فصل: فصل فيما يتعلق في وقف الأولاد

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***


فصل فيما يتعلق في وقف الأولاد

ما قدمه عن جواهر الفتاوى وما بعده إلى هنا من متعلقات هذا الفصل فكان المناسب ذكره فيه ‏(‏قوله‏:‏ وعبارة المواهب‏)‏ أي مواهب الرحمن للعلامة برهان الدين إبراهيم الطرابلسي صاحب الإسعاف ‏(‏قوله في الوقف على نفسه‏)‏ أي في فصل الوقف على نفسه، وظاهره أن جميع ما ذكره عبارة المواهب، وليس كذلك لأن أكثر ما ذكره هنا لم يذكر في المواهب ‏(‏قوله‏:‏ جعل ريعه لنفسه إلخ‏)‏ تقدم في قول المتن وجاز جعل غلة الوقف لنفسه عند الثاني ‏(‏قوله‏:‏ ثم وثم‏)‏ حكاية لما يذكره الواقف من العطف بثم في وقفه كقوله ثم بعدي على أولادي ثم على أولادهم، وهذا لا مدخل له في نقل الخلاف لأن الخلاف في جعله الريع لنفسه لا لأولاده ونحوهم، نعم من جعل الوقف على النفس باطلا أبطل ما عطف عليه أيضا ‏(‏قوله‏:‏ كجعله لولده‏)‏ متعلق بقوله جاز لكن لا بقيد كونه عند الثاني كما علمت ‏(‏قوله‏:‏ ولكن يختص بالصبي‏)‏ أي بالبطن الأول إن وجد، فلا يدخل فيه غيره من البطون لأن لفظ ولدي مفرد وإن عم معنى، بخلاف أولادي بلفظ الجمع على ما يأتي ‏(‏قوله ويعم الأنثى‏)‏ أي كالذكر لأن اسم الولد مأخوذ من الولادة وهي موجودة فيهما درر وإسعاف ‏(‏قوله‏:‏ ما لم يقيد بالذكر‏)‏ في بعض النسخ بالذكور وهي كذلك في الدرر ‏(‏قوله‏:‏ ويستقل به الواحد‏)‏ أي بأن كان له أولاد حين الوقف فماتوا إلا واحدا أو لم يكن له إلا واحد فإن ذلك الواحد يأخذ جميع غلة الوقف لأن لفظ ولدي مفرد مضاف فيعم، بخلاف الوقف على بنيه فإن الواحد يستحق نصفها والنصف الآخر للفقراء لأن أقل الجمع اثنان كما في الإسعاف وقد مر في الفروع ‏(‏قوله‏:‏ فإن انتفى الصلبي‏)‏ أي مات والأولى التعبير به ‏(‏قوله‏:‏ دون ولد الولد‏)‏ لاقتصاره على البطن الأول، ولا استحقاق بدون شرط إسعاف، وإنما صرف للفقراء لانقطاع الموقوف عليه كما في الدرر، وهذا يسمى منقطع الوسط كما قدمناه ‏(‏قوله‏:‏ فيختص بولد الابن‏)‏ أي لا يشاركه في الغلة من دونه من البطون ويكون ولد الابن عند عدم الصلبي بمنزلة الصلبي درر أي لأنه ينسب إليه وفي الخصاف‏:‏ فإن لم يكن له ولد لصلبه ولا ولد ولد وكان له ولد وولد ولد فالغلة له ولمن كان أسفل من البطون‏.‏ والفرق بينه وبين الصلبي حيث لم يدخل مع الصلبي من هو أسفل أنه لما نزل إلى ثلاثة أبطن فقد صاروا مثل الفخذ والقبيلة كما لو قال لولد العباس بن عبد المطلب فهو لمن ينسب إلى العباس ا هـ‏.‏ ملخصا ‏(‏قوله ولو أنثى‏)‏ لأن لفظ الولد يعمها كما قدمه آنفا ‏(‏قوله‏:‏ في الصحيح‏)‏ وهو ظاهر الرواية، وبه أخذ هلال لأن أولاد البنات ينسبون إلى آبائهم لا آباء أمهاتهم، بخلاف ولد الابن درر، وقوله بخلاف ولد الابن أي فإنه يدخل فيه ولد البنت وقدمنا تحريره ‏(‏قوله ولو زاد وولد ولدي فقط‏)‏ أي مقتصرا على البطن الأول والثاني ‏(‏قوله اقتصر عليها‏)‏ أي على البطنين‏.‏ قال في الدرر‏:‏ يشتركون في الغلة، ولا يقدم الصلبي على ولد الابن لأنه سوى بينهما أي حيث لم يذكر ما يدل على الترتيب، بخلاف ما إذا رتب كما يأتي ثم قال في الدرر‏:‏ ثم إذا انقرض الأولاد وأولادهم في الصورتين المذكورتين أي صورة الاقتصار على البطن الأول وصورة زيادة الثاني صرفت الغلة إلى الفقراء لانقطاع الموقوف عليه ا هـ‏.‏ أي لأنه في الصورتين لا يدخل البطن الثالث حيث لم يذكر الولد بلفظ الجمع ‏(‏قوله‏:‏ ولو زاد البطن الثالث‏)‏ بأن قال على ولدي وولد ولدي وولد ولد ولدي درر ‏(‏قوله‏:‏ عم نسله‏)‏ أي صرف إلى أولاده ما تناسلوا لا للفقراء ما بقي واحد من أولاده وإن سفل درر ‏(‏قوله‏:‏ ويستوي الأقرب والأبعد‏)‏ أي يشترك جميع البطون في الغلة لعدم ما يدل على الترتيب، وعلله الخصاف بأنه لما سمى ثلاثة أبطن صاروا بمنزلة الفخذ وتكون الغلة لهم ما تناسلوا قال‏:‏ ألا ترى أنه لو قال على ولد زيد وزيد قد مات وبيننا وبينه ثلاثة أبطن أو أكثر أن هؤلاء بمنزلة الفخذ والغلة لمن كان من ولد زيد وولد ولده ونسلهم أبدا ‏(‏قوله‏:‏ إلا أن يذكر ما يدل على الترتيب‏)‏ بأن يقول‏:‏ الأقرب فالأقرب، أو يقول على ولدي ثم على ولد ولدي، أو يقول بطنا بعد بطن فحينئذ يبدأ بما بدأ به الواقف درر ‏(‏قوله‏:‏ كما لو قال إلخ‏)‏ مرتبط بقوله عم نسله‏.‏ وعبارة الدرر كذا أي صرف إلى أولاده ما تناسلوا لا الفقراء إذا قال‏:‏ على ولدي وأولاد أولادي، أو قال ابتداء على أولادي يستوي فيه الأقرب والأبعد إلا أن يذكر ما يدل على الترتيب كما مر‏.‏ ا هـ‏.‏ قال محشيه عزمي زاده‏:‏ قوله أو قال ابتداء إلخ هذا مخالف لما في الخانية‏:‏ رجل وقف أرضا على أولاده وجعل آخره للفقراء فمات بعضهم، قال هلال‏:‏ يصرف الوقف إلى الباقي، فإن ماتوا يصرف إلى الفقراء لا إلى ولد الولد ا هـ‏.‏ وهو موافق لما في الخلاصة والبزازية وخزانة الفتاوى وخزانة المفتين والنتف‏.‏

مطلب لو قال على أولادي بلفظ الجمع هل يدخل كل البطون

نعم قال في الاختيار شرح المختار لو قال‏:‏ على أولادي يدخل فيه البطون كلها لعموم اسم الأولاد ولكن يقدم البطن الأول، فإذا انقرض فالثاني ثم من بعدهم يشترك جميع البطون فيه على السواء قريبهم وبعيدهم ا هـ‏.‏ وقد استفتي عن ذلك بعض العلماء من المولى أبي السعود وأدرج في سؤاله عبارة واقعة في بعض الكتب موافقة لما مر عن الاختيار‏.‏ فأجاب عنه المولى المذكور بما حاصله‏:‏ إن هذه المسألة قد خطأ فيها رضي الدين السرخسي في محيطه واعتمد عليه صاحب الدرر ا هـ‏.‏ وما قاله حق مطابق للكتب المعتبرة كما تحققت وخلافه شاذ ثم إن ما في الدرر غير موافق لذلك القول الشاذ أيضا لأن مؤدى كلامهم تقديم البطن الأول ثم البطن الثاني ثم الاشتراك بين الأقرب والأبعد، بخلاف ما يدل عليه كلام الدرر من استواء الأقرب والأبعد أولا وآخرا ا هـ‏.‏ ما في العزمية ملخصا، وأفاد أن قول المفتي أبي السعود واعتمد عليه صاحب الدرر فيه نظر، لأن كلام الدرر غير موافق لكل من القولين، لكن جزم بمثله في فتح القدير والمقدسي في شرحه والأشباه في قاعدة‏:‏ الأصل الحقيقة، نعم ما في الخانية وغيرها ذكره الخصاف أيضا‏.‏

مطلب وقف على أولادهم وسماهم

‏(‏قوله‏:‏ ولكن سماهم‏)‏ فقال على فلان وفلان وفلان وجعل آخره للفقراء درر‏.‏ قلت‏:‏ فلو كان أولاده أربعة وسمى منهم ثلاثة لم يدخل المسكوت عنه، فلو قال ثم على أولادهم لم يدخل أولاد المسكوت عنه لعود الضمير في أولادهم إلى المسمين، بخلاف ما إذا قال ثم على أولاد أولادي فإنهم يدخلون لأنه لم يضف إليهم، ويدل عليه ما في الإسعاف‏:‏ لو قال ولدي وأولادهم وأولادهم وله أولادهم وله أولاد مات بعضهم قبل الوقف يكون على الأحياء وأولادهم فقط دون أولاد من مات قبل الوقف لأن الوقف لا يصح إلا على الأحياء ومن سيحدث دون الأموات، وقد أعاد الضمير إلى أولاد الأحياء يوم الوقف دون غيرهم، ولو قال على ولدى وولد ولدي وأولادهم دخلوا لقوله وولد ولدي، فإن ولد من مات قبله ولد ولده ا هـ‏.‏ ملخصا‏.‏ ‏[‏فروع مهمة‏]‏ قال‏:‏ على ولدي المخلوقين ونسلي فحدث له ولد لصلبه يدخل بقوله ونسلي، بخلاف ما إذا قال‏:‏ ونسلهم فإن الحادث لا يدخل هو ولا أولاده، ولو قال‏:‏ على ولدي المخلوقين ونسلهم وكل ولد يحدث لي فإنه يدخل الحادث دون أولاده، ولو قال‏:‏ على ولدي المخلوقين ونسلهم ونسل من يحدث لي دخل أولاد الحادث دونه‏.‏ ولو قال‏:‏ على ولدي المخلوقين وعلى أولاد أولادهم ونسلهم يدخل أولاد أولاده بقوله ونسلهم وإن تجاوزهم ببطن، بخلاف ما إذا قال‏:‏ على ولدي المخلوقين وعلى نسل أولادهم ا هـ‏.‏ ملخصا من الخصاف ‏(‏قوله صرف نصيبه للفقراء‏)‏ لأنه وقف على كل واحد منهم، بخلاف ما إذا وقف على أولاده ثم للفقراء أي ولم يسم الأولاد فمات بعضهم فإنه يصرف إلى الباقي لأنه وقف على الكل لا على كل واحد أفاده في الدرر ‏(‏قوله‏:‏ لم يختص ابنها‏)‏ أي المتولي من الوقف بل يكون نصيبها لجميع الأولاد درر، لكن مقتضى ما قدمناه في بيان المنقطع أن يصرف نصيبها إلى الفقراء تأمل ‏(‏قوله‏:‏ دخل الإناث على الأوجه‏)‏ لأن جمع الذكور عند الاختلاط يشمل الإناث كما سلف ط ‏(‏قوله‏:‏ لا يدخل البنون‏)‏ وكذا لا تدخل الخنثى في الصورتين لأنا لا نعلم ما هو‏؟‏ هندية ط‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ فالغلة للمساكين‏)‏ ولا شيء للبنات أو البنين لعدم صدق كل منهما مدلول الآخر برهان ط ‏(‏قوله ويكون وقفا منقطعا‏)‏ أي منقطع الأول ‏(‏قوله‏:‏ فإن حدث ما ذكر‏)‏ أي بأن ولد له بنون في الأول أو بنات في الثاني عاد الوقف إليه‏:‏ أي إلى الحادث‏.‏

مطلب في بيان طلوع الغلة الذي أنيط به الاستحقاق

‏(‏قوله‏:‏ ويدخل في قسمة الغلة إلخ‏)‏ قال‏:‏ في الفتح‏:‏ ثم المستحق من الولد كل من أدرك خروج الغلة عالقا في بطن أمه، حتى لو حدث ولو بعد خروج الغلة بأقل من ستة أشهر استحق، ومن حدث إلى تمامها فصاعدا لا يستحق لأنا نتيقن بوجود الأول في البطن عند خروج الغلة فاستحق، فلو مات قبل القسمة كان لورثته وهذا في ولد الزوجية أما لو جاءت أمته بولد لأقل من ستة أشهر فاعترف به لا يستحق لأنه متهم في الإقرار على الغير أعنى باقي المستحقين، بخلاف ولد الزوجة فإنه حين يولد ثابت النسب ‏(‏قوله‏:‏ مذ طلوع الغلة‏)‏ قال‏:‏ في الفتح‏:‏ وخروج الغلة التي هي المناط وقت انعقاد الزرع حبا‏.‏ وقال بعضهم‏:‏ يوم يصير الزرع متقوما ذكره في الخانية وهذا في الحب خاصة، وفي وقف الخصاف يوم طلعت الثمرة، وينبغي أن يعتبر وقت أمانة العاهة كما في الحب لأنه بالانعقاد يأمن العاهة وقد اعتبر انعقاده‏.‏ وأما على طريقة بلادنا من إجازة أرض الوقف لمن يزرعها لنفسه بأجرة تستحق على ثلاثة أقساط كل أربعة أشهر قسط فيجب اعتبار إدراك القسط فهو كإدراك الغلة، فكل من كان مخلوقا قبل تمام الشهر الرابع حتى تم وهو مخلوق استحق هذا القسط، ومن لا فلا ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ لدون سنتين‏)‏ أي من وقت الإبانة والعتق وإن كان لأكثر من ستة أشهر من وقت وجود الغلة لحكم الشرع بوجود الحمل قبل الطلاق والعتق لحرمة الوطء في العدة فيكون موجودا عند طلوع الغلة‏.‏ ا هـ‏.‏ ح ‏(‏قوله‏:‏ لثبوت نسبه بلا حل وطئها‏)‏ هو معنى قولنا لحكم الشرع إلخ وهو تعليل لقوله إلا إذا ولدت‏:‏ أي يدخل في قسمة الغلة إذا ولدت مبانته إلخ، والمراد دخوله في كل غلة خرجت في هذه المدة لتحقق وجوده عندها ‏(‏قوله فلو يحل‏)‏ أي وطؤها بأن كانت أم ولد غير معتقة أو زوجة أو معتدة رجعي ‏(‏قوله‏:‏ فلا‏)‏ أي لا يدخل إلا إذا ولدت لدون ستة أشهر من وقت الغلة ط ‏(‏قوله‏:‏ وتقسم بينهم بالسوية‏)‏ يغني عنه قوله سابقا ويستوي الأقرب والأبعد إلخ ط‏.‏

مطلب قال‏:‏ للذكر كأنثيين ولم يوجد إلا ذكور فقط أو إناث فقط

‏(‏قوله‏:‏ وإن قال‏:‏ للذكر كأنثيين إلخ‏)‏ فيه اختصار وأصله ما في الإسعاف‏:‏ ولو قال‏:‏ بطنا بعد بطن للذكر مثل حظ الأنثيين، فإن جاءت الغلة والبطن الأعلى ذكور وإناث يكون بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، وإن ذكورا فقط أو إناثا فقط فبالسوية من غير أن يفرض ذكر مع الإناث أو أنثى مع الذكور، بخلاف ما لو أوصى بثلث ما له لولد زيد بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين وكانوا ذكورا فقط أو إناثا فقط، فإنه يفرض مع الذكور أنثى ومع الإناث ذكر ويقسم الثلث عليهم، فما أصابهم أخذوه وما أصاب المضموم إليهم يرد إلى ورثة الموصي‏.‏ والفرق أن ما يبطل من الثلث يرجع ميراثا إلى ورثة الموصي، وما يبطل من الوقف لا يرجع ميراثا وإنما يكون للبطن الثاني وإنه لا حق له ما دام أحد من البطن الأعلى باقيا، فعلم أن مراده بقوله للذكر مثل حظ الأنثيين إنما هو على تقدير الاختلاط لا مطلقا، وعلى هذا أمور الناس ومعانيهم‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ فرض ذكر‏)‏ كذا في كثير من النسخ، وفي بعضها ذكرا بالنصب فيكون ‏"‏ فرض ‏"‏ مبنيا للفاعل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فالغلة لجميع ولده إلخ‏)‏ لأنه لم يرتب بين البطون ولم يفضل بين الذكور والإناث ‏(‏قوله‏:‏ ونصيب الميت لولده أيضا‏)‏ أي ما أصاب الميت يأخذه ولده منضما إلى نصيبه لأنه استحقه من وجهين إسعاف، وكذا يقال لو رتب بين البطون وشرط انتقال نصيب الميت لولده كما بسطه في الإسعاف ‏(‏قوله بالإرث‏)‏ الأولى حذفه والاقتصار على ما بعده لأنه ليس إرثا حقيقة ولذا لو كان ولد الميت ذكرا وأنثى استحقه سوية، نعم هو شبيه بالإرث من حيث انتقال نصيب الأصل إلى فرعه‏.‏مطلب مهم فيما لو شرط عود نصيب من مات عن ولد لأعلى طبقة

‏(‏قوله‏:‏ ولو قال‏:‏ إلخ‏)‏ أي في صورة الترتيب بين البطون طبقة بعد طبقة كما صوره الخصاف وتبعه في الإسعاف وقوله أو سكت معطوف على قوله لو قال‏:‏ والحاصل أنه إذا رتب بين البطون لا يعطى الثاني ما لم ينقرض الأول إلا إذا شرط بعد ذلك أن من مات عن ولد فنصيبه لولده فيعطى لولده، وإن كان من البطن الثاني فإن سكت عن بيان نصيبه لا يعطى لولده بل يرجع لأصل الغلة فيقسم على جميع المستحقين، وكذا إذا بين نصيب من مات عن غير ولد بأن شرط عوده لأعلى طبقة أو لمن في درجته وطبقته أو لمن دونه اتبع شرطه، فإن لم يوجد ما شرطه عاد نصيب ذلك الميت لأصل الغلة فبقي على الجميع لا على الفقراء لأنه شرط تقديم النسل عليهم فلا حق لهم ما بقي أحد من نسله، وكذلك لو سكت عن نصيب من مات فإنه يرجع إلى أصل الغلة قلت‏:‏ وبهذا ظهر لك أنه لو شرط عود نصيب من مات عن غير ولد إلى من في درجته الأقرب فالأقرب منهم كما هو الغالب في الأوقاف ولم يوجد في الدرجة أحد يرجع نصيبه إلى أصل الغلة لا إلى أعلى طبقة كما أفتى به كثيرون منهم الرملي ولا إلى الأقرب من أي طبقة كانت كما أفتى به آخرون منهم الرملي أيضا لأنه إنما اشترط الدرجة واشترط الأقرب من أهل الدرجة‏.‏ فإذا لم يوجد في الدرجة أحد لم يوجد شرطه فتلغو الأقربية أيضا، وحيث لم يوجد الشرط يرجع نصيبه إلى أصل الغلة، إذ لا فرق بين قوله لأعلى طبقة، وقوله لمن في درجته، فمن أفتى بخلاف ذلك فقد خالف ما نص عليه الخصاف وتبعه في الإسعاف ولم يستند أحد منهم إلى نقل يعارض ذلك، فتعين الرجوع إلى المنصوص عليه كما أوضحت ذلك في تنقيح الحامدية بما لم أسبق إليه، ثم بعد أيام من تحرير هذا المقام ورد علي السؤال من طرابلس الشام مضمونه أنه وجد في درجة المتوفى أولاد عم وفي الدرجة التي تحتها أولاد أخت وفيه فتاوى جماعة من أهل العصر تبعا لما في الخيرية بانتقال نصيب المتوفى إلى أولاد الأخت لأنهم أقرب نسبا وإن كانوا أنزل درجة، وأفتيت بعوده لأولاد العم تبعا لما في الحامدية، ولما نقله فيها عن البهنسي شارح المتلقى ولأن الواقف إنما اشترط عود النصيب للأقرب من أهل درجة المتوفى لا إلى مطلق أقرب، وأوضحت ذلك غاية الإيضاح في رسالة سميتها غاية المطلب في شرط الواقف عود النصيب إلى أهل درجة المتوفى الأقرب فالأقرب وبينت فيها ما وقع في جواب الرملي من الأوهام ‏(‏قوله‏:‏ ولو أنثى‏)‏ ذكر هلال روايتين في دخول أولاد البنات في النسل، وكذا قاضي خان وصاحب المحيط ورجح كلا مرجحون كما يفيده كلام العلامة عبد البر‏.‏ ا هـ‏.‏ ط‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ والعقب للولد وولده من الذكور‏)‏ أي أبدا ما تناسلوا، فكل من يرجع بنسبه إلى الواقف بالآباء فهو من عقبه، وكل من كان أبوه من غير الذكور من ولد الواقف فليس من عقبه إسعاف‏.‏

مطلب في النسل والعقب والآل والجنس وأهل البيت والقرابة والأرحام والأنساب

‏(‏قوله‏:‏ كل من يناسبه‏)‏ أي بآبائه إسعاف وهو مفاعلة من النسب‏:‏ أي من يداخله في نسبه بمحض الآباء إلى أقصى أب في الإسلام وهو الذي أدرك الإسلام أسلم أو لم يسلم، فكل من يناسبه إلى هذا الأب من الرجال والنساء والصبيان فهو من أهل بيته كما في الإسعاف وكذا من آله وجنسه، والمراد من كان موجودا منهم حال الوقف أو حدث بعد ذلك لأقل من ستة أشهر من مجيء الغلة كما في الفتح، وقيل‏:‏ يشترط إسلام الأب الأعلى، ففي العلوي أقصى أب له أدرك الإسلام هو أبو طالب، فيدخل أولاده عقيل وجعفر وعلي، أما على القول الآخر لا يدخل إلا أولاد علي لأنه أول أب أسلم كما في التتارخانية ‏(‏قوله‏:‏ من قبل أبويه‏)‏ أي من جهة أي واحد منهما ‏(‏قوله‏:‏ خلافا لمحمد فعدهم منها‏)‏ أي عد محمد من القرابة من علا من جهة أبويه ومن سفل من جهة ولده، ويوهم هذا التعبير ضعفه مع أنه في الإسعاف قال‏:‏ وهو ظاهر الرواية عنهما، وروي عنهما أنهم لا يدخلون‏.‏

مطلب يعتبر في لفظ القرابة المحرمية والأقرب فالأقرب

وقال‏:‏ ويدخل فيه المحارم وغيرهم من أولاد الإناث وإن بعدوا عندهما وعند أبي حنيفة تعتبر المحرمية والأقرب فالأقرب للاستحقاق ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وقول الإمام هو الصحيح كما في القهستاني وغيره، وعليه المتون في كتاب الوصايا، ومحل الخلاف إذا لم يقل الأقرب فالأقرب لأنهم قالوا‏:‏ لو قال‏:‏ على أقاربي أو أقربائي أو أرحامي أو أنسابي لا يكون لأقل من اثنين عند أبي حنيفة، وعندهما يطلق على الواحد أيضا‏.‏ قال‏:‏ في شرح درر البحار وشرح المجمع الملكي عن الحقائق إذا ذكر مع هذه الألفاظ الأقرب فالأقرب لا يعتبر الجمع اتفاقا لأن الأقرب اسم فرد خرج تفسيرا للأول ويدخل فيه المحرم وغيره، ولكن يقدم الأقرب لصريح شرطه ا هـ‏.‏ ونحوه في الذخيرة ‏(‏قوله‏:‏ وإن قيده بفقرائهم‏)‏ أما لو قال‏:‏ من افتقر منهم، قال محمد‏:‏ تكون لمن كان غنيا منهم ثم افتقر ونفيا اشتراط تقدم الغنى، ولو قال‏:‏ من احتاج منهم فهي لكل من يكون محتاجا وقت وجود الغلة، سواء كان غنيا ثم احتاج أو كان محتاجا من الأصل ومثله المسكين والفقير إسعاف‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وهو المجوز لأخذ الزكاة‏)‏ أي الفقر هنا هو المجوز إلخ لكن ذكر في الإسعاف بعده أنه لو كان ولد غني تجب نفقته عليه لا يدخل في الوقف، بل قدمنا في الفروع عند قوله، لو وقف على فقراء قرابته أنه لا بد أن لا يكون له أحد تجب نفقته عليه لأنه بالإنفاق عليه يعد غنيا في باب الوقف، وذكر في الإسعاف أن الأصل أن الصغير يعد غنيا بغنى أبويه وجديه فقط والرجل والمرأة بغنى فروعها وزوجها فقط وهذا مذهب أصحابنا قال الخصاف‏:‏ والصواب عندي إعطاؤهم وإن كان تفرض نفقتهم على غيرهم، ورده هلال وتمامه فيه ‏(‏قوله‏:‏ فلو تأخر صرفها سنين إلخ‏)‏ لو وقف على أولاده فاستحقاق الغلة يعتبر يوم حدوث الغلة على قول عامة المشايخ لا يوم الوقف، فالموجود منهم يوم الوقف والمولود بعده سواء إذا كان موجودا يوم حدوث الغلة، وكذا لو وقف على فقراء قرابته، فمن كان فقيرا يوم حدوث الغلة يعطى له ولو استغنى بعده أو كان غنيا قبله‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي التتارخانية‏:‏ المستحق للغلة من كان فقيرا يوم تجيء الغلة عند هلال وبه نأخذ‏.‏ وفي الخانية وعليه الفتوى ثم ذكر بعده أن الخصاف يعتبر يوم القسمة لا يوم طلوع الغلة‏.‏ وقال‏:‏ في الفتح‏:‏ وفي وقف الخصاف لو اجتمعت عدة سنين بلا قسمة حتى استغنى قوم وافتقر آخرون ثم قسمت يعطى من كان فقيرا يوم القسمة ولا أنظر إلى من كان فقيرا يوم الغلة ثم استغنى ا هـ‏.‏ وبهذا ظهر لك أن قوله شارك المفتقر وقت القسمة إلخ لا يتمشى على قول هلال ولا على قول الخصاف لأنه يقتضي أن من كان غنيا وقت الغلة ثم افتقر وقت القسمة يستحق مع من كان غنيا وقت القسمة فقيرا وقت الغلة، واستحقاق الأول ظاهر على قول الخصاف والثاني على قول هلال فالظاهر أن الصواب أن يقال‏:‏ لا يشارك بلا النافية فيكون كل من المسألتين على قول هلال المفتى به، ويدل عليه قوله فلو تأخر إلخ فإنه مفرع على قوله قبله يعتبر الفقر وقت وجود الغلة ‏(‏قوله‏:‏ لأن الصلات إلخ‏)‏ بكسر الصاد جمع صلة، وهو تعليل لما فهم من اختصاص الاستحقاق بمن كان فقيرا وقت وجود الغلة بناء على ما قلنا من أن الصواب لا يشارك بلا النافية وهذا مؤيد له أيضا وبيان التعليل حينئذ أن من كان فقيرا وقت الغلة في هذه السنين يستحق غلة كل سنة ولا يصير غنيا بما يستحقه لأنه صلة لا تملك إلا بالقبض، فإذا جاء يوم القسمة وكان غنيا يأخذ ما استحقه في السنين الماضية بصفة الفقر لأن طرو الغنى لا يبطل ذلك؛ كما لو مات بعد طلوع الغلة فإن نصيبه منها لا يبطل بالموت بل يصير ميراثا لورثته ‏(‏قوله‏:‏ فلا حظ له‏)‏ أي من هذه الغلة التي خرجت وهو حمل في بطن أمه‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ لعدم احتياجه‏)‏ لأن الفقير هو المحتاج والحمل غير محتاج، بخلاف الوقف على أولاده فإنه يدخل الحمل لتعلق الاستحقاق بالنسب وهنا بالفقر ‏(‏قوله‏:‏ وقيل‏:‏ يستحق‏)‏ هذا قول الخصاف، والأول قول هلال‏.‏

مطلب تفسير في الصالح

‏(‏قوله‏:‏ ولو قيده بصلحائهم‏)‏ الصالح‏:‏ من كان مستورا ولم يكن مهتوكا، ولا صاحب ريبة، وكان مستقيم الطريقة سليم الناحية كامن الأذى، قليل الشر، ليس بمعاقر للنبيذ ولا ينادم عليه الرجال، ولا قذافا للمحصنات، ولا معروفا بالكذب فهذا هو الصلاح عندنا، ومثله أهل العفاف والخير والفضل، ومن كان أمره على خلاف ما ذكرنا فليس هو من أهل الصلاح ولا العفاف إسعاف‏.‏

مطلب المراد بالأقرب فالأقرب

‏(‏قوله‏:‏ أو بالأقرب فالأقرب‏)‏ المراد بالأقرب أقرب الناس رحما لا الإرث والعصوبة كما في الخيرية وذكر في أنفع الوسائل أن أبا يوسف لم يعتبر لفظ أقرب في التقديم بل سوى بينه وبين الأبعد، ثم قال‏:‏ وبالجملة إنه ضعيف لأنه يلزم منه إلغاء صيغة أفعل بلا دليل وإلغاء مقصود الواقف من تقديم الأقرب‏.‏ ا هـ‏.‏ فالمعتمد اعتبار الأقربية وهو المشهور وبه أفتى في الخيرية، لكن أفتى في موضع آخر بخلافه حيث شارك جميع أهل الدرجة في وقف اشترط فيه تقديم الأقرب من أهل الدرجة والظاهر أنه ذهول منه عن هذا الشرط وإلا فهو ضعيف كما علمت‏.‏ وفي الإسعاف‏:‏ لو قال‏:‏ على أقرب الناس مني أو إلي ثم على المساكين وله ولد وأبوان فهي للولد ولو أنثى لأنه أقرب إليه من أبويه، ثم تكون للمساكين دون أبويه لأنه لم يقل للأقرب فالأقرب ولو له أبوان فهي بينهما نصفين ولو له أم وإخوة فللأم، وكذا لو له أم وجدة لأب، ولو له جد لأب وإخوة فللجد على قول من يجعله بمنزلة الأب وعلى القول الآخر للإخوة لأن من ارتكض معه في رحم أو خرج معه من صلب أقرب إليه ممن بينه وبينه حائل ولو له أب وابن ابن فللأب لأنه أقرب من النافلة، ولو له بنت بنت وابن ابن ابن فلبنت البنت لأن الوقف ليس من قبيل الإرث، ولو قال‏:‏ على أقرب قرابة مني وله أبوان وولد لا يدخل واحد منهم في الوقف إذ لا يقال لهم قرابة؛ ولو قال‏:‏ على أقاربي على أن يبدأ بأقربهم إلي نسبا أو رحما ثم من يليه وله أخوان أو أختان يبدأ بمن لأبويه ثم بمن لأب؛ ولو كان أحدهما لأب والآخر لأم يبدأ بمن لأبيه عنده‏.‏ وقالا‏:‏ هما سواء، والخال أو الخالة لأبوين أولى من العم لأم أو لأب كعكسه، والعم أو العمة لأبوين مقدم على الخال أو الخالة عند أبي حنيفة، وعلى القول الآخر هما سواء؛ ومن لأب منهما أولى ممن لأم عنده، وعندهما سواء؛ وحكم الفروع إذا اجتمعوا متفرقين كحكم الأصول‏.‏ وعندهما قرابته من جهة أبيه أو من جهة أمه سواء ذكورا كانوا أو إناثا أو مختلطين، ويقدم الأقرب فالأقرب منهم عملا بشرط الواقف ا هـ‏.‏ ملخصا وتمامه فيه‏.‏ تنبيه‏]‏ قد علم مما ذكرناه أن لفظ الأقرب لا يختص بالقرابة ما لم يقيد بها بأن يقول‏:‏ الأقرب من قرابتي، أما لو قال‏:‏ على أقرب الناس مني يشمل القرابة وغيرها ولذا يدخل فيه الأبوان مع أنهما ليسا من القرابة، وعلى هذا فلو قال‏:‏ على أن من مات عن غير ولد عاد نصيبه إلى من في درجته يقدم الأقرب فالأقرب في ذلك ووجد في درجته أولاد عم وفي الدرجة التي تحتها ابن أخت، يصرف إلى أولاد عمه دون ابن أخته، خلافا لما أفتى به في الخيرية حيث صرفه لابن الأخت لكونها أقرب وكون أولاد العم ليسوا رحما محرما، ولا يخفى أنه خطأ لأن الأقرب لا يخص الرحم المحرم لأنه أعم من القرابة كما علمت وانظر ما قدمناه قبل ورقة عن الحقائق يظهر لك الحق ‏(‏قوله‏:‏ أو فالأحوج‏)‏ قال‏:‏ الحسن في رجل أوصى بثلثه للأحوج فالأحوج من قرابته وكان فيهم من يملك مائة درهم مثلا، ومن يملك أقل منها يعطى ذو الأقل إلى أن يصير معه مائة درهم ثم يقسم الباقي بينهم جميعا بالسوية‏.‏ قال الخصاف‏:‏ والوقف عندي بمنزلة الوصية إسعاف ‏(‏قوله‏:‏ أو بمن جاوره‏)‏ لو قال‏:‏ على فقراء جيراني فهي عنده للفقير الملاصقة داره لداره الساكن هو فيها لتخصيصه الجار بالملاصق فيما لو أوصى لجيرانه بثلث ماله والوقف مثلها وبه قال زفر، ويكون لجميع السكان في الدور الملاصقة له الأحرار والعبيد والذكور والإناث والمسلمون وأهل الذمة سواء، وبعد الأبواب وقربها سواء، ولا يعطي القيم بعضا دون بعض بل يقسمها على عدد رءوسهم‏.‏ وعندهما تكون للجيران الذين يجمعهم محلة واحدة، وتمام الكلام على ذلك في الإسعاف ‏(‏قوله‏:‏ ومن أحوجه حوادث زمانه‏)‏ من هنا إلى كتاب البيوع ساقط من بعض النسخ والظاهر سقوطه من نسخة الأصل خصوصا المسائل الآتية فإنها لا ارتباط لها بكتاب الوقف‏.‏ والظاهر أن الشارح لما انتهى إلى هنا بقي معه بياض ورق هو آخر الجزء فكتب فيه هذه المسائل لا على أنها من الكتاب فألحقها الناسخ به، ويدل على ذلك أن الشارح في كتاب الدعوى ذكر عدة مسائل التي لا يحلف فيها المنكر، ثم قال‏:‏ ولولا خشية التطويل لسردتها، وذكر نحوه قبل كتاب الدعوى، وإلا كان الأولى أن يقول‏:‏ قدمتها في محل كذا لكن قوله في الآخر فاغتنم هذا المقام فإنه من جواهر هذا الكتاب يقتضي أن مراده جعلها منه إلا أن تكون هذه العبارة من جملة ما نقله عن زواهر الجواهر لا من كلامه، والله - سبحانه - أعلم‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ قول الأشباه‏)‏ أي صاحبها ط‏.‏

مطلب ذكر مسائل استطرادية خارجة عن كتاب الوقف

‏(‏قوله‏:‏ إلا في إحدى وأربعين‏)‏ عبارة الأشباه، وقد ذكرت في الشرح أن المستثنى اثنان وأربعون مسألة وبينتها مفصلة، وكذا قال الشارح في كتاب الشهادات إلا في اثنين وأربعين وزاد ابن المصنف ثلاثة عشر أخر تركتها خشية التطويل ‏(‏قوله‏:‏ في الشرح المحال عليه‏)‏ يعني البحر ‏(‏قوله‏:‏ وشهد الآخر أنه أقر بألف درهم تقبل‏)‏ هو قول أبي يوسف ورجحه الصدر‏.‏ وقالا‏:‏ لا تقبل، ومثلها كما في خزانة الأكمل‏:‏ إذا شهد أحدهما بالطلاق والآخر بإقراره به، وزاد في الولوالجية‏:‏ ما لو شهد أحدهما على قرض مائة درهم والآخر على الإقرار بذلك ط‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ بالردية‏)‏ الأنسب بالرداءة‏.‏ ا هـ‏.‏ ح‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ يقضى بالبخارية بلا خلاف‏)‏ ومثله لو شهد أحدهما بألف بيض والآخر بألف سود والمدعي يدعي الأفضل تقبل على الأقل، ووجهه في المسائل الثلاث أنهما اتفقا على الكمية وانفرد أحدهما بزيادة وصف، ولو كان المدعي يدعي الأقل لا تقبل إلا إن وفق بالإبراء، وتمامه في فتح القدير بحر‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ الرابعة إلخ‏)‏ ذكر في البحر أنه لا يشترط في الموافقة لفظا أن يكون بعين ذلك، أو مرادفه حتى لو شهد أحدهما بالهبة والآخر بالعطية يقبل‏.‏ ا هـ‏.‏ وحينئذ لا وجه للاستثناء، لكن قال‏:‏ في البحر بعد ذلك‏:‏ وقد خرج عن ظاهر قول الإمام مسائل وإن أمكن رجوعها إليه في الحقيقة، وحينئذ فالاستثناء مبني على ظاهر قول الإمام لا على ما هو التحقيق في المقام حموي ‏(‏قوله‏:‏ الخامسة إلخ‏)‏ فيها ما تقدم في التي قبلها حموي ‏(‏قوله‏:‏ تقبل على الثلث‏)‏ وهكذا الحكم لو شهد أحدهما بالكل والآخر بالنصف فإنه يقضى بالنصف المتفق عليه حموي، ومحله ما إذا كان المدعي يدعي الأكثر ولا فرق بين كون المدعى عليه يقر بالوقف وينكر الاستحقاق، أو ينكرهما وأقيمت البينة بما ذكر ط‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ السابعة ادعى إلخ‏)‏ لأن في البيع يتحد الإنشاء ولفظ الإقرار جامع الفصولين‏.‏ وفي البحر‏:‏ لا خصوصية لبيع الوفاء ولا للبيع، بل كل قول كذلك، بخلاف الفعل والنكاح من الفعل ‏(‏قوله‏:‏ إنها كانت له تقبل‏)‏ لأن الأصل بقاء ما كان على ما عليه كان ط ‏(‏قوله‏:‏ ادعى ألفا مطلقا‏)‏ أي غير مقيد بقرض ولا وديعة قال‏:‏ في البحر‏:‏ وإن ادعى أحد السببين لا تقبل لأنه أكذب ط شاهده، كذا في البزازية ‏(‏قوله‏:‏ فشهد أحدهما على إقراره بألف قرض إلخ‏)‏ بخلاف ما إذا شهد أحدهما بألف قرض والآخر بألف وديعة فإنها لا تقبل بحر عن البزازية قلت‏:‏ ولعل وجهه أن القرض فعل والإيداع فعل آخر، بخلاف الشهادة على الإقرار بالقرض والإقرار الوديعة فإن الإقرار بكل منهما قول وهو جنس واحد، والمقر به وإن كان جنسين‏.‏ لكن الوديعة مضمونة عند الإنكار، والشهادة إنما قامت بعد الإنكار فكانت شهادة كل منهما قائمة على إقراره بما يوجب الضمان تأمل، ثم رأيت في البزازية علل بقوله لإنفاقهما على أنه وصل إليه منه الألف وقد جحد فصار ضامنا

‏(‏قوله والآخر أنه هبة‏)‏ الذي في البحر أنه وهبه ‏(‏قوله‏:‏ جاز‏)‏ لأن هبة الدين من المديون والتصدق به عليه، وتحليله منه إبراء له ط بخلاف ما إذا شهد أحدهما على الهبة والآخر على صدقة لا تقبل بحر عن البزازية تأمل ‏(‏قوله‏:‏ ادعى الهبة‏)‏ أي أن الدائن وهبه الدين والوجه فيها ما ذكر في سابقتها ط ‏(‏قوله‏:‏ وثبت الإبراء‏)‏ لأنه أقلهما فلا يرجع الكفيل على الأصيل بزازية‏:‏ أي لأن إبراء الطالب للكفيل لا يوجب رجوع الكفيل على الأصيل، بخلاف هبة الطالب الكفيل فافهم‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ شهد أحدهما على إقراره أنه أخذ منه‏)‏ صورتها‏:‏ ادعى رجل عبدا في يد رجل فأنكره المدعى عليه فبرهن المدعي بما ذكر فإنها تقبل، ومثله يقال في الصورة الآتية ط‏.‏ ووجه القبول اتفاق الشاهدين على الإقرار بالأخذ، لكن بحكم الوديعة أو الأخذ مفردا بزازية ‏(‏قوله‏:‏ الخامسة عشر شهد أحدهما أنها ولدت منه إلخ‏)‏ الظاهر أن صورتها فيها لو علق طلاقها على الحبل فإن الولادة يلزمها الحبل، فقد اتفق الشاهدان عليه، ولا يصح تصويرها بالتعليق على الحبل فإن الحبلى قد لا تلد لموتها أو موت الولد في بطنها فافهم ‏(‏قوله‏:‏ السادسة عشر شهد أحدهما أنه أقر أن الدار له‏)‏ هذه الصورة ذكرت في بعض النسخ مرتين السادسة عشر والسابعة عشر فالمناسب ما في بعض النسخ موافقا لما في البحر‏:‏ السادسة عشر شهد أحدهما أنها ولدت منه ذكرا والآخر أنثى تقبل ولكنها متحدة مع الخامسة عشر في التصوير، ولذا عطفها عليها في البزازية بأو، فالمناسب أن يذكر بدلها ما في البزازية عن الأقضية‏:‏ شهد أحدهما أنه أقر أنه غصب من فلان كذا والآخر أنه أقر بأنه أخذه منه تقبل ا هـ‏.‏

‏(‏قوله إنه أقر‏)‏ أي إن المدعى عليه أقر أن الدار له‏:‏ أي للمدعي ‏(‏قوله‏:‏ والآخر أنه سكن فيها‏)‏ أي إن المدعي سكن فيها فهي شهادة بثبوت يد المدعي عليها والأصل في اليد الملك فقد وافقت الأولى تأمل ‏(‏قوله‏:‏ والآخر في الطعام يقبل‏)‏ لأن الإذن في نوع يعم الأنواع كلها لأنه لا يتخصص بنوع كما ذكروه في المأذون ط ‏(‏قوله‏:‏ بخلافه في الطلاق‏)‏ قال‏:‏ في الأشباه‏:‏ والأصح القبول فيهما ‏(‏قوله‏:‏ إزادى‏)‏ كلمة فارسية بمعنى حر قال‏:‏ ط‏:‏ وفي نسخ زيادة لام بين الدال والياء‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ طلقت‏)‏ لأن الكلام يتكرر فيمكن أنها كلمته في الوقتين ‏(‏قوله‏:‏ والآخر أنه طلقهما أمس‏)‏ أي في النوم الذي قبل يوم الشهادة لا قبل يوم التعليق لأن المعلق عليه طلاق مستقبل ‏(‏قوله يقضى بطلقتين ويملك الرجعة‏)‏ لأنه لا يحتاج إلى قوله ألبتة في ثلاث بحر عن العيون لأبي الليث، وبيانه أن الثلاث طلاق بائن، فقوله ألبتة لغو، فكأنه لم يذكره وانفرد بذكره الشاهد الثاني فصار الاختلاف بين الشاهدين في مجرد العدد، وقد اتفقا على الثنتين فيقضى بهما وتلغو الثالثة لانفراد أحدهما بها، كما لغا لفظ ألبتة لذلك، فلذا كان الطلاق رجعيا فافهم، لكن الظاهر أن قبول الشهادة هنا مبني على قول محمد، لأنه في البزازية عزاه إليه‏.‏ وعند أبي حنيفة لا تقبل أصلا، لما في البحر عن الكافي‏:‏ شهد أحدهما بألف والآخر بألفين لم تقبل عنده‏.‏ وعندهما تقبل على ألف إذا كان المدعي يدعي ألفين، وعلى هذا المائة والمائتان والطلقة والطلقتان والطلقة والثلاث، ثم ذكر في البحر بعد ورقة مستدركا على ما في البزازية أن ما في الكافي هو المذهب‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ شهد أحدهما أنه أعتق بالعربية إلخ‏)‏ هذا لفظ الشاهد، ولم يذكر أنه قال‏:‏ أنت حر ولم يذكر الآخر أنه قال‏:‏ أنت أزاد فلا تكون مكررة مع العشرين ط تأمل ‏(‏قوله‏:‏ اختلفا في مقدار المهر يقضى بالأقل‏)‏ كذا في البزازية وفي جامع الفصولين شهد ببيع أو إجارة أو طلاق أو عتق على مال واختلفا في قدر البدل لا تقبل في النكاح تقبل ويرجع في المهر إلى مهر المثل‏.‏ وقالا‏:‏ لا تقبل في النكاح أيضا‏.‏ ا هـ‏.‏ بحر‏.‏ قلت‏:‏ الظاهر أن هذا فيما إذا أنكر الزوج النكاح من أصله وكذا البيع ونحوه، وما ذكره الشارح فيما إذا اتفقا على النكاح واختلفا في قدر المهر ووجه عدم القبول في البيع ونحو أن العقد بألف مثلا غير العقد بألفين وكذا النكاح على قولهما، وعلى قوله باستثناء النكاح أن المال فيه غير مقصود، ولذا صح بدون ذكره بخلاف البيع ونحوه، وينبغي أن يكون ما ذكره الشارح على الخلاف المار آنفا عن الكافي ‏(‏قوله‏:‏ تقبل في دار اجتمعا عليه‏)‏ أي فيما اتفق عليه الشاهدان من الخصومة في دار كذا دون ما زاده الآخر‏.‏ قال في جامع الفصولين‏:‏ إذ الوكالة تقبل التخصيص، وفيما اتفقا عليه تثبت الوكالة لا فيما تفرد به أحدهما، فلو ادعى وكالة معينة فشهد بها والآخر بوكالة عامة ينبغي أن تثبت المعينة‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ قبلا‏)‏ إذ شهدا بوقف بات لا أن حكم المرض ينتقض فيما لا يخرج من الثلث، وبهذا لا تمتنع الشهادة بحر عن جامع الفصولين، قال في الإسعاف، ثم إن خرجت من ثلث ماله كانت كلها وقفا وإلا فبحسابه، ولو قال‏:‏ أحدهما وقفها في صحته وقال الآخر‏:‏ جعلها وقفا بعد وفاته لم تقبل وإن خرجت من الثلث لأن الثاني شهد بأنها وصية وهما مختلفان‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ادعى مالا فشهد أحدهما أن المحتال عليه أحال غريمه بهذا المال‏)‏ سقط منه شيء يوجد في بعض النسخ، وهو وشهد الآخر أنه كفل عن غريمه بهذا المال تقبل، وهذه المسألة نقلها في البحر عن القنية لكن عبارة القنية فشهد أحدهما أن المحتال عليه احتال عن غريمه بهذا المال إلخ‏.‏ قال ط‏:‏ اعلم أن الغريم يطلق على الدائن وهو المراد بالأول وعلى المديون وهو المراد بالثاني وصورته‏:‏ ادعى زيد على عمرو مالا فأقام زيد شاهدين شهد أحدهما أن عمرا محال عليه يعني أن دائنه أحال زيدا عليه بماله عليه من الدين وشهد الثاني أن عمرا كفل عن مديون زيد بهذا المال‏.‏ وحاصله أن المال على عمرو غير أن أحد الشاهدين شهد أن المال لزمه بطريق الإحالة عليه والآخر شهد أن المال لزمه بطريق الكفالة، والله - تعالى - أعلم بالصواب وستأتي هذه الصورة في كلام الشيخ صالح إلا أنه قال‏:‏ يقضى بالكفالة لأنها الأقل ا هـ‏.‏ لكن هذا التصوير لا يوافق عبارة الشارح، والموافق لها ما لو كان لزيد على عمرو ألف مثلا فأحال عمرو زيدا بالألف على بكر ودفعها بكر ثم ادعى بها بكر على عمرو فشهد أحد الشاهدين بما ذكر وشهد الآخر أن بكرا كفل عمرا بإذنه وأنه دفع الألف لزيد وعلى هذا فغريمه في كلام الشارح بالرفع فاعل أحال، والمراد به عمرو المديون لأنه المحيل لزيد على بكر، وهذا معنى قول القنية إن المحتال عليه احتال عن غريمه أي إن بكرا قبل الحوالة عن غريمه عمرو ‏(‏قوله شهد أحدهما أنه باعه بشرط الخيار‏)‏ أي والآخر بلا شرط كما يوجد في بعض النسخ ‏(‏قوله‏:‏ يقبل فيهما‏)‏ أي في هذه المسألة والتي قبلها لكن في التي قبلها صرح بقوله تقبل فلا حاجة إلى قوله فيهما، والمراد أنه يثبت البيع وإن لم يثبت الأجل والشرط‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ جازت شهادتهما‏)‏ أي على أصل الوكالة بالخصومة ‏(‏قوله‏:‏ والآخر أنه جراه‏)‏ في باب الألف المقصورة من الصحاح‏:‏ الجري الوكيل والرسول‏.‏ ا هـ‏.‏ وعلل القبول في شرح أدب القاضي للخصاف بقوله لأن الجراية والوكالة سواء، والجري والوكيل سواء، فقد اتفق الشاهدان في المعنى واختلفا في اللفظ وأنه لا يمنع ‏(‏قوله‏:‏ والآخر أنه أوصى إليه بقبضه في حياته تقبل‏)‏ لأن الوصاية في الحياة وكالة كما أن الوكالة بعد الموت وصاية كما صرحوا به فالمراد بالوصايا هنا الوكالة حقيقة لتقييدها بقوله في حياته فافهم‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ التاسعة والثلاثون إلخ‏)‏ قال في جامع الفصولين‏:‏ لو اختلف الشاهدان في زمان أو مكان أو إنشاء وإقرار بأن شهد أحدهما على إنشاء والآخر على إقرار، فإن كان هذا الاختلاف في فعل حقيقة وحكما يعني في تصرف فعلي كجناية وغصب أو في قول ملحق بالفعل كنكاح لتضمنه فعلا وهو إحضار الشهود يمنع قبول الشهادة، وإن كان الاختلاف في قول محض كبيع وطلاق وإقرار وإبراء وتحرير أو في فعل ملحق بالقول وهو الفرض لا يمنع القبول وإن كان القرض لا يتم إلا بالفعل وهو التسليم لأن ذلك محمول على قول المقرض أقرضتك فصار كطلاق وتحرير وبيع‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ ووجهه أن القول إذا تكرر فمداوله واحد فلم يختلف بخلاف الفعل، وإطلاق الإقرار يفيد أن الوقف غير قيد ‏(‏قوله‏:‏ الحادية والأربعون‏)‏ مكررة مع السابعة والعشرين ح ‏(‏قوله تكون وقفا على الفقراء‏)‏ لاتفاق الشاهدين على الوقف وهو صدقة‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ قلت‏)‏ من كلام الشيخ صالح وما قبله ومن الشرح المحال عليه وهو البحر ‏(‏قوله‏:‏ منها لو اختلفا في تاريخ الرهن‏)‏ في جامع الفصولين‏:‏ الشهادة بعقد تمامه بالفعل كرهن وهبة وصدقة يبطلها الاختلاف في زمان ومكان إلا عند محمد‏.‏ ا هـ‏.‏ ونقل الخلاف هنا على العكس كما ترى ثم قال‏:‏ في جامع الفصولين‏:‏ ولو شهدا برهن واختلفا في زمانه أو مكانه وهما يشهدان على معاينة القبض تقبل شراء وهبة وصدقة لأن القبض قد يكون غير مرة ا هـ‏.‏ فعلم أن الاختلاف في الشهادة على مجرد العقد ‏(‏قوله‏:‏ ومنها لو اتفق الشاهدان على الإقرار إلخ‏)‏ هذه من اختلاف الشهادة على الإقرار في المكان والتي بعدها في الزمان، وهما مكررتان مع التاسعة والثلاثين والأربعين لأنهما وإن كانتا في الإقرار بالوقف وهاتان في الإقرار بالمال، فإن كل إقرار كذلك كما مر فافهم‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ إن المرأة التي كانت له إلخ‏)‏ بهذا تعين أن المطلقة الآن هي بنت فلان حيث لم يكن في نكاحه غيرها أفاده ط ‏(‏قوله‏:‏ قبل هذا التطليق‏)‏ أي الذي وقع فيه التعيين من أحد الشاهدين ط ‏(‏قوله‏:‏ ومنها ادعى ملك داره‏)‏ الأولى دار بلا ضمير، وهذه المسألة مكررة مع الثامنة ‏(‏قوله‏:‏ ومنها ادعى ألفين إلخ‏)‏ في بعض النسخ ألفا والصواب إسقاط كل منهما والاقتصار على قوله‏:‏ ألفا وخمسمائة قال في الكنز‏:‏ فإن شهد أحدهما بالألف والآخر بألفين لم تقبل، وإن شهد الآخر بألف وخمسمائة والمدعي يدعي ذلك‏.‏ قبلت على ألف‏.‏ قال في البحر‏:‏ لاتفاقهما على الألف لفظا ومعنى، وقد انفرد أحدهما بخمسمائة بالعطف والمعطوف غير المعطوف عليه فيثبت ما اتفقا عليه بخلاف الألف والألفين لأن لفظ الألف غير لفظ الألفين ولم يثبت واحد منهما، وتمامه فيه ‏(‏قوله‏:‏ وشهد أحدهما إلخ‏)‏ أي زاد في شهادته أنه قضاه منها خمسمائة لم تقبل هذه الزيادة ما لم يشهد معه بها آخر، ولا يكون ذلك تكذيبا لشاهد القضاء لأنه لم يكذبه فيما شهد له بل فيما شهد عليه ‏(‏قوله‏:‏ خلافا لهما‏)‏ استظهر صدر الشريعة قولهما، وهذا إذا لم يذكر المدعي لونها ذكره الزيلعي ط‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ شهد أحدهما بكفالة‏)‏ مكررة مع التاسعة والعشرين ط ‏(‏قوله‏:‏ تقبل في الحوالة لأنها أقل‏)‏ وهذان اللفظان جعلا كلفظة واحدة ألا ترى أن الكفالة بشرط براءة الأصيل حوالة، والحوالة بشرط أن لا يبرأ كفالة جامع الفصولين‏.‏ قلت‏:‏ ووجه كون الكفالة أقل أنها ضم ذمة إلى ذمة في المطالبة فلا يثبت الدين في ذمة الكفيل، بخلاف الحوالة فإنه يثبت في ذمة المحال عليه وتثبت مطالبته أيضا فقد اتفق الشاهدان على ثبوت المطالبة واختلفا في ثبوت الدين‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ومنها شهد أحدهما أنه وكله بطلاقها إلخ‏)‏ مكررة مع السادسة والعشرين ولأن في كل منهما تثبت الوكالة فيما اتفقا عليه لا فيما اختلفا فيه لقبول الوكالة التخصيص كما قدمناه ‏(‏قوله‏:‏ وهي فيه‏)‏ أي هذه المسألة في جامع الفصولين ‏(‏قوله‏:‏ تقبل في الوكالة لا في العزل‏)‏ فهي نظير ما لو شهدا بألف وزاد أحدهما أن المطلوب قضاه منها خمسمائة والطالب ينكر‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ عوضا عن الدستيمان‏)‏ بالدال والسين المهملتين وفي أكثر النسخ الاستيمان بالألف واللام قبل السين‏.‏ والذي في جامع الفصولين‏:‏ هو الأول وهو ما يدفعه الزوج للمرأة لأجل الجهاز وتقدم بيانه في باب المهر ‏(‏قوله‏:‏ لأن كل بائع إلخ‏)‏ أي والزوج هنا باعها الدار بالدستيمان ط ‏(‏قوله‏:‏ وشهد بالعقد‏)‏ الأولى إسقاط الواو كما رأيته مصلحا في نسخة جامع الفصولين، فيكون جوابا لما، وهو أولى من جعل جوابها قوله فاختلف لأن اقتران جوابها بالفاء قليل ‏(‏قوله‏:‏ تقبل لاتفاقهما‏)‏ أي لأن كلا منهما شهد على القول، لأن قول أحدهما دفعها عوضا بمعنى باعها والآخر شهد على الإقرار بذلك والإقرار بالبيع يصلح لإنشائه وبالعكس قال في جامع الفصولين‏:‏ ادعى شراء وشهد أحدهما به والآخر أنه أقر به تقبل لأن لفظ الشراء يصلح للإقرار وللابتداء فقد اتفقا على أمر واحد، ثم قال‏:‏ لو ادعى الغصب وشهد أحدهما به والآخر بالإقرار به لا تقبل ا هـ‏.‏ أي لأن أحدهما شهد بفعل والآخر بقول‏.‏

مطلب المواضع التي يكون فيها السكوت كالقول

‏(‏قوله‏:‏ عد منها سبعة وثلاثين‏)‏ سكوت البكر عند استئمار وليها قبل التزويج سكوتها عند قبض مهرها سكوتها إذا بلغت بكرا فلا خيار لها بعده حلفت أن لا تتزوج فزوجها أبوها فسكتت حنثت سكوت المتصدق عليه قبول لا الموهوب له سكوت المالك عند قبض الموهوب له أو المتصدق عليه إذن سكوت الوكيل قبول، ويرتد برده سكوت المقر له قبول ويرتد برده سكوت المفوض إليه القضاء أو الولاية قبول وله رده سكوت الموقوف عليه قبول ويرتد برده‏.‏ وقيل‏:‏ لا سكوت أحد المتبايعين في بيع التلجئة حين قال صاحبه‏:‏ قد بدا لي أن أجعله بيعا صحيحا والتلجئة أن يتواضعا على إظهار البيع عند الناس لكن بلا قصده سكوت المالك القديم حين قسم ماله بين الغانمين رضا سكوت المشتري بالخيار حين رأى العبد يبيع ويشتري يسقط الخيار بخلاف سكوت البائع بالخيار سكوت البائع الذي له حق حبس المبيع حين رأى المشتري قبض المبيع إذن بقبضه صحيحا كان البيع أو فاسدا سكوت الشفيع حين علم بالبيع سكوت المولى حين رأى عبده يبيع ويشتري إذن في التجارة‏:‏ أي فيما بعد ذلك التصرف لا فيه لو حلف المولى لا يأذن له فسكت حنث في ظاهر الرواية سكوت القن وانقياده عند بيعه أو رهنه أو دفعه بجناية إقرار برقه إن كان يعقل، بخلاف سكوته عند إجارته أو عرضه للبيع أو تزويجه أي لأن الرهن محبوس بالدين ويستوفى منه عند الهلاك فصار كالبيع لو حلف لا ينزل فلانا في داره وهو نازل في داره فسكت حنث، لا لو قال‏:‏ اخرج منها فأبى الخروج فسكت أي لأن النزول مما يمتد فلدوامه حكم الابتداء، بخلاف الخروج فإنه الانفصال من داخل إلى خارج سكوت الزوج عند ولادة المرأة وتهنئته إقرار به فلا يملك نفيه سكوت المولى عند ولادة أم ولده إقرار به أي بخلاف سكوته عند ولادة قنته السكوت قبل البيع عند الإخبار بالعيب رضا بالعيب إن كان المخبر عدلا لا لو فاسقا عنده، وعندهما رضا‏.‏ ولو فاسقا سكوت البكر عند إخبارها بتزويج الولي على هذا الخلاف سكوته عند بيع زوجته أو قريبه عقارا إقرار بأنه ليس له، على ما أفتى به مشايخ سمرقند خلافا لمشايخ بخارى فلينظر المفتي أي لاختلاف التصحيح كما سيذكره الشارح، لكن المتون على الأول فقد مشى عليه في الكنز والملتقى آخر الكتاب في مسائل شتى، واحترز بالبيع عن نحو الإجارة والرهن رآه يبيع عرضا أو دارا فتصرف فيه المشتري زمانا وهو ساكت تسقط دعواه أي إن الأجنبي كالجار مثلا لا يجعل سكوته مسقطا لدعواه بمجرد رؤية البيع، بل لا بد من سكوته أيضا عند رؤيته تصرف المشتري فيه زرعا وبناء، بخلاف الزوجة والقريب، فإن مجرد سكوته عند البيع يمنع دعواه أحد شريكي العنان قال للآخر‏:‏ إني أشتري هذه الأمة لنفسي خاصة فسكت الشريك لا تكون لهما‏:‏ أي بل للمشتري، أما في المفاوضة فلا بد من النطق سكوت الموكل حين قال له الوكيل بشراء معين‏:‏ أريد شراءه لنفسي فشراه كان له سكوت ولي الصبي العاقل إذا رآه يبيع ويشتري إذن سكوته عند رؤية غيره يشق زقه حتى سال ما فيه رضا لكن اعترض بما في الأشباه أيضا‏:‏ لو رأى غيره يتلف ماله فسكت لا يكون إذنا بإتلافه سكوت الحالف لا يستخدم مملوكه إذا خدمه بلا أمره ولم ينهه حنث دفعت في تجهيزها لبنتها أشياء من أمتعة الأب وهو ساكت ليس له الاسترداد أنفقت الأم في جهازها ما هو معتاد فسكت الأب لم تضمن الأم باع جارية وعليها حلي ولم يشترط ذلك للمشتري لكن تسلمها وذهب بها والبائع ساكت كان بمنزلة التسليم فكان الحلي له القراءة على الشيخ وهو ساكت ينزل منزلة نطقه في الأصح سكوت المدعى عليه ولا عذر به إنكار‏.‏ وقيل‏:‏ لا ويحبس‏:‏ أي قيل‏:‏ لا يكون إنكارا ولا إقرارا فيحبس عند الثاني، كما لو قال‏:‏ لا أقر ولا أنكر وبه أفتى صاحب البحر سكوت المزكي عند سؤاله عن الشاهد تعديل سكوت الراهن عند قبض المرتهن العين المرهونة ا هـ‏.‏ ملخصا مع زيادات ‏(‏قوله‏:‏ وزاد في تنوير البصائر‏)‏ أي حاشية الأشباه والنظائر للشرف الغزي ‏(‏قوله‏:‏ كقوله لساكن داره‏)‏ أي ساكنها بإعارة أو غصب مثلا ‏(‏قوله وذكره المؤلف‏)‏ أي مؤلف الأشباه‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ قال المؤلف إلخ‏)‏ بيان لقوله سكوت المودع ‏(‏قوله‏:‏ فإنه قبول دلالة‏)‏ أي فيضمن بالتعدي ‏(‏قوله‏:‏ عند قوله‏)‏ أي قول صاحب الأشباه ‏(‏قوله لما في البزازية‏)‏ أي في آخر الفصل الخامس عشر من كتاب الدعوى‏:‏ إذا باع عقارا وامرأته أو وولده حاضر ساكت إلى أن قال‏:‏ بعد حكايته اختلاف الفتوى ما نصه‏:‏ وفي الفتاوى‏:‏ يتأمل المفتي في ذلك، فإن رأي المدعي الساكت الحاضر ذا حيلة أفتى بعدم السماع، لكن الغالب على أهل الزمان الفساد فلا يفتى إلا بما اختاره أئمة خوارزم‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ في القريب والزوجة‏)‏ على تقدير مضاف‏:‏ أي في حضورهما كما يعلم مما نقلناه عن البزازية فافهم ‏(‏قوله‏:‏ فليتأمل عند الفتوى‏)‏ أي بسبب اختلاف التصحيح بأن ينظر في المدعي هل هو ذو حيلة أو لا، لكن قدمنا أن المتون على عدم السماع؛ ووجهه ما نقلناه آنفا عن البزازية من غلبة الفساد‏.‏ قلت‏:‏ لكن لا يلزم من غلبة الفساد أن لا يوجد من يعلم حاله بالصلاح وعدم التزوير تأمل ‏(‏قوله‏:‏ من سكوت الجار عند تصرف المشتري‏)‏ أي وعند البيع، فسكوته عند البيع فقط لا يمنع دعواه، بخلاف الزوجة والقريب كما قدمناه، وليس لهذا مدة محدودة وأما عدم سماع الدعوى بعد مضي خمس عشرة سنة إذا تركت بلا عذر فذاك في غير هذه الصورة مع أنه منع سلطاني فيكون القاضي معزولا عن سماعها، ولولا ذلك المنع تسمع ما لم يمض ثلاث وثلاثون سنة على ما نقله في الفواكه البدرية عن المبسوط من عدم سماعها إذا تركت هذه المدة عذر كما أوضحته في تنقيح الحامدية، ثم إن من لم تسمع دعواه لمانع لا تسمع دعوى وارثه بعده كما في البزازية غيرها ‏(‏قوله‏:‏ وعزيناه للبزازي‏)‏ أي عزا ما في متفرقات التنوير ‏(‏قوله‏:‏ فالعجب من صاحب الجواهر الزواهر إلخ‏)‏ أي الشيخ صالح ابن صاحب تنوير الأبصار‏.‏ والحاصل أنه في البزازية ذكر أولا المسألة السابقة آنفا، ثم ذكر هذه ثم إن صاحب زواهر الجواهر أراد الاستدراك على الأشباه بزيادة صور أخرى فنقل على البزازية المسألة الأولى وترك هذه مع أنها مذكورة في البزازية فكأنه نظر إلى أول العبارة وترك آخرها‏.‏ قلت‏:‏ لا عجب أصلا، بل إنما ترك هذه لكونها مذكورة في الأشباه فإنها المسألة الخامسة والعشرون والمقصود الزيادة على الأشباه‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ لو تزوجت من غير كفء إلخ‏)‏ هذه مبنية على ظاهر الرواية، وأما على رواية الحسن المفتى بها فلا ينعقد النكاح ط ‏(‏قوله‏:‏ لأن قبول التهنئة دليل الإجازة‏)‏ أي دليل على أن سكوته وقت التزويج كان رضا وإجازة، وبهذا يظهر أنه لا يلزم أن يكون قبول التهنئة بدون قول فافهم ‏(‏قوله‏:‏ ومنها أن الوكالة تثبت بالصريح إلخ‏)‏ الأولى أن يقول‏:‏ تثبت بالسكوت كما تثبت بالصريح‏.‏ وفي نسخة‏:‏ كما تثبت بالصريح تثبت بالسكوت وهي أوضح، والمراد بالوكالة التوكيل كما يفيده التمثيل، وإلا فقد عد من جملة المسائل المزيد عليها وهو السابع منها سكوت الوكيل قبول، والمراد به التوكل لا التوكيل تأمل ‏(‏قوله فكيف تكون إلخ‏)‏ اختلفت النسخ في هذه العبارة فالذي في أغلب النسخ‏:‏ فكيف يكون أن فيه تقييده بكونه من أهل العلم والصلاح فعدها من الزوائد، وفي بعضها لكون باللام ونعدها بالنون بدل الفاء، وعليه فقوله لكون علة لقول نعدها، والمعنى كيف نعدها من الزوائد لأجل كونه قيد المزكي بكونه من أهل العلم والصلاح‏.‏ وحاصله الاعتراض على صاحب زواهر الجواهر بأن قول الأشباه سكوت المزكي عند السؤال عن الشاهد تعديل مقيد بكونه من أهل العلم والصلاح فلا يكون بزيادة هذا القيد، زاد عليه مسألة أخرى وفي بعض النسخ‏:‏ فكيف تكون من الزوائد، إلا أن يقال‏:‏ فيه تقييده بكونه من أهل العلم والصلاح فعدها من الزوائد ا هـ‏.‏ وعليه فهو اعتذار لا اعتراض ‏(‏قوله‏:‏ بعلامة قع عت‏)‏ الأول بالقاف والعين المهملة رمز للقاضي عبد الجبار، والثاني بالعين المهملة والتاء رمز لعلاء الدين الترجماني ا هـ‏.‏ ح ‏(‏قوله‏:‏ من الدنانير‏)‏ أي التي يبعثها الزوج إلى أبي الزوجة بمقابلة الجهاز، وهي المسماة في عرفهم بالدستيمان كما قدمناه، وقدمنا تحقيقه في باب المهر واختلاف التصحيح والتوفيق بين ما إذا كان من جملة المسمى في المهر أو كان المسمى غيره، ففي الثاني له المطالبة بالجهاز لا في الأول فافهم‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ نج‏)‏ بالنون والجيم كما رأيته في نسخة مصححة من القنية، وهو رمز لنجم الأئمة الحكيمي، وبعد هذا الرمز يفتى بأنه‏:‏ ويوجد في بعض نسخ الشارح فح بالفاء والحاء وبعده يعني مضارع عنى وهو تحريف ‏(‏قوله ولو سكت إلخ‏)‏ هو المقصود من ذكر هذه المسألة ‏(‏قوله‏:‏ ومنها إذا أبرأه فسكت‏)‏ أطلقه فشمل سائر الديون، وقيده في مداينات الأشباه نقلا عن البدائع بغير بدل الصرف والسلم، ففيها يتوقف على القبول‏:‏ أي لأن الإبراء عنهما يوجب انفساخ عقدهما فلا ينفرد أحد المتعاقدين به لأنه يوجب فوات القبض المستحق‏.‏ وزاد الحموي ثالثة، وهي ما لو أبرأ الطالب الأصيل فإنه يتوقف على قبوله أو موته قبل القبول لأنه قبول حكما ‏(‏قوله‏:‏ وهي تعلم من الأشباه‏)‏ حيث قال‏:‏ ولو رأي المرتهن الراهن يبيع الرهن لا يبطل الرهن ولا يكون رضا في رواية ا هـ‏.‏ قال‏:‏ الزيلعي‏:‏ والمذهب ما روى الطحاوي عن أصحابنا أنه رضا ويبطل الرهن ا هـ‏.‏ من حاشية الفتال‏.‏ قال‏:‏ ح‏:‏ واعلم أن البائع في عبارة الأشباه هو الراهن وفي عبارة الشارح هو المرتهن كما لا يخفى، لكن الحكم لا يختلف لما يأتي أن الرهن لا يبيعه أحدهما إلا برضا الآخر ا هـ‏.‏

‏[‏تتمة‏]‏

زاد بعضهم ما إذا استأجر أحد الوصيين أو أحد الورثة بحضرة الوصيين من يحمل الجنازة إلى المقبرة والآخر حاضر ساكت والسكوت على البدعة والمنكر فإنه رضا أي مع القدرة على الإزالة وإلا كفاه الإنكار بالقلب وما لو أوصى لرجل فسكت في حياته فلما مات باع الوصي بعض التركة أو تقاضى دينه فهو قبول للوصاية كما عزاه الحموي إلى معين الحكام‏.‏ وزاد البيري‏:‏ ما لو غزلت امرأته قطنه أو نسجت غزله ليس له تضمينها قيمته محلوجا أو مغزولا وبعد سكوته رضا، وكذا لو عجن العجين أو أضجع شاة فجاء إنسان وخبزه أو ذبحها يكون السكوت كالأمر دلالة‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ قول الأشباه يحلف المنكر في إحدى وثلاثين‏)‏ صوابه لا يحلف كما يوجد في بعض النسخ، وفي بعضها يحلف المنكر إلا في إحدى وثلاثين ‏(‏قوله‏:‏ بيناها في الشرح‏)‏ أي في البحر‏.‏

مطلب في المواضع التي لا يحلف فيها المنكر

‏(‏قوله‏:‏ على الأشياء التسعة‏)‏ بتقديم المثناة على السين كالتي بعدها‏.‏ ا هـ‏.‏ ح وهي ما سيأتي في كتاب الدعوى من قوله ولا تحليف في نكاح أنكره هو أو هي ورجعة جحدها هو أو هي عدة وفي إيلاء أنكره أحدهما بعد المدة واستيلاد تدعيه الأمة ورق نسب وولاء، بأن ادعى على مجهول أنه قنه أو ابنه وبالعكس، وحد ولعان‏.‏ والحاصل أن المفتى به التحليف في الكل إلا في الحدود‏.‏ ا هـ‏.‏ وأفاد أن ما ذكر من عدم التحليف في هذه التسعة على قول الإمام خلاف المفتى به ‏(‏قوله‏:‏ وفي تزويج البنت‏)‏ عطف على التسعة أي وذكر عدم الاستحلاف في تزويج البنت ا هـ‏.‏ ح أي إذا ادعى عليه أنه زوجه ابنته صغيرة أو كبيرة، وهي مسألة واحدة وإلا زادت على العدد المذكور ط‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وعندهما يستحلف الأب في الصغيرة‏)‏ يوجد في بعض النسخ لا يستحلف، والذي في البحر بدون لا وهي الصواب ‏(‏قوله‏:‏ وفي دعوى الدائن الإيصاء‏)‏ أي دعواه على رجل أنك وصي الميت فادفع لي ديني من تركته ‏(‏قوله وفي دعوى الدين على الوصي‏)‏ أي دعواه الوصي الثابتة وصايته بأن لي على الميت كذا ولا بينة للمدعي فلا يحلف الوصي إذا أنكر الدين ‏(‏قوله‏:‏ في المسألتين كالوصي‏)‏ أي إذا ادعى الدائن على الوكيل بالوكالة فأنكرها أو ادعى عليه الدين وهو ثابت الوكالة فأنكره، ففي المسألتين لا يحلف كالوصي فيهما ‏(‏قوله‏:‏ كل اشترى منه‏)‏ أي ادعى منهما أنه اشترى منه ذلك الشيء، وعبارة البحر الشراء بالمد ‏(‏قوله‏:‏ لا يحلفه‏)‏ لأنه لما أقر به لأحدهما صار له فإذا نكل عن اليمين لا يصير للآخر فلا يحلف لعدم الفائدة ‏(‏قوله‏:‏ لو أنكرهما‏)‏ أي أنكر دعواهما ‏(‏قوله‏:‏ فحلف لأحدهما‏)‏ بتشديد اللام مبنيا للمجهول‏:‏ أي طلب القاضي تحليفه لأحدهما ‏(‏قوله‏:‏ لم يحلف للآخر‏)‏ لأن نكوله بمنزلة إقراره به للأول ‏(‏قوله‏:‏ وفيما إذا ادعى منهما أنه رهنه وقبضه‏)‏ أي ادعى كل منهما أن ذا اليد رهن عندي هذا الشيء وقبضته منه ‏(‏قوله‏:‏ فأقر بالرهن وأنكر البيع إلخ‏)‏ أما لو أقر بالبيع وأنكر الرهن فالظاهر أنه لا يحلف بالأولى لأنه لما أقر بالبيع صار ملك المشتري فلا يملك الإقرار بعده بالرهن لأنه إقرار على الغير‏.‏ وفائدة التحليف النكول الذي هو بمنزلة الإقرار ‏(‏قوله‏:‏ لا يحلف للمشتري‏)‏ لعل وجهه أنه لو طلب تحليفه فنكل حتى صار نكوله إقرارا بالبيع لا يكون له فائدة لأن المرتهن يمكنه فسخ البيع وكذا يقال في المسألة بعده، ولكن هذا بناء على القول بأن للمرتهن والمستأجر فسخ البيع ولكن المعتمد خلافه، وإنما لهما حبس الرهن والمأجور تأمل ‏(‏قوله‏:‏ فأقر بها‏)‏ أي بالإجازة‏.‏ وفي بعض فأقر بهما‏:‏ أي بالرهن في الصورة الأولى وبالإجارة في هذه، والأولى أولى ‏(‏قوله‏:‏ وأنكره‏)‏ أي أنكر البيع ‏(‏قوله‏:‏ ويقال لمدعيه إلخ‏)‏ أي مدعي الشراء في الصورتين، هذا إذا أثبت الشراء، وإلا فما فائدة هذا القول، لكن فيه أن الكلام فيما إذا أنكر وليس للمدعي بينة لا إن طلب التحليف عند العجز عن البينة، إلا أن يقال‏:‏ وجد بينة بعد ‏(‏قوله أو فك الرهن‏)‏ معطوف على انقضاء، وفيه لف ونشر مشوش ‏(‏قوله‏:‏ فأقر لأحدهما لا يحلف‏)‏ لأن كلا منهما يدعي الملك، فإذا أقر به لأحدهما ثبت، ولا يصدق بعده بنكوله، فلا فائدة في التحليف ‏(‏قوله‏:‏ أو نكل‏)‏ لأنه بمنزلة الإقرار ‏(‏قوله‏:‏ الغصب منه‏)‏ أي من المدعي ‏(‏قوله‏:‏ يحلف للثاني‏)‏ لأنه لو أقر للثاني بالغصب يؤاخذ به لأنه إقرار على نفسه فيحلف رجاء نكوله، لكن يلزمه للثاني ضمان المغصوب بالمثل أو القيمة لا رد عين ما في يده لأنه صار للأول فلا يملك إخراجه عنه، وكذا يقال فيما بعده ‏(‏قوله‏:‏ كما لو ادعى إلخ‏)‏ لأنه بإنكار الوديعة أو العارية صار غاصبا ‏(‏قوله‏:‏ ويحلف ما له عليك ولا قيمته‏)‏ أي يحلف في مسألة الغصب وما بعدها، لما علمت من أنه بالإنكار يصير غاصبا‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ولا قيمته وهي كذا وكذا‏)‏ الظاهر أن المراد التحليف على مقدار القيمة إذا ادعى أنها أقل لأنه لما أقر به للأول وثبت له لا يمكنه تسليمه للثاني لو أقر له به أيضا بالنكول فيكون الواجب القيمة وإن لم يقل وقيمته فتأمل‏.‏ ‏(‏قوله وفيما إذا ادعى البائع رضا الموكل إلخ‏)‏ أي لو باع لوكيل رجل بالشراء ثم أراد الوكيل رده عليه بعيب فادعى البائع على الوكيل أن الموكل رضي بالعيب لم يحلف الوكيل وهو المشتري‏.‏ ويحتمل أن يراد ما إذا أراد الموكل رده بعيب فادعى البائع على الموكل أنك رضيت بالعيب، وكان ينبغي أن يعدها صورة أخرى مع أنه في الخلاصة جعلهما صورتين كما يأتي ‏(‏قوله‏:‏ وفيما إذا أنكر توكيله له بالنكاح‏)‏ أي لو زوجه رجل فأنكر توكيله لأنه في الحقيقة إنكار للنكاح وقد مر ‏(‏قوله‏:‏ لا يمين على واحد منهما‏)‏ لأنه لو عمل ما اتفقا عليه فللمتصنع أخذه وتركه كما هو مذكور آخر السلم، فمن باب أولى إذا اختلفا ط‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ لا يستحلف المديون‏)‏ لأنه لو نكل يلزمه الدفع وهو ضرر به، إذ قد يصدق الموكل الوكيل عند حضوره فيضيع عليه ما دفعه إن هلك عند الوكيل من غير تعد كما يعلم من باب الوكالة بالخصومة ط ‏(‏قوله‏:‏ انتهى‏)‏ أي ما في الخانية ‏(‏قوله‏:‏ وبه علم إلخ‏)‏ من كلام الشرح المحال عليه وهو البحر ‏(‏قوله‏:‏ تساهل وقصور‏)‏ لاقتصاره على استثناء ثلاث ط وهذه الثلاث تقدمت الأولى منها فقط في المسائل المارة ‏(‏قوله‏:‏ فإذا أقر الوكيل‏)‏ أي برضا الموكل ط ‏(‏قوله‏:‏ الثانية لو ادعى على الآمر رضاه‏)‏ أي رضا الآمر فافهم‏.‏ وصورتها اشترى الوكيل شيئا فظهر به عيب فأراد الآمر أي الموكل رده بالعيب فادعى البائع على الآمر أنك رضيت بالعيب لا يحلف الآمر أي لأن الرد به يثبت للوكيل ما دام حيا ولوصيه من بعده لا للموكل كما أوضحه في شرح الوهبانية، وتمام الكلام على هذه الصورة فيه فراجعه ‏(‏قوله وإن أقر لزمه‏)‏ أي لزم الوكيل إقراره‏:‏ أي مقتضى إقراره وهو ترك المخاصمة معه، وليس المراد أنه يلزم الموكل ما أقر به وكيله أفاده ط ومثله في نور العين ‏(‏قوله‏:‏ وزدت على الواحد والثلاثين السابقة‏)‏ هذا من كلام البحر وهو عجيب، فإن ما نقله عن الخلاصة من المسائل الثلاث فيه مسألتان وهما الثانية والثالثة لم يذكرهما في المسائل السابقة فتصير المسائل ثلاثة وثلاثين ‏(‏قوله‏:‏ البائع إذا أنكر قيام العيب للحال‏)‏ أي لو ادعى المشتري إباق العبد مثلا لم يحلف بائعه على أنه لم يأبق عند المشتري حتى يبرهن المشتري لتتوجه الخصومة على البائع، فإن برهن يحلف البائع بالله ما أبق عندك ‏(‏قوله ولو أقر به‏)‏ أي بقيام العيب للحال أي بأنه أبق عند المشتري لزمه إقراره أي حكم إقراره، وهو أنه صار خصما حتى يحلف على أنه ما أبق عندك أيضا، وليس المراد أنه بمجرد إقراره بإباقه عند المشتري يلزمه لأنه لا بد من وجوده عند البائع أيضا حتى يثبت الرد ‏(‏قوله‏:‏ كما مر في خيار العيب‏)‏ أي مر في البحر فإنه ذكر هذه المسائل في كتاب الدعوى لا هنا ‏(‏قوله‏:‏ ضمن ما تلف بها‏)‏ أي بشهادته ‏(‏قوله والسارق إذا أنكرها‏)‏ أي أنكر السرقة ‏(‏قوله‏:‏ لا يستحلف للقطع‏)‏ قيد به لأنه حلف لأجل إثبات المال كما مر عن عصام حين سأله أمير بلخ عن سارق ينكر فقال عصام‏:‏ عليه اليمين ‏(‏قوله‏:‏ وكذا قال‏:‏ الإسبيجابي‏)‏ عبارة البحر‏:‏ وذكر الإسبيجابي‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ولا يستحلف الأب إلى إلخ‏)‏ أي لو جنى الصبي جناية فأنكر أبوه أو وصيه، أو ادعى أحد جدار المسجد أو الدار الموقوفة، وأنه أنفق على الوقف شيئا بإذن المتولي السابق ‏(‏قوله‏:‏ إلا إذا ادعى عليهم العقد‏)‏ بأن ادعى على أحدهم أنه آجر كذا من مال الوقف أو الصبي مثلا وأنكر فإنه يحلف لمن ادعى الاستئجار ط ‏(‏قوله‏:‏ انتهى‏)‏ أي ما في الشرح المحال عليه ط‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ قلت‏)‏ من كلام الشرف الغزي ط ‏(‏قوله وفي فتاوى الفضلي إلخ‏)‏ الذي يظهر خلافه، ولذا قدمه الشارح وجزم به غير واحد في باب الإقرار‏.‏ ا هـ‏.‏ سائحاني‏.‏ قلت‏:‏ وفي الأشباه من فن الحيل‏:‏ إذا ادعى عليه شيئا باطلا فالحيلة لمنع اليمين أن يقر به لابنه أو لأجنبي، وفي الثاني خلاف ا هـ‏.‏ ومقتضاه أنه لا خلاف في الأول، وهو مباين لقول الفضلي عليه اليمين في قولهم جميعا‏.‏ وذكر في جامع الفصولين أن بعض المشايخ سووا بين الصغير والأجنبي دفعا للحيل، وبعضهم فرقوا بينهما بأن إقراره للغائب يتوقف عمله على تصديقه، فلا يملك العين بمجرد الإقرار فلا تسقط اليمين، بخلاف إقراره للصغير ‏(‏قوله‏:‏ والمدعى أرض‏)‏ جملة حالية والظاهر أنه غير قيد‏.‏ وفي بعض النسخ أرضا‏.‏ وفي بعضها‏:‏ والمدعى عليه أرض وكلاهما تحريف ‏(‏قوله‏:‏ ضمن الولد قيمة الأرض‏)‏ أي للمدعي ا هـ‏.‏ ح ‏(‏قوله‏:‏ وهذا بمنزلة ما لو أقر لغائب لم يظهر جحوده ولا تصديقه‏)‏ جملة لم يظهر إلخ صفة لغائب، ويوجد في بعض النسخ بعد قوله لغائب ما نصه‏:‏ أي رجل ادعى على آخر أن ما في يده ملكي فقال المدعى عليه‏:‏ هو لفلان الغائب مثلا لم يظهر جحوده ولا تصديقه، والظاهر أنها هامش ألحقت بالأصل في غير محلها ‏(‏قوله‏:‏ لا تسقط عنه اليمين‏)‏ أي فيحلف للمدعي، فإن نكل قضي به عليه وينتظر قدوم الغائب فإن صدق المدعي فيها وإلا دفع له وضمن قيمته للمدعي ط ‏(‏قوله‏:‏ قلت‏)‏ من كلام الشرف الغزي ‏(‏قوله وعلى الأول‏)‏ أي القول بعد التحليف ‏(‏قوله‏:‏ إلى قول المصنف‏)‏ أي صاحب الأشباه وهو ما مر آنفا عن الإسبيجابي ‏(‏قوله وفيه تأمل‏)‏ لعل وجهه أن قول المصنف فيما تحقق أنه مال الصبي وهنا لم يعرف أنه ماله إلا بإقرار الأب، ويمكن أنه أقر تحيلا لدفع الدعوى عنه ط ‏(‏قوله‏:‏ فأنكر المشتري الشراء‏)‏ يعني وأقر أنها لابنه كما ذكره عن النوازل، وإلا فمجرد إنكار الشراء لا يدفع عنه التحليف بل يحلف، فإن نكل قضي بها عليه كما ذكروه في كتاب الشفعة ‏(‏قوله‏:‏ أو أقر أن الدار‏)‏ الصواب العطف بالواو لا بأو ولما علمت‏.‏ وفي جامع الفصولين‏:‏ ادعى شفعة بجوار فقال خصمه‏:‏ هذه الدار لابني هذا الطفل صح إقراره لابنه، إذ الدار في يده واليد دليل الملك فكان مقرا على نفسه فصح، وليس للشفيع تحليفه بالله ما أنا شفيعها لأن إقرار الأب بالشفعة على ابنه لم يجز فلا يفيد التحليف، وهذا من جملة الحيل في الخصومات؛ ولو برهن الشفيع على الشراء كان الأب خصما لقيامه مقام الابن‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ الثالثة‏)‏ مكررة مع قول البحر‏.‏ وفيما إذا كان في يد رجل شيء فادعاه رجلان كل الشراء منه، نعم في هذه زيادة الدعوى في الملك المرسل في الزواهر‏.‏ ا هـ‏.‏ ح ‏(‏قوله‏:‏ فالقول للأب بلا يمين‏)‏ لأن الثمن مال الصبي ولا يستحلف في مال الصبي كما مر‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فالقول للسارق ولا يمين عليه‏)‏ الظاهر أن عدم اليمين إذا كانت الدعوى بعد القطع، أما لو كانت قبله فعليه اليمين لأنه لا يسقط تقوم المسروق إلا بالقطع فيكون قبله مضمونا عليه وإن سقط الضمان بالقطع بعد تأمل ‏(‏قوله‏:‏ ويستوي حكمه‏)‏ وهو عدم الضمان ‏(‏قوله‏:‏ فيما استهلكه قبل القطع‏)‏ يعني ثم قطع بعد الاستهلاك، أما لو استهلكه ولم يقطع بعد بقي مضمونا عليه لعدم ما يسقط تقومه ‏(‏قوله‏:‏ فإن قال‏:‏ السارق قد هلك إلخ‏)‏ هذا محل الاستدلال على المسألة وعبر بالهلاك مع أن الكلام في الاستهلاك لأنه لا فرق بينهما ولأنه لازم الاستهلاك ‏(‏قوله‏:‏ ولا يمين عليه‏)‏ لأنه ينكر الرد كما ذكره في كتاب الهبة ط‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ السابعة‏)‏ تقدمت هي والثامنة في جملة الإحدى والثلاثين المارة أفاده ح ‏(‏قوله‏:‏ فالقول له بلا يمين‏)‏ لأن الأصل في الهبة أن تكون بلا عوض ط ‏(‏قوله‏:‏ فالقول له بدون اليمين‏)‏ لعل وجهه أن إقدام البائع على بيعه اعتراف منه بالإذن فلا تسمع دعواه لتناقضه، وكذا يقال فيما بعده ‏(‏قوله فقال القاضي‏:‏ أبرأتني منه‏)‏ أي من ذلك العيب ‏(‏قوله‏:‏ لأن قوله على وجه الحكم‏)‏ فيه أن الحكم القولي يحتاج إلى الدعوى، وظاهره كما قال‏:‏ ط أن البينة لا تقبل عليه‏.‏

‏(‏قوله لو كبيرة بكرا‏)‏ أما لو كانت كبيرة ثيبا فإن الأب ليس له قبض مهرها من الزوج بلا إذنها ‏(‏قوله‏:‏ على العلم بذلك‏)‏ أي على أنه لا يعلم أنها ثيب‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فادعى أن لها زوجا‏)‏ أي ليردها على البائع بخيار العيب لأن ذلك ينقص عليه منفعة وهي استمتاعه بها‏.‏

‏(‏قوله وقال‏)‏ أي المدعى عليه هو أي الشاهد

‏(‏قوله‏:‏ فأقر بها‏)‏ أي ادعى أنه أقر بها ‏(‏قوله وإنما يحلف على نفس الحق‏)‏ أي لأنه قد يكون أقر كاذبا، ففي إلزامه بالحلف على الإقرار إضرار به ثم لا يخفى أنه لا فائدة في ذكر هذه المسألة لأنه يحلف اتفاقا، وإنما الخلاف فيما يحلف عليه‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ بل لنفسك‏)‏ أي قرضا أو غصبا فهو مضمون عليك بالهلاك ‏(‏قوله لا يحلف المدعى عليه‏)‏ بل يكون القول للدافع، فقوله قال القاضي بيان لحكم المسألة ط‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ بل يبرهن الابن عليهما‏)‏ أي على أنه ابنه وأن أباه مات ‏(‏قوله‏:‏ وقيل‏:‏ يستحلف على العلم‏)‏ أي على أنه ما يعلم أني ابنه وأنه مات ‏(‏قوله‏:‏ الصحيح قول الثاني‏)‏ في بعض النسخ القول الثاني وهي أولى، لأن الثاني قولهما لا قول أبي يوسف فقط وحيث كان الصحيح التحليف فلا فائدة في استثناء هذه المسألة وكذا التي بعدها ‏(‏قوله‏:‏ ثم خرج من دعواه ذلك‏)‏ أي من نفس دعواه، بمعنى أنه تركها أو من مكان دعواه بذلك ‏(‏قوله‏:‏ والصحيح أنه‏)‏ أي مدعي المال يستحلف على دعواه‏:‏ أي دعوى المدعى عليه أنه أبرأه عن الدعوى كما يحلف على دعوى التحليف جامع الفصولين‏:‏ أي على دعواه أن المدعي حلفني على هذه الدعوى عند فلان القاضي ‏(‏قوله‏:‏ وأراد استحلافه على السبب‏)‏ أي سبب الضمان وهو الخرق لا يحلفه على السبب بأن يقول‏:‏ والله ما خرقته لأنه قد يخرقه بإذنه أو على ملكه ثم باعه له مخروقا ولا بينة له، بل يحلفه لا ضمان له عليه بهذا الخرق أفاده ط ‏(‏قوله‏:‏ فائدة‏)‏ سقط من بعض النسخ وهو الظاهر ‏(‏قوله‏:‏ وبهذه مع ما قبلها صارت اثنين وخمسين‏)‏ أقول‏:‏ بل هي ثمانية وخمسون في الخانية إحدى وثلاثون‏.‏ وزاد في البحر ستة‏.‏ وفي تنوير البصائر أربع عشرة‏.‏ وفي الزواهر سبعة‏.‏ ا هـ‏.‏ ح‏.‏ قلت‏:‏ بل هي ستون بزيادة الثانية والثالثة من المسائل الثلاث التي اقتصر عليهما في الخلاصة كما نبهنا عليه، وبمسألة الجهالة الآتية تصير إحدى وستين‏.‏ وزدت عليها ثماني مسائل من جامع الفصولين الشاهد لو أنكر الشهادة لا يحلف‏.‏ المدعى عليه لو قال‏:‏ كذب الشاهد وأراد تحليف المدعي ما يعلم أنه كاذب لا يحلف‏.‏ ادعى عليه عتق أمته أو طلاق زوجته قيل‏:‏ يحلف، وقيل‏:‏ لا فليتأمل عند الفتوى‏.‏ ادعيا امرأة وقال كل منهما‏:‏ تزوجتها فأقرت لأحدهما وأنكرت للآخر لا تحلف له وفاقا، وكذا لو لم تقر ولكن حلفت لأحدهما فنكلت لا تحلف للآخر‏.‏ بالغة زوجها وليها فادعى الزوج رضاها وأنكرت لا تحلف‏.‏ وكذا أو زوجها رجل لآخر ثم ادعت المرأة به فأنكر لا يحلف‏.‏ ادعى كل منهما أنه في يده ولا بينة وأراد أحدهما تحليف الآخر بالله ما تعلم أنه في يدي، قيل‏:‏ يحلف، وقيل‏:‏ لا ا هـ‏.‏ فصارت تسعة وستين، والحمد لله رب العالمين ‏(‏قوله‏:‏ تمنع الاستحلاف أيضا‏)‏ كما لو ادعى على شريكه خيانة مبهمة ‏(‏قوله‏:‏ إلا إذا اتهم القاضي إلخ‏)‏ زاد في الأشباه أربعة غير هاتين‏:‏ الأولى إذا ادعى المودع على المودع خيانة مطلقة فإنه يحلفه في القنية‏.‏ الثانية الرهن المجهول‏.‏ الثالثة في دعوى الغصب‏.‏ الرابعة في دعوى السرقة‏.‏ ا هـ‏.‏

مطلب القاضي إذا قضى في مجتهد فيه نفذ قضاؤه إلا في مسائل

‏(‏قوله‏:‏ قول الأشباه القاضي إذا قضى إلخ‏)‏ عبارته مع زيادة تفسير للتوضيح‏:‏ القاضي إذا قضى في مجتهد نفذ قضاؤه إلا في مسائل نص أصحابنا فيها على عدم النفاذ لو قضى ببطلان الحق بمضي المدة أي خلافا لمن قال‏:‏ إذا لم يخاصم ثلاث سنين وهو في المصر بطل حقه لأنه قول مهجور فلا ينفذ قضاء القاضي فيه إذا رفع إلى آخر أبطله وجعل المدعي على حقه كما في الخانية‏.‏ قلت‏:‏ الظاهر أنه ليس المراد من هذا القول بطلان الحق في الآخرة بل بطلان الدعوى به، لكن كونه مهجورا ليس على إطلاقه، بل هو معمول عندنا قامت قرينة على بطلان الدعوى كما تقدم في مسائل السكوت من عدم سماع الدعوى إذا سكت عند بيع القريب أو أحد الزوجين، أو سكت مع الاطلاع على تصرف المشتري، أو سكت ثلاثا وثلاثين سنة مطلقا فتنبه لذلك قال‏:‏ أو بالتفريق للعجز على الإنفاق غائبا على الصحيح لا حاضرا‏:‏ أي فإنه إذا حكم شافعي على الزوج الحاضر بالفرقة لعجزه عن النفقة نفذ حكمه عندنا، بخلاف الغائب لأن عجزه غير معلوم فلا ينفذ في الصحيح كما في الذخيرة لظهور مجازفة الشهود، وقدمنا تمام الكلام على ذلك في النفقة فافهم قال‏:‏ أو بصحة نكاح مزنية أبيه أو ابنه لم يصح عند أبي يوسف أي لأن حرمته منصوص عليها في الكتاب العزيز‏:‏ لأن النكاح لغة الوطء‏.‏ وعند محمد ينفذ لأن هذا النص ظاهر والتأويل فيه سائغ‏.‏ قال‏:‏ أو بصحة نكاح أم مزنيته أو بنتها‏:‏ أي على الخلاف السابق، وستأتي في عبارة الزواهر في القسم الثاني قال‏:‏ أو بنكاح المتعة أي لأنها منسوخة، وقد صح رجوع ابن عباس عن القول بجوازها قال‏:‏ أو بسقوط المهر بالتقادم أي بأن لم يخاصم زوجها فيه حتى مضت مدة طويلة ثم خاصمته يبطل حقها في الصداق، والقاضي لا يلتفت إلى خصومتها شرح أدب القضاء، فلو قضى عليها ببطلانه لم ينفذ قال‏:‏ أو بعدم تأجيل العنين‏:‏ أي فلو رفع قضاؤه لقاض أبطله وأجل الزوج حولا خانية، قال‏:‏ أو بعدم صحة الرجعة بلا رضاها أي لمخالفته ‏{‏وبعولتهن أحق بردهن‏}‏ قال‏:‏ أو بعدم وقوع الثلاث على الحبلى، أو بعدم وقوعها قبل الدخول، أو بعدم الوقوع على الحائض أو بعدم وقوع ما زاد على الواحدة أو بعدم وقوع الثلاث بكلمة‏:‏ أي لمخالفته قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فإن طلقها فلا تحل له‏}‏ لأن المراد به الطلقة الثالثة، فمن قال‏:‏ لا يقع شيء أو تقع واحدة فقد أثبت الحل للزوج الأول بدون الزوج الثاني وهو خلاف الكتاب، فلا ينفذ القضاء به شرح أدب القضاء‏.‏ قلت‏:‏ فما ذكر في الفتاوى المنسوبة إلى ابن كمال باشا من وقوع طلقة واحدة لا يعول عليه، ومن أفتى به من أهل عصرنا فهو جاهل كما أوضحته في إفتاء طويل قال‏:‏ أو بعدم وقوعه على الموطوءة عقبه عبارته في البحر، أو بعدم وقوع الطلاق في طهر جامعها فيه‏.‏ قال‏:‏ أو بنصف الجهاز لمن طلقها قبل الوطء بعد المهر والتجهيز‏:‏ أي لو طلقها قبل الدخول بعدما قبضت المهر وتجهزت به فقضى القاضي للزوج بنصف الجهاز لرأيه أن الزوج بدفع المهر رضي بتصرفها فيه فصار كأن الزوج اشتراه بنفسه وساقه إليها ثم طلقها قبل الدخول فله نصفه لم ينفذ لأنه قضاء بخلاف النص، لأنه - تعالى - جعل له نصف المفروض أي المسمى في العقد والجهاز غير مسمى فلا يتنصف ا هـ‏.‏ ملخصا من حاشية الأشباه عن المحيط‏.‏ قال‏:‏ أو بشهادة بخط أبيه أي شهادته على شيء بسبب رؤيته بخط أبيه قال في شرح أدب القضاء‏:‏ صورته أن الرجل إذا مات فوجد ابنه خط أبيه في صك وعلم يقينا أنه خط أبيه يشهد بذلك الصك لأن الابن خليفة الميت في جميع الأشياء، لكن هذا قول مهجور إلخ‏.‏ قلت‏:‏ وزاد في البحر بعد هذه المسألة أو بشاهد ويمين، أو في الحدود والقصاص بشهادة رجل وامرأتين، أو بما في ديوانه وقد نسي، وبشهادة شاهد على صك لم يذكر ما فيه إلا أنه يعرف خطه وخاتمه، أو بشهادة من شهد على قضية مختومة من غير أن تقرأ عليه وبقضاء المرأة في حد أو قود ا هـ‏.‏ لكن صرح في الفصولين بنفاذه في هذه المواضع وإنما حكي خلافا في الأول فقط، ولعله أسقطها من الأشباه لهذا، والله - تعالى - أعلم‏.‏ قال‏:‏ أو في قسامة بقتل‏:‏ أي قضي فيما فيه القسامة بالقتل‏.‏ وصورته كما في شرح أدب القضاء ما قاله بعض العلماء‏:‏ إذا كان بين المدعى عليه والقتيل عداوة ظاهرة ولا يعرف له عداوة على غير المدعى عليه وبين دخوله في المحلة ووجود القتيل مدة قريبة فالقاضي يحلف الولي على دعواه؛ فإذا حلف قضي له بالقصاص، وهو خلاف السنة وإجماع الصحابة، بل فيه الدية والقسامة عندنا قال‏:‏ أو بالتفريق بين الزوجين بشهادة المرضعة أو قضي لولده أي لأنه قضاء لنفسه من وجه‏.‏ أما لو قضي بشهادة الابن لأبيه أو بالعكس ففيه خلاف بين الصحابة ثم وقع الإجماع على بطلانه فينفذ قضاؤه عند أبي يوسف بناء على أن الإجماع المتأخر لا يرفع الخلاف السابق عنده‏.‏ وعند محمد لا ينفذ بناء على أنه يرفعه عنده فلم يكن قضاء في فصل مجتهد فيه‏.‏ قال‏:‏ أو رفع إليه حكم صبي أو عبد أو كافر، أي لو قضى بما حكم به هؤلاء لا ينفذ لأن حكمهم غير نافذ‏.‏ قال‏:‏ أو الحاكم بحجر سفيه، يعني لو حجر القاضي على سفيه فأطلقه آخر جاز وبطل قضاء الأول فليس لقاض ثالث أن ينفذه لأن الأول ليس قضاء بل فتوى لعدم المقضي له، ولئن كان قضاء فنفسه مجتهد فيه فلا يكون حجة ما لم يمضه قاض آخر كما لو قضى المحدود في قذف لا يكون حجة ما لم يتصل به الإمضاء من قاض آخر، هذا حاصل ما في شرح أدب القضاء من باب الحجر، وبه علم أنه كان عليه أن يقول أو الحكم بحجر سفيه أبطله قاض آخر؛ فإنه حينئذ لو رفع إلى ثالث لا ينفذه‏.‏ أما لو أجازه الثاني لزم الثالث تنفيذه فافهم‏.‏ قال‏:‏ أو بصحة بيع نصيب الساكت من قن حرره أحدهما أي حرره أحد الشريكين معسرا كما في البحر‏:‏ أي لو باع الساكت نصفه وقضى القاضي به ثم اختصموا إلى آخر فإنه يبطله لأن الصحابة اتفقوا على أنه لا يجوز استدامة الرق فيه كما في شرح أدب القضاء قال‏:‏ أو بيع متروك التسمية عمدا‏:‏ أي عند الثاني، وهو الأصح‏:‏ وقالا‏:‏ ينفذ كما في خزانة الأكمل‏.‏ قال‏:‏ أو ببيع أم الولد‏.‏ على الأظهر، وقيل‏:‏ ينفذ على الأصح‏:‏ أي الأظهر عدم النفاذ عند محمد لأنه اختلف فيه بين الصحابة‏:‏ ثم وقع الإجماع على عدم جوازه، وبه يرتفع الخلاف السابق عنده كما مر‏.‏ وعندهما لا يرتفع فينفذ البيع‏.‏ وذكر السرخسي أن الأكثر على عدم النفاذ، وقدمنا تمام الكلام على ذلك في باب التدبير، فراجعه فإنه مهم‏.‏ قال‏:‏ أو ببطلان عفو المرأة عن القود‏:‏ أي لو قتل زوجها أو أبوها عمدا فعفت على القاتل فأبطله من لا يرى للنساء حقا في القصاص ثم قبل القود رفع إلى قاض آخر فإنه لا ينفذه ويحكم بصحة العفو وبطلان القود لمخالفته للجمهور، وإن كان بعد القود فالقاضي الثاني لا يتعرض بشيء، لكن ذكر في شرح أدب القضاء أن هذا التفصيل غير سديد بل السديد أنه بعد القود يلزمه أي القائد القصاص لو عالما لأنه قتل شخصا محقون الدم، ولو جاهلا فالدية‏.‏ قال‏:‏ أو بصحة ضمان الخلاص، أي بأن قال البائع أو أجنبي للمشتري‏:‏ إن استحقت الدار المشتراة من يدك فأنا ضامن لك استخلاصها بالبيع أو بالهبة وأسلمها إليك، فهذا الضمان باطل لأنه ضمن ما ليس له قدرة على الوفاء به، والقائل بأنه يصح لم يستند إلى قياس صحيح فالقضاء به باطل‏.‏ وفسر أبو يوسف ومحمد الخلاص بالرجوع بالثمن عند الاستحقاق الدرك والعهدة واحد عندهما، وحينئذ فالقضاء به صحيح وإذا رفع إلى آخر لا يبطله، وتمامه في شرح أدب القضاء‏.‏ قال‏:‏ أو بزيادة أهل المحلة في معلوم الإمام من أوقاف المسجد‏:‏ أي إذا كانت بلا موجب وإلا فقد ذكرنا في فروع الفصل الأول من كتاب الوقف أنه يجوز للقاضي زيادة مرسوم الإمام إذا كان يتعطل المسجد بدونها، أو كان فقيرا أو عالما تقيا‏.‏ قال‏:‏ أو بحل المطلقة ثلاثا بمجرد عقد الثاني‏:‏ أي بلا دخول كما هو قول سعيد بن المسيب لأنه مخالف للآثار المشهورة كما في القنية، نعم في قضاء الفتح عن الفصول‏:‏ إذا طلقها الثاني بعد الدخول، ثم تزوجها ثانيا في العدة ثم طلقها قبل الدخول فتزوجها الأول قبل انقضاء العدة وحكم بصحته نفذ، إذ للاجتهاد فيه مساغ وهو صريح قوله تعالى‏:‏ ‏{‏يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن‏}‏ الآية، وهو مذهب زفر ا هـ‏.‏ وقدمنا الكلام على هذه المسألة في الطلاق فراجعه‏.‏ قال‏:‏ أو بعدم ملك الكافر مال المسلم بإحرازه بدارهم، أي دار أهل الحرب لأنه لم يثبت فيه اختلاف بين الصحابة كما في فتح القدير، فكان القضاء به مخالفا لإجماعهم‏.‏ قال‏:‏ أو بيع درهم بدرهمين يدا بيد‏:‏ أي لو قضى ببيع الفضة بالفضة متفاضلا مع القابض كما هو قول ابن عباس لم يصح إذ لم يوافقه غيره عليه‏.‏ قال‏:‏ أو بصحة صلاة المحدث، أي لو قال‏:‏ إن صليت صلاة صحيحة فأمرك بيدك فرعف في أثناء صلاته وقضى قاض بصحتها وبأنه صار أمر المرأة بيدها، فللحنفي إبطاله لعدم وجود الشرط المأخوذ من قوله عليه الصلاة والسلام، ‏"‏ من قاء أو رعف في صلاته فلينصرف وليتوضأ وليبن على صلاته ما لم يتكلم ‏"‏ كما في حاشية الأشباه عن تنوير الأذهان فتأمل‏.‏ قال‏:‏ أو بقسامة على أهل محلة بتلف المال أي إذا تلف مال إنسان في محلة فقضى بضمانهم بالقسامة قياسا على النفس فهو باطل لمخالفته للإجماع، فللثاني أن ينقضه كما في شرح أدب القضاء‏.‏ قال‏:‏ أو بحد القذف بالتعرض، أي كقوله أما أنا فلست بزان، وقال به عمر رضي الله تعالى عنه، وهو قول مهجور خالفه فيه علي رضي الله تعالى عنه، فللقاضي الثاني أن يبطله ويجعل ذلك المحدود مقبول الشهادة كما في شرح أدب القضاء قال‏:‏ أو بالقرعة في معتق البعض‏:‏ أي في مريض أعتق بعض عبيده بغير عينه، لكن صرح الخصاف في أدب القضاء بنفاذه، نعم نقل في تنوير الأذهان عن المحيط أنه ينفذ لأنه مجتهد فيه‏.‏ وعن أبي يوسف لا ينفذ لأن استعمال القرعة نوع قمار قال‏:‏ أو بعدم تصرف المرأة في مالها بغير إذن زوجها لم ينفذ في الكل‏:‏ أي في كل هذه المسائل، هذا ما حررته من البزازية والعمادية والصيرفية والتتارخانية ا هـ‏.‏ كلام الأشباه بزيادات توضحه مع ذكر المسائل التي زادها في البحر وذكر في البحر أيضا عقب ذلك عن السبكي أن القضاء ينقض عند الحنفية إذا كان حكما لا دليل عليه‏.‏

مطلب ما خالف شرط الواقف فهو مخالف للنص

والحكم به حكم بلا دليل وما خالف شرط الواقف فهو مخالف للنص وهو حكم لا دليل عليه، سواء كان نصه في الوقف نصا أو ظاهرا ا هـ‏.‏ وهذا موافق لقول مشايخنا كغيرهم، شرط الواقف كنص الشارع فيجب اتباعه كما صرح به في شرح المجمع للمصنف‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله الأول ما لم يختلف مشايخنا فيه‏)‏ أي في نقضه، وكذا هو مرجع الضمير بعده، وأراد بالمشايخ الإمام وصاحبيه وأراد بالأصحاب في قوله واختلف أصحابنا فيه الصاحبين ط‏.‏

مطلب المراد بأصحابنا أئمتنا الثلاثة وبالمشايخ من لم يدرك الإمام

قلت‏:‏ لكن المشهور إطلاق أصحابنا على أئمتنا الثلاثة أبي حنيفة وصاحبيه كما ذكره في شرح الوهبانية، وأما المشايخ ففي وقف النهر عن العلامة قاسم أن المراد بهم في الاصطلاح من لم يدرك الإمام ‏(‏قوله‏:‏ والثالث ما لا نص فيه عن الإمام‏)‏ أي لا نص فيه ظاهر يعتمد عليه، فلا ينافي قوله الآتي في قسم الثالث إذا حكم بالشاهد واليمين في الأموال ثم رفع إلى حاكم يرى خلافه نقضه عند الثاني، وعن الإمام لا أفاده ط ‏(‏قوله‏:‏ وتعارضت فيه تصانيفهم‏)‏ أي تصانيف الأصحاب بمعنى أهل المذهب‏.‏

مطلب قضايا القضاة على ثلاثة أقسام

قال في جامع الفصولين‏:‏ قضايا القضاة على ثلاثة أقسام‏:‏ الأول حكمه بخلاف نص وإجماع وهذا باطل، فلكل من القضاة نقضه إذا رفع إليه، وليس لأحد أن يجيزه‏.‏ الثاني حكمه فيما اختلف فيه وهو ينفذ وليس لأحد نقضه‏.‏ والثالث حكمه لشيء يتعين فيه الخلاف بعد الحكم فيه‏:‏ أي يكون الخلاف في نفس الحكم فقيل‏:‏ نفذ وقيل‏:‏ توقف على إمضاء آخر، فلو أمضاه يصير كالقاضي الثاني إذا حكم في مختلف فيه فليس للثاني نقضه، فلو أبطله الثاني بطل، وليس لأحد أن يجيزه‏.‏ ا هـ‏.‏ ط وسيأتي تمام الكلام على هذه الثلاثة في كتاب القضاء إن شاء الله - تعالى - ‏(‏قوله وتعذر على البائع ردها‏)‏ أي إلى المشتري ‏(‏قوله‏:‏ في المواضع‏)‏ أي المساكن والخطة‏:‏ أي المحلة والذرع أي عدد الأذرع ا هـ‏.‏ ح ‏(‏قوله‏:‏ كقول عثمان البستي‏)‏ هذا خلاف ما في الزواهر، فإن الذي فيها أن عثمان البستي قال‏:‏ إذا رفع إلى قاض آخر أبطله إلخ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ لمخالفته لنص الحديث‏)‏ هو ما ورد‏.‏ أنه عليه الصلاة والسلام كان يقضي بالشفعة في كل ربع وحائط، فلا يعمل بخلاف من خالف في ذلك ط ‏(‏قوله‏:‏ إذا قضى بعد ثبوته‏)‏ في بعض النسخ بعد توبته أي بعد أن تاب وهي أظهر لأن القضاء بشيء لا يكون إلا بعد ثبوته عند القاضي، لكن كل من النسختين غير موجود في الزواهر على ما نقله المحشي أبو السعود عنها‏.‏ قلت‏:‏ والصواب قبل توبته، لأن الكلام فيما ينقض ولا ينفذه أحد وهذا ليس كذلك، لما في شرح أدب القضاء‏:‏ وأما المحدود في القذف إذا قضى قبل التوبة فالقاضي الثاني يبطل قضاءه لا محالة، حتى لو نفذه ثم رفع إلى قاض ثالث فله أن ينقضه لأنه لا يصلح قاضيا بالإجماع فكان القضاء الثاني مخالفا للإجماع فكان باطلا، أما إذا كان بعد التوبة لا ينفذ قضاؤه عندنا، لكن لقاض آخر أن ينفذه، حتى لو نفذه ثم رفع إلى ثالث ليس للثالث أن يبطله‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ومنه ما لو حكم أعمى إلخ‏)‏ في جامع الفصولين‏:‏ ولو أمضى حكم الأعمى نفذ إذ في أهلية شهادته خلاف ظاهر، ولو رفع حكمه إلى قاض لا يرى جواز قضائه أبطله‏:‏ إذ نفس الحكم مجتهد فيه‏.‏ ا هـ‏.‏ وحاصله أنه من القسم الثالث من الأقسام المارة آنفا عن جامع الفصولين، فيتوقف على إمضاء قاض ثان، فإن أمضاه الثاني نفذ فليس لثالث إبطاله، وإن أبطله الثاني بطل، فهو نظير حكم المحدود بعد التوبة وعلمت ما فيه ‏(‏قوله‏:‏ لأنه ليس من أهل الشهادة‏)‏ علة للمسألتين قبله ط‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وكذا ما أداه النائم في نومه‏)‏ يعني إذا أدى النائم شهادة فقضى بها ورفع لقاض آخر نقضه ط

‏(‏قوله‏:‏ في شجاج الحمام‏)‏ قال الشارح في الشهادات‏:‏ وكذا لا تقبل شهادة الصبيان فيما يقع في الملاعب، ولا شهادة النساء فيما يقع في الحمامات وإن مست الحاجة لمنع الشرع عما يستحق به السجن وملاعب الصبيان وحمامات النساء فكان التقصير مضافا إليهم لا إلى الشرع بزازية وصغرى وشرنبلالي، لكن في الحاوي‏:‏ تقبل شهادة النساء في القتل في الحمام بحكم الدية لئلا يهدر الدم ا هـ‏.‏ فليتنبه عند الفتوى‏.‏ ا هـ‏.‏ ط ‏(‏قوله‏:‏ ومنه الحكم بإجارة المديون في دينه‏)‏ أي لو حكم للدائن بأن يؤخر مديونه ليستوفي دينه من أجرته لا ينفذ لمخالفته، لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة‏}‏ نعم، قالوا‏:‏ إنه لو كان له كسب يفضل عن حاجته يأمره الحاكم بدفع الفاضل‏.‏ هذا وقد أسقط الشارح من عبارة الزواهر مسألة قبل هذه، وهي قوله‏:‏ ومنه إذا قال الرجل لامرأته‏:‏ كلي أو اشربي يريد الطلاق فقضى عليه القاضي بذلك وفرق بينهما ثم رفع إلى من لا يراه نقضه ‏(‏قوله‏:‏ ومنه القضاء بخط شهود أموات‏)‏ لأن الشاهد لا بد من نطقه بالشهادة فالحكم بالخط حكم بلا شهادة فهو باطل ‏(‏قوله‏:‏ نسيئة‏)‏ وكذا مع التفاضل كما مر‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ نقضه‏)‏ لأنه لا شهادة لكافر على مسلم ‏(‏قوله‏:‏ أمضى النقض‏)‏ عبارة الزواهر ثم رفع النقض إلى آخر أمضى النقض ا هـ‏.‏ أي حملا لحكمه بالنقض على الصحة، بأن علم الناقض أن الحكم الأول باطل فعد هذه هنا بالنظر إلى هذا تأمل ‏(‏قوله‏:‏ ثم ظهر فيه عيب‏)‏ قيده في شرح أدب القضاء بالجنون، فإن بعضهم قال‏:‏ يرد العبد به مطلقا لأنه إنما يكون من نقصان يتمكن من أصل الخلقة فيكون من عند البائع‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ التي لم يدخل بها‏)‏ صفة للمرأة ‏(‏قوله‏:‏ الآية‏)‏ تتمتها ‏{‏من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم‏}‏‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ لم ينقض عنده خلافا للثاني‏)‏ كذا في الزواهر‏.‏ ويظهر لي أن العبارة مقلوبة والصواب ينقض عنده بإسقاط لم لأن ما ذكره هو المسألة الأصولية، وهي أن الإجماع اللاحق هل يرفع الخلاف السابق‏؟‏ فعندهما لا، وعند محمد نعم، فإذا حكم بالقول المتروك أي الذي تركه أهل الإجماع، فعندهما لا ينقض حكمه لعدم ارتفاع الخلاف السابق فكان حكما في محل مجتهد فيه‏.‏ وعند محمد ينقض لارتفاع الخلاف فيكون حكما مخالفا للإجماع ومثله ما قدمناه من شهادة الابن لأبيه أو بالعكس، ومن مسألة بيع المدبر فتدبر‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ومنه إذا وطئ أم امرأته إلخ‏)‏ في شرح أدب القضاء‏:‏ لو وطئ أم امرأته أو بنتها فخاصمته زوجته إلى قاض يرى أن الحرام لا يحرم الحلال فقضى بها لزوجها ثم رفعته إلى قاض يرى أن ذلك يحرمها على زوجها فليس للثاني أن يبطل قضاء الأول؛ لأن هذا مما اختلف فيه الصحابة والعلماء، فإذا قضى نفذ قضاؤه بالإجماع، فإذا قضى الثاني بخلافه كان قضاؤه مخالفا للإجماع، ثم هل يحل للزوج المقام معها، فلو جاهلا وقضى بالمرأة له حل بلا شبهة لا لو قضى بتحريمها ولو عالما‏؟‏ فإن قضى عليه بأن كان هو لا يرى تحريمها والقاضي قضى بتحريمها نفذ القضاء عليه فلا يحل له المقام معها‏؟‏ وإن قضى له بأن كان هو يرى تحريمها وقضى له بحلها، فعند أبي يوسف كذلك، وعندهما يحل ا هـ‏.‏ ملخصا‏.‏ ورأيت بهامشه بخط بعض العلماء عند قوله فإذا قضى نفذ قضاؤه بالإجماع ما نصه‏:‏ ذكر في الواقعات الصغرى أن نفاذ القضاء مختلف فيه، عند أبي يوسف لا ينفذ وللثاني أن يبطله، وعند محمد ينفذ وليس للثاني ذلك، فكان النفاذ المجمع عليه موقوفا على قضاء ثان بصحة قضاء الأول ا هـ‏.‏ ورأيت نحوه في جامع الفصولين من حكاية الخلاف المذكور ‏(‏قوله‏:‏ وإن عالما لا يحل له المقام‏)‏ أي إن عالما بحرمتها معتقدا لها وقضي له بالحل ‏(‏قوله وذكر ذلك مطلقا‏)‏ أي بلا حكاية خلاف ‏(‏قوله‏:‏ فالظاهر أن ذلك مذهبه‏)‏ أي مذهب صاحب المنتقى ‏(‏قوله أو قول الإمام‏)‏ قد علمت أنه قول أبي يوسف ‏(‏قوله‏:‏ لمخالفته لنص ‏{‏ولا تنكحوا‏}‏‏)‏ أي ‏{‏ما نكح آباؤكم من النساء‏}‏، وهذا لا يصلح دليلا على ما قبله، بل إنما يصلح دليلا لمسألة ذكرها في جامع الفصولين‏.‏ وعبارته‏:‏ ولو قضي بجواز نكاح مزنية الأب للابن أو الابن للأب لا ينعقد عند أبي يوسف إذ الحادثة نص عليها في الكتاب ا هـ‏.‏ ط‏.‏

مطلب في قضاء القاضي بخلاف مذهبه

‏(‏قوله‏:‏ ومنه إذا قضى بخلاف مذهبه إلخ‏)‏ في قضاء البحر‏:‏ لو قضى في المجتهد فيه مخالفا لرأيه ناسيا نفذ عنده‏.‏ وفي العامد روايتان، وعندهما لا ينفذ في الوجهين‏.‏ واختلف الترجيح‏.‏ قال‏:‏ في الفتح‏:‏ والوجه الآن أن يفتى بقولهما لأن التارك لمذهبه عمدا لا يفعله إلا لهوى باطل، وأما الناسي فلأن المقلد ما قلده إلا ليحكم بمذهبه لا بمذهب غيره هذا كله في القاضي المجتهد، فأما المقلد فإنما ولاه ليحكم بمذهب أبي حنيفة فلا يملك المخالفة فيكون معزولا بالنسبة إلى ذلك الحكم‏.‏ ا هـ‏.‏ وسيأتي تمام الكلام على هذه المسألة في كتاب القضاء إن شاء الله - تعالى - ‏(‏قوله‏:‏ وقال القاسم بن معن حجر‏)‏ أي الحبس حجر ط‏.‏ قلت‏:‏ والقاسم هذا من أصحاب أبي حنيفة رحمه الله تعالى، أخذ عنه محمد بن الحسن كما في طبقات عبد القادر ‏(‏قوله‏:‏ فلو حكم الثاني‏)‏ أي الحاكم الثاني بأنه حجر نفذ ولا ينقض، مفاده أن هذا من القسم الثالث من الأقسام التي قدمناها عن جامع الفصولين‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ إذا حكم بالشاهد واليمين‏)‏ قال‏:‏ في جامع الفصولين‏:‏ ذكر في بعض المواضع أنه ينفذ وفي بعضها لا ينفذ، وفي أقضية الجامع أنه يتوقف على إمضاء قاض آخر‏.‏ ا هـ‏.‏ ط ‏(‏قوله‏:‏ وعن الإمام لا‏)‏ تقدم أن هذا القسم لا نص فيه عن الإمام وتقدم جوابه ‏(‏قوله‏:‏ لأنه مما يستشنعه الناس‏)‏ أي يعدونه أمرا شنيعا لأنها بنته حقيقة ولغة لوجود الجزئية، وإنما قطع الشرع نسبتها إليه فقط، إذ الجزئية لا تنتفي بالزنا ثم إنه لم يذكر فيه خلافا، ومقتضى عده من القسم الثالث وجود الخلاف فيه‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ثم مات المعتق‏)‏ بكسر التاء والذي بعده بفتحها ط ‏(‏قوله‏:‏ «إنما الولاء لمن أعتق»‏)‏ لأن إنما تفيد قصر الولاء على من أعتق، ومن أحكام الولاء الإرث ‏(‏قوله‏:‏ ولا يلزم‏)‏ أي لا يلزمنا أن نقول مولى الموالاة كذلك‏:‏ أي إنه يكون إرثه من أحد الجانبين فقط كما قلنا في ولاء العتاقة لأنه‏:‏ أي الولاء المفهوم من مولى الموالاة مستحق بالعقد لأن صورته أن يعقد رجلان مجهولا النسب عقد الموالاة بينهما على أن من مات منهما قبل صاحبه عن غير وارث ورثه الآخر وهذا العقد قائم بهما أي وجد منهما فيتوارثان به من الطرفين، بخلاف ولاء العتاقة فإن سببه الإعتاق وهو قائم بالمعتق فقط كالزوجية فإنها من أسباب الميراث والإرث ثابت بها من الطرفين لقيام عقدها بهما معا فيتوارثان بها وإن اختلف مقدار الإرث بها من جهة أخرى وهي تفضيل الزوج على الزوجة بذكورته وكونه قواما عليها، والله - سبحانه - أعلم‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ فاغتنم هذا المقام‏)‏ أي فز به بلا مشقة كما في القاموس، حيث قال‏:‏ غنم بالكسر غنما بالضم وبالفتح وبالتحريك وغنيمة وغنمانا بالضم‏:‏ الفوز بالشيء بلا مشقة ا هـ‏.‏ والاغتنام افتعال منه فافهم، والله - سبحانه وتعالى - أعلم، وله الحمد على ما علم وفهم، وصلى الله وبارك وسلم على عبده ورسوله المعظم، وعلى آله وصحبه ومن في سلكه انتظم، لا سيما إمامنا الأعظم، وقدوتنا المقدم، وأصحابه ومشايخ مذهبه المحكم، وأتباعهم ذوو المقام الأفخم والمصنف ذو الفضل المسلم، والشارح الذي أتقن مسائله وأحكم، ووالدينا ومشايخنا وأهالينا ومن أسدى إلينا معروفا وأكرم ‏{‏رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك وإني من المسلمين‏}‏ وتقبل مني هذا العمل، وبلغني في إكماله غاية الأمل، وجنبني فيه عن الخطإ والخلل، واجعله سببا لغفران الذنب والزلل، ولحسن الختام عند انتهاء الأجل، والحمد لله رب العالمين‏.‏