فصل: باب التدبير

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***


باب التدبير

شروع في العتق الواقع بعد الموت بعد الفراغ من الواقع في الحياة، وقدمه على الاستيلاد لشموله الذكر أيضا وركنه اللفظ الدال على معناه‏.‏ وشرائطه نوعان‏:‏ عام وخاص‏.‏ فالعام ما مر في شرائط العتق كونه من الأهل في المحل منجزا أو معلقا أو مضافا إلى الوقت أو إلى الملك أو سببه‏.‏ والخاص تعليقه بمطلق موت المولى لا بموت غيره كما يأتي‏.‏ وصفته التجزؤ عنده خلافا لهما، فلو دبره أحدهما اقتصر على نصيبه وللآخر عند يسار شريكه ست خيارات الخمسة المارة والترك على حاله وسيأتي بيان أحكامه، من عدم جواز إخراجه عن الملك، ومن عتقه من الثلث بعد موت المولى إلخ بحر‏.‏ ‏(‏قوله هو لغة إلخ‏)‏ يشمل تعليقه بموته مقيدا وبموت غيره، فهو أعم من المعنى الشرعي، وفيه بيان وجه التسمية، فإن الدبر كما في المصباح بضمتين ويخفف‏:‏ خلاف القبل من كل شيء، ومنه يقال لآخر الأمر دبر، وأصله ما أدبر عنه الإنسان ومنه دبر عبده وأعتقه عن دبر‏:‏ أي بعد دبر‏.‏ وفي ضياء الحلوم‏:‏ التدبير العتق بعد الموت‏.‏ وتدبير الأمر النظر فيه إلى ما تصير إليه العاقبة‏.‏ وقصر في الدرر تفسيره لغة على هذا الأخير وقال كأن المولى نظر إلى عاقبة أمره فأخرج عبده إلى الحرية بعده‏.‏ ثم قال‏:‏ إنه شرعا يستعمل في المطلق والمقيد اشتراكا معنويا وهو تعليق العتق بالموت‏:‏ أي موت المولى أو غيره، فما مر من المعنى اللغوي جعله المعنى الشرعي‏.‏ ورد بأنه خلاف ظاهر كلام عامة أئمتنا حيث قصروه شرعا على المدبر المطلق كما بسطه في الشرنبلالية، ولذا خالفه المصنف والشارح مع كثرة متابعتهما له ‏(‏قوله ولو معنى‏)‏ قال في النهر‏:‏ وقولنا لفظا أو معنى يصح أن يكونا حالين من التعليق، والتعليق معنى الوصية برقبته أو بنفسه أو بثلث ماله لأمته وأن يكونا حالين من مطلق، والمطلق معنى كإن مت إلى مائة سنة فأنت حر فإنه مطلق في المختار‏.‏ ا هـ‏.‏ وتمثيل الشارح للثاني فقط يوهم قصره عليه ‏(‏قوله وخرج إلخ‏)‏ فيه رد على الدرر كما مر، ومن التدبير المقيد تعليقه بموته وموت فلان كما سيأتي، وكذا أنت حر قبل موتي بشهر وسيأتي تمامه‏.‏ ‏(‏قوله أصلا‏)‏ أي لا مطلقا ولا مقيدا، خلافا لما يذكره المصنف ‏(‏قوله أو حدث بي حادث‏)‏؛ لأنه تعورف الحدث والحادث في الموت بحر ‏(‏قوله زاد بعد موتي أو لا‏)‏ أي يصير مدبرا الساعة؛ لأن التدبير بعد الموت لا يتصور، فيلغو قوله بعد موتي، أو يجعل قوله أنت مدبر بمعنى أنت حر كما في البحر عن المحيط ‏(‏قوله أو أنت حر يوم أموت‏)‏ لا فرق في العتق المضاف إلى الموت بين أن يكون معلقا بشرط آخر أو لا، فلو قال‏:‏ إن كلمت فلانا فأنت حر بعد موتي فكلمه صار مدبرا؛ لأنه بعد الكلام صار التدبير مطلقا وكذا لو قال أنت حر بعد كلامك فلانا وبعد موتي فكلمه فلان كان مدبرا كذا في البدائع، ولا فرق في التدبير بين كونه منجزا أو مضافا كأنت مدبر غدا أو رأس شهر كذا فإذا جاء الوقت صار مدبرا بحر ‏(‏قوله صح إلخ‏)‏؛ لأنه نوى حقيقة كلامه وكان مدبرا مقيدا؛ لأنه علق عتقه بما ليس بكائن لا محالة وهو موته بالنهار بحر عن المبسوط ‏(‏قوله وغلب موته قبلها‏)‏ بأن كان كبير السن ‏(‏قوله هو المختار‏)‏ كذا في الزيلعي، لكن ذكر قاضي خان، أنه على قول أصحابنا مدبر مقيد‏.‏ وهكذا في الينابيع وجوامع الفقه‏.‏ واعترض في الفتح على صاحب الهداية بأنه كالمناقض؛ لأنه اعتبره في النكاح توقيتا وأبطل به النكاح، وهنا جعله تأبيدا‏.‏ وأجاب في البحر بأنه اعتبر في النكاح توقيتا للنهي عن النكاح المؤقت فالاحتياط في منعه تقديما للمحرم؛ لأنه موقت صورة، وهنا نظر إلى التأبيد المعنوي؛ لأن الأصلي اعتبار المعنى بلا مانع فلذا كان المختار وإن جزم الولوالجي بأنه غير مدبر، مطلق تسوية بينه وبين النكاح‏.‏

مطلب في الوصية للعبد

‏(‏قوله وأفاد بالكاف‏)‏ أي في قوله كإذا مت عدم الحصر، لما في الفتح أن كل ما أفاد إثبات العتق عن دبر فهو صريح‏.‏ وهو ثلاثة أقسام‏.‏ الأول ما يكون بلفظ إضافة كدبرتك، ومنه حررتك أو أعتقتك أو أنت حر أو عتيق بعد موتي‏.‏ الثاني ما يكون بلفظ التعليق كإن مت إلخ، وكذا أنت حر مع موتي أو في موتي بناء على أن مع وفي تستعار لمعنى حرف الشرط‏.‏ الثالث ما يكون بلفظ الوصية كأوصيت لك برقبتك أو بنفسك أو بعتقك وكذا أوصيت لك بثلث مالي، فتدخل رقبته؛ لأنها من ماله فيعتق ثلث رقبته‏.‏ ا هـ‏.‏ ملخصا ‏(‏قوله وذكرناه في شرح الملتقى‏)‏ عبارته‏:‏ وعن الثاني أوصى لعبده بسهم من ماله يعتق بعد موته، ولو بجزء‏:‏ لا، إذ الجزء عبارة عن الشيء المبهم والتعيين فيه للورثة‏:‏ أي فلم تكن الرقبة داخلة تحت الوصية، بخلاف السهم فإنه السدس، فكان سدس رقبته داخلا في الوصية‏.‏ ا هـ‏.‏ ومثله في البحر عن المحيط‏.‏ ثم قال‏:‏ وما عن أبي يوسف هنا جزم به في الاختيار‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ ومقتضى قوله يعتق بعد موته أنه يعتق كله، وهو خلاف ما مر آنفا عن الفتح في أوصيت لك بثلث مالي أنه يعتق ثلث رقبته إذ لا فرق بين الوصية بالثلث أو بالسدس الذي هو معنى السهم، ولعل ما هنا مبني على قول الصاحبين بعدم تجزؤ التدبير كالإعتاق، فحيث دخل سدسه في الوصية عتق كله‏.‏ وما في الفتح مبني على قول الإمام فتأمل‏.‏ ثم رأيت في وصايا خزانة الأكمل‏:‏ أوصى لعبده بدراهم مسماة أو بشيء من الأشياء لم يجز‏.‏ ولو أوصى له ببعض رقبته عتق ذلك القدر ويسعى في الباقي عند أبي حنيفة‏.‏ ولو وهب له رقبته أو تصدق عليه بها عتق من ثلثه‏.‏ ولو أوصى له بثلث ماله صح وعتق ثلثه، فإن بقي من الثلث أكمل له، وإن كان في قيمته فضل على الثلث سعى للورثة‏.‏ ا هـ‏.‏ وقوله عند أبي حنيفة يشير إلى أنه عندهما يعتق كله بلا سعاية، وقوله فإن بقي من الثلث إلخ معناه - والله أعلم - أنه بحكم الوصية استحق ثلث جميع المال ومنه ثلث رقبته، فإن كانت رقبته جميع المال سعى للورثة في ثلثي رقبته؛ وإن كان المال أكثر فإن زاد له على ثلثي رقبته شيء أكمل له ليستوفي ثلث جميع المال، وإن كان ثلثا رقبته أقل من ثلث باقي المال سعى للورثة فيما زاد‏.‏

‏(‏قوله لما مر‏)‏ أي في تعريفه أنه تعليق لكن فيه معنى الوصية؛ لأنه معلق على الموت فكان تعليقا صورة ووصية معنى ‏(‏قوله ولا رجوع‏)‏ تكرار مع قول المتن ولا يقبل الرجوع‏.‏ ا هـ‏.‏ ح ‏(‏قوله ثم جن‏)‏ قيل شهرا، وقيل تسعة أشهر، وقيل سنة‏.‏ والفتوى على التفويض لرأي القاضي ط عن الحموي وجزم الشارح في الوصايا بتقديره بستة أشهر ‏(‏قوله بطلت‏)‏ الأولى فإنها تبطل‏.‏

قوله ويزاد مدبر السفيه‏)‏ في الخانية‏:‏ يصح تدبير المحجور عليه بالسفه بالثلث وبموته يسعى في كل قيمته وإن وصية المحجور عليه بالسفه بالثلث جائزة‏.‏ ا هـ‏.‏ فيطلب الفرق، ولعل الفرق هو أن التدبير إتلاف الآن، بخلاف الوصية فإنها بعد الموت وله الرجوع قبله، فلا إتلاف فيها نهر، والمراد بقوله يسعى بكل قيمته كل قيمته مدبرا كما في البحر ح‏.‏ قلت‏:‏ وحيث وجبت عليه السعاية في كل قيمته لم يأخذ حكم التدبير من كل وجه فكأن تدبيره لم يصح فافهم ‏(‏قوله ومدبر قتل سيده‏)‏ يعني إذا قتل المدبر سيده عتق وسعى في قيمته‏.‏ وإذا قتل الموصى له الموصي فلا شيء له؛ لأنه لا وصية لقاتل وسيأتي تفصيله ح‏.‏

‏(‏قوله فلا يباع المدبر المطلق‏)‏ استشكل بما إذا قال كل مملوك أملكه فهو حر بعد موتي وله مماليك واشترى مماليك ثم مات فإنهم يعتقون‏.‏ ولو باع الذين اشتراهم صح‏.‏ وأجيب بأن الوصية بالنسبة إلى المعدوم تعتبر يوم الموت وإلى الموجود عند الإيجاب، وتمام تقريره في الفتح‏.‏ قال ط‏:‏ والمراد أنه لا يباع من غيره، وأما بيعه من نفسه وهبته منه فإعتاق بمال أو بلا مال، فلا إشكال كما في شرح النقاية للبرجندي ‏(‏قوله قيل نعم‏)‏ قال في البحر‏:‏ وفي الظهيرية‏:‏ فإن باعه وقضى القاضي بجواز بيعه نفذ قضاؤه ويكون فسخا للتدبير، حتى لو عاد إليه يوما من الدهر بوجه من الوجوه ثم مات لا يعتق، وهذا مشكل؛ لأنه يبطل بقضاء القاضي ما هو مختلف فيه، وما هو مختلف فيه لزوم التدبير لا صحة التعليق، فينبغي أن يبطل وصف اللزوم لا غير‏.‏ ا هـ‏.‏ وقوله وهذا مشكل إلخ من كلام الظهيرية ‏(‏قوله نعم لو قضي ببطلان بيعه صار كالحر‏)‏ أي في سريان الفساد إلى القن إن ضم إليه في صفقة‏.‏ قال في البحر‏:‏ وسيأتي في البيوع أن بيع المدبر باطل لا يملك بالقبض، فلو باعه المولى فرفعه العبد إلى قاض حنفي وادعى عليه أو على المشتري فحكم الحنفي ببطلان البيع ولزوم التدبير فإنه يصير متفقا عليه فليس للشافعي أن يقضي بجواز بيعه بعده كما في فتاوى الشيخ قاسم، وهو موافق للقواعد فينبغي أن يكون كالحر؛ فلو جمع بينه وبين قن ينبغي أن يسري الفساد إلى القن كما سنبينه إن شاء الله في محله‏.‏ ا هـ‏.‏ ح ‏(‏قوله ولا يرهن‏)‏؛ لأن الرهن والارتهان من باب إيفاء الدين واستيفائه عندنا فكان من باب تمليك العين وتملكها بحر عن البدائع‏.‏

مطلب في‏:‏ شرط واقف الكتب الرهن بها

‏(‏قوله فشرط إلخ‏)‏ تفريع على العلة التي ذكرناها كما فعل في البحر، وأشار إليه الشارح‏.‏ ووجه التفريع أن العلة كما أفادت أن الرهن لا بد أن يمكن الاستيفاء منه، فقد أفادت أيضا أن المرهون به لا بد أن يكون دينا مضمونا يطالب بإيفائه، فبالنظر إلى الأول لا يصح رهن المدبر بمال آخر، وبالنظر إلى الثاني لا يصح رهن مال بكتب الوقف، فالجامع بينهما عدم صحة الرهن في كل للعلة المذكورة، فلا تضر المغايرة في كون المدبر مرهونا والكتب مرهونا بها‏؟‏ فافهم ‏(‏قوله فلا يتأتى إلخ‏)‏ قيل مقتضى كونها أمانة أنها تضمن بالتعدي، فما المانع من صحة الرهن لهذه الحيثية‏؟‏ وعليه يحمل شرط الواقفين تصحيحا لأغراضهم‏.‏ قلت‏:‏ قد صرحوا بأن الرهن لا يصح إلا بدين مضمون وأنه لا يصح بالأمانات والودائع وسيأتي في بابه متنا والأمانات تضمن بالتعدي مطلقا برهن أو غيره، ولا يمكن الاستيفاء من الرهن الباطل ولا حبسه على ذلك فلا فائدة له فافهم‏.‏ ثم اعلم أن هذا كله إن أريد بالرهن مدلوله الشرعي، أما إن أريد مدلوله اللغوي وأن يكون تذكرة فيصح الشرط؛ لأنه غرض صحيح كما قاله السبكي‏.‏ قال‏:‏ وإذا لم يعلم مراد الواقف فالأقرب حمله على اللغوي تصحيحا لكلامه، ويكون المقصود تجويز الواقف الانتفاع لمن يخرجه من خزانته مشروطا بأن يضع في الخزانة ما يتذكر هو به إعادة الموقوف ويتذكر الخازن به مطالبته من غير أن تثبت له أحكام الوقف‏.‏ قال في الأشباه في القول في الدين بعد أن نقل عبارة السبكي بطولها‏:‏ وأما وجوب اتباع شرطه وحمله على المعنى اللغوي فغير بعيد ‏(‏قوله ولا يخرج من الملك‏)‏ عطف عام على خاص‏.‏ وفي الذخيرة وغيرها‏:‏ كل تصرف لا يقع في الحر، نحو البيع والإمهار يمنع في المدبر؛ لأنه باق على حكم ملك المولى إلا أنه انعقد له سبب الحرية، فكل تصرف يبطل هذا السبب يمنع المولى منه‏.‏ ا هـ‏.‏ فلذا لا تجوز الوصية به ولا رهنه بحر ‏(‏قوله إلا بالإعتاق‏)‏ أي بلا بدل أو به نهر ‏(‏قوله وسيتضح في بابه‏)‏ إيضاحه أن المدبر الذي كوتب إما أن يسعى في ثلثي قيمته إن شاء، أو يسعى في كل البدل بموت سيده فقيرا لم يترك غيره‏.‏ وأما إذا ترك مالا غيره وهو يخرج من الثلث عتق مجانا ط وهو حاصل ما في البحر عن الفتح ‏(‏قوله أو إن بقيت إلخ‏)‏ حيلة ثانية اختصرها مما في البحر عن الولوالجية قال‏:‏ هذه أمتي إن احتجت إلى بيعها أبيعها، وإن بقيت بعد موتي فهي حرة فباعها جاز، كذا في فتاوى الصدر الشهيد‏.‏ ا هـ‏.‏ فافهم‏.‏ قال‏:‏ في البحر‏:‏ ولم يصرح بأنها مدبرة تدبيرا مطلقا أو مقيدا‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ كيف يصح كون تدبيرها مطلقا مع تصريحه بجواز بيعها فلذا جزم الشارح بكونه مقيدا‏.‏

‏(‏قوله ويستخدم المدبر إلخ‏)‏ هو وما بعده بالبناء للمجهول؛ وكان المناسب أن يقول ويؤجر بدل ويستأجر كما عبر في الكنز وغيره، وقوله جبرا قيد للجميع‏:‏ أي للمولى أن يجبره على الخدمة، وعلى أن يؤجره، وعلى أن ينكحه‏:‏ أي يزوجه بالولاية عليه، وعلى أن يطأ المدبرة، وعلى أن ينكحها‏:‏ أي يزوجها لغيره‏.‏ قال في البحر‏:‏ وإنما جازت هذه التصرفات؛ لأن الملك ثابت فيه، وبه تستفاد ولاية هذه التصرفات ‏(‏قوله وأرشه‏)‏ أي أرش الجناية عليه‏.‏ وأما أرش الجناية منه فعلى المولى، ويطالب بالأقل من القيمة ومن أرش الجناية، ولا يضمن أكثر من قيمة واحدة وإن كثرت الجنايات، أفاده في البحر‏.‏ وفي بعض النسخ وارثه وهو تحريف؛ لأنه ما دام سيده حيا لا يملك شيئا ط ‏(‏قوله لبقاء ملكه في الجملة‏)‏ تبع فيه الدرر‏.‏ واعترضه في الشرنبلالية بأن الملك في المدبر كامل لعتقه بقوله كل مملوك لي حر‏.‏ ا هـ‏.‏ وقد يجاب بأن معنى كمال ملكه أنه مملوك رقبة ويدا بخلاف المكاتب، وهذا لا ينافي نقصه من جهة أخرى وهي أنه لا يملك التصرف فيه بما يخرجه عن ملكه بغير العتق والكتابة؛ لأنه انعقد له سبب الحرية كما مر بخلاف القن فإن ملكه كامل من كل وجه ‏(‏قوله وبموته‏)‏ أي المولى ‏(‏قوله كلحاقه‏)‏ بفتح اللام‏.‏ أي مع الحكم به كما في الدر المنتقى، وكذا المستأمن إذا اشترى عبدا في دار الإسلام فدبره ولحق بدار الحرب فاسترق عتق مدبره كما في البدائع نهر ‏(‏قوله عتق في آخر جزء إلخ‏)‏ نقله في البحر عن المحيط‏.‏ ثم قال وهو التحقيق، وعليه يحمل كلامهم‏.‏ ا هـ‏.‏ ومفاده أن فيه قولين، وفيه نظر فإنه إذا قال إن مت فأنت حر أو أنت حر بعد موتي لا تقع الحرية إلا بعد الموت ط ‏(‏قوله يوم موته‏)‏ صفة لماله‏:‏ أي من ثلث ماله الكائن يوم موته لا يوم التدبير ‏(‏قوله في صحته‏)‏ فلو في مرضه فكل من النصفين يخرج من الثلث ط ‏(‏قوله أنت حر أو مدبر‏)‏ أي ردد بينهما ‏(‏قوله ومات مجهلا‏)‏ اسم فاعل من المضعف‏:‏ أي لم يبين مراده، فلو بين فعلى ما بين ح ‏(‏قوله فيعتق إلخ‏)‏ أي مراعاة اللفظين، فلو لم يترك غيره وكانت قيمته ستمائة مثلا عتق نصفه بثلثمائة وعتق من نصفه الآخر مائتان وسعى بمائة ‏(‏قوله إن لم يخرج من الثلث‏)‏ كما لو كانت قيمته ثلثمائة وكان الثلث مائتين فإنه يسعى في مائة‏.‏ ‏(‏قوله وفي ثلثيه‏)‏ عطف على قوله بحسابه ‏(‏قوله‏:‏ لأن عتقه من الثلث‏)‏ لما مر أنه تعليق العتق بالموت، فحيث لم يترك سيده غيره يعتق من الثلث ويسعى في ثلثيه، أما إذا خرج من الثلث فلا سعاية عليه إلا إذا كان السيد سفيها وقت التدبير أو قتل سيده فإنه يسعى في قيمته كما في الدر المنتقى عن الأشباه وقد مر ويأتي ‏(‏قوله سعى في قيمته‏)‏؛ لأنه لا وصية لقاتل إلا أن فسخ العقد بعد وقوعه لا يصح فوجب عليه قيمة نفسه‏.‏ ثم إذا كان القتل خطأ فالجناية هدر، وكذا فيما دون النفس ولو عمدا فللورثة تعجيل القصاص أو تأخيره إلى ما بعد السعاية جوهرة ملخصا‏.‏ ‏(‏قوله كمدبر السفيه‏)‏ فإنه يسعى في كل قيمته مدبرا، وليس عليه نقصان التدبير كالصالح إذا دبره ومات عليه ديون بحر ‏(‏قوله لا شيء عليها‏)‏ أي أنها تعتق؛ لأن القتل موت، ويقتص منها لو القتل عمدا وإلا فلا سعاية ولا غيرها؛ لأن عتقها ليس بوصية، بخلاف المدبرة فإن قتلها له رد للوصية جوهرة ملخصا ‏(‏قوله أي كل قيمته مدبرا‏)‏ وهي ثلثا قيمته لنا كما مر في عتق البعض ويأتي ‏(‏قوله وهو حينئذ كمكاتب إلخ‏)‏ كذا ذكره في البحر‏.‏ وفرع عليه أنه لا تقبل شهادته، ولا يزوج نفسه عنده مستدلا بما في المجمع لو ترك مدبرا فقتل خطأ وهو يسعى للوارث فعليه قيمته لوليه‏.‏ وقالا‏:‏ ديته على عاقلته‏.‏ ا هـ‏.‏ قال‏:‏ وكذا المنجز عتقه في مرض الموت إذا لم يخرج من الثلث فإنه في زمن السعاية كالمكاتب عنده‏.‏ وللعلامة الشرنبلالي رسالة سماها ‏[‏إيقاظ ذوي الدراية لوصف من كلف السعاية‏]‏ حرر فيها أنه إذا لم يخرج من الثلث يسعى، وهو حر وأحكامه أحكام الأحرار اتفاقا، وكذا المعتق في مرض الموت والمعتق على مال أو خدمة وأطال وأطاب، ولخصنا كلامه فيما علقنا على البحر‏.‏ وقال السيد الحموي في حاشية الأشباه‏:‏ وهو تحقيق بالقبول حقيق يعض عليه بالنواجذ ‏(‏قوله بمحيط‏)‏ أي بدين محيط بجميع ماله الذي من جملته المدبر أو برقبة المدبر إن لم يكن مال سواه‏.‏ ا هـ‏.‏ ح‏.‏ أما لو كان الدين أقل من قيمته فإنه يسعى في قدر الدين‏.‏ والزيادة على الدين ثلثها وصية، ويسعى في ثلثي الزيادة بحر عن شرح الطحاوي ‏(‏قوله خيارات العتق‏)‏ وهي سبعة إذا كان الشريك موسرا، وستة إذا كان معسرا بإسقاط التضمين ط ومرت في باب عتق البعض ‏(‏قوله فإن ضمن شريكه‏)‏ أي ضمن الساكت الشريك المدبر فللضامن أن يرجع بما ضمن على العبد‏.‏ وإن لم يرجع حتى مات عتق نصيبه من ثلث ماله وسعى العبد في النصف الآخر كاملا للورثة، وهذه الخيارات عند الإمام‏.‏ وعندهما صار العبد كله مدبرا بتدبير أحدهما، وهو ضامن لنصيب شريكه موسرا كان أو معسرا ح عن الهندية ملخصا‏.‏

‏(‏قوله وولد المدبرة‏)‏ أي المولود بعد التدبير لا قبله؛ لأن حق الحرية لم يكن ثابتا في الأم وقت الولادة حتى يسري إلى الولد‏.‏ ولو اختلفا فادعت ولادته بعد التدبير فالقول للمولى أنها قبله مع يمينه على العلم والبينة لها، وتمامه في البدائع والفتح ‏(‏قوله مدبر‏)‏ فيعتق بموت سيد أمه ‏(‏قوله وذكر المصنف إلخ‏)‏ عبارته وولد المدبر كهو‏.‏ ا هـ‏.‏ ووقع نحوه في بعض نسخ الهداية بلفظ‏:‏ وولد المدبر مدبر‏.‏ ورده في البحر بأن التبعية إنما هي للأم لا للأب‏.‏ وأجاب ح بأن لفظ المدبر يتناول الذكر والأنثى كما مر في لفظ المملوك، ويكون المراد به في عبارتهما الأنثى بقرينة ما قدمناه من أن الولد يتبع الأم في التدبير لا الأب‏.‏ ا هـ‏.‏ لكن هذا الجواب لا يصح في عبارة الشارح حيث عبر بقوله كأبيه، فلو ذكر عبارة المصنف من غير تصرف فيها لكان أولى ط ‏(‏قوله فتأمل‏.‏‏)‏ أمر بالتأمل لمخالفته لما مر من عدم تبعيته للأب‏.‏ وفي بعض النسخ‏:‏ قال وهو تحريف ظاهر؛ لأن ما بعده لم يذكره المصنف في البيع الفاسد ولو كان ذكره لا يناسب تفريعه على ما قبله كما قاله المحشي ‏(‏قوله وأما تدبير الحمل فكعتقه‏)‏ أي أنه يصح تدبيره وحده، لكن قال في الكافي‏:‏ ولم يكن له أن يبيع الأم ولا يهبها ولا يمهرها، فإن ولدت لأقل من ستة أشهر كان الولد مدبرا، وإن لأكثر كان رقيقا‏.‏ ا هـ‏.‏ وتقدم في كتاب العتق أنه لو أعتق الحمل لم يجز بيع الأم وجاز هبتها، ولو دبره لم تجز هبتها في الأصح وتقدم وجه الفرق، وهذا قبل الولادة فيجوز بعدها البيع والهبة‏.‏

‏(‏قوله وبطل التدبير‏)‏ معنى البطلان كما قاله صاحب الذخيرة أنه لا يظهر حكمه بعد الاستيلاد فكأنه بطل، وليس المراد بطلانه الكلية‏.‏ فإن قلت‏:‏ ما فائدة التدبير حينئذ‏؟‏ قلت‏:‏ دخولها في قوله كل مدبر لي حر فتعتق حالا ولا يتوقف عتقها إلى ما بعد الموت ط ‏(‏قوله وبيع إلخ‏)‏ قال في البحر‏:‏ بيان للمدبر المقيد وأحكامه‏.‏ وحاصله أن يعلق عتقه بموته على صفة لا بمطلقه أو بزيادة شيء بعد موته كإن مت وغسلت أو كفنت ودفنت فأنت حر فيعتق إذا مات استحسانا، وإنما بيع المدبر المقيد؛ لأن سبب الحرية لم ينعقد في الحال للتردد في هذا القيد لجواز أن لا يموت منه فصار كسائر التعليقات، بخلاف المدبر المطلق؛ لأنه تعلق عتقه بمطلق موته وهو كائن لا محالة‏.‏ ا هـ‏.‏ وأشار الشارح بقوله ووهب إلى أن المراد بالبيع الإخراج عن الملك لا خصوصه ط ‏(‏قوله مما يقع غالبا‏)‏ أي مما تقع حياته بعدها غالبا احترز به عن نحو إلى مائة سنة فإنه يكون مدبرا مطلقا وقد مر الكلام عليه، ومعنى قوله إلى عشرين سنة‏:‏ أي إن وقع موتي في هذه المدة التي ابتداؤها هذا الوقت وتنتهي إلى عشرين ط وكذا إلى سنة، فلو مات قبلها عتق وبعدها لا، ولو في رأسها فمقتضى الوجه لا يعتق؛ لأن الغاية هنا للإسقاط، إذ لولاها تناول الكلام ما بعدها فتح ملخصا‏.‏ وأجاب في البحر بأن هذا غير مطرد لانتقاضه في لا أكلمه إلى غد فإن الغاية لا تدخل في ظاهر الرواية فله أن يكلمه في الغد مع أنها للإسقاط‏.‏ ونازعه المقدسي بأن السنة ليست في الحقيقة غاية، فلا بد أن يقدر إلى مضي سنة، بخلاف الغد فإنه اسم لزمان مستقبل له اسم خاص دخل عليه إلى التي للغاية تأمل‏.‏ ‏(‏قوله وكفنت‏)‏ في نسخ بأو وهي الموافقة لما في البحر ط ‏(‏قوله أو إن مت أو قتلت‏)‏ أي بترداده بين الجملتين، فليس بمدبر مطلق عند أبي يوسف؛ لأن الموت ليس بقتل، وتعليقه بأحد الأمرين يمنع كونه عزيمة في أحدهما خاصة بحر‏.‏

مطلب الكمال ابن الهمام من أهل الترجيح

‏(‏قوله ورجحه الكمال‏)‏ أي رجح قول زفر أنه مدبر مطلق بأنه أحسن؛ لأنه في المعنى تعليق بمطلق موته كيفما كان قتلا أو غير قتل، وقدمنا غير مرة أن الكمال من أهل الترجيح كما أفاده في قضاء البحر، بل صرح بعض معاصريه بأنه من أهل الاجتهاد ولا سيما وقد أقره على ذلك في البحر والنهر والمنح، ورمز المقدسي والشارح وهم أعيان المتأخرين فافهم ‏(‏قوله بعد موتي وموت فلان‏)‏ أو موت فلان وموتي كافي الحاكم ‏(‏قوله فيصير مطلقا‏)‏ جواب للمفهوم، والتقدير فإن مات فلان قبله صار الآن مدبرا مطلقا‏.‏ قال في الكافي‏:‏ ألا ترى أنه لو قال أنت حر بعد كلامك فلانا وبعد موتي فكلم فلانا كان مدبرا، وكذلك قوله‏:‏ إن كلمت فلانا فأنت حر بعد موتي فكلمه صار مدبرا‏.‏ ا هـ‏.‏ قال ح عن الهندية‏:‏ فلو مات المولى قبل موت فلان لا يصير مدبرا وكان للورثة أن يبيعوه ‏(‏قوله من أنه‏)‏ أي ما ذكره من مسألة المتن، وكذا قوله بعد موتي وموت فلان كما في البحر ‏(‏قوله حتى لو مات إلخ‏)‏ تفريع على كونه تعليقا، متضمن لبيان الفرق بينه وبين التدبير المقيد بعد اشتراكهما في جواز البيع والعتق بالموت‏.‏ والفرق هو أنه إن مات فلان فقط في مسألة المتن عتق من كل المال، وإن مات المولى أولا في المسألتين بطل التعليق كما لو قال إن دخلت الدار فأنت حر فمات المولى قبل الدخول والمدبر المقيد مثل المطلق لا يعتق إلا بموت المولى ومن ثلث ماله لا كله ‏(‏قوله بأن مات من سفره أو مرضه ذلك‏)‏ أي أو في المدة المعينة، فلو أقام أو صح أو مضت المدة ثم مات لم يعتق لبطلان اليمين قبل الموت بحر ‏(‏قوله من الثلث‏)‏ متعلق بقوله ويعتق، وذكره بيانا لوجه الشبه‏.‏ وأفاد أنه يسعى فيما زاد وإن استغرق ففي كله كما في الدر المنتقى ‏(‏قوله ففرق بين من وفي‏)‏ ووجه أن ‏"‏ من ‏"‏ تفيد أن الموت مبتدأ وناشئ من ذلك المرض، بأن يكون ذلك المرض سبب الموت، والقتل سبب آخر‏.‏ وأما ‏"‏ في ‏"‏ فإنها تفيد أن الموت واقع في ذلك المرض سواء كان بسببه أو بسبب آخر ‏(‏قوله فتحول‏)‏ أعاد الضمير مذكرا مع أن الحمى مؤنثة على تأويلها بالمرض ‏(‏قوله هو مرض واحد‏)‏ لعل وجهه أن أحد هذين المرضين ينشأ عن الآخر غالبا فعدا مرضا واحدا وإلا فالمذكور في كتب الطب أنهما مرضان، ولعل تخصيص محمد بالذكر لكونه المخرج للفرع وإلا فلم أر له مقابلا أفاده ط‏.‏

‏(‏قوله به يفتى‏)‏ وقيل هي قيمته قنا، وقيل قيمة خدمته مدة عمره، وقيل نصف قيمته قنا كالمكاتب، وهو الأصح وعليه الفتوى باقاني‏.‏ وفي البحر أنه مختار الصدر الشهيد والولوالجي‏.‏ قال في الدر المنتقى في باب عتق البعض قلت‏:‏ ولكن المتون على الأول‏.‏ ووجهه كما صرح به في الهداية أن المنافع أنواع ثلاثه‏:‏ البيع وأشباهه، الاستخدام وأمثاله، والإعتاق وتوابعه، وبالتدبير فات البيع ‏(‏قوله يقوم قنا‏)‏ فإذا لم يخرج من الثلث ولزمه السعاية في ثلثي قيمته أو في كلها يقوم قنا لا مدبرا ‏(‏قوله قبل موتي بشهر‏)‏ أما لو قال بعد موتي بشهر فهو وصية بالإعتاق فلا يعتق إلا بإعتاق الوارث أو الوصي كما في البحر عن المجتبى ‏(‏قوله عتق من كل ماله‏)‏ في الخانية‏:‏ ولو مات بعد شهر، قيل يعتق من الثلث، وقيل من الكل؛ لأن على قول الإمام يستند العتق إلى أول الشهر وهو كان صحيحا، فيعتق من الكل وهو الصحيح‏.‏ وعلى قولهما يصير مدبرا بعد مضي الشهر قبل موته‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي الظهيرية فإن مضى شهر كان مطلقا عند البعض‏.‏ وقال بعضهم‏:‏ هو باق على التقييد‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ القول بعتقه من الثلث يصح بناؤه على كل من القولين الأخيرين، وأما ما صححه في الخانية من عتقه من الكل فهو على أنه غير مدبر أصلا، لما علمت من أن المدبر المطلق والمقيد إنما يعتق من الثلث، وقيد بأنه مات بعد شهر؛ لما في المجتبى من أنه لو مات المولى قبل مضي الشهر لا يعتق بالإجماع‏.‏ ‏(‏قوله ولمولاه بيعه‏)‏ قال في الشرنبلالية وتقيد صحة بيعه بأن يعيش المولى بعد البيع أكثر من شهر لينتفي المحل للعتق حال المدة التي يليها موت المولى تأمل‏.‏ ا هـ‏.‏ أي؛ لأنه لو مات بعد البيع بأقل من شهر ظهر أنه وقت البيع كان حرا لإسناد العتق إلى أول الشهر الذي يليه الموت فافهم‏.‏ لكن هذا التقيد غير صحيح، لما قالوا من أن الاستناد هو أن يثبت الحكم في الحال ثم يستند إلى وقت وجود السبب؛ حتى لو قال‏:‏ أنت حرة قبل موت فلان بشهر ثم باعها ثم مات فلان لتمام الشهر لم تعتق لعدم المحلية أي لعدم كونها محلا في الحال، وانظر ما مر في الطلاق في الأحكام الأربعة في باب الطلاق الصريح ‏(‏قوله في الأصح‏)‏ راجع إلى قوله عتق من كل ماله، وقوله ولمولاه بيعه‏.‏

‏(‏قوله؛ لأن الأول أمر إلخ‏)‏ أي والأمر هو طلب الفعل من المأمور، وهو أمر متحقق مع التلفظ به فلا يصح استثناؤه، بخلاف أنت حر فإنه في الأصل إخبار محتمل للصدق والكذب ثم استعمل لإنشاء الحرية فيصح استثناؤه نظرا لأصله كما مر في بابه‏.‏ وفرق في الذخيرة هنا بأن الإيجاب يقع ملزما بحيث لا يقدر على إبطاله بعده فيحتاج إلى الاستثناء فيه حتى لا يلزمه حكمه والأمر لا يقع لازما فإنه يقدر على إبطاله بعزل المأمور به فلا يحتاج للاستثناء‏.‏ ا هـ‏.‏ وسيأتي تمامه قبيل باب اليمين في الدخول والخروج والله تعالى أعلم‏.‏