فصل: تفسير الآية رقم (137):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير ابن عبد السلام (نسخة منقحة)



.تفسير الآية رقم (137):

{فَإِنْ آَمَنُوا بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (137)}
{بِمِثْلِ مَآ ءَامَنتُم} بما آمنتم به. {شِقَاقٍ} عداوة من البعد، أخذ فلان في شق، وفلان في شق تباعدا وشق فلان عصا المسلمين: خرج عليهم وتباعد منهم.

.تفسير الآية رقم (138):

{صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ (138)}
{صِبْغَةَ اللَّهِ} دين الله لظهوره كظهور الصبع على الثوب، وكانت النصارى يصبغون أولادهم في مائهم تطهيراً لهم كالختان، فرد الله تعالى عليهم بأن الإسلام أحسن، أو صبغة الله تعالى خلقة الله لإحداثها كحدوث اللون على الثوب.

.تفسير الآية رقم (140):

{أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (140)}
{وَالأَسْبَاطَ} الجماعة الذين يرجعون إلى آب واحد، من السبط وهو الشجر الذي يرجع بعضه إلى بعض. {شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ اللَّهِ} هم اليهود كتموا ما في التوراة من نبوة محمد صلى الله عليه وسلم.

.تفسير الآية رقم (142):

{سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (142)}
{السُّفَهَآءُ} اليهود، أو المنافقون، أو كفار قريش. {وَلاهُمْ} صرفهم، والقبلة التي كانوا عليها بيت المقدس (صلى إليها الرسول صلى الله عليه وسلم بمكة وبعد الهجرة ستة عشر شهراً، أو سبعة عشر شهراً) أو ثلاثة عشر، أو تسعة أشهر، أو عشرة (ثم نسخت بالكعبة والرسول صلى الله عليه وسلم بالمدينة قد صلى من الظهر ركعتين فانصرف بوجهه إلى الكعبة). وقال البراء: (كان في صلاة العصر بقباء، فمر رجل على أهل المسجد فقال: أشهد لقد صليت مع الرسول صلى الله عليه وسلم قِبَل مكة فداروا كما هم قِبَل البيت) وقبلة كل شيء ما قابل وجهه، واستقبل بيت المقدس بأمر الله تعالى ووحيه لقوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِى كُنتَ عَلَيْهَآ}، أو استقبله برأيه واجتهاده تأليفاً لأهل الكتاب، أو أراد الله تعالى أن يمتحن العرب بصرفهم عن البيت الذي ألفوه للحج إلى بيت المقدس. {لِّلَّهِ المَشْرِقُ وَالمَغْرِبُ} فحيثما أمر باستقباله فهو له.

.تفسير الآية رقم (143):

{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (143)}
{وَسَطاً} خياراً، رجل واسط الحسب رفيعه قال:
هم وسَطٌ يرضى الإله بحكمهم ** إذا نزلت إحدى الليالي بمعظم

أو لتوسطهم بين اليهود والنصارى في الدين، غَلَتْ النصارى في المسيح وترهبوا، وقصرت اليهود بتبديل الكتاب، وقتل الأنبياء صلوات الله تعالى عليهم وسلامه والكذب على الله تعالى، أو عدلاً بين الزيادة والنقصان. {شُهَدَآءَ عَلَى النَّاسِ} بتبليغ الرسول صلى الله عليه وسلم إليهم الرسالة، أو تشهدون على الأمم بتبليغ رسلهم إليهم الرسالة اعتماداً على إخبار الله تعالى وهذا مروي عن الرسول صلى الله عليه وسلم أو محتجين فعبّر عن الاحتجاج بالشهادة. {شَهِيداً} لكم بالإيمان فتكون (على) بمعنى (اللام)، أو يشهد أنه بلغكم الرسالة، أو محتجاً. {لِنَعْلَمَ} ليعلم رسولي وحزبي، والعرب تضيف فعل الأتباع إلى الرئيس والسيد، فتح عمر رضي الله تعالى عنه سواد العراق، وجبى خراجها أي أتباعه أو لنرى بوضع الرؤية موضع العلم وبالعكس، أو لنميز أهل اليقين من أهل الشك، قاله ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، أو ليعلموا أننا نعلم. {يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ} لما حولت ارتد جماعة من المسلمين. {وَإِن كَانَتْ} التولية لكبيرة، أو القبلة التي هي بيت المقدس، أو الصلاة إلى بيت المقدس. {إِيمَانَكُمْ} صلاتكم إلى بيت المقدس، سماها إيماناً، لاشتمالها على نية وقول وعمل. نزلت لما سألوا عمن مات وهو يصلي إلى بيت المقدس {لَرَءُوفٌ} الرأفة: أشد الرحمة، قال أبو عمرو بن العلا: الرأفة أكثر من الرحمة.

.تفسير الآية رقم (144):

{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (144)}
{تَقَلُّبَ وَجْهِكَ} تحول وجهك نحو السماء، أو تقلب عينيك في النظر إليها. {تَرْضَاهَا} تختارها وتحبها، لأنها قبلة إبراهيم، أو كراهة لموافقة اليهود لما قالوا: (يتبع قبلتنا ويخالفنا في ديننا) {شَطْرَ المَسْجِدِ} نحوه، والشطر في الأضداد، شطر إلى كذا أقبل نحوه، وشطر عنه أعرض عنه وبَعُدَ، رجل شاطر، لأخذه في نحو غير الاستواء. والمسجد الحرام: الكعبة، أمر بالتوجه إلى حيال الميزاب، وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما (البيت كله قبلة، وقبلة البيت الباب) {وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ} من الأرض، واجه الرسول صلى الله عليه وسلم بالأمر الأول وواجه الأمة بالأمر الثاني، وكلاهما يعم. {أُوتُواْ الكِتَابَ} اليهود والنصارى {لَيَعلَمُونَ أَنَّهُ} تحويل القبلة إلى الكعبة.

.تفسير الآية رقم (145):

{وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آَيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ (145)}
{وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَآءَهُم} خوطب به والمراد أمته، أو بيّن حكم ذلك لو وقع وإن كان غير واقع.

.تفسير الآية رقم (146):

{الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (146)}
{الَّذِينَ ءَاتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ} اليهود والنصارى. {يَعرِفُونَهُ} يعرفون التحويل، أو يعرفون محمداً صلى الله عليه وسلم بالنبوة والرسالة {فَرِيقاً} علماءهم وخواصهم. {الحَقَّ} استقبال الكعبة، أو نبوة محمد صلى الله عليه وسلم.

.تفسير الآية رقم (147):

{الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (147)}
{الحَقُّ مِن رَّبِّكَ} استقبال الكعبة، لا ما ذكرته اليهود من قبلتهم {المُمْتَرِينَ} الشاكِّين، خوطب به والمراد أمته، امترى بكذا: اعترضه اليقين تارة والشك أخرى يدافع أحدهما بالآخر.

.تفسير الآية رقم (148):

{وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (148)}
{وَلِكُلٍّ} أهل ملة {وِجْهَةُ} قبلة، أو صلاة {هُوَ مُوَلّيهَا} أي المصلي، أو الله يوليه إليها، ويأمره باستقبالها. {فَاسْتَبِقُواْ الخَيرَاتِ} سارعوا إلى الأعمال الصالحة، أو لا تغلبكم اليهود على قبلتكم بقولهم: (إن اتبعتم قبلتنا اتبعناكم). {يَأتِ بِكُمُ} يوم القيامة جميعاً. {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ} من إعادتكم بعد الموت والبلى.

.تفسير الآية رقم (149):

{وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (149)}
{وَمِن حَيْثُ} لما حرضت اليهود وقالوا: ارجع إلى قبلتك التي كنت عليها نتابعك، أكد الله تعالى الأمر باستقبالها بقوله: ثانياً {وَمِن حَيْثُ خَرَجتَ}، ثم أكده ثالثاً ليخرج من قلوبهم ما أنكروه من التحويل فالأوامر الثلاثة ملزمة للتوجه إلى الكعبة إلا أن الأول: أفاد النسخ، والثاني: أفاد التحويل إلى الكعبة لا ينسخ بقوله: {وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ} والثالث: أفاد أنه لا حجة لأحد عليهم.

.تفسير الآية رقم (150):

{وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (150)}
{إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ} فإنهم يحتجون بحجة باطلة كقوله تعالى {حُجَّتُهُهمْ دَاحِضَةٌ عِندَ رَبِّهِمْ} [الشورى: 16] فسماها حجة، أو إلاَّ بمعنى (بعد) كقوله: {إِلاَّ الموتة الأولى} [الدخان: 56] وكقوله تعالى: {إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء: 22] بمعنى (بَعْد فيهما)، والذين ظلموا: قريش واليهود، قالت قريش بعد التحويل: (قد علم أنا على الهدى)، وقالت اليهود: (إن يرجع عنها تابعناه). {فَلاَ تَخْشَوْهُمْ} في المباينة، {وَاخْشَوْنِى} في المخالفة.

.تفسير الآية رقم (151):

{كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آَيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (151)}
{ءَايَاتِنَا} القرآن. {وَيُزَكِّيكُمْ} يطهركم من الشرك، أو يأمركم بما تصيرون به عند الله تعالى أزكياء. {وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ} القرآن، أو ما في الكتب السالفة من أخبار القرون. {وَالْحِكْمَةَ} السنة، أو مواعظ القرآن. {مَّا لَمْ تَكُونُوا} تعلمون من أمر الدين والدنيا.

.تفسير الآية رقم (152):

{فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ (152)}
{فَاذْكُرُونِى} بالشكر. {أَذكُرْكُمْ} بالنعمة، أو {اذكروني} بالقبول {أَذْكُرْكُمْ} بالجزاء.

.تفسير الآية رقم (153):

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153)}
{بِالصَّبْرِ} على أوامر الله تعالى (أو الصوم).

.تفسير الآية رقم (154):

{وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ (154)}
{أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَآءٌ} النفوس عند الله تعالى منعمو الأجسام وإن كانت أجسامهم كأجسام الموتى أو ليسوا أمواتاً بالضلال بل أحياء بالهدى. نزلت لما قالوا في قتلى بدر وأُحُد مات فلان وفلان.

.تفسير الآية رقم (155):

{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155)}
{وَلَنَبْلُوَنَّكُم} لما دعا عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم بسبع كسبع يوسف عليه الصلاة والسلام أجابه بقوله: {وَلَنَبْلُوَنَّكُم} يا أهل مكة. {الْخَوْفِ} الفزع في القتال. {وَالْجُوعِ} والجدب، ونقص الأنفس: بالقتل والموت.

.تفسير الآية رقم (156):

{الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156)}
{إذَآ أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ} في نفس، أو أهل، أو مال. {إِنَا لِلَّهِ} ملكه فلا يظلمنا بما يصنع بنا. {رَاجِعُونَ} بالبعث.

.تفسير الآية رقم (157):

{أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)}
{صَلَوَاتٌ} يتلو بعضها بعضا، والصلاة من الله تعالى الرحمة، ومن الملائكة الاستغفار، ومن الناس الدعاء وعطف الرحمة على الصلوات لاختلاف اللفظ.

.تفسير الآية رقم (158):

{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ (158)}
{الصَّفَا} جمع صفاة، وهي الحجارة البيض. {وَالْمَرْوَةَ} حجارة سود، والأظهر أن الصفا: الحجارة الصلبة التي لا تنبت والمروة: الحجارة الرخوة، وقد قيل ذُكِّر الصفا باسم إساف، وأُنثت المروة بنائلة. {شَعَآئِرِ اللَّهِ} التي جعلها لعبادته معلماً، أو أنه أشعر عباده وأخبرهم بما عليهم من الطواف بهما. {حَجَّ} الحج: القصد، أو العود مرة بعد أخرى، لأنهم يأتون البيت قبل عرفة وبعدها للإفاضة، ثم يرجعون إلى منى، ثم يعودون إليه لطواف الصَّدَر، والعمرة: القصد، أو الزيارة. {فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أّن يَطَّوَّفَ بِهِمَا} لما كانوا يطوفون بينهما في الجاهلية تعظيماً لإساف ونائلة تحرجوا بعد الإسلام أن يضاهوا ما كانوا يفعلونه في الجاهلية فنزلت. وقرأ ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وابن مسعود رضي الله عنه {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أّن يَطَّوَّفَ بِهِمَا} فلذلك أسقط أبو حنيفة رحمة الله تعالى السعي، ولا حجة في ذلك، لأن (لا) صلة مؤكدة ك {قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ} [الأعراف: 12] {وَمَن تَطَوَّعَ} بالسعي بينهما عند من لم يوجبه، أو من تطوع بالزيادة على الواجب، أو من تطوع بالحج والعمرة بعد أدائهما.

.تفسير الآية رقم (159):

{إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (159)}
{الَّذِينَ يَكْتُمُونَ} رؤساء اليهود: كعب بن الأشرف وابن صوريا، وزيد بن التابوه. {الْبَيِّنَاتِ} الحجج الدالة على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم. {وَالْهُدَى} الأمر باتباعه، أو كلاهما واحد يراد بهما ما أبان نبوته وهدى إلى اتباعه. {بَيَّنَاهُ لِلنَّاسِ فِى الْكِتَابِ} أي القرآن. {الَّلاعِنُون} ما في الأرض من جماد وحيوان إلاَّ الثقلين، أو المتلاعنان إذا لم يستحق اللعنة واحد منهما رجعت على اليهود، وإن استحقها أحدهما رجعت عليه، أو البهائم إذا يبست الأرض قالوا: هذا بمعاصي بني آدم. أو المؤمنون من الثقلين والملائكة فإنهم يلعنون الكفرة.

.تفسير الآية رقم (160):

{إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (160)}
{تَابُوا} أسلموا. {وَبَيَّنُواْ} نبوة محمد صلى الله عليه وسلم. {أَتُوبُ عَلَيْهِمْ} أقبل توبتهم.