فصل: باب حد القذف

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***


باب حد القذف

‏(‏قوله وشرعا الرمي بالزنا‏)‏ الأولى ما في العناية من أنه نسبة المحصن إلى الزنا صريحا أو دلالة إذ الحد إنما هو في المحصن نهر‏.‏ قلت‏:‏ لكن الإحصان شرط الحد، وله شروط أخر ستذكر، والكلام في الحقيقة الشرعية المشروطة بما يأتي‏.‏ وينبغي أن يقيد أيضا بكونه على سبيل التعبير والشتم ليخرج شهادة الزنا ‏(‏قوله لكن في النهر إلخ‏)‏ عزاه في النهر إلى الحليمي من الشافعية معللا بأن الإيذاء في قذف هؤلاء دونه في الحرة الكبيرة المتسترة، وذكره في البحر بحثا غير معزى‏.‏ ونقل أيضا عن شرح جمع الجوامع أن القذف في الخلوة صغيرة عند الشافعية، قال وقواعدنا لا تأباه؛ لأن العلة فيه لحوق العار، وهو مفقود في الخلوة‏.‏ واعترضه في النهر بأنه في الفتح استدل للإجماع بآية ‏{‏والذين يرمون المحصنات‏}‏ وبحديث‏:‏ «اجتنبوا السبع الموبقات» وعد منها قذف المحصنات، أي وهذا صادق على قذف المحصنة في الخلوة بحيث لم يسمعه أحد واعترضه أيضا الباقاني في شرح الملتقى بأن المذكور في شرح جمع الجوامع عن ابن عبد السلام أنه ليس بكبيرة موجبة للحد لانتفاء المفسدة، وقال محشيه اللقاني‏:‏ إن المحقق من هذه العبارة نفي إيجاب الحد لا نفي كونه كبيرة أيضا لتوجه النفي على القيد، وقال الزركشي أيضا‏:‏ إن هذا ظاهر فيما إذا كان صادقا دون الكاذب لجراءته على الله تعالى أي فهو كبيرة وإن كان في الخلوة‏.‏ وقال الشارح في شرح الملتقى‏:‏ قلت والذي حررته في شرح منظومة والد شيخنا النجم الغزي الشافعي أنه من الكبائر وإن كان صادقا ولا شهود له عليه ولو من الوالد لولده أو لولد ولده وإن لم يحد به بل يعزر ولو لغير محصن، وشرط الفقهاء الإحصان إنما هو لوجوب الحد لا لكونه كبيرة‏.‏ وقد روى الطبراني عن واثلة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ «من قذف ذميا حد له يوم القيامة بسياط من نار»‏.‏ ثم من المعلوم ضرورة أن قذف أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها كفر سواء كان سرا أو جهرا، وكذا القول في مريم، وكذا الرمي باللواطة ا هـ‏.‏ أي إنه من الكبائر أيضا وسيأتي بيان حكمه في باب التعزير

‏(‏قوله كمية‏)‏ أي قدرا وهو ثمانون سوطا إن كان حرا ونصفها إن كان القاذف عبدا بحر ‏(‏قوله فيثبت برجلين‏)‏ بيان لقوله وثبوتا وأشار إلى أنه لا مدخل فيه لشهادة النساء كما مر، وكذا الشهادة على الشهادة وكتاب القاضي إلى القاضي‏.‏ ويثبت أيضا بإقرار القاذف مرة كما في البحر؛ ولا يستحلف على ذلك، ولا يمين في شيء من الحدود إلا أنه يستحلف في السرقة لأجل المال، فإن أبى ضمن المال ولم يقطع‏.‏ وإذا اختلف الشاهدان في الزمان لم تبطل شهادتهما عنده كما في الإقرار بالمال أو بالطلاق أو العتاق‏:‏ وعندهما لا يحد القاذف، وإن شهد أحدهما بالقذف والآخر على الإقرار به لم يحد اتفاقا استحسانا، وكذا تبطل لو اختلفا في اللغة التي قذف بها أو شهد أحدهما أنه قال يا ابن الزانية والآخر أنه قال لست لأبيك ا هـ‏.‏ ملخصا من كافي الحاكم ‏(‏قوله عن ماهيته‏)‏ أي حقيقته الشرعية المارة ‏(‏قوله وكيفيته‏)‏ أي اللفظ الذي قذف به‏.‏ ا هـ‏.‏ ح‏.‏ قلت‏:‏ فيه إن هذا اللفظ ركن القذف، والكيفية الحالة والهيئة، كما يقال‏:‏ كيف زيد‏؟‏ فتقول صحيح أو سقيم وقد مر تفسير السؤال عن الكيفية في الشهادة على الزنا بالطوع أو الإكراه‏.‏ فالظاهر أن يقال هنا كذلك، إذ لو أكره القاذف على القذف لم يحد، لكن ظاهر ما في الكافي أن السؤال عن هذا غير لازم حيث قال وإن جاء المقذوف بشاهدين فشهدا أنه قذفه سئلا عن ماهيته وكيفيته، فإن لم يزيدا على ذلك لم تقبل، فإن القذف يكون بالحجارة وبغير الزنا، وإن قالا نشهد أنه قال يا زاني قبلت شهادتهما وحددت القاذف ا هـ‏.‏ فظاهره أن السؤال عن الماهية والكيفية إنما هو إذا شهدا بالقذف، أما لو شهدا بأنه قال يا زاني لا يلزم السؤال عن ذلك أصلا إذ لو كان مكرها لبيناه فليتأمل، وعلى هذا فيمكن أن يراد بالكيفية أنه صريح أو كناية فتأمل‏.‏ وفي حاشية مسكين عن الحموي‏:‏ وينبغي أن يسألهما عن المكان لاحتمال قذفه في دار الحرب أو البغي، وعن الزمان لاحتمال قذفه في صباه لا لاحتمال التقادم؛ لأنه لا يبطل به، بخلاف سائر الحدود، ثم رأيت الأول في البدائع‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله إلا إذا شهدا إلخ‏)‏ تكلمنا عليه آنفا ‏(‏قوله كما يحبسه لشهود‏)‏ الأولى لشاهد بصيغة المفرد‏.‏ قال في النهر‏:‏ فإن لم يعرف عدالتهما حبسه القاضي حتى يسأل عنهما، وكذا لو أقام شاهدا واحدا عدلا وادعى أن الثاني في المصر حبسه يومين أو ثلاثة، ولو زعم أن له بينة في المصر حبسه إلى آخر المجلس قالوا‏:‏ والمراد بالحبس في الأولين حقيقته، وفي الثالث الملازمة ‏(‏قوله ولا يكفله‏)‏ أي لا يأخذ منه كفيلا إلى المجلس الثاني‏.‏ وقال أبو يوسف‏:‏ يأخذه نهر وسيأتي توضيحه في عبارة المتن

‏(‏قوله ويحد الحر إلخ‏)‏ أي الشخص الحر، فلا ينافي قوله ولو ذميا أو امرأة فافهم، ولم أر من تعرض لشروط القاذف، وينبغي أن يقال إن كان عاقلا بالغا ناطقا طائعا في دار العدل، فلا يحد الصبي بل يعزر، ولا المجنون إلا إذا سكر بمحرم؛ لأنه كالصاحي فيما فيه حقوق العباد كما مر، ولا المكره ولا الأخرس لعدم التصريح بالزنا كما صرح به ابن الشلبي عن النهاية، ولا القاذف في دار الحرب أو البغي كما مر‏.‏ وأما كونه عالما بالحرمة حقيقة أو حكما بكونه ناشئا في دار الإسلام فيحتمل أن يكون شرطا أيضا، لكن في كافي الحاكم حربي دخل دار الإسلام بأمان فقذف مسلما لم يحد في قول أبي حنيفة الأول، ويحد في قوله الأخير وهو قول صاحبيه ا هـ‏.‏ فظاهره أنه يحد ولو في فور دخوله، ولعل وجهه أن الزنا حرام في كل ملة فيحرم القذف به أيضا فلا يصدق بالجهل، هذا ما ظهر لي، ولم أر من تعرض لشيء منه ‏(‏قوله ولو ذميا‏)‏ الأولى ولو كافرا ليشمل الحربي المستأمن كما علمته آنفا، وسيذكره المصنف أيضا ‏(‏قوله قاذف المسلم الحر إلخ‏)‏ بيان لشروط المقذوف ‏(‏قوله الثابتة حريته‏)‏ أي بإقرار القاذف أو بالبينة إذا أنكر القاذف حريته، وكذا لو أنكر حرية نفسه وقال أنا عبد، وعلى حد العبيد كان القول قوله بحر عن الخانية ‏(‏قوله وإلا‏)‏ أي وإن لم يكن المقذوف مسلما حرا، بأن كان كافرا أو مملوكا، وكذا من ليس بمحصن إذا قذفه بالزنا فإنه يعزر ويبلغ به غايته كما سيذكره في بابه ‏(‏قوله البالغ العاقل‏)‏ خرج الصبي والمجنون؛ لأنه لا يتصور منهما الزنا إذ هو فعل محرم والحرمة بالتكليف‏.‏ وفي الظهيرية‏:‏ إذا قذف غلاما مراهقا فادعى الغلام البلوغ بالسن أو بالاحتلام لم يحد القاذف بقوله بحر، فهذا يستثنى من قولهم‏:‏ لو راهقا وقالا بلغنا صدقا، وأحكامهما أحكام البالغين شرنبلالية ‏(‏قوله العفيف عن فعل الزنا‏)‏ زاد الشارح في باب اللعان وتهمته، واحترز به عن قذف ذات ولد ليس له أب معروف، ويأتي أنه لا يحد قاذفها؛ لأن التهمة موجودة، فينبغي ذكر هذا القيد هنا، ولم أر من ذكره‏.‏ ثم اعلم أن الزنا في الشرع أعم مما يوجب الحد وما لا يوجبه وهو الوطء في غير الملك وشبهته، حتى لو وطئ جارية ابنه لا يحد للزنا ولا يحد قاذفه بالزنا فدل على أن فعله زنا وإن كان لا يحد به كما قدمناه عن الفتح أول الحدود‏.‏ وأما لو وطئ جاريته قبل الاستبراء فليس بزنا؛ لأنه في حقيقة الملك كوطء زوجته الحائض، وإنما هو وطء محرم لعارض، والزنا لا بد أن يكون وطئا محرما لعينه كما يأتي بيانه عند قوله أو رجل وطئ في غير ملكه، ولهذا قال مسكين قوله عفيفا عن الزنا احتراز عن الوطء الحرام في الملك فإنه لا يخرج الواطئ عن أن يكون محصنا‏.‏ ا هـ‏.‏ فما قيل إنه لا يصح أن يراد بالزنا هنا المصطلح ولا غيره غير صحيح فافهم ‏(‏قوله فينقص عن إحصان الرجم بشيئين‏)‏ الأولى شيئين بدون الباء الجارة؛ لأن نقص يتعدى بنفسه أفاده ط هذا‏.‏ وقدمنا أن شروط الإحصان تسعة فتدبر‏.‏ه ‏(‏قوله وبقي من الشروط إلخ‏)‏ قلت‏:‏ بقي منها أيضا على ما في شرح الوهبانية‏:‏ أن لا يكون أم ولده الحرة الميتة، وأن لا يكون أم عبده الحرة الميتة، وأن يطلب المقذوف الحد، وأن لا يموت قبل أن يحد القاذف؛ لأن الحدود لا تورث ‏(‏قوله أن لا يكون‏)‏ أي المقذوف وولد القاذف ‏(‏قوله أو أخرس‏)‏؛ لأنه لا بد فيه من الدعوى، وفي إشارة الأخرس احتمال يدرأ به الحد ‏(‏قوله أو مجبوبا‏)‏ هو مقطوع الذكر والأنثيين جميعا كما فسروه في باب العنين، ولا يخفى أن مقطوع الذكر وحده مثله ا هـ‏.‏ ح ووجهه أن الزنا منه لا يتصور فلم يلحقه عار بالقذف لظهور كذب القاذف تأمل ‏(‏قوله أو خصيا‏)‏ بفتح الخاء‏:‏ من سلت خصيتاه وبقي ذكره والشارح تبع في التعبير به صاحب النهر، وهو وهم سرى من ذكر المجبوب لتقارنهما في الخيال‏.‏ قال في المحيط‏:‏ بخلاف ما لو قذف خصيا أو عنينا؛ لأن الزنا منهما متصور؛ لأن لهما آلة الزنا‏.‏ ا هـ‏.‏ ح ‏(‏قوله أو ملك فاسد‏)‏ كذا في شرح الوهبانية عن النتف، وتبعه المصنف في المنح، وهو خلاف نص المذهب‏.‏ ففي كافي الحاكم‏:‏ رجل اشترى جارية شراء فاسدا فوطئها ثم قذفه إنسان قال على قاذفه الحد ا هـ‏.‏ ومثله في القهستاني، وكذا في الفتح قال؛ لأن الشراء الفاسد يوجب الملك، بخلاف النكاح الفاسد لا يثبت فيه ملك فلذا يسقط إحصانه بالوطء فيه فلا يحد قاذفه ا هـ‏.‏ ونحوه في ح عن المحيط‏.‏ قلت‏:‏ وقد يجاب بأن المراد بالملك الفاسد ما ظهر فيه فساد الملك بالاستحقاق، ففي الخانية‏:‏ اشترى جارية فوطئها ثم استحقت فقذفه إنسان لا يحد ‏(‏قوله حتى لو ارتد‏)‏ وكذا لو زنى أو وطئ وطئا حراما أو صار معتوها أو أخرس أو بقي كذلك لم يحد القاذف كافي الحاكم‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

ذكر في النهر عن السراجية أنه لو قذف خنثى بلغ مشكلا لا يحد‏.‏ قال‏:‏ ووجهه أن نكاحه موقوف وهو لا يفيد الحل‏.‏ ا هـ‏.‏ واعترضه الحموي بأنه لا دخل للنكاح البات المفيد للحل في إيجاب حد القذف‏.‏ حتى يترتب على عدمه عدم وجوب الحد، وإنما ذاك في حد الزنا‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ مراد النهر أن الخنثى لو تزوج ودخل فقذفه آخر لا يحد؛ لأنه وطئ في غير ملكه إذ لا يصح النكاح إلا إذا زال الإشكال ‏(‏قوله بصريح الزنا‏)‏ بأي لسان كان شرنبلالية وغيرها‏.‏ واحترز عما لو قال وطئك فلان وطئا حراما أو جامعك حراما فلا حد بحر، وكذا لو قال فجرت بفلانة أو عرض فقال لست بزان كما في الكافي، وفيه‏:‏ وإن قال قد أخبرت بأنك زان أو أشهدني رجل على شهادته إنك زان، أو قال اذهب فقل لفلان إنك زان فذهب الرسول فقال له ذلك عنه لم يكن في شيء من ذلك حد ‏(‏قوله على ما في الظهيرية‏)‏ ويخالفه ما في الفتح عن المبسوط‏:‏ أنت أزنى من فلان أو أزنى الناس لا حد عليه‏.‏ وعلله في الجوهرة بأن معناه أنت أقدر الناس على الزنا ونقل في الفتح أيضا عن الخانية أنت أزنى الناس أو أزنى من فلان عليه الحد وفي أنت أزنى مني لا حد عليه ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ ووجه ما في الظهيرية ظاهر؛ لأن فيه النسبة إلى الزنا صريحا‏.‏ وما في المبسوط ناظر إلى احتمال التأويل، وما في الخانية من التفرقة مشكل‏.‏ وقد يوجه بأن قوله أنت أزنى من فلان فيه نسبة فلان إلى الزنا وتشريك المخاطب معه في ذلك القذف، بخلاف أنت أزنى مني؛ لأن فيه نسبة نفسه إلى الزنا وذلك غير قذف فلا يكون قذفا للمخاطب أنه تشريك له فيما ليس بقذف ‏(‏قوله عن شرح المنار‏)‏ أي لابن مالك في بحث الكناية‏.‏ ا هـ‏.‏ ح‏.‏ قلت‏:‏ ومثله في المغرب حيث قال‏:‏ النيك من ألفاظ الصريح في باب النكاح، ومنه حديث ماعز ‏"‏ أنكتها‏؟‏ قال نعم ‏"‏ ‏(‏قوله لم يحد‏)‏ الظاهر أن ذكر لم سبق قلم‏.‏ قال في المحيط‏:‏ ولو قال لغيره يا زانئ برفع الهمزة ذكر في الأصل أنه إذا قال عنيت به الصعود على شيء أنه لا يصدق ويحد من غير ذكر خلاف؛ لأنه نوى ما لا يحتمله لفظه؛ لأن هذه الكلمة مع الهمز إنما يراد به الصعود إذا ذكر مقرونا بمحل الصعود، يقال زانئ الجبل وزانئ السطح، أما غير مقرون بمحل الصعود إنما يراد به الزنا إلا أن العرب قد تهمز اللين وقد تلين الهمزة، فقد نوى ما لا يحتمله فلا يصدق ا هـ‏.‏ ح‏.‏ قلت‏:‏ وقوله من غير ذكر خلاف صرح بالخلاف في كافي الحاكم فقال وقال محمد لا حد عليه، ومثله في الخانية، فما ذكره الشارح قول محمد فافهم ‏(‏قوله أو بقوله زنأت في الجبل‏)‏ أي وإن قال عنيت به الصعود خلافا لمحمد فلا يحد عنده؛ لأنه حقيقة في الصعود عنده ‏(‏قوله بالهمز‏)‏ فلو أتى بالياء المثناة حد اتفاقا، وكذا لو حذف الجبل كما أفاده في غاية البيان، ولو قال عن الجبل، قيل لا يحد وجزم في المبسوط بأنه يحد‏.‏ قال في الفتح‏:‏ وهو الأوجه؛ لأن حالة الغضب تعين تلك الإرادة وكونها فوقه، وتعين الصعود مسلم في غير حالة السباب نهر‏.‏ وفي البحر عن غاية البيان‏:‏ وهو المذهب عندي ‏(‏قوله فلا حد‏)‏ للكذب، ولأن فيه نفي الزنا؛ لأن نفي الولادة نفي للوطء بحر، وكذا لو نفاه عن أمه فقط للصدق؛ لأن النسب ليس لأمه بحر ‏(‏قوله لأبيه المعروف‏)‏ أي الذي يدعى له، وكذا لست من ولد فلان أو لست لأب أو لم يلدك أبوك، بخلاف لست من ولادة فلان فإنه ليس بقذف بحر عن الظهيرية‏.‏ وبه علم أن التقييد بأبيه المعروف احتراز عما لو نفاه عن شخص معين غير أبيه لا عما لو نفاه عن أب مطلق شامل لأبيه وغيره‏.‏ قال في البحر‏:‏ وأشار المصنف إلى أنه لو قال إنك ابن فلان لغير أبيه فالحكم كذلك من التفصيل‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله؛ لأنها المقذوفة في الصورتين‏)‏؛ لأن نفي نسبه من أبيه يستلزم كونه زانيا، فلزم أن أمه زنت مع أبيه فجاءت به من الزنا نهر ونحوه في الفتح‏.‏ قلت‏:‏ وفيه نظر، بل يستلزم كون المقذوف هو الأم وحدها كما صرح به أولا، أما زنا الأب فغير لازم؛ لأنه إذا ولد على فراش أبيه وقد نفى القاذف نسبه عن أبيه لزم منه أن أمه زنت برجل آخر؛ لأن المراد بالأب أبوه المعروف الذي يدعى له كما مر، نعم يصح ذلك لو أريد بالأب من خلق هو من مائه فحينئذ يكون قذفا للأم ولمن علقت به من مائه لا للأب المعروف، لكنه يخالف قوله قبله لأبيه المعروف، هذا ما ظهر لي فتأمل‏.‏ه ‏(‏قوله لا الطالب‏)‏ هو الذي يقع القدح في نسبه كما يأتي، والمراد به هنا الابن، وهذا إذا كانت المقذوفة ميتة، فلو حية فالطالب هي، وعلى كل فالشرط إحصانها لا إحصان ابنها ‏(‏قوله في غضب‏)‏ إذ في الرضا يراد به المعاتبة بنفي مشابهته له في أسباب المروءة هداية ‏(‏قوله يتعلق بالصور الثلاث‏)‏ فيه رد على البحر، حيث لم يقيده بالغضب في الثانية بل أطلق فيها تبعا لظاهر عبارة الهداية، لكن أولها الشراح فأجروا التفصيل في الكل‏.‏ وذكر في شرح الوهبانية أنه ظاهر المذهب والاعتماد عليه، وتمام تحقيقه في النهر ‏(‏قوله بطلب المقذوف المحصن‏)‏ لعل المراد به المحصن في نفس الأمر‏:‏ وإلا فاشتراط الإحصان علم مما مر، فيكون إشارة إلى ما بحثه في القنية حيث نقل أنه إذا كان غير عفيف في السر له مطالبة القاذف ديانة، ثم قال‏:‏ وفيه نظر؛ لأنه إذا كان زانيا لم يكن قذفه موجبا للحد، وأيده في النهر بأن رفع العار مجوز لا ملزم وإلا لامتنع عفوه عنه وأجبر على الدعوى وهو خلاف الواقع‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ بل في التتارخانية‏:‏ وحسن أن لا يرفع القاذف إلى القاضي ولا يطالبه بالحد، وحسن من الإمام أن يقول له قبل الثبوت أعرض عنه ودعه‏.‏ ا هـ‏.‏ فحيث كان الطلب غير لازم، بل يحسن تركه فكيف يحل طلبه ديانة إذا كان القاذف صادقا ‏(‏قوله؛ لأنه حقه‏)‏ عبارة النهر؛ لأن فيه حقه من حيث دفع العار عنه ا هـ‏.‏ وهذه العبارة أولى؛ لأن فيه حق الشرع أيضا، بل هو الغالب فيه كما أوضحه في الهداية وشروحها ‏(‏قوله ولو المقذوف غائبا إلخ‏)‏ ذكر هذا التعميم في التتارخانية نقلا عن المضمرات واعتمده في الدرر وقال‏:‏ ولا بد من حفظه فإنه كثير الوقوع منح‏.‏ قلت‏:‏ ولعله يشير إلى ضعف ما في حاوي الزاهدي‏:‏ سمع من أناس كثيرة أن فلانا يزني بفلانة فتكلم ما سمعه منهم لآخر مع غيبة فلان لا يجب حد القذف؛ لأنه غيبة لا رمي وقذف بالزنا؛ لأن الرمي والقذف به إنما يكون بالخطاب كقوله يا زاني أو يا زانية ‏(‏قوله حال القذف‏)‏ احتراز عن حال الحد، لما في البحر عن كافي الحاكم‏:‏ غاب المقذوف بعدما ضرب بعض الحد لم يتم إلا وهو حاضر لاحتمال العفو ا هـ‏.‏ وسينبه عليه الشارح ‏(‏قوله وإن لم يسمعه أحد نهر‏)‏ لم أره في النهر هنا وإنما ذكره أول الباب عن البلقيني الشافعي، وقدمنا الكلام عليه ‏(‏قوله وإن أمره المقذوف بذلك‏)‏ أي بالقذف؛ لأن حق الله تعالى فيه غالب ولذا لم يسقط بالعفو كما يأتي بخلاف ما لو قال لآخر اقتلني فقتله حيث يسقط القصاص؛ لأنه حقه ويصح عفوه عنه

‏(‏قوله وينزع عنه الفرو والحشو‏)‏؛ لأنهما يمنعان وصول الألم، ومقتضى هذا أنه لو كان عليه ثوب ذو بطانة غير محشو لا ينزع‏.‏ والظاهر أنه إن كان فوق قميص نزع؛ لأنه يصير مع القميص كالحشو أو قريبا منه كذا في الفتح ‏(‏قوله بخلاف حد شرب وزنا‏)‏ فإنه فيهما يجرد من ثيابه كما مر

‏(‏قوله لصدقه‏)‏؛ لأن معناه الحقيقي نفي كونه مخلوقا من مائه‏.‏ واعترضهم في الفتح بأن في نفيه عن أبيه احتمال هذا مع احتمال المجاز وهو نفي المشابهة‏.‏ وقد حكموا حالة الغضب فجعلوها قرينة على إرادة المعنى الثاني المجازي‏.‏ ونفيه عن جده له معنى مجازي أيضا وهو نفي المشابهة، ومعنى آخر وهو نفي كونه أبا أعلى له بأن لا يكون أبوه مخلوقا من مائه بل زنت به جدته، وحالة الغضب تعين هذا الأخير، إذ لا معنى لإخباره في حالة الغضب بأنك لم تخلق من ماء جدك، ولا مخلص إلا أن يوجد إجماع فيه على نفي التفصيل كالإجماع على ثبوته هناك ا هـ‏.‏ ملخصا‏.‏ قلت‏:‏ وقد يجاب بالفرق، وهو أن نفيه عن أبيه قذف صريح؛ لأنه المعنى الحقيقي، وحالة الغضب تنفي احتمال المجاز وهو المعاتبة بنفي المشابهة في الأخلاق، فقد ساعدت القرينة الحقيقة، بخلاف نفيه عن جده فإن معناه الحقيقي ليس قذفا بل هو صدق، لكن القرينة وهي حالة الغضب تدل على إرادة القذف، فيلزم منه العدول عن الحقيقة إلى المجاز لإثبات الحد، وهو خلاف القاعدة الشرعية من أنه يحتاط في درئه لا في إثباته على أنه لا مانع من أن يأتي في حالة الغضب بكلام موهم للشتم والسب بظاهره و يريد به معناه الحقيقي احتيالا لدرء الحد عنه، ولصيانة ديانته من إرادة المنكر والزور الذي هو من السبع الموبقات بل حال المسلم يقتضي ذلك، بخلاف نفيه عن أبيه فإنه قذف صريح بحقيقته مع زيادة القرينة كما قلنا، ففي العدول عنه تفويت حق المقذوف بلا موجب، هذا ما ظهر لي فتدبر‏.‏ه ‏(‏قوله وبنسبته إليه‏)‏ أي إلى جده بأن قال له أنت ابن فلان لجده ‏(‏قوله؛ لأنهم آباء مجازا‏)‏ أما الجد فلأنه الأب الأعلى، وأما الخال فلما أخرجه الديلمي في الفردوس عن ابن عمر مرفوعا‏:‏ «الخال والد من لا والد له» وأما العم، فلقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق‏}‏ فإن إسماعيل كان عما ليعقوب عليهم السلام وأما الراب فللتربية، وقيل في قول نوح ‏{‏إن ابني من أهلي‏}‏ إنه كان ابن امرأته أفاده في الفتح ‏(‏قوله ولا بقوله يا ابن ماء السماء‏)‏؛ لأنه يراد به التشبيه في الجود والسماحة؛ لأن ماء السماء لقب به عامر بن حارثة الأزدي؛؛ لأنه في وقت القحط كان يقيم ماله مقام القطر فهو كالسماء عطاء وجودا، وتمامه في الفتح ‏(‏قوله وفيه نظر‏)‏؛ لأن حالة الغضب تأبى عن قصد التشبيه كما قاله ابن كمال‏.‏ قلت‏:‏ وقد أورد هذا في الفتح سؤالا‏.‏ وأجاب عنه بأنه لما لم يعهد استعماله لنفي النسب يمكن أن يجعل المراد به في حالة الغضب التهكم به عليه كما قلنا في قوله لست بعربي لما لم يستعمل للنفي يحمل في حالة الغضب على سبه بنفي الشجاعة والسخاء ليس غير‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ واستعمال مثل ذلك في التهكم سائغ لغة وشائع عرفا، كما يقال في حال الخصام يا ابن النبي يا ابن الكرام يا كامل يا مؤدب ونحو ذلك مما لا يقصد حقيقته فافهم‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

قال في الفتح‏:‏ وقد ذكر أنه لو كان هناك رجل اسمه ماء السماء وهو معروف يحد في حال السباب‏.‏ بخلاف ما إذا لم يكن ا هـ‏.‏ وأقره في البحر والنهر‏.‏ قلت‏:‏ لكن ينبغي تقييده بما إذا لم يكن ذلك الرجل مشهورا بالكرم ونحوه وإلا فهو أصل المسألة إذ لا فرق بين كونه حيا أو ميتا، ولا خصوصية أيضا لهذا الاسم بل مثله كل اسم مشهور بصفة جميلة أو قبيحة، فابن ماء السماء والنبطي مثالان، هذا ما ظهر لي ‏(‏قوله يا نبطي‏)‏ النبط‏:‏ جيل من الناس كانوا ينزلون سواد العراق ثم استعمل في أخلاط الناس وعوامهم والجمع أنباط مثل سبب وأسباب الواحد نباطي بفتح النون وضمها وبزيادة الألف مصباح‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

في البحر أن ظاهر كلامهم أنه لا يحد في هذه المسائل سواء كان في حالة الغضب أو الرضا ‏(‏قوله في النهر إلخ‏)‏ عبارته‏:‏ ينبغي أن يعزر به‏:‏ أي بقوله يا نبطي؛ لأن النسبة إلى الأخلاق الدنيئة تجعل شتما في الغضب ويؤيده ما في المبسوط‏:‏ لو قال لهاشمي لست بهاشمي عزر، وعلى هذا لو نسبه لغير قبيلته أو نفاه عنها ‏(‏قوله وفيه‏)‏ أي في النهر عن التتارخانية عن أبي يوسف ‏(‏قوله يا حمل الزنا‏)‏ الظاهر أنه محرك الميم بقرينة ما قبله وما بعده‏:‏ وهو ولد الضأن في السنة الأولى والسخلة تطلق على الذكر والأنثى من أولاد الضأن ساعة تولد والجمع سخال وتجمع أيضا على سخل مثل تمرة وتمر مصباح ‏(‏قوله قذف‏)‏؛ لأن هذه الألفاظ تنبئ عن الولادة فكانت بمعنى يا ولد الزنا ‏(‏قوله بخلاف يا كبش الزنا‏)‏؛ لأنه لا ينبئ عن ذلك أو؛ لأنه يطلق على سيد القوم وقائدهم كما في القاموس ‏(‏قوله يا حرام زاده‏)‏؛ لأن معناه المتولد من الوطء الحرام فيعم حالة الحيض كما سيذكره الشارح مع دفع ما يرد عليه في باب التعزير ‏(‏قوله وفيها‏)‏ أي في القنية ‏(‏قوله فلا حد‏)‏ أي على قاذف الولد بقوله يا ولد الزنا‏.‏

‏(‏قوله؛ لأنه ليس بزنا‏)‏؛ لأن الزنا إدخال رجل ذكره فتح ‏(‏قوله فيراد زنيت وأخذت البدل‏)‏ أي بلا استئجار‏.‏ قال في البحر‏:‏ فإن قيل بل معناه زنيت بدرهم استؤجرت عليه، فينبغي أن لا يحد في قول أبي حنيفة‏:‏ قلنا‏:‏ هذا محتمل أيضا فيتقابل المحتملان ويبقى قوله زنيت ‏(‏قوله لعدم العرف بأخذه للمال‏)‏ هكذا علل في الفتح والنهر، وفيه نظر فإنه كما يحتمل أن يكون هو الآخذ يحتمل أن يكون هو الدافع بل هو الأظهر بقرينة العرف، وهو أن الرجل يدفع المال بمقابلة الزنا، نعم قد يأخذ على اللواطة به بدلا، لكن الكلام في الزنا، واللواطة غيره فتأمل‏.‏ ويؤيد ما قلنا ما في البحر‏:‏ ولو قال لرجل زنيت ببعير أو بناقة أو ما أشبه ذلك لا حد عليه؛ لأنه نسبه إلى إتيان البهيمة، فإن قال بأمة أو دار أو ثوب فعليه الحد كذا في الخانية والظهيرية‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله وإنما يطلبه‏)‏ أي الحد ‏(‏قوله بسبب‏)‏ متعلق بالقدح ‏(‏قوله وهم الأصول والفروع‏)‏ شمل الأصول الجد، ولا يخالفه قول الخانية‏:‏ لو قال جدك زان لا حد عليه، لما في الظهيرية من أنه لا يدرى أي جد هو‏.‏ وفي الفتح؛ لأن في أجداده من هو كافر فلا يكون قاذفا ما لم يعين مسلما بخلاف أنت ابن ابن الزاني؛ لأنه قذف لجده الأدنى وشمل أيضا الأم فتطالب بقذف ولدها، ويستثنى من الأصول أبو الأم وأم الأم، وما في الفتح عن الخانية من ذكره أبا الأب بدل أبي الأم سبق قلم فإن الموجود في الخانية أبو الأم‏.‏ وخرج الأخ والعم والعمة والمولى كما في الخانية، أفاد ذلك كله في البحر‏.‏ قلت‏:‏ والمراد بالأخ والعم أخو الميت وعمه ‏(‏قوله محجوبا‏)‏ كالجد أو ابن الابن مع وجود الأب أو الابن ط ‏(‏قوله أو رق أو كفر‏)‏؛ لأنه لا يشترط إحصان الطالب كما مر ‏(‏قوله أو ولد بنت‏)‏ فله المطالبة بقذف جده، وعن محمد خلافه و المذهب الأول؛ لأن الشين يلحقه إذ النسب ثابت من الطرفين بحر أي طرف الأب وطرف الأم‏.‏ قلت‏:‏ ويشكل استثناء أبي الأم وأم الأم من الأصول كما مر، فليس لهما الطلب بقذف ولد البنت وهنا أثبتوا لابن البنت الطلب بقذف أحدهما‏.‏ ويمكن دفع الإشكال بكون الاستثناء المار مبنيا على قول محمد فليتأمل‏.‏

مطلب في الشرف من الأم

ثم إن المراد بالنسب الجزئية فإنها مبنى ثبوت حق المطالبة هنا كما في الفتح وإلا فالنسب للأب فقط فليس فيه دليل على أن ابن الشريفة شريف، ولذا قال الشارح في باب الوصية للأقارب من كتاب الوصايا إن الشرف من الأم فقط غير معتبر كما في أواخر فتاوى ابن نجيم وبه أفتى شيخنا الرملي، نعم له مزية في الجملة‏.‏ ا هـ‏.‏ وسيأتي تمامه هناك إن شاء الله تعالى ‏(‏قوله ولو مع وجود الأقرب‏)‏ مرتبط بقوله وإنما يطلبه إلخ، ودخل المساوي بالأولى ‏(‏قوله للحوقهم العار‏)‏ من إضافة المصدر إلى مفعوله والعار بالرفع فاعل المصدر ط ‏(‏قوله بسبب الجزئية‏)‏ أي كون الميت جزءا منهم أو كونهم جزءا منه ط ‏(‏قوله في الغائب‏)‏ أي في قذف الغائب، وكذا في الحاضر بالأولى‏.‏

‏(‏قوله للتداخل الآتي‏)‏ أي في آخر الباب، وأشار إلى أن هذه المسألة من فروع تلك فكان المناسب ذكرها هناك ‏(‏قوله ليس بقيد‏)‏ أي في التداخل فإن عليه حدا واحدا وإن كانا حيين ‏(‏قوله بل فائدته في المطالبة‏)‏ أي في ثبوت المطالبة للابن، بخلاف ما إذا كانا حيين فإن الطلب لهما ط عن المنح ‏(‏قوله فجاء بها‏)‏ الذي رأيته في المبسوط‏:‏ فأتى بها والظاهر أنه بالبناء للمجهول لما في التتارخانية وغيرها‏:‏ إن من مواضع الخطأ أنه ضربها بغير خصم، وهذا يقتضي أن الرجل المذكور لم يرفعها إليه ‏(‏قوله على إقرار المعتوهة‏)‏ وإقرارها هدر مبسوط ‏(‏قوله وألزمها الحد‏)‏ والمعتوهة ليست من أهل العقوبة مبسوط‏:‏ أي لا يلزمها الحد، ولو ثبت عليها ذلك بالبينة فإلزامها به خطأ من حيث ذاته، وكونه بإقرارها خطأ آخر فافهم ‏(‏قوله وحدها حدين‏)‏ ومن قذف جماعة لا يقام عليه إلا حد واحد مبسوط ‏(‏قوله وأقامهما معا‏)‏ ومن اجتمع عليه حدان لا يوالي بينهما كما يأتي قريبا ‏(‏قوله وفي المسجد‏)‏ وليس للإمام أن يقيم الحد في المسجد مبسوط ‏(‏قوله وقائمة‏)‏ وإنما تضرب المرأة قاعدة مبسوط ‏(‏قوله وبلا حضرة وليها‏)‏ وإنما يقام الحد على المرأة بحضرة وليها، حتى إذا انكشف شيء من بدنها في اضطرابها ستر الولي ذلك عليها مبسوط، فالمراد بالولي من يحل نظره إليها من زوج أو محرم ‏(‏قوله وقال في الدرر إلخ‏)‏ ومثله في الفتح والبحر

‏(‏قوله غير محصن‏)‏ يأتي محترزه قريبا ‏(‏قوله بخلاف المتحد‏)‏ فإنه يتداخل كما مر آنفا ويأتي آخر الباب بيانه ‏(‏قوله ولا يوالي‏)‏ الظاهر أنه مبني للمجهول ليناسب قوله قبله يقام عليه الكل، ويحتمل بناؤه للفاعل، وكذا قوله فيبدأ لكنه خلاف المتبادر من عبارة الشارح حيث لم يفسره بالإمام بل فسر به الضمير البارز فقط، وإلا كان المناسب تقديمه فافهم ‏(‏قوله لحق العبد‏)‏ أي لما فيه من حق العبد وإن كان الغالب فيه حق الله تعالى ‏(‏قوله ولو فقأ‏)‏ أي فقأ عين رجل نهر‏.‏ والذي يظهر أن المراد به ذهاب البصر رملي‏:‏ أي لا إذهاب الحدقة؛ لأنه لا يمكن فيه القصاص، إذ المراد أنه لو فعل مع هذه الجنايات ما يوجب القصاص فيما دون النفس من إذهاب البصر ونحوه فيبدأ به؛ لأنه خالص حق العبد ثم بالقذف؛ لأنه مشوب بحقه ‏(‏قوله لو محصنا‏)‏ أما لو غير محصن فإنه يخبر؛ لأنه يقام عليه الكل ولا يلغى شيء كما مر ‏(‏قوله ولغا غيرها‏)‏ هو حد السرقة والشرب؛ لأنه محض حق الله تعالى وقد فات محله ‏(‏قوله وضمن للسرقة‏)‏ يغني عنه ما ذكره بعده، وقيد بالضمان؛ لأنه لا يقطع؛ لأن القطع حقه تعالى ‏(‏قوله وترك ما بقي‏)‏ أي حد السرقة والشرب كما لو لم يوجد مع القتل غيرهما‏.‏ قال في النهر‏:‏ ومتى اجتمعت الحدود لحق الله تعالى وفيها قتل نفس قتل وترك ما سوى ذلك؛ لأن المقصود الزجر له ولغيره، وأتم ما يكون باستيفاء النفس والاشتغال بما دونه لا يفيد‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي أحكام الدين من الأشباه ما نصه‏:‏ ولم أر إلى الآن ما إذا اجتمع قتل القصاص والردة والزنا، وينبغي تقديم القصاص قطعا لحق العبد، وأما إذا اجتمع قتل الزنا والردة، ينبغي تقديم الرجم؛ لأن به يحصل مقصودهما بخلاف ما إذا قدم قتل الردة فإنه يفوت الرجم‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله لعدم قطعه‏)‏ فإن الضمان إنما يسقط لضرورة القطع ولم يوجد نهر

‏(‏قوله و عبد‏)‏ الواو بمعنى أو فلذا أفرد الضمير بعده تأمل ‏(‏قوله أي أصله وإن علا‏)‏ ذكرا كان أو أنثى، فلا يطالب أباه أو جده وإن علا وأمه وجدته وإن علت بحر ‏(‏قوله بقذف أمه‏)‏ أي الميتة نهر، فلو حية كانت المطالبة لها كما مر‏.‏ قال في البحر‏:‏ وأشار إلى أنهما‏:‏ أي الولد والعبد لا يطالبان بقذفهما بالأولى ا هـ‏.‏ أي بقذف الأب والمولى لهما ‏(‏قوله المحصنة‏)‏ علم منه أنه لا بد أن تكون حرة ‏(‏قوله أو نحوه‏)‏ أي كالأم وغيرها مما يقع القدح في نسبه كما مر بيانه ‏(‏قوله ملك الطلب‏)‏ أي حيث لم يكن مملوكا للقاذف، فسقوط حق بعضهم لا يوجب سقوط حق الباقين بحر، وقيد بقوله للقاذف بأنه لو كان مملوكا لغيره له الطلب كما أفاده أبو السعود الأزهري ‏(‏قوله عزر‏)‏ ذكره في النهر بحثا أخذا مما في القنية لو قال لآخر يا حرامي زاده لا يحد، ولو قاله الوالد لولده يعزر، فإذا وجب التعزير بالشتم فبالقذف أولى، فقوله في البحر وفي نفسي منه شيء لتصريحهم بأن الوالد لا يعاقب بسبب ولده، فإذا كان لقذف لا يوجب عليه شيئا فالشتم أولى ا هـ‏.‏ ممنوع نهر‏.‏ ووجه المنع أن الأولوية بالعكس كما علمته، ولا يلزم من سقوط الحد بالقذف سقوط التعزير به لسقوط الحد بشبهة الأبوة لكون الغالب فيه حق الله تعالى، بخلاف التعزير ولأنه لا يلزم من سقوط الأعلى سقوط الأدنى، لكن لا يخفى أن قولهم لا يعاقب الوالد بسبب ولده يشمل التعزير؛ لأنه عقوبة فبقي توقع صاحب البحر على حاله‏.‏ وقد يجاب بأن القاضي لم يعاقبه لأجل ولده بل لمخالفته أمر الله تعالى

‏(‏قوله ولا إرث فيه‏)‏ أي إذا مات المقذوف قبل إقامة الحد على القاذف أو بعد إقامة بعضه بطل الحد، وليس لوارثه إقامته، وهذا بخلاف ما إذا كان المقذوف ميتا فإن الطلب يثبت لأصوله وفروعه أصالة لا بطريق الإرث، وتمامه في البحر ‏(‏قوله خلافا للشافعي‏)‏ الأولى ذكره بعد قوله فيه وعنه؛ لأن الخلاف في الكل، ومبنى الخلاف أن الغالب في حد القذف حق الشرع عندنا وعنده حق العبد، فعنده يورث ويصح الرجوع عنه والعفو والاعتياض نظرا إلى جانب حق العبد، وعندنا بالعكس نظرا إلى جانب حقه تعالى وبيان تحقيق ذلك في الفتح ‏(‏قوله ولا اعتياض‏)‏ مقتضاه أن القاذف إذا دفع شيئا للمقذوف ليسقط حقه رجع به‏.‏ قال المولى سري الدين في حواشي الزيلعي‏:‏ وهل يسقط الحد إن كان ذلك بعد ما رفع إلى القاضي‏؟‏ لا يسقط وإن كان قبله سقط كذا في فصول العمادي‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ ينبغي أن يكون العفو عن هذا التفصيل، ولا ينافيه قولهم إنه لا يبطل بالعفو لحمله على ما بعد المرافعة أبو السعود‏.‏ أقول‏:‏ والمنقول خلافه، ففي الخانية‏:‏ ولا يسقط هذا الحد بالعفو ولا بالإبراء بعد ثبوته وكذا إذا عفا قبل الرفع إلى القاضي‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله ولا صلح‏)‏ فلا يجب المال وسقوط الحد على التفصيل السابق أفاده المصنف‏.‏ وأورد أن الصلح هو الاعتياض فلا وجه لذكره بعده‏.‏ وأجيب بأن الاعتياض يعم عقد البيع بخلاف الصلح ط ‏(‏قوله ولا عفو‏)‏ فلا يسقط الحد بعد ثبوته إلا أن يقول المقذوف لم يقذفني أو كذب شهودي فيظهر أن القذف لم يقع موجبا للحد لا أنه وقع ثم سقط وهذا كما إذا صدقه المقذوف فتح ‏(‏قوله فيه‏)‏ متعلق برجوع، وقوله وعنه متعلق باعتياض وما بعده ففيه لف ونشر مرتب ‏(‏قوله نعم لو عفا إلخ‏)‏ فيه رد على بعض معاصري صاحب البحر حيث توهم من عدم صحة العفو أن القاضي يقيم الحد عليه مع عفو المقذوف متمسكا بقول الفتح لا يصح العفو ويحد‏.‏ قال في البحر‏:‏ وهو غلط فاحش ففي المبسوط‏:‏ لا يكون للإمام أن يستوفيه؛ لأن الاستيفاء عند طلبه وقد تركه إلا إذا عاد وطلب حينئذ يقيم الحد؛ لأن العفو كان لغوا فكأنه لم يخاصم‏.‏ ا هـ‏.‏ قال‏:‏ فتعين حمل ما في الفتح على ما إذا عاد وطلب‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله ولذا إلخ‏)‏ دليل آخر لصاحب البحر استدل به على الرد المذكور، و هو ما في كافي الحاكم‏:‏ لو غاب المقذوف بعد ما ضرب الحد لم يتم الحد إلا وهو حاضر لاحتمال العفو فالعفو الصريح أولى

‏(‏قوله حدا‏)‏ أي المبتدئ والمجيب؛ لأن كلا منهما قذف صاحبه، أما الأول فظاهر وكذا الثاني؛ لأن معناه لا بل أنت زان إذ هي كلمة عطف يستدرك به الغلط فيصير المذكور في الأول خبرا لما بعد بل بحر، ولا يحدان إلا بطلبهما ولو بعد العفو والإسقاط كما مر، وقرره في البحر خلافا لما يوهمه كلام الفتح ‏(‏قوله لغلبة حق الله تعالى‏)‏ فلو جعل قصاصا يلزم إسقاط حقه تعالى وهو لا يجوز بحر‏.‏ قلت‏:‏ ولعل اشتراط الطلب ولو بعد الثبوت بالنظر إلى ما فيه من حق العبد ‏(‏قوله مثلا‏)‏ أي من كل لفظ غير موجب لحد ‏(‏قوله ما سيجيء‏)‏ أي في باب التعزير ‏(‏قوله أو تضاربا‏)‏ أي ولو في غير مجلس القاضي كما يفيده كلام البحر والتعليل المذكور ‏(‏قوله لم يتكافآ‏)‏ فيعزرهما ويبدأ بتعزير المبتدئ منهما؛ لأنه أظلم كما سيجيء ‏(‏قوله لهتك مجلس الشرع‏)‏ أي هتك احترامه فلم يكن ذلك محض حقهما حتى يعتبر التساوي فيه، وقوله ولتفاوت الضرب علة لقوله أو تضاربا ففيه لف ونشر مرتب‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

لو تشاتما بين يدي القاضي هل له العفو عنهما‏؟‏ قال في النهر‏:‏ لم أره والظاهر لا، بخلاف قوله أخذت الرشوة من خصمي وقضيت علي فقد صرحوا بأن له أن يعفو والفرق بين‏.‏ ا هـ‏.‏

مطلب هل للقاضي العفو عن التعزير

قلت‏:‏ وفيه نظر؛ لأنهما إذا تشاتما استويا حقهما لكنهما أخلا بحرمة مجلس القاضي فبقي مجرد حقه فصار بمنزلة قوله أخذت الرشوة فله العفو‏.‏ يدل عليه ما في الولوالجية‏:‏ لو تشاتما بين يديه ولم ينتهيا بالنهي، إن حبسهما وعزرهما فهو حسن لئلا يجترئ بذلك غيرهما فيذهب ماء وجه القاضي، وإن عفا عنهما فهو حسن؛ لأن العفو مندوب إليه في كل أمر ا هـ‏.‏ وسنذكر في التعزير الاختلاف في أن الإمام هل له العفو والتوفيق لصاحب القنية بأن له ذلك في الواجب حقا لله تعالى بخلاف ما كان لجناية على العبد فإن العفو فيه للمجني عليه والظاهر أن تشاتمهما عند القاضي، وقوله أخذت الرشوة اجتمع فيه حق الشرع مع حق العبد وهو القاضي وترجح فيه حقه فكان حق عبد كما يفيده كلام الولوالجية، وإلا لم يكن له العفو تأمل

‏(‏قوله ولو قاله لعرسه‏)‏ أي لو قال لزوجته يا زانية ‏(‏قوله وهو من أهل الشهادة‏)‏ قيد به؛ لأنه إذا لم يكن أهلا لها لا يكون موجب قذفه لعانا بل حدا فيحد‏.‏ ا هـ‏.‏ ح عن إيضاح الإصلاح لابن كمال أي فيحد كل منهما بطلبهما، كما لو قاله لغير عرسه وهو المسألة المارة ‏(‏قوله فردت به‏)‏ أي بذلك اللفظ بأن قالت بل أنت ‏(‏قوله ولا لعان‏)‏؛ لأنها لما حدت في القذف لم تبق أهلا للعان؛ لأنه شهادة ولا شهادة للمحدود في قذف ‏(‏قوله الأصل إلخ‏)‏ جواب عما قد يقال لم قدم حدها حتى سقط اللعان مع أنه لو قدم اللعان لا يسقط حد القذف عنها؛ لأن حد القذف يجري على الملاعنة كما في الفتح ‏(‏قوله واللعان في معنى الحد‏)‏ استئناف لبيان دخول المسألة تحت هذا الأصل فافهم ‏(‏قوله ولذا‏)‏ أي لكونه في معنى الحد ‏(‏قوله بدئ بالحد إلخ‏)‏ الأولى أن يقول فالبدء بالحد ينفي اللعان؛ لأن البداءة بالحد موقوفة على مخاصمة الأم أولا فيسقط اللعان؛ لأنه بطلت شهادة الرجل، أما لو خاصمت المرأة أولا فلاعن القاضي بينهما ثم خاصمت الأم يحد الرجل للقذف كما في البحر ‏(‏قوله ولو قالت في جوابه‏)‏ أي في جواب قول الزوج لها يا زانية ‏(‏قوله للشك‏)‏؛ لأنه يحتمل أنها أرادت به ما قبل النكاح فتحد لقذفها، ولا لعان لتصديقها إياه أو ما كان معه بعد النكاح، وأطلقت عليه زنا للمشاكلة فيجب اللعان دون الحد لوجود القذف منه وعدمه منها، والحكم بتعيين أحدهما بعينه متعذر فوقع الشك في كل من وجوب اللعان والحد فلا يجب واحد منهما بالشك، حتى لو زال الشك بأن قالت قبل أن أتزوجك أو كانت أجنبية حدت فقط وهو ظاهر‏.‏ ا هـ‏.‏ نهر وغيره ‏(‏قوله قيد بالخطاب‏)‏ أي بكاف الخطاب فافهم ‏(‏قوله حد وحده‏)‏ في بعض النسخ حد وحدت وهو تحريف؛ لأن الذي في الخانية أن قوله أنت أزنى مني ليس بقذف لما قدمناه من أن معناه أنت أقدر على الزنا، نعم على ما مر عن الظهيرية من أنه قذف تحد هي أيضا‏.‏ وقد يقال إن الحد عليها وحدها؛ لأنه إذا كان قذفا يكون تصديقا له في أنها زانية على ما هو الأصل في أفعل التفضيل من اقتضائه المشاركة والزيادة تأمل ‏(‏قوله ولو كان ذلك‏)‏ أي المذكور من قوله يا زانية وردها بقولها زنيت بك ‏(‏قوله حدت‏)‏ لزوال الشك كما مر ‏(‏قوله لتصديقها‏)‏ علة لقوله دونه أي لا يحد هو أيضا؛ لأنها صدقته

‏(‏قوله يلاعن‏)‏؛ لأن النسب لزمه بإقراره، وبالنفي بعده صار قاذفا لزوجته فيلاعن نهر ‏(‏قوله وإن عكس‏)‏ بأن نفاه أولا ثم أقر به قبل اللعان حد؛ لأنه لما أكذب نفسه بطل اللعان الذي كان وجب بنفي الولد؛ لأنه ضروري صير إليه ضرورة التكاذب بين الزوجين فكان خلفا عن الحد فإذا بطل صير إلى الأصل ‏(‏قوله لإقراره‏)‏ أي سابقا أو لاحقا، واللعان، يصح بدون قطع النسب كما يصح بدون الولد بحر

‏(‏قوله فهدر‏)‏ أي لا يتعلق به حد ولا لعان بحر ‏(‏قوله؛ لأنه أنكر الولادة‏)‏ وبه لا يصير قاذفا، ولذا لو قال لأجنبي لست بابن فلان وفلانة وهما أبويه لا يجب عليه شيء زيلعي

‏(‏قوله؛ لأن الهاء تحذف للترخيم‏)‏ كذا علله في الفتح، وعلله في الجوهرة بأن الأصل في الكلام التذكير ‏(‏قوله قلنا الأصل إلخ‏)‏ قد علمت أن هذا تعليل المسألة الوفاقية، وعلل لهذه في الجوهرة وغيرها بأنه أحال كلامه فوصف الرجل بصفة المرأة‏.‏ وقال في الفتح‏:‏ ولهما أنه رماه بما يستحيل منه فلا يحد كما لو قذف مجبوبا، وكما لو قال أنت محل للزنا لا يحد، وكون التاء للمبالغة مجاز بل هي لما عهد لها من التأنيث‏.‏ ولو كان حقيقة فالحد لا يجب بالشك

‏(‏قوله في بلد القذف‏)‏ أي لا في كل البلاد بحر، وهذا أعم من مجهول النسب؛ لأنه من لا يعرف له أب في مسقط رأسه شرنبلالية ‏(‏قوله أو من لاعنت بولد‏)‏ أي سواء كان حيا أو ميتا، وهذا إذا قطع القاضي نسب الولد وألحقه بأمه وبقي اللعان، فلو لاعنت بغير ولد أو لاعنت بولد ولم يقع نسبه أو بطل اللعان بإكذاب الزوج نفسه ثم قذفها رجل وجب الحد، أفاده في البحر ‏(‏قوله؛ لأنه‏)‏ أي الولد في المسألتين أمارة‏:‏ أي علامة الزنا ففاتت العفة ‏(‏قوله أو بقذف رجل وطئ في غير ملكه إلخ‏)‏ الأصل فيه أن من وطئ وطئا حراما لعينه لا يحد قاذفه؛ لأن الزنا هو الوطء المحرم لعينه، وإن كان محرما لغيره يحد قاذفه؛ لأنه ليس بزنا فالوطء في غير ملكه من كل وجه أو من وجه حرام لعينه، وكذا الوطء في الملك، والحرمة مؤبدة بشرط ثبوتها بالإجماع أو بالحديث المشهور عند أبي حنيفة لتكون ثابتة من غير تردد، بخلاف ثبوت المصاهرة بالمس والتقبيل؛ لأن فيها خلافا، ولا نص فيها بل هي احتياط‏.‏ أما ثبوتها بالوطء فهو بنص ‏{‏ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم‏}‏ ولا يعتبر الخلاف مع النص، فإن كانت الحرمة مؤقتة فالحرمة لغيره، وتمامه في الهداية وشروحها ‏(‏قوله كأمة ابنه‏)‏ مثل له في الفتح بقوله كوطء الحرة الأجنبية والمكرهة، فالموطوءة إذا كانت مكرهة يسقط إحصانها فلا يحد قاذفها؛ لأن الإكراه يسقط الإثم ولا يخرج الفعل عن كونه فكذا يسقط إحصانها كما يسقط إحصان المكره الواطئ ‏(‏قوله كأمة مشتركة‏)‏ أي بين الواطئ وغيره ‏(‏قوله أو في ملكه المحرم أبدا‏)‏ إسناد الحرمة إلى الملك من إسناد ما للمسبب إلى سببه؛ لأن المحرم هو المتعة والملك سببها، واحترز بقوله أبدا عن الحرمة المؤقتة، ويأتي أمثلتها قريبا و ترك اشتراط ثبوت الحرمة بالإجماع ‏(‏قوله في الأصح‏)‏ احتراز عن قول الكرخي كالأئمة الثلاثة أنه يحد قاذفه لقيام الملك فكان كوطء أمته المجوسية‏.‏ وجه الصحيح أن الحرمة في المجوسية ونحوها يمكن ارتفاعها فكانت مؤقتة، بخلاف حرمة الرضاع فلم يكن المحل قابلا للحل أصلا فكيف يجعل حراما لغيره فتح ‏(‏قوله لفوات العفة‏)‏ تعليل للمسائل الثلاث أي وإذا زالت العفة زال الإحصان، والنص إنما أوجب الحد على من رمى المحصنات، وفي معناه المحصنين لا من رمى غير المحصن ولا دليل يوجب الحد فيه، نعم هو محرم بعد التوبة فيعزر فتح ‏(‏قوله أو بقذف من زنت في كفرها‏)‏ الأنوثة غير قيد كما في الفتح، وأطلقه فشمل الحربي والذمي، وما إذا كان الزنا في دار الإسلام أو في دار الحرب، وما إذا قال له زنيت وأطلق ثم أثبت أنه زنى في كفره أو قال له زنيت وأنت كافر فهو كما لو قال لمعتق زنيت وأنت عبد بحر وما ذكره من شمول الإطلاق والإسناد إلى وقت الكفر هو المتبادر من إطلاق المصنف كالكنز والهداية والزيلعي والاختيار وغيرها‏.‏ ويخالفه ما في الفتح من أن المراد قذفها بعد الإسلام بزنا كان في نصرانيتها، بأن قال زنيت وأنت كافرة كما لو قال قذفتك بالزنا وأنت أمة فلا حد عليه؛ لأنه إنما أقر أنه قذفها في حال لو علمنا منه صريح القذف لم يحد؛ لأن الزنا يتحقق من الكافر ولذا يقام عليه الجلد حدا لا الرجم، ولا يسقط الحد بالإسلام وكذا العبد ا هـ‏.‏ وتبعه في الشرنبلالية‏.‏ ومقتضاه أنه لو قال زنيت وأطلق يحد، إلا أن يقال إنه يحد مع الإطلاق إذا لم يكن زناه في كفره ثابتا فلو كان ثابتا لا يحد، ولذا قيده في البحر بقوله ثم أثبت أنه زنى في كفره وهو المفهوم من كلام المصنف كغيره حيث جعل موضوع المسألة قذف من زنت في كفرها، فمقتضاه ثبوت الزنا في حال كفرها‏.‏ وأما لو قال قذفتك وأنت أمة فلا يحتاج إلى ثبوت زناها لما مر من التعليل ‏(‏قوله مات عن وفاء‏)‏ وكذا لو مات عن غير وفاء بالأولى لموته عبدا بحر ‏(‏قوله في حريته‏)‏ أي التي هي شرط الإحصان

‏(‏قوله وحد إلخ‏)‏ شروع في محترز قوله أو في ملكه المحرم أبدا فإن الحرمة في هذه المذكورات مؤقتة ومثل الحائض المظاهر منها والصائمة صوم فرض ومثل الأمة المجوسية الأمة المتزوجة والمشتراة شراء فاسدا؛ لأن الشراء الفاسد يوجب الملك، بخلاف المنكوحة نكاحا فاسدا فإن الملك لا يثبت فيه فلذا يسقط إحصانه بالوطء فيه فلا يحد قاذفه كما في الفتح ‏(‏قوله ومسلم‏)‏ بالجر وفي بعض النسخ ومسلما بالنصب، فالأول عطف على لفظ واطئ‏.‏ والثاني على محله ‏(‏قوله لثبوت ملكه فيهن‏)‏ أي في هذه المسائل، ففي بعضها ملك نكاح وفي بعضها ملك اليمين، وحرمة المتعة فيها ليست مؤبدة بل مؤقتة كما علمت فكان الوطء فيها حراما لغيره لا لعينه فلم يكن زنا؛ لأن الزنا ما كان بلا ملك ‏(‏قوله وفي الذخيرة خلافهما‏)‏ وأصله أن تزوج المجوسي له حكم الصحة عنده، وحكم البطلان عندهما غاية البيان‏.‏

‏(‏قوله مستأمن‏)‏ بكسر الميم الثانية كما؛ يأتي في بابه ‏(‏قوله؛ لأنه التزم إلخ‏)‏ أي وحد القذف فيه حق العبد كما مر ‏(‏قوله بخلاف حد الزنا والسرقة‏)‏ أي فلا يلزمه خلافا لأبي يوسف ‏(‏قوله فيحد في الكل‏)‏ أي اتفاقا ‏(‏قوله غاية‏)‏ أي غاية البيان ‏(‏قوله لكن إلخ‏)‏ استدرك على قوله إلا الخمر فإنه بإطلاقه شامل لما إذا سكر منه فافهم ‏(‏قوله أيضا‏)‏ أي كما يحد للزنا والسرقة لكن قدمنا أن المذهب أنه لا يحد ‏(‏قوله وفي السراجية إلخ‏)‏ تقييد لقوله إلا الخمر ‏(‏قوله حد‏)‏ أي إذا لم يتقادم على ما مر بيانه في الباب السابق ‏(‏قوله لا‏)‏ أي لا يحد؛ لأن شهادتهم قامت على مسلم فلم تقبل‏.‏

‏(‏قوله على زناه‏)‏ أي زنا بالمقذوف ‏(‏قوله لسقوط إحصانه‏)‏ لا محل لذكره هنا؛ لأن جواب المسألة هو قول المصنف حد المقذوف، فالكلام في حد المقذوف لا في حد القاذف، وقدمنا قريبا عن الفتح أن الزنا يتحقق من الكافر ويقام عليه حد الجلد لا الرجم، ولا يسقط الحد بالإسلام، وقدمه الشارح أيضا عند بيان شروط الإحصان، نعم هذا التعليل يناسب سقوط الحد عن القاذف، وإذا كان جواب المسألة حد المقذوف يلزم منه سقوط الحد عن القاذف فلم يكن التعليل خارجا عن المناسبة من كل وجه، كيف والباب معقود لحد القاذف دون المقذوف فافهم ‏(‏قوله كما مر‏)‏ أي نظير ما مر من كونه في أربعة مجالس ‏(‏قوله وقد حرر في البحر إلخ‏)‏ أي في باب حد الزنا وذكر مثله هنا في الشرنبلالية عن البدائع‏.‏ والحاصل أن تعبير الدرر بالإقرار لا يناسب قوله حد المقذوف وإنما يناسب لو قال سقط الحد عن القاذف وهو الأولى؛ لأن الباب معقود له لا لحد المقذوف‏.‏ قال في الفتح‏:‏ فإن شهد رجلان أو رجل وامرأتان على إقرار المقذوف بالزنا يدرأ عن القاذف الحد وعن الثلاثة أي الرجل والمرأتين،؛ لأن الثابت بالبينة كالثابت بالمعاينة فكأنا سمعنا إقراره بالزنا ا هـ‏.‏ ونحوه ما يذكره الشارح قريبا عن الملتقط‏.‏ فقوله لا تعتبر أصلا إلخ أي بالنسبة إلى حد المقذوف‏.‏

مطلب لا تسمع البينة مع الإقرار إلا في سبع

‏(‏قوله لا تسمع مع الإقرار إلا في سبع‏)‏ في وارث مقر بدين على الميت فتسمع للتعدي‏:‏ أي تعدي الحكم بالدين إلى باقي الورثة، وفي مدعى عليه أقر بالوصاية فبرهن الوصي، وفي مدعى عليه أقر بالوكالة فيثبتها الوكيل دفعا للضرر، وفي الاستحقاق إذا أقر المستحق عليه ليتمكن من الرجوع على بائعه، وفيما لو خوصم الأب بحق عن الصبي فأقر لا يخرج عن الخصومة فتسمع البينة عليه بخلاف الوصي وأمين القاضي، وفيما لو أقر الوارث للموصى له، وفيما لو أجر دابة بعينها من رجل ثم من آخر فبرهن الأول على المؤجر تقبل وإن كان مقرا له ا هـ‏.‏ ملخصا ‏(‏قوله حد المقذوف‏)‏ أي دون القاذف كما علمت وترك التصريح به لظهوره ‏(‏قوله بحد متقادم‏)‏ تقدم بيانه في باب الشهادة على الزنا ‏(‏قوله وإن عجز عن البينة للحال إلخ‏)‏ أما لو أقام شاهدين لم يزكيا أو شاهدا واحدا وادعى أن الثاني في المصر فإنه يحبسه ثلاثة أيام للتزكية أو لإحضار الآخر كما قدمناه أول الباب ‏(‏قوله إلى قيام المجلس‏)‏ أي مقدار قيام القاضي من مجلسه فتح ‏(‏قوله ولا يكفل إلخ‏)‏؛ لأن سبب وجوب الحد ظهر عند القاضي فلا يكون له أن يؤخر الحد لتضرر المقذوف بتأخير دفع العار عنه وإلى آخر المجلس قليل لا يتضرر‏.‏ وفي قول أبي يوسف الآخر وهو قول محمد يكفل فلذا يحبس عندهما في دعوى الحد والقصاص، ولا خلاف أنه لا يكفل بنفس الحد والقصاص‏.‏ وكان أبو بكر الرازي يقول مراد أبي حنيفة أن القاضي لا يجبره على إعطاء الكفيل، فأما إذا سمحت نفسه به فلا بأس؛ لأن تسليمه نفسه مستحق عليه والكفيل بالنفس إنما يطالب بهذا القدر فتح ‏(‏قوله درئ الحد إلخ‏)‏؛ لأن الفاسق فيه نوع قصور وإن كان من أهل الأداء والتحمل، ولذا لو قضي بشهادته نفذ عندنا فيثبت بشهادتهم شبهة الزنا فيسقط الحد عنهم وعن القاذف، وكذا عن المقذوف لاشتراط العدالة في الثبوت‏.‏ وأما لو كانوا عميانا أو عبيدا أو محدودين في قذف أو كانوا ثلاثة فإنهم يحدون للقذف دون المشهود عليه لعدم أهلية الشهادة فيهم أو عدم النصاب كما تقدم في باب الشهادة على الزنا‏.‏ قلت‏:‏ والظاهر أن القاذف يحد أيضا؛ لأن الشهود إذا حدوا مع أنهم إنما تكلموا على وجه الشهادة لا على وجه القذف يحد القاذف بالأولى ولم أره صريحا، وهذا بخلاف شهادة الاثنين على الإقرار كما مر قريبا‏.‏

‏(‏قوله يكتفى بحد واحد إلخ‏)‏ أفاد أن الحد وقع بعد الفعل المتكرر إذ لو حد للأول ثم فعل الثاني يحد حدا آخر للثاني سواء كان قذفا أو زنا أو شربا كما صرح به في الفتح وغيره بحر، لكن استثني ما إذا قذف المحدود ثانيا المقذوف الأول كما يأتي قريبا ‏(‏قوله اتحد جنسها‏)‏ بأن زنا أو شرب أو قذف مرارا كنز، وكذا السرقة بحر ‏(‏قوله كما بيناه‏)‏ أي عند قوله اجتمعت عليه أجناس مختلفة إلخ ‏(‏قوله بكلمة‏)‏ مثل أنتم زناة نهر، ومثله يا ابن الزانين كما مر أول الباب ‏(‏قوله إلا سوطا‏)‏ احتراز عما لو تمم الحد ثم قذف رجلا آخر فإنه يحد ثانيا ‏(‏قوله في المجلس‏)‏ لم أر من صرح بمحترزه ‏(‏قوله ولا شيء للثاني للتداخل‏)‏ والأصل أنه متى بقي عليه من الحد الأول شيء فقذف آخر قبل تمامه ضرب بقية الأول ولم يحد للثاني جوهرة‏.‏ قلت‏:‏ وقيد ذلك في البحر والنهر بما إذا حضرا جميعا، لما في المحيط والتبيين‏:‏ لو ضرب للزنا أو للشرب بعض الحد فهرب ثم زنى أو شرب ثانيا حد حدا مستأنفا، ولو كان ذلك في القذف، فإن حضر الأول والثاني جميعا أو الأول كمل الأول ولا شيء للثاني للتداخل، وإن حضر الثاني وحده يجلد حدا مستقبلا للثاني ويبطل الأول لعدم دعواه ا هـ‏.‏ أي لعدم دعوى الأول تكميل الحد الواجب له؛ لأنه بمنزلة العفو ابتداء، فكما لا يقام له الحد ابتداء إلا بطلبه كذلك لا يكمل له إلا بطلبه، هذا ما ظهر لي فتأمل‏.‏ والحاصل أنه إنما يكتفى بتكميل الحد الأول إن طلب المقذوف الأول وحده أو مع الثاني، فلو طلب الثاني وحده حد له حدا مستقبلا كحد الزنا والشرب‏.‏ وبه علم أن شرط تكميل الأول حضور الأول فقط، وأن التداخل قد يكون بتداخل الثاني فيما بقي من الأول، وقد يكون بتداخل ما بقي من الأول في الثاني وذلك فيما يحد به حدا مستقبلا كما علمت آنفا، ومر أيضا قبيل هذا الباب في قول المصنف أقيم عليه بعض الحد فهرب وشرب ثانيا يستأنف، فما ظنه بعض المحشين من التعارض بين ما مر وما هنا فهو خطأ لما علمت من اختلاف الموضوع ‏(‏قوله وما إذا قذف إلخ‏)‏ معطوف كسابقه على قوله ما إذا اتحد ‏(‏قوله فعتق‏)‏ بالبناء للفاعل؛ لأنه لازم لا يتعدى إلا بالهمزة ط عن ابن الشحنة ‏(‏قوله فإن آخذه الثاني‏)‏ أي طالبه في أثناء الحد أو بعد تمامه ط ‏(‏قوله ثم قذفه‏)‏ أي قذف المقذوف أولا، بخلاف ما إذا قذف شخصا آخر بعد حده للأول فإنه يحد للثاني كما قدمناه ‏(‏قوله؛ لأن المقصود إلخ‏)‏ قال في البحر‏:‏ لا يخفى ما فيه فإنه بالحد الأول لم يظهر كذبه في إخبار مستقبل، بل فيما أخبر به ماضيا قبل الحد، ولهذا قال في الفتح‏:‏ وصار كما لو قذف شخصا فحد به ثم قذفه بعين ذلك الزنا، بأن قال أنا باق على نسبتي إليه الزنا الذي نسبته إليه لا يحد ثانيا فكذا هذا، أما لو قذفه بزنا آخر حد به ا هـ‏.‏ لكن في الظهيرية‏:‏ ومن قذف إنسانا فحد ثم قذفه ثانيا لم يحد‏.‏ والأصل فيه ما روي‏:‏ أن أبا بكرة لما شهد على المغيرة بالزنا وجلده عمر لقصور العدد بالشهادة كان يقول بعد ذلك في المحافل أشهد أن المغيرة لزان، فأراد عمر أن يحده ثانيا فمنعه علي فرجع إلى قوله وصارت المسألة إجماعا ا هـ‏.‏ فظهر أن المذهب إطلاق المسألة كما ذكره الزيلعي ا هـ‏.‏ ما في البحر، وتبعه في النهر أي المذهب أنه شامل لما إذا قذفه بعين الزنا الأول أو بزنا آخر خلافا لما قاله في الفتح‏.‏ قلت‏:‏ والذي يظهر لي أن الصواب ما في الفتح، وأنه إذا صرح بنسبته إلى زنا غير الأول يحد ثانيا كما لو قذف شخصا آخر؛ لأنه لم يظهر كذبه في القذف الثاني، بخلاف ما إذا حد ثم قذفه بالزنا الأول أو أطلق لحمل إطلاقه على الأول؛ لأن المحدود بالقذف يكرر كلامه بعد القذف لإظهار صدقه فيما حد بسببه كما فعله أبو بكرة، فإن قوله أشهد أن المغيرة لزان لم يرد به زنا آخر، وبه ظهر أن ما في الظهيرية لا ينافي ما في الفتح فلا يصلح للاستدراك به عليه ‏(‏قوله ومفاده إلخ‏)‏ أي مفاد ما مر عن الزيلعي من انتفاء الحد ثانيا حيث اتحد المقذوف أنه لو تعدد يحد، وقدمنا التصريح به عن الفتح وغيره، فإذا قذف شخصا بالزنا فحد له ثم قال له يا ابن الزانية فإنه يحد ثانيا وإن كانت أم المقذوف ميتة وكان الطلب له؛ لأن الثاني قذف لأمه، وكذا يحد بالأولى لو كانت الأم حية فخاصمته ‏(‏قوله إن التعزير يتعدد إلخ‏)‏ جزم به مع أن المصنف قال لم أر من صرح به لكنه يؤخذ من كلامهم ا هـ‏.‏ ط والمراد التعزير الذي هو حق العبد كما يفيده التعليل وسيأتي تمام الكلام على ذلك عند قول المصنف في الباب الآتي وهو حق العبد

‏(‏قوله قلنا‏)‏ أي في وجه الاستحسان بإبداء الفارق وهو أن حد الزنا أو الشرب ليس له مطالب مخصوص فكان استيفاؤه للقاضي ابتداء والقاضي مندوب أي مأمور بالدرء‏:‏ أي درء الحد بالستر عليه كما مر في الشاهد للخبر وهو حديث‏:‏ «من رأى عورة فسترها كان كمن أحيا موءودة» فإذا أعرض القاضي عما ندب إليه وأراد استيفاءه لحقته تهمة بذلك فلم يجز له استيفاؤه، بخلاف حد القذف والقود فإن له مطالبا وهو المقذوف وولي المقتول، حتى قيل إن إقامة التعزير لصاحبه كالقصاص كما نقله في المجتبى فلم يوجد من القاضي تهمة فيه، فكان له استيفاؤه فيما بينه وبين الله تعالى لأن القضاء ليس شرطا لاستيفاء القصاص بل للتمكين كما مر قبيل باب الشهادة على الزنا هذا ما ظهر لي في تقرير هذا المحل فتأمل‏.‏ه، والله سبحانه أعلم‏.‏