فصل: تفسير الآية رقم (161):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير ابن عبد السلام (نسخة منقحة)



.تفسير الآية رقم (161):

{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (161)}
{لَعْنَةُ اللَّهِ} عذابه، واللعنة من العباد: الطرد. {وَالْنَّاسِ أَجْمَعِينَ} أراد به غالب الناس، لأن قومهم لا يعلنونهم، أو أراد يوم القيامة إذ يكفر بعضهم ببعض، ويلعن بعضهم بعضاً.

.تفسير الآية رقم (163):

{وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (163)}
{وَإِِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} لا ثاني له ولا نظير، أو إله جميع الخلق واحد بخلاف ما فعلته عبدة الأصنام فإنهم جعلوا لكل قوم إلهاً غير إله الآخرين. {الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} رَغَّبهم بذكر ذلك في طاعته وعبادته.

.تفسير الآية رقم (164):

{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (164)}
{إِنَّ فِى خَلْقِ السَّمَاوَاتِ} بغير عمد ولا عَلاَّقة، وشمسها وقمرها ونجومها، {وَالأَرْضِ} بسهلها، وجبلها، وبحارها، وأنهارها، ومعادنها، وأشجارها {وَاخْتِلافِ الَّيْلِ وَالنَّهَارِ} بإقبال أحدهما، وإدبار الآخر. {وَالْفُلْكِ} باستقلالها وبلوغها إلى مقصدها، وجمع الفلك ومفردها بلفظ واحد، ويذكَّر ويؤنَّث. {مِن مَّآءٍ} مطر يجيء غالباً عند الحاجة إليه، وينقطع إذا استُغني عنه. {فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ} بإنبات أشجارها وزروعها، أو بإجراء أنهارها وعيونها، فيحيا بذلك الحيوان الذي عليها. {دَآبَّةٍ} سمي الحيوان بذلك لدبيبه على وجهها، والآية بعد القدرة على إنشائها فيها تباين خلقها، واختلاف منافعها، ومعرفتها بمصالحها. {وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ} جمع ريح أصلها (أرواح).
إذا هبت الأرواح من نحو جانب ** به آلُ مي هاج شوقي هبوبُها

وتصريفها: انتقال الشمال جنوباً والصبا دَبورا، أو ما فيها من الضر والنفع، شريح: ما هاجت ريح قط إلا لسقم صحيح، أو شفاء سقيم. {الْمُسَخَّرِ} المذلل. وآيته ابتداء نشوءه وتلاشيه، وثبوته بين السماء والأرض، وسيره إلى حيث أراده منه.

.تفسير الآية رقم (165):

{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ (165)}
{أَندَاداً} أمثالاً يراد بها الأصنام. {يُحِبُّونَهُمْ} مع عجزهم كحبهم لله مع قدرته. {وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} من حب أهل الأوثان لأوثانهم.

.تفسير الآية رقم (166):

{إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ (166)}
{تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ} وهم السادة والرؤساء من تابعيهم على الكفر، أو الذين اتبعوا: الشياطين، وتابعوهم الإنس، ورأى التابع والمتبوع العذاب. {الأَسْبَابُ} تواصلهم في الدنيا، أو الأرحام، أو الحلف الذي كان بينهم في الدنيا، أو أعمالهم التي عملوها فيها، أو المنازل التي كانت لهم فيها.

.تفسير الآية رقم (167):

{وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ (167)}
{كَرَّةً} رجعة إلى الدنيا. {أَعْمَالَهُمْ} التي أحبطها كفرهم، أو ما انقضت به أعمارهم من المعاصي أن لا يكون مصروفاً إلى الطاعة، الحسرة: شدة الندامة على فائت.

.تفسير الآية رقم (168):

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (168)}
{كُلُواْ} نزلت في خزاعة وثقيف وبني مدلج لما حرموه من الأنعام والحرث. {خُطُوَاتِ} جمع خطوة؛ أعماله، أو خطاياه، أو طاعته، أو النذر في المعاصي.

.تفسير الآية رقم (169):

{إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (169)}
{بِالسُّوءِ} بالمعاصي لمساءة عاقبتها. {وَالْفَحْشَآءِ} الزنا، أو المعاصي أو كل ما فيه حد لفحشه وقبحه. {وَأّن تَقُولُواْ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} من تحريم ما لم يرحمه، أو أن له شريكاً.

.تفسير الآية رقم (170):

{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آَبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ (170)}
{اتَّبِعُواْ مَآ أَنزَلَ اللَّهُ} في تحليل ما حرمتموه {قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ} آباءنا في تحريمه.

.تفسير الآية رقم (171):

{وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (171)}
{وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ} فيما يوعظون به كمثل البهيمة التي تُنَعق فتسمع الصوت ولا تفهم معناه، أو مثلهم في دعائهم آلهتهم كمثل راعي البهيمة تسمع صوته ولا تفهمه. {صُمُّ} عن الوعظ. {بُكْمٌ} عن الحق. {عُمْىٌ} عن الرشد، والعرب تسمي من سمع ما لم يعمل به أصم، قال:
أصم عما ساءه سميع...

.تفسير الآية رقم (173):

{إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (173)}
{وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ} قصّر داود بن علي التحريم على اللحم، وعداه الجمهور إلى سائر أجزائه. {أُهِلَّ بِهِ} سمى الذبح إهلالاً، لأنه كانوا يجهرون عليه بأسماء آلهتهم، فسمي كل ذبح إهلالاً، كما سمي الإحرام إهلالاً للجهر للتلبية وإن لم يجهر بها {لِغَيْرِ اللَّهِ} ذبح لغيره من الأصنام. أو ذكر عليه اسم غيره. {اضْطُرَّ} أكره، أو خاف على نفسه لضرورة دعته إلى أكله قاله الجمهور. {غَيْرَ بَاغٍ} على الإمام {وَلاَ عَادٍ} على الناس بقطع الطريق، أو {غَيْرَ بَاغٍ} بأكله فوق حاجته. أو بأكله مع وجود غيره، أو {غَيْرَ بَاغٍ} بأكله تلذذاً {وَلاَ عَادٍ} بالشبع، وأصل البغي طلب الفساد، ومنه البغي للزانية.

.تفسير الآية رقم (174):

{إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (174)}
{الِّذِينَ يَكْتُمُونَ} علماء اليهود، كتموا ما في التوراة من صفة محمد صلى الله عليه وسلم، ونبوته. {ثَمَناً} الرشا التي أخذوها على كتم رسالته، وتغيير صفته، وسماه قليلاً، لانقطاع مدته، وسوء عاقبته، أو لقلته في نفسه. {إِلاَّ النَّارَ} سمى مأكولهم ناراً، لأنه سبب عذابهم بالنار، أو لأنه يصير يوم القيامة في بطونهم ناراً، فسماه بما يؤول إليه. {وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ} ولا يُسمعهم كلامه، أو لا يُرسل إليهم بالتحية مع الملائكة، أو عبَّر بذلك عن غضبه عليهم، فلان لا يكلم فلاناً إذا غضب عليه {وَلا يُزَكِّيهِمْ} لا يثني عليهم، أو لا يصلح أعمالهم الخبيثة.

.تفسير الآية رقم (175):

{أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ (175)}
{فَمَآ أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ} فما أجرأهم عليها، أو على عمل يؤدي إليها، أو أي شيء أصبرهم عليها، أو ما أبقاهم عليها، ما أصبر فلاناً على الحبس ما أبقاه فيه.

.تفسير الآية رقم (177):

{لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (177)}
{لَّيْسَ الْبِرَّ} الصلاة وحدها، أو خاطب به اليهود والنصارى، لصلاة اليهود إلى الغرب، والنصارى إلى الشرق. {وَلكِنَّ الْبِرَّ} إيمان من آمن، أو برّ من آمن بالله، فأقر بوحدانيته {وَالْمَلآئِكَةِ} بما أُمروا به من كَتْب الأعمال. {وَالْكِتَابِ} القرآن {وَالنَّبِيِّنَ} فلا يكفر ببعضهم ويؤمن ببعض. {عَلَى حُبِّهِ} حب المال فيكون صحيحاً شحيحاً. ذهب الشعبي والسدي إلى وجوب ذلك خارجاً عن الزكاة، فروى الشعبي أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «إن في المال حقاً سوى الزكاة» وتلا هذه الآية، والجمهور على ان الآية محمولة على الزكاة، أو على التطوع، وأنه لا حق في المال سوى الزكاة. {ذَوِى الْقُرْبَى} إن حُمل على الزكاة شَرَط فيهم الأوصاف المعتبرة في الزكاة وإن حُمل على التطوع فلا. {وَالْيَتَامَى} كل صغير لا أب له، وفي اعتبار فقرهم قولان. {وَالْمَسَاكِينَ} مَنْ عُدِم قدر الكفاية. وفي اعتبار إسلامهم قولان. {وَابْنَ السَّبِيلِ} فقراء المسافرين. {وَالسَّآئِلِينَ} الذين ألجأهم الفقير إلى السؤال. {وَفِى الرِّقَابِ} المكاتبون أو عبيد يُعتقون. {وَأَقَامَ الصَّلاَةَ} إلى الكعبة بواجباتها في أوقاتها. {وَءَاتَى الزَّكاةَ} لمستحقها. {بِعَهْدِهِمْ} بنذرهم لله تعالى، أو العقود التي بينهم وبين الناس. {الْبَأْسَآءِ} الفقر. {وَالضَّرَّآءِ} السقم. {وَحِينَ الْبأْسِ} القتال. وهذه الأوصاف مخصوصة بالأنبياء لتعذرها فيمن سواهم. أو هي عامة في الناس كلهم.

.تفسير الآية رقم (178):

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (178)}
{كُتِبَ} فرض.
يا بنت عمي كتاب الله أخرجني ** عنكم فهل أمنعن الله ما فعلا

{الْقِصَاصُ} مقابلة الفعل بمثله من قص الأثر. نزلت في قبيلة من العرب أعزاء لا يقتلون بالعبد منه إلا السيد، وبالمرأة إلا الرجل، أو في فريقين اقتتلا فقتل منهما جماعة، فقصاص الرسول صلى الله عليه وسلم دية الرجل بدية الرجل، ودية المرأة بدية المرأة، ودية العبد بدية العبد، أو فرض في ابتداء الإسلام قتل الرجل بالرجل، والمرأة بالمرأة، ثم نسخ بقوله تعالى: {النفس بالنفس} [المائدة: 45] قاله ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، أو هو أمر بمقاصة دية الجاني من دية المُجنى عليه، فإذا قتل الحر عبداً فلسيده القصاص، ثم يقاصص بقيمة العبد من دية الحر ويدفع إلى ولي الحر باقي ديته، وإن قتل العبد حراً فقتل به قاصص ولي الحر بقيمة العبد وأخذ باقي دية الحر، وإن قتل الرجل امرأة فلوليها قتله ويدفع نصف الدية إلى ولي الرجل، وإن قتلت المرأة رجلاً فقتلت به أخذ ولي الرجل نصف الدية قاله علي رضي الله تعالى عنه {فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} هو أن يطلب الولي الدية بالمعروف، ويؤديها القاتل بإحسان {فَمَنْ عُفِىَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} أي فضل. إذا قلنا نزلت في فريقين اقتتلا، وتقاصا ديات القتلى، فمن بقيت له بقية فليتبعها بمعروف وليؤد من عليه بإحسان، وعلى قول علي رضي الله عنه يؤدي الفاضل بعد مقاصصة الديات بمعروف، فالاتباع بمعروف عائد إلى ولي القتيل، والأداء بإحسان عائد إلى ولي الجاني، أو كلاهما عائد إلى الجاني الدية بمعروف وإحسان {تَخْفِيفٌ} تخير ولي الدم بين القود والدية والعفو، ولم يكن ذلك لأحد قبلنا، كان على أهل التوراة القصاص أو العفو ولا أرش، وعلى أهل الإنجيل الأرش أو العفو ولا قود. {فَمَنِ اعْتَدَى} فقتل بعد أخذ الدية {فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} بالقصاص، أو يقتله الإمام حتماً، أو يعاقبه السلطان، أو باسترجاع الدية منه ولا قود عليه.

.تفسير الآية رقم (179):

{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (179)}
{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} إذا ذكره الظالم كف عن القتل، أو وجوب القصاص على القاتل وحده حياة له وللمعزوم على قتله فيحييان جميعاً وهذا أعم {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} أن تقلتوا فيقتص منكم.

.تفسير الآية رقم (180):

{كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (180)}
{خَيْراً} مالاً اتفاقاً ها هنا، قال مجاهد: (الخير المال في جميع القرآن {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الخير لَشَدِيدٌ} [العاديات: 8] {أَحْبَبْتُ حُبَّ الخير} [ص: 32] {إِنْ عَلِمُتُمْ فِيهِمْ خَيْراً} [النور: 33] أراد المال في ذلك {إني أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ} [هود: 84] بغنى ومال). كانت الوصية للوالدين والأقربين واجبة قبل نزول المواريث، فلما نزلت المواريث نسخ وجوبها عند الجمهور، أو نسخ منها الوصية لكل وارث وبقي الوجوب فيمن لا يرث من الأقارب. والمال الذي يجب عليه أن يوصي منه ألف درهم، أو من ألف إلى خمسمائة، أو يجب في كل قليل وكثير، فلو أوصى بثلثه لغير قرابته رُد الثلث على قرابته، أو يُرد ثلث الثلث على القرابة وثلثا الثلث للمُوصى له، أو ثلثاه للقرابة وثلثه للمُوصى له. {عَلَى الْمُتَّقِينَ} التقوى في أن يقدم الأحوج فالأحوج من أقاربه.

.تفسير الآية رقم (181):

{فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (181)}
{فَمَن بَدَّلَهُ} غَيَّرَ الوصية بعد ما سمعها. إنما ذكِّر، لأن الوصية قول.

.تفسير الآية رقم (182):

{فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (182)}
{جَنَفاً أَوْ إِثْماً} الجنف الخطأ، والإثم: العمد، أو الجنف: الميل، والإثم: أَثَرة بعضهم على بعض، أصل الجنف الجور والعدول عن الحق {فَمَنْ خَافَ مِن مُّوصٍ} فمن حضر موصياً يجور في وصيته خطأ أو عمداً فأصلح بينه وبين ورثته بإرشاده إلى الحق فلا إثم عليه، أو خاف الوصي جنف المُوصي فأصلح بين ورثته وبين المُوصَى له بردّ الوصية إلى العدل، أو من خاف من جنف الموصي على ورثته بإعطاء بعض ومنع بعض في مرض موته فأصلح بين ورثته، أو من خاف جنفه فيما أوصى به لآبائه وأقاربه على بعضهم لبعض فأصلح بين الآباء والقرابة، أو من خاف جنفه في وصيته لغير وارثه بما يرجع نفعه إلى وارثه فأصلح بين ورثته فلا إثم.