فصل: كتاب العتق

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***


كتاب العتق

‏(‏قوله ميزت الإسقاطات إلخ‏)‏ جمع إسقاط، والمراد به ما وضعه الشارع لإسقاط حق للعبد على آخر، وأشار إلى وجه مناسبة ذكر العتق عقب الطلاق وهو اشتراكهما في أن كلا منهما إسقاط الحق، وقدم الطلاق لمناسبة النكاح ‏(‏قوله اختصارا‏)‏؛ لأن أعتق أخصر من أسقط حقه عن مملوكه، وكذا الباقي ‏(‏قوله وعن الرق عتق‏)‏ المناسب إعتاق؛ لأن العتق قائم بالعبد، والإعتاق وهو الإسقاط فعل المولى، أفاده الرحمتي‏.‏ قال في المصباح‏:‏ ويتعدى بالهمزة فيقال أعتقته فهو معتق لا بنفسه فلا يقال عتقه ولا أعتق هو بالألف مبنيا للفاعل بل الثلاثي لازم والرباعي متعد، ولا يجوز عبد معتوق؛ لأن مجيء مفعول من أفعلت شاذ مسموع لا يقاس عليه وهو عتيق فعيل بمعنى مفعول وجمعه عتقاء، وأمة عتيق أيضا وربما قيل عتيقة وجمعه عتائق‏.‏ ا هـ‏.‏ لكن قال في الفتح‏:‏ وقد يقال العتق بمعنى الإعتاق في الاستعمال الفقهي تجوزا باسم المسبب، كقول محمد‏:‏ أنت طالق مع عتق مولاك إياك‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله وعنون به إلخ‏)‏ أي جعله عنوانا بضم العين وقد تكسر‏:‏ ما يستدل به على الشيء مصباح، ومراده أن العتق صفة قائمة بمن كان رقيقا والإعتاق إيقاع العتق من المولى، وليس في الاستيلاد وملك القريب إعتاق بل عتق فلذا عنون به لا بالإعتاق‏.‏ وقد يقال‏:‏ إن الاستيلاد والشراء فعل المولى‏.‏ والجواب أن العتق حصل بموت سيد المستولدة‏.‏ وفي الشراء‏:‏ هو أثر الملك لا فعل منه ‏(‏قوله لغة الخروج عن المملوكية‏)‏ عزاه في البحر إلى ضياء الحلوم، ورد به قولهم إنه في اللغة القوة‏.‏ وفي الشرع القوة الشرعية؛ لأن أهل اللغة لم يقولوا ذلك‏.‏ واعترضه في النهر بأن ما رده نقله في المبسوط، وعليه جرى كثير، فبعد كون الناقل ثقة لا يلتفت إلى رد‏.‏ قلت‏:‏ وحقق في الفتح هذا المقام بما يشفي المرام ‏(‏قوله ومصدره عتق وعتاق‏)‏ وكذا عتاقة بفتح الأول فيهن، والعتق بالكسر اسم منه مصباح، ومثله في القهستاني، وما نقل عن البحر من أن الأول بالكسر والثاني بالفتح لم أجده فيه فافهم ‏(‏قوله وشرعا عبارة عن إسقاط إلخ‏)‏ المناسب عن سقوط،؛ لأن المحدث عنه العتق، والإسقاط معنى الإعتاق كما علمت إلا أن يكون أطلق العتق على الإعتاق تجوزا كما مر، والمراد بالوجه المخصوص ما استوفى ركنه وشروطه من قول أو فعل كملك القريب بشراء ونحوه، فإن فيه إسقاطا معنى وإلا كان التعريف قاصرا فافهم‏.‏ وعرفه في الكنز وغيره بأنه إثبات القوة الشرعية للمملوك، وهي قدرته على التصرفات الشرعية، وأهليته للولايات والشهادات، ورفع تصرف الغير عليه‏.‏ ثم اعلم أنه سيأتي في عتق البعض أن الإعتاق يتجزأ عنده لا عندهما، ومبنى الخلاف على ما يوجبه الإعتاق أولا وبالذات‏.‏ فعنده زوال الملك ويتبعه زوال الرق، لكن بعد زوال الملك عن الكل‏.‏ وعندهما زوال الرق، ولا يخفى أن كلا من التعريفين يأتي على كل من القولين بأن يراد بالأول إسقاط الملك أو إسقاط الرق، وبالثاني إثبات القوة المستتبعة لزوال الملك أو زوال الرق فافهم‏.‏ ‏(‏قوله يصير به المملوك من الأحرار‏)‏ خرج به التدبير والكتابة قبل موت السيد وأداء النجوم فإن فيهما إسقاط البيع والهبة والوصية، لكن لم يصر العبد بهما من الأحرار ط، ‏(‏قوله وركنه اللفظ الدال عليه‏)‏ سواء كان إقرارا بالحرية أو ادعاء النسب أو لفظا إنشائيا والضمير يرجع إلى العتق سواء نشأ عن إعتاق أم لا، ليصح قوله وملك قريب ط ‏(‏قوله ودخول حربي إلخ‏)‏ صورته‏:‏ اشترى حربي مستأمن عبدا مسلما فأدخله دار الحرب عتق عند مولانا الإمام رضي الله عنه وقال صاحباه لا يعتق ط وإنما عتق إقامة لتباين الدارين مقام الإعتاق، وهذه إحدى مسائل تسع يعتق العبد فيها بلا إعتاق؛ لأنه عتق حكمي كما سيأتي في الجهاد قبيل باب المستأمن إن شاء الله تعالى‏.‏ ‏(‏قوله واجب لكفارة‏)‏ أي كفارة قتل وظهار وإفطار ويمين، وهل المراد بالواجب المصطلح عليه أو الافتراض قولان ط ‏(‏قوله بلا نية‏)‏ أي نية قربة أو معصية ط ‏(‏قوله؛ لأنه ليس بعبادة‏)‏ أي وضعا ويصير عبادة أو معصية بالنية كغيره من العبادات رحمتي ‏(‏قوله لحديث عتق الأعضاء‏)‏ هو ما رواه الستة عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ «أيما امرئ مسلم أعتق امرأ مسلما استنقذ الله بكل عضو منه عضوا من النار» وفي لفظ‏:‏ «من أعتق رقبة مؤمنة أعتق الله بكل عضو منها عضوا من أعضائه من النار حتى الفرج بالفرج»، وأخرج أبو داود وابن ماجه عنه صلى الله عليه وسلم‏:‏ «أيما رجل مسلم أعتق رجلا مسلما كان فكاكه من النار، وأيما امرأة مسلمة أعتقت امرأة مسلمة كانت فكاكها من النار» وروى أبو داود‏:‏ «وأيما رجل أعتق امرأتين مسلمتين إلا كانتا فكاكه من النار يجزئ مكان عظمين منهما عظما من عظامه» وهذا دليل ما في الهداية من استحباب عتق الرجل الرجل والمرأة المرأة؛ لأنه ظهر أن عتقه بعتق المرأتين، بخلاف عتقه رجلا كذا في الفتح ‏(‏قوله وهل يحصل ذلك‏)‏ أي المندوب المترتب عليه الثواب المذكور مع النية من غير توقف على مادة العتق، والبحث لصاحب النهر ط ‏(‏قوله الظاهر نعم‏)‏؛ لأن بالتدبير إعتاقا مآلا وبشراء القريب إعتاقا وصلة، وفي الحديث‏:‏ «لن يجزئ ولد والده إلا أن يجده رقيقا فيشتريه فيعتقه» أي فيتسبب عن شرائه عتقه إذ هو لا يتأخر عنه رحمتي ‏(‏قوله ومكروه لفلان‏)‏ صرح في الفتح بأنه من المباح، وكذا في البحر عن المحيط‏.‏ ثم قال في البحر‏:‏ ففرق بين الإعتاق لآدمي وبين الإعتاق للشيطان، وعلل حرمة الإعتاق للشيطان بأنه قصد تعظيمه‏.‏ ا هـ‏.‏ أي بخلاف قصد تعظيم فلان؛ لأنه غير منهي تأمل‏.‏ ‏(‏قوله وحرام بل كفر للشيطان‏)‏ وكذا للصنم كما سيأتي، ولعل وجه القول بأنه كفر هو ما سيذكره عن الجوهرة أن تعظيمهما دليل الكفر الباطن كالسجود للصنم ولو هزلا فيحكم بكفره، وهذا كله إذا لم يقصد التقرب والعبادة وإلا فهو كفر بلا شبهة سواء كان لفلان أو للشيطان‏.‏ وذكر في فتح القدير أن من الإعتاق المحرم إذا غلب على ظنه أنه لو أعتقه يذهب إلى دار الحرب أو يرتد أو يخاف منه السرقة وقطع الطريق، وينفذ عتقه مع تحريمه خلافا للظاهرية‏.‏ قال‏:‏ وفي عتق العبد الذمي ما لم يخف منه ما ذكرنا أجر لتحصيل الجزية منه للمسلمين‏.‏

‏[‏فرع‏]‏

في البحر عن المحيط‏:‏ ويستحب أن يكتب للعتق كتابا، ويشهد عليه شهودا توثيقا وصيانة عن التجاحد والتنازع فيه كما في المداينة، بخلاف سائر التجارات؛ لأنه مما يكثر وقوعها، فالكتابة فيها تؤدي إلى الحرج ولا كذلك العتق‏.‏

‏(‏قوله ويصح من حر‏)‏ فلا يصح من عبد ولو مكاتبا لمنعه عن التبرعات أو مأذونا لذلك ولعدم الملك، ولذا قال في البحر لا حاجة إليه مع ذكر الملك ‏(‏قوله مكلف‏)‏ أي عاقل بالغ، ومحترزه قوله لا من صبي إلخ ولم يشترط الإسلام؛ لأنه يصح من الكافر ولو مرتدا‏.‏ أما إعتاق المرتد فموقوف عنده نافذ عندهما، ولا قبول العبد؛ لأنه غير شرط إلا في الإعتاق على مال كما سيذكره في بابه بحر، ولا النطق باللسان؛ لأنه يصح بالكتابة المستبينة والإشارة المفهمة بدائع أي من الأخرس ‏(‏قوله ولو سكران أو مكرها إلخ‏)‏ سيأتي في المتن التصريح بهذين، لكن ذكرهما تتميما للتعميم فإنه أشار إلى أنه لا يشترط كونه صاحيا أو طائعا أو عامدا أو مريضا أو عالما بأنه مملوك؛ لأن السكران بمحظور غير معذور فهو في حكم الصاحي في الأحكام‏.‏ والمكره اختار أيسر الأمرين فكان قاصدا له وإن عدم الرضا وما صح مع الهزل لا يؤثر فيه الإكراه لعدم توقفه على الرضا ولذا صح من المخطئ أيضا ‏(‏قوله وأشار إلى المبيع‏)‏ فيه اكتفاء والأصل أو إلى المغصوب ‏(‏قوله عتق‏)‏ أي إذا قال المشتري أو المالك أعتقته، ويكون هذا بمنزلة القبض من المشتري فيلزمه الثمن وبمنزلة القبض من المغصوب منه فلا يلزم الغاصب شيء سائحاني ‏(‏قوله ومعتوه إلخ‏)‏ تقدم في أول الطلاق بيان معانيها فراجعه ‏(‏قوله ومجنون‏)‏ أي في حال جنونه، حتى لو كان يجن ويفيق فأعتق في حال إفاقته يصح ‏(‏قوله أو قال وأنا حربي إلخ‏)‏ كونه حربيا غير قيد بل يشترط كون العبد حربيا فإنه لا يعتق إلا بالتخلية، بخلاف المسلم أو الذمي كما يذكره‏.‏ ‏(‏قوله وقد علم ذلك‏)‏ أي علم منه وقوع العته ونحوه، وكونه في دار الحرب‏.‏ وأما الصبا والنوم فمعلومان قطعا، لكن ينبغي تقييد تصديقه فيهما بما إذا لم يعلم ملكه له بعد صباه وبعد إفاقته من آخر نومة تأمل ‏(‏قوله فالقول له‏)‏ وهل يحلف إذا طلب العبد تحليفه يحرر ط‏.‏ قلت‏:‏ كل من إذا أقر بشيء لزمه فإنه يحلف رجاء نكوله إلا في اثنين وخمسين تأتي قبيل البيوع ليست هذه منها ‏(‏قوله في ملكه‏)‏ خرج إعتاق غير المملوك، ولا يرد عتق الفضولي المجاز كما توهمه في البحر؛ لأن الإجازة اللاحقة كالوكالة السابقة نهر ‏(‏قوله إذا ولدته لستة أشهر‏)‏ أي من وقت العتق لعدم التيقن بوجوده بحر ‏(‏قوله ولو بإضافة إليه‏)‏ أي بإضافة العتق إلى الملك، وأشار إلى أن الشرط وجود الملك وقت وقوع العتق، فإن كان منجزا اشترط وجود الملك وقت التنجيز؛ لأنه وقت الوقوع وإن كان معلقا بالملك أو سببه اشترط تحقق ذلك فينزل الجزاء وقت الملك‏.‏ والحاصل كما في البحر أنه إذا علق بالملك أو بسببه كالشراء لا يشترط تحقق الملك وقت التعليق، وإن علق بغيرهما كدخول الدار اشترط وجود الملك وقت التعليق ووقت نزول الجزاء ولا يشترط وجود الملك فيما بينهما ‏(‏قوله بخلاف إلخ‏)‏ محترز الإضافة إلى سبب الملك؛ لأن موت المورث ليس سببا للملك؛ لأنه قد يخرج من ملك المورث قبل موته، وإن بقي فقد يوجد مانع من الإرث كقتل وردة، نعم إذا قال إن ورثتك فهو مثل إن اشتريتك وهذا إذا كان الخطاب لعبد المورث، أما إذا قال لعبده‏:‏ إن مات مورثي فأنت حر فهو مثل إن دخلت الدار فأنت حر كما لا يخفى‏.‏ ‏(‏قوله؛ لأن الموت ليس سببا للملك‏)‏ أي ليس سببا مساويا بل قد يكون وقد لا يكون كما قلنا، فهو نظير ما قدمه الشارح في أول باب التعليق لو قال‏:‏ كل امرأة أجتمع معها في فراش فهي طالق فتزوج لم تطلق وكذا كل جارية أطؤها فهي حرة فاشترى جارية فوطئها لم تعتق أي؛ لأن الاجتماع في فراش لا يلزم كونه عن نكاح كما أن وطء الجارية لا يلزم كونه عن ملك فلم توجد الإضافة إلى سبب الملك ‏(‏قوله فمات الأب‏)‏ أي ولم يترك وارثا غيره أو ترك بالأولى ط ‏(‏قوله وكأنه إلخ‏)‏ التوجيه لصاحب النهر‏.‏ وتوضيحه أن العتق معلق بالموت وحين الموت لم تكن في ملكه فلا تعتق؛ لأن الملك ينتقل إليه عقبه‏.‏ والمعلق بشيء وهو العتق هنا يقع بعد وجود ذلك الشيء وهو الموت فصار كل من الملك والعتق حاصلا عقب الموت في آن واحد وشرط العتق وقوعه على مملوك وهي لم تصر مملوكة إلا مع وجود العتق فلم يوجد شرطه قبله فلم يقع وكذا الطلاق معلق على الموت فحقه أن يوجد عقبه لكن وجد الملك عقب الموت أيضا وانفسخ به النكاح فلا يقع الطلاق؛ لأنه وجد في وقت انفساخ النكاح كما في أنت طالق مع موتي أو موتك فالعتق والطلاق ثبت الملك مقارنا لهما ولا بد من سبقه عليهما حتى يقعا ولم يوجد فلذا لم تطلق ولم تعتق فله وطؤها بملك اليمين، ولو أعتقها ثم تزوجها ملك عليها ثلاثا لعدم وقوع الطلقتين المعلقتين أفاده الرحمتي ‏(‏قوله بالموت‏)‏ متعلق بثبت والباء للسببية ح ‏(‏قوله فتأمل‏.‏‏)‏ أشار به إلى دقة تعليل المسألة ح‏.‏ ‏(‏قوله بصريحه‏)‏ متعلق بيصح‏.‏ وصريحه كما في الإيضاح وغيره‏:‏ ما وضع له، وقد استعمل الشرع والعرف واللغة هذه الألفاظ في ذلك فكانت حقائق شرعية على وفق اللغة فيها، وتمامه في الفتح ‏(‏قوله بلا نية‏)‏ أي بلا توقف على نيته، فيقع به، نواه أو لم ينو شيئا، وكذا لو نوى غيره في القضاء، أما فيما بينه وبين الله تعالى فلا يقع، كما لو قال نويت بالمولى الناصر، وإن نوى الهزل وقع قضاء وديانة كما يقتضيه كلام محمد، وتمامه في الفتح وفي البحر عن الخانية‏:‏ لو قال أردت به اللعب يعتق قضاء وديانة ‏(‏قوله كأنت حر‏)‏ أي بفتح التاء وكسرها لكل من العبد والأمة كما يذكره عن الخانية‏.‏

مطلب الفقهاء لا يعتبرون الإعراب

قال القهستاني‏:‏ وفي حروف المعاني من الكشف أن الفقهاء لا يعتبرون الإعراب، ألا ترى أنه لو قال لرجل‏:‏ زنيت بكسر التاء أو لامرأة بفتحها وجب عليه حد القذف ‏(‏قوله أو عتق‏)‏ يحتمل قراءته بكسر التاء صيغة مبالغة فيناسب ما قبله وما بعده، ويحتمل السكون مصدرا فإنه من الصريح كما سيصرح به وجزم به في الفتح خلافا لما في جوامع الفقه من أنه لا يعتق إلا بالنية في أنت عتق أو إعتاق، ففي البحر والنهر أنه ضعيف ‏(‏قوله كان كناية‏)‏ فيتوقف على النية ولذا قال في الخانية‏:‏ لو قال حر فقيل له لمن عنيت، فقال عبدي عتق عبده بحر‏.‏ قلت‏:‏ لكن هذه النية ليست نية معنى العتق بل نية العبد؛ لأن المبتدأ المحذوف لما احتمل أن يكون تقديره عبدي وأن يكون عبد فلان مثلا توقف إعتاق عبده على قصده إياه لا على قصده معنى التحرير الشرعي، وفي كون ذلك كناية نظر تأمل ‏(‏قوله أو أخبر‏)‏ عطف على قوله وصفه به‏:‏ أي أتى بصيغة الخبر الموضوعة للإنشاء؛ لأن الكلام في الصريح وهو ما وضع له كما مر ‏(‏قوله في الأصح‏)‏؛ لأن المعنى أعتقك الله؛ لأني أعتقتك، وعن هذا أفتى قارئ الهداية وغيره في أبرأك الله أنه يبرأ ولا سيما والعرف يساعده كما قدمناه في الخلع ومقابل الأصح ما قيل‏:‏ إنه إنما يعتق بالنية كما حكاه في الفتح‏.‏ ‏(‏قوله أو هذا مولاي‏)‏ فإنه ملحق بالصريح؛ لأنه وإن كان يأتي لمعان أوصلها ابن الأثير إلى نيف وعشرين كالناصر وابن العم والمعتق بالكسر والمعتق بالفتح إلا أن إضافته للعبد تعين الأخير وهو الأصح، وقيل لا يعتق إلا بالنية، وأيده الأتقاني في غاية البيان، ورده المحقق ابن الهمام كما بسطه في البحر‏.‏ وفيه عن الظهيرية وغيرها‏:‏ لو قال أنت مولى فلان عتق قضاء كأنت عتيق فلان بخلاف أعتقك فلان ‏(‏قوله أو نادى‏)‏ عطف على قوله وصفه ط؛ لأن النداء لاستحضار المنادى فإذا ناداه بوصف يملك إنشاءه كان تحقيقا لذلك الوصف درر ‏(‏قوله نحو يا مولاي‏)‏ قيد به؛ لأنه لا يعتق بيا سيدي أو يا سيد أو يا مالكي، إلا بالنية؛ لأنه قد يذكر على وجه التعظيم والإكرام بحر أي وحقيقته كذب، بخلاف يا مولاي‏.‏ وفي النهر‏:‏ وقيل يعتق والأصح لا، ما لم ينو ‏(‏قوله في الأصح‏)‏ أي أنه لا يعتق‏.‏ حكي عن أبي القاسم الصفار أنه سئل عن رجل جاءت جاريته بسراج فوقفت بين يديه، فقال لها ما أصنع بالسراج فوجهك أضوأ من السراج يا من أنا عبدك، قال‏:‏ هذه كلمة لطف لا تعتق بها، هذا إذا لم ينو العتق، فإن نوى عن محمد فيه روايتان خانية ‏(‏قوله دين‏)‏ أي فيما بينه وبين ربه تعالى، أما القاضي فلا يصدقه، وكذا لو صرح بقوله من هذا العمل كما يذكره قريبا، وهذا بخلاف ما لو أراد الهزل أو اللعب فإنه لا يدين أيضا كما قدمناه‏.‏ ووجهه‏:‏ أنه قصد التلفظ بما هو موضوع للعتق ولم يرد به معنى آخر فتعين المعنى الموضوع وإن لم يقصده، أما هنا فقد أراد به معنى آخر يصلح له اللفظ، فصح قصده ديانة لكنه خلاف الظاهر فلذا لم يصدق قضاء‏.‏ وفي التتارخانية عن المنتقى‏:‏ له عند حل دمه بالقصاص، فقال له أعتقتك ثم قال نويت به العتق عن الدم عتق قضاء ولزمه العفو بإقراره وإن لم ينو لم يلزمه العفو، ولو أعتقه لوجه الله تعالى عن القصاص كان كما قال، ولو كان له على رجل قصاص فقال أعتقتك فهو عفو قياسا واستحسانا ‏(‏قوله إلا إذا سماه‏)‏؛ لأن مراده الإعلام باسم علمه هداية ‏(‏قوله وأشهد‏)‏ أي على أنه سماه بذلك، وهذا إذا لم يكن معروفا به عند الناس، فلو معروفا به لا يعتق كما في البحر عن المبسوط ‏(‏قوله وكذا في الطلاق‏)‏ رد على ما في التنقيح حيث فرق بين هذا وبين ما لو سمى المرأة بطالق حيث يقع إذا ناداها؛ لأنه عهد التسمية بحر كالحر بن قيس، بخلاف طالق فإنه لم تعهد التسمية به‏.‏ قال في البحر‏:‏ وفي أكثر الكتب لم يفرق بينهما؛ لأن العلم لم يشترط فيه أن يكون معهودا والكلام فيما إذا أشهد وقت التسمية فيهما فالظاهر عدم الفرق‏.‏ ا هـ‏.‏ والظاهر أن ما في التنقيح مبني على عدم اشتراط الإشهاد أو الشهرة فيهما ‏(‏قوله بمرادفه بالعجمية‏)‏ أي بلفظه الأعجمي، وليس احترازا عن مرادفه العربي كيا عتيق كما يدل عليه التعليل‏.‏ ‏(‏قوله كيا أزاد‏)‏ بفتح الهمزة وبالزاي المعجمة بعدها ألف ثم دال مهملة ساكنة ح ‏(‏قوله لعدم العلمية‏)‏؛ لأن العلمية بصيغة حر أو أزاد لا بالمعنى فيعتبر إخبارا عن الوصف لا طلبا لإقبال الذات ‏(‏قوله ونحوهما‏)‏ مما يعبر به عن البدن كالفرج للعبد والأمة، بخلاف الذكر في ظاهر الرواية خانية، وكذا رقبتك أو بدنك أو بدنك، كبدن حر ‏(‏قوله كثلثه‏)‏ ولو قال سهم منك حر عتق سدس، ولو قال جزء أو شيء يعتق منه ما شاء المولى في قوله بحر عن الخانية ‏(‏قوله لتجزيه عند الإمام‏)‏ أشار إلى الفرق بينه وبين الطلاق فإنه لا يتجزأ اتفاقا فذكر بعضه كذكر كله، فما في غاية البيان من التسوية بينهما سهو بحر ولعله بنى التسوية على قولهما ‏(‏قوله ومن الصريح إلخ‏)‏؛ لأن الفقهاء لا يعتبرون الإعراب كما مر آنفا ‏(‏قوله ومنه وهبتك أو بعتك نفسك‏)‏ زاد في الخانية تصدقت بنفسك عليك، فقيل إن هذه الثلاثة ملحقة بالصريح، وقيل إنها كناية، وهما مبنيان على أن الصريح يخص الوضعي‏.‏ والحق أنها صرائح حقيقة كما قال به جماعة؛ لأنه لا يخص الوضعي واختاره المحقق ابن الهمام بحر ‏(‏قوله فيعتق مطلقا‏)‏ أي سواء قبل، أو لا، نوى، أو لا؛ لأن الإيجاب من الواهب والبائع إزالة الملك، وإنما الحاجة إلى القبول من الموهوب له والمشتري لثبوت الملك لهما، وهنا لا يثبت الملك للعبد في نفسه؛ لأنه لا يصلح مملوكا لنفسه فبقي البيع والهبة إزالة الملك عن الرقيق لا إلى أحد، وهذا معنى الإعتاق بحر عن البدائع‏.‏ ‏(‏قوله توقف على القبول‏)‏ أي في المجلس؛ لأنه مبادلة كما سيأتي في بابه ‏(‏قوله لجواز وجوبه لكفارة ظهيرية‏)‏ تمام عبارة الظهيرية هكذا‏:‏ بخلاف طلاقك علي واجب؛ لأن نفس الطلاق غير واجب وإنما يجب حكمه، وحكمه وقوعه، أما العتق فجاز أن يكون واجبا‏.‏ ا هـ‏.‏ أي فإذا صرح بالوجوب في العتق ولم ينو العتق صدق؛ لأنه محتمل كلامه‏.‏ واعترض الرحمتي بأن على تفيد اللزوم فينبغي اشتراط النية وإن لم يصرح بالوجوب‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ لا يخفى أن الوجوب أو اللزوم عامل خاص فلا يتعلق به لفظ على بدون قرينة بل يتعلق بالاستقرار العام والحصول فيدل على ثبوته في الحال تأمل‏.‏ واعترض الرملي قوله؛ لأن نفس الطلاق غير واجب بأنه ممنوع؛ لأنه قد يجب عند عدم الإمساك بالمعروف، ولو سلم فلا يلزم من وجوبه وجوده في الخارج ‏(‏قوله لم يعتق‏)‏ في النهر عن المحيط يعتق وكأنه تحريف، فقد رأيت في الذخيرة البرهانية لصاحب المحيط مثل ما هنا، وفرق، بين العتق والنسب حيث يثبت أن العتق يفتقر إلى العبارة ولا تقوم الإشارة مقام العبارة حالة القدرة، والنسب لا يفتقر إلى العبارة، وسيأتي في أوائل كتاب الإقرار متنا ما نصه‏:‏ والإيماء بالرأس من الناطق ليس بإقرار بمال وعتق وطلاق وبيع ونكاح وإجارة وهبة، بخلاف إفتاء ونسب وإسلام وكفر إلخ‏.‏ وفي الجوهرة‏:‏ ولو قال العبد لمولاه وهو مريض‏:‏ أنا حر فحرك رأسه أي نعم لا يعتق‏.‏ ا هـ‏.‏ وأما ما قدمناه عن البدائع من أنه يصح بالإشارة المفهمة فهو محمول على الأخرس وتقدم الكلام على ذلك في أوائل كتاب الطلاق ‏(‏قوله ولو زاد من هذا العمل إلخ‏)‏ كان الأولى ذكره عقب قوله ولو قال أردت الكذب أو حريته من العمل دين‏.‏ قال في البدائع‏:‏ ولو قال أنت حر من عمل كذا أو أنت حر اليوم من هذا العمل عتق في القضاء؛ لأن العتق بالنسبة إلى الأعمال لا يتجزأ فكان إعتاقا عن الأعمال وفي الأزمان جميعا، ونية البعض خلاف الظاهر فلا يصدقه القاضي ‏(‏قوله عتق المجيب‏)‏؛ لأنه المخاطب بالإعتاق ‏(‏قوله عتقا قضاء‏)‏ أما ديانة فالذي ناداه فقط، ولو قال يا سالم أنت حر فإذا عبد آخر له أو لغيره عتق سالم؛ لأنه لا مخاطبة هنا إلا له فينصرف إليه بحر عن البدائع ‏(‏قوله عتق قضاء‏)‏ أي لا ديانة لعدم القصد ط ‏(‏قوله لا يعتق‏)‏؛ لأنه على معنى التشبيه كما لو قال‏:‏ مثل رأس حر فإنه لا يعتق كما في الهندية عن السراج ‏(‏قوله؛ لأنه وصف‏)‏ أي للرأس بالحرية، والرأس مما يعبر به عن الكل فكأنه قال أنت حر ط‏.‏

مطلب في كنايات الإعتاق

‏(‏قوله وبكنايته إن نوى‏)‏ قال الحموي‏:‏ ثبت في الأصول أن الشرط في الكناية النية أو ما يقوم مقامها من دلالة الحال ليزول ما فيها من الاشتباه‏.‏ ا هـ‏.‏ ط ‏(‏قوله للاحتمال‏)‏؛ لأن نفي الملك وما بعده جاز أن يكون بالبيع والكتابة كما جاز أن يكون بالعتق، ونفي السبيل يحتمل أن يكون عن العقوبة واللوم لكمال الرضا وأن يكون للعتق فيئول إلى معنى لا ملك لي عليك إذ هو الطريق إلى نفاذ التصرف نهر ‏(‏قوله قد أطلقتك‏)‏ بهمز في أوله من الإطلاق وهو رفع القيد، بخلافه بدون همز فإنه ليس بصريح ولا كناية فلا يقع به أصلا كما يأتي ‏(‏قوله وأنت أعتق‏)‏ فيه حذف دل عليه ما بعده، والتقدير وأنت أعتق من فلانة وهي معتقة ح‏.‏ فإن قيل‏:‏ إنما كان أعتق وأطلق كناية لاحتماله أقدم في ملكي وأطلق يدا فيقال إن مثله عتيق‏.‏ فالجواب أن المتبادر في عتيق إرادة التحرير، بخلاف أعتق وأطلق لعدم احتمال العتق والطلاق للتفاضل الذي هو أصل أفعل التفضيل رحمتي ‏(‏قوله كتهجيها‏)‏ أي تهجي ألفاظ الطلاق والعتق‏.‏ قال في الذخيرة‏:‏ وعن أبي يوسف فيمن قال لأمته ألف نون تاء حاء راء هاء أو قال لامرأته ألف نون تاء طاء ألف لام قاف إنه إن نوى الطلاق والعتاق تطلق المرأة وتعتق الأمة وهذا بمنزلة الكتابة؛ لأن هذه الحروف يفهم منها ما هو المفهوم من صريح الكلام إلا أنها لا تستعمل كذلك فصار كالكناية في الافتقار إلى نية‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله وفي الخلاصة‏)‏ عبارتها‏:‏ لو قال لعبده أنت غير مملوك لا يعتق، لكن ليس له أن يدعيه بعد ذلك، ولا أن يستخدمه، فإن مات لا يرثه بالولاء، فإن قال المملوك بعد ذلك أنا مملوك له فصدقه كان مملوكا ظاهرا وكذا لو قال ليس هذا بعبدي لا يعتق‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وذكر في الذخيرة المسألة الأولى ثم ذكر الثانية بعبارة فارسية، ثم قال في جوابها يعتق في القضاء؛ لأنه أقر بالعتق‏.‏ والصحيح أنه لا يعتق بدون النية عند أبي حنيفة، كما في قوله ليست بامرأتي؛ لأنه ليس من ضرورة أن لا يكون عبدا له أن يكون حرا، ويؤيد هذا القول المسألة الأولى‏.‏ ا هـ‏.‏ وحاصله أن اللفظ في المسألتين كناية، فإن نوى عتق فيهما وإلا فلا، لكن ليس له أن يدعيه لنفاذ إقراره على نفسه، ولهذا قال في البحر وظاهره أنه لا يكون حرا ظاهرا معتقا، فتكون أحكامه أحكام الأحرار حتى يأتي من يدعيه ويثبت فيكون ملكا له‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله وقاس عليه إلخ‏)‏ أي جعله في حكم مسألة الخلاصة وهو أنه إذا لم ينو العتق ليس له أن يدعيه لإقراره بعدم الملك ‏(‏قوله نازعه في النهر‏)‏ حيث قال وعندي أن هذه المسألة أي مسألة الخلاصة مغايرة لمسألة الكتاب‏:‏ أي قوله لا ملك لي عليك، وذلك أنه في مسألة الكتاب إنما أقر بأنه لا ملك له فيه، وهذا لا ينافي ملكا لغيره‏.‏ ومسألة الخلاصة موضوعها إقراره بأنه غير مملوك أصلا إما لعتقه له أو لحريته الأصلية فتنبه لهذا فإنه مهم‏.‏ ا هـ‏.‏ قال ح قلت‏:‏ والذي يظهر بأدنى تأمل أن الحق مع صاحب البحر فإن الفرق الذي أبداه في النهر غير مؤثر، فإنه إذا نفى ملكه عنه وليس هناك من يدعيه ساوى من قيل له‏:‏ أنت غير مملوك، ويدل لما قلنا تسوية صاحب الخلاصة بين قوله أنت غير مملوك وبين قوله ليس هذا بعبدي تأمل‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ والحاصل أن كلا من مسألة الكتاب ومسألتي الخلاصة كناية في العتق فلا بد له من النية، وقد نص في مسألتي الخلاصة على أنه إذا لم يعتق أي عند عدم النية ليس له أن يدعيه أي لإقراره على نفسه بأنه غير مملوك وأنه ليس عبده وهذا موجود في مسألة الكتاب أيضا فينبغي منع دعواه فيها أيضا، ولا فرق في صحة إقراره على نفسه بين نفيه عن نفسه فقط أو عنه وعن غيره، بل نفيه عن غيره لا فائدة فيه؛ لأنه لا ولاية له على غيره في ذلك فافهم‏.‏

‏(‏قوله أو بنتي‏)‏ أي أو هذه بنتي، ولا يصح أن يكون التقدير أو هذا بنتي لما سيأتي أنه كناية وكلامه الآن في الصريح؛ ولو قال أو هذه بنتي لكان أولى ح، وقوله إنه كناية فيه كلام يأتي ‏(‏قوله وإن لم يصلحوا لذلك‏)‏ أي للأبوة والجدودة والأمومة ‏(‏قوله ولذا جاء بالباء إلخ‏)‏ أي إن قول المصنف وبهذا ابني بإعادة الباء الجارة ليفيد أنه عطف على قوله وبكنايته مقابل له، ولو حذف الباء لأوهم أنه عطف على أمثلة الكناية مع أنه من أمثلة الصريح، وإنما أخره وذكره بعد ألفاظ الكناية؛ لما فيه من التفصيل المفاد بقوله فإن صلحوا إلخ ‏(‏قوله فإن صلحوا‏)‏ حاصله أن هذا ابني على وجهين‏:‏ إما أن يصلح ابنا له بأن كان مثله يولد له أو لا، وكل منهما إما أن يكون العبد مجهول النسب أو لا، فإن صلح وهو مجهول عتق وثبت نسبه منه إجماعا، وإن كان معروف النسب لا يثبت منه بلا شك لكن يعتق عندنا، وإن لم يصلح ولدا له فكذلك عند الإمام‏.‏ وعندهما لا يعتق، وكذلك الكلام في هذا أبي أو أمي فإن صلح أبا له أو أما وليس للقائل أب أو أم معروف ثبت النسب والعتق بلا خلاف، وإن صلح وله أب معروف لا يثبت النسب ويعتق عندنا، وإن لم يصلح لا يثبت النسب، ولكن يعتق عنده لا عندهما، ولو قال لصغير هذا جدي فقيل هو على الخلاف وهو الأصح؛ لأنه وصفه بصفة من يعتق عليه بملكه كما في البحر ‏(‏قوله في مولدهم‏)‏ قال في القنية‏:‏ مجهول النسب الذي يذكر في الكتب هو الذي لا يعرف نسبه في البلدة التي هو فيها‏.‏ ا هـ‏.‏ ومختار المحققين من شراح الهداية وغيرهم أنه الذي لا يعرف نسبه في مولده ومسقط رأسه وتمامه في الدرر ‏(‏قوله وليس للقائل أب معروف‏)‏ أراد بالأب الأصل فيشمل الجد والأم‏.‏ قال ط‏:‏ وهذا يغني عنه قوله وجهل نسبهم ‏(‏قوله فيعتق فقط‏)‏ أي بلا ثبوت نسب؛ لأن العتق باعتبار الجزئية، والزنا ينفي النسبة الشرعية لا الجزئية ‏(‏قوله وهل يشترط‏)‏ أي في ثبوت النسب تصديق العبد للسيد، فقيل لا؛ لأن إقرار السيد على مملوكه يصح بلا تصديق، وقيل يشترط فيما سوى دعوى البنوة؛ لأن فيه حمل النسب على الغير زيلعي‏.‏ قلت‏:‏ ومشى في كافي الحاكم على الثاني حيث قال في مسألة الأب والأم‏:‏ وصدقا في ذلك ولم يذكر ذلك في مسألة الابن ‏(‏قوله ولا تصير أمه أم ولد‏)‏ قال في فتح القدير‏:‏ ثم إذا قال هذا ابني هل تصير أمه أم ولد له إذا كانت في ملكه‏؟‏ فقيل لا سواء كان الولد مجهول النسب أو معروفه، وقيل تصير في الوجهين، وقيل إن كان معروف النسب حتى لم يثبت نسبه منه لا تصير أم ولد له، وإن كان مجهوله حتى ثبت نسبه منه صارت أم ولد له وهذا أعدل‏.‏ ا هـ‏.‏ وبه علم ما في كلام الشارح من الإطلاق في محل التفصيل فافهم ‏(‏قوله افتقر للنية‏)‏ فيه نظر‏.‏ ففي المجتبى‏:‏ قال لغلامه هذه بنتي أو لجاريته هذا ابني يعتق عندهما خلافا لأبي حنيفة، وقيل لا يعتق عند الكل وهو الأظهر‏.‏ ا هـ‏.‏ ومثله في الذخيرة والقهستاني‏.‏ وقال في النهر‏:‏ قال في المجتبى‏:‏ والأظهر أنه لا يعتق يعني إلا بالنية، ويدل عليه ما مر من أنه لو قال لعبده أنت حرة أو لأمته أنت حر ذكر في بعض المواضع أنه صريح وفي بعضها كناية‏.‏ ا هـ‏.‏ فقوله‏:‏ يعني إلا بالنية إلخ ليس من كلام المجتبى كما علمت، وفيه نظر‏.‏ وما استدل به لا يدل له لجواز كون التأنيث في قوله للعبد أنت حرة باعتبار كونه ذاتا أو جثة أو نسمة، والتذكير في قوله للأمة أنت حر باعتبار كونها شخصا أو خلقا بخلاف إطلاق البنت على الابن وعكسه، لما في فتح القدير حيث قال في تعليل المسألة‏:‏ لأن الأول مجاز عن عتق في الذكر والثاني عنه في الأنثى، فانتفى حقيقته لانتفاء محل ينزل فيه، ولا يتجوز في لفظ الابن في البنت وعكسه اتفاقا‏.‏ ثم قال‏:‏ وما ذكره المصنف يعني صاحب الهداية بيان لتعذر عتقه بطريق آخر، وهو أنه إذا اجتمعت الإشارة والتسمية والمسمى من جنس المشار تعلق بالمشار، وإن كان من خلاف جنسه يتعلق بالمسمى، والمشار إليه هنا مع المسمى جنسان؛ لأن الذكر والأنثى في الإنسان جنسان لاختلاف المقاصد، فيلزم أن يتعلق الحكم بالمسمى‏:‏ أعني مسمى بنت، وهو معدوم؛ لأن الثابت ذكر‏.‏ ا هـ‏.‏ فأنت ترى أن مقتضى التعليل بهذين الوجهين كون الكلام لغوا لا يتعلق به حكم سواء نوى أو لا‏.‏ ويظهر من هذا أنه لا فرق بين قوله للعبد هذا بنتي أو هذه بنتي بتذكير اسم الإشارة أو تأنيثه؛ لأن اللغو جاء من إطلاق البنت على الابن حيث لا يستعمل أحدهما في الآخر حقيقة ولا مجازا، ومن كونه خلاف جنس المشار إليه كما لو باع فصا على أنه ياقوت فإذا هو زجاج فالبيع باطل، ويدل لما قلنا‏:‏ أنه في متن المنتقى عبر بقوله هذا ابنتي ‏(‏قوله عتق‏)‏ أي بلا خلاف فتح، وينبغي توقفه على النية تأمل‏.‏ ‏(‏قوله وأخي لا‏)‏ أي وفي قوله هذا أخي لا يعتق بدون نية‏.‏ قال في البحر‏:‏ وفرق في البدائع بأن الأخوة تحتمل الإكرام والنسب، بخلاف العم؛ لأنه لا يستعمل للإكرام عادة وهذا كله إذا اقتصر؛ فلو قال أخو من أبي أو من أمي أو من النسب فإنه يعتق كما في الفتح وغيره‏.‏ ولا يخفى أنه إذا اقتصر يكون من الكنايات فيعتق بالنية‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله لا يعتق بيا ابني ويا أخي‏)‏ أي بدون نية كما يأتي‏.‏ قال في الدر المنتقى‏:‏ وعنه أنه يعتق‏.‏ والظاهر الأول؛ لأن المقصود بالنداء استحضار المنادى، فإن كان بوصف يمكن إثباته من جهته نحو يا حر كان لإثبات ذلك الوصف، وإن لم يمكن كالبنوة كان لمجرد الإعلام‏.‏ قال في الفتح‏:‏ وينبغي أن يكون محل المسألة ما إذا كان العبد معروف النسب وإلا فهو مشكل، إذ يجب أن يثبت النسب تصديقا له فيعتق‏.‏ ا هـ‏.‏ ولو قال يا أخي من أمي أو أبي أو من النسب عتق كما مر‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله ولا سلطان لي عليك‏)‏؛ لأن السلطان عبارة عن الحجة واليد ونفي كل منهما لا يستدعي نفي الملك كالمكاتب يثبت للمولى فيه الملك دون اليد ‏(‏قوله بخلاف عكسه‏)‏ وهو وقوع الطلاق بألفاظ العتق؛ لأن إزالة ملك الرقبة تستلزم إزالة ملك المتعة بلا عكس درر ‏(‏قوله كما مر‏)‏ أي في أول الطلاق ‏(‏قوله قيد للأخيرة‏)‏ يعني أن قوله وإن نوى راجع إلى المسألة الأخيرة وهي ألفاظ الطلاق، أما الأولى وهي مسألة النداء والثانية وهي مسألة نفي السلطان فيتوقف وقوع العتق فيهما على النية فهما من كناياته‏.‏ ‏(‏قوله كما نقله ابن الكمال‏)‏ أي عن غاية البيان، وكذا نقله في البحر عنها عن التحفة وقال‏:‏ فحينئذ لا ينبغي الجمع بين هذه المسائل في حكم واحد وأقره في النهر أيضا‏.‏ قلت‏:‏ بل على ما مر من بحث الفتح ينبغي أن يثبت العتق بلا نية إذا كان مجهول النسب ‏(‏قوله كما رجحه الكمال‏)‏ ونقله أيضا عن بعض المشايخ، وبه قال الأئمة الثلاثة، إذ لا يظهر فرق بينه وبين لا سبيل‏.‏ وعن الإمام الكرخي‏:‏ فني عمري ولم يتضح لي الفرق بينهما، ثم قال الكمال بعد تقرير عدم الفرق‏.‏ والذي يقتضيه النظر كونه من الكنايات ‏(‏قوله وأقره في البحر‏)‏ وكذا في النهر والشرنبلالية والمقدسي‏.‏

‏(‏قوله يعتق بالنية‏)‏ الأولى لا يعتق إلا بالنية ‏(‏قوله ذكره ابن الكمال وغيره‏)‏ أي ذكر اشتراط النية للعتق، ومثله في البحر عن الزيلعي وغاية البيان، وعزاه في النهر إلى العناية عن المبسوط ‏(‏قوله إلا في قوله إلخ‏)‏ استثناء من قوله وبألفاظ الطلاق، وزاد قوله أطلقتك مع أنه قدمه المصنف لتكميل ما استثنى، ولكن استثناء الأمر باليد، والاختيار منقطع؛ لأنهما من كنايات التفويض لا كنايات الطلاق ‏(‏قوله أو اختاري‏)‏ عزاه في البحر والنهر إلى البدائع‏.‏ قلت‏:‏ وهو خلاف المذهب ففي الذخيرة‏:‏ قال محمد في الأصل‏:‏ إذا قال الرجل لأمته‏:‏ أمرك بيدك ينوي به العتق يصير العتق بيدها حتى لو أعتقت نفسها في المجلس جاز، ولو قال لها اختاري ينوي العتق لا يصير العتق في يدها، فقد فرق بين الأمر باليد وبين قوله اختاري في العتق وسوى بينهما في الطلاق‏.‏ ا هـ‏.‏ كلام الذخيرة، وكذا صرح في الفتح بأنه لو قال لها اختاري فاختارت نفسها لا يثبت العتق، وإن نواه‏.‏ ا هـ‏.‏ وصرح بذلك أيضا في كافي الحاكم بلا حكاية خلاف، وأنت خبير بأن ما في الأصل والكافي هو نص المذهب فلا يعدل عنه، ولم أر من نبه على ذلك فاغتنمه‏.‏ ‏(‏قوله ولا بدع‏)‏ أي ليس ذلك أمرا منفردا خارجا عن نظائره، وهو جواب عن قوله فهو من كنايات العتق أيضا‏:‏ أي كما أنه من كنايات الطلاق؛ لأنه لما احتمل العتق وغيره كان من كناياته أيضا ‏(‏قوله ويتوقف‏)‏ أي العتق في أمرك بيدك واختاري، بخلاف أطلقتك فإنه لا تمليك فيه حتى يتوقف ‏(‏قوله وإن لم يحتج للنية‏)‏؛ لأنه صريح حيث ذكر لفظ العتق ح ‏(‏قوله؛ لأنه تمليك‏)‏ تعليل للتشبيه‏:‏ أي وكذا اختر العتق يتوقف على المجلس؛ لأنه تمليك ح أو هو علة لقوله يتوقف ‏(‏قوله وإن نوى‏)‏؛ لأنه من كنايات الطلاق المختصة به ح ‏(‏قوله لكن يكفر بوطئها‏)‏؛ لأن تحريم الحلال يمين فكأنه قال والله لا أطؤك ح‏.‏

‏(‏قوله بقوله عبدي أو حماري‏)‏ يعني جمع بين هذين اللفظين، وقوله أو جداري أي بدل حماري وهذا عنده‏.‏ وقالا لا يصح وبيانه في الزيلعي ط ‏(‏قوله الحية‏)‏ نعت لامرأته وأمته، وأفرده لكون العطف بأو، وقوله والميتة بمعنى وامرأته أو أمته الميتة فهو مقابل مدخول بين ‏(‏قوله جوهرة‏)‏ ونصها‏:‏ ولو جمع بين عبده وبين ما لا يقع عليه العتق كالبهيمة والحائط والسارية فقال عبدي حر أو هذا أو قال أحدكما عتق العبد عند أبي حنيفة وعندهما لا يعتق، وإن قال لعبده أنت حر أولا لا يعتق إجماعا، وإن قال لعبده وعبد غيره أحدكما لم يعتق عبده إجماعا إلا بالنية؛ لأن عبد الغير لا يوصف بالحرية إلا من جهة مولاه، وقد يجوز أن يكون أوقع حرية موقوفة على إجازة المولى، وكذا إذا جمع بين أمة حية وأمة ميتة فقال أنت حرة أو هذه أو إحداكما حرة لم تعتق أمته،؛ لأن الميتة توصف بالحرية فيقال ماتت حرة وماتت أمة فلا تختص الحرية بأمته‏.‏ ا هـ‏.‏ ح‏.‏

مطلب في ملك ذي الرحم المحرم

‏(‏قوله بملك ذي رحم محرم‏)‏ شمل الملك بشراء أو هبة أو وصية أو غيره قهستاني، وشمل ما لو باشره بنفسه أو نائبه فدخل ما إذا اشترى العبد المأذون ذا رحم محرم من مولاه ولا دين عليه، أما المديون فلا يعتق ما اشتراه عنده خلافا لهما، وخرج المكاتب إذا اشترى ابن مولاه فإنه لا يعتق اتفاقا بحر عن الظهيرية‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

في القنية‏:‏ وطئ جارية أبيه فولدت منه لا يجوز بيع الولد ادعى الواطئ الشبهة أو لا؛ لأنه ولد ولده فيعتق عليه حين دخل في ملكه وإن لم يثبت النسب كمن زنى بجارية غيره فولدت منه ثم مالك الولد يعتق عليه وإن لم يثبت نسبه منه‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي حاشية الحموي عن غاية البيان‏:‏ لو اشترى أخاه من الزنا لا يعتق عليه؛ لأنه ينسب إليه بواسطة الأب ونسبة الأب منقطعة فلا تثبت الأخوة‏.‏ قالوا إلا إذا كان من أمه فيعتق عليه إذا ملكه؛ لأن نسبة الولد إليها لا تنقطع فتكون الأخوة ثابتة‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله أي قريب‏)‏ تفسير لذي الرحم، وقوله حرم نكاحه أبدا تفسير للمحرم‏:‏ قال في الدر المنتقى ثم المحرمان شخصان لا يجوز النكاح بينهما لو كان أحدهما ذكرا والآخر أنثى فالمحرم بلا رحم كابنه رضاعا وزوجة أصله وفرعه فلا يعتق عليه اتفاقا، وكذا الرحم بلا محرم كبني الأعمام والأخوال لا يعتق عليه اتفاقا كافي وغيره‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله عنده‏)‏ أي عند الإمام لتجزؤ العتق عنده خلافا لهما ط ‏(‏قوله أو حملا إلخ‏)‏ فيعتق دون أمه، وليس له بيعها قبل أن تضع حملها؛ لأنه ملك أخاه فيعتق عليه بدائع، وهذا مناف لقولهم إن الحمل لا يدخل تحت المملوك، حتى لا يعتق بكل مملوك لي حر فيحتاج إلى الجواب بحر‏.‏ وأقول‏:‏ لا يلزم من كون الشيء ملكا كونه مملوكا مطلقا نهر‏.‏ وتوضيحه‏:‏ أن المملوك في كل مملوك لي حر حيث أطلق ينصرف إلى ذات مملوكة له مستقلة بنفسها والحمل جزء من أمه، فلا يلزم من كونه ملكا له أن يصدق عليه اسم مملوك حيث أطلق، وهنا علق العتق على دخول القريب في ملكه لا على كونه مما يصدق عليه لفظ مملوك مطلق، فلذا دخل الحمل هنا لا هناك فافهم‏.‏ ‏(‏قوله ولو المالك صبيا أو مجنونا‏)‏ إنما جعلا أهلا لعتق القريب عليهما؛ لأنه تعلق به حق العبد فشابه النفقة بحر ‏(‏قوله في دارنا‏)‏ أي دار الإسلام، قيد به؛ لأنه لا حكم لنا في دار الحرب فتح ‏(‏قوله حتى لو أعتق إلخ‏)‏ تفريع على التقييد بقوله في دارنا، وكان الأظهر أن يقول حتى لو ملك قريبه في دار الحرب، لكن أفاد ذلك بالأولى؛ لأنه إذا كان لا يعتق بالإعتاق الصريح فكذلك بالملك بالأولى، وقد جمع بينهما في الفتح فقال‏:‏ فلو ملك قريبه في دار الحرب أو أعتق المسلم قريبه في دار الحرب لا يعتق خلافا لأبي يوسف، وعلى هذا الخلاف إذا أعتق الحربي عبده في دار الحرب ذكر الخلاف في الإيضاح‏.‏ وفي كافي الحاكم‏:‏ عتق الحربي في دار الحرب قريبه باطل ولم يذكر خلافا، فأما إذا أعتقه وخلاه فقال في المختلف‏:‏ يعتق عند أبي يوسف وولاؤه له وقالا‏:‏ لا ولاء له لكنه عتق بالتخلية لا بالإعتاق فهو كالمراغم ثم قال المسلم إذا دخل دار الحرب فاشترى عبدا حربيا فأعتقه ثمة القياس لا يعتق بدون التخلية؛ لأنه في دار الحرب ولا تجري عليه أحكام الإسلام‏.‏ وفي الاستحسان‏:‏ يعتق من غير تخلية؛ لأنه لم تنقطع عنه أحكام المسلمين، ولا ولاء له عندهما وهو القياس، وقال أبو يوسف‏:‏ له الولاء، وهو الاستحسان، وذكر قول محمد مع أبي يوسف في كتاب السير وعلى هذا فالجمع بينه وبين ما في الإيضاح أن يراد بالمسلم ثمة الذي نشأ في دار الحرب، وهنا نص على أنه داخل هناك بعد أن كان هنا فلذا لم تنقطع عنه أحكام الإسلام‏.‏ ا هـ‏.‏ ما في الفتح‏.‏ وحاصله أن الحربي إذا أسلم في دار الحرب أو بقي حربيا لو ملك أو عتق قريبه ثمة لا يعتق خلافا لأبي يوسف إلا إذا خلى سبيله، بأن رفع يده عنه وأطلقه فيعتق بالتخلية لا بالإعتاق ولا ولاء له خلافا لأبي يوسف‏.‏ فعنده له الولاء، وأما المسلم الأصلي إذا دخل دار الحرب فاشترى عبدا حربيا فأعتقه ثمة فالاستحسان أنه يعتق بدون التخلية وله الولاء، وعلى هذا فإطلاق الشارح المسلم مقيد بكونه ناشئا في دار الحرب فالأحسن ما في بعض النسخ؛ حتى لو أعتق المسلم الحربي بدون أو‏:‏ أي المسلم الناشئ في دار الحرب ‏(‏قوله عبده‏)‏ أي الحربي بقرينة قوله ولو عبده مسلما إلخ ح ‏(‏قوله فلا ولاء له‏)‏ تفريع على عتقه بالتخلية لا بالإعتاق؛ لأن الولاء من أحكام الإعتاق ولم يعتق به ‏(‏قوله عتق بالاتفاق‏)‏ أي بإعتاق سيده أو بشرائه إن كان ذا رحم محرم ح‏.‏

‏(‏قوله وبتحرير لوجه الله تعالى إلخ‏)‏؛ لأنه نجز الحرية وبين غرضه الصحيح أو الفاسد فلا يقدح فيه كما في البدائع، والمراد بوجه الله تعالى ذاته أو رضاه والشيطان واحد شياطين الإنس أو الجن، بمعنى مردتهم‏.‏ والصنم‏:‏ صورة الإنسان من خشب أو ذهب أو فضة، فلو من حجر فهو وثن كما في البحر ‏(‏قوله وإن أثم وكفر به‏)‏ لف ونشر مرتب‏.‏ فالإثم في الإعتاق للشيطان والكفر في الإعتاق للصنم بقرينة تفسيره مرجع الضمير المجرور، وإلا فلا فائدة في زيادته لفظ أثم لكن لا يظهر فرق بينهما، وما فعله الشارح هو ما مشى عليه المصنف في المنح، وهو ظاهر البحر أيضا‏.‏ والأظهر ما في المتن والجوهرة من الكفر بكل منهما‏.‏

قوله أي إكراه‏)‏ هو حمل الغير على ما لا يرضاه بحر، وأشار إلى أن المراد مصدر المزيد؛ لأن الكره أثر الإكراه، لكن كل منهما صحيح أيضا فافهم ‏(‏قوله ولو غير ملجئ‏)‏ الملجئ ما يفوت النفس أو العضو، وغير الملجئ بخلافه والأولى المبالغة بالملجئ كما لا يخفى ط‏.‏ وتجب القيمة على المكره جوهرة‏.‏ وفي التتارخانية‏:‏ قال لمولاه في موضع خال إن أعتقتني وإلا قتلتك فأعتقه مخافة القتل يعتق ويسعى في قيمته لمولاه ‏(‏قوله سيجيء‏)‏ أي في كتاب الأشربة أن كل مسكر حرام أي كل ما أسكر كثيره حرم قليله، وهو قول محمد المفتى به، فيدخل فيه الأشربة المتخذة من غير العنب والمثلث لا بقصد السكر بل بقصد الاستمراء والتقوي ونقيع الزبيب بلا طبخ، فالسكر بها يكون بسبب محظور كالسكر من الخمر، وأما على قول الإمام إذا شربها لا بقصد المعصية فلا يكون محظورا فإذا سكر بها لا يصح طلاقه ولا عتاقه، أما للسكر نفسه فهو حرام اتفاقا بمعنى أنه يحرم القدر المؤدي إلى الإسكار، حتى لو علم أن شرب كأسين لا يسكر وإنما يسكر الكأس الثالث حرم شرب الثالث فقط عند الإمام، فلو سكر من كأسين لم يكن بسبب محظور، وأما عند محمد فإن الحرام كل ذلك وإن قل كالخمر فافهم‏.‏ ‏(‏قوله فلا يخرج‏)‏ أي عن السبب المحظور إلا شرب المضطر‏:‏ أي لإساغة اللقمة أو بسبب الإكراه، ومثله ما يحصل من مباح كالعسل عند غلبة الصفراء‏.‏

‏(‏قوله مع هزل‏)‏ هو اللعب وقدمنا الكلام فيه ‏(‏قوله وإن علق العتق بشرط إلخ‏)‏ شمل تعليقه بالملك أو بسببه كما مر التصريح به، لكن لا بد من تعليقه على ملك صحيح‏.‏ ففي الجوهرة‏:‏ لو قال المكاتب أو العبد كل مملوك أملكه فيما أستقبل فهو حر فعتق ثم ملك مملوكا لا يعتق عنده وعندهما يعتق‏.‏ وإن قال‏:‏ إذا عتقت فملكت عبدا فهو حر فأعتق فملك عبدا عتق إجماعا؛ لأنه أضاف الحرية إلى ملك صحيح، وإن قال‏:‏ إن اشتريت هذا العبد فهو حر لم يعتق حتى يقول أنا اشتريته بعد العتق، وعندهما يعتق‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله وعتق إن دخل‏)‏ أي إن بقي في ملكه فإنه يجوز له بيعه وإخراجه عن ملكه قبل وجود الشرط؛ لأن تعليق العتق بالشرط لا يزيل ملكه إلا في التدبير خاصة جوهرة، ولو باعه ثم اشتراه فدخل عتق كافي ‏(‏قوله لقصور الإضافة‏)‏؛ لأن في إضافة المكاتب إلى نفسه بعنوان العبد قصورا أي عدم تحقق؛ إذ مراده بقوله إن أنت عبدي إن كان لا يصدر منك أمر إلا بإذني فأنت حر والمكاتب ليس بهذه الصفة ط والحاصل أن المطلق ينصرف إلى الكامل، والمكاتب عبد ناقص ‏(‏قوله تعليق‏)‏ كأنه قال إذا أصبحت فأنت حر ط ‏(‏قوله تنجيز‏)‏؛ لأن المراد أنه معتوق في جميع أحواله ط ‏(‏قوله؛ لأن المراد عرض الماء عليه‏)‏ أي لا إزالة لعطش؛ لأنه ليس في وسعه ولأنه يقال سقيته فلم يشرب ‏(‏قوله عتق من صحبه سنة‏)‏ المراد أنه يعتق من دخل في ملكه منذ سنة صاحبه أو لا ط ‏(‏قوله ونوى في الملك‏)‏ أي أنه قديم في ملكه ط ‏(‏قوله دين‏)‏ ولا يصدق قضاء ‏(‏قوله ولو زاد في السن‏)‏ أي صرح بذلك، بأن قال أنت عتيق في السن‏:‏ أي كبير السن‏.‏ وفي البحر عن الخانية‏:‏ لو قال أنت حر النفس يعني في الأخلاق عتق في القضاء‏.‏

‏(‏قوله وعتق بما أنت إلا حر‏)‏؛ لأن الاستثناء من النفي على إثبات وجه التأكيد كما في كلمة الشهادة هداية، ويستثنى منه ما نقله الحموي عن منية المفتي‏:‏ إذا أمر غلامه بشيء فامتنع فقال له ما أنت إلا حر فإنه لا يعتق ذكره أبو السعود‏.‏ قال ط‏:‏؛ لأن قرينة الحال دالة على أن المراد ما أفعالك هذه إلا أفعال الحر‏.‏ ‏(‏قوله لا بما أنت إلا مثل الحر‏)‏ وإن نوى، كذا نقله في الدر المنتقى عن المحيط مع أنه في البحر والقهستاني نقلا هذه المسألة عن المحيط بدون قوله وإن نوى، وكذا في الجوهرة لكن بدون عزو، نعم في القهستاني‏:‏ لا يصح بقوله‏:‏ أنت مثل الحر أو الحرة وإن نوى‏.‏ وقال بعضهم‏:‏ إنه يعتق بالنية كما في الاختيار‏.‏ ا هـ‏.‏ واقتصر الزيلعي على الثاني وقال؛ لأنه أثبت المماثلة بينهما، وهي قد تكون عامة وقد تكون خاصة، فلا يعتق بلا نية للشك ‏(‏قوله ولا بكل مالي حر‏)‏؛ لأنه يراد به الصفاء والخلوص عن شركة الغير بحر ‏(‏قوله أو أهل بلخ‏)‏ أي كل عبيد أهل بلخ وهو من أهل بلخ ولم ينو عبده كما في التتارخانية، ومقتضاه أنه لو نوى عبده يعتق‏.‏ والظاهر أن مثله يقال في كل عبده في الأرض وعبيد أهل الدنيا، ويؤيده أنه قال بعده‏:‏ ولو قال ولد آدم كلهم أحرار لا يعتق عبده إلا بالنية بالاتفاق ‏(‏قوله حر‏)‏ أفرد الخبر نظرا للفظ كل في المسألة الثانية ط ‏(‏قوله بخلاف هذه السكة أو الدار‏)‏ أي فإنه يعتق وإن لم ينو بلا خلاف كما في التتارخانية‏.‏ وقال قبله‏:‏ وعلى هذا الخلاف إذا قال كل عبد في هذا المسجد‏:‏ يعني المسجد الجامع يوم الجمعة فهو حر وعبده في المسجد إلا أنه لم ينوه، أو وقال كل امرأة طالق وامرأته في المسجد إلا أنه لم ينوها‏.‏ ا هـ‏.‏ وحينئذ فالفرق بين السكة والجامع أن المسجد الجامع في حكم البلدة لكونه جامعا لأهلها؛ ولذا قيده بيوم الجمعة، بخلاف السكة؛ لأن لها أهلا محصورين فلذا عتق فيها بلا نية اتفاقا، هذا والشارح عزا المسألة إلى البحر مع أنه في البحر لم يذكر السكة بل ذكر الدار‏.‏

‏(‏قوله عتقا‏)‏ أطلقه فشمل ما إذا استثنى حملها فإنه يعتق تبعا لها كما في التتارخانية ‏(‏قوله أصالة‏)‏ بفتح الهمزة، وعطف القصد عليها من عطف العلة على المعلول ط‏.‏ أما في الأم فظاهر، وأما في الجنين فمن حيث إنه جزء، والتحرير المسلط على الكل مسلط على الجزء أصالة وقصدا، وهذا لا ينافي قول البحر عتقا‏:‏ أي الأم والحمل تبعا لها؛ لأنه باعتبار كون الجزء في ضمن الكل ح، وهذا مقيد بأن لا يكون خرج أكثر الولد، فإن خرج أكثره لا يعتق؛ لأنه كالمنفصل في حق الأحكام، ألا ترى أنه تنقضي به العدة، ولو مات في هذه الحالة يرث، وتمامه في البحر ‏(‏قوله إذا ولدته إلخ‏)‏ للتيقن بوجوده وقت الإعتاق ط ‏(‏قوله ولو لأكثر‏)‏ أي من الأقل فيشمل تمام النصف ح‏.‏ ‏(‏قوله عتق تبعا‏)‏ حاصله أن الحمل يعتق بإعتاق أمه مطلقا، لكنه إذا ولدته لأقل من نصف حول يعتق أصالة ولأكثر تبعا، وإنما قيد المصنف بالأول لئلا يتكرر مع قوله الآتي والولد يتبع الأم إلخ ‏(‏قوله وثمرته‏)‏ أي ثمرة الفرق بين عتقه أصالة أو تبعا انجرار ولائه، وهي مذكورة في كتاب الولاء حيث قال هناك‏:‏ ومن أعتق أمته والحال أن زوجها قن للغير فولدت لأقل من نصف حول مذ عتقت لا ينقل ولاء الحمل عن موالي الأم أبدا، فإذا ولدت بعد عتقها لأكثر من نصف حول فولاؤه لموالي الأم أيضا لتعذر تبعيته للأب لرقه، فإن عتق القن وهو الأب قبل موت الولد جر ولاء ابنه إلى مواليه لزوال المانع، هذا إذا لم تكن معتدة، فلو معتدة فولدت لأكثر من نصف حول من العتق ولدون حولين من الفراق لا ينتقل لموالي الأب‏.‏ ا هـ‏.‏ أي للتيقن بوجود الحمل عند العتق حيث وجبت إضافة العلوق إلى ما قبل الفراق ‏(‏قوله ولو حرره إلخ‏)‏ أي حرر الحمل وحده، بأن قال‏:‏ حملك حر أو قال المضغة أو العلقة التي في بطنك حر عتق خانية‏.‏ لكن لا بد من تحقق وجوده قبل التحرير بأن ولدته لأقل من ستة أشهر، فلو لستة فأكثر لا يعتق، ولا يكون قوله ما في بطنك حر إقرارا بوجوده لعدم التيقن به لجواز حدوثه، وتمامه في البحر ‏(‏قوله أو إن حملت بولد فهو حر‏)‏ الظاهر أنه يشترط أن تلده لأكثر من ستة أشهر إذ لو كان أقل علم أنه حمل موجود والشرط حمل حادث، وينبغي أنه لو أنكر حدوثه بعد ستة أشهر أن يكون القول له إلى سنتين، أما بعدهما فهو حمل حادث يقينا تأمل ‏(‏قوله عتق فقط‏)‏ أي دون الأم إذ لا وجه لإعتاقها مقصودا لعدم الإضافة، ولا تبعا؛ لأن فيه قلب الموضوع نهر‏.‏ ‏(‏قوله ولم يجز بيع الأم إلخ‏)‏؛ لأنه لما كان ما في بطنها لا يقبل النقل صار بمنزلة الحمل المستثنى، والاستثناء شرط فاسد في البيع والهبة، لكن البيع يبطل بالشروط الفاسدة، بخلاف الهبة كما يأتي في البيع الفاسد ح ‏(‏قوله لم تجز هبتها في الأصح‏)‏ والفرق أن بالتدبير لا يزول ملكه عما في البطن، فإذا وهب الأم بعد التدبير فالموهوب متصل بما ليس بموهوب فيكون في معنى هبة المشاع فيما يحتمل القسمة، وأما بعد العتق ما في البطن غير مملوك بحر عن المبسوط ‏(‏قوله وبطل شرط المال عليه إلخ‏)‏؛ لأنه لا وجه إلى إلزام المال على الجنين لعدم الولاية عليه ولا إلى إلزام أمه؛ فإذا قال أعتقت ما في بطنك على ألف عليك فقبلت فجاءت بولد لأقل من ستة أشهر يعتق بلا شيء؛ لأنه معلق بقبولها الألف وقد قبلته فعتق الولد وبطل المال؛ لأن اشتراط بدل العتق على غير المعتق لا يجوز بحر ملخصا ‏(‏قوله لكن يشترط قبولها‏)‏ أي قبولها المال إذا شرطه عليها، وقوله للعتق متعلق بيشترط ‏(‏قوله قال ما في بطنك‏)‏ الخبر محذوف تقديره حر وهو موجود في بعض النسخ ‏(‏قوله تعليق‏)‏ أي على الأداء، فإذا ولدت لأقل من ستة أشهر فهو حر متى أدى إليه الألف كما في البحر ‏(‏قوله أوصى به‏)‏ أي بما في بطن أمته ومات أي الموصي وأعتقه الورثة‏:‏ أي أعتقوا ما في بطنها تبعا لإعتاق أمه‏.‏ والعبارة في البحر عن الظهيرية‏:‏ وهكذا رأيتها في الظهيرية‏.‏ والأحسن عبارة كافي الحاكم فأعتق الوارث الأمة إلخ‏.‏ قال ط والظاهر عدم جواز إعتاقه قصدا؛ لأنه غير مملوك لهم ‏(‏قوله جاز‏)‏ أي إعتاقهم؛ لأنها دخلت في ملكهم ولم يدخل حملها في ملك الموصى له إذ لا يدخل في ملكه إلا بعد الولادة ط ‏(‏قوله وضمنوه يوم الولادة‏)‏؛ لأنه أول يوم يدخل في ملكه أن لو بقي بلا إعتاق ط ‏(‏قوله فأولهما خروجا أكبر‏)‏ ظاهره لو خرجا معا لم يعتق واحد منهما إلا أن تلد ثالثا قبل مضي ستة أشهر فيعتقان؛ لأنهما أكبر منه والولد وإن ذكر مفردا لكنه مفرد مضاف فيعم ط عن السيد أبي السعود‏.‏

‏(‏قوله ما دام جنينا‏)‏ أما بعد الولادة فلا يتبعها في شيء مما ذكروه، حتى لو أعتقت لا يعتق بحر وسيذكر الشارح استثناء مسألتين مع زيادة ثلاثة أخر ‏(‏قوله يتبع الأم‏)‏ للإجماع ولأنه متيقن به من جهتها ولذا يثبت نسب الزنا وولد الملاعنة من أمه حتى ترثه ويرثها؛ لأنه قبل الانفصال كعضو منها حسا وحكما ويتبعها في البيع والعتق وغيرهما فكان جانبها أرجح بحر ‏(‏قوله فيكون لصاحب الأنثى‏)‏ كما إذا نزا ذكر لرجل على أنثى لآخر كان حملها لصاحبها فقط ‏(‏قوله لو أمه كذلك‏)‏ أي لو كانت أمه مما يؤكل ويضحى بها والمراد أنه يأخذ حكم أمه ولا يزول عنه بعد الولادة كما يأخذ حكمها في العتق وغيره كذلك‏.‏ فلا يرد أن الكلام في الجنين وهو لا يضحى به قبل الولادة فافهم‏.‏ وفي شرح الوهبانية للشرنبلالي عن جوامع الفقه والولوالجية‏:‏ الاعتبار في المتولد للأم في الأضحية والحل، وقيل يعتبر بنفسه فيهما‏.‏ حتى إذا نزا ظبي على شاة أهلية فإن ولدت شاة تجوز التضحية بها، وإن ولدت ظبيا لم تجز ولو ولدت الرمكة حمارا لم يؤكل‏.‏ وفي الخلاصة في الأضحية‏:‏ المتولدة بين الكلب والشاة قال عامة العلماء‏:‏ لا يجوز وقال الإمام الجرجاني إن كان يشبه الأم يجوز‏.‏ ا هـ‏.‏ وستأتي مسألة المتولد بين الكلب والشاة في الذبائح عن نظم الوهبانية‏.‏ والحاصل أن المفهوم مما مر أن الولد تبع لأمه مطلقا، وقيل لا تعتبر التبعية بل يعتبر بنفسه والأول المعتمد كما يقتضيه كلام البدائع في كتاب الأضحية وهو مقتضى إطلاق المتون لكن على ما قاله عامة العلماء يستثنى ولد الكلب‏.‏ والظاهر أن المتولد بين آدمي وشاة كذلك بل أولى؛ لأنه جزء آدمي لا يحل الانتفاع به فضلا عن أكله فافهم ‏(‏قوله بسائر أسبابه‏)‏ كشراء وهبة وإرث ح‏.‏ ‏(‏قوله إلا ولد المغرور‏)‏ كما إذا تزوج امرأة على أنها حرة فإذا هي قنة فأولاده منها أحرار بالقيمة، وتعتبر القيمة يوم الخصومة شرنبلالية، وهذا إذا كان المغرور حرا، فلو مكاتبا أو عبدا أو مدبرا فالأولاد أرقاء حموي عن البرجندي‏.‏ قال ط‏:‏ وينبغي أن يستثنى أيضا ما لو تزوج أمة وشرط حرية الولد فإنه يكون حرا‏.‏

مطلب أهل الحرب كلهم أرقاء

‏(‏قوله وصورة الرق بلا ملك إلخ‏)‏ لما كان الأصل في العطف المغايرة كان مظنة أن يقال هل يتصور رق بلا ملك فبين صورته، وأما صورة الملك بلا رق فهي ظاهرة كالحيوان والثياب وكذا صورة اجتماعها، لكن قد يكونان كاملين كما في القن‏.‏ وقد يكون أحدهما كاملا والآخر ناقصا فالمدبرة وأم الولد الرق فيهما ناقص فلم يجز عتقهما عن الكفارة، والملك فيهما كامل حتى جاز وطؤهما، والمكاتب رقه كامل فجاز عتقه عن الكفارة وملكه ناقص حتى خرج من يد المولى، وتمامه في البحر ‏(‏قوله فإن كلهم أرقاء‏)‏ أي بعد الاستيلاء عليهم بدليل التفريع، أما قبله فهم أحرار لما في الظهيرية‏:‏ لو قال لعبده‏:‏ نسبك حر أو أصلك حر، إن علم أنه سبي لا تعتق، وإن يعلم أنه سبي فهو حر‏.‏ قال وهذا دليلي على أن أهل الحرب أحرار‏.‏ ا هـ‏.‏ وسيأتي في باب استيلاء الكفار ما يؤيده أيضا ‏(‏قوله فإذا أخذت إلخ‏)‏ ليس هذا التصوير في القهستاني وهو خطأ إذ الولد حينئذ مسترق أصالة‏.‏ والمثال الصحيح كما قاله ح أخذ حاملا يتبعها الحمل في الرق وذلك؛ لأن المقام في تبعية الجنين لا الولد المنفصل ط ‏(‏قوله والحرية‏)‏ أي الأصلية، بأن تزوج عبد حرة أصلية فحملت منه، وأما الطارئة فقد مرت نهر أي في قوله حرر حاملا عتقا ‏(‏قوله والعتق‏)‏ هو حرية طارئة وقد مرت كما علمت، لكن المراد بما مر عتق الولد قصدا ولذا قيده المصنف هناك بما إذا ولدته بعد عتقها لأقل من نصف حول، والمراد بما هنا العتق تبعا للأم، فيراد به ما إذا ولدته لنصف حول فأكثر، فيكون هذه الصورة مفهوم قوله هناك إذا ولدته لأقل من نصف حول فلا تكرار كما أفاده ح‏.‏ وقدم الشارح الثمرة في انجرار الولاء، وما قيل إن هذه الصورة سبق قلم؛ لأن الموضوع في الجنين لا في الولد بعد انفصاله ففيه أن المراد أنه يحكم بعتقه قبل الولادة ولكن إذا ولد لنصف حول فأكثر علم أنه عتق تبعا لأمه لكونه جزءا منها، وإن ولدته لأقل علم أنه عتق قصدا وأصالة لتيقن وجوده وقت الإعتاق فافهم ‏(‏قوله ككتابة‏)‏ بأن كاتب أمته الحامل فجاءت به لأقل من ستة أشهر من وقت الكتابة نهر‏.‏ قال ح‏:‏ فيعتقان معا بأدائها البدل، وكذا كل ولد تلده في مدة الكتابة‏.‏ ا هـ‏.‏ وعليه فتقييد النهر بأقل من ستة أشهر لتكون الكتابة واقعة على الحمل أصالة وقصدا، وإلا فكل حمل في المدة يتبعها في حكم الكتابة كما علمت ‏(‏قوله وتدبير مطلق‏)‏ احترز به عن المقيد كإن مت من مرضي هذا فأنت حرة فإنه لا يتبعها فيه‏.‏ ا هـ‏.‏ وعزاه في النهر للظهيرية‏.‏ قلت‏:‏ هذا ظاهر في الولد الذي تأتي به بعد التدبير وكلامنا في الحمل، فإذا دبر حاملا من غير سيدها صار الحمل مدبرا قصدا وأصالة إن ولدته لأقل من ستة أشهر، وإن لأكثر فهو مدبر تبعا لها لكن لا فرق هنا بين التدبير المطلق والمقيد؛ لأن المقيد في حكم المعلق، فإذا قال إن مت من مرضي هذا فأنت حرة ثم مات بعد شهر مثلا عتقت وعتق حملها تبعا لها لكن هذا من مسائل التبعية في الحرية العارضة، وهذا لو ولدت بعد موت المولى، أما قبله فلا يعتق ولدها؛ لأنه ولد قبل عتقها، بخلاف التدبير المطلق فإنه لا فرق فيه بين ولادتها قبل موته أو بعده؛ لأنه ثبت تدبيرها قبله حتى لا يجوز له بيعها فلعل تقييده بالمطلق لهذا فتأمل‏.‏ ‏(‏قوله واستيلاد‏)‏ بأن زوج أم ولده فحملت تبعها ولدها في حكم أمومية الولد فيعتق بموت السيد كالأم نهر ‏(‏قوله إذا لم يشترط الزوج حرية الولد‏)‏ هذا بحث لصاحب النهر، فلو شرط ذلك عتق بالولادة قبل موت السيد ح‏.‏ وينبغي أن يستثنى أيضا المغرور كما لا يخفى ‏(‏قوله كما مر‏)‏ أي في باب نكاح الرقيق كما قاله في الدر المنتقى ‏(‏قوله وفي رهن‏)‏ أي إذا رهن حاملا كان ولدها رهنا معها ح أي فإذا وضعته ليس للراهن نزعه من يد المرتهن ط ‏(‏قوله ودين‏)‏ صورته أذن لأمته الحامل في التجارة ثم لزمها دين تبعها الولد فيه حتى يباع فيه ح ‏(‏قوله وحق أضحية‏)‏ أي إذا اشترى شاة حاملا للأضحية لزمه التضحية بولدها أيضا‏.‏ ا هـ‏.‏ ح أي بعد خروجه حيا ‏(‏قوله واسترداد بيع‏)‏ أي إذا باع أمة بيعا فاسدا ثم استردها وهي حامل يتبعها الولد في الاسترداد ح ‏(‏قوله وسريان ملك‏)‏ قال في الأشباه‏:‏ وحق المالك القديم يسري إليه‏.‏ ا هـ‏.‏ ح وصورته إذا تداولت الأيدي الجارية فردت بعيب قديم على المالك الأول وهي حامل تبعها حملها وكذا إذا استحقت‏.‏ ا هـ‏.‏ ط ‏(‏قوله فهي اثنا عشر‏)‏ أي المسائل التي يتبع فيها الحمل أمه ‏(‏قوله ولا يتبعها في كفالة‏)‏ أي إذا كفلت وهي حامل بمال أو نفس لا يتبعها الولد في طلب إذا استمرت الكفالة حتى ولدته وكبر، وكذا إذا كفلت أمة حامل بإذن السيد لا يتبعها ولدها ط أي لا يتبعها بعد الولادة، أما قبلها فلرب المال بيعها حاملا إذا لم يفدها المولى فإذا ولدت بعد البيع كان الولد للمشتري تأمل‏.‏ ‏(‏قوله وإجارة‏)‏ أي إذا آجرها عشر سنين مثلا وكانت حاملا فولدت في أثنائها لا يدخل الولد في الإجارة حتى لا يستخدمه ط ‏(‏قوله وجناية‏)‏ بأن قتلت رجلا خطأ وهي حامل فلا يتبعها ولدها في الدفع عن الجناية، وإذا فدى السيد إنما يفدي الأم فقط‏.‏ ا هـ‏.‏ وحاصله أنه لو تبعها للزم بعد الولادة دفعه معها أو فداؤه أيضا، أما لو دفعها قبل الولادة ملكه المجني عليه، حتى لو ولدت بعد الدفع لم يكن للسيد أخذ الولد كما لا يخفى؛ لأنه تبعها في الملك ‏(‏قوله وحد‏)‏ فلا تحد وهي حامل أي حد كان، فإذا ولدته، فإن كان حدها الرجم رجمت إلا إذا كان الولد لا يستغني عنها، وإن كان الجلد فبعد النفاس كما يأتي في الحدود ط‏.‏ ‏(‏قوله وقود‏)‏ فلا تقتل إلا بعد الوضع ح ‏(‏قوله وزكاة سائمة‏)‏؛ لأنه لا شيء في الفصلان والعجاجيل والحملان، إلا إذا مات الكبار أثناء الحول وخلفت صغارا فيها كبير فبالأولى لا يجب في الحمل شيء ‏(‏قوله ورجوع في هبة‏)‏ سيذكر في الهبة ما نصه‏:‏ ولو حبلت ولم تلد هل للواهب الرجوع‏؟‏ قال في السراج لا، وفي الزيلعي نعم‏.‏ ووجه في المنح الأول بأن الولد زيادة متصلة لم تكن وقت الهبة، والثاني بأن الحبل نقصان لا زيادة‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ والتوفيق ما سيذكره في باب خيار العيب من أن الحبل عيب في الآدمية لا في البهيمة، أو ما في الهندية من الهبة من أن الجواري تختلف، فمنهن من تسمن به ويحسن لونها فيكون زيادة تمنع الرجوع، ومنهن بالعكس فيكون نقصانا لا يمنع الرجوع‏.‏ ا هـ‏.‏ ويؤيد هذا التوفيق ما في الخلاصة والبزازية من أن الحبل إن زاد خيرا منع الرجوع وإن نقص لا‏.‏ ا هـ‏.‏ فإذا كانت الموهوبة أمة وحبلت عند الموهوب له ونقصت بذلك كان للواهب الرجوع ولا يتبعها حملها، بل إذا ولدت بعد الرجوع يسترده الموهوب له لكونه حدث على ملكه، كما قالوا فيما لو بنى في الدار الموهوبة بناء منقصا كبناء تنور في بيت السكنى فإنه لا يمنع الرجوع كما في الخانية وللموهوب له أخذه، فقد سقط ما قيل إن ما ذكره الشارح لا يوافق القولين فافهم‏.‏ ثم لا يخفى أن هذا في الحبل العارض‏:‏ أما لو وهبها حبلى ورجع بها كذلك صح وليس الكلام فيه خلافا لما فهمه الحموي‏.‏ وبقي ما لو كان الحبل من الموهوب له، فبحث بعضهم بأنه مانع من الرجوع وسيأتي تمام الكلام على ذلك في الهبة - إن شاء الله تعالى‏.‏ ‏(‏قوله وإيصاء بخدمتها‏)‏ يعني إذا أوصى بخدمة جاريته الحامل من غيره ليس للموصى له أن يستخدم الحمل بعد وضعه لعدم دخوله في الوصية وإن كان متحققا وقتها؛ لأنه إنما جعل له الانتفاع بها خاصة لا بذات أخرى ط، وحاصله أن الخدمة منفعة وهو إنما أوصى بمنفعتها لا بذاتها ولا بمنفعة ولدها، بخلاف ما إذا أوصى بذاتها فإن الحمل الموجود يتبعها في الملك للموصى له؛ لأنه يملكها بسائر أجزائها وحملها جزء منها ‏(‏قوله ولا يتذكى بذكاة أمه‏)‏ أي بذبحها سواء كان تام الخلق أم لا حتى إذا خرج ميتا لم يؤكل وهو الصحيح؛ وقالا إن تم خلقه أكل ط ‏(‏قوله وزاد في البحر إلخ‏)‏ زاد البيري ثانية، وهي ما في خزانة الأكمل‏:‏ لو قال لجارية إذا ملكتك فأنت حرة فولدت ثم اشتراها عتقت دون الولد‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وزدت ثالثة وهي ولد المغصوبة لا يتبعها في الغصب، حتى لو ولدته ومات عند الغاصب بلا تعد منه لم يضمنه، وكذا سائر زوائد الغصب كثمر الشجر ونحوه؛ لأنه أمانة كما سيأتي في بابه‏.‏

مطلب الشرف لا يثبت من جهة الأم الشريفة

‏(‏قوله ولا في نسب إلخ‏)‏؛ لأن النسب للتعريف وحال الرجال مكشوف دون النساء كذا في الشمني، فهذا صريح بأن الشريف لا يثبت من جهة الأم الشريفة باقاني، نعم لولدها شرف ما بالنسبة لغيره ‏(‏قوله رقيق كأمه‏)‏؛ لأن الزوج قد رضي برق الولد حيث قدم على تزوجها مع العلم برقها بحر‏.‏مطلب يتصور هاشمي رقيق والداه هاشميان

قال الخير الرملي‏:‏ فلو كان هذا الولد أنثى فزوجت بهاشمي فأتى له ولد منها فهو‏:‏ أي هذا الولد رقيق وهو هاشمي ابن هاشمي وهاشمية، فيتصور هاشمي من هاشميين وهو رقيق يصح بيعه وسائر ما يجوز في الرقيق من التصرفات‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله ولا يتبعها بعد الولادة‏)‏ أي في حكم حدث بعد الولادة، أما الحكم الحادث قبلها ولو كان قبل الحمل كالتدبير والاستيلاد فإن الأولاد المتأخرين يتبعونها فيه كما سبق ط ‏(‏قوله إذا استحقت الأم ببينة‏)‏ أي إذا ولدت المبيعة عند المشتري لا باستيلاده فاستحقت ببينة يتبعها ولدها بشرط القضاء به في الأصح إذا سكت الشهود، فلو بينا أنه لذي اليد أو قالوا لا ندري لا يقضى به، وإن أقر ذو اليد بها لرجل لا يتبعها كما سيأتي في الاستحقاق إن شاء الله تعالى -‏.‏ والفرق كما ذكره في الدرر هناك أن البينة تثبت الملك من الأصل والولد كان متصلا بها يومئذ فيثبت بها الاستحقاق فيهما، والإقرار حجة قاصرة تثبت الملك في المخبر به ضرورة صحة الخبر فتتقدر بقدرها ‏(‏قوله وإذا بيعت البهيمة إلخ‏)‏ سيأتي في فصل ما يدخل في البيع تبعا أنه يدخل ولد البقرة الرضيع لا ولد الأتان رضيعا أو لا به يفتى‏.‏ ا هـ‏.‏ والفرق أن البقرة لا ينتفع بها إلا بالعجل ولا كذلك الأتان كما في البحر هناك أي؛ لأن البقرة تقصد للحلب ومثلها الشاة والناقة، بخلاف الأتان، وبخلاف الولد الفطيم‏.‏

‏[‏تتمة‏]‏

يزاد تبعية الولد لها إذا أسلمت فإن الولد يتبع خير الأبوين دينا كما مر في النكاح‏.‏ وزاد البيري مسألتين أيضا عن خزانة الأكمل‏:‏ ما لو وكله أن يعتق أمته فولدت ولدا له أن يعتق ولدها أيضا، وما لو ولدت الوديعة للوكيل قبضه معها إلا إذا ولدت قبل أن يوكله‏.‏ ا هـ‏.‏ فالمستثنى خمس‏.‏

‏(‏قوله ملك لسيدها‏)‏ هذا داخل تحت قوله والولد يتبع الأم في الملك، وتقدم استثناء المغرور من شرط حرية الولد ‏(‏قوله حر‏)‏؛ لأنه علق حرا؛ لأن ماء جاريته مملوك له فلا يعارض ماءه كما في المبسوط، وقيل إنه يعتق عليه، وتمامه في النهر ‏(‏قوله كأن نكح عبد‏)‏ أي بإذن سيده ‏(‏قوله وعليه‏)‏ أي على ما في الظهيرية والتفريع لصاحب البحر، وفيه استدراك على تقييد المصنف بالمولى ‏(‏قوله أو ابنه أو أبيه‏)‏ أي ونحوهما من كل ذي رحم محرم منه ‏(‏قوله من كافر‏)‏ أي من زوج كافر ‏(‏قوله قلت إلخ‏)‏ البحث لصاحب النهر ‏(‏قوله؛ لأنه قبل الوضع موهوم‏)‏ مفاده أنه لو تحقق وجوده بالعلامات القاطعة التي تدركها أرباب الخبرة أنه يجيز إلا أن يراد بكونه موهوما ما يعم ما ذكر، ويعم كونه ينفصل عنها أو يموت في بطنها، فإن انفصاله موهوم ط ‏(‏قوله وبه‏)‏ أي بتوهم الحمل المأخوذ من موهوم ط ‏(‏قوله لا يسقط حق المالك‏)‏ أي من عينها فلا يجبر على بيعها ط، والله سبحانه أعلم‏.‏