فصل: قصيدة: عَلِمتُكِ، واللَّهُ الحَسيبُ، عَفيفَةً

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: ديوان حسان بن ثابت الأنصاري



.قصيدة: أتعرِفُ الدّارُ، عَفا رسْمُها

أتعرِفُ الدّارُ، عَفا رسْمُها ** بعدَكَ، صَوْبَ المُسبل الهاطلِ

بينَ السراديحِ، فأدمانةٍ ** فمدفعِ الروحاء في حائلِ

ساءلتُها عن ذاك، فاستعجمتْ ** لم تدرِ ما مرجوعةُ السائلِ

دعْ عنكَ داراً قد عفا رسمها ** وابكِ على حمزةَ ذي النائلِ

المالئ الشيزى، إذا أعصفتْ ** غبرَاءُ في ذي الشَّبَمِ الماحِلِ

التاركِ القرنِ لدى لبدهِ ** يَعْثُرُ في ذي الخُرُص الذابلِ

واللاّبسِ الخيلَ إذا أحجمَتْ ** كاللّيْثِ في غابتِهِ الباسلِ

أبيضَ في الذروةِ من هاشمٍ ** لمْ يَمرِ دونَ الحقّ بالباطِلِ

ما لشهيدٍ بينَ أرماحكمْ ** شلتْ يدا وحشيِّ من قاتلِ

إنّ امْرَأَ غُودِرَ في ألّةٍ ** مَطرُورَةٍ، مارِنَةِ العامِلِ

أظْلَمَتِ الأرْضُ لفِقْدَانِهِ ** واسودَّ نورُ القمرِ الناصلِ

صلّى عليكَ اللَّهُ في جنّةٍ ** عاليَةٍ، مُكرَمَةِ الدّاخِلِ

كُنّا نرَى حمزَةَ حِرْزاً لنا ** مِنْ كلّ أمرٍ نابَنا نازِلِ

وكانَ في الإسلامِ ذا تدرإٍ ** لمْ يكُ بالوَاني، ولا الخاذلِ

لا تفرَحي يا هنْدُ، واستحلِبي ** دمعاً، وأذري عبرَةَ الثاكلِ

وابكي على عتبةَ، إذْ قطهُ ** بالسَّيْفِ تحتَ الرَّهَجِ الجائلِ

إذْ خَرّ في مَشْيخَةٍ منكُمُ ** من كلّ عاتٍ قلبهُ، جاهلِ

أرْداهُمُ حمزَةُ في أُسْرَةٍ ** يمْشونَ تحتَ الحَلَقِ الذائلِ

غداةَ جبريلُ وزيرٌ لهُ ** نِعْمَ وَزيرُ الفارِس الحامِلِ

.قصيدة: لقدْ لقِيَتْ قُرَيْظةُ ما عظاها

لقدْ لقِيَتْ قُرَيْظةُ ما عظاها ** وحلّ بحصنها ذلٌّ ذليلُ

وسعدٌ كان أنذرهمْ نصيحاً ** بأنّ إلههُمْ رَبٌّ جلِيلُ

فمل برحوا بنقضِ العهدِ حتى ** غزاهم في ديارهمِ الرسولُ

أحاطَ بحصنهمْ منا صفوفٌ ** لهُ من حَرّ وَقعتِها صَليلُ

فصارَ المؤمنونَ بدارِ خلدٍ ** أقامَ لها بها ظلٌّ ظليلُ

.قصيدة: نَصَرُوا نَبيّهُمُ، وشدّوا أزْرَه

نَصَرُوا نَبيّهُمُ، وشدّوا أزْرَه ** بحُنَينَ، يوْمَ تَواكُلِ الأبْطَالِ

.قصيدة: يخافُ أُبَيٌّ جَنانَ العَدُوّ

يخافُ أُبَيٌّ جَنانَ العَدُوّ ** ويعلمُ أني أنا المعقلُ

فلا وأخيكَ الكريمِ الذي ** فَخَرْتَ بهِ لا تُرَى تَعتَلُ

فلا تقنعِ العامَ في دارهمْ ** ولا أُسْتَهَدُّ ولا أُنْكَلُ

أبا لكَ، لا مُستَجافُ الفُؤا ** دِ، يوْمَ الهِياجِ، ولا أعزَلُ

.قصيدة: رضيتُ حكومةَ المرقالِ قيسٍ

رضيتُ حكومةَ المرقالِ قيسٍ ** وما أحسَسْتُ إذ حكَّمْتُ خالي

لهُ كفٌّ تفيضُ دماً، وكفٌّ ** يُباري جُودُها سَحَّ الشَّمالِ

ونحنُ الحاكمونَ بكلّ أمرٍ ** قَديماً، نبتَني شَرَفَ المَعالي

ولا ينفكُّ فينا ما بقينا ** منيرُ الوجهِ، أبيضُ كالهلالِ

ألا يا مالِ لا تَزْدَدْ سَفاهاً ** قَضيّةَ ماجِدٍ، ثَبْتِ المَقالِ

.قصيدة: وقافيةٍ عجتْ بليلٍ، رزينةٍ

وقافيةٍ عجتْ بليلٍ، رزينةٍ ** تلقيتُ من جوّ السماءِ نزولها

يراها الذي لا ينطقُ الشعرَ عندهُ ** ويعجزُ عن أمثالها أن يقولها

متاريكُ أذنابِ الحقوقِ، إذا التوتْ ** أخذْنا الفُرُوعَ، واجتَنَيْنا أُصُولها

مقاويلُ بالمعروفِ، خرسٌ عن الخنا ** كِرَامٌ، مَعَاطٍ للعَشِيرَةِ سُوْلَها

.قصيدة: ولقدْ بكيتُ، وعزّ مهلكُ جعفرٍ

ولقدْ بكيتُ، وعزّ مهلكُ جعفرٍ ** حِبِّ النبيّ، على البريّةِ كلّها

ولقد جزعتُ، وقلتُ حينَ نعيتَ لي: ** منء للجلادِ لدى العقابِ وظلها

بالبِيضِ، حينَ تُسلُّ مِنْ أغمادِها ** يوماً، وإنهالِ الرماحِ وعلها

بعدَ ابنِ فاطمةَ المباركِ جعفرٍ ** خَيْرِ البَرِيّةِ كُلِّها وأجَلّها

رُزءاً، وأكرَمِها جَميعاً مَحْتِداً ** وأعَزِّها مُتَظَلِّماً، وأذَلّها

للحقّ حينَ ينوبُ غيرَ تنحلٍ ** كَذِبَاً، وأغمَرِها نَدىً، وأقَلّها

فُحشاً، وأكثرِها، إذا ما تُجتدَى ** فضلاً، وأبذلها ندى، وأدلها

عَ الخَيرِ بَعدَ مُحَمّدٍ، لا شِبهُهُ ** بَشَرٌ يُعَدُّ من البَرِيّةِ جُلّها

.قصيدة: أقامَ على عهدِ النبيّ وهديهِ

أقامَ على عهدِ النبيّ وهديهِ ** حواريهُ والقولُ بالفعلِ يعدلُ

أقامَ على منهاجهِ وطريقهِ ** يُوَالي وَليَّ الحقِّ، والحقُّ أعدَلُ

هُوَ الفارِسُ المشهورُ والبطلُ الذي ** يَصُولُ، إذا ما كانَ يوْمٌ مُحَجَّلُ

إذا كشَفَتْ عن ساقِها الحرْبُ حشّها ** بأبْيَضَ سبّاقٍ إلى المَوْتِ يُرْقِلُ

وإنّ امْرَأ كانَتْ صَفِيّةُ أُمَّهُ ** ومنْ أسدٌ في بيتها لمرفلُ

لَهُ من رَسُولِ اللَّهِ قُرْبَى قَريبَةٌ ** ومن نُصرَةِ الإسلامِ مَجدٌ مؤثَلْ

فكمْ كربةٍ ذبّ الزبيرُ بسيفهِ ** عن المُصْطفى، واللَّهُ يُعطي فيُجزلُ

فما مثلهُ فيهمْ، ولا كانَ قبلهُ ** وليْسَ يَكُونُ الدّهرَ ما دامَ يذْبُلُ

ثناؤكَ خيرٌ من فعالِ معاشرٍ ** وفعلكَ، يا ابن الهاشميةِ، أفضلُ

.قصيدة: أخلاءُ الرخاءِ همُ كثيرٌ

أخلاءُ الرخاءِ همُ كثيرٌ ** وَلكنْ في البَلاءِ هُمُ قَلِيلُ

فلا يغرركَ خلةُ من تؤاخي ** فما لك عندَ نائبَةٍ خليلُ

وكُلُّ أخٍ يقولُ: أنا وَفيٌّ ** ولكنْ ليسَ يفعَلُ ما يَقُولُ

سوى خلٍّ لهُ حسبٌ ودينٌ ** فذاكَ لما يقولُ هو الفعولُ

.قصيدة: عَلِمتُكِ، واللَّهُ الحَسيبُ، عَفيفَةً

عَلِمتُكِ، واللَّهُ الحَسيبُ، عَفيفَةً ** منَ المؤمناتِ غيرَ ذاتِ غوائلِ

حَصاناً رَزَانَ الرّجلِ يَشبَعُ جارُها ** وتُصبحُ غَرْثَى من لحومِ الغَوافِلِ

وما قُلتُ في مالٍ تُريدينَ أخذَهُ ** بنية مهلاً، إنني غيرُ فاعلِ

.قصيدة: لقد وَرِثَ الضّلالةَ عن أبيهِ

لقد وَرِثَ الضّلالةَ عن أبيهِ ** أُبَيٌّ، يوْمَ فَارَقَهُ الرّسُولُ

جئتَ محمداً عظماً رميماً ** لتكذبهُ، وأنتَ بهِ جهولُ

وقد نالتْ بنو النجارِ منكمْ ** أُميّةَ، إذْ يُغَوِّثُ يَا عَقِيلُ

وَتَبَّ ابْنا رَبِيعةَ، إذْ أطَاعَا ** أبا جَهْلٍ، لأمّهما الهُبُولُ

.قصيدة: إذا الثقفيُّ فاخركمْ فقولوا

إذا الثقفيُّ فاخركمْ، فقولوا: ** هلمّ، فعدَّ شأنَ أبي رغالِ

أبوُكُمْ الأمُ الآباءِ قِدْماً ** وأنتُمْ مُشْبِهُوهُ على مِثَالِ

مثالِ اللؤمِ، قد علمتْ معدٌّ ** فليسوا بالصّريحِ ولا المَوالي

ثقيفٌ شرُّ من ركبَ المطايا ** وأشباهُ الهجارسِ في القتالِ

ولوْ نَطَقتْ رِحالُ المَيْسِ قالتْ: ** ثقيفٌ شرُّ منْ فوقَ الرحالِ

عَبِيدُ الفِزْرِ أوْرَثَهُمْ بَنيهِ ** وآلى لا يَبيعُهُمُ بمَالِ

وما لكرامةٍ حبسوا، ولكنْ ** أرادَ هوانهمْ أخرى الليالي

.قصيدة: جاءتْ مُزَينَةُ من عَمْقٍ لتنصَرَهمْ

جاءتْ مُزَينَةُ من عَمْقٍ لتنصَرَهمْ ** فِرّي، مُزَينَةُ، في أسْتاهكِ الفُتُلُ

فكلُّ شيء، سوَى أن تذكرُوا شرَفاً ** أوْ تبلُغوا حسَباً منْ شأنكُمْ جلَلُ

قومٌ مدانيسُ لا يمشي بعقوتهمْ ** جارٌ، وليسَ لهمْ في موْطنٍ بَطَلُ

.قصيدة: أبلغْ عبيداً بأنّ الفخرَ منقصةٌ

أبلغْ عبيداً بأنّ الفخرَ منقصةٌ ** في الصّالحينَ، فلا يذهبْ بكَ الجذَلُ

لما رأيتَ بني عوفٍ وإخوتهمْ ** عوفاً وَجمْعَ بني النجّارِ قد حفَلوا

قومٌ أباحوا حماكم بالسيوفِ، ولمْ ** يفعَلْ بكمْ أحدٌ في الناس ما فعلوا

إذ أنتمُ لا تجيبونَ المضافَ، وإذْ ** تُلقى خِلال الديار الكاعبُ الفُضُلُ

.قصيدة: وما كثرتْ بنو أسدٍ فتخشى

وما كثرتْ بنو أسدٍ فتخشى ** لكثرتها، ولا طابَ القليلُ

قبيلةٌ تذبذبُ في معدٍّ ** أنوفهمُ أذلُّ من السبيلِ

تمنى أن تكونَ إلى قريشٍ ** شَبيهَ البَغْلِ شَبَّهَ بالصّهيلِ

.قصيدة: سماهُ معشرهُ أبا حكمٍ

سماهُ معشرهُ أبا حكمٍ ** واللهُ سماهُ أبا جهلِ

فما يجيءُ، الدهرَ، معتمراً ** إلا ومرجلُ جهلهِ يغلي

وكأنهُ مما يجيشُ بهِ ** مبدي الفجورِ وسورةِ الجهلِ

يُغْرَى بهِ سُفْعٌ لَعامِظَةٌ ** مثلُ السباع شرَعنَ في الضَّحْلِ

أبْقَتْ رِيَاسَتُهُ لمَعْشَرِهِ ** غَضَبَ الإلهِ وَذِلّةَ الأصْلِ

إن ينتصرْ يدمى الجبينُ، وإنْ ** يلبثْ قليلاً يودَ بالرحلِ

قدْ رامني الشعراءُ، فانقلبوا ** مني بأفوقَ ساقطِ النصلِ

ويصدُّ عني المفحمونَ، كما ** صدّ البكارةُ عن حرى الفحلِ

يخْشُونَ من حسّانَ ذا بَرَدٍ ** هزِمَ العشيّةِ، صادقَ الوَبلِ

.قصيدة: وإنّ ثقيفاً كانَ، فاعترفوا بهِ

وإنّ ثقيفاً كانَ، فاعترفوا بهِ ** لئيماً، إذا ما نصّ للمجدِ معقلُ

وَأغضُوا، فإنّ المجدَ عنكم وأهْلَهُ ** على ما بِكمْ من لؤمكم مُتَعزِّلُ

وَخلُّوا مَعَدَّاً وانتساباً إليهِمِ ** بهمْ عنكمُ حقاً تناءٍ ومزحلُ

وقولَ السفاهِ، واقصدوا لأبيكمُ ** ثقيفٍ، فإنّ القصد في ذاكَ أجملُ

فإنّكُمُ إن ترْغبوا لا يَكُنْ لَكُمْ ** عنَ أصْلكُمُ في جِذم قيْس معوَّلُ

وما لكمُ في خندفٍ منْ ولادةٍ ** ولا في قديم الخيرِ مجدٌ مُؤثَّلُ

.قصيدة: ويَوْمَ بدْرٍ، لقيناكمْ، لنا مدَدٌ

ويَوْمَ بدْرٍ، لقيناكمْ، لنا مدَدٌ ** فيرفعُ النصرَ ميكالٌ وجبريلُ

.قصيدة: اللؤمُ خيرٌ من ثقيفٍ كلها

اللؤمُ خيرٌ من ثقيفٍ كلها ** حسباً، وما يفعلْ لئيمٌ تفعلِ

وَبَنَى المَليكُ من المخازي فوْقَهُمْ ** بيتا، أقامَ عليهمِ لم ينقلِ

إنْ همْ أقاموا حلَّ فوقًَ رقابهمْ ** أبداً، وإنْ يتحولوا يتحولِ

قوْمٌ إذا ما صِيحَ في حُجُرَاتِهِمْ ** لاقَوا بأنْذالٍ تَنابِلَ عُزّلِ

.قصيدة: بئسَ ما قاتلتْ خيابرُ عما

بئسَ ما قاتلتْ خيابرُ عما ** جمعتْ من مزارعٍ ونخيلِ

كرهوا الموتَ فاستبيحَ حماهمْ ** وأقاموا فِعْلَ اللّئيمِ الذّليلِ

أمنَ الموتِ ترهبونَ؟ فإنّ ال ** موتَ موتَ الهزالِ غيرُ جميلِ

.قصيدة: لسْتَ مِنَ المَعشَرِ الأكْرَمين

لسْتَ مِنَ المَعشَرِ الأكْرَميـ ** نَ لا عبدِ شمسٍ ولا نوفلِ

وليْسَ أبُوكَ بِساقي الحَجِيـ ** جِ، فاقعدْ على الحسبِ الأرذلِ

ولكنْ هجينٌ منوطٌ بهمْ ** كما نوطتْ حلقةُ المحملِ

تجيشُ من اللؤمِ أحسابكمْ ** كجيشِ المشاشةِ في المرجلِ

فلوْ كنتَ من هاشمٍ في الصّمِيـ ** مِ لم تهجنا، وركيْ مصطلي

.قصيدة: لكِ الخيرُ غضي اللومَ عني فإنني

لكِ الخيرُ غضي اللومَ عني فإنني ** أُحبُّ من الأخلاقِ ما كان أجملا

ذَرِيني وَعلمي بالأمورِ وَشيمَتي ** فما طائري يوْماً عليكِ بأخْيَلا

فإن كنتِ لا مني، ولا من خليقتي ** فمنكِ الذي أمسى عن الخيرِ أعزلا

ألمْ تعلمي أني أرى البخلَ سبةً ** وَأُبْغِضُ ذا اللّوْنينِ والمُتَنقِّلا

إذا انصرَفَتْ نفسي عن الشيء مرّةً ** فلستُ إليهِ آخرَ الدهرِ مقبلا

وإني، إذا ما الهمُّ ضافَ قريتهُ ** زَماعاً، ومِرْقالَ العشيّاتِ عيهَلا

ململمةً، خطارةً، لوْ حملتها ** على السيْفِ لم تعدِل عن السيْفِ معدِلا

إذا انبعثتْ من مبركٍ غادرتْ بهِ ** تَوَائِمَ أمْثَالَ الزّبائب ذُبَّلا

فإنْ بركتْ خوتْ على ثفناتها ** كأنّ على حيزومها حرفَ أعبلا

مروعةً لوْ خلفها صرَّ جندبٌ ** رأيتَ لها من روعةِ القلبِ أفكا

وإنا لقومٌ ما نسودُ غادراً ** ولا ناكِلاً عِندَ الحمالَةِ زُمَّلا

ولا مانعاً للمالِ فيما ينوبهُ ** ولا عاجزاً في الحربِ جبساً مغفلا

نسودُ منا كلَّ أشيبَ بارعٍ ** أغرَّ، تراهُ بالجلالِ مكللا

إذا ما انتدى أجنى الندى، وابتنى العلا ** وَأُلفِيَ ذا طَوْلٍ على مَنْ تَطَوَّلا

فلستَ بلاقٍ ناشئاً من شبابنا ** وإن كانَ أندى من سَوانا، وأحوَلا

نُطِيعُ فِعَالَ الشيخِ منّا، إذا سما ** لأمرٍ، ولا نعيا، إذا الأمرُ أعضلا

لَهُ أُرْبَةٌ في حزْمهِ وفِعَالهِ ** وإن كانَ منّا حازِمَ الرّأي حُوَّلا

وما ذاكَ إلاّ أنّنا جَعَلَتْ لنَا ** أكابرنا، في أولِ الخيرِ، أولا

فنحن الذرى من نسل آدمَ والعرى ** تربعَ فينا المجدُ حتى تأثلا

بنى الزُّ بيتاً، فاستقرتْ عمادهُ ** عَلينا، فأعْيا الناسَ أنْ يَتَحَوّلا

وإنكَ لن تلقى منَ الناسِ معشراً ** أعَزَّ من الأنصَارِ عِزَّاً وأفضَلا

وأكثرَ أنْ تلقَى، إذا ما أتيْتَهُمْ ** لهمْ سيداً ضخمَ الدسيعةِ جحفلا

وأشيَبَ، ميمونَ النّقيبةِ، يُبتَغى ** بهِ الخَطَرُ الأعْلى، وطفلاً مؤمَّلا

وأمردَ مرتاحاً، إذا ما ندبتهُ ** تَحَمّلَ ما حَمّلْتَهُ، فَتَرَبّلا

وَعِدَّاً خَطيباً لا يُطاقُ جوَابُهُ ** وذا أُرْبَةٍ في شِعْرِهِ مُتَنَخَّلا

وأصْيَدَ نهّاضاً إلى السّيْفِ، صَارِماً ** إذا ما دعا داعٍ إلى المَوْتِ أرْقلا

وأغيدَ مختالاً، يجرُّ إزارهُ ** كثيرَ النّدى، طلْقَ اليدين مُعذَّلا

لنا حرةٌ مأطورةٌ بجبالها ** بنى المجدُ فيها بيتهُ، فتأهلا

بها النَّخْلُ والآطامُ تجري خِلالَها ** جداوِلُ، قد تعلو رِقاقاً وجَرْوَلا

إذا جدولٌ منها تصرمَ ماؤه ** وصلنا إليهِ بالنواضحِ جدولا

على كل مفهاقٍ، خسيفٍ غروبها ** تُفرّغ في حوضٍ من الصخر انجلا

له غلل في ظلِّ كل حديقة ** يُعَارضُ يَعْبُوباً منَ الماءِ سَلسَلا

إذا جئتَها ألفَيْتَ، في حَجَرَاتِها ** عناجيجَ قباً والسوامَ المؤبلا

جَعَلْنَا لَها أسْيَافَنا وَرِماحَنا ** من الجيش والأعرابِ، كهفاً ومعقِلا

إذ جمعوا جمعاً سمونا إليهمِ ** بهنديةٍ تسقى الذعافَ المثملا

نَصَرْنَا بها خيْرَ البرِيَّةِ كلِّها ** إماما، ووقّرْنا الكِتَابَ المُنزَّلا

نَصَرْنا، وآوَيْنا، وقوّمَ ضرْبُنا ** لهُ بالسيوفِ مَيلَ مَن كان أميَلا

وإنكَ لنْ تلقى لنا من معنفٍ ** وَلا عائِبٍ، إلاّ لئيماً مُضَلَّلا

وإلاّ امْرأً قَدْ نالَهُ من سُيوفِنا ** ذبابٌ، فأمسى مائلَ الشقّ أعزلا

فمَنْ يأتِنَا أوْ يَلْقَنا عنْ جِنايَةٍ ** يجدْ عندنا مثوىً كريماً، وموئلا

نجيرُ، فلا يخشى البوادرَ جارنا ** ولاقَى الغِنى في دُورِنا، فتمَوّلا