فصل: فصل في القرض

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***


فصل في القرض

بالفتح والكسر منح ومناسبته لما قبله ذكر القرض في قوله‏:‏ ولزم تأجيل كل دين إلا القرض ط ‏(‏قوله ما تعطيه لتتقاضاه هـ‏)‏ أي من قيمي أو مثلي، وفي المغرب تقاضيته ديني وبديني واستقضيته طلبت قضاءه واقتضيت منه حقي أخذته ‏(‏قوله وشرعا ما تعطيه من مثلي إلخ‏)‏ فهو على التفسيرين بمعنى اسم المفعول لكن الثاني غير مانع لصدقه على الوديعة والعارية، فكان عليه أن يقول لتتقاضى مثله، وقدمنا قريبا أن الدين أعلم من القرض ‏(‏قوله عقد مخصوص‏)‏ الظاهر أن المراد عقد بلفظ مخصوص، لأن العقد لفظ، ولذا قال أي بلفظ القرض ونحوه أي كالدين وكقوله‏:‏ أعطني درهما لأرد عليك مثله، وقدمنا عن الهداية أنه يصح بلفظ الإعارة ‏(‏قوله بمنزلة الجنس‏)‏ أي من حيث شموله القرض وغيره، وليس جنسا حقيقيا، لعدم الماهية الحقيقية كما عرف في موضعه، واعترض بأن الذي بمنزلة الجنس قوله عقد مخصوص، وأما هذا فهو بمنزلة الفصل خرج به ما لا يرد على دفع مال كالنكاح وفيه أن النكاح لم يدخل في قوله عقد مخصوص أي بلفظ القرض ونحوه كما علمت فصار الذي بمنزلة الجنس هو مجموع قوله عقد مخصوص يرد على دفع مال تأمل ‏(‏قوله لآخر‏)‏ متعلق بقوله دفع ‏(‏قوله خرج نحو وديعة وهبة‏)‏ أي خرج وديعة وهبة ونحوهما كعارية وصدقة، لأنه يجب رد عين الوديعة والعارية ولا يجب رد شيء في الهبة والصدقة‏.‏

‏(‏قوله في مثلي‏)‏ كالمكيل والموزون والمعدود المتقارب كالجوز والبيض‏.‏ وحاصله‏:‏ أن المثلي ما لا تتفاوت آحاده أي تفاوتا تختلف به القيمة فإن نحوه الجوز تتفاوت آحاده تفاوتا يسيرا ‏(‏قوله لتعذر رد المثل‏)‏ علة لقوله لا في غيره‏:‏ أي لا يصح القرض في غير المثلي، لأن القرض إعارة ابتداء، حتى صح بلفظها معاوضة انتهاء، لأنه لا يمكن الانتفاع به إلا باستهلاك عينه، فيستلزم إيجاب المثلي في الذمة، وهذا لا يتأتى في غير المثلي قال في البحر‏:‏ ولا يجوز في غير المثلي، لأنه لا يجب دينا في الذمة ويملكه المستقرض بالقبض كالصحيح والمقبوض بقرض فاسد يتعين للرد، وفي القرض الجائز لا يتعين بل يرد المثل، وإن كان قائما وعن أبي يوسف ليس له إعطاء غيره إلا برضاه وعارية ما جاز قرضه قرض وما لا يجوز قرضه عارية ا هـ‏.‏ أي قرض ما لا يجوز قرضه عارية من حيث إنه يجب رد عينه لا مطلقا لما علمت من أنه يملك بالقبض تأمل‏.‏ ‏(‏قوله كمقبوض ببيع فاسد‏)‏ أي فيفيد الملك بالقبض كما علمت، وفي جامع الفصولين القرض الفاسد يفيد الملك، حتى لو استقرض بيتا فقبضه ملكه، وكذا سائر الأعيان وتجب القيمة على المستقرض كما لو أمر بشراء قن بأمة المأمور ففعل فالقن للآمر قوله فيحرم إلخ‏)‏ عبارة جامع الفصولين ثم في كل موضع لا يجوز القرض لم يجز الانتفاع به لعدم الحل، ويجوز بيعه لثبوت الملك كبيع فاسد ا هـ‏.‏ فقوله‏:‏ ويجوز بيعه بمعنى يصح لا بمعنى يحل إذا لا شك في أن الفاسد يجب فسخه والبيع مانع من الفسخ فلا يحل كما لا يحل سائر التصرفات المانعة من الفسخ كما مر في بابه، وبه تعلم ما في عبارة الشارح ‏(‏قوله وكاغد‏)‏ أي قرطاس، وقوله‏:‏ عددا قيد للثلاثة وما ذكره في الكاغد ذكره في التتارخانية، ثم نقل بعده عن الخانية ولا يجوز السلم في الكاغد عددا لأنه عددي متفاوت ا هـ‏.‏ ولعل الثاني محمول على ما إذا لم يعلم نوعه وصفته‏.‏ ‏(‏قوله كما سيجيء‏)‏ أي في باب الربا حيث قال‏:‏ ويستقرض الخبز وزنا وعددا عند محمد، وعليه الفتوى ابن مالك واستحسنه الكمال واختاره المصنف تيسيرا ا هـ‏.‏ وفي التتارخانية قال أبو حنيفة‏:‏ لا يجوز قرضه واستقراضه لا عددا ولا وزنا وفي رواية عن أبي يوسف مثله وقوله‏:‏ المعروف أنه لا بأس به، وعليه أفعال الناس جارية والفتوى على قول محمد ا هـ‏.‏ ملخصا ونقل في الهندية عن الخانية والظهيرية والكافي‏:‏ أن الفتوى على جواز استقراضه وزنا لا عددا وهو قول الثاني ا هـ‏.‏ ولعله هو المراد بقوله المعروف وسيذكر استقراض العجين والخميرة‏.‏ ‏(‏قوله والعدالي‏)‏ بفتح العين المهملة وتخفيف الدال المهملة، وباللام المكسورة‏:‏ وهي الدراهم المنسوبة إلى العدالي، وكأنه اسم ملك نسب إليه درهم فيه غش كذا في صرف البحر عن البناية‏.‏ قلت‏:‏ والمراد بها دراهم غالية الغش كما وقع التصريح به في الفتح وغيره بدل لفظ العدالي، لأن غالبة الغش في حكم الفلوس من حيث إنها إنما صارت ثمنا بالاصطلاح على ثمنيتها فتبطل ثمنيتها بالكساد، وهو ترك التعامل بها بخلاف ما كانت فضتها خالصة أو غالبة، فإنها أثمان خلقة فلا تبطل ثمنيتها بالكساد كما حققناه أول البيوع عند قوله‏:‏ وصح بثمن حال ومؤجل ‏(‏قوله فعليه مثلها كاسدة‏)‏ أي إذا هلكت وإلا فيرد عينها اتفاقا كما في صرف الشرنبلالية وفيه كلام سيأتي ‏(‏قوله فلا عبرة بغلائه ورخصه‏)‏ فيه أن الكلام في الكساد، وهو ترك التعامل بالفلوس ونحوها كما قلنا، والغلاء والرخص غيره، وكأنه نظر إلى اتحاد الحكم فصح التفريع تأمل‏.‏ وفي كافي الحاكم لو قال‏:‏ أقرضني دانق حنطة فأقرضه ربع حنطة، فعليه أن يرد مثله وإذا استقرض عشرة أفلس، ثم كسدت لم يكن عليه إلا مثلها في قول أبي حنيفة، وقالا‏:‏ عليه قيمتها من الفضة يستحسن ذلك وإن استقرض دانق فلوس أو نصف درهم فلوس، ثم رخصت أو غلت لم يكن عليه إلا مثل عدد الذي أخذه، وكذلك لو قال أقرضني عشرة دراهم غلة بدينار، فأعطاه عشرة دراهم فعليه مثلها، ولا ينظر إلى غلاء الدراهم، ولا إلى رخصها، وكذلك كل ما يكال ويوزن فالقرض فيه جائز، وكذلك ما يعد من البيض والجوز ا هـ‏.‏ وفي الفتاوى الهندية‏:‏ استقرض حنطة فأعطى مثلها بعدما تغير سعرها يجبر المقرض على القبول ‏(‏قوله وجعله‏)‏ أي ما في المتن من قوله فعليه مثلها‏.‏ ‏(‏قوله وعند الثاني إلخ‏)‏ حاصله أن الصاحبين اتفقا على وجوب رد القيمة دون المثل، لأنه لما بطل وصف الثمنية بالكساد تعذر رد عينها كما قبضها فيجب رد قيمتها، وظاهر الهداية اختيار قولهما فتح ثم إنهما اختلفا في وقت الضمان قال في صرف الفتح‏:‏ وأصله اختلافهما فيمن غصب مثليا فانقطع فعند أبي يوسف تجب قيمته يوم الغصب، وعند محمد‏:‏ يوم القضاء وقولهما‏:‏ أنظر للمقرض من قول الإمام، لأن في رد المثل إضرار به ثم قول أبي يوسف‏:‏ أنظر له أيضا، لأن قيمته يوم القرض أكثر من يوم الانقطاع وهو أيسر أيضا فإن ضبط وقت الانقطاع عسر ا هـ‏.‏ ملخصا‏.‏ ولم يذكر حكم الغلاء والرخص، وقدمنا أول البيوع أنه عند أبي يوسف تجب قيمتها يوم القبض أيضا، وعليه الفتوى كما في البزازية والذخيرة والخلاصة، وهذا يؤيد ترجيح قوله في الكساد أيضا وحكم البيع كالقرض، إلا أنه عند الإمام يبطل البيع، وعند أبي يوسف لا يبطل وعليه قيمتها يوم البيع في الكساد والرخص والغلاء كما قدمناه أول البيوع‏.‏

‏(‏قوله فآخذه‏)‏ بمد الهمزة أي طلب أخذه منه ‏(‏قوله بالعراق يوم اقترضه‏)‏ متعلقان بقوله قيمته، والثاني يغني عن الأول ‏(‏قوله وعند الثالث يوم اختصما‏)‏ وعبارة الخانية‏:‏ قيمته بالعراق يوم اختصما فأفاد أن الواجب قيمته يوم الاختصام التي في بلد القرض فكان المناسب ذكر قوله بالعراق هنا وإسقاطه من الأول كما فعله في الذخيرة ‏(‏قوله فيأخذ طعامه‏)‏ أي مثله في بلد القرض ‏(‏قوله ولو استقرض الطعام إلخ‏)‏ هذه هي المسألة الأولى وهي ما لو ذهب إلى بلدة غير بلدة القرض وقيمة البلدتين مختلفة لأن العادة أن الطعام في مكة أغلى منه في العراق، وهذه رواية أخرى وهي قول الإمام كما صرح به في الذخيرة، فإنه ذكر أولا ما مر من حكاية القولين‏.‏ ثم قال ما نصه‏:‏ بشر عن أبي يوسف رجل أقرض رجلا طعاما أو غصبه إياه وله حمل ومؤنة والتقيا في بلدة أخرى الطعام فيها أغلى أو أرخص، فإن أبا حنيفة قال‏:‏ يستوثق له من المطلوب حتى يوفيه طعامه حيث غصب أو حيث أقرضه، وقال أبو يوسف‏:‏ إن تراضيا على هذا فحسن وأيهما طلب القيمة أجبر الآخر عليه‏:‏ وهي القيمة في بلد الغصب أو الاستقراض والقول في ذلك قول المطلوب ولو كان الغصب قائما بعينه أجبر على أخذه لا على القيمة ا هـ‏.‏ وفيها أيضا وذكر القدوري في شرحه إذا استقرض دراهم بخارية والتقيا في بلدة لا يقدر فيها على البخارية فإن كان ينفق في ذلك البلد، فإن شاء صاحب الحق أجله قدر المسافة ذاهبا وجائيا واستوثق منه، وإن كان البلد لا ينفق فيها وجب القيمة ا هـ‏.‏ وقدمنا أول البيوع أن الدراهم البخارية فلوس على صفة مخصوصة، فلذا أوجب القيمة إذا كانت لا تنفق في ذلك البلد لبطلان الثمنية بالكساد، كما قدمناه وبهذا ظهر أنه لو كانت الدراهم فضتها خالصة أو غالبة كريال الفرنجي في زماننا فالواجب رد مثلها، وإن كانا في بلدة أخرى، لأن ثمنية الفضة لا تبطل بالكساد، ولا بالرخص أو الغلاء ويدل عليه ما قدمناه عن كافي الحاكم من أنه لا ينظر إلى غلاء الدراهم، ولا إلى رخصها هذا ما ظهر لي فتأمل‏.‏ وانظر ما كتبناه أول البيوع ‏(‏قوله استقرض شيئا من الفواكه إلخ‏)‏ المراد ما هو كيلي أو وزني إذا استقرضه ثم انقطع عن أيدي الناس قبل أن يقبضه إلى المقرض، فعند أبي حنيفة يجبر المقرض على التأخير إلى إدراك الجديد ليصل إلى عين حقه، لأن الانقطاع بمنزلة الهلاك، ومن مذهبه أن الحق لا ينقطع عن العين بالهلاك، وقال أبو يوسف‏:‏ هذا لا يشبه كساد الفلوس، لأن هذا مما يوجد، فيجبر المقرض على التأخير إلا أن يتراضيا على القيمة، وهذا في الوجه كما لو التقيا في بلد الطعام فيه غالب فليس له حبسه ويوثق له بكفيل حتى يعطيه إياه في بلده، ذخيرة ملخصا‏.‏ ‏(‏قوله بنفس القبض‏)‏ أي قبل أن يستهلكه ‏(‏قوله خلافا للثاني‏)‏ حيث قال لا يملك المستقرض القرض ما دام قائما كما في المنح آخر الفصل ا هـ‏.‏ ح ‏(‏قوله فله رد المثل‏)‏ أي لو استقرض كر بر مثلا وقبضه فله حبسه ورد مثله، وإن طلب المقرض رد العين، لأنه خرج عن ملك المقرض، وثبت له في ذمة المستقرض مثله لا عينه ولو قائما ‏(‏قوله بناء على انعقاده إلخ‏)‏ هكذا نقل هذه العبارة هنا في المنح عن البحر، ونقل أيضا عن الزيلعي‏:‏ أنهم اختلفوا في انعقاده بلفظ القرض، قيل ينعقد، وقيل لا، وقيل الأول قياس قولهما والثاني قياس قوله ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ والعبارتان غير مذكورتين في هذا الفصل من البحر، وشرح الزيلعي وإنما ذكرهما في كتاب النكاح عند قول الكنز وينعقد بكل ما وضع لتمليك العين في الحال فالضمير في انعقاده في عبارة البحر المذكورة في الشرح، وعبارة الزيلعي التي نقلناها عائدة على النكاح لا على القرض كما يوهمه كلام الشارح تبعا للمنح، وهذا أمر عجيب‏.‏ نعم لهذه المسألة مناسبة هنا وذلك أن ظاهر كلام المتن ترجيح قولهما، فكان المناسب للشارح أن يقول‏:‏ وعلى هذا ينبغي اعتماد انعقاد النكاح بلفظ القرض، وهو أحد التصحيحين لإفادته الملك للحال فافهم‏.‏

مطلب في شراء المستقرض القرض من المقرض

‏(‏قوله فجاز شراء المستقرض القرض‏)‏ تفريع على قولهما، والمراد شراؤه ما في ذمته لا عين القرض الذي في يده وحينئذ فقوله‏:‏ ولو قائما فيه استخدام، لأنه عائد إلى عين القرض الذي في يده، وبيان ذلك أنه تارة يشتري ما في ذمته للمقرض وتارة وما في يده أي عين ما استقرضه، فإن كان الأول ففي الذخيرة اشترى من المقرض الكر الذي له عليه بمائة دينار جاز لأنه دين عليه لا بعقد صرف ولا سلم، فإن كان مستهلكا وقت الشراء فالجواز قول الكل لأنه ملكه بالاستهلاك وعليه مثله في ذمته بلا خلاف، وإن كان قائما فكذلك عندهما وعلى قول أبي يوسف ينبغي أن لا يجوز لأنه لا يملكه ما لم يستهلكه، فلم يجب مثله في ذمته فإذا أضاف الشراء إلى الكر الذي في ذمته فقد أضافه إلى معدوم فلا يجوز ا هـ‏.‏ وهذا ما في الشرح وإن كان الثاني ففي الذخيرة أيضا‏:‏ استقرض من رجل كرا وقبضه ثم اشترى ذلك الكر بعينه من المقرض لا يجوز على قولهما، لأنه ملكه بنفس القبض فيصير مشتريا ملك نفسه أما على قول أبي يوسف فالكر باق على ملك المقرض فيصير المستقرض مشتريا ملك غيره فيصح وبقي ما لو كان المستقرض هو الذي باع الكر من المقرض، فيجوز على قولهما، لأنه باع ملك نفسه‏:‏ واختلفوا على قول أبي يوسف بعضهم قالوا يجوز لأن المستقرض على قوله وإن لم يملك الكر بنفس القرض، إلا أنه يملك التصرف فيه بيعا وهبة واستهلاكا ليصير متملكا له وبالبيع من المقرض صار متصرفا فيه، وزال عن ملك المقرض فصح البيع منه ا هـ‏.‏ ملخصا قوله بدراهم مقبوضة إلخ‏)‏ في البزازية من آخر الصرف إذا كان له على آخر طعام، أو فلوس فاشتراه من عليه بدراهم وتفرقا قبل قبض الدراهم، بطل وهذا مما يحفظ، فإن مستقرض الحنطة أو الشعير يتلفها، ثم يطالبه المالك بها ويعجز عن الأداء فيبيعها مقرضها منه بأحد النقدين إلى أجل، وإنه فاسد لأنه افتراق عن دين بدين ا هـ‏.‏ وفيها في الفصل الثالث من البيوع والحيلة فيه أن يبيع الحنطة ونحوها بثوب، ثم يبيع الثوب منه بدراهم ويسلم الثوب إليه ا هـ‏.‏

‏(‏قوله أقرض صبيا محجورا فاستهلكه‏)‏ قيد بالمحجور، لأنه لو كان مأذونا فهو كالبالغ وبالاستهلاك لأنه لو بقيت عينه، فللمالك أن يسترده، ولو تلف بنفسه لا يضمن اتفاقا كما في جامع الفصولين ‏(‏قوله خلافا للثاني‏)‏ فإنه يضمن قال في الهندية عن المبسوط وهو الصحيح ط ‏(‏قوله وكذا الخلاف لو باعه‏)‏ أي باع من الصبي أو أودعه أي واستهلكهما ولا حاجة إلى ذكر قوله أو أودعه لتصريح المصنف به في قوله وهو كالوديعة ا هـ‏.‏ ط ‏(‏قوله خلافا للثاني‏)‏ فيؤاخذ به حالا كالوديعة عنده هندية ط ‏(‏قوله وهو‏)‏ أي الإقراض لهؤلاء‏.‏

‏(‏قوله وكذا الدين والسلم‏)‏ أي لو جاء المديون أو رب السلم بدراهم ليدفعها إلى الدائن عن دينه، أو إلى المسلم إليه عن رأس المال فقال له ألقها إلخ ‏(‏قوله بخلاف الشراء الوديعة‏)‏ المراد بالشراء المشري‏:‏ أي لو جاء البائع بالمشري أو المودع الوديعة فقال له المشتري أو صاحب الوديعة‏:‏ ألق ذلك في الماء فألقاه صح الأمر، ويكون ذلك على الآمر، ويصير قابضا لأن حقه متعين، لأنه ليس للبائع إعطاء غير المبيع، ولا للمودع إعطاء غير الوديعة، بخلاف المقرض والمديون ورب السلم فإن له أن يبدل ما جاء به، ويعطي غيره لأنه قبل القبض باق على ملكه وقيد في المنح الشراء بما إذا كان صحيحا أي لأن الفاسد لا يفيد الملك قبل القبض فيكون على ملك البائع ‏(‏قوله وعزاه لغريب الرواية‏)‏ ظاهره أن الضمير عائد على صاحب الخانية، لأنه نقل ما في المتن عنها مع أن ما في الشرح لم أره في الخانية وإنما عزاه المصنف إلى غريب الرواية‏.‏ ‏(‏قوله وفيها‏)‏ أي في الخانية معطوف على قوله وفيها ‏(‏قوله شرط رد شيء آخر‏)‏ الظاهر أن أصل العبارة كشرط رد شيء آخر ا هـ‏.‏ ح ‏(‏قوله وقيل لا‏)‏ هذا هو الصحيح كما في الخانية، وفيها ولو كان الدين مؤجلا فقضاه قبل حلول الأجل يجبر على القبول ا هـ‏.‏ وذكر الشارح إعطاء الأجود ولم يذكر الزيادة وفي الخانية‏:‏ وإن أعطاه المديون أكثر مما عليه وزنا، فإن كانت الزيادة تجري بين الوزنين أي بأن كانت تظهر في ميزان دون ميزان جاز وأجمعوا على أن الدانق في المائة يسير يجري بين الوزنين وقدر الدرهم والدرهمين كثير لا يجوز واختلفوا في نصف الدرهم قال الدبوسي‏:‏ إنه في المائة كثير يرد على صاحبه، فإن كانت كثيرة لا تجري بين الوزنين إن لم يعلم المديون بها ترد على صاحبها، وإن علم وأعطاها اختيارا إن كانت الدراهم المدفوعة مكسورة أو صحاحا لا يضرها التبعيض لا يجوز إذا علم الدافع والقابض وتكون هبة المشاع فيما يحتمل القسمة وإن كان لا يضره التبعيض وعلما جاز وتكون هبة المشاع فيما لا يحتمل القسمة ا هـ‏.‏ وسيذكر الشارح بعضه أول باب الربا ‏(‏قوله بأن يقرض إلخ‏)‏ هذا يسمى الآن بالوصية قال في الدرر كره للسفتجة بضم السين وفتح التاء تعريب سفته‏:‏ وهي شيء محكم ويسمى هذا القرض به لإحكام أمره وصورته‏:‏ أنه يدفع إلى تاجر مبلغا قرضا ليدفعه إلى صديقه في بلد آخر ليستفيد به سقوط خطر الطريق ا هـ‏.‏ وقال في الخانية‏:‏ وتكره السفتجة إلا أن يستقرض مطلقا ويوفي بعد ذلك في بلد أخرى من غير شرط ا هـ‏.‏ وسيأتي تمام الكلام عليها آخر كتاب الحوالة‏.‏

مطلب‏:‏ كل قرض جر نفعا حرام

‏(‏قوله كل قرض جر نفعا حرام‏)‏ أي إذا كان مشروطا كما علم مما نقله عن البحر، وعن الخلاصة وفي الذخيرة وإن لم يكن النفع مشروطا في القرض، فعلى قول الكرخي لا بأس به ويأتي تمامه ‏(‏قوله فكره للمرتهن إلخ‏)‏ الذي في رهن الأشباه يكره للمرتهن الانتفاع بالرهن إلا بإذن الراهن ا هـ‏.‏ سائحاني‏.‏ قلت‏:‏ وهذا هو الموافق لما سيذكره المصنف في أول كتاب الرهن وقال في المنح هناك، وعن عبد الله بن محمد بن أسلم السمرقندي، وكان من كبار علماء سمرقند إنه لا يحل له أن ينتفع بشيء منه بوجه من الوجوه وإن أذن له الراهن، لأنه أذن له في الربا لأنه يستوفي دينه كاملا فتبقى له المنفعة فضلا، فتكون ربا وهذا أمر عظيم‏.‏ قلت‏:‏ وهذا مخالف لعامة المعتبرات من أنه يحل بالإذن إلا أن يحمل على الديانة وما في المعتبرات على الحكم ثم رأيت في جواهر الفتاوى إذا كان مشروطا صار قرضا فيه منفعة وهو ربا وإلا فلا بأس به ا هـ‏.‏ ما في المنح ملخصا وتعقبه الحموي بأن ما كان ربا لا يظهر فيه فرق بين الديانة والقضاء على أنه لا حاجة إلى التوفيق بعد الفتوى على ما تقدم أي من أنه يباح‏.‏ قلت‏:‏ وما في الجواهر يفيد توفيقا آخر بحمل ما في المعتبرات على غير المشروط، وما مر على المشروط، وهو أولى من إبقاء التنافي‏.‏ ويؤيده ما ذكروه فيما لو أهدى المستقرض للمقرض إن كانت بشرط كره وإلا فلا وأفتى في الخيرية فيمن رهن شجر الزيتون على أن يأكل المرتهن ثمرته نظير صبره بالدين بأنه يضمن ‏(‏قوله دفعته‏)‏ أي القرض والأولى دفعتها أي العشرة ‏(‏قوله فأنكر المولى إلخ‏)‏ مفهومة أنه إذا أقر بقبض العبد يلزمه لما في الخانية، ولو أرسل رسولا إلى رجل وقال‏:‏ ابعث إلي بعشرة دراهم قرضا فبعث بها مع رسوله كان الآمر ضامنا لها إذا أقر أن رسوله قبضها ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله لأنه أقر أنه قبضها بحق‏)‏ وهو كونه نائبا عن سيده في القبض ‏(‏قوله ليس له‏)‏ أي ليس للمقرض أن يطلب منه أي من القابض إلا حصته من القرض، لأنه قبض الباقي بالوكالة عن رفقته ‏(‏قوله لا بالاستقراض‏)‏ هذا منصوص عليه ففي جامع الفصولين بعث رجلا ليستقرضه فأقرضه فضاع في يده فلو قال‏:‏ أقرض للمرسل ضمن مرسله، ولو قال‏:‏ أقرضني للمرسل ضمن رسوله‏.‏ والحاصل‏:‏ أن التوكيل بالإقراض جائز لا بالاستقراض والرسالة بالاستقراض تجوز، ولو أخرج وكيل الاستقراض كلامه مخرج الرسالة يقع القرض للآمر، ولو مخرج الوكالة بأن أضافه إلى نفسه يقع للوكيل وله منعه عن آمره ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ والفرق أنه إذا أضاف العقد إلى الموكل بأن قال إن فلانا يطلب منك أن تقرضه كذا صار رسولا والرسول سفير ومعبر بخلاف ما إذا أضافه إلى نفسه بأن قال‏:‏ أقرضني كذا أو قال‏:‏ أقرضني لفلان كذا، فإنه يقع لنفسه، ويكون قوله لفلان بمعنى لأجله، وقالوا إنما لم يصح التوكيل بالاستقراض، لأنه توكيل بالتكدي وهو لا يصح‏.‏ قلت‏:‏ ووجهه أن القرض صلة وتبرع ابتداء فيقع للمستقرض إذا لا تصح النيابة في ذلك فهو نوع من التكدي بمعنى الشحاذة هذا ما ظهر لي ‏(‏قوله استقراض العجين وزنا يجوز‏)‏ هو المختار مختار الفتاوى واحترز بالوزن عن المجازفة، فلا يجوز بحر ط ‏(‏قوله ما رآه المسلمون‏)‏ هو من حديث أحمد عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال‏:‏ «إن الله نظر إلى قلوب العباد فاختار له أصحابا فجعلهم أنصار دينه ووزراء نبيه فما رآه المسلمون» إلخ ‏"‏ وهو موقوف حسن وتمامه في المقاصد الحسنة ط ‏(‏قوله يجوز ويكره‏)‏ أي يصح مع الكراهة وهذا لو الشراء بعد القرض لما في الذخيرة، وإن لم يكن النفع مشروطا في القرض، ولكن اشترى المستقرض من المقرض بعد القرض متاعا بثمن غال، فعلى قول الكرخي لا بأس به وقال الخصاف‏:‏ ما أحب له ذلك وذكر الحلواني أنه حرام، لأنه يقول لو لم أكن اشتريته منه طالبني بالقرض في الحال، ومحمد لم ير بذلك بأسا وقال خواهر زاده‏:‏ ما نقل عن السلف محمول على ما إذا كانت المنفعة مشروطة وذلك مكروه بلا خلاف‏.‏ وما ذكره محمد محمول على ما إذا كانت غير مشروطة وذلك غير مكروه بلا خلاف، هذا إذا تقدم الإقراض على البيع، فإن تقدم البيع بأن باع المطلوب منه المعاملة من الطالب ثوبا قيمته عشرون دينارا بأربعين دينارا ثم أقرضه ستين دينارا أخرى، حتى صار له على المستقرض مائة دينار، وحصل للمستقرض ثمانون دينارا ذكر الخصاف أنه جائز وهذا مذهب محمد بن سلمة إمام بلخ وكثير من مشايخ بلخ كانوا يكرهونه، ويقولون إنه قرض جر منفعة إذ لولاه لم يتحمل المستقرض غلاء الثمن ومن المشايخ من قال‏:‏ يكره لو كانا في مجلس واحد وإلا فلا بأس به لأن المجلس الواحد يجمع الكلمات المتفرقة، فكأنهما وجدا معا فكانت المنفعة مشروطة في القرض وكان شمس الأئمة الحلواني يفتي بقول الخصاف وابن سلمة يقول‏:‏ هذا ليس بقرض جر منفعة بل هذا بيع جر منفعة وهي القرض ا هـ‏.‏ ملخصا وانظر ما سنذكره في الصرف عند قوله وبيع درهم صحيح ودرهمين غلة‏.‏ ‏(‏قوله بطريق المعاملة‏)‏ هو ما ذكره من شراء الشيء اليسير بثمن غال ‏(‏قوله بأزيد من عشرة ونصف‏)‏ وهناك فتوى أخرى بأزيد من أحد عشر ونصف وعليها العمل سائحاني ولعله لورود الأمر بها متأخرا عن الأمر الأول ‏(‏قوله يعزر‏)‏ لأن طاعة أمر السلطان بمباح واجبة ‏(‏قوله ما أخذه من الربح‏)‏ أي زائدا عما ورد به الأمر ط ‏(‏قوله إن حصله منه بالتراضي إلخ‏)‏ مفهومة أنه لو أخذه بلا رضاه أنه يثبت له الرجوع بالزائد عما ورد به الأمر وهو غير ظاهر، لأنه إذا أقرضه مائة وباعه سلعة بثلاثين مثلا بيعا مستوفيا شرائطه الشرعية لم يكن فيه إلا مخالفته الأمر السلطاني لأن مقتضى الأمر الأول أن يبيع السلعة بخمسة فقط، لتكون العشرة بعشرة ونصف ومقتضى الأمر الثاني أن يبيعها بخمسة عشر، لتكون العشرة بأحد عشرة ونصف، ولا يخفى أن مخالفة الأمر لا تقتضي فساد البيع، لأن ذلك لا يزيد على مخالفة أمر الله تعالى بالسعي وترك البيع وقت النداء، فإذا باع وترك السعي يكره البيع، ولا يفسد فكذا هنا بالأولى على أنه إذا فسد البيع وجب الفسخ ورد جميع الثمن، وإذا صح وجب جميع الثمن فلا وجه لرد الزائد وأخذ ما ورد به الأمر فقط، سواء قلنا بصحة البيع أو فساده فتعين أن هذا المفهوم غير مراد فتأمل‏.‏ ‏(‏قوله لكن يظهر إلخ‏)‏ لا وجه للاستدراك بعد ورود الأمر الواجب الاتباع بعدم الرجوع ط وقد يجاب بأن المراد أن المناسب أن يرد الأمر السلطاني بالرجوع‏:‏ أي وإن أخذ ما أخذه بالتراضي لكن علمت ما فيه ‏(‏قوله وأقبح من ذلك السلم إلخ‏)‏ أي أقبح من بيع المعاملة المذكورة ما يفعله بعض الناس من دفع دراهم سلما على حنطة أو نحوها إلى أهل القرى بحيث يؤدي ذلك إلى خراب القرية، لأنه يجعل الثمن قليلا جدا فيكون إضراره أكثر من إضرار البيع بالمعاملة الزائدة عن الأمر السلطاني، فيظهر أن المناسب أيضا ورود أمر سلطاني بذلك ليعزر من يخالفه وظاهره أنه لم يرد بذلك أمر والله سبحانه أعلم‏.‏