فصل: العدد:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك ***


العدد‏:‏

ثلاثةً بالتاء قُلْ للعشَرهْ‏.‏‏.‏‏.‏ في عَدِّ ما آحادُه مذَكَّرَهْ

في الضِّدِّ جَرِّدْ‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏

للثلاثة والعشرة وما بينهما ثلاثة أحوال‏:‏

الأولى‏:‏ أن يقصد بها العدد المطلق‏.‏

الثانية‏:‏ أن يقصد بها معدود ويذكر‏.‏

والثالث‏:‏ أن يقصد بها معدود ولا يذكر‏.‏

فإذا قصد بها العدد المطلق كانت كلها بالتاء نحو‏:‏ ‏"‏ثلاثةٌ نصفُ ستةٍ‏"‏ ولا تتصرف لأنها أعلام خلافا لبعضهم‏.‏

وإن قصد بها معدود وذكر في اللفظ استعملت بالتاء إن كان واحد ‏"‏المعدود‏"‏ مذكرا، وجردت من التاء إن كان واحده مؤنثا حقيقيا أو مجازيا كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا‏}‏‏.‏

وإذا قصد بها معدود ولم يذكر في اللفظ ‏"‏فالفصيح‏"‏ أن يكون بالتاء للمذكر وبعدمها في المؤنث كما لو ذكر المعدود، فتقول‏:‏ ‏"‏صمت خمسة‏"‏ تريد أياما، و‏"‏سرت خمسا‏"‏ تريد ليالي، ويجوز أن تحذف التاء في المذكر، وحكى الكسائي عن أبي الجراح ‏"‏صمنا من الشهر خمسا‏"‏، وحكى الفراء ‏"‏أفطرنا خمسا وصمنا خمسا وصمنا عشرا من رمضان‏"‏ وتضافرت الروايات على حذف التاء من قوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ثم أتبعه بست من شوال‏"‏‏.‏

وبهذا يظهر ضعف قول بعضهم‏:‏ ما حكاه الكسائي لا يصح عن فصيح ولا يلتفت إليه، وقيل‏:‏ لما استمر في التاريخ الاستغناء بالليالي عن الأيام التزم في غيره

بشرط أمن اللبس كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا‏}‏ ومنه‏:‏ ‏"‏وأتبعه بست من شوال‏"‏، وقال الزمخشري‏:‏ تقول‏:‏ ‏"‏صمت عشرا‏"‏ ولو ذكرت لخرجت ‏"‏عن‏"‏ كلامهم، ورد بأن التذكير الأكثر الفصيح‏.‏

واختلف في علة إثبات التاء في العدد المذكر وإسقاطها في عدد المؤنث، فقال في شرح التسهيل ما معناه‏:‏ إن الثلاثة وأخواتها أسماء جماعات كزمرة وأمة وفرقة، فالأصل أن يكون بالتاء لتوافق نظائرها فاستصحب الأصل من المذكر لتقدم رتبته وحذفت مع المؤنث فرقا لتأخير رتبته، وقد ذكر غيره هذا المعنى من النحويين، وهو حسن فلنكتف به‏.‏

تنبيهات‏:‏

الأول‏:‏ شمل كلام الناظم الصورتين الأخيرتين إذا لم يشترط اللفظ بالمعدود وخرجت منه الصورة الأولى في قوله‏:‏ ‏"‏ما آحاده مذكرا‏"‏‏.‏

الثاني‏:‏ فهم من قوله‏:‏ ‏"‏ما آحاده‏"‏ أن المعتبر تذكير الواحد وتأنيثه، لا تذكير الجمع وتأنيثه؛ فلذلك تقول‏:‏ ‏"‏ثلاثة حمامات‏"‏ خلافا لأهل بغداد فإنهم يقولون‏:‏ ‏"‏ثلاث حمامات‏"‏ فيعتبرون لفظ الجمع‏.‏ وقال الكسائي‏:‏ تقول‏:‏ ‏"‏مررت بثلاث حمامات‏"‏ وتقول‏:‏ ‏"‏رأيت ثلاث سجلات‏"‏ بغير هاء، وإن كان الواحد مذكرا، وقاس عليه ما كان مثله ولم يقل به الفراء‏.‏

الثالث‏:‏ اعتبار التأنيث في واحد المعدود إن كان اسما في لفظه فتقول‏:‏ ‏"‏ثلاثة أشخاص‏"‏ قاصد نسوة، و‏"‏ثلاث أعين‏"‏ قاصد رجال؛ لأن لفظ شخص مذكر ولفظ عين مؤنث‏.‏

ما لم يتصل بالكلام ما يقوي المعنى أو يكثر قصد المعنى، فيجوز حينئذ اعتباره‏.‏

فالأول كقوله‏:‏

ثلاثُ شخوصٍ كاعبانِ ومُعْصِر

فتقوى المعنى بقوله‏:‏ ‏"‏كاعبان ومعصر‏"‏‏.‏

والثاني كقوله‏:‏

ثلاثةُ أنفسٍ وثلاثُ ذَوْدٍ

فغلب المعنى؛ لأن النفس كثر استعمالها مقصودا بها إنسان‏.‏

وإن كان صفة فبموصوفها المنوي لا بها كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا‏}‏ أي‏:‏ عشر حسنات، وتقول‏:‏ ‏"‏ثلاث دواب‏"‏ إذا قصدت ذكورا، وقال بعض العرب‏:‏ ‏"‏ثلاث دواب‏"‏ لأنها جرت مجرى الأسماء الجامدة‏.‏

الرابع‏:‏ ما ذكر من اعتبار تذكير الواحد وتأنيثه إنما هو في الجمع، وأما اسم الجنس نحو ‏"‏غنم‏"‏ واسم الجمع نحو ‏"‏قوم‏"‏ فيعتبر حكم لفظه ما لم يفصل بينه وبين العدد صفة دالة على المعنى أو يكن نائبا عن جمع المذكر، فالأول كقولك‏:‏ ‏"‏عندي ثلاثة ذكور من البط‏"‏ وقال بعض المتأخرين‏:‏ ويجوز حذفه التاء فلا يلحظ الوصف ولكن الأولى أن تلحظه، والثاني كقولهم‏:‏ ‏"‏ثلاثة أشياء‏"‏ لأنه نائب من جمع شيء على أفعال، ولا أثر للوصف المتأخر كقولك‏:‏ ‏"‏ثلاث من البط ذكور‏"‏‏.‏

والخامس‏:‏ لا تعتبر أيضا تأنيث لفظ المفرد إذا كان علما نحو طلحة‏.‏

ثم ذكر حكم المميز فقال‏:‏

‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏ والمميِّزْ اجرُرِ‏.‏‏.‏‏.‏ جمعا بلفظ قلة في الأكثرِ

اعلم أن مميز الثلاثة وأخواتها إن كان اسم جنس أو اسم جمع جر بمن نحو‏:‏ ‏{‏فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ‏}‏ وقد أضيف إليه في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏تِسْعَةُ رَهْطٍ‏}‏ وقوله عليه الصلاة السلام‏:‏ ‏"‏خمس ذود‏"‏‏.‏

فإن قلت‏:‏ فهل يقاس على الأمرين‏؟‏

قلت‏:‏ أما جره بمن فمتفق عليه، وأما الإضافة إليه ففيها مذاهب‏:‏

أحدها‏:‏ الجواز على قلة، وهو ظاهر كلام ابن عصفور‏.‏

والثاني‏:‏ الاقتصار على ما سمع، وهو مذهب الأكثرين، وإليه ذهب المصنف، قال في التسهيل‏:‏ وإن ندر مضافا إليه لم يُقس عليه، وصرح سيبويه بأنه لا يقال‏:‏ ‏"‏ثلاث غنم‏"‏‏.‏

والثالث‏:‏ التفصيل، فإن كان مما يستعمل من اسم الجمع للقلة نحو‏:‏ نفر ورهط وذود جاز، وإن كان مما يستعمل للقليل والكثير لم يجز، وإليه ذهب ابن عصفور في بعض كتبه، وحكاه الفارسي عن أبي عثمان، وإن كان غيرهما أضيف العدد إليه مجموعا على مثال قلة من جموع التكسير نحو‏:‏ ‏"‏ثلاثة أعبد، وثلاث آمٍ‏"‏ هذا إذا وجد للاسم جمع قلة وجمع كثرة، فإن أهمل أحدهما أضيف إلى الموجود نحو‏:‏ ‏"‏ثلاثة أرجل، وثلاثة رجال‏"‏‏.‏

وأشار بقوله‏:‏ ‏"‏في الأكثر‏"‏ إلى أنه قد يؤثر مثال كثرة على مثال قلة، إما لقلة استعمال مثال القلة أو لخروجه عن القياس‏.‏

فالأول‏:‏ نحو قولهم‏:‏ ‏"‏ثلاثة شسوع‏"‏ فأوثر على أشساع لقلة استعماله‏.‏

والثاني‏:‏ ‏{‏ثَلاثَةَ قُرُوءٍ‏}‏ فأوثر على أقراء؛ لأن واحده قرء كفلس وجمع مثله على أفعال شاذ قاله المصنف، وذكر غيره أنه جمع قرء -بضم القاف- فلا يكون شاذا ولا يؤثر جمع قلة في غير ذلك إلا نادرا‏.‏

وأجاز المبرد ‏"‏ثلاثة كلاب‏"‏ ونحوه إذا أريد به ثلاثة من الكلاب وجعل من ذلك ‏"‏ثلاثة قروء‏"‏ وقال في شرح التسهيل‏:‏ ولو جاز هذا لم يكن معنى في الحجة بجمع القلة؛ لأن كل جمع كثرة صالح لأن يراد به مثل هذا‏.‏

تنبيهات‏:‏

الأول‏:‏ قال‏:‏ ‏"‏بلفظ قلة‏"‏ يعني من أمثلة التكسير التي هي أفعل وأفعال وأفعلة وفعلة‏.‏

وأما جمع التصحيح فلا يضاف إليه غالبا إلا إن أهمل غيره أو جاور ما أهمل أو قل استعمال غيره‏.‏

فالأول‏:‏ نحو‏:‏ ‏"‏سبع بقرات‏"‏ وفي هذا ونحوه يتعين التصحيح لإهمال غيره‏.‏

والثاني‏:‏ نحو‏:‏ ‏"‏سبع سنبلات‏"‏ ففي هذا ونحوه تجوز إضافته إلى التصحيح لمجاورته ما أهمل تكسيره وهو بقرات‏.‏

والثالث‏:‏ نحو‏:‏ ‏"‏ثلاث سعادات‏"‏ فيجوز لقلة سعائد أيضا، ويختار التصحيح في هذين الموضعين فإن كثر استعمال غيره ولم يجاور ما أهمل تكسيره لم يضف إليه إلا قليلا نحو‏:‏ ‏"‏ثلاثة أحمدين‏"‏ و‏"‏ثلاث زينبات‏"‏، وإلى هذا أشرت بقولي‏:‏ غالبا، وقال ابن عصفور‏:‏ وكذلك أيضا يضاف إلى جموع السلامة إذا لم تكن صفات يقول‏:‏ ‏"‏ثلاثة زيدين، وأربع هندات‏"‏‏.‏ انتهى‏.‏

والإضافة إلى الصفة ضعيفة نحو‏:‏ ‏"‏ثلاثة صالحين‏"‏، والأحسن الإتباع على النعت ثم النصب على الحال‏.‏

الثاني‏:‏ إذا كان تمييز الثلاثة وأخواتها مائة لم يجمع إلا في شذوذ كقوله‏:‏

ثلاثُ مئينَ للملوك وفَى بها

قيل‏:‏ ويظهر من كلام سيبويه جواز جمع المائة في الكلام وتميز بالمائة ثلاث وتسع وما بينهما، ولا يقال‏:‏ عشرة مائة استغناء بالألف، ذكر ذلك في شرح التسهيل، وحكى الفراء أن بعض العرب يقولون‏:‏ عشر مائة، وأن أهل هذه اللغة هم الذين يقولون‏:‏ ‏"‏ثلاث مئين وأربع مئين‏"‏ فيجمعون‏.‏

وفي كتاب الصفار عن الفراء‏:‏ لا تقول‏:‏ ثلاث مئين، إلا من لا يقول ألف، وإنما يقول‏:‏ عشر مئين‏.‏ وقوله‏:‏ ‏"‏ومائة والألف لمفرد أضف‏"‏ يعني‏:‏ أن المائة والألف يضافان إلى المعدود مفردا نحو‏:‏ ‏"‏مائة رجل وألف رجل‏"‏ وتثنيتهما وجمعهما كذلك‏.‏ وقوله‏:‏ ‏"‏ومائة بالجمع نزرا قد ردف‏"‏‏.‏

أشار به إلى قراءة حمزة والكسائي‏:‏ ‏"‏ثلثمائة سنين‏"‏، وأشار بقوله‏:‏ ‏"‏نزرا‏"‏ إلى تقليله، وقال بجوازه الفراء، وقال المبرد‏:‏ هو خطأ في الكلام وإنما يجوز في الشعر للضرورة وكلامه مردود بالقراءة المتواترة‏.‏

تنبيه‏:‏

قد شذ تمييز المائة بمفرد منصوب، كقول الربيع‏:‏

إذا عاشَ الفتَى مائتينِ عامَا

ولا يقاس عليه عند الجمهور، وأجاز ابن كيسان نصب تمييز المائة والألف فتقول‏:‏ ‏"‏المائة دينارا، والألف درهما‏"‏ ثم شرع في بيان تركيب العشرة مع ما دونها فقال‏:‏

وأحَدَ اذْكُرْ وصِلْنهُ بعَشَرْ‏.‏‏.‏‏.‏ مركَّبا قاصِدَ معدود ذَكَرْ

فتقول‏:‏ ‏"‏عندي أحد عشر درهما‏"‏ بتجريد عشر من التاء، وهمزة أحد هذا مبدلة من واو، وقد قيل‏:‏ وحد عشر على الأصل، وهو قليل، وقد يقال‏:‏ واحد عشر على أصل العدد، ثم قال‏:‏

وقُلْ لدى التأنيث إحدى عَشْرَهْ

فتقول‏:‏ إحدى عشرة امرأة، بإثبات التاء في عشرة، وقد يقال‏:‏ واحدةَ عشرة‏.‏ وقوله‏:‏ ‏"‏والشين فيها عن تميم كسْرَهْ‏"‏‏.‏

يعني في التأنيث، فيقولون‏:‏ ‏"‏إحدى عشرة، واثنتا عشرة، وكذا في سائرها، وبلغتهم قراءة بعضهم‏:‏ ‏{‏اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا‏}‏ قال في التسهيل‏:‏ وقد تفتح يعني في المؤنث، وبالفتح قرأ الأعمش، قال الزمخشري‏:‏ وهي لغة، انتهى، والفتح هو الأصل إلا أن الأفصح التسكين وهي لغة الحجازيين، وأما في التذكير فالشين مفتوحة، وقد تسكن عين عشر فيقال‏:‏ ‏"‏أحد عشْر‏"‏ وكذا أخواته؛ لتوالي الحركات، وبها قرأ أبو جعفر وقرأ هبيرة صاحب حفص ‏{‏اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا‏}‏ وفيها جمع بين ساكنين، وقوله‏:‏

ومع غير أحَدٍ وإحدَى‏.‏‏.‏‏.‏ ما معْهُما فعلتَ فافعَلْ قَصْدَا

يشير به إلى جعل ثاني ‏"‏جزأي المركب عشر في التذكير وعشرة في التأنيث، والحاصل أن للعشرة في التركيب عكس ما لها قبله فتحذف التاء في التذكير وتثبت في التأنيث‏"‏ وقوله‏:‏

ولثلاثة وتسعة وما‏.‏‏.‏‏.‏ بينهما إن رُكبا ما قُدِّمَا

يشير به إلى أن حكم الثلاثة والتسعة وما بينهما إذا ركبا أن تثبت التاء في التذكير وتحذف في التأنيث كما كان يفعل بهما في الإفراد، وقوله‏:‏

وأَوْلِ عَشْرَةَ اثنتَيْ وعَشَرَا‏.‏‏.‏‏.‏ اثنَيْ إذا أُنثى تَشَا أو ذَكَرا

يعني أنه يقال في تركيب اثنين واثنتين اثنا عشر في المذكر فتحذف نون اثني وتوليه عشر، واثنتا عشرة في المؤنث فتحذف نون اثنتين وتلويه عشرة‏.‏ وقوله‏:‏

واليَا لغير الرَّفعِ وارفَعْ بالألِفْ

يعني به‏:‏ أنه يقول‏:‏ اثنا عشر واثنتا عشرة بالألف في الرفع، واثني عشر واثنتي عشرة بالياء في الجر والنصب، بإعراب الصدر إعراب المثنى وبناء العجز‏.‏

ثم نبه على أن غيرهما لا حظ له في الإعراب بقوله‏:‏

والفتحُ في جزأَيْ سواهُما أُلِفْ

أما العجز فعلة بنائه تضمنه معنى حرف العطف، وأما الصدر فعلة بنائه وقوع العجز منه موقع تاء التأنيث؛ ولذلك أعرب صدر اثني عشر واثنتي عشرة؛ لوقوع العجز منه موقع النون، وما قبل النون محل إعراب لا بناء، ولوقوع العجز منهما موقع النون لم يضافا بخلاف غيرهما فيقال‏:‏ ‏"‏أحد عشرك‏"‏ ولا يقال‏:‏ ‏"‏اثنا عشرك‏"‏ وذهب ابن درستويه وابن كيسان إلى أنهما مبنيان كسائر أخواتهما، ورد بتغييرهما بالألف والياء‏.‏

تنبيهان‏:‏

الأول‏:‏ بناء أحد عشر وغيره من المركب لازم، وأجاز الكوفيون إضافة صدره إلى عجزه فيقولون‏:‏ ‏"‏هذه خمسةُ عشرِ‏"‏ واستحسنوا ذلك إذا أضيف نحو‏:‏ ‏"‏خمسة عشرِكَ‏"‏‏.‏

الثاني‏:‏ قال في التسهيل‏:‏ وتجعل العشرة مع النيِّف اسما واحدا مبنيا على الفتح ما لم يظهر العاطف‏.‏ انتهى‏.‏ فإن ظهر منع التركيب والبناء نحو‏:‏ خمسة وعشرة، قال الشيخ أبو حيان‏:‏ ويحتاج في إثبات نحو‏:‏ ‏"‏عندي خمسة وعشرة رجلا، وخمس وعشر امرأة‏"‏ إلى سماع من العرب‏.‏

وميِّزِ العشرينَ للتسعينَا‏.‏‏.‏‏.‏ بواحدٍ كأربعينَ حِينا

العقود الثمانية يستوي فيها المذكر والمؤنث وتعطف على النيف كقولك‏:‏ ‏"‏ثلاثة وعشرون‏"‏ في المذكر ‏"‏وثلاث وعشرون‏"‏ في المؤنث، وتميز بمفرد منصوب نحو قولك‏:‏ ‏"‏عشرون رجلا وعشرون امرأة‏"‏‏.‏

وقد فهم من كلامه فائدتان‏:‏

الأولى‏:‏ أن مميز العشرين وأخواته لا يجمع وهذا مذهب الجمهور، وأجاز الفراء جمعه فتقول‏:‏ عشرون رجالا؛ ولذلك أجاز جمع تمييز أحد عشر وأخواته، وأجاز بعضهم أن يقال‏:‏ عندي عشرون دراهم لعشرين رجلا، قاصدا أن لكل ‏"‏واحد‏"‏ منهم عشرين، قال في شرح التسهيل‏:‏ وهذا إذا دعت الحاجة إليه فاستعماله حسن، وإن لم تستعمله العرب؛ لأنه استعمال لا يفهم معناه بغيره، ولا يجمع مميز عشرين وبابه في غير هذا النوع‏.‏ فإن وقع موقع تمييز شيء منها فهو حال أو تابع، انتهى‏.‏

والثانية‏:‏ أن تمييز العشرين وبابه لا يكون إلا منصوبا كما مثل، وحكى الكسائي أن من العرب من يضيف العشرين وأخواته إلى المفسر منكرا أو معرفا فتقول‏:‏ عشرو درهم وعشرو ثوب، وهذا عند الأكثرين من الشاذ الذي لا تبنى على مثله القواعد‏.‏

تمييز المركب‏:‏

وميزُوا مركبا بمثل ما‏.‏‏.‏‏.‏ مُيِّزَ عشرون فسوِّينهُمَا

يعني‏:‏ بواحد منصوب وتقدم خلاف الفراء، وأجاز بعضهم أن يميز بجمع صادق على الواحد منه، وجعل الزمخشري منه قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا‏}‏‏.‏

والمراد‏:‏ وقطعناهم اثنتي عشرة قبيلة كل قبيلة أسباط لا سبط فأوقع أسباطا موقع قبيلة، قال في شرح التسهيل‏:‏ ومقتضى ما ذهب إليه أن يقال‏:‏ ‏"‏رأيت أحد عشرة أنعاما‏"‏ إذا أريد أحد عشرة جماعة كل جماعة أنعام، ولا بأس برأيه هذا لو ساعده استعماله، ولكن قوله‏:‏ إن كل قبيلة أسباط لا سبط، مخالف لما يقوله أهل اللغة‏:‏ إن السبط في بني إسرائيل بمنزلة القبيلة في العرب، وعلى هذا فأسباط واقع موقع قبائل، فلا يصح كونه تمييزا بل هو بدل والتمييز محذوف، انتهى‏.‏

قلت‏:‏ كلامه في شرح الكافية مخالف لما ذكره هنا، فإنه قال عند ذكر تذكير التمييز وتأنيثه فإن اتصل به ما يراد به المعنى كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا‏}‏ فبذكر أمم ترجح حكم التأنيث ولولا ذلك لقيل‏:‏ اثنا عشر أسباطا؛ لأن السبط مذكر، انتهى‏.‏

وقال الجرمي‏:‏ يجوز أن تكون أسباطا نعتا لفرقة ثم حذف الموصوف وأقيمت الصفة مقامه، وأمما نعت الأسباط وأنث العدد وهو واقع على الأسباط وهو مذكر؛ لأنه بمعنى فرقة أو أمة كما قال ثلاثة أنفس يعني رجالا وعشر أبطن بالنظر إلى القبيلة‏.‏ انتهى‏.‏

تنبيه‏:‏

إذا نعت تمييز العشرين وبابه جاز فيه الحمل على اللفظ فتقول‏:‏ عندي عشرون درهما وازنا، والحمل على المعنى فتقول‏:‏ وازنة، ومنه قول عنترة‏:‏

فيها اثنتانِ وأربعون حَلُوبة‏.‏‏.‏‏.‏ سُودًا كخَافيةِ الغُرابِ الأسْحَمِ

وهذا المعنى هو الذي لحظه الجرمي في جعله أسباطا نعتا لفرقة‏.‏

وإِنْ أُضيفَ عددٌ مُركَّبُ‏.‏‏.‏‏.‏ يَبْقَ البِنَا وعجزُه قد يُعْربُ

إذا أضيف العدد المركب ففيه ثلاثة أوجه‏:‏

الأول‏:‏ أن يبقى بناؤه وهو الأكثر كما يبقى مع الألف واللام بإجماع‏.‏

والثاني‏:‏ أن يعرب عجزه مع بقاء التركيب كبعلبك، وحكاه سيبويه عن بعض العرب فتقول‏:‏ ‏"‏أحد عشرك مع أحد عشر زيد‏"‏ واستحسنه الأخفش، واختاره ابن عصفور، وزعم أنه الأفصح، ووجه ذلك بأن الإضافة ترد الأسماء إلى أصلها من الإعراب، ومنع في التسهيل القياس عليه، وقال في الشرح‏:‏ لا وجه لاستحسانه؛ لأن المبني قد يضاف نحو‏:‏ ‏"‏كم رجل عندك‏؟‏‏"‏ و ‏{‏مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ‏}‏‏.‏

قلت‏:‏ قال بعضهم‏:‏ وهي لغة ضعيفة عند سيبويه، وإذا ثبت كونها لغة لم يمتنع القياس عليها، وإن كانت ضعيفة‏.‏

والثالث‏:‏ أن يضاف صدره إلى عجزه مزالا بناؤهما، حكى الفراء أنه سمع من أبي فقعس الأسدي وأبي الهيثم العقيلي‏:‏ ‏"‏ما فعلت خمسة عشرك‏"‏‏.‏

وذكر في التسهيل أنه لا يقاس عليه خلافا للفراء، وحكى ابن عصفور هذا الوجه في بعض كتبه عن الكوفيين وفي بعضها عن الفراء، ورد بأنه لم يسمع، وهذا الرد مردود بما تقدم‏.‏

تنبيه‏:‏

قال في التسهيل‏:‏ ولا يجوز بإجماع ‏"‏ثماني عشرة‏"‏ إلا في الشعر يعني بإضافة صدره إلى عجزه دون إضافة كقول الراجز‏:‏

كُلِّف من عنائه وشِقْوَتِهْ‏.‏‏.‏‏.‏ بنتَ ثماني عَشْرة من حِجَّتِهْ

وحكى غيره مع الكوفيين أنهم أجازوا ذلك مطلقا في الشعر وغيره في ثماني عشرة وغيرهما، فليس نقل الإجماع بصحيح‏.‏

وصُغْ من اثنينِ فما فوق إلى

عَشرةٍ كفاعلٍ من فَعَلا

يعني‏:‏ أنه يصاغ من اثنين فما فوق إلى العشرة موازن فاعل نحو ثاني إلى عشرة كما يصاغ اسم الفاعل من فعل نحو ضرب فهو ضارب‏.‏

فإن قلت‏:‏ لِمَ قال ‏"‏من اثنين‏"‏ وترك ذكر واحد وقد ذكره بعضهم من اسم الفاعل المشتق من العدد‏؟‏

قلت‏:‏ واحد من أسماء العدد ولس المراد العدد فيذكر، وإنما المراد الصفة وهو وإن كان على زنة فاعل لا يمكن أن يراد به التصيير؛ إذ لا عدد أقل منه بخلاف الثاني فما فوقه‏:‏

واحْتِمْهُ في التأنيث بالتا ومتى‏.‏‏.‏‏.‏ ذَكَّرْتَ فاذكُرْ فاعلا بغيرِ تَا

فتقول في التأنيث ثانية إلى عشرة وفي التذكير ثان إلى عاشر، كما يفعل في اسم الفاعل من نحو ضارب، وإنما نبه على هذا مع وضوحه لئلا يتوهم أنه يسلك به سبيل العدد الذي صيغ منه‏.‏

وإن تُرِدْ بعضَ الذي منه بُنِي‏.‏‏.‏‏.‏ تُضِفْ إليه مثل بَعْضٍ بَيِّنِ

لاسم الفاعل المصوغ من العدد ثلاثة أحوال‏:‏

الأول‏:‏ أن يستعمل مفردا ولا إشكال فيه‏.‏

والثاني‏:‏ أن يستعمل مع موافق كثاني مع اثنين فيجب إضافته عند الجمهور فتقول في التذكير‏:‏ ثاني اثنين إلى عاشر عشرة، وفي التأنيث‏:‏ ثانية اثنتين إلى عاشرة عشرة، وإنما لم ينصب لأنه ليس في معنى ما يعمل ولا مفرعا على فعل فالتزمت إضافته لكونه واحدا من العدد كما يلتزم إضافة البعض، وإلى هذا أشار بقوله‏:‏ ‏"‏مثل بعض بين‏"‏ هذا مذهب الجمهور، وذهب الأخفش والكسائي وقطرب وثعلب إلى جواز إعماله فتقول‏:‏ ثان اثنين وثالثُ ثلاثةَ، وفصل بعضهم فقال‏:‏ يعمل ثان، ولا يعمل ثالث وما بعده، وإليه ذهب في التسهيل، قال‏:‏ لأن العرب تقول‏:‏ ‏"‏ثَنَيْتُ الرجلين‏"‏ إذا كنت الثاني منهما فمن قال‏:‏ ثانِ اثنين بهذا المعنى عُذر؛ لأن له فعلا، ومن قال‏:‏ ثالث ثلاثة لم يُعذر؛ لأنه لا فعل له، فهذه ثلاثة أقوال‏.‏

تنبيه‏:‏

قال في الكافية‏:‏

وثعلبٌ أجاز نحو رابع‏.‏‏.‏‏.‏ وأربعة وما له متابعُ

وقال في شرحها‏:‏ ولا يجوز تنوينه والنصب به، وأجاز ذلك ثعلب وحده، ولا حجة له في ذلك‏.‏ انتهى‏.‏ فعمم المنع، وقد فصل في التسهيل وخص الجواز بثعلب، وقد نقله فيه عن الأخفش، ونقله غيره عن الكسائي وقطرب كما تقدم‏.‏

والثالث‏:‏ أن يستعمل مع مخالفه ولا يكون إلا للعدد الذي تحته، فهذا يجوز أن يضاف وأن ينون وينصب لأنه اسم فالع حقيقة، فإنه يقال‏:‏ ‏"‏ثلثتُ الرجلين‏"‏ إذا انضممت إليهما فصرتم ثلاثة، وكذلك ‏"‏ربعت الثلاثة‏"‏ إلى ‏"‏عشرت التسعة‏"‏ وقد أشار إلى هذا بقوله‏:‏

وإن تُردْ جَعْلَ الأقل مثلَ مَا‏.‏‏.‏‏.‏ فوق فحُكْمَ جاعلٍ له احْكُمَا

يعني‏:‏ أن حكمه حكم اسم الفاعل، فإن كان بمعنى المضي وجبت إضافته‏.‏ وإن كان بمعنى الحال والاستقبال جازت إضافته وجاز تنوينه وإعماله كما يفعل جاعل أو غيره من أسماء الفاعلين‏.‏

فإن قلت‏:‏ هل لاختصاص جاعل بالتمثيل به فائدة‏؟‏

قلت‏:‏ نعم، وهي التنبيه على معنى اسم فاعل العدد إذا استعمل مع ما تحته معنى جاعل، فإذا قلت‏:‏ رابع ثلاثة فمعناه جاعل الثلاثة أي‏:‏ مصيِّرهم أربعة‏.‏

تنبيهان‏:‏

الأول‏:‏ قال الشارح في البيت‏:‏ معناه وإن ترد بالمصوغ من اثنين فما فوقه أنه جعل ما هو أقل عددا مما اشتق منه مساويا له فاحكم لذلك المصوغ بحكم جاعل‏.‏ انتهى‏.‏

وفيه تصريح بأن ثاني يستعمل بمعنى جاعل فيقال‏:‏ ثاني واحد، وهو خلاف التسهيل؛ لأنه خص المصوغ من الاثنين بالإضافة إلى الموافق بمعنى بعض أصله، ونص سيبويه على أنه لا يقال‏:‏ ثاني واحد، وقال الكسائي‏:‏ بعض العرب يقول‏:‏ ثاني واحد، وحكاه الجوهري أيضا وقال‏:‏ ثاني واحد، والمعنى‏:‏ هذا ثني واحدا‏.‏

والثاني‏:‏ قال في التسهيل‏:‏ وإن قصد بفاعل المصوغ من ثلاثة إلى عشرة، وهذه العبارة -كما قال في شرحه- تقريب على المتعلم، والحقيقة أنه من الثلث إلى العشر وهي مصادر ثلثت الاثنين إلى عشرت التسعة‏.‏

وإِنْ أردت مثل ثانِي اثنينِ‏.‏‏.‏‏.‏ مركبا فجِيءَ بتركيبينِ

إذا قصد صوغ الفاعل من المركب بمعنى بعض أصله كثاني اثنين‏.‏

ففي استعماله ثلاثة أوجه‏:‏

الأول‏:‏ وهو الأصل أن يجاء بتركيبين صدر أولهما فاعل في التذكير وفاعلة في التأنيث وصدر ثانيهما الاسم المشتق منه، وعجزهما عشر في التذكير وعشرة في التأنيث‏.‏

فتقول في التذكير‏:‏ ‏"‏ثاني عشر اثني عشر‏"‏ إلى ‏"‏تاسع عَشَر تسعةَ عشَر‏"‏، وفي التأنيث‏:‏ ‏"‏ثانية عشر اثنتي عشرة‏"‏ إلى ‏"‏تاسعةَ عشَرة تِسْعَ عشَرة‏"‏ بأربع كلمات مبنية، وأول التركيبين مضاف إلى ثانيهما إضافة ثاني إلى اثنين‏.‏

الثاني‏:‏ أن يقتصر على صدر الأول، فيعرب لعدم التركيب ويضاف إلى المركب باقيا بناؤه، وإليه أشار بقوله‏:‏

أو فاعلا بحالتيه أَضِفْ‏.‏‏.‏‏.‏ إلى مركب بما تَنْوِي يَفِي

حالتاه هما التذكير والتأنيث فتقول في التذكير‏:‏ ‏"‏ثاني اثني عشر‏"‏ إلى ‏"‏تاسع تسعة عشر‏"‏، وفي الثأنيث‏:‏ ‏"‏ثانية اثنتي عشرة‏"‏ إلى ‏"‏تاسعة تسعَ عشرة‏"‏‏.‏

الثالث‏:‏ أن يقتصر على التركيب الأول، وإليه أشار بقوله‏:‏

وشاع الاستغنا بحادي عَشَرَا‏.‏‏.‏‏.‏ ونحوه‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏

وفيه حينئذ ثلاثة أوجه‏:‏

الأول‏:‏ أن يُبنى صدره وعجزه وهو الأعرف‏.‏

والثاني‏:‏ أن يعرب صدره مضافا إلى عجزه مبنيا، حكاه ابن السكيت وابن كيسان‏.‏ ووجهه أنه حذف عجز الأول فأعربه لزوال التركيب، ونوى صدر الثاني فبناه‏.‏

والثالث‏:‏ أن تعربهما معا مقدرا حذف عجز الأول وصدر الثاني، وهذا الوجه أجازه بعض النحويين‏.‏

تنبيهان‏:‏

الأول‏:‏ مثل في النظم بحادي عشر ولم يمثل بثاني عشر، قال الشارح‏:‏ ليتضمن التمثيل فائدة التنبيه على ما التزموه حين صاغوا أحدا وإحدى على فاعل وفاعلة من القلب وجعل الفاء بعد اللام فقال‏:‏ ‏"‏حادي عشر، وحادية عشرة‏"‏ والأصل واحد وواحدة‏.‏

قلت‏:‏ وحكى الكسائي عن بعض العرب ‏"‏واحد عشر‏"‏ على الأصل فلم يلتزم القلب كل العرب‏.‏

الثاني‏:‏ لم يذكر هنا صوغ اسم الفاعل من المركب بمعنى جاعل؛ لكونه لم يسمع، إلا أن سيبويه وجماعة من المتقدمين أجازوه قياسا ‏"‏فيقولون‏"‏‏:‏ ‏"‏هذا رابع عشر ثلاثة عشر‏"‏ أو ‏"‏رابع ثلاثة عشر‏"‏ وإنما أجازوه بشرط الإضافة ولا يجوز أن ينصب ما بعده، وأجاز بعض النحويين ‏"‏هذا ثان أحد عشر، وثالث اثني عشر‏"‏ بالتنوين، وذهب الكوفيون وأكثر البصريين إلى منع بنائه بهذا المعنى، وقوله‏:‏

‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏ وقبل عشرين اذكرا

وبابه الفاعل من لفظ العدد‏.‏‏.‏‏.‏ بحالتَيْهِ قبل واو يُعْتَمَدْ

يعني‏:‏ أن العشرين وبابه يعني بقية العقود يعطف على اسم الفاعل بحالتيه يعني التذكير والتأنيث فتقول‏:‏ ‏"‏الحادي والعشرون‏"‏ إلى ‏"‏التاسع والتسعين‏"‏ و‏"‏الحادية والعشرون‏"‏ إلى ‏"‏التاسعة والتسعين‏"‏ ولا يستعمل الحادي والحادية إلا في تنييف‏.‏

تنبيه‏:‏

لم يسمع بناء اسم الفاعل من العقود الثمانية أعني عشرين وبابه إلا أن بعضهم حكى ‏"‏عاشر عشرين‏"‏ فقاس عليه الكسائي‏.‏ وقال سيبويه والفراء‏:‏ ‏"‏هذا الجزء العشرون‏"‏ على معنى تمام العشرين فحذف‏.‏

وقال بعضهم‏:‏ تقول‏:‏ ‏"‏هذا متمم عشرين أو مكمل عشرين‏"‏ ورُد بأنه يلزم أن يتمم نفسه أو يكمل نفسه‏.‏ وقال أبو علي‏:‏ هو الموفى عشرين‏.‏

قال بعضهم‏:‏ والصحيح أن يقال‏:‏ هو كمال العشرين، أو تمام العشرين، أو تأتي بألفاظ العقود فتقول‏:‏ العشرين إلى التسعين، والله أعلم‏.‏

كم وكأين وكذا

هذه ألفاظ يكنى بها عن العدد؛ فلذلك أردف بها باب العدد‏.‏

أما ‏"‏كم‏"‏ فاسم لعدد مبهم الجنس والمقدار، وليست مركبة خلافا للكسائي والفراء فإنها مركبة عندهما من كاف التشبيه وما الاستفهامية محذوفة الألف وسكنت ميمها لكثرة الاستعمال‏.‏

وكم قسمان‏:‏ استفهامية وخبرية، وكل منهما مفتقر إلى تمييز، وقد أشار إلى الاستفهامية بقوله‏:‏

ميِّزْ في الاستفهام كم بمثل ما‏.‏‏.‏‏.‏ ميَّزْتَ عشرين ككم شخصا سَمَا

يعني‏:‏ أن تمييز الاستفهامية كتمييز العشرين في الإفراد والنصب نحو‏:‏ ‏"‏كم شخصا‏؟‏‏"‏‏.‏ أما إفراده فلازم خلافا للكوفيين فإنهم يجيزون جمعه نحو‏:‏ ‏"‏كم شهودا لك‏؟‏‏"‏ ولو سمع مثل هذا لم يكن لهم فيه حجة لصحة حمله على الحال، وجعل التمييز محذوفا‏.‏ وأجاز بعضهم جمعه إذا كان السؤال عن الجماعات نحو‏:‏ ‏"‏كم غلمانا لك‏؟‏‏"‏ إذا أردت أصنافا من الغلمان، وهو مذهب الأخفش، فتحصل في جمعه ثلاثة مذاهب، وأما نصبه ففيه أيضا ثلاثة مذاهب‏:‏

أحدهما‏:‏ أنه لازم ولا يجوز جره، وهو مذهب بعض النحويين‏.‏

والثاني‏:‏ أنه ليس بلازم بل يجوز جره مطلقا حملا على الخبرية، وإليه ذهب الفراء والزجاج والسيرافي، وعليه حمل أكثرهم‏:‏

كم عمةٍ لك يا جريرُ وخالةٍ

والثالث‏:‏ أنه لازم إن لم يدخل على كم حرف جر، وراجح على الجر إن دخل عليها حرف جر، وهو المشهور، ولم يذكر سيبويه جره إلا إذا دخل على كم حرف جر، وإلى هذا أشار بقوله‏:‏

وأجِزْ أن تَجُرَّهُ من مُضْمَرا‏.‏‏.‏‏.‏ إن وَلِيتْ كم حَرْفَ جر مُظهَرا

فيجوز في نحو‏:‏ ‏"‏بكم درهم اشتريت‏؟‏‏"‏ النصب على الأصل، وهو الأجود والأكثر، والجر أيضا وفيه قولان‏:‏

أحدهما‏:‏ أنه بمن مقدرة كما ذكر، وهو مذهب الخليل وسيبويه والفراء وجماعة‏.‏

والثاني‏:‏ أنه بإضافة كم إليه، وهو قول الزجاج، وزعم ابن بابشاذ أن الأول ليس مذهب المحققين ‏"‏ورد بأنه نص من كلامهم إلا الزجاج‏"‏، ورد مذهب الزجاج بوجهين‏:‏

أحدهما‏:‏ أنه بمنزلة عدد ينصب ما بعده قولا واحدا فلا يمكن الخفض بها، قاله ابن خروف‏.‏

والآخر‏:‏ أن الجر لو كان بالإضافة لم يشترط دخول حرف الجر على كم ليكون عوضا من إظهار من‏.‏

قلت‏:‏ وفي لزوم هذا للزجاج نظر؛ لأنه نقل عنه أنه يجيز الجر مطلقا كما تقدم‏.‏

ثم أشار إلى الخبرية بقوله‏:‏

واسْتَعْمِلنَهَا مُخبرًا كعَشَرَهْ‏.‏‏.‏‏.‏ أو مائةٍ ككَمْ رِجالٍ أو مَرَهْ

يعني‏:‏ أن كم الخبرية تستعمل تارة استعمال عشرة فيكون تمييزها جمعا مجرورا نحو‏:‏ ‏"‏كم رجالٍ‏"‏ وتارة استعمال مائة فيكون تمييزها مفردا مجرورا نحو‏:‏ ‏"‏كم مرةً‏"‏ ومن الجمع قول الشاعر‏:‏

كَمْ ملوكٍ باد ملكُهم

ومن الإفراد قول الراجز‏:‏

وكم ليلةٍ قد بِتُّها غير آثِم

تنبيهات‏:‏

الأول‏:‏ إفراد تمييز الخبرية أكثر وأفصح من جمعها، وليس الجمع بشاذ كما زعم بعضهم، وقيل‏:‏ الجمع على معنى الواحد فكم رجال على معنى كم جماعة من الرجال‏.‏

الثاني‏:‏ ذهب الفراء إلى أن الجر بعد الخبرية بمن مقدرة، ونقله عن الكوفيين، والصحيح أنه بإضافة كم؛ إذ لا مانع من إضافتها‏.‏

الثالث‏:‏ شرط جر تمييز الخبرية الاتصال، فإن فُصل نصب، حملا على الاستفهامية، وقد جاء مجرورا مع الفصل بظرف أو بجار ومجرور‏.‏

فالأول‏:‏ كقوله‏:‏

كم دون مَيَّة مَومَاةٍ يُهالُ لها‏.‏‏.‏‏.‏ إذا تيمَّمها الخريت ذُو الجلدِ

وقوله‏:‏

كم بجودٍ مُقْرِفٍ نالَ العلا‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏

وفيه مذاهب‏:‏

أحدها‏:‏ أنه لا يجوز إلا في الشعر، وهو مذهب جمهور البصريين، وإليه ذهب المصنف‏.‏

والثاني‏:‏ أنه يجوز في الاختيار، وهو مذهب الكوفيين‏.‏

والثالث‏:‏ أنه يجوز إذا كان الفصل بناقص نحو‏:‏ ‏"‏كم اليوم جائع أتاني‏"‏ و‏"‏كم بك مأخوذ جاءني‏"‏ لا إن كان بتام، وهو مذهب يونس‏.‏

فإن كان الفصل بجملة نحو‏:‏

كم نالني منهم فضلا على عدم

أو بظرف أو جار ومجرور معا نحو‏:‏

تؤُمُّ سنانا وكم دونه‏.‏‏.‏‏.‏ من الأرض محدَودِبا غارُها

تعين النصب، قال المصنف‏:‏ وهو مذهب سيبويه‏.‏ وظاهر كلام المبرد جواز جر المفصول بجملة في الشعر، وحكي عن الكوفيين جوازه في الكلام‏.‏

وقد رُوي خفض ‏"‏فضلا‏"‏ من قوله‏:‏ ‏"‏كم نالني منهم فضل على عدم‏"‏‏.‏

الرابع‏:‏ ذكر سيبويه أن بعض العرب ينصب مميز الخبرية مع الاتصال حملا على الاستفهامية‏.‏ وحكاه المصنف في غير هذا الكتاب عن تميم، وجزم هنا باللغة الفصحى‏.‏

الخامس‏:‏ إذا نصب هنا مع الاتصال على هذه اللغة، فقال الشلوبين‏:‏ لا يكون إلا مفردا، والصحيح أنه تجوز فيه ‏"‏هنا‏"‏ الإفراد والجمع على هذه اللغة كما ذكره في شرح الكافية، نص على ذلك السيرافي‏.‏

السادس‏:‏ قد علم مما تقدم أن الاستفهامية والخبرية تتفقان في أحكام وتفترقان في أحكام‏.‏ فلنذكر طرفا من ذلك فنقول‏:‏ يتفقان في ستة أشياء‏:‏

أولها‏:‏ أنهما اسمان خلافا لمن قال‏:‏ إن الخبرية حرف، ودليل اسميتها واضح‏.‏

وثانيها‏:‏ أنهما مبنيان، أما الاستفهامية فلتضمنها معنى حرفه، وأما الخبرية فقيل‏:‏ لشبهها بها، وقيل‏:‏ لمناسبة رب التي للتكثير، وقيل‏:‏ حملا على رب، وإن كانت للتقليل؛ لأن الشيء يحمل على نقيضه كما يحمل على نظيره‏.‏

قلت‏:‏ والتعليل بالشبه الوضعي كافٍ في بنائهما‏.‏

ورابعهما‏:‏ أن مميزهما قد يحذف إذا دل عليه دليل خلافا لمن منع حذف تمييز الخبرية، وقال بعضهم‏:‏ يقبح حذف مميز الخبرية إلا إن قدر منصوبا، قال في الارتشاف‏:‏ وبنبغي أن يقال‏:‏ إن قدر تمييز الخبرية منصوبا أو مجرورا بمن جاز حذفه، أو بالإضافة فلا يجوز‏.‏

وخامسها‏:‏ أنهما يلزمان الصدر، أما الاستفهامية فواضح، وأما الخبرية فللحمل على رب، فلا يعمل فيهما ما قبلهما إلا المضاف وحرف الجر، وحكى الأخفش أن بعض العرب يقدم العامل على كم الخبرية، فتقول على هذا‏:‏ ‏"‏ملكت كم غلام‏"‏ فقيل‏:‏ هي من القلة بحيث لا يقاس عليها، والصحيح أنه يجوز القياس عليها، وأنها لغة‏.‏

وسادسها‏:‏ أنهما يشتركان في وجوه الإعراب، وهذا تقييد في إعراب كم إن تقدم عليها حرف جر أو مضاف، فهي مجرورة وإلا فإن كانت كناية عن مصدر أو ظرف فهي منصوبة على المصدر أو على الظرف، وإلا فإن لم يلها فعل أو وليها فعل وهو لازم أو متعد رافع ضميرها أو سببها فهي مبتدأ، وإن وليها فعل متعد ولم يأخذ مفعوله، وإن أخذه فهي مبتدأ، إلا أن يكون ضميرا يعود عليها، ففيها الابتداء، والنصب على الاشتغال‏.‏

ويفترقان في ستة أشياء‏:‏

أولها‏:‏ أن تمييز الاستفهامية أصله النصب وتمييز الخبرية أصله الجر‏.‏

وثانيها‏:‏ أن تمييز الاستفهامية مفرد وتمييز الخبرية يكون مفردا وجمعا‏.‏

وثالثها‏:‏ أن الفصل بين الاستفهامية ومميزها جائز في السعة، ولا يفصل بين الخبرية ومميزها إلا في الضرورة، نص المصنف على ذلك، وتقدم ما يقتضي الإطلاق‏.‏

ورابعها‏:‏ أن الاستفهامية لا تدل على تكثير -خلافا لبعضهم- والخبرية للتكثير خلافا لابن طاهر وتلميذه ابن خروف‏.‏

وخامسها‏:‏ أن الاستفهامية تحتاج إلى جواب بخلاف الخبرية، والأجود في جوابها أن يكون على حسب موضعها في الإعراب، ولو رفع مطلقا لجاز‏.‏

وسادسها‏:‏ أن الاستفهامية لا يعطف عليها بلا، خلاف الخبرية، فتقول‏:‏ كم رجل جاءني لا رجل ولا رجلان‏.‏

ثم انتقل إلى كأين وكذا فقال‏:‏

كَكَمْ كَأَيِّنْ وكذَا وينْتَصِبْ‏.‏‏.‏‏.‏ تَمييزُ ذَينِ أو به صِلْ من تُصِبْ

يعني‏:‏ أن كأين وكذا مثل كم الخبرية في الدلالة على تكثير عدد مبهم الجنس والمقدار إلا أن تمييزها منصوب بخلاف تمييز كم الخبرية، فتقول‏:‏ كأين رجلا رأيت، ورأيت كذا رجلا، والأكثر بعد كأين جره بمن كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ‏}‏ ‏{‏وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ‏}‏ وخطئ ابن عصفور في قوله‏:‏ إن من تلزم تمييز كأين‏.‏

تنبيهات‏:‏

الأول‏:‏ المشبه به في قوله ‏"‏ككم‏"‏ هي الخبرية؛ لأن كأين وكذا لا يستفهم بهما، أما كذا فبالاتفاق، وأما كأين فذهب المصنف إلى أنها قد يستفهم بها مستدلا بقول أبي بن كعب لعب الله بن مسعود رضي الله عنهما‏:‏ ‏"‏كأين تقرأ سورة الأحزاب آية‏"‏‏.‏

ونصوص النحويين على أنها لا تكون إلا خبرية‏.‏

فإن قلت‏:‏ فأي قرينة ترشد إلى أن مراده الخبرية‏؟‏

قلت‏:‏ القرينة أنها المذكورة ثانيا‏.‏

الثاني‏:‏ وجه الشبه إنما هو في الدلالة على تكثير عدد مبهم لا في جميع الأحكام؛ لأن كأين لا يحفظ كون مميزها جمعا بخلاف ‏"‏الدلالة على‏"‏ كم، ولأن كذا لا تلزم الصدر ولأن كأين لا تجر بحرف ولا بإضافة، وأجاز ابن قتيبة وابن عصفور جرها بالحرف‏.‏

الثالث‏:‏ فهم من تشبيه كأين وكذا بكم الخبرية أنهما للتكثير، وقد صرح المصنف بذلك في غير هذا الموضع، ونوزع في ‏"‏كذا‏"‏ فإن الذي يظهر أنها لم توضع للتكثير‏.‏

الرابع‏:‏ قد فهم من قوله‏:‏ ‏"‏وينتصب‏"‏ أن تمييزها لا يجوز جره بإضافتهما إليه بخلاف كم‏.‏

فإن قلت‏:‏ كان حقهما أن يضافا كما تضاف كم؛ لكونهما بمعناها‏.‏

قلت‏:‏ منع من ذلك أن المحكي لا يضاف، وأن في آخر كأين تنوينا وفي آخر كذا اسم الإشارة، وهما مانعان من الإضافة‏.‏

الخامس‏:‏ خطأ الفارسي والزجاج وابن أبي الربيع وابن عصفور من جر التمييز بعد كذا في نحو‏:‏ ‏"‏كذا درهم‏"‏، وأجازه بعضهم على الإضافة وبعضهم على البدل، والصحيح أنه لا يجوز ولم يسمع‏.‏

قال ابن العلج‏:‏ ‏"‏وأما الرفع‏"‏ بعد كذا فخطأ؛ لأنه لم يسمع‏.‏

السادس‏:‏ ظاهر قوله‏:‏ ‏"‏أو به صل من تصب‏"‏ جواز جر تمييز كذا بمن، وكلامه في غير هذا الموضع يقتضي وجوب نصبه‏.‏

السابع‏:‏ ظاهر قوله‏:‏ ‏"‏وكذا‏"‏ أنها تستعمل كناية عن العدد وهي مفردة، قال بعضهم‏:‏ ولا يحفظ فيها إذا كانت كناية عن العدد إلا كونها مكررة بالعطف كقوله‏:‏

عِدِ النفس نُعمى بعد بُؤساك ذَاكِرَا‏.‏‏.‏‏.‏ كذا وكذا لُطفا به نُسي الْجَهد

وقال في التسهيل‏:‏ وقلَّ ورود ‏"‏كذا‏"‏ مفردا أو مكررا بلا واو، وذلك يدل على ورود الأمرين، ولم يذكر لهما شاهدا، ونازع ابن خروف في إفرادها وزعم أنه غير مستعمل‏.‏

الثامن‏:‏ مذهب البصريين أن تمييز كذا لا يكون إلا مفردا ومنصوبا سواء كانت مفردة أو مكررة كما تقدم، وذهب الكوفيون إلى أنها تعامل معاملة ما يكنى بها ‏"‏عنه‏"‏ فكذا أعبد كناية عن ثلاثة إلى عشرة، وكذا عبد ‏"‏من‏"‏ مائة فصاعدا، وكذا وكذا عبدا من أحد عشر إلى تسعة عشر، وكذا عبدا من عشرين إلى تسعين، وكذا وكذا عبدا من واحد وعشرين إلى تسعة وتسعين، ووافقهم على ذلك المبرد وابن الدهان وابن معط، ونقله صاحب البسيط عن الأخفش، قال في شرح التسهيل‏:‏ ومستند هذا التفصيل الرأي لا الرواية، وذهب ابن عصفور إلى مذهب ثالث وهو موافقتهم في المركب والعقد والمعطوف ومخالفتهم في المضاف وهو الثلاثة إلى العشرة، فيفسر بجمع معروف بالألف واللام مجرور بمن، وزعم أنه مذهب البصريين بناء على ما نقله ابن السيد من أن البصريين والكوفيين اتفقوا على أن كذا وكذا كناية عن الأعداد المعطوفة، وأن كذا كذا كناية عن الأعداد المركبة، وليس كما نقل‏.‏

التاسع‏:‏ كأين مركبة من كاف التشبيه وأي، قيل‏:‏ الاستفهامية، وحكيت فصارت كيزيد مسمى به يحكى ويحكم على موضعه بالإعراب، وقال ابن عصفور‏:‏ الكاف فيها زائدة لا تتعلق بشيء، وأجاز ابن خروف أن تكون مركبة من الكاف التي هي اسم ومن أي اسم على وزن فيعل، ولم يستعمل هذا الاسم مفردا بل مركبا مع الكاف، وهو مبني على السكون من حيث استعمل في معنى كم، وقال بعض المغاربة‏:‏ ويحتمل أن تكون بسيطة‏.‏

العاشر‏:‏ في كأين خمس لغات أفصحها كأين وبها قرأ أكثر القراء، وثانيها كائن وبها قرأ ابن كثير، وثالثها كأن وحكاها المبرد، ورابعها كأين وبها قرأ ابن محيصن والأشهب العقيلي، والخامسة كيئن‏.‏

الحادي عشر‏:‏ اختلف في الوقف على كأين في اللغة المشهورة، فذهب الفارسي والسيرافي وجماعة من البصريين إلى أنه تخذف النون، وذهب ابن كيسان وابن خروف إلى أنه بإقرار النون‏.‏

والوجهان منقولان عن أبي عمرو والكسائي‏.‏

قلت‏:‏ وقف أكثر القراء بالنون إتباعا للرسم، ووقف أبو عمرو بالياء، واختلف أيضا في الوقف على كائن وهي التي قرأ بها ابن كثير، فوقف المبرد وابن كيسان بالنون، ووقف جماعة بحذفها، وقد أغرب من جعلها اسم فاعل من كان، ومن علها من كاء يكيء كيئا إذا رجع وارتدع‏.‏

الثاني عشر‏:‏ كذا مركبة من كاف التشبيه وذا الإشارية، وتكون كناية عن العدد كما تقدم، وعن غيره‏.‏ وإذا كانت كناية عن غير عدد فتكون مفردة ومعطوفة، ويكنى بها عن المعرفة والنكرة‏.‏