فصل: تفسير الآية رقم (77)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير الطبري المسمى بـ «جامع البيان في تأويل آي القرآن» ***


تفسير الآية رقم ‏[‏77‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ‏}‏‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ ‏{‏قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ‏}‏، يَعْنُونَ أَخَاهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ، وَهُوَ يُوسُفُ، كَمَا‏:‏-

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شَبَّابَةُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ‏}‏، لِيُوسُفَ‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ‏}‏، قَالَ‏:‏ يَعْنِي يُوسُفَ‏.‏

حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ‏:‏ ‏{‏فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ‏}‏، قَالَ‏:‏ يُوسُفُ‏.‏

وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي “ السَّرَقِ “ الَّذِي وَصَفُوا بِهِ يُوسُفَ‏.‏

فَقَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ كَانَ صَنَمًا لِجَدِّهِ أَبِي أُمِّهِ، كَسَرَهُ وَأَلْقَاهُ عَلَى الطَّرِيقِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَصْرِيُّ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْفَيْضُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُسَعَّرٌ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ‏:‏ ‏{‏إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ‏}‏، قَالَ‏:‏ سَرَقَ يُوسُفُ صَنَمًا لِجَدِّهِ أَبِي أُمِّهِ، كَسَرَهُ وَأَلْقَاهُ فِي الطَّرِيقِ، فَكَانَ إِخْوَتُهُ يَعِيبُونَهُ بِذَلِكَ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مُعَمِّرٍ، عَنْ قَتَادَةَ‏:‏ ‏{‏فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ‏}‏ ذُكِرَ أَنَّهُ سَرَقَ صَنَمًا لِجَدِّهِ أَبِي أُمِّهِ، فَعَيَّرُوهُ بِذَلِكَ‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ‏}‏‏:‏ أَرَادُوا بِذَلِكَ عَيْبَ نَبِيِّ اللَّهِ يُوسُفَ‏.‏ وَسَرِقَتُهُ الَّتِي عَابُوهُ بِهَا، صَنَمٌ كَانَ لِجَدِّهِ أَبِي أُمِّهِ، فَأَخَذَهُ، إِنَّمَا أَرَادَ نَبِيُّ اللَّهِ بِذَلِكَ الْخَيْرَ، فَعَابُوهُ‏.‏

حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ‏}‏، قَالَ‏:‏ كَانَتْ أُمُّ يُوسُفَ أَمَرَتْ يُوسُفَ يَسْرِقُ صَنَمًا لِخَالِهِ يَعْبُدُهُ، وَكَانَتْ مُسْلِمَةً‏.‏

وَقَالَ آخَرُونَ فِي ذَلِكَ مَا‏:‏-

حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ أَبِي قَالَ‏:‏ كَانَ بَنُو يَعْقُوبَ عَلَى طَعَامٍ، إِذْ نَظَرَ يُوسُفُ إِلَى عِرْقٍ فَخَبَّأَهُ، فَعَيَّرُوهُ بِذَلِكَ ‏{‏إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ‏}‏‏.‏

وَقَالَ آخَرُونَ فِي ذَلِكَ بِمَا‏:‏-

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ أَبِي الْحَجَّاجِ قَالَ‏:‏ كَانَ أَوَّلَ مَا دَخَلَ عَلَى يُوسُفَ مِنَ الْبَلَاءِ، فِيمَا بَلَغَنِي أَنَّ عَمَّتَهُ ابْنَةَ إِسْحَاقَ، وَكَانَتْ أَكْبَرَ وَلَدِ إِسْحَاقَ، وَكَانَتْ إِلَيْهَا ‏[‏صَارَتْ‏]‏ مِنْطَقَةُ إِسْحَاقَ وَكَانُوا يَتَوَارَثُونَهَا بِالْكِبَرِ، فَكَانَ مَنِ اخْتَانَهَا مِمَّنْ وَلِيَهَا كَانَ لَهُ سَلَمًا لَا يُنَازَعُ فِيهِ، يَصْنَعُ فِيهِ مَا شَاءَ‏.‏ وَكَانَ يَعْقُوبُ حِينَ وُلِدَ لَهُ يُوسُفُ، كَانَ قَدْ حَضَنَهُ عَمَّتَهُ فَكَانَ مَعَهَا وَإِلَيْهَا، فَلَمْ يُحِبَّ أَحَدٌ شَيْئًا مِنَ الْأَشْيَاءِ حُبَّهَا إِيَّاهُ‏.‏ حَتَّى إِذَا تَرَعْرَعَ وَبَلَغَ سَنَوَاتٍ، وَوَقَعَتْ نَفْسُ يَعْقُوبَ عَلَيْهِ، أَتَاهَا فَقَالَ‏:‏ يَا أُخَيَّةُ سَلِّمِي إِلَيَّ يُوسُفَ، فَوَاللَّهِ مَا أَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَغِيبَ عَنِّي سَاعَةً‏!‏ قَالَتْ‏:‏ فَوَاللَّهِ مَا أَنَا بِتَارِكَتِهِ، وَاللَّهِ مَا أَقْدِرُ أَنْ يَغِيبَ عَنِّي سَاعَةً‏!‏ قَالَ‏:‏ فَوَاللَّهِ مَا أَنَا بِتَارِكِهِ‏!‏ قَالَتْ‏:‏ فَدَعْهُ عِنْدِي أَيَّامًا أَنْظُرُ إِلَيْهِ وَأَسْكُنُ عَنْهُ، لَعَلَّ ذَلِكَ يُسَلِّينِي عَنْهُ أَوْ كَمَا قَالَتْ‏.‏ فَلَمَّا خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا يَعْقُوبُ عَمَدَتْ إِلَى مِنْطَقَةِ إِسْحَاقَ فَحَزَمَتْهَا عَلَى يُوسُفَ مِنْ تَحْتِ ثِيَابِهِ، ثُمَّ قَالَتْ‏:‏ لَقَدْ فَقَدْتُ مِنْطَقَةَ إِسْحَاقَ، فَانْظُرُوا مَنْ أَخَذَهَا وَمَنْ أَصَابَهَا‏؟‏ فَالْتُمِسَتْ، ثُمَّ قَالَتْ‏:‏ كَشِّفُوا أَهْلَ الْبَيْتِ‏!‏ فَكَشَّفُوهُمْ، فَوَجَدُوهَا مَعَ يُوسُفَ، فَقَالَتْ‏:‏ وَاللَّهِ إِنَّهُ لِي لَسَلَمٌ، أَصْنَعُ فِيهِ مَا شِئْتُ‏.‏ قَالَ‏:‏ وَأَتَاهَا يَعْقُوبُ فَأَخْبَرَتْهُ الْخَبَرَ، فَقَالَ لَهَا‏:‏ أَنْتِ وَذَاكَ إِنْ كَانَ فَعَلَ ذَلِكَ، فَهُوَ سَلَمٌ لَكِ، مَا أَسْتَطِيعُ غَيْرَ ذَلِكَ‏.‏ فَأَمْسَكَتْهُ فَمَا قَدَرَ عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَتْ‏.‏ قَالَ‏:‏ فَهُوَ الَّذِي يَقُولُ إِخْوَةُ يُوسُفَ حِينَ صَنَعَ بِأَخِيهِ مَا صَنَعَ حِينَ أَخَذَهُ‏:‏ ‏{‏إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ‏}‏‏.‏

قَالَ ابْنُ حُمَيْدٍ‏.‏ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ‏:‏ لَمَّا رَأَى بَنُو يَعْقُوبَ مَا صَنَعَ إِخْوَةُ يُوسُفَ، وَلَمْ يَشُكُّوا أَنَّهُ سَرَقَ، قَالُوا أَسَفًا عَلَيْهِ، لَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِمْ فِي أَنْفُسِهِمْ تَأْنِيبًا لَهُ‏:‏ ‏{‏إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ‏}‏‏.‏ فَلَمَّا سَمِعَهَا يُوسُفُ قَالَ‏:‏ ‏{‏أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا‏}‏، سِرًّا فِي نَفْسِهِ ‏{‏وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ‏}‏ ‏{‏وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ‏}‏‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ‏}‏، يَعْنِي بِقَوْلِهِ‏:‏ ‏(‏فَأَسَرَّهَا‏)‏، فَأَضْمَرَهَا‏.‏

وَقَالَ‏:‏ ‏(‏فَأَسَرَّهَا‏)‏ فَأَنَّثَ، لِأَنَّهُ عَنَى بِهَا “ الْكَلِمَةَ “، وَهِيَ‏:‏ “ ‏{‏أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ‏}‏‏.‏ وَلَوْ كَانَتْ جَاءَتْ بِالتَّذْكِيرِ كَانَ جَائِزًا، كَمَا قِيلَ‏:‏ ‏{‏تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ‏}‏ ‏[‏سُورَةُ هُودٍ‏:‏ 49‏]‏، و ‏{‏ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى‏}‏، ‏[‏سُورَةُ هُودٍ‏:‏ 100‏]‏

وَكَنَّى عَنِ “ الْكَلِمَةِ “‏.‏ وَلَمْ يَجْرِ لَهَا ذِكْرٌ مُتَقَدِّمٌ‏.‏ وَالْعَرَبُ تَفْعَلُ ذَلِكَ كَثِيرًا، إِذَا كَانَ مَفْهُومًا الْمَعْنَى الْمُرَادُ عِنْدَ سَامِعِي الْكَلَامِ‏.‏ وَذَلِكَ نَظِيرُ قَوْلِ حَاتِمٍ الطَّائِيِّ‏:‏

أَمَـاوِيَّ مَـا يُغْنِـي الـثَّرَاءُ عَنِ الْفَتَى *** إِذَا حَشْـرَجَتْ يَوْمًا وَضَاقَ بِهَا الصَّدْرُ

يُرِيدُ‏:‏ وَضَاقَ بِالنَّفْسِ الصَّدْرُ فَكَنَّى عَنْهَا وَلَمْ يَجْرِ لَهَا ذِكْرٌ، إِذْ كَانَ فِي قَوْلِهِ‏:‏ “ إِذَا حَشْرَجَتْ يَوْمًا “، دَلَالَةٌ لِسَامِعِ كَلَامِهِ عَلَى مُرَادِهِ بِقَوْلِهِ‏:‏ “ وَضَاقَ بِهَا “‏.‏ وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ‏:‏ ‏{‏ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ‏}‏ ‏[‏سُورَةُ النَّحْلِ‏:‏ 110‏]‏، فَقَالَ‏:‏ “ مِنْ بَعْدِهَا “، وَلَمْ يَجْرِ قَبْلَ ذَلِكَ ذِكْرٌ لِاسْمٍ مُؤَنَّثٍ‏.‏

وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ‏:‏ ‏{‏فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ‏}‏، أَمَّا الَّذِي أَسَرَّ فِي نَفْسِهِ فَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ‏}‏‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مُعَمِّرٍ، عَنْ قَتَادَةَ‏:‏ ‏{‏فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ‏}‏، قَالَ هَذَا الْقَوْلَ‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي عَمِّي قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ‏}‏، يَقُولُ‏:‏ أَسَرَّ فِي نَفْسِهِ قَوْلَهُ‏:‏ ‏{‏أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ‏}‏‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ‏}‏، يَقُولُ‏:‏ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تُكَذِّبُونَ فِيمَا تَصِفُونَ بِهِ أَخَاهُ بِنْيَامِينَ‏.‏

وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شَبَّابَةُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ‏}‏، يَقُولُونَ‏:‏ يُوسُفُ يَقُولُهُ‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا إِسْحَاقَ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ‏:‏ ‏{‏وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ‏}‏، أَيْ‏:‏ بِمَا تَكْذِبُونَ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ فَمَعْنَى الْكَلَامِ إذًا‏:‏ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ، قَالَ‏:‏ أَنْتُمْ شَرٌّ عِنْدَ اللَّهِ مَنْـزِلًا مِمَّنْ وَصَفْتُمُوهُ بِأَنَّهُ سَرَقَ، وَأَخْبَثُ مَكَانًا بِمَا سَلَفَ مِنْ أَفْعَالِكُمْ، وَاللَّهُ عَالِمٌ بِكَذِبِكُمْ، وَإِنْ جَهِلَهُ كَثِيرٌ مِمَّنْ حَضَرَ مِنَ النَّاسِ‏.‏

وَذُكِرَ أَنَّ الصُّوَاعَ لَمَّا وُجِدَ فِي رَحْلِ أَخِي يُوسُفَ تَلَاوَمَ الْقَوْمُ بَيْنَهُمْ، كَمَا‏:‏-

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمْرٌو، عَنْ أَسْبَاطَ، عَنِ السُّدِّيِّ قَالَ‏:‏ لَمَّا اسْتُخْرِجَتِ السَّرِقَةُ مِنْ رَحْلِ الْغُلَامِ انْقَطَعَتْ ظُهُورُهُمْ، وَقَالُوا‏:‏ يَا بَنِيرَاحِيلَ، مَا يَزَالُ لَنَا مِنْكُمْ بَلَاءٌ‏!‏ مَتَى أَخَذْتَ هَذَا الصَّوْعَ‏؟‏ فَقَالَ بِنْيَامِينُ‏:‏ بَلْ بَنُو رَاحِيلَ الَّذِينَ لَا يَزَالُ لَهُمْ مِنْكُمْ بَلَاءٌ، ذَهَبْتُمْ بِأَخِي فَأَهْلَكْتُمُوهُ فِي الْبَرِّيَّةِ‏!‏ وَضَعَ هَذَا الصُّوَاعَ فِي رَحْلَيْ، الَّذِي وَضَعَ الدَّرَاهِمَ فِي رِحَالِكُمْ‏!‏ فَقَالُوا‏:‏ لَا تَذْكُرِ الدَّرَاهِمَ فَنُؤْخَذُ بِهَا‏!‏ فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ دَعَا بِالصُّوَاعِ فَنَقَرَ فِيهِ، ثُمَّ أَدْنَاهُ مِنْ أُذُنِهِ، ثُمَّ قَالَ‏:‏ إِنَّ صُوَاعِي هَذَا لَيُخْبِرُنِي أَنَّكُمْ كُنْتُمُ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا وَأَنَّكُمُ انْطَلَقْتُمْ بِأَخٍ لَكُمْ فَبِعْتُمُوهُ‏.‏ فَلَمَّا سَمِعَهَا بِنْيَامِينُ، قَامَ فَسَجَدَ لِيُوسُفَ، ثُمَّ قَالَ‏:‏ أَيُّهَا الْمَلِكُ، سَلْ صُوَاعَكَ هَذَا عَنْ أَخِي، أَحَيٌّ هُوَ‏؟‏ فَنَقَرَهُ، ثُمَّ قَالَ‏:‏ هُوَ حَيٌّ، وَسَوْفَ تَرَاهُ‏.‏ قَالَ‏:‏ فَاصْنَعْ بِي مَا شِئْتَ، فَإِنَّهُ إِنْ عَلِمَ بِي فَسَوْفَ يَسْتَنْقِذُنِي‏.‏ قَالَ‏:‏ فَدَخَلَ يُوسُفُ فَبَكَى، ثُمَّ تَوَضَّأَ، ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ بِنْيَامِينُ‏:‏ أَيُّهَا الْمَلِكُ إِنِّي أُرِيدُ أَنَّ تَضْرِبَ صُوَاعَكَ هَذَا فَيُخْبِرُكَ بِالْحَقِّ، فَسَلْهُ مَنْ سَرَقَهُ فَجَعَلَهُ فِي رَحْلَيْ‏؟‏ فَنَقَرَهُ فَقَالَ‏:‏ إِنَّ صُوَاعِي هَذَا غَضْبَانُ، وَهُوَ يَقُولُ‏:‏ كَيْفَ تَسْأَلُنِي مَنْ صَاحِبِي، وَقَدْ رَأَيْتَ مَعَ مَنْ كُنْتُ‏؟‏ قَالَ‏:‏ وَكَانَ بَنُو يَعْقُوبَ إِذَا غَضِبُوا لَمْ يُطَاقُوا، فَغَضِبَ رُوبِيلُ، وَقَالَ‏:‏ أَيُّهَا الْمَلِكُ، وَاللَّهِ لَتَتْرُكُنَا أَوْ لَأَصِيحَنَّ صَيْحَةً لَا يَبْقَى بِمِصْرَ امْرَأَةٌ حَامِلٌ إِلَّا أَلْقَتْ مَا فِي بَطْنِهَا‏!‏ وَقَامَتْ كُلُّ شَعْرَةٍ فِي جَسَدِ رُوبِيلَ، فَخَرَجَتْ مِنْ ثِيَابِهِ، فَقَالَ يُوسُفُ لِابْنِهِ‏:‏ قُمْ إِلَى جَنْبِ رُوبِيلَ فَمَسَّهُ‏.‏ وَكَانَ بَنُو يَعْقُوبَ إِذَا غَضِبَ أَحَدُهُمْ فَمَسَّهُ الْآخَرُ ذَهَبَ غَضَبُهُ، فَمَرَّ الْغُلَامُ إِلَى جَنْبِهِ فَمَسَّهُ، فَذَهَبَ غَضَبُهُ، فَقَالَ رُوبِيلُ‏:‏ مَنْ هَذَا‏؟‏ إِنَّ فِي هَذَا الْبَلَدِ لَبَزْرًا مِنْ بَزْرِ يَعْقُوبَ ‏!‏ فَقَالَ يُوسُفُ‏:‏ مَنْ يَعْقُوبُ‏؟‏ فَغَضِبَ رُوبِيلُ فَقَالَ‏:‏ يَا أَيُّهَا الْمَلِكُ لَا تَذْكُرْ يَعْقُوبَ، فَإِنَّهُ سَرِيُّ اللَّهِ، ابْنُ ذَبِيحِ اللَّهِ، ابْنِ خَلِيلِ اللَّهِ‏.‏ قَالَ يُوسُفُ‏:‏ أَنْتَ إذًا كُنْتَ صَادِقًا‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏78‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ‏}‏‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ قَالَتْ إِخْوَةُ يُوسُفَ لِيُوسُفَ‏:‏ ‏{‏يَأَيُّهَا الْعَزِيزُ‏}‏، يَا أَيُّهَا الْمَلِكُ ‏{‏إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا‏}‏ كَلِفًا بِحُبِّهِ، يَعْنُونَ يَعْقُوبَ ‏{‏فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ‏}‏، يُعَنْوِنُ فَخُذْ أَحَدًا مِنَّا بَدَلًا مِنْ بِنْيَامِينَ، وَخَلِ عَنْهُ ‏{‏إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ‏}‏، يَقُولُ‏:‏ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ فِي أَفْعَالِكَ‏.‏

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فِي ذَلِكَ مَا‏:‏-

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ‏:‏ ‏{‏إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ‏}‏، إِنَّا نَرَى ذَلِكَ مِنْكَ إِحْسَانًا إِنْ فَعَلْتَ‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏79‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ إِنَّا إِذًا لَظَالِمُونَ‏}‏‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ قَالَ يُوسُفُ لِإِخْوَتِهِ‏:‏ ‏{‏مَعَاذَ اللَّهِ‏}‏، أَعُوذُ بِاللَّهِ‏.‏

وَكَذَلِكَ تَفْعَلُ الْعَرَبُ فِي كُلِّ مَصْدَرٍ وَضَعَتْهُ مَوْضِعَ “ يَفْعَلُ “ وَ“ تَفْعَلُ “، فَإِنَّهَا تَنْصِبُ، كَقَوْلِهِمْ‏:‏ “ حَمْدًا لِلَّهِ، وَشُكْرًا لَهُ “ بِمَعْنَى‏:‏ أَحْمَدُ اللَّهَ وَأَشْكُرُهُ‏.‏

وَالْعَرَبُ تَقُولُ فِي ذَلِكَ‏:‏ “ مَعَاذَ اللَّهِ “، و “ مُعَاذَةَ اللَّهِ “ فَتُدْخِلُ فِيهِ هَاءَ التَّأْنِيث‏.‏ كَمَا يَقُولُونَ‏:‏ “ مَا أَحْسَنَ مُعْنَاةَ هَذَا الْكَلَامِ “ وَ“ عَوْذُ اللَّهُ “، و “ عَوْذَةُ اللَّهِ “، وَ“ عِيَاذَ اللَّهِ “‏.‏ وَيَقُولُونَ‏:‏ اللَّهُمَّ عَائِذًا بِكَ، كَأَنَّهُ قِيلَ‏:‏ “ أَعُوذُ بِكَ عَائِذًا “، أَوْ أَدْعُوكَ عَائِذًا‏.‏

‏{‏أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ‏}‏ يَقُولُ‏:‏ أَسْتَجِيرُ بِاللَّهِ مِنْ أَنْ نَأْخُذَ بَرِيئًا بِسَقِيمٍ، كَمَا‏:‏-

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ‏:‏ ‏{‏قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ إِنَّا إِذًا لَظَالِمُونَ‏}‏، يَقُولُ‏:‏ إِنْ أَخَذْنَا غَيْرَ الَّذِي وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ إِنَّا إذًا نَفْعَلُ مَا لَيْسَ لَنَا فِعْلُهُ وَنَجُورُ عَلَى النَّاسِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمْرٌو، عَنْ أَسْبَاطَ، عَنِ السُّدِّيِّ‏:‏ ‏{‏قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ إِنَّا إِذًا لَظَالِمُونَ‏}‏، قَالَ يُوسُفُ‏:‏ إِذَا أَتَيْتُمْ أَبَاكُمْ فَأَقْرِئُوهُ السَّلَامَ، وَقُولُوا لَهُ‏:‏ إِنَّ مَلِكَ مِصْرَ يَدْعُو لَكَ أَنْ لَا تَمُوتَ حَتَّى تَرَى ابْنَكَ يُوسُفَ، حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ فِي أَرْضِ مِصْرَ صِدِّيقِينَ مِثْلَهُ‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏80‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّاقَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ‏}‏‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ ‏{‏فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ‏}‏ فَلَمَّا يَئِسُوا مِنْهُ مِنْ أَنْ يُخْلِّيَ يُوسُفُ عَنْ بِنْيَامِينَ، وَيَأْخُذَ مِنْهُمْ وَاحِدًا مَكَانَهُ، وَأَنْ يُجِيبَهُمْ إِلَى مَا سَأَلُوهُ مِنْ ذَلِكَ‏.‏

وَقَوْلُهُ ‏(‏اسْتَيْأَسُوا‏)‏، “ اسْتَفْعَلُوا “، مِنْ‏:‏ “ يَئِسَ الرَّجُلُ مِنْ كَذَا يَيْأَسُ “، كَمَا‏:‏-

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ‏:‏ ‏{‏فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ‏}‏ يَئِسُوا مِنْهُ، وَرَأَوْا شِدَّتَهُ فِي أَمْرِهِ‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏خَلَصُوا نَجِيًّا‏}‏، يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ يَتَنَاجَوْنَ، لَا يَخْتَلِطُ بِهِمْ غَيْرُهُمْ‏.‏

و “ النَّجِيُّ “، جَمَاعَةُ الْقَوْمِ الْمُنْتَجِينَ، يُسَمَّى بِهِ الْوَاحِدُ وَالْجَمَاعَةُ، كَمَا يُقَالُ‏:‏ “ رَجُلٌ عَدْلٌ، وَرِجَالٌ عَدْلٌ “، وَ“ قَوْمٌ زَوْرٌ، وَفِطْرٌ “‏.‏ وَهُوَ مَصْدَرٌ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ‏:‏ “ نَجَوْتُ فُلَانًا أَنْجُوهُ نَجِيًّا “، جُعِلَ صِفَةً وَنَعْتًا‏.‏ وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَمَا ذَكَرْنَا، قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى ‏{‏وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا‏}‏ ‏[‏سُورَةُ مَرْيَمَ‏:‏ 52‏]‏ فَوَصَفَ بِهِ الْوَاحِدَ، وَقَالَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ‏:‏ ‏{‏خَلَصُوا نَجِيًّا‏}‏ فَوَصَفَ بِهِ الْجَمَاعَةَ، وَيُجْمَعُ “ النَّجِيُّ “ أَنْجِيَةً، كَمَا قَالَ لَبِيَدٌ‏:‏

وَشَـهِدْتُ أنْجِيَـةَ الْأَفَاقَـةِ عَاليًـا *** كَـعْبِي وَأَرْدَافُ المُلُـوكِ شُـهُودُ

وَقَدّ يُقَالُ لِلْجَمَاعَةِ مِنَ الرِّجَالِ‏:‏ “ نَجْوَى “ كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ‏:‏ ‏{‏وَإِذْ هُمْ نَجْوَى‏}‏ ‏[‏سُورَةُ الْإِسْرَاءِ‏:‏ 47‏]‏ وَقَالَ‏:‏ ‏{‏مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ‏}‏ ‏[‏سُورَةُ الْمُجَادَلَةِ‏:‏ 7‏]‏ وَهُمُ الْقَوْمُ الَّذِينَ يَتَنَاجَوْنَ‏.‏ وَتَكُونُ “ النَّجْوَى “ أَيْضًا مَصْدَرًا، كَمَا قَالَ اللَّهُ‏:‏ ‏{‏إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ‏}‏ ‏[‏سُورَةُ الْمُجَادَلَةِ‏:‏ 10‏]‏ تَقُولُ مِنْهُ‏:‏ “ نَجَوْتُ أَنْجُو نَجْوَى “ فَهِيَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، الْمُنَاجَاةُ نَفْسُهَا، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ‏:‏

بُنَـيَّ بَـدَا خِـبُّ نَجْـوَى الرِّجَـالِ *** فَكُـنْ عِنْـدَ سِـرِّكَ خَـبَّ النَّجِـيِّ

فَـ “ النَّجْوَى “ وَ“ النَّجِيُّ “، فِي هَذَا الْبَيْتِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَهُوَ الْمُنَاجَاةُ، وَقَدْ جَمَعَ بَيْنَ اللُّغَتَيْنِ‏.‏

وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏خَلَصُوا نَجِيًّا‏}‏ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمْرٌو، عَنْ أَسْبَاطَ، عَنِ السُّدِّيِّ‏:‏ ‏{‏فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا‏}‏ وَأَخْلَصَ لَهُمْ شَمْعُونُ، وَقَدْ كَانَ ارْتَهَنَهُ، خَلَوْا بَيْنَهُمْ نَجِيًّا، يَتَنَاجَوْنَ بَيْنَهُمْ‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏خَلَصُوا نَجِيًّا‏}‏ خَلَصُوا وَحْدَهُمْ نَجِيًّا‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ‏:‏ ‏{‏خَلَصُوا نَجِيًّا‏}‏‏:‏ أَيْ خَلَا بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ، ثُمَّ قَالُوا‏:‏ مَاذَا تَرَوْنَ‏؟‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏قَالَ كَبِيرُهُمْ‏}‏ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمَعْنِيِّ بِذَلِكَ‏.‏

فَقَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ عُنِيَ بِهِ كَبِيرُهُمْ فِي الْعَقْلِ وَالْعِلْمِ، لَا فِي السِّنِّ، وَهُوَ شَمْعُونُ‏.‏ قَالُوا‏:‏ وَكَانَ رُوبِيلُ أَكْبَرَ مِنْهُ فِي الْمِيلَادِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ‏:‏ ‏{‏قَالَ كَبِيرُهُمْ‏}‏ قَالَ‏:‏ هُوَ شَمْعُونُ الَّذِي تَخَلَّفَ، وَأَكْبَرُ مِنْهُ، أَوْ أَكْبَرُ مِنْهُمْ فِي الْمِيلَادِ، رُوبِيلُ‏.‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شَبَّابَةُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ‏:‏ ‏{‏قَالَ كَبِيرُهُمْ‏}‏‏:‏، شَمْعُونُ الَّذِي تَخَلَّفَ، وَأَكْبَرُ مِنْهُ فِي الْمِيلَادِ رُوبِيلُ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ‏:‏ ‏{‏قَالَ كَبِيرُهُمْ‏}‏، قَالَ‏:‏ شَمْعُونُ الَّذِي تَخَلَّفَ، وَأَكْبُرُهُمْ فِي الْمِيلَادِ رُوبِيلُ‏.‏

وَقَالَ آخَرُونَ‏:‏ بَلْ عُنِيَ بِهِ كَبِيرُهُمْ فِي السِّنِّ، وَهُوَ رُوبِيلُ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ‏:‏ ‏{‏قَالَ كَبِيرُهُمْ‏}‏، وَهُوَ رُوبِيلُ، أَخُو يُوسُفَ، وَهُوَ ابْنُ خَالَتِهِ، وَهُوَ الَّذِي نَهَاهُمْ عَنْ قَتْلِهِ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مُعَمِّرٍ، عَنْ قَتَادَةَ‏:‏ ‏{‏قَالَ كَبِيرُهُمْ‏}‏، قَالَ‏:‏ رُوبِيلُ، وَهُوَ الَّذِي أَشَارَ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يَقْتُلُوهُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمْرٌو، عَنْ أَسْبَاطَ، عَنِ السُّدِّيِّ‏:‏ ‏{‏قَالَ كَبِيرُهُمْ‏}‏ فِي الْعِلْمِ ‏{‏أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ‏}‏ الْآيَةَ، فَأَقَامَ رُوبِيلُ بِمِصْرَ، وَأَقْبَلَ التِّسْعَةُ إِلَى يَعْقُوبَ، فَأَخْبَرُوهُ الْخَبَرَ، فَبَكَى وَقَالَ‏:‏ يَا بَنِيَّ مَا تَذْهَبُونَ مَرَّةً إِلَّا نَقَصْتُمْ وَاحِدًا‏!‏ ذَهَبْتُمْ مَرَّةً فَنَقَصْتُمْ يُوسُفَ، وَذَهَبْتُمُ الثَّانِيَةَ فَنَقَصْتُمْ شَمْعُونَ، وَذَهَبْتُمُ الْآنَ فَنَقَصْتُمْ رُوبِيلَ‏!‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ‏:‏ ‏{‏فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا‏}‏ قَالَ‏:‏ مَاذَا تَرَوْنَ‏؟‏ فَقَالَ رُوبِيلُ كَمَا ذُكِرَ لِي، وَكَانَ كَبِيرَ الْقَوْمِ‏:‏ ‏{‏أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ‏}‏، الْآيَةَ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصِّحَّةِ، قَوْلُ مَنْ قَالَ‏:‏ عَنَى بِقَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏قَالَ كَبِيرُهُمْ‏}‏ رُوبِيلَ، لِإِجْمَاعِ جَمِيعِهِمْ عَلَى أَنَّهُ كَانَ أَكْبَرَهُمْ سِنًّا‏.‏ وَلَا تَفْهَمُ الْعَرَبُ فِي الْمُخَاطَبَةِ إِذَا قِيلَ لَهُمْ‏:‏ “ فُلَانٌ كَبِيرُ الْقَوْمِ “، مُطْلَقًا بِغَيْرِ وَصْلٍ، إِلَّا أَحَدَ مَعْنَيَيْنِ‏:‏ إِمَّا فِي الرِّيَاسَةِ عَلَيْهِمْ وَالسُّؤْدُدِ، وَإِمَّا فِي السِّنِّ‏.‏ فَأَمَّا فِي الْعَقْلِ، فَإِنَّهُمْ إِذَا أَرَادُوا ذَلِكَ وَصَلُوهُ، فَقَالُوا‏:‏ “ هُوَ كَبِيرُهُمْ فِي الْعَقْلِ “‏.‏ فَأَمَّا إِذَا أُطْلِقَ بِغَيْرِ صِلَتِهِ بِذَلِكَ، فَلَا يُفْهَمُ إِلَّا مَا ذَكَرْتُ‏.‏

وَقَدْ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ‏:‏ لَمْ يَكُنْ لِشَمْعُونَ وَإِنْ كَانَ قَدْ كَانَ مِنَ الْعِلْمِ وَالْعَقْلِ بِالْمَكَانِ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ بِهِ عَلَى إِخْوَتِهِ رِيَاسَةٌ وَسُؤْدُدٌ، فَيُعْلَمُ بِذَلِكَ أَنَّهُ عُنِيَ بِقَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏قَالَ كَبِيرُهُمْ‏}‏ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا الْوَجْهُ الْآخَرُ، وَهُوَ الْكِبَرُ فِي السِّنِّ، وَقَدْ قَالَ الَّذِينَ ذَكَرْنَا جَمِيعًا‏:‏ “ رُوبِيلُ كَانَ أَكْبَرَ الْقَوْمِ سِنًّا “، فَصَحَّ بِذَلِكَ الْقَوْلُ الَّذِي اخْتَرْنَاهُ‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ‏}‏ يَقُولُ‏:‏ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَيُّهَا الْقَوْمُ؛ أَنَّ أَبَاكُمْ يَعْقُوبَ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ عُهُودَ اللَّهِ وَمَوَاثِيقَهُ‏:‏ لَنَأْتِيَنَّهُ بِهِمْ جَمِيعًا، إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ ‏{‏وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ‏}‏، وَمِنْ قَبْلِ فِعْلَتِكُمْ هَذِهِ، تَفْرِيطُكُمْ فِي يُوسُفَ‏.‏ يَقُولُ‏:‏ أَوَلَمْ تَعْلَمُوا مِنْ قَبْلِ هَذَا تَفْرِيطَكُمْ فِي يُوسُفَ‏؟‏ وَإِذَا صُرِفَ تَأْوِيلُ الْكَلَامِ إِلَى هَذَا الَّذِي قُلْنَاهُ، كَانَتْ “ مَا “ حِينَئِذٍ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ‏.‏

وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ‏}‏ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ‏}‏ خَبَرًا مُتَنَاهِيًا فَتَكُونُ “ مَا “ حِينَئِذٍ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ، كَأَنَّهُ قِيلَ‏:‏ “ وَمِنْ قَبْلِ هَذَا تَفْرِيطُكُمْ فِي يُوسُفَ “ فَتَكُونُ “ مَا “ مَرْفُوعَةً بِـ “ مِنْ “ قَبْلُ‏.‏

هَذَا وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ “ مَا “ الَّتِي هِيَ صِلَةٌ فِي الْكَلَامِ، فَيَكُونُ تَأْوِيلُ الْكَلَامِ‏:‏ وَمِنْ قَبْلِ هَذَا فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ‏}‏ الَّتِي أَنَا بِهَا، وَهِيَ مِصْرُ فَأُفَارِقُهَا ‏{‏حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي‏}‏ بِالْخُرُوجِ مِنْهَا، كَمَا‏:‏-

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ‏:‏ ‏{‏فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ‏}‏ الَّتِي أَنَا بِهَا الْيَوْمَ ‏{‏حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي‏}‏، بِالْخُرُوجِ مِنْهَا‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ‏:‏ قَالَ شَمْعُونُ‏:‏ ‏{‏فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ‏}‏‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي‏}‏، أَوْ يَقْضِيَ لِي رَبِّي بِالْخُرُوجِ مِنْهَا وَتَرْكِ أَخِي بِنْيَامِينَ، وَإِلَّا فَإِنِّي غَيْرُ خَارِجٍ ‏{‏وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ‏}‏، يَقُولُ‏:‏ وَاللَّهُ خَيْرُ مَنْ حَكَمَ، وَأَعْدَلُ مَنْ فَصَلَ بَيْنَ النَّاسِ‏.‏

وَكَانَ أَبُو صَالِحٍ يَقُولُ فِي ذَلِكَ بِمَا‏:‏-

حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ يَزِيدَ السُّبَيْعِيُّ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي‏}‏ قَالَ‏:‏ بِالسَّيْفِ‏.‏

وَكَأَنَّ أَبَا صَالِحٍ وَجَّهَ تَأْوِيلَ قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي‏}‏، إِلَى‏:‏ أَوْ يَقْضِيَ اللَّهُ لِي بِحَرْبِ مَنْ مَنَعَنِي مِنَ الِانْصِرَافِ بِأَخِي بِنْيَامِينَ إِلَى أَبِيهِ يَعْقُوبَ، فَأُحَارِبُهُ‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏81‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏ارْجِعُوا إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَوَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ‏}‏‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ، مُخْبِرًا عَنْ قِيلِ رُوبِيلَ لِإِخْوَتِهِ، حِينَ أَخَذَ يُوسُفُ أَخَاهُ بِالصُّوَاعِ الَّذِي اسْتُخْرِجَ مِنْ وِعَائِهِ‏:‏ ارْجِعُوا، إِخْوَتِي، إِلَى أَبِيكُمْ يَعْقُوبَ فَقُولُوا لَهُ يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ بِنْيَامِينَ سَرَقَ‏.‏

وَالْقَرَأَةُ عَلَى قِرَاءَةِ هَذَا الْحَرْفِ بِفَتْحِ السِّينِ وَالرَّاءِ وَالتَّخْفِيفِ‏:‏ ‏{‏إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ‏}‏‏.‏

وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏:‏ “ إِنَّ ابْنَكَ سُرِّقَ “ بِضَمِّ السِّينِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ، عَلَى وَجْهِ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، بِمَعْنَى‏:‏ أَنَّهُ سَرَقَ ‏{‏وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا‏}‏‏.‏

وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ‏.‏

فَقَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ مَعْنَاهُ‏:‏ وَمَا قُلْنَا إِنَّهُ سَرَقَ إِلَّا بِظَاهِرِ عِلْمِنَا بِأَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ، لِأَنَّ صُوَاعَ الْمَلِكِ أُصِيبَ فِي وِعَائِهِ دُونَ أَوْعِيَةِ غَيْرِهِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ‏:‏ ‏{‏ارْجِعُوا إِلَى أَبِيكُمْ‏}‏ فَإِنِّي مَا كُنْتُ رَاجِعًا حَتَّى يَأْتِيَنِي أَمْرُهُ ‏{‏فَقُولُوا يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا‏}‏، أَيْ‏:‏ قَدْ وُجِدَتِ السَّرِقَةُ فِي رَحْلِهِ، وَنَحْنُ نَنْظُرُ لَا عِلْمَ لَنَا بِالْغَيْبِ ‏{‏وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ‏}‏‏.‏

وَقَالَ آخَرُونَ‏:‏ بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ‏:‏ وَمَا شَهِدْنَا عِنْدَ يُوسُفَ بِأَنَّ السَّارِقَ يُؤْخَذُ بِسَرِقَتِهِ إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ‏:‏ قَالَ ابْنُ زَيْدٍ‏:‏ قَالَ لَهُمْ يَعْقُوبُ عَلَيْهِ السَّلَامُ‏:‏ مَا يَدْرِي هَذَا الرَّجُلُ أَنَّ السَّارِقَ يُؤْخَذُ بِسَرِقَتِهِ إِلَّا بِقَوْلِكُمْ‏!‏ فَقَالُوا‏:‏ ‏{‏مَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا‏}‏، لَمْ نَشْهَدْ أَنَّ السَّارِقَ يُؤْخَذُ بِسَرِقَتِهِ إِلَّا وَذَلِكَ الَّذِي عَلِمْنَا‏.‏ قَالَ‏:‏ وَكَانَ الْحُكْمُ عِنْدَ الْأَنْبِيَاءِ، يَعْقُوبَ وَبَنِيهِ أَنْ يُؤْخَذَ السَّارِقُ بِسَرِقَتِهِ عَبْدًا فَيُسْتَرَقَّ‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ‏}‏، يَقُولُ‏:‏ وَمَا كُنَّا نَرَى أَنَّ ابْنَكَ يَسْرِقُ وَيَصِيرُ أَمْرُنَا إِلَى هَذَا، وَإِنَّمَا قُلْنَا ‏{‏وَنَحْفَظُ أَخَانَا‏}‏ مِمَّا لَنَا إِلَى حِفْظِهِ مِنْهُ السَّبِيلُ‏.‏

وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَرِيثِ أَبُو عَمَّارٍ الْمَرْوَزِيُّ‏.‏ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ‏:‏ ‏{‏وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ‏}‏‏.‏ قَالَ‏:‏ مَا كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّ ابْنَكَ يَسْرِقُ‏.‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شَبَّابَةُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ‏}‏، لَمْ نَشْعُرْ أَنَّهُ سَيَسْرِقُ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ‏:‏ ‏{‏وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ‏}‏ قَالَ‏:‏ لَمْ نَشْعُرْ أَنَّهُ سَيَسْرِقُ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ‏:‏ ‏{‏وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ‏}‏ قَالَ‏:‏ لَمْ نَشْعُرْ أَنَّهُ سَيَسْرِقُ‏.‏

حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ وَأَبُو سُفْيَانَ، عَنْ مُعَمِّرٍ، عَنْ قَتَادَةَ‏:‏ ‏{‏وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ‏}‏ قَالَ‏:‏ مَا كُنَّا نَظُنُّ وَلَا نَشْعُرُ أَنَّهُ سَيَسْرِقُ‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ‏:‏ ‏{‏وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ‏}‏ قَالَ‏:‏ مَا كُنَّا نَرَى أَنَّهُ سَيَسْرِقُ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى‏.‏ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مُعَمِّرٍ، عَنْ قَتَادَةَ‏:‏ ‏{‏وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ‏}‏، قَالَ‏:‏ مَا كُنَّا نَظُنُّ أَنَّ ابْنَكَ يَسْرِقُ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ وَأَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ بِالصَّوَابِ عِنْدَنَا فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا‏}‏ قَوْلُ مَنْ قَالَ‏:‏ وَمَا شَهِدْنَا بِأَنَّ ابْنَكَ سَرَقَ إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا مِنْ رُؤْيَتِنَا لِلصُّوَاعِ فِي وِعَائِهِ لِأَنَّهُ عَقيِبُ قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ‏}‏؛ فَهُوَ بِأَنْ يَكُونَ خَبَرًا عَنْ شَهَادَتِهِمْ بِذَلِكَ، أُولَى مِنْ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا عَمَّا هُوَ مُنْفَصِلٌ‏.‏

وَذُكِرَ أَنَّ “ الْغَيْبَ “، فِي لُغَةِ حِمْيَرٍ، هُوَ اللَّيْلُ بِعَيْنِهِ‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏82‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ‏}‏‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ يَقُولُ‏:‏ وَإِنْ كُنْتَ مُتَّهَمًا لَنَا، لَا تُصَدِّقُنَا عَلَى مَا نَقُولُ مِنْ أَنَّ ابْنَكَ سَرَقَ‏:‏ ‏{‏فَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا‏}‏، وَهِيَ مِصْرُ، يَقُولُ‏:‏ سَلْ مَنْ فِيهَا مِنْ أَهْلِهَا ‏{‏وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا‏}‏، وَهِيَ الْقَافِلَةُ الَّتِي كُنَّا فِيهَا، الَّتِي أَقْبَلْنَا مِنْهَا مَعَهَا، عَنْ خَبَرِ ابْنِكَ وَحَقِيقَةِ مَا أَخْبَرْنَاكَ عَنْهُ مِنْ سَرِقِهِ، فَإِنَّكَ تُخْبَرُ مِصْدَاقَ ذَلِكَ ‏{‏وَإِنَّا لَصَادِقُونَ‏}‏ فِيمَا أَخْبَرْنَاكَ مِنْ خَبَرِهِ‏.‏

وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا‏}‏، وَهِيَ مِصْرُ‏.‏

حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ‏:‏ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ‏:‏ ‏{‏وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا‏}‏ قَالَ‏:‏ يَعْنُونَ مِصْرَ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ‏:‏ قَدْ عَرَفَ رُوبِيلُ فِي رَجْعِ قَوْلِهِ لِإِخْوَتِهِ، أَنَّهُمْ أَهْلُ تُهْمَةٍ عِنْدَ أَبِيهِمْ، لِمَا كَانُوا صَنَعُوا فِي يُوسُفَ‏.‏ وَقَوْلُهُمْ لَهُ‏:‏ ‏{‏فَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا‏}‏، فَقَدْ عَلِمُوا مَا عَلِمْنَا وَشَهِدُوا مَا شَهِدْنَا، إِنْ كُنْتَ لَا تُصَدِّقُنَا ‏{‏وَإِنَّا لَصَادِقُونَ‏}‏‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏83‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ‏}‏‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ فِي الْكَلَامِ مَتْرُوكٌ، وَهُوَ‏:‏ فَرَجَعَ إِخْوَةُ بِنْيَامِينَ إِلَى أَبِيهِمْ، وَتَخَلَّفَ رُوبِيلُ، فَأَخْبَرُوهُ خَبَرَهُ، فَلَمَّا أَخْبَرُوهُ أَنَّهُ سَرَقَ قَالَ ‏{‏بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا‏}‏، يَقُولُ‏:‏ بَلْ زَيَّنَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا هَمَمْتُمْ بِهِ وَأَرَدْتُمُوهُ ‏{‏فَصَبْرٌ جَمِيلٌ‏}‏، يَقُولُ‏:‏ فَصَبْرِي عَلَى مَا نَالَنِي مِنْ فَقْدِ وَلَدِي، صَبْرٌ جَمِيلٌ لَا جَزَعَ فِيهِ وَلَا شِكَايَةَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِأَوْلَادِي جَمِيعًا فَيَرُدُّهُمْ عَلَيَّ ‏{‏إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ‏}‏، بِوِحْدَتِي، وَبِفَقْدِهِمْ وَحُزْنِي عَلَيْهِمْ، وَصِدْقِ مَا يَقُولُونَ مِنْ كَذِبِهِ ‏(‏الْحَكِيمُ‏)‏، فِي تَدْبِيرِهِ خَلْقَهُ‏.‏

وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ‏}‏، يَقُولُ‏:‏ زَيَّنَتْ وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا‏}‏ يَقُولُ‏:‏ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ وَرُوبِيلَ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ‏:‏ لَمَّا جَاءُوا بِذَلِكَ إِلَى يَعْقُوبَ، يَعْنِي بِقَوْلِ رُوبِيلَ لَهُمُ، اتَّهَمَهُمْ وَظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ كَفَعْلَتِهِمْ بِيُوسُفَ، ثُمَّ قَالَ‏:‏ ‏{‏بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا‏}‏ أَيْ‏:‏ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ وَرُوبِيلَ‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏84‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِفَهُوَ كَظِيمٌ‏}‏‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ، بِقَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَتَوَلَّى عَنْهُمْ‏}‏، وَأَعْرَضَ عَنْهُمْ يَعْقُوبُ ‏{‏وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ‏}‏، يَعْنِي‏:‏ يَا حَزَنًا عَلَيْهِ‏.‏

يُقَالُ‏:‏ إِنَّ “ الْأَسَفَ “ هُوَ أَشَدُّ الْحُزْنِ وَالتَّنَدُّمِ‏.‏ يُقَالُ مِنْهُ‏:‏ “ أَسِفْتُ عَلَى كَذَا آسَفُ عَلَيْهِ أَسَفًا “‏.‏

يَقُولُ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ‏:‏ وَابْيَضَّتْ عَيْنَا يَعْقُوبَ مِنَ الْحُزْنِ ‏{‏فَهُوَ كَظِيمٌ‏}‏، يَقُولُ‏:‏ فَهُوَ مَكْظُومٌ عَلَى الْحُزْنِ، يَعْنِي أَنَّهُ مَمْلُوءٌ مِنْهُ، مُمْسِكٌ عَلَيْهِ لَا يُبَيِّنُهُ‏.‏

صُرِفَ “ الْمَفْعُولُ “ مِنْهُ إِلَى “ فَعِيلٍ “، وَمِنْهُ قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ‏}‏ ‏[‏سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ‏:‏ 134‏]‏، وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَاهُ بِشَوَاهِدِهِ فِيمَا مَضَى‏.‏

وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ مَا قُلْنَا فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ‏}‏‏:‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ‏:‏ ‏{‏وَتَوَلَّى عَنْهُمْ‏}‏، أَعْرَضَ عَنْهُمْ، وَتَتَامَّ حُزْنُهُ، وَبَلَغَ مَجْهُودُهُ، حِينَ لَحِقَ بِيُوسُفَ أَخُوهُ، وَهَيَّجَ عَلَيْهِ حُزْنَهُ عَلَى يُوسُفَ، فَقَالَ‏:‏ ‏{‏يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ‏}‏‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي عَمِّي قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ‏}‏، يَقُولُ‏:‏ يَا حُزْنِي عَلَى يُوسُفَ‏.‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شَبَّابَةُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ‏}‏، يَا حَزَنَا‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ‏:‏ ‏{‏يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ‏}‏، يَا جَزَعَاهُ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ‏:‏ ‏{‏يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ‏}‏، يَا جَزَعَاهُ حُزْنًا‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا إِسْحَاقَ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ‏:‏ ‏{‏يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ‏}‏، يَا جَزَعَى‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ‏}‏ أَيْ‏:‏ حَزَنَاهُ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مُعَمِّرٍ، عَنْ قَتَادَةَ‏:‏ ‏{‏يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ‏}‏، قَالَ‏:‏ يَا حُزْنَاهُ عَلَى يُوسُفَ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الْمَعْمَرِيُّ، عَنْ مُعَمِّرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، نَحْوَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ‏:‏ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ‏:‏ ‏{‏يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ‏}‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ أَبِي حُجَيْرَة، عَنِ الضَّحَاكِ‏:‏ ‏{‏يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ‏}‏، قَالَ‏:‏ يَا حَزَنَا عَلَى يُوسُفَ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمْرٌو، عَنْ أَبِي مَرْزُوقٍ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَاكِ‏:‏ ‏{‏يَا أَسَفَى‏}‏، يَا حَزَنَاهُ‏.‏

حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا جُوَيْبِرٌ، عَنِ الضَّحَاكِ‏:‏ ‏{‏يَا أَسَفَى‏}‏ يَا حُزْنًا ‏{‏عَلَى يُوسُفَ‏}‏‏.‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ الْعُصْفُرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ‏:‏ لَمْ يُعْطَ أَحَدٌ غَيْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ الِاسْتِرْجَاعَ، أَلَا تَسْمَعُونَ إِلَى قَوْلِ يَعْقُوبَ‏:‏ ‏{‏يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ‏}‏‏؟‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، نَحْوَهُ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ مَا قُلْنَا فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ‏}‏‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ‏:‏ ‏{‏فَهُوَ كَظِيمٌ‏}‏، قَالَ‏:‏ كَظِيمُ الْحُزْنِ‏.‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شَبَّابَةُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ‏:‏ ‏{‏فَهُوَ كَظِيمٌ‏}‏، قَالَ‏:‏ كَظِيمُ الْحُزْنِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، نَحْوَهُ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ‏:‏ ‏{‏فَهُوَ كَظِيمٌ‏}‏، قَالَ‏:‏ الْحُزْنُ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شِبْلٌ، عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ‏:‏ ‏{‏فَهُوَ كَظِيمٌ‏}‏، مَكْمُودٌ‏.‏

حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ‏:‏ ‏{‏فَهُوَ كَظِيمٌ‏}‏، قَالَ‏:‏ كَظِيمٌ عَلَى الْحُزْنِ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَاكِ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏فَهُوَ كَظِيمٌ‏}‏، قَالَ‏:‏ “ الْكَظِيمُ “، الْكَمِيدُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَاكِ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏فَهُوَ كَظِيمٌ‏}‏، قَالَ‏:‏ كَمِيدٌ‏.‏

حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا جُوَيْبِرٌ، عَنِ الضَّحَاكِ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏(‏كَظِيمٌ‏)‏، قَالَ‏:‏ كَمِيدٌ‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ‏:‏ ‏{‏وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ‏}‏، يَقُولُ‏:‏ تَرَدَّدَ حُزْنُهُ فِي جَوْفِهِ، وَلَمْ يَتَكَلَّمْ بِسُوءٍ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مُعَمِّرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏فَهُوَ كَظِيمٌ‏}‏، قَالَ‏:‏ كَظِيمٌ عَلَى الْحُزْنِ، فَلَمْ يَقُلْ بَأْسًا‏.‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكَ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا مُعَمِّرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ‏}‏ قَالَ‏:‏ كَظِيمٌ عَلَى الْحُزْنِ فَلَمْ يَقُلْ إِلَّا خَيْرًا‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَمَانِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ زَرِيعٍ، عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ‏:‏ ‏{‏فَهُوَ كَظِيمٌ‏}‏ قَالَ‏:‏ مَكْرُوبٌ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمْرٌو، عَنْ أَسْبَاطَ، عَنِ السُّدِّىِّ‏:‏ ‏{‏فَهُوَ كَظِيمٌ‏}‏ قَالَ‏:‏ مِنَ الْغَيْظِ‏.‏

حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ‏:‏ قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ‏}‏، قَالَ‏:‏ “ الْكَظِيمُ “ الَّذِي لَا يتكَّلمُ، بَلَغَ بِهِ الْحُزْنُ حَتَّى كَانَ لَا يُكَلِّمُهُمْ‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏85‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ‏}‏‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ قَالَ وَلَدُ يَعْقُوبَ الَّذِينَ انْصَرَفُوا إِلَيْهِ مِنْ مِصْرَ لَهُ، حِينَ قَالَ‏:‏ ‏{‏يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ‏}‏‏:‏ تَاللَّهِ لَا تَزَالُ تَذْكُرُ يُوسُفَ‏.‏

وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ‏:‏ ‏(‏تَفْتَأُ‏)‏ تَفْتُرُ مِنْ حُبِّهِ‏.‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شَبَّابَةُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ‏:‏ ‏(‏تَفْتَأُ‏)‏، تَفْتُرُ مِنْ حُبِّهِ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏

هَكَذَا قَالَ الْحَسَنُ فِي حَدِيثِهِ، وَهُوَ غَلَطٌ، إِنَّمَا هُوَ‏:‏ تَفْتُرُ مِنْ حُبِّهِ، تَزَالُ تَذْكُرُ يُوسُفَ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ‏:‏ ‏{‏قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ‏}‏ قَالَ‏:‏ لَا تَفْتُرُ مِنْ حُبِّهِ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ‏:‏ ‏(‏تَفْتَأُ‏)‏‏:‏ تَفْتُرُ مِنْ حُبِّهِ‏.‏

قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ‏}‏، قَالَ‏:‏ لَا تَزَالُ تَذْكُرُ يُوسُفَ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏:‏ ‏{‏قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ‏}‏ قَالَ‏:‏ لَا تَزَالُ تَذْكُرُ يُوسُفَ‏.‏ قَالَ‏:‏ لَا تَفْتُرُ مِنْ حُبِّهِ‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ‏}‏ قَالَ‏:‏ لَا تَزَالُ تَذْكُرُ يُوسُفَ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مُعَمِّرٍ، عَنْ قَتَادَةَ‏:‏ ‏{‏تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ‏}‏ قَالَ‏:‏ لَا تَزَالُ تَذْكُرُ يُوسُفَ‏.‏

يُقَالُ مِنْهُ‏:‏ “ مَا فَتِئْتُ أَقُولُ ذَاكَ “، “ وَمَا فَتَأْتُ “ لُغَةٌ، “ أفْتِئُ وأفْتَأُ فَتأً وفُتوُءًا “‏.‏ وَحُكِيَ أَيْضًا‏:‏ “ مَا أَفْتَأْتُ بِهِ “، وَمِنْهُ قَوْلُ أَوْسِ بْنِ حَجَرٍ‏:‏

فَمَـا فَتِئَـتْ حَـتَّى كـأَنَّ غُبَارَهَـا *** سُـرَادِقُ يَـوْمٍ ذِي رِيَـاحٍ تَـرَفَّعُ

وَقَوْلُهُ الْآخَرَ

فَمَـا فَتِئَـتْ خَـيْلٌ تَثُـوبُ وَتَـدَّعِي *** وَيَلْحَـقُ مِنْهَـا لَاحِـقٌ وتَقَطَّـعُ

بِمَعْنَى‏:‏ فَمَا زَالَتْ‏.‏

وَحُذِفَتْ “ لَا “ مِنْ قَوْلِهِ‏:‏ ‏(‏تَفْتَأُ‏)‏ وَهِيَ مُرَادَّةٌ فِي الْكَلَامِ، لِأَنَّ الْيَمِينَ إِذَا كَانَ مَا بَعْدَهَا خَبَرًا لَمْ يَصْحَبْهَا الْجَحْدُ، وَلَمْ تَسْقُطِ “ اللَّامُ “ الَّتِي يُجَابُ بِهَا الْأَيْمَانُ، وَذَلِكَ كَقَوْلِ الْقَائِلِ‏:‏ “ وَاللَّهِ لَآتِيَنَّكَ “، وَإِذَا كَانَ مَا بَعْدَهَا مَجْحُودًا تُلُقِّيَتْ بِـ “ مَا “ أَوْ بِـ “ لَا “‏.‏ فَلَمَّا عُرِفَ مَوْقِعُهَا حُذِفَتْ مِنَ الْكَلَامِ، لِمَعْرِفَةِ السَّامِعِ بِمَعْنَى الْكَلَامِ، وَمِنْهُ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ‏:‏

فَقُلْـتُ يَمِيـنَ اللـهِ أبْـرَحُ قَـاعِدًا *** وَلَـوْ قَطَّعُـوا رَأْسِـي لَدَيْكِ وَأَوْصَالِي

فَحُذِفَتْ “ لَا “ مِنْ قَوْلِهِ‏:‏ “ أَبْرَحُ قَاعِدًا “، لِمَا ذَكَرْتُ مِنَ الْعِلَّةِ، كَمَا قَالَ الْآخَرُ‏:‏

فَـلَا وأَبِـي دَهْمَـاءَ زَالَـتْ عَزِيـزَةً *** عَـلَى قَوْمِهَـا مَـا فَتَّـلَ الزَّنْـدَ قَادِحُ

يُرِيدُ‏:‏ لَا زَالَتْ‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا‏}‏ يَقُولُ‏:‏ حَتَّى تَكُونَ دَنِفَ الْجِسْمِ مَخْبُولَ الْعَقْلِ‏.‏

وَأَصْلُ الْحَرَضِ‏:‏ الْفَسَادُ فِي الْجِسْمِ وَالْعَقْلِ مِنَ الْحُزْنِ أَوْ الْعِشْقِ، وَمِنْهُ قَوْلُ الْعَرْجِيِّ‏:‏

إنِّـي امْـرُؤٌ لَـجَّ بِي حُبٌّ فَأَحْرَضَنِي *** حَـتَّى بَلِيـتُ وحَـتَّى شَـفَّنِي السَّـقَمُ

يَعْنِي بِقَوْلِهِ‏:‏ “ فَأَحْرَضَنِي “، أَذَابَنِي فَتَرَكَنِي مُحْرَضًا‏.‏ يُقَالُ مِنْهُ‏:‏ “ رَجُلٌ حَرَضٌ، وَامْرَأَةٌ حَرَضٌ، وَقَوْمٌ حَرَضٌ، وَرَجُلَانِ حَرَضٌ “، عَلَى صُورَةٍ وَاحِدَةٍ لِلْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ، وَفِي التَّثْنِيَةِ وَالْجَمْعِ‏.‏ وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ لِلذَّكَرِ‏:‏ “ حَارِضٌ “، وَلِلْأُنْثَى “ حَارِضَةٌ “‏.‏ فَإِذَا وُصِفَ بِهَذَا اللَّفْظِ ثُنِّيَ وَجُمِعَ، وَذُكِّرَ وَأُنِّثَ وَوُحِّدَ “ حَرَضٌ “ بِكُلِّ حَالٍ وَلَمْ يَدْخُلْهُ التَّأْنِيثُ، لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ، فَإِذَا أُخْرِجَ عَلَى “ فَاعِلٍ “ عَلَى تَقْدِيرِ الْأَسْمَاءِ، لَزِمَهُ مَا يَلْزَمُ الْأَسْمَاءَ مِنَ التَّثْنِيَةِ وَالْجَمْعِ وَالتَّذْكِيرِ وَالتَّأْنِيثِ‏.‏ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ سَمَاعًا‏:‏ “ رَجُلٌ مُحْرَضٌ “، إِذَا كَانَ وَجِعًا، وَأَنْشَدَ فِي ذَلِكَ بَيْتًا‏:‏

طَلَبَتْـهُ الخَـيْلُ يَوْمًـا كَـامِلًا *** وَلَـوَ الْفَتْـهُ لْأَضْحَـى مُحْرَضَـا

وَذُكِرَ أَنَّ مِنْهُ قَوْلَ امْرِئِ الْقَيْسِ‏:‏

أَرَى المَـرْءَ ذَا الْأَذْوَادِ يُصْبِحُ مُحْرَضًا *** كَـإِحْرَاضِ بَكْـرٍ فـي الدِّيَـارِ مَرِيضِ

وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي عَمِّي قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا‏}‏ يَعْنِي‏:‏ الْجَهْدَ فِي الْمَرَضِ، الْبَالِي‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ‏:‏ ‏{‏حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا‏}‏ قَالَ‏:‏ دُونَ الْمَوْتِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ‏:‏ ‏{‏حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا‏}‏ قَالَ‏:‏ الْحَرَضُ، مَا دُونُ الْمَوْتِ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شَبَّابَةُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ‏:‏ ‏{‏حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا‏}‏ حَتَّى تَبْلَى أَوْ تَهْرَمَ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مُعَمِّرٍ، عَنْ قَتَادَةَ‏:‏ ‏{‏حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا‏}‏ حَتَّى تَكُونَ هَرِمًا‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمْرٌو، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْهُذَلِيِّ، عَنِ الْحَسَنِِ‏:‏ ‏{‏حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا‏}‏ قَالَ‏:‏ هَرِمًا‏.‏

حَدَّثَنَا الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَاكِ قَالَ‏:‏ “ الْحَرَضُ “، الشَّيْءُ الْبَالِي‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَاكِ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا‏}‏ قَالَ‏:‏ الْحَرَضُ‏:‏ الشَّيْءُ الْبَالِي الْفَانِي‏.‏

قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُوِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ أَبِي مُعَاذٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنِ الضَّحَاكِ‏:‏ ‏{‏حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا‏}‏ “ الْحَرَضُ “ الْبَالِي‏.‏

حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَرَجِ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ الضَّحَاكِ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا‏}‏‏:‏ هُوَ الْبَالِي الْمُدْبِرُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمْرٌو، عَنْ أَسْبَاطَ، عَنِ السُّدِّيِّ‏:‏ ‏{‏حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا‏}‏ بَالِيًا‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ‏:‏ لَمَّا ذَكَرَ يَعْقُوبُ يُوسُفَ قَالُوا يَعْنِي وَلَدَهُ الَّذِينَ حَضَرُوهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، جَهْلًا وَظُلْمًا‏:‏ ‏{‏تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا‏}‏ أَيْ‏:‏ تَكُونَ فَاسِدًا لَا عَقْلَ لَكَ ‏{‏أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ‏}‏‏.‏

حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ‏:‏ قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ‏}‏، قَالَ‏:‏ “ الْحَرَضُ‏:‏ “ الَّذِي قَدْ رُدَّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمْرِ حَتَّى لَا يَعْقِلَ، أَوْ يَهْلَكَ، فَيَكُونَ هَالِكًا قَبْلَ ذَلِكَ‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ‏}‏، يَقُولُ‏:‏ أَوْ تَكُونَ مِمَّنْ هَلَكَ بِالْمَوْتِ‏.‏

وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ‏:‏ ‏{‏أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ‏}‏ قَالَ‏:‏ الْمَوْتُ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ‏:‏ ‏{‏أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ‏}‏ مِنَ الْمَيِّتِينَ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، ‏{‏أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ‏}‏ قَالَ‏:‏ الْمَيِّتِينَ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَاكِ، مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْهُذَلِيِّ، عَنِ الْحَسَنِِ‏:‏ ‏{‏أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ‏}‏، قَالَ‏:‏ الْمَيِّتِينَ‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ‏:‏ ‏{‏أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ‏}‏، قَالَ‏:‏ أَوْ تَمُوتَ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مُعَمِّرٍ، عَنْ قَتَادَةَ‏:‏ ‏{‏أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ‏}‏ قَالَ‏:‏ مِنَ الْمَيِّتِينَ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمْرٌو، عَنْ أَسْبَاطَ، عَنِ السُّدِّيِّ‏:‏ ‏{‏أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ‏}‏ قَالَ‏:‏ الْمَيِّتِينَ‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏86‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ‏}‏‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ قَالَ يَعْقُوبُ لِلْقَائِلِينَ لَهُ مِنْ وَلَدِهِ‏:‏ ‏{‏تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ‏}‏‏:‏ لَسْتُ إِلَيْكُمْ أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي، وَإِنَّمَا أَشْكُو ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ‏.‏

وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي‏}‏، مَا أَشْكُو هَمِّي وَحُزْنِي إِلَّا إِلَى اللَّهِ‏.‏

وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ‏:‏ ‏{‏إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي‏}‏، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ‏:‏ “ بَثِّي “، هَمِّي‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ‏:‏ قَالَ يَعْقُوبُ عَنْ عِلْمٍ بِاللَّهِ‏:‏ ‏{‏إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ‏}‏، لَمَّا رَأَى مِنْ فَظَاظَتِهِمْ وَغِلْظَتِهِمْ وَسُوءِ لَفْظِهِمْ لَهُ‏:‏ لَمْ أَشْكُ ذَلِكَ إِلَيْكُمْ ‏{‏وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ‏}‏‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عَوْفٍ، عَنِ الْحَسَنِِ‏:‏ ‏{‏إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ‏}‏ قَالَ‏:‏ حَاجَتِي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ‏.‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنِ الْحَسَنِِ، مِثْلَهُ‏.‏

وَقِيلَ‏:‏ إِنَّ “ الْبَثَّ “، أَشَدُّ الْحُزْنِ، وَهُوَ عِنْدِي مِنْ‏:‏ “ بَثَّ الْحَدِيثِ “، وَإِنَّمَا يُرَادُ مِنْهُ‏:‏ إِنَّمَا أَشْكُو خَبَرِي الَّذِي أَنَا فِيهِ مِنَ الْهَمِّ، وَأَبُثُّ حَدِيثِي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَوْفٍ، عَنِ الْحَسَنِِ، ‏{‏إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي‏}‏، قَالَ‏:‏ حُزْنِي‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَوْفٍ، عَنِ الْحَسَنِِ‏:‏ ‏{‏إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي‏}‏، قَالَ‏:‏ حَاجَتِي‏.‏

وَأَمَّا قَوْلُهُ ‏{‏وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ‏}‏ فَإِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يَقُولُ فِي ذَلِكَ فِيمَا ذُكِرَ عَنْهُ مَا‏:‏-

حَدَّثَنِي بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي عَمِّي قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ‏}‏ يَقُولُ‏:‏ أَعْلَمُ أَنَّ رُؤْيَا يُوسُفَ صَادِقَةٌ، وَأَنِّي سَأَسْجُدُ لَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمْرٌو، عَنْ أَسْبَاطَ، عَنِ السُّدِّيِّ قَالَ‏:‏ ‏{‏إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ‏}‏، قَالَ‏:‏ لَمَّا أَخْبَرُوهُ بِدُعَاءِ الْمَلِكِ، أَحَسَّتْ نَفْسُ يَعْقُوبَ وَقَالَ‏:‏ مَا يَكُونُ فِي الْأَرْضِ صِدِّيقٌ إِلَّا نَبِيٌّ‏!‏ فَطَمِعَ قَالَ‏:‏ لَعَلَّهُ يُوسُفُ‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ‏:‏ ‏{‏قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ‏}‏ الْآيَةَ، ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ يَعْقُوبَ لَمْ يَنْـزِلْ بِهِ بَلَاءٌ قَطُّ إِلَّا أَتَى حُسْنُ ظَنِّهِ بِاللَّهِ مِنْ وَرَائِهِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَكَّامٌ، عَنْ عِيسَى بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الْحَسَنِِ قَالَ‏:‏ قِيلَ‏:‏ مَا بَلَغَ وَجْدُ يَعْقُوبَ عَلَى ابْنِهِ‏؟‏ قَالَ‏:‏ وَجْدَ سَبْعِينَ ثَكْلَى‏!‏‏.‏ قَالَ‏:‏ فَمَا كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ‏؟‏ قَالَ‏:‏ أَجْرُ مِئَةِ شَهِيدٍ‏.‏ قَالَ‏:‏ وَمَا سَاءَ ظَنُّهُ بِاللَّهِ سَاعَةً مِنْ لَيْلٍ وَلَا نَهَارٍ‏.‏

حَدَّثَنَا بِهِ ابْنُ حُمَيْدٍ مَرَّةً أُخْرَى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَكَّامٌ، عَنْ أَبِي مُعَاذٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ الْمُبَارَكِ بْنِ مُجَاهِدٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَزْدِ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ الْإِيَامِيِّ قَالَ‏:‏ ثَلَاثَةٌ لَا تَذْكُرْهُنَّ وَاجْتَنِبْ ذِكْرَهُنَّ‏:‏ لَا تَشْكُ مَرَضَكَ، وَلَا تَشْكُ مُصِيبَتَكَ، وَلَا تُزَكِّ نَفْسَكَ‏.‏ قَالَ‏:‏ وَأُنْبِئْتُ أَنَّ يَعْقُوبَ بْنَ إِسْحَاقَ دَخَلَ عَلَيْهِ جَارٌ لَهُ، فَقَالَ لَهُ‏:‏ يَا يَعْقُوبُ مَا لِي أَرَاكَ قَدِ انْهَشَمْتَ وَفَنِيتَ، وَلَمْ تَبْلُغْ مِنَ السِّنِّ مَا بَلَغَ أَبُوكَ‏؟‏ قَالَ‏:‏ هَشَمَنِي وَأَفْنَانِي مَا ابْتَلَانِي اللَّهُ بِهِ مِنْ هَمِّ يُوسُفَ وَذِكْرِهِ‏!‏ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ‏:‏ يَا يَعْقُوبُ أَتَشْكُونِي إِلَى خَلْقِي‏؟‏ فَقَالَ‏:‏ يَا رَبِّ خَطِيئَةٌ أَخْطَأْتُهَا، فَاغْفِرْهَا لِي‏!‏ قَالَ‏:‏ فَإِنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَكَ‏.‏ وَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا سُئِلَ قَالَ‏:‏ ‏{‏إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ‏}‏‏.‏

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي مُؤَمِّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ‏:‏ بَلَغَنِي أَنَّ يَعْقُوبَ كَبِرَ حَتَّى سَقَطَ حَاجِبَاهُ عَلَى وَجْنَتَيْهِ، فَكَانَ يَرْفَعُهُمَا بِخِرْقَةٍ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ‏:‏ مَا بَلَغَ بِكَ مَا أَرَى‏؟‏ قَالَ‏:‏ طُولُ الزَّمَانِ وَكَثْرَةُ الْأَحْزَانِ‏.‏ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ‏:‏ يَا يَعْقُوبُ تَشْكُونِي‏؟‏ قَالَ‏:‏ خَطِيئَةٌ فَاغْفِرْهَا‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ‏:‏ دَخَلَ يَعْقُوبُ عَلَى فِرْعَوْنَ وَقَدْ سَقَطَ حَاجِبَاهُ عَلَى عَيْنَيْهِ، فَقَالَ‏:‏ مَا بَلَغَ بِكَ هَذَا يَا إِبْرَاهِيمُ‏؟‏ فَقَالُوا‏:‏ إِنَّهُ يَعْقُوبُ، فَقَالَ‏:‏ مَا بَلَغَ بِكَ هَذَا يَا يَعْقُوبُ‏؟‏ قَالَ‏:‏ طُولُ الزَّمَانِ وَكَثْرَةُ الْأَحْزَانِ‏.‏ فَقَالَ اللَّهُ‏:‏ يَا يَعْقُوبُ أَتَشْكُونِي‏؟‏ فَقَالَ‏:‏ يَا رَبِّ خَطِيئَةٌ أَخْطَأْتُهَا، فَاغْفِرْهَا لِي‏.‏

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سَلِيمٍ قَالَ‏:‏ دَخَلَ جِبْرِيلُ عَلَى يُوسُفَ السِّجْنَ، فَعَرَفَهُ، فَقَالَ‏:‏ أَيُّهَا الْمَلَكُ الْحَسَنُ وَجْهُهُ، الطَّيِّبَةُ رِيحُهُ، الْكَرِيمُ عَلَى رَبِّهِ، أَلَا تُخْبِرَنِي عَنْ يَعْقُوبَ أَحَيٌّ هُوَ‏؟‏ قَالَ‏:‏ نَعَمْ‏.‏ قَالَ‏:‏ أَيُّهَا الْمَلَكُ الْحَسَنُ وَجْهُهُ، الطَّيِّبَةُ رِيحُهُ، الْكَرِيمُ عَلَى رَبِّهِ، فَمَا بَلَغَ مِنْ حُزْنِهِ‏؟‏ قَالَ‏:‏ حُزْنُ سَبْعِينَ مُثْكَلَةً‏.‏ قَالَ‏:‏ أَيُّهَا الْمَلَكُ الْحَسَنُ وَجْهُهُ، الطَّيِّبَةُ رِيحُهُ، الْكَرِيمُ عَلَى رَبِّهِ، فَهَلْ فِي ذَلِكَ مِنْ أَجْرٍ‏؟‏ قَالَ‏:‏ أَجْرُ مِئَةِ شَهِيدٍ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سَلِيمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ‏:‏ حُدِّثْتُ أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَى يُوسُفَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِمِصْرَ فِي صُورَةِ رَجُلٍ، فَلَمَّا رَآهُ يُوسُفُ عَرَفَهُ، فَقَامَ إِلَيْهِ فَقَالَ‏:‏ أَيُّهَا الْمَلَكُ الطَّيِّبُ رِيحُهُ، الطَّاهِرُ ثِيَابُهُ، الْكَرِيمُ عَلَى رَبِّهِ، هَلْ لَكَ بِيَعْقُوبَ مِنْ عِلْمٍ‏؟‏ قَالَ‏:‏ نَعَمْ‏!‏ قَالَ‏:‏ أَيُّهَا الْمَلَكُ الطَّاهِرُ ثِيَابُهُ، الْكَرِيمُ عَلَى رَبِّهِ، فَكَيْفَ هُوَ‏؟‏ قَالَ‏:‏ ذَهَبَ بَصَرُهُ‏.‏ قَالَ‏:‏ أَيُّهَا الْمَلَكُ الطَّاهِرُ ثِيَابُهُ، الْكَرِيمُ عَلَى رَبِّهِ، وَمَا الَّذِي أَذْهَبَ بَصَرَهُ‏؟‏ قَالَ‏:‏ الْحُزْنُ عَلَيْكَ‏.‏ قَالَ‏:‏ أَيُّهَا الْمَلَكُ الطَّيِّبُ رِيحُهُ، الطَّاهِرُ ثِيَابُهُ، الْكَرِيمُ عَلَى رَبِّهِ، فَمَا أُعْطِيَ عَلَى ذَلِكَ‏؟‏ قَالَ‏:‏ أَجْرُ سَبْعِينَ شَهِيدًا‏.‏

حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ‏:‏ قَالَ أَبُو شُرَيْحٍ‏:‏ سَمِعْتُ مَنْ يُحَدِّثُ أَنَّ يُوسُفَ سَأَلَ جِبْرِيلَ‏:‏ مَا بَلَغَ مِنْ حُزْنِ يَعْقُوبَ‏؟‏ قَالَ‏:‏ حُزْنُ سَبْعِينَ ثَكْلَى‏.‏ قَالَ‏:‏ فَمَا بَلَغَ أَجْرُهُ‏؟‏ قَالَ‏:‏ أَجْرُ سَبْعِينَ شَهِيدًا‏.‏

قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ‏:‏ دَخَلَ جِبْرِيلُ عَلَى يُوسُفَ فِي الْبِئْرِ أَوْ فِي السَّجْنِ، فَقَالَ لَهُ يُوسُفُ‏:‏ يَا جِبْرِيلُ، مَا بَلَغَ حُزْنُ أَبِي‏؟‏ قَالَ‏:‏ حُزْنُ سَبْعِينَ ثَكْلَى‏.‏ قَالَ‏:‏ فَمَا بَلَغَ أَجْرُهُ مِنَ اللَّهِ‏؟‏ قَالَ‏:‏ أَجْرُ مِئَةِ شَهِيدٍ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ مَعْقِلٍ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ يَقُولُ‏:‏ أَتَى جِبْرِيلُ يُوسُفَ بِالْبُشْرَى وَهُوَ فِي السِّجْنِ‏.‏ فَقَالَ‏:‏ هَلْ تَعْرِفُنِي أَيُّهَا الصِّدِّيقُ‏؟‏ قَالَ‏:‏ أَرَى صُورَةً طَاهِرَةً وَرُوحًا طَيِّبَةً لَا تُشْبِهُ أَرْوَاحَ الْخَاطِئِينَ‏.‏ قَالَ‏:‏ فَإِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَنَا الرُّوحُ الْأَمِينُ‏.‏ قَالَ‏:‏ فَمَا الَّذِي أَدْخَلَكَ عَلَى مُدْخَلِ الْمُذْنِبِينَ، وَأَنْتَ أَطْيَبُ الطَّيِّبِينَ، وَرَأْسُ الْمُقَرَّبِينَ، وَأَمِينُ رَبِّ الْعَالَمِينَ‏؟‏ قَالَ‏:‏ أَلَمْ تَعْلَمْ يَا يُوسُفُ أَنَّ اللَّهَ يُطَهِّرُ الْبُيُوتَ بِطُهْرِ النَّبِيِّينَ، وَأَنَّ الْأَرْضَ الَّتِي يَدْخُلُونَهَا هِيَ أَطْهَرُ الْأَرَضِينَ، وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ طَهَّرَ بِكَ السِّجْنَ وَمَا حَوْلَهُ يَا أَطْهَرَ الطَّاهِرِينَ وَابْنَ الْمُطَهَّرِينَ‏؟‏ إِنَّمَا يُتَطَهَّرُ بِفَضْلِ طُهْرِكَ وَطُهْرِ آبَائِكَ الصَّالِحِينَ الْمُخْلَصِينَ‏!‏ قَالَ‏:‏ كَيْفَ لِي بِاسْمِ الصِّدِّيقِينَ، وَتَعُدُّنِي مِنَ الْمُخْلِصِينَ، وَقَدْ أُدْخِلْتُ مُدْخَلَ الْمُذْنِبِينَ، وَسُمِّيتُ فِي الضَّالِّينَ الْمُفْسِدِينَ‏؟‏ قَالَ‏:‏ لَمْ يُفْتَتَنْ قَلْبُكَ، وَلَمْ تُطِعْ سَيِّدَتَكَ فِي مَعْصِيَةِ رَبِّكَ، وَلِذَلِكَ سَمَّاكَ اللَّهُ فِي الصَّدِيقِينَ، وَعَدَّكَ مِنَ الْمُخْلَصِينَ، وَأَلْحَقَكَ بِآبَائِكَ الصَّالِحِينَ‏.‏ قَالَ‏:‏ لَكَ عِلْمٌ بِيَعْقُوبَ أَيُّهَا الرُّوحُ الْأَمِينُ‏؟‏ قَالَ‏:‏ نَعَمْ، وَهَبَهُ اللَّهُ الصَّبْرَ الْجَمِيلَ، وَابْتَلَاهُ بِالْحُزْنِ عَلَيْكَ، فَهُوَ كَظِيمٌ‏.‏ قَالَ‏:‏ فَمَا قَدْرُ حُزْنِهِ‏؟‏ قَالَ‏:‏ حُزْنُ سَبْعِينَ ثَكْلَى‏.‏ قَالَ‏:‏ فَمَاذَا لَهُ مِنَ الْأَجْرِ يَا جِبْرِيلُ‏؟‏ قَالَ‏:‏ قَدْرُ مِئَةِ شَهِيدٍ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ قَالَ‏:‏ دَخَلَ جِبْرِيلُ عَلَى يُوسُفَ فِي السِّجْنِ، فَعَرَفَهُ يُوسُفُ قَالَ‏:‏ فَأَتَاهُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَقَالَ‏:‏ أَيُّهَا الْمَلِكُ الطَّيِّبُ رِيحُهُ، الطَّاهِرُ ثِيَابُهُ، الْكَرِيمُ عَلَى رَبِّهِ، هَلْ لَكَ مِنْ عِلْمٍ بِيَعْقُوبَ‏؟‏ قَالَ‏:‏ نَعَمْ‏.‏ قَالَ‏:‏ أَيُّهَا الْمَلِكُ الطَّيِّبُ رِيحُهُ، الطَّاهِرُ ثِيَابُهُ، الْكَرِيمُ عَلَى رَبِّهِ، هَلْ تَدْرِي مَا فَعَلَ‏؟‏ قَالَ‏:‏ ابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ‏.‏ قَالَ‏:‏ أَيُّهَا الْمَلِكُ الطَّيِّبُ رِيحُهُ، الطَّاهِرُ ثِيَابُهُ، الْكَرِيمُ عَلَى رَبِّهِ، مِمَّ ذَاكَ‏؟‏ قَالَ‏:‏ مِنَ الْحُزْنِ عَلَيْكَ‏.‏ قَالَ‏:‏ أَيُّهَا الْمَلِكُ الطَّيِّبُ رِيحُهُ، الطَّاهِرُ ثِيَابُهُ، الْكَرِيمُ عَلَى رَبِّهِ، وَمَا بَلَغَ مِنْ حُزْنِهِ‏؟‏ قَالَ‏:‏ حُزْنُ سَبْعِينَ مُثْكِلَةٍ‏.‏ قَالَ‏:‏ أَيُّهَا الْمَلِكُ الطَّيِّبُ رِيحُهُ، الطَّاهِرُ ثِيَابُهُ، الْكَرِيمُ عَلَى رَبِّهِ، هَلْ لَهُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ أَجْرٍ‏؟‏ قَالَ‏:‏ نَعَمْ أَجْرُ مِئَةِ شَهِيدٍ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمْرٌو، عَنْ أَسْبَاطَ، عَنِ السُّدِّيِّ قَالَ‏:‏ أَتَى جِبْرَئِيلُ يُوسُفَ وَهُوَ فِي السِّجْنِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، وَجَاءَهُ فِي صُورَةِ رَجُلٍ حَسَنِ الْوَجْهِ طَيِّبِ الرِّيحِ نَقِيِّ الثِّيَابِ، فَقَالَ لَهُ يُوسُفُ‏:‏ أَيُّهَا الْمَلِكُ الْحَسَنُ وَجْهُهُ، الْكَرِيمُ عَلَى رَبِّهِ، الطَّيِّبُ رِيحُهُ، حَدِّثْنِي كَيْفَ يَعْقُوبُ‏؟‏ قَالَ‏:‏ حَزِنَ عَلَيْكَ حُزْنًا شَدِيدًا‏.‏ قَالَ‏:‏ وَمَا بَلَغَ مِنْ حُزْنِهِ‏؟‏ قَالَ‏:‏ حُزْنُ سَبْعِينَ مُثْكِلَةٍ‏.‏ قَالَ‏:‏ فَمَا بَلَغَ مِنْ أَجْرِهِ‏؟‏ قَالَ‏:‏ أَجْرُ سَبْعِينَ أَوْ مِئَةِ شَهِيدٍ‏.‏ قَالَ يُوسُفُ‏:‏ فَإِلَى مَنْ أَوَى بَعْدِي‏؟‏ قَالَ‏:‏ إِلَى أَخِيكَ بِنْيَامِينَ‏.‏ قَالَ‏:‏ فَتَرَانِي أَلْقَاهُ أَبَدًا‏؟‏ قَالَ‏:‏ نَعَمْ‏.‏ فَبَكَى يُوسُفُ لِمَا لَقِيَ أَبُوهُ بَعْدَهُ، ثُمَّ قَالَ‏:‏ مَا أُبَالِي مَا لَقِيتُ إِنِ اللَّهُ أَرَانِيهِ‏.‏

قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ‏:‏ أَتَى جِبْرِيلُ يُوسُفَ وَهُوَ فِي السِّجْنِ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ يُوسُفُ، أَيُّهَا الْمَلِكُ الْكَرِيمُ عَلَى رَبِّهِ، الطَّيِّبُ رِيحُهُ، الطَّاهِرُ ثِيَابُهُ، هَلْ لَكَ مِنْ عِلْمٍ بِيَعْقُوبَ‏؟‏ قَالَ‏:‏ نَعَمْ مَا أَشَدَّ حُزْنَهُ‏!‏ قَالَ‏:‏ أَيُّهَا الْمَلِكُ الْكَرِيمُ عَلَى رَبِّهِ، الطَّيِّبُ رِيحُهُ، الطَّاهِرُ ثِيَابُهُ، مَاذَا لَهُ مِنَ الْأَجْرِ‏؟‏ قَالَ‏:‏ أَجْرُ سَبْعِينَ شَهِيدًا‏.‏ قَالَ‏:‏ أَفَتُرَانِي لَاقِيهِ‏؟‏ قَالَ‏:‏ نَعَمْ‏.‏ قَالَ‏:‏ فَطَابَتْ نَفْسُ يُوسُفَ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ‏:‏ لَمَّا دَخَلَ يَعْقُوبُ عَلَى الْمَلِكِ وَحَاجِبَاهُ قَدْ سَقَطَا عَلَى عَيْنَيْهِ، قَالَ الْمَلِكُ‏:‏ مَا هَذَا‏؟‏ قَالَ‏:‏ السُّنُونَ وَالْأَحْزَانُ، أَوْ‏:‏ الْهُمُومُ وَالْأَحْزَانُ، فَقَالَ رَبُّهُ‏:‏ يَا يَعْقُوبُ لِمَ تَشْكُونِي إِلَى خَلْقِي، أَلَمْ أَفْعَلْ بِكَ وَأَفْعَلْ‏؟‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ يَرْفَعُهُ إِلَى «النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‏:‏ مَنْ بَثَّ لَمْ يَصْبِرْ ثُمَّ قَرَأَ‏:‏ ‏{‏إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ‏}‏»‏.‏

حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْآمِلِيُّ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِِ قَالَ‏:‏ كَانَ مُنْذُ خَرَجَ يُوسُفُ مِنْ عِنْدِ يَعْقُوبَ إِلَى يَوْمِ رَجَعَ ثَمَانُونَ سَنَةً، لَمْ يُفَارِقْ الْحُزْنُ قَلْبَهُ، يَبْكِي حَتَّى ذَهَبَ بَصَرُهُ‏.‏ قَالَ الْحَسَنُ‏:‏ وَاللَّهِ مَا عَلَى الْأَرْضِ يَوْمئِذٍ خَلِيقَةٌ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْ يَعْقُوبَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏87‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِوَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ‏}‏‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ حِينَ طَمَعَ يَعْقُوبُ فِي يُوسُفَ، قَالَ لِبَنِيهِ‏:‏ ‏{‏يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا‏}‏ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي جِئْتُمْ مِنْهُ وَخَلَّفْتُمْ أَخَوَيْكُمْ بِهِ ‏{‏فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ‏}‏، يَقُولُ‏:‏ الْتَمِسُوا يُوسُفَ وَتَعَرَّفُوا مِنْ خَبَرِهِ‏.‏

وَأَصْلُ “ التَّحَسُّسِ “، “ التَّفَعُّلُ “ مِنْ “ الْحِسِّ “‏.‏

‏(‏وَأَخِيهِ‏)‏ يَعْنِي بِنْيَامِينَ ‏{‏وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ‏}‏، يَقُولُ‏:‏ وَلَا تَقْنَطُوا مِنْ أَنْ يُرَوِّحَ اللَّهُ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ مِنَ الْحُزْنِ عَلَى يُوسُفَ وَأَخِيهِ بِفَرَجٍ مِنْ عِنْدِهِ، فَيُرِينِيهِمَا ‏{‏إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ‏}‏ يَقُولُ‏:‏ لَا يَقْنَطُ مِنْ فَرَجِهِ وَرَحْمَتِهِ وَيَقْطَعُ رَجَاءَهُ مِنْهُ ‏{‏إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ‏}‏، يَعْنِي‏:‏ الْقَوْمُ الَّذِينَ يَجْحَدُونَ قُدْرَتَهُ عَلَى مَا شَاءَ تَكْوِينَهُ‏.‏

وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُُ التَّأْوِيلِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمْرٌو، عَنْ أَسْبَاطَ، عَنِ السُّدِّيِّ‏:‏ ‏{‏يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ‏}‏، بِمِصْرَ ‏{‏وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ‏}‏، قَالَ‏:‏ مِنْ فَرَجِ اللَّهِ أَنْ يَرُدَّ يُوسُفَ‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ‏}‏، أَيْ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مُعَمِّرٍ، عَنْ قَتَادَةَ نَحْوَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ‏:‏ ثُمَّ إِنَّ يَعْقُوبَ قَالَ لِبَنِيهِ، وَهُوَ عَلَى حُسْنِ ظَنِّهِ بِرَبِّهِ مَعَ الَّذِي هُوَ فِيهِ مِنَ الْحُزْنِ‏:‏ ‏{‏يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا‏}‏ إِلَى الْبِلَادِ الَّتِي مِنْهَا جِئْتُمْ ‏{‏فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ‏}‏‏:‏ أَيْ مِنْ فَرَجِهِ ‏{‏إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ‏}‏‏.‏

حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَرَجِ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ‏:‏ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ الضَّحَاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ‏}‏، يَقُولُ‏:‏ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ‏.‏

حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ‏:‏ قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ‏}‏، قَالَ‏:‏ مِنْ فَرَجِ اللَّهِ، يُفَرِّجُ عَنْكُمُ الْغَمَّ الَّذِي أَنْتُمْ فِيهِ

تفسير الآية رقم ‏[‏88‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّوَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ‏}‏‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ وَفِي الْكَلَامِ مَتْرُوكٌ قَدِ اسْتُغْنِيَ بِذِكْرِ مَا ظَهَرَ عَمَّا حُذِفَ، وَذَلِكَ‏:‏ فَخَرَجُوا رَاجِعِينَ إِلَى مِصْرَ حَتَّى صَارُوا إِلَيْهَا، فَدَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ ‏{‏فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ‏}‏، أَيِ الشِّدَّةُ مِنَ الْجَدَبِ وَالْقَحْطِ ‏{‏وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ‏}‏‏.‏ كَمَا‏:‏-

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ‏:‏ وَخَرَجُوا إِلَى مِصْرَ رَاجِعِينَ إِلَيْهَا ‏{‏بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ‏}‏‏:‏ أَيْ قَلِيلَةٍ، لَا تَبْلُغُ مَا كَانُوا يَتَبَايَعُونَ بِهِ، إِلَّا أَنْ يَتَجَاوَزَ لَهُمْ فِيهَا، وَقَدْ رَأَوْا مَا نَـزَلَ بِأَبِيهِمْ، وَتَتَابُعَ الْبَلَاءِ عَلَيْهِ فِي وَلَدِهِ وَبَصَرِهِ، حَتَّى قَدِمُوا عَلَى يُوسُفَ‏.‏ فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا‏:‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ‏}‏، رَجَاءً أَنْ يَرْحَمَهُمْ فِي شَأْنِ أَخِيهِمْ ‏{‏مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ‏}‏‏.‏

وَعَنَى بِقَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ‏}‏ بِدَرَاهِمَ أَوْ ثَمَنٍ لَا يَجُوزُ فِي ثَمَنِ الطَّعَامِ إِلَّا لِمَنْ يَتَجَاوَزُ فِيهَا‏.‏

وَأَصْلُ “ الْإِزْجَاءِ “ السَّوْقُ بِالدَّفْعِ، كَمَا قَالَ النَّابِغَةُ الذُّبْيَانِيُّ‏:‏

وَهَبّـتِ الـرِّيحُ مِـنْ تِلْقَـاءِ ذِي أُرُلٍ *** تُزْجِـي مَـعَ اللَّيْلِ مِنْ صَرَّادِهَا صِرَمَا

يَعْنِي تَسُوقُ وَتَدْفَعُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَعْشَى بَنِي ثَعْلَبَة‏:‏

الـوَاهِبُ المِئـةَ الهِجَـانَ وعَبْدَهَـا *** عُـوذًا تُزَجِّـي خَلْفَهَـا أطْفَالَهَـا

وَقَوْلُ حَاتِمٍ‏:‏

لِيَـبْكِ عَـلَى مِلْحَـانَ ضَيْـفٌ مُـدَفَّعٌ *** وَأَرْمَلَـةٌ تُزْجِـي مَـعَ اللَّيـلِ أَرْمَـلَا

يَعْنِي أَنَّهَا تَسُوقُهُ بَيْنَ يَدَيْهَا عَلَى ضَعْفٍ مِنْهُ عَنِ الْمَشْيِ وَعَجْزٍ؛ وَلِذَلِكَ قِيلَ‏:‏ ‏{‏بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ‏}‏، لِأَنَّهَا غَيْرُ نَافِقَة، وَإِنَّمَا تُجَوَّزُ تَجْوِيزًا عَلَى وَضْعٍ مِنْ آخِذِيهَا‏.‏

وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الْبَيَانِ عَنْ تَأْوِيلِ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ مَعَانِي بَيَانِهِمْ مُتَقَارِبَةً‏.‏

ذِكْرُ أَقْوَالِ أَهْلِ التَّأْوِيلِ فِي ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏:‏ ‏{‏بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ رَدِيَّةٍ زُيُوفٍ لَا تُنْفَقُ حَتَّى يُوضَعَ مِنْهَا‏.‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَنْقَزِيُّ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ‏}‏، قَالَ‏:‏ الرَّدِيَّةُ الَّتِي لَا تُنْفَقُ حَتَّى يُوضَعَ مِنْهَا‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏:‏ ‏{‏وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ‏}‏، قَالَ‏:‏ خَلَقِ الْغِرَارَةِ وَالْحَبْلِ وَالشَّيْءِ‏.‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، وَسُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ‏}‏، قَالَ‏:‏ رِثَةُ الْمَتَاعِ وَالْحَبْلُ وَالْغِرَارَةِ وَالشَّيْءِ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي عَمِّي قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ‏}‏، قَالَ‏:‏ “ الْبِضَاعَةُ “، الدَّرَاهِمُ، وَ“ الْمُزْجَاةُ “ غَيْرُ طَائِلٍ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏:‏ كَاسِدَةٍ غَيْرِ طَائِلٍ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو حُصَيْنٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَعِكْرِمَةَ،‏:‏ ‏{‏وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ‏}‏، قَالَ سَعِيدٌ‏:‏ نَاقِصَةٌ وَقَالَ عِكْرِمَة‏:‏ دَرَاهِمَ فُسُولٍ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعِكْرِمَةَ، مِثْلُهُ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعِكْرِمَةَ‏:‏ ‏{‏وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ‏}‏، قَالَ أَحَدُهُمَا‏:‏ نَاقِصَةٍ‏.‏ وَقَالَ الْآخَرُ‏:‏ رَدِيَّةٍ‏.‏

وَبِهِ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ‏:‏ كَانَ سَمْنًا وَصُوفًا‏.‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ قَالَ‏:‏ سَأَلَ رَجُلٌ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ وَأَنَا عِنْدَهُ عَنْ قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ‏}‏، قَالَ‏:‏ قَلِيلَةٍ، مَتَاعُ الْأَعْرَابِ‏:‏ الصُّوفُ وَالسَّمْنُ‏.‏

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ زِيَادٍ الْقَطَّانُ أَبُو يَعْقُوبَ الْبَصْرِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْبَلْخِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيُّ، عَنْ مَرْوَانَ بْنُ عَمْرٍو الْعُذْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ‏}‏، قَالَ الصَّنَوْبَرُ وَالْحَبَّةُ الْخَضْرَاءُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُغَيَّرَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْوَلِيدِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ‏}‏، قَالَ‏:‏ قَلِيلَةٍ، أَلَا تَسْمَعُ إِلَى قَوْلِهِ‏:‏ “ فَأَوْقِرْ رِكَابَنَا “، وَهُمْ يَقْرَءُونَ كَذَلِكَ‏.‏

حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا مُغَيَّرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّهُ قَالَ‏:‏ مَا أَرَاهَا إِلَّا الْقَلِيلَةَ، لِأَنَّهَا فِي مُصْحَفِ عَبْدِ اللَّهِ‏:‏ “ وَأَوْقِرْ رِكَابَنَا “، يَعْنِي قَوْلَهُ‏:‏ “ مُزْجَاةٍ “‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ‏:‏ قَلِيلَةٍ، أَلَمْ تَسْمَعْ إِلَى قَوْلِهِ‏:‏ “ وَأَوْقِرْ رِكَابَنَا “‏؟‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْهُذَلِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَالْحَسَنِ‏:‏ بِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ قَالَ سَعِيدٌ‏:‏ الرَّدِيَّةُ وَقَالَ الْحَسَنُ‏:‏ الْقَلِيلَةُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ‏:‏ مَتَاعُ الْأَعْرَابِ سَمْنٌ وَصُوفٌ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَطِيَّةَ قَالَ‏:‏ دَرَاهِمَ لَيْسَتْ بِطَائِلٍ‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ‏:‏ ‏(‏مُزْجَاةٍ‏)‏، قَالَ‏:‏ قَلِيلَةٍ‏.‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شَبَّابَةُُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ‏:‏ ‏(‏مُزْجَاةٍ‏)‏ قَالَ‏:‏ قَلِيلَةٍ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ‏.‏

قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ‏:‏ ‏{‏وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ شَيْءٍ مِنْ صُوفٍ، وَشَيْءٍ مِنْ سَمْنٍ‏.‏

قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَسَنِِ قَالَ‏:‏ قَلِيلَةٍ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، عَنْ مُجَاهِدٍ‏:‏ ‏(‏مُزْجَاةٍ‏)‏ قَالَ‏:‏ قَلِيلَةٍ‏.‏

حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ‏.‏

قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ‏:‏ نَاقِصَةٍ وَقَالَ سَعِيدٍ بْنُ جُبَيْرٍ‏:‏ فُسُولٍ‏.‏

قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ‏:‏ ‏{‏وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ‏}‏، قَالَ‏:‏ رَدِيَّةٍ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَاكِ قَالَ‏:‏ كَاسِدَةٍ لَا تُنْفَقُ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، قالَ أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَاكِ قَالَ‏:‏ كَاسِدَةٍ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبَدَةُ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَاكِ قَالَ‏:‏ كَاسِدَةٍ غَيْرِ طَائِلٍ‏.‏

حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَرَجِ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ‏:‏ حَدَّثَنَا عُبَيْدٌ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ الضَّحَاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ‏}‏، يَقُولُ‏:‏ كَاسِدَةٍ غَيْرِ نَافِقَةٍ‏.‏

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ‏:‏ ‏{‏وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ‏}‏، قَالَ النَّاقِصَةُ وَقَالَ عِكْرِمَةُ‏:‏ فِيهَا تَجَوُّزٌ‏.‏

قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏:‏ الدَّرَاهِمُ الرَّدِيَّةُ الَّتِي لَا تَجُوزُ إِلَّا بِنُقْصَانٍ‏.‏

قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي يَحْيَى، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ‏:‏ الدَّرَاهِمُ الرُّذَالُ، الَّتِي لَا تَجُوزُ إِلَّا بِنُقْصَانٍ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمْرٌو، عَنْ أَسْبَاطَ، عَنِ السُّدِّيِّ قَالَ‏:‏ دَرَاهِمُ فِيهَا جَوَازٌ‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ‏}‏‏:‏، أَيْ‏:‏ يَسِيرَةٍ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مُعَمِّرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ “ الْمُزْجَاةُ “، الْقَلِيلَةُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ‏:‏ ‏{‏وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ‏}‏‏:‏، أَيّ قَلِيلَةٍ لَا تَبْلُغُ مَا كُنَّا نَشْتَرِي بِهِ مِنْكَ، إِلَّا أَنْ تَتَجَاوَزَ لَنَا فِيهَا‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ‏}‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏ بِهَا وَأَعْطِنَا بِهَا مَا كُنْتَ تُعْطِينَا قَبْلُ بِالثَّمَنِ الْجَيِّدِ وَالدَّرَاهِمِ الْجَائِزَةِ الْوَافِيَةِ الَّتِي لَا تُرَدُّ، كَمَا‏:‏-

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ‏:‏ ‏{‏فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ‏}‏‏:‏، أَيْ أَعْطِنَا مَا كُنْتَ تُعْطِينَا قَبْلُ، فَإِنَّ بِضَاعَتَنَا مُزْجَاةٌ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمْرٌو، عَنْ أَسْبَاطَ، عَنِ السُّدِّيِّ‏:‏ ‏{‏فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ‏}‏ قَالَ‏:‏ كَمَا كُنْتَ تُعْطِينَا بِالدَّرَاهِمِ الْجِيَادِ‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا‏}‏ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ قَالُوا‏:‏ وَتَفَضَّلْ عَلَيْنَا بِمَا بَيْنَ سِعْرِ الْجِيَادِ وَالرَّدِيَّةِ، فَلَا تُنْقِصْنَا مِنْ سِعْرِ طَعَامِكَ لِرَدِيِّ بِضَاعَتِنَا ‏{‏إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ‏}‏، يَقُولُ‏:‏ إِنَّ اللَّهَ يُثِيبُ الْمُتَفَضِّلِينَ عَلَى أَهْلِ الْحَاجَةِ بِأَمْوَالِهِمْ‏.‏

وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُُ التَّأْوِيلِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمْرٌو، عَنْ أَسْبَاطَ، عَنِ السُّدِّيِّ‏:‏ ‏{‏وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا‏}‏، قَالَ‏:‏ تَفَضَّلْ بِمَا بَيْنَ الْجِيَادِ وَالرَّدِيَّةِ‏.‏

حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ‏:‏ ‏{‏فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا‏}‏، لَا تُنْقِصْنَا مِنَ السِّعْرِ مِنْ أَجْلِ رَدِيِّ دَرَاهِمِنَا‏.‏

وَاخْتَلَفُوا فِي الصَّدَقَةِ، هَلْ كَانَتْ حَلَالًا لِلْأَنْبِيَاءِ قَبْلَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ كَانَتْ حَرَامًا‏؟‏

فَقَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ لَمْ تَكُنْ حَلَّالًا لِأَحَدٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ‏:‏ مَا سَأَلَ نَبِيٌّ قِطٌّ الصَّدَقَةَ، وَلَكِنَّهُمْ قَالُوا‏:‏ ‏{‏جِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا‏}‏، لَا تُنْقِصْنَا مِنَ السِّعْرِ‏.‏

وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ مَا‏:‏-

حَدَّثَنِي بِهِ الْحَارِثُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ‏:‏ يُحْكَى عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ أَنَّهُ سُئِلَ‏:‏ هَلْ حُرِّمَتِ الصَّدَقَةُ عَلَى أَحَدٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏؟‏ فَقَالَ‏:‏ أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَهُ‏:‏ ‏{‏فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ‏}‏‏.‏

قَالَ الْحَارِثُ‏:‏ قَالَ الْقَاسِمُ‏:‏ يَذْهَبُ ابْنُ عُيَيْنَةَ إِلَى أَنَّهُمْ لَمْ يَقُولُوا ذَلِكَ إِلَّا وَالصَّدَقَةُ لَهُمْ حَلَالٌ، وَهُمْ أَنْبِيَاءُ، فَإِنَّ الصَّدَقَةَ إِنَّمَا حُرِّمَتْ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَلَيْهِمْ‏.‏

وَقَالَ آخَرُونَ‏:‏ إِنَّمَا عَنَى بِقَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا‏}‏ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا بِرَدِّ أَخِينَا إِلَيْنَا‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا‏}‏ قَالَ‏:‏ رُدَّ إِلَيْنَا أَخَانَا‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ وَهَذَا الْقَوْلُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَإِنْ كَانَ قَوْلًا لَهُ وَجْهٌ، فَلَيْسَ بِالْقَوْلِ الْمُخْتَارِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا‏}‏ لِأَنَّ “ الصَّدَقَةَ “ فِي مُتَعَارَفِ ‏[‏الْعَرَبِ‏]‏، إِنَّمَا هِيَ إِعْطَاءُ الرَّجُلِ ذَا حَاجَةٍ بَعْضَ أَمْلَاكِهِ ابْتِغَاءَ ثَوَابِ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةً، فَتَوْجِيهُ تَأْوِيلِ كَلَامِ اللَّهِ إِلَى الْأَغْلَبِ مِنْ مَعْنَاهُ فِي كَلَامِ مَنْ نَـزَلَ الْقُرْآنُ بِلِسَانِهِ أُولَى وَأَحْرَى‏.‏

وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ مُجَاهِدٌ‏.‏

حَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْأَسْوَدِ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ مُجَاهِدًا، وَسُئِلَ‏:‏ هَلْ يُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ فِي دُعَائِهِ‏:‏ اللَّهُمَّ تَصَدَّقْ عَلَيَّ‏؟‏ فَقَالَ‏:‏ نَعَمْ، إِنَّمَا الصَّدَقَةُ لِمَنْ يَبْغِي الثَّوَابَ‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏89‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ‏}‏‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ ذُكِرَ أَنَّ يُوسُفَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ لَمَّا قَالَ لَهُ إِخْوَتُهُ‏:‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ‏}‏، أَدْرَكَتْهُ الرِّقَّةُ وَبَاحَ لَهُمْ بِمَا كَانَ يَكْتُمُهُمْ مِنْ شَأْنِهِ، كَمَا‏:‏-

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ‏:‏ ذُكِرَ لِي أَنَّهُمْ لَمَّا كَلَّمُوهُ بِهَذَا الْكَلَامِ غَلَبَتْهُ نَفْسُهُ، فَارْفَضَّ دَمْعُهُ بَاكِيًا، ثُمَّ بَاحَ لَهُمْ بِالَّذِي يَكْتُمُ مِنْهُمْ، فَقَالَ‏:‏ ‏{‏هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ‏}‏‏؟‏ وَلَمْ يَعْنِ بِذِكْرِ أَخِيهِ مَا صَنَعَهُ هُوَ فِيهِ حِينَ أَخَذَهُ، وَلَكِنْ لِلتَّفْرِيقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ، إِذْ صَنَعُوا بِيُوسُفَ مَا صَنَعُوا‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمْرٌو، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ، عَنِ السُّدِّيِّ‏:‏ ‏{‏فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ‏}‏ الْآيَةَ، قَالَ‏:‏ فَرَحِمَهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُمْ‏:‏ ‏{‏هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ‏}‏‏؟‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ فَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ‏:‏ هَلْ تَذْكُرُونَ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ، إِذْ فَرَّقْتُمْ بَيْنَهُمَا وَصَنَعْتُمْ مَا صَنَعْتُمْ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ‏؟‏ يَعْنِي فِي حَالِ جَهْلِكُمْ بِعَاقِبَةِ مَا تَفْعَلُونَ بِيُوسُفَ، وَمَا إِلَيْهِ صَائِرٌ أَمْرُهُ وَأَمْرُكُمْ‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏90‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏قَالُوا أَئِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِيقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ‏}‏‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ قَالَ إِخْوَةُ يُوسُفَ لَهُ حِينَ قَالَ لَهُمْ ذَلِكَ يُوسُفُ‏:‏ ‏{‏إِنَّكَ لَأَنَّتْ يُوسُفُ‏}‏‏؟‏، فَقَالَ‏:‏ نَعَمْ أَنَا يُوسُفُ ‏{‏وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا‏}‏ بِأَنْ جَمَعَ بَيْنَنَا بَعْدَ مَا فَرَّقْتُمْ بَيْنَنَا ‏{‏إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ‏}‏، يَقُولُ إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ فَيُرَاقِبُهُ بِأَدَاءِ فَرَائِضِهِ وَاجْتِنَابِ مَعَاصِيهِ ‏(‏وَيَصْبِرْ‏)‏، يَقُولُ‏:‏ وَيَكُفُّ نَفْسَهُ، فَيَحْبِسُهَا عَمَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ عِنْدَ مُصِيبَةٍ نَـزَلَتْ بِهِ مِنَ اللَّهِ ‏{‏فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ‏}‏، يَقُولُ‏:‏ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُبْطِلُ ثَوَابَ إِحْسَانِهِ وَجَزَاءَ طَاعَتِهِ إِيَّاهُ فِيمَا أَمَرَهُ وَنَهَاهُ‏.‏

وَقَدّ اخْتَلَفَ الْقَرَأَةُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ‏}‏‏.‏

فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قَرَأَةِ الْأَمْصَارِ‏:‏ ‏(‏أَإِنَّكَ‏)‏، عَلَى الِاسْتِفْهَامِ‏.‏

وَذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ‏:‏ “ أَوَأَنْتَ يُوسُفُ‏.‏

وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مُحَيْصِنٍ أَنَّهُ قَرَأَ‏:‏ “ إِنَّكَ لَأَنْتَ يُوُسُفُ “، عَلَى الْخَبَرِ، لَا عَلَى الِاسْتِفْهَامِ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ وَالصَّوَابُ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا، قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَهُ بِالِاسْتِفْهَامِ، لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ مِنَ الْقَرَأَةِ عَلَيْهِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ‏:‏ لَمَّا قَالَ لَهُمْ ذَلِكَ يَعْنِي قَوْلَهُ‏:‏ ‏{‏هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ‏}‏ كَشَفَ الْغِطَاءَ فَعَرَفُوهُ، فَقَالُوا‏:‏ ‏{‏أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ‏}‏ الْآيَةَ‏.‏

حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ إِدْرِيسَ يَذْكُرُ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلَهُ‏:‏ ‏{‏إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ‏}‏، يَقُولُ‏:‏ مَنْ يَتَّقِ مَعْصِيَةَ اللَّهِ، وَيَصْبِرْ عَلَى السِّجْنِ‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏91‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ‏}‏‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ‏:‏ قَالَ إِخْوَةُ يُوسُفَ لَهُ‏:‏ تَاللَّهِ لَقَدْ فَضَّلَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا، وَآثَرَكَ بِالْعِلْمِ وَالْحِلْمِ وَالْفَضْلِ ‏{‏وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ‏}‏، يَقُولُ‏:‏ وَمَا كُنَّا فِي فِعْلِنَا الَّذِي فَعَلْنَا بِكَ، فِي تَفْرِيقِنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ أَبِيكَ وَأَخِيكَ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ صَنِيعِنَا الَّذِي صَنَعْنَا بِكَ، إِلَّا خَاطِئِينَ يَعْنُونَ‏:‏ مُخْطِئِينَ‏.‏

يُقَالُ مِنْهُ‏:‏ “ خَطِئَ فُلَانٌ يَخْطَأُ خَطَأً وخِطْأً، وَأَخْطَأَ يُخْطِئُ إِخْطَاءً “، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ أُمَيَّةَ بْنِ الْأَسكرِ‏:‏

وَإِنَّ مُهَـاجِرَيْنِ تَكَنَّفَـاهُ *** لَعَمْـرُ اللـهِ قَـدْ خَطِئَـا وحَابَـا

وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُُ التَّأْوِيلِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمْرٌو، عَنْ أَسْبَاطَ، عَنِ السُّدِّيِّ قَالَ‏:‏ لَمَّا قَالَ لَهُمْ يُوسُفُ‏:‏ ‏{‏أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي‏}‏ اعْتَذَرُوا إِلَيْهِ وَقَالُوا‏:‏ ‏{‏تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ‏}‏ فِيمَا كُنَّا صَنَعْنَا بِكَ‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا‏}‏ وَذَلِكَ بَعْدَ مَا عَرَّفَهُمْ أَنْفُسَهُمْ، يَقُولُ‏:‏ جَعَلَكَ اللَّهُ رَجُلًا حَلِيمًا‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏92‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ‏}‏‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ قَالَ يُوسُفُ لِإِخْوَتِهِ‏:‏ ‏(‏لَا تَثْرِيبَ‏)‏ يَقُولُ‏:‏ لَا تَعْيِيرَ عَلَيْكُمْ وَلَا إِفْسَادَ لِمَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ مِنَ الْحُرْمَةِ وَحَقِّ الْأُخُوَّةِ، وَلَكِنَّ لَكُمْ عِنْدِي الصَّفْحَ وَالْعَفْوَ‏.‏

وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُُ التَّأْوِيلِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ‏}‏، لَمْ يُثَرِّبْ عَلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ‏}‏، قَالَ‏:‏ قَالَ سُفْيَانُ‏:‏ لَا تَعْيِيرَ عَلَيْكُمْ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ‏:‏ ‏{‏قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ‏}‏‏:‏، أَيْ لَا تَأْنِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ عِنْدِي فِيمَا صَنَعْتُمْ‏.‏

وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمْرٌو، عَنْ أَسْبَاطَ، عَنِ السُّدِّيِّ قَالَ‏:‏ اعْتَذَرُوا إِلَى يُوسُفَ فَقَالَ‏:‏ ‏{‏لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ‏}‏ يَقُولُ‏:‏ لَا أَذْكُرُ لَكُمْ ذَنْبَكُمْ‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ‏}‏، وَهَذَا دُعَاءٌ مِنْ يُوسُفَ لِإِخْوَتِهِ بِأَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَنْبَهُمْ فِيمَا أَتَوْا إِلَيْهِ وَرَكِبُوا مِنْهُ مِنَ الظُّلْمِ، يَقُولُ‏:‏ عَفَا اللَّهُ لَكُمْ عَنْ ذَنْبِكُمْ وَظُلْمِكُمْ، فَسَتَرَهُ عَلَيْكُمْ ‏{‏وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ‏}‏، يَقُولُ‏:‏ وَاللَّهُ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ لِمَنْ تَابَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَأَنَابَ إِلَى طَاعَتِهِ بِالتَّوْبَةِ مِنْ مَعْصِيَتِهِ‏.‏ كَمَا‏:‏-

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ‏:‏ ‏{‏يَغْفِرُ اللَّهُ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ‏}‏ حِينَ اعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏93‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًاوَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ‏}‏‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ ذُكِرَ أَنَّ يُوسُفَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا عَرَّفَ نَفْسَهُ إِخْوَتَهُ، سَأَلَهُمْ عَنْ أَبِيهِمْ، فَقَالُوا‏:‏ ذَهَبَ بَصَرُهُ مِنَ الْحُزْنِ‏!‏ فَعِنْدَ ذَلِكَ أَعْطَاهُمْ قَمِيصَهُ وَقَالَ لَهُمْ‏:‏ ‏{‏اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا‏}‏‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمْرٌو، عَنْ أَسْبَاطَ، عَنِ السُّدِّيِّ قَالَ‏:‏ قَالَ لَهُمْ يُوسُفُ‏:‏ مَا فَعَلَ أَبِي بَعْدِي‏؟‏ قَالُوا‏:‏ لَمَّا فَاتَهُ بِنْيَامِينُ عَمِيَ مِنَ الْحُزْنِ‏.‏ قَالَ‏:‏ ‏{‏اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأَتَوْنِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ‏}‏‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏يَأْتِ بَصِيرًا‏}‏ يَقُولُ‏:‏ يَعُدْ بَصِيرًا ‏{‏وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ‏}‏، يَقُولُ‏:‏ وَجِيئُونِي بِجَمِيعِ أَهْلِكُمْ‏.‏