فصل: باب اليمين في الطلاق والعتاق

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***


باب اليمين في الطلاق والعتاق

‏(‏قوله الأصل فيه‏)‏ أي في مسائله أي بعضها ط ‏(‏قوله أن الولد الميت‏)‏ قيد بلفظ الولد إشارة إلى اشتراط أن يستبين بعض خلقه قال في الفتح‏:‏ ولو لم يستبن شيء من خلقه لم يعتبر ‏(‏قوله ولد في حق غيره‏)‏ فتنقضي به العدة والدم بعده نفاس وأمه أم ولد ويقع به المعلق على ولادته ط أي من عتقها أو طلاقها مثلا ‏(‏قوله لا في حق نفسه‏)‏ فلا يسمى ولا يغسل ولا يصلى عليه، ولا يستحق الإرث والوصية ولا يعتق‏.‏ ا هـ‏.‏ شلبي وسيأتي مثال هذا الأصل في قوله إن ولدت فأنت كذا حنث بالميت بخلاف فهو حر ط ‏(‏قوله وأن الأول اسم لفرد سابق‏)‏ فيه أن المعتبر عدم تقدم غيره عليه‏.‏ السابق يوهم وجود لاحق وهو غير شرط كما يأتي فالأوضح أن يقول والأول اسم لفرد لم يتقدمه غيره أفاده ط ‏(‏قوله والأخير‏)‏ كذا في البحر وفي نسخ والآخر بمد الهمزة وكسر الخاء بلا ياء وهي أولى ولا يصح الفتح لصدقه على السابق وعلى اللاحق ‏(‏قوله بين العددين المتساويين‏)‏ كالثاني من ثلاثة والثالث من خمسة ولم يمثل المصنف له كالكنز ط وسيأتي بيانه‏.‏ ‏(‏قوله بأحدها‏)‏ أي أحد الثلاثة المذكورة وفي نسخة بضمير التثنية والأول أولى ‏(‏قوله لا يتصف بالآخر‏)‏ بالمد والكسر فلو قال‏:‏ آخر امرأة أتزوجها طالق فتزوج امرأة ثم أخرى ثم طلق الأولى، ثم تزوجها ثم مات طلقت التي تزوجها مرة لأن التي أعاد عليها التزوج اتصفت بكونها أولى فلا تتصف بالآخرية للتضاد كما لو قال‏:‏ آخر عبد أضربه فهو حر فضرب عبدا ثم ضرب آخر ثم أعاد الضرب على الأول ثم مات عتق المضروب مرة ح عن البحر ‏(‏قوله لعدمه‏)‏ أي التنافي بيانه أن الفعل يتصف بالأولية وإذا وقع ثانيا يتصف بالآخرية لكون الثاني غير الأول فإنه عرض لا يبقى زمانين وإنما يعتبره الشرع باقيا كالبيع ونحوه إذا لم يعرض عليه ما ينافيه كفسخ وإقالة، وإلا فهو زائل وما يوجد بعده فهو غيره حقيقة، وإن كان عينه صورة فصح وصفه بالأولية والآخرية باعتبار الصورة وانتفى التنافي بين الوصفين باعتبار الحقيقة وذلك لكون الواقع آخرا غير الواقع أولا ولذا قال لأن الفعل الثاني غير الأول فافهم ‏(‏قوله مرتين‏)‏ ظرف للمتزوجة لا لطلقت ح

‏(‏قوله لعدم الفردية‏)‏ أي في العبدين، وأما العبد فلعدم السبق فكان عليه أن يقول لعدم الفردية والسبق‏.‏ ا هـ‏.‏ ح‏.‏

مطلب أول عبد أشتريه حر

‏(‏قوله عتق الثالث‏)‏ أي في المثال المذكور لأنه هو الموصوف بكونه أول عبد اشتراه وحده ولا يخرجه عن الأولية شراء عبدين معا قبله، وكذا لو قال أول عبد أشتريه أسود أو بالدنانير فاشترى عبيدا بيضا أو بالدراهم ثم اشترى عبدا أسود أو بالدنانير عتق كما في البحر، ولا يلزم في المشرى أولا أن يكون جمعا كما لا يخفى ‏(‏قوله وأشار إلى الفرق‏)‏ أي بين وحده وبين واحدا ‏(‏قوله للاحتمال إلخ‏)‏ هذا الفرق لشمس الأئمة، ومقتضاه أنه لو نوى كونه حالا من العبد يعتق لكن عبر عنه في الفتح بقيل، والذي اقتصر عليه في تلخيص الجامع الكبير، وأوضحه قاضي خان في شرح الجامع الصغير وشراح الهداية وغيرهم هو أن الواحد يقتضي الانفراد في الذات، ووحده الانفراد في الفعل المقرون به‏.‏ ألا ترى أنه لو قال في الدار رجل واحد كان صادقا إذا كان معه صبي أو امرأة بخلاف في الدار رجل وحده فإنه كاذب فإذا قال‏:‏ واحدا لا يعتق الثالث لكونه حالا مؤكدة لم تفد غير ما أفاده لفظ أول، فإن مفاده الفردية والسبق، ومفادها التفرد فكان كما لو لم يذكرها، أما إذا قال وحده فقد أضاف العتق إلى أول عبد لا يشاركه غيره في التملك والثالث بهذه الصفة وإن عنى بقوله واحدا معنى التوحد صدق ديانة وقضاء لما فيه من التغليظ، فيكون الشرط حينئذ التفرد والسبق في حالة التملك كما ذكره الفارسي في شرح التلخيص وبما ذكر من الفرق علمت أنه لا فرق بين النصب والجر بل ذكر في تلخيص الجامع أن حقه الكسر كما في بعض نسخ الجامع وذكر شارحه عن كافي النسفي أن الألف خطأ من بعض الكتاب ‏(‏قوله فهو كوحده‏)‏ أي فيعتق العبد الثالث، ورده في النهر بأن الجر كالنصب الفرق السابق‏.‏ قلت‏:‏ ويؤيده ما نقلنا عن تلخيص الجامع وشرحه ‏(‏قوله وفي النهر إلخ‏)‏ في بعض النسخ وجوز في النهر إلخ وعبارته ولم أر في كلامهم الرفع على أنه خبر لمبتدإ محذوف والظاهر أنه لا يعتق أيضا كالنصف فتدبر‏.‏ه‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله فملك عبدا ونصف عبد‏)‏ أي معا كما في الفتح ‏(‏قوله عتق الكامل‏)‏ لأن نصف العبد ليس بعبد فلم يشاركه في اسمه فلا يقطع عنه وصف الأولية والفردية كما لو ملك معه ثوبا أو نحوه زيلعي ‏(‏قوله وكذا الثياب‏)‏ مثل أول ثوب أملكه فهو هدي فملك ثوبا ونصفا ‏(‏قوله للمزاحمة‏)‏ فإنه إذا قال أول كر أملكه فهو صدقة فملك كرا ونصف كر جملة لا يلزمه التصدق بشيء لأن النصف الزائد على الكر مزاحم له يخرجه عن الأولية والفردية لأن الكر اسم لأربعين قفيزا وقد ملك ستين جملة نظيره أول أربعين عبدا أملكهم فهم أحرار فملك ستين لا يعتق أحد، فعلم أن النصف في الكر يقبل الانضمام إليه إذ لو أخذت أي نصف شئت، وضممته إلى النصف الزائد يصير كرا كاملا ونصف العبد ليس كذلك زيلعي‏.‏

‏(‏قوله فمات الحالف‏)‏ وكذا لا يعتق لو لم يمت بالأولى لأنه ما دام حيا يحتمل أن يملك غيره ‏(‏قوله إذ لا بد للآخر من الأول إلخ‏)‏ قال في الفتح‏:‏ وهذه المسألة مع التي تقدمت تحقق أن المعتبر في تحقق الآخرية وجود سابق بالفعل وفي الأولية عدم تقدم غيره لا وجود آخر متأخر عنه، وإلا لم يعتق المشتري في قوله أول عبد أشتريه فهو حر إذا لم يشتر بعده غيره‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله بخلاف القبل‏)‏ فإذا قلت‏:‏ جاء زيد قبل لا يقتضي مجيء أحد بعده فإن معناه أن أحدا لم يتقدمه في المجيء ط‏.‏ قلت‏:‏ والظاهر أن هذا فيما إذا كان قبل منصوبا منونا وإلا فهو مضاف تقديرا إلى شيء وجد بعده إلا أن يقال إنه لا يلزم وجوده بعده ولو صرح بالمضاف إليه كجئت قبل زيد فليتأمل ‏(‏قوله ثم مات الحالف‏)‏ قيد به لأنه لا يعلم أن الثاني آخر إلا بموت المولى، لجواز أن يشتري غيره فيكون هو الآخر بحر‏.‏ قلت‏:‏ وهذا إذا تناولت اليمين غير هذا العبد وكانت على فعل لا يوجد بعد موت المولى، ولم يؤقت وقتا لما في شرح الجامع الكبير لو قال لامرأتين‏:‏ آخر امرأة أتزوجها منكما طالق فتزوج امرأة ثم الأخرى طلقت الثانية في الحال لاتصافها بالآخرية في الحال، واليمين لم يتناول غيرها، ولو قال لعشرة أعبد آخركم تزوجا حر فتزوج بإذنه عبد ثم عبد ثم تزوج الأول أخرى ثم مات المولى لم يعتق واحد منهم لأن بموته لم يتحقق الشرط لاحتمال أن يتزوج آخر بعد موت المولى، فلم يكن آخرهم إلا إذا تزوج كلهم بإذنه فيعتق العاشر في الحال بلا توقف على موت المولى لأنه آخرهم ولا يتوهم زوال وصف الآخرية عنه وكذا لو ماتوا قبله سوى المتزوجين فيعتق الذي تزوج مرة ولو قال آخركم تزوجا اليوم حر عتق الثاني الذي تزوج مرة بمضي اليوم دون الأول الذي تزوج مرتين لأنه اتصف بالأولية فلا يتصف بالآخرية ا هـ‏.‏ ملخصا وتمامه فيه ‏(‏قوله مستندا إلى وقت الشراء‏)‏ هذا عنده وعندهما يقع مقتصرا على حالة الموت، فيعتبر من الثلث على كل حال لأن الآخرية لا تثبت إلا بعدم شراء غيره بعده، وذلك يتحقق بالموت فيقتصر عليه‏.‏ وله أن الموت معرف فأما اتصافه بالآخرية فمن وقت الشراء فيثبت مستندا بحر ‏(‏قوله لو علق البائن بالآخر‏)‏ كقوله‏:‏ آخر امرأة أتزوجها فهي طالق ثلاثا، فعنده يقع منذ تزوجها وإن كان دخل بها فلها مهر بالدخول بشبهة ونصف مهر بالطلاق قبل الدخول وعدتها بالحيض بلا حداد ولا ترث منه وعندهما يقع عند الموت وترث لأنه فار ولها مهر واحد وعليها العدة أبعد الأجلين من عدة الطلاق والوفاة وإن كان الطلاق رجعيا فعليها الوفاة وتحد كما في البحر ‏(‏قوله وأما الوسط إلخ‏)‏ فإذا اشترى ثلاثة أعبد متفرقين ثم مات عتق الثاني عند الموت عندهما، وعند الإمام عتق مستندا إلى وقت شراء الثالث لأنه اكتسب اسم الوسط في نفس الأمر عند شراء الثالث، وعرفنا ذلك بموت السيد قبل أن يشتري رابعا وأما قبل الثالث فلم يكتسب الثاني اسم الوسط لا عندنا ولا في نفس الأمر، فلا يستند العتق إلى وقت شراء الثاني، بخلاف ما إذا قال‏:‏ آخر عبد أملكه فهو حر، ثم اشترى عبدين متفرقين، ثم مات حيث يعتق الثاني مستندا إلى وقت شرائه عند الإمام لأنه اكتسب اسم الآخر بالشراء في نفس الأمر، وعرفنا ذلك بموت السيد قبل أن يشتري عبدا آخر هذا ما ظهر لي فتأمل‏.‏ وراجع‏.‏ ا هـ‏.‏ ح‏.‏ قلت‏:‏ وهو بحث جيد والقواعد له تؤيد وفي التلخيص وشرحه للفارسي‏:‏ لو قال كل مملوك أملكه حر إلا الأوسط فملك عبدا عتق في الحال لامتناع الأوسطية فيه حالا ومآلا فلو ملك ثانيا ثم ثالثا لم يعتق واحد منهما لأن الثاني صار أوسط بشراء الثالث، والثالث يحتمل أن يصير أوسط بملك خامس وإنما يعتق الثاني إذا انتفت عنه الأوسطية بأن ملك رابعا فيعتق حين ملك الرابع وهلم جرا، والأوسطية تزول بموت المولى عن شفع كالاثنين والأربعة والستة وتتحقق بموته عن وتر كثلاثة أو خمسة أو سبعة ونحوها فيعتقون إلا أوسطهم وتمامه هناك

‏(‏قوله مستبين الخلق‏)‏ أي ولو بعض الخلق كما قدمناه ‏(‏قوله وإلا‏)‏ أي وإن لم يستبن‏.‏

مطلب إن ولدت فأنت كذا حنث بالميت بخلاف هو حر

‏(‏قوله عتق الحي وحده‏)‏ أي عند الإمام وعندهما لا يعتق أحد لأن الشرط تحقق بولادة الميت، فتنحل اليمين لا إلى جزاء لأن الميت ليس بمحل للحرية وله أن مطلق الاسم تقيد بوصف الحياة لأنه قصد إثبات الحرية له وعلى هذا الخلاف أول ولد تلدينه فهو حر فولدت ميتا ثم حيا أفاده في البحر ‏(‏قوله لبطلان الرق إلخ‏)‏ هذا تعليل من طرفهما لغير مذكور في كلام الشارح وهو ما لو قال أول عبد يدخل علي فهو حر فأدخل عليه عبد ميت ثم آخر حي عتق الحي إجماعا على الصحيح والعذر لهما أن العبودية بعد الموت لا تبقى لأن الرق يبطل بالموت بخلاف الولد في أول ولد تلدينه والولادة في إن ولدت لتحققهما بعد الموت أفاده ح ‏(‏قوله بل لغة إلخ‏)‏ قال في النهر ولا تختص لغة بالسار بل قد تكون في الضار أيضا ومنه ‏{‏فبشرهم بعذاب أليم‏}‏ ودعوى المجاز مدفوعة بمادة الاشتقاق إذ لا شك أن الإخبار بما يخافه الإنسان يوجب تغير البشرة أيضا ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ لا منافاة بين ما قاله من أنها حقيقة في خبر يغير البشرة وبين تقرير البيانيين الاستعارة التهكمية في الآية لأنه نظر فيما قاله إلى أصل اللغة وهم نظروا إلى عرف اللغة وكم لفظ اختلف معناه في أصلها وعرفها كالدابة فإنها اسم لما يدب على الأرض في أصل اللغة وخصت في عرفها بذوات الأربع وكاللفظ فإن معناه في أصل اللغة الرمي ثم خص في عرفها بما يطرحه الفم كما في رسالة الوضع ا هـ‏.‏ ح‏.‏ وحاصله‏:‏ أنه منقول لغوي فيصح إطلاق لفظ الحقيقة والمجاز عليه باختلاف الاعتبار كما أوضحه في التلويح في أول التقسيم الثاني في استعمال اللفظ في المعنى ‏(‏قوله خرج الكذب‏)‏ فلا يعتبر‏.‏ وأورد أنه يظهر به في بشرة الوجه الفرح والسرور باعتبار الظاهر وأجيب بأنه إذا ظهر خلافه يزول لكن في الفتح أن الوجه فيه نقل اللغة والعرف ‏(‏قوله فيكون‏)‏ أي التبشير أو الضمير عائد للخبر الذي عاد إليه ضمير به‏.‏

مطلب كل عبد بشرني بكذا حر

‏(‏قوله من الأول‏)‏ أي من الخبر الأول دون الباقين أي المخبرين بعده في المثال الآتي قال في الفتح‏:‏ وأصله ما روي‏:‏ «أنه عليه الصلاة والسلام مر بابن مسعود وهو يقرأ القرآن فقال عليه الصلاة والسلام‏:‏ من أحب أن يقرأ القرآن غضا طريا كما أنزل فليقرأ بقراءة ابن أم عبد» فابتدر إليه أبو بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما بالبشارة فسبق أبو بكر عمر فكان ابن مسعود يقول بشرني أبو بكر وأخبرني عمر

‏(‏قوله لما قلنا‏)‏ من أن المبشر هو الأول دون الباقين ‏(‏قوله فتكون كالحديث‏)‏ أي فلا يعتق بالكتابة والرسالة لما مر في الباب السابق أن الحديث لا يكون إلا باللسان ‏(‏قوله إن ذكر الرسالة‏)‏ بأن قال له إن فلانا يقول لك إن فلانا قدم كما في البحر فالمعتبر في الرسالة إسناد الكلام إلى المرسل بلا اشتراط ذكر مادة الرسالة ‏(‏قوله وإلا الرسول‏)‏ أي وإن لم يذكر الرسالة، وإنما قال له إن فلانا قدم من غير إسناد إلى المرسل عتق الرسول ‏(‏قوله عتقوا‏)‏ وإن قال عنيت واحدا لم يصدق قضاء بل ديانة فيسعه أن يختار واحدا فيمضي عتقه ويمسك البقية ط عن الهندية ‏(‏قوله فبشروه‏)‏ كذا وقع للزيلعي والكمال وصاحب البحر والتلاوة بالواو ط ‏(‏قوله والإعلام لا بد فيه من الصدق‏)‏ كان عليه أن يزيد وجهل الحالف كما قدمناه عن التلخيص في الباب السابق لأن الإعلام لا يكون للعالم وقدمنا أن ما ذكره هنا من اشتراط الصدق في الإعلام والبشارة مخالف لما قدمه هناك تبعا للفتح والبحر من عدم اشتراطه إذا كانا بدون باء وأن ما هنا مذكور في التلخيص ‏(‏قوله والكذب لا يفيده‏)‏ لأن العلم الجزم المطابق للحق والكذب لا مطابقة فيه ط‏.‏

مطلب النية إذا قارنت علة التكفير

‏(‏قوله النية إلخ‏)‏ أي نية العتق عن الكفارة وقد ذكروا هذه القاعدة هنا لمناسبة تعليق العتق بالشراء فإنه يمين وإلا فالمناسب لها كفارة الظهار أو كفارة اليمين ‏(‏قوله كالشراء‏)‏ أي شراء القريب‏:‏ أي إذا نواه عن كفارته أجزأه عندنا خلافا لزفر والأئمة الثلاثة، وهو قول أبي حنيفة أولا بناء على أن علة العتق عندهم القرابة لا الشراء، ولنا أن شراء القريب إعتاق لما روى الستة إلا البخاري أنه صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ «لن يجزي ولد عن والده إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه» يريد فيشتريه فيعتق عند ذلك الشراء، وقد رتب عتقه على شرائه بالفاء لما علمت من أن المعنى فيعتق هو فهو مثل سقاه فأرواه والترتيب بالفاء يفيد العلية على ما عرف مثل سها فسجد وتمامه في الفتح ‏(‏قوله لأنه جبري‏)‏ فإن الملك يثبت فيه بلا اختيار فلا تتصور النية فيه فلا يعتق عن كفارته إذا نواه لأنها نية متأخرة عن العتق بخلاف ما إذا ملكه بهبة أو وصية ناويا عند القبول كما يأتي ‏(‏قوله بأن لم تقارن‏)‏ أي النية العلة أي علة التكفير كما ذكرنا في الإرث وكما يأتي ‏(‏قوله ثم فرع عليها‏)‏ أي على القاعدة المذكورة‏.‏ ‏(‏قوله فصح شراء أبيه‏)‏ أي ونحوه من كل قريب محرم ‏(‏قوله لا شراء من حلف بعتقه‏)‏ كقوله لعبد الغير إن اشتريتك فأنت حر فاشتراه ناويا عن التكفير لا يجزيه لعدمها أي عدم المقارنة للنية، فإن علة العتق قوله فأنت حر والشراء شرط والعتق وإن كان ينزل عند وجود الشرط لكنه إنما ينزل بقوله‏:‏ أنت حر السابق، فإن العلة والشراء شرط عملها فلا يعتبر وجود النية عنده لأن النية شرط متقدم لا متأخر حتى لو كان نوى عند الحلف يعتق عنها كما يأتي وتمامه في الفتح ‏(‏قوله ولا شراء مستولدة إلخ‏)‏ أي إذا تزوج أمة لغيره فأولدها بالنكاح ثم قال لها إذا اشتريتك فأنت حرة عن كفارة يميني ثم اشتراها لا تجزيه عن الكفارة ‏(‏قوله لنقصان رقها‏)‏ لأنها استحقت العتق بالاستيلاد، حتى جعل إعتاقا من وجه، ولذا لا يجزي إعتاقها عن الكفارة ولو منجزا، ولكن أراد الفرق بينها وبين القريب لأن شراءه إعتاق من كل وجه لأنه لم يثبت له قبل الشراء عتق من وجه أفاده في الفتح ‏(‏قوله بخلاف إلخ‏)‏ مرتبط بقوله ولا شراء مستولدة ‏(‏قوله للمقارنة‏)‏ تعليل قاصر، فإن المقارنة موجودة في المستولدة أيضا وإنما وجه المخالفة ما في الفتح وهو أن حرية القنة غير مستحقة بجهة أخرى فلم تختل إضافة العتق إلى الكفارة وقد قارنته النية فكمل الموجب ‏(‏قوله كاتهاب إلخ‏)‏ كان عليه أن يذكره بعد قول المتن فصح شراء أبيه للكفارة بأن يقول‏:‏ وكذا إذا وهب له أو تصدق عليه به أو أوصى له به ناويا عند القبول ح وهذه الثلاثة ذكرها في البحر بحثا وزاد أو جعل مهرا لها مع أن الثلاثة في الفتح والزيلعي‏.‏

مطلب إن تسريت أمة فهي حرة

‏(‏قوله إن تسريت أمة‏)‏ أي اتخذتها سرية فعلية منسوبة إلى السر وهو الجماع أو الإخفاء ‏(‏قوله لمصادفتها الملك‏)‏ أي لمصادفة الحلف وأعاد عليه الضمير مؤنثا لأن الحلف بمعنى اليمين‏:‏ وهي هنا التعليق أي لوقوعها في حالة الملك فهو كقوله‏:‏ إن ضربت أمة فهي حرة فضرب أمة في ملكه عتقت بخلاف من ملكها بعد التعليق ‏(‏قوله لا يعتق من شراها فتسراها‏)‏ أي عندنا خلافا لزفر فإنه يقول التسري لا يصح إلا في الملك فكان ذكره ذكر الملك‏.‏ ولنا أنه لو عتقت المشتراة لزم صحة تعليق عتق من ليس في الملك بغير الملك وسببه لأن التسري ليس نفس الملك ولا سببه وتمام تحقيق ذلك في الفتح ‏(‏قوله ويثبت التسري بالتحصين والوطء‏)‏ التحصين أن يبوئها بيتا ويمنعها من الخروج أفاده مسكين ط، فلو وطئ أمة له ولم يفعل ما ذكر من التحصين والإعداد للوطء لا يكون تسريا وإن علقت منه فتح‏.‏ وأفاد قول الشارح‏:‏ والوطء أنه لا بد منه فلا يكفي الإعداد له بدونه في مفهوم التسري وهذا نبه عليه في النهر أخذا من قولهم لو حلف لا يتسرى فاشترى جارية فحصنها ووطئها حنث ثم قال إنهم أغفلوا التنبيه عليه‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ لكن صرح به ابن كمال فقال وشرط في الجامع الكبير شرطا ثالثا وهو أن يجامعها ‏(‏قوله وشرط الثاني‏)‏ أي مع ذلك فتح أي مع المذكور من الشرطين ‏(‏قوله طلقت وعتق‏)‏ أي طلقت امرأته المعلق طلاقها على التسري وعتق عبده المعلق عتقه عليه، والمراد به العبد الذي كان في ملكه وقت الحلف دون المشري بعده كما في الفتح والنهر أي لأن قوله فعبدي حر ينصرف إلى العبد المضاف إليه وقت الحلف دون الحادث بعده كما مر في كتاب الإعتاق في باب الحلف بالعتق ومثله يقال في الزوجة ‏(‏قوله وأفاد الفرق إلخ‏)‏ أي بين تعليق عتق الأمة الغير المملوكة وقت الحلف على تسريها، وبين تعليق عتق عبده الذي في ملكه أو طلاق زوجته على تسري أمة، وإن لم تكن في ملكه وقت الحلف حنث صح الثاني دون الأول، وبيان الفرق أن الأول لم يصح للمانع وهو تعليق عتق من ليس في الملك بغير الملك وسببه كما مر، أما الثاني فقد صح لعدم المانع لكونه تعليق عتق عبد أو طلاق زوجة في ملكه وقت الحلف، وذلك جائز بأي شرط كان كدخول الدار وغيره من الشروط، ومنها تسري أمة في ملكه وقت الحلف أو مستجدة بعده، وهذا الفرق ظاهر خلافا لبعض معاصري صاحب البحر حيث قاس الثاني على الأول فإنه غلط فاحش كما نبه عليه في البحر والنهر والشرنبلالية وأشار إليه المصنف بتصريحه بتعليله ولذا أمر الشارح بحفظه‏.‏

مطلب كل مملوك لي حر

‏(‏قوله كل مملوك لي حر‏)‏ هذه المسائل إلى آخر الباب ليست من الأيمان لعدم التعليق فيها فالأولى بها أبوابها‏.‏ ا هـ‏.‏ ح‏.‏ قلت‏:‏ ولعلهم ذكروها هنا لبيان حكمها إذا وقعت جزاء في التعليق ثم رأيت ط ذكره ‏(‏قوله عتق عبيده ومدبروه‏)‏ أي الإماء والذكور فتح ‏(‏قوله ويدين في نية الذكور‏)‏ أي ولا يصدق قضاء لأنه نوى التخصيص في اللفظ العام، ولو نوى السود دون غيرهم لا يصدق أصلا لأنه نوى التخصيص بوصف ليس في لفظه ولا عموم إلا للفظ، فلا تعمل نيته بخلاف الذكور فإن لفظ ‏"‏ كل مملوك ‏"‏ للرجال حقيقة لأنه تعميم مملوك، وهو الذكر وإنما يقال للأنثى مملوكة، ولكن عند الإطلاق يستعمل لها المملوك عادة يعني إذا عمم مملوك بإدخال كل ونحوه شمل الإناث حقيقة فلذا كان نية الذكور خاصة خلاف الظاهر، فلا يصدق قضاء ولو نوى النساء وحدهن لا يصدق أصلا فتح‏.‏ قلت‏:‏ وتقدم في باب الحلف بالعتق من كتاب العتق أنه لو قال مماليكي كلهم أحرار لم يدين في نية الذكور لأنه جمع مضاف يعم مع احتمال التخصيص، وقد ارتفع الاحتمال بالتأكيد بخلاف ‏"‏ كل مملوك ‏"‏ فإن الثابت فيه أصل العموم فقط فقيل التخصيص وقدم الشارح هناك أن لفظ المملوك والعبد يتناول المدبر والمرهون والمأذون على الصواب أي خلافا للمجتبى في الأخيرين ‏(‏قوله لملكهم يدا ورقبة‏)‏ عائد للكل وهو من إضافة المصدر لمفعوله أي لكونهم مملوكين له يدا أي أكسابا ورقبة ‏(‏قوله ومعتق البعض كالمكاتب‏)‏ أي في أنه لا يدخل في المملوك لا أنه مثله في الدخول في المرقوق أيضا لأن كلا من الملك والرق ناقص في معتق البعض فلا يدخل في المملوك ولا في المرقوق ا هـ‏.‏ ح‏.‏ قلت‏:‏ وتقدم في العتق أن المشترك كالمكاتب أيضا لا يدخل إلا بالنية وتقدم تمام الكلام عليه ‏(‏قوله لعدم الملك يدا‏)‏ أي لعدم ملك المولى ما في يد المكاتب، فصار الملك ناقصا فلا يدخل في المملوك المطلق، وكذا معتق البعض والمشترك لما علمت ‏(‏قوله أن يعتق المكاتب‏)‏ لأن الرق فيه كامل فتح ‏(‏قوله لا أم الولد‏)‏ لنقصان رقها بالاستيلاد ط‏.‏

مطلب لا يكلم هذا الرجل وهذا وهذا

‏(‏قوله هذه طالق إلخ‏)‏ كان الأنسب بهذا الباب ذكر ما لو حلف لا يكلم هذا الرجل أو هذا وهذا ففي تلخيص الجامع وشرحه‏:‏ أنه يحنث بكلام الأول، أو بكلام الأخيرين لأن أو لأحد الشيئين، ولو كلم أحد الأخيرين فقط لا يحنث ما لم يكلم الآخر، ولو عكس فقال‏:‏ لا أكلم هذا وهذا أو هذا حنث بكلام الأخير أو بكلام الأولين لأن الواو للجمع وكلمة أو بمعنى ولا لتناولها نكرة في النفي فتعم كما في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ولا تطع منهم آثما أو كفورا‏}‏ أي ولا كفورا ففي الأول جمع بين الأخيرين بحرف الجمع فصار كأنه قال لا أكلم هذا ولا هذين وفي الثاني جمع بين الأولين بحرف الجمع كأنه قال لا أكلم هذين ولا هذا ا هـ‏.‏ وذكر الفرق بينه وبين ما في المتن أن هذا في النفي وذاك في الإثبات فلا يعم ونحوه في البحر ‏(‏قوله والإقرار‏)‏ كما لو قال لفلان‏:‏ علي ألف درهم أو لفلان وفلان لزمه خمسمائة للأخير وله أن يجعل خمسمائة لأي الأولين شاء، فإن مات من غير بيان اشترك في الخمسمائة الأولان ح ‏(‏قوله على الواقع منهما‏)‏ أي على الثابت من الأولين وهو الواحد المبهم، ولذا قال في التلويح إن المعطوف عليه هو المأخوذ من صدر الكلام لا أحد المذكورين بالتعيين‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله ولا يصح إلخ‏)‏ قال في التلويح قيل إنه لا يعتق أحدهم في الحال وله الخيار بين الأول والأخيرين لأن الثالث عطف على ما قبله والجمع بالواو كالجمع بألف التثنية فكأنه قال هذا حر وهذان كما إذا حلف لا يكلم هذا أو هذا وهذا وأجاب شمس الأئمة بأن الخبر المذكور، وهو حر لا يصلح خبرا للاثنين، ولا وجه لإثبات خبر آخر لأن العطف للاشتراك في الخبر أو لإثبات خبر آخر مثله لا لإثبات مخالف له لفظا بخلاف مسألة اليمين لأن الخبر يصلح للاثنين يقال‏:‏ لا أكلم هذا أو لا أكلم هذين وجعل صدر الشريعة هذا الجواب سببا للأولوية والرجحان لا للامتناع لأن المقدر قد يغاير المذكور لفظا كما في قولك هند جالسة وزيد وقول الشاعر‏:‏

نحن بما عندنا وأنت بما *** عندك راض والرأي مختلف

ا هـ‏.‏ ملخصا وتمامه فيه‏.‏ وأجاب صدر الشريعة في التنقيح بجواب آخر‏:‏ وهو أن قوله أو هذا مغير لمعنى قوله هذا حر ثم قوله وهذا غير مغير لأن الواو للتشريك فيقتضي وجود الأول، وإنما يتوقف أول الكلام على المغير لا على ما ليس بمغير فيثبت التخيير بين الأول والثاني بلا توقف على الثالث‏.‏ فصار معناه أحدهما حر ثم قوله وهذا يكون عطفا على أحدهما‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وهذا أظهر من الجواب الأول لشموله صورة الإقرار دون الأول لأنه لا يختلف فيها تقدير الخبر فتدبر‏.‏ ‏(‏قوله وهذا إذا لم يذكر الثاني والثالث خبرا‏)‏ صادق بعدم ذكر خبر أصلا وبذكر خبر للثالث فقط بأن يقول هذه طالق أو هذه وهذه طالق ذكره مسكين ط ‏(‏قوله بأن قال إلخ‏)‏ والظاهر أن الإقرار كذلك كما إذا قال لهذا ألف درهم أو لهذا وهذا ألف درهم ط ‏(‏قوله حلف لا يساكن فلانا‏)‏ محل هذه المسألة باب اليمين في الدخول والخروج والسكنى وقدمها الشارح بعينها هناك ح ‏(‏قوله وبه يفتى‏)‏ لأنه لم يساكنه حقيقة كما قدمه الشارح‏.‏

‏(‏قوله قال لعبده إلخ‏)‏ سيذكر الشارح هذا الفرع في محله وهو باب اليمين بالضرب والقتل‏.‏

مطلب في استعمال حتى للغاية وللسببية وللعطف

‏(‏قوله وبه يفتى‏)‏ لأن حتى للتعليل والسببية لا للغاية وفي الذخيرة أن حتى في الأصل للغاية إن أمكن، بأن يكون مدخولها مقصودا ومؤثرا في إنهاء المحلوف عليه وفي تركه فإن لم يمكن حملت على السببية وشرطها كون العقد معقودا على فعلين‏:‏ أحدهما منه، والآخر من غيره ليكون أحدهما جزاء عن الآخر فإن تعذر حملت على العطف، ومن حكم الغاية اشتراط وجودها فإن أقلع عن الفعل قبل الغاية حنث وفي السببية اشتراط وجود ما يصلح سببا لا وجود المسبب وفي العطف اشتراط وجودهما‏.‏

مطلب إن لم أخبر فلانا حتى يضربك

فإذا قال إن لم أخبر فلانا بما صنعت حتى يضربك فعبدي حر فشرط البر الإخبار فقط، وإن لم يضربه لأنه مما لا يمتد فلا يمكن حملها على الغاية، وأمكنت السببية لأن الإخبار يصلح سببا للضرب كأنه قال إن لم أخبره بصنعك ليضربك كما لو حلف ليهبن له ثوبا حتى يلبسه أو دابة حتى يركبها فوهبه بر وإن لم يلبس ولم يركب‏.‏

مطلب إن لم أضربك حتى يدخل الليل

وإذا قال إن لم أضربك حتى يدخل الليل أو حتى يشفع لك فلان أو حتى تصيح فأقلع عن الضرب قبل ذلك حنث لأن ذلك يصلح غاية للضرب وكذا إن لم ألازمك حتى تقضيني ديني‏.‏

مطلب إن لم آتك حتى أتغدى

وإذا قال عبده حر إن لم آتك اليوم حتى أتغدى عندك أو حتى أغديك أو حتى أضربك، فشرط البر وجودهما إذ لا تمكن الغاية لأن الإتيان لا يمتد ولا السببية لأن الفعلين من واحد وفعل الإنسان لا يصلح جزاء لفعله، فحمل على العطف وصار التقدير إن لم آتك وأتغدى عندك، وإن لم يقيد باليوم فأتاه فلم يتغد عنده، ثم تغدى عنده في يوم آخر من غير أن يأتيه بر لأنه لما أطلق لا فرق بين وجود شرطي البر معا أو متفرقا ا هـ‏.‏ ملخصا‏.‏

مطلب لا يلتحق الشرط بعد السكوت سواء كان له أو عليه

‏(‏قوله اختلف في لحاق الشرط إلخ‏)‏ الخلاف فيما إذا كان الشرط عليه كالمثال الآتي أما إذا كان له لا يلحق بالإجماع كقوله‏:‏ إن دخلت هذه الدار، فأنت طالق فسكت سكتة ثم قال‏:‏ وهذه الدار لأن الثانية لو لحقت باليمين لا تطلق بدخول الأولى وحدها، ولا يملك تغير اليمين كذا في الذخيرة ومثله في البزازية وكذا قال في الخانية لا يصح في قولهم‏.‏ ا هـ‏.‏ والحاصل‏:‏ أنه على المفتى به لا يلحق مطلقا سواء كان له أو عليه ‏(‏قوله بعد السكوت‏)‏ متعلق بلحاق ‏(‏قوله فلا حنث في إن كان كذلك إلخ‏)‏ مثاله ما في الخانية رجل قال لجاره‏:‏ إن امرأتي كانت عندك البارحة فقال الجار إن كانت امرأتك عندي البارحة فامرأتي طالق فسكت ساعة ثم قال ولا غيرها ثم ظهر أنه كان عند الحالف امرأة أخرى‏.‏