فصل: باب الرجوع عن الشهادة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***


باب الرجوع عن الشهادة

‏(‏قوله فلو أنكرها‏)‏ أي بعد القضاء ‏(‏قوله مجلس القاضي‏)‏ وتتوقف صحة الرجوع على القضاء به أو بالضمان خلافا لمن استبعده كما نبه عليه في الفتح‏.‏ وفيه أيضا‏:‏ ويتفرع على اشتراط المجلس أنه لو أقر شاهد بالرجوع في غير المجلس وأشهد على نفسه به وبالتزام المال لا يلزمه شيء، ولو ادعى عليه بذلك لا يلزمه إذا تصادقا أن لزوم المال عليه كان بهذا الرجوع‏.‏ ‏(‏قوله لأنه فسخ‏)‏ تعليل لاشتراط مجلس القاضي، وقوله فسخ أي فيختص بما تختص به الشهادة من مجلس القاضي منح‏.‏ ‏(‏قوله وهي‏)‏ أي التوبة ‏(‏قوله فلو ادعى‏)‏ بيان لفائدة اشتراط مجلس القاضي ‏(‏قوله عند غيره‏)‏ أي عند غير القاضي ولو شرطيا كما في المحيط ‏(‏قوله لا يقبل‏)‏ أي ولا يستحلف ‏(‏قوله لفساد الدعوى‏)‏ أي لأن مجلس القاضي شرط للرجوع فكان مدعيا رجوعا باطلا، والبينة أو طلب اليمين إنما يكون بعد الدعوى الصحيحة‏.‏ ‏(‏قوله وتضمينه‏)‏ أي القاضي أي حكمه عليهما بالضمان ‏(‏قوله سقطت‏)‏ أي الشهادة فلا يقضي القاضي بها لتعارض الخبرين بلا مرجح للأول‏.‏ ‏(‏قوله وعزر‏)‏ قال في الفتح‏:‏ قالوا يعزر الشهود سواء رجعوا قبل القضاء أو بعده، ولا يخلو عن نظر لأن الرجوع ظاهر في أنه توبة عن تعمد الزور إن تعمده أو السهو والعجلة إن كان أخطأ فيه، ولا تعزير على التوبة ولا على ذنب ارتفع بها وليس فيه حد مقدر ا هـ‏.‏ وأجاب في البحر بأن رجوعه قبل القضاء قد يكون لقصد إتلاف الحق أو كون المشهود عليه غره بمال لا لما ذكره، وبعد القضاء قد يكون لظنه بجهله أنه إتلاف على المشهود له مع أنه إتلاف لماله بالغرامة‏.‏ ‏(‏قوله عن بعضها‏)‏ كما لو شهدا بدار وبنائها أو بأتان وولدها ثم رجعا في البناء والولد لم يقض بالأصل منح‏.‏ ‏(‏قوله مطلقا‏)‏ قال في المنح‏:‏ وقولي مطلقا يشمل ما إذا كان الشاهد وقت الرجوع مثل ما شهد في العدالة أو دونه أو أفضل منه، وهكذا أطلق في أكثر الكتب متونا وشروحا وفتاوى‏.‏ وفي المحيط يصح رجوعه لو حاله بعد الرجوع أفضل منه وقت الشهادة في العدالة وإلا لا ويعزر ورده في البحر‏.‏ ونقل في الفتح أنه قول أبي حنيفة أولا، وهو قول شيخه حماد ثم رجع إلى قولهما، وعليه استقر المذهب، وعزاه في البحر أيضا إلى كافي الحاكم‏.‏ ‏(‏قوله لترجحه‏)‏ الأولى لترجحها ‏(‏قوله ويرد ما أخذ‏)‏ أي إلى المقضي عليه بحر‏.‏ ‏(‏قوله إذا أخطأ‏)‏ وهنا أخطأ بعدم الفحص عن حال الشهود‏.‏ ‏(‏قوله وضمنا ما أتلفاه‏)‏ اعلم أن تضمين الشاهد لم ينحصر في رجوعه مثل ما إذا ذكر شيئا لازما للقضاء ثم ظهر بخلافه كما أوضحه في لسان الحكام وأشار إليه في البحر فراجعهما‏.‏ وذكر في البحر ما يسقط به ضمان الشاهد‏.‏ ويؤخذ من قوله أتلفاه أنه لو لم يضف التلف إليهما لا يضمنان، كما لو شهدا بنسب قبل الموت فمات المشهود عليه وورث المشهود له المال من المشهود عليه ثم رجعا لم يضمنا لأنه ورث بالموت وذلك لأن استحقاق الوارث المال بالنسب والموت والاستحقاق يضاف إلى آخرهما وجودا فيضاف للموت ذكره الزيلعي في إقرار المريض سائحاني عن المقدسي‏.‏ قلت‏:‏ وفي البحر عن العتابية شهدوا على أنه أبرأه من الدين ثم مات الغريم مفلسا ثم رجعا لم يضمنا للطالب لأنه توي ما عليه بالإفلاس ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله لتسببهما‏)‏ قال في البحر‏:‏ وفي إيجابه صرف الناس عن تقلده وتعذر استيفائه من المدعي لأن الحكم ماض فاعتبر التسبب ا هـ‏.‏ كذا في الهامش‏.‏ ‏(‏قوله لأنه كالملجأ‏)‏ أي القاضي ‏(‏قوله وقيده إلخ‏)‏ أي وكذا في الهداية والمختار والإصلاح ومواهب الرحمن، وجزم به في الجوهرة وصاحب المجمع، وأنت على علم بأن اقتصار أرباب المتون على قول ترجيح له، وما في المتون مقدم على ما في الشروح فيقدم على ما في الفتاوى بالأولى، وما كان ينبغي للمصنف مخالفة عامة المتون، وما نقله في البحر عن الخلاصة أن ما في الفتاوى هو قول الإمام الأخير لنا فيه كلام، وكأنه هو الذي غر المصنف‏.‏ ‏(‏قوله فكالأول‏)‏ أي يضمنه الشهود مطلقا قبضها المشهود له أو لا لأن العين يزول ملك المشهود عليه عنها بالقضاء وفي الدين لا يزول ملكه حتى يقبضه‏.‏ ‏(‏قوله فكالثاني‏)‏ أي لو رجع الشهود قبل قبضه لا يضمنون ولو بعده يضمنون‏.‏

‏(‏قوله ضمن النصف‏)‏ إذ بشهادة كل منهما يقوم نصف الحجة فببقاء أحدهما على الشهادة تبقى الحجة في النصف فيجب على الراجع ضمان ما لم تبق الحجة فيه وهو النصف، ويجوز أن لا يثبت الحكم ابتداء ببعض العلة ثم يبقى ببقاء بعض العلة، كابتداء الحول لا ينعقد على بعض النصاب ويبقى منعقدا ببقاء بعض النصاب منح‏.‏ ‏(‏قوله لم يضمن‏)‏ أي الراجع ‏(‏قوله ضمنا النصف‏)‏ وفي المقدسي، فإن قيل ينبغي أن يضمن الراجع الثاني فقط لأن التلف أضيف إليه‏.‏ قلنا التلف مضاف إلى المجموع إلا أن رجوع الأول لم يظهر أثره لمانع وهو من بقي فإذا رجع الثاني ظهر أن التلف بهما‏.‏ أقول‏:‏ تقدم في الحدود عن المحيط إذا شهد على حد الرجم خمسة فرجع الخامس لا ضمان، وإن رجع الرابع ضمنا الربع، وإن رجع ثالث يضمن الرابع، فقوله يضمن الثالث الربع مخالف لما هنا لأن المأخوذ من باب الرجوع في الشهادة أن الخامس والرابع والثالث يضمنون النصف أثلاثا، فما في المحيط إما غلط أو ضعيف أو غير مشهور‏.‏ وإذا شهد أربعة على شخص بأربعمائة درهم وقضي بها فرجع أحدهم عن مائة وآخر عن تلك المائة ومائة أخرى وآخر عن تلك المائتين ومائة أخرى فعلى الراجعين خمسون أثلاثا لأن الأول لم يرجع إلا عن مائة فبقي شاهدا بثلاثمائة، والرابع الذي لم يرجع شاهد بالثلاثمائة كما هو شاهد بالمائة الرابعة أيضا فوجد نصاب الشهاد في الثلاثمائة فلا ضمان فيها‏.‏ وأما المائة الرابعة لما بقي الرابع شاهدا بها ورجع البقية تنصفت لأن العبرة لمن بقي فيضمنون نصفها وهو الخمسون أثلاثا، فإن رجع الرابع عن الجميع ضمنوا المائة أرباعا يعني المائة التي اتفقوا على الرجوع عنها، وغير الأول يضمن الخمسين التي اتفقوا على الرجوع عنها أثلاثا‏.‏ ووجه عدم ضمان المائتين والخمسين أن الأول بقي شاهدا بثلاثمائة والثالث بقي شاهدا بمائتين فالمائتان تم عليها النصاب وبقي على الثالثة شاهد واحد لم يرجع، ولكن لما رجع الثلاثة غيره تنصفت فضمنوا الخمسين أثلاثا سائحاني، وقوله‏:‏ والثالث بقي شاهدا، لعله‏:‏ والثاني والمسألة مذكورة في البحر عن المحيط موجهة بعبارة أخرى فراجعه‏.‏ ‏(‏قوله ضمنت الربع‏)‏ إذ بقي على الشهادة من يبقى به ثلاثة الأرباع منح‏.‏ ‏(‏قوله فإن رجعوا‏)‏ أي رجع الكل من الرجل والنساء‏.‏ ‏(‏قوله بالأسداس‏)‏ السدس على الرجل وخمسة الأسداس على النسوة، لأن كل امرأتين تقوم مقام رجل واحد‏.‏ ‏(‏قوله فقط‏)‏ لأنهن وإن كثرن بمنزلة رجل واحد‏.‏

‏(‏قوله ولا يضمن راجع إلخ‏)‏ هذه المسألة على ستة أوجه، لأنهما إما أن يشهدا بمهر المثل أو بأزيد أو بأنقص، وعلى كل فالمدعي إما هي أو هو، ولا ضمان إلا في صورة ما إذا شهدا عليه بأزيد، ولو قال المصنف بعد قوله ضمناها للزوج كما في المنح لأفاد جميع الصور خمسة منطوقا وواحدة مفهوما ولا غنى عما نقله الشارح عن العزمية، وكان عليه أيضا أن يقول وإن بأقل ويحذف، ولو شهدا بأصل النكاح لإيهامه أن الشهادة في الأول ليست على أصله، وعلى كل فقول الشارح أو أقل تكرار كما لا يخفى‏.‏ قال الحلبي‏:‏ فلو قال المتن ويضمن الزيادة بالرجوع من شهد على الزوج بالنكاح بأكثر من مهر المثل لاستوفى الستة واحدا منطوقا وخمسة مفهوما، ثم ظهر لي أن المصنف أظهر ما خفي وأخفى ما ظهر من هذه الصور فذكر عدم الضمان في الشهادة بمهر المثل ويلزم منه عدمه في الشهادة بالأقل وصرح بضمان الزيادة، وهذا كله لو هي المدعية كما نبه عليه الشارح وأشار به إلى أن ما بعده فيما لو كان هو المدعي، فذكر المصنف بعده أنه لا ضمان لو شهدا بأقل من مهر المثل وسكت عما لو شهدا بمهر المثل أو أكثر للعلم بأنه لا ضمان بالأولى، لأن الكلام فيما إذا كان هو المدعي، ولم يصرح به الشارح كما صرح بالأقل في الأول اعتمادا على ظهور المراد فتنبه‏.‏

‏(‏قوله على المعتمد‏)‏ خلافا لما في المنظومة النسفية وشرحها، وتبعهما صاحب المجمع حيث ذكروا أنهما يضمنان عندهما خلافا لأبي يوسف‏.‏ قال في الفتح‏:‏ وما في الهداية وشروحها هو المعروف ولم ينقلوا سواه، وهو المذكور في الأصول كالمبسوط وشرح الطحاوي والذخيرة وغيرها، وإنما نقلوا فيها خلاف الشافعي، فلو كان لهم شعور بالخلاف في المذهب لم يعرضوا عنه بالكلية ولم يشتغلوا بنقل خلاف الشافعي‏.‏ ‏(‏قوله ولو شهدا بالبيع‏)‏ قال العيني‏:‏ فإن شهدا بالبيع بألف مثلا فقضى به القاضي ثم شهدا عليه بعد القضاء بقبض الثمن فقضى به ثم رجعا عن الشهادتين ضمنا الثمن، وإن كان أقل من قيمة المبيع يضمنان الزيادة أيضا مع ذلك، وإن شهدا عليه بالبيع وقبض الثمن جملة واحدة فقضى به ثم رجعا عن شهادتهما تجب عليهما القيمة فقط ح، ولا يظهر تفاوت بين المسألتين في الحكم بالضمان لأنه فيهما يضمن القيمة لأنه في الأولى إن كان الثمن مثل القيمة فيها وإن كان أقل منها يضمنان الزيادة أيضا ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله ضمنا القيمة‏)‏ لأن المقضي به البيع دون الثمن لأنه لا يمكن القضاء بإيجاب الثمن لاقترانه بما يوجب سقوطه وهو القضاء بالإيفاء، ولذا قلنا لو شهدا أنه باع من هذا عبده وأقاله بشهادة واحدة لا يقضي بالبيع لمقارنة ما يوجب انفساخه وهو القضاء بالإقالة فتح، وقوله ضمنا الثمن لأن القضاء بالثمن لا يقارنه ما يسقطه لأنهما لم يشهدا بالإيفاء بل شهدا به بعد ذلك، وإذا صار الثمن مقضيا به ضمناه برجوعهما فتح‏.‏ زاد الزيلعي‏:‏ وإن كان الثمن أقل من قيمة المبيع يضمنان الزيادة أيضا مع ذلك لأنهما أتلفا عليه هذا القدر بشهادتهما الأولى ا هـ‏.‏

‏(‏قوله وتمامه في خزانة المفتين‏)‏ عبارتها كما في المنح، فإن اختار الشهود رجعوا بالثمن على المشتري ويتصدقون بالفضل، فإن رد المشتري المبيع بعيب بالرضا أو تقايلا رجع على البائع بالثمن ولا شيء على الشهود، وإن رد بقضاء فالضمان على الشهود بحاله وإن أديا رجعا بما أديا ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله ضمنا نصف المال المسمى أو المتعة إلخ‏)‏ لأنهما أكدا ضمانا على شرف السقوط، ألا ترى أنها لو طاوعت ابن الزوج أو ارتدت سقط المهر أصلا منح‏.‏ ‏(‏قوله قبل الدخول‏)‏ قيد في الشهادتين ح‏.‏ ‏(‏قوله لا غير‏)‏ لأنه لم يقض بشهادة شهود الواحدة لأنه لا يفيد، لأن حكم الواحدة حرمة خفيفة وحكم الثلاث حرمة غليظة منح‏.‏ ‏(‏قوله فلا ضمان‏)‏ لتأكد المهر بالدخول فلم يقررا عليه ما كان على شرف السقوط ح‏.‏ ‏(‏قوله ضمن شهود الدخول إلخ‏)‏ لأنهم قرروا عليه بشهادتهم جميع المهر وقد كان جميعه على شرف السقوط، وهذا يقتضي أن يضمنا جميعه لكن شهود الطلاق قبل الدخول قرروا عليه نصف المهر وقد كان على شرف السقوط وقد اختص الفريق الأول بضمان نصف وتنازع مع الفريق الثاني في ضمان النصف الآخر فيقسم عليهما فيصيب الأول ثلاثة أرباع والثاني ربع ح كذا في الهامش‏.‏ ‏(‏قوله اختيار‏)‏ علله بأن الفريقين اتفقا على النصف فيكون على كل فريق ربعه وانفرد شهود الدخول بالنصف فينفردون بضمانه ا هـ‏.‏ فقال وفي البحر عن المحيط‏:‏ ولو رجع شاهدا الطلاق لا ضمان عليهما لأنهما أوجبا نصف المهر وشاهدا الدخول لا غير يجب عليهما نصف المهر لأنه يثبت بشهادة شهود الطلاق نصف المهر وتلف بشاهدي الدخول نصف المهر، وإن رجع من كل طائفة واحد لا يجب على شاهدي الطلاق شيء ويجب على شاهدي الدخول الربع ا هـ‏.‏

‏(‏وقوله لأنه ضمان إتلاف‏)‏ بخلاف ضمان الإعتاق لأنه لم يتلف إلا ملكه ولزم منه فساد ملك صاحبه فضمنه الشارع صلة ومواساة له‏.‏ ‏(‏قوله بقية قيمته‏)‏ فإن لم يكن له مال غير العبد عتق ثلثه وسعى في ثلثه وضمن الشاهدان ثلث القيمة بغير عوض ولم يرجعا به على العبد، فإن عجز العبد عن الثلثين يرجع به الورثة على الشاهدين ويرجع به الشاهد على العبد عندهما بحر‏.‏ ‏(‏قوله يضمنان قيمته‏)‏ والفرق أنهما بالكتابة حالا بين المولى وبين مالية العبد بشهادتهما غاصبين فيضمنان قيمته بخلاف التدبير فإنه لا يحول بل تنقص ماليته فتح‏.‏ ‏(‏قوله على الشهود‏)‏ قال في البحر بعد نقله ذلك عن المحيط‏:‏ وبه علم أن ما في فتح القدير من أن الولاء للذين شهدوا عليه بالكتابة سهو ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله وورثاه‏)‏ أي المشهود عليه لو كانا وارثين له‏.‏ ‏(‏قوله لا شهود الأصل إلخ‏)‏ قال المصنف في وجهه لأنهم أنكروا أي شهود الأصل السبب وهو الإشهاد وذلك لا يبطل القضاء لأنه خبر يحتمل الصدق والكذب فصار كرجوع الشاهد بعد القضاء لا ينقض به الشهادة لهذا بخلاف ما إذا أنكروا الإشهاد قبل القضاء لا يقضي بشهادة الفرعين كما إذا رجعوا قبله فتح‏.‏ ‏(‏قوله فلا ضمان‏)‏ لأنهم ما رجعوا عن شهادتهم إنما شهدوا على غيرهم بالرجوع منح‏.‏ ‏(‏قوله وضمن المزكون‏)‏ قال في البحر‏:‏ وأطلق ضمانهم فشمل الدية لو زكوا شهود الزنا فرجم فإذا الشهود عبيد أو مجوس فالدية على المزكين عنده‏.‏ ‏(‏قوله بكونهم عبيدا‏)‏ بأن قالوا علمنا أنهم عبيد ومع ذلك زكيناهم، وقيل الخلاف فيما إذا أخبر المزكون بالحرية بأن قالوا هم أحرار، أما إذا قالوا هم عدول فبانوا عبيدا لا يضمنون إجماعا لأن العبد قد يكون عدلا جوهرة‏.‏ ‏(‏قوله أما مع الخطأ‏)‏ بأن قال أخطأت في التزكية‏.‏ ‏(‏قوله وضمن شهود التعليق‏)‏ قال في البحر‏:‏ لأنهم شهود العلة إذ التلف يحصل بسببه وهو الإعتاق والتطليق وهم أثبتوه وأطلقه فشمل تعليق العتق والطلاق، فيضمن في الأول القيمة وفي الثاني نصف المهر إن كان قبل الدخول كذا في الهامش‏.‏ ‏(‏قوله والشرط‏)‏ اعلم أن الشرط عند الأصوليين ما يتوقف عليه الوجود وليس بمؤثر في الحكم ولا مفض إليه، والعلة هي المؤثرة في الحكم والسبب هو المفضي، إلى الحكم بلا تأثير، والعلامة ما دل على الحكم وليس الوجود متوقفا عليه، وبهذا ظهر أن الإحصان شرط كما ذكر الأكثر لتوقف وجوب الحد عليه منح كذا في الهامش‏.‏ ‏(‏قوله شاهدا الإيقاع‏)‏ قال في منية المفتي‏:‏ شهدا على أنه أمر امرأته أن تطلق نفسها وآخران أنها طلقت نفسها وذلك قبل الدخول ثم رجعوا فالضمان على شهود الطلاق لأنهما أثبتا السبب والتفويض شرط كونه سببا بحر كذا في الهامش‏.‏ ‏(‏قوله لا التفويض‏)‏ أي تفويض الطلاق إلى المرأة أو تفويض العتق إلى العبد وشهد آخران أنها طلقت وأن العبد عتق إلخ شمني مدني‏.‏

قوله التوكيل صحيح‏)‏ لم يذكر ما يصير به وكيلا ولا الفرق بين الوكيل والرسول، وحررته في بيوع تنقيح الحامدية‏.‏ قال مجرد هذه الحواشي‏:‏ ذكر المؤلف - رحمه الله - في الحامدية في الخيارات سؤالا طويلا وذيله بالفرق، وها أنا أذكر السؤال من أصله تتميما للفائدة‏.‏ قال - رحمه الله -‏:‏ سئل في رجل اشترى من آخر نصف أغنام معلومة ولم يرها ووكل زيدا بقبضها ورآها زيد ويزعم الرجل أن له خيار الرؤية إذا رآها، وإن رآها وكيله بالقبض فهل نظر الوكيل بالقبض مسقط خيار رؤية الموكل‏؟‏ الجواب نعم، وكفى رؤية وكيل قبض ووكيل شراء لا رؤية رسول المشتري تنوير من خيار الرؤية، ونظر الوكيل بالقبض‏:‏ أي قبض المبيع مسقط عند أبي حنيفة خيار رؤية الموكل كالوكيل بالشراء، يعني كما أن نظر الوكيل بالشراء يسقط خياره‏.‏ وقالا‏:‏ هو كالرسول، يعني‏:‏ نظر الوكيل بالقبض كنظر الرسول في أنه لا يسقط الخيار، قيد بالوكيل بالقبض؛ لأنه لو وكل رجلا بالرؤية لا تكون رؤيته كرؤية الموكل اتفاقا كذا في الخانية إلخ ما ذكره الشارح ابن ملك، والمسألة في المتون وأطال فيها في البحر فراجعه وصورة التوكيل بالقبض كن وكيلا عني بقبض ما اشتريته وما رأيته كذا في الدرر‏.‏ أقول‏:‏ ولم يذكر الفرق بين الوكيل والرسول وهو لازم‏.‏ قال في البحر‏:‏ وفي المعراج‏:‏ قيل الفرق بين الرسول والوكيل أن الوكيل لا يضيف العقد إلى الموكل والرسول لا يستغني عن إضافته إلى المرسل‏.‏ وفي الفوائد‏:‏ صورة التوكيل أن يقول المشتري لغيره، كن وكيلا في قبض المبيع أو وكلتك بقبضه‏.‏ وصورة الرسول أن يقول كن رسولا عني في قبضه أو أرسلتك لتقبضه أو قل لفلان أن يدفع المبيع إليك، وقيل لا فرق بين الرسول والوكيل في فصل الأمر، بأن قال اقبض المبيع فلا يسقط الخيار ا هـ‏.‏ كلام البحر، وكتبت فيما علقته عليه أن قوله وفي الفوائد إلخ لا ينافي ما قبله؛ لأن الأول في الفرق بين الرسول والوكيل، فالرسول لا بد له من إضافة العقد إلى مرسله، لما مر عن الدرر من أنه معبر وسفير، بخلاف الوكيل فإنه لا يضيف العقد إلى الموكل إلا في مواضع كالنكاح والخلع والهبة والرهن ونحوها، فإن الوكيل فيها كالرسول، حتى لو أضاف النكاح لنفسه كان له، وما في الفوائد بيان لما يصير به الوكيل وكيلا والرسول رسولا‏.‏ وحاصله أنه يصير وكيلا بألفاظ الوكالة، ويصير رسولا بألفاظ الرسالة وبالأمر، لكن صرح في البدائع أن‏:‏ افعل كذا وأذنت لك أن تفعل كذا توكيل، ويؤيده ما في الولوالجية‏:‏ دفع له ألفا وقال‏:‏ اشتر لي بها أو بع أو قال‏:‏ اشتر بها أو بع ولم يقل لي كان توكيلا، وكذا اشتر بهذا الألف جارية، وأشار إلى مال نفسه، ولو قال اشتر هذه الجارية بألف درهم كان مشورة والشراء للمأمور إلا إذا زاد، على أن أعطيك لأجل شرائك درهما؛ لأن اشتراط الأجر له يدل على الإنابة ا هـ‏.‏ وأفاد أنه ليس كل أمر توكيلا بل لا بد مما يفيد كون فعل المأمور بطريق النيابة عن الآمر فليحفظ ا هـ‏.‏ هذا جميع ما كتبه نقلته، وبالله التوفيق‏.‏ ‏(‏قوله ووكل عليه الصلاة والسلام إلخ‏)‏ رواه أبو داود بسند فيه مجهول، ورواه الترمذي عن حبيب بن أبي ثابت عن حكيم وقال لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وحبيب لم يسمع عندي من حكيم إلا أن هذا داخل في الإرسال عندنا فيصدق قول المصنف‏:‏ أي صاحب الهداية صح إذا كان حبيب إماما ثقة فتح ‏(‏قوله كأنت وكيلي في كل شيء‏)‏ نقل في الشرنبلالية وغيرها عن قاضي خان‏:‏ لو قال لغيره‏:‏ أنت وكيلي في كل شيء أو قال‏:‏ أنت وكيلي بكل قليل وكثير يكون وكيلا بحفظ لا غير هو الصحيح، ولو قال‏:‏ أنت وكيلي في كل شيء جائز أمرك يصير وكيلا في جميع التصرفات المالية كبيع وشراء وهبة وصدقة‏.‏ واختلفوا في طلاق وعتاق ووقف، فقيل يملك ذلك لإطلاق تعميم اللفظ، وقيل لا يملك ذلك إلا إذا دل دليل سابقة الكلام ونحوه وبه أخذ الفقيه أبو الليث ا هـ‏.‏ وبه يعلم ما في كلام الشارح سابقا ولاحقا فتدبر‏.‏ ولابن نجيم رسالة سماها ‏[‏المسألة الخاصة في الوكالة العامة‏]‏ ذكر فيها ما في الخانية وما في فتاوى أبي جعفر‏.‏ ثم قال‏:‏ وفي البزازية أنت وكيلي في كل شيء جائز أمرك ملك الحفظ والبيع والشراء ويملك الهبة والصدقة، حتى إذا أنفق على نفسه من ذلك المال جاز حتى يعلم خلافه من قصد الموكل‏.‏ وعن الإمام تخصيصه بالمعاوضات، ولا يلي العتق والتبرع، وعليه الفتوى، وكذا لو قال طلقت امرأتك ووهبت ووقفت أرضك في الأصح لا يجوز ا هـ‏.‏ وفي الذخيرة أنه توكيل بالمعاوضات لا بالإعتاق والهبات، وبه يفتى ا هـ‏.‏ وفي الخلاصة كما في البزازية‏:‏ والحاصل أن الوكيل وكالة عامة يملك كل شيء إلا الطلاق والعتاق والوقف والهبة والصدقة على المفتى به، وينبغي أن لا يملك الإبراء والحط عن المديون؛ لأنهما من قبيل التبرع فدخلا تحت قول البزازي أنه لا يملك التبرع، وظاهر أنه يملك التصرف في مرة بعد أخرى وهل له الإقراض والهبة بشرط العوض فإنهما بالنظر إلى الابتداء تبرع، فإن القرض عارية ابتداء، معاوضة انتهاء والهبة بشرط العوض هبة ابتداء معاوضة انتهاء، وينبغي أن لا يملكهما الوكيل بالتوكيل العام؛ لأنه لا يملكهما إلا من يملك التبرعات، ولذا لا يجوز إقراض الوصي مال اليتيم ولا هبته بشرط العوض وإن كانت معاوضة في الانتهاء، وظاهر العموم أنه يملك قبض الدين واقتضاءه وإيفاءه والدعوى بحقوق الموكل وسماع الدعوى بحقوق على الموكل والأقارير على الموكل بالديون، ولا يختص بمجلس القاضي؛ لأن ذلك في الوكيل بالخصومة لا في العام‏.‏ فإن قلت‏:‏ لو وكله بصيغة وكلتك وكالة مطلقة عامة فهل يتناول الطلاق والعتاق والتبرعات‏؟‏ قلت‏:‏ لم أره صريحا والظاهر أنه لا يملكها على المفتى به؛ لأن من الألفاظ ما صرح قاضي خان وغيره بأنه توكيل عام ومع ذلك قالوا بعدمه ا هـ‏.‏ ما ذكره ابن نجيم في رسالته ملخصا، وقد ساقها الفتال في حاشيته برمتها ‏(‏قوله وفي الشرنبلالية‏)‏ عبارتها نقلا عن الخانية‏:‏ وفي فتاوى الفقيه أبي جعفر رجل قال لغيره‏:‏ وكلتك في جميع أموري وأقمتك مقام نفسي لا تكون الوكالة عامة، ولو قال‏:‏ وكلتك في جميع أموري التي يجوز بها التوكيل كانت الوكالة عامة تتناول البياعات والأنكحة‏.‏ وفي الوجه الأول إذا لم تكن عامة ينظر، إن كان الرجل يختلف ليس له صناعة معروفة فالوكالة باطلة، وإن كان الرجل تاجرا تجارة معروفة تنصرف إليها ا هـ‏.‏ وبه يعلم ما في كلام الشارح، إذ صورة البطلان ليست في قوله أنت وكيلي في كل شيء كما بنى عليه الشارح هذه العبارات بل في غيرها وهي وكلتك في جميع أموري إلخ إلا أن يقال هما سواء في عدم العموم، ولكن مبنى كلامه على أن ما ذكره عام ولكنك قد علمت ما فيه مما نقلناه سابقا أن ما ذكره ليس مما الكلام فيه ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله فلو جهل‏)‏ كما لو قال وكلتك بمالي منح ‏(‏قوله نظرا إلى أصل التصرف إلخ‏)‏ جواب عما يرد على هذا الشرط وهو توكيل المسلم ذميا ببيع خمر أو خنزير وتوكيل المحرم حلالا ببيع الصيد؛ لأنه صحيح عنده ولا يملكه الموكل س‏.‏

‏(‏قوله فلا يصح توكيل مجنون‏)‏ مصدر مضاف للفاعل ‏(‏قوله بتصرف‏)‏ متعلق بتوكيل ‏(‏قوله إن مأذونا‏)‏ أي إن كان الصبي الموكل مأذونا

‏(‏قوله توكيل عبد‏)‏ مضاف لفاعله ‏(‏قوله توكيل مرتد‏)‏ بخلاف توكله عن غيره كما سنذكره ‏(‏قوله وإن امتنع عنه الموكل إلخ‏)‏ ومثله ما لو اشترى عبدا شراء فاسدا وأعتقه قبل قبضه لا يصح، ولو أمر البائع بإعتاقه يصح؛ لأنه يصير قابضا اقتضاء كما قدمه في البيع الفاسد ‏(‏قوله فتنبه‏)‏ أشار به إلى أنه لا تنافي بين كلاميه كما قدمه‏.‏

‏(‏قوله ثم ذكر‏)‏ عطف على محذوف‏:‏ أي ذكر شرط الموكل به والموكل ثم ذكر إلخ تأمل ‏(‏قوله يعقل العقد‏)‏ أي يعقل أن البيع سالب للمبيع جالب للثمن وأن الشراء بالعكس ح‏.‏ وفي البحر‏:‏ وما يرجع إلى الوكيل فالعقل فلا يصح توكيل مجنون وصبي لا يعقل لا البلوغ والحرية وعدم الردة، فيصح توكيل المرتد ولا يتوقف؛ لأن المتوقف ملكه والعلم للوكيل بالتوكيل، فلو وكله ولم يعلم فتصرف توقف على إجازة الموكل أو الوكيل بعد علمه ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله ولو صبيا‏)‏ قال في جامع أحكام الصغار‏:‏ فإن كان الصبي مأذونا في التجارة فصار وكيلا بالبيع بثمن حال أو مؤجل فباع جاز بيعه ولزمته العهدة، وإن كان وكيلا بالشراء، فإن كان بثمن مؤجل لا تلزمه العهدة قياسا واستحسانا وتكون العهدة على الآمر حتى إن البائع يطالب الآمر بالثمن دون الصبي، وإن وكله بالشراء بثمن حال فالقياس أن لا تلزمه العهدة‏.‏ وفي الاستحسان تلزمه ا هـ‏.‏ فقال، وتمامه في البحر في شرح قوله والحقوق فيما يضيفه الوكيل إلى نفسه إلخ فراجعه ‏(‏قوله محجورا‏)‏ صفة للصبي والعبد كذا في الهامش ‏(‏قوله فلذا لم يقل ويقصده‏)‏ أي البيع احترازا عن بيع الهازل والمكره كما ذكره صاحب الهداية كذا في الهامش ‏(‏قوله تبعا للكنز‏)‏ أي حال كونه تابعا في عدم القول للكنز، وذكره صاحب الهداية محترزا به عن بيع الهازل والمكره ح‏.‏

‏(‏قوله ثم ذكر ضابط الموكل فيه‏)‏ أي ما ذكره المصنف ضابط لا حد فلا يرد عليه أن المسلم لا يملك بيع الخمر ويملك توكيل الذمي به؛ لأن إبطال القواعد بإبطال الطرد لا العكس، ولا يبطل طرده عدم توكيل الذمي مسلما ببيع خمره، وهو يملكه لأنه يملك التوصل به بتوكيل الذمي به فصدق الضابط؛ لأنه لم يقل‏:‏ كل عقد يملكه يملك توكيل كل أحد به بل التوصل به في الجملة، وتمامه في البحر ‏(‏قوله بكل‏)‏ متعلق بقول الماتن أول الباب‏:‏ التوكيل صحيح لنفسه أخرج الوكيل فإنه لا يوكل مع أنه يباشر بنفسه ‏(‏قوله فشمل الخصومة‏)‏ تفريع على قوله بكل ما يباشره، وهو أولى من قول الكنز بكل ما يعقد لشموله العقد وغيره كما في البحر‏:‏ أي كالخصومة والقبض ‏(‏قوله فصح بخصومة‏)‏ شمل بعضا معينا وجميعها كما في البحر‏:‏ وفيه عن منية المفتي، ولو وكله في الخصومة له لا عليه، فله إثبات ما للموكل فلو أراد المدعى عليه الدفع لم يسمع‏.‏ قال‏:‏ فالحاصل أنها تتخصص بتخصيص الموكل وتعمم بتعميمه‏.‏ وفي البزازية‏:‏ ولو وكله بكل حق هو له وبخصومته في كل حق له ولم يعين المخاصم به والمخاصم فيه جاز ا هـ‏.‏ وتمامه فيه ‏(‏قوله برضا الخصم‏)‏ شمل الطالب والمطلوب بحر ‏(‏قوله وجوزاه إلخ‏)‏ قال في الهداية‏:‏ لا خلاف في الجواز إنما الخلاف في اللزوم، يعني هل ترتد الوكالة برد الخصم عند أبي حنيفة نعم وعندهما لا ويجبر جوهرة ‏(‏قوله وعليه فتوى أبي الليث‏)‏ أفتى الرملي بقول الإمام الذي عليه المتون واختاره غير واحد ‏(‏قوله تفويضه للحاكم‏)‏ بحث فيه في البزازية، فانظر ما في البحر‏.‏ وفي الزيلعي‏:‏ أي أن القاضي إذا علم من الخصم التعنت في الإباء عن قبول التوكيل لا يمكنه من ذلك، وإن علم من الموكل قصد الإضرار لخصمه لا يقبل منه التوكيل إلا برضا ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله لا يمكنه حضور مجلس الحكم‏)‏ وإن قدر على الحضور على ظهر الدابة أو ظهر إنسان، فإن ازداد مرضه بذلك لزم توكيله، فإن لم يزد قيل على الخلاف والصحيح لزومه كذا في البزازية بحر‏.‏ ‏(‏قوله ويكفي قوله أنا أريد السفر‏)‏ قال في البحر، وفي المحيط‏:‏ وإرادة السفر أمر باطني فلا بد من دليلها، وهو إما تصديق الخصم بها أو القرينة الظاهرة، ولا يقبل قوله إني أريد السفر لكن القاضي ينظر في حاله وفي عدته فإنه لا تخفى هيئة من يسافر، كذا ذكره الشارح‏.‏ وفي البزازية‏:‏ وإن قال‏:‏ أخرج بالقافلة الفلانية سألهم عنه كما في فسخ الإجارة‏.‏ وفي خزانة المفتين‏:‏ وإن كذبه الخصم في إرادته السفر يحلفه القاضي بالله إنك تريد السفر ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله إذا لم يرض الطالب‏)‏ قال في الجوهرة‏:‏ إن كانت هي طالبة قبل منها التوكيل بغير رضا الخصم، وإن كانت مطلوبة إن أخرها الطالب حتى يخرج القاضي من المسجد لا يقبل منها التوكيل بغير رضا الخصم الطالب؛ لأنه لا عذر لها إلى التوكيل ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله بزازية بحثا‏)‏ عبارتها وكونه محبوسا من الأعذار يلزمه توكيله، فعلى هذا لو كان الشاهد محبوسا له أن يشهد على شهادته‏.‏ قال القاضي‏:‏ إن في سجن القاضي لا يكون عذرا؛ لأنه يخرجه حتى يشهد ثم يعيده، وعلى هذا يمكن أن يقال في الدعوى أيضا كذلك بأن يجيب عن الدعوى ثم يعاد ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ ولا يخفى أنه مفهوم عبارة المصنف وهي ليست من عنده بل واقعة في كلام غيره والمفاهيم حجة، بل صرح به في الفتح حيث قال‏:‏ ولو كان الموكل محبوسا فعلى وجهين‏:‏ إن كان في حبس هذا القاضي لا يقبل التوكيل بلا رضاه؛ لأن القاضي يخرجه من السجن ليخاصم ثم يعيده، وإن كان في حبس الوالي ولا يمكنه الوالي من الخروج للخصومة يقبل منه التوكيل ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله وله‏)‏ أي المدعى عليه ‏(‏قوله فيرسل أمينه‏)‏ أي القاضي ‏(‏قوله فالقول لها‏)‏ أي إذا وجب عليها يمين ‏(‏قوله في الوجهين‏)‏ أي فيما إذا كانت بكرا أو ثيبا‏.‏

‏(‏قوله وصح بإيفائها‏)‏ أي حقوق العباد، أي يصح التوكيل بإيفاء جميع الحقوق واستيفائها إلا في الحدود والقصاص؛ لأن كلا منهما يباشره بنفسه فيملك التوكيل به، بخلاف الحدود والقصاص فإنها تندرئ بالشبهات، والمراد بالإيفاء هنا دفع ما عليه وبالاستيفاء القبض منح ‏(‏قوله إلا في حد وقود‏)‏ استثناء من قوله وبإيفائها واستيفائها، وقوله بغيبة موكله قيد للثاني فقط كما نبه عليه في البحر، وقوله قبله باستيفائها‏:‏ أي وكذا بإثباتها بالبينة عند الإمام أبي حنيفة خلافا لأبي يوسف، ولم يصرح به هنا لدخوله في قوله فصح بخصومة كما في البحر ‏(‏قوله يتعلق به‏)‏ أي بالوكيل منح ‏(‏قوله ما دام حيا ولو غائبا‏)‏ فإذا باع وغاب لا يكون للموكل قبض الثمن كما في البحر عن المحيط، وقوله ما دام حيا عزاه في البحر إلى الصغرى، ولكن قال بعده‏:‏ وشمل ما إذا مات، لما في البزازية‏:‏ إن مات الوكيل عن وصي قال الفضلي تنتقل الحقوق إلى وصيه لا الموكل، وإن لم يكن وصي يرفع إلى الحاكم ينصب وصيا عند القبض وهو المعقول‏.‏ وقيل ينتقل إلى موكله ولاية قبضه فيحتاط عند الفتوى ا هـ‏.‏ ثم قال في البحر بعد ورقة ونصف‏:‏ والوكيل بالشراء إذا اشترى بالنسيئة فمات الوكيل حل عليه الثمن ويبقى الأجل في حق الموكل وجزمه هنا يدل على أن المعتمد في المذهب ما قال إنه المعقول، وقد أفتيت به بعد ما احتطت كما قال فيما سبق ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله إن لم يكن‏)‏ أي الوكيل ‏(‏قوله محجورا‏)‏ فإن كان محجورا كالعبد والصبي المحجورين فإنهما إذا عقدا بطريق الوكالة تتعلق حقوق عقدهما بالموكل س‏.‏ ‏(‏قوله كتسليم مبيع‏)‏ بيان لحقوق العقد ‏(‏قوله ورجوع به عند استحقاقه‏)‏ شامل لمسألتين‏.‏ الأولى ما إذا كان الوكيل بائعا وقبض الثمن من المشتري ثم استحق المبيع، فإن المشتري يرجع بالثمن على الوكيل سواء كان الثمن باقيا في يده أو سلمه إلى الموكل وهو يرجع على موكله‏.‏ الثانية ما إذا كان مشتريا فاستحق المبيع من يده فإنه يرجع بالثمن على البائع دون موكله‏.‏ وفي البزازية‏:‏ المشتري من الوكيل إن باعه من الوكيل ثم استحق من الوكيل رجع الوكيل على المشترى منه وهو على الوكيل والوكيل على الموكل، وتظهر فائدته عند اختلاف الثمن ا هـ‏.‏ بحر ‏(‏قوله في عيب‏)‏ شامل لمسألتين أيضا‏:‏ أما إذا كان بائعا فيرده المشتري عليه، وما إذا كان مشتريا فيرده الوكيل على بائعه، لكن بشرط كونه في يده، فإن سلمه إلى الموكل فلا يرده إلا بإذنه كما سيأتي في الكتاب بحر ‏(‏قوله ولو أضاف إلخ‏)‏ رده في البحر فراجعه، فلا يرد اعتراضه على المصنف‏.‏ وها هنا كلام في حاشية الفتال وحاشية أبي السعود فراجعه وكذا في نور العين في أحكام الوكالة في الفصل الثالث والثلاثين، وكتبته في هامش البحر ‏(‏قوله يكتفي‏)‏ أي من غير لزوم‏.‏

‏(‏قوله؛ لأن الموجب إلخ‏)‏ هذا لا يناسب كلام المصنف، بل هو جار على القول الثاني من أنه يثبت للوكيل ابتداء ثم ينتقل إلى الموكل ‏(‏قوله حتى لو أضافه إلى نفسه لا يصح‏)‏ أي لا يصح على الموكل فلا ينافي قوله الآتي حتى لو أضاف النكاح لنفسه وقع النكاح له كما ظن‏.‏ وفي البزازية الوكيل بالطلاق والعتاق إذا أخرج الكلام مخرج الرسالة بأن قال‏:‏ إن فلانا أمرني أن أطلق أو أعتق ينفذ على الموكل؛ لأن عهدتهما على الموكل على كل حال، ولو أخرج الكلام في النكاح والطلاق مخرج الوكالة بأن أضافه إلى نفسه صح إلا في النكاح‏.‏ والفرق أنه في الطلاق أضافه إلى الموكل معنى؛ لأنه بناء على ملك الرقبة وهي للموكل في الطلاق والعتاق، فأما في النكاح فذمة الوكيل قابلة للمهر حتى لو كان بالنكاح من جانبها وأخرج مخرج الوكالة لا يصير مخالفا لإضافته إلى المرأة معنى فكأنه قال ملكتك بضع موكلتي ا هـ‏.‏ قال في البحر‏:‏ فعلى هذا معنى الإضافة إلى الموكل مختلف، ففي وكيل النكاح من قبل الزوج على وجه الشرط، وفيما عداه على وجه الجواز فيجوز عدمه ا هـ‏.‏ وفي حاشية الفتال عن الأشباه‏:‏ الوكيل بالإبراء إذا أبرأ ولم يضفه إلى موكله لم يصح كذا في الخزانة ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ وظاهر ما في البحر أنه لا تلزم الإضافة إلا في النكاح، وهو مخالف لكلامهم فانظر ما في الدرر وتدبر، وانظر ما علقناه على البحر وراجع أيمان شرح الوهبانية ‏(‏قوله أو عن إنكار‏)‏ هذا الصلح لا تصلح إضافته إلى الوكيل، بخلاف الصلح عن إقرار فإنه تصح إضافته إلى كل منهما، وقد عرفت اختلاف الإضافة في الموضعين فافترق الصلحان في الإضافة ابن كمال‏.‏ وفيه رد على صدر الشريعة حيث قال لا فرق فيهما ‏(‏قوله وهبة وتصدق‏)‏ انظر ما حقوق الهبة والصدقة المتعلقة بالموكل ‏(‏قوله سفيرا‏)‏ السفير الرسول والمصلح بين القوم صحاح كذا في الهامش فإنه يضيفهما إلى موكله فإنه يقول خالعك موكلي بكذا، وكذا في أمثاله ابن ملك مجمع ‏(‏قوله بمهر‏)‏ أي إذا كان وكيل الزوج ‏(‏قوله وتسليم‏)‏ أي إذا كان وكيلها ‏(‏قوله للموكل‏)‏ لكونه أجنبيا عن الحقوق لرجوعهما إلى الوكيل أصالة ‏(‏قوله نعم تقع المقاصة‏)‏ فلو كان للمشتري على الموكل تقع المقاصة بمجرد العقد بوصول الحق إليه بطريق التقاص، ولو كان له دين عليهما تقع المقاصة بدين الموكل دون دين الوكيل، ولو كان له دين على الوكيل فقط وقعت المقاصة به ويضمن الوكيل للموكل؛ لأنه قضى دينه بمال الموكل‏.‏ وقال أبو يوسف رضي الله عنه‏:‏ لا تقع المقاصة بدين الوكيل، بخلاف ما إذا باع مال اليتيم ودفع المشتري الثمن إلى اليتيم حيث لا تبرأ ذمته بل يجب عليه أن يدفع الثمن إلى الوصي؛ لأن اليتيم ليس له قبض ماله أصلا فلا يكون له الأخذ من الدين فيكون الدفع إليه تضييعا فلا يعتد به، وبخلاف الوكيل في الصرف إذا صارف وقبض الموكل بدل الصرف حيث يبطل الصرف ولا يعتد بقبضه ا هـ‏.‏ عيني كذا في الهامش ‏(‏قوله بخلاف‏)‏ متعلق بقوله وإن دفع له ح، وقوله وكيل يتيم‏:‏ أي وصيه ‏(‏قوله فلا يملك‏)‏ أي المولى ‏(‏قوله بقبض القرض‏)‏ بأن يقول الرجل أقرضني ثم يوكل رجلا يقبضه بحر عن القنية‏.‏

‏[‏فرع‏]‏

التوكيل بالإقرار صحيح ولا يكون التوكيل به قبل الإقرار إقرارا من الموكل‏.‏ وعن الطواويسي‏:‏ معناه أن يوكل بالخصومة ويقول خاصم فإذا رأيت لحوق مؤنة أو خوف عار علي فأقر بالمدعى يصح إقراره على الموكل كذا في البزازية، وللشافعية فيها قولان‏:‏ أصحهما لا يصح، وقدم الشيخ يعني صاحب البحر في كتاب الشركة في الكلام على الشركة الفاسدة أنه لا يصح التوكيل في المباح وأنه باطل رملي على البحر، والفرع سيأتي متنا في باب الوكالة بالخصومة، والله أعلم‏.‏