فصل: مسألة (217): لا يصحُّ اقتداء المفترض بالمتنفِّل، ولا من يصلِّي الظُّهر بمن يصلِّي العصر.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تنقيح التحقيق في أحاديث التعليق ***


مسألة ‏(‏217‏)‏‏:‏ لا يصحُّ اقتداء المفترض بالمتنفِّل، ولا من يصلِّي الظُّهر بمن يصلِّي العصر‏.‏

وقال الشَّافعيُّ‏:‏ يصحُّ، وعن أحمد نحوه‏.‏

لنا‏:‏ 1163- ما روى الإمام أحمد‏:‏ ثنا عبد الرَّزَّاق ثنا معمر عن الزُّهريِّ عن أنس قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏إنَّما جعل الإمام ليؤتَّم به، فلا تختلفوا عليه‏"‏‏.‏

أخرجاه في ‏"‏ الصَّحيحين‏"‏‏.‏

ز‏:‏ هذا الحديث لا دليل فيه على عدم جواز ائتمام المفترض بالمتنفِّل، بل المراد به عدم الاختلاف في الأفعال، لأنَّه إنَّما ذكر في الحديث الأفعال فقال‏:‏ ‏"‏فإذا سجد فاسجدوا‏"‏، ولهذا صحَّ ائتمام المتنفِّل بالمفترض O‏.‏

احتجُّوا بثلاثة أحاديث‏:‏ 1164- الحديث الأوَّل‏:‏ قال الإمام أحمد‏:‏ ثنا سفيان عن عمرو سمعه من جابر قال‏:‏ كان معاذ يصلِّي مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ يرجع فيؤمُّنا‏.‏

وقال مرَّةً‏:‏ فيصلِّي بقومه‏.‏

أخرجاه في ‏"‏ الصَّحيحين‏"‏‏.‏

وجوابه‏:‏ أن يقال‏:‏ هذه قضيَّة في عينٍ، فيحتمل أن يكون معاذ يصلِّي مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نافلة‏.‏

فإن قالوا‏:‏ قد جاء في الحديث‏:‏ ‏(‏فتكون له تطوَّعًا‏)‏‏.‏

قلنا‏:‏ هذا ظنٌّ من الرَّاوي‏.‏

1165- الحديث الثَّاني‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ ثنا الحسين بن إسماعيل ثنا محمد بن عمرو بن أبي مذعور ثنا عبد الوهَّاب الثقفيُّ ثنا عنبسة عن الحسن عن جابر أنَّ نبيَّ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان محاصِرًا بني محارب، طائفةٌ مقبلةٌ على العدو، وصلَّى بطائفة ركعتين، ثُمَّ سلَّم، فانصرفوا، فكانوا مكان إخوانهم، وجاءت الطَّائفة الأخرى، فصلَّى بهم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ركعتين، فكان للنَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أربع ركعات، ولكلِّ طائفةٍ ركعتين‏.‏

فحجتَّهم أَنَّه كان بالرَّكعتين الأخريين متنفِّلاً‏.‏

وجواب هذا‏:‏ أَنَّه لا يصحُّ، قال يحيى بن معين‏:‏ عنبسة ليس بشيءٍ‏.‏

وقال النَّسائيُّ‏:‏ متروكٌ‏.‏

وقال أبو حاتم الرَّازيُّ‏:‏ كان يضع الحديث‏.‏

وقال ابن حِبَّان‏:‏ لا يحلُّ الاحتجاج به‏.‏

ز‏:‏ عنبسة الذي ذكر المؤلِّف فيه الجرح‏:‏ هو عنبسة بن عبد الرً حمن بن عنبسة بن سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أميَّة الأمويُّ، وقد تركوه‏.‏

قاله البخاريُّ، وروى له من أصحاب ‏"‏ السُّنن ‏"‏‏:‏ التِّرمذيُّ وابن ماجه‏.‏

وأمَّا راوي هذا الحديث فهو عنبسة بن سعيد القطَّان الواسطيُّ، ويقال‏:‏ البصريُّ، أخو أبي الرَّبيع السَّمَّان أشعث بن سعيد، وقد تكلَّم فيه غير واحدٍ من الأئمة، قال عباس الدُّوريُّ عن يحيى بن معين‏:‏ ضعيفٌ‏.‏

وقال أبو حاتم‏:‏ ضعيف الحديث، يأتي بالطَّامات‏.‏

وقال الفلاَّس‏:‏ كان مختلطًا، لا يروى عنه، قد سمعت منه، وجلست إليه، متروك الحديث، وكان صدوقًا لا يحفظ‏.‏

وقال أبو عبيد الآجريُّ عن أبي داود‏:‏ ثقةٌ‏.‏

وقال ابن عَدِيٍّ‏:‏ بعض أحاديثه مستقيمة، وبعضها لا يتابع عليه‏.‏

وقد روى له أبو داود حديثًا واحدًا، مقرونًا بحميد الطَّويل‏.‏

1166- قال النَّسائيُّ في ‏"‏ سننه ‏"‏‏:‏ أخبرني إبراهيم بن يعقوب ثنا عمرو بن عاصم ثنا حمَّاد بن سلمة عن قتادة عن الحسن عن جابر بن عبد الله أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلَّى بطائفةٍ من أصحابه ركعتين، ثُمَّ سلَّم، ثُمَّ صلَّى بآخرين أيضًا ركعتين، ثُمَّ سلَّم‏.‏

1167- وروى هشام الدَّستوائيُّ عن قتادة عن سليمان اليشكري عن جابر قال‏:‏ فصلَّى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالَّذين يلونه ركعتين، ثُمَّ سلَّم، ثُمَّ تأخَّر الَّذين يلونه على أعقابهم، فوقفوا مقام أصحابه، وجاء الآخرون فصلَّى بهم ركعتين، والأخرى تحرس، ثُمَّ سلَّم‏.‏

تابعه أبو بشر عن سليمان‏.‏

وقد اعتمد على هذا الحديث أبو محمد بن حزم‏.‏

وقال التِّرمذيُّ‏:‏ سمعت محمَّدًا يقول‏:‏ سليمان اليشكريُّ يقال‏:‏ إنَّه مات في حياة جابر، ولم يسمع منه قتادة ولا أبو بشر‏.‏

قال‏:‏ ولا أعرف لأحدٍ منه سماعًا، إلا أن يكون عمرو بن دينار، فلعلَّه سمع منه في حياة جابر، وإنَّما يحدِّث قتادة عن صحيفة سليمان‏.‏

وقال أبو زرعة والنَّسائيُّ‏:‏ سليمان ثقة‏.‏

وقال أبو حاتم‏:‏ جالس جابرًا وسمع منه، وكتب عنه صحيفةً، وتوفي وبقيت الصَّحيفة عند امرأته، وروى أبو الزُّبير وأبو سفيان والشَّعبيُّ عن جابر، وهم قد سمعوا من جابر، وأكثره من الصَّحيفة، وكذلك قتادة‏.‏

وقال أبو داود‏:‏ مات قبل جابر، في فتنة ابن الزُّبير‏.‏

وقال ابن حِبَّان في كتاب ‏"‏ الثِّقات ‏"‏‏:‏ يقال‏:‏ إنَّه مات في فتنة ابن الزُّبير، قبل جابر O‏.‏

1168- الحديث الثَّالث‏:‏ رووه عن أبي بكرة أن النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلَّى بقومٍ المغرب ثلاث ركعات، ثُمَّ جاء آخرون فصلَّى بهم ثلاث ركعات‏.‏

وهذا لا يعرف‏.‏

ز‏:‏ 1169- قال أبو داود في ‏"‏ سننه ‏"‏‏:‏ ثنا عبيد الله بن معاذ ثنا أبي ثنا الأشعث عن الحسن عن أبي بكرة قال‏:‏ صلَّى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في خوفٍ الظُّهر، فصفَّ بعضهم خلفه، وبعضهم بإزاء العدو، فصلَّى ركعتين، ثُمَّ سلَّم، فانطلق الَّذين صلُّوا معه، فوقفوا موقف أصحابه، ثُمَّ جاء أولئك، فصلَّوا خلفه، فصلَّى بهم ركعتين، ثُمَّ سلَّم، فكانت لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أربعاً، ولأصحابه ركعتين ركعتين‏.‏

وبذلك كان يفتي الحسن‏.‏

قال أبو داود‏:‏ وكذلك في المغرب، يكون للإمام ستُّ ركعاتٍ، وللقوم ثلاثٌ ثلاثٌ‏.‏

قال‏:‏ وكذلك رواه يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن جابر عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكذلك قال سليمان اليشكريُّ عن جابر عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

1170- وقال النَّسائيُّ‏:‏ أنا محمد بن عبد الأعلى وإسماعيل بن مسعود- واللفظ له- قالا‏:‏ ثنا خالد عن أشعث عن الحسن عن أبي بكرة أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلَّى بالقوم في الخوف ركعتين، ثُمَّ سلَّم، ثُمَّ صلَّى بالقوم الآخرين ركعتين، ثُمَّ سلَّم، فصلَّى النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أربعًا‏.‏

1171- قال‏:‏ وأنا عمرو بن عليٍّ ثنا يحيى بن سعيد ثنا الأشعث عن الحسن عن أبي بكرة عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في صلاة الخوف، صلَّى بهم ركعتين، وبهؤلاء ركعتين، فكانت للنَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أربعًا، ولهم ركعتان ركعتان‏.‏

وقد روى ابن حزم حديث أبي بكرة من رواية القطَّان ومعاذ بن معاذ عن أشعث الحمراني، وساق أحاديث في هذا، ثُمَّ قال‏:‏ وفي هذا دليلٌ على أنَّه صلَّى تطوَّعًا بقومٍ، وهذا قول جمهور الصَّحابة وطاوس وعطاء والشَّافعيِّ وأبي ثور وداود، لأنَّهم صحَّ عندهم جواز صلاة الإمام الفرض بجماعةٍ، ثُمَّ يصلِّي تلك الصَّلاة بطائفةٍ أخرى في حال الأمن، وبغير ضرورةً O‏.‏

مسألة ‏(‏218‏)‏‏:‏ لا يصحُّ أن يأتمَّ القادر على القيام بالعاجز، إلا إذا كان إمام الحيِّ مريضًا، وكان يرجى برؤه‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ يجوز بكلِّ حالٍ‏.‏

وعن مالك‏:‏ كمذهبهم، وعنه‏:‏ المنع على الإطلاق‏.‏

1172- قال الإمام أحمد‏:‏ ثنا عبد الرَّحمن بن مهديٍّ ثنا زائدة عن موسى بن أبي عائشة عن عبيد الله بن عبد الله عن عائشة أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وجد خفَّةً، فخرج، فجلس إلى جنب أبي بكر، فجعل أبو بكر يصلِّي قائمًا، ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلِّي قاعدًا‏.‏

1173- قال أحمد‏:‏ وثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت‏:‏ وجد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من نفسه خِفَّةً، فجاء وأبو بكر يصلِّي بالنَّاس، فجلس عن يسار أبي بكر، فكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلِّي بالنَّاس قاعدًا، وأبو بكر قائمًا، يقتدي أبو بكر بصلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والنَّاس يقتدون بصلاة أبي بكر‏.‏

الحديثان في ‏"‏ الصَّحيحين‏"‏‏.‏

مسألة ‏(‏219‏)‏‏:‏ فإن صلَّى بهم جالسًا من أوَّل الصَّلاة، فمذهب أحمد أنَّهم يصلُّون خلفه جلوسًا، خلافًا لأكثر الفقهاء‏.‏

ويستدلُّ أحمد بثلاثة أحاديث‏:‏ 1174- الحديث الأوَّل‏:‏ قال أحمد‏:‏ ثنا عبد الرَّزَّاق ثنا معمر عن الزُّهريِّ عن أنس قال‏:‏ سقط رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من فرسٍ، فجحش شقه الأيمن، فدخلوا عليه، فصلَّى بهم قاعدًا، وأشار إليهم أن اقعدوا، فلمَّا سلَّم، قال‏:‏ ‏"‏إنَّما جعل الإمام ليؤتمَّ به، فإذا كبَّر فكبِّروا، واذا ركع فاركعوا، وإذا قال‏:‏ سمع الله لمن حمده، فقولوا‏:‏ ربَّنا ولك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا، واذا صلَّى جالسًا فصلُّوا جلوسًا أجمعون‏"‏‏.‏

1175- الحديث الثَّاني‏:‏ قال أحمد‏:‏ وثنا يحيى ثنا هشام قال‏:‏ أخبرني أبي عن عائشة أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل عليه النَّاس في مرضه يعودونه، فصلَّى بهم جالسًا، فجعلوا يصلُّون قيامًا، فأشار إليهم أن اجلسوا، فلمَّا فرغ، قال‏:‏ ‏"‏إنَّما جعل الإمام ليؤتمَّ به، فإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا، واذا صلَّى جالسًا فصلُّوا جلوسًا‏"‏‏.‏

1176- الحديث الثَّالث‏:‏ قال أحمد‏:‏ وثنا وكيع ثنا الأعمش عن أبي سفيان عن جابر بن عبد الله قال‏:‏ صرع النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من فرسٍ على جذع نخلةٍ، فانفكَّت قدمه، فدخلنا عليه نعوده، فوجدناه يصلِّي، فصلَّينا بصلاته ونحن قيام، فلمَّا صلَّى، قال‏:‏ ‏"‏إنَّما جعل الإمام ليؤتمَّ به، فإن صلَّى قائمًا فصلُّوا قيامًا، وإن صلَّى جالسًا فلا تقوموا وهو جالس، كما تفعل أهل فارس بعظمائها‏"‏‏.‏

انفرد بإخراج هذا مسلم، واللذان قبله في ‏"‏ الصَّحيحين‏"‏‏.‏

وقد حكى البخاريُّ عن الحميديِّ أنَّه قال‏:‏ هذا كان في مرضه القديم، ثُمَّ صلَّى بعد جالسًا والنَّاس خلفه قيام، لم يأمرهم بالقعود، وإنَّما يؤخذ بالآخر فالآخر من فعل النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

قال المؤلِّف‏:‏ وهذا عندي هو الصَّحيح‏.‏

ز‏:‏ قد روي أنَّ أبا بكر كان هو الإمام في آخر الأمر‏:‏ 1177- قال التِّرمذيُّ‏:‏ حدَّثنا عبد الله بن أبي زياد ثنا شبابة بن سَوَّار ثنا محمد بن طلحة عن حميد عن ثابت عن أنس قال‏:‏ صلَّى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مرضه خلف أبي بكر قاعدًا في ثوبٍ متوشِّحًا به‏.‏

قال التِّرمذيُّ‏:‏ هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، وهكذا رواه يحيى بن أيُّوب عن حميد عن ثابت عن أنس، وقد رواه غير واحد عن حميد عن أنس، ولم يذكروا فيه‏:‏ ‏(‏عن ثابت‏)‏، ومن ذكر فيه‏:‏ ‏(‏عن ثابت‏)‏ فهو أصحُّ‏.‏

1178- وقال محمد بن إسماعيل التِّرمذيُّ‏:‏ ثنا أيُّوب بن سليمان حدَّثني أبو بكر بن أبي أويس عن سليمان عن حميد عن ثابت البنانيِّ عن أنس قال‏:‏ آخر صلاةٍ صلاَّها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع القوم، صلَّى في ثوبٍ واحدٍ متوشِّحًا به، خلف أبي بكر الصِّدِّيق رضي الله عنه‏.‏

ورواه أبو حاتم محمد بن حِبَّان البستيُّ عن عمر بن محمد بن بحير الهمدانيِّ عن إسحاق بن إبراهيم بن سويد الرَّملي عن أيُّوب بن سليمان‏.‏

1179- وقال خيثمة بن سليمان‏:‏ ثنا إسحاق بن سيَّار أبو يعقوب النَّصِيبيُّ ثنا ‏[‏عمرو‏]‏ بن الرَّبيع قال‏:‏ حدَّثني يحيى بن أيُّوب عن حميد قال‏:‏ حدَّثني ثابت البنانيُّ عن أنس أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلَّى خلف أبي بكر في ثوبٍ واحدٍ، فخالف بين طرفيه، فلمَّا أراد أن يقوم قال‏:‏ ‏"‏ادعوا لي أسامة‏"‏‏.‏

فجاءه، فأسند ظهره إلى نحره، فكانت آخر صلاةٍ صلاَّها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

1180- وقال النَّسائيُّ‏:‏ أنا عليُّ بن حُجر ثنا إسماعيل ثنا حميد عن أنس قال‏:‏ آخر صلاة صلاَّها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع القوم، صلَّى في ثوبٍ واحدٍ، متوشِّحًا به، خلف أبي بكر‏.‏

هكذا رواه النَّسائيُّ في ‏"‏ سننه‏"‏، ولم يذكر ثابتًا‏.‏

1181- وقال التِّرمذيُّ‏:‏ ثنا محمود بن غيلان ثنا شبابة عن شعبة عن نُعيم بن أبي هند عن أبي وائل عن مسروق عن عائشة قالت‏:‏ صلَّى النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خلف أبي بكر في مرضه الذي مات فيه قاعدًا‏.‏

قال التِّرمذيُّ‏:‏ حديثٌ حسنٌ غريبٌ صحيحٌ‏.‏

1182- وقال النَّسائيُّ‏:‏ أنا محمد بن المثنى ثنا بكر بن عيسى سمعت شعبة يذكر عن نعيم بن أبي هند عن أبي وائل عن مسروق عن عائشة أن أبا بكر صلَّى بالنَّاس، ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الصَّفِّ‏.‏

قال التِّرمذيُّ‏:‏ وقد روي عن عائشة عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه قال‏:‏ ‏"‏إذا صلَّى الإمام جالسًا فصلُّوا جلوسًا‏"‏‏.‏

وروي عنها أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خرج في مرضه، وأبو بكر يصلِّي بالنَّاس، فصلَّى إلى جنب أبي بكر، النَّاس يأتمُّون بأبي بكر، وأبو بكر يأتمُّ بالنَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

وروي عنها أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلَّى خلف أبي بكر قاعدًا O‏.‏

مسألة ‏(‏220‏)‏‏:‏ يجوز أن ينفرد ‏[‏المأموم‏]‏ لعذر، فإن لم يكن عذر، فعلى روايتين‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ لا يجوز بحال، فإن فعل بطلت الصَّلاة‏.‏

لنا‏:‏ أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلَّى بهم ركعة في الخوف، ثُمَّ انتظرهم حتى أتمُّوا لأنفسهم‏.‏

وسيأتي مسندًا إن شاء الله‏.‏

مسألة ‏(‏221‏)‏‏:‏ يكره للإمام أن يكون موضعه أعلى من المأموم‏.‏

وقال الشَّافعيُّ‏:‏ إذا كان يعلّمهم الصَّلاة، استحبَّ ذلك‏.‏

لنا حديثان‏:‏ 1183- الحديث الأوَّل‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ ثنا أحمد بن محمد بن زياد ثنا محمد بن غالب ثنا زكريا بن يحيى زحمويه ثنا زياد بن عبد الله بن الطُّفيل عن الأعمش عن إبراهيم عن همَّام عن أبي مسعود الأنصاريِّ قال‏:‏ نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يقوم الإمام فوق شيءٍ والنَّاس خلفه‏.‏

يعني أسفل منه‏.‏

فإن قالوا‏:‏ قد قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ لم يروه غير زياد، ولم يروه غير همَّام، فيما أعلم‏.‏

وقد ضعَّف ابنُ المدينيِّ ويحيى زيادًا‏.‏

قلنا‏:‏ قال أحمد‏:‏ هو ثقةٌ‏.‏

وقال أبو زرعة‏:‏ صدوقٌ‏.‏

ز‏:‏ زياد بن عبد الله‏:‏ هو البَكَّائيُّ، وقد روى له البخاريُّ حديثًا واحدًا مقرونًا بغيره، ومسلم والتِّرمذيُّ وابن ماجه، وقال عبد الله ابن أحمد عن أبيه‏:‏ ليس به بأسٌ، حديثه حديث أهل الصِّدق‏.‏

وقال أبو حاتم‏:‏ يكتب حديثه، ولا يحتجُّ به‏.‏

وقال النَّسائيُّ‏:‏ ضعيفٌ‏.‏

وقال مرَّةً‏:‏ ليس بالقويِّ‏.‏

وقال ابن عَدِيٍّ‏:‏ له أحاديث صالحة، وقد روى عنه الثِّقات من النَّاس، وما أرى برواياته بأسًا‏.‏

1184- وقال أبو بكر محمد بن عبد الله بن ابراهيم الشَّافعيُّ‏:‏ ثنا محمد ابن غالب بن حرب ثنا زكريا بن يحيى ثنا زياد- يعني البَكَّائيُّ- ثنا الأعمش عن إبراهيم عن همَّام قال‏:‏ صلَّى حذيفة بالنَّاس بالمدائن، فقام فوق دكَّان، فأتى أبو مسعود فجمع ثيابه فمدَّه، فرجع ورآه، فلمَّا قضى الصَّلاة، قال له أبو مسعود‏:‏ الم تعلم أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى أن يقوم الإمام فوق شيءٍ والنَّاس خلفه‏؟‏ قال‏:‏ أفلم تراني أجبتك حين مددتني‏.‏

1185- وقال أبو داود‏:‏ ثنا أبو مسعود الرَّازيُّ أحمد بن الفرات وأحمد ابن سنان- المعنى- قالا‏:‏ ثنا يعلى ثنا الأعمش عن إبراهيم عن همَّام أنَّ حذيفة أمَّ النَّاس بالمدائن على دكَّان، فأخذ أبو مسعود بقميصه فجبذه، فلمَّا فرغ من صلاته، قال‏:‏ ألم تعلم أنَّهم كانوا ينهون عن ذلك‏؟‏‏!‏ قال‏:‏ بلى، قد ذكرت حين مددتني O‏.‏

1186- الحديث الثَّاني‏:‏ قال أبو داود‏:‏ ثنا أحمد بن إبراهيم ثنا حجَّاج عن ابن جريج قال‏:‏ أخبرني أبو خالد عن عَدِيِّ بن ثابت الأنصاريِّ قال‏:‏ حدَّثني رجلٌ أنَّه كان مع عمَّار بن ياسر بالمدائن، فأقيمت الصَّلاة، فتقدَّم عمَّار ‏[‏فقام‏]‏ على دكَّان يصلِّي، والنَّاس أسفل منه، فتقدَّم حذيفة، فأخذ على يديه، فاتَّبعه عمَّار، حتى أنزله حذيفة، فلمَّا فرغ عمَّار من صلاته، قال له حذيفة‏:‏ ألم تسمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول‏:‏ ‏"‏إذا أمَّ الرَّجلُ القوم قلا يقم في مكان أرفع من مقامهم- أو نحو ذلك-‏"‏‏.‏

قال عمَّار‏:‏ لذلك اتَّبعتك حين أخذت على يدي‏.‏

ز‏:‏ في إسناد هذا الحديث رجلٌ مبهمٌ، وأبو خالد ليس بمعروفٍ، ويحتمل أن يكون الدَّالانيُّ، وفيه كلامٌ O‏.‏

مسألة ‏(‏222‏)‏‏:‏ صلاة الفذِّ خلف الصَّفِّ باطلةٌ، خلافًا لأكثرهم‏.‏

لنا حديثان‏:‏

1187- الحديث الأوَّل‏:‏ قال أحمد‏:‏ ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن عمرو بن مُرَّة عن هلال بن يَساف عن عمرو بن ‏[‏راشد‏]‏ عن وابصة بن معبد أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى رجلاً يصلِّي وحده خلف الصَّفِّ، فأمره أن يعيد صلاته‏.‏

ز‏:‏ روى هذا الحديث أبو داود والتِّرمذيُّ وقال‏:‏ حديثٌ حسنٌ‏.‏

وقال الإمام أحمد‏:‏ حديث وابصة حديثٌ حسنٌ‏.‏

وقال ابن المنذر‏:‏ ثبَّته أحمد وإسحاق‏.‏

وقد رواه التِّرمذيُّ أيضًا من رواية حُصَين عن هلال بن يَساف قال‏:‏ أخذ زياد بن أبي الجعد بيدي ونحن بالرَّقة، فقام بي على شيخٍ يقال له‏:‏ وابصة، فقال زياد‏:‏ حدَّثني هذا الشَّيخ- والشَّيخ يسمع- أن رجلاً صلَّى‏.‏

فذكر معناه‏.‏

قال‏:‏ واختلف أهل العلم في هذا‏:‏ فقال بعضهم‏:‏ حديث عمرو بن مُرَّة أصحُّ، وقال بعضهم‏:‏ حديث حُصين أصحُّ، وهو عندي أصحُّ من حديث عمرو‏.‏

ورواه ابن ماجه من حديث حُصين عن هلال بن يَساف قال‏:‏ أخذ بيدي زياد بن أبي الجعد، فأوقفني على شيخٍ بالرَّقَّة- يقال له‏:‏ وابصة بن معبد- فقال‏:‏ صلَّى رجلٌ خلف الصَّفِّ وحده، فأمره النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يعيد‏.‏

ولم يذكر‏:‏ ‏(‏حدَّثني هذا الشَّيخ‏)‏، فكأنَّ هلالاً رواه عن وابصة نفسه O‏.‏

1188- الحديث الثَّاني‏:‏ قال أحمد‏:‏ وثنا عبد الصَّمد ثنا ملازم بن عمرو أنا عبد الله بن بدر أنَّ عبد الرَّحمن بن عليٍّ حدَّثه أنَّ أباه عليَّ بن شيبان حدَّثه أَنَّه خرج وافدًا إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال‏:‏ فصلَّينا خلف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فرأى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجلاً يصلِّي خلف الصَّفِّ، فوقف حتى انصرف الرَّجل، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏استقبل صلاتك، فلا صلاة لفردٍ خلف الصَّفِّ‏"‏‏.‏

ز‏:‏ روى هذا الحديث ابن ماجه في ‏"‏ سننه ‏"‏ بنحوه عن أبي بكر عن ملازم، وإسناده قويٌّ‏.‏

وقال الأثرم‏:‏ قلت لأبي عبد الله‏:‏ حديث ملازم بن عمرو- يعني هذا الحديث- في هذا أيضًا حسنٌ‏؟‏ قال‏:‏ نعم O‏.‏

مسألة ‏(‏223‏)‏‏:‏ إذا أحسَّ الإمام بداخلٍ، استحبَّ له الانتظار ما لم يشق‏.‏

وقال أبو حنيفة ومالك‏:‏ يكره‏.‏

لنا‏:‏ أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انتظر النَّاس في صلاة الخوف، لإدراك فضيلة الجماعة‏.‏

وسيأتي مسندًا‏.‏

مسألة ‏(‏224‏)‏‏:‏ إذا صلَّى الكافر حكم بإسلامه‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ إن صلَّى في جماعة‏.‏

وقد استدلَّ أصحابنا‏:‏ 1189- بما رووا أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏من صلَّى صلاتنا، واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا، فهو المسلم‏"‏‏.‏

وهذا الحديث إنَّما نعرفه بتمامٍ يمنع الاستدلال به‏.‏

1190- قال الإمام أحمد‏:‏ ثنا عليُّ بن إسحاق أنا عبد الله بن مبارك ثنا حميد الطَّويل عن أنس أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏أمرت أن أقاتل النَّاس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأنَّ محمدًا رسول الله، فإذا شهدوا أن لا إله إلا الله، وأنَّ محمدًا رسول الله، واسقبلوا قبلتنا، وأكلوا ذبيحتنا، وصلُّوا صلاتنا، فقد حرمت علينا دماؤهم وأموالهم إلا بحقِّها، لهم ما للمسلمين، وعليهم ما عليهم‏"‏‏.‏

انفرد بإخراجه البخاريُّ‏.‏

مسألة ‏(‏225‏)‏‏:‏ إذا صلَّى بقومٍ وهو محدثٌ‏:‏ فإن كان عالمًا بحدث نفسه، أعاد وأعادوا بكلِّ حالٍ؛ وإن كان ناسيًا فذكر في أثناء الصلاة، فعليه الإعادة، وفي المأموم روايتان؛ وإن ذكر بعد الفراغ أعاد وحده‏.‏

وقال مالكٌ‏:‏ إن تعمَّد أعاد وأعادوا، وإن كان ناسيًا أعاد وحده‏.‏

وقال الشَّافعيُّ‏:‏ يعيد، ولا يعيدون بكلِّ حالٍ‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ يعيد، ويعيدون بكلِّ حالٍ‏.‏

1191- قال أبو الحسن الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ ثنا الحسين بن محمد بن سعيد البزَّاز ثنا جحدر بن الحارث ثنا بقيَّة بن الوليد عن عيسى بن إبراهيم عن جويبر عن الضَّحاك عن البراء بن عازب عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏أيُّما إمامٍ سهى، فصلَّى بالقوم وهو جنب، فقد مضت صلاتهم، ثُمَّ ليغتسل هو، ثُمَّ ليعيد صلاته، فإن صلَّى بغير وضوءٍ فمثل ذلك‏"‏‏.‏

1192- قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وثنا عبد الله بن أحمد بن عتاب ثنا أحمد بن الفرج الحمصيُّ ثنا بقيَّة بن الوليد ثنا عيسى بن عبد الله الأنصاريُّ عن جويبر عن الضَّحَّاك عن البراء قال‏:‏ صلَّى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقومٍ وليس هو على وضوءٍ، فتمَّت للقوم صلاتهم، وأعاد النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

هذان حديثان لا يصحَّان، بقيَّة مدلسٌ، وعيسى ضعيفٌ، وجويبر متروكٌ، والضَّحَّاك لم يلق البراء‏.‏

ز‏:‏ عيسى بن عبد الله الأنصاريُّ‏:‏ قال ابن عَدِيٍّ‏:‏ عامة ما يرويه لا يتابع عليه‏.‏

وروى هذا الحديث في ترجمته، ولم يذكر جويبرًا في الإسناد، فقال‏:‏ 1193- حدَّثنا أبو عروبة ثنا ابن مصفَّى ثنا بقيَّة عن عيسى بن عبد الله الأنصاريِّ عن الضَّحَّاك بن مزاحم عن البراء قال‏:‏ صلَّى النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأصحابه على غير وضوءٍ، فأعاد ولم يعيدوا O‏.‏

احتجُّوا بثلاثة أحاديث‏:‏ 1194- الحديث الأوَّل‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ ثنا يعقوب بن إبراهيم البزَّاز ثنا أحمد بن محمد بن يحيى الجلاب ثنا أبو معاوية ثنا ابن أبي ذئب عن أبي جابر البياضيِّ عن سعيد بن المسيّب أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلَّى بالنَّاس وهو جنب، فأعاد وأعادوا‏.‏

1195- الحديث الثَّاني‏:‏ رووه عن عليٍّ عن النَّبيِّ أَنَّه صلَّى بهم، ثُمَّ انصرف، ثُمَّ جاءَ ورأسه يقطر، فأعاد بنا‏.‏

1196- الحديث الثَّالث‏:‏ رووه عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏إذا فسدت صلاة الإمام، فسدت صلاة من خلفه‏"‏‏.‏

والجواب‏:‏ أمَّا الحديث الأوَّل‏:‏ فقال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ هو مرسلٌ، وأبو جابر متروك الحديث‏.‏

وأمَّا الحديثان الآخران‏:‏ فلا يعرفان‏.‏

ز‏:‏ 1197- روى ابن المنكدر عن الشَّريد الثَّقفيِّ أنَّ عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه صلَّى بالنَّاس وهو جنبٌ، فأعاد، ولم يأمرهم أن يعيدوا‏.‏

1198- وعن عبد الرَّحمن بن مهديٍّ عن هُشيم عن خالد بن سلمة عن محمد بن عمرو بن الحارث بن أبي ضرارٍ أنَّ عثمان بن عفَّان رضي الله عنه صلَّى بالنَّاس وهو جنبٌ، فلمَّا أصبح نظر في ثوبه احتلامًا، فقال‏:‏ كبرت والله، لا أراني أجنب ثُمَّ لا أعلم‏!‏ ثُمَّ أعاد، ولم يأمرهم أن يعيدوا‏.‏

قال عبد الرَّحمن‏:‏ وهذا المجتمع عليه، الجنب يعيد ولا يعيدون، ما أعلم فيه اختلافًا‏.‏

1199- وعن عبد الرَّزَّاق عن معمر عن الزُّهريِّ عن سالم عن ابن عمر أنَّه صلَّى بهم وهو على غير وضوءٍ، فأعاد، ولم يأمرهم بالإعادة‏.‏

1200- وعن عمرو بن خالد عن حبيب بن أبي ثابت عن عاصم بن ضمرة عن عليٍّ رضي الله عنه أنَّه صلَّى بالقوم وهو جنب، فأعاد، ثُمَّ أمرهم فأعادوا‏.‏

روى هذا كلَّه البيهقيُّ، وقال في حديث عليٍّ‏:‏ إنَّما يرويه عمرو بن خالد، أبو خالد الواسطيُّ، وهو متروكٌ، رماه الحفَّاظ بالكذب، وقال وكيع‏:‏ كان كذَّابًا، فلمَّا عرفناه بالكذب تحوَّل إلى مكانٍ آخر، حدَّث عن حبيب بن أبي ثابت عن عاصم بن ضمرة عن عليٍّ أنَّه صلَّى بهم وهو على غير طهارة، فأعاد وأمرهم بالإعادة‏.‏

وقال عبد الرَّحمن بن مهديٍّ عن سفيان الثَّوريِّ‏:‏ حبيب بن أبي ثابت لم يرو عن عاصم بن ضمرة شيئًا قطُّ‏.‏

وقال عبد الله بن المبارك‏:‏ ليس في الحديث قوَّةً لمن يقول‏:‏ إذا صلَّى الإمام بغير وضوءٍ أنَّ أصحابه يعيدون، والحديث الآخر أثبت أن لا يعيد القوم، هذا لمن أراد الإنصاف بالحديث‏.‏

1201- وقال عليُّ بن المدينيِّ‏:‏ ثنا عبد الرَّحمن بن مهديٍّ عن سفيان وشعبة عن مغيرة عن إبراهيم في الرَّجل يصلِّي بقومٍ وهو على غير وضوءٍ، قال‏:‏ يعيد ولا يعيدون‏.‏

قال عبد الرَّحمن‏:‏ قلت لسفيان‏:‏ تعلم أحدًا قال‏:‏ يعيد ويعيدون، غير حمَّاد‏؟‏ قال‏:‏ لا O‏.‏

ويُحتجُّ على الشَّافعيِّ‏:‏ 1202- بما روى الإمام أحمد‏:‏ ثنا قتيبة ثنا عبد العزيز بن محمد عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏الإمام ضامن‏"‏‏.‏

ز‏:‏ روى مسلم بهذا الإسناد نحوًا من أربعة عشر حديثًا‏.‏

وروى أبو داود هذا الحديث عن الحسن بن عليٍّ عن ابن نمير عن الأعمش قال‏:‏ نُبِّئت عن أبي صالح ولا أراني إلا وقد سمعته منه‏.‏

وعن أحمد بن حنبل عن ابن فُضَيل عن الأعمش عن رجل عن أبي صالح‏.‏

ورواه التِّرمذيُّ عن هنَّاد عن أبي الأحوص وأبي معاوية عن الأعمش عن أبي صالح، وقال‏:‏ رواه سفيان الثَّوريُّ وحفص بن غياث وغير واحد عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة‏.‏

وروى أسباط عن الأعمش قال‏:‏ حدِّثت عن أبي صالح عن أبي هريرة‏.‏

وروى نافع بن ‏[‏‏]‏ سليمان عن محمد بن أبي صالح عن أبيه عن عائشة عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذا الحديث‏.‏

وسمعت أبا زرعة يقول‏:‏ حديث أبي صالح عن أبي هريرة أصحُّ من حديث أبي صالح عن عائشة‏.‏

وسمعت محمدًا يقول‏:‏ حديث أبي صالح عن عائشة أصحُّ‏.‏

وذكر عن عليِّ بن المدينيِّ أنَّه لم يثبت حديث أبي صالح عن أبي هريرة، ولا حديث أبي صالح عن عائشة في هذا O‏.‏

مسألة ‏(‏226‏)‏‏:‏ ما يدركه المأموم آخر صلاته‏.‏

وعنه‏:‏ أوَّلها، كقول الشَّافعيِّ‏.‏

1203- قال محمود بن إسحاق الخزاعيُّ‏:‏ ثنا البخاريُّ ثنا أبو نعيم ثنا ابن عيينة عن الزُّهريِّ عن سعيد بن المسيّب عن أبي هريرة عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال‏:‏ ‏"‏ما أدركتم فصلُّوا، وما فاتكم فاقضوا‏"‏‏.‏

أخرجاه في ‏"‏ الصَّحيحين‏"‏‏.‏

وفي لفظٍ أخرجه مسلم‏:‏ ‏"‏واقض ما سبقك‏"‏‏.‏

وكذلك روى أبو سلمة وابن سيرين وأبو رافع، كلُّهم عن أبي هريرة‏:‏ ‏"‏واقضوا‏"‏‏.‏

وكذلك روى أبو ذرٍّ وأنس عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏واقضوا‏"‏‏.‏

وقد روى جماعة عن أبي هريرة‏:‏ ‏"‏وما فاتكم فأتمُّوا‏"‏، منهم ابن أبي ذئب وإبراهيم بن سعد ومعمر وشعيب عن الزُّهريِّ‏.‏

وما ذهبنا إليه أكثر وأقوى، ثُمَّ نحمله على أن يكون المعنى‏:‏ فأتمُّوا قضاءً‏.‏

ز‏:‏ لم يخرِّج البخاريُّ ومسلمٌ قوله‏:‏ ‏"‏وما فاتكم فاقضوا ‏"‏ في ‏"‏ صحيحيهما‏"‏، وإنَّما لفظهما‏:‏ ‏"‏وما فاتكم فأتمُّوا ‏"‏‏:‏ 1204- فعن أبي قتادة قال‏:‏ بينما نحن نصلِّي مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذ سمع جَلبَة رجالٍ، فلمَّا صلَّى قال‏:‏ ‏"‏ما شأنكم‏؟‏ ‏"‏ قالوا‏:‏ استعجلنا إلى الصَّلاة‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏فلا تفعلوا، إذا أتيتم الصَّلاة فعليكم السَّكينة، فما أدركتم فصلُّوا، وما فاتكم فأتمُّوا‏"‏‏.‏

متفقٌ عليه‏.‏

1205- وعن أبي هريرة عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏إذا سمعتم الإقامة فامشُوا إلى الصَّلاة وعليكم السَّكينة والوقار، ولا تُسرعوا، فما أدركتم فصلُّوا، وما فاتكم فأتمُّوا‏"‏‏.‏

متفقٌ عليه، وهذا لفظ البخاريِّ‏.‏

وفي لفظٍ لمسلمٍ‏:‏ ‏"‏صلِّ ما أدركت، واقض ما سبقك‏"‏‏.‏

ورواه الإمام أحمد عن سفيان بن عيينة عن الزُّهريِّ عن سعيد بن المسيّب عن أبي هريرة‏:‏ ‏"‏وما فاتكم فاقضوا‏"‏‏.‏

ورواه مسلمٌ عن أبي بكر بن أبي شيبة وعمرو النَّاقد وزهير بن حرب عن سفيان بن عيينة عن الزُّهريِّ عن سعيد عن أبي هريرة- ولم يذكر لفظه-، ثُمَّ ساقه من طريق إبراهيم بن سعد عن الزُّهريِّ- ولم يذكر لفظه أيضًا-، ثُمَّ ذكره من طريق يونس عن الزُّهريِّ ولفظه‏:‏ ‏"‏وما فاتكم فأتمُّوا‏"‏‏.‏

وقال أبو داود‏:‏ قال يونس والزُّبيديُّ وابن أبي ذئب وإبراهيم بن سعد ومعمر وشعيب بن أبي حمزة عن الزُّهريِّ‏:‏ ‏"‏وما فاتكم فأتمُّوا‏"‏، وقال ابن عيينة عن الزُّهريِّ وحده‏:‏ ‏"‏فاقضوا‏"‏‏.‏

وقال محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة، وجعفر بن ربيعة عن الأعرج عن أبي هريرة‏:‏ ‏"‏فأتمُّوا‏"‏‏.‏

وابن مسعود عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأبو قتادة وأنس عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كلُّهم‏:‏ ‏"‏فأتمُّوا‏"‏‏.‏

وروى البيهقيُّ من طريق أحمد بن سلمة قال‏:‏ سمعت مسلم بن الحجَّاج يقول‏:‏ لا أعلم هذه اللفظة رواها عن الزُّهريِّ غير ابن عيينة‏:‏ ‏"‏واقضوا ما فاتكم‏"‏‏.‏

قال مسلم‏:‏ أخطأ ابن عيينة في هذه اللفظة‏.‏

وقال البيهقيُّ‏:‏ والَّذين قالوا‏:‏ ‏"‏فأتمُّوا ‏"‏ أكثر وأحفظ وألزم لأبي هريرة، فهو أولى، والله أعلم‏.‏

1206- وقال أبو داود‏:‏ ثنا أبو الوليد الطَّيالسيُّ ثنا شعبة عن سعد بن إبراهيم قال‏:‏ سمعت أبا سلمة عن أبي هريرة عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏ائتوا الصَّلاة وعليكم السَّكينة، فصلُّوا ما أدركتم، واقضوا ما سبقكم‏"‏‏.‏

قال أبو داود‏:‏ وكذا قال ابن سيرين عن أبي هريرة‏:‏ ‏"‏ويقضي‏"‏، وكذا قال أبو رافع عن أبي هريرة‏.‏

وأبو ذرٍّ روي عنه‏:‏ ‏"‏فأتمُّوا ‏"‏ و ‏"‏ اقضوا ‏"‏ اختلف عنه‏.‏

والتَّحقيق أنَّه ليس بين اللفظين فرقٌ، فإنَّ القضاء هو الإتمام في عرف الشَّارع، قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 200‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ‏}‏ ‏[‏الجمعة‏:‏ 10‏]‏ O‏.‏

مسألة ‏(‏227‏)‏‏:‏ يجوز إعادة الجماعة في مسجدٍ له إمامٌ راتبٌ‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ لا يجوز‏.‏

وقال أبو يوسف‏:‏ يجوز، لكن لا تجوز إعادة الأذان والإقامة‏.‏

وقال أصحاب الشَّافعيِّ‏:‏ لا يجوز ذلك في المسجد الذي لا تكرَّر فيه الجماعة، مثل مساجد الدُّروب، ويجوز ذلك في مساجد الأسواق التي تكرَّر فيها‏.‏

لنا ثلاثة أحاديث‏:‏ 1207- الحديث الأوَّل‏:‏ قال الإمام أحمد‏:‏ ثنا محمد بن أبي عَدِيٍّ عن سعيد بن أبي عروبة قال‏:‏ حدَّثني سليمان النَّاجيُّ عن أبي المتوكِّل عن أبي سعيد أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلَّى بأصحابه، ثُمَّ جاء رجلٌ، فقال نبيُّ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏من يتَّجر على هذا- أو‏:‏ من يتصدَّق على هذا- فيصلِّي معه‏؟‏ ‏"‏ قال‏:‏ فصلَّى معه رجلٌ‏.‏

ز‏:‏ روى هذا الحديث أبو داود والتِّرمذيُّ- وقال‏:‏ حديثٌ حسنٌ- وأبو بكر بن خزيمة في ‏"‏ صحيحه ‏"‏ وابن حِبَّان والحاكم وقال‏:‏ على شرط مسلم O‏.‏

1208- الحديث الثَّاني‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ ثنا محمد بن مخلد ثنا إسحاق ابن داود بن عيسى ثنا خالد بن عبد السَّلام الصَّدفيُّ ثنا الفضل بن المختار عن عبيد الله بن موهب عن عصمة بن مالك قال‏:‏ كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد صلَّى الظُّهر وقعد في المسجد، إذ دخل رجلٌ يصلِّي، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ألا رجلٌ يقوم فيتصدَّق على هذا فيصلِّي معه‏؟‏‏"‏‏.‏

وهذا الحديث ضعيفٌ من جهة الفضل بن المختار، قال الرَّازيُّ‏:‏ هو مجهولٌ، وأحاديثه منكرة، يحدِّث بالأباطيل‏.‏

ز‏:‏ 1209- عن حمَّاد بن سلمة عن ثابت عن أنس أن رجلاً جاء وقد صلَّى النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقام يصلِّي وحده، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏من يتَّجر على هذا فيصلِّي معه‏؟‏‏"‏‏.‏

رواه الدَّارَقُطْنِيُّ عن ابن صاعد عن عمر بن محمد بن الحسن الأسديِّ عن أبيه عن حمَّاد‏.‏

ورواه الطَّبرانيُّ عن محمد بن العباس الأخرم عن عمر بن محمد، وقال‏:‏ لم يروه عن حمَّاد بن سلمة إلا محمد بن الحسن الأسديُّ‏.‏

ومحمد بن الحسن بن الزُّبير الأسديُّ المعروف بـ ‏"‏ التَّل‏"‏، قال يحيى بن معين‏:‏ ليس بشيءٍ‏.‏

حكاه ابن عَدِيٍّ وغيره عنه، وحكى ابن أبي حاتم عن يحيى أَنَّه قال‏:‏ هو شيخٌ‏.‏

وقال أبو حاتم‏:‏ شيخٌ‏.‏

وقال أبو عبيد الآجريُّ عن أبي داود‏:‏ صالحٌ، يكتب حديثه‏.‏

وقال أبو جعفر العقيليُّ‏:‏ لا يتابع على حديثه‏.‏

وقال ابن عَدِيٍّ‏:‏ حدَّث عنه الثِّقات من النَّاس، ولم أر بحديثه بأسًا‏.‏

وقال أبو حاتم في ابنه عمر‏:‏ محلُّه الصِّدق‏.‏

وقال النَّسائيُّ‏:‏ صدوقٌ‏.‏

وقد روى البخاريُّ عن عمر بن محمد عن أبيه O‏.‏

الحديث الثَّالث‏:‏ حديث محجن‏:‏ أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال له‏:‏ ‏"‏صلِّ وإن كنت قد صلَّيت‏"‏‏.‏

وقد سبق بإسناده في مسائل أوقات النَّهي‏.‏

احتجَّ الخصم‏:‏ بقوله‏:‏ ‏"‏لا تصلُّوا صلاةً في يومٍ مرَّتين‏"‏‏.‏

وقد سبق في مسائل أوقات النَّهي وجوابه‏.‏

مسألة ‏(‏228‏)‏‏:‏ الترتيب مستحقٌّ في قضاء الفوائت وإن كثرت‏.‏

وقال الشَّافعيُّ‏:‏ لا يستحقُّ‏.‏

وقال أبو حنيفة ومالك في الخمس فما دون كقولنا، وفيما زاد كقوله لنا ثلاثة أحاديث‏:‏ 1210- الحديث الأوَّل‏:‏ قال البخاريُّ‏:‏ ثنا مكيُّ بن إبراهيم ثنا هشام عن يحيى عن أبي سلمة عن جابر بن عبد الله أنَّ عمر جاء يوم الخندق بعدما غربت الشَّمس، فجعل يسبُّ كفَّار قريش، وقال‏:‏ يا رسول الله، ما كدت أُصلِّي حتى كادت الشَّمس تغرب‏؟‏ فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏والله ما صلَّيتها‏"‏‏.‏

فنزلنا مع النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُطحان، فتوضَّأ وتوضَّأنا، فصلَّى العصر بعد ما غربت الشَّمس، ثُمَّ صلَّى بعدها المغرب‏.‏

أخرجاه في ‏"‏ الصَّحيحين‏"‏‏.‏

1211- الحديث الثَّاني‏:‏ قال الإمام أحمد‏:‏ ثنا موسى بن داود ثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن محمد بن يزيد أنَّ عبد الله بن عوف حدَّثه أنَّ أبا جمعة حبيب بن سباع حدَّثه أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عام الأحزاب صلَّى المغرب، فلمَّا فرغ قال‏:‏ ‏"‏هل علم أحدٌ منكم أنِّي صلَّيت العصر‏؟‏ ‏"‏ قالوا‏:‏ لا يا رسول الله، ما صلَّيتها‏.‏

فأمر المؤذِّن فأقام، فصلَّى العصر، ثُمَّ أعاد المغرب‏.‏

ز‏:‏ ابن لهيعة فيه، وهو ضعيفٌ، لا يحتجُّ به إذا انفرد‏.‏

ومحمد بن يزيد هو‏:‏ ابن أبي زياد الفلسطينيُّ، صاحب حديث الصُّور، روى عنه جماعة، لكن قال أبو حاتم‏:‏ هو مجهول‏.‏

وقال ابن يونس‏:‏ كان يجالس يزيد بن أبي حبيب‏.‏

وعبد الله بن عوف هو‏:‏ القارئ، روى عنه الزُّهريُّ وغيره، وكان عامل عمر بن عبد العزيز على ديوان فلسطين O‏.‏

1212- الحديث الثَّالث‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ روى أبو إبراهيم التُّرجمانيُّ عن سعيد بن عبد الرَّحمن الجمحيِّ عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏من نسي صلاةً فلم يذكرها إلا وهو مع الإمام، فليصلِّ مع الإمام، فإذا فرغ من صلاته، فليعد الصَّلاة التي نسي، ثُمَّ ليعد الصَّلاة التي صلاَّها مع الإمام‏"‏‏.‏

قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وهم في رفعه التُّرجمانيُّ، والصَّحيح أنَّه موقوفٌ من قول ابن عمر، كذلك رواه مالكٌ عن نافع عن ابن عمر قوله‏.‏

ز‏:‏ روى هذا الحديث أبو يعلى الموصليُّ عن إسماعيل بن إبراهيم أبي إبراهيم التُّرجمانيِّ مرفوعًا‏.‏

ورواه الدَّارَقُطْنِيُّ عن جعفر بن محمد الواسطيِّ عن موسى بن هارون عن يحيى بن أيُّوب عن سعيد بن عبد الرَّحمن عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال‏:‏ إذا نسي أحدكم‏.‏

- موقوف-‏.‏

قال موسى‏:‏ وثناه أبو إبراهيم التُّرجمانيُّ ثنا سعيد، ورفعه إلى النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ووهم في رفعه، والصَّحيح موقوف من قول ابن عمر‏.‏

ورواه البيهقيُّ وقال‏:‏ تفرَّد أبو إبراهيم التُّرجمانيُّ برواية هذا الحديث مرفوعاً، والصَّحيح أنَّه من قول ابن عمر موقوفًا، كذا رواه غير أبي إبراهيم عن سعيد‏.‏

ورواه من طريق مالك بن أنس وعبيد الله بن عمر موقوفاً‏.‏