فصل: مسائل القرض

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تنقيح التحقيق في أحاديث التعليق ***


مسائل القرض

مسألة ‏(‏521‏)‏‏:‏ يجوز قرض الحيوان والثياب، وبه قال مالك والشافعيُّ، وزادا فقالا‏:‏ ويجوز قرض الإماء والعبيد‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ لا يجوز شيءٌ من ذلك‏.‏

2434- قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا يحيى بن سعيد عن سفيان قال‏:‏ حدَّثني سلمة بن كُهيل عن أبي سلمة عن أبي هريرة‏:‏ أنَّ رجلاً تقاضى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعيرًا، فقالوا‏:‏ لا نجد إلا أفضل من سِنِّه‏.‏

فقال‏:‏ ‏"‏أعطوه‏"‏‏.‏

فقال‏:‏ أوفيتني أوفى الله لك‏.‏

فقال‏:‏ ‏"‏خيار الناس أحسنها قضاءً‏"‏‏.‏

أخرجاه في ‏"‏ الصحيحين‏"‏‏.‏

2435- وقال الترمذيُّ‏:‏ حدَّثنا أبو كريب عن عليِّ بن صالح عن سلمة بن كُهيل عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال‏:‏ استقرض رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِنًّا، فأعطاه خيرًا من سِنِّه، وقال‏:‏ ‏"‏خياركم أحسنكم قضاءً‏"‏‏.‏

ز‏:‏ كذا وجدته في نسختين، وقد سقط بين أبي كريب وعليِّ بن صالحٍ‏:‏ ‏(‏وكيع‏)‏‏.‏

وقد روى هذا الحديث‏:‏ مسلمٌ عن أبي كريب، والله أعلم O‏.‏

2436- قال الترمذيُّ‏:‏ وحدَّثنا عَبْدُ بن حُميد ثنا رَوْح بن عبادة ثنا مالك بن أنس عن زيد بن أَسْلم عن عطاء بن يسار عن أبي رافع قال‏:‏ استسلف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَكْرًا، فجاءته إبل الصدقة، فأمرني أن أقضي الرجل بَكْرةً، فقلت‏:‏ لا أجد في الإبل إلا جملاً خيارًا رباعيا‏.‏

فقال رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏أعطه إيَّاه، فإنَّ خيار الناس أحسنهم قضاءً‏"‏‏.‏

انفرد بإخراجه مسلمٌ‏.‏

مسألة ‏(‏522‏)‏‏:‏ يجوز قرض الخبز، وهل يجوز بالعدد، أو يكون بالوزن‏؟‏ فيه روايتان‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ لا يجوز قرضه‏.‏

لنا‏:‏ 2437- ما أخبرنا به محمَّد بن عبد الباقي أنبأنا الجوهريُّ أنا أبو حفص عمر بن محمَّد بن عليِّ الصيرفيُّ ثنا أبو محمَّد عبد الله بن محمَّد بن ناجية ثنا الزبير ابن بكَّار قال‏:‏ حدَّثتني أمُّ كلثوم بنت عثمان بن مصعب بن عروة بن الزبير قالت‏:‏ حدَّثتني صفيَّة بنت الزبير بن هشام بن عروة عن جدِّها هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنَّها قالت‏:‏ سألت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الخميرة أو الخبز نقرضه الجيران، فيردُّون أكثر أو أقل‏؟‏ فقال‏:‏ ‏"‏ليس بذاك بأسٌ، إنَّما هو أمر يترافق بين الجيران، وليس- يراد به الفضل‏"‏‏.‏

ز‏:‏ هذا الحديث غير مخرَّجٍ في شيءٍ من ‏"‏ الكتب السِّتَّة‏"‏، وفي إسناده من تجهل حاله، والله أعلم O‏.‏

2438- وقال ابن عَدِيٍّ‏:‏ حدَّثنا عبد الله بن محمَّد بن مسلم ثنا ابن مصفَّى ثنا بقيَّة عن ثور بن يزيد عن خالد بن مَعْدان عن معاذ بن جبل أنَّه سُئل عن استقراض الخمير والخبز، فقال‏:‏ سبحان الله، هذا مكارم الأخلاق‏!‏ فخذ الصغير وأعط الكبير، وخذ الكبير وأعط الصغير، خيركم أحسنكم قضاء، سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول ذلك‏.‏

ز‏:‏ هذا الحديث لم يخرَّج في شيءٍ من ‏"‏ السنن‏"‏، وإسناده صالحٌ، لكنَّه منقطعٌ، فإنَّ خالدًا لم يدرك معاذًا‏.‏

وابن عَدِيٍّ ذكره في ترجمة ثور، وروى له غيره، ثم قال‏:‏ ولم أر في أحاديثه أنكر من هذا الذي ذكرته، وهو مستقيم الحديث، صالحٌ في الشاميين O‏.‏

مسألة ‏(‏523‏)‏‏:‏ لا يحلُّ، للمقرض أن ينتفع من المقترض منفعة لم تجر عادته بها قبل ذلك‏.‏

وقال الشافعيُّ‏:‏ يجوز ما لم يشترط ذلك، وعن أحمد مثله‏.‏

2439- قال سعيد بن منصور‏:‏ حدَّثنا إسماعيل بن عيَّاش عن عُتبة بن حُميد الضَّبِّيِّ عن يزيد بن أبي يحيى قال‏:‏ سألت أنس بن مالك، فقلت‏:‏ يا أبا حمزة، الرجل منَّا يقرض أخاه المال، فيهدي إليه‏؟‏ فقال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏إذا أقرض أحدكم قرضًا، فأهدى إليه طبقا فلا يقبله، أو حمله على دابة فلا يركبها، إلا أن تكون بينه وبينه قبل ذلك‏"‏‏.‏

ز‏:‏ كذا فيه‏:‏ ‏(‏عن يزيد بن أبي يحيى‏)‏ وهو غلطٌ، ولا يعرف في الرواة‏:‏ يزيد بن أبي يحيى‏.‏

وقد روى هذا الحديث‏:‏ ابن ماجة عن هشام بن عمَّار عن إسماعيل بن عيَّاش عن عُتبة بن حُميد الضَّبِّيَّ عن يحيى بن أبي إسحاق الهُنائيِّ قال‏:‏ سألت أنس بن مالك‏.‏

فذكره‏.‏

كذا قال، وهو خطأٌ أيضًا، فإنَّ يحيى الهُنائيَّ غير ابن أبي إسحاق، وابن أبي إسحاق هو‏:‏ الحضرميُّ البصريُّ‏.‏

وإسناد هذا الحديث غير قويٍّ على كلِّ حالٍ، فإنَّ ابن عيَّاش متكلَّمٌ فيه‏.‏

وعُتبة‏:‏ سئل أحمد عن حديثه، فقال‏:‏ ضعيفٌ، وليس بالقويِّ‏.‏

ووثَّقه ابن حِبَّان O‏.‏

2440- قال سعيد‏:‏ وحدَّثنا سفيان ثنا عمَّار الدُّهنيُّ عن سالم بن أبي الجَعْد قال‏:‏ جاء رجلٌ إلى ابن عبَّاس، فقال له‏:‏ إنِّي أقرضت رجلاً يبيع السمك عشرين درهمًا، فأهدى إليَّ سمكةً قوَّمتها ثلاثة عشر درهمًا‏.‏

فقال‏:‏ خذ منه سبعة دراهم‏.‏

ز‏:‏ 2441- قال أبو الجهم العلاء بن موسى في ‏"‏جزءه‏"‏‏:‏ حدَّثنا سوار عن عمارة عن عليٍّ قال‏:‏ البيع يهدم الشرط‏.‏

وقال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏كلُّ قرضٍ جرَّ منفعةً فهو ربًا‏"‏‏.‏

هذا إسنادٌ ساقطٌ، وسوار هو‏:‏ ابن مصعب، وهو متروك الحديث، والله أعلم O‏.‏

مسائل السَّلَم

مسألة ‏(‏524‏)‏‏:‏ يصحُّ السَّلَم في المعدوم إذا كان موجودًا في محلِّه‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ لا يجوز‏.‏

2442- قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا سفيان عن ابن أبي نَجيح عن عبد الله ابن كثير عن أبي المنهال عن ابن عبَّاس قال‏:‏ قدم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة وهم يسلفون في التمر، العام والعام- وربما قال‏:‏ عامين أو ثلاثة- فقال‏:‏ ‏"‏من أسلف في تمرٍ، فليسلف في كيلٍ معلومٍ، ووزنٍ معلومٍ، إلى أجلٍ معلومٍ‏"‏‏.‏

أخرجاه في ‏"‏ الصحيحين‏"‏‏.‏

2443- قال أحمد‏:‏ وحدَّثنا هُشيم أنا أبو إسحاق الشيبانيُّ عن محمَّد بن أبي المجالد- مولى بني هاشم- قال‏:‏ أرسلني ابن شدَّاد وأبو بُرْدَة، فقالا‏:‏ انطلق إلى ابن أبي أوفى، فقل له‏:‏ إنَّ عبدَ الله بن شدَّاد وأبا بُرْدَة يقرئانك السلام، ويقولان‏:‏ هل كنتم تُسْلفُون في عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في البرِّ والشعير والزيت‏؟‏ قال‏:‏ نعم، كنَّا نصيب غنائم في عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فنسلفها في البرِّ والشعير والتمر والزيت‏.‏

فقلت‏:‏ عند من كان له زرعٌ، أو عند من لم يكن له زرعٌ‏؟‏ فقال‏:‏ ما كنَّا نسألهم عن ذلك‏.‏

فقالا‏:‏ انطلق إلى عبد الرحمن بن أَبْزى فاسأله‏.‏

فانطلق فسأله، فقال مثل ما قال ابن أبي أوفى‏.‏

ز‏:‏ هذا الحديث رواه البخاري من رواية أربعة عن أبي إسحاق O‏.‏

مسألة ‏(‏525‏)‏‏:‏ يصحُّ السَّلَم في الحيوان‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ لا يصحُّ‏.‏

لنا‏:‏ حديث عبد الله بن عمرو بن العاص‏:‏ أمرني رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن أبتاع البعير بالبعيرين وبالأبعرة إلى خروج المُصدِّق‏.‏

وقد سبق هذا بإسناده‏.‏

2444- وقال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا حسين بن محمَّد ثنا جرير بن حازم عن ابن إسحاق عن أبي سفيان عن مسلم بن جبير عن عمرو بن الحَرِيش قال‏:‏ سألت عبد الله بن عمرو بن العاص، فقلت‏:‏ إنَّا بأرضٍ ليس بها دينار ولا درهم، إنَّما نبايع بالإبل والغنم إلى أجلٍ، فما ترى في ذلك‏؟‏ فقال‏:‏ على الخبير سقطت‏!‏ جهَّز رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جيشًا على إبلٍ من إبل الصدقة، حتَّى نفدت، وبقي ناسٌ، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏اشتر لنا إبلاً بقلائص من إبل الصدقة إذا جاءت، حتَّى نؤدِّيها إليهم‏"‏‏.‏

فاشتريت البعير بالاثنين، والثلاث قلائص، حتَّى فرغت، فأدَّى ذلك رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من إبل الصدقة‏.‏

ز‏:‏ قد تقدَّم ذكر هذا الحديث، وذكر الاختلاف في إسناده، والله أعلم O‏.‏

احتجُّوا‏:‏ 2445- بما رواه الدَّارَقُطْنِيُّ، قال‏:‏ حدَّثنا محمَّد بن عليِّ بن إسماعيل الأُبليُّ ثنا عبد الله بن إسماعيل بن أحمد ثنا إسحاق بن إبراهيم ثنا عبد الملك الذَّمَارَيُّ عن سفيان الثوريُّ قال‏:‏ حدَّثني مَعْمَر عن يحيى بن أبي كثير عن عكرمة عن ابن عبَّاس‏:‏ أنَّ رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن السَّلَفِ في الحيوان‏.‏

قال أبو زرعة‏:‏ عبد الملك الذَّمَارَيُّ منكر الحديث‏.‏

وقال الرازيُّ‏:‏ ليس بقويٍّ‏.‏

ووثَّقه الفلاس‏.‏

وأمَّا إسحاق بن إبراهيم‏:‏ فمجهولٌ‏.‏

ز‏:‏ هذا الحديث غير مخرَّجٍ في شيءٍ من ‏"‏ السنن‏"‏، وقد روي بغير هذا اللفظ، وقد صحَّح غير واحدٍ من الحفَّاظ إرساله‏.‏

وإسحاق بن إبراهيم‏:‏ ليس بمجهولٍ، بل هو مشهورٌ بالضعف، وهو‏:‏ ابن جوني الطبريُّ الصنعانيُّ، قال ابن عَدِيٍّ‏:‏ كان بصنعاء، وهو منكر الحديث‏.‏

وقال ابن حِبَّان‏:‏ يروي عن ابن عيينة والفضل بن عياض، منكر الحديث جدًّا، يأتي عن الثقات بالموضوعات، لا يحلُّ كتب حديثه إلا على جهة التعجُّب‏.‏

وقال الحاكم‏:‏ سكن اليمن، وروى أحاديث موضوعةً‏.‏

وقد ذكره المؤلِّف في ‏"‏الضعفاء‏"‏ وحكى كلام ابن حِبَّان والدَّارَقُطْنِيِّ فيه، ثُمَّ ذكره مرَّة أخرى وحكى كلام ابنَ عَدِيٍّ فيه، وقد وهم في ذلك أيضًا، فإنَّه ظنَّ أنَّهما اثنان، وإنَّما هما واحد‏.‏

2446- وقال سعيد بن منصور‏:‏ ثنا هُشيم أنا عَبيْدة- يعني‏:‏ ابن حُميد- عن عبد الملك بن سعيد بن جبير عن أبيه عن ابن عبَّاس‏:‏ أنَّه كان لا يرى بأسًا بالسلف في الحيوان‏.‏

كذا فيه‏:‏ ‏(‏يعني‏:‏ ابن حميد‏)‏ وهو وهمٌ، والصواب‏:‏ عُبيدة بن مُعَتِّب الضَّبِّيُّ، وهو ضعيفٌ، وابن حميد يروي عن ابن مُعَتِّب، والله أعلم‏.‏

2447- وروى سعيد بإسنادٍ منقطعٍ عن ابن مسعودٍ أنَّه كره السلف في الحيوان‏.‏

والله أعلم O‏.‏

مسألة ‏(‏526‏)‏‏:‏ يجوز السَّلَم في الخبز، خلافًا لأكثرهم‏.‏

لنا‏:‏ قوله عليه السلام‏:‏ ‏"‏ووزن معلوم‏"‏‏.‏

والخبز موزونٌ، وقد سبق الحديث بإسناده‏.‏

مسألة ‏(‏527‏)‏‏:‏ إذا أسلم إليه في سلعة، ثم تقايلا بعد قبض الثمن، لم يجز أن يصرف ذلك الثمن في شيءٍ آخر حتَّى يقبضه‏.‏

وقال الشافعيُّ‏:‏ يجوز‏.‏

2448- قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا ابن صاعد ثنا الحسن بن عرفة وإبراهيم بن سعيد الجوهريُّ وعليُّ بن الحسين الدِّرْهَميُّ وأبو سعيد الأشج- واللفظ لعليٍّ- قالوا‏:‏ ثنا أبو بدر شجاع بن الوليد ثنا زياد بن خيثمة عن سعد الطائيِّ عن عطيَّة بن سعدٍ عن أبي سعيد الخدريِّ قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏من أسلم في شيءٍ، فلا يصرفه في غيره‏"‏‏.‏

وقال إبراهيم بن سعيدٍ‏:‏ ‏"‏فلا يأخذ إلا ما أسلم فيه، أو رأس ماله‏"‏‏.‏

ز‏:‏ رواه أبو داود عن محمَّد بن عيسى، ورواه ابن ماجة عن محمَّد بن عبد الله بن نُمير، كلاهما عن أبي بدر به‏.‏

ورواه ابن ماجة أيضًا عن أبي سعيد الأشج ولم يذكر سعدًا‏.‏

وعطيَّة هو‏:‏ العَوْفيُّ، وقد ضعَّفه أحمد وغيرُه، والترمذيُّ يحسِّن حديثَه، وقال ابن عَدِيٍّ‏:‏ هو مع ضعفه يكتب حديثه، وكان يعدُّ من شيعة أهل الكوفة O‏.‏

مسألة ‏(‏528‏)‏‏:‏ لا يجوز التسعير‏.‏

وقال مالكٌ‏:‏ يحوز أن يقول لمن حطَّ سعرًا‏:‏ إما أن يلحق بالناس، أو ينصرف عنهم‏.‏

2449- قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا سريج ثنا حمَّاد بن سلمة عن قتادة وثابت عن أنس بن مالك قال‏:‏ غلا السعر على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالوا‏:‏ يا رسول الله، لو سعَّرت‏؟‏ فقال‏:‏ ‏"‏إن الله عزَّ وجلَّ هو الخالق، القابض، الباسط، الرازق، المسعّر، وإنِّي لأرجو أن ألقى الله عزَّ وجلَّ ولا يطلبني أحدٌ بمظلمة ظلمتها إياه، في دمٍ، ولا مالٍ‏"‏‏.‏

قال الترمذيُّ‏:‏ هذا حديثٌ صحيحٌ‏.‏

ز‏:‏ رواه أبو داود عن عثمان بن أبي شيبة عن بُنْدَار عن حجَّاج بن المنهال عن حمَّاد به، ورواه ابن ماجة عن محمَّد بن المثنَّى عن حجَّاج بإسناده O‏.‏

مسائل الرهن

مسألة ‏(‏529‏)‏‏:‏ يجوز الرهن في السفر والحضر‏.‏

وقال داود‏:‏ لا يجوز إلا في السفر‏.‏

2450- قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت‏:‏ اشترى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من يهوديٍّ طعامًا نسيئةً، فأعطاه درعًا له رهنا‏.‏

أخرجاه‏.‏

2451- قال أحمد‏:‏ وحدَّثنا يزيد ثنا هشام عن عكرمة عن ابن عبَّاس قال‏:‏ قُبض النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإنَّ درعَه مرهونةٌ عند رجل من يهود، على ثلاثين صاعًا من شعير، أخذها رزقًا لعياله‏.‏

قال الترمذيُّ‏:‏ هذا حديثٌ صحيحٌ‏.‏

ز‏:‏ رواه الترمذيُّ عن ابن بشَّار عن ابن عَدِيٍّ وعثمان بن عمر، كلاهما عن هشام بن حسَّان، وعنده‏:‏ ‏(‏بعشرين صاعًا من الطعام‏)‏‏.‏

ورواه النسائيُّ عن يوسف بن حمَّاد عن سفيان بن حبيب عن هشام نحوه‏.‏

ورواه ابن ماجة من رواية هلال بن خبَّاب عن عكرمة، والله أعلم O‏.‏

مسألة ‏(‏530‏)‏‏:‏ إذا قال الراهن‏:‏ إن جئتك بالحقِّ في وقت كذا، وإلا فالرهن لك، بطل الشرط، وصحَّ الرهن، وكذلك إذا شرط سائر الشروط الفاسدة‏.‏

وقال الشافعيُّ‏:‏ إن كانت الشروط مما تنقص من حقِّ المرتهن- مثل‏:‏ أن يشرط أن لا يسلم الرهن إليه، أو لا يبيعه في محلِّه-، فالرهن باطلٌ؛ وإن كان مما يزيد حقه- مثل‏:‏ أن يشرط دخول النماء المنفصل منه في الرهن-، ففيه قولان‏:‏ أحدهما‏:‏ لا يصحُّ أيضًا؛ والثاني‏:‏ يصحُّ الرهن، ويبطل الشرط‏.‏

لنا‏:‏ 2452- ما رواه الدَّارَقُطْنِيُّ، قال‏:‏ حدَّثنا ابن صاعد ثنا عبد الله بن عمران العابديُّ ثنا سفيان بن عيينة عن زياد بن سعد عن الزهريِّ عن سعيد بن المسيَّب عن أبي هريرة أنَّ رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏لا يغلق الرهن، له غنمه، وعليه غرمه‏"‏‏.‏

قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ زياد بن سعد أحد الحفَّاظ الثقات، وهذا إسنادٌ حسنٌ متَّصلٌ‏.‏

2453- قال ابن صاعد‏:‏ وحدَّثنا محمَّد بن عوف ثنا عثمان بن سعيد بن كثير قال‏:‏ ثنا إسماعيل بن عيَّاش عن ابن أبي ذئبٍ عن الزهريِّ عن سعيد بن المسيَّب عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏لا يغلق الرهن، لصاحبه غنمه، وعليه غرمه‏"‏‏.‏

2454- قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وحدَّثنا إبراهيم بن أحمد القِرْمِيْسِينيُّ ثنا يحيى ابن أبي طالب ثنا عبد الله بن نصر الأصم ثنا شَبَابة ثنا ابن أبي ذئب عن الزهريِّ عن سعيد بن المسيَّب وأبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏لا يغلق الرهن، والرهن لمن رهنه، له غنمه، وعليه غرمه‏"‏‏.‏

قال إبراهيم النخعيُّ‏:‏ كانوا يرهنون، ويقولون‏:‏ إن جئتك بالمال إلى وقت كذا، وإلا فهو لك، فقال النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذا‏.‏

ز‏:‏ الإسناد الأوَّل‏:‏ غير مخرَّجٍ في شيءٍ من ‏"‏ السنن‏"‏‏.‏

وعبد الله بن عمران العابديُّ‏:‏ صدَّقه أبو حاتم، ووثَّقه ابن حِبَّان‏.‏

وقال البيهقيُّ‏:‏ قد رواه غيره عن سفيان عن زياد مرسلاً، وهو المحفوظ‏.‏

وقد روى هذا الحديث أبو داود في ‏"‏المراسيل ‏"‏ من رواية مالك وابن أبي ذئب والأوزاعيِّ وغيرهم عن الزهريِّ عن سعيد مرسلاً، وقال‏:‏ وكذلك رواه ابن عيينة عن زياد بن سعد ويونس بن يزيد كما قال ‏[‏مالك‏]‏‏.‏

والإسناد الثاني والثالث‏:‏ غير مخرَّجين في ‏"‏ السنن ‏"‏ أيضًا، وقد روى الحديث الثوريُّ وغيره عن ابن أبي ذئب مرسلاً، وهو المحفوظ‏.‏

وإسماعيل بن عيَّاش‏:‏ ضعيفٌ في روايته عن الحجازيين‏.‏

وعبد الله بن نصر الأصم البزَّاز الأنطاكيُّ‏:‏ ليس بذاك المعتمد، وقد روى عن أبي بكر بن عيَّاش و ابن عليَّة ومعن بن عيسى وابن فضيل، وروى عنه أبو حاتم الرازيُّ‏.‏

وقد ذكرنا هذا الحديث والاختلاف فيه، وكلام الأئمة عليه، في غير هذا الموضع، وقد صحَّح اتصاله‏:‏ ابن عبد البر وعبد الحقِّ، والله أعلم O‏.‏

احتجُّوا‏:‏

2455- بما رواه الدَّارَقُطْنِيُّ، قال‏:‏ حدَّثنا عبد الباقي بن قانع ثنا عبد الوارث بن إبراهيم ثنا إسماعيل بن أبي أميَّة ثنا سعيد بن راشد ثنا حُميد الطويل عن أنس قال‏:‏ سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول‏:‏ ‏"‏الرهن بما فيه‏"‏‏.‏

قال إسماعيل بن أبي أميَّة‏:‏ وحدَّثنا حمَّاد بن سلمة عن قتادة عن أنس قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏الرهن بما فيه‏"‏‏.‏

2456- قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وحدَّثنا محمَّد بن مَخْلَد ثنا أحمد بن محمَّد بن غالب قال‏:‏ حدَّثني عبد الكريم بن رَوْح عن هشام بن زياد عن حُميد عن أنس عن النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏الرهن بما فيه‏"‏‏.‏

والجواب‏:‏ أمَّا الحديث الأوَّل‏:‏ ففيه إسماعيل بن أبي أميَّة، قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ هو يضع الحديث‏.‏

قال‏:‏ وهذا الحديث باطلٌ عن قتادة وعن حمَّاد بن سلمة‏.‏

وفي الإسناد‏:‏ سعيد بن راشد، قال يحيى بن معين‏:‏ ليس بشيءٍ‏.‏

وقال النسائيُّ‏:‏ متروك الحديث‏.‏

وقال ابن حِبَّان‏:‏ ينفرد عن الثقات بالمعضلات‏.‏

وفي الحديث الثاني‏:‏ هشام بن زياد، قال يحيى‏:‏ ليس بشيءٍ‏.‏

وقال النسائيُّ‏:‏ متروك الحديث‏.‏

وقال ابن حِبَّان‏:‏ لا يجوز الاحتجاج به‏.‏

وفيه‏:‏ عبد الكريم، ضعَّفه الدَّارَقُطْنِيُّ، وقال أبو حاتم الرازيُّ‏:‏ هو مجهولٌ‏.‏

وفيه‏:‏ أحمد بن محمَّد بن غالب، وهو غلام الخليل، كان كذَّابًا يضع الحديث‏.‏

وقال ابن عَدِيٍّ الحافظ‏:‏ كان غلام خليل يقول‏:‏ وضعنا أحاديث نرقق بها قلوب العامَّة‏!‏ وقال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ هو متروكٌ‏.‏

ز‏:‏ هذا الحديث لم يخرِّجه أحد من أصحاب ‏"‏ السنن‏"‏، وليس فيه حجَّة لمن نصب المؤلِّف الخلاف معه، بل ليس له تعلُّقٌ بهذه المسألة أصلاً، والله أعلم O‏.‏

مسألة ‏(‏531‏)‏‏:‏ ما ينفقه المرتهن في غيبة الراهن يكون دَينًا على الراهن، وللمرتهن استيفاؤه من ظهر الرهن ودَرِّه‏.‏

وقال أبو حنيفة والشافعيُّ‏:‏ متى أنفق من غير أمر الحاكم كان مُتَطَوِّعًا‏.‏

احتجُّوا‏:‏ 2457- بما رواه الدَّارَقُطْنِيُّ، قال‏:‏ حدَّثنا أبو بكر النيسابوريُّ ثنا أحمد ابن منصور ثنا يحيى بن حمَّاد ثنا أبو عوانة عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏الرهن مركوبٌ ومحلوبٌ‏"‏‏.‏

ز‏:‏ هذا الإسناد صحيحٌ وإن كان غير مخرَّجٍ في شيءٍ من ‏"‏ الكتب السِّتَّة‏"‏، والأشبه أن يكون موقوفًا‏.‏

وقد رواه ابن عَدِيٍّ عن جماعة عن إبراهيم بن مجشِّر عن أبي معاوية عن الأعمش، ثُمَّ قال‏:‏ وهذا الحديث لا أعلمه يرفعه عن أبي معاوية غير إبراهيم بن مجشِّر‏.‏

ورواه شعبة عن الأعمش موقوفًا، وكذا رواه الشافعيُّ عن ابن عيينة عن الأعمش O‏.‏

والجواب‏:‏ أنَّه حجَّةٌ لنا، لأنَّ المراد‏:‏ أنَّ المرتهن إذا أنفق عليه ركب وشرب، يدلُّ عليه‏:‏ 2458- ما رواه البخاريُّ، قال‏:‏ حدَّثنا محمَّد بن مقاتل أنا عبد الله أنا زكريا عن الشعبيِّ عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏الرهن يركب بنفقته إذا كان مرهونًا، ولبن الدَّرِّ يشرب بنفقته إذا كان مرهونًا، وعلى الذي يركب ويشرب النفقة‏"‏‏.‏

وهذا يدلُّ على ما قلنا، لأنَّ الراهن إنما ينفق بحكم الملك، سواء انتفع به أو لم ينتفع‏.‏

ز‏:‏ قال البيهقيُّ‏:‏ ورواه هُشيم وسفيان بن حبيب عن زكريا، وزاد في متنه‏:‏ ‏"‏المرتهن‏"‏، ولبس بمحفوظٍ‏.‏

وفي قوله‏:‏ ‏(‏ليس بمحفوظٍ‏)‏ نظرٌ‏.‏

وقد رواه الترمذيُّ من رواية وكيع عن زكريا، وقال‏:‏ حسنٌ صحيحٌ، لا نعرفه مرفوعًا إلا من حديث عامر الشعبيِّ، وقد روى غير واحدٍ هذا الحديث عن الأعمش عن أبي صالحٍ عن أبي هريرة موقوفٌ‏.‏

2459- وقال الطحاويُّ‏:‏ حدَّثنا فهد ثنا أبو نعيم قال‏:‏ حدَّثني الحسن ابن صالح عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبيِّ قال‏:‏ لا ينتفع من الرهن بشيءٍ‏.‏

قال‏:‏ فهذا الشعبيُّ يقول هذا وقد روى عن أبي هريرة عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما ذكرنا‏.‏

ثم ادَّعى نسخ الحديث المذكور بلا حجَّة، والله أعلم O‏.‏

مسألة ‏(‏532‏)‏‏:‏ ليس للراهن أن ينتفع بالرهن‏.‏

وقال الشافعيُّ‏:‏ له ذلك‏.‏

واحتجَّ بما سبق، وقد بيَّنَّا أنَّ ذلك للمرتهن‏.‏

مسائل الإفلاس

مسألة ‏(‏533‏)‏‏:‏ إذا أفلس المشتري بالثمن، فوجد البائع ‏[‏عين‏]‏ ماله- والمفلس حيٌّ- ولم يقبض من ثمنه شيئًا، فهو أحقُّ به من سائر الغرماء‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ هو أسوة الغرماء، في الموت والحياة‏.‏

وقال الشافعيُّ‏:‏ هو أحقُّ به، في الموت والحياة‏.‏

لنا حديثان‏:‏ 2460- الحديث الأوَّل‏:‏ قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا هُشيم ثنا يحيى بن سعيد عن أبي بكر بن محمَّد بن عمرو بن حزم عن عمر بن عبد العزيز عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏من وجد عين ماله عند رجل قد أفلس، فهو أحقُّ به ممن سواه‏"‏‏.‏

أخرجه البخاريُّ ومسلم في ‏"‏ الصحيحين‏"‏‏.‏

2461- الحديث الثاني‏:‏ قال أحمد‏:‏ وحدَّثنا عبد الصمد ثنا عمر بن إبراهيم ثنا قتادة عن الحسن عن سَمُرة عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏من وجد متاعه عند مفلس بعينه، فهو أحقُّ به‏"‏‏.‏

فإن قالوا‏:‏ قد قال أبو حاتم الرازيُّ‏:‏ عمر بن إبراهيم لا يحتجُّ به‏.‏

قلنا‏:‏ لعله ظنَّه الكرديَّ، وذاك كذَّابٌ، إنَّما هو عمر بن إبراهيم العبديُّ، قال يحيى بن معين‏:‏ هو ثقةٌ‏.‏

ز‏:‏ هذا الحديث لم يخرِّجه أحدٌ من أصحاب ‏"‏ السنن ‏"‏ من حديث عمر ابن إبراهيم عن قتادة‏.‏

وعمر بن إبراهيم هو‏:‏ أبو حفص العبديُّ، وهو الذي قال فيه أبو حاتم‏:‏ يكتب حديثه، ولا يحتجُّ به‏.‏

وأبو حاتم أجلُّ من أن يشتبه عليه العبديُّ بالكرديِّ‏!‏ فإنَ العبديَّ معروفٌ بالرواية عن قتادة، ‏[‏والكرديُّ لا يروي عن قتادة، وقد وثَّق العبديَّ أيضًا أحمد وغيره، وقال ابن عَدِيٍّ‏:‏ يروي عن قتادة‏]‏ أشياء لا يوافق عليها، وحديثه خاصةً عن قتادة مضطربٌ‏.‏

وقال أحمد أيضًا‏:‏ يروي عن قتادة أحاديث مناكير، يخالف‏.‏

وقد روى غير عمر عن قتادة هذا الحديث فخالفه في لفظه‏:‏

2462- قال الطبرانيُّ‏:‏ حدَّثنا عليُّ بن عبد العزيز ثنا عمرو بن عون ثنا هُشيم عن موسى بن السائب عن قتادة عن الحسن عن سَمُرة قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏من وجد عين ماله فهو أحقُّ، ويتبع البيع من باعه‏"‏‏.‏

رواه أبو داود عن عمرو بن عون، ورواه النسائيُّ عن محمَّد بن داود عن عمرو بن عون‏.‏

ورواه الإمام أحمد عن يزيد بن هارون عن الحجَّاج بن أرطاة عن سعيد بن زيد بن عقبة عن أبيه عن سَمُرة، وعن زكريا بن أبي زكريا عن هُشيم‏.‏

2463- وقد روى محمَّد بن يحيى الذُّهْليُّ عن الخليل بن عمر بن إبراهيم عن أبيه عن قتادة عن الحسن عن سَمُرة‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏من وجد متاعه بعينه عند مفلس، فهو أحقُّ به‏"‏‏.‏

قال محمَّد بن يحيى‏:‏ هما حديثان عندي من حديث قتادة، فلعلَّ- عمر سمع من قتادة فاختلط عليه، فأمَّا هذا الحديث- يعني حديث المفلس- فإنما رواه قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نَهيك عن أبي هريرة، حدَّثنا به وهب ابن جرير عن شعبة عن قتادة، وحدَّثنا به أبو النعمان عن جرير بن حازم عن قتادة؛ والحديث الآخر فهو ما روى موسى بن السائب عن قتادة عن الحسن عن سَمُرة عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هذا في السرقة، وذاك في التفليس O‏.‏

احتجُّوا‏:‏ 2464- بما روى الدَّارَقُطْنِيُّ، قال‏:‏ حدَّثنا دَعْلَج ثنا جعفر بن محمَّد الفريابيُّ ثنا عبد الله بن عبد الجبَّار ثنا إسماعيل بن عيَاش عن الزُّبيديِّ عن الزهريِّ عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي هريرة عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏أيُّما رجل باع سلعةً، فأدرك سلعته بعينها عند رجل قد أفلس، ولم يكن قبض من ثمنها شيئًا، فهي له، و إن كان قضاه من ثمنها شيئًا، فما بقي فهو أسوة الغرماء، وأيُّهما امرئ هلك وعنده مال امرئ بعينه- اقتضى منه شيئًا أو لم يقتض- فهو أسوة الغرماء‏"‏‏.‏

والجواب‏:‏ أنَّ إسماعيل بن عيَّاش ضعيفٌ، قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ إسماعيل مضطرب الحديث، ولا يثبت هذا عن الزهريِّ مسندًا، وإنَّما هو مرسلٌ‏.‏

ز‏:‏ رواه أبو داود عن محمَّد بن عوف عن عبد الله بن عبد الجبَّار، ورواه من حديث مالك عن الزهريِّ عن أبي بكر مرسلاً، وقال‏:‏ حديث مالك أصحُّ‏.‏

يعني حديث مالك عن الزهريِّ أصحُّ من حديث الزُبيديُّ عن الزهريِّ‏.‏

وهذا الحديث المذكور هو حجَّة للمؤلِّف لا عليه‏!‏ فلا معنى لقول‏:‏ ‏(‏احتجُّوا بكذا‏)‏ ثُمَّ جوابه عنه‏!‏ والله أعلم O‏.‏

مسألة ‏(‏534‏)‏‏:‏ إذا أفلس وفرَّق ماله، وبقي عليه دينٌ، وله حرفة تفضل أجرتها عن كفايته، جاز للحاكم إجارته في قضاء دينه‏.‏

وعنه‏:‏ لا يؤجره، كقول كثرهم‏.‏

2465- قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدثنا عليُّ بن إبراهيم المستملي ثنا محمَّد ابن إسحاق بن خزيمة ثنا بُنْدَار قال‏:‏ حدَّثني عبد الصمد بن عبد الوارث ثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار ثنا زيد بن أَسْلَم قال‏:‏ رأيت شيخًا بالإسكندرية يقال ‏[‏له‏]‏‏:‏ سُرَّق، فقلت‏:‏ ما هذا الاسم‏؟‏‏!‏ قال‏:‏ اسمٌ سمَّانيه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولن أدعه‏.‏

قلت‏:‏ ولم سمَّاك‏؟‏‏!‏ قال‏:‏ قدمت المدينة وأخبرتهم أن مالي يقدم، فبايعوني، فاستهلكت أموالهم، فأتوا بي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال‏:‏ ‏"‏أنت سُرَّق‏"‏‏.‏

وباعني بأربعة أبعرة، فقال الغرماء للذي اشتراني‏:‏ ما تصنع به‏؟‏ قال‏:‏ أعتقه‏.‏

قالوا‏:‏ فلسنا بأزهد في الأجر منك‏!‏ فأعتقوني بينهم، وبقي اسمي‏!‏

فوجه الحجَّة‏:‏ أنَّه قد عُلم أنَّه لم يبع رقبته، لأنَّه حرٌّ، وإنَّما باع منافعه، والمعنى‏:‏ أعتقوني من الاستخدام، ولهذا أشار إلى الجماعة، وإنَّما اشتراه منهم واحد‏.‏

ز‏:‏ كلام المؤلِّف على هذا الحديث فيه نظرٌ، وإسناد الحديث صحيحٌ، ورواته كلُّهم ثقات، ولم يخرِّجه أحد من أهل ‏"‏السنن‏"‏‏.‏

وقال البيهقيُّ- بعد روايته-‏:‏ وبمعناه رواه عبد الرحمن وعبد الله ابنا زيد بن أَسْلَم عن أبيهما أتمَّ من ذلك، في اشترائه من أعرابيٍّ، ناقةً واستهلاكه ثمنها، ورواه مسلم بن خالد الزِّنْجيِّ عن زيد بن أَسْلَم عن ابن البَيْلَمَانِي عن سُرَّق‏.‏

قال‏:‏ ومدار حديث سُرَّق على هؤلاء، وكلُّهم ليسوا بأقوياء- عبد الرحمن بن عبد الله، وابنا زيد-، وإن كان الحديث عن زيد عن ابن البَيْلَمَانِي، فابن البَيْلَمَانِي ضعيفٌ في الحديث، وفي إجماع العلماء على خلافه- وهم لا يجمعون على ترك رواية ثابتة- دليلٌ على ضعفه أو نسخه إن كان ثابتًا، وبالله التوفيق‏.‏

2466- وفيما ذكر أبو داود في ‏"‏ المراسيل ‏"‏ عن محمَّد بن عبيد عن محمَّد بن ثور عن مَعْمَر عن الزهريِّ قال‏:‏ كان يكون على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ديون على رجال، ما علمنا حرٌّ بيع في دَيْنٍ O‏.‏

مسألة ‏(‏535‏)‏‏:‏ إذا امتنع المدين من قضاء دينه حجر الحاكم عليه، وباع ماله في قضاء دينه‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ لا يباع ماله، ويحبس حتَّى يبيع‏.‏

لنا‏:‏ أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حجر على معاذ وباع ماله في دَيْنٍ‏:‏ 2467- قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا عمر بن أحمد بن عليٍّ المروزيُّ ثنا عبد الله بن أبي جبير المروزيُّ ثنا أبو إسحاق إبراهيم بن معاوية بن الفرات الخزاعيُّ قال‏:‏ حدَّثني هشام بن يوسف القاضي عن مَعْمَر عن ابن شهابٍ عن ابن كعب بن مالكٍ عن أبيه‏:‏ أنَّ رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حجر على معاذ ماله، وباعه في دَيْنٍ كان عليه‏.‏

ز‏:‏ إبراهيم بن معاوية‏:‏ ضعَّفه السَّاجيُّ والأزديُّ‏.‏

قاله المؤلِّف في ‏"‏الضعفاء‏"‏، وقال العقيلي في كتابه‏:‏ إبراهيم بن معاوية الزياديُّ، بصريٌّ، يخالف في حديثه‏:‏ 2468- حدَّثنا إبراهيم بن محمَّد ثنا إبراهيم بن معاوية- صاحب الزياديِّ- ثنا هشام بن يوسف عن معمر عن الزهريِّ عن ابن كعب بن مالكٍ عن أبيه أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حجر على معاذ ماله، وباعه في دَيْنٍ عليه‏.‏

ورواه عبد الرزَّاق عن مَعْمَر عن الزهريِّ عن ابن كعب بن مالكٍ‏.‏

وقال الليث‏:‏ عن يونس عن ابن شهابٍ عن ابن كعب بن مالكٍ‏.‏

وقال ابن وهبٍ‏:‏ عن يونس عن ابن شهابٍ عن عبد الرحمن بن كعب ابن مالك أنَّ معاذًا كثر دَينه في عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

وقال ابن لَهيعةَ‏:‏ عن يزيد بن أبي حبيبٍ وعُمَارة بن غَزِيَّة عن ابن شهابٍ عن ابن كعب بن مالكٍ عن كعب بن مالك أنَّ معاذًا أدان وهو غلام شابٌّ‏.‏

فذكره، والقول ما قال يونس ومَعْمَر O‏.‏

2469- وقال سعيد بن منصور‏:‏ حدَّثنا ابن المبارك أنا مَعْمَر عن الزهريِّ عن عبد الرحمن بن كعب بن مالكٍ قال‏:‏ كان معاذ بن جبل شابًّا سخيًّا، وكان لا يمسك شيئًا، فلم يزل يداين حتَّى أغرق ماله كلَّه في الدَيْنِ، فأتى رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكلَّمه ليكلِّم غرماءه، فلو تركوا لأحد تركوا لمعاذ، من أجل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فباع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لهم ماله، حتَّى قام معاذ بغير شيءٍ‏.‏

ز‏:‏ هذا الحديث رواه أبو داود في ‏"‏المراسيل ‏"‏ عن سليمان بن داود المَهْرَيِّ عن ابن وهبٍ عن يونس بن يزيد عن ابن شهابٍ بنحوه، وروى الحاكم الحديث متصلاً كرواية الدَّارَقُطْنِيُّ، وقال‏:‏ صحيحٌ على شرطهما‏.‏

وفي قوله نظرٌ، والمشهور في الحديث الإرسال، والله أعلم O‏.‏

مسائل الحجر

مسألة ‏(‏536‏)‏‏:‏ الإنبات عَلَم على البلوغ‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ لا اعتبار به‏.‏

وقال الشافعيُّ‏:‏ هو عَلَمٌ في المشركين، وفي المسلمين- على قولين-‏.‏

2470- قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا هُشيم أنا عبد الملك بن عمير عن عطيَّة القُرَظيِّ قال‏:‏ عُرضت على النبيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم قريظة، فشكُّوا فيَّ، فأمر بي النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن ينظروا‏:‏ هل أنبتُّ بعد‏؟‏ فنظروا، فلم يجدوني أنبتُّ، فخلَّى عنِّي، وألحقني بالسبي‏.‏

ز‏:‏ رواه أصحاب ‏"‏ السنن الأربعة، وصحَّحه الترمذيُّ، ورواه ابن حِبَّان والحاكم، وقال‏:‏ على شرطهما‏.‏

والله أعلم O‏.‏

مسألة ‏(‏537‏)‏‏:‏ حدُّ البلوغ بالسنِّ خمس عشرة سنة‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ في حقِّ الغلام‏:‏ ثماني عشرة والدخول في التاسعة عشرة، وفي الجارية‏:‏ سبع عشرة‏.‏

2471- قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا يحيى ‏[‏عن‏]‏ عبيد الله قال‏:‏ أخبرني نافع عن ابن عمر أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عرضه يوم أحد- وهو ابن أربع عشرة-، فلم يجزه، ثم عرضه يوم الخندق- وهو ابن خمس عشرة-، فأجازه‏.‏

أخرجاه‏.‏

ز‏:‏ روى هذا الحديث البيهقيُّ والخطيب من رواية محمَّد بن بكر عن ابن جريج عن عبيد الله، وفيه‏:‏ وأنا ابن أربع عشرة، فلم يجزني، ولم يرني بلغت‏.‏

وقد وَهِمَ من عزاه إلى الشافعيِّ والترمذي، والله الموفِّق O‏.‏

مسألة ‏(‏538‏)‏‏:‏ يحجر على المبذِّر‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ لا يحجر عليه‏.‏

لنا‏:‏ حديث معاذ، وقد سبق‏.‏

احتجُّوا‏:‏ 2472- بما رواه الإمام أحمد، قال‏:‏ حدَّثنا عبد الوهاب عن سعيد عن قتادة عن أنس‏:‏ أنَّ رجلاً كان في عقدته ضعفٌ، وكان يبايع، وأنَّ أهله أتوا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالوا‏:‏ يا رسول الله، احجر عليه‏.‏

فدعاه نبيُّ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فنهاه عن البيع، فقال‏:‏ يا رسول الله، لا أصبر عن البيع‏!‏ فقال‏:‏ ‏"‏إذا بايعت فقل‏:‏ ولا خلابة‏"‏‏.‏

قال الترمذيُّ‏:‏ هذا حديثٌ صحيحٌ‏.‏

قال الخطيب‏:‏ هذا الرجل هو‏:‏ حبَّان بن منقذ بن عمرو، ‏[‏أو‏]‏ والده‏:‏ منقذ‏.‏

وجواب هذا الحديث‏:‏ أنَّه يقال‏:‏ إنَّهم لما سألوا الحجر عليه لم ينكر عليهم، وإنَّما علَّمه ما يدفع به الغبن، ولم يكن مبذِّرًا للمال في المعاصي باختياره، كالسفيه المبذِّر‏.‏

ز‏:‏ روى هذا الحديث أصحاب ‏"‏ السنن الأربعة ‏"‏ من حديث سعيد، ورواه ابن ماجة عن أبي بكر بن أبي شيبة عن عبد الأعلى عن محمَّد بن إسحاق عن محمَّد بن يحيى بن حَبَّان، وقال‏:‏ هو جدِّي منقذ بن عمرو O‏.‏

مسائل الحوالة

مسألة ‏(‏539‏)‏‏:‏ لا يعتبر رضى المحتال‏.‏

وقال أكثرهم‏:‏ يعتبر‏.‏

2473- قال البخاريُّ‏:‏ حدَّثنا محمَّد بن يوسف ثنا سفيان عن ابن ذكوان عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏مَطْلُ الغنيِّ ظلمٌ، ومن أُتْبع على مَليٍّ فليتبع‏"‏‏.‏

أخرجاه في ‏"‏ الصحيحين‏"‏‏.‏

مسألة ‏(‏540‏)‏‏:‏ إذا نوى المال على المحال عليه، لم يرجع المحال على المحيل‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ يرجع في موضعين‏:‏ أحدهما‏:‏ أن يجحد المحال عليه الدَّيْنَ؛ ويحلف عليه؛ أو يموت مفلسا؛ فأمَّا إن أفلس وهو حيٌّ لم يرجع عليه‏.‏

وقال مالكٌ‏:‏ إن أحاله على مفلس- والمحتال لا يعلم- فله الرجوع‏.‏

لنا‏:‏ 2473/أ- حديث حَزَن- جدِّ سعيد بن المسيَّب- أنَّه كان له دَيْنٌ على عليِّ بن أبي طالبٍ، فسأله أن يحيله به على رجلٍ، فأحاله به عليه، ثُمَّ أتاه فقال له‏:‏ قد مات‏.‏

فقال عليٌّ‏:‏ اخترت علينا أبعدك الله‏.‏

ولم يقل له‏:‏ لك الرجوع عليَّ‏.‏

ز‏:‏ هذه القصة ذكرها غير واحد من أصحابنا بغير إسناد، ولم أجد لها- إلى الآن- سندًا، والله أعلم O‏.‏

مسائل الضمان

مسألة ‏(‏541‏)‏‏:‏ يصحُّ ضمان دَيْنِ الميِّت‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ لا يصحُّ، إلا أن يخلف وفاء‏.‏

2474- قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا حمَّاد بن مسعدة عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع قال‏:‏ كنت جالسًا مع النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأُتي بجنازة، فقال‏:‏ ‏"‏هل ترك من دَيْنٍ‏؟‏‏"‏‏.‏

قالوا‏:‏ لا‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏هل ترك من شيءٍ‏؟‏‏"‏‏.‏

قالوا‏:‏ لا‏.‏

قال‏:‏ فصلَّى عليه‏.‏

قال‏:‏ ثُمَّ أُتي بأُخرى، فقال‏:‏ ‏"‏هل ترك من دَيْنٍ‏؟‏‏"‏‏.‏

قالوا‏:‏ لا‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏هل ترك من شيءٍ‏؟‏‏"‏‏.‏

قالوا‏:‏ نعم، ثلاثة دنانير‏.‏

فقال بأصابعه‏:‏ ‏"‏ثلاث كيَّاتٍ‏"‏‏.‏

ثُمَّ أُتي بالثالثة، فقال‏:‏ ‏"‏هل ترك من دَيْنٍ‏؟‏‏"‏‏.‏

قالوا‏:‏ نعم‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏هل ترك من شيءٍ‏؟‏‏"‏‏.‏

قالوا‏:‏ لا‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏صلُّوا على صاحبكم‏"‏‏.‏

فقال رجلٌ من الأنصار‏:‏ عليَّ دَيْنُه يا رسول الله‏.‏

قال‏:‏ فصلَّى عليه‏.‏

انفرد بإخراجه البخاريُّ‏.‏

2475- قال أحمد‏:‏ وحدَّثنا يزيد بن هارون أنا محمَّد بن عمرو عن سعيد بن أبي سعيد المَقْبُرِيِّ عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه قال‏:‏ أُتي النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بجنازة ليصلِّي عليها، فقال‏:‏ ‏"‏أعليه دَيْنٌ‏؟‏‏"‏‏.‏

قالوا‏:‏ نعم، ديناران‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏أترك لهما وفاء‏؟‏‏"‏‏.‏

قالوا‏:‏ لا‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏صلُّوا على صاحبكم‏"‏‏.‏

قال أبو قتادة‏:‏ هما عليَّ يا رسول الله‏.‏

فصلى عليه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

ز‏:‏ هذا الحديث لم يخرجوه من حديث محمَّد بن عمرو عن سعيد عن ابن أبي قتادة‏.‏

وقد رواه الإمام أحمد والترمذيُّ والنسائيُّ وابن ماجة وابن حِبَّان من حديث شعبة عن عثمان بن عبد الله بن مَوْهَب عن عبد الله بن أبي قتادة نحوه، وقال الترمذيُّ‏:‏ حديثٌ حسنٌ صحيحٌ‏.‏

وقد رواه ابن حِبَّان أيضًا من حديث يزيد بن هارون، ورواه من رواية محمَّد بن بشر عن محمَّد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي قتادة‏.‏

وقد روي عن عمرو بن الحارث عن بُكير عن عبد الله بن أبي قتادة أنَّ رجلاً سأله عن الحديث الذي ذكر في الرجل الذي كان عليه ديناران، فدُعي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأبى أن يصلِّي‏:‏ هل سمعت أباك يذكر ذلك‏؟‏ قال‏:‏ لا، ولكن حدَّثنيه من أهلي من لا أتَّهم‏.‏

فلعل هذا هو السبب في كون هذا الحديث لم يخرَّج في ‏"‏الصحيح‏"‏، مع أنَّ الترمذيَّ قد صحَّحه، والله أعلم O‏.‏

2476- قال أحمد‏:‏ وحدَّثنا عبد الرزَّاق ثنا مَعْمَر عن الزهريِّ عن أبي سلمة عن جابر قال‏:‏ كان النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يصلِّي على رجلٍ عليه دَيْنٌ، فأُتي بميِّتٍ، فسأل‏:‏ ‏"‏هل عليه دَيْنٌ‏؟‏‏"‏‏.‏

قالوا‏:‏ نعم، ديناران‏.‏

فقال‏:‏ ‏"‏صلُّوا على صاحبكم‏"‏‏.‏

فقال أبو قتادة‏:‏ هما عليَّ يا رسول الله‏.‏

فصلى عليه‏.‏

ز‏:‏ رواه أبو داود والنسائيُّ وأبو حاتم بن حِبَّان من حديث عبد الرزَّاق O‏.‏

2477- قال أحمد‏:‏ وحدَّثنا عبد الصمد ثنا زائدة عن عبد الله بن محمَّد ابن عَقيْل عن جابر قال‏:‏ توفِّي رجلٌ منَّا، فغسَّلناه، وحنَّطناه، وكفَّناه، ثُمَّ أتينا به رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقلنا‏:‏ تصلِّي عليه‏.‏

فخطا خطوة، ثُمَّ قال‏:‏ ‏"‏أعليه دَيْنٌ‏؟‏‏"‏‏.‏

قلنا‏:‏ ديناران‏.‏

فانصرف، فتحملهما أبو قتادة، فأتيناه، فقال أبو قتادة‏:‏ الديناران عليَّ‏.‏

فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏حقُّ الغريم، وبرئ منهما الميِّت‏؟‏‏"‏‏.‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

فصلى عليه، ثُمَّ قال بعد ذلك بيومٍ‏:‏ ‏"‏ما فعل الديناران‏؟‏‏"‏‏.‏

قال‏:‏ إنَّما مات أمس‏.‏

قال‏:‏ فعاد إليه من الغد، فقال‏:‏ قد قضيتهما‏.‏

فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏الآن برَّدت عليه جلده‏"‏‏.‏

ز‏:‏ هذا الحديث غير مخرَّجٍ في شيءٍ من ‏"‏الكتب السِّتَّة‏"‏، وقد رواه أبو داود الطيالسيُّ وغيره عن زائدة‏.‏

ورواه عبيد الله بن عمرو عن عبد الله بن محمَّد بن عَقِيْل، وقد اختلف الأئمة في الاحتجاج بابن عَقِيْل‏.‏

وقد رواه الحاكم، وقال‏:‏ صحيح الإسناد ولم يخرجاه O‏.‏

2478- وقال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا محمَّد بن العبَّاس الفارسيُّ ثنا محمَّد بن العبَّاس بن معاوية السكونيُّ ثنا الربيع بن روح ثنا إسماعيل بن عيَّاش عن عطاء بن عجلان عن أبي إسحاق الهَمْدَانيِّ عن عاصم بن ضَمْرَة عن عليٍّ عليه السلام قال‏:‏ كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا أُتي بالجنازة لم يسأل عن شيءٍ من عمل الرجل، ويسأل عن دَيْنِه، فإن قيل‏:‏ عليه دَيْنٌ، كفَّ عن الصلاة عليه، وإن قيل‏:‏ ليس عليه دَيْنٌ، صلَّى عليه، فأُتي بجنازة، فلمَّا قام ليكبِّر، سأل أصحابه، فقال‏:‏ ‏"‏هل على صاحبكم دَيْنٌ‏؟‏‏"‏‏.‏

قالوا‏:‏ ديناران‏.‏

فعدل عنه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال‏:‏ ‏"‏صلُّوا على صاحبكم‏"‏‏.‏

فقال عليٌّ عليه السلام‏:‏ هما عليَّ، برئ منهما‏.‏

فتقدَّم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فصلَّى عليه، ثُمَّ قال لعليٍّ‏:‏ ‏"‏جزاك الله خيرًا، فكَّ الله رهانك كما فككت رهان أخيك، إنَّه ليس من ميِّت يموت وعليه دَيْنٌ إلا وهو مرتهن بدَيْنِه، ومن فكَّ رهان ميِّت، فكَّ الله رهانه يوم القيامة‏"‏‏.‏

فقال بعضهم‏:‏ هذا لعليٍّ خاصَّة، أم للمسلمين عامَّة‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏بل للمسلمين عامَّة‏"‏‏.‏

ز‏:‏ هذا حديثٌ ضعيفٌ، لم يخرِّجه أحدٌ من أصحاب ‏"‏ السنن‏"‏، وفي إسناده غير واحدٍ ممن تكلِّم فيه‏.‏

وعطاء بن عجلان‏:‏ كذَّبه ابن معين والسَّعديُّ، وقال البخاريُّ‏:‏ منكر الحديث‏.‏

وقال ابن عَدِيٍّ‏:‏ عامة رواياته ‏[‏غير‏]‏ محفوظة O‏.‏

مسألة ‏(‏542‏)‏‏:‏ لا ينتقل الحقُّ من ذمَّة المضمون عنه بالضمان‏.‏

وقال داود‏:‏ ينتقل‏.‏

لنا‏:‏ في الخبر المتقدِّم أنَّه قال للضامن حين أدَّى‏:‏ ‏"‏الآن برَّدت جلده‏"‏‏.‏

مسألة ‏(‏543‏)‏‏:‏ إذا تكفَّل برجلٍ إلى مدَّةٍ معلومةٍ، فلم يسلمه عند المحلِّ مع بقائه، ضمن ما عليه‏.‏

وقال كثرهم‏:‏ لا يضمن‏.‏

لنا‏:‏ 2479- ما روى الترمذيُّ، قال‏:‏ حدَّثنا هنَّاد ثنا إسماعيل بن عيَّاش عن شُرَحْبِيل بن مسلم عن أبي أمامة قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏الزعيم غارمٌ‏"‏‏.‏

ز‏:‏ هذا الحديث حسَّنه الترمذيُّ‏.‏

ورواية إسماعيل عن أهل الشام جيِّدة‏.‏

وشُرَحْبِيل‏:‏ من ثقات الشاميين‏.‏

قاله الإمام أحمد، ووثَّقه أيضًا العِجْلِيُّ وابن حِبَّان، وضعَّفه ابن معين O‏.‏

مسألة ‏(‏544‏)‏‏:‏ لا تصحُّ الكفالة ببدن من عليه حدٌّ‏.‏

وقال أكثرهم‏:‏ تصحُّ، ويجبر على إحضاره‏.‏

2480- قال أبو أحمد بن عَدِيٍّ‏:‏ حدَّثنا أحمد بن محمَّد بن عنبسة ثنا كثير بن عبيد ثنا بقيَّة عن عمر الدمشقيِّ قال‏:‏ حدَّثني عمرو بن شُعيب عن أبيه عن جدِّه أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏لا كفالة في حدٍّ‏"‏‏.‏

قال المصنِّف‏:‏ هذا الحديث تفرَّد به بقيَّة عن أبي محمَّد عمر بن أبي عمر الكَلاعيِّ الدمشقيِّ، وهو من مشايخ بقيَّة المجهولين، ورواياته منكرة‏.‏

ز‏:‏ هذا الحديث غير مخرِّجٍ في ‏"‏ السنن‏"‏، وكلام المؤلِّف عليه هو كلام البيهقيِّ بعينه‏.‏

وقال ابن عَدِيٍّ‏:‏ عمر بن أبي عمر الدمشقيُّ منكر الحديث عن الثقات O‏.‏

مسألة ‏(‏545‏)‏‏:‏ إذا أراق خمرًا على ذمِّيٍّ لم يضمنها، وكذلك إذا قتل له خنزيرًا‏.‏

وقال أبو حنيفة ومالك‏:‏ يضمن‏.‏

2481- قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا محمَّد بن يحيى بن مرداس ثنا أبو داود ثنا أحمد بن صالحٍ ثنا ابن وهبٍ ثنا معاوية بن صالحٍ عن عبد الوهاب بن بُخْتٍ عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أنَّ رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏إنَّ الله حرَّم الخمر وثمنها، وحرم الميتة وحرَّم ثمنها، وحرَّم الخنزير وثمنه‏"‏‏.‏

ز‏:‏ هذا الحديث انفرد به أبو داود‏.‏

وعبد الوهاب‏:‏ وثَّقه يحيى بن معين والنسائيُّ وغيرهما، وقتل مع البطَّال سنة ثلاث عشرة ومائة، قبل موت أبي الزناد بزمان، والله أعلم O‏.‏

وقد ذكرنا- في مسألة بيع السِّرْجِين النجس- عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه قال‏:‏ ‏"‏إذا حرَّم الله شيئًا حرَّم ثمنه‏"‏‏.‏

وأنَّه قال‏:‏ ‏"‏لا يحلُّ ثمن شيءٍ لا يحلُّ أكله وشربه‏"‏‏.‏

وقد ذكرنا- في مسألة بيع الكلب- من حديث ابن عبَّاس عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ أنَّه نهى عن ثمن الخمر‏.‏

2482- وقد رواه بلفظ آخر الدَّارَقُطْنِيُّ، فقال‏:‏ حدَّثنا أحمد بن محمَّد ابن إبراهيم ثنا أبو فَرْوَة يزيد بن محمَّد قال‏:‏ حدَّثني أبي ثنا مَعْقل بن عبيد الله عن عبد الكريم عن قيس بن حَبْتَر عن ابن عبَّاسٍ عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏ثمن الخمر حرامٌ‏"‏‏.‏

فإن قالوا‏:‏ فقد قال عمر بن الخطَّاب‏:‏ ولوهم بيعها‏.‏

قلنا‏:‏ معناه‏:‏ اتركوهم وما هم يفعلونه بها‏.‏

ز‏:‏ هذا الحديث لم يخرِّجوه من حديث مَعْقِل‏.‏

ومحمَّد بن أبي فَرْوَةَ يزيد بن سنان الرُّهَاويُّ‏:‏ ‏[‏والد‏]‏ أبي فَرْوَة الأصغر، تكلَّم فيه أبو داود وغيره، ووثَّقه بعض الأئمة، والله أعلم O‏.‏

مسائل الشركة

مسألة ‏(‏546‏)‏‏:‏ شركة الأبدان جائزةٌ، سواء اتَّفقت الصنعة أو اختلفت، أو عملاً جميعًا، أو عمل أحدهما‏.‏

وقال مالكٌ‏:‏ تصحُّ مع اتفاق الصنعة‏.‏

وقال الشافعيُّ‏:‏ لا تصحُّ بحالٍ‏.‏

2483- قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا ابن صاعد ثنا عبد الله بن الوضَّاح ثنا زياد بن عبد الله البَكَّائيُّ ثنا إدريس الأَوْدِيُّ عن أبي إسحاق عن أبي عُبيدة عن عبد الله بن مسعود قال‏:‏ أشرك رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيني وبن عمَّار وسعد بن أبي وقَّاص في درقة سلحناها، واشتركنا فيما أصبنا، فأخفقت أنا وعمَّار، وجاء سعدٌ بأسيرين‏.‏

ز‏:‏ روى أبو داود والنسائيُّ وابن ماجة نحو هذا الحديث من رواية الثوريِّ عن أبي إسحاق‏.‏

وأبو عُبيدة‏:‏ لم يسمع من أبيه‏.‏

وإدريس بن يزيد الأَوْدِيُّ‏:‏ ثقةٌ مخرَّجٌ له في ‏"‏ الصحيحين‏"‏‏.‏

وزياد البَكَّائيُّ‏:‏ روى له مسلمٌ، وقال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ مختلفٌ فيه، وليس عندي به بأسٌ‏.‏

وعبد الله بن الوضَّاح اللؤلؤيُّ الكوفيُّ‏:‏ روى عنه الترمذيُّ وابن خزيمة وغيرهما، ووثَّقه ابن حِبَّان O‏.‏

مسألة ‏(‏547‏)‏‏:‏ دعوة العبد التاجر وهديته وعاريته جائزةٌ من غير إذن السَّيِّد، فأمَّا هبته الدراهم وكسوته الثياب فلا تجوز‏.‏

وقال الشافعيُّ‏:‏ لا يجوز جميع ذلك‏.‏

أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل هدية بَريْرَة، وأجاب دعوة العبد‏:‏ 2484- قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا أبو معاوية ثنا هشام بن عروة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت‏:‏ كان الناس يتصدَّقون على بَرَيْرَة، فتهدي لنا، فذكرتُ ذلك للنبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال‏:‏ ‏"‏هو عليها صدقة، وهو لكم هدَّية‏"‏‏.‏

ز‏:‏ رواه مسلمٌ عن غير واحدٍ عن أبي معاوية O‏.‏

2485- قال المؤلِّف‏:‏ أنا يحيى بن عليٍّ المدبر أنا أحمد بن محمَّد السِّمَنَانيُّ أنا أبو طاهر محمَّد بن عليٍّ الأنباريُّ ثنا عثمان بن محمَّد السمرقنديُّ ثنا محمَّد بن عبد الحكم ثنا آدم بن أبي إياس ثنا شعبة ثنا مسلم الأعور قال‏:‏ سمعت أنس بن مالك يقول‏:‏ كان رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعود المرضى، ويأتي دعوة المملوك‏.‏

ز‏:‏ رواه الترمذيُّ وابن ماجة من رواية مسلم بن كيسان المُلائِيِّ الأعور، وقال الترمذيُّ‏:‏ لا نعرفه إلا من حديث مسلم، ومسلم يضعَّف O‏.‏

مسألة ‏(‏548‏)‏‏:‏ تصرفات الفُضُوليِّ باطلةٌ‏.‏

وعنه‏:‏ أنَّها صحيحةٌ، وتقف على إجازة المالك، كقول أبي حنيفة‏.‏

لنا حديثان‏:‏ أحدهما‏:‏ قوله لحكيم بن حزام‏:‏ ‏"‏لا تبع ما ليس عندك‏"‏‏.‏

وقد ذكرناه في أول كتاب البيع بإسناده‏.‏

2486- الثاني‏:‏ قال ابن ماجة‏:‏ حدَّثنا أبو كريب ثنا إسماعيل بن عليَّة ثنا أيُّوب عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏لا يحلُّ بيع ما ليس عندك، ولا ربح ما لم تضمن‏"‏‏.‏

2487- وقال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا أبو بكر محمَّد بن إبراهيم بن نيروز ثنا عمرو بن عليٍّ ثنا عبد العزيز بن عبد الصمد ثنا مطر الورَّاق عن عمرو بن شُعيب عن أبيه عن جدِّه أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏لا يجوز‏:‏ طلاقٌ، ولا عتاقٌ، ولا بيعٌ، فيما لا تملك‏"‏‏.‏

ز‏:‏ رواه أبو داود والترمذيُّ والنسائيُّ من حديث أيُّوب عن عمرو، وقال الترمذيُّ‏:‏ حديثٌ حسنٌ صحيحٌ‏.‏

وقد رواه أبو داود من رواية عبد العزيز عن مطر O‏.‏

وللخصم حديثان‏:‏ 2488- الحديث الأوَّل‏:‏ قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا أبو كامل ثنا سعيد ابن زيد ثنا الزبير بن الخرِّيت ثنا أبو لَبيد عن عروة بن ‏[‏أبي‏]‏ الجعد البارقيِّ قال‏:‏ عرض للنبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَلَبٌ، فأعطاني دينارًا، وقال‏:‏ ‏"‏أي عروة، ائت الجلَبَ، فاشتر لنا شاةً‏"‏‏.‏

فأتيت الجَلَبَ، فساومت صاحبه، فاشتريت منه شاتين بدينار، فجئت أسوقهما، فلقيني رجلٌ، فساومني، فبعته شاةً بدينارٍ، وجئت بالدينار والشاة، فقلت‏:‏ يا رسول الله، هذا ديناركم، وهذه شاتكم‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏وصنعت كيف‏؟‏‏!‏‏"‏‏.‏

فحدَّثته الحديث، فقال‏:‏ ‏"‏اللهم بارك له في صفقة يمينه‏"‏‏.‏

ز‏:‏ رواه أبو داود والترمذيُّ وابن ماجة من رواية سعيد بن زيد، وهو أخو حمَّاد بن زيد‏.‏

ورواه الترمذيُّ أيضًا من رواية هارون بن موسى عن الزبير‏.‏

وقد روي من غير حديث أبي لبيد عن عروة، وهو حديثٌ صحيحٌ، ولا عبرة بقول من تكلَّم فيه O‏.‏

2489- الحديث الثاني‏:‏ قال الترمذيُّ‏:‏ حدَّثنا أبو كريب ثنا أبو بكر ابن عيَّاش عن أبي حَصين عن حبيب بن أبي ثابت عن حَكيم بن حِزَامٍ‏:‏ أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث حَكيم بن حِزَامٍ يشتري له أضحية بدينارٍ، فاشترى أضحية، فربح فيها دينارًا، فاشترى أخرى مكانها، وجاء بالأضحية والدينار إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال‏:‏ ‏"‏ضحِّ بالشاة، وتصدِّق بالدينار‏"‏‏.‏

قال الترمذيُّ‏:‏ لا نعرف هذا الحديث إلا من هذا الوجه، وحبيب لم يسمع عندي من حَكِيمٍ‏.‏

ز‏:‏ رواه أبو داود بنحوه عن محمَّد بن كثيرٍ عن سفيان حدَّثني أبو حَصِين عن شيخٍ من أهل المدينة عن حَكِيمٍ O‏.‏

مسألة ‏(‏549‏)‏‏:‏ إذا وكَّله في شراء شاةٍ بدينارٍ، فاشترى شاتين كلُّ واحدةٍ تساوي الدينار، فالبيع صحيحٌ فيهما‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ يلزم الموكِّل شاة بنصف دينارٍ، ويلزم الوكيل الأخرى بنصف دينارٍ‏.‏

وعن الشافعيِّ كقولنا، وعنه‏:‏ يلزمه شاة، وهو بالخيار في الأخرى‏.‏

لنا‏:‏ حديث عروة وأنَّه اشترى شاتين، وقد سبق‏.‏