فصل: باب اليمين في الأكل والشرب واللبس والكلام

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***


باب اليمين في الأكل والشرب واللبس والكلام

لم يذكر مسائل اللبس هنا بل ذكرها في باب اليمين بالبيع والشراء فكان المناسب إسقاط اللبس من هذه الترجمة وذكره هناك ‏(‏قوله ثم الأكل‏)‏ ترتيب إخباري ط ‏(‏قوله إلى الجوف‏)‏‏.‏ متعلق بإيصال، فلو حلف لا يأكل كذا أو لا يشرب فأدخله في فيه ومضغه ثم ألقاه لا يحنث حتى يدخله في جوفه لأنه بدون ذلك لا يكون أكلا بل يكون ذوقا ط عن البحر ‏(‏قوله كماء وعسل‏)‏ أي غير جامد وإلا فهو مأكول تأمل‏.‏ ثم إن المائع الذي لا يحتمل المضغ إنما يسمى مشروبا إذا تناوله وحده وإلا فهو مأكول وكذا عكسه‏.‏ ففي البحر عن البدائع لو حلف لا يأكل هذا اللبن فأكله بخبز أو تمر أو لا يأكل هذا العسل أو الخل فأكله بخبز يحنث لأنه هكذا يكون ولو أكله بانفراده لا يحنث لأنه شرب لا أكل وكذلك إن حلف لا يأكل هذا الخبز فجففه ثم دقه وصب عليه الماء فشربه لا يحنث لأنه شرب لا أكل ا هـ‏.‏ وفي الفتح حلف لا يأكل لبنا فشربه لا يحنث ولو ثرد فيه فأوصله إلى جوفه حنث ا هـ‏.‏ وقوله ثرد فيه بالثاء المثلثة أي فت الخبز فيه‏.‏ وفي الخانية حلف لا يأكل اللبن فطبخ به أرزا فأكله قال أبو بكر البلخي لا يحنث وإن لم يجعل فيه ماء وإن كان يرى عينه، وكذا لو جعله جبنا إلا أن ينوي أكل ما يتخذ منه‏.‏ حلف لا يأكل السمن فأكل سويقا ملتوتا بالسمن ذكر في الأصل إن كان السمن مستبينا يجد طعمه حنث لأنه ليس بمستهلك، وذكر الحاكم في المختصر إن كان بحيث لو عصر سال منه السمن حنث وإلا لا وإن وجد طعمه قال أي قاضي خان‏:‏ وينبغي أن يكون الجواب في مسألة الأرز على هذا التفصيل ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ والحاصل أنه إذا حلف لا يأكل مائعا كلبن وسمن وخل فإن شربه لا يحنث وإن تناوله مع غيره ولم يستهلك كأكله بخبز أو تمر حنث، وإن استهلك بأن لا يجد طعمه أو بأن لا ينعصر على الخلاف في تفسيره لم يحنث قال السائحاني وقول الحاكم أرفق ولذا مشت عليه الشروح ا هـ‏.‏ وأما لو خلط مأكولا بمأكول آخر فيأتي ببيانه في الفروع الآتية في أثناء الباب ‏(‏قوله ففي حلفه إلخ‏)‏ تفريع على تعريف الأكل ط ‏(‏قوله حنث ببلعها‏)‏ أي مع قشرها أو بدونه إذا كانت مسلوقة ‏(‏قوله وفي لا يأكل عنبا إلخ‏)‏ قال في الفتح‏:‏ ولو حلف لا يأكل عنبا أو رمانا فجعل يمتصه ويرمي تفله ويبتلع المتحصل بالمص لا يحنث لأن هذا ليس أكلا ولا شربا بل مص ا هـ‏.‏ ومثله في البحر عن البدائع‏.‏ قلت‏:‏ لكن يصدق عليه تعريف الشرب المذكور وهو إيصال ما لا يحتمل المضغ من المائعات إلى الجوف إلا أن يكون المراد المائع وقت إدخاله الفم، وعليه فالمراد بالمص استخراج مائية الجامد بالفم وإيصالها إلى الجوف‏.‏ ومقتضاه أنه لو حلف لا يمص شيئا لا يحنث بشرب المائع مع أن السنة في شرب الماء المص، فعلم أن المص أعم من الشرب من وجه، فيجتمعان فيما إذا أخذ الماء بفيه مع ضيق الشفتين، وينفرد الشرب بالعب والمص باستجلاب مائية الجامد بالفم، حتى لو عصر الفاكهة وشرب ماءها عبا يحنث في حلفه لا يشرب لا في حلفه لا يمص، ولو شربه مصا حنث فيهما هذا ما ظهر لي ‏(‏قوله لأن المص نوع ثالث‏)‏ أي في بعض الأوجه في الصورة المذكورة وإلا فقد يكون شربا كما علمته ‏(‏قوله وأكل قشره‏)‏ أي ولم يشرب ماءه لأن ذهاب الماء لا يخرجه من أن يكون أكلا له ألا ترى أنه إذا مضغه وابتلع الماء أنه لا يكون آكلا له بابتلاع الماء فدل أن أكل العنب هو أكل القشر والحصرم منه وقد وجد فيحنث بحر عن البدائع وفيه نظر كما في الذخيرة‏.‏ وحاصله أنه ذكر في العيون أنه إذا ابتلع ماءه فقط لم يحنث ولو ابتلع الحب أيضا دون القشر يحنث وعلله الصدر الشهيد بأن العنب اسم لهذه الثلاثة ففي الأول أكل الأقل وفي الثاني الأكثر وله حكم الكل ‏(‏قوله لا يحنث بمصه‏)‏ لأنه ليس بأكل فقد وصل إلى جوفه ما لا يتأتى فيه المضغ ذخيرة ‏(‏قوله وفي عرفنا يحنث‏)‏ من تتمة كلام القلانسي وهو محط الاستدراك‏.‏ ا هـ‏.‏ ح أي لأنه يؤكل بالمضغ وبالمص عادة، وكذا العنب والرمان ‏(‏قوله وأما الذوق فعمل الفم إلخ‏)‏ هذا هو الحق على ما في الفتح خلافا لما في النظم من أنه عمل الشفاه دون الحلق فإنه يدل على أن عدم الوصول إلى الجوف مأخوذ في مفهوم الذوق‏.‏ قلت‏:‏ لكنه موافق لما في الفتح من رواية هشام‏:‏ حلف لا يذوق فيمينه على الذوق حقيقة، وهو أن لا يوصل إلى جوفه إلا أن يتقدمه كلام يدل عليه نحو أن يقال تغد معي فحلف لا يذوق معه طعاما فهذا على الأكل والشرب‏.‏ ا هـ‏.‏

مطلب في الفرق بين الأكل والشرب والذوق

‏(‏قوله فكل أكل وشرب ذوق ولا عكس‏)‏ أي وليس كل ذوق أكلا أو شربا بناء على أن الذوق أعم مطلقا لأنه لا يشترط فيه الوصول إلى الجوف بل يصدق بدونه بخلافهما، فإذا أكل أو شرب يحنث في حلفه لا يذوق وإذا حلف لا يأكل أو لا يشرب فذاق بلا إيصال إلى الجوف لم يحنث، لكن فيه أنه قد يتحقق الأكل بلا ذوق كما لو ابتلع ما يتوقف معرفة طعمه على المضغ كبيضة أو لوزة وعليه فبين الأكل والذوق عموم وجهي وعن هذا قال في الفتح‏:‏ إن قول المحيط لو حلف لا يذوق فأكل أو شرب يحنث يغلب على الظن أن المراد به الأكل المقترن بالمضغ أو بلع ما يدرك طعمه بلا مضغ لأنا نقطع بأن من ابتلع قلب لوزة لا يقال فيه ذاقها ولا يحنث ببلعها‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وعلى ما مر عن النظم فبينهما التباين كما بين الأكل والشرب فلا يحنث الحالف على واحد من الثلاثة بفعل الآخر ‏(‏قوله لا يحنث‏)‏ أي في حلفه لا يذوق الماء كما في الجوهرة لأنه لا يقصد به ذوق الماء بل إقامة القربة ولذاكره الذوق للصائم دون المضمضة ‏(‏قوله لم يصدق إلا لدليل‏)‏ أي كقول القائل له تغد معي كما مر وكذا العرف الآن لو قال ابتداء لا أذوق في بيت زيد طعاما فإنه يراد به الأكل‏.‏

مطلب حلف لا يأكل من هذه النخلة

مطلب إذا تعذرت الحقيقة أو وجد عرفا بخلافها تركت

‏(‏قوله حلف لا يأكل من هذه النخلة إلخ‏)‏ الأصل في جنس هذه المسائل أن العمل بالحقيقة عند الإمكان، فإن تعذر أو وجد عرف بخلاف الحقيقة تركت، فإذا عقد يمينه على ما هو مأكول بعينه انصرفت إلى العين لإمكان العمل بالحقيقة، وإذا عقدها على ما ليس مأكولا بعينه أو هو مأكول إلا أنه لا تؤكل عينه عادة انصرفت إلى ما يتخذ منه مجازا لأن العمل بالحقيقة غير ممكن، فإذا حلف لا يأكل من هذه الشاة شيئا فأكل من لبنها أو سمنها لا يحنث لأن عين الشاة مأكولة فينصرف إلى عينها لا ما يتولد منها وكذا العنب، فلا يحنث بزبيبه وعصيره، وفي النخلة يحنث بتمرها وطلعها لأن عينها غير مأكولة، وفي الدقيق يحنث بخبزه لأن الدقيق وإن كان يؤكل إلا أنه لا يؤكل كذلك عادة وتمامه في الذخيرة ‏(‏قوله أو الكرمة‏)‏ شجرة العنب ولم أرها بالتاء فلتراجع ‏(‏قوله بالمثلثة‏)‏ لأن المراد ما يتولد منها سواء كان تمرا بالمثناة أو غيره كالجمار، وهو شيء أبيض لين في رأس النخلة ولأن النخلة مثال والمراد ما يعمها وغيرها مما لا تؤكل عينه ‏(‏قوله فيحنث بالعصير‏)‏ استشكل بأن اليمين على الأكل، والعصير مما لا يؤكل‏.‏ وأجيب بأن الأكل هنا مجاز عن التناول، فالمراد لا أتناول منها شيئا ط‏.‏ قلت‏:‏ مقتضى الجواب أنه يحنث بشرب العصير ويحتاج إلى نقل فإن كلامهم يصح بدون هذا التأويل‏.‏ فقد ذكرنا عن البحر لو حلف لا يأكل هذا اللبن أو العسل أو الخل فأكله بخبز يحنث لأن أكله هكذا يكون، وكذا لو ثرد في اللبن‏.‏ وفي البزازية لا يأكل طعاما ينصرف إلى كل مأكول مطعوم حتى لو أكل الخل يحنث ا هـ‏.‏ فقد صح أكل ما يشرب فكذا يقال هنا فتأمل‏.‏ ‏(‏قوله لا بالدبس المطبوخ‏)‏ وكذا النبيذ والناطف والخل لأنه مضاف إلى فعل حادث، فلم يبق مضافا إلى الشجرة بحر، ولذا عطف عليه في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ليأكلوا من ثمره وما عملته أيديهم‏}‏ فتح‏.‏ واحترز بالمطبوخ عما يسيل من الرطب فإنه يحنث بأكله كما في الذخيرة

مطلب فيما لو وصل غصن شجرة بأخرى

‏(‏قوله ولا بوصل إلخ‏)‏ يعني إذا قطع غصنا من الشجرة المحلوف عليها ووصله بشجرة أخرى وأكل من الثمر الخارج منه لا يحنث‏.‏ ا هـ‏.‏ ح‏.‏ وقال بعضهم‏:‏ يحنث فتح وبحر ولعل وجه الأول أن الغصن صار جزءا من الثانية ولا يسمى في العرف أكلا من الأولى، ومقتضى الإطلاق أنه لا فرق بين كون الشجرتين من نوع واحد أو من نوعين، ونقل في الذخيرة المسألة مطلقة كما مر ثم صورها بما إذا حلف لا يأكل من شجرة التفاح، فوصل بها غصن شجرة الكمثرى قال‏:‏ فإن سماها باسمها مع الإشارة بأن قال لا آكل من هذه الشجرة التفاح لم يحنث، وإن لم يسمها بل قال من هذه الشجرة حنث، ثم نقل عن بعضهم أن الرواية هكذا‏.‏ قلت‏:‏ ويمكن التوفيق بين القولين بحمل الحنث على ما إذا اختلف النوع، وسمى الشجرة باسمها ثم أكل مما سمى والقول بعدم الحنث على ما إذا اتحد النوع أو اختلف ولم يسم، والله تعالى أعلم‏.‏

‏(‏قوله فيحنث إذا اشترى به مأكولا وأكله‏)‏ لفظة وأكله زادها في البحر على ما في الفتح‏.‏ قال في الشرنبلالية‏:‏ وقد يقال يراد بالأكل الإنفاق في أي شيء فيحنث به إذا نوى فلينظر‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ إذا نوى ذلك لا كلام، أما إذا لم ينو فالظاهر تقييده بالأكل حقيقة، حتى لو اشترى به مشروبا وشربه لا يحنث إلا إذا أكله مع غيره عملا بحقيقة الكلام ما لم يوجد نقل بخلافه فافهم ‏(‏قوله ولو أكل من عين النخلة لا يحنث‏)‏ هو الصحيح كما في النهر وغيره ‏(‏قوله مهجورة‏)‏ صوابه متعذرة كما عبر به في إيضاح الإصلاح‏.‏ وقال في حاشيته‏:‏ ومن قال مهجورة لا يفرق بين المتعذر والمهجور‏.‏ قال صاحب الكشف‏:‏ المتعذر ما لا يوصل إليه إلا بمشقة كأكل النخلة والمهجور ما يتيسر إليه الوصول لكن الناس تركوه كوضع القدم‏.‏ ا هـ‏.‏ ح‏.‏ وقد يقال أراد بالمهجورة الغير المستعملة تجوزا كما تجوز صاحب الكشف بإطلاق المتعذر على المتعسر مع أن المراد ما يشمل القسمين، وحقيقة المتعذر مثل قوله لا يأكل من هذا القدر فافهم ‏(‏قوله لم يحنث بأكل ما يخرج منها‏)‏ مقتضاه أن نية عينها صحت فهو قول آخر غير ما في الولوالجية كما أفاده في النهر فافهم ولم أر من صحح أحدهما، وما نقل عن حاشية أبي السعود أنه قال ما في الولوالجية هو الصحيح فهو خلاف الواقع وإنما فيها ما نقلناه عن النهر آنفا من تصحيح ما في المتن ثم ذكر بعده عبارة الولوالجية فافهم ‏(‏قوله لتعين المجاز‏)‏ ولذا انصرف إليه عند عدم النية فكانت الحقيقة خلاف الظاهر ‏(‏قوله إنما يأكلونه مطبوخا‏)‏ أي فلا يحنث بأكله لكونه دخله صنعة جديدة ح‏.‏

‏(‏قوله من هذا البسر أو الرطب‏)‏ النخلة على ست مراتب‏:‏ أولها طلع وثانيها خلال وثالثها بلح ورابعها بسر وخامسها رطب وسادسها تمر كما يظهر من الصحاح عزمية ‏(‏قوله بأكل رطبه وتمره وشيرازه‏)‏ لف ونشر مرتب‏.‏ قال في المصباح والشيراز مثال دينار اللبن الرائب يستخرج منه ماؤه‏.‏ وقال بعضهم‏:‏ لبن يغلى حتى يثخن ثم ينشف، ويميل إلى الحموضة‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله لأن هذه صفات إلخ‏)‏ إذ لا خفاء أن صفة البسورة والرطوبة واللبنية مما قد تدعو إلى اليمين بحسب الأمزجة، فإذا زالت زال ما عقدت عليه اليمين فأكله أكل ما لم تنعقد عليه اليمين نهر وفتح ‏(‏قوله بعدما شاخ‏)‏ أي صار شيخا وهو فوق الكهل كما يأتي ‏(‏قوله بفتحتين‏)‏ أي فتح الحاء المهملة والميم ولد الشاة في السنة الأولى جمعه حملان كما في المصباح‏.‏ ‏(‏قوله لأنها غير داعية‏)‏ أي هذه الصفات غير داعية إلى الامتناع لأن هجران المسلم بمنع الكلام منهي، فلا يعتبر ما يخال داعيا إلى اليمين من جهل الصبي، أو الشاب، وسوء أدبه، وكذا صفة الصغر في الحمل فإن الممتنع عنه أكثر امتناعا عن لحم الكبش لأن الصغر داع إلى الأكل لا إلى عدمه واعترض بأن الهجران قد يجوز أو يجب إذا كان لله تعالى بأن كان يتكلم بما هو معصية أو يخشى فتنته أو فساد عرضه بكلامه فإذا حلف لا يكلمه علم أنه وجد المسوغ، فيعتبر الداعي فيتقيد بصباه وشبيبته وبأن الحمل غير محمود لكثرة رطوباته، حتى قيل فيه النحس بين الجيدين، وأجاب في الفتح بأن الاعتراض بذلك ذهول ونسيان عن وضع المسألة وأنها بنيت على العرف، وأن المتكلم لو أراد ما تصح إرادته من اللفظ لا يمنع منه، فالحمل عند العموم غذاء في غاية الصلاح، وما يدرك نحسه إلا أفراد عرفوا الطب فوجب تحكيم العرف، إذا لم ينو ذات الحمل إذ لا يحكم على فرد من العموم أنه على خلافهم، فينصرف حلفه إليهم، وكذا الصبي لما كان موضع الشفقة والرحمة عند العموم‏.‏ وفي الشرع‏:‏ لم يجعل الصبا داعية إلى اليمين في حق العموم، وهذا لا ينفي كونه حالفا عرفا عدم طيب الحمل، أو سوء أدب صبي علم أنه لا يردعه إلا الهجر، أو علم أن الكلام معه يضره في دينه أو عرضه، فعقد يمينه على مدة الحملية أو الصبا فإنا نصرف يمينه، حيث صرفها، وإنما الكلام إذا لم ينو شيئا فيسلك به ما عليه العموم، أخطئوا فيه أو أصابوا فليكن هذا منك ببال، فإنك تدفع به كثيرا من أمثال هذا الغلط المورد على الأئمة ا هـ‏.‏ ملخصا وهو في غاية الحسن وقد عدل في الذخيرة عن التعليل بكون الصفة داعية أو غير داعية وقال الصحيح‏:‏ أنه لا يحنث في الرطب أو العنب إذا صار تمرا أو زبيبا لأنه اسم لهذه الذات، والرطوبة التي فيها فإذا أكله بعد الجفاف، فقد أكل بعض ما عقد اليمين عليه، بخلاف الصبي بعدما شاخ أو الحمل بعدما صار كبشا فإنه لم ينقص بل زاد والزيادة لا تمنع الحنث ثم قال‏:‏ فهذا الفرق هو الصحيح وعليه الاعتماد ‏(‏قوله تقيد به‏)‏ الأولى بها ‏(‏قوله في المعرف والمنكر‏)‏ مثل لا آكل هذا البسر أو لا آكل بسرا ‏(‏قوله اعتبر في المنكر‏)‏ مثل لا آكل حملا أو لا أكلم صبيا لأن الكبش لا يسمى حملا، ولا الشيخ صبيا فلم يوجد المحلوف عليه بخلاف المعرف كهذا الحمل أو هذا الصبي لأن الصفة الغير الداعية تلغو مع الإشارة فتعتبر الذات المشار إليها وهي باقية بعد زوال الصفة فلا تزول اليمين ‏(‏قوله فبرأ‏)‏ في المصباح برئ من المرض يبرأ من باب تعب ونفع‏.‏

مطلب حلف لا يكلم هذا الصبي

‏(‏قوله فكلم صبيا حنث‏)‏ لأن اسم الرجل يتناول الصبي في اللغة، كما صرح به ابن الكمال في تصحيح السراجية، ولكن في العرف لا يسمى فالحق القول الثاني‏.‏ ا هـ‏.‏ ح ‏(‏قوله يدعى شابا إلخ‏)‏ في الوجيز لبرهان الدين البخاري حلف لا يكلم صبيا أو غلاما، أو شابا، أو كهلا فالكلام في معرفتهم لغة وشرعا وعرفا أما اللغة فقالوا‏:‏ الصبي يسمى غلاما إلى تسع عشرة ثم شابا إلى أربع وثلاثين ثم كهلا إلى أحد وخمسين، ثم شيخا إلى آخر عمره، وأما الشرع فالغلام إلى أن يبلغ فيصير شابا وفتى وعن أبي يوسف من ثلاث وثلاثين كهل إلى خمسين فهو شيخ قال القدوري‏:‏ قال أبو يوسف الشاب من خمس عشرة إلى خمسين ما لم يغلب عليه الشمط قبل ذلك والكهل من ثلاثين إلى آخر عمره، والشيخ فيما زاد على الخمسين، وكان يقول قبل هذا الكهل من ثلاثين إلى مائة سنة فأكثر والشيخ من أربعين إلى مائة وهنا روايات أخر والمعول عليه ما به الإفتاء كذا في الفتح ملخصا لم يذكر معناها عرفا لأن كل الناس قد علموا مشربهم ‏(‏قوله فصار جبنا‏)‏ فيه ثلاث لغات أجودها سكون الباء والثانية ضمها للإتباع، والثالثة وهي أقلها التثقيل، ومنهم من يجعلها من ضرورة الشعر مصباح ‏(‏قوله كذا في نسخ الشرح‏)‏ أي شرح المصنف حيث جعلها متنا في شرحه ‏(‏قوله لم يحنث‏)‏ لأن بعضها صفات داعية، وبعضها انقلبت عينها ‏(‏قوله فأكل حيسا‏)‏ فسر الحيس في البدائع بأنه اسم لتمر ينقع في اللبن، ويتشرب فيه اللبن وقيل هو طعام يتخذ من تمر، ويضم إلى شيء من السمن أو غيره والغالب هو التمر فكان أجزاء التمر بحالها فيبقى الاسم ا هـ‏.‏ بحر ‏(‏قوله الأصل إلخ‏)‏ قدمنا الكلام عليه قبل قوله كل عليه حرام‏.‏

‏[‏فرع‏]‏

ذكر في البحر عن الواقعات إن أكلت هذا الرغيف اليوم فامرأته كذا وإن لم آكله اليوم فأمته حرة فأكل النصف لم يحنث وكذا لو حلف على لقمة في فيه فأكل بعضها وأخرج البعض لأن شرط الحنث أكل الكل ا هـ‏.‏ ملخصا‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

الأكل والشرب غير قيد ففي البزازية‏:‏ ضاع مال في دار فحلف كل واحد أنه لم يأخذه، ولم يخرجه من الدار، ثم علم أن واحدا أخرجه مع آخر إن كان لا يطيق وحده، حنث لأن إخراجه كذلك يكون وإن أطاقه وحده لا يحنث لأنه صادق‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وعليه لو حلف لا يحمل هذه الخشبة أو الحجر فهو على هذا التفصيل‏.‏ ثم اعلم أن ما مر عن الواقعات مشكل جدا كما قال في الحاوي الزاهدي، قال‏:‏ فإنه يجب أن يحنث في يمين العتق لأنه لم يأكل الرغيف إذ نقول لا واسطة بين النفي والإثبات، وكل واحد منهما شرط الحنث، فيحنث في أحدهما وفي الجامع الأصغر عن أبي القاسم الصفار قال إن شرب فلان هذا الشراب فامرأته طالق وقال الآخر إن لم يشربه فلان فامرأته طالق فشرب فلان مع غيره أو انصب بعضه في الأرض حنث الثاني دون الأول‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله أن كل شيء‏)‏ بفتح همزة أن والمصدر المنسبك خبر الأصل‏.‏

‏(‏قوله وكذا لا يحنث إلخ‏)‏ أشار إلى أنه لا فرق بين ذكره معرفا، وهو ما مر أو منكرا لزوال اليمين بزوال الصفة الداعية كما تقدم ‏(‏قوله فإن الاسم يتناول الرطب أيضا‏)‏ بسكون الطاء في الرطب، وكان المناسب إبداله باليابس لأن وجه المخالفة بين البسر والعنب، وبين الجوز واللوز الحنث في يابس الأخيرين، لتناول الاسم له دون الأولين هذا وفي عرف الشام الآن اللوز خاص باليابس أما الرطب فيسمونه عقابية فلا يحنث بها‏.‏ ‏(‏قوله أو بسرا‏)‏ أي أو فحلف لا يأكل بسرا ‏(‏قوله حنث بأكل المذنب‏)‏ في المغرب بسر مذنب بكسر النون أي مع التشديد وقد ذنب إذا بدا الإرطاب من قبل ذنبه، وهو ما سفل من جانب القمع والعلاقة ا هـ‏.‏ وفي المصباح ذنب الرطب تذنيبا بدا فيه الإرطاب، والمراد أنه يحنث بأكل البسر المذنب أو الرطب المذنب، وهو الذي أكثره رطب وشيء قليل منه بسر عكس الأول‏.‏ قال في البحر‏:‏ وحاصل المسائل أربع وفاقيتان وخلافيتان، فالوفاقيتان‏:‏ لا يأكل رطبا فأكل رطبا مذنبا لا يأكل بسرا فأكل بسرا مذنبا فيحنث فيهما اتفاقا، والخلافيتان‏:‏ لا يأكل رطبا فأكل بسرا مذنبا، لا يأكل بسرا فأكل رطبا مذنبا فيحنث عندهما خلافا لأبي يوسف ا هـ‏.‏‏:‏ وفي عامة نسخ الهداية ذكر قول محمد مع أبي يوسف وفي بعضها مع الإمام وهو الموافق لما في أكثر الكتب المعتبرة كما في الفتح والزيلعي‏.‏ ‏(‏قوله لأكله المحلوف عليه وزيادة‏)‏ لأن آكل ذلك الموضع آكل رطب وبسر فيحنث به وإن كان قليلا لأن ذلك القدر كاف للحنث، ولهذا لو ميزه وأكله يحنث زيلعي وبحث فيه في الفتح بأن هذا بناء على انعقاد اليمين على الحقيقة لا العرف وإلا فالرطب الذي فيه بقعة بسر لا يقال لآكله آكل بسر في العرف فكان قول أبي يوسف أقعد ‏(‏قوله لأن الشراء إلخ‏)‏ جواب عما استشهد به أبو يوسف على قوله بعدم الحنث في المسألة الأولى اعتبارا للغالب كما في هذه المسألة‏.‏ وحاصل الجواب‏:‏ أن اعتبار الغالب هنا لوقوع الشراء على الجملة أما الأكل فينقضي شيئا فشيئا فيصادف المغلوب وحده، فلا يتبع الغالب وبحث فيه في الفتح بأن هذا قاصر على ما إذا فصله فأكله وحده أما لو أكله جملة تحققت التبعية‏.‏ ا هـ‏.‏ وأشار إلى أن البسر غالب بقرينة الإضافة قال القهستاني‏:‏ إذ المتبادر من إضافة الكباسة إلى البسر، وجعلها ظرفا للرطب أن البسر غالب فلو كان الرطب غالبا أو هو والبسر متساويين ينبغي أن يحنث‏.‏ ا هـ‏.‏

مطلب حلف لا يأكل لحما

‏(‏قوله لا يأكل لحما‏)‏ تنعقد هذه على لحم الإبل والبقر والجاموس والغنم والطيور مطبوخا ومشويا أو قديدا‏.‏ كما ذكره محمد في الأصل فهذا من محمد إشارة إلى أنه لا يحنث بالنيء وهو الأظهر وعند أبي الليث يحنث بحر عن الخلاصة وغيرها ‏(‏قوله بأكل مرقه‏)‏ قيده في الفتح بحثا في فروع ذكرها آخر الأيمان بما إذا لم يجد طعم اللحم أخذا مما في الخانية لا يأكل مما يجيء به فلان، فجاء بحمص فأكل من مرقه، وفيه طعم الحمص يحنث‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله مع تسميتها في القرآن لحما‏)‏ هذا يظهر في الثلاثة الأخيرة، وأما المرق ففي الحديث المرق أحد اللحمين ط‏.‏

مطلب في اعتبار العرف العملي كالعرف اللفظي

‏(‏قوله وما في التبيين‏)‏ أي تبيين الكنز للزيلعي حيث قال‏:‏ وذكر العتابي أنه لا يحنث بأكل لحم الخنزير، والآدمي وقال في الكافي‏:‏ وعليه الفتوى فأنه اعتبر فيه العرف، ولكن هذا عرف عملي، فلا يصح مقيدا، بخلاف العرف اللفظي، ألا ترى أنه لو حلف لا يركب دابة لا يحنث بالركوب على إنسان للعرف اللفظي فإن اللفظ عرفا لا يتناول إلا الكراع، وإن كان في اللغة يتناوله ولو حلف لا يركب حيوانا يحنث بالركوب على إنسان لأن اللفظ يتناول جميع الحيوان والعرف العملي وهو أنه لا يركب عادة لا يصلح مقيدا‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله رده في النهر‏)‏ وكذا قال في البحر رده في فتح القدير، بأنه غير صحيح، لتصريح أهل الأصول بقولهم الحقيقة تترك بدلالة العادة إذ ليست العادة إلا عرفا عمليا، ولم يجب أي صاحب الفتح عن الفرق بين الدابة والحيوان، وهي واردة عليه إن سلمها‏.‏ ا هـ‏.‏ ولا يخفى أنه لا يسلمها بدليل أنه رد مبناها، وهو عدم اعتبار العرف العملي، وعبارة النهر هكذا وفي بحث التخصيص من التحرير مسألة‏:‏ العادة العرف العملي مخصص عند الحنفية خلافا للشافعية، كحرمت الطعام، وعادتهم أكل البر انصرف إليه، وهو الوجه أما بالعرف القولي فاتفاق كالدابة للحمار والدراهم على النقد الغالب، وفي الحواشي السعدية أن العرف العملي يصلح مقيدا عند بعض مشايخ بلخ لما ذكر في كتب الأصول في مسألة إذا كانت الحقيقة مستعملة والمجاز متعارفا ا هـ‏.‏ قال في النهر‏:‏ وهذه النقول تؤذن بأنه لا يحنث بركوب الآدمي في لا يركب حيوانا

‏(‏قوله والكبد‏)‏ بالرفع وكذا ما بعده عطفا على ‏"‏ لحم ‏"‏، وكان الأولى ذكر الخنزير، عقب الإنسان كما فعل في الكنز ليكون مجرورا عطفا على الإنسان بإضافة ‏"‏ لحم ‏"‏ إليهما لأنهما أعم، فتكون من إضافة الجزء إلى الكل بخلاف الكبد، وما بعده، فإن اللحم ليس جزءا منه بل هو عينه، فلذا قلنا إنه بالرفع عطفا على المضاف، وإن صح جره عطفا على المضاف إليه على جعل الإضافة فيه بيانية لكن يلزم عليه اختلاف الإضافتين في لفظ واحد، وفي القهستاني الكبد بفتح الكاف وكسرها مع سكون الباء والكرش بفتح الكاف وكسر الراء وسكونها ‏(‏قوله والرئة‏)‏ بالهمزة، ويجوز قلبها ياء السحر مصباح وفيه السحر وزان فلس، وسبب وقفل هو الرئة وقيل‏:‏ ما لصق بالحلقوم والمريء من أعلى البطن وقيل كل ما تعلق بالحلقوم من كبد وقلب ورئة ‏(‏قوله لحم‏)‏ خبر المبتدأ وما عطف عليه أي هذه المذكورات داخلة في مسمى اللحم ‏(‏قوله هذا إلخ‏)‏ الإشارة إلى الكبد والأربعة التي بعده، وعبارة البحر وفي الخلاصة‏:‏ لو حلف لا يأكل لحما فأكل شيئا من البطون كالكبد والطحال يحنث في عرف أهل الكوفة، وفي عرفنا لا يحنث، وهكذا في المحيط والمجتبى، ولا يخفى أنه لا يسمى لحما في عرف أهل مصر أيضا فعلم أن ما في المختصر أي الكنز مبني على عرف أهل الكوفة، وأن ذلك يختلف باختلاف العرف ا هـ‏.‏ كلام البحر‏.‏ قلت، وأما لحم الإنسان ولحم الخنزير فهو لحم حقيقة لغة وعرفا، فلذا مشى المصنف كغيره على أنه يحنث به لكن يرد عليه كما أفاده في الفتح أن لفظ آكل لا ينصرف إليه عرفا وإن كان في العرف يسمى لحما كما مر في لا يركب دابة فلان فإن العرف اعتبر في ركب والمتبادر منه ركوب الأنواع الثلاثة وهي الحمار والبغل والفرس، وإن كان لفظ دابة في العرف يشمل غيرها أيضا كالبقر والإبل، فقد تقيد الركوب المحلوف عليه بالعرف، ولذا نقل العتابي خلاف ما هنا فقال قيل‏:‏ الحالف إذا كان مسلما ينبغي أن لا يحنث لأن أكله ليس بمتعارف، ومبنى الأيمان على العرف قال‏:‏ وهو الصحيح وفي الكافي وعليه الفتوى هذا خلاصة ما حققه في الفتح، وهو حسن جدا ويؤيده ما قدمناه، ويأتي أيضا من أنه لا يحنث باللحم النيء أشار إليه محمد، وهو الأظهر قال في الذخيرة‏:‏ لأنه عقد يمينه على ما يؤكل عادة فينصرف إلى المعتاد، وهو الأكل بعد الطبخ ا هـ‏.‏ مع أنه لا شك في أن النيء لحم حقيقة فعلم أن الملحوظ إليه في العرف هو الأكل لا لفظ لحم ‏(‏قوله ومنه علم‏)‏ أي من قولهم أما في عرفنا فإن المراد عرف بلادهم، وهي من العجم فافهم‏.‏ ثم إن التنبيه على هذا ليس فيه كبير فائدة لأن قولهم باعتبار العرف في الأيمان ليس المراد به عرف العرب، بل أي عرف كان في أي بلد كان كما سيأتي عند قوله الخبز ما اعتاده أهل بلد الحالف، وفي البحر عن المحيط وفي الأيمان يعتبر العرف في كل موضع حتى قالوا لو كان الحالف خوارزميا فأكل لحم السمك يحنث لأنه يسمونه لحما ‏(‏قوله لحم في يمين الأكل لا في يمين الشراء‏)‏ وجعل في الشافي الأكل والشراء واحدا والأول أصح بزازية‏.‏ قلت‏:‏ ولعل وجهه أن الرأس والأكارع مشتملة على اللحم وغيره، لكنها عند الإطلاق لا تسمى لحما، فإذا حلف لا يشتري لحما لا يقال في العرف أنه اشترى لحما بل اشترى رأسا أو أكارع، أما إذا أكل اللحم الذي فيها فقد أكل لحما، فيحنث ويشير إلى هذا الفرق ما في الذخيرة، ولو أكل رءوس الحيوان يحنث لأن ما عليها لحم حقيقة ‏(‏قوله لا يقع على صيده‏)‏ وإنما يقع على لحمه وهو القياس في الحمار إلا أن الحمار لما كان له كراء ويستعملون هذا اللفظ في الأكل من كرائه حملوه على الكراء وفيما وراءه يبقى على الأصل منح عن جواهر الفتاوى ط ‏(‏قوله ولا يعم البقر الجاموس‏)‏ أي فلو حلف لا يأكل لحم البقر لا يحنث بأكل الجاموس، كعكسه لأن الناس يفرقون بينهما، وقيل يحنث لأن البقر أعم والصحيح الأول كما في النهر عن التتارخانية وفيه عن الذخيرة‏:‏ لا يأكل لحم شاة لا يحنث بلحم العنز مصريا كان أو قرويا قال الشهيد وعليه الفتوى ‏(‏قوله ولا يحنث بأكل النيء‏)‏ بالهمز وزان حمل والإبدال والإدغام عامي مصباح أي إبدال الهمزة ياء وإدغامها في الياء لغة العوام وقدمنا وجه عدم الحنث قريبا‏.‏

‏(‏قوله وهو اللحم السمين‏)‏ كذا فسره في الهداية والظاهر‏:‏ أن المراد به اللحم الأبيض المسمى في العرف دهن البدن، فإنه يكون في حالة السمن دون الهزال وقد يراد به شحم الكلية لأنها معلقة بالظهر قال في البحر‏:‏ قال القاضي الإسبيجابي‏:‏ إن أريد بشحم الظهر شحم الكلية فقولهما أظهر وإن أريد به شحم اللحم فقوله أظهر‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله بل بشحم البطن‏)‏ هو ما كان مدورا على الكرش وما بين المصارين شحم الأمعاء ط ‏(‏قوله اتفاقا‏)‏ رد على صاحب الكافي حيث ذكر الخلاف في شحم الأمعاء والشحم المختلط بالعظم قال السرخسي‏:‏ إنه لم يقل أحد بأن مخ العظم شحم ا هـ‏.‏ وكذا لا ينبغي خلاف في الحنث بما على الأمعاء فإنه لا يختلف في تسميته شحما فتح ‏(‏قوله زيلعي‏)‏ عبارته لا يحنث بأكل شحم الظهر وشرائه وبيعه في يمينه لا يأكل شحما، ولا يشتريه ولا يبيعه وهذا عند أبي حنيفة وقالا يحنث ‏(‏قوله بألية‏)‏ بفتح الهمزة قال في المصباح قال ابن السكيت وجماعة ولا تكسر الهمزة ولا يقال لية، والجمع أليات كسجدة وسجدات، والتثنية أليان بحذف الهاء على خلاف القياس

‏(‏قوله إلا بالقضم من عينها‏)‏ أي عين البر وأنث ضميره لأنه يسمى حنطة أيضا، وإلا بمعنى لكن‏:‏ أي لكنه يحنث بقضمه من قضمت الدابة الشعير تقضمه من باب تعب كسرته بأطراف الأسنان، ومن باب ضرب لغة مصباح قال في الفتح‏:‏ وليس المراد حقيقة القضم‏:‏ بل أن يأكل عينها بأطراف الأسنان أو بسطوحها، وفي القهستاني فلو ابتلعه صحيحا حنث بالأولى كما في الكرماني فإنه احترز بالقضم، عما يتخذ منه كالخبز والسويق، فإنه لا يحنث به عنده لأن عين الحنطة مأكول وعندهما يحنث‏.‏ قلت‏:‏ ومبنى الخلاف على أن الحقيقة المستعملة أولى من المجاز المتعارف عنده خلافا لهما فإن لفظ أكل الحنطة يستعمل حقيقة في أكل عينها فإن الناس يقلونها ويأكلونها فهو أولى من المجاز المتعارف وهو أن يراد بأكلت الحنطة أكل خبزها قال في الفتح‏:‏ لفظ أكلت حنطة يحتمل أن يراد به كل من المعنيين، فيترجح قوله لترجح الحقيقة عند مساواة المجاز، بل الآن لا يتعارف في أكل الخبز منها إلا لفظ آخر وهو أكلت الخبز ثم قال‏:‏ وهذا الخلاف إذا حلف على حنطة معينة، أما لو حلف لا يأكل حنطة ينبغي أن يكون قوله كقولهما ذكره شيخ الإسلام، ولا يخفى أنه تحكم والدليل المذكور المتفق على إيراده في جميع الكتب يعم المعينة والمنكرة وهو أن عينها مأكول‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله لو مقلية كالبليلة‏)‏ قال في الفتح‏:‏ فإن الناس يغلون الحنطة ويأكلونها وهي التي تسمى في عرف بلادنا بليلة وتقلى أيضا أي توضع جافة في القدر ثم تؤكل قضما ا هـ‏.‏ وحينئذ فقوله‏:‏ كالبليلة الكاف فيه للتنظير إن كانت النسخ لو مقلية بالقاف، أما إذا كانت بالغين المعجمة فهي للتمثيل والبليلة هي المسماة في عرف بلادنا سليقة لأنها تسلق بالماء المغلي ‏(‏قوله فلا حنث إلا بالنية‏)‏ ولو نوى ما يتخذ منها صح ولا يحنث بأكل عينها ذخيرة ‏(‏قوله وهي مسألة المختصر‏)‏ أي المتن أي أنه يحنث بأكل عينها لو مغلية أو مقلية لا لو نيئة ولا بنحو خبزها‏.‏

مطلب لا يأكل هذا البر

‏(‏قولة فيحنث بأكلها كيف كان‏)‏ لعل وجهه أنه إذا وجدت الإشارة بدون تسمية تعتبر ذات المشار إليه سواء بقيت على حالها أو حدث لها اسم آخر ‏(‏قوله فيحنث بأكلها ولو نيئة‏)‏ أي بخلاف الحنطة المعرفة وهو الوجه الأول فإنه لا يحنث بالنيء منها، وأما عدم الحنث بالخبز ونحوه كالدقيق والسويق، فقد اشترك فيه المعرفة والنكرة لتقيد الحلف بالاسم فإن الخبز ونحوه لا يسمى حنطة على الإطلاق، بل يقال‏:‏ خبز حنطة لكن يبقى الكلام في وجه الفرق بينهما في النيء حيث دخل في المنكر دون المعرف، ولعل وجهه أن حنطة نكرة في سياق النفي، فتعم جميع أنواع مسماها بخلاف المعرفة، فإنها تنصرف إلى المعهودة في الأكل والنيء غير معهود فيه‏.‏ هذا غاية ما ظهر لي في توجيهه لكن ما ذكر من الفرق بينهما مبني على أن المنظور إليه لفظ حنطة، أما لو نظرنا إلى لفظ أكلت الحنطة فإنه لا يظهر الفرق إذ قولك أكلت حنطة مثله في أنه يراد به حقيقته أو مجازه المستعمل على الخلاف بين الإمام وصاحبيه، ويؤيده ما مر عن الفتح من رده ما ذكره شيخ الإسلام، وإن كان من جهة أخرى وكذا يؤيده ما قدمناه في لا أركب دابة فلان، وفي لا آكل لحما حيث اعتبر لفظ أركب وآكل فصرف إلى المعهود وقيد به لفظ دابة ولفظ لحما بلا فرق بين معرفه ومنكره والله سبحانه أعلم‏.‏ ‏(‏قوله لم يحنث بالخارج‏)‏ أي اتفاقا نهر وهذا إذا لم يقل حنطة بالتنكير ‏(‏قوله بما يتخذ منه‏)‏ في النوازل لو اتخذ منه خبيصا أخاف أن يحنث، وينبغي أن لا يتردد في حنثه إذا أكل منه ما يسمى في ديارنا بالكسكسي نهر وهو المسمى في الشام بالمغربية مثله الشعيرية ‏(‏قوله في الأصح‏)‏ احتراز عما قيل إنه يحنث لأنه حقيقة كلامه قلنا نعم، ولكن حقيقة مهجورة ولما تعين المجاز سقطت الحقيقة كقوله لأجنبية إن نكحتك فعبدي حر، فزنى بها لا يحنث لانصراف يمينه إلى العقد فلم يتناول الوطء إلا أن ينويه فتح ‏(‏قوله كما مر في أكل عين النخلة‏)‏ إلا أنه لو نوى أكل عين الدقيق لم يحنث بأكل خبزه لأنه نوى الحقيقة بحر أي بخلاف النخلة بناء على ما مر عن الولوالجية ‏(‏قوله فالشامي بالبر إلخ‏)‏ هذا حيث لا مجاعة وإلا فالظاهر أن المراد ما يسمى خبزا في ذلك الوقت ‏(‏قوله والطبري‏)‏ نسبة إلى طبرستان وهي اسم آمل وأعمالها، سميت بذلك لأن أهلها كانوا يحاربون بالفأس ومعناها بالفارسية‏:‏ أخذ الفأس بيده اليمنى والمراد بالفأس الطبر وهو معرب تبر كما في الفتح‏.‏

مطلب ولا يأكل خبزا

‏(‏قوله فلو دخل إلخ‏)‏ عبارة الفتح قال العبد الضعيف‏:‏ وقد سئلت لو أن بدويا اعتاد أكل خبز الشعير فدخل بلده المعتاد فيها أكل خبز الحنطة واستمر هو لا يأكل إلا الشعير، فحلف لا يأكل خبزا فقلت ينعقد على عرف نفسه فيحنث بالشعير لأنه لم ينعقد على عرف الناس إلا إذا كان الحالف يتعاطاه فهو متهم فيه فيصرف كلامه إليه لذلك وهذا منتف فيمن لم يوافقهم بل هو مجانب لهم ا هـ‏.‏ فقول الشارح لأن العرف الخاص معتبر ليس لفظه موجودا في الفتح بل معناه فهم منه فافهم‏.‏ وقال المصنف في منحه قلت‏:‏ وبهذا ظهر أن قول بعض المحققين أن المذهب عدم اعتبار العرف الخاص، ولكن أفتى كثير باعتباره محله فيما عدا الأيمان أما هي فالعرف الخاص معتبر فيها يعرف ذلك من تتبع كلامهم ومما يدل عليه ما في فتح القدير إلخ‏.‏

‏(‏قوله انصرف إلى الخابزة إلخ‏)‏ الأوضح أن يقال انصرف إلى ما تضربه في التنور لا ما تعجنه وتهيئه للضرب‏.‏ فيكون المعنى‏:‏ لو قال لا آكل من خبز هند فإن كانت خبزته في التنور حنث؛ وإن كانت عجنته وهيأته أي قطعته أقراصا للخبز وخبزه غيرها لا يحنث وإلا فبعد التصريح باسمها لا يدخل غيرها إلا أن يكون المراد بقوله من خبز فلانة أنه ذكر لفظ فلانة فيكون مشتركا يتناول الخابزة والعاجنة‏.‏ هذا كله لو كان مراده بالإضافة إضافة الصنعة أما لو أراد إضافة الملك فإنه يحنث بالخبز المملوك لها ولو كان العاجن والخابز غيرها كما لا يخفى قوله ومنه‏)‏ أي من الخبز الرقاق وينبغي أن يخص ذلك بالرقاق البيساني بمصر، أما الرقاق الذي يحشى بالسكر واللوز فلا يدخل تحت اسم الخبز في عرفنا كما لا يخفى بحر‏.‏ قلت‏:‏ وذلك كالذي يعمل منه البقلاوة والسنبوسك وينبغي أيضا أن لا يحنث بالكعك والبقسماط لأنه لا يسمى خبزا في العرف ‏(‏قوله لا الفطائر‏)‏ الذي في الفتح والبحر‏:‏ القطائف وأما الفطائر فالظاهر أنها كذلك فهي اسم عندنا لما يعجن بالسمن ويخبز أقراصا كالخبز ولا يسمى خبزا في العرف وكذا ما يوضع في الصواني ويخبز ويسمى بغاجه فلا يحنث به وكذا الزلابية ‏(‏قوله والثريد إلخ‏)‏ فعيل بمعنى مفعول وهو أن تفت الخبز ثم تبله بمرق مصباح قال في الفتح‏:‏ ولا يحنث بالثريد لأنه لا يسمى خبزا مطلقا، وفي الخلاصة لا يأكل من هذا الخبز وأكله بعد ما تفتت لا يحنث لأنه لا يسمى خبزا، ولا يحنث بالعصيد والططماج، ولا يحنث لو دقه فشربه وعن أبي حنيفة في حيلة أكله أن يدقه فيلقيه عصيدة ويطبخ حتى يصير الخبز هالكا ا هـ‏.‏ ما في الفتح ومثله في البحر‏.‏ قلت‏:‏ ومقتضى هذه الرواية أن يحنث لو فته بلا طبخ، وكذا لو جعله ثريدا لأن قوله حتى يصير الخبز هالكا يقتضي أن بقاء عينه يخرجه عن كونه خبزا وهذا موافق لعرفنا الآن ويؤيده ما قدمه الشارح في حلفه‏:‏ لا يأكل تمرا فأكل حيسا فإنه لا يحنث، لأنه تمر مفتت وإن ضم إليه شيء من السمن أو غيره، نعم لو دق الخبز وشربه بماء لا يحنث لأنه شرب لا أكل وكذا لو حلف لا يأكل رغيفا وفت أرغفة وأكل منها لا يحنث بخلاف ما إذا فت رغيفا واحدا وأكله كله فإنه يحنث هذا ما يقتضيه عرف زماننا والله أعلم‏.‏

مطلب لا يأكل طعاما

‏(‏قوله وحنث في لا يأكل طعاما إلخ‏)‏ الأنسب ذكر هذه المسائل بعد قوله والشواء والطبيخ على اللحم، كما فعل في البحر ثم إن ما ذكره من الخل والزيت والملح لا يسمى في عرفنا طعاما، فينبغي الجزم بعدم حنثه به، ثم رأيته في النهر كما يأتي وكذا في ح حيث قال‏:‏ هذا في عرفهم أما في عرفنا فالطعام كالطبيخ ما يطبخ على النار ‏(‏قوله ولو بطعام نفسه‏)‏ أي ولو خلط ذلك بطعام نفسه ‏(‏قوله إن بحيث لو عصر سال السمن‏)‏ هذا مبني على ما في مختصر الحاكم واعتبر في الأصل وجود الطعم كما قدمناه أول الباب ‏(‏قوله لم يحنث‏)‏ لأن العرف في قولنا أكل طعاما ينصرف إلى أكل الطعام المعتاد والتقييد بالاضطرار للحل، وإلا فلا يحنث بدونه بالأولى‏.‏

‏(‏قوله على اللحم المشوي والمطبوخ بالماء‏)‏ لف ونشر مرتب، وخرج ما يشوى أو يطبخ من غير اللحم قال في النهر‏:‏ فلو حلف لا يأكل شواء لا يحنث بأكل الجزر والباذنجان المشويين، إلا أن ينوي كل ما يشوى وكذا لو حلف لا يأكل طبيخا لا يحنث، إلا بأكل اللحم المطبوخ بالماء لتعذر التعميم إذ الدواء مما يطبخ، وكذا الفول اليابس، فصرف إلى أخص الخصوص، وهو ما ذكرنا عملا بالعرف فيهما وفي عطف الطبيخ على الشواء إيماء إلى تغايرهما وهذا لأن الماء مأخوذ في مفهوم الطبيخ، وإلا لكانا سواء ولذا لو أكل قلية لم يحنث لأنها لا تسمى طبيخا وتمامه فيه‏.‏ وفي البحر عن الفتح‏:‏ وإن أكل من مرقة يحنث لما فيه من أجزاء اللحم ولأنه يسمى طبيخا وإن كان لا يسمى لحما كما قدمناه ا هـ‏.‏ أي فيما إذا حلف لا يأكل لحما يحنث بالمرق فإنه لا يسمى لحما، وإن كان فيه أجزاء اللحم ‏(‏قوله كجبن‏)‏ الذي رأيته في النهر خبز ‏(‏قوله لكن في عرفنا لا‏)‏ عبارة النهر‏:‏ وأنت خبير أن الطعام في عرفنا لا يطلق على ما ذكر، فينبغي أن يجزم بعدم حنثه به ا هـ‏.‏ ورأيت بهامش نسخة النهر عن خط بعض العلماء ما نصه‏:‏ الذي رأيته بخط الشارح‏:‏ وأنت خبير بأنه في عرف أهل مصر مرادف للطبيخ لا يطلق على غيره فينبغي أن لا يحنث إلا بما يسمى طبيخا ا هـ‏.‏ ثم رأيت في الخانية لا يشتري طعاما فاشترى حنطة حنث قال الفقيه أبو بكر البلخي‏:‏ في عرفنا الحنطة لا تسمى طعاما إنما الطعام هو المطبوخ ‏(‏قوله ما يباع في مصره‏)‏ وهو ما يكبس في التنور أي يطعم ويدخل فيه، وهذا لأن العموم المتناول للجراد والعصفور غير مراد، فصرفناه إلى ما تعورف نهر‏.‏ قال في البحر‏:‏ وفي زماننا هو خاص بالغنم فوجب على المفتي أن يفتي بما هو المعتاد في كل مصر وقع فيه حلف الحالف كما أفاده في المختصر، وما في التبيين من أن الأصلي اعتبار الحقيقة اللغوية إن أمكن العمل بها وإلا فالعرف إلخ مردود لأن الاعتبار إنما هو للعرف، وتقدم أن الفتوى على أنه لا يحنث بأكل لحم الخنزير والآدمي ولذا قال في فتح القدير ولو كان هذا الأصل المذكور منظورا إليه لما تجاسر أحد على خلافه في الفروع ا هـ‏.‏ وفي البدائع والاعتماد إنما هو على العرف‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله والبطيخ‏)‏ بكسر الباء ويقال الطبيخ أيضا أخضر كان أو أصفر وذكر السرخسي أن البطيخ ليس من الفاكهة وما هنا رواية القدوري، ورواه الحاكم الشهيد في المنتقى عن أبي يوسف نهر ‏(‏قوله والمشمش‏)‏ بكسر الميمين وفتحهما كما في المختار وبضمهما نقله الأجهوري الشافعي محشي التحرير ط‏.‏

مطلب لا يأكل فاكهة

‏(‏قوله ونحوها‏)‏ كالخوخ والسفرجل والإجاص والكمثرى، فيحنث بأكل هذه الأشياء في حلفه لا يأكل الفاكهة لأنها اسم لما يتفكه به أي يتنعم قبل الطعام وبعده زيادة في المعتاد من الغذاء الأصلي‏.‏ وفي المحيط ما روي أن الجوز واللوز فاكهة في عرفهم، أما في عرفنا فإنه لا يؤكل للتفكه نهر ‏(‏قوله خلافا لهما‏)‏ لأنها مما قد يتغذى بها فسقطت عن كمال التفكه، فلا يتناولها مطلق الفاكهة، وأما عندهما فهي فاكهة نظرا للأصل وعليه الفتوى، ولا خلاف أن اليابس منها كالزبيب والتمر وحب الرمان ليست بفاكهة كما في الرماني قهستاني، وكذا لا خلاف في القثاء والخيار والفقوس والعجور‏.‏ والحاصل أنه لا خلاف في أن النوع الأول فاكهة كما لا خلاف في أن الأخير ليس بفاكهة وفي الوسط خلاف نهر ‏(‏قوله خلاف عصر‏)‏ أي أن الإمام قال إن العنب وأخويه ليس بفاكهة لأنه كان في زمنه لا يعد منها وعد منها في زمنهما‏.‏ ولقائل أن يقول‏:‏ مبنى هذا الجمع على اعتبار العرف والاستدلال بأنها قد يتغذى بها مبناه اللغة‏.‏ ويمكن الجواب بجواز كون العرف وافق اللغة في زمنه ثم خالفها في زمانهما وتمامه في الفتح ‏(‏قوله فيحنث بكل إلخ‏)‏ صرح بذلك في الذخيرة‏.‏

مطلب حلف لا يأكل حلوى

‏(‏قوله ما ليس من جنسه حامض‏)‏ كالتين والتمر فإنه ليس من جنسه حامض فخلص معنى الحلاوة فيه فلو أكل عنبا أو بطيخا أو رمانا أو إجاصا لم يحنث لأن من جنسه ما ليس بحلو، وكذا إذا حلف لا يأكل حلاوة فهو كالحلوى وتمامه في البحر ‏(‏قوله لكن إلخ‏)‏ استدراك على المتن حيث أطلقه مع أن ما ذكره تفسيرا للحلوى عندهم وقالوا المرجع فيه إلى العرف‏.‏ قال في البحر‏:‏ والحاصل أن الحلو والحلوى والحلاوة واحد، وأما في عرفنا فالحلو اسم للعسل المطبوخ على النار بنشا ونحوه وأما الحلوى والحلاوة فاسم لسكر أو عسل أو ماء عنب طبخ وعقد والحلاوة الجوزية والسمسمية ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وفي زماننا الحلو كل ما يتحلى به من فاكهة وغيرها وعنب وخبيصة وكنافة وقطائف، وأما الحلاوة والحلوى بالقصر فهي اسم لنوع خاص كالجوزية والسمسمية مما يعقد وكذا ما يطبخ من السكر أو العسل بطحين أو نشا ‏(‏قوله لا حنث في فانيذ‏)‏ فيه نظر‏.‏ ففي المصباح الفانيذ نوع من الحلوى يعمل من القند والنشا ا هـ‏.‏ وفيه أيضا القند ما يعمل منه السكر فالسكر من القند كالسمن من الزبد

‏(‏قوله والإدام ما يصطبغ به الخبز‏)‏ في المغرب صبغ الثوب بصبغ حسن وصباغ وهو ما يصبغ به ومنه الصبغ والصباغ من الإدام لأن الخبز يغمس فيه ويلون به كالخل والزيت‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي المصباح ويختص بكل إدام مائع كالخل، وفي التنزيل ‏{‏وصبغ للآكلين‏}‏ قال الفارابي‏:‏ واصطبغ بالخل وغيره‏.‏ وقال بعضهم‏:‏ واصطبغ من الخل وهو فعل لا يتعدى إلى مفعول صريح فلا يقال اصطبغ الخبز بخل‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي الفتح والاصطباغ افتعال من الصبغ، ولما كان ثلاثيه وهو صبغ متعديا لواحد جاء الافتعال منه لازما فلا يقال اصطبغ الخبز لأنه لا يصل إلى المفعول بنفسه حتى يقام مقام الفاعل إذا بني الفعل له وإنما يقام غيره من الجار والمجرور ونحوه فلذا يقال اصطبغ به‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وبه علم أنه كان على الشارح أن لا يذكر لفظ الخبز وإن تبع فيه النهر ‏(‏قوله لذوبه في الفم‏)‏ جواب عما يقال إنه لا يصبغ به تأمل ‏(‏قوله به يفتى‏)‏ وبه أخذ الفقيه أبو الليث‏.‏ قال في الاختيار وهو المختار عملا بالعرف، وفي المحيط‏:‏ وهو الأظهر‏.‏

مطلب حلف لا يأكل إداما ولا يأتدم

‏(‏وقوله وفيه‏)‏ أي البحر حيث قال‏:‏ وفي المحيط قال محمد‏:‏ التمر والجوز ليس بإدام لأنه يفرد بالأكل في الغالب فكذا العنب والبطيخ والبقل لأنه لا يؤكل تبعا للخبز بل يؤكل وحده غالبا وكذا سائر الفواكه، حتى لو كان في موضع يؤكل تبعا للخبز غالبا يكون إداما عنده اعتبارا للعرف‏.‏ ا هـ‏.‏ وذكر في البحر أيضا‏:‏ وإذا أكل الإدام وحده، فإن كان حلف لا يأكل إداما حنث، وإن حلف لا يأتدم بإدام لا يحنث فلا بد أن يأكل معه الخبز كما أشار إليه في الكشف الكبير ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله وبقل‏)‏ يعتاد في زماننا أكل الفقراء الخبز بالبصل والنعنع والطرخون ‏(‏قوله وفي البدائع إلخ‏)‏ مخالف لقوله قبله وجوز إلا أن يحمل ما قبله على الرطب، وقدمنا عن المحيط أن ما روي من أن الجوز واللوز فاكهة هو في عرفهم لا في عرفنا إلا أن يحمل على اليابس وهو بعيد فالظاهر أن ما في البدائع مبني على عرفهم، وأيضا فإن الجوز اليابس لا يؤكل الآن مع الخبز غالبا، وإنما يفرد بالأكل، وقد علمت أن المعتبر في الإدام ما يؤكل تبعا للخبز في الغالب وليس المراد كل ما يمكن أكله مع الخبز ولذا لم يحنث بالفاكهة مع الخبز، وكذا لو أكل مع الخبز كنافة أو قطائف لأن الغالب أكل ذلك وحده لا مقرونا بالخبز فلا يسمى إداما؛ نعم يقال في العرف‏:‏ لا آكل هذا الرغيف إلا حافا ويراد بالحاف أكله بلا شيء معه فإذا قرن معه فاكهة أو نحوها يحنث تأمل

‏(‏وهذا إن وجد إلخ‏)‏ وكذا لو حلف لا يأكل ملحا فأكل طعاما إن كان مالحا حنث وإلا فلا‏.‏ وقال الفقيه لا يحنث ما لم يأكل عين الملح مع الخبز أو مع شيء آخر لأن عينه مأكول، بخلاف الفلفل وعليه الفتوى، فإن كان في يمينه ما يدل على أنه يراد به الطعام المالح فهو على ذلك خانية‏.‏ قلت‏:‏ وكذا يقال في اللحم ونحوه ولكن ينبغي الحنث في عرفنا في اللحم مطلقا إذا كان ظاهرا في الحشو فإنه يسمى آكلا له ‏(‏قوله ويزاد في الزعفران رؤية عينه‏)‏ مقتضى قوله‏:‏ ويزاد أنه لا بد من وجود طعمه أيضا لكنه بعيد‏.‏ وفي البزازية لا يأكل زعفرانا فأكل كعكا على وجهه زعفران يحنث ‏(‏قوله فطبخه بأرز‏)‏ أي وإن لم يجعل فيه ماء ويرى عينه إلا أن ينوي ما يتخذ منه كما قدمناه أول الباب عن الخانية، ومثله في البزازية لكنه قال بعده وفي النوازل إن كان يرى عينه ويجد طعمه يحنث ‏(‏قوله ولا ينظر إلخ‏)‏ ذكر هذه وما بعدها لكونها من تمام كلام الصيرفية وإلا فهي استطرادية ليست من مسائل الباب ‏(‏قوله وإلى رأسه وظهره وبطنه حنث‏)‏ فصل فيه في التتارخانية، وكذا قال في البزازية وإن رأى الصدر والظهر والبطن أو أكثر الصدر والبطن فقد رآه وإن أقل من النصف لا وإن رآه ولم يعرفه فقد رآه وإن رآها جالسة أو متنقبة أو متقنعة فقد رآها إلا إذا عنى رؤية الوجه فيدين لا قضاء أيضا، وإن رآه خلف الزجاج أو الستر وتبين الوجه يحنث لا من المرآة ‏(‏قوله بمس اليد والرجل‏)‏ مفاده أنه إذا مس غيرهما لا يحنث، وفيه نظر‏.‏ وقد يقال إنما قيد بهما لذكرهما في النظر أي فالمس يخالف النظر في ذلك فلا ينافي أنه يحنث بمس غيرهما ط‏.‏

مطلب عرض عليه اليمين فقال نعم

‏(‏قوله كان حالفا‏)‏ لأنه إذا قال والله لتفعلن كذا فقال نعم كأنه يصير قال والله لأفعلن لأن ما في السؤال معاد في الجواب كما سيأتي آخر الأيمان ‏(‏قوله لكن في فوائد شيخنا عن التتارخانية إلخ‏)‏ ما عزاه إلى التتارخانية خلاف الموجود فيها، فإنه ذكر فيها مسألة ثم قال‏:‏ وهذه المسألة تشير إلى أن الرجل إذا عرض على غيره يمينا من الأيمان فيقول ذلك الغير نعم أنه يكفي ويصير حالفا بتلك اليمين التي عرضت عليه، وهذا فصل اختلف فيه المتأخرون قال بعضهم لا يكفي وقال بعضهم يكفي، وهذه المسألة دليل عليه وهو الصحيح ا هـ‏.‏ فعلم أن قوله في الفوائد‏:‏ لا يصير حالفا صوابه يصير بدون لا كما نبه عليه السيد الحموي، ويؤيده ما قدمناه عن الخانية قبيل قوله إن فعل كذا فهو كافر وفي آخر أيمان الفتح‏:‏ ولو قال عليك عهد الله إن فعلت فقال نعم، فالحالف المجيب ولا يمين على المبتدئ ولو نواه ا هـ‏.‏ أي لأن قوله عليك صريح في التزام العهد أي اليمين على المخاطب، فلا يمكن أن يكون يمينا على المبتدئ، بخلاف ما إذا قال والله ليفعلن وقال الآخر نعم فإنه إذا نوى المبتدئ التحليف والمجيب الحلف يصير كل منهما حالفا إلخ ما نقله ح عن البحر فراجعه‏.‏ وفي مجموع النوازل قال لآخر‏:‏ والله لا أجيء إلى ضيافتك فقال الآخر ولا تجيء إلى ضيافتي فقال نعم يصير حالفا ثانيا ا هـ‏.‏ وبه جزم في الذخيرة والفتح؛ وبما ذكرناه مع ما قدمناه عن الخانية علم أنه لا فرق بين التعليق والحلف بالله تعالى فافهم ‏(‏قوله ثم فرع‏)‏ من كلام المصنف فالضمير عائد إلى شيخه ‏(‏قوله أن الشاهد‏)‏ أي كاتب القاضي وهذا بدل من قوله أن ما يقع ‏(‏قوله يقول للزوج تعليقا‏)‏ أي يقول له كلاما فيه تعليق كأن يقول له‏:‏ إن تزوجت عليها تكن طالقا ‏(‏قوله لا يصح على الصحيح‏)‏ أي المنقول عن التتارخانية وقد علمت أنه خلاف ما فيها؛ فالصحيح أنه يصح كما مر عن الصيرفية ولم يثبت اختلاف التصحيح فافهم‏.‏

مطلب حلف لا يتغدى أو لا يتعشى

‏(‏قوله التغدي إلخ‏)‏ هذا أولى من قول غيره الغداء والعشاء لأن الغداء والعشاء بفتح أولهما مع المد اسم لما يؤكل في الوقتين، لا للأكل فيهما والمحلوف عليه الأكل فيهما لا المأكول، وإن أجاب عنه في الفتح بأنه تساهل معروف المعنى لا يعترض به‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله الأكل المترادف‏)‏ فلو أكل لقمتين ثم فصل بزمن يعد فاصلا ثم أكل لقمتين وهكذا لا يكون غداء ط ‏(‏قوله الذي يقصد به الشبع‏)‏ احترز به عن أكل نحو لقمة ولقمتين أو أكثر ما لم يبلغ نصف الشبع كما في الفتح، وأما الاحتراز عن نحو اللبن والتمر فسيذكره في قوله مما يتغدى به عادة فافهم ‏(‏قوله وكذا التعشي‏)‏ ومثله التسحر على الظاهر ط ‏(‏قوله أكثر من نصف الشبع‏)‏ كذا في البحر عن الزيلعي والظاهر أن المراد به الشبع المعتاد له لا الشرعي كالثلث وظاهره عدم الحنث بأكل نصف الشبع ط ‏(‏قوله فيدخل وقت الغداء‏)‏ وينتهي إلى العصر لأنه أول وقت العشاء في عرفنا كما يأتي ‏(‏قوله إلى زوال الشمس‏)‏ غاية لقوله وهو ما بعد طلوع الفجر، وكان المناسب عدم الفصل بينهما ‏(‏قوله وغداء كل بلدة ما تعارفه أهلها‏)‏ يغني عنه ما قبله ومثله العشاء والسحور ط ‏(‏قوله حتى لو شبع إلخ‏)‏ قال الكرخي‏:‏ إذا حلف لا يتغدى فأكل تمرا أو أرزا أو غيره حتى شبع لا يحنث، ولا يكون غداء حتى يأكل الخبز، وكذلك إن أكل لحما بغير خبز اعتبارا للعرف كذا في الاختيار ونحوه في البحر والفتح والظاهر أنه مبني على أن المراد بالغداء ما يتغدى به في العرف غالبا، وهذا وإن كان يتغدى به في العرف لكنه قليل، ونظيره ما مر في الإدام‏.‏ وفي البحر عن المحيط‏:‏ لو تغدى بالعنب لا يحنث إلا أن يكون من أهل الرستاق ممن عادتهم التغدي به في وقته ‏(‏قوله بعد صلاة العصر‏)‏ والظاهر أنه ينتهي إلى دخول وقت السحور ‏(‏قوله والسحور‏)‏ بالفتح ما يؤكل وبالضم فعل الفاعل مصباح، والمناسب هنا ضبطه بالضم لقوله هو الأكل وليناسب التعبير بالتغدي والتعشي‏.‏ قال في الفتح‏:‏ لما كان السحور ما يؤكل في السحر والسحر من الثلث الأخير سمي ما يؤكل في النصف الثاني لقربه من الثلث الأخير سحورا بالفتح والأكل فيه التسحر‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ في زماننا لا يطلقون السحور إلا على ما يؤكل ليلا لأجل الصوم‏.‏

مطلب قال إن أكلت أو شربت ونوى معينا لم يصح

‏(‏قوله ونحو ذلك‏)‏ كما لو حلف لا يركب أو لا يغتسل، أو لا ينكح، أو لا يسكن دار فلان، أو لا يتزوج امرأة ونوى الخيل أو من جنابة امرأة معينة، أو بالإجارة أو الإعارة أو كوفية لم تصح نيته أصلا نهر ‏(‏قوله أي خبزا أو لبنا إلخ‏)‏ لف ونشر مرتب، وأفاد أنه ليس المراد بالمعين الفرد الشخصي، بل ما يعم النوعي ‏(‏قوله لم يصدق أصلا‏)‏ أي لا قضاء ولا ديانة لأن النية إنما تعمل في الملفوظ لتعين بعض محتملاته وما نواه غير مذكور نصا فلم تصادف النية محلها فلغت نهر ‏(‏قوله وقيل يدين‏)‏ هو رواية عن الثاني، واختاره الخصاف لأنه مذكور تقديرا وإن لم يذكر تنصيصا‏.‏ وأجيب بأن تقديره لضرورة اقتضاء الأكل مأكولا وكذا اللبس والشراب، والمقتضى لا عموم له كذا قالوا‏.‏ والتحقيق أن هذا ليس من المقتضى لأنه ما يقدر لتصحيح المنطوق بأن يكون الكلام كذبا ظاهرا كرفع الخطإ والنسيان، أو غير صحيح شرعا كأعتق عبدك عني، وقولك لا آكل خال عن ذلك، نعم المفعول أعني المأكول من ضروريات وجود الأكل ومثله ليس من المقتضى بل من حذف المفعول اقتصارا وإلا لزم أن يكون كل كلام مقتضى إذ لا بد أن يستدعي مكانا وزمانا، وحيث كان هذا المصدر ضروريا للفعل لا يصح تخصيصه وإن عم بوقوعه في سياق النفي فإن من ضرورة ثبوت الفعل في النفي ثبوت المصدر العام بدون ثبوت التصرف فيه بالتخصيص فإن عمومه ضرورة تحقق الفعل في النفي فلا يقبل التخصيص، بخلاف إن أكلت أكلا فإن الاسم المذكور صريحا فيقبله وتمامه في الفتح ‏(‏قوله كما لو نوى إلخ‏)‏ أي كما يصدق ديانة لو نوى كل الأطعمة أو المياه حتى لو أكل طعاما أو طعامين أو أكثر لا يحنث، وكذا لو شرب مدة عمره لأنه لم يأكل الكل ولم يشرب الكل‏.‏ ثم اعلم أنه لا محل لذكر هذه المسألة هنا بل محلها بعد قوله‏:‏ ولو ضم طعاما إلخ كما فعله في البحر‏:‏ أي فيما إذا صرح بالمفعول كما نبه عليه ويدل عليه التعليل بقوله لنيته محتمل كلامه لأنه إذا لم يصرح به ويكون معناه لا أوجد أكلا أو شربا أو لبسا فيحنث بكل أكل وجد، ولذا لم تصح نيته المعين منه بخلاف ما إذا صرح به‏.‏ لأن طعاما المذكور يحتمل البعض والكل فأيهما نوى صح، ولذا نقل في البحر عن المحيط أنه يصدق قضاء أيضا وعلله في البدائع بأنه نوى حقيقة كلامه، ثم نقل عن الكشف أنه إنما يصدق ديانة فقط، وقال‏:‏ لأنه خلاف الظاهر لأن الإنسان إنما يمنع نفسه عما يقدر عليه والكل ليس في وسعه وفيه تخفيف عليه أيضا وتمامه فيه‏.‏ أقول‏:‏ ويظهر لي ترجيح الأول لأنه إذا نوى البعض إنما يصدق ديانة فقط كما يأتي وهذا لا نزاع فيه، ويلزم منه أن يصدق قضاء وديانة إذا نوى الكل لأن عدم تصديقه في الأول قضاء لأنه خلاف ظاهر اللفظ، فيكون الظاهر العموم وإلا لزم تصديقه قضاء في نية الخصوص‏.‏ وفي تلخيص الجامع‏:‏ إن كلمت آدم أو الرجال أو النساء حنث بالفرد إلا أن ينوي الكل، قال شارحه‏:‏ فيصدق ديانة وقضاء ولا يحنث أبدا لأن الصرف إلى الأدنى عند الإطلاق لتصحيح كلامه، فإذا نوى الكل فقد نوى حقيقة كلامه فيصدق، وقيل‏:‏ لا يصدق قضاء لأن الحقيقة مهجورة‏.‏ ا هـ‏.‏ وسيأتي هذا آخر الباب، وتعبيره عن الثاني بقيل يفيد ضعفه وترجيح الأول كما قلنا فافهم ‏(‏قوله دين‏)‏ أي يوكل إلى دينه فيما بينه وبين ربه تعالى وأما القاضي فلا يصدقه لأنه خلاف الظاهر، وقدمنا في الطلاق أن المرأة كالقاضي ‏(‏قوله لأنه نكرة في سياق الشرط فتعم‏)‏ لأن الحلف في الشرط المثبت يكون على نفيه، فقوله إن لبست ثوبا في معنى لا ألبس ثوبا ‏(‏قوله إلا في ثلاث فيدين إلخ‏)‏ يعني لو قال‏:‏ إن خرجت فعبدي حر ونوى السفر مثلا أو إن ساكنت فلانا فعبدي حر ونوى المساكنة في بيت واحد يدين لأن الخروج في نفسه متنوع إلى سفر وغيره حتى اختلفت أحكامها، فقبلت إرادة أحد نوعيه، وكذا المساكنة متنوعة إلى كاملة هي المساكنة في بيت واحد ومطلقة وهي ما تكون في دار، فإرادة المساكنة في بيت إرادة أخص أنواعها كما في الفتح‏.‏ وحاصله‏:‏ أن النية صحت هنا لكون المصدر متنوعا لا باعتبار عمومه فهو تخصيص أحد نوعي الجنس، وزاد في تلخيص الجامع إن اشتريت ونوى الشراء لنفسه‏:‏ أي فتصح نيته ديانة، وإن لم يذكر المفعول لتنوع الشراء، فإنه تارة يكون لنفسه‏.‏ وتارة يكون لموكله ولذا رتب على الأول الملك، وعلى الثاني الملك للموكل وهذا بخلاف ما إذا نوى الخروج لبغداد أو المساكنة بالإجارة أو الشراء لعبد، فإن الفعل فيه غير متنوع، فلم يصح تخصيصه بالنية بدون ذكر كما في شرح التلخيص‏.‏ قلت‏:‏ ونظير ذلك ما إذا قال أنت بائن ونوى الثلاث أو الواحدة يصح بخلاف نية الثنتين لأن البينونة نوعان غليظة وخفيفة‏.‏ فتصح نية إحداهما بخلاف الثنتين لأنه عدد محض كما مر تقريره في محله، لكنه يصدق في نيته البينونة قضاء‏.‏ قال في الفتح‏:‏ وكذا أو حلف لا يتزوج امرأة ونوى كوفية أو بصرية لا يصح لأنه تخصيص الصفة، ولو نوى حبشية أو عربية صحت ديانة لأنه تخصيص الجنس، ثم قال‏:‏ وكون إرادة نوع ليس تخصيا للعام مما يقبل المنع لأنه لا يخرج من قصر عام على بعض متناولاته‏.‏ ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ قد يقال لا عموم هنا ولا تخصيص لعام، وإنما هو إرادة أحد محتملي اللفظ المشترك أو أحد نوعي الجنس كما في التوضيح والتلويح، والأول أولى وبيانه أن الخروج مشترك بين السفر والانفصال من داخل إلى خارج وكذا المساكنة مشتركة بين الكاملة وهي ما تكون في بيت واحد ومطلقة وهي ما تكون في الدار مطلقا، وكذا الشراء فإنه يحتمل الخاص وهو ما يكون له والمطلق، ولكن لما كان المتبادر عرفا هو المعنى الثاني في المسائل الثلاث صدق ديانة فقط في نية المعنى الأول منها، ولا يصدقه القاضي لأنه خلاف الظاهر، وله نظائر في تلخيص الجامع لو قال‏:‏ إن جامعتك أو باضعتك فهو على الجماع في الفرج، لأنه المتفاهم عرفا إلا أن ينوي ما دونه للاحتمال لكنه لا يصرف عن الظاهر في القضاء فيحنث بهما أي إذا نوى ما دونه يحنث به عملا بإقراره على نفسه بالحنث، ويحنث بالجماع في الفرج لتبادره، وكذا إن وطئتك فعبدي حر إلا أن يعني الوطء بالقدم، وفي إن أتيتك ينوي لاستواء احتمالي الجماع والزيارة، لكن لو نوى الزيارة حنث بالجماع لأنه زيارة وزيادة‏.‏ ا هـ‏.‏ وبما قررناه‏:‏ ظهر الفرق بين هذه المسائل المستثناة وبين ما مر في لا آكل ونحوه فإن حقيقة الأكل فيه واحدة فلم تصح نية التخصيص، بخلاف ما إذا صرح بالمفعول فإنه لفظ صريح فيصح تخصيصه، لكن نية التخصيص إنما تصح فيما كان من أفراد ذلك العام وهو المأكولات كالخبز ونحوه دون ما كان من متعلقاته الضرورية كالزمان والمكان والوصف‏.‏ فلو نوى في زمان كذا لم يصح ومثله لا أتزوج امرأة ونوى حبشية أو عربية فإنها بعض أفراد العام لأن الإنسان أنواع‏:‏ حبشي، وعربي، ورومي، باعتبار أصوله الذين ينسب إليهم بخلاف كوفية أو بصرية لأنه وصف ضروري راجع إلى تخصيص المكان وهو غير ملفوظ صريحا فلا تصح نيته كبقية الصفات الضرورية ومثله ما في البحر عن البدائع‏:‏ لا يكلم هذا الرجل ونوى ما دام قائما لم يصح بخلاف، لا يكلم هذا القائم ونوى ذلك يدين لتخصيصه الملفوظ، وكذا لأضربنه خمسين ونوى سوطا به منه فإنه يبر بأي شيء ضربه وكذا لا أتزوج امرأة أبوها يعمل كذا وكذا فهو باطل ا هـ‏.‏ وظهر بما قرره أيضا أن الاستثناء في المسائل الثلاث في غير محله لأن النية إنما وجدت في الملفوظ أيضا لأن الفعل فيها صار مشتركا بواسطة اشتراك المصدر تأمل‏.‏ على أن لا أتزوج امرأة صرح فيه بالمفعول، فهو مثل لا آكل طعاما ولعله ذكره لينبه على أنه إنما يصح فيه تخصيص الجنس فقط دون الوصف، لكن فيه أن لا آكل طعاما كذلك بدليل أنه لو نوى لقمة أو لقمتين لم يصح على أنه يخالفه ما يذكره قريبا فيما لو قال نويت من بلد كذا فإنه يصدق ديانة لا قضاء، ولعل في المسألة قولين يدل عليه أنه في التتارخانية قال وروي عن محمد فيمن قال لا أتزوج امرأة ونوى كوفية أو بصرية إلخ وذكر فيها أيضا إن تزوجت فعبدي حر وقال عنيت فلانة وامرأة من أهل الكوفة لا يصح ولو قال‏:‏ إن تزوجت امرأة وقال عنيت فلانة يصح ا هـ‏.‏ وهذا ظاهر لأنه في الأول لم يذكر المفعول‏.‏ ثم اعلم أنه يرد ما مر في يمين الفور حيث خصص بما دلت عليه القرينة كالغداء المدعو إليه ولعل وجهه أن العرف جعل اللفظ كالمصرح به ولا سيما إذا كان جوابا لكلام قبله لأن السؤال معاد فيه فلم يكن تخصيصا للعام غير المذكور بالنية، وهذا الموضع من مشكلات مسائل الأيمان ولم أجد من أعطاه حقه من البيان وما ذكر به هو غاية ما ظهر لفهمي القاصر وفكري الفاتر‏.‏

مطلب نية تخصيص العام تصح ديانة لا قضاء خلافا للخصاف

‏(‏قوله نية تخصيص العام تصح ديانة لا قضاء‏)‏ هذه الجملة بمنزلة التعليل لقوله قبله ولو ضم طعاما أو شرابا أو ثوبا دين لما علمت من أنه إذا ضم ذلك يصير نكرة في سياق الشرط فتعم، والعام تصح فيه نية التخصيص، لكن لا يصدقه القاضي لأنه خلاف الظاهر‏.‏ واعلم أن الفعل لا يعم ولا يتنوع كما في تلخيص الجامع لأن العموم للأسماء لا للفعل هو المنقول عن سيبويه كذا في شرحه للفارسي‏.‏ قلت‏:‏ ويرد عليه ما مر من مسألة الخروج والمساكنة والشراء إلا أن يقال كما مر إن التنوع هناك للفعل بواسطة مصدره لا أصالة تأمل‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

قيد بالنية لأن تخصيص العام بالعرف يصح ديانة وقضاء أيضا، وأما الزيادة على اللفظ بالعرف فلا تصح كما أوضحنا ذلك أول باب اليمين في الدخول والخروج، بقي هل يصح تعميم الخاص بالنية‏؟‏ قال في الأشباه لم أره‏.‏ قلت‏:‏ والظاهر أن تعميمه من الزيادة على اللفظ، وإذا لم تصح الزيادة عليه بالعرف فلا تصح بالنية الأولى لأن العرف ظاهر بخلاف النية تأمل ‏(‏قوله لا يصدق قضاء‏)‏ ظاهره أنه يصدق ديانة، وهو مخالف لقوله آنفا لا الصفة ككوفية أو بصرية أي أنه لا يدين فيها كما نبهنا عليه، وما ذكره الشارح مأخوذ من الولوالجية كما ذكره في البحر، ومثله في البزازية حيث قال‏:‏ كل امرأة من بلد كذا لا يصدق في ظاهر الرواية، وذكر الخصاف أنه يصدق وهذا بناء على جواز تخصيص العام بالنية فالخصاف جوزه وفي الظاهر لا، وعلى هذا لو أخذ منه دراهم وحلفه على أنه ما أخذ منه شيئا ونوى الدنانير فالخصاف جوزه والظاهر خلافه والفتوى على الظاهر، وإذا أخذ بقول الخصاف فيما إذا وقع في يد الظلمة لا بأس به‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وهذا كله في القضاء أما في الديانة فنية تخصيص العام صحيحة بالإجماع كما في البحر وقد مر‏.‏ والحاصل أن نية تخصيص العام تصح في ظاهر الرواية ديانة فقط، وعند الخصاف تصح قضاء أيضا وهذا إذا كان العام مذكورا وإلا فلا تصح نية تخصيصه أصلا في ظاهر الرواية، وقيل يدين كما قدمه الشارح وقدمنا أنه رواية عن الثاني وأنه اختاره الخصاف فصار حاصل ما اختاره الخصاف أنه في المذكور يصدق ديانة وقضاء وفي غيره ديانة فقط ‏(‏قوله متى حلفه ظالم وأخذ بقول الخصاف فلا بأس‏)‏ أقول‏:‏ المناسب أن يكون أخذ بضم أوله مبنيا للمجهول أي وأخذ القاضي إذ لا معنى لأخذ الحالف به قضاء لأن أخذ الحالف بما نواه غير خاص بقول الخصاف‏.‏