فصل: باب خيار العيب

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***


باب خيار العيب

تقدم وجه ترتيب الخيارات، والإضافة فيه من إضافة الشيء إلى سببه، والعيب والعيبة والعاب بمعنى واحد، يقال عاب المتاع‏:‏ أي صار ذا عيب وعابه زيد يتعدى ولا يتعدى فهو معيب ومعيوب أيضا على الأصل ` ا هـ‏.‏ فتح‏.‏ ثم إن خيار العيب يثبت بلا شرط، ولا يتوقت، ولا يمنع وقوع الملك للمشتري، ويورث، ويثبت في الشراء والمهر وبدل الخلع وبدل الصلح عن دم العمد، وفي الإجارة ولو حدث بعد العقد والقبض، بخلاف البيع، وفي القسمة والصلح عن المال وبسط ذلك في جامع الفصولين‏.‏ ‏(‏قوله ما يخلو عنه أصل الفطرة السليمة‏)‏ زاد في الفتح مما يعد به ناقصا‏.‏ ا هـ‏.‏ أي؛ لأن ما لا ينقصه لا يعد عيبا‏.‏ قال في الشرنبلالية‏:‏ والفطرة الخلقة التي هي أساس الأصل ألا ترى أنه لو قال بعتك هذه الحنطة وأشار إليها فوجدها المشتري رديئة لم يكن علمها ليس له خيار الرد بالعيب؛ لأن الحنطة تخلق جيدة ورديئة ووسطا، والعيب ما يخلو عنه أصل الفطرة السليمة عن الآفات العارضة لها، فالحنطة المصابة بهواء منعها تمام بلوغها الإدراك حتى صارت رقيقة الحب معيبة كالعفن والبلل والسوس‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وعن هذا قال في جامع الفصولين‏:‏ لا يرد البر برداءته؛ لأنها ليست بعيب ويرد المسوس والعفن، وكذا لا يرد إناء فضة برداءته بلا غش، وكذا الأمة لا ترد بقبح الوجه وسواده، ولو كانت محترقة الوجه لا يستبين لها قبح ولا جمال فله ردها‏.‏ ا هـ‏.‏ وفيه واقعة، شرى فرسا فوجده كبير السن، قيل ينبغي أن لا يكون له الرد إلا إذا شراه على أنه صغير السن، لما مر من مسألة حمار وجده بطيء السير‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله وشرعا ما أفاده إلخ‏)‏ أي المراد في عرف أهل الشرع بالعيب الذي يرد به المبيع ما ينقص الثمن أي الذي اشترى به كما في الفتح، قال؛ لأن ثبوت الرد بالعيب لتضرر المشتري وما يوجب نقصان الثمن يتضرر به‏.‏ ا هـ‏.‏ وعبارة الهداية‏:‏ وما أوجب نقصان الثمن في عادة التجار فهو عيب؛ لأن التضرر بنقصان المالية وذلك بانتقاص القيمة‏.‏ ا هـ‏.‏ ومفاده أن المراد بالثمن القيمة؛ لأن الثمن الذي اشتراه به قد يكون أقل من قيمته بحيث لا يؤدي نقصانها بالعيب إلى نقصان الثمن به‏.‏ والظاهر أن الثمن لما كان في الغالب مساويا للقيمة عبروا به تأمل‏.‏ والضابط عند الشافعية أنه المنقص للقيمة أو ما يفوت به غرض صحيح بشرط أن يكون الغالب في أمثال المبيع عدمه، فأخرجوا بفوات الغرض الصحيح ما لو بان فوات قطعة يسيرة من فخذه أو ساقه، بخلاف ما لو قطع من أذن الشاة ما يمنع التضحية فله ردها، وبالغالب ما لو كانت الأمة ثيبا مع أن الثيابة تنقص القيمة لكنه ليس الغالب عدم الثيابة‏.‏ ا هـ‏.‏ قال في البحر‏:‏ وقواعدنا لا تأباه للمتأمل‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ ويؤيده ما في الخانية‏:‏ وجد الشاة مقطوعة الأذن إن اشتراها للأضحية له الرد، وكذا كل ما يمنع التضحية وإن لغيرها فلا ما لم يعده الناس عيبا، والقول للمشتري أنه اشتراها للأضحية لو في زمانها وكان من أهل أن يضحي‏.‏ ا هـ‏.‏ وكذا ما في البزازية‏:‏ اشترى شجرة ليتخذ منها الباب فوجدها بعد القطع لا تصلح لذلك رجع بالنقص إلا أن يأخذ البائع الشجرة كما هي ا هـ‏.‏ فقد اعتبر عدم غرض المشتري عيبا موجبا للرد ولكنه يرجع بالنقص؛ لأن القطع مانع من الرد‏.‏ وفيها أيضا‏:‏ اشترى ثوبا أو خفا أو قلنسوة فوجده صغيرا له الرد‏.‏ ا هـ‏.‏ أي لا يصلح لغرضه‏:‏ وفيها‏:‏ لو كانت الدابة بطيئة السير لا يرد إلا إذا شرط أنها عجول‏.‏ ا هـ‏.‏ أي؛ لأن بطء السير ليس الغالب عدمه، فإن كلا من البطء والعجلة يكون في أصل الفطرة السليمة‏.‏ وفيها‏:‏ اشترى دابة فوجدها كبيرة السن ليس له الرد إلا إذا شرط صغرها وسيأتي أن الثيوبة ليست بعيب إلا إذا شرط عدمها أي فله الرد لفقد الوصف المرغوب، وبما ذكرنا من الفروع ظهر أن قولهم في ضابط العيب ما ينقص الثمن عند التجار مبني على الغالب وإلا فهو غير جامع وغير مانع‏.‏ أما الأول فلأنه لا يشمل مسألة الشجرة والثوب والخف والقلنسوة وشاة الأضحية؛ لأن ذلك وإن لم يصلح لهذا المشتري يصلح لغيره فلا ينقص الثمن مطلقا‏.‏ وأما الثاني؛ فلأنه يدخل فيه مسألة الدابة والأمة الثيب فإن ذلك ينقص الثمن مع أنه غير عيب، فعلم أنه لا بد من تقييد الضابط بما ذكره الشافعية‏.‏ والظاهر أنهم لم يقصدوا حصر العيب فيما ذكر؛ لأن عبارة الهداية والكنز، وما أوجب نقصان الثمن عند التجار فهو عيب، فإن هذه العبارة لا تدل على أن غير ذلك لا يسمى عيبا، فاغتنم هذا التحرير‏.‏ ثم اعلم أنه لا بد أن يكون العيب في نفس المبيع، لما في الخانية وغيرها‏:‏ رجل باع سكنى له في حانوت لغيره فأخبر المشتري أن أجرة الحانوت كذا فظهر أنها أكثر قالوا ليس له الرد بهذا السبب؛ لأن هذا ليس بعيب في المبيع‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ المراد بالسكنى ما يبنيه المستأجر في الحانوت ويسمى في زماننا بالكدك كما مر أول البيوع، لكنه اليوم تختلف قيمته بكثرة أجرة الحانوت وقلتها، فينبغي أن يكون ذلك عيبا تأمل‏.‏ ‏(‏قوله من وجد بمشريه إلخ‏)‏ أطلقه فشمل ما إذا كان به عند البيع أو حدث بعده في يد البائع بحر، بخلاف ما إذا كان قبله وزال ثم عاد عند المشتري؛ لما في البزازية‏:‏ لو كان به عرج فبرئ بمعالجة البائع ثم عاد عند المشتري لا يرده، وقيل يرده إن عاد بالسبب الأول‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

لا بد في العيب أن لا يتمكن من إزالته بلا مشقة فخرج إحرام الجارية، ونجاسة ثوب لا ينقص بالغسل لتمكنه من تحليلها وغسله، وأن يكون عند البائع ولم يعلم به المشتري، ولم يكن البائع شرط البراءة منه خاصا أو عاما ولم يزل قبل الفسخ كبياض انجلى وحمى زالت نهر، فالقيود خمسة، وجعلها في البحر ستة فقال‏:‏ الثاني أن لا يعلم به المشتري عند البيع‏.‏ الثالث أن لا يعلم به عند القبض وهي في الهداية ا هـ‏.‏ لكن قال في الشرنبلالية إنه يقتضي أن مجرد الرؤية رضا ويخالفه قول الزيلعي‏:‏ ولم يوجد من المشتري ما يدل على الرضا به بعد العلم بالعيب‏.‏ ا هـ‏.‏ وكذا قول المجمع ولم يرض به بعد رؤيته‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ صرح في الذخيرة بأن قبض المبيع مع العلم بالعيب رضا بالعيب، فما في الزيلعي والمجمع لا يخالف ما مر عن الهداية،؛ لأن ذاك جعل نفس القبض بعد رؤية العيب رضا وما في الزيلعي صادق عليه، ويدل عليه أن الزيلعي قال‏:‏ والمراد به عيب كان عند البائع وقبضه المشتري من غير أن يعلم به ولم يوجد من المشتري ما يدل على الرضا به بعد العلم بالعيب، فقوله‏:‏ وقبضه إلخ يدل على أنه لو قبضه عالما بالعيب كان قبضه رضا، فقوله ولم يوجد من المشتري إلخ أعم مما قبله، أو أراد به ما لو علم بالعيب بعد القبض‏.‏

‏[‏تتمة‏]‏

في جامع الفصولين‏:‏ لو علم المشتري إلا أنه لم يعلم أنه عيب ثم علم ينظر، إن كان عيبا بينا لا يخفى على الناس كالغدة ونحوها لم يكن له الرد، وإن خفي فله الرد، ويعلم منه كثير من المسائل‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي الخانية‏:‏ إن اختلف التجار فقال بعضهم‏:‏ إنه عيب وبعضهم لا ليس له الرد إذا لم يكن عيبا بينا عند الكل‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله ولو يسيرا‏)‏ في البزازية اليسير ما يدخل تحت تقويم المقومين، وتفسيره أن يقوم سليما بألف ومع العيب بأقل، وقومه آخر مع العيب بألف أيضا‏.‏ والفاحش ما لو قوم سليما بألف وكل قوموه مع العيب بأقل‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله بكل تجارة‏)‏ الأولى من كل تجارة‏.‏ قال ح‏:‏ يعني أنه يعتبر في كل تجارة أهلها وفي كل صنعة أهلها ‏(‏قوله أخذه بكل الثمن أو رده‏)‏ أطلقه فشمل ما إذا رده فورا أو بعد مدة؛ لأنه على التراخي كما سيذكره المصنف‏.‏ ونقل ابن الشحنة عن الخانية‏:‏ لو علم بالعيب قبل القبض فقال أبطلت البيع بطل لو بحضرة البائع، وإن لم يقبل ولو في غيبته لا يبطل إلا بقضاء أو رضا‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي جامع الفصولين‏:‏ ولو رده بعد قبضه لا ينفسخ إلا برضا البائع أو بحكم‏.‏ قال الرملي‏:‏ وقوله إلا برضا البائع يدل على أنه لو وجد الرضا بالفعل كتسلمه من المشتري حين طلبه الرد ينفسخ البيع؛ لأن من المقرر عندهم أن الرضا يثبت تارة بالقول وتارة بالفعل؛ وقدم في بيع التعاطي‏:‏ لو ردها بخيار عيب، والبائع متيقن أنها ليست فأخذها ورضي فهي بيع بالتعاطي كما في الفتح وفيه أيضا أن المعنى يقوم مقام اللفظ في البيع ونحوه‏.‏ ا هـ‏.‏ وأما ما يقع كثيرا من أنه إذا اطلع على عيب يرد المبيع إلى منزل البائع ويقول دونك دابتك لا أريدها فليس برد، وتهلك على المشتري ولو تعهدها البائع حيث لم يوجد بينهما فسخ قولا أو فعلا ‏(‏قوله ما لم يتعين إمساكه‏)‏ قيد للتخيير بين الأخذ والرد، فإذا وجد ما يمنع الرد تعين الأخذ، لكن في بعض الصور يرجع بنقصان العيب، وفي بعضها لا يرجع كما يأتي قريبا، وكذا سيأتي عند قول المصنف‏:‏ حدث عيب آخر عند المشتري رجع بنقصانه‏.‏ ومما يمنع الرد ما في الذخيرة‏:‏ اشترى من آخر عبدا وباعه من غيره ثم اشتراه من ذلك الغير فرأى عيبا كان عند البائع الأول لم يرده على الذي اشتراه منه؛ لأنه غير مفيد، إذ لو رده يرده الآخر عليه، ولا على البائع الأول؛ لأن هذا الملك غير مستفاد من جهته‏.‏ ا هـ‏.‏ ولو وهبه البائع الثمن ثم وجد بالمبيع عيبا، قيل‏:‏ لا يرد، وقيل‏:‏ يرد، ولو قبل القبض يرده اتفاقا خانية، ثم جزم بالقول الثاني، وجزم في البزازية بالأول‏.‏ ومن ذلك ما في كافي الحاكم اشتريا جارية فوجدا بها عيبا فرضي أحدهما لم يكن للآخر ردها عنده وله رد حصته عندهما‏.‏ ‏(‏قوله كحلالين أحرما أو أحدهما‏)‏ يعني إذا اشترى أحد الحلالين من الآخر صيدا ثم أحرما أو أحدهما ثم وجد المشتري به عيبا امتنع رده ورجع بالنقصان‏.‏ ا هـ‏.‏ ح عن البحر، فالمراد بتعين إمساكه عدم رده على البائع، فلا ينافي وجوب إرساله كما مر في الحج ‏(‏قوله وقيمته ثلاثة آلاف‏)‏ الظاهر أن المدار على الزيادة التي تركها يكون مضرا‏.‏ ا هـ‏.‏ ط ‏(‏قوله الإضرار إلخ‏)‏ قلت‏:‏ قد يكون العيب مرضا يفضي إلى الهلاك فيجب أن يستثنى مقدسي، وفيه نظر؛ لأن فرض المسألة فيما قيمته زائدة على ثمنه مع وجود ذلك العيب فيه، ومثله لا يكون عيبه مفضيا إلى الهلاك تأمل ‏(‏قوله بخلاف خيار الشرط والرؤية‏)‏ أي حيث يكون لهم الرد لعدم تمام الصفقة كما في البحر ح ‏(‏قوله وينبغي الرجوع بالنقصان‏)‏ عبارة النهر وفي مهر فتح القدير‏:‏ لو اشترى الذمي خمرا وقبضها وبها عيب ثم أسلم سقط خيار الرد‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي المحيط‏:‏ وصي أو وكيل إلخ ثم قال في النهر‏:‏ وينبغي الرجوع بالنقصان كما في المسألتين‏.‏ ا هـ‏.‏ أي مسألة مهر الفتح ومسألة المحيط ‏(‏قوله كوارث إلخ‏)‏ أي فإنه يمتنع الرد ويرجع بالنقصان كما في البحر ح ‏(‏قوله اشترى من التركة‏)‏ أي بثمن من تركة الميت ‏(‏قوله لا يرجع‏)‏ أي الأجنبي على بائعه قال في السراج؛ لأنه لما اشترى الثوب ملكه وبالتكفين يزول ملكه عنه‏.‏ وزوال الملك بفعل مضمون يسقط الأرش‏.‏ وأما ما في الوجه الأول فإن مقدار الكفن لا يملكه الوارث من التركة، فإذا اشتراه وكفن به لم ينتقل بالتكفين عن الملك الذي أوجبه العقد، وقد تعذر فيه الرد فرجع بالأرش‏.‏ ا هـ‏.‏ ومثله في الذخيرة ‏(‏قوله وهذه إحدى ست مسائل إلخ‏)‏ تبع في ذلك صاحب النهر حيث قال‏:‏ لا يرجع بالنقصان في مسائل، ثم نقل ست مسائل عن البزازية ليس فيها التصريح بعدم الرجوع إلا في مسألة واحدة، وهي لو باع الوارث من مورثه فمات المشتري وورثه البائع ووجد به عيبا رد إلى الوارث الآخر إن كان، فإن لم يكن له سواه لا يرده ولا يرجع بالنقصان فافهم‏.‏ وزاد في البحر مسألة أخرى عن المحيط‏:‏ لو اشترى المولى من مكاتبه فوجد عيبا لا يرد ولا يرجع ولا يخاصم بائعه لكونه عبده‏.‏ ا هـ‏.‏ وسيأتي مسائل أخر في الشرح والمتن عند قول المصنف حدث عيب آخر عند المشتري رجع بنقصانه إلخ‏.‏ وذكر الشارح في كتاب الغصب مسألة أخرى عند قول المصنف خرق ثوبا، وهي ما لو شرى حياصة فضة مموهة بالذهب بوزنها فضة فزال تمويهها عند المشتري ثم وجد بها عيبا فلا رجوع بالعيب القديم لتعيبها بزوال التمويه ولا بالنقصان للزوم الربا‏.‏ ومنها ما في البزازية‏:‏ كل تصرف يدل على الرضا بالعيب بعد العلم به يمنع الرد والرجوع بالنقص ‏(‏قوله معزيا للقنية‏)‏ قال فيها‏:‏ وفي تتمة الفتاوى الصغرى‏:‏ باع عبدا وسلمه ووكل رجلا بقبض ثمنه فقال الوكيل‏:‏ قبضته فضاع أو دفعته إلى الآمر وجحد الآمر كله فالقول للوكيل مع يمينه وبرئ المشتري من الثمن، فلو وجد به عيبا ورده لا يرجع بالثمن على البائع لعدم ثبوت القبض في زعمه، لا على الوكيل؛ لأنه لا عقد بينهما، وإنما هو أمين في قبض الثمن، وإنما يصدق في دفع الضمان عن نفسه، قال رضي الله عنه‏:‏ وعرف به أنه إذا صدق الآمر الوكيل في الدفع إليه يرجع المشتري بعد الرد بالعيب بالثمن على الآمر دون القابض‏.‏ ا هـ‏.‏ ح ‏(‏قوله كالإباق‏)‏ بالكسر اسم، يقال أبق أبقا من باب تعب وقتل وضرب، وهو الأكثر كما في المصباح‏.‏ وفي الجوهرة عن الثعالبي‏:‏ الآبق الهارب من غير ظلم السيد، فلو من ظلمه سمي هاربا فعلى هذا‏:‏ الإباق عيب لا الهرب، أطلقه فشمل ما لو كان من المولى أو من مودعه أو المستعير منه أو المستأجر، وما إذا كان مسيرة سفر أو لا، خرج من البلدة أو لا‏.‏ قال الزيلعي‏:‏ والأشبه أن البلدة لو كبيرة كالقاهرة كان عيبا وإلا لا بأن كان لا يخفى عليه أهلها أو بيوتها فلا يكون عيبا نهر، ويأتي أنه لا بد من تكرره بأن يوجد عند البائع وعند المشتري ‏(‏قوله إلا إذا أبق من المشتري إلى البائع‏)‏ وكذا لو أبق من الغاصب إلى المولى أو إلى غيره إذا لم يعرف بيت المالك، أو لم يقو على الرجوع‏.‏ إليه نهر ‏(‏قوله في البلدة‏)‏ قيد به لما في النهر عن القنية‏:‏ لو أبق من قرية المشتري إلى قرية البائع يكون عيبا‏.‏ ‏(‏قوله ولم يختف‏)‏ فلو اختفى عند البائع يكون عيبا؛ لأنه دليل التمرد ‏(‏قوله والأحسن أنه عيب‏)‏ وقيل لا مطلقا، وقيل إن دام على هذا الفعل فعيب لا لو مرتين أو ثلاثا، والظاهر أن غير الثور من البهائم كالثور ط ‏(‏قوله قبل عوده من الإباق‏)‏ ومثله قبل موته كما في البحر، فإن مات آبقا يرجع بنقصان العيب كما في الهندية، ومؤنة الرد على المشتري فيما له حمل ومؤنة بحر‏.‏ ويرده في موضع العقد زادت قيمته أو نقصت، أو في موضع التسليم لو اختلف عن موضع العقد كما في الخانية سائحاني ‏(‏قوله ابن ملك قنية‏)‏ في بعض النسخ وقنية بزيادة واو العطف وهي أحسن، وذكر المسألة أيضا في البحر عن جامع الفصولين ‏(‏قوله والسرقة‏)‏ سواء أوجبت قطعا أو لا كالنباش والطرار وأسبابها في حكمها، كما إذا نقب البيت، وإطلاقهم يعم الكبرى كما في الظهيرية ح عن النهر ‏(‏قوله إلا إذا سرق شيئا للأكل من المولى‏)‏ أي فإنه لا يكون عيبا، بخلاف ما إذا سرق ليمنعه أو سرقه من غير المولى ليأكله فإنه عيب فيهما بحر فافهم، وظاهره قصر ذلك على المأكول، ويفيده قول البزازية‏:‏ وسرقة النقد مطلقا عيب وسرقة المأكولات للأكل من المولى لا يكون عيبا‏.‏ قال في النهر‏:‏ وينبغي أنه لو سرق من المولى زيادة على ما يأكله عرفا يكون عيبا ‏(‏قوله أو يسيرا كفلس أو فلسين‏)‏ جزم به الزيلعي، وظاهر ما في المعراج أنها قويلة وأن المذهب الإطلاق، وعلى هذا القول ما دون الدرهم كذلك كما ذكره فيه بحر ‏(‏قوله ولو سرق إلخ‏)‏ ستأتي هذه المسألة أواخر الباب عند قول المصنف قتل المقبوض أو قطع إلخ، وهي مذكورة في الهداية ‏(‏قوله أيضا‏)‏ أي بعدما سرق عند البائع ‏(‏قوله رجع بربع الثمن‏)‏ سواء كانت السرقة متكررة عندهما، أو اتحدت عند أحدهما وتكررت عند الآخر كما يفيده التعليل‏.‏ ووجه الرجوع بالربع أن دية اليد في الحر نصف دية النفس، وفي الرقيق نصف القيمة، وقد تلف هذا النصف بسببين‏:‏ تحقق أحدهما عند البائع والآخر عند المشتري فينتصف الموجب فيرجع بنصف النصف وهو الربع، وأطلق فيه فشمل ما إذا طلب رب المال المسروق في السرقتين أو في إحداهما دون الأخرى، وهذا التعليل يفيد اعتبار القيمة لا الثمن‏.‏ وقد يقال‏:‏ إنما عبر به نظرا إلى أن الغالب أن الثمن قدر القيمة ط ‏(‏قوله رجع بثلاثة أرباع ثمنه‏)‏ أي رجع المشتري عليه بذلك؛ لأن ربع الثمن سقط عن البائع بالسرقة الثانية‏.‏ ‏(‏قوله أو أن يأكل إلخ‏)‏ قال في النهر‏:‏ وفسره أي التمييز بعضهم بأن يأكل ويشرب ويستنجي وحده، وهذا يقتضي أن يكون ابن سبع؛ لأنهم قدروه بذلك في الحضانة، لكن وقع التصريح في غير موضع بتقديره بخمس سنين فما فوقها، وما دون ذلك لا يكون عيبا‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ والفرق بين البابين أن المدار هنا على الإدراك وهناك على الاستغناء عن النساء تأمل‏.‏ ‏(‏قوله وتمامه في الجوهرة‏)‏ لم أر فيها زيادة على ما هنا إلا أنه ذكر فيها التقدير الأول عند قوله والبول في الفراش، والثاني عند قوله والسرقة، وظاهر البحر وغيره عدم الفرق بين الموضعين ‏(‏قوله؛ لأنها‏)‏ أي هذه العيوب الثلاثة قوله لقصور عقل‏)‏ يرجع إلى الإباق والسرقة، كما أن قوله بعده لسوء اختيار يرجع إليهما أيضا ط ‏(‏قوله فعند اتحاد الحالة إلخ‏)‏ تفريع على اختلافها صغرا وكبرا ‏(‏قوله بأن ثبت إباقه‏)‏ أي أو بوله أو سرقته ‏(‏قوله عند بائعه‏)‏ أو عند بائع بائعه ‏(‏قوله ثم مشتريه‏)‏ أفاد أنه لو ثبت عند البائع ولم يعد عند المشتري لا يرد، وهو الصحيح كما في جامع الفصولين ‏(‏قوله إن من نوعه‏)‏ بأن حم في الوقت الذي كان يحم فيه عند البائع كما في النهر ح ‏(‏قوله لو وجده يبول‏)‏ أي وهو صغير وثبت بوله عند بائعه أيضا ‏(‏قوله حتى رجع بالنقصان‏)‏ أي نقصان البول،؛ لأنه بالعيب الحادث امتنع الرد، فتعين الرجوع بالنقصان‏.‏ والظاهر أن العيب الحادث غير قيد، بل مثله ما لو أراد الرد فصالحه البائع عن العيب على شيء معلوم‏.‏ ثم رأيت في النهر عن الخانية‏:‏ اشترى جارية وادعى أنها لا تحيض واسترد بعض الثمن ثم حاضت، قالوا‏:‏ إن كان البائع أعطاه على وجه الصلح عن العيب كان للبائع أن يسترد ذلك‏.‏ ا هـ‏.‏

وسيأتي آخر الباب تقييد الشارح ذلك بما إذا زال العيب بلا علاجه ‏(‏قوله ينبغي نعم‏)‏ نقل ذلك في الفتح عن والد صاحب الفوائد الظهيرية، وأنه قال لا رواية فيه، وأنه استدل لذلك بمسألتين‏:‏ إحداهما إذا اشترى جارية ذات زوج كان له ردها، ولو تعيبت بعيب آخر رجع بالنقصان؛ فلو أبانها زوجها كان للبائع أن يسترد النقصان لزوال ذلك العيب، فكذا فيما نحن فيه والثانية إذا اشترى عبدا فوجده مريضا كان له الرد، ولو تعيب بعيب آخر رجع بالنقصان، فإذا رجع ثم برئ بالمداواة لا يسترد وإلا استرد، والبلوغ هنا لا بالمداواة فينبغي أن يسترد‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله تلويح‏)‏ قال في البحر‏:‏ وفي التلويح‏:‏ الجنون اختلال القوة المميزة بين الأشياء الحسنة والقبيحة المدركة للعواقب انتهى‏.‏ والأخصر اختلال القوة التي بها إدراك الكليات‏.‏ ا هـ‏.‏ وأشار بقوله والأخصر إلى أن المؤدى واحد، فما عزاه الشارح إلى التلويح نقل بالمعنى فافهم‏.‏ ‏(‏قوله ومعدنه القلب إلخ‏)‏ سئل علي رضي الله عنه عن معدن العقل، فقال‏:‏ القلب، وإشراقه إلى الدماغ، وهو خلاف ما ذكره الحكماء، وقوله علي أعلى عند العلماء من بشرح بدء الأمالي للقاري ‏(‏قوله وهو لا يختلف بهما‏)‏ فلو جن في الصغر في يد البائع ثم عاوده في يد المشتري في الصغر أو في الكبر يرده؛ لأنه عين الأول لأن سبب الجنون في حال الصغر والكبر متحد، وهو فساد الباطن‏:‏ أي باطن الدماغ‏.‏ وهذا معنى قول محمد رحمه الله تعالى‏:‏ والجنون عيب أبدا، لا ما قيل إن معناه أنه لا تشترط المعاودة للجنون في يد المشتري فيرد بمجرد وجوده عند البائع فإنه غلط؛ لأن الله تعالى قادر على إزالته بإزالة سببه، وإن كان قلما يزول، فإذا لم يعاوده جاز كون البيع صدر بعد الإزالة، فلا يرد بلا تحقق قيام العيب فلا بد من المعاودة، وهذا هو الصحيح، وهو المذكور في الأصل والجامع الكبير، واختاره الإسبيجابي فتح ‏(‏قوله وقيل يختلف‏)‏ فيكون مثل ما مر من الإباق ونحوه فلا بد من تكرره في الصغر أو في الكبر وهذا قول ثالث ‏(‏قوله ومقداره فوق يوم وليلة‏)‏ جزم به الزيلعي وقيل هو عيب ولو ساعة، وقيل المطبق نهر، والمطبق بفتح الباء بحر، ومر تعريفه في الصوم ‏(‏قوله في الأصح‏)‏ قد علمت أن مقابله غلط ‏(‏قوله إلا في ثلاث إلخ‏)‏ فيه أن الكلام في معاودة الجنون وهذه ليست منه، وهي مستثناة من اشتراط المعاودة مطلقا‏.‏ وعبارة البحر‏:‏ الأصل أن المعاودة عند المشتري بعد الوجود عند البائع شرط للرد إلا في مسائل إلخ ‏(‏قوله والتولد من الزنا‏)‏ بأن يكون الرقيق متولدا من الزنا، لكن هذا مما لا تمكن معاودته ط ‏(‏قوله والولادة‏)‏ قال في الفتح‏:‏ إذا ولدت الجارية عند البائع لا من البائع أو عند آخر فإنها ترد على رواية كتاب المضاربة وهو الصحيح وإن لم تلد ثانيا عند المشتري؛ لأن الولادة عيب لازم؛ لأن الضعف الذي حصل بالولادة لا يزول أبدا، وعليه الفتوى‏.‏ وفي رواية كتاب البيوع لا ترد‏.‏ ا هـ‏.‏ وقوله لا من البائع؛ لأنها لو ولدت منه صارت أم ولده فلا يصح بيعها‏.‏ قال في الشرنبلالية‏:‏ وقوله وإن لم تلد ليس المراد ما يوهم الرد بعد ولادتها عند المشتري لامتناعه بتعيبها عنده بالولادة ثانيا مع العيب السابق بها‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ هذا مسلم إن حصل بالولادة الثانية عيب زائد على الأول فتأمل‏.‏ ‏(‏قوله فتح‏)‏ صوابه بحر؛ لأنه في الفتح لم يذكر إلا الأخيرة ‏(‏قوله واعتمده في النهر‏)‏ حيث قال‏:‏ وعندي أن رواية البيوع أوجه؛ لأن الله تعالى قادر على إزالة الضعف الحاصل بالولادة‏.‏ ثم رأيت في البزازية عن النهاية‏:‏ الولادة ليست بعيب إلا أن توجب نقصانا وعليه الفتوى‏.‏ ا هـ‏.‏ وهذا هو الذي ينبغي أن يعول عليه‏.‏ ا هـ‏.‏ كلام النهر‏.‏ أقول‏:‏ الذي رأيته في نسختين من البزازية، وكذا في غيرها نقلا عنها ما نصه‏:‏ اشتراها وقبضها ثم ظهر ولادتها عند البائع لا من البائع وهو لا يعلم، في رواية المضاربة عيب مطلقا؛ لأن التكسر الحاصل بالولادة لا يزول أبدا وعليه الفتوى‏.‏ وفي رواية إن نقصتها الولادة عيب، وفي البهائم ليست بعيب إلا أن توجب نقصانا وعليه الفتوى‏.‏ ا هـ‏.‏ فقوله‏.‏ وفي البهائم كأنه وقع في نسخة صاحب النهر، وفي النهاية فظنه تصحيحا للرواية الثانية في مسألة الجارية، وهو تصحيف من الكاتب بنى عليه ما زعمه وليس كذلك، فلم يكن في المسألة اختلاف تصحيح، بل التصحيح الثاني لولادة البهيمة فافهم‏.‏ ‏(‏قوله الحبل عيب إلخ‏)‏ نص على هذا التفصيل في كافي الحاكم فصار الحبل في حكم الولادة على ما عرفته، وعلله في السراج بأن الجارية تراد للوطء والتزويج، والحبل يمنع من ذلك، وأما في البهائم فهو زيادة فيها ‏(‏قوله وكذا الأدر‏)‏ بفتح الهمزة والدال مع القصر، أما ممدود الهمزة فهو من به الأدر وفعله كفرح والاسم الأدرة بالضم، وقوله الأنثيين غير شرط بل انتفاخ أحدهما كاف فيما يظهر ط ‏(‏قوله والعنين‏)‏ الظاهر أن الياء زائدة من النساخ والأصل والعنن بنونين فيكون قوله والخصي بكسر ففتح وعبارة الخانية والعنة عيب وكذا الخصي والأدرة ‏(‏قوله عيب‏)‏ مصدر يصدق بالمتعدد وغيره فلا ينافي جعله خبرا عن شيئين، وعلى كون النسخة العنين والخصي بالتشديد فيهما يكون التقدير ذوا عيب ‏(‏قوله فلا خيار له‏)‏؛ لأن الخصاء عند الإمام في العبد عيب فكأنه شرط العيب فبان سليما‏.‏ وقال الثاني‏:‏ الخصي أفضل لرغبة الناس فيه فيخير بزازية، وجزم في الفتح بقول الثاني، ومقتضاه جريان الخلاف أيضا فيما لو شرى الجارية على أنها مغنية؛ لأن الغناء عيب شرعا كالخصاء كما قدمناه قبيل خيار الرؤية

‏(‏قوله والبخر‏)‏ بالموحدة المفتوحة والخاء المعجمة من حد تعب‏.‏ أما بالجيم فانتفاخ ما تحت السرة، وهو عيب في الغلام أيضا‏.‏ وفي الفتح‏:‏ البخر الذي هو العيب الناشئ من تغير المعدة دون ما يكون لقلح في الأسنان فإن ذلك يزول بتنظيفها‏.‏ ا هـ‏.‏ نهر‏:‏ والقلح بالقاف والحاء المهملة محركا‏:‏ صفرة الأسنان كما في القاموس، وهذا أولى مما قيل إنه بالفاء والجيم‏:‏ وهو تباعد ما بين الأسنان ‏(‏قوله والدفر‏)‏ بفتح الدال المهملة والفاء وسكونها أيضا، أما بالذال المعجمة فبفتح الفاء لا غير، وهو حدة من طيب أو نتن‏.‏ قال في العناية‏:‏ منه قولهم مسك أذفر وإبط ذفر، وهو مراد الفقهاء من قولهم‏:‏ الذفر عيب في الجارية‏.‏ ا هـ‏.‏ وأصله في المغرب إلا أن كونه مراد الفقهاء لا غير فيه نظر، إذ لا يشترط في كونه عيبا شدته، فالأولى كونه بالمهملة فتدبر‏.‏ نهر ‏(‏قوله وكذا نتن الأنف‏)‏ الظاهر أنه يقال فيه ذفر بالمعجمة ونتن ريح الإبط بها نهر ‏(‏قوله كلها عيب فيها لا فيه‏)‏ أي في الجارية لا في الغلام؛ لأن الجارية قد يراد منها الاستفراش، وهذه المعاني تمنع منه بخلاف الغلام؛ لأنه للاستخدام، وكذا التولد من الزنا؛ لأن الولد يعير بالأم التي هي ولد الزنا كما في العزمية عن المعراج ‏(‏قوله خلاصة‏)‏ نص عبارتها‏:‏ والأصح أن الأمرد وغيره سواء‏.‏ ا هـ‏.‏ وبه سقط ما في حاشية نوح أفندي والواني أنه في الخلاصة جعل البخر في الغلام الأمرد عيبا فتدبر‏.‏ ‏(‏قوله بأن يتكرر‏)‏؛ لأن اتباعهن مخل بالخدمة درر ‏(‏قوله واللواطة بها‏)‏ أي بالمرأة بأن كانت تطلب من الناس ذلك ‏(‏قوله عيب مطلقا‏)‏ أي مجانا أو بأجرة؛ لأنه يفسد الفراش بحر ‏(‏قوله وبه إن مجانا‏)‏ الظاهر تقييده بما إذا تكرر ‏(‏قوله؛ لأنه دليل الأبنة‏)‏ في القاموس‏:‏ الأبنة بالضم العقدة في العود، والعيب‏.‏ ا هـ‏.‏ والمراد هنا عيب خاص، وهو داء في الدبر تنفعه اللواطة ‏(‏قوله والكفر‏)‏؛ لأن طبع المسلم ينفر عن صحبته ولأنه يمنع صرفه في بعض الكفارات فتختل الرغبة، فلو اشتراه على أنه كافر فوجده مسلما لا يرد؛ لأنه زوال العيب هداية‏.‏ زاد في الشرنبلالية‏:‏ أي ولو كان المشتري كافرا ذكره في المنبع شرح المجمع والسراج الوهاج كذا بخط العلامة الشيخ علي المقدسي‏.‏ ا هـ‏.‏ أي؛ لأن الإسلام خير محض وإن شرط المشتري الكافر عدمه ‏(‏قوله بحر بحثا‏)‏ حيث قال‏:‏ ولم أر ما لو وجده خارجا عن مذهب السنة كالمعتزلي والرافضي، وينبغي أن يكون كالكافر،؛ لأن السني ينفر عن صحبته وربما قتله الرافضي؛ لأن الرافضة يستحلون قتلنا‏.‏ ا هـ‏.‏ وأنت خبير بأن الصحيح في المعتزلة والرافضة وغيرهم من المبتدعة أنه لا يحكم بكفرهم وإن سبوا الصحابة أو استحلوا قتلنا بشبهة دليل كالخوارج الذين استحلوا قتل الصحابة، بخلاف الغلاة منهم كالقائلين بالنبوة لعلي والقاذفين للصديقة فإنه ليس لهم شبهة دليل فهم كفار كالفلاسفة كما بسطناه في كتابنا ‏[‏تنبيه الولاة والحكام على حكم شاتم خير الأنام‏]‏ وقدمنا بعضه في باب الردة‏.‏ وبه ظهر أن مراد البحر غير الكافر منهم ولذا شبهه بالكافر، وبه سقط اعتراض النهر بأن الرافضي الساب للشيخين داخل في الكافر، وكذا ما أجاب به بعضهم من أن مراد البحر المفضل لا الساب فافهم‏.‏ ‏(‏قوله عيب فيهما‏)‏ أي في الجارية والغلام ‏(‏قوله ولو المشتري ذميا سراج‏)‏ عبارة السراج على ما في البحر الكفر عيب، ولو اشتراها مسلم أو ذمي‏.‏ قال البحر‏:‏ وهو غريب في الذمي‏.‏ ا هـ‏.‏ وكذا قال في النهر‏:‏ ولم أره في كلام غير السراج، كيف ولا نفع للذمي بالمسلم؛ لأنه يجبر على إخراجه عن ملكه‏.‏ ا هـ‏.‏ يعني أنه لو ظهر مشري الذمي مسلما ليس له الرد كما قدمناه مع أنه لا يمكن من إبقائه على ملكه فإذا ظهر كافرا يكون عدم الرد بالأولى؛ لأنه يبقى على ملكه فهو أنفع له من المسلم فكيف يكون كفره عيبا في حق الذمي دون إسلامه، وهذا تقرير كلامه فافهم‏.‏ وقد يجاب بأن الإسلام نفع محض شرعا وعقلا فلا يكون عيبا في حق أحد أصلا، بخلاف الكفر فإنه أقبح العيوب شرعا وعقلا فهو عيب محض في حق الكل، ولذا قال المصنف في المنح بعدما مر عن البحر‏:‏ أقول‏:‏ ليس بغريب، لما علم أن العيب ما ينقص الثمن عند التجار، ولا شك أن الكفر بهذه المثابة؛ لأن المسلم ينفر عنه وغيره لا يرغب في شرائه لعدم الرغبة فيه من الكل وهو أقبح العيوب؛ لأن المسلم ينفر عن صحبته ولا يصلح للإعتاق في بعض الكفارات فتختل الرغبة‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ ويؤيده أنها لو ظهرت مغنية له الرد مع أن بعض الفسقة يرغب فيها ويزيد في ثمنها؛ لأنه عيب شرعا، وكذا لو ظهر الأمرد أبخر ليس له الرد مع أنه عيب عند بعض الفسقة، لكنه ليس بعيب شرعا،؛ لأنه لا يخل بالاستخدام وإن أخل بغرض المشتري الفاسق، نعم يشكل عليه ما في الخانية‏:‏ يهودي باع يهوديا زيتا وقعت فيه قطرات خمر جاز البيع، وليس له الرد؛ لأن هذا ليس بعيب عندهم‏.‏ ا هـ‏.‏ تأمل ‏(‏قوله وعدم الحيض‏)‏؛ لأن ارتفاع الدم واستمراره علامة الداء؛ لأن الحيض مركب في بنات آدم، فإذا لم تحض فالظاهر أنه لداء فيها وذلك الداء هو العيب، وكذا الاستحاضة لداء فيها زيلعي ‏(‏قوله وعندهما خمسة عشر‏)‏ وبقولهما يفتى ط فانقطاع الحيض لا يكون عيبا إلا إذا كان في أوانه، أما انقطاعه في سن الصغر أو الإياس فلا اتفاقا كما في البحر عن المعراج‏.‏ قال في النهر‏:‏ ويجب أن يكون معناه إذا اشتراها عالما بذلك‏.‏ وفي المحيط‏:‏ اشتراها على أنها تحيض فوجدها لا تحيض إن تصادقا على أنها لا تحيض بسبب الإياس فله الرد؛ لأنه عيب؛ لأنه اشتراها للحبل والآيسة لا تحبل‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ ما في المحيط ظاهر؛ لأنه حيث اشترط حيضها كان فوات الوصف المرغوب أما إذا لم يشترطه فالظاهر أنها لا ترد؛ لما قدمناه عن البزازية‏:‏ لو وجد الدابة كبيرة السن لا ترد إلا إذا شرط صغرها فتدبر‏.‏ وفي القنية‏:‏ وجدها تحيض كل ستة أشهر مرة فله الرد ‏(‏قوله ويعرف بقولها إلخ‏)‏ قال في الهداية‏:‏ ويعرف ذلك بقول الأمة فترد إذا انضم إليه نكول البائع قبل القبض وبعده هو الصحيح‏.‏ ا هـ‏.‏ ومثله في متن الملتقى‏.‏ وذكر الزيلعي تبعا للنهاية وغيرها من شروح الهداية أنه لا تسمع دعواه بأنه ارتفع حيضها إلا إذا ذكر سببه وهو الداء أو الحبل فما لم يذكر أحدهما لا تسمع دعواه، ويعرف ذلك بقول الأمة؛ لأنه لا يعرفه غيرها ويستحلف البائع مع ذلك فترد بنكوله لو بعد القبض، وكذا قبله في الصحيح‏.‏ وعن أبي يوسف ترد بلا يمين البائع‏.‏ قالوا في ظاهر الرواية‏:‏ لا يقبل قول الأمة فيه كما في الكافي، والمرجع في الحبل إلى قول النساء، وفي الداء إلى قول الأطباء، واشترط لثبوت العيب قول عدلين منهم‏.‏ ا هـ‏.‏ ملخصا واعترضهم في الفتح بأن اشتراط ذكر السبب مناف لتقرير الهداية بأنه يعرف بقول الأمة، وكذا قال العتابي وغيره، وهو الذي يجب أن يعول عليه إذ لو لزم دعوى الداء أو الحبل لم يتصور أن يثبت بقولها توجه اليمين على البائع، بل لا يرجع إلا إلى قول الأطباء أو النساء، ولذا لم يتعرض له فقيه النفس قاضي خان‏.‏ فظهر أن اشتراطه قول مشايخ آخرين يغلب على الظن خطؤهم ا هـ‏.‏ ملخصا‏.‏ واعتراضه في البحر بأن قاضي خان صرح أولا بالاشتراط نقلا عن الإمام ابن الفضل، ثم نقل عنه أيضا بعد صفحة ما عزاه صاحب الفتح إلى الخانية‏:‏ ولا منافاة بين قولهم يعتبر قول الأمة وقولهم والمرجع إلى النساء في الحبل وإلى الأطباء في الداء؛ لأن الأول إنما هو لأجل انقطاع الدم لتتوجه الخصومة إلى البائع، فإذا توجهت إليه بقولها وعين المشتري أنه عن حبل رجعنا إلى النساء العالمات بالحبل لتتوجه اليمين على البائع، وإن عين أنه عن داء رجعنا إلى قول الأطباء كذلك كما لا يخفى ا هـ‏.‏ لكن قال في النهر‏:‏ ورأيت في المحيط أن اشتراط ذكر السبب رواية النوادر، وعليه يحمل ما في الخانية‏.‏ ا هـ‏.‏ ومقتضاه تعيين الرجوع إلى قول الأمة لكن ينافيه ما مر من قوله قالوا ظاهر الرواية أنه لا يقبل قولها فيه، إلا أن يقال إن لفظ قالوا يشير إلى الضعف ونقل العلامة المقدسي عن الرئيس الشيخ قاسم أنه ذكر عبارتي الخانية وقال إن الثانية أي التي اقتصر عليها في الفتح أوجه‏.‏ قلت‏:‏ وهذا ترجيح منه لما اختاره في الفتح وإليه يشير كلام النهر أيضا‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

في صفة الخصومة في ذلك‏.‏ أما على ما ذكره الشراح فهي أنه بعد بيان السبب والرجوع إلى النساء أو الأطباء ومضي المدة الآتي بيانها يسأل القاضي البائع، فإن صدق المشتري ردها عليه، وإن قال هي كذلك للحال، وما كانت كذلك عندي توجهت الخصومة على البائع لتصادقهما على قيامه للحال فللمشتري تحليفه، فإن حلف برئ وإلا ردت عليه، وإن أنكر الانقطاع للحال لا يستحلف عنده، وعندهما يستحلف‏.‏ قال في النهاية‏:‏ ويجب كونه على العلم بالله ما يعلم انقطاعه عند المشتري وتعقبه في الفتح بأنه لو حلف كذلك لا يكون إلا بارا، إذ من أين يعلم أنها لم تحض عند المشتري‏.‏ ا هـ‏.‏ وأما صفتها على ما صححه في الفتح فقال بأن يدعي الانقطاع للحال ووجوده عند البائع، فإن اعترف البائع به ردت عليه، وإن اعترف به للحال وأنكر وجوده عنده استخبرت الجارية، فإن ذكرت أنها منقطعة، اتجهت الخصومة فيحلفه بالله ما وجد عنده، فإن اعترف البائع به ردت عليه، وإن اعترف بوجوده عنده وأنكر الانقطاع للحال فاستخبرت فأنكرت الانقطاع لا يستحلف عنده، وعندهما يستحلف‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله ولا تسمع في أقل من ثلاثه أشهر عند الثاني‏)‏ اعلم أن الزيلعي ذكر هنا أيضا تبعا لشراح الهداية أنه لو ادعى انقطاعه في مدة قصيرة لا تسمع دعواه، وفي المديدة تسمع، وأقلها ثلاثه أشهر عند أبو يوسف، وأربعة أشهر وعشر عند محمد‏.‏ وعن أبي حنيفة وزفر أنها سنتان‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي رواية تسمع دعوى الحبل بعد شهرين وخمسة أيام، وعليه عمل الناس بزازية وغيرها‏.‏ وذكر في البحر أن ابتداء المدة من وقت الشراء‏.‏ ورجح في الفتح ما في الخانية من تقديرها بشهر‏.‏ ورد عليه في البحر بأنه خبط عجيب وغلط فاحش؛ لأنه لا اعتبار بما في الخانية مع صريح النقل عن أئمتنا الثلاثة، وأقره في النهر‏.‏ قلت‏:‏ وهو مدفوع، فقد قال في الذخيرة‏:‏ أما إذا ادعى المشتري انقطاع حيضها وأراد ردها بهذا السبب لا يوجد لهذا رواية في المشاهير، ثم قال بعد كلام‏:‏ ويحتاج بعد هذا إلى بيان الحد الفاصل بين المدة اليسيرة والكثيرة قالوا‏:‏ ويجب أن يكون هذا كمسألة مدة الاستبراء إذا انقطع الحيض، والروايات فيها مختلفة ثم ذكر الروايات السابقة فعلم أن ما ذكروه هنا من المدة إنما ذكروه بطريق القياس على مسألة استبراء ممتدة الطهر، وقد نبه على ذلك المحقق صاحب الفتح، ورد القياس بإبداء الفارق بين المسألتين فإنه نقل ما في الخانية من تقدير المدة بشهر ثم قال‏:‏ وينبغي أن يعول عليه، وما تقدم هو خلاف بينهم في استبراء ممتدة الطهر، والروايات هناك تستدعي ذلك الاعتبار، فإن الوطء ممنوع شرعا إلى الحيض لاحتمال الحبل فيكون ماؤه ساقيا زرع غيره، فقدره أبو حنيفة وزفر بسنتين؛ لأنه أكثر مدة الحمل وهو أقيس وقدره محمد وأبو حنيفة في رواية بعدة الوفاة؛ لأنه يظهر فيها الحبل غالبا وأبو يوسف بثلاثه أشهر؛ لأنها عدة من لا تحيض وفي رواية عن محمد‏:‏ شهران وخمسة أيام وعليه الفتوى، والحكم هنا ليس إلا كون الامتداد عيبا فلا يتجه إناطته بسنتين أو غيرهما من المدد، ا هـ‏.‏ ملخصا فقد ظهر لك أنه لا يصح في مسألتنا دعوى النقل عن أئمتنا الثلاثة؛ لأن المنقول عنهم ذلك إنما هو في مسألة الاستبراء المذكورة أما مسألة العيب فلا ذكر لها في المشاهير، وإنما اختلف المشايخ فيها قياسا على مسألة الاستبراء والإمام فقيه النفس قاضي خان اختار تقدير المدة بشهر لتتوجه الخصومة بالعيب المذكور؛ لأنه يظهر للقوابل أو للأطباء في شهر فلا حاجة إلى الأكثر، ورجحه خاتمة المحققين وهو من أهل الترجيح، فالقول بأنه خبط عجيب هو العجيب، فاغتنم هذا التحقيق، والله تعالى ولي التوفيق‏.‏

‏(‏وقوله والاستحاضة‏)‏ بالجر عطفا على المضاف الذي هو عدم ط ‏(‏قوله والسعال القديم‏)‏ أي إذا كان عن داء، فأما القدر المعتاد منه فلا فتح‏.‏ وظاهره أن الحادث غير عيب ولو وجد عندهما لكن المنظور إليه كونه عن داء لا القدم، ولذا قال في الفصولين‏:‏ السعال عيب إن فحش وإلا فلا، أفاده في البحر ‏(‏قوله والدين‏)‏؛ لأن ماليته تكون مشغولة به والغرماء مقدمون على المولى، وكذا لو في رقبته جناية‏.‏ قال في السراج؛ لأنه يدفع فيها فتستحق رقبته بذلك، وهذا يتصور فيما لو حدثت بعد العقد قبل القبض فلو قبل العقد فبالبيع صار البائع مختارا للفداء ولو قضى المولى الدين قبل الرد سقط الرد لزوال الموجب له‏.‏ ا هـ‏.‏ وكذا لو أبرأه الغريم بزازية وفي القنية‏:‏ الدين عيب إلا إذا كان يسيرا لا يعد مثله نقصانا بحر ‏(‏قوله لا المؤجل لعتقه‏)‏ اللام بمعنى إلى، والمراد الذي تتأخر المطالبة به إلى ما بعد عتقه كدين لزمه بالمبايعة بلا إذن المولى ‏(‏قوله لكن عمم الكمال‏)‏ هو بحث منه مخالف للنقل بحر ‏(‏قوله وعلله بنقصان ولائه وميراثه‏)‏ لم يظهر وجه نقصان الولاء إلا أن يراد نقصان الولاء بنقصان ثمرته وهي الميراث تأمل‏.‏ ا هـ‏.‏ ح ‏(‏قوله كسبل‏)‏ هو داء في العين يشبه غشاوة كأنها نسج العنكبوت بعروق حمر‏.‏ ا هـ‏.‏ ح عن جامع اللغة ‏(‏قوله وحوص‏)‏ بفتحتين والحاء والصاد مهملتان‏:‏ ضيق في آخر العين وبابه ضرب ح عن جامع اللغة ونحوه في القاموس والمصباح‏.‏ وفي الفتح أنه نوع من الحول ‏(‏قوله بثر‏)‏ بضم الباء وتسكين المثلثة يفرق وبينه بين واحده بالتاء ويذكر لكونه اسم جنس ويؤنث نظرا إلى الجمعية فإنه اسم جنس وضعا جمعي استعمالا على المختار ط‏.‏ ‏(‏قوله والأصبعان عيبان إلخ‏)‏ أي قطعهما فلو باعها بشرط البراءة من عيب واحد في يدها فإذا هي مقطوعة أصبع واحدة برئ لا لو أصبعين؛ لأنهما عيبان، وإن كانت الأصابع كلها مقطوعة مع نصف الكف فهو عيب واحد، ولو مقطوعة الكف لا يبرأ؛ لأن البراءة عن عيب اليد، والعيب يكون حال قيامها لا حال عدمها كما في الخانية‏.‏ ومفاده أنه لو لم يقل في يدها يبرأ لو مقطوعة الكف، وعليه يحمل كلام الشارح، وكان الأنسب ذكر هذه المسألة فيما سيأتي عند ذكر اشتراط البراءة ‏(‏قوله والشيب‏)‏ ومثله الشمط‏:‏ وهو اختلاط البياض بالسواد، وعللوه بأنه في أوانه للكبر، وفي غير أوانه للداء‏.‏ قال في جامع الفصولين‏:‏ أقول‏:‏ جعل الكبر هنا عيبا لا في عدم الحيض، حتى لو ادعى عدم الحيض للكبر لم يسمع على ما يدل عليه ما مر من قوله لا تسمع دعوى عدم الحيض، إلا أن يدعيه بحبل أو داء وبينهما منافاة‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله وشرب خمر جهرا‏)‏ أي مع الإدمان، فلو على الكتمان أحيانا فليس بعيب كما في جامع الفصولين‏:‏ أي؛ لأنه لا ينقص الثمن وإن كان عيبا في الدين ‏(‏قوله إن عد عيبا‏)‏ كقمار بنرد وشطرنج ونحوهما لا إن كان لا يعد عيبا عرفا كقمار بجوز وبطيخ جامع الفصولين‏:‏ فالمدار على العرف ‏(‏قوله لو كبيرين مولدين‏)‏ بخلافه في الصغيرين‏.‏ وفي الجليب من دار الحرب لا يكون عيبا مطلقا‏.‏ قال في الخانية‏:‏ وهذا عندهم، يعفى عدم الختان في الجارية المولدة، أما عندنا عدم الخفض في الجارية لا يكون عيبا بحر ‏(‏قوله وعدم نهق حمار‏)‏؛ لأنه يدل على عيب فيه ط ‏(‏قوله وقلة أكل دواب‏)‏ احتراز عن الإنسان فكثرته فيه عيب، وقيل في الجارية عيب لا الغلام، ولا شك أنه لا فرق إذا أفرط فتح ‏(‏قوله ونكاح‏)‏ أي في العبد والجارية خانية؛ لأن العبد يلزمه نفقة الزوجة، والجارية يحرم وطؤها على السيد قال في الخانية‏:‏ وكذا لو كانت الجارية في العدة عن طلاق رجعي لا عن طلاق بائن والإحرام ليس بعيب فيها، وكذا لو كانت محرمة عليه برضاع أو صهرية ‏(‏قوله وكذب ونميمة‏)‏ ينبغي تقييدهما بالكثير المضر ‏(‏قوله وترك صلاة‏)‏ وكذا غيرها من الذنوب بحر ‏(‏قوله لكن في القنية إلخ‏)‏ يؤيده ما في جامع الفصولين رامزا إلى الأصل، الزنا في القن ليس بعيب؛ لأنه نوع فسق فلا يوجب خللا ككونه آكل الحرام أو تارك الصلاة‏.‏ ا هـ‏.‏ فافهم ‏(‏قوله ينبغي أن يتمكن من الرد إلخ‏)‏ أقره في البحر والنهر‏.‏ وفي الولوالجية‏:‏ والهتوع عيب، وهو مأخوذ من الهتعة، وهي دائرة بيضاء تكون في صدر الحيوان إلى جانب نحره يتشاءم به فيوجب نقصانا في الثمن بسبب تشاؤم الناس‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله لو على الذقن إلخ‏)‏ عبارة البحر‏:‏ وكذا الخال إن كان قبيحا منقصا‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي البزازية‏:‏ والخال والثؤلول لو في موضع مخل بالزينة، أما في موضع لا يخل بها كتحت الإبط والركبة لا ‏(‏قوله والعيوب كثيرة‏)‏ منها الأدرة في الغلام والعفلة وهي ورم في فرج الجارية، والسن الساقطة والخضراء والسوداء ضرسا أو لا‏.‏ واختلف في الصفرة ومنها الظفر الأسود إن نقص القيمة، وعدم استمساك البول، والحرن في الدابة‏:‏ وهو أن تقف ولا تنقاد، والجموح‏:‏ وهو أن لا تقف عند الإلجام، وخلع الرسن واللجام؛ وكذا لو اشترى كرما فوجد فيه ممرا أو مسيلا للغير أو كان مرتفعا لا يصل إليه الماء إلا بالسكر أو لا شرب له بزازية‏.‏ وذكر في البحر زيادة على ذلك فراجعه

‏(‏قوله حدث عيب آخر عند المشتري‏)‏ من ذلك ما إذا اشترى حديدا ليتخذ منه آلات النجارين وجعله في الكور ليجربه بالنار فوجد به عيبا ولا يصلح لتلك الآلات يرجع بالنقصان ولا يرده‏.‏ ومنه أيضا بل الجلود أو الإبريسم فإنه عيب آخر يمنع الرد، وتمامه في البحر ‏(‏قوله بغير فعل البائع‏)‏ ومثله الأجنبي فبقي كلام المصنف شاملا لما إذا كان بفعل المشتري أو بفعل المعقود عليه أو بآفة سماوية، ففي هذه الثلاث لا يرده بالعيب القديم،؛ لأنه يلزم رده بعيبين، وإنما يرجع بحصة العيب إلا إذا رضي البائع به ناقصا أفاده في البحر ‏(‏وقوله فلو به‏)‏ أي بفعل البائع ومثله الأجنبي، وقوله بعد القبض يغني عنه قول المصنف عند المشتري لكنه صرح به ليقابله بقوله‏:‏ وأما قبله فافهم ‏(‏قوله رجع بحصته‏)‏ أي حصة العيب الأول وامتنع الرد بحر ‏(‏وقوله ووجب الأرش‏)‏ أي أرش العيب الحادث بفعل البائع، فحينئذ يرجع على البائع بشيئين‏:‏ الأول حصة العيب الأول من الثمن والثاني أرش العيب الثاني ط ولو كان العيب الثاني بفعل أجنبي رجع بالأرش عليه ‏(‏قوله وأما قبله إلخ‏)‏ أي وأما إذا كان حدوث العيب الثاني بفعل البائع قبل القبض خير المشتري - سواء وجد به عيبا أو لا - بين أخذه أي مع طرح حصة النقصان من الثمن وبين رده وأخذ كل الثمن، وكذا لو كان بآفة سماوية أو بفعل المعقود عليه فإنه يرده بكل الثمن أو يأخذه ويطرح عنه حصة جناية المعقود عليه، وكذا لو كان بفعل أجنبي فإنه يخير‏.‏ ولكنه إن اختار الأخذ يرجع بالأرش على الجاني وإن كان بفعل المشتري لزمه بجميع الثمن، وليس له أن يمسكه ويطلب النقصان أفاده في البحر، وقوله ويطرح عنه حصة جناية المعقود عليه ظاهره أنه لا يطرح عنه شيء لو النقصان بآفة سماوية ثم رأيت في جامع الفصولين قال‏:‏ ولو بآفة سماوية، فإن كان النقصان قدرا يطرح عن المشتري حصته من الثمن وهو مخير في الباقي أخذه بحصته أو تركه ككون المبيع كيليا أو وزنيا أو عدديا متقاربا وفات بعض من القدر وإن كان النقصان وصفا لا يطرح عن المشتري شيء من الثمن وهو مخير أخذه بكل ثمنه أو تركه، والوصف ما يدخل في المبيع بلا ذكر كشجر وبناء في الأرض وأطراف في الحيوان وجودة في الكيلي والوزني، إذ الأوصاف لا قسط لها من الثمن إلا إذا ورد عليها الجناية أو القبض، يعني إذا قبض ثم استحق شيء من الأوصاف يرجع بحصته من الثمن‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله بكل الثمن‏)‏ متعلق بقوله أو رده، ولا يصح تعلقه أيضا بقوله فله أخذه أفاده ح‏.‏ ‏(‏قوله مطلقا‏)‏ أي سواء وجد به عيبا أو لا ح ومثله ما مر عن البحر ولا يخفى أن المراد العيب القديم وإلا فالكلام فيما إذا حدث به عيب، وأشار إلى أن حدوثه قبل القبض بفعل كاف في التخيير بين الأخذ والرد سواء كان به عيب قديم أو لا فافهم‏.‏ ‏(‏قوله فالقول للبائع‏)‏ لا يناسب قوله ولو برهن إلخ فكان المناسب أن يقول‏:‏ أولا ولو ادعى البائع حدوثه إلخ أفاده ح ‏(‏قوله إلا في بلد العقد‏)‏ الأولى أن يقول في موضع العقد ليشمل ما لو نقله إلى بيته في بلد العقد وأشار إلى أن تحميله بمنزلة حدوث عيب لما فيه من مؤنة الرد إلى موضع العقد، لكن هذا العيب غير مانع؛ لأن مؤنة الرد على المشتري فلا ضرر فيه على البائع، وقدمنا الكلام على هذه المسألة أول باب خيار الرؤية ‏(‏قوله رجع بنقصانه‏)‏ بأن يقوم بلا عيب ثم مع العيب؛ وينظر في التفاوت، فإن كان مقدار عشر القيمة رجع بعشر الثمن، وإن كان أقل أو أكثر فعلى هذا الطريق حتى، لو اشتراه بعشرة وقيمته مائة وقد نقصه العيب عشرة رجع بعشر الثمن وهو درهم‏.‏ قال البزازي وفي المقايضة إن كان النقصان عشر القيمة رجع بنقصان ما جعل ثمنا يعني ما دخل عليه الباء ولا بد أن يكون المقوم اثنين يخبران بلفظ الشهادة بحضرة البائع والمشتري، والمقوم الأهل في كل حرفة، ولو زال الحادث كان له رد المبيع مع النقصان، وقيل لا، وقيل لا إن كان بدل النقصان قائما رد وإلا لا، وكذا في القنية، والأول بالقواعد أليق نهر‏.‏ ‏(‏قوله إلا فيما استثني‏)‏ أي من المسائل الست المتقدمة أول الباب ط، وقد علمت ما فيها وكتبنا هناك مسائل أخر منها ما يأتي قريبا في كلام المصنف من مسألة البعير وغيرها‏.‏ وفي فتح القدير‏:‏ ثم الرجوع بالنقصان إذا لم يمتنع الرد بفعل مضمون من جهة المشتري‏.‏ أما إذا كان بفعل من جهته كذلك كأن قتل المبيع أو باعه أو وهبه وسلمه أو أعتقه على مال أو كاتبه ثم اطلع على عيب فليس له الرجوع بالنقصان، وكذا إذا قتل عند المشتري خطأ؛ لأنه لما وصل البدل إليه صار كأنه ملكه من القاتل بالبدل، فكان كما لو باعه ثم اطلع على عيب لم يكن له حق الرجوع ولو امتنع الرد بفعل غير مضمون له أن يرجع بالنقصان ولا يرد المبيع ‏(‏قوله ومنه ما لو شراه تولية‏)‏ هذه إحدى مسألتين ذكرهما في البحر بقوله يستثنى مسألتان‏:‏ إحداهما بيع التولية لو باع شيئا تولية ثم حدث به عيب عند المشتري وبه عيب قديم لا رجوع ولا رد؛ لأنه لو رجع صار الثمن الثاني أنقص من الأول، وقضية التولية أن يكون مثل الأول‏.‏ الثانية لو قبض المسلم فيه فوجد به عيبا كان عند المسلم إليه وحدث به عيب عند رب السلم‏.‏ قال الإمام‏:‏ يخير المسلم إليه إن شاء قبله معيبا بالعيب الحادث وإن شاء لم يقبل، ولا شيء عليه من رأس المال ولا من نقصان العيب؛ لأنه لو غرم نقصان العيب من رأس المال كان اعتياضا عن الجودة فيكون ربا‏.‏ ا هـ‏.‏ ملخصا‏.‏ ‏(‏قوله أو خاطه لطفله‏)‏ الأولى أن يقول أو قطعه لطفله؛ لأن من اشترى ثوبا فقطعه لباسا لطفله وخاطه صار مملكا له بالقطع قبل الخياطة، فإذا وجد به عيبا لا يرجع بنقصانه‏:‏ أما لو كان الولد كبيرا يرجع بالعيب؛ لأنه لا يصير ملكا له إلا بقبضه فإذا خاطه قبل القبض امتنع الرد بالخياطة فإذا حصل التمليك بعد ذلك بالتسليم لا يمتنع الرجوع بالنقصان بناء على ما سيأتي من أن كل موضع للبائع أخذه معيبا لا يرجع بإخراجه عن ملكه وإلا رجع؛ ففي الأول أخرجه عن ملكه قبل امتناع الرد وفي الثاني بعده، إذ ليس للبائع أخذه معيبا بعد الخياطة كما يأتي، وتمامه في الزيلعي وبما قررناه ظهر أن التقييد بالخياطة تبعا للهداية احترازي في الكبير اتفاقي في الصغير كما نبه عليه في البحر ‏(‏قوله أو رضي به البائع‏)‏ يعني أنه لو أراد الرجوع بنقصان العيب ورضي البائع بأخذه منه معيبا امتنع رجوع المشتري بالنقصان، بل إما أن يمسكه بلا رجوع، وإما أن يرده‏.‏ لا يقال‏:‏ لا حاجة إلى هذه المسألة مع قول المتن وله الرد برضا البائع؛ لأن ما في المتن لبيان أنه مخير بين الرجوع بالنقصان والرد برضا البائع، وهذا لا يدل على أن رضا البائع بالرد يبطل اختيار المشتري الرجوع بالنقصان، فلذا ذكر الشارح هذه المسألة في مبطلات الرجوع، فلله دره بما حواه دره فافهم‏.‏

‏(‏قوله وله الرد برضا البائع‏)‏؛ لأن في الرد إضرار بالبائع لكونه خرج عن ملكه سالما عن العيب الحادث، فتعين الرجوع بالنقصان إلا أن يرضى بالضرر فيخير المشتري حينئذ بين الرد والإمساك من غير رجوع بنقصان، وهذا المعنى لا يستفاد من المتن، فلو قال ولم يرجع بنقصان لكان أولى نهر‏.‏ قلت‏:‏ وقد أفاد الشارح هذا المعنى بذكر المسألة التي قبله كما قررناه آنفا، ثم إن مقتضى قولهم إلا أن يرضى بالضرر أن المشتري يرجع عليه بجميع الثمن كاملا، وبه صرح القهستاني حيث قال غير طالب‏:‏ أي البائع لحصة النقصان‏.‏ ا هـ‏.‏ فدل على أن البائع ليس له طلب حصة النقصان الحادث فيرد كل الثمن‏.‏ ثم رأيته أيضا في حاشية نوح أفندي حيث قال لسقوط حقه برضاه بالضرر فلا يرجع على المشتري بنقصان العيب الحادث‏.‏ ا هـ‏.‏ ولينظر الفرق بين هذا وبين ما قدمه الشارح عن العيني عند قوله والسرقة‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

أشار المصنف باشتراط رضا البائع إلى فرع في القنية لو رد المبيع بعيب بقضاء أو بغير قضاء أو تقايلا ثم ظفر البائع بعيب حدث عند المشتري فللبائع الرد‏.‏ ا هـ‏.‏ يعني لعدم رضاه به أولا، وفي البزازية‏:‏ رده المشتري بعيب وعلم البائع بحدوث عيب آخر عند المشتري رد على المشتري مع أرش العيب القديم أو رضي بالمردود ولا شيء به وإن حدث فيه عيب آخر عند البائع رجع البائع على المشتري بأرش العيب الثاني إلا أن يرضى أن يقبله بعيبه الثالث أيضا‏.‏ ا هـ‏.‏ بحر‏:‏ هذا، وسيذكر المصنف أنه يعود الرد بالعيب القديم بعد زوال العيب الحادث ‏(‏قوله إلا لمانع عيب‏)‏ أي إلا لعيب مانع من الرد؛ كما لو قتل المبيع عند المشتري رجلا خطأ ثم ظهر أنه قتل آخر عند البائع فقبله البائع بالجنايتين لا يجبر المشتري على ذلك، وإنما يرجع بالنقصان على الجناية الأولى دفعا للضرر عنه؛ لأنه لو رده على بائعه كان مختارا للداء فيهما، وكما لو اشترى عصيرا فتخمر بعدم قبضه ثم وجد فيه عيبا لا يرده وإن رضي البائع، وإنما ترجع بالنقصان كذا في النهر ح ‏(‏قوله أو زيادة‏)‏ أي أو إلا لزيادة مانعة كما سيأتي في نحو الخياطة ح‏.‏

مطلب في أنواع زيادة البيع

ثم اعلم أن الزيادة في المبيع إما قبل القبض أو بعده وكل منهما نوعان‏:‏ متصلة ومنفصلة‏.‏ والمتصلة نوعان‏:‏ متولدة كسمن وجمال فلا تمنع الرد قبل القبض، وكذا بعده في ظاهر الرواية، وللمشتري الرجوع بالنقصان، وليس للبائع قبوله عندهما، وعند محمد له ذلك، وغير متولدة كغرس وبناء وصبغ وخياطة فتمنع الرد مطلقا‏.‏ والمنفصلة نوعان‏:‏ متولدة كالولد والثمر والأرش، فقبل القبض لا تمنع، فإن شاء ردهما أو رضي بهما بجميع الثمن، وبعد القبض يمتنع الرد ويرجع بحصة العيب، وغير متولدة ككسب وغلة وهبة وصدقة، فقبل القبض لا تمنع الرد فإذا رد فهي للمشتري بلا ثمن عنده ولا تطيب له‏:‏ وعندهما للبائع ولا تطيب له، وبعد القبض لا تمنع الرد أيضا وتطيب له الزيادة وتمامه في البحر عن القنية‏.‏ وحاصله أنه يمنع الرد في موضعين في المتصلة الغير المتولدة مطلقا وفي المنفصلة المتولدة لو بعد القبض كما في البزازية وغيرهما ووقع في الفتح أن المنفصلة المتولدة تمنع الرد، لكنه قال بعده إنه قبل القبض يخير كما مر، وبعد القبض يرد المبيع وحده بحصته من الثمن‏.‏ واعترضه في البحر بأنه سهو، وإذ هذا التفصيل لا يناسب قوله تمنع الرد، وإنما يناسب الرد وهو خلاف ما مر عن القنية و البزازية وغيرهما، وذكر نحوه في نور العين، وأجاب في النهر بأن قول الفتح تمنع الرد معناه تمنع رد الأصل وحده‏.‏ قلت‏:‏ ولا يخفى ما فيه، فإن قول الفتح وبعد القبض يرد المبيع وحده ينافيه، وقد صرح في الذخيرة أيضا بأنه لا يرده؛ لأن الولد يصير ربا لكونه صار للمشتري بلا عوض، بخلاف غير المتولدة كالكسب؛ لأنها لم تتولد من المبيع بل من منافعه، فلم تكن مبيعة فأمكن أن تسلم للمشتري مجانا، أما الولد فإنه مبيع من وجه لتولده من المبيع فله صفته، فلو سلم للمشتري مجانا كان ربا، ونحوه في الزيلعي ‏(‏قوله كأن اشترى ثوبا‏)‏ تمثيل لأصل المسألة لا للزيادة قال في البحر‏:‏ وهو تكرار،؛ لأن رجوعه وجواز رده برضا بائعه في الثوب من أفراد ما قدمه ولم تظهر فائدة لإفراد الثوب إلا ليترتب عليه مسألة ما إذا خاطه فإنه يمتنع الرد ولو برضاه‏.‏ ا هـ‏.‏ ط ‏(‏قوله فقطعه‏)‏ ووطء الجارية كالقطع بكرا كانت أو ثيبا نهر، وستأتي مسألة الجارية في المتن ‏(‏قوله فاطلع على عيب‏)‏ ذكر الفاء يفيد أن القطع لو كان بعد الاطلاع على العيب لا يرجع بالنقصان، ووجهه ظاهر فليراجع‏.‏ ا هـ‏.‏ ح، ويشهد له قول المصنف الآتي واللبس والركوب والمداواة رضا بالعيب إلخ

‏(‏قوله فاسدا‏)‏ الأولى فاسدة ‏(‏قوله لا يرجع لإفساد ماليته‏)‏ أشار به إلى الفرق بين هذه المسألة وما قلبها، وهو أن النحر إفساد للمالية لصيرورة المبيع به عرضة للنتن والفساد، ولذا لا يقطع السارق به فاختل معنى قيام المبيع كما في النهر ح وعدم الرجوع قول الإمام، في الخانية وجامع الفصولين‏:‏ لو اشترى بعيرا فلما أدخله داره سقط فذبحه فظهر عيبه يرجع بنقصانه عندهما وبه أخذ المشايخ كما لو أكل طعاما فوجد به عيبا، ولو علم عيبه قبل الذبح فذبحه لا يرجع‏.‏ ا هـ‏.‏ قال في البحر‏:‏ وفي الواقعات‏:‏ الفتوى على قولهما في الأكل فكذا هنا‏.‏ ا هـ‏.‏ قال الخير الرملي‏:‏ ويجب تقيد المسألة بما إذا نحره وحياته مرجوة، أما إذا أيس من حياته فله الرجوع بالنقصان عند الإمام أيضا؛ لأن النحر في هذه الحالة ليس إفسادا للمالية تأمل‏.‏ ‏(‏قوله كما لا يرجع لو باع المشتري الثوب إلخ‏)‏ أي أخرجه عن ملكه والبيع مثال، فعم ما لو وهبه أو أقر به لغيره ولا فرق بين ما إذا كان بعد رؤية العيب أو قبله‏.‏ كما في الفتح وسواء كان ذلك لخوف تلفه أو لا، حتى لو وجد السمكة المبيعة معيبة وغاب البائع لو انتظره لفسدت فباعها لم يرجع أيضا بشيء كما في القنية نهر‏.‏ ثم اعلم أن البيع ونحوه مانع من الرجوع بالنقصان سواء كان بعد حدوث عيب عند المشتري أو قبله، إلا إذا كان بعد زيادة كخياطة ونحوها كما يأتي، ولذا قال في المحيط، ولو أخرج المبيع عن ملكه بحيث لا يبقى لملكه أثر، بأن باعه أو وهبه أو أقر به لغيره ثم علم بالعيب لا يرجع بالنقصان، وكذا لو باع بعضه، وإن تصرف تصرفا لا يخرجه عن ملكه بأن آجره أو رهنه أو كان طعاما فطبخه أو سويقا فلته بسمن أو بنى في العرصة أو نحوه ثم علم بالعيب فإنه لا يرجع بالنقصان إلا في الكتابة بحر، لكن في جامع الفصولين شراه فآجره فوجد عيبه فله نقض الإجارة ورده بعيبه، بخلاف رهنه من غيره فإنه يرده بعد فكه‏.‏ ا هـ‏.‏ والظاهر صلى الله عليه وسلم أن ما في المحيط من عدم رجوعه بالنقصان بعد الإجارة والرهن المراد به إذا رضيه البائع معيبا، فحينئذ لا يرجع بل يرده تأمل ‏(‏قوله أو بعضه‏)‏ ظاهره أنه ليس له رد ما بقي لتعيبه بالقطع أو الشركة، وكذا ليس له الرجوع بنقصان الباقي كما يفيده ما نقلناه عن المحيط‏.‏ ثم رأيت في القهستاني‏:‏ لو باع بعضه لم يرجع بالنقصان بحصة ما باع، وكذا بحصة ما بقي على الصحيح ولم يرده عنده كما في المحيط‏.‏ ا هـ‏.‏ وهذا بخلاف ما لو كان أثوابا فباع بعضها فإن له رد الباقي كما مر متنا قبيل هذا الباب وسيأتي أيضا في قوله اشترى عبدين إلخ، وبخلاف ما لو كان المبيع طعاما ويأتي الكلام عليه ‏(‏قوله لجواز رده مقطوعا لا مخيطا‏)‏ يعني أن الرد بعد القطع غير ممتنع برضا البائع، فلما باعه المشتري صار حابسا للمبيع بالبيع فلا يرجع بالنقصان لكونه صار مفوتا للرد، بخلاف ما لو خاطه قبل العلم بالعيب، ثم باعه فإنه لا يبطل الرجوع بالنقصان؛ لأن الخياطة مانعة من الرد كما يأتي، فبيعه بعد امتناع الرد لا تأثير له؛ لأنه لم يصر حابسا له بالبيع كما أفاده الزيلعي وغيره، والأصل كما في الذخيرة أنه في كل موضع أمكن المشتري رد المبيع القائم في ملكه على البائع برضاه أو بدونه، فإذا أزاله عن ملكه ببيع أو شبهة لا يرجع بالنقصان وفي كل موضع لا يمكنه رده على البائع، فإذا أزاله عن ملكه يرجع بالنقصان ونحوه في الزيلعي بنى عليه مسألة ما لو خاط الثوب لطفله وقد مرت ‏(‏قوله وخاطه‏)‏ أشار به مع ما عطف عليه إلى الزيادة المتصلة الغير المتولدة وقدمنا بيانها ‏(‏قوله بأي صبغ كان‏)‏ ولو أسود وعند أبي حنيفة السواد نقصان فيكون للبائع أخذه وهو اختلاف زمان‏.‏ ا هـ‏.‏ ح ‏(‏قوله أو لت السويق بسمن‏)‏ أي خلطه به، ومثله أو اتخذ الزيت المبيع صابونا وهي واقعة الحال رملي ‏(‏قوله أو غرس أو بنى‏)‏ أي في الأرض المبيعة ط ‏(‏قوله ثم اطلع على عيب‏)‏ أي في السويق أو الثوب بعد هذه الأشياء منح، قال ح، وهو يفيد أن الزيادة لو كانت بعد الاطلاع على العيب لا يرجع بالنقصان ووجهه ظاهر، ويدل عليه أيضا قول مسكين ولم يكن عالما وقت الصبغ واللت‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله بسبب الزيادة‏)‏؛ لأنه لا وجه للفسخ في الأصل دونها؛ لأنها لا تنفك عنه، ولا وجه إليه معها لحق الشرع إلخ ‏(‏قوله لحصول الربا‏)‏ فإن الزيادة حينئذ تكون فضلا مستحقا في عقد المعاوضة بلا مقابل وهو معنى الربا أو شبهه، ولشبهة الربا حكم الربا فتح‏.‏ وبه اندفع ما في الدر المنتقى عن الواني من قوله، وفيه أن حرمة الربا بالقدر والجنس وهما مفقودان هاهنا فتأمل‏.‏ ا هـ‏.‏ ويوضح الدفع قوله في العزمية إنه كلام غير محرر، فإن الربا ليس بمنحصر عندهم في الصورة المذكورة، لقولهم إن الشروط الفاسدة من الربا، وهي في المعاوضات المالية وغيرها؛ لأن الربا هو الفضل الخالي عن العوض وحقيقة الشروط الفاسدة هي زيادة ما لا يقتضيه العقد ولا يلائمه، ففيها فضل خال عن العوض وهو الربا كما في الزيلعي وغيره قبيل كتاب الصرف ‏(‏قوله أي الممتنع رده في هذه الصور‏)‏ أي صور الزيادة المتصلة من خياطة ونحوها‏.‏ وأفاد أن امتناع الرد سابق على البيع بسبب الزيادة فتقرر بها الرجوع بالنقصان قبل البيع فيبقى له الرجوع بعد البيع أيضا وإن كان البيع بعد رؤية العيب قال في الفتح‏:‏ وإذا امتنع الرد بالفسخ، فلو باعه المشتري رجع بالنقصان؛ لأن الرد لما امتنع لم يكن المشتري ببيعه حابسا له‏.‏ ‏(‏قوله بعد رؤية العيب‏)‏ وكذا قبلها بالأولى ح ‏(‏قوله قبل الرضا به صريحا أو دلالة‏)‏ لم أر من ذكر هذا القيد هنا بعد مراجعة كثير من كتب المذهب، وإنما رأيته في حواشي المنح للخير الرملي ذكره بعد قوله أو مات العبد وهو في محله كما تعرفه قريبا‏.‏ أما هنا فلا محل له؛ لأن العرض على البيع رضا بالعيب كما سيأتي، وهنا وجد البيع حقيقة ولم يمتنع الرجوع بالنقصان لتقرر الرجوع قبله كما علمته آنفا فكأن الشارح رأى هذا القيد في حواشي شيخه فسبق قلمه فكتبه في غير محله فتأمل‏.‏ ‏(‏قوله أو مات العبد‏)‏؛ لأن الملك ينتهي بالموت، والشيء بانتهائه يتقرر فكان بقاء الملك قائما والرد متعذر وذلك موجب للرجوع، وتمامه في ح عن الفتح‏.‏ قال في النهر‏:‏ ولا فرق في هذا‏:‏ أي موت العبد بين أن يكون بعد رؤية العيب أو قبلها‏.‏ ا هـ‏.‏ لكن إذا كان الموت بعد رؤية العيب لا بد أن يكون قبل الرضا به صريحا أو دلالة كما ذكره الخير الرملي ووجهه ظاهر؛ لأنه إذا رأى العيب وقال رضيت به أو عرضه على البيع أو استخدمه مرارا أو نحو ذلك مما يكون دلالة على الرضا امتنع رده والرجوع نقصانه، لو بقي العبد حيا، فكذا أو مات بالأولى‏.‏ ‏(‏قوله المراد هلاك المبيع إلخ‏)‏ قال في النهر‏:‏ ولو قال أو هلك المبيع لكان أفود، إذ لا فرق بين الآدمي وغيره، ومن ثم قال في الفصول‏:‏ ذهب إلى بائعه ليرده بعيبه فهلك في الطريق هلك على المشتري ويرجع بنقصه وفي القنية‏:‏ اشترى جدارا مائلا فلم يعلم به حتى سقط فله الرجوع بالنقصان‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي الحاوي‏:‏ اشترى أثوابا على أن كل واحد منها ستة عشر ذراعا فبلغ بها إلى بغداد فإذا هي ثلاثة عشر فرجع بها ليردها وهلكت في الطريق يرجع بنقصان القيمة في ظاهر المذهب ‏(‏قوله أو أعتقه‏)‏ قال في الهداية، وأما الإعتاق فالقياس فيه أن لا يرجع؛ لأن الامتناع بفعله فصار كالقتل‏.‏ وفي الاستحسان‏:‏ يرجع؛ لأن العتق إنهاء الملك؛ لأن الآدمي ما خلق في الأصل محلا للملك وإنما ثبت الملك فيه مؤقتا إلى الإعتاق إنهاء كالموت، وهذا؛ لأن الشيء يتقرر بانتهائه فيجعل كأن الملك باق والرد متعذر، والتدبير والاستيلاد بمنزلته؛ لأنه تعذر النقل مع بقاء المحل بالأمر الحكمي‏.‏ ا هـ‏.‏ ح ‏(‏قوله أو وقف‏)‏ فإذا وقف المشتري الأرض ثم علم بالعيب رجع بالنقصان، وفي جعلها مسجدا اختلاف، والمختار الرجوع بالنقصان كما في جامع الفصولين‏:‏ وفي البزازية‏:‏ وعليه الفتوى، وما رجع به يسلم إليه؛ لأن النقصان لم يدخل تحت الوقف‏.‏ ا هـ‏.‏ نهر ‏(‏قوله قبل علمه‏)‏ ظرف لأعتقه وما بعده‏.‏ ا هـ‏.‏ ح‏.‏ والحاصل أن هلاك المبيع ليس كإعتاقه، فإنه إذا هلك المبيع يرجع بنقصان العيب سواء كان بعد العلم به أو قبله‏.‏ وأما الإعتاق بعد العلم به فمانع من الرجوع بنقصانه بخلافه قبله، وليس إعتاقه كاستهلاكه فإنه إذا استهلكه فلا رجوع مطلقا إلا في الأكل عندهما بحر ط

‏(‏قوله أو كان المبيع طعاما فأكله‏)‏ احترز بالأكل عن استهلاكه بغيره، ففي الذخيرة، قال القدوري‏:‏ ولو اشترى ثوبا أو طعاما وأحرق الثوب أو استهلك الطعام ثم اطلع على عيب لا يرجع بشيء بالنقصان بلا خلاف‏.‏ ا هـ‏.‏ وكذا لو باعه أو وهبه ثم اطلع على عيب لم يرجع إجماعا كما في السراج لكن في بيع بعضه الخلاف الآتي، وأراد بالطعام المكيل والموزون كما يعلم من الذخيرة والخانية‏.‏

مطلب فيما لو أكل بعض الطعام

‏(‏قوله فأكله أو بعضه‏)‏ أي ثم علم بالعيب كما في الهداية، وهذا يدل على أن الرجوع فيما إذا أطعمه عبده أو مدبره أو أم ولده أو لبس الثوب حتى تخرق مقيد بما قبل العلم بالعيب، فلو أخر الشارح قوله قبل علمه بعيبه عن قوله أو لبس الثوب حتى تخرق ليكون قيدا في المسائل العشرة لكان أولى ح قلت‏:‏ ويؤيده أنه في الفتح قال بعد هذه المسائل‏:‏ وفي الكفاية كل تصرف يسقط خيار العيب إذا وجده في ملكه بعد العلم بالعيب فلا رد ولا أرش؛ لأنه كالرضا به‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

وقع في المنح أو أكله بعد اطلاعه على العيب، وهو سبق قلم كما نبه عليه الرملي ‏(‏قوله أو أطعمه عبده أو مدبره أو أم ولده‏)‏ إنما يرجع في هذه المسائل؛ لأن ملكه باق كما في البحر، يعني أن العبد والمدبر وأم الولد إنما أكلوا الطعام على ملك السيد؛ لأنهم لا يملكون، وإن ملكوا فكان ملكه باقيا في الطعام، والرد متعذر كما قررناه في الإعتاق، بخلاف ما إذا أطعمه طفله وما عطف عليه مما سيأتي حيث لا يرجع؛ لأن فيه حبس المبيع بالتمليك من هؤلاء فإنهم من أهل الملك‏.‏ ا هـ‏.‏ ح ‏(‏قوله فإنه يرجع بالنقصان استحسانا عندهما‏)‏ الذي في الهداية والعناية والفتح والتبيين أن الاستحسان عدم الرجوع وهو قول الإمام فليحرر‏.‏ ا هـ‏.‏ ح‏.‏ قلت‏:‏ ما ذكره الشارح من أن الاستحسان قولهما ذكره في الاختيار، وتبعه في البحر وكذا نقله عنه العلامة قاسم ونبه على أنه عكس ما في الهداية وسكت عليه فلذا مشى عليه المصنف في متنه‏.‏ وذكر في الفتح عن الخلاصة أن عليه الفتوى وبه أخذ الطحاوي، لكن قال في الفتح بعده‏:‏ إن جعل الهداية قول الإمام استحسانا مع تأخيره وجوابه عن دليلهما يفيد مخالفته في كون الفتوى على قولهما‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ ويؤيده أنه في الكنز والملتقى وغيرهما مشوا على قول الإمام وفي الذخيرة‏:‏ ولو لبس الثوب حتى تخرق من اللبس أو أكل الطعام لا يرجع عنده هو الصحيح خلافا لهما‏.‏ ا هـ‏.‏ والحاصل أنهما قولان مصححان ولكن صححوا قولهما بأن عليه الفتوى‏.‏ ولفظ الفتوى آكد ألفاظ التصحيح ولا سيما هو أرفق بالناس كما يأتي فلذا اختاره المصنف في متنه وهذا في الأكل أما البيع ونحوه فلا رجوع فيه إجماعا كما علمت، ويأتي وجه الفرق‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

ظاهر كلام الشارح أن الخلاف جار في جميع المسائل التي ذكرها مع أنهم لم يذكروه إلا في أكل الطعام ولبس الثوب أفاده ح‏.‏ قلت‏:‏ الظاهر جريان الخلاف في مسائل الإطعام أيضا؛ لأنه لو أكل الطعام لا يرجع عند الإمام، فكذا إذا أطعمه عبده بالأولى تأمل ‏(‏قوله وعنهما يرد ما بقي ويرجع بنقصان ما أكل‏)‏ هذه رواية ثانية عنهما في صورة أكل البعض، والأولى أنه يرجع بنقصان العيب في الكل، فلا يرد ما بقي، هكذا نقل عنهما القدوري في التقريب وتبعه في الهداية، وذكر في شرح الطحاوي أن الأولى قول أبي يوسف، والثانية قول محمد كما في الفتح‏.‏ وأما عند الإمام فلا يرد ما بقي ولا يرجع بنقصان ما أكل ولا ما بقي‏.‏ في الذخيرة والفتوى على قول محمد كما نقله في البحر عن الاختيار والخلاصة، ومثله في النهاية وغاية البيان وجامع الفصولين والخانية والمجتبى، فلذا اقتصر عليه الشارح وهذا كله في أكل البعض‏.‏ أما لو باع بعض المكيل والموزون ففي الذخيرة أنه عندهما لا يرد ما بقي ولا يرجع بشيء وعن محمد يرد ما بقي ولا يرجع بنقصان ما باع هكذا ذكره في الأصل‏.‏ وكان الفقيه أبو جعفر وأبو الليث يفتيان في هذه المسائل بقول محمد رفقا بالناس، واختاره الصدر الشهيد‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي جامع الفصولين عن الخانية وعن محمد لا يرجع بنقص ما باع ويرد الباقي بحصته من الثمن وعليه الفتوى‏.‏ ا هـ‏.‏ ومثله في الولوالجية والمجتبى والمواهب والحاصل أن المفتى به أنه لو باع البعض أو أكله يرد الباقي ويرجع بنقص ما أكل لا بنقص ما باع‏.‏ والفرق كما في الولوالجية أنه بالأكل تقرر العقد، فتقرر أحكامه، وبالبيع ينقطع الملك فتنقطع أحكامه، قال فصار بمنزلة ما لو اشترى غلامين فقبضهما وباع أحدهما ثم وجد بهما عيبا يرد ما بقي ولا يرجع بنقصان ما باع بالإجماع، فكذا هنا عند محمد‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ لكن سيذكر المصنف تبعا لغيره من المتون لو وجد ببعض المكيل أو الموزون عيبا له رد كله أو أخذه فإن مقتضاه أنه ليس له رد المعيب وحده‏.‏ إلا أن يقال إنه محمول على ما إذا كان كله باقيا في ملكه لم يتصرف في شيء منه بقرينة قوله له رد كله، فيفرق بين ما إذا بقي كله وبين ما إذا تصرف ببعضه ببيع أو أكل‏.‏ أو يقال هو مبني على قول غير محمد تأمل‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

الطعام في عرفهم البر، والمراد به هنا هو وما كان مثله من مكيل وموزون كما علم مما نقلناه آنفا عن الذخيرة وفي البحر عن القنية‏:‏ ولو كان غزلا فنسجه أو فيلقا فجعله إبريسما ثم ظهر أنه كان رطبا وانتقص وزنه رجع بنقصان العيب بخلاف ما إذا باع‏.‏ ا هـ‏.‏ وبه علم أن الأكل غير قيد بل مثله كل تصرف لا يخرجه عن ملكه كما يعلم مما قدمناه عن المحيط، وتقدم حكم القيمي عند قوله كما لا يرجع لو باع المشتري الثوب إلخ ‏(‏قوله ابن كمال‏)‏ حيث قال والخلاف فيما إذا كان الطعام في وعاء واحد أو لم يكن في وعاء، فإن كان في وعاءين فله رد الباقي بحصته من الثمن في قولهم كذا في الحقائق والخانية‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ ولفظ الخانية، فإن كان في وعاءين فأكل ما في أحدهما أو باع ثم علم بعيب كان له أن يرد الباقي بحصته من الثمن في قولهم؛ لأن المكيل والموزون بمنزله أشياء مختلفة، فكان الحكم فيه ما هو الحكم في العبدين والثوبين ونحو ذلك‏.‏ ا هـ‏.‏ ومقتضاه أنه لا خلاف في ثبوت رد المعيب وحده، نعم نقل العلامة في تصحيحه عن الذخيرة إن من المشايخ من قال لا فرق بين الوعاء والأوعية ليس له أن يرد البعض بالعيب، وإطلاق محمد في الأصل يدل عليه وبه كان يفتي شمس الأئمة السرخسي‏.‏ ثم قال العلامة قاسم والأول أقيس وأرفق ‏(‏قوله وسيجيء‏)‏ أي قبيل قوله اشترى جارية، لكن الذي سيجيء هو ترجيح عدم الفرق بين الوعاء والأكثر ‏(‏قوله فعلى ما في الاختيار إلخ‏)‏ أي من قوله وعنهما يرد ما بقي ويرجع إلخ فإنه يفيد أنه قياس لذكره له بعد قوله فإنه يرجع بالنقصان استحسانا عندهما‏.‏

مطلب يرجح القياس

وحاصله أن إحدى الروايتين عنهما استحسان، والثانية قياس، فيكون ترجيح الثانية كما وقع في الاختيار والقهستاني من ترجيح القياس عن الاستحسان، هذا تقرير كلام الشارح، وبه اندفع ما قيل إن الشارح وافق هنا ما في الهداية وغيرها من أن القياس قولهما فافهم، نعم ما فهمه الشارح على ما قررناه خلاف المفهوم من كلامهم، فقد قال في الهداية وأما الأكل فعلى الخلاف، عندهما يرجع، وعنده لا يرجع استحسانا‏.‏ وإن أكل بعض الطعام ثم علم بالعيب فكذا الجواب عنده وعنهما أنه يرجع بنقصان العيب في الكل‏.‏ وعنهما أنه يرد ما بقي‏.‏ ا هـ‏.‏ وقال في الاختيار‏:‏ عندهما يرجع استحسانا، وعنده لا يرجع إلخ فإنه المفهوم من هذا أنه في الهداية جعل الرجوع بالنقصان عندهما قياسا، وعدمه عنده استحسانا‏.‏ وفي الاختيار بالعكس‏.‏ وحاصله أن الرجوع بالنقصان عندهما قيل إنه قياس، وقيل إنه استحسان، ثم بعد قولهما بالرجوع بالنقصان ففي صورة أكل البعض، عنهما روايتان‏:‏ الأولى يرجع بنقصان الكل فلا يرد الباقي، والثانية يرجع بنقصان ما أكل فقط ويرد ما بقي، وأنت خبير بأنه ليس في هذا ما يفيد أن إحدى هاتين الروايتين قياس والأخرى استحسان كما فهمه الشارح، بل كل منهما قياس على ما في الهداية، والاستحسان قول الإمام بعدم الرجوع بشيء أصلا، وكل منهما استحسان على ما في الاختيار، والقياس قول الإمام المذكور فتنبه

‏(‏قوله ولو أعتقه على مال‏)‏ أي لا يرجع؛ لأنه حبس بدله، وحبس البدل كحبس المبدل‏.‏ وعنه أنه يرجع؛ لأنه إنهاء للملك وإن كان بعوض ح، عن الهداية‏.‏ وعند أبي يوسف يرجع في هذه المسائل ‏(‏قوله أو كاتبه‏)‏ هي بمعنى الإعتاق على مال كما في البحر، والكلام فيه مغن عن الكلام فيها ح ‏(‏قوله أو قتله‏)‏ هو ظاهر الرواية عن أصحابنا، ووجهه أن القتل لم يعهد شرعا إلا مضمونا، وإنما سقط عن المولى بسبب الملك فصار كالمستفيد به عوضا، وهو سلامة نفسه عن القتل إن كان عمدا أو الدية إن كان خطأ فكأنه باعه نهر ‏(‏قوله طفله‏)‏ ليس بقيد، بل المصرح به في البحر والفتح الولد الصغير والكبير والعلة وهي أهلية الملك كما قدمناه تشملهما‏.‏ ا هـ‏.‏ ح ‏(‏قوله كذا ذكره المصنف‏)‏ حيث قال، فلو أعتقه على مال أو قتله بعد اطلاعه على عيب، وقال محشيه الرملي‏:‏ صوابه قبل اطلاعه إذ هو محل الخلاف إذ بعده لا يرجع إجماعا، ولهذا لم يقيد به الزيلعي وأكثر الشراح، وكأنه تبع العيني فيه وهو سهو ‏(‏قوله في الرمز‏)‏ أي شرح الكنز ‏(‏قوله لكن ذكر في المجمع في الجميع‏)‏ أي في جميع المسائل المذكورة، وهي‏:‏ العتق على مال والكتابة والإباق وهذا هو الصواب، لما علمت من أنه لا رجوع إجماعا لو بعد الاطلاع على العيب، لا لما قيل من أنه يلزم أن لا يبقى فرق بين هذه المسائل والمسائل المتقدمة فإنه ممنوع، إذ الفرق واضح وهو ثبوت الرجوع في المسائل المتقدمة وعدمه في هذه إجماعا فافهم ‏(‏قوله حتى العيني‏)‏ أي في شرحه على نظم المجمع، أي فناقض كلامه في الرمز ‏(‏قوله بالأولوية‏)‏ أي لأنه إذا امتنع الرجوع إذا كانت هذه الأشياء قبل الاطلاع على العيب يمتنع بعد الاطلاع بالأولى؛ لأنها دليل الرضا، ‏(‏قوله والأصل إلخ‏)‏ قدمنا بيانه عند قوله لجواز رده مقطوعا لا مخيطا وقدمنا هناك بناءه على أصل آخر ‏(‏قوله وفيه إلخ‏)‏ مكرر مع ما قدمه قريبا ح ‏(‏قوله فوجده فاسدا إلخ‏)‏ لو قال فوجده معيبا لكان أولى؛ لأن من عيب الجوز قلة لبه وسواده كما في البزازية، وصرح في الذخيرة بأنه عيب لا فساد واحترز بقوله فوجده أي المبيع عما إذا كسر البعض فوجده فاسدا فإنه يرده أو يرجع بنقصه فقط ولا يقيس الباقي عليه، ولذا قال في الذخيرة ولا يرد الباقي إلا أن يبرهن أن الباقي فاسد‏.‏ ا هـ‏.‏ أفاده في البحر، وقوله فإنه يرده إلخ أي يرد ما كسره لو غير منتفع به أو يرجع بنقصه فقط لو ينتفع به ‏(‏قوله إن لم يتناول منه شيئا‏)‏ فلو كسره فذاقه ثم تناول منه شيئا لم يرجع بنقصانه لرضاه به، وينبغي جريان الخلاف فيما لو أكل الطعام بحر، وأصل البحث للزيلعي‏.‏ واعترضه ط بأن الخلاف في الطعام إذا علم بالعيب بعد الأكل لا قبله ‏(‏قوله نقصانه‏)‏ أي له نقصان عيبه لا رده؛ لأن الكسر عيب حادث بحر وغيره‏.‏ قلت‏:‏ الكسر في الجوز يزيد في ثمنه، فهو زيادة لا عيب تأمل‏.‏ ‏(‏قوله إلا إذا رضي البائع به‏)‏ أي بأخذه معيبا بالكسر، فلا رجوع للمشتري بنقصانه ‏(‏قوله ولو علم‏)‏ أي المشتري بعيبه قبل كسره‏:‏ أي ولم يكسره‏.‏ قال في النهر‏:‏ فلو كسره بعد العلم بالعيب لا يرد؛ لأنه صار راضيا‏.‏ ا هـ‏.‏ ونبه على ذلك الزيلعي أيضا فقال لا يرده ولا يرجع بالنقصان،؛ لأن كسره بعد العلم به دليل الرضا انتهى، لكن الزيلعي ذكر هذا بعد قوله وإن لم ينتفع به أصلا، واعترض بأن محله هنا؛ لأنه إن لم ينتفع به أصلا يرده‏.‏ ويرجع بكل الثمن ‏(‏قوله وإن لم ينتفع به أصلا‏)‏ بأن كان البيض منتنا والقثاء مرا والجوز خاويا، وما في العيني أو مزنخا ففيه نظر؛ لأنه يأكله الفقراء نهر‏.‏ قلت‏:‏ وكذا ينتفع به باستخراج دهنه، لكن هذا لو كان كثيرا، بل قد يقال ولو قليلا؛ لأنه يباع لمن يستخرج دهنه فيكون له قيمة إلا أن يكون جوزة أو جوزتين مثلا ‏(‏قوله فله كل الثمن إلخ‏)‏؛ لأنه تبين بالكسر أنه ليس بمال، فكأن البيع باطلا قبل هذا صحيح في الجوز الذي لا قيمة لقشره‏.‏ أما إذا كان له قيمة بأن كان في موضع يباع فيه قشره يرجع بحصة اللب فقط، وقيل يرده ويرجع بكل الثمن؛ لأن ماليته باعتبار اللب، وظاهر الهداية يفيد ترجيحه، وكذا في البيض‏.‏ أما بيض النعامة إذا وجد فاسدا بعد الكسر فإنه يرجع بنقصان العيب‏.‏ قال في العناية‏:‏ وعليه جرى في الفتح أن هذا يجب أن يكون بلا خلاف؛ لأن مالية بيض النعامة قبل الكسر باعتبار القشر وما فيه جميعا‏.‏ قال ابن وهبان‏:‏ وينبغي أن يفصل، بأن يقال هذا في موضع يقصد فيه الانتفاع بالقشر‏.‏ أما إذا كان لا يقصد الانتفاع إلا بالمح بأن كان في برية والقشر لا ينتقل كان كغيره قال الشيخ عبد البر‏:‏ ولا يخفى عليك فساد هذا التفصيل، فإن هذا القشر مقصود بالشراء في نفسه ينتفع به في سائر المواضع، وما ذكره لا ينهض؛ لأنه قد يتفق في كثير مما اتفقوا على صحة بيعه ولا يكون ذلك موجبا لفساد البيع‏.‏ ا هـ‏.‏ نهر ‏(‏قوله ولو كان أكثره فاسدا جاز بحصته‏)‏ أي بحصة الصحيح منه، وهذا عندهما وهو الأصح كما في الفتح‏.‏ وكذا في النهر عن النهاية‏:‏ أما عنده فلا يصح في الصحيح منه أيضا؛ لأنه كالجمع بين الحر والعبد في صفقة واحدة‏.‏ ووجه الأصح كما في الزيلعي أنه بمنزلة ما لو فصل ثمنه؛ لأنه ينقسم ثمنه على أجزائه كالمكيل والموزون لا على قيمته‏.‏ ا هـ‏.‏ أي بخلاف الحر مع العبد‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

عبر بالأكثر تبعا للعيني واعترض بأنه مختل، والصواب تعبير النهر وغيره بالكثير‏.‏ قلت‏:‏ وهو مدفوع؛ لأنه إذا صح فيما يكون أكثره فاسدا يصح فيما يكون الكثير منه فاسدا بالأولى فافهم، نعم الأولى التعبير بالكثير ليفيد صحة البيع في الكل إذا كان الفاسد منه قليلا؛ لأنه لا يمكن التحرز عنه، إذ لا يخلو عن قليل فاسد فكان كقليل التراب في الحنطة فلا يرجع بشيء أصلا، وفي القياس يفسد كما في الفتح قال في النهر والقليل ما لا يخلو عنه الجوز عادة كالواحد والاثنين في المائة، كذا في الهداية، وهو ظاهر في أن الواحد في العشرة كثير، وبه صرح في القنية‏.‏ وقال السرخسي‏:‏ الثلاثة عفو يعني في المائة‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي البحر‏:‏ القليل الثلاثة وما دونها في المائة والكثير ما زاد‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي الفتح‏:‏ وجعل الفقيه أبو الليث الخمسة والستة في المائة من الجوز عفوا‏.‏ ا هـ‏.‏