فصل: تفسير الآية رقم (52):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير القرآن الكريم



.تفسير الآية رقم (52):

{وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلا الْإِيمانُ وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (52)}
قد قيل: إن الضمير في {جعلناه} عائدا إلى الأمر. وقيل: إلى الكتاب. وقيل: إلى الإيمان.
والصواب: أنه عائد إلى (الروح) أي جعلنا الذي أوحيناه إليك نورا، فسماه روحا لما يحصل به من الحياة الطيبة، والعلم والقوة. وجعله نورا لما يحصل به من الإشراق والإضاءة، وهما متلازمان. فحيث وجدت هذه الحياة بهذا الروح وجدت الإضاءة والاستنارة، وحيث وجدت الاستنارة والإضاءة وجدت الحياة.
فمن لم يقبل قلبه هذا الروح فهو ميت مظلم، كما أن من فارق بدنه روح الحياة فهو هالك مضمحل.
فلهذا يضرب سبحانه وتعالى المثلين المائي والناري لما يحصل بالماء من الحياة، وبالنار من الإشراق والنور، كما ضرب ذلك في أول سورة البقرة.

.سورة الدخان:

بسم اللّه الرحمن الرحيم

.تفسير الآية رقم (51):

{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ (51)}
المقام: موضع الإقامة. و(الأمين) الآمن من كل سوء وآفة ومكروه. وهو الذي قد جمع صفات الأمن كلها. فهو آمن من الزوال والخراب، وأنواع النقص. وأهله آمنون فيه من الخروج والنقص والنكد، والبلد الأمين الذي قد أمن أهله فيه مما يخاف منه سواهم.
وتأمل كيف ذكر سبحانه الأمن في قوله: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ} [44: 51] وفي قوله تعالى: {يَدْعُونَ فِيها بِكُلِّ فاكِهَةٍ آمِنِينَ} [44: 55] فجمع لهم بين أمن المكان. وأمن الطعام. فلا يخافون انقطاع الفاكهة، ولا سوء عاقبتها ومضرتها وأمن الخروج منها. فلا يخافون ذلك، وأمن الموت، فلا يخافون فيها موتا.
{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ يَلْبَسُونَ مِنْ سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقابِلِينَ كَذلِكَ وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ يَدْعُونَ فِيها بِكُلِّ فاكِهَةٍ آمِنِينَ لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى وَوَقاهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ} [44: 52- 56].
جمع لهم بين حسن المنزل وحصول الأمن فيه من كل مكروه، واشتماله على الثمار والأنهار، وحسن اللباس، وكمال العشرة بمقابلة بعضهم بعضا، وتمام اللذة بالحور العين، ودعائهم لجميع أنواع الفاكهة، مع أمنهم من انقطاعها ومضرتها وغائلتها، وختام ذلك: أعلمهم بأنهم لا يذوقون فيها هناك موتا.

.تفسير الآية رقم (54):

{كَذلِكَ وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (54)}
والحور جمع حوراء. وهي المرأة الشابة الحسناء، الجميلة، البيضاء شديدة سواد العين.
وقال زيد بن أسلم: الحوراء التي يحار فيها الطرف. و{عين} حسان الأعين.
وقال مجاهد: الحوراء التي يحار فيها الطرف، من رقة الجلد، وصفاء اللون.
وقال الحسن: الحوراء شديدة بياض العين، شديدة سواد العين.
واختلف في اشتقاق هذه اللفظة. فقال ابن عباس: الحور في كلام العرب: البيض. وكذلك قال قتادة: والحور البيض.
وقال مقاتل: الحور البيض الوجوه وقال مجاهد: الحور العين: التي يحار فيهن الطرف، باديا مخ سوقهن من وراء ثيابهن، ويرى الناظر وجهه في كبد إحداهن، كالمرآة من رقة الجلد وصفاء اللون، وهذا من الاتفاق. وليست اللفظة مشتقة من الحيرة. وأصل الحور: البياض، والتحوير التبييض. والصحيح: أن الحور مأخوذ من الحور في العين، وهو شدة بياضها مع قوة سوادها. فهو يتضمن الأمرين. وفي الصحاح للجوهري (الحور) شدة بياض العين في شدة سوادها، وامرأة حوراء بينة الحور.
وقال أبو عمرو:الحور: أن تسود العين كلها، مثل أعين الظباء والبقر. وليس في بني آدم حور وإنما قيل للنساء: حور العين. لأنهن شبهن بالظباء والبقر.
وقال الأصمعي: ما أدري ما الحور في العين؟ قلت: خالف أبو عمرو أهل اللغة في اشتقاق اللفظة، ورد الحور إلى السواد، والناس غيره إنما ردوه إلى البياض، وإلى بياض في سواد.
والحور في العين معنى يلتئم من حسن البياض والسواد وتناسبهما، واكتساب كل واحد منهما الحسن من الآخر. ويقال عين حوراء، إذا اشتد بياض أبيضها وسواد أسودها. ولا تسمى المرأة حوراء حتى يكون مع حور عينها بياض لون الجسد.
والعين جمع عيناء. وهي العظيمة العين من النساء، ورجل أعين: إذا كان ضخم العين. وامرأة عيناء. والجمع عين. والصحيح: أن العين هن اللاتي جمعت أعينهن صفات الحسن والملاحة.
قال مقاتل: العين حسان الأعين. ومن محاسن المرأة: اتساع عينها في طول. وضيق العين في المرأة من العيوب.
{وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ} [44: 54] قال أبو عبيدة: جعلناهم أزواجا، كما يزوج النعل بالنعل. جعلناهم اثنين اثنين.
وقال يونس: قرناهم بهن، وليس من عقد التزويج. قال: والعرب لا تقول: تزوجت بها، وإنما تقول: تزوجتها.
قال ابن نصر: هذا والتنزيل يدل على ما قاله يونس.
وذلك قوله تعالى: {فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها} [33: 37] ولو كان على تزوجت بها لقال: زوجناك بها.
وقال ابن سلام: تميم تقول: تزوجت امرأة. وتزوجت بها. وحكاه الكسائي أيضا.
قال الأزهري: تقول العرب: زوجته امرأة، وتزوجت امرأة وليس من كلامهم: تزوجت بامرأة.
قوله تعالى: {وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ} أي قرناهم، وقال الفراء: هي لغة في أزد شنوءة.
قال الواحدي: وقول أبي عبيدة في هذا أحسن، لأنه جعله من التزويج الذي هو بمعنى جعل الشيء زوجا. لا بمعنى عقد النكاح. ومن هذا يجوز أن يقال: كان فردا فزوجته بآخر، كما يقال: شققته بآخر. وإنما تمنع الباء عند من يمنعها إذا كان بمعنى عقد التزويج.
قلت: ولا يمتنع أن يراد الأمران معا. فلفظ التزويج يدل على النكاح. كما قال مجاهد: أنكحناهم الحور. ولفظ الباء تدل على الاقتران والضم. وهذا أبلغ من حذفها واللّه أعلم.

.سورة الجاثية:

بسم اللّه الرحمن الرحيم

.تفسير الآية رقم (23):

{أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (23)}
الغشاوة: هي الغطاء. وهذا الغطاء سرى إليها من غطاء القلب. فإن ما في القلب من الخير والشر يظهر على العين، فالعين مرآة القلب، تظهر ما فيه. وأنت إذا بغضت رجلا بغضا شديدا أبغضت كلامه ومجالسته، فتجد على عينك غشاوة عند رؤيته ومخالطته. فذلك أثر البغض والإعراض عنه.
وغلطت الغشاوة على الكفار عقوبة لهم على إعراضهم ونفورهم عن الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم، وعما جاء به من الهدى ومن الحق. وجعل الغشاوة عليها يشعر بالإحاطة على ما تحتها كالغمامة، ولما غشوا عن ذكره الذي أنزله صار ذلك الغشي غشاوة على أعينهم، فلا تبصر مواقع الهدى.

.سورة الأحقاف:

بسم اللّه الرحمن الرحيم

.تفسير الآية رقم (15):

{وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15)}
قال الزجاج من نحو سبع عشرة سنة إلى نحو الأربعين.
وقال ابن عباس في رواية عطاء: سن الأشد ثلاث وثلاثون سنة. وروي عنه أيضا ثلاثون.
وقال الضحاك: عشرون سنة.
وقال مقاتل ثماني عشرة.
وقد أحكم الأزهري تفسير اللفظة، فقال بلوغ الأشد يكون من وقت بلوغ الإنسان مبلغ الرجال إلى أربعين سنة، قال: فبلوغ الأشد مرتبة بين البلوغ وبين الأربعين.
ومعنى اللفظة من الشدة، وهي القوة والجلادة، والشديد الرجل القوي. فالأشد القوي.
قال الفراء واحدها شد في القياس، ولم أسمع لها بواحد.
وقال أبو الهيثم: واحدها شدة كالنعمة وأنعم.
وقال بعض أهل اللغة: واحدها شد- بضم الشين-.
وقال آخرون منهم هو اسم مفرد وليس لجمع حكاه ابن الأنباري.

.سورة محمد:

بسم اللّه الرحمن الرحيم

.تفسير الآية رقم (24):

{أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها (24)}
قال ابن عباس: يريد على قلوب هؤلاء أقفال.
وقال مقاتل: يعني الطبع على القلب. وكأن القلب بمنزلة الباب المرتج، الذي قد ضرب عليه قفل. فإنه إن ما لم يفتح القفل لا يمكن فتح الباب والوصول إلى ما وراءه. وكذلك ما لم يرفع الختم والقفل عن القلب لم يدخل الإيمان ولا القرآن.
وتأمل تنكير القلوب وتعريف الأقفال بالإضافة إلى ضمير القلوب. فإن تنكير القلوب يتضمن إرادة قلوب هؤلاء من هم بهذه الصفة. ولو قال: أم على القلوب أقفالها. لم تدخل قلوب غيرهم في الجملة.
وفي قوله: {أقفالها} بالتعريف نوع تأكيد. فإنه لو قال: أقفال. لذهب الوهم إلى ما يعرف بهذا الاسم. فلما أضافها إلى ضمير القلوب علم أن المراد بها ما هو للقلب بمنزلة العقل للباب، فكأنه أراد أقفالها المختصة بها، التي لا تكون لغيرها واللّه أعلم.

.سورة الحجرات:

بسم اللّه الرحمن الرحيم

.تفسير الآية رقم (6):

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ (6)}
نزلت في الوليد بن عقبة بن أبي معيط، لما بعثه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إلى بني المصطلق- بعد الوقعة- مصدّقا. وكان بينه وبينهم عداوة في الجهلية. فلما سمع به القوم تلقوه، تعظيما لأمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
فحدثه الشيطان: أنهم يريدون قتله، فهابهم، ورجع من الطريق إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وهمّ أن يغزوهم، فبلغ القوم رجوعه، فأتوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقالوا: يا رسول اللّه سمعنا برسولك، فخرجنا نتلقاه ونكرمه، ونؤدي إليه ما قبلنا من حق اللّه، فبدا لنا، فخشينا أنه إنما رده من الطريق كتاب جاءه منك لغضب غضبته علينا. وإنا نعوذ باللّه من غضبه وغضب رسوله. فاتهمهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وبعث خالد بن الوليد خفية في عسكر، وأمره أن يخفي عليهم قدومه، وقال له: «انظر، فإن رأيت منهم ما يدل على إيمانهم فخذ منهم زكاة أموالهم. وإن لم تر ذلك فاستعمل فيهم ما تستعمل في الكفار» ففعل ذلك خالد، ووافاهم، فسمع منهم أذان صلاتي المغرب والعشاء، فأخذ منهم صدقاتهم، ولم ير منهم إلا الطاعة والخير. فرجع إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وأخبره الخبر. فنزلت: {يا أ َيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [49: 6].
والنبأ هو الخبر الغائب عن المخبر، إذا كان له شأن. والتبيّن طلب بيان حقيقته، والإحاطة بها علما.
وهاهنا فائدة لطيفة. وهي أنه سبحانه لم يأمر برد خبر الفاسق وتكذيبه وشهادته جملة. وإنما أمر بالتبين. فإن قامت قرائن وأدلة من خارج تدل على صدقه عمل بدليل الصدق، ولو أخبر به من أخبر.
فهكذا ينبغي الاعتماد في رواية الفاسق وشهادته. وكثير من الفاسقين يصدقون في أخبارهم ورواياتهم وشهاداتهم، بل كثير منهم يتحرى الصدق غاية التحري، وفسقه من جهات أخر. فمثل هذا لا يرد خبره ولا شهادته، ولو ردت شهادة مثل هذا وروايته لتعطلت أكثر الحقوق، وبطل كثير من الأخبار الصحيحة، ولا سيما من فسقه من جهة الكذب: فإن كثر منه وتكرر، بحيث يغلب كذبه على صدقه. فهذا لا يقبل خبره ولا شهادته.
وإن ندر منه مرة أو مرتين ففي رد شهادته وخبره بذلك قولان للعلماء، وهما روايتان عن الإمام أحمد رحمهم اللّه.