فصل: باب البيع الفاسد

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***


باب البيع الفاسد

أخره عن الصحيح لكونه عقدا مخالفا للدين كما أوضحه في الفتح، وسيأتي أنه معصية يجب رفعها، وسيأتي في باب الربا أن كل عقد فاسد فهو ربا، يعني إذا كان فساده بالشرط الفاسد‏.‏ وفي القاموس‏:‏ فسد كنصر وقعد وكرم فسادا وفسودا ضد صلح فهو فاسد فسيد ولم يسمع انفسد ا هـ‏.‏ ونقل في الفتح أنه يقال للحم الذي لا ينتفع به لدود ونحوه بطل، وإذا أنتن وهو بحيث ينتفع به فسد اللحم، وفيه مناسبة للمعنى الشرعي، وهو ما كان مشروعا بأصله لا بوصفه، ومرادهم من مشروعية أصله كونه مالا متقوما لا جوازه وصحته؛ لأن فساده يمنع صحته، أو أطلقوا المشروعية عليه نظرا إلى أنه لو خلا عن الوصف لكان مشروعا‏.‏ وأما الباطل، ففي المصباح بطل الشيء يبطل بطلا وبطولا وبطلانا بضم الأوائل فسد أو سقط حكمه فهو باطل، والجمع بواطل أو أباطيل ا هـ‏.‏ وفيه مناسبة للمعنى الشرعي، وهو ما لا يكون مشروعا لا بأصله ولا بوصفه‏.‏ وأما المكروه، فهو لغة خلاف المحبوب واصطلاحا ما نهي عنه لمجاور كالبيع عند أذان الجمعة‏.‏ وعرفه في البناية بما كان مشروعا بأصله ووصفه لكن نهي عنه لمجاور، ويمكن إدخاله تحت الفاسد أيضا على إرادة الأعم وهو ما نهي عنه فيشمل الثلاثة كما في البحر ‏(‏قوله المراد بالفاسد الممنوع إلخ‏)‏ قد علمت أن الفاسد مباين للباطل؛؛ لأن ما كان مشروعا بأصله فقط يباين ما ليس بمشروع أصلا‏.‏ وأيضا حكم الفاسد أنه يفيد الملك بالقبض والباطل لا يفيده أصلا، وتباين الحكمين دليل تباينهما، فإطلاق الفاسد في قولهم باب البيع الفاسد على ما يشمل الباطل لا يصح على حقيقته، فإما أن يكون لفظ الفاسد مشتركا بين الأعم والأخص أو يجعل مجازا عرفيا في الأعم؛ لأنه خير من الاشتراك، وتمامه في الفتح‏.‏

مطلب في أنواع البيع

ثم اعلم أن البيع جائز وقد مر بأقسامه‏.‏ وغير جائز، وهو ثلاثة‏:‏ باطل وفاسد، وموقوف كذا في الفتح وأراد بالجائز النافذ، وبمقابله غيره لا الحرام، إذ لو أريد ذلك لخرج الموقوف لما قالوه من أن بيع مال الغير بلا إذنه بدون تسليم ليس بمعصية‏.‏

مطلب لبيع الموقوف

من قسم الصحيح على أنه في المستصفى جعله من قسم الصحيح، حيث قال‏:‏ البيع نوعان‏:‏ صحيح وفاسد‏.‏ والصحيح نوعان لازم وغير لازم نهر‏.‏ وذكر في البحر أن البيع المنهي عنه ثلاثة‏:‏ باطل، وفاسد، ومكروه تحريما، وقد مرت‏.‏ وما لا نهي فيه ثلاثة أيضا‏:‏ نافذ لازم، ونافذ ليس بلازم، وموقوف فالأول ما كان مشروعا بأصله ووصفه ولم يتعلق به حق الغير ولا خيار فيه‏.‏ والثاني ما لم يتعلق به حق الغير وفيه خيار‏.‏ والموقوف ما تعلق به حق الغير، وحصره في الخلاصة في خمسة عشر‏.‏ قلت‏:‏ بل أوصله في النهر إلى نيف وثلاثين كما سيأتي في باب بيع الفضولي ثم قال في البحر‏:‏ والصحيح يشمل الثلاثة؛ لأنه ما كان مشروعا بأصله ووصفه والموقوف كذلك فهو قسم منه، وهو الحق لصدق التعريف وحكمه عليه، فإن حكمه إفادة الملك بلا توقف على القبض، ولا يضر توقفه على الإجازة كتوقف ما فيه خيار على إسقاطه ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ ينبغي استثناء بيع المكره فإنه موقوف على إجازته مع أنه فاسد كما حققناه أول البيوع، وحررنا هناك أيضا أن بيع الهزل فاسد لا باطل وإن كان لا يفيد الملك بالقبض لكونه أشبه البيع بالخيار، وليس كل فاسد يملك بالقبض كما سيأتي ‏(‏قوله في ركن البيع‏)‏ هو الإيجاب والقبول، بأن كان من مجنون أو صبي لا يعقل وكان عليه أن يزيد أو في محله أعني لمبيع، فإن الخلل فيه مبطل بأن كان المبيع ميتة أو دما أو حرا أو خمرا كما في ط عن البدائع ‏(‏قوله وما أورثه في غيره‏)‏ أي في غير الركن وكذا في غير المحل، وذلك بأن كان في الثمن بأن يكون خمرا مثلا أو بأن كان من جهة كونه غير مقدور التسليم أو فيه شرط مخالف لمقتضى العقد فيكون البيع بهذه الصفة فاسدا لا باطلا لسلامة ركنه ومحله عن الخلل كما في ط عن البدائع، وبه ظهر أن الوصف ما كان خارجا عن الركن والمحل‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

في شرح مسكين‏:‏ ثم الضابط في تمييز الفاسد من الباطل أن أحد العوضين إذا لم يكن مالا في دين سماوي فالبيع باطل سواء كان مبيعا أو ثمنا، فبيع الميتة والدم والحر باطل، وكذا البيع به، وإن كان في بعض الأديان مالا دون البعض إن أمكن اعتباره ثمنا فالبيع فاسد فبيع العبد بالخمر أو الخمر بالعبد فاسد، وإن تعين كونه مبيعا فالبيع باطل فبيع الخمر بالدراهم أو الدراهم بالخمر باطل ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وهذا الضابط يرجع إلى الفرق بينهما من حيث المحل فقط، وما مر من حيث الركن والمحل فهو أعم فافهم‏.‏

‏(‏قوله بطل بيع ما ليس بمال‏)‏ أي ما ليس بمال في سائر الأديان بقرينة قوله‏:‏ والبيع به فإن ما يبطل سواء كان مبيعا أو ثمنا ما ليس بمال أصلا بخلاف نحو الخمر فإن بيعه باطل إذا تعين كونه مبيعا، أما لو أمكن اعتباره ثمنا فبيعه فاسد كما علمته من الضابط المذكور آنفا؛ لأن البيع وإن كان مبناه على البدلين لكن الأصل فيه المبيع دون الثمن ولذا ينفسخ البيع بهلاك المبيع دون الثمن، ولأن الثمن غير مقصود بل هو وسيلة إلى المقصود وهو الانتفاع بالأعيان‏.‏

مطلب في تعريف المال

‏(‏قوله والمال‏)‏ أي من حيث هو لا المذكور قبله؛ لأن التعريف المذكور يدخل فيه الخمر فهي مال، وإن لم تكن متقومة، ولذا قال بعده‏:‏ وبطل بيع مال غير متقوم كخمر وخنزير فإن المتقوم هو المال المباح الانتفاع به شرعا، وقدمنا أول البيوع تعريف المال بما يميل إليه الطبع ويمكن ادخاره لوقت الحاجة، وأنه خرج بالادخار، المنفعة فهي ملك لا مال؛ لأن الملك ما من شأنه أن يتصرف فيه بوصف الاختصاص كما في التلويح، فالأولى ما في الدرر من قوله المال موجود يميل إليه الطبع إلخ فإنه يخرج بالموجود المنفعة فافهم‏.‏ ولا يرد أن المنفعة تملك بالإجارة؛ لأن ذلك تمليك لا بيع حقيقة، ولذا قالوا‏:‏ إن الإجارة لا بيع المنافع حكما‏:‏ أي إن فيها حكم البيع وهو التمليك لا حقيقته، فاغتنم هذا التحرير ‏(‏قوله فخرج التراب‏)‏ أي القليل ما دام في محله وإلا فقد يعرض له بالنقل ما يصير به مالا معتبرا ومثله المال، وخرج أيضا نحو حبة من حنطة والعذرة الخالصة، بخلاف المخلوطة بتراب، ولذا جاز بيعها كسرقين كما يأتي، وخرج أيضا المنفعة على ما ذكرنا آنفا ‏(‏قوله والميتة‏)‏ بفتح الميم وسكون الياء التي ماتت حتف أنفها لا بسبب، وبتشديد الياء المكسورة‏:‏ التي لم تمت حتف أنفها بل بسبب غير الذكاة كالمنخنقة والموقوذة نوح أفندي، ولم أر هذا الفرق في القاموس ولا في المصباح ولا غيرهما فراجعه ‏(‏قوله ولا فرق في حق المسلم إلخ‏)‏ أما في حق الذمي فيراد بها الأول، وأما الثاني فاختلفت عباراتهم فيه؛ ففي التجنيس جعله قسما من الصحيح؛ لأنهم يدينونه ولم يحك خلافا وجعله في الإيضاح قول أبي يوسف‏.‏ وعند محمد لا يجوز، وجزم في الذخيرة بفساده، وجعله في البحر من اختلاف الروايتين نهر‏.‏ وعبارة البحر‏:‏ وحاصله أن فيما لم يمت حتف أنفه بل بسبب غير الذكاة روايتين بالنسبة إلى الكافر في رواية الجواز، وفي رواية الفساد، وأما البطلان فلا، وأما في حقنا فالكل سواء ا هـ‏.‏ وذكر ط أن عدم الفرق في حقنا في المنخنقة مثلا إذا قوبلت بدراهم حتى تعين كونها مبيعا، أما إذا قوبلت بعين أمكن اعتبارها ثمنا فكان فاسدا بالنظر إلى العوض الآخر، باطلا بالنظر إليها، وهذا ما اقتضاه الضابط السابق ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله التي ماتت حتف أنفها‏)‏ الحتف الهلاك يقال‏:‏ مات حتف أنفه إذا مات بغير ضرب ولا قتل، ومعناه أن يموت على فراشه فيتنفس حتى ينقضي رمقه، ولهذا خص الأنف مصباح ‏(‏قوله أو بخنق‏)‏ مثل كتف ويسكن تخفيفا مصباح‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

لم يذكروا حكم دودة القرمز‏:‏ أما إذا كانت حية فينبغي جريان الخلاف الآتي في دود القز وبزره وبيضه وأما إذا كانت ميتة وهو الغالب فإنها على ما بلغنا تخنق في الكلس أو الخل فمقتضى ما مر بطلان بيعها بالدراهم؛ لأنها ميتة‏.‏ وقد ذكر سيدي عبد الغني النابلسي في رسالة أن بيعها باطل، وأنه لا يضمن متلفها؛ لأنها غير مال قلت‏:‏ وفيه أنها من أعز الأموال اليوم، ويصدق عليها تعريف المال المتقدم ويحتاج إليها الناس كثيرا في الصباغ وغيره، فينبغي جواز بيعها كبيع السرقين والعذرة المختلطة بالتراب كما يأتي مع أن هذه الدودة إن لم يكن لها نفس سائلة تكون ميتتها طاهرة كالذباب والبعوض وإن لم يجز أكلها، وسيأتي أن جواز البيع يدور مع حل الانتفاع، وأنه يجوز بيع العلق للحاجة مع أنه من الهوام، وبيعها باطل‏.‏ وكذا بيع الحيات للتداوي‏:‏ وفي القنية‏:‏ وبيع غير السمك من دواب البحر لو له ثمن كالسقنقور وجلود الخز ونحوها يجوز وإلا فلا وجمل الماء قيل يجوز حيا لا ميتا والحسن أطلق الجواز ا هـ‏.‏ فتأمل‏.‏ ويأتي له مزيد بيان عند الكلام على بيع دود القز والعلق ‏(‏قوله والبيع به‏)‏ أي بما ليس بمال‏.‏

‏(‏قوله والمعدوم كبيع حق التعلي‏)‏ قال في الفتح‏:‏ وإذا كان السفل لرجل وعلوه لآخر فسقطا أو سقط العلو وحده فباع صاحب العلو علوه لم يجز؛ لأن المبيع حينئذ ليس إلا حق التعلي، وحق التعلي ليس بمال؛ لأن المال عين يمكن إحرازها وإمساكها ولا هو حق متعلق بالمال بل هو حق متعلق بالهواء، وليس الهواء مالا يباع والمبيع لا بد أن يكون أحدهما، بخلاف الشرب حيث يجوز بيعه تبعا للأرض، فلو باعه قبل سقوطه جاز، فإن سقط قبل القبض بطل البيع لهلاك المبيع قبل القبض ا هـ‏.‏ والحاصل أن بيع العلو صحيح قبل سقوطه لا بعده؛ لأن بيعه بعد سقوطه بيع لحق التعلي وهو ليس بمال، ولذا عبر في الكنز بقوله وعلو سقط، وعبر في الدرر بحق التعلي؛ لأنه المراد من قول الكنز وعلو سقط كما علمته من عبارة الفتح، فالمراد من العبارتين واحد؛ فلذا فسر الشارح إحداهما بالأخرى دفعا لما يتوهم من اختلاف المراد منهما فافهم‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

لو كان العلو لصاحب السفل فقال بعتك علو هذا السفل بكذا صح ويكون سطح السفل لصاحب السفل وللمشتري حق القرار، حتى لو انهدم العلو كان له أن يبني عليه علوا آخر مثل الأول؛ لأن السفل اسم لمبني مسقف فكان سطح السفل سقفا للسفل خانية ‏(‏قوله؛ لأنه معدوم‏)‏ يغني عنه قول المصنف والمعدوم أفاده ط‏.‏

‏(‏قوله ومنه‏)‏ أي من بيع المعدوم‏.‏

مطلب في بيع المغيب في الأرض

‏(‏قوله بيع ما أصله غائب‏)‏ أي ما ينبت في باطن الأرض، وهذا إذا كان لم ينبت أو نبت ولم يعلم وجوده وقت البيع وإلا جاز بيعه كما يأتي قريبا ‏(‏قوله وفجل‏)‏ بضم الفاء وبضمتين قاموس ‏(‏قوله كورد وياسمين‏)‏ فإنه يخرج بالتدريج ط ‏(‏قوله وورق فرصاد‏)‏ قيل هو التوت الأحمر‏.‏ وقال أبو عبيد‏:‏ هو التوت‏.‏ وفي التهذيب‏:‏ قال الليث‏:‏ الفرصاد الشجر معروف مصباح ‏(‏قوله وبه أفتى بعض مشايخنا‏)‏ بالياء في مشايخ لا بالهمزة‏.‏ قال القهستاني‏:‏ وأفتى العقيلي وغيره بجوازه بتبعية الموجود إذا كان أكثر من المعدوم ا هـ‏.‏ ط‏.‏ قلت‏:‏ وهو رواية عن محمد، وقدمنا الكلام عليه في فصل ما يدخل تبعا ‏(‏قوله هذا إذا نبت إلخ‏)‏ الإشارة إلى قوله ما أصله غائب وكان الأولى أن يقول هذا إذا لم ينبت أو نبت ولم يعلم وجوده فإنه لا يجوز بيعه فيهما كما في ط عن الهندية ‏(‏قوله وله خيار الرؤية إلخ‏)‏ قال في الهندية إن كان المبيع في الأرض مما يكال أو يوزن بعد القلع كالثوم والجزر والبصل فقلع المشتري شيئا بإذن البائع أو قلع البائع، إن كان المقلوع مما يدخل تحت الكيل أو الوزن إذا رأى المقلوع ورضي به لزم البيع في الكل وتكون رؤية البعض كرؤية الكل إذا وجد الباقي كذلك، وإن كان المقلوع شيئا يسيرا لا يدخل تحت الوزن لا يبطل خياره‏.‏ قال في البحر‏:‏ وإن كان يباع بعد القلع عددا كالفجل فقلع البائع أو قلع المشتري بإذن البائع لا يلزم الكل؛ لأنه من العدديات المتفاوتة بمنزلة الثياب والعبيد، وإن قلعه بلا إذن البائع لزمه الكل إلا أن يكون ذلك شيئا يسيرا، وإن أبى كل القلع تبرع متبرع بالقلع أو فسخ القاضي العقد ا هـ‏.‏ ط‏.‏

مطلب في بيع أصل الفصفصة

قلت‏:‏ بقي شيء لم أر من نبه عليه، وهو ما يكون أصله تحت الأرض ويبقى سنين متعددة مثل الفصفصة تزرع في أرض الوقف وتكون كالكردار للمستأجر في زماننا فإذا باع ذلك الأصل وعلم وجوده في الأرض صح بيعه لكنه لا يرى ولا يقصد قلعه؛ لأنه أعد للبقاء فهل للمشتري فسخ البيع بخيار الرؤية‏؟‏ الظاهر نعم؛ لأن خيار الرؤية يثبت قبل الرؤية تأمل‏.‏

‏(‏قوله ما في ظهور الآباء من المني‏)‏ موافق لما في الدرر والمنح‏.‏ وعبارة البحر‏:‏ المضامين جمع مضمونة ما في أصلاب الإبل والملاقيح‏:‏ جمع ملقوح‏:‏ ما في بطونها، وقيل بالعكس ‏(‏قوله والملاقيح إلخ‏)‏ يجب أن يحمل ههنا على ما سيكون وإلا كان حملا، وسيأتي أن بيع الحمل فاسد لا باطل درر‏.‏ قلت‏:‏ وفي فساده كلام سيأتي ‏(‏قوله والنتاج بكسر النون‏)‏ كذا ضبطه النووي، واختاره المصنف يعني صاحب الدرر، وضبطه الكاكي بفتح النون، وهو مصدر نتجت الناقة على البناء للمفعول، والمراد به هنا المنتوج، وفسره الزيلعي والرازي ومسكين بحبل الحبلة وتبعهم المصنف نوح ‏(‏قوله حبل الحبلة‏)‏ بالفتحتين فيهما قال في المغرب‏:‏ مصدر حبلت المرأة حبلا فهي حبلى سمي به المحمول كما سمي بالحمل وإنما أدخل عليه التاء للإشعار بمعنى الأنوثة؛ لأن معناه النهي عن بيع ما سوف يحمله الجنين إن كان أنثى، ومن روى الحبلة بكسر الباء فقد أخطأ ا هـ‏.‏ نوح‏.‏

‏(‏قوله وبيع أمة إلخ‏)‏ علله في الدرر بأنه بيع معدوم، ومقتضاه أن يكون معطوفا على قوله‏:‏ حق التعلي، أو قوله‏:‏ والنتاج، فكان الواجب إسقاط لفظ بيع نوح ‏(‏قوله ذكر الضمير‏)‏ أي أتى به مذكرا مع أن الأمة مؤنثة مراعاة لتذكير الخبر وهو عبد أو باعتبار الواقع ‏(‏قوله وعكسه‏)‏ بالرفع عطفا على قوله بيع وبالجر عطفا على أمة ط ‏(‏قوله بخلاف البهائم‏)‏ كما إذا باع كبشا فإذا هو نعجة حيث ينعقد البيع ويتخير بحر‏.‏

مطلب فيما إذا اجتمعت الإشارة مع التسمية

‏(‏قوله والأصل إلخ‏)‏ قال في الهداية‏:‏ والفرق يبتنى على الأصل الذي ذكرناه في النكاح لمحمد رحمه الله تعالى وهو أن الإشارة مع التسمية إذا اجتمعتا ففي مختلفي الجنس يتعلق العقد بالمسمى ويبطل لانعدامه، وفي متحدي الجنس يتعلق بالمشار إليه وينعقد لوجوده ويتخير لفوات الوصف، كمن اشترى عبدا على أنه خباز، فإذا هو كاتب، وفي مسألتنا الذكر والأنثى من بني آدم جنسان للتفاوت في الأغراض، وفي الحيوانات جنس واحد للتقارب فيها ا هـ‏.‏ قال في البحر والأصل المذكور متفق عليه هنا ويجري في سائر العقود من النكاح والإجارة والصلح عن دم العمد والخلع والعتق على مال، وبه ظهر أن الذكر والأنثى في الآدمي جنسان في الفقه وإن اتحدا جنسا في المنطق؛ لأنه الذاتي المقول على كثيرين مختلفين بمميز داخل، وفي الفقه المقول على كثيرين لا يتفاوت الغرض منها فاحشا قال في الفتح ومن المختلفي الجنس ما إذا باع فصا على أنه ياقوت فإذا هو زجاج فالبيع باطل، ولو باعه ليلا على أنه ياقوت أحمر فظهر أصفر صح البيع ويخير‏.‏

‏(‏قوله ولو من كافر‏)‏ نقله في البحر أيضا عن البزازية وأقره‏.‏ قلت‏:‏ وينبغي أن يجري فيه الخلاف المار فيما ماتت بسبب غير الذبح مما يدين به أهل الذمة، بل هذا بالأولى؛ لأنه مما يدين به بعض المجتهدين، وكون حرمته بالنص لا يقتضي بطلان بيعه بين أهل الذمة؛ لأن حرمة المنخنقة بالنص أيضا، ولما اعتقدوا حلها لم نحكم ببطلان بيعها بينهم، نعم لو باع متروك التسمية عمدا مسلم يقول بحله كشافعي نحكم ببطلان بيعه؛ لأنه ملتزم لأحكامنا ومعتقد لبطلان ما خالف النص فنلزمه ببطلان البيع بالنص، بخلاف أهل الذمة؛ لأنا أمرنا بتركهم وما يدينون، فيكون بيعه بينهم صحيحا أو فاسدا لا باطلا كما مر، ويؤيده ما مر في شركة المفاوضة من عدم صحتها بين مسلم وذمي لعدم التساوي في التصرف، وتصح بين حنفي وشافعي، وإن كان يتصرف في متروك التسمية وعللوه بأن ولاية الإلزام قائمة، ومعناه ما ذكرنا فتدبر‏.‏ ‏(‏قوله وكذا ما ضم إليه‏)‏ قال في النهر‏:‏ ومتروك التسمية عمدا كالذي مات حتف أنفه حتى يسري الفساد إلى ما ضم إليه، وكان ينبغي أن لا يسري؛ لأنه مجتهد فيه كالمدبر فينعقد فيه البيع بالقضاء، وأجاب في الكافي بأن حرمته منصوص عليها، فلا يعتبر خلافه ولا ينفذ بالقضاء‏.‏

‏(‏قوله وبيع الكراب وكري الأنهار‏)‏ في المصباح‏:‏ كربت الأرض من باب قتل كرابا بالكسر قلبتها للحرث، وفيه أيضا‏:‏ كرى النهر كريا من باب رمى حفرت فيه حفرة جديدة ‏(‏قوله ولوالجية‏)‏ قال فيها‏:‏ ولو كان لرجل عمارة في أرض رجل فباعها، إن كان بناء أو أشجارا جاز بيعه إذا لم يشترط تركها وإن كرابا أو كري الأنهار ونحوه فلم يكن ذلك بمال ولا بمعنى مال لا يجوز‏.‏ ا هـ‏.‏ يعني يبطل، فإنه داخل تحت قولنا بطل بيع ما ليس بمال كما لا يخفى وبعدم الجواز في الكراب وكري الأنهار ونحو ذلك صرح في الخانية معللا بأنه ليس بمال متقوم منح، وتقدمت المسألة أول البيوع مع الكلام على مشد المسكة وبيع البراءات والجامكية والنزول عن الوظائف، وأشبعنا الكلام على ذلك كله‏.‏

‏(‏قوله فإن بيع هؤلاء باطل‏)‏ كذا في الهداية‏.‏ وأورد أنه لو كان باطلا لسرى البطلان إلى ما ضم إليهم كالمضموم إلى الحر، وسيأتي أنه لا يسري‏.‏ وقال بعضهم فاسد، وأورد أنه يلزم أن يملكوا بالقبض مع أنهم لم يملكوا به اتفاقا، وأجيب عنهما بادعاء التخصيص، وهو أن من الباطل ما لا يسري حكمه إلى المضموم لضعفه ومن الفاسد ما لا يملك بالقبض‏.‏ وذكر في الفتح أن الحق أنه باطل ولا تخصيص لجواز تخلف بعض الأفراد الخصوصية‏.‏ قلت‏:‏ وما ذكره الشارح يصلح بيانا للخصوصية، وذلك أن بيع الحر باطل ابتداء وبقاء لعدم محليته للبيع أصلا بثبوت حقيقة الحرية، وبيع هؤلاء باطل بقاء لحق الحرية فلذا لم يملكوا بالقبض، لا ابتداء لعدم حقيقتها فلذا جاز بيعهم من أنفسهم، ولا يلزم بطلان بيع قن ضم إليهم؛ لأنهم دخلوا في البيع ابتداء لكونهم محلا له في الجملة ثم خرجوا منه بتعلق حقهم، فيبقى القن بحصته من الثمن، وتمامه في الدرر ‏(‏قوله وقول ابن الكمال‏)‏ عبارته‏:‏ البيع في هؤلاء باطل موقوف ينقلب جائزا بالرضا في المكاتب وبالقضاء في الآخرين لقيام المالية ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله قبل البيع‏)‏ وتنفسخ الكتابة في ضمنه؛ لأن اللزوم كان لحقه وقد رضي بإسقاطه، أما إذا باعه بغير رضاه فأجازه لم يجز رواية واحدة؛ لأن إجازته لم تتضمن فسخ الكتابة قبل العقد كذا في السراج وفي الخانية لو بيع بغير رضاه فأجاز بيع مولاه لم ينفذ في الصحيح من الرواية وعليه عامة المشايخ نهر‏.‏ قلت‏:‏ لكن ذكر في الهداية آخر الباب فيما لو جمع بين عبد ومدبر، وتبعه في البحر والفتح أن البيع في هؤلاء موقوف وقد دخلوا تحت العقد لقيام المالية‏:‏ ولهذا ينفذ في المكاتب برضاه في الأصح، وفي المدبر بقضاء القاضي وكذا في أم الولد عند أبي حنيفة وأبي يوسف ا هـ‏.‏ فقوله موقوف مخالف لقوله هنا باطل، وقوله ينفذ في المكاتب برضاه في الأصح مخالف للمذكور عن السراج والخانية، وبهذا يتأيد ما ذكره ابن الكمال‏.‏ وقد يجاب بأن قوله ينفذ في المكاتب برضاه في الأصح أي رضاه وقت البيع فيكون موقوفا في الابتداء على رضاه فلو لم يرض كان باطلا، وبهذا تنتفي المخالفة بين كلاميه، لكن هذا الجواب لا يتأتى في عبارة ابن الكمال فتأمل‏.‏ ‏(‏قوله قلت الأوجه إلخ‏)‏ أي إذا قضى بنفاذ بيع أم الولد قاض يراه لا ينفذ فإذا رفع إلى قاض آخر فأمضاه نفذ الأول وإن رده ارتد وقدمنا تحقيق ذلك في باب الاستيلاد ‏(‏قوله فليكن التوفيق‏)‏ بحمل ما في البحر على ما قبل الإمضاء، وما في الفتح على ما بعده ‏(‏قوله ولد هؤلاء كهم‏)‏ أي ولد أم الولد من غير سيدها، بأن زوجها فولدت بعد ما ولدت من سيدها وكذا ولد المدبر أو المكاتب المولود بعد التدبير والكتابة، وقوله كهم‏:‏ أي في حكمهم، وفيه إدخال الكاف على الضمير وهو قليل ‏(‏قوله وبيع مبعض‏)‏ أي معتق البعض كبيع الحر‏.‏

‏(‏قوله ابن كمال‏)‏ ونصه التقوم على ما ذكر في التلويح ضربان‏:‏ عرفي وهو بالإحراز، فغير المحرز كالصيد والحشيش ليس بمتقوم، وشرعي وهو بإباحة الانتفاع به وهو المراد ههنا منفيا‏.‏ ا هـ‏.‏ أي هو المراد بالتقوم المنفي هنا ‏(‏قوله كخمر‏)‏ قيد بها؛ لأن بيع ما سواها من الأشربة المحرمة جائز عنده خلافا لهما، كذا في البدائع نهر ‏(‏قوله وميتة لم تمت حتف أنفها‏)‏ هذا في حق المسلم، أما الذمي ففي رواية بيعها صحيح وفي أخرى فاسد، كما قدمناه عن البحر، وظاهره أن اختلاف الرواية في الميتة فقط، أما الخمر فصحيح‏.‏ ‏(‏قوله ونحوه‏)‏ كالجرح، والضرب من أسباب الموت سوى الذكاة الشرعية ‏(‏قوله فإنها‏)‏ أي الميتة المذكورة، أما التي ماتت حتف أنفها فهي غير مال عند الكل فلذا بطل بيعها في حق الكل كما مر ‏(‏قوله وهذا‏)‏ أي الحكم المذكور ببطلان البيع بلا تفصيل ‏(‏قوله أي بالدين‏)‏ أي ما يصح أن يثبت دينا في الذمة‏.‏ قال ابن كمال‏:‏ إنما قال بالدين دون الثمن؛ لأن الدين أعم منه، والمعتبر المقابلة به دون الثمن ‏(‏قوله بطل في الكل‏)‏؛ لأن المبيع هو الأصل وليس محلا للتمليك فبطل فيه فكذا في الثمن، بخلاف ما إذا كان الثمن عينا فإنه مبيع من وجه مقصود بالتملك ولكن فسدت التسمية فوجبت قيمته دون الخمر المسمى ‏(‏قوله بطل في الخمر‏)‏ أي وفي أخويه كما يستفاد من المتن والزيلعي سائحاني‏.‏ قال في البحر‏:‏ والحاصل أن بيع الخمر باطل مطلقا، وإنما الكلام فيما قابله فإن دينا كان باطلا أيضا، وإن عرضا كان فاسدا ثم قال، وقيدنا بالمسلم؛ لأن أهل الذمة لا يمنعون من بيعها لاعتقادهم الحل والتمول وقد أمرنا بتركهم وما يدينون، وكذا في البدائع ا هـ‏.‏ ملخصا‏.‏ وظاهره الحكم بصحة بيعها فيما بينهم ولو بيعت بالثمن، ويشهد له فروع ذكرها بعده ‏(‏قوله بقيمته‏)‏ لم يذكر ابن كمال القيمة وإن كانت مرادة ط‏.‏

‏(‏قوله ضم إلى حر‏)‏ ولو مبعضا كمعتق البعض كما مر في باب عتق البعض ‏(‏قوله لتكون كالحر‏)‏ أي فلا تكون مالا أصلا، أما لو ماتت بخنق أو نحوه فهي مال غير متقوم كما مر آنفا فينبغي أن يصح البيع فيما ضم إليها كبيع قن ضم إلى مدبر تأمل ‏(‏قوله خلافا لهما‏)‏ فعندهما إذا فصل ثمن كل جاز في القن والذكية بحصتها من الثمن؛ لأن الصفقة تصير متعددة معنى فلا يسري الفساد من إحداهما إلى الأخرى ‏(‏قوله وظاهر النهاية يفيد أنه فاسد‏)‏ أي ما ضم إلى الحر والميتة وهو القن والذكية، وعزاه القهستاني للمحيط والمبسوط وغيرهما‏.‏ والظاهر أن المراد بالفاسد الباطل، فيوافق ما في الهداية وغيرهما من التصريح بالبطلان تأمل ‏(‏قوله بخلاف‏)‏ ‏(‏بيع قن ضم إلى مدبر‏)‏ كمكاتب وأم ولد كما في الفتح أي فيصح في القن بحصته؛ لأن المدبر محل للبيع عند البعض فيدخل في العقد ثم يخرج فيكون البيع بالحصة في البقاء دون الابتداء، وفائدة ذلك تصحيح كلام العاقل من رعاية حق المدبر ابن كمال‏.‏ قلت‏:‏ ومعنى البيع بالحصة بقاء أنه لما خرج المدبر صار القن مبيعا بحصته مع الثمن، بأن يقسم الثمن على قيمته وقيمة المدبر فما أصاب القن فهو ثمنه وهذا بخلاف ضم القن إلى الحر فإن فيه البيع بالحصة ابتداء؛ لأن الحر لم يدخل في العقد لعدم ماليته‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

تقدم أن بيع المدبر ونحوه باطل لعدم دخوله في العقد، وههنا إنما دخل لتصحيح العقد فيما ضم إليه قال في الهداية هناك‏:‏ فصار كمال المشتري لا يدخل في حكم عقده بانفراده وإنما يثبت حكم الدخول فيما ضم إليه ا هـ‏.‏ أي إذا ضم البائع إليه مال نفسه وباعهما له صفقة واحدة يجوز البيع في المضموم بالحصة من الثمن المسمى على الأصح وإن قيل إنه لا يصح أصلا في شيء فتح‏.‏

مطلب فيما إذا اشترى أحد الشريكين جميع الدار المشتركة من شريكه

قلت‏:‏ علم من هذا ما يقع كثيرا، وهو أن أحد الشريكين في دار ونحوها يشتري من شريكه جميع الدار بثمن معلوم فإنه يصح على الأصح بحصة شريكه من الثمن وهي حادثة الفتوى فلتحفظ وأصرح من ذلك ما سيأتي في المرابحة في مسألة شراء رب المال من المضارب مع أن الكل ماله‏.‏ ‏(‏قوله أو قن غيره‏)‏ معطوف على مدبر ‏(‏قوله فإنه‏)‏ أي ‏(‏المسجد العامر‏)‏ قوله ‏(‏بخلاف الغامر بالمعجمة الخراب‏)‏ بجر الخراب على أنه بدل من الغامر، وكان الأولى أن يقول وغيره أي من سائر الأوقاف‏.‏

مطلب في بطلان بيع الوقف وصحة بيع الملك المضموم إليه

وحاصله أن المسجد قبل خرابه كالحر ليس بمال من كل وجه، بخلاف بعد خرابه لجواز بيعه إذا خرب في أحد القولين فصار مجتهدا فيه كالمدبر فيصح بيع ما ضم إليه ومثله سائر الأوقاف، ولو عامرة فإنه يجوز بيعها عند الحنابلة ليشتري بثمنها ما هو خير منها كما في المعراج ‏(‏قوله فكمدبر‏)‏ أي فهو باطل أيضا قال في الشرنبلالية صرح - رحمه الله تعالى - ببطلان بيع الوقف، وأحسن بذلك إذ جعله في قسم البيع الباطل، إذ لا خلاف في بطلان بيع الوقف؛ لأنه لا يقبل التمليك والتملك، وغلط من جعله فاسدا، وأفتى به من علماء القرن العاشر ورد كلامه بجملة رسائل‏.‏ ولنا فيه رسالة هي حساب الحكام متضمنة لبيان فساد قوله وبطلان فتواه ا هـ‏.‏ والغالط المذكور هو قاضي القضاة نور الدين الطرابلسي والعلامة أحمد بن يونس الشلبي كما ذكره الشرنبلالي في رسالته المذكورة ‏(‏قوله ولو محكوما به إلخ‏)‏ قال في النهر‏:‏ تكميل، قد علمت أن الأصح في الجمع بين الوقف والملك أنه يصح في الملك، وقيده بعض موالي الروم هو مولانا أبو السعود جامع أشتات العلوم تغمده الله تعالى برضوانه بما إذا لم يحكم بلزومه فأفتى بفساد البيع في هذه الصورة، ووافقه بعض علماء العصر من المصريين ومنهم شيخنا الأخ إلا أنه قال في شرحه هنا‏:‏ يرد عليه ما صرح به قاضي خان من أن الوقف بعد القضاء تسمع دعوى الملك فيه وليس هو كالحر، بدليل أنه لو ضم إلى ملك لا يفسد البيع في الملك وهكذا في الظهيرية، وهذا لا يمكن تأويله فوجب الرجوع إلى الحق وهو إطلاق الوقف؛ لأنه بعد القضاء وإن صار لازما بالإجماع، لكنه يقبل البيع بعد لزومه إما بشرط الاستبدال على المفتى به من قول أبي يوسف أو بورود غصب عليه ولا يمكن إنزاعه ونحو ذلك، والله الموفق للصواب، وإليه المرجع والمآب ا هـ‏.‏ والحاصل أن ههنا مسألتين‏:‏ الأولى أن بيع الوقف باطل ولو غير مسجد خلافا لمن أفتى بفساده، لكن المسجد العامر كالحر، وغيره كالمدبر‏.‏ المسألة الثانية أنه إذا كان كالمدبر يكون بيع ما ضم إليه صحيحا، ولو كان الوقف محكوما بلزومه خلافا لما أفتى به المفتي أبو السعود ‏(‏قوله فيصح‏)‏ تفريع على قول المصنف فيصح إلخ على وجه الترتيب ‏(‏قوله؛ لأنها‏)‏ أي المدبر وقن الغير والوقف‏.‏

‏(‏قوله لم يصح‏)‏ لما مر من أن المسجد العامر كالحر فيبطل بيع ما ضم إليه، لكن نقل في البحر عن المحيط أن الأصح الصحة في الملك؛ لأن ما فيها من المساجد والمقابر مستثنى عادة ا هـ‏.‏ أي فلم يوجد ضم الملك إلى المسجد بل البيع واقع على الملك وحده‏.‏

‏(‏قوله لا يعقل‏)‏ قيد به؛ لأن الصبي العاقل إذا باع أو اشترى انعقد بيعه وشراؤه موقوفا على إجازة وليه إن كان لنفسه، ونافذا بلا عهدة عليه إن كان لغيره بطريق الولاية ط عن المنح، وهذا إذا باع الصبي العاقل ماله واشترى بدون غبن فاحش وإلا لم يتوقف؛ لأنه حينئذ لا يصح من وليه عليه كما يأتي فلا يصح منه بالأولى ‏(‏قوله شيئا‏)‏ قدره للإشارة إلى أن الإضافة في بيع صبي من إضافة المصدر إلى فاعله ط‏.‏

‏(‏قوله جاز‏)‏ أي بيعه ط ‏(‏قوله كسرقين وبعر‏)‏ في القاموس‏:‏ السرجين والسرقين بكسرهما معربا سركين بالفتح وفسره في المصباح بالزبل، قال ط‏:‏ والمراد أنه يجوز بيعهما ولو خالصين ا هـ‏.‏ وفي البحر عن السراج ويجوز بيع السرقين والبعر والانتفاع به والوقود به ‏(‏قوله واكتفى في البحر‏)‏ حيث قال كما نقله عنه في المنح‏:‏ ولم ينعقد بيع النحل ودود القز إلا تبعا، ولا بيع العذرة خالصة بخلاف بيع السرقين والمخلوطة بتراب‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله وشعر الإنسان‏)‏ ولا يجوز الانتفاع به لحديث‏:‏ «لعن الله الواصلة والمستوصلة» وإنما يرخص فيما يتخذ من الوبر فيزيد في قرون النساء وذوائبهن هداية‏.‏

‏[‏فرع‏]‏

لو أخذ شعر النبي صلى الله عليه وسلم ممن عنده وأعطاه هدية عظيمة لا على وجه البيع فلا بأس به سائحاني عن الفتاوى الهندية‏.‏

مطلب الآدمي مكرم شرعا ولو كافرا

‏(‏قوله ذكره المصنف‏)‏ حيث قال‏:‏ والآدمي مكرم شرعا وإن كان كافرا فإيراد العقد عليه وابتذاله به وإلحاقه بالجمادات إذلال له‏.‏ ا هـ‏.‏ أي وهو غير جائز وبعضه في حكمه وصرح في فتح القدير ببطلانه ط‏.‏ قلت وفيه أنه يجوز استرقاق الحربي وبيعه وشراؤه وإن أسلم بعد الاسترقاق، إلا أن يجاب بأن المراد تكريم صورته وخلقته، ولذا لم يجز كسر عظام ميت كافر وليس ذلك محل الاسترقاق والبيع والشراء، بل محله النفس الحيوانية فلذا لا يملك بيع لبن أمته في ظاهر الرواية كما سيأتي فليتأمل‏.‏

‏(‏قوله وبيع ما ليس في ملكه‏)‏ فيه أنه يشمل بيع ملك الغير لوكالة أو بدونها مع أن الأول صحيح نافذ والثاني صحيح موقوف‏.‏ وقد يجاب بأن المراد بيع ما سيملكه قبل ملكه له ثم رأيته كذلك في الفتح في أول فصل بيع الفضولي، وذكر أن سبب النهي في الحديث ذلك ‏(‏قوله لبطلان بيع المعدوم‏)‏ إذ من شرط المعقود عليه‏:‏ أن يكون موجودا مالا متقوما مملوكا في نفسه، وأن يكون ملك البائع فيما ببيعه لنفسه، وأن يكون مقدور التسليم منح ‏(‏قوله وما له خطر العدم‏)‏ كالحمل واللبن في الضرع فإنه على احتمال عدم الوجود، وأما بيع نتاج النتاج فهو من أمثلة المعدوم فافهم‏.‏ ‏(‏قوله لا بطريق السلم‏)‏ فلو بطريق السلم جاز وكذا لو باع ما غصبه ثم أدى ضمانه كما قدمناه أول البيوع‏.‏

‏(‏قوله لانعدام الركن وهو المال‏)‏ أي من أحد الجانبين فلم يكن بيعا، وقيل ينعقد؛ لأن نفيه لم يصح؛ لأنه نفى العقد فصار كأنه سكت عن ذكر الثمن، وفيه ينعقد البيع ويثبت الملك بالقبض كما يأتي قريبا أفاده في الدرر‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ لأنه أمانة‏)‏ وذلك؛ لأن العقد إذا بطل بقي مجرد القبض بإذن المالك وهو لا يوجب الضمان إلا بالتعدي درر ‏(‏قوله وصحح في القنية ضمانه إلخ‏)‏ قال في الدرر وقيل يكون مضمونا؛ لأنه يصير كالمقبوض على سوم الشراء، وهو أن يسمي الثمن فيقول اذهب بهذا فإن رضيت به اشتريته بما ذكر أما إذا لم يسمه فذهب به فهلك عنده لا يضمن، نص عليه الفقيه أبو الليث، قيل وعليه الفتوى كذا في العناية ا هـ‏.‏ قال في العزمية‏:‏ الذي يظهر من شروح الهداية عود الضميرين في عليه، وعليه إلى أن حكم المقبوض على سوم الشراء ذلك تعويلا على كلام الفقيه، إلا أن القول الثاني في مسألتنا مرجح على القول الأول ا هـ‏.‏ لكن في النهر واختار السرخسي وغيره أن يكون مضمونا بالمثل أو بالقيمة؛ لأنه لا يكون أدنى حالا من المقبوض على سوم الشراء، وهو قول الأئمة الثلاثة‏.‏ وفي القنية أنه الصحيح لكونه قبضه لنفسه فشابه الغصب، وقيل الأول قول أبي حنيفة، والثاني قولهما، وتمامه فيه‏.‏ ‏(‏قوله بغبن فاحش‏)‏ المشهور في تفسيره أنه ما لا يدخل تحت تقويم المقومين ‏(‏قوله ورجح‏)‏ رجحه في البحر حيث قال‏:‏ ينبغي أن يجري القولان في بيع الوقف المشروط استبداله أو الخراب الذي جاز استبداله إذا بيع بغبن فاحش، وينبغي ترجيح الثاني فيهما؛ لأنه إذا ملك بالقبض وجبت قيمته فلا ضرر على اليتيم والوقف ا هـ‏.‏ قلت وينبغي ترجيح الأول حيث لزم الضرر بأن كان المشتري مفلسا أو مماطلا تأمل‏.‏

مطلب بيع المضطر وشراؤه فاسد

‏(‏قوله بيع المضطر وشراؤه فاسد‏)‏ هو أن يضطر الرجل إلى طعام أو شراب أو لباس أو غيرها ولا يبيعها البائع إلا بأكثر من ثمنها بكثير، وكذلك في الشراء منه كذا في المنح‏.‏ ا هـ‏.‏ ح، وفيه لف ونشر غير مرتب؛ لأن قوله وكذا في الشراء منه‏:‏ أي من المضطر مثال لبيع المضطر أي بأن اضطر إلى بيع شيء من ماله ولم يرض المشتري إلا بشرائه بدون ثمن المثل بغبن فاحش‏.‏ ومثاله ما لو ألزمه القاضي ببيع ماله لإيفاء دينه أو ألزم الذمي ببيع مصحف أو عبد مسلم ونحو ذلك لكن سيذكر المصنف في الإكراه لو صادره السلطان ولم يعين بيع ماله فباع صح‏.‏ قال الشارح هناك‏:‏ والحيلة أن يقول من أين أعطي فإذا قال الظالم‏:‏ بع كذا فقد صار مكرها فيه‏.‏ ا هـ‏.‏ فأفاد أنه بمجرد المصادرة لا يكون مكرها بل يصح بيعه إلا إذا أمره بالبيع مع أنه بدون أمر مضطر إلى البيع حيث لا يمكنه غيره وقد يجاب بأن هذا ليس فيه أنه باع بغبن فاحش عن ثمن المثل نعم العبارة مطلقة فيمكن تقييدها بأنه إنما يصح لو باع بثمن المثل أو غبن يسير توفيقا بين العبارتين فتأمل‏.‏

مطلب في البيع الفاسد

‏(‏قوله وفسد إلخ‏)‏ شروع في البيع الفاسد بعد الفراغ من الباطل وحكمه ‏(‏قوله ما سكت فيه عن الثمن‏)‏؛ لأن مطلق البيع يقتضي المعاوضة فإذا سكت كان غرضه القيمة فكأنه باع بقيمته فيفسد ولا يبطل درر‏:‏ أي بخلاف ما إذا صرح بنفي الثمن كما قدمه قريبا‏.‏

‏(‏قوله وعكسه‏)‏ أي بيع الخمر بالعرض، بأن أدخل الباء على العرض فينعقد في العرض أي لأنه أمكن اعتبار الخمر ثمنا وهي مال في الجملة، بخلاف بيع العرض بدم أو ميتة ‏(‏قوله كما مر‏)‏ أي في قوله وإن بيعت بعين كعرض بطل في الخمر وفسد في العرض فيملكه بالقبض بقيمته، وهذا في حق المسلم كما قدمناه‏.‏

‏(‏قوله ملك المشتري للعرض‏)‏ قيد به؛ لأن المشتري لأم الولد وأخويها لا يملكهم بالقبض لبطلان بيعهم بقاء كما مر ‏(‏قوله لما مر أنهم مال في الجملة‏)‏ أي فيدخلون في العقد ولذا لا يبطل العقد فما ضم إلى واحد منهم وبيع معهم، ولو كانوا كالحر لبطل كما في الدرر‏.‏

‏(‏قوله وفسد بيع سمك لم يصد لو بالعرض إلخ‏)‏ ظاهره أن الفاسد بيع السمك، وأنه يملك بالقبض‏.‏ وفيه أن بيع ما ليس في ملكه باطل كما تقدم؛ لأنه بيع المعدوم، والمعدوم ليس بمال فينبغي أن يكون بيعه باطلا، وأن يكون الفاسد هو بيع العرض؛ لأنه مبيع من وجه وإن دخلت عليه الباء، ويكون السمك ثمنا فيصير كأنه باع العرض وسكت عن الثمن أو باعه بأم الولد، بل يمكن أن يقال‏:‏ إن بيع العرض أيضا باطل؛ لأن السمك ليس بمال فيكون كبيع العرض بميتة أو دم، لكن جعله كأم الولد أظهر؛ لأنه مال في الجملة، فإنه لو صاده بعده ملكه، نعم هذا يظهر لو باع سمكة بعينها قبل صيدها، أما لو كانت غير معينة ثم صاد سمكة لم تكن عين ما جعلت ثمن العرض حتى يقال إنها ملكت بالصيد‏.‏ والحاصل أنه لو باع سمكة مطلقة بعرض ينبغي أن يكون البيع باطلا من الجانبين كبيع ميتة بعرض أو عكسه ولو كانت السمكة معينة بطل فيها؛ لأنها غير مملوكة وفسد في العرض؛ لأن السمكة مال في الجملة، ومثلها ما لو كان البيع على لحم سمك؛ لأنه مثلي، ولو باعها بدراهم بطل البيع لتعين كونها مبيعة، وهي غير مملوكة، هذا ما ظهر لي في تقرير هذا المحل، ولم أر من تعرض لشيء منه ‏(‏قوله صدر الشريعة‏)‏ حيث قال‏:‏ ففي السمك الذي لم يصد ينبغي أن يكون البيع باطلا إذا كان بالدراهم والدنانير، ويكون فاسدا إذا كان بالعرض؛ لأنه مال غير متقوم؛ لأن التقوم الإحراز والإحراز منتف ‏(‏قوله وله خيار الرؤية‏)‏ ولا يعتد برؤيته وهو في الماء؛ لأنه يتفاوت في الماء وخارجه شرنبلالية ‏(‏قوله إلا إذا دخل بنفسه إلخ‏)‏ استثناء منقطع من قوله وإن أخذ بدونها صح، يعني أنه لو صيد فألقي في مكان يؤخذ منه بدون حيلة كان صحيحا، وأما إذا دخل بنفسه ولم يسد مدخله يكون باطلا لعدم الملك بقرينة قوله فلو سده ملكه فافهم، ‏(‏قوله فلو سده ملكه‏)‏ أي فيصح بيعه إن أمكن أخذه بلا حيلة وإلا فلا لعدم القدرة على التسليم‏.‏ والحاصل كما في الفتح أنه دخل السمك في حظيرة‏:‏ فإما أن يعدها لذلك أو لا ففي الأول يملكه، وليس لأحد أخذه ثم إن أمكن أخذه بلا حيلة جاز بيعه؛ لأنه مملوك مقدور التسليم وإلا لم يجز لعدم القدرة على التسليم‏.‏ وفي الثاني لا يملكه فلا يجوز بيعه لعدم الملك إلا أن يسد الحظيرة إذا دخل فحينئذ يملكه، ثم إن أمكن أخذه بلا حيلة جاز بيعه وإلا فلا، وإن لم يعدها لذلك لكنه أخذه وأرسله فيها ملكه، فإن أمكن أخذه بلا حيلة جاز بيعه؛ لأنه مقدور التسليم، أو بحيلة لم يجز؛ لأنه وإن كان مملوكا فليس مقدور التسليم ا هـ‏.‏

مطلب في حكم إيجار البرك للاصطياد

‏(‏قوله ولم تجز إجارة بركة إلخ‏)‏ قال في النهر‏:‏ اعلم أن في مصر بركا صغيرة كبركة الفهادة تجتمع فيها الأسماك هل تجوز إجارتها لصيد السمك منها‏؟‏ نقل في البحر عن الإيضاح عدم جوازها‏.‏ ونقل أولا عن أبي يوسف في كتاب الخراج عن أبي الزناد قال‏:‏ كتبت إلى عمر بن الخطاب في بحيرة يجتمع فيها السمك بأرض العراق أنؤجرها‏؟‏ فكتب إلي أن افعلوا، وما في الإيضاح بالقواعد الفقهية أليق ا هـ‏.‏ ونقل في البحر أيضا عن أبي يوسف عن أبي حنيفة عن حماد عن عبد الحميد بن عبد الرحمن أنه كتب إلى عمر بن عبد العزيز يسأله عن بيع صيد الآجام، فكتب إليه عمر إنه لا بأس به وسماه الحبس ا هـ‏.‏ ثم قال في البحر‏:‏ فعلى هذا لا يجوز بيع السمك في الآجام إلا إذا كان في أرض بيت المال، ويلحق به أرض الوقف‏.‏ وقال الخير الرملي‏:‏ أقول‏:‏ الذي علم مما تقدم عدم جواز البيع مطلقا سواء كان في بحر أو نهر أو أجمة، وهو بإطلاقه أعم من أن يكون في أرض بيت المال أو أرض الوقف، وما تقدم عن كتاب الخراج غير بعيد أيضا عن القواعد، ومرجعه إلى إجارة موضع مخصوص لمنفعة معلومة هي الاصطياد، وما حدث أبو حنيفة عن حماد مشكل فإنه بيع السمك قبل الصيد‏.‏ ويجاب بأنه في آجام هيئت لذلك وكان السمك فيها مقدور التسليم، فتأمل‏.‏ واعتن بهذا التحرير فإن المسألة كثيرة الوقوع ويكثر السؤال عنها ا هـ‏.‏ لكن قوله‏:‏ غير بعيد إلخ فيه نظر؛ لأن الإجارة واقعة على استهلاك العين، وسيأتي التصريح بأنه لا يصح إجارة المراعي، وهذا كذلك، ولذا جزم المقدسي بعدم الصحة‏.‏ واعترض البحر بما قلنا، والله أعلم‏.‏

‏(‏قوله وبيع طير‏)‏ جمع طائر، وقد يقع على الواحد والجمع طيور وأطيار بحر عن القاموس ‏(‏قوله لا يرجع بعد إرساله من يده‏)‏ أشار إلى أنه مملوك له ولكن علة الفساد كونه غير مقدور التسليم، فلو سلمه بعد البيع لا يعود إلى الجواز عند مشايخ بلخ‏.‏ وعلى قول الكرخي يعود، وكذا عن الطحاوي، وأطلقه فشمل ما إذا كان الطير مبيعا أو ثمنا بحر ‏(‏قوله أما قبل صيده فباطل أصلا‏)‏ ينبغي أن يجري فيه الكلام الذي ذكرناه في السمك ‏(‏قوله صح‏)‏ ذكره في الهداية والخانية، وكذا في الذخيرة عن المنتقى بحر‏.‏ قال في الفتح؛ لأن المعلوم عادة كالواقع، وتجويز كونها لا تعود أو عروض عدم عودها لا يمنع جواز البيع كتجويز هلاك المبيع قبل القبض، ثم إذا عرض الهلاك انفسخ، كذا هنا إذا فرض وقوع عدم المعتاد من عودها قبل القبض انفسخ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله وقيل لا‏)‏ في البحر والشرنبلالية أنه ظاهر الرواية ‏(‏قوله ورجحه في النهر‏)‏ حيث ذكر ما مر عن الفتح ثم قال‏:‏ وأقول فيه نظر؛ لأن من شروط صحة البيع‏:‏ القدرة على التسليم عقبه ولذا لم يجز بيع الآبق ا هـ‏.‏ قال ح‏:‏ أقول‏:‏ فرق ما بين الحمام والآبق، فإن العادة لم تقض بعوده غالبا، بخلاف الحمام، وما ادعاه من اشتراط القدرة على التسليم عقبه، إن أراد به القدرة حقيقة فهو ممنوع، وإلا لاشترط حضور المبيع مجلس العقد وأحد لا يقول به، وإن أراد به القدرة حكما كما ذكره بعد هذا، فما نحن فيه كذلك لحكم العادة بعوده ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وهو وجيه فهو نظير العبد المرسل في حاجة المولى فإنه يجوز بيعه، وعللوه بأنه مقدور التسليم وقت العقد حكما إذ الظاهر عوده، ولو أبق بعد البيع قبل القبض خير المشتري في فسخ العقد كما في البحر وهنا كذلك، لكن لينظر متى يحكم بفسخ العقد لعدم عود ذلك الطائر فإنه ما دام محتمل الحياة يحتمل عوده‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

في الذخيرة‏:‏ باع برج حمام، فإن ليلا جاز، ولو نهارا فلا؛ لأن بعضه يكون خارج البيت فلا يمكن أخذه إلا بالاحتيال ا هـ‏.‏ والظاهر أنه مبني على ظاهر الرواية تأمل‏.‏ وفيه ألغز بعضهم فقال‏:‏ يا إماما في فقه نعمان أضحى حائز السبق مفردا لا يجارى أي بيت يجوز بيعك إيا هـ‏.‏ بليل ولا يجوز نهارا‏.‏

‏(‏قوله وبيع الحمل‏)‏ بسكون الميم ‏(‏قوله وجزم في البحر ببطلانه‏)‏ «لنهيه صلى الله عليه وسلم عن المضامين والملاقيح وحبل الحبلة»، ولما فيه من الغرر وتقدم أن بيع الثلاثة باطل، واعترض في اليعقوبية التعليل بالغرر، وهو الشك في وجوده بأنه ينبغي عليه أن لا يجوز بيع الشيء الملفوف الموصوف لأنه يحتمل أن لا يوجد شيء أو وصفه المذكور مع تصريحهم بجوازه‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ فيه أنه لا غرر فيه؛ لأنه يسهل الاطلاع عليه، بخلاف الحمل فتدبر‏.‏ وفي البحر عن السراج‏:‏ فلو باع الحمل وولدت قبل الافتراق وسلم لا يجوز ‏(‏قوله لفساده بالشرط‏)‏؛ لأن ما لا يصح إفراده بالعقد لا يصح استثناؤه منه، والحمل لا يجوز إفراده بالبيع فكذا استثناؤه؛ لأنه بمنزلة الأطراف فصار شرطا فاسدا، وفيه منفعة للبائع فيفسد البيع‏.‏

مطلب استثناء الحمل في العقود على ثلاث مراتب

ثم استثناء الحمل في العقود على ثلاث مراتب‏:‏ في وجه‏:‏ يفسد العقد والاستثناء كالبيع والإجارة والرهن؛ لأنها تبطلها الشروط الفاسدة، وفي وجه‏:‏ العقد جائز والاستثناء باطل كالهبة والصدقة والنكاح والخلع والصلح عن دم العمد، وفي وجه‏:‏ يجوزان وهو الوصية، كما لو أوصى بجارية إلا حملها، وكذا لو أوصى بحملها لآخر صح؛ لأن الوصية أخت الميراث، والميراث يجري في الحمل فكذا الوصية، بخلاف الخدمة زيلعي ملخصا أي لو أوصى له بأمة إلا خدمتها لا يصح الاستثناء؛ لأن الميراث لا يجري فيها والغلة كالخدمة بحر ‏(‏قوله بخلاف هبة ووصية‏)‏ أي حيث يصح العقد فيهما، لكن الاستثناء باطل في الهبة جائز في الوصية كما علمت فافهم ‏(‏قوله وجزم البرجندي ببطلانه‏)‏ قال صدر الشريعة‏:‏ ذكروا في فساده علتين‏:‏ إحداهما أنه لا يعلم أنه لبن أو دم أو ريح، وهذه تقتضي بطلان البيع؛ لأنه مشكوك الوجود فلا يكون مالا، والأخرى أن اللبن يوجد شيئا فشيئا فيختلط ملك المشتري بملك البائع‏.‏ ا هـ‏.‏ أي وهذه تقتضي الفساد ط‏.‏ قلت‏:‏ مقتضى الفساد لا ينافي مقتضى البطلان بل بالعكس؛ لأن ما يقتضي البطلان يدل على عدم المشروعية أصلا فلذا جزم ببطلانه فتأمل‏.‏

‏(‏قوله للغرر‏)‏؛ لأنه لا يعلم وجوده، وينبغي أن يكون باطلا للعلة المذكورة، فهو مثل اللبن رملي‏.‏ قلت‏:‏ ويؤيده ما في التجنيس‏:‏ رجل اشترى لؤلؤة في صدف قال أبو يوسف البيع جائز، وله الخيار إذا رآه وقال محمد البيع باطل وعليه الفتوى‏.‏ ا هـ‏.‏ قال الزيلعي بخلاف ما إذا باع تراب الذهب والحبوب في غلافها حيث يجوز لكونها معلومة ويمكن تجربتها بالبعض أيضا‏.‏ ا هـ‏.‏ قال في النهر وينبغي أن يكون من ذلك الجوز الهندي ‏(‏قوله وصوف على ظهر غنم‏)‏ للنهي عنه؛ ولأنه قبل الجز ليس بمال متقوم في نفسه؛ لأنه بمنزلة وصف الحيوان لقيامه به كسائر أطرافه و؛ لأنه يزيد من أسفل فيختلط المبيع بغيره كما قلنا في اللبن زيلعي ‏(‏قوله وجوزه الثاني‏)‏ هو رواية عنه كما في الهداية ‏(‏قوله لم ينقلب صحيحا‏)‏ مقتضاه أنه وقع باطلا وإلا لصح بزوال المفسد كما سيتضح في بيع الآبق وهو أيضا مقتضى التعليل بأنه ليس بمال متقوم فكان على المصنف ذكره في الباطل ‏(‏قوله وكذا كل ما اتصاله خلقي‏)‏ بخلاف اتصال الجذع والثوب فإنه بصنع العباد ابن ملك ‏(‏قوله لما مر أنه معدوم عرفا‏)‏ أي مر في فصل ما يدخل في البيع تبعا عند قوله كبيع بر في سنبله، وبيناه هناك بأنه يقال هذا تمر وقطن، ولا يقال هذا نوى في تمره ولا حب في قطنه، ويقال هذه حنطة في سنبلها وهذا لوز وفستق في قشره، ولا يقال هذه قشور فيهما لوز ‏(‏قوله وإنما صححوا إلخ‏)‏ جواب عما استدل به أبو يوسف من جواز بيع الصوف على ظهر الغنم كما في الكراث وقوائم الخلاف - بالكسر وتخفيف اللام - نوع من الصفصاف أي مع أنها تزيد، والجواب كما في الزيلعي أنه أجيز في الكراث والقوائم للتعامل، إذ لا نص فيه فلا يلحق به المنصوص عليه ا هـ‏.‏ وأيضا فالقوائم تزيد من أعلاها أي فلا يحصل اختلاط المبيع بغيره، بخلاف الصوف ويعرف ذلك بالخضاب كما أفاده الزيلعي‏.‏ وفي البحر من فصل فيما يدخل في البيع تبعا عن الظهيرية‏:‏ اشترى رطبة من البقول أو قثاء أو شيئا ينمو ساعة فساعة لا يجوز كبيع الصوف، وبيع قوائم الخلاف يجوز وإن كان ينمو؛ لأن نموها من الأعلى، بخلاف الرطبات إلا الكراث للتعامل وما لا تعامل فيه لا يجوز ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وقوله للتعامل علة لقوله إلا الكراث فقط، وإلا فكون قوائم الخلاف تنمو من الأعلى، بخلاف الرطبات يفيد الجواز بلا حاجة إلى التعليل بالتعامل‏.‏ وذكر في البحر هنا عن الفضلي تصحيح عدم الجواز في قوائم الخلاف؛ لأنه وإن كان ينمو من أعلاه فموضع القطع مجهول، كمن اشترى شجرة للقطع لا يجوز لجهالة موضع القطع لكن في الفتح أن منهم من منع إذ لا بد للقطع من حفر الأرض، ومنهم من أجاز للتعامل‏.‏ وفي الصغرى القياس في بيع القوائم المنع، لكن جاز للتعامل، وبيع الكراث يجوز وإن كان ينمو من أسفله للتعامل أيضا، وبه يحصل الجواب عما استدل به الفضلي على المنع في القوائم لمن تأمل نهر ‏(‏قوله وشجر الصفصاف‏)‏ أي قوائم شجره أي أغصانه ‏(‏قوله وفي القنية باع أوراق توت‏)‏ أي مع أغصانها‏.‏ قال في القنية‏:‏ اشترى أوراق التوت، ولم يبين موضع القطع لكنه معلوم عرفا صح، ولو ترك الأغصان له أن يقطعها في السنة الثانية، ولو باع أوراق توت لم يقطع قبل بسنة يجوز، وبسنتين لا يجوز؛ لأنه بسنة يعلم موضع قطعها عرفا‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله وجذع‏)‏ هو القطعة من النخل أو غيره توضع عليها الأخشاب نهر؛ لأنه لا يمكن تسليمه إلا بضرر، ولو لم يكن معينا لا يجوز أيضا لما ذكرنا وللجهالة أيضا هداية، فقوله معين ليس للاحتراز عن الفساد بل لما ذكره بعده ‏(‏قوله أما غير المعين إلخ‏)‏ الأولى ذكره بعد قوله فلو قطع وسلم ط‏.‏ ‏(‏قوله فلا ينقلب صحيحا‏)‏ قال في النهر‏:‏ وذكر الزاهدي عن شرح الطحاوي أنه في غير المعين لا ينقلب بالتسليم صحيحا، وجزم به في إيضاح الإصلاح، وهو ضعيف؛ لأنه في غير المعين معلل بلزوم الضرر والجهالة فإذا تحمل البائع الضرر وسلمه زال المفسد وارتفعت الجهالة أيضا، ومن ثم جزم في الفتح؛ لأنه يعود صحيحا ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ والذي نقله العلامة نوح عن الزاهدي عن شرح مختصر الطحاوي عكس ما نقله عنه في النهر فليراجع، نعم عبارة ابن كمال في إيضاح الإصلاح أن غير المعين لا يعود صحيحا، وعزاه إلى الزاهدي في شرح القدوري ‏(‏قوله يضره التبعيض‏)‏ كالثوب المهيأ للبس زيلعي، وأشار المصنف إلى عدم جواز بيع حلية من سيف أو نصف زرع لم يدرك؛ لأنه لا يمكن تسليمه إلا بقطع جميعه، وكذا بيع فص خاتم مركب فيه، وكذا نصيبه من ثوب مشترك من غير شريكه وذراع من خشبة للضرر في تسليم ذلك، ولا اعتبار بما التزمه من الضرر؛ لأنه إنما التزم العقد ولا ضرر فيه بحر وفتح‏.‏ وفي بيع نصف الزرع ونحوه كلام طويل قدمناه أول كتاب الشركة ‏(‏قوله جاز‏)‏ كما يجوز بيع قفيز من صبرة بحر ‏(‏قوله لانتفاء المانع‏)‏ علة للمسألتين‏.‏

‏(‏قوله وضربة القانص‏)‏ من قنص قنصا على حد ضرب صاد كما في الصحاح بأن يقول بعتك ما يخرج من إلقاء هذه الشبكة مرة بكذا نهر ‏(‏قوله والغائص‏)‏ بأن يقول‏:‏ أغوص غوصة فما أخرجته من اللآلئ فهو لك بكذا كما في تهذيب الأزهري، ومقتضاه المباينة بين القانص بالقاف والغائص بالغين، وفسر الزيلعي ضربة القانص بالقاف بما يخرج من الصيد بضربة الشبكة أو بغوص الصائد في الماء‏.‏ قال النهر‏:‏ وهذا يوهم شمول القانص بالقاف للغائص، والواقع ما قد علمته‏.‏ وجعل في السراج القانص صياد البر والغائص صياد البحر‏.‏ والحق أن الصائد بالآلة وهو القانص بالقاف أعم من كونه في البحر أو البر بخلاف الغائص‏.‏ ا هـ‏.‏ وحاصله أن القانص بالقاف من يصطاد الصيد برا أو بحرا، وأما الغائص بالغين فهو من يغوص لاستخراج اللآلئ مثلا ‏(‏قوله كما مر‏)‏ أي في قول المصنف وبيع ما ليس في ملكه‏.‏

‏(‏قوله والمزابنة‏)‏ من الزبن‏:‏ وهو الدفع؛ لأنها تؤدي إلى النزاع والمدافعة كما في البحر عن الفائق ‏(‏قوله مثل كيله تقديرا‏)‏ أي بأن يقدر الرطب الذي على النخل بمقدار مائة صاع مثلا بطريق الظن والحزر فيبيعه بقدره من التمر ‏(‏قوله ومثله العنب‏)‏ أي على الكرم ‏(‏قوله ولشبهة الربا‏)‏؛ لأنه بيع مكيل بمكيل من جنسه مع احتمال عدم المساواة بينهما بالكيل ‏(‏قوله فلو لم يكن أي‏)‏ ما بيع بالتمر المقطوع‏.‏ قال في البحر‏:‏ ثم اعلم أن تعريف المزابنة بأنها بيع الثمر بالتمر‏:‏ أي بالمثلثة في الأول والمثناة في الثاني خلاف التحقيق، والأولى أن يقال بيع الرطب بتمر إلخ؛ لأن الثمر بالمثلثة حمل الشجر رطبا أو غيره، وإذا لم يكن رطبا جاز لاختلاف الجنس، ولو كان الرطب على الأرض كالتمر لم يجز بيعه متساويا عند العلماء إلا أبا حنيفة لما سيأتي في باب الربا‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله فنهى عنها كلها‏)‏ في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الملامسة والمنابذة» زاد مسلم أما الملامسة‏:‏ فأن يلمس كل منهما ثوب صاحبه بغير تأمل ليلزم اللامس البيع من غير خيار له عند الرؤية، وهذا بأن يكون مثلا في ظلمة أو يكون الثوب مطويا مرئيا يتفقان على أنه إذا لمسه فقد باعه منه، وفساده لتعليق التمليك على أنه متى لمسه وجب البيع وسقط خيار المجلس‏:‏ والمنابذة‏:‏ أن ينبذ كل واحد منهما ثوبه إلى الآخر ولا ينظر كل واحد منهما إلى ثوب صاحبه على جعل النبذ بيعا، وهذه كانت بيوعا يتعارفونها في الجاهلية؛ وكذا إلقاء الحجر أن يلقي حصاة وثمة أثواب فأي ثوب وقع عليه كان المبيع بلا تأمل ورؤية، ولا خيار بعد ذلك، ولا بد أن يسبق تراوضهما على الثمن، ولا فرق بين كون المبيع معينا أو غير معين‏.‏ ومعنى النهي ما في كل من الجهالة وتعليق التمليك بالخطر فإنه في معنى إذا وقع حجري على ثوب فقد بعته منك أو بعتنيه بكذا أو إذا نبذته أو لمسته كذا في الفتح‏.‏ وذكر في الدرر أن النهي عن إلقاء الحجر ألحق بالأولين دلالة ‏(‏قوله لوجود القمار‏)‏ أي بسبب تعليق التمليك بأحد هذه الأفعال‏.‏ ا هـ‏.‏ ح ‏(‏قوله إن سبق ذكر الثمن‏)‏ عبارة البحر‏:‏ ولا بد في هذه البيوع أن يسبق الكلام منهما على الثمن‏.‏ ا هـ‏.‏ أي لتكون علة الفساد ما ذكر وإلا كان الفساد لعدم ذكر الثمن إن سكتا عنه، لما مر أن البيع مع نفي الثمن باطل ومع السكوت عنه فاسد‏.‏

‏(‏قوله وثوب من ثوبين‏)‏ قيد بالقيمي، إذ بيع المبهم في المثلي جائز كقفيز من صبرة ‏(‏قوله ضمن نصف قيمة كل‏)‏؛ لأن أحدهما مضمون بالقيمة؛ لأنه مقبوض بحكم البيع الفاسد والآخر أمانة، وليس أحدهما بأولى من الآخر فشاعت الأمانة والضمان بحر ‏(‏قوله إذ الفاسد معتبر بالصحيح‏)‏ أي ملحق به فإنه لو كان البيع صحيحا بأن يقبض ثوبين على أنه بالخيار في أحدهما صح، فإذا هلكا ضمن نصف ثمن كل واحد، والقيمة في الفاسد كالثمن في البيع الصحيح كما في البحر ‏(‏قوله لتعذر رده‏)‏ أي رد ما هلك أولا فتعين مضمونا بحر ‏(‏قوله والقول للضامن‏)‏ أي في تعيين الهالك، وذلك بأن اختلف الثوبان أو العبدان وادعى الضامن أن الهالك هو الأقل قيمة وعكس الآخر، ولو برهنا فبرهان البائع أولى فيما يظهر كما قدمنا التصريح به في خيار التعيين ‏(‏قوله وهذا‏)‏ أي الفساد فيما إذا باع ثوبين مثلا ‏(‏قوله إذا لم يشترط خيار التعيين‏)‏ أي فيما دون الأربعة، وقول البحر فيما دون الثلاثة فيه قصور ‏(‏قوله فلو شرط أخذ أيهما شاء‏)‏ بنصب أخذ مصدرا على أنه مفعول به لشرط، بأن قال بعتك واحدا منهما على أنك بالخيار تأخذ أيهما شئت فإنه يجوز استحسانا، وتقدم ذكر المسألة بفروعها في خيار الشرط فتح ‏(‏قوله لما مر‏)‏ أي في باب خيار الشرط والتعيين‏.‏

‏(‏قوله والمراعي‏)‏ في المصباح‏:‏ الرعي بالكسر والمرعى بمعنى واحد، وهو ما ترعاه الدواب والجمع المراعي بحر ‏(‏قوله أي الكلأ‏)‏ فسرها بالكلإ دفعا لوهم أن يراد مكان الرعي فإنه جائز فتح‏:‏ أي إذا كان مملوكا كما لا يخفى والكلأ كجبل‏:‏ العشب رطبه ويابسه قاموس‏:‏ قال في البحر‏:‏ ويدخل فيه جميع أنواع ما ترعاه المواشي رطبا كان أو يابسا، بخلاف الأشجار؛ لأن الكلأ ما لا ساق له والشجر له ساق فلا تدخل فيه، حتى يجوز بيعها إذا نبتت في أرضه لكونها ملكه والكمأة كالكلإ‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله أما بطلانها‏)‏ هذا مخالف لسوق كلام المصنف؛ لأن كلامه في ذكر الفاسد، فمراده أن بيعها فاسد، وبه صرح في شرحه، نعم قال بعد ذلك‏:‏ وصرح منلا خسرو بفساد هذا البيع، وصرح في شرح الوقاية ببطلانه وعلله بعدم الإحراز‏.‏ ا هـ‏.‏ فكان المناسب شرح كلامه على وفق مرامه مع بيان القول الآخر، وكأن الشارح لما رأى القول بالفساد معللا بعدم الملك حمله على أن المراد به البطلان؛ لأن بيع ما لا يملك باطل كما علم مما مر لكنه لا يوافق غرض المصنف كما علمت ‏(‏قوله فلعدم الملك‏)‏ لاشتراك الناس فيه اشتراك إباحة لا ملك، ولأنه لا يحصل للمشتري فيه فائدة؛ لأنه لا يتملكه بدون بيع فتح ‏(‏قوله لحديث‏:‏ الناس شركاء في ثلاث‏)‏ أخرجه الطبراني بلفظ ‏"‏ المسلمون شركاء في ثلاث ‏"‏ إلخ، وكذا أخرجه ابن ماجه وفي آخره ‏"‏ ثمنه حرام ‏"‏ أي ثمن كل واحد منها، وأخرجه أبو داود وأحمد وابن أبي شيبة وابن عدي‏.‏ قال الحافظ ابن حجر‏:‏ ورجاله ثقات نوح أفندي، ومعنى الشركة في النار الاصطلاء بها وتجفيف الثياب لا أخذ الجمر إلا بإذن صاحبه، وفي الماء سقي الدواب والاستقاء من الآبار والحياض والأنهار المملوكة، وفي الكلإ الاحتشاش، ولو في أرض مملوكة غير أن لصاحب الأرض المنع من دخوله، ولغيره أن يقول إن لي في أرضك حقا فإما أن توصلني إليه أو تحشه أو تستقي وتدفعه لي، وصار كثوب رجل وقع في دار رجل إما أن يأذن للمالك في دخوله ليأخذه، وإما أن يخرجه إليه فتح ملخصا‏.‏ ‏(‏قوله وأما بطلان إجارتها‏)‏ ما ذكره عن ابن الكمال من بطلان إجارتها مخالف لسوق كلام المصنف أيضا‏:‏ وقال في فتح القدير‏:‏ وهل الإجارة فاسدة أو باطلة ذكر في الشرب أنها فاسدة حتى يملك الآجر الأجرة بالقبض وينفذ عتقه فيه‏.‏ ا هـ‏.‏ قال في النهر‏:‏ فيحتاج إلى الفرق بين البيع والإجارة ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله وهذا‏)‏ أي بطلان بيع الكلإ ‏(‏قوله وقيل لا‏)‏ أي لا يملكه، وهو اختيار القدوري؛ لأن الشركة ثابتة، وإنما تنقطع بالحيازة وسوق الماء ليس بحيازة وعلى الجواز أكثر المشايخ، واختاره الشهيد‏.‏ قال في الفتح‏:‏ وعليه فلقائل أن يقول ينبغي أن حافر البئر يملك الماء بتكلفه الحفر والطي لتحصيل الماء كما يملك الكلأ بتكلفه سوق الماء إلى الأرض لينبت فله منع المستقي، وإن لم يكن في أرض مملوكة له ا هـ‏.‏ وأقول‏:‏ يمكن أن يفرق بينهما بأن سقي الكلأ كان سببا في إنباته فنبت، بخلاف الماء فإنه موجود قبل حفره فلا يملكه بالحفر نهر‏.‏مطلب صاحب البئر لا يملك الماء

وقال الرملي‏:‏ إن صاحب البئر لا يملك الماء كما قدمه في البحر في كتاب الطهارة في شرح قوله‏:‏ وانتفاخ حيوان عن الولوالجية فراجعه، وهذا ما دام في البئر، أما إذا أخرجه منها بالاحتيال كما في السواني فلا شك في ملكه له لحيازته له في الكيزان ثم صبه في البرك بعد حيازته‏.‏ تأمل، ثم حرر الفرق بين ما في البئر وما في الجباب والصهاريج الموضوعة في البيوت لجمع ماء الشتاء بأنها أعدت لإحراز الماء فيملك ما فيها، فلو آجر الدار لا يباح للمستأجر ماؤها إلا بإباحة المؤجر ا هـ‏.‏ ملخصا‏.‏

‏(‏قوله قال‏)‏ أي العيني ‏(‏قوله وبيع القصيل والرطبة‏)‏ في المصباح قصلته قصلا من باب ضرب قطعته فهو قصيل ومقصول، منه القصيل‏:‏ وهو الشعير يجز إذا اخضر لعلف الدواب، والرطبة‏.‏ الغضة خاصة قبل أن يجف والجمع رطاب مثل كلبة وكلاب، والرطب وزان قفل‏:‏ المرعى الأخضر من بقول الربيع‏.‏ وبعضهم يقول الرطبة وزان غرفة‏:‏ الخلا، وهو الغض من الكلإ ‏(‏قوله وحيلته‏)‏ أي حيلة جواز بيع الكلإ وكذا إجارته‏.‏ قال في البحر‏:‏ والحيلة في جواز إجارته أن يستأجرها أرضا لإيقاف الدواب فيها أو لمنفعة أخرى بقدر ما يريد صاحبه من الثمن أو الأجرة فيحصل به غرضهما ا هـ‏.‏ وفي الفتح‏:‏ والحيلة أن يستأجر الأرض ليضرب فيها فسطاطه أو ليجعله حظيرة لغنمه ثم يستبيح المرعى فيحصل مقصودهما ‏(‏قوله كمقيل ومراح‏)‏ المقيل‏:‏ مكان القيلولة، وهي النوم نصف النهار‏.‏ والمراح‏:‏ بالضم حيث تأوي الماشية بالليل وبالفتح اسم الموضع‏.‏

مطلب في بيع دودة القرمز

‏(‏قوله أي الإبريسم‏)‏ في المصباح‏:‏ القز معرب‏.‏ قال الليث‏:‏ هو ما يعمل منه الإبريسم، ولهذا قال بعضهم‏:‏ القز والإبريسم مثل الحنطة والدقيق ا هـ‏.‏ وأما الخز فاسم دابة ثم أطلق على الثوب المتخذ من وبرها بحر ‏(‏قوله أي بزره‏)‏ أي البزر الذي يكون منه الدود قهستاني، وهو بالزاي‏.‏ قال في المصباح‏:‏ بذرت الحب بذرا أي بذال معجمة من باب قتل‏:‏ إذا ألقيته في الأرض للزراعة‏.‏ والبذور‏:‏ المبذور‏.‏ قال بعضهم‏:‏ البذر في الحبوب كالحنطة والشعير‏.‏ والبزر‏:‏ أي بالزاي في الرياحين والبقول، وهذا هو المشهور في الاستعمال‏.‏ ونقل عن الخليل كل حب يبذر فهو بذر وبزر ثم قال في اجتماع الباء مع الزاي البزر من البقل ونحوه بالكسر، والفتح لغة، وقولهم لبيض الدود بزر القز مجاز على التشبيه ببزر البقل لصغره ‏(‏قوله وهو بزر الفيلق‏)‏ هو المسمى الآن بالشرانق ‏(‏قوله المحرز‏)‏ قال في البحر‏:‏ وهو معنى ما في الذخيرة إذا كان مجموعا؛ لأنه حيوان منتفع به حقيقة وشرعا فيجوز بيعه وإن كان لا يؤكل كالبغل والحمار ‏(‏قوله وهذا‏)‏ أي ما ذكره المصنف من جواز بيع الثلاث‏.‏ وأما اقتصار صاحب الكنز على جواز الأولين دون النخل فلعل وجهه كما أفاده الخير الرملي أن إحرازه متعسر فترجح عنده قولهما، ولذا قال بعضهم يجوز بيعه ليلا لا نهارا لتفرقه حال النهار في المراعي‏.‏ وأما اعتذار البحر عنه بأنه لعله لم يطلع على أن الفتوى على قول محمد فهو بعيد ‏(‏قوله بيع العلق‏)‏ في المصباح‏:‏ العلق شيء أسود شبيه الدود يكون في الماء يعلق بأفواه الإبل عند الشرب ‏(‏قوله وبه يفتى للحاجة‏)‏ في البحر عن الذخيرة إذا اشترى العلق الذي يقال له بالفارسية ‏"‏ مرعل ‏"‏ يجوز، وبه أخذ الصدر الشهيد لحاجة الناس إليه لتمول الناس له ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ العلق في زماننا يحتاج إليه للتداوي بمصه الدم، وحيث كان متمولا لمجرد ذلك دل على جواز بيع دودة القرمز فإن تمولها الآن أعظم إذ هي من أعز الأموال، ويباع منها في كل سنة قناطير بثمن عظيم، ولعلها هي المرادة بالعلق في عبارة الذخيرة بقرينة التعليل، فتكون مستثناة من بيع الميتة كما قدمناه، ويؤيده أن الاحتياج إليه للتداوي لا يقتضي جواز بيعه كما في لبن المرأة وكالاحتياج إلى الخرز بشعر الخنزير فإنه لا يسوغ بيعه كما يأتي، فعلم أن المراد به علق خاص متمول عند الناس وذلك متحقق في دود القرمز، وهو أولى من دود القز وبيضه فإنه ينتفع به في الحال ودود القز في المآل، والله سبحانه أعلم‏.‏

‏(‏قوله من الهوام‏)‏ جمع هامة مثل دابة ودواب‏:‏ وهي ما له سم يقتل كالحية قاله الأزهري‏.‏ وقد يطلق على ما يؤذي ولا يقتل كالحشرات مصباح، والمراد هنا ما يشمل المؤذي وغيره مما لا ينتفع به بقرينة ما بعده ‏(‏قوله فلا يجوز‏)‏ وبيعها باطل ذكره قاضي خان ط ‏(‏قوله كحيات‏)‏ في الحاوي الزاهدي‏:‏ يجوز بيع الحيات إذا كان ينتفع بها للأدوية، وما جاز الانتفاع بجلده أو عظمه أي من حيوانات البحر أو غيرها‏.‏ قال في الحاوي‏:‏ ولا يجوز بيع الهوام كالحية والفأر والوزغة والضب والسلحفاة والقنفذ وكل ما لا ينتفع به ولا بجلده وبيع غير السمك من دواب البحر، إن كان له ثمن كالسقنقور وجلود الخز و نحوها يجوز، وإلا فلا كالضفدع والسرطان، وذكر قبله ويبطل بيع الأسد والذئب وسائر الهوام والحشرات، ولا يضمن متلفها‏.‏ ويجوز بيع البازي والشاهين والصقر وأمثالها والهرة، ويضمن متلفها، لا بيع الحدأة والرخمة وأمثالهما‏.‏ ويجوز بيع ريشها، ا هـ‏.‏ لكن في الخانية‏:‏ بيع الكلب المعلم عندنا جائز، وكذا السنور، وسباع الوحش والطير جائز معلما أو غير معلم، وبيع الفيل جائز‏.‏ وفي القرد روايتان عن أبي حنيفة ا هـ‏.‏ ونقل السائحاني عن الهندية‏:‏ ويجوز بيع سائر الحيوانات سوى الخنزير وهو المختار ا هـ‏.‏ وعليه مشى في الهداية وغيرها من باب المتفرقات كما سيأتي ‏(‏قوله والحاصل إلخ‏)‏ ويرد عليه شعر الخنزير فإنه يحل الانتفاع به، ولا يجوز بيعه كما يأتي‏.‏ وقد يجاب بأن حل الانتفاع به للضرورة، والكلام عند عدمها ‏(‏قوله واعتمده المصنف‏)‏ حيث قال وهو ظاهر، فليكن المعول عليه ‏(‏قوله وهو بينهما أنصافا‏)‏ الضمير عائد إلى القز الخارج من البيض‏.‏ والظاهر أن اشتراط كونه بينهما أنصافا إذا كان البيض منهما كذلك فلو كان ثلثه من واحد والثلثان من آخر يكون القز بينهما أثلاثا اعتبارا بأصل الملك، كما لو زرعا أرضا ببذر منهما فالخارج على قدر البذر وإن شرطا خلافه ‏(‏قوله بالعلف مناصفة‏)‏ متعلق بدفع‏:‏ أي دفع ذلك ليكون الخارج من البزر والبقرة والدجاج بينهما مناصفة بشرط أن يعلف ذلك من ورق التوت ونحوه ‏(‏قوله فالخارج كله للمالك‏)‏ أي الخارج‏:‏ وهو القز واللبن والسمن والبيض كله للمالك، فإن استهلكه العامل ضمنه ‏(‏قوله وعليه قيمة العلف‏)‏ أي إن كان مملوكا ‏(‏قوله وأجر مثل العامل‏)‏ الظاهر أن له الأجر بالغا ما بلغ لجهالة التسمية، وانظر ما كتبناه في إجارات تنقيح الحامدية ‏(‏قوله ومثله دفع البيض‏)‏ قال في النهر‏:‏ والمتعارف في أرياف مصر دفع البيض ليكون الخارج منه بالنصف مثلا، وهو على وزان دفع القز بالنصف، فالخارج كله لصاحب البيض وللعامل أجر مثله ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ ويتعارف الآن دفع المهر أو العجل أو الجحش ليربيه بنصفه فيبقى على ملك الدافع، وللعامل أجر مثله وقيمة علفه‏:‏ والحيلة فيه أن يبيعه نصف المهر بثمن يسير فيصير مشتركا بينهما‏.‏ ويتعارف أيضا ما سيذكره المصنف في كتاب المساقاة‏.‏ وهو دفع الأرض مدة معلومة ليغرسها وتكون الأرض والشجر بينهما فإنه لا يصح والثمر والغرس لرب الأرض تبعا لأرضه وللآخر قيمة غرسه يوم غرسه وأجر مثل عمله ا هـ‏.‏

‏(‏قوله والآبق‏)‏ أي المطلق وهو الذي أبق من يد مالكه‏:‏ ولم يزعم المشتري أنه عنده فهذا بيعه فاسد أو باطل على الخلاف الذي حكاه المصنف بعد، أما لو أبق من يد غاصبه وباعه المالك منه أو من يد مالكه وباعه ممن يزعم أنه عنده فبيعه صحيح كما يأتي‏.‏ وأما لو باعه ممن يزعم أنه عند غيره، ففي النهر أن بيعه فاسد اتفاقا، وعلله في الفتح بأن تسليمه فعل غيره وهو لا يقدر على فعل غيره فلا يجوز‏.‏ وفي النهر أيضا‏:‏ خرج بالآبق المرسل في حاجة المولى فإنه يجوز بيعه؛ لأنه مقدور التسليم وقت العقد حكما، إذ الظاهر عوده ‏(‏قوله، ولو وهبه لهما صح‏)‏ والفرق أن شرط البيع القدرة على التسليم عقب البيع وهو منتف، وما بقي له من اليد يصلح لقبض الهبة لا لقبض البيع؛ لأنه قبض بإزاء مال مقبوض من مال الابن وهذا قبض ليس بإزائه مال من الولد فكفت تلك اليد له نظرا للصغير؛ لأنه لو عاد عاد إلى ملك الصغير هكذا في الفتح والتبيين بحر‏.‏ وفيه عن الذخيرة تقييد صحة الهبة بما دام العبد في دار الإسلام ‏(‏قوله وما في الأشباه تحريف نهر‏)‏ اعترض من وجهين‏:‏ الأول‏:‏ أن ما في الأشباه موافق لما هنا، وهذا نصه‏:‏ بيع الآبق لا يجوز إلا لمن يزعم أنه عنده ولو لولده الصغير كما في الخانية‏.‏ الثاني‏:‏ أنه في النهر لم يتعرض للأشباه، بل حكم بالتحريف على ما في بعض نسخ الخانية المنقول في البحر وهو جواز بيع الآبق لطفله لا هبته له والمعول عليه النسخ الأخرى‏.‏ قلت‏:‏ الذي رأيته في الأشباه ولولد بدون لو وعليها كتب الحموي‏.‏ واعترضها بما مر عن الفتح والتبيين ولما كان ما في الأشباه معزيا إلى الخانية ورد عليها ما ورد على الخانية فساغ ذكرها بدل الخانية؛ لأنها أكثر تداولا في أيدي الطلبة من الخانية فافهم‏.‏ ثم اعلم أن في عبارة البحر هنا تناقضا فإنه ذكر نسخة الخانية المحرفة وقال‏:‏ إنه عكس ما ذكره الشارحون‏.‏ ثم قال‏:‏ إن الحق ما ذكره قاضي خان، لما في المعراج‏:‏ لو باعه لطفله لا يجوز، ولو وهبه له جاز إلخ‏.‏ والصواب أن يقول‏:‏ والحق خلاف ما ذكره قاضي خان فتنبه ‏(‏قوله إلا ممن يزعم أنه عبده‏)‏ مفاده أن النظر لزعم المشتري أن الآبق عنده؛ لأنه يزعم أن التسليم حاصل فانتفى المانع وهو عدم قدرة البائع على التسليم عقب البيع ‏(‏قوله عنده‏)‏ شامل لما إذا كان في منزله، أو كان يقدر على أخذه ممن هو عنده، فإن كان لا يقدر على الأخذ إلا بخصومة عند الحاكم لم يجز بيعه كما في السراج نهر، وهذا مخالف لما قدمناه عن النهر من أنه لو باعه ممن يزعم أنه عند غيره فهو فاسد اتفاقا‏.‏ وأجاب بحمل ما تقدم على ما إذا لم يقدر على أخذه إلا بخصومة ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ راجعت عبارة السراج فلم أر فيها قوله ممن هو عنده، ومثله في الجوهرة، وحينئذ فقوله أو كان يقدر على أخذه أي في حال إباقه قبل أن يأخذه أحد، أما إذا أخذه أحد فلا يجوز لما علمته من تعليل الفتح السابق وقد صور المسألة في الفتح بما إذا كان ذلك الأخذ له معترفا بأخذه فافهم ‏(‏قوله وهل يصير قابضا إلخ‏)‏ أي لو اشتراه من زعم أنه عنده هل يصير قابضا في الحال، حتى لو رجع فوجده هلك بعد وقت البيع يتم القبض والبيع أم لا ‏(‏قوله إن قبضه‏)‏ أي قبض الآبق حين وجده لنفسه لا ليرده على سيده، وهذا يغني عنه قوله أو قبضه ولم يشهد‏:‏ أي على أنه قبضه لسيده ‏(‏قوله نعم‏)‏ أي يصير قابضا؛ لأن قبضه هذا قبض غصب وهو قبض ضمان كقبض البيع كما في الفتح ‏(‏قوله وإن أشهد لا إلخ‏)‏ أي لا يصير قابضا؛ لأن قبضه هذا قبض أمانة، حتى لو هلك قبل أن يصل إلى سيده لا يضمنه فتح ‏(‏قوله فلا ينوب عن قبض الضمان‏)‏ أي عن قبض البيع فإنه مضمون بالثمن قال في الفتح‏:‏ فإن هلك قبل أن يرجع إليه انفسخ البيع ورجع بالثمن ا هـ‏.‏ وأشار بهذا إلى ما في البحر عن الذخيرة إذا اشترى ما هو أمانة في يده من وديعة أو عارية لا يكون قابضا إلا إذا ذهب إلى العين إلى مكان يتمكن من قبضها فيصير الآن قابضا بالتخلية، فإذا هلك بعده هلك من ماله وليس للبائع حبس العين بالثمن؛ لأنه صار راضيا بقبض المشتري دلالة ا هـ‏.‏ ملخصا ‏(‏قوله وإلا إذا أبق إلخ‏)‏ عطف على قوله إلا ممن يزعم أنه عنده ‏(‏قوله ذخيرة‏)‏ قال فيها‏:‏ والأصل أن الإباق إنما يمنع جواز البيع إذا كان التسليم محتاجا إليه بأن أبق من يد المالك ثم باعه المالك، فأما إذا لم يكن محتاجا إليه كما في مسألتنا يجوز البيع‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله يتم البيع‏)‏ هو رواية أبي حنيفة ومحمد لقيام الملك والمالية في الآبق، ولذا صح عتقه وبه أخذ الكرخي وجماعة من المشايخ حتى أجبر البائع على تسليمه؛ لأن صحة البيع كانت موقوفة على القدرة على التسليم وقد وجدت قبل الفسخ، بخلاف ما إذا رجع بعد أن فسخ القاضي البيع أو تخاصما فلا يعود صحيحا اتفاقا فتح ‏(‏قوله على القول بفساده‏)‏ قال في الفتح‏:‏ والحق أن الاختلاف فيه بناء على الاختلاف في أنه باطل أو فاسد وأنك علمت أن ارتفاع المفسد في الفاسد يرده صحيحا؛ لأن البيع قائم مع الفساد ومع البطلان لم يكن قائما بصفة البطلان بل معدوما، فوجه البطلان عدم قدرة التسليم، ووجه الفساد قيام المالية والملك ‏(‏قوله ورجحه الكمال‏)‏ حيث قال والوجه عندي أن عدم القدرة على التسليم مفسد لا مبطل وأطال في تحقيقه ‏(‏قوله وهو الأظهر من الرواية‏)‏ قال في البحر‏:‏ وأولوا تلك الرواية بأن المراد منها انعقاد البيع بالتعاطي الآن ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وهذا ينافي ما تقدم أول البيوع من أن البيع لا ينعقد بعد بيع باطل أو فاسد إلا بعد متاركة الأول ‏(‏قوله وبه كان يفتي البلخي‏)‏ الذي في الفتح وهو مختار مشايخ بلخ والثلجي بالثاء والجيم ط‏.‏ قلت‏:‏ والأول هو أبو مطيع البلخي من أصحاب أبي حنيفة توفي سنة ‏"‏ 197 ‏"‏ والثاني هو محمد بن شجاع الثلجي من أصحاب الحسن بن زياد توفي وهو ساجد سنة ‏"‏ 236 ‏"‏‏.‏

‏(‏قوله ولو في وعاء‏)‏ أتى بلو إشارة إلى أنه غير قيد، وما في البحر من أن الأولى تقييده بذلك؛ لأن حكم اللبن في الضرع تقدم دفعه في النهر بأن الضرع خاص بذوات الأربع كالثدي للمرأة، فالأولى عدم التقييد ليعم ما قبل الانفصال وما بعده ‏(‏قوله على الأظهر‏)‏ أي ظاهر الرواية‏.‏ وعن أبي يوسف جواز بيع لبن الأمة لجواز إيراد البيع على نفسها فكذا على جزئها قلنا‏:‏ الرق حل نفسها فأما اللبن فلا رق فيه؛ لأنه يختص بمحل تتحقق فيه القوة التي هي ضده وهو الحي، ولا حياة في اللبن فلا يكون محلا للعتق، ولا للرق فكذا البيع‏.‏ وأشار إلى أنه لا يضمن متلفه لكونه ليس بمال، وإلى أنه لا يحل التداوي به في العين الرمداء‏.‏ وفيه قولان‏:‏ قيل بالمنع، وقيل بالجواز إذا علم فيه الشفاء كما في الفتح هنا‏.‏

مطلب في التداوي بلبن البنت للرمد قولان

وقال في موضع آخر‏:‏ إن أهل الطب يثبتون نفعا للبن البنت للعين وهي من أفراد مسألة الانتفاع بالمحرم للتداوي كالخمر، واختار في النهاية والخانية الجواز إذا علم فيه الشفاء ولم يجد دواء غيره بحر، وسيأتي - إن شاء الله تعالى - تمامه في متفرقات البيوع، وكذا في الحظر والإباحة‏.‏

‏(‏قوله لنجاسة عينه‏)‏ أي عين الخنزير أي بجميع أجزائه‏.‏ وأورد في الفتح على هذا التعليل بيع السرقين فإنه جائز للانتفاع به مع أنه نجس العين ا هـ‏.‏ قال في النهر‏:‏ بل الصحيح عن الإمام أن الانتفاع بالعذرة الخالصة جائز كما سيأتي - إن شاء الله تعالى - في الكراهية‏.‏ ا هـ‏.‏ أي مع أنه لا يجوز بيعها خالصة كما مر ‏(‏قوله فيبطل بيعه‏)‏ نقله في الشرنبلالية أيضا عن البرهان، وفيه تورك على المصنف حيث عده في الفاسد، لكن قد يقال‏:‏ إنه مال في الجملة حتى قال محمد بطهارته لضرورة الخرز به للنعال والأخفاف تأمل‏.‏ ‏(‏قوله لضرورة الخرز‏)‏ فإن في مبدإ شعره صلابة قدر أصبع وبعده لين يصلح لوصل الخيط به قهستاني ط ‏(‏قوله وكره البيع‏)‏؛ لأنه لا حاجة إليه للبائع زيلعي، وظاهره أن البيع صحيح‏.‏ وفيه أن جواز إقدام المشتري على الشراء للضرورة لا يفيد صحة البيع، كما لو اضطر إلى دفع مرشوة لإحياء حقه جاز له الدفع وحرم على القابض، وكذا لو اضطر إلى شراء ماله من غاصب متغلب لا يفيد ذلك صحة البيع حتى لا يملك البائع الثمن فتأمل‏.‏ ‏(‏قوله فلا يطيب ثمنه‏)‏ مقتضى ما بحثناه أنه لا يملكه ‏(‏قوله على الصحيح‏)‏ أي عند أبي يوسف؛ لأن حكم الضرورة لا يتعداها وهي في الخرز فتكون بالنسبة إليه فقط كذلك، وما ذكر في بعض المواضع من جواز صلاة الخرازين مع شعر الخنزير وإن كان أكثر من قدر الدرهم ينبغي أن يخرج على القول بطهارته في حقهم‏.‏ أما على قول أبي يوسف فلا وهو الوجه فإن الضرورة لم تدعهم إلى أن يعلق بهم بحيث لا يقدرون على الامتناع منه ويجتمع في ثيابهم هذا المقدار فتح‏.‏ ‏(‏قوله خلافا لمحمد‏)‏ راجع إلى قوله ويفسد الماء أي فإنه لا يفسد عنده‏.‏ قال الزيلعي؛ لأن إطلاق الانتفاع به دليل طهارته ا هـ‏.‏ وهذا يفيد عدم تقييد حل الانتفاع به بالضرورة ويفيد جواز بيعه؛ ولذا قال في النهر‏:‏ وينبغي أن يطيب للبائع الثمن على قول محمد ‏(‏قوله قيل هذا‏)‏ أي الخلاف المذكور في نجاسته وطهارته وأشار بقيل إلى ضعفه إذ المنتوف يفسد الماء ولو من غير الخنزير لاتصال اللحم النجس بمحل النتف منه، ولو قيل إن الخلاف في المجزوز، أما المنتوف فغير طاهر لكان له وجه ‏(‏قوله وعن أبي يوسف إلخ‏)‏ مقابل قول المتن وجاز الانتفاع به‏.‏ قال الزيلعي‏:‏ والأول هو الظاهر؛ لأن الضرورة تبيح لحمه فالشعر أولى ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله؛ لأنه نجس‏)‏ فيه أن النجاسة لا تنافي حل الانتفاع عند الضرورة كما علمت، لكن علل الزيلعي للكراهة بأن الخرز يتأتى بغيره، ومثله في الفتح؛ وحيث تأتى بغيره فلا ضرورة فلا يحل الانتفاع بالنجس‏.‏ قال في الفتح‏:‏ إلا أن يقال ذلك فرد تحمل مشقة في خاصة نفسه فلا يجوز أن يلزم العموم حرجا مثله ا هـ‏.‏ وحاصله أن تأتي الخرز بغيره من شخص حمل نفسه مشقة في ذلك لا تزول به ضرورة الاحتياج إليه من عامة الناس ‏(‏قوله ولعل هذا‏)‏ أي حل الانتفاع به لضرورة الخرز ‏(‏قوله أما في زماننا فلا حاجة إليه‏)‏ للاستغناء عنه بالمخارز والإبر‏.‏ قال في البحر‏:‏ ظاهر كلامهم منع الانتفاع به عند عدم الضرورة بأن أمكن الخرز بغيره ط‏.‏

‏(‏قوله وجلد ميتة‏)‏ قيد بها؛ لأنها لو كانت مذبوحة فباع لحمها أو جلدها جاز؛ لأنه يطهر بالذكاة إلا الخنزير خانية ‏(‏قوله لو بالعرض إلخ‏)‏ أي أن بيعه فاسد لو بيع بالعرض‏.‏ وذكر في شرح المجمع قولين في فساد البيع وبطلانه‏.‏ قلت‏:‏ وما ذكره الشارح من التفصيل يصلح توفيقا بين القولين، لكنه يتوقف على ثبوت كونه مالا في الجملة كالخمر والميتة لا بحتف أنفها، مع أن الزيلعي علل عدم جواز بيعه بأن نجاسته من الرطوبة المتصلة به بأصل الخلقة فصار حكم الميتة‏.‏ زاد في الفتح‏:‏ فيكون نجس العين، بخلاف الثوب أو الدهن المتنجس حيث جاز بيعه لعروض نجاسته، وهذا يفيد بطلان بيعه مطلقا، ولذا ذكر في الشرنبلالية عن البرهان أن الأظهر البطلان تأمل‏.‏ ‏(‏قوله اعتمادا على ما سبق‏)‏ أي في قول المصنف تبعا للدرر وبطل بيع مال غير متقوم كخمر وخنزير وميتة لم تمت حتف أنفها بالثمن ‏(‏قوله إلا جلد إنسان إلخ‏)‏ فلا يباع وإن دبغ لكرامته، وفي الباقي لإهانته ولعدم عمل الدباغة فيه كما مر في محله‏.‏ ‏(‏قوله وينتفع به‏)‏ أي بالجلد بعد دبغه ‏(‏قوله ولو جلد مأكول على الصحيح‏)‏ وقال بعضهم‏:‏ يجوز أكله؛ لأنه طاهر كجلد الشاة المذكاة، أما جلد غير المأكول كالحمار لا يجوز أكله إجماعا؛ لأن الدبغ فيه ليس بأقوى من الذكاة وذكاته لا تبيحه فكذا دبغه أفاده المصنف ط ‏(‏قوله ونجيز بيع الدهن المتنجس‏)‏ عبارة المجمع‏:‏ النجس، لكن مراده المتنجس‏:‏ أي ما عرضت له النجاسة، وأشار بالفعل المضارع المسند لضمير الجماعة إلى خلاف الشافعي كما هو اصطلاحه ‏(‏قوله في غير الأكل‏)‏ كالاستصباح والدباغة وغيرهما ابن ملك، وقيدوا الاستصباح بغير المسجد ‏(‏قوله بخلاف الودك‏)‏ أي دهن الميتة؛ لأنه جزؤها فلا يكون مالا ابن ملك‏:‏ أي فلا يجوز بيعه اتفاقا، وكذا الانتفاع به لحديث البخاري‏:‏ «إن الله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام، قيل‏:‏ يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة فإنه يطلى بها السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس‏؟‏ قال‏:‏ لا، هو حرام» الحديث ‏(‏قوله كعصبها وصوفها‏)‏ أدخلت الكاف عظمها وشعرها وريشها ومنقارها وظلفها وحافرها فإن هذه الأشياء طاهرة لا تحلها الحياة فلا يحلها الموت، ويجوز بيع عظم الفيل والانتفاع به في الحمل والركوب والمقاتلة منح ملخصا ط‏.‏

‏(‏قوله وفسد شراء ما باع إلخ‏)‏ أي لو باع شيئا وقبضه المشتري ولم يقبض البائع الثمن فاشتراه بأقل من الثمن الأول لا يجوز زيلعي‏:‏ أي سواء كان الثمن الأول حالا أو مؤجلا هداية، وقيد بقوله وقبضه؛ لأن بيع المنقول قبل قبضه لا يجوز ولو من بائعه كما سيأتي في بابه، والمقصود بيان الفساد بالشراء بالأقل من الثمن الأول قال في البحر وشمل شراء الكل أو البعض ‏(‏قوله بنفسه أو بوكيله‏)‏ تنازع فيه كل من شراء وباع‏.‏ قال في البحر‏:‏ وأطلق فيما باع فشمل ما باعه بنفسه أو وكيله وما باعه أصالة أو وكالة كما شمل الشراء لنفسه أو لغيره إذا كان هو البائع ا هـ‏.‏ فأفاد أنه لو باع شيئا أصالة بنفسه أو وكيله أو وكالة عن غيره ليس له شراؤه بالأقل لا لنفسه ولا لغيره؛ لأن بيع وكيله بإذنه كبيعه بنفسه‏.‏ والوكيل بالبيع أصيل في حق الحقوق، فلا يصح شراؤه لنفسه؛ لأنه شراء البائع من وجه ولا لغيره؛ لأن الشراء واقع له من حيث الحقوق فكان هذا شراء ما باع لنفسه من وجه، كذا يفاد من الزيلعي أيضا ‏(‏قوله من الذي اشتراه‏)‏ متعلق بشراء، وخرج به ما لو باعه المشتري لرجل أو وهبه له أو أوصى له به ثم اشتراه البائع الأول من ذلك الرجل فإنه يجوز؛ لأن اختلاف سبب الملك كاختلاف العين زيلعي، ولو خرج عن ملك المشتري ثم عاد إليه بحكم ملك جديد كإقالة أو شراء أو هبة أو إرث فشراء البائع منه بالأقل جائز لا إن عاد إليه بما هو فسخ بخيار رؤية أو شرط قبل القبض أو بعده بحر عن السراج ‏(‏قوله ولو حكما‏)‏ تعميم لقوله من الذي اشتراه ‏(‏قوله كوارثه‏)‏ أي وارث المشتري‏:‏ أي فلو اشترى من وارث مشتريه بأقل مما اشترى به المورث لم يجز لقيام الوارث مقام المورث بخلاف ما إذا اشترى وارث البائع بأقل مما باع به مورثه فإنه يجوز إن كان ممن تجوز شهادته له، والفرق أن وارث البائع إنما يقوم مقامه فيما يورث‏.‏ وهذا مما لا يورث، ووارث المشتري قام مقامه في ملك العين أفاده في البحر ‏(‏قوله بالأقل من قدر الثمن الأول‏)‏ وكالقدر الوصف، كما لو باع بألف سنة فاشتراه به إلى سنتين بحر ‏(‏قوله قبل نقد كل الثمن الأول‏)‏ قيد به؛ لأن بعده لا فساد، ولا يجوز قبل النقد، وإن بقي درهم‏.‏ وفي القنية‏:‏ لو قبض نصف الثمن ثم اشترى النصف بأقل من نصف الثمن لم يجز بحر قلت‏:‏ وبه يظهر أن إدخال الشارح لفظة كل لا محل له؛ لأنه يفهم أن قبل نقد البعض لا يفسد وهو خلاف الواقع‏.‏ والحاصل أن نقد كل الثمن شرط لصحة الشراء لا لفساده؛ لأنه يفسد قبل نقد الكل أو البعض‏.‏ فتأمل‏.‏ ‏(‏قوله وإن رخص السعر‏)‏؛ لأن تغير السعر غير معتبر في حق الأحكام كما في حق الغاصب وغيره فعاد إليه المبيع كما خرج عن ملكه فيظهر الربح زيلعي ‏(‏قوله للربا‏)‏ علة لقوله لم يجز‏:‏ أي لأن الثمن لم يدخل في ضمان البائع قبل قبضه، فإذا عاد إليه عين ماله بالصفة التي خرج عن ملكه وصار بعض الثمن قصاصا ببعض بقي له عليه فضلا بلا عوض فكان ذلك ربح ما لم يضمن وهو حرام بالنص زيلعي ‏(‏قوله كابنه وأبيه‏)‏ وكعبده ومكاتبه؛ لأن شراء هؤلاء كشراء البائع بنفسه لاتصال منافع المال بينهم، وهو نظير الوكيل في البيع إذا عقد مع هؤلاء زيلعي‏:‏ أي نظير ما لو باع الوكيل من ابنه ونحوه‏.‏ ثم لا يخفى أن المراد شراء هؤلاء بالأقل لأنفسهم، أما لو اشتروا بالوكالة عن البائع لا يجوز، ولو كانوا أجانب عنه كما مر في قول المصنف أو بوكيله ‏(‏قوله في غير عبده ومكاتبه‏)‏ فشراؤهما متفق على جوازه‏.‏ قال الزيلعي؛ لأن كسب العبد لسيده، وله في كسب مكاتبه حق الملك فكان تصرفه كتصرفه ‏(‏قوله جاز مطلقا‏)‏ أي سواء كان الثمن الثاني أقل من الأول أو لا؛ لأن الربح لا يظهر عند اختلاف الجنس‏.‏ ا هـ‏.‏ منح؛ ولأن المبيع لو انتقص يكون النقصان من الثمن في مقابلة ما نقص من العين سواء كان النقصان من الثمن بقدر ما نقص منها أو بأكثر منه بحر عن الفتح ‏(‏قوله كما لو شراه إلخ‏)‏ تشبيه في الجواز مع قطع النظر عن قوله مطلقا ‏(‏قوله بأزيد أو بعد النقد‏)‏ ومثل الأزيد المساوي كما في الزيلعي، وهذا قول المصنف بالأقل قبل نقد الثمن‏.‏