فصل: تفسير الآية رقم (117):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير ابن عبد السلام (نسخة منقحة)



.تفسير الآية رقم (117):

{وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ (117)}
{عَصَاكَ} هي أول آيات موسى عليه الصلاة والسلام من آس الجنة، طولها عشرة أذرع بطول موسى عليه الصلاة والسلام، فضرب بها باب فرعون ففزع فشاب فخضب بالسواد حياء من قومه، وكان أول من خضب بالسواد، قاله ابن عباس رضي الله تعالى عنهما. {تَلْقَفُ} التلقُف: التناول بسرعة، يريد ابتلاعها بسرعة. {يَأْفِكُونَ} يقلبون، المؤتفكات: المنقلبات، أو يكذبون من الإفك.
{ألْقُواْ} تقديره (إن كنتم محقين)، أو أَلقوا على ما يصح ويجوز دون ما لا يصح.

.تفسير الآية رقم (118):

{فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (118)}
{فَوَقَعَ الْحَقُّ} ظهرت العصا على حبال السحرة، أو ظهرت نبوة موسى عليه الصلاة والسلام على ربوبية فرعون.

.تفسير الآية رقم (120):

{وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (120)}
{سَاجِدِينَ} لله إيماناً بربوبيته، أو لموسى عليه الصلاة والسلام تسليماً له وإيماناً بنبوّته، أُلهموا السجود لله تعالى أو رأوا موسى عليه الصلاة والسلام وهارون سجدا شكراً عند الغلبة فاقتدوا بهما.

.تفسير الآية رقم (127):

{وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآَلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ (127)}
{الْمَلأُ} الأشراف، أو الرؤساء، أو الرهط، والنفر: (الرجال الذين لا نساء معهم)، والرهط أقوى من النفر وأكبر، والملأ: المليئون بما يراد منهم، أو تملأ النفوس هيبتهم، أو يملؤون صدور المجالس، وإنما أنكروا على فرعون، لأنهم رأوا منه خلاف عادة الملوك في السطوة بمن أظهر مخالفتهم، وكان ذلك لطفاً من الله تعالى بموسى عليه الصلاة والسلام. {لِيُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ} بعبادة غيرك، أو بالغلبة عليها وأخذ قومه منها. {وَءَالِهَتَكَ} كان يعبد الأصنام وقومه يعبدونه، أو كان يعبد ما يستحسن من البقر ولذلك أخرج السامري العجل وكان معبوداً في قومه، أو أصنام كان يعبدها قومه تقرباً إليه، قاله الزجاج، قرأ ابن عباس رضي الله تعالى عنهما {وءَالهتَك} أي وعبادتك وقال: كان فرعون يُعْبَد ولا يَعْبُد. {سَنُقَتِّلُ أَبْنَآءَهُمْ} عدل عن قتل موسى إلى قتلهم، لأنه علم أنه لا يقدر على قتل موسى عليه الصلاة والسلام إما لقوته، أو لأنه مصروف عن قتله فأراد استئصال بني إسرائيل ليضعف عنه موسى. {وَنَسْتَحْىِ نِسَآءَهُمْ} نفتش حياءهن عن الولد، والحياء: الفرج، والأظهر أنه نبقهن أحياء لضعفهن عن المنازعة والمحاربة.

.تفسير الآية رقم (128):

{قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (128)}
{يُورِثُهَا مَن يَشَآءُ} أعلمهم أن الله تعالى يورثهم أرض فرعون، أو سلاهم بأن الأرض لا تبقى على أحد حتى تبقى لفرعون.

.تفسير الآية رقم (129):

{قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (129)}
{أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِيَنَا} بالاستبعاد وقتل الأبناء {وَمِن بَعْدِ} بالوعيد بإعادة ذلك عليهم، أو بالجزية من قبل مجيئه وبعده، أو كانوا يضربون اللَّبِنَ ويُعطون التبن فلما جاء صاروا يضربون اللَّبِنَ وعليهم التبن أو كانوا يسخرون في الأعمال نصف النهار ويكسبون لأنفسهم في النصف الآخر فلما جاء سخَّرهم جميع النهار بغير طعام ولا شراب {مِن قَبْلِ أَن تَأَتِيَنَا} بالرسالة {وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا} بها، أو من قبل أن تأتينا بعهد الله تعالى أنه يخلِّصنا، ومن بعد ما جئتنا به شكوا ذلك استغاثة منهم بموسى عليه الصلاة والسلام أو استبطاء لوعده. {عَسَى} في اللغة طمع وإشفاق، وهي من الله تعالى إيجاب ويقين ويحتمل أن يكون رجاهم ذلك. {وَيَسْتَخْلِفَكُمْ} يجعلكم خلفاً من فرعون، أو يجعلكم خلفاً لنفسه لأنكم أولياؤه. {الأَرْضِ} أرض مصر، أو الشام. {فَيَنظُرَ} فيرى، أو فيعلم أولياؤه. وعدهم بالنصر، أو حذّرهم من الفساد، لأن الله تعالى ينظر كيف تعملون في طاعته أو خلافته.

.تفسير الآية رقم (130):

{وَلَقَدْ أَخَذْنَا آَلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (130)}
{بِالسِّنِينَ} الجوع، أو الجدوب، أخذتهم السنة: قحطوا، قال الفراء: بالسنين: القحط عاماً بعد عام، قيل قحطوا سبع سنين.

.تفسير الآية رقم (131):

{فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (131)}
{الْحَسنَةُ} الخصب، والسيئة: الجدب، أو الحسنة: السلامة والأمن، والسيئة: الأمراض والخوف. {لَنَا هَذِهِ} أي كانت هذه حالنا في أوطاننا قبل اتباعنا لك. {يَطَّيَّرُواْ} يتشاءموا، يقولون: هذه بطاعتنا لك. {طَآئِرُهُمْ} حظهم من العقاب، أو طائر البركة، والشؤم من الخير والشر والنفع والضر من عند الله تعالى لا صنع فيه لمخلوق.

.تفسير الآية رقم (133):

{فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آَيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ (133)}
{الطُّوفَانَ} الغرق بالماء الزائد، أو الطاعون، أو الموت، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: «الطوفان: الموت» أو أمر من الله تعالى طاف بهم، أو المطر والريح، أو عذاب، (قيل: دام بهم ثمانية أيام من السبت إلى السبت، قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: فما زال الطوفان حتى خرج زرعهم حسناً، فقالوا: هذه نعمة فأرسل الله تعالى عليهم الجراد بعد شهر فأكل جميع نبات الأرض وبقي من السبت إلى السبت، ثم طلع بعد الشهر من الزرع ما قالوا هذا يكفينا فأرسل الله تعالى عليهم القُمَّل فسحقها)، وهو الدبا صغار الجراد لا أجنحة له، أو سوس الحنطة، أو البراغيث، أو القردان، أو ذوات سود صغار. {وَالدَّمَ} الرعاف، أو صار ماء شربهم دماً عبيطاً. {مُّفَصَّلاتٍ} مبينات لنبوة موسى عليه الصلاة والسلام أو انفصل بعضها عن بعض فكان بين كل آيتين شهر. {فَأسْتَكْبَرُواْ} عن الإيمان بموسى عليه الصلاة والسلام، أو عن الاتعاض بالآيات.

.تفسير الآية رقم (134):

{وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (134)}
{الرِّجْزُ} العذاب، أو طاعون أهلك من القبط سبعين ألفاً {بِمَا عَهِدَ عِندَكَ} الباء للقسم، أو بما أوصاك أن تفعله في قومك، أو بما عهده إليك أن تدعوه به فيجيبك.

.تفسير الآية رقم (137):

{وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ (137)}
{مَشَارِقَ الأَرْضِ} الشرق والغرب، أو أرض الشام ومصر، أو الشام وحدها شرقها وغربها. {بَارَكْنَا فِيهَا} بالخصب، أو بكثرة الثمار والأشجار والأنهار. {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ} بإهلاك عدوهم واستخلافهم او بما وعدهم به بقوله تعالى: {وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ} الآيتين [القصص: 5، 6] {الْحُسْنَى} لأنها وعد بما يحبون. {بِمَا صَبَرُواْ} على طاعة الله تعالى أو على أذى فرعون.

.تفسير الآية رقم (139):

{إِنَّ هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (139)}
{مُتَبَّرٌ} باطل أو ضلال، أو مُهلك، والتبر: الذهب، لأن معدنه مهلك، أو لكسره، وكل إناء مكسور متبر، قاله الزجاج.

.تفسير الآية رقم (141):

{وَإِذْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (141)}
{بَلآءٌ} في خلاصكم، أو فيما فعلوه بكم، والبلاء: الاختبار بالنعم، أو النقم.

.تفسير الآية رقم (142):

{وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ (142)}
{ثَلاثِينَ لَيْلَةً} أمر بصيامها، والعشر بعدها أجل المناجاة، أو الأربعون كلها أجل الميقات للمناجاة، قيل ذو القعدة وعشر من ذي الحجة. تأخر عنه قومه في الأجل الأول فزادهم الله تعالى العشر ليحضروه، أو لأنهم عبدوا العجل بعده فزاد الله تعالى العشر عقوبة لهم، {فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} تأكيد، أو لبيان أن العشر ليالي وليست بساعات، أو لبيان أن العشر زائد على الثلاثين غير داخل فيها، لأن تمام الشيء يكون بعضه.

.تفسير الآية رقم (143):

{وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (143)}
{أَرِنِى} سأل الرؤية ليجاب بما يحتج به على قومه إذ قالوا {أَرِنَا الله جَهْرَةً} [النساء: 153] مع علمه أنه لا يجوز أن يراه في الدنيا، أو كان يعلمه باستدلال فأحبَّ أن يعلمه ضرورة، أو كان يظن ذلك حتى ظهر له ما ينفيه. {تَجَلَّى} ظهر بآياته التي أحدثها في الجبل لحاضري الجبل، أو ظهر من ملكوته للجبل ما تدكدك به، لأن الدنيا لا تقوم لما يظهر من ملكوت السماء، أو ظهر قدر الخنصر من العرش، أو أظهر أمره للجبل، والتجلَّي: الظهور، ومنه جلاء المرآة وجلاء العروس. {دَكّاً} مستوياً بالأرض، ناقة دكاء لا سنام لها، أو ساخ في الأرض أو صار تراباً، قاله ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أو صار قطعاً. {صَعِقاً} ميتاً، أو مغشياً عليه، قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أخذته العشية عشية الخميس يوم عرفة فأفاق عشية الجمعة يوم النحر وفيه نزلت عليه التوراة، فيها عشرة آيات نزلت في القرآن في ثماني عشرة آية من بني إسرائيل. {تُبْتُ} من السؤال قبل الإذن، أو من تجويز الرؤية في الدنيا، أو ذكر ذلك على جهة التسبيح، لأن المؤمن يسبِّح عند ظهور الآيات. {أَوَّلُ الْمؤْمِنِينَ} أنه لا يراك شيء من خلقك في الدنيا، أو باستعظام سؤال الرؤية.

.تفسير الآية رقم (145):

{وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ (145)}
{وَكَتَبْنَا} فرضنا ك {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصيام} [البقرة: 183] أو خططنا بالقلم. {الأَلْوَاحِ} زمرد أخضر، أو ياقوت، أو بُرد، أو خشب، أًخذ اللوح من أن المعاني تلوح بالكتابة فيه. {مِن كُلِّ شَيْءٍ} يحتاج إليه في الدين من حرام، أو حلال، أو مباح، أو واجب، أو غير واجب، أو كل شيء من الحِكم والعِبر. {مَّوْعِظَةً} بالنواهي {وَتَفْصِيلاً} بالأوامر، أو موعظة: بالزواجر، وتفصيلاً: بالأحكام، وكانت سبعة ألواح. {بِقُوَّةٍ} بجد واجتهاد، أو بطاعة، أو بصحة عزيمة، أو بشكر. {بِأَحْسَنِهَا} الفرائض أحسن من المباح، أو بناسخها دون منسوخها أو المأمور أحسن من ترك المنهي وإن كانا طاعة. {دَارَ الْفَاسِقِينَ} جهنم، أو منازل الهلكى ليعتبروا بنكالهم، أو مساكن الجبابرة والعمالقة بالشام، أو مصر دار فرعون.

.تفسير الآية رقم (146):

{سَأَصْرِفُ عَنْ آَيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آَيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (146)}
{سَأَصْرِفُ عَنْ ءَايَاتِىَ} أمنع عن فهم القرآن، أو أجزيهم على كفرهم بإضلالهم عما جاء به من الحق، أو أصرفهم عن دفع الانتقام عنهم {يَتَكَبَّرُونَ} عن الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم أو يحقرون الناس ويرون لهم عليهم فضلاً. {الرُّشْدِ} الإيمان، والغي: الكفر، أو الرشد: الهدى، والغي: الضلال. {غَافلِينَ} عن الإيمان، أو عن الجزاء.

.تفسير الآية رقم (150):

{وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (150)}
{أَسِفاً} حزيناً، أو شديد الغضب، أو مغتاظاً، أو نادماً. والأَسِف: المتأسف على فوت ما سلف، غضب عليهم لعبادة العجل أسفاً على ما فاته من المناجاة، أو غضب على نفسه من تركهم حتى ضلُّوا أسفاً على ما رآهم عليه من المعصية، قال بعض المتصوفة: أغضبه الرجوع عن مناجاة الحق إلى مخالطبة الخلق. {أَمْرَ رَبِّكُمْ} وعده بالأربعين، ظنوا موت موسى عليه الصلاة والسلام لما لم يأتهم على رأس الثلاثين، أو وعده بالثواب على عبادته فعدلتم إلى عبادة غيره، والعجلة: التقدم بالشيء قبل وقته، والسرعة: عمله في أول أوقاته. {وَأَلْقَى الأَلْوَاحَ} غضباً لما رأى عبادة العجل، قاله ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أو لما رأى فيها أن أمة محمد صلى الله عليه وسلم خيرُ أمة أُخرجت للناس، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويؤمنون بالله، قال: رب اجعلهم أمتي، قال: تلك أمة أحمد فاشتدّ عليه فألقاها، قاله قتادة. فلما ألقاها تكسرت ورفعت إلا سبعها، وكان في المرفوع تفصيل كل شيء، وبقي الهدى والرحمة في الباقي فـ {أَخَذَ الآَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ} [الأعراف: 154] وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما تكسرت الألواح ورُفعت إلا سدسها. {بِرَأْسِ أَخِيهِ} بأذنه، أو شعر رأسه، كما يقبض الرجل منا على لحيته ويعض على شفته، أو يجوز أن يكون ذلك في ذلك الزمان بخلاف ما هو عليه الآن من الهوان. {أبْنَ أُمَّ} كان أخاه لأبويه، أو استعطفه بالرحمة كما في عادة العرب قال:
يا ابن أمي ويا شُقَيِّقَ نفسي ** ......................

{مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} لا تغضب عليَّ كما غضبت عليهم، فَرَقَّ له، فـ {قَالَ رَبِّ أغْفِرْ لِي وَلأَخَى} [الأعراف: 151].