فصل: تفسير الآية رقم (117):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير ابن عبد السلام (نسخة منقحة)



.تفسير الآية رقم (117):

{وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (117)}
{لا بُرْهَانَ لَهُ} أن مع الله إلهاً آخر، أو صفة الإله المعبود من دون الله أنه لا برهان له {حِسَابُهُ} محاسبته عند الله يوم القيامة، أو مكافأته، والحساب المكافأة (حسبي الله) أي كافيني الله.

.سورة النور:

.تفسير الآية رقم (1):

{سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (1)}
هذه {سُورَةٌ} {وَفَرَضْنَاهاَ} مخففاً قَدَّرنا فيها الحدود، أو فرضنا فيها إباحة الحلال وحظر الحرام، وبالتشديد بَيَّناها (ع) أو كثَّرنا ما فرض من الحلال والحرام {ءَايَاتٍ بَيْنَاتٍ} حججاً دالة على التوحيد ووجوب الطاعة، أو الحدود والأحكام.

.تفسير الآية رقم (2):

{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (2)}
{الزَّانِيَةُ} بدأ بها لأن شهوتها أغلب وزناها أعرُّ ولأجل الحبل أضر {فَاجْلِدُواْ} أخذ الجلد من وصول الضرب إلى الجلد، وهو أكبر حدود الجلد؛ لأن الزنا أعظم من القذف، وزادت السنة التغريب وحد المحصن بالسنة بياناً لقوله: {أَوْ يَجْعَلَ الله لَهُنَّ سَبِيلاً} [النساء: 15] أو ابتداء فرض {فِى دِينِ اللَّهِ} في طاعته {رَأْفَةٌ} رحمة نهى عن آثارها من تخفيف الضرب إذ لا صنع للمخلوق في الرحمة. {تُؤْمِنُونَ} تطيعونه طاعة المؤمنين {عَذَابَهُمَا} حدهما {طَآئِفَةٌ} أربعة فما زاد أو ثلاثة، أو اثنان، أو واحد، وذلك للزيادة في نكاله.

.تفسير الآية رقم (3):

{الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (3)}
{الزَّانِى لا يَنكِحُ} خاصة برجل استأذن الرسول صلى الله عليه وسلم في نكاح أم مهزول كانت بغيّاً في الجاهلية من ذوات الرايات وشرطت له أن تنفق عليه فنزلت فيهما، قاله ابن عمرو ومجاهد رحمهما اللَّهُ تعالى، أو في أهل الصُّفَّة من المهاجرين، كان في المدينة بغايا معلنات بالفجور فهموا بنكاحهن ليأووا إلى مساكنهن وينالوا من طعامهن وكسوتهن وكن مخاصيب الرحال بالكسوة والطعام، أو الزانية لا يزني بها إلا زانٍ والزاني لا يزني إلا بزانية (ع)، أو الزانية محرمة على العفيف والعفيف محرم على الزانية ثم نسخ بقوله تعالى: {فانكحوا مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ النسآء} [النساء: 3]، أو خاص بالزاني المحدود لا ينكح إلا زانية محدودة ولا ينكح غير محدودة، ولا عفيفة، والزانية المحدودة لا ينكحها غير محدود ولا عفيف (خ) {وَحُرِّمَ} الزنا، أو نكاح الزواني {عَلَى الْمؤْمِنِينَ}.

.تفسير الآية رقم (4):

{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4)}
{ثَمَانِينَ جَلْدَةً} حد القذف حق الآدمي لوجوبه بطلبه وسقوطه بغفوه، أو حق الله، أو مشترك بينهما. ويتعلق به الحق والفسق ورد الشهادة.

.تفسير الآية رقم (5):

{إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5)}
{إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ} فيزول فسقهم ولا يسقط الحد عنهم وتقبل شهادتهم قبل الحد وبعده لارتفاع فسقه قاله الجمهور، أو لا تقبل بحال، أو تقبل قبل الحد ولا تقبل بعده، أو عكسه وتوبته بإكذابه نفسه، أو بالندم والاستغفار وترك العود إلى مثله.

.تفسير الآية رقم (6):

{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (6)}
{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ} أي هلال بن أمية جاء الرسول صلى الله عليه وسلم وهو جالس مع أصحابه فقال: يا رسول الله جئت عشياً فوجدت رجلاً مع أهلي رأيت بعيني وسمعت بأذني فكره الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك وثقل عليه فنزلت، أو أتاه عويمر فقال: يا رسول الله رجل وجد مع امرأته رجلاً أيقتله فتقتلونه به أم كيف يصنع فنزلت فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: قد نزل القرآن فيك وفي صاحبتك ولاعن بينهما، {فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ} عبر عن اليمين بالشهادة.
قال قيس:
وأشهد عند الله أني أحبها ** فهذا لها عندي فما عندها ليا

أو هو شهادة فلا يلاعن الكفار والرقيق.

.تفسير الآية رقم (8):

{وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (8)}
{وَيَدْرَؤُاْ} يدفع {الْعَذَابَ} الحد، أو الحبس، وإذا تم اللعان وقعت الفرقة بلعان الزوج، أو بلعانهما، أو بلعانهما وتفريق الحاكم، أو بطلاق يوقعه الزوج. ثم تحرم أبداً، فإن أكذب نفسه ففي حِلَّها مذهبان.

.تفسير الآية رقم (10):

{وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ (10)}
{فَضْلُ اللَّهِ} الإسلام {وَرَحْمَتُهُ} القرآن، أو فضله: منته، ورحمته: نعمته تقديره ورحمته بإمهالكم حتى تتوبوا لهلكتم، أو لولا فضله ورحمته لنال الكاذب منكم عذابٌ عظيم.

.تفسير الآية رقم (11):

{إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (11)}
{الِّذِينَ جَآءُو بِالإِفْكِ}: عبد الله بن أُبي، ومسطح بن أُثاثة، وحسان بن ثابت وزيد بن رفاعة وحمنة بن جحش، والإفك: الكذب أو الإثم {خَيْرٌ لَّكُمْ} لأن الله تعالى برَّاْ منه وأثاب عليه، يريد عائشة وصفوان، أو الرسول صلى الله عليه وسلم وأبو بكر، وعائشة رضي الله تعالى عنهما {مَّا اكْتَسَبَ} عقاب ما اكتسب {وَالَّذِى تَوَلَّى كِبْرَهُ} عبد الله بن أُبي، أو حسان ومسطح والعذاب العظيم: العمى.

.تفسير الآية رقم (12):

{لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ (12)}
{لَّوْلآ} هَلاَّ {إِذْ سَمِعْتُمُوهُ} أي الإفك {بِأَنفُسِهِمْ} ظن بعضهم ببعض، أو ظنوا بعائشة رضي الله تعالى عنهما كظنهم بأنفسهم {إِفْكٌ مُّبِينٌ} كذب بيِّنٌ، ولم يحد الرسول صلى الله عليه وسلم أحداً من أهل الإفك؛ لأن الحد لا يُقام إلا ببينة أو إقرار ولم ينفذ بإقامته بإخبار الله تعالى كما لا يقتل المنافق بإخباره بنفاقه، أو حدَّ حسان وابن أُبي ومسطحاً وحمنة فيكون العذاب العظيم الحدُّ.
وقال فيهم بعض المسلمين:
لقد ذاق حسان الذي كان أهله ** وحمنة إذ قالوا هجيراً ومسطحُ

تعاطوا برجم الغيب زوج نبيهم ** وسخطة ذي العرش العظيم فأبرحوا

وآذوا رسول الله فيها فَجُلِّلُوا ** مَخازي تبقى عُمِّمُوها وفُضِّحوا

كما ابن سلول ذاق في الحد خِزية ** كما خاض في قول من الإفك يفصح

فصبت عليهم مُحصدات كأنها ** شآبِيبُ مزن من ذُرى المزن تسفحُ

وقال حسان يعتذر من إفكه:
حصانٌ رزَانٌ ما تُزَنُّ برِيَبةٍ ** وتُصبحُ غَرثَى من لُحوم الغَوَافِلِ

مطهرة قد طيب الله خلقها ** وطهرها من مكل سوء وباطل

عقيلة حي من لؤي بن غالب ** كرام المساعي مجدهم غير زائل

فإن كنت قد قلت الذي قد أتاكم ** فَلا رَفَعتْ سوطِي إليَّ أَنامِلِي

وكيف وَوُدِّي ما حَييتُ ونُصرتي ** لآل رسول الله زين المحافل

وإن الذي قد قيل ليس بلائط ** ولكنه قول امرئ غير ماحل

.تفسير الآية رقم (15):

{إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ (15)}
{تَلَقَّوْنَهُ} بالقبول من غير إنكار، أو تتحدثُون به وتُلْقونه حتى ينتشر.

.تفسير الآية رقم (21):

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (21)}
{خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} خطاياه، أو أثره، أو تخطيه من الطاعة والحلال إلى المعصية والحرام، أو النذر في المعاصي.

.تفسير الآية رقم (22):

{وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (22)}
{يَأْتَلِ} ويتألَّ واحد أي لا يقسم أو لا يقصر، ما ألوت جهداً أي ما قصرت، أو يأتلِ: يقصر، ويتألَّ: يقسم، كان أبو بكر رضي الله تعالى عنه ينفق على مسطح وكان ابن خالته فلما تكلم في الإفك أقسم أبو بكر رضي الله تعالى عنه أن لا ينفق عليه، فنزلت. {وَلْيَعْفُواْ} عن الأفعال {وَلْيَصْفَحُواْ} عن الأقوال، أو العفو: ستر الذنوب من غير مؤاخذة والصفح: الإغضاء عن المكروه {أَلا تُحِبُّونَ} كما تحبون أن تُغفر ذنوبكم فاغفروا لمن أساء إليكم فلما سمِعَها أبو بكر رضي الله تعالى عنه رَدَّ إليه النفقة.

.تفسير الآية رقم (26):

{الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (26)}
{الْخَبِيثَاتُ} خبيثات النساء لخبيثي الرجال، وخبيثوا الرجال لخبيثات النساء، وطيبات النساء لطيبي الرجال، وطيبو الرجال لطيبات النساء، أو أراد بالخبيثات والطيبات: الأعمال الخبيثة والطيبة لخبيثي الناس وطيبيهم. أو أراد الكلمات الخبيثات والطيبات لخبيثي الناس وطيبهم {أُوْلَئِكَ مُبَرَّءُونَ} أزواج الرسول صلى الله عليه وسلم مُبَرآت من الفواحش، أو عائشة، وصفوان مبرآن من الإفك، أو الطيبون والطيبات مبرؤون من الخبيثين والخبيثات.

.تفسير الآية رقم (27):

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (27)}
{تَسْتَأْنِسُواْ} تَستأذنوا قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أخطأ الكاتب فكتب (تستأنسوا)، أو عَبَّر عن الاستئذان بالاستئناس لأنه مؤنس، أو تؤنسوا أهل البيت بالتنحنح ليعلموا بالدخول عليهم، أو تعلموا فيها من يأذن لكم؛ لقوله: {فَإِنْ آنَسْتُمْ} [النساء: 6] أو الاستئناس: الاستخبار والإيناس: اليقين {وَتُسَلِّمُواْ} السلام مسنون بعد الاستئذان على ظاهر الآية، ولأنه تحية للقاء واللقاء بعد الإذن، أو السلام قبل الاستئذان على ما تضمنته السنة، وإن كان قريباً فإن لم يكن مَحْرَماً لزم الاستئذان عليه كالأجانب، وإن كانوا محارم فإن كان ساكناً معهم في المنزل لزمه إنذارهم بدخوله بوطء أو نحنحة مفهمة إلا الزوجة فلا يلزم ذلك في حقها بحال لارتفاع العورة بينهما وإن لم يكن ساكناً معهم في المنزل لزم الاستئذان بوطء أو نحنحة، أو هم كالأجانب.

.تفسير الآية رقم (29):

{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ (29)}
{بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ} الخانات المشتركة ذوات البيوت المسكونة، أو حوانيت التجار، أو منازل الأسفار ومناخات الرحال التي يرتفق بها المسافرون، أو الخرابات العاطلة، أو بيوت مكة {مَتَاعٌ لَّكُمْ} عروض الأموال ومتاع التجارة، أو الخلاء والبول؛ لأنه متاع لهم، أو المنافع كلها. فلا يلزم الاستئذان فيها.

.تفسير الآية رقم (30):

{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30)}
{مِنْ أَبْصَارِهِمْ} من صلة، أو يغضوها عما لا يحل، أو هي للتبعيض؛ لأن البصر إنما يجب غضه عن الحرام {وَيَحْفَظُواْ فُرُوجَهُمْ} بالعفاف عن الزنا، أو بسترها عن الأبصار، وكل موضع فيه حفظ فالمراد به عن الزنا، إلا في هذا الموضع قاله أبو العالية، وسميت فروجاً؛ لأنها منافذ للبدن.

.تفسير الآية رقم (31):

{وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31)}
{زِينَتَهُنَّ} الزينة ما أدخلته على بدنها حتى زانها وحسَّنها في العيون كالحلي والثيابن والكحل والخضاب، وهي ظاهرة وباطنة فالظاهرة لا يجب سترها ولا يحرم النظر إليها {إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} الثياب، أو الكحل والخاتم (ع)، أو الوجه والكفان، والباطنة: القرط والقلادة، والدملج والخلخال وفي السوار مذهبان وخضاب القدمين باطن، وخضاب الكفين ظاهر، والباطنة يجب سترها عن الأجانب ولا يجوز لهم النظر إليها. {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ} بمقانعهن على صدروهن تغطية لنحورهن وكن يلقينها على ظهروهن بادية نحورهن، أو كانت قمصهن مفرجة الجيوب كالدارعة يبدو منها صُدُورهن فأُمِرن بإلقاء الخُمُرُ عليها لسترها وكنى عن الصدور بالجيوب لأنها ملبُوسة عليها {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} الباطنة {إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ}، {أَوْ نِسَآئِهنَّ} المسلمات، أو عام فيهن وفي الكافرات {مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} من العبيد والإماء، أو خاص بالإماء قاله ابن المسيب ومجاهد وعطاء {غَيْرِ أُوْلِى الإِرْبَةِ} الصغير لا إرب له فيهن لصغره، أو العِنِّين لا إرب له لعجزه، أو المعتوه الأبله لا إرب له لجهله، أو المجبوبُ لفقد إربه مأثور، أو الشيخ الهرم لذهاب إربه، أو الأحمق الذي لا تشتهيه المرأة ولا يغار عليه الرجل، أو المستطعم الذي لا يهمه إلا بطنه، أو تابع القوم يخدمهم لطعام بطنه فهو مصروف الشهوة لذله (ح)، وأخذت الإربة من الحاجة، أو من العقل من قولهم رجل أديب {لَمْ يَظْهَرُواْ عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} لم يكشفوها لعدم شهوتهم، أو لم يعرفوها لعدم تمييزهم، أو لم يطيقوا الجماع، وسميت العورة عورة لقبح ظُهورها وغض البصر عنها أخذاً من عور العين {وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ} كن إذا مشين ضربن بأرجلهن لتسمع قعقعة خلاخلهن فنهين عن ذلك.