فصل: مسألة (374): لا يجب التَّتابع في قضاء رمضان.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تنقيح التحقيق في أحاديث التعليق ***


مسألة ‏(‏374‏)‏‏:‏ لا يجب التَّتابع في قضاء رمضان‏.‏

وقال داود‏:‏ يجب‏.‏

1881- قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا عبد الباقي بن قانع ثنا محمَّد بن عبد الله بن منصور الفقيه ومحمَّد بن عثمان قالا‏:‏ ثنا سفيان بن بشر ثنا عليُّ بن مُسْهِر عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال في قضاء رمضان‏:‏ ‏"‏إن شاء تابع، وإن شاء فرَّق‏"‏‏.‏

قالوا‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ لم يسنده غير سفيان بن بشر‏.‏

قلنا‏:‏ ما عرفنا أنَّ أحدًا طعن فيه، والزِّيادة من الثِّقة مقبولة‏.‏

ز‏:‏ سفيان بن بشر بن غالب بن أيمن الأسديُّ الكوفيُّ، أبو الحسين، حدَّث عن مالك بن أنس وعليِّ بن هاشم بن البَريد، روى عنه الحسن بن غُليب المصريُّ ومحمَّد بن رزيق بن جامع ومحمَّد بن داود بن عثمان الصدفيُّ ومحمَّد ابن عثمان بن أبي شيبة وغيرهم، ولم أر أحدًا ذكره بجرحٍ ولا عدالةٍ‏.‏

1882- وقال البيهقيُّ‏:‏ أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه أنا عليُّ بن عمر الحافظ ثنا أبو بكر النَّيسابوريُّ ثنا محمَّد بن يحيى بن فارس النَّيسابوريُّ قال‏:‏ وفيما ذكر عبد الرَّزَّاق عن ابن جريج عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة قالت‏:‏ نزلت‏:‏ ‏(‏فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ مُتَتَابِعَاتٍ‏}‏ فسقطت‏.‏

‏(‏متتابعات‏)‏‏.‏

قولها‏:‏ ‏(‏فسقطت‏)‏، تريد به نُسخت، لا يصحُّ له تأويلٌ غير ذلك‏.‏

1883- وأخبرنا أبو بكر بن الحارث أنا عليُّ بن عمر الحافظ ثنا عبد الملك بن أحمد الدَّقَّاق ثنا بحر بن نصر ثنا ابن وهب حدَّثني معاوية بن صالح عن أزهر بن سعيد أنَّه سمع أبا عامر الهَوْزَنيَّ يقول‏:‏ سمعت أبا عبيدة بن الحارث سُئل عن قضاء رمضمان، فقال‏:‏ إنَّ الله لم يرخِّص لكم في فطره وهو يريد أن يشقِّ عليكم في قضائه، فأحص العِدَّة، واصنع ما شئت‏.‏

1884- وأخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه أنا عليُّ بن عمر ثنا ابن منيع ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا زيد بن الحُبَاب ثنا معاوية بن صالح عن موسى بن زيد عن مَوهبٍ عن أبيه عن مالك بن يَخَامِر عن معاذ بن جبل أنَّه سئل عن قضاء رمضان، فقال‏:‏ أحص العدَّة، وصم كيف شئت‏.‏

1885- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا‏:‏ ثنا أبو العبَّاس- هو‏:‏ الأصم- ثنا يحيى بن أبي طالب أنا عبد الوهَّاب بن عطاء أنا سعيد- هو‏:‏ ابن أبي عروبة- عن عليِّ بن الحكم عن عبد الله بن أبي مليكة عن عقبة بن الحارث أنَّ أبا هريرة كان لا يرى بقضائه بأسًا، أن يقضيه متفرِّقًا‏.‏

يعني قضاء صوم رمضان‏.‏

1886- أخبرنا أبو الحسن بن الفضل القطَّان أنا أبو سهل بن زياد القطَّان ثنا عُبيد بن عبد الواحد بن شَريك ثنا سعيد بن أبي مريم أنا يحيى بن أيُّوب حدَّثني ابن جريج عن عطاء عن ابن عبَّاس أنَّه كان يقول في قضاء رمضان‏:‏ من كان عليه شيءٌ منه، فليفرِّق بينه‏.‏

1887- وأخبرنا أبو الحسن العلاء بن محمَّد بن أبي سعيد الإسفرائنيُّ بها أنا أبو سهل بشر بن أحمد ثنا حمزة بن محمَّد الكاتب ثنا نُعيم بن حمَّاد ثنا ابن المبارك عن معمر عن الزُّهريِّ عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عبَّاس في من عليه قضاء شهر رمضان، قال‏:‏ يقضيه متفرِّقًا، فإنَّ الله تعالى يقول‏:‏ ‏(‏فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 185‏]‏‏.‏

1888- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا‏:‏ ثنا أبو العبَّاس- هو الأصم- ثنا يحيى بن أبي طالب أنا عبد الوهَّاب أنا سليمان التَّيميُّ عن بكر بن عبد الله عن أنس بن مالك أنَّه كان لا يرى به بأسًا، ويقول‏:‏ إنَّما قال الله‏:‏ ‏(‏فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 185‏]‏‏.‏

1889- أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه أنا عليُّ بن عمر الحافظ ثنا عبد الله بن محمَّد بن عبد العزيز ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا ابن إدريس عن شعبة عن عبد الحميد بن رافع عمَّن حدَّثه أنَّ رافع بن خَدِيج كان يقول‏:‏ أحص العدَّة، وصم كيف شئت‏.‏

وقد روي فيه عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بإسناد مرسلٍ‏:‏ 1890- أخبرنا أبو بكر بن الحسن القاضي وأبو زكريا بن أبي إسحاق قالا‏:‏ ثنا أبو العبَّاس محمَّد بن يعقوب ثنا بحر بن نصر قال‏:‏ قرئ على عبد الله ابن وهب‏:‏ أخبرك أبو حسين- رجلٌ من أهل مكَّة- قال‏:‏ سمعت موسى ابن عقبة يحدِّث عن صالح بن كيسان قال‏:‏ قيل‏:‏ يا رسول الله، رجلٌ كان عليه قضاءٌ من رمضان، فقضى يومًا أو يومين منقطعين، أيجزىء عنه‏؟‏ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏أرأيت لو كان عليه دَيْنٌ، فقضاه درهمًا ودرهمين حتَّى يقض دينه، أترون ذمته برئت‏"‏‏.‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏يقضي عنه‏"‏‏.‏

وقد قيل‏:‏ عن موسى بن عقية عن محمَّد بن المنكدر عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسلاً‏.‏

1891- أخبرناه أبو بكر بن الحارث الفقيه أنا عليُّ بن عمر الحافظ ثنا ابن منيع ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا يحيى بن سليم الطَّائفيُّ عن موسى بن عقبة عن محمَّد بن المنكدر قال‏:‏ بلغني أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سئل عن تقطيع قضاء صيام شهر رمضان، قال‏:‏ ‏"‏ذلك إليك، أرأيت لو كان على أحدكم دَيْنٌ، فقضى الدرهم والدرهمين، ألم يكن قضى‏؟‏ فالله أحقُّ أن يعفو ويغفر‏"‏‏.‏

قال عليٌّ‏:‏ وإسناده حسنٌ، إلا أنَّه مرسلٌ، وقد وصله غير أبي بكر عن يحيى بن سليم، ولا يثبت متصلاً‏.‏

قال البيهقيُّ‏:‏ وقد روي من وجه آخر ضعيف عن ابن عمر مرفوعًا، وقد روي في مقابتله عن أبي هريرة في النَّهي عن القطع مرفوعًا، وكيف يكون ذلك صحيحًا ومذهب أيى هريرة جواز التَّفريق، ومذهب ابن عمر المتابعة‏؟‏‏!‏ وروي من وجه آخر عن عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعًا في جواز التَّفريق، ولايصحُّ شيءٌ من ذلك‏.‏

1892- أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه أنا عليُّ بن عمر الحافظ ثنا أبو بكر النَّيسابوريُّ ثنا أحمد بن سعيد بن صخر الدَّارميُّ ثنا حَبَّان بن هلال ثنا عبد الرَّحمن بن ابراهيم عن العلاء بن عبد الرَّحمن عن أبيه عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏من كان عليه صوم رمضان فليسرد‏"‏ ولا يقطعه‏"‏‏.‏

قال عليٌّ‏:‏ عبد الرَّحمن بن إبراهيم ضعيفٌ‏.‏

قال البيهقيُّ‏:‏ عبد الرَّحمن بن إبراهيم مدنيٌّ، قد ضعَّفه يحيى بن معين وأبو عبد الرَّحمن النَّسائيُّ والدَّارَقُطْنِيُّ‏.‏

1893- أخبرنا عبد الله بن يحيى بن عبد الجبَّار السُّكريُّ- ببغداد- أنا إسماعيل بن محمَّد الصَّفَّار ثنا أحمد بن منصور ثنا عبد الرَّزَّاق أنا الثَّوريُّ عن أبي إسحاق عن الحارث عن عليٍّ في قضاء رمضان، قال‏:‏ متابعًا‏.‏

1894- قال‏:‏ وأنا الثَّوريُّ عن عبد الله عن نافع عن ابن عمر قال‏:‏ متابعًا‏.‏

1894/أ- ورواه عليُّ بن الجَعْد عن زهير عن أبي إسحاق عن الحارث عن عليٍّ أنَّه كان لا يرى به متفرِّقًا بأسًا‏.‏

1895- وأخبرنا أبو ‏[‏الحسين‏]‏ بن بشران- ببغداد- أنا إسماعيل بن محمَّد الصَّفَّار ثنا الحسن بن عليِّ بن عفَّان ثنا ابن نُمير عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنَّه كان لا يفرِّق قضاء رمضان‏.‏

كذا قال ابن عمر، واختلف فيه على عليّ بن أبي طالب، و ‏[‏راويه‏]‏ الحارث الأعور، والحارث ضعيفٌ O‏.‏

قال المصنِّف‏:‏ احتجَّ داود‏:‏ 1896- بما رواه الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ ثنا القاسم بن إسماعيل ثنا عليُّ بن مسلم ثنا ‏[‏حَبَّان‏]‏ بن هلال ثنا عبد الرَّحمن بن إبراهيم القاص ثنا العلاء ابن عبد الرَّحمن عن أبيه عن أبي هريرة عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏من كان عليه صوم من رمضان، فليسرده ولا يقطعه‏"‏‏.‏

قال يجيى بن معين‏:‏ عبد الرَّحمن بن إبراهيم ليس بشيءٍ‏.‏

وقال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ ضعيفٌ‏.‏

ز‏:‏ قال أبو الحسن بن القطَّان‏:‏ حال هذا الحديث لا بأس بها، لأنَّ رجاله لا بأس بهم، وليس فيهم من وضع فيه النَّظر إلا هذا القاص، وهو لا بأس به، وما جاء مَنْ ضعَّفه بحجَّة، وقد وثَّقه يحيى بن معين في رواية الدُّوريِّ، وقال أبو زرعة‏:‏ لا بأس به، أحاديثه مستقيمة‏.‏

قال ابن القطَّان‏:‏ فالحديث من روايته حسنٌ، والله أعلم O‏.‏

مسألة ‏(‏375‏)‏‏:‏ إذا دخل في صوم التَّطوُّع لم يلزمه إتمامه، فإن أفطر لم يلزمه القضاء‏.‏

وقال أبو حنيفة ومالك‏:‏ يلزمه، فإن أفطر وجب القضاء‏.‏

لنا أربعة أحاديث‏:‏ 1897- الحديث الأوَّل‏:‏ قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا وكيع ثنا شعبة عن قتادة عن أبي أيُّوب الهجريِّ عن جويرية أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل على جويرية في يوم جمعة وهي صائمةٌ، فقال لها‏:‏ ‏"‏أصمتِ أمس‏؟‏ ‏"‏ قالت‏:‏ لا‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏تصومين غدًا‏؟‏ ‏"‏ قالت‏:‏ لا‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏فأفطري‏"‏‏.‏

انفرد بإخراجه البخاريُّ‏.‏

1898- طريقٌ آخرٌ‏:‏ قال أحمد‏:‏ وحدَّثنا محمَّد بن جعفر ثنا سعيد عن قتادة عن سعيد بن المسيَّب عن عبد الله بن عمرو أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل على جويرية بنت الحارث وهي صائمةٌ، في يوم جمعة، فقال لها‏:‏ ‏"‏أصمت أمس‏؟‏ ‏"‏ فقالت‏:‏ لا‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏أتريدين أن ‏[‏تصومي‏]‏ غدًا‏؟‏ ‏"‏ فقالت‏:‏ لا‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏فأفطري إذًا‏"‏‏.‏

ز‏:‏ رواه النَّسائيُّ عن إسماعيل بن مسعود عن بشر بن المفضَّل عن سعيد به O‏.‏

1899- الحديث الثَّاني‏:‏ قال أحمد‏:‏ وحدَّثنا يحيى عن طلحة بن يحيى عن عائشة بنت طلحة عن عائشة أمِّ المؤمنين أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يأتيها وهو صائم، فيقول‏:‏ ‏"‏أصبح عندكم شيءٌ تطعمونيه‏؟‏ ‏"‏ فتقول‏:‏ لا، ما أصبح عندنا شيءٌ‏.‏

فيقول‏:‏ ‏"‏إنِّي صائمٌ‏"‏‏.‏

ثمَّ جاءها بعد ذلك، فقالت‏:‏ أهديت لنا هديَّة، فخبأنا لك‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏ما هي‏؟‏ ‏"‏ قالت‏:‏ حَيْس‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏قد أصبحت صائمًا‏"‏‏.‏

فكل‏.‏

انفرد بإخراجه مسلمٌ‏.‏

زْ‏:‏ 1900- قال البيهقيُّ‏:‏ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرني أبو النضر الفقيه ثنا أبو عبد الله محمَّد بن نصر الإمام ثنا أبو كامل ثنا عبد الواحد بن زياد، ‏[‏قال‏:‏ وأخبرنا أبو عمرو ثنا عبد الله بن محمَّد ثنا بشر بن معاذ العَقَدِيُّ ثنا عبد الواحد بن زياد،‏]‏ ثنا طلحة بن يحيى بن طلحة بن عبيد الله حدَّثتني عائشة بنت طلحة عن عائشة أمِّ المؤمنين قالت‏:‏ قال لي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذات يوم‏:‏ ‏"‏يا عائشة، هل عندك شيءٌ‏؟‏ ‏"‏ قالت‏:‏ قلت‏:‏ لا، والله ما عندنا شيءٌ‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏إنِّي صائمٌ‏"‏‏.‏

قالت‏:‏ فخرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأهديت لنا هديَّة- أو جاءنا زَوْرٌ-، فلمَّا رجع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قلت‏:‏ يا رسول الله، أهديت لنا هدّيَة- أو جاءنا زَوْرٌ-، وقد خبَّأت لك شيئًا‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏ما هو‏؟‏ ‏"‏ قلت‏:‏ حَيْسٌ، قال‏:‏ ‏"‏هاتيه‏"‏، فجئت به، فأكل، ثمَّ قال‏:‏ ‏"‏قد كنت أصبحت صائمًا‏"‏‏.‏

قال أبو عبد الله‏:‏ لفظ العَقَدِيُّ‏.‏

رواه مسلمٌ في ‏"‏ الصَّحيح ‏"‏ عن أبي كامل الجَحْدَريِّ، وزاد فيه‏:‏ قال طلحة‏:‏ فحدَّثت مجاهدًا بهذا الحديث، قال‏:‏ ذلك بمنزلة الرَّجل يخرج الصَّدقة من ماله، فإن شاء أمضاها، وإن شاء أمسكها‏.‏

1901- أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق المزير ثنا أبو العبَّاس محمَّد ابن يعقوب أنا الرَّبيع بن سليمان أنا الشَّافعيُّ أنا سفيان عن طلحة بن يحيى عن عمَّته عائشة بنت طلحة عن عائشة قالت‏:‏ دخل عَلَيَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقلت‏:‏ إنَّا خبَّأنا لك حَيْسًا‏.‏

فقال‏:‏ ‏"‏أما إنِّي كنت أريد الصَّوم، ولكن قرِّبيه‏"‏‏.‏

هكذا رواه الجماعة عن سفيان بن عيينة، وكذلك رواه جماعة عن طلحة ابن يحيى، لم يذكر أحد منهم القضاء في هذا الحديث‏.‏

1902- وقد أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه أنا أبو محمَّد بن حيَّان الأصبهانيُّ ثنا إسحاق بن إبراهيم بن جميل ثنا محمَّد بن عمرو بن العبَّاس ثنا سفيان بن عيينة عن طلحة بن يحيى عن عمَّته عن عائشة قالت‏:‏ دخل عَلَيَّ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقلت‏:‏ خبَّأنا لك حَيْسًا‏.‏

فقال‏:‏ ‏"‏إنِّي كنت أريد الصَّوم، ولكن قرِّبيه، واقضي يومًا مكانه‏"‏‏.‏

وكان أبو الحسن الدَّارَقُطْنِيُّ يحمل في هذا اللفظ على محمَّد بن عمرو ابن العبَّاس الباهليِّ هذا، ويزعم أنَّه لم يروه بهذا اللفظ غيره، ولم يتابع عليه‏.‏

وليس كذلك، فقد حدَّث به ابن عُيينة في آخر عمره، وهو عند أهل العلم بالحديث غير محفوظٍ‏:‏ 1903- أخبرنا بذلك أبو إسحاق بن إبراهيم بن محمَّد الأُرْمَويُّ أنا شافع بن محمَّد أنا أبو جعفر بن سلامة ثنا المزنيُّ ثنا الشَّافعيُّ أنا سفيان‏.‏

فذكر هذا الحديث، بهذا اللفظ الذي رواه الرَّبيع، وزاد في آخره‏:‏ ‏"‏سأصوم يومًا مكانه‏"‏‏.‏

قال المزنيُّ‏:‏ سمعت الشَّافعيَّ يقول‏:‏ سمعت سفيان عامة مجالسه لا يذكر فيه‏:‏ ‏"‏سأصوم يومًا مكانه‏"‏، ثمَّ عرضته عليه قبل أن يموت بسنة فأجاب فيه‏:‏ ‏"‏سأصوم يومًا مكانه‏"‏‏.‏

قال البيهقيُّ‏:‏ وروايته عامَّةُ دهره لهذا الحديث لا يذكر فيه هذا اللفظ، مع رواية الجماعة عن طلحة بن يحيى لا يذكره منهم أحد، منهم‏:‏ سفيان الثَّوريُّ وشعبة بن الحجَّاج وعبد الواحد بن زياد ووكيع بن الجرَّاح ويحيى بن سعيد القطَّان ويعلى بن عبيد وغيرهم، فدلَّ على خطأ هذه اللفظة، والله أعلم‏.‏

وقد روي من وجه آخر عن عائشة ليس فيه هذه اللفظة‏:‏ 1904- حدَّثناه أبو بكر محمَّد بن الحسن بن فورك أنا عبد الله بن جعفر ثنا يونس بن حبيب ثنا أبو داود ثنا سليمان بن معاذ عن سِماَك عن عكرمة عن عائشة قالت‏:‏ دخل عَلَيَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذات يوم، فقال‏:‏ ‏"‏أعندك شيءٌ‏؟‏ ‏"‏ قلت‏:‏ لا‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏إذًا أصوم‏"‏‏.‏

قالت‏:‏ ودخل عَلَيَّ يومًا آخر، فقال‏:‏ ‏"‏أعندك شيءٌ‏؟‏ ‏"‏ قلت‏:‏ نعم‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏إذًا أفطر، لإن كنت فرضت الصَّوم‏"‏‏.‏

وهذا إسنادٌ صحيحٌ‏.‏ انتهى ما ذكره‏.‏

1905- قال النَّسائيُّ في ‏"‏ السُّنن الكبير ‏"‏‏:‏ أخبرنا محمَّد بن منصور ثنا سفيان عن طلحة بن يحيى عن عمَّته عائشة بنت طلحة عن عائشة قالت‏:‏ دخل علينا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقلنا‏:‏ إنَّ عندنا حيسًا، قد خبَّأناه لك‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏قرِّبوه‏"‏‏.‏

فكل، وقال‏:‏ ‏"‏إنِّي كنت أردت الصَّوم، ولكن أصوم يومًا مكانه‏"‏‏.‏

قال أبو عبد الرَّحمن‏:‏ هذا خطأٌ، قد روى هذا الحديث جماعةٌ عن طلحة، فلم يذكر أحدٌ منهم‏:‏ ‏"‏ولكن أصوم يومًا مكانه‏"‏‏.‏

1906- أخبرنا عليُّ بن عثمان ثنا المعافى بن سليمان ثنا ‏[‏خطَّاب‏]‏ ابن القاسم عن خُصيف عن عكرمة عن ابن عبَّاس أن النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل على حفصة وعائشة وهما صائمتان، ثمَّ خرج، فرجع وهما تأكلان، فقال‏:‏ ‏"‏ال تكونا صائمتين‏؟‏ ‏"‏ قالتا‏:‏ بلى، ولكن أهُدي لنا هذا الطَّعام، فأعجبنا، فكلنا منه‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏صوما يومًا مكانه‏"‏‏.‏

قال أبو عبد الرَّحمن‏:‏ هذا الحديث منكرٌ، وخُصيف ضعيفٌ في الحديث، وخطَّاب لا علم لي به O‏.‏

1907- قال المصنِّف‏:‏ طريقٌ آخرٌ‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا أبو بكر النَّيسابوريُّ ثنا حمَّاد بن الحسن بن عَنْبسة ثنا أبو داود ثنا سليمان بن معاذ الضَّبِّيُّ عن سِماَك بن حرب عن عكرمة قال‏:‏ قالت عائشة‏:‏ دخل عَلَيَّ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال‏:‏ ‏"‏عندك شيءٌ‏؟‏ ‏"‏ قلت‏:‏ نعم‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏إذًا أطعم، وإن كنت قد فرضت الصَّوم‏"‏‏.‏

قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ هذا إسنادٌ ‏[‏حسنٌ‏]‏ صحيحٌ‏.‏

ز‏:‏ هذا الإسناد ليس مذكورًا في شيءٍ من ‏"‏ الكتب السِّتَّة‏"‏، وسليمان بن معاذ هو‏:‏ ابن قَرْم بن معاذ الضَّبيُ، روى له مسلمٌ، لكن لا أدري هل روى له متابعةً أم أصلاً‏؟‏ ووثَّقه أحمد، وضعَّفه ابن معين والنَّسائيُّ، وقال ابن حِبَّان‏:‏ كان رافضيًّا غاليًا، وكان يقلب الأخبار‏.‏

وقال الإمام أحمد بن حنبل أيضًا‏:‏ لا أرى به بأسًا، لكنه كان يفرط في التَّشيُّع‏.‏

وسِمَاك بن حرب‏:‏ روى له مسلمٌ، ووثَّقه ابن معين وغيره، وكان شعبة يضعِّفه، وقال يعقوب بن شَيْبة‏:‏ روايته عن عكرمة خاصةً مضطربة، وهو في غير عكرمة صالحٌ O‏.‏

1908- الحديث الثَّالث‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وحدَّثنا يعقوب بن إبراهيم البزَّاز ثنا الحسن بن عرفة ثنا عليُّ بن ثابت عن محمَّد بن عبيد الله عن عطاء عن أمِّ سلمة أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصبح من الليل وهو يريد الصَّوم، فيقول‏:‏ ‏"‏أعندكم شيءٌ‏؟‏ أتاكم شيءٌ‏؟‏‏"‏‏.‏

قالت‏:‏ فنقول‏:‏ أو لم تصبح صائمًا‏؟‏ فيقول‏:‏ ‏"‏بلى، ولكن لا بأس أن أفطر، ما لم يكن نذرًا، أو قضاء رمضان‏"‏‏.‏

قال المصنِّف‏:‏ محمَّد بن عُبيد الله هو‏:‏ العَرْزَمِيُّ، ضعيفٌ‏.‏

ز‏:‏ هذا الحديث لم يخرِّجه أحدٌ من أصحاب ‏"‏ السُّنن الأربعة‏"‏، والعَرْزَمِيُّ‏:‏ تركوه، والله أعلم O‏.‏

1909- الحديث الرَّابع‏:‏ قال التَّرمذيُّ‏:‏ حدَّثنا قتيبة ثنا أبو الأحوص عن سِماَك بن حرب عن ابن أمِّ هانئ عن أمِّ هانىء قالت‏:‏ كنت قاعدة عند النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأُتي بشرابٍ، فشرب منه، ثمَّ ناولني فشربت، فقلت‏:‏ إنِّي أذنبت، فاستغفر لي‏.‏

فقال‏:‏ ‏"‏وما ذاك‏؟‏ ‏"‏ قلت‏:‏ كنت صائمةً فأفطرت‏.‏

فقال‏:‏ ‏"‏أَمِن قضاء كنت تقضينه‏؟‏ ‏"‏ قلت‏:‏ لا‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏فلا يضرُّك‏"‏‏.‏

1910- طريقٌ آخرٌ‏:‏ قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا أبو داود الطَّيالسيُّ ثنا شعبة عن جعدة عن أمِّ هانئ أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل عليها، فدعا بشرابٍ، فشرب، ثمَّ ناولها، فشربت، وقالت‏:‏ يا رسول الله، أما إنِّي كنت صائمةً‏.‏

فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏الصَّائم المتطوِّع أمير نفسه، إن شاء صام، وإن شاء أقطر‏"‏‏.‏

قال‏:‏ قلت له‏:‏ سمعته من أمِّ هانىء‏؟‏ قال‏:‏ لا، حدَّثنيه أبو صالح وأهلنا عن أمِّ هانىء‏.‏

1911- طريقٌ آخرٌ‏:‏ قال أحمد‏:‏ ثنا محمَّد بن جعفر ثنا شعبة عن جعدة عن أمِّ هانىء- وهي جدَّته- أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل عليها يوم الفتح، فأُتي بإناءٍ، فشرب، ثمَّ ناولني، فقلت‏:‏ إنِّي صائمةٌ‏.‏

فقال‏:‏ ‏"‏إنَّ المتطوِّع أميرٌ على نفسه، فإن شئت فصومي، وإن شئت فأفطري‏"‏‏.‏

1912- طريقٌ آخرٌ‏:‏ قال أحمد‏:‏ وثنا بهز ثنا حمَّاد بن سلمة ثنا سِمَاك ابن حرب عن هارون بن بنت أمِّ هانىء- أو‏:‏ ابن ابن أمِّ هانىء- عن أمِّ هانىء أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شرب شرابًا، فناولها لتشرب، فقالت‏:‏ إنِّي صائمةٌ، ولكن كرهت أن أردَّ سؤرك‏.‏

فقال‏:‏ ‏"‏فإنَّ كان قضاءً من رمضان فاقضي يومًا مكانه، وإن كان تطوُّعًا فإن شئت فاقض، وإن شئت فلا تقضي‏"‏‏.‏

ز‏:‏ هذا الحديث في إسناده اختلافٌ، وقال التِّرمذيُّ‏:‏ حديث أمِّ هانىء في إسناده مقالٌ‏.‏

وقد رواه النَّسائيُّ من غير وجه، وقال‏:‏ قد اختلف على سِمَاك بن حرب فيه، وليس ممَّن يعتمد عليه إذا انفرد بالحديث‏.‏

والله أعلم‏.‏

وقال البخاريُّ في جَعدة‏:‏ لا يعرف إلا بحديث واحد فيه نظر، وهو‏:‏ ‏"‏المتطوِّع أمير نفسه‏"‏‏.‏

وقال ابن عَدِيٍّ‏:‏ لا أعرف له إلا هذا الحديث الواحد، كما ذكره البخاريُّ‏.‏

1913- وقال البيهقيُّ‏:‏ أخبرنا أبو ذرٍّ محمَّد بن أبي الحسن بن أبي القاسم المذكِّر ثنا يحيى بن منصور القاضي ثنا أبو عمرو أحمد بن المبارك المستمليُّ ثنا محمَّد بن رافع ثنا يحيى بن أبي الحجَّاج ثنا حاتم بن أبي صَغِيرة عن سِمَاك بن حرب عن أبي صالح عن أمِّ هانىء قالت‏:‏ دخل عليَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فاستسقى، فشرب، فناولني سُؤره وأنا صائمةٌ، فشربت سُؤر رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقلت‏:‏ يا رسول الله، فعلت شيئًا لا أدري أصبت أم أخطأت‏؟‏‏!‏ ناولتني سُؤرَك وأنا صائمةٌ، فكرهت أن أردَّ سؤر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏أمتطوِّعةٌ أم قضاءٌ من رمضان‏؟‏ ‏"‏ قلت‏:‏ متطوِّعةٌ‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏المتطوِّع بالخيار، إن شاء صام، وإن شاء أفطر‏"‏‏.‏

1914- وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو العبَّاس محمَّد بن يعقوب ثنا بكَّار بن قتيبة القاضي ثنا صفوان بن عيسى القاضي ثنا أبو يونس حاتم بن أبي صَغِيرْة عن سِمَاك بن حرب عن أبي صالح عن أمِّ هانىء أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقول‏:‏ ‏"‏الصَّائم المتطوِّع أمير نفسه، إن شاء صام، وإن شاء أفطر‏"‏‏.‏

1915- أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمر وثنا أبو عبد الله محمَّد بن عبد الله الصَّفَّار ثنا أحمد بن محمَّد البِرْتيُّ القاضي ثنا أبو الوليد ثنا أبو عوانة ‏(‏ح‏)‏ وأخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه أَنا أبو محمَّد بن حيَّان أنا أبو يعلى ثنا إبراهيم بن الحجَّاج ثنا أبو عوانة عن سِمَاك عن ابن ابن أمِّ هانئ عن جدَّته- أنَّه سمعه منها-، قالت‏:‏ أُتي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بشرابٍ يوم فتح مكَّة، فشرب، ثمَّ ناولني، فشربت، وكنت صائمةً، فكرهت أن أردَّ فضل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقلت‏:‏ يا رسول الله، إنِّي كنت صائمةً، فكرهت أن أردَّ فضل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

فقال لها‏:‏ ‏"‏أكنت تقضين عنك شيئًا‏؟‏‏"‏‏.‏

قالت‏:‏ لا‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏فلا يضرُّك‏"‏‏.‏

هذا لفظ حديث إبراهيم، وفي رواية أبي الوليد قال‏:‏ هارون ابن ابن أمِّ هانئ عن أمِّ هانئ- زعم أنَّه سمعه منها- أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لها‏:‏ ‏"‏أكنت تقضين عنك شيئًا‏؟‏‏"‏‏.‏

قالت‏:‏ لا‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏فلا يضرُّك‏"‏‏.‏

قال أبو الوليد‏:‏ حدَّثنا حديث سِمَاك من كتابه‏.‏

1916- وحدَّثنا أبو بكر بن فُورك أنا عبد الله بن جعفر ثنا يونس بن حبيب ثنا أبو داود ثنا شعبة أنا جَعدة- رجلٌ من قريش- وهو ابن أمِّ هانىء، وكان سِمَاك يحدِّثه فيقول‏:‏ أخبرني ابنا أمِّ هانىء‏.‏

قال شعبة‏:‏ فلقيت أنا أفضلهما جعدة، فحدَّثني عن أمِّ هانىء أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل عليها، فناولته شرابًا، فشرب، ثمَّ ناولها، فشربت، فقالت‏:‏ يا رسول الله، كنت صائمةً‏.‏

فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏الصَّائم المتطوِّع أمين- أو‏:‏ أمير- نفسه، إن شاء صام، وإن شاء أفطر‏"‏‏.‏

قال شعبة‏:‏ فقلت لجعدة‏:‏ أسمعته أنت من أمِّ هانىء‏؟‏ قال‏:‏ أخبرني أهلنا وأبو صالح- مولى أمِّ هانىء- عن أمِّ هانىء‏.‏

1917- أخبرنا أبو عليٍّ الرُّوذَباريُّ أنا محمَّد بن بكر ثنا أبو داود ثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا جرير بن عبد الحميد عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الله بن الحارث عن أمِّ هانىء قالت‏:‏ لمَّا كان يوم فتح مكَّة، جاءت فاطمة، فجلست عن يسار رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأمُّ هانئ عن يمينه، قال‏:‏ فجاءت الوليدة بإناءٍ فيه شراب، فناولته، فشرب، ثمَّ ناوله أمَّ هانئ، فشربت منه، فقالت‏:‏ يا رسول الله، لقد أفطرت وكنت صائمةً‏.‏

فقال لها‏:‏ ‏"‏أكنت تقضين شيئًا‏؟‏ ‏"‏ قالت‏:‏ لا‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏فلا يضرُّك إن كان تطوُّعًا‏"‏‏.‏

1918- أخبرنا أبو عليٍّ الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن شاذان ببغداد ثنا حمزة بن محمَّد بن العبَّاس ثنا عبَّاس بن محمَّد ثنا عبيد الله- يعني‏:‏ ابن موسى- ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود قال‏:‏ إذا أصبحت وأنت تنوي الصِّيام، فأنت بآخر النَّظرين، إن شئت صمت، وإن شئت أفطرت‏.‏

1919- أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق المزكي ثنا أبو العبَّاس محمَّد بن يعقوب أنا الرَّبيع بن سليمان أنا الشَّافعيُّ أنا مسلم بن خالد وعبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي روَّاد عن ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح أنَّ ابن عبَّاس كان لا يرى بأسًا أن يفطر الإنسان في صيام التَّطوُّع، ويضرب لذلك أمثالاً‏:‏ رجل طاف سبعًا ولم يوفه، فله أجر ما احتسب؛ أو صلى ركعةً ولم يصلِّ أخرى، فله أجر ما احتسب‏.‏

1920- وأخبرنا أبو زكريا ثنا أبو العبَّاس أنا الرَّبيع أنا الشَّافعيُّ أنا مسلم وعبد المجيد عن ابن جريج عن عمرو بن دينار قال‏:‏ كان ابن عبَّاس لا يرى بالإفطار في صيام التَّطوُّع بأسًا‏.‏

1921- وأخبرنا أبو زكريا ثنا أبو العبَّاس أنا الرَّبيع أنا الشَّافعيُّ أنا عبد الجيد عن ابن جريج عن أبي الزُّبير عن جابر بن عبد الله أنَّه كان لا يرى بالإفطار في صيام التَّطوُّع بأسًا‏.‏

1922- أخبرنا أبو الحسين بن بشران أنا أبو جعفر الرزَّاز ثنا سعدان ابن نصر ثنا أبو معاوية عن أبي مالك الأشجعيِّ عن سعد بن عُبيدة عن ابن عمر قال‏:‏ الصَّائم بالخيار، ما بينه وبين نصف النَّهار‏.‏

وروي هذا من أوجه أخر مرفوعًا، ولا يصحُّ رفعه‏.‏

1923- أخبرنا أبو الحسن محمَّد بن الحسين العلويُّ أنا أبو الفضل العبَّاس بن محمَّد بن قُو هيَار ثنا إبراهيم بن عبد الله السَّعديُّ أنا عون بن عمارة ثنا حميد الطَّويل أبو عُبيدة عن أنس بن مالك أنَّ النَّبيَّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏الصَّائم بالخيار، ما بينه وبين نصف النَّهار‏"‏‏.‏

1924- وحدَّثنا أبو الحسن العلويُّ أنا أبو الفضل ثنا إبراهيم أنا عون ابن عمارة ثنا جعفر بن الزُّبير عن القاسم عن أمامة عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مثله‏.‏

تفرَّد به عون بن عمارة الغُيرَيُّ، وهو ضعيفٌ‏.‏

1925- وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو بكر محمَّد بن إبراهيم البزَاز- ببغداد- ثنا محمَّد بن الفرج الأزرق ثنا يحيى بن غيلان ثنا إبراهيم بن مزاحم ثنا سريع بن نبهان قال‏:‏ سمعت أبا ذرٍّ يقول‏:‏ سمعت خليلي أبا القاسم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول‏:‏ ‏"‏الصَّائم في التَّطوُّع بالخيار إلى نصف النَّهار‏"‏‏.‏

1926- وأخبرنا عليُّ بن أحمد بن عبدان أنا أحمد بن عبيد الصَّفار ثنا محمَّد بن الفرج الأزرق‏.‏

فذكره بإسناده مثله‏.‏

إبراهيم بن مزاحم وسريع بن نبهان‏:‏ مجهولان‏.‏

1927- أخبرنا أبو نصر عمر بن عبد العزيز بن قتادة الأنصاريُّ أنا أبو حاتم بن أبي الفضل ‏[‏الهرويُّ‏]‏ ثنا محمَّد بن عبد الرَّحمن الشَّاميُّ ثنا إسماعيل بن أبي أويس ثنا أبو أويس عن محمَّد بن المنكدر عن أبي سعيدٍ الخُدْريِّ أنَّه قال‏:‏ صنعت لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طعامًا، فأتاني هو وأصحابه، فلما وضع الطَّعام، قال رجلٌ من القوم‏:‏ إنِّي صائمٌ‏.‏

فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏دعاكم أخوكم وتكلَّف لكم‏"‏‏.‏

ثمَّ قال له‏:‏ ‏"‏أفطر، وصم مكانه يومًا إن شئت‏"‏‏.‏

وروي ذلك بإسنادٍ آخر عن أبي سعيدٍ الخُدْريِّ قد أخرجناه في ‏"‏ الخلاف ‏"‏ O‏.‏

فصل‏:‏ ‏(‏376‏)‏ ولا يجب قضاء ذلك اليوم، ودليلنا ما سبق من حديث أمِّ هانىء‏.‏

واحتجُّوا على وجوب القضاء بأحاديث‏:‏

1928- قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا يزيد أنا سفيان بن حسين عن الزُّهريِّ عن عروة عن عائشة قالت‏:‏ أُهديت لحفصة شاة ونحن صائمتان، فأفطرتني، وكانت ابنة أبيها، فلمَّا دخل علينا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذكرنا ذلك له، فقال‏:‏ ‏"‏أبدلا يومًا مكانه‏"‏‏.‏

قال المصنِّف‏:‏ وهذا محمولٌ على الاستحباب‏.‏

1929- وقال التِّرمذيُّ‏:‏ حدَّثنا أحمد بن منيع ثنا كثير بن هشام ثنا جعفر بن بُرقان عن الزُّهريِّ عن عروة عن عائشة قالت‏:‏ كنت أنا وحفصة صائمتين، فعرض لنا طعام اشتهيناه، فأكلنا منه، فجاء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فبدرتني إليه حفصة، وكانت ابنةَ أبيها، فقالت‏:‏ يا رسول الله، إنَّا كنَّا صائمتين، فعرض لنا طعامٌ اشتهيناه، فكلأ منه، فقال‏:‏ ‏"‏اقضيا يومًا آخر مكانه‏"‏‏.‏

قال التِّرمذيُّ‏:‏ روى هذا الحديث مالك بن أنس ومعمر وعبيد الله بن عمر وزياد بن سعد وغير واحد من الحفَّاظ عن الزُّهريِّ عن عائشة مرسلاً، ولم يذكروا فيه‏:‏ ‏(‏عروة‏)‏، وهذا أصحُّ، لأنَّه روي عن ابن جريج قال‏:‏ سألت الزُّهريَّ، قلت له‏:‏ أحدَّثك عروة عن عائشة‏؟‏ فقال‏:‏ لم أسمع من عروة في هذا شيئًا، ولكنِّي سمعت من ناس عن بعض من سأل عائشة عن هذا الحديث‏.‏

قال الدَّارَقُطْنِيُّ في الحديث الأوَّل والثَّاني‏:‏ ليس في ذلك شيءٌ يثبت‏.‏

ز‏:‏ هذا الحديث رواه النَّسائيُّ من رواية سفيان بن حسين وجعفر بن برقان وغيرهما عن الزُّهريِّ، وتكلَّم على علَّتِه، وقد رواه البيهقيُّ وأتقن الكلام عليه، فقال‏:‏ 1930- أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي وأبو زكريا بن أبي إسحاق المزكي قالا‏:‏ ثنا أبو العبَّاس محمَّد بن يعقوب ثنا بحر بن نصر قال‏:‏ قرى على عبد الله بن وهب‏:‏ أخبرك عبد الله بن عُمر ومالك بن أنس ويونس بن يزيد عن ابن شهاب قال‏:‏ بلغني أنَّ عائشة وحفصة أصبحتا صائمتين، متطوِّعتين، فأُهدي لهما طعامٌ، فأفطرتا عليه، فدخل عليهما النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قالت عائشة‏:‏ فقالت حفصة- وبدرتني بالكلام، وكانت ابنة أبيها-‏:‏ يا رسول الله، إنِّي أصبحت أنا وعائشة صائمتين متطوِّعتين، وأُهدي لنا طعام، فأفطرنا عليه‏.‏

فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏اقضيا مكانه يومًا آخر‏"‏‏.‏

هذا حديثٌ رواه الثِّقات الحفَّاظ من أصحاب الزُّهريِّ عنه منقطعًا‏:‏ مالك بن أنس ويونس بن يزيد ومعمر بن راشد وابن جريج ويحيى بن سعيد وعبيد الله بن عمر وسفيان بن عيينة ومحمَّد بن الوليد الزُّبيديُّ وبكر بن وائل وغيرهم‏.‏

1931- وقد حدَّثنا أبو محمَّد عبد الله بن يوسف الأصبهانيُّ إملاء أنا أبو بكر محمَّد بن الحسن القطَّان ثنا عليُّ بن الحسين الهلاليُّ ثنا عبيد الله بن موسى أنا جعفر بن بُرقان عن الزُّهريِّ عن عروة بن الزُّبير عن عائشة قالت‏:‏ كنت أنا وحفصة صائمتين، فعرض لنا طعامٌ، فاشتهيناه، فأكلناه، فدخل علينا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فبدرتني حفصة، وكانت ابنة أبيها، فقصَّت عليه القصَّة، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏اقضيا يومًا آخر‏"‏‏.‏

هكذا رواه جعفر بن بُرقان وصالح بن أبي الأخضر وسفيان بن حُسين عن الزُّهريِّ، وقد وهموا فيه على الزُّهريِّ‏.‏

1932- وقد أخبرنا أبو الحسين عليُّ بن محمَّد بن عبد الله بن بشران- ببغداد- أنا أبو جعفر محمَّد بن عمرو الرَّزَّازُ ثنا عبد الملك بن محمَّد ثنا رَوْح بن عبادة ثنا ابن جريج عن ابن شهاب، قلت له‏:‏ أحدَّثك عروة عن عائشة أنَّها قالت‏:‏ أصبحت أنا وحفصة صائمتين‏.‏

‏؟‏ فقال‏:‏ لم أسمع من عروة في هذا شيئًا، ولكن حدَّثني ناسٌ في خلافة سليمان بن عبد الملك عن بعض من كان يدخل على عائشة أنَّها قالت‏:‏ أصبحت أنا وحفصة صائمتين، فأهدي لنا هديَّة، فأكلناها، فدخل علينا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فبدرتني حفصة، وكانت ابنة أبيها، فذكرت ذلك له، فقال‏:‏ ‏"‏اقضيا يومًا مكانه‏"‏‏.‏

وكذلك رواه عبد الرَّزَّاق بن همَّام ومسلم بن خالد عن ابن جريج‏.‏

1933- وأخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق المزكيُّ أنا أحمد بن سلمان بن الحسن الفقيه ثنا أحمد بن عليٍّ الأبَّار ثنا محمَّد بن منصور الجَوَّاز ثنا سفيان قال‏:‏ سمعناه من صالح بن أبي الأخضر عن الزُّهرىِّ عن عروة عن عائشة قالت‏:‏ أصبحت أنا وحفصة صائمتين، فأُهدي لنا طعام، والطَّعام محروص عليه، فكلنا منه، ودخل علينا النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فابتدرتني حفصة، وكانت ابنت أبيها، فقالت‏:‏ يا رسول الله، أصبحنا صائمتين، فأهدي لنا طعامٌ، فأكلنا منه‏.‏

فتبسَّم النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،وقال‏:‏ ‏"‏صوما يومًا مكانه‏"‏‏.‏

قال سفيان‏:‏ فسألوا الزُّهريَّ- وأنا شاهدٌ- فقالوا‏:‏ هذا عن عروة‏؟‏ قال‏:‏ لا‏.‏

1934- وأخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطَّان أنا عبد الله بن جعفر ثنا يعقوب بن سفيان ثنا أبو بكر الحميديُّ ثنا سفيان قال‏:‏ سمعت الزُّهرىَّ يحدِّث عن عائشة‏.‏

فذكر هذا الحديث مرسلاً‏.‏

قال سفيان‏:‏ قيل للزُّهريِّ‏:‏ هو عن عروة‏؟‏ قال‏:‏ لا‏.‏

وكان ذلك عن قيامه من المجلس، وأقيمت الصَّلاة‏.‏

قال سفيان‏:‏ وقد كنت سمعت صالح بن أبي الأخضر حدَّثناه عن الزُّهريِّ عن عروة، قال الزُّهريُّ‏:‏ ليس هو عن عروة‏.‏

فظننت أنَّ صالحًا أُتي من قبل العرض‏.‏

قال أبو بكر الحميديُّ‏:‏ أخبرني غير واحد عن معمر أنَّه قال في هذا الحديث‏:‏ لو كان من حديث عروة ما نسيته‏.‏ فهذان ابن جريج وسفيان بن عيينة شهدا على الزُّهريِّ- وهما شاهدا عدل- بأنه لم يسمعه من عروة، ‏[‏فكيف‏]‏ يصحُّ وصل من وصله‏؟‏‏!‏

قال محمَّد بن عيسى التِّرمذيُّ‏:‏ سألت محمَّد بن إسماعيل البخاريَّ عن هذا الحديث، فقال‏:‏ لا يصحُّ حديث الزُّهريِّ عن عروة عن عائشة‏.‏

وكذلك قال محمَّد بن يحيى الذُّهْليُّ، واحتجَّ بحكاية ابن جريج وسفيان ابن عيينة، وبإرسال من أرسل الحديث عن الزُّهريِّ من الأئمة‏.‏

وقد روي عن جرير بن حازم عن يحيى بن سعيد عن عَمْرة عن عائشة، وجرير بن حازم وإن كان من الثِّقات، فهو واهمٌ فيه، وقد خطَّأه في ذلك أحمد ابن حنبل وعليُّ بن المدينيِّ، والمحفوظ عن يحيى بن سعيد عن الزُّهريِّ عن عائشة مرسلاً‏:‏ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أنا عليُّ بن بندار الصَّيرفيُّ قال‏:‏ سمعت عمر بن محمَّد بن بُجَير يقول‏:‏ سمعت أبا بكر الأثرم يقول‏:‏ قلت لأبي عبد الله- يعني أحمد بن حنبل-‏:‏ تحفظه عن يحيى عن عَمْرَة عن عائشة‏:‏ أصبحت أنا وحفصة صائمتين‏.‏

‏؟‏ فأنكره، وقال‏:‏ من رواه‏؟‏ قلت‏:‏ جرير بن حازم‏.‏

قال‏:‏ جرير كان يحدِّث بالتَّوهم‏.‏

وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدَّثني محمَّد بن مظفَّر الحافظ ثنا أبو العبَّاس محمَّد بن موسى الخلال ثنا أحمد بن منصور الرَّماديُّ قال‏:‏ قلت لعليِّ بن المدينيِّ‏:‏ يا أبا الحسن، تحفظ عن يحيى بن سعيد عن عَمْرَة عن عائشة قالت‏:‏ أصبحت أنا وحفصة صائمتين‏.‏

‏؟‏ فقال لي‏:‏ من ‏[‏روى‏]‏ هذا‏؟‏ قلت‏:‏ ابن وهب عن جرير بن حازم عن يحيى بن سعيد‏.‏

قال‏:‏ فضحك، ثمَّ قال‏:‏ مثلك يقول مثل هذا‏؟‏‏!‏ ثنا حمَّاد بن زيد عن يحيى بن سعيد عن الزُّهريِّ أنَّ عائشة وحفصة أصبحتا صائمتين‏.‏

وروي من وجه آخر عن عروة عن عائشة‏:‏ 1935- أخبرناه محمَّد بن عبد الله الحافظ ومحمَّد بن موسى بن الفضل قالا‏:‏ ثنا أبو العبَّاس محمَّد بن يعقوب ثنا الرَّبيع بن سليمان ثنا عبد الله بن وهب أخبرني حَيْوة وعمر بن مالك عن ابن الهاد قال‏:‏ حدَّثني زُميل- مولى عروة- عن عروة بن الزُّبير عن عائشة أنَّها قالت‏:‏ أُهدي لي ولحفصة طعامٌ، وكنَّا صائمتين، فقالت إحداهما لصاحبتها‏:‏ هل لك أن تفطري‏؟‏ قالت‏:‏ نعم‏.‏

فأفطرنا، ثمَّ دخل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالتا له‏:‏ يا رسول الله، إنَّا أهدي لنا هديَّة، فاشتهيناه، فأفطرنا‏.‏

فقال‏:‏ ‏"‏لا عليكما، صُومَا يومًا آخر مكانه‏"‏‏.‏

أقام إسناده جماعة عن ابن وهب، وقال بعضهم‏:‏ ‏(‏عن أبي زميل‏)‏، ولم يذكر بعضهم ‏(‏عروة‏)‏ في إسناده‏.‏

أخبرنا أبو سعيد المالينيُّ أنا أبو أحمد عبد الله بن عَدِيٍّ قال‏:‏ زُميل بن عبَّاس عن عروة، روى عنه ابن الهاد، لا يعرف لزُميل سماعٌ من عُروة، ولا لابن الهاد من زُميل، ولا تقوم به الحجَّة‏.‏

سمعت ابن حمَّاد يذكره عن البخاريِّ‏.‏

انتهى ما ذكره‏.‏

وقد روى حديث جرير بن حازم عن يحيى بن سعيد‏:‏ النَّسائيُّ عن أحمد ابن عيسى عن ابن وهب عنه، وقال‏:‏ هذا خطأٌ‏.‏

وقد روى حديث زُميل‏:‏ أبو داود عن أحمد بن صالح عن ابن وهب عن حَيوة بن شرُيح عن ابن الهاد عنه، ورواه النَّسائيُّ عن الرَّبيع بن سليمان عن ابن وهب عن حَيْوة وعمر بن مالك عن ابن الهاد قال‏:‏ حدَّثني زُميل‏.‏

فذكره، وقال‏:‏ زُميل ليس بالمشهور‏.‏

وقال البيهقيُّ‏:‏ وروي من أوجه أخر عن عائشة، لا يصحُّ شيءٌ من ذلك، وقد بيَّنت ضعفها في ‏"‏ الخلاف‏"‏‏.‏

1936- أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق أنا أبو عبد الله بن يعقوب ثنا محمَّد بن عبد الوهَّاب أنا جعفر بن عون أنا مِسْعَر عن حبيب بن أبي ثابت عن عطاء عن ابن عبَّاس قال‏:‏ إذا أصبح أحدكم صائمًا فبدَا له أن يفطر، فليصم يومًا مكانه- أو قال‏:‏ مكانه يومًا‏.‏

شك مِسْعَر- O‏.‏

1937- وقال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا الحسين بن إسماعيل ثنا محمَّد بن عمرو بن العبَّاس الباهليُّ ثنا سفيان بن عيينة قال‏:‏ حدَّثنيه طلحة بن يحيى عن عمَّته عائشة عن عائشة أمِّ المؤمنين قالت‏:‏ دخل عليَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال‏:‏ ‏"‏إنِّي أريد الصَّوم‏"‏‏.‏

وأُهدي لى حَيْسٌ، فقال‏:‏ ‏"‏إني آكل وأصُوم يومًا مكانه‏"‏‏.‏

قال الدَّارَقُطْنِيُ‏:‏ لم يروه بهذا اللفظ عن ابن عيينة غير الباهليِّ، ولم يتابع على قوله‏:‏ ‏"‏وأصوم يومًا مكانه‏"‏، ولعله شُبِّه عليه- والله أعلم- لكثرة من خالفه عن ابن عيينة‏.‏

ز‏:‏ قد تقدَّم هذا الحديث والكلام عليه، والباهليُّ‏:‏ وثَّقه ابن خِراش فيما حكاه عنه ابن عُقْدة O‏.‏

1938- قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا أحمد بن محمَّد بن سوادة ثنا حمَّاد ابن خالد عن محمَّد بن أبي حميد عن إبراهيم بن عبيد قال‏:‏ صنع أبو سعيد الخُدريُّ طعامًا، فدعى النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه، فقال رجلٌ من القوم‏:‏ إنِّي صائمٌ‏.‏

فقال له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏صنع لك أخوك، وتكلَّف لك أخوك، أفطر وصم يومًا مكانه‏"‏‏.‏

قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ هذا مرسلٌ‏.‏

قال المصنِّف‏:‏ قلت‏:‏ ومحمَّد بن أبي حميد‏:‏ قال فيه يحيى‏:‏ ليس حديثه بشيءٍ‏.‏

وقال النَّسائيُّ‏:‏ ليس بثقة‏.‏

وقال ابن حِبَّان‏:‏ لا يحتجُّ به‏.‏

ز‏:‏ كذا في النُّسخة التي كتبت منها، وقد سقط بين الدَّارقُطْنِيُّ وبين أحمد بن محمَّد بن سوادة رجلٌ، وكأنه ابن مخلد‏.‏

وأحمد بن محمَّد بن سوادة‏:‏ كنيته‏:‏ أبو العبَّاس، ويعرف بـ ‏"‏ خُشَيْش‏"‏، وهو كوفيٌّ نزل بغداد، وحدَّث عن عُبيدة بن حُميد وعَمرو بن عبد الغفَّار وزيد بن الحبُاب وحمَّاد بن خالد، قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ يعتبر بحديثه ولا يحتجُّ به‏.‏

وقال ابن أبي حاتم‏:‏ كتبنا من حديثه فلم يُقضَ لنا السَّماع منه‏.‏

وقال الخطيب‏:‏ ما رأيتُ أحاديثه إلا مستقيمة‏.‏

مات سنة ثمان وخمسن ومائتين‏.‏

وإبراهيم بن عبيد هو‏:‏ ابن رفاعة بن رافع الأنصاريُّ، الزُّرقيُّ، المدنيُّ، روى له مسلمٌ، ووثَّقه أبو زرعة، وقال فيه الإمام أحمد‏:‏ ليس بمشهور بالعلم‏.‏

ومحمَّد بن أبي حميد هو‏:‏ المدنيُّ، ويقال له‏:‏ حمَّاد أًضَا، قال ابن عَدِيٍّ‏:‏ هو مع ضعفه يكتب حديثه‏.‏

وقد تقدَّم هذا الحديث من رواية محمَّد بن المنكدر عن أبي سعيدٍ، وفي آخره‏:‏ ‏"‏وصم يومًا مكانه إن شئت‏"‏‏.‏

1939- وقال أبو داود الطَّيالسيُّ‏:‏ ثنا محمَّد بن أبي حميد عن إبراهيم ‏[‏بن‏]‏ عبيد بن رفاعة الزُّرقيِّ عن أبي سعيد قال‏:‏ صنع رجلٌ طعامًا، ودعى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه، فقال رجلٌ‏:‏ إنِّي صائمٌ‏.‏

فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏أخوك صنع طعامًا ودعاك، أفطر واقض يومًا مكانه‏"‏‏.‏

قال البيهقيُّ‏:‏ ورواه ابن أبي فُديك عن ابن أبي حميد، وزاد فيه‏:‏ ‏"‏إن أحببت ‏"‏ يعني القضاء، وابن أبي حميد‏:‏ يقال له‏:‏ محمَّد، ويقال‏:‏ حمَّاد، وهو ضعيفٌ O‏.‏

1940- قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وحدَّثنا محمَّد بن أحمد بن عمرو ثنا عليُّ بن سعيد الرَّازيُّ ثنا عَمرو بن خُليف بن إسحاق الخثعميُّ ثنا أبي ثنا عمِّي إسماعيل ابن مرسالٍ ثنا محمَّد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال‏:‏ صنع رجلٌ من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طعامًا، دعى النَّبيَّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه له، فلما أتى الطَّعام تنحَّى أحدُهم، فقال له النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏مالك‏؟‏ ‏"‏ قال‏:‏ إنِّي صائمٌ‏.‏

فقال له النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏تكلَّف لك أخوك وصنع، ثمَّ تقول‏:‏ إنِّي صائم‏!‏ كل وصم يومًا مكانه‏"‏‏.‏

قال ابن عَدِيٍّ‏:‏ عمرو بن خليف متهمٌ بوضع الحديث‏.‏

وقال ابن حِبَّان‏:‏ كان يضع الحديث‏.‏

ز‏:‏ عمرو بن خليف‏:‏ كنيته أبو صالح، ويقال له‏:‏ ‏(‏الحَتَّاوي‏)‏، و ‏"‏ حَتَّاوة ‏"‏ قرية بعسقلان، ليس هو بشيءٍ، وأبوه وإسماعيل‏:‏ مجهولان‏.‏

وقد تقدَّم هذا الحديث من رواية أبي أويس عن ابن المنكدر عن أبي سعيد O‏.‏

1941- قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وحدَّثنا القاسم بن إسماعيل أبو عبيد ثنا القاسم بن هاشم السِّمسار ثنا عتبة بن السَّكن ثنا الأوزاعيُّ ثنا عُبادة بن نُسي وهبيرة بن عبد الرَّحمن قالا‏:‏ ثنا أبو أسماء الرَّحَبِيُّ ثنا ثوبان قال‏:‏ كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صائمًا في غير رمضان، فأصابه غمٌّ آذاه، فتقيَّأ، فقاء، فدعا بوَضوءٍ، فتوضَّأ، ثمَّ أفطر، فقلت‏:‏ يا رسول الله، أفريضةٌ الوُضوء من القيء‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏لو كمان فريضةً لوجدتَه في القرآن‏"‏‏.‏

قال‏:‏ ثمَّ صام الغد، سممعته يقول‏:‏ ‏"‏هذا مكن إفطاري أمس‏"‏‏.‏

قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ عتبة بن السَّكن متروك الحديث‏.‏

1942- قال الدَّارَقُطْنيُ‏:‏ وحدَّثنا الحسن بن الحسين الأنطاكيُّ ثنا يوسف بن بحر ثنا يزيد بن عبد ربه ثنا محمَّد بن حميد عن الضَّحَّاك بن حمزة عن منصور بن أبان عن الحسن عن أُمِّه عن أُمِّ سلمة أنَّها صامت يومًا تطوُّعًا، فأفطرت، فأمرها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن تقضي يومًا مكانه‏.‏

تفرَّد به الضَّحَّاك عن منصور، قال يحيى‏:‏ الضَّحَّاك ليس بشيءٍ‏.‏

وقال أبو زرعة‏:‏ محمَّد بن حميد كذَّابٌ‏.‏

ز‏:‏ كان في النُّسخة التي نقلت منها‏:‏ ‏(‏الحسين بن الحسن الأنطاكيُّ‏)‏، وهو وهمٌ، إنَّما هو‏:‏ الحُسين بن الحُسين بن عبد الرَّحمن الأنطاكيُّ، قاضي الثغور، ويعرف ب ‏"‏ ابن الصَّابونيُّ‏"‏، روى عنه أبو بكر الشَّافعيُّ والدَّارَقُطْنِيُّ وابن شاهين، وكان ثقةً، توفي سنة تسع عشرة وثلاثمائة، وقد وجدته على الصَّواب في نسخة أخرى‏.‏

وقوله‏:‏ ‏(‏عن محمَّد بن حميد‏)‏ وهمٌ، وظنَّه المؤلِّف‏:‏ الرَّازيُّ، فتكلَّم فيه، وإنَّما هو‏:‏ محمَّد بن حِمْيَر السَّليحيُّ، وهو ثقةٌ، روى له البخاريُّ في ‏"‏ صحيحه ‏"‏، والجُرْجُسيُّ لا يروي عن محمَّد بن حميد الرَّازيِّ شيئًا‏.‏

وقوله‏:‏ ‏(‏عن منصور بن أبان‏)‏ وهمٌ، إنَّما هو‏:‏ منصور بن زاذان، أحد الثِّقات المشهورين، والأولياء الصَّالحين O‏.‏

مسألة ‏(‏377‏)‏‏:‏ إذا نذر صيام يوم العيد، لم يصم، ويقضي، ويكفِّر‏.‏

وعنه‏:‏ إن صامه أجزأه‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ يفطر، ويقضي، فإن صامه أجزأه‏.‏

وقال مالكٌ والشَّافعيُّ‏:‏ لا ينعقد هذا النَّذر‏.‏

1943- قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا سفيان عن الزُّهريِّ أنَّه سمع أبا عتيد قال‏:‏ شهدت العيد مع عمر، فبدأ بالصَّلاة قبل الخطبة، وقال‏:‏ رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن صيام هذين اليومين، أمَّا يوم الفطر‏:‏ فيوم فطركم من صومكم، وأمَّا يوم الأضحى‏:‏ فكلو من لحم نسككم‏.‏

1944- قال أحمد‏:‏ وحدَّثنا عفَّان ثنا شعبة قال‏:‏ عبد الملك بن عمير أنبأني قال‏:‏ سمعت قزعة- مولى زياد- قال‏:‏ سمعت أبا سعيد الخُدريَّ قال‏:‏ سمعت النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن صيام يومين‏:‏ يوم النَّحر، ويوم الفطر‏.‏

1945- قال أحمد‏:‏ وثنا روح ثنا مالك عن محمَّد بن حَبَّان عن الأعرج عن أبي هريرة أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن صيام يومن‏:‏ يوم الفطر، ويوم النَّحر‏.‏

الأحاديث الثَّلاثة في ‏"‏ الصَّحيحين‏"‏‏.‏

1946- قال أحمد‏:‏ حدَّثنا أبو سعيد- مولى بني هاشم- ثنا سعيد بن سلمة بن أبي الحسام ثنا يزيد بن عبد الله بن الهاد عن عمرو بن سُليم عن ‏[‏أمِّه قالت‏]‏‏:‏ بينما نحن بمنى، إذا عليُّ بن أبي طالب يقول‏:‏ إنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏إنَّ هذه أيَّام أكلٍ وشربٍ، فلا يصومها أحدٌ‏"‏‏.‏

ز‏:‏ في إسناد هذا الحديث اختلافٌ كثير، قد ذكره النَّسائيُّ وغيره، والله أعلم O‏.‏

1947- قال أحمد‏:‏ وحدَّثنا محمَّد بن بكر أنا محمَّد بن أبي حميد قال‏:‏ أخبرني إسماعيل بن محمَّد بن سعد بن أبي وقَّاص عن أبيه عن جدِّه قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏يا سعد، قم فأذِّن بمنى‏:‏ إنَّها أيَّام أكل وشرب، ولا صوم فيها‏"‏‏.‏

ز‏:‏ هذا الحديث لم يروه أحدٌ من أصحاب ‏"‏ السُّنن‏"‏‏.‏

ومحمَّد بن أبي حميد‏:‏ ضعَّفه غير واحدٍ من الأئمة، وقال التِّزمذيُّ‏:‏ ليس هو بالقويِّ عند أهل الحديث O‏.‏

قال المصنِّف‏:‏ وفي الباب عن عبد الرَّحمن بن عوف وعقبة بن عامر وأنس وعائشة‏.‏

مسألة ‏(‏378‏)‏‏:‏ يكره إفراد يوم الجمعة والسَّبت بالصِّيام إلا أن يوافق عادةً‏.‏

وقال أبو حنيفة ومالك‏:‏ لا يكره‏.‏

لنا عشرة أحاديث‏:‏

الحديث الأوَّل‏:‏ حديث جويرية، وقد ذكرناه في مسألة التَّطوُّع بالصَّوم، وذكرناه من حديث عبد الله بن عمرو‏.‏

1948- الحديث الثَّاني‏:‏ قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا ابن نُمير أنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏لا تصوموا يوم الجمعة، إلا وقبله أو بعده يوم‏"‏‏.‏

أخرجاه في ‏"‏ الصَّحيحين‏"‏‏.‏

1949- الحديث الثَّالث‏:‏ قال أحمد‏:‏ وحدَّثنا هوذة بن خليفة ثنا عوف عن محمَّد بن سيرين عن أبي هريرة قال‏:‏ نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يفرد يوم الجمعة بصومٍ ز‏:‏ حديث عوف هذا لم يخرِّجه أحدٌ من أئمة ‏"‏ الكتب السِّتَّة ‏"‏ O‏.‏

1950- الحديث الرَّابع‏:‏ قال مسلم بن الحجَّاج‏:‏ حدَّثنا أبو كريب ثنا حسين الجُعفيُّ عن زائدة عن هشام عن ابن سيرين عن أبي هريرة عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏لا تخصُّوا ليلة الجمعة بقيامٍ من بين الليالي، ولا تخصُّوا يوم الجمعة بصيامٍ من بين الأيَّام، إلا أن يكون في صومٍ يصومه أحدكم‏"‏‏.‏

انفرد بإخراجه مسلمٌ‏.‏

1951- الحديث الخامس‏:‏ قال أحمد‏:‏ حدَّثنا أسود بن عامر ثنا إسرائيل عن عاصم عن محمَّد بن سيربن عن أبي الدَّرداء قال‏:‏ قال لي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏يا أبا الدَّرداء، لا تختصَّ ليلة الجمعة بقيامٍ دون الليالي، ولا يوم الجمعة بصيامٍ دون الأيَّام‏"‏‏.‏

ز‏:‏ محمَّد بن سيرين‏:‏ لم يلق أبا الدَّرداء، فهو منقطعٌ، والمشهور حديث ابن سيرين عن أبي هريرة، وقد روى النَّسائيُّ حديث أبي الدَّرداء فقال‏:‏ 1952- أخبرنا أبو بكر بن عليٍّ ثنا محمَّد بن عبد الله المُخَرِّميُّ ثنا الأسود بن عامر ثنا إسرائيل عن عاصم عن محمَّد بن سيربن عن أبي الدَّرداء قال‏:‏ قال رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏يا أبا الدَّرداء، لا تخصَّ يوم الجمعة بصيامٍ دون الأيام، ولا تخصَّ ليلة الجمعة بقيامٍ دون الليالي ‏"‏ O‏.‏

1953- الحديث السَّادس‏:‏ قال أحمد‏:‏ حدَّثنا سفيان بن عيينة عن عبد الحميد بن جُبير بن شيبة سمع محمَّد بن عبَّاد بن جعفر قال‏:‏ سألتُ جابرًا‏:‏ أنهى رسول الله عن صيام يوم الجمعة‏؟‏ قال‏:‏ نعم وربِّ هذا البيت‏.‏

ز‏:‏ هذا الحديث مخرَّج في ‏"‏ الصَّحيحين ‏"‏ من حديث عبد الحميد، رواه البخاريُّ عن أبي عاصم عن ابن جريج عنه؛ ورواه مسلمٌ عن محمَّد بن رافع عن عبد الرَّزَّاق عن ابن جريج، وعن عمرو النَّاقد عن سفيان بن عيينة‏.‏

قال البخاريُّ‏:‏ زاد غير أبي عاصم‏:‏ أن يفرد بصومٍ‏.‏

قال البيهقيُّ‏:‏ هذه الزِّيادة ذكرها يحيى بن سعيد القطَّان عن ابن جريج إلا أنَّه قصر بإسناده، فلم يذكر فيه‏:‏ عبد الحميد بن جُبير، وقد رويت هذه الزِّيادة في حديث أبي هريرة وغيره O‏.‏

1954- الحديث السَّابع‏:‏ قال أحمد‏:‏ وحدَّثنا إبراهيم بن إسحاق الطَّالْقَانِيُّ ثنا الوليد بن مسلم عن يحيى بن حسَّان قال‏:‏ سمعت عبد الله بن ‏[‏بُسر‏]‏ يقول‏:‏ قال رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏لا تصوموا يوم السَّبت إلا فيما افترض عليكم‏"‏‏.‏

ز‏:‏ رواه أبو القاسم الطَّبرانيُّ عن الحسين بن إسحاق التَّستريِّ عن محمَّد ابن الصَّبَّاح الجَرْجَرَائيِّ عن الوليد ثنا يحيى‏.‏

فذكره‏.‏

ويحيى بن حسَّان هذا‏:‏ لا بأس به، فقد وثَّقه غير واحده‏.‏

1955- الحديث الثَّامن‏:‏ قال أحمد‏:‏ وحدَّثنا يزيد بن هارون أنا محمَّد ابن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن مَرثد بن عبد الله اليَزَنيِّ عن حذيفة الأَزْدِيِّ عن جنادة الأَزْدِيِّ قال‏:‏ دخلتُ على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في يوم جمعة- في سبعة من الأَزْدِ، أنا ثامِنُهم- وهو يتغدَّى، فقال‏:‏ ‏"‏هلمُّوا إلى الغداء‏"‏‏.‏

فقلنا‏:‏ يا رسول الله، إنَّا صيامٌ‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏أصمتم أمس‏؟‏ ‏"‏ قلنا‏:‏ لا‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏فتصومون غدًا‏؟‏ ‏"‏ قلنا‏:‏ لا‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏فأفطروا‏"‏‏.‏

قال‏:‏ فكلنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلمَّا خرج وجلس على المنبر، دعا بإناء من ماء، فشرب وهو على المنبر، والنَّاس ينظرون، يريهم أنَّه لا يصوم يوم الجمعة‏.‏

ز‏:‏ هذا حديثٌ حسنٌ، وقد رواه النَّسائيُّ فقال‏:‏ 1956- أخبرنا الرَّبيع بن سليمان ثنا ابن وهب قال‏:‏ حدَّثني الليث بن سعد- وذكر آخر قبله- عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن حذيفة البَارِقِيِّ عن جُنادة الأزْدِيِّ أنَّهم دخلوا على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثمانية نفرٍ- وهو ثامنهم-، فقرَّب إليهم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طعامًا يوم جمعةٍ، فقال‏:‏ ‏"‏كلوا‏"‏‏.‏

قالوا‏:‏ صيامٌ‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏صمتم أمس‏؟‏ ‏"‏ قالوا‏:‏ لا‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏فصائمون غدًا‏؟‏ ‏"‏ قالوا‏:‏ لا‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏فأفطروا‏"‏‏.‏

1957- أخبرني أحمد بن بكَّار ثنا محمَّد عن ابن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن حذيفة الأزْدِيِّ عن جنادة الأَزْدِيِّ قال‏:‏ دخلتُ على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأنا ثامن سبعة من قومي من الأَزْدِ-‏.‏

فذكره نحوه‏.‏

كذا رواه عن أحمد بن بكَّار، ولم يذكر ‏(‏أبا الخير‏)‏ في روايته، وقد رواه البخاريُّ في ‏"‏ تاريخه ‏"‏ عن محمَّد بن سلام عن محمَّد بن سلمة، وذكر فيه ‏(‏أبا الخير‏)‏، وكذلك رواه عامَّة أصحاب ابن إسحاق عنه، فإمَّا أن يكون الوهم من أحمد بن بكَّار، أو ممن دونه‏.‏

إلا أنَّ البخاريَّ ذكر هذا الحديث في ترجمة جنادة بن مالك الأزديِّ، ووهم في ذلك، فإنَّ أسد بن موسى وقتيبة بن سعيد روياه عن ابن لهيعة- وهو الذي كنَّى النَّسائيُّ عن اسمه- عن يزيد بن أبي حبيب وقالا‏:‏ جنادة بن أبي أميَّة، وكذلك رواه يحيى بن بكير عن الليث عن يزيد، إلا أن قتيبة لم يذكر ‏(‏حذيفة البَارِقيَّ‏)‏‏.‏

وذكر ابن أبي حاتم‏:‏ جنادة الأَزْدِيَّ هذا، ولم ينسبه، وذكر له هذا الحديث؛ ثمَّ ذكر جنادة بن أبي أميَّة الدَّوسيَّ مفردًا؛ ثمَّ ذكر جنادة بن مالك الأَزْدِيَّ كن مفردًا؛ ولم يصنع شيئًا في الفرق بين جنادة الأَزْدِيِّ وابن أبي أميَّة O‏.‏

1958- الحديث التَّاسع‏:‏ قال أحمد‏:‏ حدَّثنا أبو عاصم ثنا ثور عن خالد بن مَعْدان عن عبد الله بن بُسر عن أخته الصَّمَّاء أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏لا تصوموا يوم السَّبت إلا فيما افترض عليكم، فإن لم يجد أحدكم إلا عود عنب أو لحاء شجرة فليمضغها‏"‏‏.‏

ز‏:‏ هذا الحديث رواه أصحاب ‏"‏ السُّنن الأربعة ‏"‏، وحسَّنه التِّرمذيُّ، وفي إسناده اختلافٌ قد ذكره النَّسائيُّ وغيره‏.‏

وقال أبو داود‏:‏ هذا الحديث منسوخٌ‏.‏

وقال الحاكم‏:‏ هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط البخاريِّ ولم يخرجاه‏.‏

وقال مالك‏:‏ هذا كذبٌ‏.‏

1959- وقال البيهقيُّ‏:‏ أخبرنا أبو عبد الله محمَّد بن أحمد بن أبي طاهر الدَّقَّاق- ببغداد- أنا أحمد بن سلمان الفقيه أنا عبد الملك بن محمَّد ثنا أبو عاصم ثنا ثور بن يزيد ‏[‏ح‏]‏، وأخبرنا أبو الحسن عليُّ بن أحمد بن عبدان أنا أحمد بن عبيد الصَّفَّار ثنا البَاغَنْدِيُّ ثنا أبو عاصم عن ثور عن خالد بن مَعْدان عن عبد الله ابن بُسر عن أخته الصَّماء قالت‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏لا تصوموا يوم السَّبت، وإن لم يجد أحدكم إلا عودًا فليمضغه‏"‏‏.‏

لفظ حديث الدَّقَّاق، وفي رواية ابن عبدان‏:‏ ‏"‏لا يصومنَّ أحدكم يوم السَّبت إلا فيما افترض عليه، وإن لم يجد إلا لحاء شجرةٍ فليمضغه‏"‏‏.‏

ورواه أيضًا الوليد بن مسلم وغيره عن ثور، أخرجه أبو داود في ‏"‏ كتاب السُّنن‏"‏‏.‏

1960- وأخبرنا أبو طاهر الفقيه أنا عليُّ بن حمشاذ العدل ثنا الحارث بن أبي أسامة ثنا أبو النَّضر ثنا الليث عن معاوية بن صالح عن ابن عبد الله بن بُسر عن أبيه عن عمَّته الصَّماءأنَّها كانت تقول‏:‏ نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن صوم يوم السَّبت، ويقول‏:‏ ‏"‏إن لم يجد أحدكم إلا عودًا أخضر فليفطر عليه‏"‏‏.‏

1961- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدَّثني محمَّد بن صالح بن هانئ ثنا محمَّد بن إسماعيل بن مهران ثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث ثنا ابن وهب قال‏:‏ سمعت الليث يحدِّث عن ابن شهاب أنَّه كان إذا ذكر له أَنَّه نهى عن صيام يوم السَّبت قال‏:‏ هذا حديثٌ حمصيٌّ‏.‏

1962- وأخبرنا أبو عليٍّ الروذباريُّ أنا محمَّد بن بكر ثنا أبو داود ثنا محمَّد بن الصَّبَّاح بن سفيان ثنا الوليد عن الأوزاعيِّ قال‏:‏ مازلت له كاتمًا، ثمَّ رأيته انتشر‏!‏ يعني حديث ابن بُسْر هذا في صوم السَّبت‏.‏

قال البيهقيُّ‏:‏ وقد مضى في حديث جويرية بنت الحارث في الباب قبله، ما دلَّ على جواز صوم يوم السَّبت، وكأنَّه أراد بالنَّهي تخصيصه بالصَّوم على طريق التَّعظيم له، والله أعلم‏.‏

1963- وقد أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أنا الحسن بن حليم المروزيُّ أنا أبو المُوَجِّه ثنا عبدان أنا عبد الله- هو‏:‏ ابن المبارك- ثنا عبد الله بن محمَّد بن عمر بن عليٍّ عن أبيه أنَّ كُريبًا- مولى ابن عبَّاس- أخبره أنَّ ابن عبَّاس وناسًا من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعثوني إلى أمِّ سلمة، أسألها عن أيِّ الأيام كان النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كثر لها صيامًا، فقالت‏:‏ يوم السَّبت والأحد‏.‏

فرجعت إليهم فأخبرتهم، فكأنهم أنكروا ذلك، فقاموا بأجمعهم إليها، فقالوا‏:‏ إنَّا بعثنا إليك هذا في كذا وكذا، فذكر أنَّك قلت كذا وكذا‏.‏

فقالت‏:‏ صدق، إنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أكثر ما كان يصوم من الأيَّام‏:‏ يوم السَّبت، ويوم الأحد، وكان يقول‏:‏ ‏"‏إنَّهما يوما عيد المشركين، وأنا أريد أن أخالفهم‏"‏‏.‏

1964- وقال النَّسائيُّ‏:‏ أخبرنا كثير بن عبيد الحمصيُّ ثنا بقيَّة بن الوليد عن عبد الله بن المبارك عن عبد الله بن محمَّد بن عمر- وهو ‏[‏ابن‏]‏ عليٍّ- عن أبيه عن كُريب أنَّ ابن عبَّاس بعث إلى أمِّ سلمة وإلى عائشة، يسألهما‏:‏ ما كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحبُّ أن يصوم من الأيَّام‏؟‏ فقالتا‏:‏ ما مات رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتَّى كان أكثر صومه‏:‏ يوم السَّبت والأحد، ويقول‏:‏ ‏"‏هما عيدان لأهل الكتاب، فنحن نحبُّ أن نخالفهم‏"‏‏.‏

ورواه عن محمَّد بن حاتم المروزيِّ عن حِبَّان عن ابن المبارك نحو رواية عبدان‏.‏

وعبد الله بن محمَّد بن عمر وأبوه‏:‏ ذكرهما ابن حِبَّان في كتاب ‏"‏ الثِّقات ‏"‏، وحديثهما قليل‏.‏

وليس في هذا الحديث دليلٌ على إفراد السَّبت بالصَّوم، والله أعلم O‏.‏

1965- الحديث العاشر‏:‏ قال أحمد‏:‏ حدَّثنا إسحاق ثنا ابن لَهيْعة ثنا موسى بن وَرْدَان عن عبيد الأعرج قال‏:‏ حدَّثتني جدَّتي- يعني الصَّمَّاء- أنَّها دخلت على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم السَّبت وهو يتغدَّى، فقال‏:‏ ‏"‏تعالي فكلي‏"‏‏.‏

فقالت‏:‏ إنِّي صائمة‏.‏

فقال لها‏:‏ ‏"‏أصمت أمس‏؟‏ ‏"‏ قالت‏:‏ لا‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏كلي، فإنَّ صيام يوم السِّبت لا لك، ولا عليك‏"‏‏.‏

ز‏:‏ هذا الحديث بهذا الإسناد لم يخرِّجه أحدٌ من أصحاب ‏"‏ السُّنن‏"‏‏.‏

وابن لهيعة‏:‏ ضعيفٌ‏.‏

وموسى بن وَرْدَان‏:‏ وُثِّق وضُعِّف‏.‏

وعبيد الأعرج‏:‏ لا يعرف‏.‏

1966- وقال أبو يعلى الموصليُّ‏:‏ ثنا الحكم بن موسى ثنا مبشر بن إسماعيل ثنا حسَّان بن نوح قال‏:‏ سمعت عبد الله بن بُسْر المازنيُّ يقول‏:‏ ترون يدي هذه بايعت بها رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فسمعته يقول‏:‏ ‏"‏لا تصوموا يوم السَّبت إلا فيما افترض عليكم، ولو لم يجد أحدكم إلا لحاء شجرة فليفطر عليها‏"‏‏.‏

رواه الإمام أحمد بن حنبل والنَّسائيُّ والطَّبرانيُّ وأبو حاتم البستيُّ من رواية حسَّان بن نوح، وقد روى عنه غير واحد، وهو حمصيٌّ محلُّه الصِّدق، والله أعلم O‏.‏

احتجُّوا‏:‏ 1967- بما رواه ابن شاهين‏:‏ ثنا محمَّد بن هارون الحضرميُّ ثنا عمرو ابن عليٍّ ثنا ميمون بن زيد ثنا ليث عن طاوس عن ابن عبَّاس أنَّه لم ير النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أفطر يوم جمعة قطُّ‏.‏

1968- طريق آخر‏:‏ قال أبو الطَّيب الطَّبريُّ‏:‏ أنا أبو أحمد الغِطْرِيُّ ثنا أبو خليفة ثنا عليُّ بن المدينيِّ ثنا حفص بن غياث عن ليث بن أبي سليم عن عمير بن أبي عمير عن ابن عمر قال‏:‏ ما رأيت رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مفطرًا في يوم جمعة قطُّ‏.‏

والجواب من وجهين‏:‏

أحدهما‏:‏ أنَّ الطَّريقين تدور على ليث، وهو متروكٌ، تركه يحيى القطَّان ويحيى بن معين وابن مهدي وأحمد، وقال ابن حِبَّان الحافظ‏:‏ اختلط في آخر عمره، فكان يقلب الأسانيد، ويرفع المراسيل، ويأتي عن الثِّقات بما ليس من حديثهم‏.‏

والثَّاني‏:‏ أنَّا نحمله على أنَّه كان يصوم قبله أو بعده‏.‏

ز‏:‏ هذا الحديث لم يخرِّجه أحدٌ من أصحاب ‏"‏ السُّنن الأربعة‏"‏‏.‏

وقوله في الإسناد الأوَّل‏:‏ ‏(‏ميمون بن زيد‏)‏ وهمٌ، إنَّما هو يزيد، وهو أبو إبراهيم السَّقاء، بصريٌّ، روى عن ليث والحسن بن ذكوان، روى عنه ‏[‏سريج‏]‏ بن النُّعمان وعمرو بن عليٍّ الفلاس ونصر بن عليٍّ، قال أبو حاتم الرَّازيُّ‏:‏ ليِّن الحديث‏.‏

وعمير بن أبي عمير- في الإسناد الثَّاني-‏:‏ غير معروف، قال ابن أبي حاتم‏:‏ عمير بن أبي عمير، روى عن ابن عمر، روى عنه ليث بن أبي سليم‏.‏

سمعت أبي يقول ذلك‏.‏

قال عثمان بن سعيد‏:‏ قلت ليحيى بن معين‏:‏ عمير بن أبي عمير الذي يروي عنه ليث بن أبي سليم‏؟‏ قال‏:‏ لا أعرفه‏.‏

وقول المصنِّف في ليث‏:‏ ‏(‏تركه القطَّان وابن معين وابن مهدي وأحمد‏)‏ فيه نظرٌ، وإنَّما أخذه من كلام ابن حِبَّان، فإنَّه قال ذلك، وقد قال الفلاس‏:‏ كان يحيى لا يحدِّث عن ليث بن أبي سليم، ولا عن حجَّاج بن أرطاة، وكان عبد الرَّحمن يحدِّث عن سفيان وغيره عنهما‏.‏

وقال معاوية بن صالح عن يحيى بن معين‏:‏ ليث بن أبي سليم ضعيفٌ، إلا أنَّه يكتب حديثه‏.‏

وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل‏:‏ سمعت أبي يقول‏:‏ ليث بن أبي سليم مضطرب الحديث، ولكن حدَّث عنه النَّاس‏.‏

وقول المصنِّف‏:‏ ‏(‏هو متروكٌ‏)‏ خطأٌ، ولا ينبغي إطلاق هذه العبارة فيه، وقد قال عبد الرَّحمن بن مهدي‏:‏ ليث بن أبي سليم وعطاء بن السَّائب ويزيد بن أبي زياد، ليث أحسنهم حالاً عندي‏.‏

وقال أبو داود‏:‏ سألت يحيى عن ليث، فقال‏:‏ ليس به بأس‏.‏

وقال ابن عَدِيٍّ‏:‏ قد روى عنه شعبة والثَّوريُّ وغيرهما من ثقات النَّاس، ومع الضَّعف الذي فيه يكتب حديثه‏.‏

وقد سأل البرقانيُّ الدَّارَقُطْنِيَّ عنه، فقال‏:‏ صاحب سنَّة، يخرِّج حديثه‏.‏

ثمَّ قال‏:‏ إنَّما أنكروا عليه الجمع بين عطاء وطاوس ومجاهد حسب‏.‏

وقد استشهد به البخاريُّ في ‏"‏ الصَّحيح ‏"‏، وروى له مسلم مقرونًا بغيره، وروى له أصحاب ‏"‏ السُّنن ‏"‏، والله أعلم‏.‏

1969- وقال ابن ماجة‏:‏ ثنا إسحاق بن منصور أنا أبو داود ثنا شيبان عن عاصم عن زرٍّ عن عبد الله بن مسعود قال‏:‏ ما رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفطر يوم الجمعة‏.‏

1970- وقال النَّسائيُّ‏:‏ أخبرنا عمرو بن عليٍّ ثنا أبو داود ثنا شيبان عن عاصم عن زرٍّ عن ابن مسعود أنَّ رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصوم ثلاثة أيَّام من كلِّ شهر، وقلَّ ما رأيته يفطر يوم الجمعة‏.‏

ورواه التِّرمذيُّ من رواية شيبان، وقال‏:‏ قلَّ ما كان يفطر يوم الجمعة‏.‏

وقال‏:‏ حسنٌ غريبٌ‏.‏

وقال أبو عمر بن عبد البرِّ في ‏"‏ الاستذكار ‏"‏‏:‏ اختلفت الآثار عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في صيام يوم الجمعة، فروى ابن مسعود أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصوم ثلاثة أيَّام من كلِّ شهرٍ، وقال‏:‏ وقلَّ ما رأيته يفطر يوم الجمعة‏.‏

وهو حديثٌ صحيحٌ‏.‏

وقد روي عن ابن عمر أنَّه قال‏:‏ ما رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مفطرًا يوم جمعة قطُّ‏.‏

ذكره ابن أبي شيبة عن حفص بن غياث عن ليث بن أبي سليم عن عمير بن أبي عمير عن ابن عمر‏.‏

وروي عن ابن عبَّاس أنَّه كان يصوم يوم الجمعة، ويواظب عليه‏.‏

1971- وروى الدَّراورديُّ عن صفوان بن سليم عن رجل من بني حثمة أنَّه سمع أبا هريرة يقول‏:‏ قال رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏من صام يوم الجمعة، كتب له عشرة أيَّام غرّ زهر، من أيام الآخرة، لا يشاكلهن أيَّام الدُّنيا‏"‏‏.‏

رواه عليُّ بن المدينيِّ وغيره عن الدَّراورديِّ O‏.‏

مسألة ‏(‏379‏)‏‏:‏ يكره إفراد رجب بالصَّوم، خلافًا لأكثر المتأخرين‏.‏

وقد استدلَّ أصحابنا‏:‏ 1972- بما روى داود بن عطاء عن زيد بن عبد الحميد عن سليمان ابن عليِّ بن عبد الله بن العبَّاس عن أبيه عن ابن عبَّاس أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن صيام رجب‏.‏

قال المصنِّف‏:‏ وهذا لا يصحُّ، قال أحمد بن حنبل‏:‏ لا يحدَّث عن داود بن عطاء، ليس بشيءٍ‏.‏

ز‏:‏ 1973- قال أبو القاسم الطَّبرانيُّ‏:‏ ثنا مسعدة بن سعد العطَّار‏.‏

‏(‏ح‏)‏ وقال أبو بكر بن فورك ‏[‏القبَّاب‏]‏ أنا أبو بكر بن أبي عاصم قالا‏:‏ ثنا إبراهيم بن المنذر الحزاميُّ ثنا داود بن عطاء ثنا زيد بن عبد الحميد بن عبد الرَّحمن بن زيد بن الخطَّاب عن سليمان بن عليِّ بن عبد الله ابن عبَّاس عن أبيه عن عبد الله بن عبَّاس أنَّ رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن صيام رجب كلَّه‏.‏

ولم يقل ابن أبي عاصم‏:‏ كلّه‏.‏

رواه ابن ماجة عن إبراهيم بن المنذر‏.‏

وقال البخاريُّ وأبو زرعة في داود‏:‏ منكر الحديث‏.‏

وقال النَّسائيُّ‏:‏ ضعيفٌ‏.‏

وقال ابن حِبَّان‏:‏ لا يحتجُّ به بحالٍ O‏.‏

1974- وقال سعيد بن منصور‏:‏ ثنا سفيان عن مِسْعر عن وبرة عن خَرَشَة بن الحُرِّ أنَّ عمر بن الخطَّاب كان يضرب أيدي الرِّجال في رجب إذا رفعوا عن طعامه، حتَّى يضعوا فيه، ويقول‏:‏ إنَّما هو شهرٌ كان أهل الجاهليَّة يعظِّمونه‏.‏