فصل: تفسير الآية رقم (60):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير ابن عبد السلام (نسخة منقحة)



.تفسير الآية رقم (60):

{وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (60)}
{يَتَوَفَّاكُم} بالنوم. {جَرَحْتُم} كسبتم بجواركم، جوارح الطير: كواسبها. {يَبْعَثُكُمْ} في النهار باليقظة. {أَجَلٌ مُّسَمّىً} استكمال العمر. {مَرْجِعُكُمْ} بالبعث.

.تفسير الآية رقم (61):

{وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ (61)}
{الْقَاهِرُ} الأقدر، فوقهم: في القهر كما يقال فوقه في العلم إذا كان أعلم، أو علا بقهره. {حَفَظَةً} الملائكة. {لا يُفَرِّطُونَ} لا يؤخرون، أو لا يضيعون.

.تفسير الآية رقم (62):

{ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ (62)}
{رُدُّواْ} ردتهم الملائكة الذين يتوفونهم، أو ردّهم الله بالبعث والنشور، أي ردّهم إلى تدبيره وحده، لأنه دبرهم عند النشأة وحده، ثم مكنهم من التصرف فدبروا أنفسهم، ثم ردّهم إلى تدبيره وحده بموتهم، فكان ذلك ردّاً إلى الحالة الأولى، أو ردّوا إلى الموضع الذي لا يملك الحكم عليهم فيه إلا الله. {أَلا لَهُ الْحُكْمُ} بين عباده يوم القيامة وحده، أو له الحكم مطلقاً لأن من سواه يحكم بأمره فصار حكماً له.

.تفسير الآية رقم (65):

{قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ (65)}
{مِّن فَوْقِكُمْ} أئمة السوء {أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} عبيد السوء قاله ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أو من فوقهم: الرجم، ومن تحتهم: الخسف، أو من فوقهم: الطوفان، ومن تحتهم: الريح. {يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً} الأهواء المختلفة، أو الفتن والاختلاف. {بَأْسَ بَعْضٍ} بالحروب والقتل، نزلت في المشركين، أو في المسلمين وشق نزولها على الرسول صلى الله عليه وسلم وقال: «إني سألت ربي أن يجيرني من أربع فأجارني من خصلتين، ولم يجرني من خصلتين، سألته أن لا يهلك أمتي بعذاب من فوقهم كما فعل بقوم نوح عليه الصلاة والسلام وبقوم لوط، فأجابني، وسألته أن لا يهلك أمتي بعذاب من تحت أرجلهم كما فعل بقارون فأجابني، وسألته أن لا يفرقهم شيعاً فلم يجبني، وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فلم يجبني»، ونزل {الم أَحَسِبَ الناس أَن يتركوا} [العنكبوت: 1، 2].

.تفسير الآية رقم (66):

{وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (66)}
{وَكَذَّبَ بِهِ} بالقرآن، أو بتصريف الآيات. {وَهُوَ الْحَقُّ} أي ما كذبوا به، والفرق بينه وبين الصواب: أنّ الصواب لا يدرك إلا بطلب، والحق قد يدرك بغير طلب. {بِوَكِيلٍ} بحفيظ أمنعكم من الكفر، أو بحفيظ لأعمالكم حتى أجازيكم عليها، أو لا آخذكم بالإيمان إجباراً كما يأخذ الوكيل بالشيء.

.تفسير الآية رقم (67):

{لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (67)}
{لِّكُلِّ نَبَإٍ} أخبر الله تعالى به من وعد أو وعيد مستقر في المستقبل أو الماضي أو الحاضر، أو مستقر في الدنيا أو الآخرة، أو هو وعيد للكفار بما ينزل بهم في الآخرة، أو وعيد بما يحلّ بهم في الدنيا.

.تفسير الآية رقم (69):

{وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَلَكِنْ ذِكْرَى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (69)}
{وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ} الله في أمره ونهيه من حساب استهزاء الكفار وتكذيبهم مأثم لكن عليهم تذكرهم بالله وآياته لعلهم يتقون الاستهزاء والتكذيب، أو ما على الذين يتّقون من تشديد الحساب والغلظة ما على الكفار، لأن محاسبتهم ذكرى وتخفيف، ومحاسبة الكفار غلظة وتشديد، لعلهم يتقون إذا علموا ذلك، أو ما على الذين يتّقون فيما فعلوه من ردّ وصد حساب ولكن اعدلوا إلى تذكيرهم بالقول قبل الفعل لعلهم يتقون.

.تفسير الآية رقم (70):

{وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لَا يُؤْخَذْ مِنْهَا أُولَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِمَا كَسَبُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ (70)}
{وَذَرِ الَّذِينَ} منسوخة، أو محكمة على جهة التهديد، كقوله: {ذَرْنِى وَمَنْ خَلَقْتُ} [المدثر: 11]. {دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً} استهزاؤهم بالقرآن إذا سمعوه، أو لكل قوم عيد يلهون فيه إلا المسلمون فإن أعيادهم صلاة وتكبير وبرّ وخير. {أَن تُبْسَلَ} تُسْلَم، أو تُحبس، أو تُفضح، أو تؤخذ بما كسبت أو تجزى، أو ترتهن، أسد باسل: يرتهن الفريسة بحيث لا تفلت، وأصل الإبسال: التحريم، شراب بسيل: حرام. قال:
بَكَرت تلومك بَعْدَ وَهنٍ في الندى ** بَسْلٌ عليكِ ملامتي وعتابي

{وَإِن تَعْدِلْ} تفتدِ بكل مال، أو بالإسلام والتوبة.

.تفسير الآية رقم (71):

{قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (71)}
{أَنَدْعُواْ} أنطلب النجاح، أو أنعبد. {اسْتَهْوَتْهُ} دعته إلى قصدها واتباعها، كقوله: {تهوى إِلَيْهِمْ} [إبراهيم: 37] أي تقصدهم وتتبعهم، أو تأمره بالهوى، قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما نزلت في أبي بكر وامرأته لما دعوا ابنهما (عبد الرحمن) أن يأتيهما إلى الإسلام.

.تفسير الآية رقم (73):

{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (73)}
{خَلَقَ السَّمَاوَاتِ والأَرْضَ بِالْحَقِ} بالحكمة، أو الإحسان إلى العباد، أو بكلمة الحق، أو نفس خلقهما حق. {كُن فَيَكُونُ} يقول ليوم القيامة كن فيكون لا يثني إليه القول مرة أخرى، أو يقول للسماوات كوني قرناً ينفخ فيه لقيام الساعة فتكون صوراً كالقرن وتبدل سماء أخرى. {الصُّورِ} قرن ينفخ فيه للإفناء والإعادة، أو جمع صورة ينفخ فيها أرواحها. {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ} أي الذي خلق السموات والأرض عالم الغيب والشهادة، أو الذي ينفخ في الصور عالم الغيب.

.تفسير الآية رقم (74):

{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آَزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آَلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (74)}
{ءَازَرَ} اسم أبي إبراهيم عليه الصلاة والسلام كان من أهل (كوثى) قرية من سواد الكوفة، أو آزر ليس باسم بل سب وعيب معناه: (معوج)، كأنه عابه باعوجاجه عن الحق، وضاع حق أبوته بتضييعه حق الله تعالى، أو آزر اسم صنم وكان اسم أبيه (تارح).

.تفسير الآية رقم (75):

{وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (75)}
{وَكَذَلِكَ} (ذا) إشارة لما قرب، و(ذاك) لما بعد، و(ذلك) لتفخيم شأن ما بعد. {مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ والأَرْضِ} آياتهما، أو خلقهما، أو ملكها، والملكوت: الملك نبطي، أو عربي، ملك وملكوت: كرهبة ورهبوت، ورحمة ورحموت، وقالوا: رهبوت خير من رحموت أي ترهب خير من أن ترحم، أو الشمس والقمر والنجوم، أو {مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ} الشمس والقمر والنجوم، وملكوت الأرض الجبال والثمار والشجر.

.تفسير الآية رقم (76):

{فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآَفِلِينَ (76)}
{جَنَّ عَلَيْهِ الَّيْلُ} ستره، الجِن والجَنين لاستتارهما، والجنة والجنون والمجن لسترها. {رَءَا كَوْكَباً} قيل هو الزهرة طلعت عشاء. {هَذَا رَبِّى} في ظني، قاله حال استدلاله، أو اعتقد أنه ربه، أو قال ذلك وهو طفل، لأن أمه جعلته في غار حذراً عليه من نمروذ فلما خرج قال: ذلك قبل قيام الحجة عليه، لأنه في حال لا يصح منه كفر ولا إيمان، ولا يجوز أن يقع من الأنبياء صلوات الله تعالى وسلامه عليهم أجمعين شرك بعد البلوغ، أو قاله على وجه التوبيخ والإنكار الذي يكون مع ألف الاستفهام أو أنكر بذلك عبادته الأصنام إذ كانت الكواكب لم تضعها يد بشر ولم تعبد لزوالها فالأصنام التي هي دونها أجدر. {لآ أُحِبُّ الأَفِلِينَ} حب الربّ المعبود، أفل: غاب.

.تفسير الآية رقم (77):

{فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (77)}
{بَازِغاً} طالعاً بزغ: طلع.

.تفسير الآية رقم (82):

{الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (82)}
{الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ} من قول الله تعالى، أو من قول إبراهيم عليه الصلاة والسلام، أو من قول قومه قامت به الحجة عليهم {بِظُلْمٍ} بشرك لما نزلت شق على المسلمين، وقالوا: أينا لم يظلم نفسه، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: «ليس كما تضنون، وإنما هو كقول لقمان لابنه» {لاَ تُشْرِكْ بالله إِنَّ الشرك لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13] أو المراد جميع أنواع الظلم فعلى هذا هي عامة، أو خاصة بإبراهيم عليه الصلاة والسلام وحده، قاله علي رضي الله تعالى عنه، أو خاصة فيمن هاجر إلى المدينة.

.تفسير الآية رقم (83):

{وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آَتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (83)}
{حُجَّتُنَآ} قوله فأي الفريقين أحقّ بالأمن؟ عبادة إله واحد أو آلهة شتى، فقالوا: عبادة إله واحد فأقرّوا على أنفسهم، أو قالوا له: ألا تخاف أن تخبلك آلهتنا؟ فقال: أما تخافون أن تخبلكم بجمعكم الصغير مع الكبير في العبادة؟ أو قال لهم: أتعبدون ما لا يملك لكم ضرّاً ولا نفعاً أم من يملك الضرّ والنفع؟، فقالوا: ما لك الضرّ والنفع أحق. وهذه الحجة استنبطها بفكره، أو أمره بها ربه.

.تفسير الآية رقم (89):

{أُولَئِكَ الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ (89)}
{فَإِنَ يَكْفُرْ بِهَا} قريش {فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا} الأنصار، أو إن يكفر بها أهل مكة فقد وكلنا أهل المدينة، أو إن يكفر بها قريش فقد وكلنا بها الملائكة، أو الأنبياء الثمانية عشر المذكورين من قبل {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ} [الأنعام: 84]، أو جميع المؤمنين. {وَكَّلْنَا بِهَا} أقمنا لحفظها ونصرها يعني الكتب والشرائع.

.تفسير الآية رقم (91):

{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آَبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ (91)}
{وَمَا قَدَرُواْ اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} ما عظموه حقّ عظمته، أو ما عرفوه حقّ معرفته، أو ما آمنوا أنه على كلّ شيء قدير. {إِذْ قَالُواْ} قريش، أو اليهود فردّ عليهم بقول {مَنْ أَنزَلَ الكِتَابَ الَّذِى جَآءَ بِهِ مُوسَى} لاعترافهم به. {وَتُخْفُونَ كَثِيراً} نبوّة محمد صلى الله عليه وسلم.

.تفسير الآية رقم (92):

{وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (92)}
{مُّصَدِّقُ الَّذِى بَيْنَ يَدَيْهِ} من الكتب، أو من البعث. {أُمَّ الْقُرَى} أهل أم القرى مكة لاجتماع الناس إليها كاجتماع الأولاد إلى الأم، أو لانها أول بيت وضع فكأن القوى نشأت عنها، أو لأنها معظمة كالأم قاله الزجاج. {وَمَنْ حَوْلَهَا} أهل الأرض كلها قاله ابن عباس رضي الله تعالى عنهما {يُؤْمِنُونَ بِهِ} بالكتاب، أو بمحمد صلى الله عليه وسلم، ومن لا يؤمن به من أهل الكتاب فلا يعتد بإيمانه بالآخرة.

.تفسير الآية رقم (93):

{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آَيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ (93)}
{مِمَّنِ افْتَرَى} نزلت في مسيلمة، أو فيه وفي العَنْسي {وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ} مسيلمة، أو مسيلمة والعنسي، أو عبد الله بن سعد بن أبي السرح كان يكتب للرسول صلى الله عليه وسلم فإذا قال له: غفور رحيم، كتب سميع عليم، أو عزيز حليم، فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم هما سواء حتى أملى عليه {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان مِن سُلاَلَةٍ} [المؤمنون: 12] إلى قوله: {خَلْقاً آخَرَ} [المؤمنون: 14]، فقال ابن أبي السرح: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} تعجباً من تفصيل خلق الإنسان، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم هكذا أُنزلت، فشك وارتدّ. {بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ} بالعذاب، أو لقبض الأرواح. {أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ} من العذاب، أو من الأجساد {الْهُونِ} الهوان، والهَوْن: الرفق.

.تفسير الآية رقم (94):

{وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (94)}
{خَوَّلْنَاكُمْ} التخويل: تمليك المال. {شُفَعَآءَكُمُ} آلهتكم، أو الملائكة الذين اعتقدتم شفاعتهم. {فِيكُمْ شُرَكَآؤُاْ} شفعاء، أو يتحملون عنكم تحمل الشريك عن شريكه.