فصل: تفسير الآيات (49- 51):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير القرآن العظيم (نسخة منقحة)



.تفسير الآيات (49- 51):

{وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الأصْفَادِ (49) سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ (50) لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (51)}
يقول تعالى: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ} وتبرز الخلائق لديَّانها، ترى يا محمد يومئذ المجرمين، وهم الذين أجرموا بكفرهم وفسادهم، {مقرنين} أي: بعضهم إلى بعض، قد جمع بين النظراء أو الأشكال منهم، كل صنف إلى صنف، كما قال تعالى: {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ} [الصافات: 22]، وقال: {وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ} [التكوير: 7]، وقال: {وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا} [الفرقان: 13]، وقال: {وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الأصْفَادِ} [ص: 37، 38].
والأصفاد: هي القيود، قاله ابن عباس، وسعيد بن جبير، والأعمش، وعبد الرحمن بن زيد. وهو مشهور في اللغة، قال عمرو بن كلثوم:
فَآبُوا بالثياب وبالسّبايا ** وأُبْنَا بالمُلُوك مُصَفّدينا

وقوله: {سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ} أي: ثيابهم التي يلبسونها عليهم من قطران، وهو الذي تُهنأ به الإبل، أي: تطلى، قاله قتادة. وهو ألصق شيء بالنار.
ويقال فيه: قَطِران، بفتح القاف وكسر الطاء، وبفتح القاف وتسكين الطاء، وبكسر القاف وتسكين الطاء، ومنه قول أبي النجم:
كأنّ قِطْرانًا إذَا تَلاهَا ** تَرْمي به الرّيح إلى مَجْراها

وكان ابن عباس يقول: القَطران هو: النحاس المذاب، وربما قرأها: {سَرَابيلهم من قَطِران} أي: من نحاس حار قد انتهى حره.
وكذا روي عن مجاهد، وعكرمة، وسعيد بن جُبَير، والحسن، وقتادة.
وقوله: {وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ} كقوله: {تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ} [المؤمنون: 104].
وقال الإمام أحمد، رحمه الله: حدثنا يحيى بن إسحاق، أنبأنا أبان بن يزيد، عن يحيى بن أبي كثير، عن زيد، عن أبي سلام، عن أبي مالك الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أربع من أمر الجاهلية لا يُتْرَكن الفخر بالأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة، والنائحة إذا لم تتب قبل موتها، تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران، ودرْع من جَرَب». انفرد بإخراجه مسلم.
وفي حديث القاسم، عن أبي أمامة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «النائحة إذا لم تتب، توقف في طريق بين الجنة والنار، وسرابيلها من قطران، وتغشى وجهها النار».
وقوله: {لِيَجْزِيَ اللَّهُ} أي: يوم القيامة، كما قال: {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى} [النجم: 31].
{إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} يحتمل أن يكون كقوله تعالى: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ} ويحتمل أنه في حال محاسبته لعبده سريع النَّجاز؛ لأنه يعلم كل شيء، ولا يخفى عليه خافية، وإن جميع الخلق بالنسبة إلى قدرته كالواحد منهم، كقوله تعالى: {مَا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ} [لقمان: 28]، وهذا معنى قول مجاهد: {سَرِيعُ الْحِسَابِ} إحصاء.
ويحتمل أن يكون المعنيان مرادين، والله أعلم.

.تفسير الآية رقم (52):

{هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الألْبَابِ (52)}
يقول تعالى: هذا القرآن بلاغ للناس، كقوله: {لأنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [الأنعام: 19]، أي: هو بلاغ لجميع الخلق من إنس وجان، كما قال في أول السورة: {الر كِتَابٌ أَنزلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ}
{وَلِيُنْذَرُوا بِهِ} أي: ليتعظوا به، {وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ} أي: يستدلوا بما فيه من الحجج والدلالات على أنه لا إله إلا هو {وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الألْبَابِ} أي: ذوو العقول.

.سورة الحجر:

وهي مكية.
بسم الله الرحمن الرحيم

.تفسير الآيات (1- 3):

{الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ (1) رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (2) ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الأمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (3)}
قد تقدم الكلام على الحروف المقطعة في أوائل السور.
وقوله: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ} إخبار عنهم أنهم سيندمون على ما كانوا فيه من الكفر، ويتمنون لو كانوا مع المسلمين في الدار الدنيا.
ونقل السُّدِّيّ في تفسيره بسنده المشهور عن ابن عباس، وابن مسعود، وغيرهما من الصحابة: أن الكفار لما عُرضوا على النار، تمنوا أن لو كانوا مسلمين.
وقيل: المراد أن كل كافر يود عند احتضاره أن لو كان مؤمنا.
وقيل: هذا إخبار عن يوم القيامة، كما في قوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الأنعام: 27]
وقال سفيان الثوري: عن سلمة بن كُهَيْل، عن أبي الزعراء، عن عبد الله في قوله: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ} قال: هذا في الجُهنَمين إذ رأوهم يخرجون من النار.
وقال ابن جرير: حدثنا المثنى، حدثنا مسلم، حدثنا القاسم، حدثنا ابن أبي فَرْوة العَبْدي؛ أن ابن عباس وأنس بن مالك كانا يتأولان هذه الآية: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ} يتأولانها: يوم يحبس الله أهل الخطايا من المسلمين مع المشركين في النار. قال: فيقول لهم المشركون: ما أغنى عنكم ما كنتم تعبدون في الدنيا. قال: فيغضب الله لهم بفضل رحمته، فيخرجهم، فذلك حين يقول: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ}
وقال عبد الرزاق: أخبرنا الثوري، عن حماد، عن إبراهيم، عن خصيف، عن مجاهد قالا يقول أهل النار للموحدين: ما أغنى عنكم إيمانكم؟ فإذا قالوا ذلك. قال: أخرجوا من كان في قلبه مثقال ذرة. قال: فعند ذلك قوله: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ}
وهكذا روي عن الضحاك، وقتادة، وأبي العالية، وغيرهم. وقد ورد في ذلك أحاديث مرفوعة، فقال الحافظ أبو القاسم الطبراني.
حدثنا محمد بن العباس، هو الأخرم، حدثنا محمد بن منصور الطوسي، حدثنا صالح بن إسحاق الجهبذ دلني عليه يحيى بن معين حدثنا مُعَرّف بن واصل، عن يعقوب بن أبي نباتة عن عبد الرحمن الأغر، عن أنس بن مالك، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن ناسا من أهل لا إله إلا الله يدخلون النار بذنوبهم، فيقول لهم أهل اللات والعزى: ما أغنى عنكم قولكم: لا إله إلا الله وأنتم معنا في النار؟. فيغضب الله لهم، فيخرجهم، فيلقيهم في نهر الحياة، فيبرءون من حرقهم كما يبرأ القمر من خسوفه، فيدخلون الجنة، ويسمَّون فيها الجهنميين» فقال رجل: يا أنس، أنت سمعتَ هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال أنس: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من كذب علي متعمدًا، فليتبوأ مقعده من النار». نعم، أنا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هذا.
ثم قال الطبراني: تفرد به الجهبذ.
الحديث الثاني: وقال الطبراني أيضا: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثنا أبو الشعثاء علي بن حسن الواسطي، حدثنا خالد بن نافع الأشعري، عن سعيد بن أبي بردة، عن أبيه، عن أبي موسى، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا اجتمع أهل النار في النار، ومعهم من شاء الله من أهل القبلة، قال الكفار للمسلمين: ألم تكونوا مسلمين؟ قالوا: بلى. قالوا: فما أغنى عنكم الإسلام! فقد صرتم معنا في النار؟ قالوا: كانت لنا ذنوب فأخذنا بها. فسمع الله ما قالوا، فأمر بمن كان في النار من أهل القبلة فأخرجوا، فلما رأى ذلك من بقي من الكفار قالوا: يا ليتنا كنا مسلمين فنخرج كما خرجوا». قال: ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِين رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ}
ورواه ابن أبي حاتم، من حديث خالد بن نافع، به، وزاد فيه: (بسم الله الرحمن الرحيم)، عوض الاستعاذة.
الحديث الثالث: وقال الطبراني أيضا: حدثنا موسى بن هارون، حدثنا إسحاق بن راهويه قال: قلت لأبي أسامة: أحدثكم أبو روق- واسمه عطية بن الحارث-: حدثني صالح بن أبي طريف قال: سألت أبا سعيد الخدري فقلت له: هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في هذه الآية: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ}؟ قال: نعم، سمعته يقول: «يُخرج الله ناسا من المؤمنين من النار بعد ما يأخذ نقمته منهم»، وقال: «لما أدخلهم الله النار مع المشركين قال لهم المشركون: تزعمون أنكم أولياء الله في الدنيا، فما بالكم معنا في النار؟ فإذا سمع الله ذلك منهم، أذن في الشفاعة لهم فتشفع الملائكة والنبيون، ويشفع المؤمنون، حتى يخرجوا بإذن الله، فإذا رأى المشركون ذلك، قالوا: يا ليتنا كنا مثلهم، فتدركنا الشفاعة، فنخرج معهم». قال: «فذلك قول الله: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ} فيسمون في الجنة الجُهَنَّمِيِّين من أجل سَواد في وجوههم، فيقولون: يا رب، أذهب عنا هذا الاسم، فيأمرهم فيغتسلون في نهر الجنة، فيذهب ذلك الاسم عنهم»، فأقر به أبو أسامة، وقال: نعم.
الحديث الرابع وقال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسين، حدثنا العباس بن الوليد النرسي حدثنا مسكين أبو فاطمة، حدثني اليمان بن يزيد، عن محمد بن حِمْير عن محمد بن علي، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «منهم من تأخذه النار إلى ركبتيه، ومنهم من تأخذه النار إلى حجزته، ومنهم من تأخذه النار إلى عنُقه، على قدر ذنوبهم وأعمالهم، ومنهم من يمكث فيها شهرا ثم يخرج منها، ومنهم من يمكث فيها سنة ثم يخرج منها، وأطولهم فيها مكثا بقدر الدنيا منذ يوم خلقت إلى أن تفنى، فإذا أراد الله أن يخرجوا منها قالت اليهود والنصارى ومن في النار من أهل الأديان والأوثان، لمن في النار من أهل التوحيد: آمنتم بالله وكتبه ورسله، فنحن وأنتم اليوم في النار سواء، فيغضب الله لهم غضبا لم يغضبه لشيء فيما مضى، فيخرجهم إلى عين في الجنة، وهو قوله: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ}».
وقوله: {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا} تهديد لهم شديد، ووعيد أكيد، كقوله تعالى: {قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ} [إبراهيم: 30] وقوله: {كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ} [المرسلات: 46] ولهذا قال: {وَيُلْهِهِمُ الأمَلُ} أي: عن التوبة والإنابة، {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} أي: عاقبة أمرهم.

.تفسير الآيات (4- 5):

{وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ (4) مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ (5)}
يقول تعالى: إنه ما أهلك قرية إلا بعد قيام الحجة عليها وانتهاء أجلها، وإنه لا يؤخر أمة حان هلاكها عن ميقاتها ولا يتقدمون عن مدتهم. وهذا تنبيه لأهل مكة، وإرشاد لهم إلى الإقلاع عما هم فيه من الشرك والعناد والإلحاد، الذي يستحقون به الهلاك.

.تفسير الآيات (6- 9):

{وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نزلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (6) لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (7) مَا نُنزلُ الْمَلائِكَةَ إِلا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ (8) إِنَّا نَحْنُ نزلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)}
يخبر تعالى عن كفرهم وعتوهم وعنادهم في قولهم: {يَا أَيُّهَا الَّذِي نزلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ} أي: الذي يدعي ذلك {إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ} أي: في دعائك إيانا إلى اتباعك وترك ما وجدنا عليه آباءنا. {لَوْ مَا} أي: هلا {تَأْتِينَا بِالْمَلائِكَةِ} أي: يشهدون لك بصحة ما جئت به {إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} كما قال فرعون: {فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسَاوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ} [الزخرف: 53] {وَقَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلا أُنزلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدْ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا} [الفلاقان: 21، 22]
وكذا قال في هذه الآية: {مَا نُنزلُ الْمَلائِكَةَ إِلا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ}
وقال مجاهد في قوله: {مَا نُنزلُ الْمَلائِكَةَ إِلا بِالْحَقِّ} بالرسالة والعذاب.
ثم قرر تعالى أنه هو الذي أنزل الذكر، وهو القرآن، وهو الحافظ له من التغيير والتبديل.
ومنهم من أعاد الضمير في قوله تعالى: {لَهُ لَحَافِظُونَ} على النبي صلى الله عليه وسلم، كقوله: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: 67] والمعنى الأول أولى، وهو ظاهر السياق، والله أعلم.