر منها على صاحبه.
وبجمع اللقطات المتفرقة تتبين معالم القصة كاملة.

.تفسير الآيات (174- 175):

{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (174) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (175)}
وتُختم القصة بنفس الآيات التي خُتمِتْ بها القصص السابقة من قصص المكذِّبين المعاندين.
ثم ينقلنا الحق سبحانه إلى قوم آخرين كذبوا رسولهم شعيباً: {كَذَّبَ أَصْحَابُ الأيكة}

.تفسير الآية رقم (176):

{كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ (176)}
الأيكة: هي المكان الخِصْب الذي بلغ من خصوبته أنْ تلتفّ أشجاره، وتتشابك أغصانها، وقال هنا أيضاً {المرسلين} [الشعراء: 76] مع أنهم ما كذَّبوا إلا رسولهم؛ لأن تكذيب رسول واحد كتكذيب كُلِّ الرسل؛ لأنهم جميعاً جاءوا بمنهج واحد في العقيدة والأخلاق.

.تفسير الآيات (177- 180):

{إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ (177) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (178) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (179) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (180)}
نلحظ اختلاف الأسلوب هنا، مما يدل على دِقَّة الأداء القرآني، فلم يقل: أخوهم شعيب، كما قال في نوح وهود وصالح ولوط، ذلك لأن شعيباً عليه السلام لم يكن من أصحاب الأيكة، إنما كان غريباً عنهم.
وباقي الآيات متفقة تماماً مع مَنْ سبقه من إخوانه الرسل؛ لأن الوحدة في المنهج العقدي أنتجتْ الوحدة في علاج المنهج؛ لذلك قرأنا هذه الآيات عند كل الرسل الذين سبق ذكرهم.
ثم يأخذ في تفصيل الأمر الخاص بهم؛ لأن كل أمة من الأمم التي جاءها رسول من عند الله إنما جاء ليعالج داءً خاصاً تفشَّى بها، وكانت الأمم من قبل منعزلةً، بعضها عن بعض، ولا يوجد بينها وسائل اتصال تنقل هذه الداءات من أمة لأخرى.
فهؤلاء قوم عاد، وكان داءَهم التفاخُرُ بالبناء والتعالي على الناس، فجاء هود عليه السلام ليقول لهم: {أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ} [الشعراء: 128- 130].
وثمود كان داءهم الغفلةُ والانصراف بالنعمة عن المُنْعم، فجاء صالح عليه السلام يقول لهم: {أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَآ آمِنِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ وَتَنْحِتُونَ مِنَ الجبال بُيُوتاً فَارِهِينَ} [الشعراء: 146- 149].
أما قوم لوط عليه السلام فقد تفرَّدوا بفاحشة لم يسبقهم إليها أحد من العالمين، وهي إتيان الذكْران، فجاء لوط عليه السلام ليمنعهم ويدعوهم إلى التوبة والإقلاع: {أَتَأْتُونَ الذكران مِنَ العالمين وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ} [الشعراء: 165- 166].
أما أصحاب الأيكة، فكان داءهم أنْ يُطفِّفوا المكيال والميزان، فجاء شعيب عليه السلام ليقول لهم: {أَوْفُواْ الكيل وَلاَ تَكُونُواْ}

.تفسير الآيات (181- 182):

{أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ (181) وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ (182)}
الكيل: آلة تُقدّر بها الأشياء التي تُكال، ووحدته: كَيْلة أو قَدح أو أردب. والميزان كذلك: آلة يُقدَّر بها ما يُوزَن.
ومعنى {وَلاَ تَكُونُواْ مِنَ المخسرين} [الشعراء: 181] المخسِر: هو الذي يتسبب في خسارة الطرف الآخر في مسألة الكيل، بأن يأخذ بالزيادة، وإنْ أعطى يُعطِي بالنقصان. وفي الوزن قال {بالقسطاس المستقيم} [الشعراء: 182].
والقسطاس: يعني العدل المطلق في قدرة البشر وإمكاناتهم في تحرِّي الدّقّة في الوزن، مع مراعاة اختلاف الموزونات، فوزن الذهب غير وزن التفاح مثلاً، غير وزن العدس أو السمسم، فعليك أنْ تتحرّى الدقة قَدْر إمكانك، لتحقق هذا القسطاس المستقيم.
لكن، لماذا خصَّ الكيل والوزن من وسائل التقدير والتقييم، ولم يذكر مثلاً القياس في المساحات والمسافات بالمتر أو بالذراع؟
قالوا: لأن الناس قديماً وكانت أمماً بدائية لا تتعامل فيما يُقاس، فلا يشترون القماش مثلاً: لأنه يُغزل، تغزله النساء ويغزله الرجال، ولم يكُنْ أحد يغزل لأحد أو يبيع له، فهذه صورة حضارية رأيناها فيما بعد.
وقديماً، كان الناس يتعاملون بالتبادل والمقايضة، وفي هذه الحالة لا يوجد بائع على حِدَة ولا مُشْترٍ على حِدَة، فلا يتفرد البائع بالبيع، والمشتري بالشراء، إلا في حالة مبادلة السلعة بثمن، كما قال تعالى: {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ} [يوسف: 20] أي: باعوه.
أما في حالة المقايضة، فأنت تأخذ القمح تأكله، وأنا آخذ التمر آكله، فالانتفاع هنا انتفاع مباشر بالسلعة، فإنْ قدَّرْتَ أن كل واحد في الصفقة بائع ومشترْ. تقول: شَرَى وباع. وإنْ قدَّرْت الأثمان التي لا ينتفع بها انتفاعاً مباشراً كالذهب والفضة، أو أي معدن آخر، وهذه الأشياء لا تؤكل فهي ثمن، أمّا الأشياء الأخرى فصالحة أنْ تكون سلعة، وصالحة لأنْ تكون ثمناً.
وقد أفرد القرآن الكريم سورة مخصوصة لمسألة الكيل والميزان هي (سورة المطففين)، يقول سبحانه: {وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ الذين إِذَا اكتالوا عَلَى الناس يَسْتَوْفُونَ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} [المطففين: 13].
نقول: كال له يعني: أعطاه، واكتال عليه يعني: أخذ منه. فإن أخذ أخذ وافياً، وإنْ أعطى أعطى بالنقص والخسارة. والقرآن لا ينعى عليه أن يستوفى حقّه، لكن ينعى عليه أن ينقص من حَقِّ الآخرين، ولو شيئاً يسيراً.
فمعنى(المطففين) من الشيء الطفيف اليسير، فإذا كان الويل لمن يظلم في الشيء الطفيف، فما بال مَنْ يظلم من الكل؟
فاللوم هنا لمَنْ يجمع بين هذين الأمرين: يأخذ بالزيادة ويُعطي بالنقص، أما مَنْ يعطي بالزيادة فلا بأس، وجزاؤه على الله، وهو من المحسنين، الذين قال الله فيهم: {مَا عَلَى المحسنين مِن سَبِيلٍ} [التوبة: 91].
ومع تطور المجتمعات بدأ الناس يهتمُّون بقياس دقة آلات الكيل والوزن والقياس، فَوُجِدت هيئات متخصصة في معايرتها والتفتيش عليها ومتابعة دِقّتها؛ لأنها مع مرور الزمن عُرْضة للنقص أو الزيادة، فمثلاً سنجة الحديد التي نزن بها قد تزيد إنْ كانت في مكان بحث تتراكم عليها الزيوت والتراب، وقد تنقص بالحركة مع مرور الوقت، كما تنقص مثلاً أكرة الباب من كثرة الاستعمال، فتراها لامعة، ولمعانها دليل النقص، وإنْ كان يسيراً.
وفي فرنسا، نموذج للياردة وللمتر من معدن لا يتآكل، جُعِلَتْ كمرجعٍ يُقاس عليه، وتُضبط عليه آلات القياس.
ورأينا الآن آلاتٍ دقيقة جداً للوزن وللقياس، تضمن لك منتهى الدقة، خاصة في وزن الأشياء الثمينة؛ لذلك نراهم يضعون الميزان الدقيق في صندوق من الزجاج، حتى لا تُؤثِّر فيه حركة الهواء من حوله.
ثم يقول الحق سبحانه: {وَلاَ تَبْخَسُواْ الناس أَشْيَآءَهُمْ}