فصل: باب المرابحة والتولية

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***


باب المرابحة والتولية

وجه تقديم الإقالة عليهما‏:‏ أن الإقالة بمنزلة المفرد من المركب؛ لأنها إنما تكون مع البائع، بخلاف التولية والمرابحة فإنهما أعم من كونهما مع البائع وغيره ط‏.‏ وأيضا فالإقالة متعلقة بالمبيع لا بالثمن؛ ولذا كان من شروطها قيام المبيع، والتولية والمرابحة متعلقان أصالة بالثمن، والأصل هو المبيع‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ لما بين الثمن إلخ‏)‏ قال في الغاية‏:‏ لما فرغ من بيان أنواع البيوع اللازمة وغير اللازمة كالبيع بشرط الخيار وكانت هي بالنظر إلى جانب المبيع شرع في بيان أنواعها بالنظر إلى جانب الثمن كالمرابحة، والتولية والربا والصرف، وتقديم الأول على الثاني لأصالة المبيع دون الثمن ا هـ‏.‏ ط عن الشلبي‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ولم يذكر المساومة‏)‏ وهي البيع بأي ثمن كان من غير نظر إلى الثمن الأول وهي المعتادة‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ والوضيعة‏)‏ هي البيع بمثل الثمن الأول، مع نقصان يسير أتقاني‏.‏ وفي البحر‏:‏ هي البيع بأنقص من الأول، وقدمنا أول البيوع عن البحر خامسا وهو الاشتراك أي أن يشرك غيره فيما اشتراه أي بأن يبيعه نصفه مثلا لكنه غير خارج عن الأربعة‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ شرعا بيع ما ملكه بما قام عليه ويفضل‏)‏ عدل عن قول الكنز هو بيع بثمن سابق لما أورد عليه من أنه غير مطرد ولا منعكس أي غير مانع ولا جامع أما الأول فلأن من شرى دنانير بالدراهم لا يجوز له بيعها مرابحة، وكذا من اشترى شيئا بثمن نسيئة لا يجوز له أن يرابح عليه مع صدق التعريف عليهما، وأما الثاني فلأن المغصوب الآبق إذا عاد بعد القضاء بالقيمة على الغاصب جاز بيع الغاصب له مرابحة بأن يقول قام علي بكذا، ولا يصدق التعريف عليه بعدم الثمن‏.‏ وكذا لو رقم في الثوب مقدار ولو أزيد من الثمن الأول ثم رابحه عليه جاز كما سيأتي بيانه عند ذكر الشارح له، وكذا لو ملكه بهبة أو إرث أو وصية وقومه قيمة، ثم رابحه على تلك القيمة، ولا يصدق التعريف عليهما، لكن أجيب عن مسألة الدنانير بأن الثمن المطلق يفيد أن مقابله مبيع متعين؛ ولذا قال الشارح من العروض، ويأتي بيانه وعن مسألة الأجل بأن الثمن مقابل بشيئين‏:‏ أي بالمبيع وبالأجل، فلم يصدق في أحدهما أنه بثمن سابق وقول البحر‏:‏ إنه لا يرد لجوازها إذا بين أنه اشتراه نسيئة رده في النهر بأن الجواز إذا بين لا يختص بذلك، بل هو في كل ما لا تجوز فيه المرابحة كما لو اشترى من أصوله أو فروعه، جاز إذا بين كما سيأتي، وعن مسائل العكس بأن المراد بالثمن ما قام عليه بلا خيانة، وتمامه في النهر فكان الأولى قول المصنف تبعا للدرر بيع ما ملكه إلخ لعدم احتياجه إلى تحرير المراد؛ ولأنه لا يدخل فيه مسألة الأجل؛ لأنه إذا لم يبين الأجل لم يصدق عليه أنه بيع ما ملكه بما قام عليه لما علمت‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ من العروض‏)‏ احتراز عما ذكرنا من أنه لو شرى دنانير بدراهم، لا يجوز له بيعها مرابحة كما في الزيلعي والبحر والنهر والفتح‏.‏ وعلله في الفتح‏:‏ بأن بدلي الصرف لا يتعينان، فلم تكن عين هذه الدنانير متعينة لتلزم مبيعا ا هـ‏.‏ لكن هذا وارد على تعريف المصنف إذ لا دلالة فيه عليه، بخلاف تعريف الكنز وغيره، فإن قوله بالثمن السابق دليل على أن المراد بما ملكه المبيع المتعين؛ لأن كون مقابله ثمنا مطلقا يفيد أن ما ملكه بالضرورة مبيع مطلقا كما في الفتح‏.‏ وقول المصنف بما قام عليه، ليس المراد به الثمن لما مر فلذا زاد الشارح قوله من العروض تتميما للتعريف‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ولو بهبة إلخ‏)‏ تعميم لقوله ما ملكه أشار به إلى دخول هذه المسائل فيه كما علمت‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ فإنه إذا ثمنه إلخ‏)‏ جواب إذا قوله جاز، وعدل عن قول غيره وقومه قيمة ليشمل المثلي‏.‏ وحاصله‏:‏ أن ما وهب له ونحوه مما لم يملكه بعقد معاوضة إذا قدر ثمنه وضم إليه مؤنته مما يأتي يجوز له أن يبيعه مرابحة، وكذا إذا رقم على ثوب رقما كما مر‏.‏ قال في الفتح‏:‏ وصورة المسألة أن يقول‏:‏ قيمته كذا أو رقمه كذا فأرابحك على القيمة أو الرقم ا هـ‏.‏ وظاهره أنه لا يقول قام علي بكذا وبه صرح في البحر في الرقم، والظاهر أن الهبة ونحوها كذلك، وحينئذ لا يدخل ذلك في كلام المصنف تأمل ويأتي تمامه، هذا وقال ح‏:‏ إن قول الشارح فإنه إذا ثمنه أخرج به بعض التعريف عن كونه تعريفا، وفسر الفضل بما يضم فصار مجموع المتن مع الشرح عبارة المبسوط‏:‏ وهي عبارة مستقيمة في ذاتها، لكن بقي تعريف المرابحة بيع ما ملكه فقط وهو تعريف فاسد لكونه غير مانع ا هـ‏.‏ أي لأن قوله بما قام عليه جزء التعريف‏.‏ وكذا قوله ويفضل فإن مراده به فضل الربح لتتحقق المرابحة، وإلا كان العقد تولية، وأما فضل المؤنة فإنه يضم إلى ما قام عليه، لكن لما كانت عبارة المتن في نفسها تعريفا تاما اكتفى بها ولقصد الاختصار أخذ بعضها وجعله بيانا لتصوير مسألة الهبة ونحوها تأمل‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وإن لم تكن من جنسه‏)‏ أي وإن لم تكن المؤنة المضمومة من جنس المبيع ط‏.‏ قلت‏:‏ والأظهر كون المراد من جنس الثمن بقرينة ما بعده تأمل‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ونحوه‏)‏ أي كصباغ وطراز‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ثم باعه مرابحة‏)‏ أي بزيادة ربح على تلك القيمة التي قوم بها الموهوب ونحوه مع ضم المؤنة إليها؛ لأن كلامه في ذلك، بخلاف ما كان اشتراه بثمن فإنه يرابح على ثمنه لا على قيمته فافهم‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ جعله واليا‏)‏ فكأن البائع جعل المشترط واليا فيما اشتراه نهر‏:‏ أي جعل له ولاية عليه وهذا إبداء مناسبة المعنى الشرعي للمعنى اللغوي‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ بيعه بثمنه الأول‏)‏ قد علمت أن المصنف عدل في تعريف المرابحة، عن التعبير بالثمن الأول إلى قوله بما قام عليه لدفع الإيراد السابق فما فر منه أولا وقع فيه ثانيا، فكان المناسب أن يقول والتولية بيعه كذلك بلا فضل‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ولو حكما‏)‏ أدخل به ما مر في قوله ولو بهبة إلخ فإنه يوليه بقيمته لكونه لم يملكه بثمن‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ يعني بقيمته‏)‏ تفسير للثمن الحكمي لا لقوله بثمنه كما لا يخفى ح‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وعبر عنها به‏)‏ أي بالثمن حيث أراد به ما يعم القيمة حتى صار عبارة عنه وعنها فافهم‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ لأنه الغالب‏)‏ أي الغالب فيما يملكه الإنسان أنه يكون بثمن سابق‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ كون العوض‏)‏ أي الكائن في العقد الأول ا هـ‏.‏ ح وهو ملك به المبيع نهر

‏[‏تنبيه‏]‏

استفيد من التعريف أن المعتبر ما وقع عليه العقد الأول دون ما وقع عوضا عنه، فلو اشترى بعشرة دراهم فدفع عنها دينارا أو ثوبا قيمته عشرة أو أقل أو أكثر فرأس المال العشرة لا الدينار والثوب؛ لأن وجوبه بعقد آخر وهو الاستبدال فتح، ولو كان المبيع مثليا فرابح على بعضه كقفيز من قفيزين جاز لعدم التفاوت بخلاف القيمي وتمام تعريفه في شرح المجمع‏.‏ وفي المحيط‏:‏ لو كان ثوبا ونحوه لا يبيع جزءا منه معينا لانقسامه باعتبار القيمة، وإن باع جزءا شائعا وقيل يفسد بحر‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ مثليا‏)‏ كالدراهم والدنانير والمكيل والموزون والعددي المتقارب، أما إذا لم يكن له مثل بأن اشترى ثوبا بعبد مقايضة مثلا فرابحه أو ولاه إياه كان بيعا بقيمة عبد صفته كذا أو بقيمة عبد ابتداء وهي مجهولة فتح ونهر‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ أو قيميا مملوكا للمشتري‏)‏ صورته‏:‏ اشترى زيد من عمرو عبدا بثوب ثم باع العبد من بكر بذلك الثوب مع ربح أو لا، والحال أن بكرا كان قد ملك الثوب من عمرو قبل شراء العبد أو اشترى العبد بالثوب قبل أن يملكه من عمرو فأجازه بعده، فلا شك أن الثوب بعد الإجازة صار مملوكا لبكر المشتري فيتناوله قول المتن أو مملوكا للمشتري ا هـ‏.‏ ح فهذه الصورة مستثناة مما لا مثل له‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وكون الربح شيئا معلوما‏)‏ تقرير لفظ الكون، هو مقتضى نصب المصنف قوله معلوما، ووقع في عبارة المجمع مرفوعا حيث قال‏:‏ ولا يصح ذلك حتى يكون العوض مثليا أو مملوكا للمشتري، والربح مثلي معلوم، ومثله في الغرر وصرح في شرحه الدرر بأن الجملة حالية، وكذا قال في البحر‏:‏ إن قوله أي المجمع والربح مثلي معلوم شرط في القيمي المملوك للمشتري كما لا يخفى ا هـ‏.‏ وتبعه في المنح، فقد ظهر أن هذا ليس شرطا مستقلا، بل هو شرط للشرط الثاني؛ لأن معلومية الربح وإن كانت شرطا في صحة البيع مطلقا، لكنه أمر ظاهر لا يحتاج إلى التنبيه عليه؛ لأن جهالته تفضي إلى جهالة الثمن، وإنما المراد التنبيه على أنه إذا كان الثمن الذي ملك به المبيع في العقد الأول قيميا لا يصح البيع مرابحة إلا إذا كان ذلك القيمي مملوكا للمشتري‏.‏ والحال أن الربح معلوم، ولهذا ذكر في الفتح أولا أنه لا يصح كون الثمن قيميا ثم قال‏:‏ أما لو كان ما اشتراه به وصل إلى من يبيعه منه فرابحه عليه بربح معين كأن يقول‏:‏ أبيعك مرابحة على الثوب الذي بيدك وربح درهم أو كر شعير أو ربح هذا الثوب جاز؛ لأنه يقدر على الوفاء بما التزمه من الثمن ا هـ‏.‏ وأفاد أن الربح المعلوم أعم من كونه مثليا أو قيميا كما نبه عليه الشارح بقوله‏:‏ ولو قيميا إلخ فاغتنم تحرير هذا المحل‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ حتى لو باعه‏)‏ تفريع على مفهوم قوله معلوما في مسألة كون القيمي مملوكا للمشتري، يعني فلو كان الربح مجهولا في هذه الصورة لا يجوز حتى لو باعه إلخ فافهم، واعلم أن لفظ ده بفتح الدال وسكون الهاء اسم للعشرة بالفارسية ويازده بالياء المثناة التحتية وسكون الزاي اسم أحد عشر بالفارسية كما نقله ح عن البناية وبيان هذا التفريع ما في البحر حيث قال‏:‏ وقيد الربح بكونه معلوما للاحتراز عما إذا باعه بربح ده يازده؛ لأنه باعه برأس المال وببعض قيمته؛ لأنه ليس من ذوات الأمثال كذا في الهداية‏.‏ ومعنى قوله‏:‏ ده يازده‏:‏ أي بربح مقدار درهم على عشرة دراهم، فإن كان الثمن الأول عشرين كان الربح بزيادة درهمين، وإن كان ثلاثين كان الربح ثلاثة دراهم، فهذا يقتضي أن يكون الربح من جنس رأس المال؛ لأنه جعل الربح مثل عشر الثمن وعشر الشيء يكون من جنسه، كذا في النهاية ا هـ‏.‏ ما في البحر‏.‏ وحاصله‏:‏ أنه إذا كان الثمن في العقد الأول قيميا كالعبد مثلا وكان مملوكا للمشتري فباع المالك المبيع من المشتري بذلك العبد وبربح ده يازده لا يصح؛ لأنه يصير كأنه باعه المبيع بالعبد وبعشر قيمته فيكون الربح مجهولا لكون القيمة مجهولة؛ لأنها إنما تدرك بالحزر والتخمين، والشرط كون الربح معلوما كما مر، بخلاف ما إذا كان الثمن مثليا والربح ده يازده فإنه يصح‏.‏ قال النهر‏:‏ ولو كان البدل مثليا فباعه به وبعشره أي عشر ذلك المثلي، فإن كان المشتري يعلم جملة ذلك صح، وإلا فإن علم في المجلس خير وإلا فسد ا هـ‏.‏ وبه ظهر أن قول الشارح‏:‏ لم يجز أي فيما إذا كان الثمن قيميا كما قررناه أولا، وقوله‏:‏ إلا أن يعلم إلخ أي فيما إذا كان مثليا؛ لأنه الذي يمكن علمه في المجلس فافهم‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ أجر القصار‏)‏ قيد بالأجرة؛ لأنه لو عمل هذه الأعمال بنفسه لا يضم شيئا منها وكذا لو تطوع متطوع بها أو بإعارة نهر وسيجيء‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ والصبغ‏)‏ هو بالفتح مصدر وبالكسر ما يصبغ به درر والأظهر هنا الفتح لقول الشارح بأي لون كان ط‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ والفتل‏)‏ هو ما يصنع بأطراف الثياب بحرير أو كتان من فتلت الحبل أفتله بحر‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وكسوته‏)‏ بالنصب أي كسوة العبد المبيع قال في الفتح‏:‏ ولا يضم ثمن الجلال ونحوه ويضم الثياب في الرقيق ا هـ‏.‏ تأمل‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وطعام المبيع بلا سرف‏)‏ فلا يضم الزيادة ط عن حاشية الشلبي‏.‏ قال في الفتح‏:‏ ويضم الثياب في الرقيق وطعامهم إلا ما كان سرفا وزيادة، ويضم علف الدواب إلا أن يعود عليه شيء متولد منها كألبانها وصوفها وسمنها، فيسقط قدر ما نال ويضم ما زاد، بخلاف ما إذا أجر الدابة أو العبد أو الدار فأخذ أجرته فإنه يرابح مع ضم ما أنفق عليه؛ لأن الغلة ليست متولدة من العين، وكذا دجاجة أصاب من بيضها يحتسب بما ناله وبما أنفق ويضم الباقي ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وسقي الزرع‏)‏ أي أجرته وكذا يقال فيما بعده ط‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وكسحها‏)‏ في المصباح كسحت البيت كسحا من باب نفع كنسته ثم استعير لتنقية البئر والنهر وغيره فقيل كسحته إذا نقيته وكسحت الشيء قطعته وأذهبته‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وكري المسناة‏)‏ في المصباح كرى النهر كريا من باب رمى حفر فيه حفرة جديدة، والمسناة حائط يبنى في وجه الأرض ويسمى السد ا هـ‏.‏ وفسرها في المغرب بما بني للسيل ليرد الماء وكأن الشارح ضمن الكري معنى الإصلاح تأمل‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ هو الدال على مكان السلعة وصاحبها‏)‏ لا فرق لغة بين السمسار والدلال، وقد فسرهما في القاموس بالمتوسط بين البائع والمشتري، وفرق بينهما الفقهاء، فالسمسار هو ما ذكره المؤلف، والدلال هو المصاحب للسلعة غالبا أفاده سري الدين عن بعض المتأخرين ط وكأنه أراد ببعض المتأخرين صاحب النهر، فإنه قال وفي عرفنا الفرق بينهما هو أن السمسار إلخ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ورجح في البحر الإطلاق‏)‏ حيث قال‏:‏ وأما أجرة السمسار والدلال فقال الشارح الزيلعي‏:‏ إن كانت مشروطة في العقد تضم، وإلا فأكثرهم على عدم الضم في الأول، ولا تضم أجرة الدلال بالإجماع ا هـ‏.‏ وهو تسامح فإن أجرة الأول تضم في ظاهر الرواية والتفصيل المذكور قويلة، وفي الدلال قيل لا تضم والمرجع العرف كذا في فتح القدير ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وضابطه إلخ‏)‏ فإن الصبغ وأخواته يزيد في عين المبيع، والحمل والسوق يزيد في قيمته؛ لأنها تختلف باختلاف المكان فتلحق أجرتها برأس المال درر، لكن أورد أن السمسار لا يزيد في عين المبيع ولا في قيمته، وأجيب بأن له دخلا في الأخذ بالأقل، فيكون في معنى الزيادة في القيمة‏:‏ وقال في الفتح بعد ذكره الضابط المذكور قال في الإيضاح‏:‏ هذا المعنى ظاهر ولكن لا يتمشى في بعض المواضع والمعنى المعتمد عليه عادة التجار حتى يعم المواضع كلها‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وكذا إذا قوم الموروث إلخ‏)‏ قال في الفتح‏:‏ لو ملكه بهبة أو إرث أو وصية وقومه قيمته ثم باعه مرابحة على تلك القيمة يجوز‏.‏ وصورته‏:‏ أن يقول قيمته كذا أو رقمه كذا فأرابحك على القيمة أو رقمه، ومعنى الرقم أن يكتب على الثوب المشترى مقدارا سواء كان قدر الثمن أو أزيد ثم يرابحه عليه، وهو إذا قال رقمه كذا وهو صادق، لم يكن خائنا فإن غبن المشتري فيه فمن قبل جهله ا هـ‏.‏ قال في البحر وقيده في المحيط بما إذا كان عند البائع أن المشتري يعلم أن الرقم غير الثمن، فأما إذا كان المشتري يعلم أن الرقم والثمن سواء فإنه يكون خيانة وله الخيار ا هـ‏.‏ وفي البحر أيضا عن النهاية في مسألة الرقم ولا يقول قام علي بكذا ولا قيمته كذا ولا اشتريته بكذا تحرزا عن الكذب ا هـ‏.‏ وبه يظهر أن ما يفيده كلام الشارح من أنه يقول‏:‏ قام علي بكذا غير مراد بل يظهر لي أنه لا يقول ذلك في مسألة الهبة أيضا؛ لأنه يوهم أنه ملكه بهذه القيمة مع أنه ملكه بلا عوض ففيه شبهة الكذب، ويؤيده قول الفتح وصورته‏:‏ أن يقول قيمته كذا إلخ فقد سوى بينه وبين مسألة الرقم في التصوير، ثم إن قول الفتح وهو صادق ظاهره اشتراط كون الرقم بمقدار القيمة، فيخالف ما مر عن النهاية، وحمله على أن معناه أنه لا يرقمه بعشرة، ثم يبيعه لجاهل بالخط على رقم أحد عشر بعيد والأحسن الجواب بحمله على ما إذا كان المشتري يظن أن الرقم والقيمة سواء كما يشير إليه ما مر عن المحيط فافهم‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وفيه ما فيه‏)‏ فإنه يفيد أنه لا يضم وإن كان متعارفا وهو خلاف ما يدل عليه كلام المبسوط قال في الفتح‏:‏ وكذا أي لا يضم أجر تعليم العبد صناعة أو قرآنا أو علما أو شعرا لأن ثبوت الزيادة لمعنى فيه أي المتعلم وهو حذاقته فلم يكن ما أنفقه على التعليم موجبا للزيادة في المالية ولا يخفى ما فيه إذ لا شك في حصول الزيادة بالتعلم، وأنه مسبب عن التعليم عادة، وكونه بمساعدة القابلية في المتعلم كقابلية الثوب للصبغ، لا يمنع نسبته إلى التعليم فهو علة عادية والقابلية شرط‏.‏ وفي المبسوط‏:‏ ولو كان في ضم المنفق في التعليم عرف ظاهر يلحق برأس المال ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ فقد ظهر أن البحث ليس في العلة فقط بل فيها وفي الحكم فافهم‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ولا نفقة نفسه‏)‏ أي في سفره لكسوته وطعامه ومركبه ودهنه وغسل ثيابه ط عن حاشية الشلبي‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وجعل الآبق‏)‏ لأنه نادر، فلا يلحق بالسائق لأنه لا عرف في النادر فتح ‏(‏قوله وكأنه للعرف‏)‏ أصل هذا لصاحب النهر حيث قال‏:‏ وقد مر أن أجرة المخزن تضم وكأنه للعرف وإلا فالمخزن وبيت الحفظ سواء في عدم الزيادة في العين ا هـ‏.‏ ط ‏(‏قوله‏:‏ هذا هو الأصل‏)‏ أي ولو في نفقة نفسه كما يقتضيه العموم ط‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ كما يفيده كلام الكمال‏)‏ حيث ذكر ما قدمناه عنه ثم قال أيضا بعد أن عد جملة مما لا يضم كل هذا ما لم تجر عادة التجارة ا هـ‏.‏ وقد علمت مما مر عن المبسوط، وأن المعتبر هو العرف الظاهر لإخراج النادر كجعل الآبق؛ لأنه لا عرف في النادر كما قدمناه آنفا‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فإن ظهر خيانته‏)‏ أي البائع في مرابحة بأن ضم إلى الثمن ما لا يجوز ضمه كما في المحيط، أو أخبر بأنه اشتراه بعشرة ورابح على درهم فتبين أنه اشتراه بتسعة نهر‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ أو برهان إلخ‏)‏ وقيل لا تثبت إلا بإقراره؛ لأنه في دعوى الخيانة متناقض والحق سماعها كدعوى العيب فتح‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ أخذه بكل ثمنه إلخ‏)‏ أي ولا حط هنا، بخلاف التولية، وهذا عنده وقال أبو يوسف‏:‏ يحط فيهما وقال محمد‏:‏ يخبر فيهما، والمتون على قول الإمام‏.‏ وفي البحر عن السراج، وبيان الحط في المرابحة على قول أبي يوسف إذا اشتراه بعشرة وباعه بربح خمسة، ثم ظهر أنه اشتراه بثمانية فإنه يحط قدر الخيانة من الأصل وهو الخمس وهو درهمان، وما قابله من الربح وهو درهم فيأخذ الثوب باثني عشر درهما ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وله الحط‏)‏ أي لا غير بحر‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ لتحقيق التولية‏)‏ في نسخة بتاءين، وفي نسخة بتاء واحدة على أنه فعل مضارع، والتولية فاعله أو مصدر مضاف إلى التولية وعلى كل فهو علة لقوله‏:‏ وله الحط قدر الخيانة في التولية ط قال ح‏:‏ يعني لو لم يحط في التولية تخرج عن كونها تولية؛ لأنها تكون بأكثر من الثمن الأول، بخلاف المرابحة فإنه لو لم يحط فيها بقيت مرابحة‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ولو هلك المبيع إلخ‏)‏ لم أر ما لو هلك بعضه، هل يمتنع رد الباقي‏؟‏ مقتضى قوله أو حدث به ما يمنع من الرد أن له الرد كما لو أكل بعض المثلي أو باعه، ثم ظهر له فيه عيب أو اشترى عبدين أو ثوبين فباع أحدهما ثم رأى في الباقي عيبا له رد ما بقي بخلاف الثوب الواحد كما مر في خيار العيب تأمل‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ لزمه جميع الثمن‏)‏ في الروايات الظاهرة؛ لأنه مجرد خيار لا يقابله شيء من الثمن، كخيار الرؤية والشرط، وفيهما يلزمه تمام الثمن قبل الفسخ، فكذا هنا وهو المشهور من قول محمد، بخلاف خيار العيب؛ لأن المستحق فيه جزء فائت يطالب به، فيسقط ما يقابله إذا عجز عن تسليمه، وتمامه في الفتح، وانظر ما سيذكره الشارح عن أبي جعفر‏.‏

مطلب خيار الخيانة في المرابحة لا يورث

‏[‏تنبيه‏]‏

قال في البحر‏:‏ وظاهر كلامهم أن خيار ظهور الخيانة لا يورث، فإذا مات المشتري فاطلع الوارث على خيانة بالطريق السابق فلا خيار له‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وقدمنا‏)‏ أي في أوائل خيار العيب‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ لو وجد المولى‏)‏ بتشديد اللام المفتوحة اسم مفعول من التولية‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ لم يرجع بالنقصان‏)‏ لأنه بالرجوع يصير الثاني أنقص من الأول، وقضية التولية أن يكون مثل الأول بحر‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ شراه ثانيا إلخ‏)‏ صورته‏:‏ اشترى بعشرة وباعه مرابحة بخمسة عشر، ثم اشتراه بعشرة فإنه يبيعه مرابحة بخمسة ويقول قام علي بخمسة‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ بجنس الثمن الأول‏)‏ يأتي محترزه‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ فإن رابح إلخ‏)‏ ظاهر دليل الإمام يقتضي أنه لا فرق بين بيعه مرابحة أو تولية، والمتون كلها مقيدة بالمرابحة، وظاهرها جواز التولية على الثمن الأخير والظاهر الأول كما لا يخفى بحر وبه جزم في النهر‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وإن استغرق الربح ثمنه‏)‏ كما لو اشتراه بعشرة وباعه بعشرين مرابحة، ثم اشتراه بعشرة لا يبيعه مرابحة أصلا وعندهما يرابح على عشرة في الفصلين بحر أي في الاستغراق وعدمه‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ لم يرابح‏)‏ لأن شبهة حصول الربح بالعقد الثاني ثابتة؛ لأنه أي الربح يتأكد به بعدما كان على شرف السقوط بالظهور على عيب، فيرده فيزول الربح عنه والشبهة كالحقيقة في بيع المرابحة احتياطا وقيد بقوله لم يرابح؛ لأن له أن يبيعه مساومة نهر‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ بحر‏)‏ أي عن المحيط، ومعنى كون قول الإمام أوثق أي أحوط لما علمت من أن الشبهة كالحقيقة هنا للتحرز عن الخيانة‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ولو بين ذلك‏)‏ بأن يقول كنت بعته فربحت فيه عشرة، ثم اشتريته بعشرة، وأنا أبيعه بربح كذا على العشرة نهر‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ أو باع بغير الجنس‏)‏ بأن باعه بوصيف أي غلام أو بدابة أو عرض آخر، ثم اشتراه بعشرة كان له أن يبيعه مرابحة على عشرة؛ لأنه عاد إليه بما ليس من جنس الثمن الأول، ولا يمكن طرحه إلا باعتبار القيمة، ولا مدخل لها في المرابحة؛ ولذا قلنا‏:‏ لو اشترى أشياء صفقة واحدة بثمن واحد، ليس له أن يبيع بعضها مرابحة على حصته من الثمن كذا في الفتح وأراد بالأشياء القيميات، وتمامه في النهر وقد مر‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ أو تخلل ثالث‏)‏ بأن اشترى من مشتري مشتريه؛ لأن التأكيد حصل بغيره درر‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

علم من التقييد بالشراء أنه لو وهب له ثوب، فباعه بعشرة، ثم اشتراه بعشرة يرابح على العشرة، ومن التقييد بالبيع بربح أنه لو أجر المبيع ولم يدخله نقص يرابح بلا بيان؛ لأن الأجرة ليست من نفس المبيع، ولا من أجزائه فلم يكن حابسا لشيء منه أي بخلاف ما لو نال من صوفه أو سمنه كما قدمناه وأنه لو حط عنه بائعه كل الثمن يرابح على ما اشترى بخلاف ما لو حط البعض لالتحاقه بالعقد دون حط الكل، لئلا يكون بيعا بلا ثمن، فصار تمليكا مبتدأ كالهبة وسيأتي أن الزيادة تلتحق فيرابح على الأصل والزيادة، وفي المحيط‏:‏ شراه ثم خرج عن ملكه، ثم عاد إن عاد قديم ملكه كرجوع في هبة، أو بخيار شرط، أو رؤية أو عيب، أو إقالة يرابح بما اشترى لانفساخ العقد، كأن لم يكن لا إن عاد بسبب جديد كهبة وإرث وتمامه في البحر‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ أي جاز أن يرابح‏)‏ الأقعد في التعبير‏:‏ أي إذا أراد أن يرابح سيد إلخ وجب عليه أن يرابح على ما اشترى العبد؛ لأن المرابحة على ذلك واجبة لا جائزة ط وكأن الشارح نظر إلى بيان صحتها فعبر بالجواز تبعا للدرر فافهم‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ من مكاتبه‏)‏ أو مدبره نهر‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ فاعتبار هذا القيد‏)‏ أي بالنظر إلى مجرد عبارة المتن قال في النهر‏:‏ ثم كونه مديونا بما يحيط برقبته صرح به محمد في الجامع الصغير عن الإمام، ومن المشايخ من لم يقيد بالمحيط كالصدر الشهيد، وتبعه المصنف وشمس الأئمة في المبسوط، لم يذكر الدين أصلا قال في العناية‏:‏ والحق ذكره؛ لأنه إذا لم يكن عليه دين لم يصح البيع، والتحقيق أن ذكره وعدمه سواء بالنظر إلى المرابحة؛ لأنها إذا لم تجز مع الدين فمع عدمه أولى، وأما بالنظر إلى صحة العقد وعدمه فله فائدة والباب لم يعقد إلا للمرابحة فصنيع شمس الأئمة أقعد ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ على ما شرى المأذون‏)‏ متعلق بقوله رابح وصورته كما في الكنز اشترى المأذون ثوبا بعشرة وباعه من سيده بخمسة عشر يبيعه على عشرة‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ كعكسه‏)‏ وهو ما إذا باع المولى للعبد‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ نفيا للتهمة‏)‏ لأن الحاصل للعبد لم يخل عن حق المولى؛ ولذا كان له أن يستبقي ما في يده، ويقضي دينه، وكذا في كسب المكاتب، ويصير ذلك الحق له حقيقة بعجزه فصار كأنه باع واشترى ملك نفسه من نفسه فاعتبر عدما في حكم المرابحة نفيا للتهمة نهر‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ كأصله وفرعه‏)‏ وأحد الزوجين وأحد المتفاوضين عنده وخالفاه فيما عدا العبد والمكاتب بحر‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ولو بين ذلك‏)‏ أي بين أن أحد هؤلاء اشتراه بعشرة ثم اشتراه هو منه بخمسة عشر‏.‏

مطلب اشترى من شريكه سلعة

‏[‏تنبيه‏]‏

في الفتح‏:‏ اشترى من شريكه سلعة ليست من شركتهما يرابح على ما اشترى ولا يبين، ولو من شركتهما يبيع نصيب شريكه على ضمانه في الشراء الثاني، ونصيب نفسه على ضمانه في الشراء الأول لجواز كونها شريت بألف من شركتهما فاشتراها منه بألف ومائتين، فإنه يرابح على ألف ومائة؛ لأن نصيب شريكه من الثمن ستمائة ونصيب نفسه من الثمن الأول خمسمائة فيبيعها على ذلك ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ بالنصف‏)‏ أي بنصف الربح له، والباقي لرب المال وهو متعلق بقوله‏:‏ مضاربا فكان الأوضح تقديمه على قوله معه عشرة كما قاله ح‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ باع مرابحة رب المال باثني عشر ونصف‏)‏ هذا في خصوص هذا المثال صحيح والتفصيل ما ذكره في مضاربة البحر عن المحيط، ومن أنه على أربعة أقسام‏:‏ الأول‏:‏ أن لا يكون في قيمة المبيع ولا في الثمن فضل على رأس المال، بأن كان رأس المال ألفا فاشترى منها المضارب عبدا بخمسمائة قيمته ألف وباعه من رب المال بألف، فإن رب المال يرابح على ما اشترى به المضارب الثاني‏:‏ أن يكون الفضل في قيمة المبيع دون الثمن فإنه كالأول‏.‏ الثالث‏:‏ أن يكون فيهما، فإنه يرابح على ما اشترى به المضارب، وحصة المضارب الرابع‏:‏ أن يكون الفضل في الثمن فقط وهو كالثالث ا هـ‏.‏ ح ولا يخفى أن مثال الشارح يحتمل كونه من الثالث أو الرابع لصدقه على كون قيمة الثوب عشرة كرأس المال أو أكثر؛ فلذا كان له أن يرابح على ما اشترى به المضارب، وهو عشرة وعلى حصة المضارب من الربح وهو درهمان ونصف دون حصة رب المال؛ لأنها سلمت له، ولم تخرج عن ملكه، ثم اعلم أن المصنف لم يسبق منه تمثيل المسألة بالشراء بالعشرة والبيع بالخمسة عشر، حتى يظهر قوله‏:‏ باثني عشر ونصف وهذا وإن وقع في عبارة الكنز كذلك، لكنه صور المسألة قبله في مسألة المأذون كما قدمناه؛ ولذا أوضح الشارح عبارة المصنف في أثناء تقرير المتن بذكر المثال‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وكذا عكسه‏)‏ وهو ما إذا كان البائع رب المال، وهذا أيضا على أربعة أقسام، قسمان‏:‏ لا يرابح فيهما إلا على ما اشترى به رب المال، وهما إذا كان لا فضل في الثمن، وقيمة المبيع على رأس المال كما لو اشترى المضارب من رب المال بألف المضاربة عبدا قيمته ألف وكان قد اشتراه رب المال بنصف ألف، أولا فضل في قيمة المبيع فقط، بأن اشترى رب المال عبدا بألف قيمته ألف، وباعه من المضارب بألفين، وقسمان يرابح على ما اشترى به رب المال، وحصة المضارب‏:‏ هما إذا كان فيهما فضل بأن اشترى رب المال عبدا بألف قيمته ألفان ثم باعه من المضارب بألفين، بعدما عمل المضارب في ألف المضاربة، وربح فيها ألفا فإنه يرابح على ألف وخمسمائة أو كان في قيمة العبد فقط، بأن كان العبد يساوي ألفا وخمسمائة، فاشتراه رب المال بألف فباعه من المضارب بألف يبيعه المضارب على ألف ومائتين وخمسين كذا في البحر عن المحيط ا هـ‏.‏ ح وبه ظهر أن قول الشارح، وكذا عكسه أراد به القسمين الأخيرين‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ كما سيجيء في بابه‏)‏ وهو باب المضارب يضارب ط‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وتحقيقه في النهر‏)‏ حاصله‏:‏ أنه ذكر في مضاربة الكنز تبعا للهداية أنه لو اشترى المضارب من المالك بألف عبدا اشتراه بنصفه رابح بنصفه ا هـ‏.‏ فاعتبر أقل الثمنين، وقال الزيلعي هناك، ولو بالعكس أي بأن اشترى رب المال بألف من المضارب عبدا مشترى بنصفه رابح بنصفه أيضا، فصورة العكس هناك مفروضة في شراء رب المال من المضارب، وهي مسألة المتون هنا فما ذكره الزيلعي هناك مخالف لما صرح به نفسه هنا، من أنه يضم حصة المضارب، وذكر في السراج أنه يضم حصة المضارب في صورة الأصل وصورة العكس وقد وفق في البحر بين كلامي الزيلعي بتوفيق رده في النهر وقال إن ما في السراج مخالف لصريح الرواية المصرح بها في كتاب المضاربة، وما ذكره الزيلعي من أن رب المال لا يضم حصة المضارب محمول على رواية وذكر ح أن الجواب الحق ما في مضاربة البحر، من أن صورة العكس التي ذكرها الزيلعي هناك هي القسم الأول من كلام المحيط، فلم يكن فيه مخالفة لما ذكره في المرابحة أنه يضم حصة المضارب؛ لأنه القسم الثالث أو الرابع من كلام المحيط ا هـ‏.‏ ما في مضاربة البحر ملخصا‏.‏ قلت‏:‏ ولم يتعرض هناك للجواب عما في السراج، وقد علمت صحته مما كتبنا على قول الشارح وكذا عكسه وقد أوضحنا هذا المقام بأكثر مما هنا فيما علقناه على البحر‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ مريدها‏)‏ أي مريد المرابحة‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ أي من غير بيان‏)‏ لا حاجة إلى هذا البيان لوضوحه ط‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ أما بيان نفس العيب فواجب‏)‏ لأن الغش حرام إلا في مسألتين كما قدمه آخر خيار العيب وقد مر الكلام على ذلك‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ فتعيب عنده‏)‏ أما لو وجد بالمبيع عيبا فرضي به كان له أن يبيعه مرابحة على الثمن الذي اشتراه به؛ لأن الثابت له خيار فإسقاطه لا يمنع من البيع مرابحة، كما لو كان فيه خيار شرط أو رؤية، وكذا لو اشتراه مرابحة فاطلع على خيانة فرضي به كان له أن يبيعه مرابحة على ما أخذه به لما ذكرنا أن الثابت له مجرد خيار بحر عن الفتح‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ بالتعيب‏)‏ مصدر تعيب صار معيبا بلا صنع أحد، ويلحق به ما إذا كان بصنع المبيع، وشمل ما إذا كان نقصان العيب يسيرا أو كثيرا وعن محمد لو نقص قدرا لا يتغابن الناس فيه لا يبيعه مرابحة بلا بيان ودل كلامه أنه لو نقص بتغير السعر بأمر الله تعالى لا يلزمه البيان بالأولى بحر‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ووطئ الثيب‏)‏ بصيغة الفعل الماضي عطفا على قوله‏:‏ اشتراه أو بصيغة المصدر عطفا على أنه اشتراه‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ كقرض فأر وحرق نار‏)‏ الأولى ذكرهما بعد قوله بآفة سماوية ا هـ‏.‏ ح وقرض بالقاف وذكره أبو اليسر بالفاء فتح والذي في القاموس والمصباح الأول‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ المشترى‏)‏ بصيغة المفعول نعت للثوب‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ لا بد من بيانه‏)‏ أي بيان أنه تعيب عنده بالتعيب‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ورجحه الكمال‏)‏ نعم رجحه أولا بقوله واختياره وهذا حسن؛ لأن مبنى المرابحة على عدم الخيانة وعدم ذكره أنها انتقصت إيهاما للمشتري، أن الثمن المذكور كان لها ناقصة والغالب أنه لو علم أن ذلك ثمنها صحيحة لم يأخذها معيبة إلا بحطيطة ا هـ‏.‏ لكنه قال بعده، لكن قولهم هو كما لو تغير السعر بأمر الله تعالى فإنه لا يجب عليه أن يبين أنه اشتراه في حال غلائه، وكذا لو اصفر الثوب لطول مكثه أو توسخ إلزام قوي ا هـ‏.‏ نعم أجاب في النهر بقوله‏:‏ وقد يفرق بأن الإبهام فيما ذكر ضعيف لا يعول عليه، بخلاف ما لو اعورت الجارية فرابحه على ثمنها فإنه قوي جدا فلم يغتفر ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وفيه كلام فقد يكون تفاوت السعرين أفحش من التفاوت بالعيب والكلام حيث لا علم للمشتري بكل ذلك، والأحسن الجواب بأن ذلك مجرد وصف لا يقابله شيء من الثمن بخلاف الفائت بعور الجارية، وقرض الفأر ونحوه، فإنه جزء من المبيع، ولا يرد ما اشتراه بأجل، فإنه لا يرابح بلا بيان كما يأتي لقولهم‏:‏ الأجل يقابله جزء من الثمن عادة، فيكون كالجزء فيلزمه البيان‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وأقره المصنف‏)‏ وكذا شيخه في بحره والمقدسي‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ بالتعييب‏)‏ مصدر عيبه إذا أحدث به عيبا بحر‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ولو بفعل غيره إلخ‏)‏ دخل فيه ما إذا كان بفعله بالأولى، وكذا ما إذا كان بفعل غيره بأمره، واحترز به عما إذا كان بفعل المبيع فإنه ملحق بالآفة السماوية كما مر؛ لأن المرابح لم يكن حابسا شيئا‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وإن لم يأخذ الأرش‏)‏ لتحقق وجوب الضمان فتح‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ووطئ البكر‏)‏ لأن العذرة جزء من العين يقابلها الثمن وقد حبسها فتح‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ كتكسره‏)‏ أي تكسر الثوب‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ لصيرورة الأوصاف مقصودة بالإتلاف‏)‏ أي فتخرج عن التبعة بالقصدية، فوجب اعتبارها، فتتقابل ببعض الثمن فتح وهذا علة لقوله ببيان بالتعييب‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ولذا قال إلخ‏)‏ أي فإنه يفهم منه أن الثيب لو نقصها الوطء يلزمه البيان؛ لأنه صار مقصودا بالإتلاف‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ اشتراه بألف نسيئة‏)‏ أفاد أن الأجل مشروط في العقد، فإن لم يكن، ولكنه كان معتاد التنجيم، قيل لا بد من بيانه؛ لأن المعروف كالمشروط، وقيل لا يلزمه البيان وهو قول الجمهور كما في الزيلعي نهر وينبغي ترجيح الأول؛ لأنها مبنية على الأمانة والاحتراز عن شبهة الخيانة وعلى كل من القولين لو لم يكن مشروطا ولا معروفا، وإنما أجله بعد العقد لا يلزمه بيانه بحر قال في النهر لما مر‏:‏ من أن الأصح أنهما لو ألحقا به شرطا لا يلتحق بأصل العقد، فيكون تأجيلا مستأنفا، وعلى القول بأنه يلتحق ينبغي أن يلزمه البيان ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ خير المشتري‏)‏ أي بين رده وأخذه بألف ومائة حالة؛ لأن للأجل شبها بالمبيع‏.‏ ألا ترى أنه يزاد في الثمن لأجله، والشبهة ملحقة بالحقيقة، فصار كأنه اشترى شيئين بالألف، وباع أحدهما بها على وجه المرابحة، وهذا خيانة فيما إذا كان مبيعا حقيقة، وإذا كان أحد الشيئين يشبه المبيع يكون هذا شبهة الخيانة فتح‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ لزم كل الثمن حالا‏)‏ لأن الأجل في نفسه ليس بمال، فلا يقابله شيء حقيقة إذا لم يشترط زيادة الثمن بمقابلته قصدا، ويزاد في الثمن لأجله إذا ذكر الأجل بمقابلة زيادة الثمن قصدا، فاعتبر مالا في المرابحة احترازا عن شبهة الخيانة، ولم يعتبر مالا في حق الرجوع عملا بالحقيقة بحر‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ في جميع ما مر‏)‏ أي لا كما وقع في الزيلعي والفتح من إرجاعه إلى المسألة التي قبله وهو بحث للبحر حيث قال‏:‏ وينبغي أن يعود قوله‏:‏ وكذا التولية إلى جميع ما ذكره للمرابحة، فلا بد من البيان في التولية أيضا في التعيب ووطء البكر وبدونه في التعيب، ووطء الثيب‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وقال أبو جعفر إلخ‏)‏ عبر عنه في الفتح بقيل حيث قال‏:‏ وقيل تقوم بثمن حال ومؤجل، فيرجع بفضل ما بينهما على البائع قاله الفقيه أبو جعفر الهندواني ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وينبغي على قول أبي جعفر أن يرجع بالأولى فيما إذا ظهرت خيانة في مرابحة؛ لأن الأجل لا يقابله شيء من الثمن حقيقة تأمل‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ بحر ومصنف‏)‏ ومثله في الزيلعي معللا بالتعارف‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وخير إلخ‏)‏ لأن الفساد لم يتقرر فإذا حصل العلم في المجلس جعل كابتداء العقد؛ وصار كتأخير القبول إلى آخر المجلس، ونظيره بيع الشيء برقمه إذا علم في المجلس، وإنما يتخير؛ لأن الرضا لم يتم قبله، لعدم العلم كما في خيار الرؤية، وظاهر كلام المصنف وغيره‏:‏ أن هذا العقد ينعقد فاسدا بعرضية الصحة، وهو الصحيح خلافا للمروي عن محمد أنه صحيح له عرضية الفساد كذا في الفتح، وينبغي أن تظهر الثمرة في حرمة مباشرته فعلى الصحيح يحرم وعلى الضعيف لا بحر‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وإلا بطل‏)‏ أي تقرر فساده ط‏.‏

‏[‏تتمة‏]‏

في الظهيرية‏:‏ اشتراه بأكثر من ثمنه مما لا يتغابن الناس فيه، وهو يعلم لا يرابح بلا بيان، وكذا لو اشترى بالدين من مدينه، وهو لا يشتري بمثل الثمن من غيره فلو يشتري بمثله له أن يرابح، سواء أخذه بلفظ الشراء أو الصلح، وفي ظاهر الرواية يفرق بينهما بأن مبنى الصلح على الحط والتجوز بدون الحق، ومبنى الشراء على الاستقصاء ا هـ‏.‏ ملخصا‏.‏

مطلب في الكلام على الرد بالغبن الفاحش

‏(‏قوله‏:‏ لا رد بغبن فاحش‏)‏ في البحر عن المصباح‏:‏ غبنه في البيع والشراء غبنا من باب ضرب، مثل غبنه فانغبن وغبنه أي نقصه، وغبن بالبناء للمفعول فهو مغبون أي منقوص في الثمن أو غيره والغبينة اسم منه قوله‏:‏ هو ما لا يدخل تحت تقويم المقومين‏)‏ هو الصحيح كما في البحر، وذلك كما لو وقع البيع بعشرة مثلا، ثم إن بعض المقومين يقول إنه يساوي خمسة، وبعضهم ستة وبعضهم سبعة فهذا غبن فاحش؛ لأنه لم يدخل تحت تقويم أحد بخلاف ما إذا قال بعضهم‏:‏ ثمانية وبعضهم تسعة وبعضهم‏:‏ عشرة فهذا غبن يسير‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وبه أفتى بعضهم مطلقا‏)‏ أي سواء كان الغبن بسبب التغرير أو بدونه لكن هذا الإطلاق لم يذكره في القنية، وإنما حكى في القنية الأقوال الثلاثة، فيفهم منه أن هذا غير مقيد بالتغرير أو بدونه، ولكن نقل في الفتح أن الإمام علاء الدين السمرقندي ذكر في تحفة الفقهاء‏:‏ أن أصحابنا يقولون في المغبون‏:‏ إنه لا يرد لكن هذا في مغبون لم يغر أما في مغبون غر يكون له حق الرد استدلالا بمسألة المرابحة ا هـ‏.‏ أي بمسألة ما إذا خان في المرابحة فإن ذلك تغرير يثبت به الرد‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ويفتى بالرد‏)‏ ظاهره الإطلاق‏:‏ أي سواء غره أو لا بقرينة القول الثالث‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ أو غره الدلال‏)‏ قال الرملي‏:‏ مفهومه أنه لو غره رجل أجنبي غير الدلال لا يثبت له الرد، بقي ما لو غر المشتري البائع في العقار فأخذه الشفيع هل للبائع أن يسترد منه ينبغي عدمه؛ لأنه لم يغره وإنما غره المشتري، وتمامه في حاشيته على البحر‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وبه أفتى صدر الإسلام وغيره‏)‏ وهو الصحيح كما يأتي وظاهر كلامهم أن الخلاف حقيقي، ولو قيل إنه لفظي ويحمل القولان المطلقان على القول المفصل، لكان حسنا ويدل عليه حمل صاحب التحفة المتقدم ط‏.‏ قلت‏:‏ ويؤيده أيضا عدم التصريح بالإطلاق في القولين الأولين، وحيث كان ظاهر الرواية محمولا على هذا القول المفصل، يكون هو ظاهر الرواية إذ لم يذكروا أن ظاهر الرواية عدم الرد مطلقا، حتى ينافي التفصيل، فلذا جزم في التحفة بحمله على التفصيل، وحينئذ لم يبق لنا إلا قول واحد، هو المصرح بأنه ظاهر الرواية، وبأنه المذهب وبأنه المفتى به وبأنه الصحيح، فمن أفتى في زماننا بالرد مطلقا فقد أخطأ خطأ فاحشا لما علمت من أن التفصيل هو المصحح المفتى به، ولا سيما بعد التوفيق المذكور، وقد أوضحت ذلك بما لا مزيد عليه في رسالة سميتها ‏[‏تحبير التحرير في إبطال القضاء بالفسخ بالغبن الفاحش بلا تغرير‏]‏‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ فيرد مثل ما أتلفه‏)‏ أي مع رد الباقي كما في القنية، ونصها قال الغزال‏:‏ لا معرفة لي بالغزل، فأتني بغزل أشتريه فأتى رجل بغزل لهذا الغزال ولم يعلم به المشتري، فجعل نفسه دلالا بينهما واشترى ذلك الغزل له بأزيد من ثمن المثل، وصرف المشتري بعضه إلى حاجته، ثم علم بالغبن وبما صنع، فله أن يرد الباقي بحصته من الثمن قال رضي الله عنه‏:‏ والصواب أن يرد الباقي ومثل ما صرف في حاجته، ويسترد جميع الثمن كمن اشترى بيتا مملوءا من بر فإذا فيه دكان عظيم فله الرد وأخذ جميع الثمن قبل إنفاق شيء منه وبعده يرد الباقي ومثل ما أنفق ويسترد الثمن كذا ذكره أبو يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى ا هـ‏.‏ قوله‏:‏ بقي ما لو كان قيميا أي وتصرف ببعضه فهل يرجع بقدر ما غبن فيه أو لا يرجع، أو يرد الباقي، ويضمن قيمة ما تصرف به، ووجه التوقف أن ما ذكره في القنية مفروض في المثلي؛ لأن الغزل مثلي كما هو صريح كلام القنية المذكور آنفا وكذا صرح في الفصل الثالث والثلاثين من جامع الفصولين‏:‏ بأنه مثلي، وفي التتارخانية عن المنتقى‏:‏ ولا يصح بيع غزل قطن لين بغزل قطن خشن إلا مثلا بمثل؛ لأن القطن سواء ا هـ‏.‏ فحيث كان المنقول هنا في المثلي لم يعلم حكم القيمي فافهم‏.‏ ثم اعلم أن ما قدمناه عن المنح عن تحفة الفقهاء من أن المغبون إذ غر له الرد استدلالا بمسألة المرابحة، يفيد أن خيار التغرير في حكم خيار الخيانة في المرابحة، وقد مر في المتن والشرح أنه لو هلك المبيع أو استهلكه في المرابحة قبل رده أو حدث به ما يمتنع من الرد لزمه جميع الثمن المسمى، وسقط خياره وذكرنا هناك أن مقتضى قوله‏:‏ أو حدث به إلخ أنه لو هلك البعض أو استهلكه له رد الباقي إلا في نحو الثوب الواحد إلخ، والظاهر أن هنا كذلك فتأمل‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ قلت وبالأخير إلى قوله وغيره‏)‏ الأولى ذكر هذا عند قوله، وبه أفتى صدر الإسلام وغيره ا هـ‏.‏ ح‏.‏

مطلب الغرور لا يوجب الرجوع إلا في ثلاث مسائل

‏(‏قوله‏:‏ وفي كفالة الأشباه إلخ‏)‏ حيث قال‏:‏ الغرور لا يوجب الرجوع، فلو قال اسلك هذا الطريق فإنه آمن فسلكه فأخذه اللصوص، أو قال‏:‏ كل هذا الطعام فإنه ليس بمسموم، فأكله ومات لم يضمن، وكذا لو أخبره رجل أنها حرة فتزوجها ثم ظهر أنها مملوكة فلا رجوع بقيمة الولد على المخبر إلا في ثلاث مسائل الأولى‏:‏ إذا كان الغرور بالشرط، كما لو زوجه امرأة على أنها حرة ثم استحقت فإنه يرجع على المخبر بما غرمه للمستحق من قيمة الولد الثانية‏:‏ أن يكون في ضمن عقد معاوضة، فيرجع المشتري على البائع بقيمة الولد إذا استحقت بعد الاستيلاد ويرجع بقيمة البناء، لو بنى المشتري، ثم استحقت الدار بعد أن يسلم البناء، وإذا قال الأب لأهل السوق‏:‏ بايعوا ابني فقد أذنت له في التجارة، فظهر أنه ابن غيره رجعوا عليه للغرور، وكذا لو قال بايعوا عبدي فقد أذنت له فبايعوه ولحقه دين ثم ظهر أنه عبد لغيره رجعوا عليه إن كان الأب حرا وإلا فبعد العتق، وكذا لو ظهر حرا أو مدبرا أو مكاتبا ولا بد في الرجوع من إضافته إليه والأمر بمبايعته، كذا في السراج الوهاج‏.‏ الثالثة‏:‏ أن يكون في عقد يرجع نفعه إلى الدافع كوديعة وإجارة، فلو هلكت الوديعة والعين المستأجرة، ثم استحقت وضمن المودع والمستأجر فإنهما يرجعان على الدافع بما ضمناه، وكذا من كان بمعناهما وفي عارية وهبة لا رجوع إذ القبض كان لنفسه وتمامه في الخانية في فصل الغرور من البيوع ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وعبر في الخانية في الثالثة بالقبض بدل العقد، وهو الصواب فتدبر‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ إلا في ثلاث‏)‏ زاد في نور العين مسألة رابعة وهي ما إذا ضمن الغار صفة السلامة، كما إذا قال اسلك هذا الطريق فإنه آمن وإن أخذ مالك فأنا ضامن فإنه يضمن كما سيذكره المصنف آخر الكفالة عن الدرر‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ منها هذه‏)‏ أي مسألة المتن وهي داخلة تحت الثانية الآتية‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وضابطها‏)‏ أي الثلاث المستثناة‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ أن يكون في عقد‏)‏ صوابه في قبض كما قدمناه عن الخانية؛ لأن مسألة العقد تأتي بعد تأمل‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ رجع‏)‏ أي الشخص الذي هو المودع أو المستأجر على الدافع؛ لأنه غره بأنه أودعه أو آجره ملكه‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ لكون القبض لنفسه‏)‏ أي نفس المستعير أو الموهوب له، فكان هو المنتفع بالقبض دون المعير أو الواهب‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ أن يكون في ضمن عقد معاوضة‏)‏ من بيع صحيح أو فاسد، وأخرج به عقد التبرعات كالهبة والصدقة، فإن الغرور لا يثبت الرجوع فيها ط عن البيري، وكذا أخرج الرهن؛ لأنه عقد وثيقة لا معاوضة، كما يأتي وفي البيري عن المبسوط‏:‏ إن الغرور في عقد المعاوضات يثبت الرجوع؛ لأن العقد يستحق صفة السلامة من العيب، ولا عيب فوق الاستحقاق فأما بعقد التبرع فلأن الموهوب له لا يستحق الموهوب بصفة السلامة‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ كبايعوا عبدي إلخ‏)‏ أي فيكون ضامنا للدرك فيما يثبت لهم على العبد في عقد المبايعة لحصول التغرير في هذا العقد كما يأتي تقريره، وبه اندفع ما قيل إن التغرير لم يوجد في ضمن عقد المعاوضة‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ثم ظهر حرا أو ابن الغير‏)‏ لف ونشر مرتب‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ إن كان الأب حرا‏)‏ الأولى ما في بعض نسخ الأشباه إن كان الآذن حرا لشموله للمولى والأب‏:‏ أي الأب صورة لا حقيقة، وهذا القيد لشيء مقدر في قوله رجعوا عليه أي في الحال بقرينة قوله وإلا فبعد العتق‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وهذا‏)‏ أي الرجوع شرطه شيئان أن يضيف العبد أو الابن إلى نفسه، وأمرهم بمبايعته فيضمن الأقل من قيمته ومن الدين كما في البيري عن مختصر المحيط‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ومنه‏)‏ أي من الغرير في ضمن عقد المعاوضة‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ اشترني فأنا عبد ارتهني‏)‏ صوابه‏:‏ بخلاف ارتهني أي لو قال العبد‏:‏ اشترني فأنا عبد فاشتراه فإذا هو حر فإن كان البائع حاضرا أو غائبا غيبة معروفة أي يدري مكانه لا يرجع على العبد بما قبضه البائع للتمكن من الرجوع على القابض، وإن كان لا يدري أين هو رجع المشتري على العبد ورجع العبد على بائعه بما رجع به عليه وإنما يرجع مع أن البائع لم يأمره بالضمان عنه؛ لأنه أدى دينه وهو مضطر في أدائه بخلاف من أدى عن آخر دينا بلا أمره والتقييد بقوله‏:‏ اشترني فأنا عبد؛ لأنه لو قال أنا عبد ولم يأمره بالشراء أو قال‏:‏ اشترني ولم يقل فأنا عبد لا يرجع عليه بشيء، ولو قال‏:‏ ارتهني فأنا عبد الراهن لم يرجع على العبد، ولو الراهن غائبا في ظاهر الرواية عنهم وعن أبي يوسف لا يرجع في البيع والرهن؛ لأن الرجوع بالمعاوضة وهي المبايعة هنا أو بالكفالة، ولم يوجدا هنا بل وجد مجرد الإخبار كاذبا فصار كما لو قال أجنبي لشخص ذلك ولهما أن المشتري شرع في الشراء معتمدا على أمره وإقراره، فكان مغرورا من جهته والتغرير في المعاوضات التي تقتضي سلامة العوض يحصل سببا للضمان دفعا للغرر بقدر الإمكان، فكان بتغريره ضامنا لدرك الثمن له عند تعذر رجوعه على البائع كالمولى إذا قال لأهل السوق بايعوا عبدي فإني أذنت له ثم ظهر استحقاق العبد فإنهم يرجعون على المولى بقيمة العبد‏.‏ ويجعل المولى بذلك ضامنا لدرك ما ذاب عليه دفعا للغرور عن الناس، بخلاف الرهن فإنه ليس عقد معاوضة بل عقد وثيقة لاستيفاء عين حقه حتى جاز الرهن ببدل الصرف والمسلم فيه ولو كان عقد معاوضة كان استبدالا به قبل قبضه وهو حرام وبخلاف الأجنبي فإنه لا يعبأ بقوله، فالرجل هو الذي اغتر ا هـ‏.‏ ملخصا من الفتح في أول باب الاستحقاق‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ كما لو زوجه امرأة على أنها حرة‏)‏ أي بأن كان وليا أو وكيلا عنها، وهذا بخلاف ما إذا أخبره بأنها حرة فتزوجها كما مر في عبارة الأشباه‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ استظهر المصنف لا‏)‏ حيث قال‏:‏ ولم أطلع في كلامهم على ما لو مات من ثبت في حقه التغرير، هل ينتقل الحق فيه إلى وارثه حتى يملك الرد كما في خيار العيب أو لا كما في خيار الرؤية والشرط، لكن الظاهر عندي الثاني وقواعدهم شاهدة به، فقد صرحوا بأن الحقوق المجردة لا تورث، وأما خيار العيب فإنما يثبت فيه حق الرد للوارث باعتبار أن الوارث ملكه سليما فإذا ظهر فيه على عيب رده، وليس ذلك بطريق الإرث، كما يفيده كلامهم، وتعليلهم عدم ثبوت الخيار للوارث في خيار الرؤية والشرط بأنه ليس إلا مشيئة وإرادة، فلا يتصور انتقاله إلى الوارث، وهكذا عرضته على بعض الأعيان من أصحابنا فارتضاه وأفتى بموجبه ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ ويؤيده ما بحثه في البحر من أن خيار ظهور الخيانة لا يورث مستندا لذلك بما مر من أنه لو هلك المبيع لزمه جميع الثمن، وعللوه بأنه مجرد خيار لا يقابله شيء من الثمن كخيار الرؤية والشرط إلخ ما قدمناه هناك وفي مجموعة السائحاني بخطه، وأجاد المصنف بالاستشهاد بخيار الشرط؛ لأن الكل لدفع الخداع، فإذا كان خيار الشرط الملفوظ به لا يورث فكيف غير الملفوظ مع كونه مختلفا فيه ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ قلت وقدمناه إلخ‏)‏ قدمنا هناك أن ذلك لم يذكره في الدرر، بل ذكره المصنف هناك أيضا، وقدمنا أيضا أن الخير الرملي نقل عن العلامة المقدسي أنه قال‏:‏ والذي أميل إليه أنه مثل خيار العيب يعني فيورث ا هـ‏.‏ وهذا خلاف ما عزاه الشارح إلى حاشية ابن المصنف عن المقدسي، وقدمنا أيضا أن الخير الرملي وافق المقدسي في أنه يورث قياسا على خيار فوات الوصف المرغوب فيه كشراء عبد على أنه خباز، وقال‏:‏ إنه به أشبه؛ لأنه اشتراه على قول البائع فكان شارطا له اقتضاء وصفا مرغوبا فيه فبان بخلاف ا هـ‏.‏ وقدمنا هناك ترجيح ما بحثه المصنف من أنه لا يورث كخيار ظهور الخيانة في المرابحة وأنه به أشبه فراجعه فافهم‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ومال إلى أنه يورث‏)‏ المراد بالإرث انتقاله إلى الوارث بطريق الخلفية لا بطريق الإرث حقيقة، كما علم مما نقلناه من عبارة المصنف في المنح وحققناه في باب خيار الشرط وعلمت ترجيح ما بحثه المصنف أولا‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ قبيل التاسعة‏)‏ صوابه قبيل العاشرة‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ويصير مغرورا‏)‏ عبارة الأشباه‏:‏ ثم اعلم أن ملك الوارث بطريق الخلافة عن الميت، فهو قائم مقامه كأنه حي فيرد المبيع بعيب ويرد عليه، ويصير مغرورا بالجارية التي اشتراها الميت إلخ‏.‏ قلت‏:‏ ومعناه أن الوارث لو استولد الجارية ثم استحقت، فالولد حر بالقيمة لكونه وطئها بناء على أنها ملكه فيرجع بما ضمن على بائع مورثه كما لو استولدها المورث، وأنت خبير بأن هذا لا يدل على أنه يثبت له خيار الرد بالتغرير فيما إذا اشترى مورثه شيئا بغبن فاحش بتغرير البائع؛ لأنه مجرد خيار لا يقابله شيء من الثمن بخلاف ثبوت حرية ولده فإنه ليس بخيار فهذا تأييد بما لا يفيد فافهم‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وقدمنا‏)‏ أي قبيل باب خيار الرؤية‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ انتفى الغرر‏)‏ كما لو اشترى سويقا على أن البائع لته بمن من السمن، وتقابضا والمشتري ينظر إليه فظهر أنه لته بنصف من جاز البيع، ولا خيار للمشتري وهو نظير ما لو اشترى صابونا على أنه متخذ من كذا جرة من الدهن، ثم ظهر أنه اتخذ بأقل من ذلك والمشتري كان ينظر إلى الصابون وقت الشراء جاز البيع من غير خيار ظهيرية قلت‏:‏ وكون ذلك مما يعرف بالعيان غير ظاهر فليتأمل وقدمنا تمامه هناك، والله سبحانه أعلم‏.‏