فصل: تفسير الآية رقم (41):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير ابن عبد السلام (نسخة منقحة)



.تفسير الآية رقم (41):

{انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (41)}
{خِفَافاً وثِقَالاً} شباباً وشيوخاً، أو فقراء وأغنياء، أو مشاغيل وغير مشاغيل، أو نشاطاً وغير نشاط (ع) أو ركباناً ومشاة، أو ذا ضيعة وغير ذي ضعية، أو ذوي عيال وغير ذوي عيال، أو أصحاء ومرضى، أو خفة النفير وثقله، أو خفافاً إلى الطاعة ثقالاً عن المخالفة. {وَجَاهِدُواْ} الجهاد بالنفس فرض كفاية متعين عند هجوم العدو. وبالمال بالزاد والراحلة إذا قدر بنفسه، وإن عجز لزمه بذل المال بدلاً عن نفسه، أو لا يلزمه ذلك عند الجمهور، لأن المال تابع للنفس. {خَيْرٌ لَّكُمْ} الجهاد خير من القعود المباح، أو الخير في الجهاد لا في تركه {تَعْلَمُونَ} صدق وعد الله تعالى بثواب الجهاد، أو أن الخير في الجهاد.

.تفسير الآية رقم (42):

{لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (42)}
{لَوْ كَانَ} الذي دُعوا إليه {عَرَضاً} غنيمة، أو أمراً سهلاً. {قَاصِدًا} سهلاً مقتصداً. {لاَّتَّبَعُوكَ} في الخروج. {الشُّقَّةُ} القطعة من الأرض يشق ركوبها لبعده.

.تفسير الآية رقم (46):

{وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ (46)}
{عُدَّةً} صحة عزم ونشاط نفس، أو الزاد والراحلة ونفقة الحاضرين من الأهل. {كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ} لوقوع الفشل بتخاذلهم كابن أُبي، والجد بن قيس. {وَقِيلَ اقْعُدُواْ} قاله بعضهم لبعض، أو قاله الرسول صلى الله عليه وسلم غضباً عليهم لعلمه بذلك منهم. {الْقَاعِدِينَ} بغير عذر، أو بعذر كالنساء والصبيان.

.تفسير الآية رقم (47):

{لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (47)}
{خَبَالاً} فساداً (ع)، أو اضطراباً استثناء منقطع، لأن المسلمين لم يكونوا في خبال فيزدادوا منه. {وَلأَوْضَعُواْ} الإيضاع: سرعة السير، والخِلال: الفُرج، المعنى ولأسرعوا في اختلالكم، أو لأوقعوا الخلف بينكم. {الْفِتْنَةَ} الكفر، أو اختلاف الكلمة وتفريق الجماعة. {سَمَّاعُونَ} مطيعون، أو عيون منكم ينقلون أخباركم إليهم، أو (عيون منهم ينقلون أخباركم إلى المشركين).

.تفسير الآية رقم (48):

{لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ (48)}
{ابْتَغَوُاْ الْفِتْنَةَ} الاختلاف وتفريق الكلمة. {وَقَلَّبُواْ لَكَ الأُمُورَ} بمعاونتهم ظاهراً وممالأة المشركين باطناً، أو قالوا بأفواههم ما ليس في قلوبهم، أو توقعوا الدوائر وانتظروا الفرص، أو حلفهم لو استطعنا لخرجنا. {جَآءَ الْحَقُّ} النصر {وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ} دينه {وَهُمْ كَارِهُونَ} لهما.

.تفسير الآية رقم (49):

{وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ (49)}
{وَلا تَفتِنِّى} لا تكسبني الإثم بمخالفتي في القعود، أو لا تصرفني عن شغلي، أو نزلت في الجد بن قيس قال: {ائْذَن لِّى وَلا تَفْتِنِّى} ببنات الأصفر فإني مستهتر بالنساء. {فِي الْفِتْنَةِ} جهنم، أو محبة النفاق والشقاق.

.تفسير الآية رقم (50):

{إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ (50)}
{حَسَنَةٌ} نصر، أو النصر ببدر، والمصيبة: النكبة يوم أُحد {أَمْرَنَا} حِذرنا وسَلمنا {فَرِحُونَ} بمصيبتك وسلامتهم.

.تفسير الآية رقم (51):

{قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (51)}
{كَتَبَ اللَّهُ لَنَا} في اللوح المحفوظ من خير، أو شر، وليس ذلك بأفعالنا فنذم أو نحمد، أو ما كتب لنا في نصرنا في العاقبة وإعزاز الدين بنا. {مَوْلانَا} مالكنا وحافظنا وناصرنا. {وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} في معونته وتدبيره.

.تفسير الآية رقم (52):

{قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ (52)}
{الْحُسْنَيَيْنِ} النصر والشهادة في النصر ظهور الدين وفي الشهادة الجنة.

.تفسير الآية رقم (55):

{فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (55)}
{أَمْوَالُهُمْ وَلآ أَوْلادُهُمْ} في الحياة الدنيا {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا} في الآخرة، فيه تقديم وتأخير (ع)، أو يعذبهم بالزكاة فيها، أو بمصائبهم فيهما، أو بسبي الأبناء وغنيمة الأموال، يعني المشركين، أو يعذبهم بجمعها وحفظها والبخل بها والحزن عليها. {وَتَزْهَقَ} تهلك، {وَزَهَقَ الباطل} [الأسراء: 81].

.تفسير الآية رقم (57):

{لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلًا لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ (57)}
{مَلْجَئاً} حرزاً (ع)، أو حصناً، أو موضعاً حزناً من الجبل، أو مهرباً. {مَغَارَاتٍ} غارات في الجبال (ع)، أو مدخل يستر من دخله. {مُدَّخَلاً} سرباً في الأرض، أو المدخل الضيق الذي يدخل فيه بشدة. {لَّوَلَّوْاْ إِلَيْهِ} هرباً من القتال، وخذلاناً للمؤمنين. {يَجْمَحُونَ} يهربون، أو يسرعون.

.تفسير الآية رقم (58):

{وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ (58)}
{يَلْمِزُكَ} يغتابك، أو يعيبك، نزلت في ثعلبة بن حاطب كان يتكلم بالنفاق ويقول: إنما يعطي محمد من شاء فإن أعطي رضي وإن لم يعط سخط، أو في ذي الخويصرة لما أتى الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يقسم قسماً فقال: اعدل يا محمد فقال: «ويلك فمن يعدل إن لم أعدل»، فاستأذن عمر رضي الله تعالى عنه في ضرب عنقه، فقال: «دعه» فنزلت.

.تفسير الآية رقم (60):

{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (60)}
{لِلْفُقَرَآءِ وَالْمَسَاكِينِ} الفقير المحتاج العفيف عن السؤال، والمسكين المحتاج السائل (ع)، أو الفقير المحتاج الزَّمِن، والمسكين المحتاج الصحيح، أو الفقراء هم المهاجرون، والمساكين غير المهاجرين، أو الفقراء من المسلمين والمساكين من أهل الكتاب، أو الفقير الذي لا شيء له لانكسار فقاره بالحاجة والمسكين له ما لا يكفيه لكن يسكن إليه، أو الفقير له ما لا يكفيه والمسكين لا شيء له يسكن إليه. {وَالْعَامِلِينَ} السعاة لهم ثُمْنها، أو أجر مثلهم. {وَالْمُؤَلَّفَةِ} كفار ومسلمون، فالمسلمون منهم ضعيف النية في الإسلام فيتألف تقوية لنيته كعيينة بن بدر والأقرع بن حابس والعباس بن مرداس، ومنهم من حسن إسلامه لكنه يعطى تألفاً لعشيرته من المشركين كعدي بن حاتم، والمشركون منهم من يقصد أذى المسلمين فيتألف بالعطاء دفعاً لأذاه كعامر بن الطفيل، ومنهم من يميل إلى الإسلام فيتألف بالعطاء ليؤمن كصفوان بن أمية، فهذه أربعة أصناف، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يعطي هؤلاء، وبعد هل يعطون؟ فيه قولان: لأن الله تعالى قد أعز الدين {فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف: 29]. {الرِّقَابِ} المكاتبون، أو عبيد يشترون ويعتقون. {وَالْغَارِمِينَ} من لزمه غرم ديْن. {سَبِيلِ اللَّهِ} الغزاة الفقراء والأغنياء. {وَابْنِ السَّبِيلِ} المسافر لا يجد نفقة سفره وإن كان غنياً في بلده، قاله جمهور، أو الضيف.

.تفسير الآية رقم (61):

{وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (61)}
{أُذُنٌ} يصغي إلى كل أحد فيسمع قوله، كان المنافقون يقولون فيه ما لا يجوز ثم عابوه بأنه أُذن يسمع جميع ما يقال له، أو عابوه، فقال أحدهم: كفوا فإني أخاف أن يبلغه فيعاقبنا، فقالوا: هو أُذن إذا جئناه وحلفنا له صدقنا فنسبوه إلى قبول العذر في الحق والباطل.

.تفسير الآية رقم (63):

{أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ (63)}
{يُحَادِدِ} يخالف، أو يجاوز حدودهما، أو يعاديهما مأخوذ من حد السلاح لاستعماله في المعاداة. {جَهَنَّمَ} لبعد قعرها، بئر جهنام بعيدة القعر.

.تفسير الآية رقم (64):

{يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ (64)}
{يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ} خبر، أو أمر بصيغة الخبر، {بِمَا فِى قُلُوبِهِمْ} من النفاق، أو قولهم في غزوة تبوك: أيرجو هذا الرجل أن يفتح قصور الشام وحصونها هيهات، فأطلع الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم على ما قالوه. {اسْتَهْزِءُوَاْ} تهديد.

.تفسير الآية رقم (67):

{الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (67)}
{بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ} في الدين {بِالْمُنكَرِ} كل ما أنكره العقل من الشر. والمعروف: كل ما عرفه العقل من الخير، أو المعروف في كتاب الله كله الإيمان، والمنكر في كتاب الله كله الشرك قاله أبو العالية. {وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ} عن الفقة في سبيل الله، أو عن كل خير، أو عن الجهاد مع النبي صلى الله عليه وسلم، أو عن رفعها إلى الله تعالى في الدعاء. {فَنَسِيَهُمْ} تركوا أمره فترك رحمتهم، قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: كان المنافقون ثلاثمائة رجل ومائة وسبعين امرأة.

.تفسير الآية رقم (69):

{كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلَاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلَاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (69)}
{بِخَلاقِهِمْ} بنصيبهم من خيرات الدنيا. {وَخُضْتُمْ} في شهوات الدنيا، أو في قول الكفر. {كَالَّذِى خَاضُوَاْ} فارس والروم، أو بنو إسرائيل.

.تفسير الآية رقم (72):

{وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (72)}
{وَمَسَاكِنَ طَيِّبةً} قصور مبنية باللؤلؤ والياقوت الأحمر والزبرجد الأخضر، أو يطيب العيش بسكناها وهو محتمل. {عَدْنٍ} خلود وإقامة، والمعدن لإقامة الجوهر فيه، أو كروم وأعناب بالسريانية، أو عدن اسم لبطنان الجنة ووسطها، أو اسم قصر في الجنة، أو جنة في السماء العليا لا يدخلها إلا نبي، أو صدِّيق، أو شهيد، أو إمام عدل، أو محكَّم في نفسه. وجنة المأوى في السماء الدنيا تأوي إليها أرواح المؤمنين.

.تفسير الآية رقم (73):

{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (73)}
{جَاهِدِ الْكُفَّارَ} بالسيف {وَالْمُنَافِقِينَ} بيده فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، فإن لم يستطع فليكفهر في وجوههم، أو يجاهدهم باللسان، أو بإقامة الحدود وكانوا أكثر من يصيب الحدود.

.تفسير الآية رقم (74):

{يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (74)}
{يَحْلِفُونَ} نزلت في ابن أُبَي لما قال: {لَئِن رَّجَعْنَآ إِلَى المدينة} [المنافقون: 8]، أو قال الجلاس بن سويد إن كان ما جاء به محمد حقاً فنحن شر من الحمير ثم حلف بالله ما قال، أو قال ذلك جماعة من اليهود. {كَلِمَةَ الْكُفْرِ} هو ما حلفوا أنهم ما قالوه فأكذبهم الله، أو قولهم محمد ليس بنبي. {وَهَمُّواْ} بقتل الرسول في غزاة تبوك، أو بأخراج الرسول بقولهم {لَئِن رَّجَعْنَآ إِلَى المدينة} [المنافقون: 8] أو هَمُّوا بقتل الذي أنكر عليهم.

.تفسير الآية رقم (75):

{وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آَتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ (75)}
{وَمِنْهُمْ مَّنْ عَاهَدَ اللَّهَ} نزلت والتي بعدها في حاطب بن أبي بلتعة كان له مال بالشام فنذر أن يتصدق منه فلما قدم عليه بخل، قاله الكلبي، أو قتل مولى لعمر حميما لثعلبة فوعد إن أوصل الله إليه الدية أن يخرج حق الله تعالى منها فلما وصلت بخل بحق الله تعالى فنزلت، فلما بلغته أتى الرسول صلى الله عليه وسلم بصدقته فلم يقبلها منه، وقال إن الله تعالى منعني أن أقبل صدقتك فجعل يحثو التراب على رأسه، فمات الرسول صلى الله عليه وسلم فأتى أبا بكر رضي الله تعالى عنه ثم عمر رضي الله تعالى عنه بعده، ثم عثمان رضي الله تعالى عنه فلم يقبلوها.

.تفسير الآية رقم (79):

{الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (79)}
{الَّذِينَ يَلْمِزُونَ} لما حث الرسول صلى الله عليه وسلم على النفقة في غزوة تبوك، جاء عبد الرحمن بن عوف بأربعة آلاف درهم، وقال هذه شطر مالي، وجاء عاصم بن عادي بمائة وسق من تمر، وجاء أبو عقيل بصاع من تمر وقال أجرت نفسي بصاعين فذهبت بأحدهما إلى عيالي وجئت بالآخر، فقال الحاضرون من المنافقين أما عبد الرحمن وعاصم فما أعطيا إلا رياء، وأما صاع أبي عقيل فإن الله تعالى غني عنه. فنزلت. الجُهد والجَهد واحد، أو بالضم الطاقة وبالفتح المشقة.