فصل: التمييز:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك ***


التمييز‏:‏

قال‏:‏

اسم بمعنى ‏"‏مِنْ‏"‏ مبين نكرة‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏

‏"‏اسم‏"‏ جنس، و‏"‏بمعنى من‏"‏ يخرج ما سوى التمييز، والمشبه بالمفعول نحو‏:‏ ‏"‏الحسن الوجه‏"‏‏,‏ واسم ‏"‏لا‏"‏ التبرئة نحو‏:‏ ‏"‏لا رجل‏"‏‏,‏ ونحو‏:‏ ‏"‏ذنبا‏"‏، من‏:‏

أستغفر الله ذنبا‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏

فكل ذلك ‏"‏مشارك‏"‏ التمييز في أنه على معنى ‏"‏من‏"‏‏.‏

‏"‏ومبين‏"‏ يخرج اسم ‏"‏لا‏"‏ والمنصوب ‏"‏باستغفرت‏"‏، و‏"‏نكرة‏"‏ يخرج المشبه‏.‏

وذهب الكوفيون وابن الطراوة إلى جواز تعريف التمييز‏,‏ وما أوهم ذلك مؤول عند البصريين‏.‏

ثم ذكر حكمه فقال‏:‏

‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏ يُنصَب تمييزا بما قد فسره

وفهم من قوله‏:‏ ‏"‏بما قد فسره‏"‏ أن عامل التمييز هو المميز‏,‏ وهو ما قبله من المبهمات المفتقرة إليه، وأقول‏:‏ التمييز نوعان‏:‏

الأول‏:‏ تمييز مفرد، وهو‏:‏ ما رفع إبهام اسم قبله مجمل الحقيقة‏,‏ نحو‏:‏ ‏"‏رطل ‏"‏سمنا‏"‏ و‏"‏عشرين درهما‏"‏‏"‏‏.‏

ولا خلاف أن العامل في هذا النوع ‏"‏هو‏"‏ مميزه كما ذكر‏.‏

والثاني‏:‏ تمييز الجملة، وهو ما رفع إبهام نسبة في جملة أو ‏"‏شبهها‏"‏‏.‏

وعامل هذا النوع عند سيبويه والمازني والمبرد ومن وافقهم هو الفعل، وما جرى مجراه من مصدر ووصف واسم فعل، نحو‏:‏ ‏"‏طاب زيدٌ نفسًا‏"‏ و‏"‏عجبتُ من طيب زيد نفسًا‏"‏ و‏"‏زيد طيبٌ نفسًا‏"‏ و‏"‏سرعان ذا إهالةً‏"‏‏.‏ وذهب قوم إلى أن

العامل فيه هو الجملة التي انتصب عن تمامها‏,‏ لا الفعل وما جرى مجراه، واختاره ابن عصفور، ونسبه إلى المحققين‏.‏

فإن قلت‏:‏ ظاهر قوله‏:‏ ‏"‏بما فسره‏"‏ يقتضي موافقة من جعل العامل في هذا النوع هو الجملة؛ لأن التمييز لم يفسر ‏"‏الفعل‏"‏ ولا جرى مجراه‏.‏

قلت‏:‏ لا يصح حمل كلامه على ذلك؛ لنصه في غير هذا الموضع على أن عامله الفعل، وقد صرح بذلك آخر الباب‏.‏

فإن قلت‏:‏ فكيف يندرج الفعل في قوله‏:‏ ‏"‏بما فَسَّره‏"‏‏؟‏

قلت‏:‏ لما كان التمييز قد رفع إبهام نسبة إلى فاعله أو مفعوله‏,‏ فكأنه رفع الإبهام عنه‏,‏ ‏"‏فاندرج‏"‏ بهذا الاعتبار‏.‏

ثم ‏"‏مَثَّل‏"‏ تمييز المفرد فقال‏:‏

كشبرٍ أرضًا وقفيز بُرًّا‏.‏‏.‏‏.‏ ومَنَوَيْنِ عسلًا وتمرا

المفرد الذي يفسره التمييز، إما مقدار وهو المسموع‏,‏ نحو‏:‏

‏"‏شبرٌ أرضًا‏"‏‏,‏ والمكيل نحو‏:‏ ‏"‏قفيزٌ بُرًّا‏"‏‏.‏

والموزون نحو‏:‏ ‏"‏منوين عسلًا‏"‏‏.‏

والموزون نحو‏:‏ ‏"‏خمسة عشر رطلا‏"‏ وجعله بعضهم من المقادير‏.‏

أو مفهم ‏"‏غيرية‏"‏ نحو‏:‏ لنا غيرُها إبلًا‏.‏

أو مثلية نحو‏:‏ لنا أمثالها شاء‏.‏

أو تعجب نحو‏:‏ ‏"‏الله دره فارسًا‏"‏‏.‏

وإنما اقتصر في ‏"‏هذا‏"‏ البيت على التمثيل بالمقدار؛ لكثرة انتصاب التمييز عنه‏.‏

ثم قال‏:‏

وبعد ذي وشبهها اجرُرْه إذا‏.‏‏.‏‏.‏ أضفتها كمد حنطة غِذَا

‏"‏الإشارة بذي إلى المثل السابقة ونحوها؛ كل ما دل على مساحة أو كيل أو وزن، فيجوز في ذلك ‏"‏جره‏"‏ بإضافة المميز إليه، فتقول‏:‏ ‏"‏شبر أرض وقفيز بر ومنوا عسل‏"‏‏,‏ وقد مثل بقوله‏:‏ كمد حنطة غذا‏"‏‏.‏

ثم قال‏:‏

والنصب بعد ما أُضيف وجبا‏.‏‏.‏‏.‏ إن كان مثل ‏"‏ملء‏"‏ الأرض ذهبا

يعني‏:‏ أن جواز جر التمييز بالإضافة مشروط بخلو التمييز من إضافته إلى غير التمييز‏.‏

فإن أضيف إلى غيره وجب النصب نحو‏:‏ ‏{‏مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا‏}‏‏.‏

فإن قلت‏:‏ ما فائدة الشروط في قوله‏:‏ ‏"‏إن كان‏"‏‏؟‏

قلت‏:‏ التنبيه على أن تمييز المضاف له حالتان‏:‏

إحداهما‏:‏ ألا يصح إغناؤه عن المضاف إليه، فهذا يجب نصبه كالمثال المذكور، إذ لو قيل فيه‏:‏ ‏"‏ملء ذهب‏"‏ لم يستقم المعنى‏.‏

والأخرى‏:‏ ألا يصح إغناؤه عنه‏,‏ فيجوز جره بالإضافة؛ لأن حذف ‏"‏المضاف إليه‏"‏ غير ممتنع نحو‏:‏ ‏"‏زيد أشجعُ الناسِ رجلًا‏"‏ فلك في هذا أن تقول‏:‏ ‏"‏هو أشجعُ رجلٍ‏"‏‏.‏

فإن قلت‏:‏ كيف جعل النصب بعد المضاف المذكور واجبا‏,‏ وقد ذكر ‏"‏بعده جواز جره ‏"‏بمن‏"‏‏؟‏

قلت‏:‏ يعني ‏"‏بشرط‏"‏ خلوه من ‏"‏مِنْ‏"‏ وذلك مفهوم من قوله‏:‏ ‏"‏إن كان مثل ملء الأرض ذهبًا‏"‏ أي‏:‏ ‏"‏إن‏"‏ كان كالمثال المذكور في امتناع إغنائه عن المضاف إليه وفي تجرده من ‏"‏مِنْ‏"‏‏.‏

فإن قلت‏:‏ لم يذكر هنا حكم تمييز العدد‏.‏

قلت‏:‏ لأن له بابا يذكر فيه‏.‏

ثم انتقل إلى بيان موضعين من تمييز الجملة فقال‏:‏

والفاعل المعنى انصبن بأفعلا‏.‏‏.‏‏.‏ مُفضِّلا كأنت أعلى منزلا

النكرة الواقعة بعد أفعل التفضيل نوعان‏:‏

أحدهما‏:‏ فاعل في المعنى وهو السببي‏,‏ وعلامته أن يصلح للفاعلية عند جعل أفعل ‏"‏التفضيل‏"‏ فعلا، نحو‏:‏ ‏"‏أنت أعلى منزلًا‏"‏‏,‏ فإنه يصلح لذلك فتقول‏:‏ ‏"‏علا منزلك‏"‏ فهذا النوع ينصب على التمييز‏.‏

والآخر‏:‏ أن يكون فاعلا في المعنى، وهو ما أفعل التفضيل بعضه، وعلامته أن ‏"‏يحسن‏"‏ وضع بعض موضع ‏"‏أفعل‏"‏ ويضاف إلى جمع قائم مقام النكرة نحو‏:‏ ‏"‏أنت أفضلُ فقيهٍ‏"‏‏,‏ فإنه يحسن فيه ذلك فتقول‏:‏ ‏"‏أنت بعضُ الفقهاء‏"‏‏.‏

فهذا النوع يجب جره بالإضافة، إلا أن يكون أفعل التفضيل مضافا إلى غيره، فينصب نحو‏:‏ ‏"‏أنت أكرمُ الناس رجلًا‏"‏‏.‏

ثم قال‏:‏

وبعد كل ما اقتضى تعجبا‏.‏‏.‏‏.‏ ميز ‏"‏كأكرِمْ بأبي بكر أبا

يعني‏:‏ أنه يجوز انتصاب التمييز بعد كل ما دل على تعجب نحو‏:‏ ‏"‏أكرم بأبي بكر أبا‏"‏‏,‏ ‏"‏وما أكرمه أبا‏"‏، وغير ذلك من الصيغ الدالة على التعجب نحو‏:‏ ‏"‏لله دره فارسا‏"‏‏.‏

قال في شرح الكافية‏:‏ والمراد بأبي بكر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي عن أبي بكر صاحبه‏.‏

ولما كان كل منصوب على التمييز فيه معنى ‏"‏من‏"‏ وبعضه يصلح لمباشرتها وبعضه لا يصلح‏,‏ بين ذلك بقوله‏:‏

واجرُرْ بمِنْ إن شئت غير ذي العدد‏.‏‏.‏‏.‏ والفاعل المعنى كطب نفسًا تفد

أي‏:‏ يجوز في كل تمييز أن يجر ‏"‏بمن‏"‏ إلا تمييز العدد، وما كان فاعلا في المعنى، فإنهما لا يجران ‏"‏بمن‏"‏ فلا يجوز ‏"‏عندي عشرون من درهم‏"‏، ولا ‏"‏طاب زيد من نفس‏"‏‏,‏ ويجوز فيما سواهما نحو‏:‏ ‏"‏عندي قفيز من بُرٍّ‏"‏‏.‏

فإن قلت‏:‏ هذا الضابط غير مستقيم من أوجه‏:‏

الأول‏:‏ أن تمييز العدد لا يمتنع جره ‏"‏بمن‏"‏ مطلقا‏,‏ ‏"‏لكن‏"‏ يشترط أن يجمع نحو‏:‏ ‏"‏عندي عشرون من الدراهم‏"‏‏.‏

الثاني‏:‏ أنه أطلق فيما هو فاعل في المعنى‏,‏ وهو مقيد‏.‏

قال الشارح‏:‏ لا يجوز جره ‏"‏بمن‏"‏ إلا في تعجب أو شبهه‏.‏

قولهم‏:‏ ‏"‏لله دره من فارس‏"‏‏.‏

وقال الشاعر‏:‏

‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏ فنِعْمَ المرءُ من رجل تَهَامي

الثالث‏:‏ أن إجازته جر غير هذين النوعين ‏"‏بمن‏"‏ ليس على إطلاقه‏,‏ بل يستثنى من ذلك ما كان ‏"‏منقولا‏"‏ من الفعل نحو‏:‏ ‏{‏وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا‏}‏ ‏,‏ ‏"‏فلا يجوز جره بمن‏"‏‏.‏

قلت‏:‏

أما الأول فلا يرد؛ لأن تمييز العدد متى جمع لم يبق تمييزا اصطلاحيا، فإن شرطه الإفراد‏.‏

وأما الثاني فهو على إطلاقه، ولا نسلم صحة استثناء الشارح؛ لأن التمييز في نحو‏:‏ ‏"‏لله دره فارسًا‏"‏ و‏"‏نعم المرء من رجل تهامي‏"‏ تمييز مفرد لا تمييز جملة‏,‏ ‏"‏والمنقول عن الفاعل لا يكون إلا تمييز جملة‏"‏‏.‏

ويلزم الشارح جواز الجر بمن في نحو‏:‏ ‏"‏زيد أحسن ‏"‏به‏"‏ وجهًا‏"‏؛ لأنه في تعجب‏,‏ وقد نص غير المصنف على منعه‏.‏

وأما الثالث فالظاهر وروده، ولا يقال‏:‏ لعل المصنف ممن لا يثبت المنقول ‏"‏عن‏"‏ المفعول كالشلوبين، فإن المصنف أثبته في شرح التسهيل‏.‏

فإن قلت‏:‏ ما معنى ‏"‏من‏"‏ الداخلة على التمييز‏؟‏

قلت‏:‏ هي للتبعيض‏.‏

وقال الشلوبين‏:‏ يجوز أن تكون بعد المقادير وما أشبهها زائدة عند سيبويه، كما زيدت‏:‏ ‏"‏ما جاءني من رجل‏"‏، قال‏:‏ ‏"‏إلا أن المشهور من مذهب النحويين -ما عدا الأخفش- أنها لا تزاد إلا في غير الواجب‏"‏‏.‏

قال في الارتشاف‏:‏ ويدل على صحة ذلك -يعني الزيادة- أنه عطف على موضعها نصبا‏,‏ قال الحطيئة‏:‏

طافت أمامة بالرُّكبان آونة‏.‏‏.‏‏.‏ يا حسنه مِن قَوَامٍ ومنتقبا

قال‏:‏

وعامل التمييز قدم مطلقا‏.‏‏.‏‏.‏ والفعل ذو التصريف نَزْرا سُبِقا

عامل التمييز إن لم يكن فعلا متصرفا‏,‏ لم يجز التمييز عليه‏,‏ قال المصنف بإجماع‏.‏

وأما قوله‏:‏

ونارنا لم يُرَ نارًا مثلُها‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏

فضرورة، وتأوله بعضهم على أن الرؤية علمية، ونارا مفعول ثانٍ‏.‏ وإن كان فعلا متصرفا‏,‏ فذهب سيبويه والفراء وأكثر البصريين والكوفيين إلى منع تقديمه عليه‏,‏ وذكروا لمنع تقديمه عللا‏.‏

وذهب الكسائي والجرمي والمبرد إلى جواز ‏"‏ذلك‏"‏‏,‏ ووافقهم المصنف لورود السماع به كقوله‏:‏

أنفسًا تطيب بنيل المنى‏.‏‏.‏‏.‏ وداعي المنون ينادي جهارا‏؟‏

وأبيات أخر‏.‏

فإن قلت‏:‏ ظاهر قوله‏:‏ ‏"‏نزرا سبقا‏"‏ أنه قليل‏,‏ فلا يقاس عليه‏.‏

قلت‏:‏ ‏"‏لا يلزم من قلته ألا يقاس عليه‏"‏‏,‏ بل هو عنده مَقِيس وفاقا لمن ذكروا‏.‏

ورُدَّ عليه ‏"‏أن‏"‏ ما ذكره من أن التمييز قد يسبق الفعل المتصرف، ليس على إطلاقه؛ إذ لنا فعل متصرف ولا يسبقه التمييز بإجماع، وهو ‏"‏كفى‏"‏ في نحو‏:‏ ‏"‏كفى ‏"‏بزيد‏"‏ ناصرًا‏"‏ ‏"‏فلا يجوز تقديم ‏"‏ناصرا‏"‏ على ‏"‏كفى‏"‏ وإن كان فعلا متصرفا؛ لأنه بمعنى فعل غير متصرف، وهو فعل التعجب، فمعنى قولك‏:‏ ‏"‏كفى بزيد ناصرًا‏"‏ ما أنصره رجلًا‏"‏‏,‏ وهو عند المصنف منتصب عن تمام الجملة‏.‏

حروف الجر‏:‏

قال‏:‏

هاك حروف الجر وهي من إلى‏.‏‏.‏‏.‏ حتى خلا حاشا عدا في عن على

مذ منذ رب اللام كي واو وتا‏.‏‏.‏‏.‏ والكاف والبا ولعل ومتى

هذه عشرون حرفا مشتركة في جر الاسم ولكل منها تفصيل يأتي، إلا ‏"‏خلا، وحاشا، وعدا‏"‏ فإن حكمها تقدم في الاستثناء‏.‏

وإلا ‏"‏كي، ولعل، ومتى‏"‏؛ لغرابة الجر بهن‏.‏

أما ‏"‏كي‏"‏ فتجر ثلاثة أشياء‏:‏

الأول‏:‏ ‏"‏ما‏"‏ الاستفهامية ‏"‏كقولهم‏"‏ في السؤال عن ‏"‏علة‏"‏ الشيء‏:‏ كَيْمَهْ‏؟‏ بمعنى‏:‏ لِمَهْ‏؟‏

الثاني‏:‏ ‏"‏أن‏"‏ المصدرية مع صلتها في نحو‏:‏ ‏"‏جئت كي تفعل‏"‏ في أحد الوجهين‏.‏

الثالث‏:‏ ‏"‏ما‏"‏ المصدرية مع صلتها في قوله‏:‏

‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏ يراد الفتى كَيْمَا يضر وينفع

وهو نادر‏.‏

وأما ‏"‏لعل‏"‏ فتجر في لغة عقيل ثابتة ‏"‏الأول ومحذوفته‏"‏ ومفتوحة الآخر ‏"‏و‏"‏ مكسورته‏,‏ خلافا لمن أنكر الجر بها‏.‏

وأما ‏"‏متى‏"‏ ‏"‏فتجر‏"‏ في لغة هذيل بمعنى من‏,‏ ومن كلامهم‏:‏ ‏"‏أخرجها متى كُمِّه‏"‏ أي‏:‏ من كمه‏.‏

تنبيه‏:‏

عد بعضهم من حروف الجر ‏"‏ها‏"‏ التنبيه، وهمزة الاستفهام‏,‏ وهمزة القطع إذا جعلت عوضا من حروف الجر في القسم‏.‏

قال في التسهيل‏:‏ وليس في الجر في التعويض بالعوض، خلافا للأخفش ومن وافقه ا‏.‏ هـ‏.‏ وذهب الزجاج والرماني إلى أن ايمُن في القسم حرف جر وشذَّا في ذلك‏.‏

‏"‏وعد‏"‏ بعضهم منها الميم ‏"‏مثلثة‏"‏ في القسم نحو‏:‏ مَُِ الله، وجعلها في التسهيل بقية ‏"‏أامُن‏"‏‏.‏

قال‏:‏ وليست بدلا من الواو، ولا أصلها ‏"‏من‏"‏ خلافا لمن زعم ذلك‏.‏ ‏"‏وذكر‏"‏ الفراء أن ‏"‏لات‏"‏ ‏"‏قد‏"‏ تجر الزمان، وقرئ‏:‏ ‏"‏ولات حِينِ مناص‏"‏ بالجر‏.‏

وزعم الأخفش أن ‏"‏بَلْهَ‏"‏ حرف جر بمعنى ‏"‏مِنْ‏"‏‏,‏ والصحيح أنها اسم‏.‏ وذهب سيبويه إلى أن ‏"‏لولا‏"‏ حرف جر إذا وليها ضمير متصل نحو‏:‏ لولاك ولولاي ‏"‏ولولاه‏"‏‏.‏

ومذهب الأخفش والكوفيين، أن الضمير بعدها مرفوع الموضع‏,‏ استعير ضمير الجر للرفع‏.‏

ثم قال‏:‏

بالظاهر اخصُصْ منذُ مذُ وحتى‏.‏‏.‏‏.‏ والكاف والواو ورُبَّ والتا

حروف الجر نوعان‏:‏ نوع يجر الظاهر فقط، ونوع يجر الظاهر والمضمر‏.‏

فالأول‏:‏ هو الأحرف المذكورة في هذا البيت، ولعل وكي ومتى‏.‏

والثاني‏:‏ ما عداها‏.‏

وقوله‏:‏ واخصص بمذ ومنذ وَقْتًا‏,‏ ‏"‏يعني‏:‏ أن مذ ومنذ لا يجران إلا الزمان‏,‏ وسيأتي الكلام عليهما‏"‏‏.‏

وقوله‏:‏ وبرُبَّ مُنَكَّرا‏.‏

يعني أن ‏"‏رب‏"‏ لا تجر إلا نكرة‏,‏ وسيأتي دخولها على الضمير‏.‏

وأجاز بعضهم أن تجر المعرف بأل، وأنشد‏:‏

ربما الجامل المؤبل‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏

بخفض الجامل وصفته

فإن صحت الرواية‏,‏ حمل على زيادة ‏"‏أل‏"‏‏.‏

وشذ ‏"‏رب أبيه‏"‏ و‏"‏رب أخيه‏"‏ و‏"‏رب أمه‏"‏‏.‏

واختلف في معنى ‏"‏رب‏"‏‏,‏ فقيل‏:‏ للتقليل، وقيل‏:‏ للتكثير، ونسب كل منهما إلى سيبويه‏.‏

وقيل‏:‏ تكون ‏"‏لهما‏"‏‏,‏ وقيل‏:‏ حرف إثبات لم يوضع لتقليل ولا لتكثير‏,‏ وفي التسهيل‏:‏ وللتقليل بها نادر‏.‏ هـ‏.‏

وقوله‏:‏ ‏"‏والتاء لله ورب‏"‏‏.‏

يعني‏:‏ أن التاء مختصة باسم الله‏,‏ نحو‏:‏ ‏{‏تَاللَّهِ تَفْتَأُ‏}‏‏.‏

وحكى الأخفش دخولها على الرب‏,‏ قالوا‏:‏ ‏"‏تربِّ الكعبة‏"‏‏,‏ وقالوا أيضا‏:‏ ‏"‏تالرحمن‏"‏ و‏"‏تحياتك‏"‏ وهو شاذ‏.‏

وقالوا‏:‏ إنها بدل من واو القسم‏.‏

وقوله‏:‏

وما رَوَوْا من نحو رُبَّهُ فتى‏.‏‏.‏‏.‏ نزر‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏

أشار ‏"‏به‏"‏ إلى أنه قد ورد دخول رب على المضمر‏,‏ وأنه قليل‏.‏ ومنه قول الشاعر‏:‏

‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏ ورُبَّهُ عطبا أنقذت من عَطَبه

وروي‏:‏ ‏"‏وربه عطبٍ‏"‏ بالجر على نية من‏,‏ وهو شاذ‏.‏

فإن قلت‏:‏ إنما أورد النحويون ذلك على أنه ‏"‏فصيح‏"‏ مقيس ‏"‏عليه‏"‏‏,‏ فكيف قال‏:‏ ‏"‏نزر‏"‏‏؟‏

قلت‏:‏ لعله أراد أنه قليل بالنسبة إلى الظاهر، ويؤيده قوله في الكافية‏:‏

وربَّهُ عطبا استُندر وقِس‏.‏‏.‏‏.‏ عليه إن شئت وحُد عن مُلْبِس

فقال‏:‏ وقس عليه‏.‏

تنبيهان‏:‏

الأول‏:‏ مذهب البصريين أن الضمير المجرور برب يلزم إفراده وتذكيره استغناء بمطابقة التمييز ‏"‏للمراد‏"‏، وحكى الكوفيون مطابقته أيضا‏.‏

الثاني‏:‏ اختلف في الضمير المجرور برب، فقيل‏:‏ معرفة، وإليه ذهب الفارسي وكثير‏.‏ وقيل‏:‏ نكرة، واختاره الزمخشري وابن عصفور‏.‏

وقوله‏:‏ كذا كَهَا‏.‏

أشار به إلى أن الكاف قد تجر ضمير الغائب قليلا‏,‏ كقول الراجز‏:‏

‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏ وأم أوعال كَهَا أو أقربا

‏"‏وإليه‏"‏ أشار بقوله‏:‏ ‏"‏كها‏"‏ ‏"‏وهذا من الضرائر‏"‏‏.‏

وقد شذّ دخول الكاف على ضميري المتكلم، والمخاطب في قول الحسن‏:‏ ‏"‏أنا كَكَ وأنتَ كِي‏"‏‏.‏

وقول الشاعر‏:‏

وإذا الحرب شمَّرت لم تكن كِي‏.‏‏.‏‏.‏ والكاف في‏:‏‏"‏كِي‏"‏ مكسورة

وقد دخلت أيضا على ضميري الرفع والنصب ‏"‏المنفصلين‏"‏ كقولهم‏:‏ ‏"‏ما أنا كأنت ‏"‏ولا‏"‏ أنت كأنا‏"‏‏.‏

‏"‏والنصب كقوله‏:‏

‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏ ولم يأسر كإيَّاك آسِر،

وجعله في التسهيل أقل من دخولها على ضمير الغائب المتصل‏.‏

قيل‏:‏ وفيه نظر‏.‏

بل إن لم يكن أكثر فهو ‏"‏مساوٍ‏"‏‏.‏

فإن قلت‏:‏ إِلَامَ أشار بقوله‏:‏ ‏"‏ونحوه أتى‏"‏‏؟‏

قلت‏:‏ يحتمل وجهين‏:‏

أحدهما‏:‏ أن يكون أشار إلى ما ورد من دخول الكاف على الضمير في غير البيت المشار إليه‏,‏ كقول الشنفرى‏:‏

لئن كان من جن لأبرح طارقا‏.‏‏.‏‏.‏ وإن يك إنسا ما كها الإنس تفعل

ولا حجة في قوله‏:‏

‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏ كَهُ ولا كَهُنَّ إلا حاظلا

على الاتصال؛ ‏"‏لاحتمال‏"‏ أن يكون أصله كهو‏.‏

والثاني‏:‏ أن يكون أشار إلى أنه قد ‏"‏ندر‏"‏ دخول بعض الأحرف المخصوصة بالظاهر ‏"‏غير الكاف‏"‏ على الضمير‏,‏ كما ‏"‏ندر‏"‏ دخول الكاف عليه كقول الشاعر‏:‏

فلا والله لا يُلقَى أناس‏.‏‏.‏‏.‏ فتى حَتَّاك يابن أبي يزيد

وهو عند البصريين ضرورة‏.‏

ثم قال‏:‏

بَعِّض وبَيِّن وابتدِي في الأمكنة‏.‏‏.‏‏.‏ بمن‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏

شرع في بيان معاني ‏"‏بعض‏"‏ هذه الحروف‏,‏ فبدأ بمن وذكر لها في هذا البيت ثلاثة معانٍ‏:‏

الأول‏:‏ التبعيض نحو‏:‏ ‏{‏وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ‏}‏ وعلامتها جواز الاستغناء عنها ببعض‏.‏

الثاني‏:‏ بيان الجنس، نحو‏:‏ ‏{‏فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ‏}‏ ‏,‏ وعلامتها صحة وضع الذي موضعها‏.‏

الثالث‏:‏ ابتداء الغاية في المكان باتفاق، نحو‏:‏ ‏{‏مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى‏}‏ ‏,‏ ‏"‏ولا‏"‏ تكون لابتداء الغاية في الزمان عند البصريين‏,‏ وذهب الكوفيون والمبرد وابن درستويه إلى أنها تكون لابتداء الغاية في الزمان‏,‏ وهو الصحيح لكثرته نظما ونثرا‏.‏

وتأويل ‏"‏ما كثر‏"‏ ليس بجيد، وإليه ذهب المصنف‏.‏

وإلى هذا قال‏:‏ وقد تأتي لبدء الأزمنة‏.‏

تنبيه‏:‏

لم يختلفوا في أن من تكون لابتداء الغاية، واختلفوا في التبعيض ‏"‏والتبيين‏"‏‏.‏ أما التبعيض‏,‏ فذهب إليه الجمهور وصححه ابن عصفور، ونفاه المبرد والأخفش الأصغر وابن السراج، وطائفة من الحذاق والسهيلي، وقالوا‏:‏ إنما هي لابتداء الغاية وإن ‏"‏سائر‏"‏ المعاني التي ‏"‏ذكروها‏"‏ راجع إلى هذا المعنى‏.‏

وأما بيان الجنس، فمشهور في كتب المعربين، وقال به جماعة من المتقدمين والمتأخرين ‏"‏وأنكره‏"‏ ‏"‏أكثره‏"‏ المغاربة‏.‏

ثم قال‏:‏

وزيد في نفي وشبهه فجر‏.‏‏.‏‏.‏ نكرة كما لباغٍ من مفر

لزيادة ‏"‏من‏"‏ عند ‏"‏جمهور‏"‏ البصريين شرطان‏:‏

الأول‏:‏ أن يكون بعد نفي أو شبهه، وهو النهي والاستفهام‏.‏

والثاني‏:‏ أن يكون مجرورها نكرة‏.‏

مثال النفي‏:‏ ‏{‏مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ‏}‏ ‏,‏ والنهي‏:‏ ‏"‏لا يقم ‏"‏من‏"‏ أحد‏"‏‏,‏ والاستفهام‏:‏ ‏{‏هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ‏}‏ ‏,‏ ومثّل النهي بقوله‏:‏ ‏"‏ما لباغٍ من مفرّ‏"‏‏.‏ وأجاز بعض الكوفيين زيادتها بشرط تنكير مجرورها فقط ‏"‏نحو‏"‏‏:‏ ‏"‏قد كان من مطرٍ‏"‏‏.‏

وأجازها الأخفش والكسائي وهشام بلا شرط ووافقهم في التسهيل، قال في شرحه لثبوت السماع ‏"‏بذلك‏"‏ نثرا ونظما‏.‏

تنبيهان‏:‏

الأول‏:‏ فائدة زيادة ‏"‏من‏"‏ تنصيص العموم‏,‏ أو مجرد التوكيد‏.‏

فالأول مع نكرة لا تختص بالنفي نحو‏:‏ ‏"‏ما في الدار من رجل‏"‏‏.‏

والثاني‏:‏ مع نكرة مختصة به‏.‏

‏"‏التنبيه‏"‏ الثاني‏:‏ لا إشكال في صحة زيادتها بعد جميع حروف النفي، وأما الاستفهام فلا يحفظ إلا مع ‏"‏هل‏"‏‏.‏

قال في الارتشاف‏:‏ وفي إلحاق الهمزة بها نظر، وصرح ‏"‏بمنعه‏"‏ بعد كيف ونحوها‏.‏

ثم قال‏:‏

للانتها حتى ولام وإلى‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏

مثال حتى‏:‏ ‏{‏حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ‏}‏ ‏,‏ ومثال إلى‏:‏ ‏{‏فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ‏}‏ ‏,‏ ومثال اللام‏:‏ ‏{‏سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ‏}‏‏.‏

ودلالة اللام على الانتهاء قليل بخلاف حتى وإلى‏,‏ ‏"‏فإن دلالتهما على الانتهاء كثير‏"‏‏,‏ فإن قلت‏:‏ أيهما أمكن في ذلك‏؟‏

قلت‏:‏ إلى؛ لدخولها ‏"‏فيما‏"‏ لا تدخل فيه حتى، فإن المجرور بحتى يلزم بأن ‏"‏يكون‏"‏ آخر جزء‏,‏ أو ‏"‏ملاقي‏"‏ آخر جزء بخلاف إلى‏.‏

‏"‏لو‏"‏ قلت‏:‏ ‏"‏سرت النهار حتى نصفه‏"‏ لم يجز‏.‏

ولو قلت‏:‏ إلى نصفه لجاز، نص على ذلك الزمخشري والمغاربة‏,‏ ‏"‏ووافق‏"‏ المصنف في شرح الكافية وخالف في ‏"‏التسهيل وشرحه‏"‏‏,‏ فلم يشترط في مجرور حتى كونه آخر جزء ‏"‏ولا ملاقي آخر جزء‏"‏ واستدل بقوله‏:‏

عينت ليلة فما زلت حتى‏.‏‏.‏‏.‏ نصفِها راجيا فُعدت يئوسا

وفيه نظر‏.‏

‏"‏تنبيه‏"‏‏:‏

اختلف في المجرور بحتى فقيل‏:‏ الانتهاء ‏"‏به‏"‏‏,‏ ‏"‏فيدخل‏"‏ فيما قبلها إلا بقرينة، وإليه ذهب المغاربة‏.‏

وذهب المصنف إلى أن الانتهاء قد يكون به فيدخل، وقد يكون عنده فلا يدخل، وزعم أن سيبويه والفراء أشارا إلى ذلك‏.‏

وحكي عن ثعلب أن حتى للغاية‏,‏ والغاية تدخل وتخرج‏.‏

وقال في الإفصاح‏:‏ وذهب المبرد وأبو بكر وأبو علي إلى أنه داخل‏.‏

وقال الفراء والرماني‏:‏ يدخل ما لم يكن غير جزء نحو‏:‏ ‏"‏إنه لينام الليل حتى الصباح‏"‏‏.‏ وصرح سيبويه بأن ما بعدها داخل ولا بد، ولكنه مثل بما هو بعض ما قبله واختلف أيضا في المجرور بإلى، والذي عليه أكثر المحققين أنه لا يدخل إلا بقرينة‏,‏ وقال بعض النحاة‏:‏ يدخل‏.‏

ثم قال‏:‏

‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏ ومن وباء يُفهمان بدلا

علامة ذلك أن يحسن في ‏"‏موضعهما‏"‏ بدل مثال ‏"‏من‏"‏ ‏{‏أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ‏}‏

‏{‏وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً‏}‏‏.‏

ومثال ‏"‏الباء‏"‏‏:‏ ‏"‏لا يسرني بها حُمُرُ النعَم‏"‏‏.‏

وقول الشاعر‏:‏

وليت لي بهم قوما إذا ركبوا‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏

وقوله‏:‏ ‏"‏واللام للملك‏"‏ نحو‏:‏ ‏"‏المال لزيد‏"‏ وشبهه نحو‏:‏ ‏"‏أدوم لك ما تدوم لي‏"‏‏,‏ ويندرج فيه الاستحقاق؛ لأنه مثله في شرح الكافية بنحو‏:‏ ‏"‏السرج للفرس‏"‏ هـ‏.‏

‏"‏وجعله في التسهيل‏"‏ مغاير الشبه للملك‏.‏

‏"‏وفي تعدية أيضا‏"‏ أي‏:‏ ‏{‏فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا‏}‏، و‏"‏تعليل‏"‏ نحو‏:‏ ‏{‏لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ‏}‏ و‏"‏قُفي‏"‏، أي‏:‏ تبع‏.‏

وقوله‏:‏ ‏"‏وزيد‏"‏ يعني اللام، ولا تزاد إلا مع مفعول به ‏"‏لتعديه‏"‏ إلى واحد‏.‏

وزيادتها ضربان‏:‏

قياسية‏:‏ وهي أن تزاد ‏"‏مقوية‏"‏ لعامل ‏"‏ضعيف‏"‏ بالتأخير نحو‏:‏ ‏{‏إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ‏}‏، أو بالفرعية نحو‏:‏ ‏{‏فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ‏}‏‏.‏

وغير قياسية‏:‏ وهي في غير ذلك نحو‏:‏ ‏{‏رَدِفَ لَكُمْ‏}‏ وقد أول على التضمين‏.‏

وقوله‏:‏ والظرفية استبن بما‏.‏

نحو‏:‏ ‏"‏زيد بالبصرة‏"‏ ‏"‏وفي‏"‏ نحو‏:‏ ‏"‏زيد في المسجد‏"‏ وفي هي الأصل‏,‏ وبها تعتبر باء الظرفية‏.‏

وقوله‏:‏ ‏"‏يبينان السببا‏"‏‏.‏ قال في شرح التسهيل‏:‏ باء السببية هي الداخلة على صالح للاستغناء به عن فاعل معداها ‏"‏مجازا‏"‏ نحو‏:‏ ‏{‏فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ‏}‏ فلو قصد إسناد الإخراج إلى الهاء لصح وحسن، لكنه مجاز‏.‏

قال‏:‏ ومنه ‏"‏كتبت بالقلم‏"‏ و‏"‏قطعت بالسكين‏"‏‏,‏ فإنه يقال‏:‏ ‏"‏كتب القلم‏"‏ و‏"‏قطع السكين‏"‏، والنحويون يعبرون عن هذه الباء بباء الاستعانة، وآثرت على ذلك التعبير بالسببية من أجل الأفعال المنسوبة إلى الله تعالى‏.‏

فإن استعمال السببية فيها يجوز، واستعمال الاستعانة ‏"‏فيها‏"‏ لا يجوز‏.‏

قال‏:‏ وباء التعليل هي التي يصلح غالبا في موضعها اللام كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ‏}‏ ‏,‏ ‏{‏فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا‏}‏ ا‏.‏ هـ‏.‏ وفيه اختصار‏.‏

وكأن التعليل والسبب عند غيره واحد؛ ‏"‏فلذلك‏"‏ لم يذكر بالتعليل وإدراجه بالاستعانة في باء السببية مما انفرد به‏.‏

واحترز بقوله‏:‏ ‏"‏غالبا‏"‏ ‏"‏من‏"‏ قولهم‏:‏ ‏"‏غضبت لفلان‏"‏ إذا غضبت من أجله وهو حي‏,‏ وغضبت به إذا غضبت ‏"‏من أجله‏"‏ وهو ميت، ومثّل الشرح للسببية بقوله ‏"‏تعالى‏"‏‏:‏ ‏{‏فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا‏}‏ تبعا لشرح الكافية‏.‏

ومثال ‏"‏في‏"‏ السببية‏:‏ ‏{‏لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ‏}‏ وعبر عن هذا بالتعليل في الكافية والتسهيل‏.‏

وقوله‏:‏ ‏"‏بالبا استعن‏"‏ مثل بالاستعانة في شرح الكافية بقوله‏:‏ ‏"‏كتبت بالقلم‏"‏ وتقدم إدراجه لذلك في السببية‏.‏

‏"‏وعَدّ‏"‏ نحو‏:‏ ‏{‏ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ‏}‏ ‏,‏ وباء التعدية هي القائمة مقام همزة النقل في إيصال الفعل اللازم إلى المفعول به‏.‏

قال المصنف‏:‏ وقد وُجدت في المتعدي نحو‏:‏ ‏"‏دفعت بعض الناس ببعض‏"‏‏.‏

‏"‏عَوِّض‏"‏ باء العوض‏.‏‏.‏‏.‏ هي الداخلة على الأثمان والأعواض نحو‏:‏ ‏"‏اشتريت الفرس بألف‏"‏ و‏"‏كافأت الإحسان بضعف‏"‏ وتسمى باء المقابلة كما ‏"‏ذكر‏"‏ في التسهيل‏.‏

‏"‏ألصِقْ‏"‏ الإلصاق هو معناها الأصلي، ولم يذكر ‏"‏لها‏"‏ سيبويه غيره‏.‏

وقال المغاربة‏:‏ الباء غير الزائدة لا تكون إلا للإلصاق حقيقة أو مجازا، فقد تتجرد لهذا المعنى، وقد ‏"‏يدخلها‏"‏ مع ذلك معنى آخر‏.‏

ومن أمثلة الإلصاق‏:‏ ‏"‏وصلت هذا بهذا‏"‏‏.‏

‏"‏ومثل مع‏"‏ نحو‏:‏ ‏{‏نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ‏}‏، وتسمى بالمصاحبة، وعلامتها أن ‏"‏يحسن‏"‏ في موضعها ‏"‏مع‏"‏ ويغني عنها‏,‏ ‏"‏و‏"‏ عن مصحوبها الحال كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَق‏}‏ أي‏:‏ مع الحق ‏"‏و‏"‏ محقا‏.‏

‏"‏ومِنْ‏"‏ ‏"‏يعني إلهي‏"‏ للتبعيض نحو‏:‏ ‏{‏يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ‏}‏ قيل‏:‏

وهو مذهب كوفي وذكره الفارسي في التذكرة، وتبعهم القتبي‏,‏ وروى ذلك عن الأصمعي في قوله‏:‏

شربن بماء البحر‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏

قال في شرح التسهيل‏:‏ والأحسن أن يضمن ‏"‏شربن معنى‏:‏ روين‏"‏‏.‏

‏"‏وعن‏"‏ نحو‏:‏ ‏{‏وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ‏}‏ ‏{‏بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ‏}‏ ‏,‏ ‏"‏أي‏:‏ عن أيمانهم‏"‏ كذا قال الأخفش‏,‏ ومثله ‏{‏فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا‏}‏ وكونها بمعنى ‏"‏عن‏"‏ بعد السؤال منقول عن الكوفيين، وتأوله الشلوبين على أنها باء السببية‏,‏ أي‏:‏ فاسأل بسببه، وتأوله غيره على التضمين‏,‏ أي‏:‏ فاعتن أو أهتم به؛ لأن السؤال عن الشيء ‏"‏اعتناء‏"‏ به‏.‏

وقوله‏:‏ ‏"‏على للاستعلا‏"‏ هو أصل معانيها ولم يثبت لها كثير ‏"‏من‏"‏ البصريين غيره، وأولوا ما أوهم خلافه‏.‏

‏"‏ومعنى في‏"‏ يعني‏:‏ الظرفية‏,‏ نحو‏:‏ ‏{‏وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ‏}‏ ‏"‏أي‏:‏ في ملك‏"‏ وأول على التضمين أي‏:‏ تتقول‏.‏

‏"‏وعن‏"‏ أي‏:‏ تكون للمجاوزة بمعنى ‏"‏عن‏"‏ كقوله‏:‏

إذا رضيت عليَّ بنو قشير‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏

أي‏:‏ عني‏.‏

قال في شرح التسهيل‏:‏ وكذا الواقعة بعد خفي وتعذر واستحال وغضب، وأشباهها‏.‏

قيل‏:‏ وهو مذهب كوفي، وقال به القتبي، وتأوله غيرهم‏.‏

وقوله‏:‏

بعن تجاوزا عنى من قد فطن

يعني‏:‏ أن الأكثر في ‏"‏عن‏"‏ استعمالها للمجاوزة؛ ولذلك عدي ‏"‏بها‏"‏ صدر وأعرض ونحوهما‏.‏

وقالوا‏:‏ رويت عن فلان؛ لأن المروي ‏"‏عنه مجاوز‏"‏ لمن أخذ عنه‏.‏

وقوله‏:‏

وقد تجي موضع بعد‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏

يعني‏:‏ عن نحو‏:‏ ‏{‏لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ‏}‏ أي‏:‏ بعد طبق‏.‏

وعلى‏"‏ أي‏:‏ وقد تجيء عن موضع على نحو قوله‏:‏

لاهِ ابن عمك لا أُفضلتَ في حَسَب‏.‏‏.‏‏.‏ عني ولا أنت ديَّاني فتخزوني، ‏"‏أي‏:‏ عليَّ‏"‏‏.‏

وجعل المصنف منه قولهم‏:‏ ‏"‏بخل عنه‏"‏ والأصل‏:‏ عليه‏.‏

وقوله‏:‏

‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏ كما على موضع عن قد جُعلا

يعني‏:‏ أن كل واحدة منهما ‏"‏قد‏"‏ وضعت موضع الأخرى، وتقدم تمثيله‏.‏

وقال بعض النحويين‏:‏ لو كانت لها معاني هذه الحروف‏,‏ لجاز أن تقع حيث تقع هذه الحروف‏.‏

قال‏:‏ فوجب تأويل ما ذكروه‏,‏ مما يخالف معنى المجاوزة‏.‏

وقوله‏:‏ ‏"‏شَبِّهْ بكاف‏"‏ هذا أشهر معاني الكاف‏.‏

‏"‏وبها التعليل قد يُعنَى‏"‏ نحو‏:‏ ‏{‏وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ‏}‏‏.‏

قال في شرح الكافية‏:‏ ودلالتها على التعليل ‏"‏كثيرة‏"‏‏.‏

‏"‏وزائدا لتوكيد ورد‏"‏ ‏"‏يعني‏"‏‏:‏ نحو‏:‏ ‏{‏لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ‏}‏‏.‏

قيل‏:‏ ويحتمل أن تكون ‏"‏مثل‏"‏ بمعنى صفة فلا تكون زائدة، و‏"‏مثل‏"‏ قد يراد بها الصفة‏.‏

وقوله‏:‏ ‏"‏واستُعمل اسما‏"‏؛ استعمالها اسما مخصوص ‏"‏عند سيبويه‏"‏ بالشعر نحو‏:‏

ورحنا بكابن الماء يُجنَب وسطنا‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏

وأجازه الأخفش في الاختيار، وإليه ذهب المصنف، وهو ظاهر كلام الفارسي‏,‏ وشذ أبو جعفر بن مضاء فقال‏:‏ إنها اسم أبدا؛ لأنها بمعنى مثل‏.‏

وتأول بعضهم ‏"‏ما ورد من دخول حرف الجر عليها‏"‏ والإضافة والإسناد إليها على حذف الموصوف‏.‏

وقوله‏:‏ ‏"‏وكذا عن وعلى‏"‏ أما عن فتكون اسما إذا دخل عليها حرف جر، ولا تجر إلا بمِنْ كقوله‏:‏

‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏ مِنْ عَنْ يمين الحُبَيَّا نظرة قَبَل

وندر جرها بعلى في قوله‏:‏

على عن يميني مرت الطير سُنَّحا‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏

قال بعضهم‏:‏ وفي نحو‏:‏

دع عنك نهبا صِيح في حجراته

وأما ‏"‏على‏"‏ فذهب قوم منهم ابن طاهر وابن خروف والشلوبين إلى أنها اسم ولا تكون حرفا، وزعموا أن ذلك مذهب سيبويه، ومشهور مذهب البصريين أنها حرف جر وتكون اسما إذا دخل عليها ‏"‏من‏"‏ نحو‏:‏

غدت من عليه بعد ما تم ظمؤها‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏

قال بعضهم‏:‏ وفي نحو‏:‏

هون عليك‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏

وزعم الفراء ومن وافقه من الكوفيين أن ‏"‏عن‏"‏ و‏"‏على‏"‏ إذا دخل عليهما ‏"‏مِنْ‏"‏ ‏"‏بقيا‏"‏ على حرفيتهما‏.‏

وزعموا أن ‏"‏من‏"‏ تدخل على حروف الجر كلها سوى مذ واللام والباء ‏"‏وفي‏"‏‏.‏

وقوله‏:‏

‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏ من أجل ذا عليهما من دخلا

أي‏:‏ من أجل ثبوت اسميتهما صح دخول حرف الجر عليهما، وخص ‏"‏من‏"‏ بالذكر لانفرادها بذلك، وتقدم جر عن بعلى‏.‏

تنبيه‏:‏

قال في شرح التسهيل‏:‏ ‏"‏عن‏"‏ بعد دخول من بمعنى جانب، و‏"‏على‏"‏ بمعنى فوق‏.‏

قوله‏:‏ ‏"‏ومذ ومنذ‏"‏ اعلم أن لمذ ومنذ ثلاث أحوال‏:‏

‏"‏الأولى‏"‏‏:‏ أن يليهما اسم مفرد مرفوع نحو‏:‏ ‏"‏ما رأيته مذ يومُ الجمعة أو منذ يومانِ‏"‏ وفي ذلك ثلاثة مذاهب‏:‏

الأول‏:‏ أنهما مبتدآن ‏"‏والمرفوع خبر‏,‏ وإليه ذهب المبرد وكثير من البصريين‏,‏ والتقدير في المعرفة‏:‏ أول انقطاع الرؤية يوم الجمعة‏,‏ وفي النكرة‏:‏ أمد انقطاع الرؤية يومان‏.‏

الثاني‏:‏ أنهما ظرفان في موضع الخبر‏"‏ والمرفوع هو المبتدأ‏,‏ والتقدير‏:‏ بيني وبين لقائه يومان، وإليه ذهب الأخفش وطائفة من البصريين‏.‏

والثالث‏:‏ أن المرفوع بعدهما فاعل بفعل مقدر، أي‏:‏ منذ مضى يوم الجمعة ‏"‏أو يومان‏"‏‏,‏ وهما ظرفان مضافان إلى الجملة، وإليه ذهب محققو أهل الكوفة‏,‏ واختاره السهيلي والمصنف في التسهيل‏.‏

‏"‏الحالة الثانية‏"‏‏:‏ أن يليهما جملة‏,‏ والكثير كونها فعلية نحو‏:‏

ما زال مذ عقدت يداه إزاره‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏

وقد تكون اسمية كقوله‏:‏

‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏ مذ أنا يافع

وفي ذلك مذهبان‏:‏

أحدهما‏:‏ أن ‏"‏مذ ومنذ‏"‏ ظرفان مضافان إلى الجملة وهو المختار، وصرح به سيبويه‏.‏

والثاني‏:‏ أنهما مبتدآن ونقدر اسم زمان محذوفا يكون خبرا عنهما، والتقدير‏:‏ مذ زمان عقدت ومذ زمان أنا يافع، وهو مذهب الأخفش، فلا يكونان عنده إلا مبتدأين، واختاره ابن عصفور‏.‏

‏"‏الحالة‏"‏ الثالثة‏:‏ أن يليهما اسم مجرور كقوله‏:‏

‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏ ورسمٍ عفت آياته منذ أزمان

وفي ذلك مذهبان‏:‏

أحدهما‏:‏ أنهما حرفا جر، وإليه ذهب الجمهور وهو الصحيح‏.‏

والآخر‏:‏ أنهما ظرفان منصوبان بالفعل قبلهما‏.‏

وقد أشار في النظم إلى الأحوال الثلاث‏.‏

فإن قلت‏:‏ لا تؤخذ أحكامهما من عبارته‏.‏

قلت‏:‏ أما الأولى فالمفهوم من قوله‏:‏ ‏"‏رفعا‏"‏ أنهما مبتدآن؛ لأنهما لا يرفعان ما بعدهما إلا إذا جعل خبرهما؛ لأن المبتدأ رافع الخبر على الأصح‏.‏

وأما الثانية ‏"‏فتفهم‏"‏ من ظاهر قوله‏:‏ ‏"‏أو أُوليا الفعل‏"‏‏.‏

‏"‏أنهما‏"‏ ظرفان مضافان إلى الجملة؛ لأن من جعلهما في ذلك مبتدأين وقدّر بعدهما زمانا هو الخبر فلم يولهما الفعل إلا لفظا‏.‏

وأما الثالثة‏:‏ فقد ‏"‏عدهما‏"‏ ‏"‏مع‏"‏ حروف الجر فيما تقدم‏.‏

والحاصل‏:‏ أنهما قبل المرفوع مبتدآن، وقبل الفعل ظرفان، وقبل المجرور حرفان، والمختار في التسهيل‏.‏

فإن قلت‏:‏ لو قال‏:‏ ‏"‏أو أوليا الجملة‏"‏ نحو‏:‏ ‏"‏مذ دعا‏"‏‏,‏ ‏"‏لأجاد‏"‏ لتندرج ‏"‏الجملة‏"‏ الاسمية‏.‏

قلت‏:‏ هو كذلك والعذر له في الاقتصار على الفعل أنه ‏"‏الكثير‏"‏‏.‏

فإن قلت‏:‏ شرط ‏"‏في‏"‏ المرفوع بعدهما والمجرور بهما أن يكون اسم زمان ولم ينبه عليه‏.‏

قلت‏:‏ بل نص عليه أول الباب‏.‏

ثم أشار إلى ‏"‏معناهما‏"‏ بقوله‏:‏

وإن يجرا في مُضِيّ فكمِنْ‏.‏‏.‏‏.‏ هما وفي الحضور معنى في استبن

يعني‏:‏ أنهما لابتداء الغاية إن جرا ماضيا نحو‏:‏ ‏"‏ما رأيته مذ يوم الجمعة‏"‏‏,‏ وللظرفية إن جرا حاضرا نحو‏:‏ ‏"‏ما رأيته مذ يومنا‏"‏‏.‏

وزاد في التسهيل‏:‏ أنهما يكونان بمعنى ‏"‏من‏"‏ و‏"‏إلى‏"‏ معا‏.‏ هـ فيدلان على الابتداء والانتهاء، وضابط ذلك‏:‏ أنهما إن دخلا على ماضٍ معرفة فهما بمعنى ‏"‏من‏"‏‏,‏ أو على حاضر معرفة فهما بمعنى ‏"‏في‏"‏‏,‏ أو على نكرة فهما بمعنى ‏"‏من إلى‏"‏‏,‏ ومعا ‏"‏نحو‏"‏ ما رأيته ‏"‏مذ‏"‏ أربعة أيام‏.‏

وقوله‏:‏ وبعد من وعن وباء زيد ما‏.‏

مثال زيادتها بعد ‏"‏من‏"‏‏:‏ ‏"‏مِمَّا خطاياهم‏"‏ وبعد عن‏:‏ ‏{‏عَمَّا قَلِيلٍ‏}‏ ‏,‏ وبعد الباء‏:‏ ‏{‏فَبِمَا رَحْمَةٍ‏}‏‏.‏

وقوله‏:‏ فلم يَعُق عن عمل قد عُلما‏.‏

يعني‏:‏ أن ‏"‏ما‏"‏ لم تكفها عن الجر كما في الآيات‏.‏ وذكر في التسهيل أن ‏"‏ما‏"‏ قد تكف الباء وتحدث فيها معنى التعليل كقوله‏:‏

‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏ لبما قد تُرى وأنت خطيب

وقال في الكافية‏:‏

وقد ترد الباء ما كربما ا‏.‏ هـ‏.‏ ونُوزِع في ذلك‏.‏

وقوله‏:‏

وزِيدَ بعد رُبَّ والكاف فكف‏.‏‏.‏‏.‏ وقد تليهما وجر لم يكف

يعني‏:‏ أن ‏"‏ما‏"‏ تزاد بعد رب والكاف‏,‏ كافة وغير كافة‏.‏

مثالها كافة‏:‏ ‏{‏رُبَمَا يَوَدُّ‏}‏، وقول الشاعر‏:‏

لعمرك إنني وأبا حميد‏.‏‏.‏‏.‏ كما النشوانُ والرجل الحليم

وأجاز ابن يسعون كون ‏"‏ما‏"‏ في ‏{‏رُبَّمَا يَوَدُّ‏}‏ نكرة موصوفة‏.‏

أي‏:‏ ‏"‏ربة‏"‏ -ود يود- وأجاز غيره في البيت كون ‏"‏ما‏"‏ مصدرية على مذهب من أجاز وصلها ‏"‏بالجملة الاسمية‏"‏‏.‏

ومثالها غير كافة‏:‏

ربما ضربةٍ بسيف صقيل

وقول الآخر‏:‏

‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏ كما الناسِ مجروم عليه وجارم

بجر ضربة والناس‏.‏

فإن قلت‏:‏ ما الأغلب على ‏"‏ما‏"‏ بعد ‏"‏رب والكاف‏"‏‏؟‏ قلت‏:‏ يفهم من قوله‏:‏ ‏"‏وقد‏"‏ أن الكف هو ‏"‏الأغلب‏"‏ وصرح به في الكافية‏.‏

وقوله‏:‏

وحُذفت رب فجرت بعد بل‏.‏‏.‏‏.‏

والفا وبعد الواو شاع ذا العمل

‏"‏مثال ذلك‏"‏ بعد ‏"‏بل‏"‏ قول رؤبة‏:‏

بل بلدٍ ملء الفجاج قتمه‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏

وبعد الفاء قوله‏:‏

فحورٍ قد لهوت بهن عين‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏

وبعد الواو قوله‏:‏

وليلٍ كموج البحر أرخى سدوله‏.‏‏.‏‏.‏ عليَّ بأنواع الهموم ليبتلي

وقد تجر محذوفة دونهن كقوله‏:‏

رسم دار وقفت في طلله‏.‏‏.‏‏.‏ كدت أقضي الحياة من جَلَله

وفي التسهيل‏:‏ يجر برب محذوفة بعد الفاء كثيرا، وبعد الواو أكثر، وبعد بل قليلا‏,‏ ومع التجرد أقل‏.‏ هـ‏.‏

ونوزع في كونه كثيرا بعد الفاء‏,‏ إلا إن أراد بالنسبة إلى بل، وليس الجر بالفاء ‏"‏وبل‏"‏‏.‏

قال في التسهيل‏:‏ باتفاق هـ، وحكى ابن عصفور الاتفاق، وفي الارتشاف‏:‏ وزعم بعض النحويين أن الخفض هو بالفاء ‏"‏وبل‏"‏؛ لنيابتهما مناب رب هـ‏.‏

وأما الواو فذهب المبرد والكوفيون إلى أن الجر بها، والصحيح أنه برب المضمرة وهو مذهب البصريين‏.‏

وقوله‏:‏

وقد يُجر بسوى رُبَّ لدى‏.‏‏.‏‏.‏ حذف وبعضه يرى مطردا

الجر بسوى ‏"‏رب‏"‏ محذوفا‏,‏ ضربان‏:‏ مطرد وغير مطرد‏.‏

فالمطرد في مواضع‏:‏

الأول‏:‏ لفظ الجلالة في القسم دون عوض‏.‏

الثاني‏:‏ المعطوف على خبر ليس وما الصالح لدخول الباء نحو‏:‏ ‏"‏قوله‏"‏‏:‏

بدا لي أني لست مدرك ما مضى‏.‏‏.‏‏.‏ ولا سابقٍ شيئا إذا كان جائيا

الثالث‏:‏ ‏"‏بعد‏"‏ ألا نحو‏:‏

ألا رجلٍ جزاه الله خيرا‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏

يريد‏:‏ ألا من رجل‏.‏

الرابع‏:‏ بعد ‏"‏كم‏"‏ الاستفهامية إذا جرت بالحرف نحو‏:‏ ‏"‏بكم دراهم ‏"‏اشتريت ثوبك‏"‏‏؟‏‏"‏ خلافا للزجاج في قوله‏:‏ إن الجر بإضافتها‏.‏

الخامس‏:‏ في جواب ما تضمن ‏"‏مثل‏"‏ المحذوف نحو‏:‏ زيد، في جواب‏:‏ بمن مررت‏؟‏

السادس‏:‏ في المعطوف على ما تضمنه بحرف متصل، نحو‏:‏

‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏ وللطير مجرى والجَنوب مصارع

السابع‏:‏ في المعطوف على ما تضمنه بحرف منفصل بلا، نحو‏:‏

ما لمحب جلد أن يهجرا‏.‏‏.‏‏.‏ ولا حبيبٍ رأفة فيجبُرا

الثامن‏:‏ في المعطوف على ما تضمنه بحرف منفصل بلو‏.‏ ذكر أبو الحسن في المسائل أنه يقال‏:‏ جيء بزيد أو عمرو ولو ‏"‏أحدهما‏"‏؛ لأن المعتاد أن يكون ما بعد لو أدنى‏.‏

التاسع‏:‏ في المقرون بالهمزة بعد ما تضمنه نحو‏:‏ ‏"‏مررت بزيد‏"‏‏,‏ فتقول ‏"‏أزيد بن عمرو‏؟‏‏"‏ حكاه الأخفش في المسائل‏.‏

العاشر‏:‏ في المقرون بعد ما تضمنه ‏"‏كأن‏"‏ يقال‏:‏ ‏"‏جئت بدرهم‏"‏ فتقول‏:‏ ‏"‏فهلا دينارٍ‏"‏‏.‏ قال الأخفش‏:‏ وهذا أكثر‏.‏

الحادي عشر‏:‏ في المقرون بإن بعد ما تضمنه، نحو‏:‏ ‏"‏امرر بأيهم هو أفضل إن زيدٍ وإن عمرٍو‏"‏‏.‏

وأجازه يونس‏,‏ وجعل سيبويه إضمار الباء بعد إِنْ؛ لتضمن ما قبلها إياها أسهل من إضمار رب بعد الواو‏,‏ فعلم بذلك اطراده‏.‏

الثاني عشر‏:‏ في المقرون بفاء الجزاء بعد ما تضمنه‏,‏ حكى يونس‏:‏ ‏"‏مررت برجل صالح إن لا صالحٍ فطالحٍ‏"‏ على تقدير‏:‏ إن لا أمرر بصالح فقد مررت بطالح‏.‏

‏"‏فجميع‏"‏ هذه المواضع مطرد يقاس ‏"‏عليه‏"‏ عند المصنف‏.‏

والذي ‏"‏قرره‏"‏ المغاربة، أنه لا يجوز حذف حرف الجر وإبقاء عمله إلا في ‏"‏باب‏"‏ القسم، وفي باب كم على خلاف‏.‏

وأما غير المطرد ‏"‏فسمع‏"‏ منه أبيات‏.‏ منها قول الشاعر‏:‏

إذا قيل أي الناس شر قبيلة‏.‏‏.‏‏.‏ أشارت كليب بالأكف الأصابع

قال في التسهيل‏:‏ ولا خلاف في شذوذ بقاء الجر في نحو‏:‏

أشارت كليبٍ بالأكف الأصابع