فصل: كان وأخواتها:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك ***


كان وأخواتها‏:‏

لما فرغ من أحكام المبتدأ والخبر أخذ يبين ‏"‏نواسخهما‏"‏ وهي ثلاثة أقسام‏:‏ قسم يرفع المبتدأ وينصب الخبر وهو كان وأخواتها، وما الحجازية ‏"‏وأخواتها‏"‏ وأفعال المقاربة‏.‏

وقسم ينصب المبتدأ ويرفع الخبر وهو ‏"‏أن‏"‏ وأخواتها و‏"‏لا‏"‏ النافية للجنس‏.‏

وقسم ينصبهما معا وهو ظننت وأخواتها، وأعلم وأخواتها‏.‏

وقد ذكر هذه النواسخ في سبعة أبواب وبدأ بكان وأخواتها فقال‏:‏

ترفع كان المبتدا اسما والخبر‏.‏‏.‏‏.‏ تنصبه ككان سيدا عمر

لا خلاف في أنها تنصب الخبر، ومذهب البصريين أنها رفعت الاسم خلافا للكوفيين‏.‏

ثم ذكر أخواتها فقال‏:‏ ‏"‏ككان ظل‏"‏ أي‏:‏ ظل وما بعدها مثل كان في رفع الاسم ونصب الخبر‏.‏

وهذه الأفعال ثلاثة أقسام‏:‏

قسم يعمل العمل المذكور بلا شرط وهي‏"‏ثمانية‏"‏ أولها كان ‏"‏وآخرها‏"‏ ليس‏.‏

وقسم يعمل بشرط تقدم نفي أو شبهه وهي الأربعة التي بعد ليس‏.‏

وقسم يعمل بشرط أن يقع صلة ‏"‏لما‏"‏ الظرفية وهو ‏"‏دام‏"‏‏.‏

وفهم هذا من النظم واضح، وشمل قوله‏:‏ بعد نفي، كل نفي، وشبه النفي هو النهي نحو‏:‏

‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏لا تزل ذاكر الموت‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏

والدعاء نحو‏:‏

ولا زال منهلا بجرعائك القطر

فإن قلت‏:‏ أطلق في قوله‏:‏ ومثل كان دام مسبوقا بما وينبغي أن يفيد فيقول‏:‏ المصدرية الظرفية‏.‏

قلت‏:‏ أحال على المثال، فإنه إنما مثل للتقييد‏.‏

وقوله‏:‏

وغير ماض مثله قد عملا

يعني أن ما تصرف منها كالمضارع والأمر يعمل عمل الماضي‏.‏

ثم أشار إلى أن منها ما لا يتصرف بقوله‏:‏

إن كان غير الماضي منه استعملا

وكلها تتصرف إلا ليس باتفاق ودام على الصحيح‏.‏

وقوله‏:‏

وفي جميعها توسط الخبر‏.‏‏.‏‏.‏ أجز‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏

يعني‏:‏ أن خبر هذه الأفعال أصله التأخير ويجوز توسطه بينها وبين الاسم في جميعها حتى في ‏"‏ليس‏"‏ و‏"‏ما دام‏"‏ كقوله‏:‏

‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏ فليس سواء عالم وجهول

وقول الآخر‏:‏

لا طيب للعيش ما دامت منغصة‏.‏‏.‏‏.‏ لذاته بادكار الموت والهرم

وحكى المصنف الإجماع على جواز توسط خبر ‏"‏ليس‏"‏ تبعا للفارسي وفيه خلاف ‏"‏ضعيف‏"‏‏,‏ والقاطع بالجواز قراءة‏:‏ ‏{‏لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا‏}‏،‏.‏

ومنع ابن معط توسط خبر ‏"‏ما دام‏"‏ ونسب إلى الوهم إذ لم يقل به غيره‏.‏

وقوله‏:‏

‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏ وكل سبقه دام حظر

أي‏:‏ كل النحاة أو العرب منع تقديم الخبر على ‏"‏دام‏"‏ وحظر بمعنى منع، ولذلك صورتان‏:‏

إحداهما‏:‏ أن يتقدم على ‏"‏ما‏"‏ ولا خلاف في منعها‏.‏

والأخرى‏:‏ أن يتقدم على‏"‏دام‏"‏ بعد ‏"‏ما‏"‏‏.‏

وظاهر كلامه أنه مجمع على منعها ‏"‏أيضا‏"‏، وفيه نظر‏.‏

لأن المنع معلل بعلتين‏:‏ إحداهما، عدم تصرفها ‏"‏وهذا بعد تسليمه لا ينهض مانعا باتفاق، بدليل اختلافهم في ‏"‏ليس‏"‏ مع الإجماع على عدم تصرفها‏"‏‏.‏

والأخرى‏:‏ أن ‏"‏ما‏"‏ موصول حرفي ولا يفصل بينه وبين صلته، وهذا أيضا مختلف فيه، وقد أجاز كثير ‏"‏من النحويين‏"‏ الفصل بين الموصول الحرفي وبين صلته إذا كان غير عامل ‏"‏كما‏"‏ المصدرية‏.‏

ثم قال‏:‏

كذاك سبق خبر ما النافية

يعني أنه يمنع تقديم خبر المقرون بما النافية على ‏"‏ما‏"‏ لأن ‏"‏ما‏"‏ لها صدر الكلام، فلا يجوز أن يقال‏:‏ ‏"‏فاضلا ما كان زيد‏"‏ ‏"‏ولا جاهلا ما زال عمرو‏"‏‏.‏

وقال في شرح الكافية‏:‏ وكلاهما جائز عند الكوفيين؛ لأن ‏"‏ما‏"‏ عندهم لا يلزم تصديرها، ووافق ابن كيسان البصريين في ‏"‏ما كان‏"‏ ونحوه وخالفهم في ‏"‏ما زال‏"‏ ونحوه لأن ‏"‏نفيها‏"‏ إيجاب‏.‏

فإن قلت‏:‏ قوله ‏"‏كذاك‏"‏ يوهم أنه مجمع عليه لتشبيهه ‏"‏بالمجمع‏"‏ عليه قلت‏:‏ إنما أراد أن هذا مثل ذاك في المنع لا في كونه مجمعا عليه‏.‏

أما الخلاف في ‏"‏ما زال‏"‏ وأخواتها فشهير‏.‏

وأما ‏"‏ما كان‏"‏ ونحوها فحكى في البسيط‏:‏ الاتفاق على منع تقديم خبرها على ‏"‏ما‏"‏ وقد تقدم نقل الخلاف‏.‏

وفهم من كلام الناظم مسألتان‏:‏

الأولى‏:‏ أنه يجوز توسط الخبر بين ‏"‏ما‏"‏ والمنفي بها نحو ‏"‏ما عالما ‏"‏كان‏"‏ زيد‏"‏‏.‏

ومنعه بعضهم، والصحيح الجواز‏.‏

الثانية‏:‏ أن النافي إن كان غير ‏"‏ما‏"‏ جاز التقديم‏.‏

قال في شرح الكافية‏:‏ عند الجميع، وحكى الخلاف عن الفراء في التسهيل‏.‏

فإن قلت‏:‏ ما فائدة قوله‏:‏

فجيء بها متلوة لا تالية

قلت‏:‏ تقرير الحكم وتوكيده والتنبيه على علة منع التقديم، وهو أن ‏"‏ما‏"‏ لها صدر الكلام فتكون متبوعة لا تابعة‏.‏

ثم قال‏:‏

ومنع سبق خبر ليس اصطفى

يعني أن المختار ‏"‏منع‏"‏ تقديم خبر ليس عليها ‏"‏وفاقا‏"‏ للكوفيين والمبرد وابن السراج والسيرافي والزجاج والفارسي في الحلبيات والجرجاني وأكثر المتأخرين، وذلك لضعفها بعدم التصرف وشبهها ‏"‏بما‏"‏ النافية‏.‏

تنبيه‏:‏

ينبغي أن يكون الخلاف في غير ‏"‏ليس‏"‏ المستثنى بها، بل ينبغي أن يمنع التقديم ‏"‏فيها‏"‏ قولا واحدا‏,‏ واقتضى سكوته عن سائر أفعال الباب، أنه يجوز تقديم خبرها عليها‏.‏

ثم إن أفعال هذا الباب قسمان‏:‏

أحدهما‏:‏ يستعمل تاما وناقصا، والآخر لا يستعمل إلا ناقصا‏.‏

فأشار إلى ذلك بقوله‏:‏

وذو تمام ما برفع يكتفي

أي‏:‏ التام من هذه الأفعال‏:‏ هو ما اكتفى بالمرفوع، ولم يفتقر إلى منصوب نحو‏:‏ ‏{‏وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ‏}‏‏.‏

‏"‏وما سواه ناقص‏"‏ وهو الذي لا يكتفي بالمرفوع‏.‏

ولهذا سميت هذه الأفعال ناقصة لا لأنها ‏"‏سلبت‏"‏ الدلالة على المصدر خلافا لجمهور البصريين لوجود مصدرها عاملا ‏"‏عملها‏"‏ في قوله‏:‏

‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏ وكونك إياه عليك يسير

ثم قال‏:‏

‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏ والنقص في‏.‏‏.‏‏.‏ فتئ ليس زال دائما قفي

يعني‏:‏ أن هذه ‏"‏الأفعال‏"‏ الثلاثة‏,‏ أعني ليس وزال وفتئ تلزم النقص ولا تستعمل تامة‏.‏

وأجاز الفارسي في الحلبيات‏:‏ وقوع ‏"‏زال‏"‏ تامة قياسا لا سماعا‏.‏

ثم قال‏:‏

ولا يلي العامل معمول الخبر‏.‏‏.‏‏.‏ إلا إذا ظرفا أتى أو حرف جر

هذا مذهب البصريين، والعامل هنا هو ‏"‏كان وأخواتها‏"‏ فلا يجوز ‏"‏كان طعامك زيد آكلا‏"‏ ‏"‏لأنه‏"‏ ليس بظرف ولا مجرور، فإن كان ظرفا أو مجرورا نحو ‏"‏كان عندك أو في الدار زيد قائما‏"‏ جاز للتوسع في الظرف والمجرور‏.‏

وأجاز الكوفيون ‏"‏طعامك زيد آكلا‏"‏ ونحوه، واحتجوا بقول الشاعر‏:‏

قنافذ هداجون حول بيوتهم‏.‏‏.‏‏.‏ بما كان إياهم عطية عودا

فأولَى كان ‏"‏إياهم‏"‏ وهو معمول الخبر‏.‏

وهذا ونحوه متأول عند البصريين، وقد أشار إلى تأويله بقوله‏:‏

ومضمر الشان اسما انو إن وقع‏.‏‏.‏‏.‏ موهم ما استبان أنه امتنع

يعني‏:‏ ‏"‏إذا‏"‏ وقع شيء موهم جواز ما منعناه كالبيت المتقدم، فانو في العامل ضمير شأن يحول بينه وبين المعمول، والجملة بعده خبر، فيكون اسم كان في البيت ضمير شأن منوي ‏"‏وعطية‏"‏ مبتدأ و‏"‏عود‏"‏ خبره‏,‏ ‏"‏وإياهم‏"‏ معمول عود والجملة خبر كان‏.‏

وقد قيل في البيت غير هذا‏.‏

ووافق بعض البصريين على جواز إيلاء المعمول هذه الأفعال إن تقدم الخبر على الاسم نحو‏:‏ ‏"‏كان طعامك آكلا زيد‏"‏‏.‏

ثم قال‏:‏

وقد تزاد كان في حشو كما‏.‏‏.‏‏.‏ كان أصح علم من تقدما

‏"‏ما‏"‏ مبتدأ ‏"‏وأصح‏"‏ خبره ‏"‏كان‏"‏ زائدة بين جزءي الجملة‏.‏

وفهم من قوله‏:‏ ‏"‏تزاد كان‏"‏ أنها إنما تزاد بلفظ الماضي وقد ‏"‏ندر‏"‏ زيادتها بلفظ المضارع في قول أم عقيل‏:‏

أنت تكون ماجد نبيل‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏

وفهم من قوله‏:‏ ‏"‏في حشو‏"‏ أنها لا تزاد في غيره خلافا للفراء في إجازته زيادتها آخرا‏.‏

وفهم من تخصيص الحكم بها أن غيرها لا يزاد، وقد شذ زيادة ‏"‏أصبح، وأمسى‏"‏‏.‏

وأجاز بعضهم زيادة ‏"‏أضحى‏"‏ وسائر أفعال الباب إذ لم ينقص المعنى‏.‏ ثم قال‏:‏

ويحذفونها ويبقون الخبر‏.‏‏.‏‏.‏ وبعد إن ولو كثيرا ذا اشتهر

كثر في ‏"‏كلامهم‏"‏ حذف ‏"‏كان‏"‏ مع اسمها وإبقاء خبرها بعد ‏"‏إن‏"‏ الشرطية كقولهم ‏"‏المرء مجزئ بعمله إن خيرا فخير وإن شرا فشر‏"‏ أي‏:‏ إن كان عمله خيرا فجزاؤه خير‏.‏

وفي هذا المثال ونحوه أربعة أوجه‏:‏

الأول‏:‏ نصب الأول ورفع الثاني، وهو أرجحها؛ لأن فيه إضمار ‏"‏كان‏"‏ واسمها بعد ‏"‏إن‏"‏ وإضمار مبتدأ بعد فاء الجزاء وكلاهما كثير مطرد‏.‏

والثاني‏:‏ عكسه، وهو أضعفها؛ لأن فيه إضمار ‏"‏كان‏"‏ وخبرها بعد ‏"‏إن‏"‏ وإضمار ناصب مع المبتدأ بعد الفاء، وكلاهما قليل‏.‏ ‏"‏ولذلك‏"‏ لم يذكره سيبويه‏.‏

والثالث‏:‏ رفعهما‏.‏

والرابع‏:‏ نصبهما وهما متوسطان‏.‏

ومذهب الشلوبين‏:‏ أنهما متكافئان‏,‏ وقال ابن عصفور‏:‏ إن رفعهما أحسن من نصبهما، والمسألة مشهورة‏.‏

وبعد ‏"‏لو‏"‏ كقوله‏:‏

لا يأمن الدهر ذو بغي ولو ملكا‏.‏‏.‏‏.‏ جنوده ضاق عنها السهل والجبل

أي‏:‏ ولو كان الباغي ملكا‏.‏

وقل حذفها ‏"‏مع‏"‏ غير ‏"‏إن‏"‏ و‏"‏لو‏"‏ ومنه قول الراجز‏:‏

من لد شولا فإلى إتلائها

أي‏:‏ من لد أن كانت شولا‏.‏ ثم قال‏:‏

وبعد أن تعويض ما عنها ارتكب‏.‏‏.‏‏.‏ كمثل أما أنت برا فاقترب

يعني‏:‏ أن ‏"‏كان‏"‏ حذفت أيضا بعد ‏"‏أن‏"‏ المصدرية، ‏"‏وأبقى‏"‏ اسمها وخبرها وعوض عنها ‏"‏ما‏"‏ فصار حذفها واجبا، إذ لا يجمع بين العوض والمعوض خلافا للمبرد في إجازته ‏"‏أما أنت منطلقا انطلقت‏"‏ ويجعل ‏"‏ما‏"‏ زائدة‏.‏

والأصل في قوله‏:‏ أما أنت برا فاقترب، لأن كنت برا‏.‏ فحذف لام التعليل لأن حذفها مع ‏"‏أن‏"‏ مطرد، ثم حذف ‏"‏كان‏"‏ فانفصل الضمير المتصل بها لحذف عامله ثم عوض ‏"‏عنها‏"‏ ‏"‏ما‏"‏ فأنت اسمها وبرا خبرها‏.‏

ثم قال‏:‏

ومن مضارع لكان منجزم‏.‏‏.‏‏.‏ تحذف نون وهو حذف ما التزم

مضارع ‏"‏كان‏"‏ يكون‏,‏ فإذا دخل ‏"‏عليه‏"‏ الجازم سكنت نونه، ثم حذفت الواو، لالتقاء الساكنين نحو ‏"‏لم يكن‏"‏، ثم بعد ذلك يجوز حذف نونه تخفيفا لكثرة الاستعمال مطلقا عند يونس وبشرط أن يكون بعدها متحرك عند سيبويه‏,‏ ويشهد ليونس قول الشاعر‏:‏

فإن لم تك المرآة أبدت وسامة‏.‏‏.‏‏.‏ فقد أبدت المرآة جبهة ضيغم

فإن قلت‏:‏ هل حذف النون مخصوص بالناقصة‏؟‏

قلت‏:‏ لا، بل هو كثير في الناقصة‏.‏

ومن وروده في التامة قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا‏}‏‏.‏

فصل في ‏"‏ما ولا ولات وإن المشبهات بليس‏"‏‏:‏

هذه الأحرف من باب ‏"‏كان‏"‏ وإن فصلت عنها؛ لأنها ‏"‏حروف‏"‏ وتلك أفعال‏.‏

قال‏:‏

إعمال ليس أعملت ما دون إن‏.‏‏.‏‏.‏ مع بقا النفي وترتيب زكن

‏"‏ما‏"‏ النافية حرف مهمل عند ‏"‏بني‏"‏ تميم، وهو القياس، لعدم اختصاصه‏.‏

وألحقه أهل الحجاز بليس؛ لأنها لنفي الحال غالبا‏,‏ فأعملوه عملها، وبه ‏"‏ورد‏"‏ القرآن، قال تعالى‏:‏ ‏{‏مَا هَذَا بَشَرًا‏}‏ ‏,‏ ‏{‏مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ‏}‏‏.‏

ومن أعملها شرط في إعمالها شروطا‏:‏

الأول‏:‏ فقد ‏"‏إن‏"‏ الزائدة، فلو وجدت بطل العمل نحو‏:‏ ‏"‏ما إن زيد قائم‏"‏‏.‏

قال في شرح التسهيل‏:‏ دون خلاف، وحكى غيره عن الكوفيين إجازة النصب‏.‏

والثاني‏:‏ بقاء النفي، فلو انتقص ‏"‏النفي‏"‏ بإلا بطل العمل نحو‏:‏ ‏"‏ما زيد إلا قائم‏"‏‏.‏

والثالث‏:‏ الترتيب، وهو ‏"‏تقديم‏"‏ الاسم على الخبر، فلو تقدم الخبر ‏"‏عليه‏"‏ بطل العمل نحو ‏"‏ما قائم زيد‏"‏‏.‏

وفي هذين الشرطين خلاف‏.‏

قال في شرح التسهيل‏:‏ وقد تعمل متوسطا خبرها، وموجبا بإلا‏,‏ وفاقا لسيبويه في الأول، وليونس في الثاني‏.‏

والرابع‏:‏ ألا يتقدم معمول خبرها على اسمها ما لم يكن ظرفا أو مجرورا، فإن تقدم وليس بظرف ولا مجرور بطل العمل نحو‏:‏ ‏"‏ما طعامك زيد آكل‏"‏‏.‏

وأجاز ابن كيسان نصب ‏"‏آكل‏"‏ ونحوه ‏"‏مع‏"‏ تقديم المعمول‏.‏

فإن قيل‏:‏ وينبغي لمن أجاز تقديم الخبر، أن يجيز تقديم ‏"‏معموله‏"‏‏.‏

‏"‏قلت‏:‏ ليس بلازم‏"‏؛ ‏"‏لأنه‏"‏ يلزم من تقديم المعمول إيلاء العامل معمول غيره، ولا يلزم ذلك ‏"‏مع‏"‏ تقديم الخبر‏.‏

فإن كان المعمول ظرفا أو مجرورا جاز تقديمه على الاسم مع بقاء العمل نحو‏:‏ ‏"‏ما عندك أحد قائما‏"‏، ‏"‏وما بي أنت معنيا‏"‏‏.‏

فإن قلت‏:‏ من أين يؤخذ ‏"‏هذا‏"‏ الشرط الرابع من كلامه‏؟‏

قلت‏:‏ من قوله‏:‏ وسبق حرف جر‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏ البيت، فإن مفهومه أن معمول الخبر إن لم يكن ظرفا أو مجرورا، فإن لا يجوز تقديمه مع بقاء العمل، ثم قال‏:‏

ورفع معطوف بلكن أو ببل‏.‏‏.‏‏.‏ من بعد منصوب بما الزم حيث حل

إذا عطف على منصوب ما وهو خبرها ‏"‏ببل أو لكن‏"‏ وجب رفع المعطوف وجعل خبر مبتدأ محذوف، لأن المعطوف بهما موجب و‏"‏ما‏"‏ لا تعمل في الموجب، فإن عطف بحرف لا يوجب كالواو والفاء ‏"‏نصب المعطوف‏"‏‏.‏

واعلم أن الناظم تجوز في تسمية ما بعد ‏"‏بل ولكن‏"‏ معطوفا، وليس ‏"‏هو‏"‏ بمعطوف بل هو خبر مبتدأ ‏"‏وبل ولكن‏"‏ حرفا ابتداء‏.‏

ثم قال‏:‏

وبعد ما وليس جر البا الخبر‏.‏‏.‏‏.‏ وبعد لا ونفي كان قد يجر

مثاله بعد ‏"‏ما‏"‏ ‏{‏وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ‏}‏‏.‏

‏"‏ولا خلاف في زيادة ‏"‏الباء‏"‏ بعد ‏"‏ما‏"‏ الحجازية، ومنع الفارسي والزمخشري زيادتها بعد ‏"‏ما‏"‏ التميمية، والصحيح الجواز لوجود ذلك في أشعار بني تميم‏"‏‏.‏

وبعد ‏"‏ليس‏"‏ ‏"‏نحو‏"‏ ‏{‏أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ‏}‏‏.‏

وبعد ‏"‏لا‏"‏ قول سواد بن قارب‏:‏

فكن لي شفيعا يوم لاذو شفاعة‏.‏‏.‏‏.‏ بمغن فتيلا عن سواد بن قارب

‏"‏واختلف في زيادتها بعد ‏"‏لا‏"‏ النافية للجنس، فأجازه بعضهم مستدلا بقول‏:‏ ‏"‏لا خير بخير بعده النار‏"‏ ومنعه آخرون وجعلوا الباء ظرفية‏"‏‏.‏

وبعد نفي ‏"‏كان‏"‏ كقوله‏:‏

وإن مدت الأيدي إلى الزاد لم أكن‏.‏‏.‏‏.‏ بأعجلهم إذ أجشع القوم أعجل

وهو كثير بعد ‏"‏ليس‏"‏ و ‏"‏ما‏"‏ ‏"‏وقلَّ‏"‏ بعد ‏"‏لا‏"‏ و‏"‏كان المنفية‏"‏ ولذلك قلله بقد‏.‏

ثم قال‏:‏

في النكرات أعملت كليس لا

يعني‏:‏ أن ‏"‏لا‏"‏ تعمل عمل ‏"‏ليس‏"‏ فترفع الاسم وتنصب الخبر، بشرط أن يكون ‏"‏اسمها‏"‏ نكرة كقوله‏:‏

تعز فلا شيء على الأرض باقيا‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏

خلافا للمبرد ومن وافقه في منعهم إعمالها ‏"‏عمل‏"‏ ‏"‏ليس‏"‏ وأما قول النابغة الجعدي‏:‏

وحلت سواد القلب لا أنا باغيا‏.‏‏.‏‏.‏ سواها ولا في حبها متراخيا

فظاهره أنه أعملها في المعرفة‏.‏

وأجاز في شرح التسهيل القياس عليه، وأجازه ابن جني وتأوله المانعون‏.‏

ثم قال‏:‏

وقد تلي لات وإن ذا العملا

يعني أن ‏"‏لات‏"‏ ‏"‏وإن‏"‏ ‏"‏قد‏"‏ يرفعان الاسم وينصبان الخبر‏.‏

أما ‏"‏لات‏"‏ فأثبت سيبويه والجمهور عملها، ونقل ‏"‏منعه‏"‏ عن الأخفش، وهي مركبة عند سيبويه من ‏"‏لا‏"‏ النافية ‏"‏والتاء‏"‏‏.‏

وأما ‏"‏إن‏"‏ فأجاز إعمالها إعمال ‏"‏ليس‏"‏ الكسائي وأكثر الكوفيين وطائفة من البصريين، ومنعه جمهور البصريين، واختلف عن سيبويه والمبرد، والصحيح الإعمال‏,‏ وقد سمع في النثر والنظم‏,‏ فمن النثر، قولهم‏:‏ ‏"‏‏"‏إن‏"‏ ذلك نافعك ولا ضارك، وإن أحد خيرا من أحد إلا بالعافية‏"‏‏.‏

وقال أعرابي‏:‏ ‏"‏إن قائما‏"‏ يريد إن أنا قائما‏.‏

وجعل ابن جني من ذلك قراءة سعيد بن جبير‏:‏ ‏"‏إنِ الذين تدعون من دون الله عبادا أمثالكم‏"‏،‏.‏

والنظم قوله‏:‏

إن هو مستوليا على أحد‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏

وقول الآخر‏:‏

إن المرء ميتا بانقضاء حياته‏.‏‏.‏‏.‏ ولكن بأن يبغى عليه فيخذلا

وبهذا تبين بطلان قول من قال إنه لم يأت منه ‏"‏إن هو مستوليا‏"‏ وتخصيصه ذلك بالضرورة‏.‏

ونص المصنف على أن ‏"‏عمل‏"‏ ‏"‏لا‏"‏ أكثر من عمل ‏"‏إن‏"‏ والعكس أقرب إلى الصواب‏.‏

ثم قال‏:‏

وما للات في سوى حين عمل

يعني أن ‏"‏لات‏"‏ تختص بأسماء الأحيان فلا تعمل في غيرها‏.‏

ثم أشار إلى أن حذف اسمها وإبقاء خبرها كثير، وأن عكسه قليل بقوله‏:‏

وحذف ذي الرفع فشا والعكس قل

فمن حذف مرفوعها قوله تعال‏:‏ ‏{‏وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ‏}‏‏.‏

ومن حذف منصوبها قراءة من قرأ‏:‏ ‏"‏ولا حين مناص‏"‏ ‏"‏بالرفع‏"‏ ولم يثبتوا بعدها الاسم والخبر جميعا‏.‏

أفعال المقاربة‏:‏

سميت أفعال المقاربة، وإن كان منها ما ليس للمقاربة تغليبا‏.‏

وهي ثلاثة أقسام‏:‏

قسم لرجاء الفعل وهي ‏"‏عسى وحرى واخلولق‏"‏ فهذه الثلاثة للإعلام بالمقاربة على سبيل الرجاء‏.‏

وقسم لمقاربة الفعل وهو ‏"‏كاد وكرب وأوشك‏"‏‏.‏

وقسم للشروع فيه وهو ‏"‏أنشأ وطفق وأخذ وجعل وعلق‏"‏‏.‏

وهذه الأفعال من باب ‏"‏كان‏"‏ لأنها ترفع الاسم وتنصب الخبر، إلا أن خبرها لا يكون في الغالب إلا فعلا مضارعا‏.‏

وقد أشار إلى ذلك بقوله‏:‏ ككان كاد وعسى‏.‏

يعني أنهما مثل ‏"‏كان‏"‏ في رفع الاسم ونصب الخبر‏.‏

ثم قال‏:‏

‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏ لكن ندر‏.‏‏.‏‏.‏ غير مضارع لهذين خبر

فأشار إلى الفرق بينهما وبين ‏"‏كان‏"‏‏.‏

ومن وروده غير مضارع قوله‏:‏

‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏ لا تكثرن إني عيسيت صائما

وقول الآخر‏:‏

فأبت إلى فهم وما كدت آئبا‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏

وذلك منبهة على الأصل‏.‏

ثم قال‏:‏

وكونه بدون أن بعد عسى‏.‏‏.‏‏.‏ نزر‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏

يعني أن الأكثر في المضارع الواقع خبر عسى اقترانه ‏"‏بأن‏"‏ وكونه بدون ‏"‏أن‏"‏ قليل، ومنه‏:‏

عسى الكرب الذي أمسيت فيه‏.‏‏.‏‏.‏ يكون وراءه فرج قريب

وجمهور البصريين على ‏"‏أن‏"‏ حذف أن بعد ‏"‏عسى‏"‏ ضرورة، وظاهر كلام سيبويه ‏"‏أنه‏"‏ لا يختص بالشعر‏.‏

ثم قال‏:‏

‏.‏‏.‏‏.‏ وكاد الأمر فيه عكسا

يعني‏:‏ أن اقتران المضارع بعدها بـ‏"‏أن‏"‏ قليل‏.‏

ومنه‏:‏

‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏ قد كاد من طول البلى أن يمصحا

وظاهر كلام المصنف جواز ذلك، وخصه المغاربة بالضرورة‏.‏

ثم قال‏:‏ وكعسى حرى‏,‏ أي‏:‏ في المعنى؛ لأنها للرجاء كما سبق‏.‏

‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏ ولكن جعلا‏.‏‏.‏‏.‏ خبرها حتما بأن متصلا

فيقال ‏"‏حري زيد أن يفعل‏"‏، ولا يجوز ‏"‏حري زيد يفعل‏"‏، وقل من ذكر ‏"‏حري‏"‏‏.‏

ثم قال‏:‏

وألزموا اخلولق أن مثل حري

فيقال‏:‏ ‏"‏اخلولق زيد أن يفعل‏"‏، ولا يجوز ‏"‏اخلولق زيد يفعل‏"‏‏.‏

ثم قال‏:‏ وبعد أوشك انتفا ‏"‏أن‏"‏ نزرا‏,‏ فهي مثل ‏"‏عسى‏"‏ في ذلك ومن انتفاء ‏"‏أن‏"‏ بعدها قوله‏:‏

يوشك من فر من منيته‏.‏‏.‏‏.‏ في بعض غراته يوافقها

ثم قال‏:‏

ومثل كاد في الأصح كربا

يعني‏:‏ أن إثبات ‏"‏أن‏"‏ بعدها قليل ومنه‏:‏

‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏ وقد كربت أعناقها أن تقطعا

ولم يذكر سيبويه في خبر ‏"‏كرب‏"‏ إلا التجرد، وإليه أشار بقوله‏:‏ ‏"‏في الأصح‏"‏ والمشهور ‏"‏في ‏"‏كرب‏"‏ فتح الراء وقد حكي كسرها‏.‏

ثم قال‏:‏

وترك أن مع ذي الشروع وجبا

وذلك لأن الفعل معها حال ‏"‏وأن‏"‏ للاستقبال‏,‏ ثم ذكر أفعال الشروع فقال‏:‏

كأنشأ السائق يحدو وطفق‏.‏‏.‏‏.‏ كذا جعلت وأخذت وعلق

أو يقال‏:‏ ‏"‏طفق‏"‏ بكسر الفاء وفتحها‏,‏ وطبق بالباء أيضا‏,‏ فإن قلت‏:‏ فقد ذكر في التسهيل من أفعال الشروع ‏"‏هب وقام‏"‏‏.‏

قلت‏:‏ هما غريبان، وأيضا ‏"‏فإنه‏"‏ لم يدع الحصر‏.‏

قال‏:‏

واستعملوا مضارعا لأوشكا‏.‏‏.‏‏.‏ وكان لا غير وزادوا موشكا

جميع أفعال المقاربة لا تتصرف ‏"‏إلا‍‏"‏ ‏"‏كاد وأوشك‏"‏ فإن لهما مضارعا وهو ‏"‏يكاد ويوشك‏"‏ واسم فاعل وهو ‏"‏موشك وكائد‏"‏‏.‏

ولم يذكر هنا اسم فاعل ‏"‏كاد‏"‏ وقال في ‏"‏الكافية‏"‏ الكبرى ‏"‏واحفظ كائدا وموشكا‏"‏‏.‏

ذكر الجوهري مضارع ‏"‏طفق‏"‏ قال المصنف‏:‏ ولم أره لغيره، والظاهر أنه قال رأيا، وقد حكى مضارع ‏"‏جعل‏"‏‏.‏

ثم قال‏:‏

بعد عسى اخلولق أوشك قد يرد‏.‏‏.‏‏.‏ غنى بأن يفعل عن ثان فقد

يجوز إسناد هذه الثلاثة إلى ‏"‏أن يفعل‏"‏ فتستغنى به عن الخبر نحو ‏"‏عسى أن يقوم‏"‏ فأن وصلتها في موضع رفع ‏"‏بعسى‏"‏‏,‏ وسدت مسد الجزأين‏.‏

فإن قلت‏:‏ إذا أسندت هذه الثلاثة إلى ‏"‏أن‏"‏ والفعل‏,‏ فهل هي تامة أو ناقصة‏؟‏‏.‏

قلت‏:‏ فيها خلاف، ذهب قوم إلى أنها تامة، والمرفوع فاعلها‏.‏

قال في شرح التسهيل‏:‏ الوجه عندي أن تجعل ‏"‏عسى‏"‏ ناقصة أبدا، وإذا أسندت إلى ‏"‏أن‏"‏ والفعل وجه بما يوجه به وقوع حسب عليهما في نحو‏:‏ ‏{‏أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا‏}‏‏.‏

ثم قال‏:‏

وجردن عسى أو ارفع مضمرا‏.‏‏.‏‏.‏ بها إذا اسم قبلها قد ذكرا

إذا بنيت هذه الثلاثة على اسم قبلها جاز إسنادها إلى ضميره، وجعل أن يفعل خبرا وجاز إسنادها ‏"‏إلى أن يفعل‏"‏ مكتفى به، وتكون مجردة من الضمير‏.‏

ويظهر أثر ذلك في التأنيث والتثنية والجمع، فتقول على الأول‏:‏ ‏"‏هند عست أن تفعل‏"‏ ‏"‏والزيدان عسيا أن يفعلا‏"‏‏,‏ ‏"‏والزيدون ‏"‏عسوا‏"‏ أن يفعلوا‏"‏‏.‏ وتقول على الثاني‏:‏ ‏"‏عسى‏"‏ بالتجريد في الأحوال كلها‏.‏

ثم قال‏:‏

والفتح والكسر أجز في السين من‏.‏‏.‏‏.‏ نحو عسيت وانتقا الفتح زكن

يجوز كسر سين ‏"‏عسى‏"‏ وفتحها، إذا اتصل بها ضمير مرفوع لمتكلم، أو مخاطب أو ‏"‏غائبات‏"‏ والفتح أكثر، ولذلك قال‏:‏ ‏"‏وانتقا الفتح زكن‏"‏‏.‏

أي‏:‏ واختيار الفتح علم، وبالكسر قرأ نافع‏.‏

ثم انتقل إلى القسم الثاني من نواسخ الابتداء فقال‏:‏