فصل: الجزء الثاني

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تنقيح التحقيق في أحاديث التعليق ***


كتاب الصلاة

مسائل الأوقات

مسألة ‏(‏87‏)‏‏:‏ تجب الصَّلاة بأوَّل الوقت وجوباً موسعاً‏.‏

وقال الحنفيُّون‏:‏ بآخر الوقت‏.‏

لنا‏:‏ 476- ما روى الدارقطني‏:‏ وجدت في أصل كتاب أحمد بن عمرو ابن جابر بخطَِّه‏:‏ ثنا علي بن عبد الصَّمد الطَّيالِسيُّ ثنا هارون بن سفيان ثنا عتيق ابن يعقوب ثنا مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏الشَّفق الحُمْرة، فإذا غاب الشَّفق وجبت الصلاة‏"‏‏.‏

ز‏:‏ رواه الدارقطني أيضاً موقوفاً من قول ابن عمر، وهو أشبه، وقال البيهقيُّ‏:‏ الصحيح أنه موقوفٌ O‏.‏

مسألة ‏(‏88‏)‏‏:‏ آخر وقت الظُّهر إذا صار ظلُّ كلِّ شيءٍ مثله من موضع الزَّوال‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ إذا صار ظلُّ كلِّ شيءٍ مثليه‏.‏

وقال مالكٌ‏:‏ يمتد وقت الإدراك إلى غروب الشَّمس‏.‏

لنا أحاديث، منها‏:‏ 477- ما روى أحمد‏:‏ ثنا عبد الرَّزَّاق أنا سفيان عن عبد الرَّحمن بن الحارث بن عيَّاش بن أبي ربيعة عن حكيم بن ‏[‏حكيم‏]‏ قال‏:‏ أخبرني نافع ابن جُبير بن مُطعِم قال‏:‏ أخبرني ‏[‏ابن‏]‏ عباس أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏أمَّني جبريل عند البيت مرَّتين، فصلَّى بي الظُّهر في الأولى منهما حين كان الفيء مثل الشِّراك، ثمَّ صلَّى العصر حين كان كلُّ شيءٍ مثل ظلِّه، ثمَّ صلَّى المغرب حين وجبت الشَّمس وأفطر الصَّائم، ثمَّ صلَّى العشاء حين غاب الشَّفق، ثمَّ صلَّى الفجر حين برق الفجر، وحرم الطَّعام على الصَّائم؛ وصلَّى المرَّة الثَّانية الظُّهر حين كان ظلُّ كلِّ شيءٍ مثله لوقت العصر بالأمس، ثمَّ صلى العصر حين صار ظلُّ كلِّ شيءٍ مثليه، ثمَّ صلَّى المغرب لوقته الأوَّل، والعشاء الآخرة حين ذهب ثلث الليل، ثمَّ صلَّى الصُّبح حين أسفرت الأرض، ثمَّ التفت إليَّ جبريل فقال‏:‏ يا محمد، هذا وقت الأنبياء من قبلك، والوقت فيما بين هذين‏"‏‏.‏

478- قال أحمد‏:‏ وثنا يحيى بن آدم ثنا ابن المبارك عن حسين بن عليِّ ابن حسين حدَّثني وهب بن كيسان عن جابر بن عبد الله أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جاءه جبريل، فقال‏:‏ قم فصلِّ‏.‏

فصلى الظُّهر حين زالت الشَّمس، ثمَّ جاءه العصر، فقال‏:‏ قم فصلِّه‏.‏

فصلى العصر حين صار ظلُّ كلِّ شيءٍ مثله، ثمَّ جاء المغرب، فقال‏:‏ قم فصلِّه‏.‏

فصلى حين وجبت الشَّمس، ثمَّ جاءه العشاء فقال‏:‏ قم فصلِّه‏.‏

فصلى حين غاب الشَّفق، ثمَّ جاءه الفجر، فقال‏:‏ قم فصلِّه‏.‏

فصلى حين برق الفجر- أو قال‏:‏ حين سطع الفجر-، ثمَّ جاءه من الغد الظُّهر، فقال‏:‏ قم فصلِّه‏.‏

فصلى الظُّهر حين صار ظلُّ كلِّ شيءٍ مثله، ثمَّ جاءه العصر، فقال‏:‏ قم فصلِّه‏.‏

فصلى العصر حين صار ظلُّ كلِّ شيءٍ مثليه، ثمَّ جاءه المغرب وقتًا واحدًا، لم يزل عنه، ثمَّ جاءه العشاء حين ذهب نصف الليل- أو قال‏:‏ ثلث الليل- فصلَّى العشاء، ثمَّ جاءه الفجر حين أسفر جدًّا، فقال‏:‏ قم ‏[‏فصلِّه‏]‏‏.‏

فصلى الفجر، ثم قال‏:‏ ما بين هذين وقتٌ‏.‏

قال التِّرمذيُّ‏:‏ حديث ابن عباس حديث حسنٌ، وقال البخاريُّ‏:‏ أصحُّ حديثٍ في المواقيت حديث جابر‏.‏

ز‏:‏ حديث ابن عباس‏:‏ رواه الإمام أحمد أيضًا‏:‏ عن وكيع وأبي نُعيم عن سفيان عن عبد الرَّحمن بن الحارث‏.‏

ورواه أبو داود‏:‏ عن مسدَّد عن يحيى عن سفيان عن عبد الرَّحمن بن فلان بن أبي ربيعة‏.‏

قال أبو داود‏:‏ هو عبد الرَّحمن بن الحارث بن عيَّاش بن أبي ربيعة‏.‏

ورواه التِّرمذيُّ‏:‏ عن هنَّاد عن عبد الرَّحمن بن أبي الزِّناد عن عبد الرَّحمن ابن الحارث‏.‏

ورواه أبو بكر بن خزيمة في ‏"‏ صحيحه ‏"‏‏:‏ عن أحمد بن عَبْدة عن مغيرة ابن عبد الرَّحمن عن عبد الرَّحمن بن الحارث؛ وعن بُنْدَار عن أبي أحمد، وعن ‏[‏سلم‏]‏ بن جُنادة عن وكيع كلاهما عن سفيان بنحوه‏.‏

وعبد الرَّحمن هو‏:‏ ابن الحارث بن عبد الملك بن عياش بن أبي ربيعة، تكلم فيه الإمام أحمد، وقال‏:‏ هو متروك الحديث- كذا حكاه المؤلف في ‏"‏ الضعفاء ‏"‏ عن أحمد-‏.‏

وقال يحيى بن معين‏:‏ صالح‏.‏

وقال ابن نُمير‏:‏ لا أُقْدِم على ترك حديثه‏.‏

وقال أبو حاتم‏:‏ شيخٌ‏.‏

وقال النَّسائيُّ‏:‏ ليس بالقويِّ‏.‏

ووثَّقه محمد بن سعدٍ وابن حِبَّان‏.‏

وأمَّا حَكيم‏:‏ فهو ابن حَكيم بن عبَّاد بن حُنيف الأنصاريُّ الأوسيُّ المدنيُّ، ذكره ابن حِبَّان في كتاب ‏"‏ الثِّقات ‏"‏، وقال محمد بن سعدٍ‏:‏ كان قليل الحديث، ولا يحتجُّون بحديثه‏.‏

وأمَّا حديث جابر‏:‏ فرواه التِّرمذيُّ عن أحمد بن محمد بن موسى‏.‏

ورواه النَّسائيُّ عن سُويد‏.‏

ورواه أبو حاتم بن حِبَّان البُستيُّ عن الحسن بن سفيان عن حِبَّان‏.‏

كلُّهم عن ابن المبارك‏.‏

ورواه الحاكم وصحَّحه‏.‏

وحسين بن عليِّ بن حسين بن عليِّ بن أبي طالب‏:‏ يقال له‏:‏ حسين الأصغر، أخو أبي جعفر محمد بن عليِّ بن الحسين، قال النَّسائيُّ‏:‏ ثقةٌ‏.‏

وذكره ابن حِبّان في كتاب ‏"‏ الثِّقات ‏"‏ O‏.‏

مسألة ‏(‏89‏)‏‏:‏ للمغرب وقتان‏:‏ فالأوَّل‏:‏ الغروب؛ والثَّاني‏:‏ إلى غيبوبة الشَّفق‏.‏

وقال مالكٌ والشَّافعيُّ‏:‏ وقتٌ واحدٌ‏.‏

لنا ستَّة أحاديث‏:‏ 478/ أ- الحديث الأوَّل‏:‏ قال أحمد‏:‏ ثنا محمد بن فُضيل عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏إنَّ للصَّلاة أولاً وآخرًا، وإنَّ أوَّل وقت صلاة الظُّهر‏:‏ حين تزول الشَّمس، وآخر وقتها‏:‏ حين يدخل وقت العصر، وإنَّ أوَّل وقت العصر‏:‏ حين يدخل وقتها، وإن آخر وقتها‏:‏ حين تصفرُّ الشَّمس، وإنَّ أوَّل وقت المغرب‏:‏ حين تغرب الشَّمس، وإن آخر وقتها‏:‏ حين يغيب ‏[‏الأفق‏]‏، وإنَّ أوَّل وقت عشاء الآخرة‏:‏ حين يغيب ‏[‏الأفق‏]‏، وإنَّ آخر وقتها‏:‏ حين ينتصف الليل، وإنَّ أوَّل وقت الفجر‏:‏ حين يطلع الفجر، وآخر وقتها‏:‏ حين تطلع الشَّمس‏"‏‏.‏

قالوا‏:‏ قد قال البخاريُّ‏:‏ حديث الأعمش عن مجاهد في المواقيت أصحُّ من حديث ابن فُضيل عن الأعمش؛ وحديث ابن فُضيل خطأٌ، أخطأ فيه ابن فُضيل‏.‏

وكذلك قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ لا يصحُّ حديث ابن فُضيل مسندًا، وهم ابن فُضيل في إسناده، وغيره يرويه عن الأعمش عن مجاهد مرسلاً‏.‏

قلنا‏:‏ ابن فُضيل ثقةٌ، فيجوز أن يكون الأعمش قد سمعه من مجاهد مرسلاً، وسمعه من أبي صالح مسندًا‏.‏

ز‏:‏ روى هذا الحديث التِّرمذيُّ‏:‏ عن هنَّاد عن ابن فُضيل عن الأعمش‏.‏

ورواه‏:‏ عن هنَّاد عن أبي أسامة عن أبي إسحاق الفَزَاريِّ عن الأعمش عن مجاهد قال‏:‏ كان يقال‏:‏ ‏[‏إنَّ‏]‏ للصَّلاة أولاً وآخرًا‏.‏

فذكر نحوه، وحكى كلام البخاريِّ‏.‏

وقال العبَّاس بن محمد الدُّوريُّ‏:‏ سمعت يحيى بن معين يضعِّف حديث محمد بن فُضيل عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة- أحسب يحيى يريد‏:‏ ‏"‏إنَّ للصَّلاة أولاً وآخرًا‏.‏ ‏"‏-، وقال‏:‏ إنَّما يروى عن الأعمش عن مجاهد‏.‏

وقال في موضع آخر من ‏"‏ التَّاريخ ‏"‏‏:‏ حديث الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏إنَّ للصَّلاة أولاً وآخرًا‏.‏

‏"‏ رواه النَّاس كلُّهم عن الأعمش عن مجاهد مرسلاً O‏.‏

479- الحديث الثَّاني‏:‏ قال التِّرمذيُّ‏:‏ حدَّثنا أحمد بن مَنِيع ثنا إسحاق ابن يوسف الأزرق عن سفيان عن علقمة بن مَرْثَد عن سليمان بن بُريدة عن أبيه قال‏:‏ أتى النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجلٌ فسأله عن مواقيت الصَّلاة، فقال‏:‏ ‏"‏أقم معنا‏"‏‏.‏

فأمر بلالاً فأقام، فصلَّى حين طلع الفجر؛ ثمَّ أمره فأقام حين زالت الشَّمس، فصلَّى الظُّهر؛ ثمَّ أمره فأقام فصلَّى العصرَ والشَّمسُ بيضاءُ مرتفعةٌ؛ ثمَّ أمره بالمغرب حين وقع حَاجِبُ الشَّمسِ؛ ثمّ َأمره بالعشاء فأقام حين غابَ الشَّفَقُ؛ ثمَّ أمره من الغد فنوَّر بالفجر؛ ثمَّ أمره بالظُّهر، وأنعم أن يبرد بها؛ ثمَّ أمره بالعصر، فأقام والشَّمسُ آخر وقتها؛ ثمَّ أمره فأخَّر المغرب إلى قبيل أن يغيب الشَّفق؛ ثمَّ أمره بالعشاء، فأقام حين ذهب ثلثُ الليل؛ ثمَّ قال‏:‏ ‏"‏أين السَّائل عن مواقيت الصَّلاة‏؟‏‏"‏‏.‏

قال الرَّجل‏:‏ أنا‏.‏

فقال‏:‏ ‏"‏مواقيتُ الصَّلاة بين هذين‏"‏‏.‏

قال التِّرمذيُّ‏:‏ هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ‏.‏

ز‏:‏ رواه مسلمٌ عن زهير بن حربٍ وغيره عن إسحاق الأزرق، وعن إبراهيم بن محمد بن عَرْعَرةَ عن حَرَمي بن عمارة عن شُعبة عن عَلْقمة بن مَرْثدٍ‏.‏

ورواه النَّسائيُّ وابن ماجه أيضًا O‏.‏

480- الحديث الثَّالث‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا أحمد بن عليِّ بن العلاء ثنا يوسف بن موسى ثنا الفضل بن دكين ثنا بدر بن عثمان حدَّثنا أبو بكر ابن أبي موسى عن أبيه عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ أتاه سائلٌ يسأله عن مواقيت الصَّلاة، فأمر بلالاً فأقام‏.‏

- وذكر نحو حديث بريدة، وقال‏:‏- ‏"‏ الوقت مابين هذين‏"‏‏.‏

انفرد بإخراجه مسلمٌ‏.‏

481- الحديث الرَّابع‏:‏ قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا عبد الصَّمد ثنا همَّام ثنا قتادة عن أبي أيُّوب عن عبد الله بن عمرو عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه قال‏:‏ ‏"‏وقت الظُّهر إذا زالت الشَّمس، وكان ظلُّ كل شيءٍ ‏[‏كطوله‏]‏، ما لم يحضر وقت العصر، ووقت العصر ما لم تصفرَّ الشَّمسُ، ووقت المغرب ما لم يغب الشَّفق، ووقت العشاء إلى نصف الليل الأوسط، ووقت الفجر من طلوع الفجر ما لم تطلع الشَّمس‏"‏‏.‏

انفرد بإخراجه مسلمٌ‏.‏

ز‏:‏ في بعض ألفاظ مسلم‏:‏ ‏"‏ووقت صلاة المغرب إذا غابت الشَّمس ما لم يسقط ‏[‏الشَّفق‏]‏‏"‏‏.‏

وكلمة ‏(‏الشفق‏)‏ استدركت من ‏(‏ب‏)‏ و ‏"‏ صحيح مسلم‏"‏‏.‏

وفي لفظٍ‏:‏ ‏"‏ووقت المغرب ما لم يسقط ثَوْرُ الشَّفق ‏"‏ O‏.‏

482- الحديث الخامس‏:‏ قال أحمد‏:‏ حدثنا سفيان عن الزهري عن أنس عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏إذا حضر العشاء، وأقيمت الصلاة، فأبدءوا بالعشاء‏"‏‏.‏

483- طريقٌ آخر‏:‏ قال البخاريُّ‏:‏ ثنا يحيى بن بُكير ثنا الليث عن عُقيل عن ابن شهابٍ عن أنس بن مالك أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏إذا قُدِّم العشاء، فابدءوا به قبل أن تصلُّوا صلاة المغرب، ولا تعجلوا عن عشائكم‏"‏‏.‏

أخرجاه في ‏"‏ الصَّحيحين‏"‏‏.‏

484- الحديث السادس‏:‏ قال البخاريُّ‏:‏ ثنا عبيد بن إسماعيل عن أبي أسامة عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏إذا وُضع عشاء أحدكم، وأقيمت الصَّلاة، فأبدءوا بالعشاء، ولا يعجل حتى يفرغ منه ‏"‏ وكان ابن عمر يوضع له الطعام، وتقام الصَّلاة، فلا يأتيها حتى يفرغ، وإنه ليسمع قراءة الإمام‏.‏

أخرجه مسلم‏.‏

احتجُّوا بأحاديث‏:‏ أحدها‏:‏ حديث ابن عبَّاس‏:‏ ‏"‏ثُمَّ صلَّى المغرب لوقته الأوَّل‏"‏‏.‏

وقد سبق بإسناده‏.‏

والثَّاني‏:‏ حديث جابرٍ، وهو مثلُ حديث ابن عباس، وقد ذكرناه، وفيه‏:‏ ثمَّ جاءه المغرب في المرََّة الثَّانية حين غابت الشَّمس وقتًا واحدًا‏.‏

485- الحديث الثَّالث‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ ثنا ابن صاعدٍ ثنا حميد بن الرَّبيع ثنا محبوب بن الجهم ثنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏أتاني جبريل حين طلع الفجر‏.‏

- فذكر الحديث، وقال في المغرب‏:‏- ثم أتاني حين سقط القُرْص، فقال‏:‏ قم فصلِّ، ثم أتاني من الغد حين سقط القُرْص، فقال‏:‏ قم فصلِّ‏"‏‏.‏

486- قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وثنا عثمان بن أحمد الدَّقَّاق ثنا أحمد بن عليٍّ الخزَّاز ثنا سعيد بن سليمان ثنا أيُّوب بن عُتبة ثنا أبو بكر بن عمرو بن حَزْم عن عروة بن الزُّبير عن ابن أبي مسعود عن أبيه- إن شاء الله-‏:‏ أنَّ جبريل عليه السَّلام أتى النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

- فذكر المواقيت-، ثمَّ أتاه من الغد حين غابت الشَّمس وقتًا واحدًا‏.‏

487- قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وثنا أبو حامد محمد بن هارون الحضرميُّ ثنا الحسين بن حُريث ثنا الفضل بن موسى السيناني ثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏هذا جبريل يعلمكم دينكم‏.‏

- فذكر المواقيت، وقال فيه‏:‏- ثم صلى المغرب حين غربت الشَّمس، وكذلك صلاها في اليوم الثاني‏"‏‏.‏

488- وقال أحمد‏:‏ ثنا إسحاق بن عيسى ثنا ابن لَهِيعة ثنا بكير بن الأشج عن عبد الملك بن سعيد بن سُويد الساعدي عن أبي سعيد الخدري قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏أمَّني جبريل‏.‏

- فذكر الحديث، وفيه‏:‏- وصلَّى المغرب حين غابت الشَّمس- في اليومين-‏"‏‏.‏

489- قال أحمد‏:‏ وثنا قتيبة ثنا عبد الله بن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن أسلم أبي عمران عن أبي أيوب الأنصاري قال‏:‏ سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول‏:‏ ‏"‏بادروا بصلاة المغرب قبل طلوع النجم‏"‏‏.‏

490- قال أحمد‏:‏ وحدثنا إسماعيل أنا محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن مرثد بن عبد الله اليزني قال‏:‏ قدم علينا أبو أيّوب غازياً- وعقبة بن عامر يومئذٍ على مصر- فأخَّر المغرب، فقام إليه أبو أيّوب، فقال‏:‏ ما هذه الصَّلاة يا عقبة‏؟‏‏!‏ قال‏:‏ شُغلنا‏.‏

قال‏:‏ أما والله، ما بي إلاَّ أن يظن الناس أنك قد رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصنع هذا‏!‏ أما سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول‏:‏ ‏"‏لا تزال أمتي بخير- أو‏:‏ على الفطرة-، ما لم يؤخروا المغرب إلى أن تشتبك النجوم‏"‏‏.‏

والجواب عن هذه الأحاديث‏:‏ أنه قد طعن في أكثرها‏:‏ ففي إسناد حديث ابن ‏[‏عمر‏]‏‏:‏ حميد بن الرَّبيع، قال يحيى‏:‏ هو كذَّاب‏.‏

وقال النَّسائيُّ‏:‏ ليس بشيءٍ‏.‏

وفيه‏:‏ محبوب بن الجهم، قال أبو حاتم بن حِبَّان‏:‏ يروي عن عبيد الله ابن عمر الأشياء التي ليست من حديثه‏.‏

وفي حديث أبي مسعود‏:‏ أيُّوب بن عُتبة، قال يحيى‏:‏ ليس بشيءٍ‏.‏

وقال النَّسائيُّ‏:‏ مضطرب الحديث‏.‏

وقال علي بن الجُنَيد‏:‏ شبه المتروك‏.‏

وفي حديث أبي سعيدٍ وأبي أيُّوب‏:‏ ابنُ لَهِيعة، وهو ذاهب الحديث‏.‏

وفي طريقه الثَّاني‏:‏ ابنُ إسحاق، وقد كذَّبه مالكٌ‏.‏

ثمَّ قد أجاب أصحابنا بثلاثة أجوبة‏:‏ أحدها‏:‏ أنَّ جبريل إنَّما أمَّ رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمكَّة، والنَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعل ما فعل بالمدينة، وإنَّما يؤخذ بالآخر من أمره‏.‏

والثَّاني‏:‏ أنَّ أخبارنا أصحُّ، وأكثر رواةً‏.‏

والثَّالث‏:‏ أنَّ فعله للمغرب في وقت واحدٍ لا يدلُّ على أنَّه لا وقت لها غيره، ألا ترى أنَّه صلَّى به العصر قبل اصفرار الشَّمس، ولم يدلَّ ذلك على أنَّه لا وقت لها غيره‏.‏

وأمَّا أمره بالمبادرة إلى المغرب، فلأجل الفضيلة‏.‏

ز‏:‏ حديث أبي هريرة‏:‏ رواه النَّسائيُّ، وفي إسناده‏:‏ محمد بن عمرو، وليس بالقويِّ‏.‏

ورواه الحاكم وقال‏:‏ على شرط مسلمٍ‏.‏

وحديث مَرْثد بن عبد الله‏:‏ رواه أبو داود وأبو بكر بن خزيمة والحاكم أيضًا وقال‏:‏ على شرط مسلمٍ‏.‏

وابن إسحاق‏:‏ صدوق، والمؤلِّف يحتجُّ به في غير موضعٍ‏.‏

491- وقد روى ابن ماجه بإسناده عن العبَّاس بن عبد المطَّلب قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏لا تزال أُمَّتي على الفِطْرة، ما لم يؤخِّروا المغرب حتى تشتبك النُّجوم‏"‏‏.‏

ورواه الحاكم وصحَّحه‏.‏

492- وقد روى عبد الله بن أحمد قال‏:‏ حدَّثني أبي ثنا هارون بن معروف- قال عبد الله‏:‏ وسمعته أنا من هارون- أنا ابن وهبٍ حدَّثني عبد الله ابن الأسود القرشيُّ أنَّ يزيد بن ‏[‏خصيفة‏]‏ حدَّثه عن السَّائب بن يزيدَ أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏لا تزال أُمَّتي على الفطرة، ما صلَّوا المغرب قبل طلوع النُّجوم‏"‏‏.‏

ورواه الطَّبرانيُّ عن يحيى بن عثمان بن صالحٍ عن أصبغ بن الفرج عن ابن وهبٍ‏.‏

قال عبد الرَّحمن بن أبي حاتم‏:‏ سألتُ أبي عن عبد الله بن الأسود القرشيِّ، فقال‏:‏ شيخٌ، لا أعلم روى عنه غير ابن وهبٍ O‏.‏

مسألة ‏(‏90‏)‏‏:‏ الشَّفق الذي تجب بغيبوبته العشاء‏:‏ هو الحمرة‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ هو البياض‏.‏

لنا‏:‏ حديث ابن عمر‏:‏ ‏"‏الشَّفق الحُمْرة‏"‏‏.‏

وقد سبق بإسناده‏.‏

وفي الأحاديث المتقدِّمة‏:‏ صلَّى العشاء حين غاب الشَّفق‏.‏

والمراد‏:‏ الحُمْرة‏.‏

فإن قالوا‏:‏ ففي بعض الأحاديث المتقدِّمة‏:‏ أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلَّى العشاء حين اسودَّ الأفق‏.‏

قلنا‏:‏ ذاك عند غيبوبة الحُمْرة، وهو أوَّل الاسوداد‏.‏

مسألة ‏(‏91‏)‏‏:‏ التَّغليس بالفجر أفضل- إذا اجتمع الجيران-‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ الإسفار أفضل‏.‏

لنا طريقان في الدَّليل‏:‏

أحدهما‏:‏ يدلُّ على فضيلة تقديم الصَّلاة في أوَّل وقتها عمومًا‏.‏

والثَّاني‏:‏ يخصُّ التغليس بالفجر‏.‏

أمَّا الأوَّل‏:‏ 493- فروى أحمد‏:‏ ثنا عفَّان ثنا شعبة أخبرني الوليد بن العيزار قال‏:‏ سمعت أبا عمرو الشَّيبانيُّ قال‏:‏ ثنا صاحب هذه الدَّار- وأشار إلى دار عبد الله ولم يسمِّه- قال‏:‏ سألتُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ أيَّ العمل أحبُّ إلى الله عزَّ وجلَّ‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏الصَّلاة على وقتها‏"‏‏.‏

قلت‏:‏ ثُُمَّ أيّ‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏ثُمَّ برُّ الوالدين‏"‏‏.‏

أخرجاه في ‏"‏ الصَّحيحين‏"‏‏.‏

494- قال أحمد‏:‏ وثنا يونس ثنا ليث عن عبد الله بن عمر بن حفص عن القاسم بن غنَّام عن جدَّته أمِّ أبيه الدُّنيا عن جدَّته أمِّ فروة أنَّها سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول‏:‏ ‏"‏إنَّ أحبَّ العمل إلى الله عزَّ وجلَّ تعجيل الصَّلاة لأوَّل وقتها‏"‏‏.‏

ز‏:‏ حديث أمِّ فروة‏:‏ رواه محمد بن عبد الله الخُزَاعيُّ والقَعْنَبِيُّ والفضل ابن موسى ووكيع وأبو نُعيم عن عبد الله بن عمر العُمَرِيِّ عن القاسم بن غَنَّام‏.‏

ورواه الليث بن سعدٍ وقَزَعة بن سُويدٍ عن عبيد الله بن عمر العُمَرِيِّ عن القاسم بن غَنَّام‏.‏

فقد حدَّث به عبد الله وعبيد الله، كما نذكره عن الدَّارَقُطْنِيِّ فيما يأتي O‏.‏

495- وقال التِّرمذيُّ‏:‏ ثنا أحمد بن منيع ثنا يعقوب بن الوليد عن عبد الله ابن عمر عن نافع عن ابن عمر قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏الوقت الأول من الصَّلاة رضوان الله، والوقت الآخر عفو الله‏"‏‏.‏

496- وقال أحمد‏:‏ ثنا قتيبة ثنا الليث عن خالد بن يزيد عن سعيد ابن أبي هلال عن إسحاق بن عمر عن عائشة قالت‏:‏ ما صلَّى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاةً لوقتها الآخر ‏[‏‏]‏ مرتين حتى قبضه الله‏.‏

ورواه الدَّارَقُطْنِيُّ فقال‏:‏ إلاَّ مرتين‏.‏

وفي لفظٍ عن عائشة‏:‏ ما صلَّى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلاة لوقتها الآخر حتى قبضه الله عزَّ وجلَّ‏.‏

497- وقال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ ثنا عثمان بن أحمد بن السمّاك ثنا الحسين بن حميد حدَّثني فرج بن عبيد المُهَلَّبيُّ ثنا عبيد بن القاسم عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن جرير بن عبد الله قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏أوَّل الوقت رضوان الله، وآخر الوقت عفو الله‏"‏‏.‏

498- قال ابن السماك‏:‏ وثنا علي بن إبراهيم الواسطي ثنا إبراهيم بن زكريا ثنا إبراهيم بن عبد الملك بن أبي محذورة حدَّثني أبي عن جدي قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏أوَّل الوقت رضوان الله، ووسط الوقت رحمة الله، وآخر الوقت عفو الله‏"‏‏.‏

الاعتماد على الحديث الأول، وفي باقي الأحاديث مقالٌ‏:‏ أما حديث أم فروة‏:‏ فإنه لا يرويه إلاَّ العمري، وقد اضطرب فيه، فرواه‏:‏ عن القاسم بن غنام عن عمته أم فروة‏.‏

والعمري‏:‏ ضعيف، ضعّفه يحيى وغيره‏.‏

ويمكن أن يقال‏:‏ فقد روي عن يحيى أنه قال في رواية‏:‏ ليس به بأس، يكتب حديثه‏.‏

وقال أحمد بن حنبل‏:‏ هو صالح‏.‏

وأما حديث ابن عمر‏:‏ ففيه العمري أيضاً، وقد قلنا فيه‏.‏

وفيه‏:‏ يعقوب بن الوليد، قال أحمد‏:‏ كان من الكذابين الكبار، يضع الحديث‏.‏

وقال أبو داود‏:‏ غير ثقة‏.‏

وقال النَّسائيُّ‏:‏ متروك الحديث‏.‏

وقال ابن حِبَّان‏:‏ يضع الحديث على الثِّقات، لا يحلُّ كتب حديثه إلا على التَّعجُّب‏.‏

وأمَّا حديث عائشة‏:‏ فقال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ ليس إسناده بمتصلٍ‏.‏

وأمَّا حديث جرير‏:‏ ففيه‏:‏ الحسين بن حميد، قال مُطَيَّن‏:‏ هو كذَّابٌ ابن كذَّابٍ‏.‏

وأمَّا حديث أبي محذورة‏:‏ ففيه‏:‏ إبراهيم بن زكريا، قال أبو حاتم الرَّازيُّ‏:‏ هو مجهولٌ، والحديث الذي رواه منكرٌ‏.‏

وقال ابن عَدِيٍّ‏:‏ حدَّث عن الثِّقات بالأباطيل‏.‏

وسُئل أحمد عن هذا الحديث- ‏"‏ أوَّل الوقت رضوان الله‏"‏- فقال‏:‏ من روى هذا‏؟‏‏!‏ ليس هذا يثبت‏.‏

ز‏:‏ 499- عن عبد الله بن عمر عن القاسم بن غنَّام عن أهل بيته عن جدَّته أمِّ فروة أنَّها سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وسأله رجلٌ عن أفضل الأعمال- فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏الصَّلاة لأوَّل وقتها‏"‏‏.‏

هكذا رواه الإمام أحمد‏.‏

ورواه أبو داود وعنده‏:‏ عن القاسم بن غنام عن بعض أمهاته عن أم فروة‏.‏

وفي رواية التِّرمذيِّ‏:‏ عن القاسم عن عمته أم فروة، ولم يقل‏:‏ عن بعض أمهاته‏.‏

وقال‏:‏ لا يروى إلاَّ من حديث العمري، وليس بالقوي في الحديث، واضطربوا في هذا الحديث‏.‏

كذا قال التِّرمذيُّ، وفيه نظرٌ‏.‏

وقد رواه قزعة بن سويد وغيره عن عبيد الله بن عمر عن القاسم بن غنام عن بعض أمهاته عن أم فروة، وقد تقدم ذلك‏.‏

500- وقال أبو الحسن علي بن عمر الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ ثنا أبو طالب الحافظ ثنا يحيى بن عثمان بن صالح ثنا علي بن معبد ثنا يعقوب بن الوليد عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏خير الأعمال الصَّلاة في أوَّل وقتها‏"‏‏.‏

كذا رواه الحافظ محمد بن عبد الواحد في كتاب ‏"‏ المختارة ‏"‏ من طريق الدَّارَقُطْنِيِّ في ترجمة عبيد الله بن عمر عن نافع‏.‏

ثم قال‏:‏ سئل عنه الدَّارَقُطْنِيُّ فقال‏:‏ رواه محمد بن حِمْيرَ الحمصيّ عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر‏.‏

وقيل‏:‏ عنه عن عبد الله بن عمر- أخي عبيد الله بن عمر- عن نافع عن ابن عمر، وهو وهمٌ‏.‏

والمحفوظ‏:‏ عن عبيد الله وعن عبد الله، عن القاسم بن غَنَّام عن جدَّته عن أمِّ فروة عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

وروى حديث إسحاق بن عمر عن عائشة‏:‏ التِّرمذيُّ وقال‏:‏ غريبٌ، وليس إسناده بمتصلٍ‏.‏

وقال البيهقيُّ‏:‏ هو مرسلٌ، إسحاق بن عمر لم يدرك عائشة‏.‏

وقال عبد الرَّحمن بن أبي حاتم عن أبيه‏:‏ إسحاق بن عمر، روى عن موسى بن وَرْدَان، روى عنه سعيد بن أبي هلال، مجهولٌ‏.‏

وأمَّا حديث أبي مَحْذُورة‏:‏ فرواه ابنُ عَدِيٍّ‏:‏ 501- ثنا محمد بن أحمد بن أبي مقاتل ثنا إبراهيم بن راشد ثنا إبراهيم ابن زكريا ثنا إبراهيم بن محمد بن أبي مَحْذُورة- مؤذِّن مسجد مكَّة- قال‏:‏ حدَّثني أبي عن جدِّي قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏أوَّلُ الوقت رضوانُ الله، وأوسطُ الوقت رحمةُ الله، وآخرُ الوقت عفوُ الله‏"‏‏.‏

كذا قال‏:‏ ‏(‏إبراهيم بن محمد بن أبي محذورة‏)‏‏.‏

وفي طريق الدَّارَقُطْنِيِّ‏:‏ إبراهيم بن عبد الملك بن أبي محذورة، وهو أشبه بالصواب‏.‏

وقال البيهقيُّ‏:‏ هو إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة، مشهور O‏.‏

وأما الطريق الثَّاني‏:‏ 502- فروى أحمد‏:‏ ثنا سفيان عن الزُّهريِّ عن عروة عن عائشة أن نساءً من المؤمنات كنّ يصلّيَّن مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ متلفعات بمروطهن، ثم يرجعن إلى أهلهن، ما يعرفهن أحد من الغلس‏.‏

503- قال أحمد‏:‏ وثنا محمد بن جعفر ثنا عوف عن أبي المنهال عن أبي برزة قال‏:‏ كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينفتل من صلاة الغداة حين يعرف أحدنا جليسه‏.‏

الحديثان في ‏"‏ الصحيحين‏"‏‏.‏

504- وقال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ ثنا أبو بكر النيسابوريُّ ثنا الربيع بن سليمان ثنا عبد الله بن وهب أخبرني أسامة بن زيد أن ابن شهاب أخبره أن عمر بن عبد العزيز كان قاعداً على المنبر، فأخّر صلاة العصر شيئاً، فقال عروة بن الزبير‏:‏ أما إن جبريل قد أخبر محمداً بوقت الصَّلاة، سمعتُ بشير بن أبي مسعود يقول‏:‏ سمعت أبا مسعود الأنصاريَّ يقول‏:‏ سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول‏:‏ ‏"‏نزل جبريل فأخبرني بوقت الصَّلاة، فصليت معه، ثم صليت معه، ‏[‏ثم صليت معه‏]‏

- يحسب بأصابعه خمس صلواتٍ-‏"‏‏.‏

فرأيت رسول الله‏:‏ يصلِّي الظُّهر حين تزول الشَّمس، وربما أخرها حين يشتد الحر؛ ورأيته يصلِّي العصر والشَّمس مرتفعة بيضاء، فينصرف الرجل من الصَّلاة فيأتي ذا الحليفة قبل غروب الشَّمس؛ ويصلِّي المغرب حين تسقط الشَّمس؛ ويصلِّي العشاء حين يسود الأفق؛ وصلَّى الصُّبح مرة بغلس، ثم صلَّى مرة أخرى فأسفر، ثم كانت صلاته بعد ذلك بالغلس حتى مات، ثم لم يعد إلى أن يسفر‏.‏

ز‏:‏ ورواه أبو داود من رواية أسامة بن زيد الليثي عن ابن شهاب‏.‏

قال أبو داود‏:‏ روى هذا الحديث عن الزُّهريِّ‏:‏ معمر ومالك وابن عيينة وشعيب بن أبي حمزة والليث بن سعدٍ وغيرهم، لم يذكروا الوقت الذي صلَّى فيه، ولم يفسروه‏.‏

وأسامة بن زيد الليثي‏:‏ قال أبو طالب عن أحمد بن حنبل‏:‏ تركه يحيى ابن سعيد بأخرة‏.‏

وقال الأثرم عن أحمد‏:‏ ليس بشيء‏.‏

وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه‏:‏ روى عن نافع أحاديث مناكير‏.‏

واختلفت الرواية فيه عن يحيى بن معين، فقال مرة‏:‏ ثقة صالحٌ‏.‏

وقال مرة‏:‏ ليس به بأسٌ‏.‏

وقال مرة‏:‏ ثقة حجةٌ‏.‏

وقال مرة‏:‏ تُرك حديثه بأخرة‏.‏

وقال أبو حاتم‏:‏ يكتب حديثه، ولا يحتجُّ به‏.‏

وقال النَّسائيُّ والدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ ليس بالقويِّ‏.‏

وقال ابن عَدِيٍّ‏:‏ ليس بحديثه بأسٌ‏.‏

وروى له مسلمٌ في ‏"‏ صحيحه ‏"‏ O‏.‏

أمَّا حجَّتهم‏:‏ 505- فروى التِّرمذيُّ‏:‏ ثنا هنَّاد ثنا عَبْدة عن محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لَبيدٍ عن رافع بن خَدِيجٍ قال‏:‏ سمعتُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول‏:‏ ‏"‏أسفروا بالفجر، فإنَّه أعظمُ للأجر‏"‏‏.‏

506- طريقٌ آخر‏:‏ قال أحمد‏:‏ ثنا سفيان عن ابن عجلان عن عاصم ابن عمر بن قتادة عن محمود بن لَبيد عن رافع بن خَدِيج عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏أصبحوا بالصُّبح، فإنَّه أعظم لأجوركم،- أو‏:‏ أعظم للأجر-‏"‏‏.‏

قال التِّرمذيُّ‏:‏ هذا حديثٌ صحيحٌ‏.‏

وهو محمول على ما إذا تأخر الجيران‏.‏

ز‏:‏ ورواه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه والنَّسائيُّ وأبو حاتم بن حِبَّان البُستيُّ بطرق عن ابن إسحاق وابن عجلان‏.‏

ورواه الإمام أحمد أيضاً عن يزيد بن هارون عن ابن إسحاق عن ابن عجلان‏.‏

فيحتمل‏:‏ أن يكون‏:‏ ‏(‏وابن عجلان‏)‏، كما رواه النعمان بن عبد السلام عن سفيان عن محمد بن إسحاق ومحمد بن عجلان عن عاصم‏.‏

ويحتمل‏:‏ أن يكون محمد بن إسحاق إنما سمعه من ابن عجلان، وكان يدلسه، والله أعلم‏.‏

507- وقال النَّسائيُّ‏:‏ أخبرني إبراهيم بن يعقوب حدَّثني إبراهيم بن أبي مريم أنا أبو غسان قال‏:‏ حدَّثني زيد بن أسلم عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن رجال من قومه من الأنصار أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏ما أسفرتم بالصُّبح، فإنه أعظم للأجر‏"‏‏.‏

هذا إسناد صحيح، وابن أبي مريم هو‏:‏ سعيد، وأبو غسان هو‏:‏ محمد بن مطرِّف المدنيُّ O‏.‏

مسألة ‏(‏92‏)‏‏:‏ إذا تأخر الجيران فالإسفار بالصُّبح أفضل‏.‏

وقال الشَّافعيُّ‏:‏ الأفضل التَّقديم‏.‏

وقد استدلَّ أصحابنا‏:‏ 508- بما روى سعيدٌ الأمويُّ في ‏"‏ المغازي ‏"‏ بإسناده‏:‏ أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمَّا بعث معاذًا إلى اليمن قال له‏:‏ ‏"‏إذا كان الشِّتاء فصلِّ الفجر في أوَّل وقتها، ثُمَّ أطل القراءة؛ وإذا كان في الصَّيف فأسفر بالصُّبح، فإنَّ الليل قصيرٌ، والنَّاس ينامون‏"‏‏.‏

مسألة ‏(‏93‏)‏‏:‏ يستحبُّ تعجيل الظُّهر في غير يوم الغيم‏.‏

وقال مالك‏:‏ يستحبُّ أن يؤخَّر حتَّى يصير الفيء ذراعًا‏.‏

لنا حديثان‏:‏ 509- الحديث الأوَّل‏:‏ قال أحمد‏:‏ ثنا محمد بن جعفر ثنا عوف عن أبي المنهال قال‏:‏ قال لي أبي‏:‏ انطلق إلى أبي بَرْزَة‏.‏

فانطلقت معه، فسأله أبي‏:‏ كيف كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلِّي المكتوبة‏؟‏ قال‏:‏ كان يصلِّي الهجير- التي تدعونها‏:‏ الأولى- حين تدحض الشَّمس، وكان يصلِّي العصر ثمَّ يرجع أحدنا إلى رحله والشَّمس حيَّةٌ‏.‏

أخرجاه في ‏"‏ الصَّحيحين‏"‏‏.‏

510- الحديث الثَّاني‏:‏ قال التِّرمذيُّ‏:‏ ثنا هنَّاد ثنا وكيع عن سفيان عن حكيم بن جُبير عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت‏:‏ ما رأيتُ أحدًا أشدَّ تعجيلاً للظُّهر من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبي بكرٍ وعمر‏.‏

حكيم بن جُبير‏:‏ مضطرب الحديث، ضعَّفه أحمد ويحيى والنَّسائيُّ‏.‏

مسألة ‏(‏94‏)‏‏:‏ تعجيل العصر أفضل‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ تأخيرها أفضل ما لم تصفر الشَّمس‏.‏

لنا ثلاثة أحاديث‏:‏ أحدها‏:‏ حديث أبي برزة، وقد تقدم‏.‏

والثَّاني‏:‏ حديث أنس‏:‏ 511- قال أحمد‏:‏ ثنا عبد الرَّزَّاق ثنا معمر عن الزُّهريِّ قال‏:‏ أخبرني أنس بن مالك أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصلِّي العصر، فيذهب أحدنا إلى العوالي والشَّمس مرتفعة‏.‏

قال الزُّهريُّ‏:‏ والعوالي على ميلين من المدينة وثلاثة‏.‏

وأحسبه قال‏:‏ وأربعة‏.‏

أخرجاه في ‏"‏ الصَّحيحين‏"‏‏.‏

512- طريق آخرٌ‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ ثنا القاضيان‏:‏ أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل وأبو عمر محمد بن يوسف قالا‏:‏ ثنا عبد الله بن شبيب ثنا أيُّوب بن سليمان ثنا أبو بكر بن أبي أويس حدَّثني سليمان بن بلال ثنا صالح بن كيسان عن حفص بن عبيد الله عن أنس بن مالك قال‏:‏ صليت مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العصر، فلما انصرف، قال رجل من بني سلمة‏:‏ يا رسول الله، إن عندي جزوراً أريد أن أنحرها، فأحب أن تحضر‏.‏

فانصرف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وانصرفنا، فنحرت الجزور، وصنع لنا منها، فطعمنا منها قبل أن تغيب الشَّمس؛ وكنا نصلِّي العصر مع رسول الله، فيسير الراكب ستة أميال قبل أن تغيب الشَّمس‏.‏

ز‏:‏ عبد الله بن شبيب‏:‏ ضعفه غير واحد، لكن قد روى الحديث مسلم بمعناه في الصَّلاة عن عمرو بن سواد ومحمد بن سلمة وأحمد بن عيسى، ثلاثتهم عن ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن يزيد بن أبي حبيب عن موسى ابن سعد عن حفص بن عبيد الله O‏.‏

513- الحديث الثَّالث‏:‏ قال أحمد‏:‏ ثنا أبو المغيرة عن الأوزاعي حدَّثني أبو النجاشي ثنا رافع بن خديج قال‏:‏ كنا نصلِّي مع النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاة العصر، ثم ننحر الجزور، فتقسم عشر قسم، ثم تطبخ، فنأكل لحماً نضيجاً، قبل أن تغيب الشَّمس‏.‏

أخرجاه في ‏"‏ الصَّحيحين‏"‏‏.‏

واسم أبي النجاشي‏:‏ عطاء بن صهيب، وهو ثقة‏.‏

514- وقال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثني أبي ثنا محمد بن أبي بكر ثنا عبد السلام بن عبد الحميد ثنا موسى بن أعين عن الأوزاعي عن أبي النجاشي قال‏:‏ سمعت رافع بن خديج يقول‏:‏ قال رسول الله‏:‏ ‏"‏ألا أخبركم بصلاة المنافق‏؟‏ أن يؤخر العصر حتى إذا كانت كثرب البقرة صلاها‏"‏‏.‏

احتج الخصم بحديث وأثر‏:‏ 515- قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ ثنا الحسين بن إسماعيل وأحمد بن علي بن العلاء قالا‏:‏ ثنا أحمد بن المقدام ثنا أبو عاصم ثنا عبد الواحد بن نافع قال‏:‏ دخلت مسجد المدينة، فأذن مؤذن بالعصر، وشيخ جالس، فلامه، وقال‏:‏ إن أبي أخبرني أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يأمر بتأخير هذه الصَّلاة‏.‏

فسألت عنه، فقالوا‏:‏ هذا عبد الله بن رافع بن خديج‏.‏

ز‏:‏ قال البيهقي- بعد ذكره حديث أبي النجاشي عن رافع بن خديج-‏:‏ وهذه الرواية الصحيحة عن رافع بن خديج تدل على خطأ ما رواه عبد الواحد- أو‏:‏ عبد الحميد- بن نافع- أو‏:‏ نفيع- الكلابي عن ابن رافع بن خديج عن أبيه أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يأمرهم بتأخير العصر، وهو مختلفٌ في اسمه واسم أبيه، واختلف عليه في اسم ابن رافع‏:‏ فقيل فيه‏:‏ عبد الله؛ وقيل‏:‏ عبد الرَّحمن‏.‏

قال البخاريُّ‏:‏ لا يتابع عليه‏.‏

واحتج على خطئه بحديث أبي النجاشي عن رافع‏.‏

وقال أبو الحسن الدَّارَقُطْنِيُّ- فيما أخبرنا أبو بكر ‏[‏بن‏]‏ الحارث عنه-‏:‏ هذا حديثٌ ضعيف الإسناد، والصَّحيح عن رافع وغيره ضدُّ هذا O‏.‏

516- قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وأنا أبو بكر الشَّافعيُّ ثنا محمد بن شاذان ثنا معلَّى بن منصور ثنا عبد الرَّحيم بن سليمان ثنا الشيبانيُّ عن العباس بن ذَرِيح عن زياد بن عبد الله النَّخَعِيِّ قال‏:‏ كنَّا جلوسًا مع عليٍّ عليه السَّلام في المسجد الأعظم، فجاءه المؤذِّن، فقال‏:‏ الصَّلاة يا أمير المؤمنين‏.‏

فقال‏:‏ اجلس‏.‏

فجلس، ثمَّ عاد فقال ذلك له، فقال عليٌّ‏:‏ هذا الكلب يعلّمنا السُّنَّة‏!‏ فقام عليٌّ فصلَّى بنا العصر، ثمَّ انصرفنا فرجعنا إلى المكان الذي كنَّا فيه جلوسًا، فجثونا للرُّكب، لنزول الشَّمس للمغيب نترآها‏.‏

والجواب‏:‏ أمَّا الحديث‏:‏ فقال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ ابن رافع ليس بالقويِّ، ولم يروه عنه غير عبد الواحد، ولا يصحُّ هذا الحديث عن رافع ولا عن غيره من الصَّحابة‏.‏

قلت‏:‏ وقد قال أبو حاتم بن حِبَّان‏:‏ عبد الواحد يروي عن أهل الحجاز المقلوبات، وعن أهل الشَّام الموضوعات، لا يحلُّ ذكره في الكتب إلا على سبيل القدح فيه‏.‏

وأما الأثر‏:‏ فقال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ زياد بن عبد الله مجهول، لم يروه عنه غير العباس بن ذريح‏.‏

ز‏:‏ حديث زياد بن عبد الله النخعي‏:‏ رواه الحاكم عن محمد بن أحمد بن بالويه الجلاب عن محمد بن شاذان الجوهري، وقال‏:‏ صحيح‏.‏

وسئل عنه الدَّارَقُطْنِيُّ في ‏"‏ العلل ‏"‏ فقال‏:‏ رواه إسحاق بن أبي إسحاق الشيباني عن أبيه بهذا الإسناد، وقال‏:‏ يعلمنا بالصَّلاة، ولم يقل‏:‏ بالسُّنَّة O‏.‏

مسألة ‏(‏95‏)‏‏:‏ الصَّلاة الوسطى العصر، وهو قول علي وأبي وابن مسعود وابن عمر وابن عباس وأبي سعيد وعبد الله بن عمرو وأبي هريرة وسمرة وعائشة وحفصة وأم سلمة وجمهور التابعين‏.‏

وقال مالك والشَّافعيُّ‏:‏ الفجر‏.‏

517- قال أحمد‏:‏ ثنا عفان ثنا همام أنا قتادة عن أبي حسان عن عبيدة عن علي أن النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال يوم الأحزاب‏:‏ ‏"‏ملأ الله بيوتهم وقبورهم ناراً، كما شغلونا عن الصَّلاة الوسطى، حتى غابت الشَّمس‏"‏‏.‏

518- قال أحمد‏:‏ وثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن مسلم عن شُتَير بن شَكَل عن عليٍّ قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم الأحزاب‏:‏ ‏"‏شغلونا عن الصَّلاة الوسطى- صلاة العصر- ملأ الله قلوبهم وبيوتهم نارًا‏"‏‏.‏

ثمَّ صلاَّها بين العشاءين‏.‏

انفرد بإخراج هذا مسلمٌ، واتَّفقا على الذي قبله‏.‏

519- أخبرنا عبد الوهَّاب بن المبارك أنا أحمد بن محمد بن إبراهيم ثنا إسماعيل بن الحسن الصَّرصريُّ ثنا الحسين بن إسماعيل المَحَامليُّ ثنا يوسف ثنا وكيع ثنا سفيان الثَّوريُّ عن عاصم بن أبي النَّجود عن زِرٍّ أنَّ عَبيدة سأل عليًّا عن الصَّلاة الوسطى، فقال‏:‏ كنَّا نعدُّها الفجر، حتى سمعتُ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول يوم الأحزاب‏:‏ ‏"‏شغلونا عن الصَّلاة الوسطى- صلاة العصر-، ملأ الله قبورهم وأجوافهم نارًا‏"‏‏.‏

ز‏:‏ إسناد هذا الحديث قويٌّ، وقد رواه بمعناه‏:‏ النَّسائيُّ وابن ماجه وعبد الله بن أحمد فيما زاده في مسند أبيه عن غيره O‏.‏

520- وقال أحمد‏:‏ ثنا خلف بن الوليد ثنا محمد بن طلحة عن زُبَيْد عن مُرَّة عن ابن مسعودٍ قال‏:‏ حبَسَ المشركون رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن صلاة العصر حتى اصفارت- أو‏:‏ احمارت- الشَّمس، فقال‏:‏ ‏"‏شغلونا عن الصَّلاة الوسطى، ملأ الله أجوافهم وقبورهم- أو‏:‏ حشى الله أجوافهم وقبورهم- نارًا‏"‏‏.‏

انفرد بإخراجه مسلمٌ‏.‏

ز‏:‏ 521- وروى سمرة بن جندب عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه قال في صلاة الوسطى‏:‏ ‏"‏صلاة العصر‏"‏‏.‏

رواه أحمد والتِّرمذيُّ وقال‏:‏ قال محمد- يعني البخاريَّ-‏:‏ قال عليُّ ابن عبد الله- هو‏:‏ ابن المدينيِّ-‏:‏ حديث الحسن عن سمرة حديثٌ صحيحٌ، وقد سمع منه‏.‏

وقال التِّرمذيُّ‏:‏ حديث سمرة في صلاة الوسطى حديثٌ حسنٌ صحيحٌ‏.‏

ورواه الإمام أحمد قال‏:‏ ‏"‏صلاة الوسطى‏:‏ صلاة العصر‏"‏‏.‏

وفي رواية له‏:‏ أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئل عن صلاة الوسطى، قال‏:‏ ‏"‏هي صلاة العصر‏"‏‏.‏

وفي لفظٍ له‏:‏ أنَّ نبيَّ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏حافظوا على الصَّلوات والصَّلاة الوسطى ‏"‏ وسمَّاها لنا أنها هي صلاة العصر‏.‏

522- وعن ابن مسعودٍ قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏صلاة الوسطى‏:‏ صلاة العصر‏"‏‏.‏

رواه التِّرمذيُّ وقال‏:‏ حديثٌ صحيحٌ O‏.‏

احتجُّوا‏:‏ 523- بما روى مسلمٌ‏:‏ ثنا يحيى بن يحيى قال‏:‏ قرأت على مالك بن أنسٍ عن زيد بن أسلم عن القعقاع بن حَكيم عن أبي يونس- مولى عائشة- قال‏:‏ أمرتني عائشة أن أكتب لها مصحفًا، ثمَّ قالت‏:‏ إذا بلغت هذه الآية فآذنِّي‏:‏ ‏[‏‏{‏حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلَاةِ الوُسْطَى‏}‏‏]‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 238‏]‏‏.‏

فلمَّا بلغتها آذنتها، فأملت‏:‏ ‏"‏حافظوا على الصَّلوات والصَّلاة الوسطى وصلاة العصر ‏"‏ وقالت‏:‏ سمعتها من رسول الله‏.‏

524- قال مسلمٌ‏:‏ وثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظليُّ أنا يحيى بن آدم ثنا الفضيل بن مرزوقٍ عن شقيق بن عقبة عن البراء بن عازبٍ قال‏:‏ نزلت هذه الآية‏:‏ ‏{‏حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَصَلَاةِ العَصْر‏}‏، فقرأناها ما شاء الله عزَّ وجلَّ، ثُمَّ نسخها فنزلت‏:‏ ‏{‏حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلَاةِ الوُسْطَى‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 238‏]‏‏.‏

فقال رجلٌ كان جالسًا عند شقيق‏:‏ فهي إذًا صلاة العصر‏؟‏ فقال البراء‏:‏ قد أخبرتك كيف نزلت، وكيف نسخها الله تعالى‏.‏

انفرد بإخراج الحديثين مسلمٌ‏.‏

وهما حجَّةٌ لنا، لأنها هي الوسطى وهي العصر‏.‏

مسألة ‏(‏96‏)‏‏:‏ يستحب تأخير العشاء، خلافًا لأحد قولي الشَّافعيِّ‏.‏

525- قال أحمد‏:‏ ثنا سفيان عن عمرو عن عطاء، وابن جريج عن عطاء، عن ابن عباس أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخَّر العشاء حتى ذهب من الليل ما شاء الله، فقال له عمر‏:‏ يا رسول الله، نام النِّساء والولدان‏!‏ فخرج فقال‏:‏ ‏"‏لولا أن أشقَّ على أمَّتي لأمرتهم أن يصلُّوها هذه السَّاعة‏"‏‏.‏

526- قال أحمد‏:‏ وثنا محمد بن جعفر ثنا عوف عن أبي المنهال عن أبي بَرْزَة قال‏:‏ كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستحبُّ أن يؤخِّر العشاء، التي تدعونها‏:‏ العتمة‏.‏

527- قال أحمد‏:‏ وثنا حسين بن محمد ثنا أيُّوب بن جابر عن سِماَك عن جابر بن سَمُرة قال‏:‏ كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يؤخِّر العتمة‏.‏

انفرد بإخراج هذا الحديث مسلمٌ، واتَّفقا على الحديثين قبله‏.‏

528- قال أحمد‏:‏ وثنا ابن أبي عَدِيٍّ عن داود عن أبي نضرة عن أبي سعيدٍ قال‏:‏ انتظرنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليلةً لصلاة العشاء، حتى ذهب نحوٌ من شطر الليل، فجاء، فصلَّى بنا، وقال‏:‏ ‏"‏لولا ضعف الضَّعيف، وسُقمْ السَّقيم، وحاجة ذي الحاجة، لأخَّرتُ هذه الصَّلاة إلى شطر الليل‏"‏‏.‏

ز‏:‏ هذا حديثٌ صحيحٌ، رواه‏:‏ أبو داود وابن ماجه والنَّسائيُّ وابن خزيمة في ‏"‏ صحيحه‏"‏‏.‏

وسُئل عنه الدَّارَقُطْنِيُّ فقال‏:‏ يرويه داود بن أبي هند، واختلف عنه‏:‏ فرواه هُشيم وخالد وابن أبي عَدِيٍّ وبشر بن المفضَّل وعليُّ بن مُسْهِرٍ وعبد الوارث وإبراهيم بن طَهْمان ويحيى بن زكريا بن أبي زَائدة ومحمد بن سعيدٍ الأُمويُّ- أخو يحيى، وهم أربع إخوة‏:‏ عبيد الله ومحمد ويحيى وعبد الله، كلُّهم ثقات- عن داود عن أبي نَضْرة عن أبي سعيدٍ‏.‏

وخالفهم‏:‏ أبو معاوية الضَّرير، فرواه عن داود عن أبي نَضْرة عن جابر‏.‏

والصَّحيح عن أبي سعيدٍ‏.‏

وقد رواه ابن حِبَّان من رواية أبي معاوية عن داود عن أبي نَضْرة عن جابر O‏.‏

529- وقال التِّرمذيُّ‏:‏ ثنا هنَّاد ثنا عَبْدة عن عبيد الله بن عمر عن سعيد المَقْبُرِيِّ عن أبي هريرة قال‏:‏ قال النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏لولا أن أشقَّ على أمَّتي، لأمرتهم أن يؤخِّروا العشاءَ إلى ثلثِ الليلِ، أو نصفِه‏"‏‏.‏

قال التِّرمذيُّ‏:‏ هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ‏.‏

ز‏:‏ وروى هذا الحديث‏:‏ ابن ماجه والإمام أحمد، وعنده‏:‏ ‏"‏ولأخَّرت عشاء الآخرة إلى ثلث الليل الأوَّل ‏"‏ O‏.‏

احتجُّوا‏:‏ بحديث أبي مسعود الأنصاريِّ‏:‏ كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلِّي العشاء حين يسودُّ الأفق‏.‏

وقد سبق إسناده‏.‏

530- وبما رواه التِّرمذيُّ‏:‏ ثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشَّوارب ثنا أبو عَوانة عن أبي بِشْر عن بَشير بن ثابتٍ عن حَبيب بن سالمٍ عن النُّعمان بن بَشيرٍ قال‏:‏ أنا أعلمُ النَّاس بوقت هذه الصَّلاة- يعني‏:‏ العشاء-، كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلَِّيها لسُقوطِ القمر لثالثةٍ‏.‏

ز‏:‏ ورواه الإمام أحمد وأبو داود والنَّسائيُّ‏.‏

وقد رواه جرير عن رقبة عن أبي بشر عن حبيب، فأسقط بشيراً‏.‏

تابعه هشيم عن أبي بشر‏.‏

وقال التِّرمذيُّ‏:‏ حديث ‏[‏أبي‏]‏ عوانة أصح O‏.‏

والجواب‏:‏ أن أحاديثنا أصح وأكثر، وإنما كان يفعل ذلك لأجل الضعيف والسقيم، والكلام في الأفضل‏.‏