فصل: تفسير الآية رقم (75):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير القرآن الكريم



.تفسير الآية رقم (75):

{وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (75)}
وأمام الجنة: فهي دار الكرامة، والمنزل الذي أعده اللّه لأوليائه، فبشّروا من أول وهلة بالدخول إلى الأرائك والمنازل والخلود فيها.
{وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ} [39: 75].
فحذف فاعل القول، لأنه غير معين، بل كل أحد يحمده على ذلك الحكم الذي حكم به، فيحمده السموات وأهل الأرض: الأبرار، والفجار، والإنس والجن، حتى أهل النار.
قال الحسن: وغيره: لقد دخلوا النار، وإن حمده لفي قلوبهم، ما وجدوا لهم عليه سبيلا.
وهذا- واللّه أعلم- هو السر الذي الذي حذف لأجله الفاعل في قوله: {قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها} وفي قوله: {وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ} [66: 12] كأن الكون كله نطق بذلك، وقال لهم ذلك، واللّه أعلم بالصواب.

.سورة غافر:

بسم اللّه الرحمن الرحيم

.تفسير الآية رقم (37):

{أَسْبابَ السَّماواتِ فَأَطَّلِعَ إِلى إِلهِ مُوسى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كاذِباً وَكَذلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلاَّ فِي تَبابٍ (37)}
قرأ أهل الكوفة: {وصد} على البناء للمفعول، حملا على {زين} وقرأه الباقون: {وصد} بفتح الصاد، ويحتمل معنيين.
أحدهما: أعرض، فيكون لازما.
والثاني: يكون صد ومنع غيره، فيكون متعديا، والقراءتان كالآيتين لا يتناقضان.
وأما الشد على القلب ففي قوله تعالى: {وَقالَ مُوسى رَبَّنا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوالًا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا رَبَّنا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ قالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما فَاسْتَقِيما} [10: 88، 89].
فهذا الشد على القلب: هو الصد والمنع، ولهذا قال ابن عباس: يريد منعها، والمعنى قسّها واطبع عليها، حتى لا تلين، ولا تنشرح للايمان.
وهذا مطابق لما في التوراة: إن اللّه سبحانه قال لموسى: اذهب إلى فرعون، فإني سأقسي قلبه، فلا يؤمن حتى أظهر آياتي وعجائبي بمصر.
وهذا الشد والتقسية، من كمال عدل الرب سبحانه في أعدائه، فإنه جعله عقوبة لهم على كفرهم وإعراضهم، كعقوبته لهم بالمصائب، ولهذا كان محمودا، فهو حسن منه، وأقبح شيء منهم، فإنه عدل منه وحكمة، وهو ظلم منهم وسفه. فالقضاء والقدر فعل عادل حكيم غني عليم، يضع الخير والشر في أليق المواضع لهما والمقضي المقدر يكون من العبد ظلما وجورا وسفها، وهو فعل جاهل ظالم سفيه.

.سورة حم السجدة:

بسم اللّه الرحمن الرحيم

.تفسير الآية رقم (16):

{فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزى وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ (16)}
لا ريب أن الأيام التي أوقع اللّه سبحانه فيها العقوبة بأعدائه وأعداء رسله كانت أياما نحسات عليهم، لأن النحس أصابهم فيها، وإن كانت أيام خير لأوليائه المؤمنين، فهي نحس على المكذبين، سعد للمؤمنين.
وهذا كيوم القيامة، فإنه عسير على الكافرين، يوم نحس لهم، يسير على المؤمنين، يوم سعد لهم.
قال مجاهد: أيام نحسات مشائيم، وقال الضحاك: معناه شديد، أي شديد البرد، حتى كان البرد هذابا لهم.
وقال أبو على: وأنشد الأصمعي في النحس بمعنى البرد:
كأن سلافة عرضت بنحس ** يحيل شفيفها الماء الزلالا

وقال ابن عباس: نحسات متتابعات. وكذلك قوله: {إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ} [54: 19].
وكان اليوم نحسا عليهم لإرسال العذاب عليهم فيه، أي لا يقلع فيه، أي لا يقلع عنهم، كما تقلع مصائب الدنيا التي تأتي وتذهب، بل هذا النحس دائم على هؤلاء المكذبين للرسل.
و{مستمر} صفة للنحس، لا لليوم، ومن ظن أنه صفة لليوم، وأنه كان يوم أربعاء آخر شهر، وأن هذا اليوم نحس أبدا. فقد غلط وأخطأ فهم القرآن، فإن اليوم المذكور بحسب ما يقع فيه، فكم للّه من نعمة على أوليائه في هذا اليوم، وكم له فيه من بلايا ونقم على أعدائه، كما يقع ذلك في غيره من الأيام، فسعود الأيام ونحوسها: إنما هو لسعود الأعمال، وموافقتها لمرضاة الرب، ونحوس الأعمال: إنما هو بمخالفتها لما جاءت به الرسل.
واليوم الواحد يكون يوم سعد لطائفة، ونحس لطائفة، كما كان يوم بدر يوم سعد للمؤمنين، ويوم نحس على الكافرين.
وقال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صالِحاً وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [41: 33].
وقال تعالى: {قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} [82: 108] وسواء كان المعنى: أنا ومن اتبعني يدعو إلى اللّه على بصيرة، أو كان الوقف عند قوله: {أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ} ثم يبتدئ: {عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} فالقولان متلازمان. فإنه أمره سبحانه أن يخبر أن سبيله الدعوة إلى اللّه. فمن دعا إلى اللّه تعالى. فهو على سبيل رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم، وهو على بصيرة، وهو من أتباعه، ومن دعا إلى غير ذلك فليس على سبيله، ولا هو على بصيرة، ولا هو من أتباعه. فالدعوة إلى اللّه تعالى هي وظيفة المرسلين وأتباعهم، وهم خلفاء الرسل في أممهم. والناس تبع لهم. واللّه سبحانه قد أمر رسوله أن يبلغ ما أنزل إليه من ربه وضمن له حفظه وعضمته من الناس.
وهؤلاء المبلغون عنه من أمته لهم من حفظ اللّه وعصمته إياهم بحسب قيامهم بدينه، وتبليغهم له، وقد أمر النبي صلّى اللّه عليه وسلّم بالتبليغ عنه ولو آية، ودعا لمن بلغ عنه ولو حديثا.
وتبليغ سنته إلى الأمة أفضل من تبليغ السهام إلى نحور العدو. لأن تبليغ السهام يفعله كثير من الناس. وأما تبليغ السنن فلا يقوم به إلا ورثة الأنبياء وخلفاؤهم في أممهم. جعلنا اللّه تعالى منهم بمنه وكرمه.
وهم كما قال عمر بن الخطاب في خطبته التي ذكرها ابن وضاح في كتاب الحوادث والبدع له، إذ قال: «الحمد للّه الذي امتن على العباد بأن جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم، يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، ويبصرون بكتاب اللّه أهل العمى، كم من قتيل لا بليس قد أحيوه. وضال قد هدوه، بذلوا دماءهم وأموالهم دون هلكة العباد. فما أحسن أثرهم على الناس، وما أقبح أثر الناس عليهم. يغلبونهم في سالف الدهر، وإلى يومنا هذا. فما نسيهم ربك. وما كان ربك نسيا، جعل قصصهم هدى، وأخبر عن حسن مقالتهم، فلا تقصر عنهم، فإنهم في منزلة رفيعة وإن أصابتهم الوضيعة».
وقال عبد اللّه بن مسعود: (إن للّه عند كل بدعة كيد بها للإسلام وليا من أوليائه يذب عنها، وينطق بعلاماتها، فاغتنموا حضور تلك المواطن وتوكلوا على اللّه).
ويكفي في هذا قول النبي صلّى اللّه عليه وسلّم لعلي ولمعاذ أيضا: «لأن يهدي بك اللّه رجلا واحدا خير لك من حمر النعم» وقوله صلّى اللّه عليه وسلّم: «من أحيي شيئا من سنتي كنت أنا وهو في الجنة كهاتين. وضم بين إصبعيه» وقوله: «من دعا إلى الهدى فأتبع عليه كان له مثل أجر من اتبعه إلى يوم القيامة».
فمتى يدرك العامل هذا الفضل العظيم. والحظ الجسيم بشيء من علمه. وإنما ذلك فضل اللّه يؤتيه من يشاء واللّه ذو الفضل العظيم.

.سورة الشورى:

بسم اللّه الرحمن الرحيم

.تفسير الآية رقم (11):

{فاطِرُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً وَمِنَ الْأَنْعامِ أَزْواجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11)}
معناها: أن اللّه سبحانه يعيشكم فيما خلق لكم من الأنعام المذكورة، قال الكلبي: يكثرها لكم ويكثر نسلكم في هذا التزويج، ولولا هذا التزويج لم يكثر النسل.
والمعنى: يخلقكم في هذا الوجه الذي ذكر: من جعله لكم وللأنعام أزواجا، فإن سبب خلقتنا وخلق الحيوان بالأزواج.
والضمير في قوله: {فيه} يرجع إلى الجعل.
ومعنى (الذرء) الخلق، وهو هاهنا الخلق الكثير، فهو خلق وتكثير.
فقيل (في) بمعنى الباء، أي يكثركم بذلك. وهذا قول الكوفيين.
والصحيح: أنها على بابها، والفعل متضمن معنى ينشئكم، وهو يتعدى بفي كما قال تعالى: {وَنُنْشِئَكُمْ فِي ما لا تَعْلَمُونَ} [56: 61].

.تفسير الآية رقم (49):

{لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ ما يَشاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ (49)}
قسم سبحانه حال الزوجين إلى أربعة أقسام، اشتمل عليها الوجود، وأخبر أن ما قدره بينهما من الولد فقد وهبهما إياه وكفى بالعبد تعرضا لمقته:أن يتسخط ما وهبه.
وبدأ سبحانه بذكر الإناث. فقيل: خيرا لهن لأجل استقبال الوالدين لمكانهما.
وقيل- وهو أحسن- إنما قدمهن لأن سياق الكلام أنه فاعل لما يشاء، لا لما يشاء الأبوان. فإن الأبوين لا يريدان إلا الذكور غالبا، وهو سبحانه قد أخبر أنه يخلق ما يشاء، فبدأ بذكر الصنف الذي يشاؤه ولا يريده الأبوان.
وعندي وجه آخر: وهو أنه سبحانه قدم ما كانت تؤخره الجاهلية من أمر البنات، حتى كأن الغرض بيان أن هذا النوع المؤخر الحقير عندكم مقدم عندي في الذكر.
وتأمل كيف نكّر سبحانه الإناث، وعرف الذكور، فجبر نقص الأنوثة بالتقديم، وجبر نقص التأخير للذكور بالتعريف. فإن التعريف تنزيه. كأنه قال: ويهب لمن يشاء الفرسان الأعلام المذكورين الذين لا يخفون عليكم.

.تفسير الآية رقم (50):

{أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (50)}
ثم لما ذكر الصنفين معا قدم الذكور إعطاء لكل من الجنسين حقه من التقديم والتأخير. واللّه أعلم بما أراد من ذلك.
والمقصود: أن التسخط بالإناث من أخلاق الجاهلية الذين ذمهم اللّه سبحانه في قوله: {وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ يَتَوارى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ ما بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ أَلا ساءَ ما يَحْكُمُونَ} [16: 58] وقال تعالى: {وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِما ضَرَبَ لِلرَّحْمنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ} [43: 17].
ومن هاهنا عبّر بعض المعبرين لرجل قال له: رأيت كأن وجهي أسود.
فقال له: ألك امرأة حامل؟ قال: نعم.
قال تلد لك أنثى؟