فصل: باب ضمان الأجير

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***


باب ضمان الأجير

لما فرغ من ذكر أنواع الإجارة صحيحها وفاسدها شرع في بيان الضمان؛ لأنه من جملة العوارض التي تترتب على عقد الإجارة فيحتاج إلى بيانها كذا في غاية البيان؛ ولا يخفى أن معنى ضمان الأجير إثباتا ونفيا، ولو لم يكن معناه ذلك بل إثبات الضمان فقط لزم أن لا يصح عنوان الباب على قول الإمام أصلا؛ لأنه لا ضمان عنده على أحد من الأجير المشترك والخاص طوري‏.‏ مبحث للأجير المشترك‏.‏ ‏(‏قوله فالأول إلخ‏)‏ قال في العناية‏:‏ والسؤال عن وجه تقديم المشترك على الخاص دوري ا هـ‏.‏ يعني لو قدم الخاص لتوجه السؤال عن سبب تقديمه على المشترك أيضا؛ لأن لتقديم كل منهما على الآخر وجها؛ أما المشترك فلأنه بمنزلة العام بالنسبة إلى الخاص مع كثرة مباحثه، وأما الخاص فلأنه بمنزلة المفرد من المركب، لكن تقديم المشترك هنا أولى؛ لأن الباب باب ضمان الأجير وذلك في المشترك فتأمل‏.‏ فإن بما ذكر لم يظهر وجه اختيار تقديم المشترك كما لا يخفى وكان لا بد منه سعدية ‏(‏قوله من يعمل لا لواحد‏)‏ قال الزيلعي‏:‏ معناه من لا يجب عليه أن يختص بواحد عمل لغيره أو لم يعمل، ولا يشترط أن يكون عاملا لغير واحد، بل إذا عمل لواحد أيضا فهو مشترك إذا كان بحيث لا يمتنع ولا يتعذر عليه أن يعمل لغيره ‏(‏قوله ونحوه‏)‏ أتى به وإن أغنت عنه الكاف لئلا يتوهم أنها استقصائية فافهم‏.‏ قال الطوري‏:‏ وفي العتابية المشترك الحمال والملاح والحائك والخياط والنداف والصباغ والقصار والراعي والحجام والبزاغ والبناء والحفار ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله وسيتضح‏)‏ أي في بحث الأجير الخاص، لكنه هناك أحال تحقيقه على الدرر وسنذكره إن شاء الله - تعالى -

‏(‏قوله وفي جواهر الفتاوى إلخ‏)‏ أراد به التنبيه على حكم الأجير المشترك والمعقود عليه، قال الزيلعي‏:‏ وحكمهما أي المشترك والخاص أن المشترك له أن يتقبل العمل من أشخاص؛ لأن المعقود عليه في حقه هو العمل أو أثره فكان له أن يتقبل من العامة؛ لأن منافعه لم تصر مستحقة لواحد، فمن هذا الوجه سمي مشتركا والخاص لا يمكنه أن يعمل لغيره؛ لأن منافعه في المدة صارت مستحقة للمستأجر والأجر مقابل بالمنافع ولهذا يبقى الأجر مستحقا وإن نقض العمل ا هـ‏.‏ قال أبو السعود‏:‏ يعني وإن نقض عمل الأجير رجل، بخلاف ما لو كان النقض منه فإنه يضمن كما سيأتي

‏(‏قوله حتى يعمل‏)‏؛ لأن الإجارة عقد معاوضة فتقتضي المساواة بينهما، فما لم يسلم المعقود عليه للمستأجر لا يسلم له العوض والمعقود عليه هو العمل أو أثره على ما بينا فلا بد من العمل زيلعي والمراد لا يستحق الأجر مع قطع النظر عن أمور خارجية؛ كما إذا عجل له الأجر أو شرط تعجيله كما في السعدية، وقدمناه أوائل كتاب الإجارة، وتقدم هناك أنه لو طلب الأجر إذا فرغ وسلمه فهلك قبل تسليمه يسقط الأجر، وكذا كل من لعمله أثر، وما لا أثر له كحمال له الأجر كما فرغ وإن لم يسلم‏.‏ ‏(‏قوله مجتبى‏)‏ عبارته‏:‏ شارط قصارا على أن يقصر له ثوبا مرويا بدرهم ورضي به فلما رأى الثوب القصار قال‏:‏ لا أرضى فله ذلك وكذا الخياط، والأصل فيه أن كل عمل يختلف باختلاف المحل يثبت فيه خيار الرؤية عند رؤية المحل وما لا فلا، كمن استأجر ليكيل له هذه الحنطة أو يحجم عبده فلما رأى محل العمل امتنع ليس له ذلك ثم قال‏:‏ والأصل أن الاستئجار على عمل في محل هو عنده جائز وما ليس عنده فلا كبيع ما ليس عنده ا هـ‏.‏ منح، ومثله في البزازية قبيل الخامس‏.‏

‏(‏قوله ولا يضمن إلخ‏)‏ اعلم أن الهلاك إما بفعل الأجير أو لا، والأول إما بالتعدي أو لا‏.‏ والثاني إما أن يمكن الاحتراز عنه أو لا، ففي الأول بقسميه يضمن اتفاقا‏.‏ وفي ثاني الثاني لا يضمن اتفاقا وفي أوله لا يضمن عند الإمام مطلقا ويضمن عندهما مطلقا‏.‏ وأفتى المتأخرون بالصلح على نصف القيمة مطلقا، وقيل إن مصلحا لا يضمن وإن غير مصلح ضمن، وإن مستورا فالصلح ا هـ‏.‏ ح والمراد بالإطلاق في الموضعين المصلح وغيره‏.‏

مطلب يفتى بالقياس على قوله

وفي البدائع‏:‏ لا يضمن عنده ما هلك بغير صنعه قبل العمل أو بعده؛ لأنه أمانة في يده وهو القياس‏.‏ وقالا يضمن إلا من حرق غالب أو لصوص مكابرين وهو استحسان ا هـ‏.‏ قال في الخيرية‏:‏ فهذه أربعة أقوال كلها مصححة مفتى بها، وما أحسن التفصيل الأخير والأول قول أبي حنيفة - رحمه الله تعالى -‏.‏ وقال بعضهم‏:‏ قول أبي حنيفة قول عطاء وطاوس وهما من كبار التابعين، وقولهما قول عمر وعلي وبه يفتى احتشاما لعمر وعلي صيانة لأموال الناس، والله أعلم ا هـ‏.‏

وفي التبيين‏:‏ وبقولهما يفتى لتغير أحوال الناس، وبه يحصل صيانة أموالهم ا هـ‏.‏؛ لأنه إذا علم أنه لا يضمن ربما يدعي أنه سرق أو ضاع من يده‏.‏ وفي الخانية والمحيط والتتمة‏:‏ الفتوى على قوله، فقد اختلف الإفتاء، وقد سمعت ما في الخيرية‏.‏ وقال ابن ملك في شرح المجمع‏:‏ وفي المحيط‏:‏ الخلاف فيما إذا كانت الإجارة صحيحة فلو فاسدة لا يضمن اتفاقا؛ لأن العين حينئذ تكون أمانة لكون المعقود عليه وهو المنفعة مضمونة بأجر المثل ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ ومحل الخلاف أيضا فيما إذا كان الهالك محدثا فيه العمل كما في الجوهرة للحدادي أو لا يستغني عنه ما يحدث فيه العمل، لما في البدائع‏:‏ روى هشام عن محمد فيمن دفع إلى رجل مصحفا يعمل فيه ودفع الغلاف معه أو سكينا ليصقله ودفع الجفن معه، قال محمد‏:‏ يضمن المصحف والغلاف والسيف والجفن؛ لأن المصحف والسيف لا يستغنيان عن الغلاف والجفن، فإن أعطاه مصحفا يعمل له غلافا أو سكينا يعمل له نصابا فضاع المصحف أو السكين لم يضمنه؛ لأنه لم يستأجره على أن يعمل فيهما بل في غيرهما ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله وبه جزم أصحاب المتون‏)‏ كالوقاية والملتقى والغرر والإصلاح، فكلهم صرحوا بعدم الضمان وإن شرطه‏.‏ وأما القدوري والهداية والكنز والمجمع فأطلقوا عدم الضمان فيفهم ذلك من كلامهم‏.‏ ‏(‏قوله خلافا للأشباه‏)‏ أي من أنه إن شرط ضمانه ضمن إجماعا ح‏.‏ وهو منقول عن الخلاصة، وعزاه ابن ملك للجامع ‏(‏قوله وأفتى المتأخرون بالصلح‏)‏ أي عملا بالقولين ومعناه عمل في كل نصف بقول حيث حط النصف وأوجب النصف بزازية‏.‏ قال في شرح الملتقى‏.‏ قال الزاهدي‏:‏ على هذا أدركت مشايخنا بخوارزم وأقره القهستاني ا هـ‏.‏ وفي جامع الفصولين منهم شمس الأئمة والأوزجندي وأئمة فرغانة‏.‏ ‏(‏قوله وقيل إن الأجير مصلحا إلخ‏)‏ عزاه في جامع الفصولين إلى فوائد صاحب المحيط‏.‏ ‏(‏قوله وهل يجبر عليه‏)‏ أي على الصلح‏.‏ ‏(‏قوله حرر في تنوير البصائر نعم‏)‏ حيث قال‏:‏ فإن قلت كيف يصح الصلح جبرا‏.‏ قلت‏:‏ الإجارة عقد يجري فيها الجبر بقاء ألا ترى أن من استأجر دابة أو سفينة مدة معلومة وانقضت مدتها في وسط البرية أو في لجة البحر فإنها تبقى الإجارة بالجبر ولا يجري الجبر في ابتدائها، وهذه الحالة حالة البقاء فيجري فيها الجبر ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ هذا السؤال والجواب مذكوران في البزازية بالحرف مع زيادة في الجواب، ذكرهما صاحب البزازية بعد قوله وبعضهم أفتوا بالصلح، ثم قال بعدهما‏:‏ ولا يرد ما قاله في العون ربما لا يقبلان‏:‏ أي الأجير والمستأجر الصلح فاخترت قول الإمام، لما قلنا إن الصلح مجاز عن الحط‏.‏ ثم قال في البزازية‏:‏ وأئمة سمرقند أفتوا بجواز الصلح بلا جبر ا هـ‏.‏ فعلم أنهما قولان في الجبر وعدمه بدليل قوله حط النصف وأوجب النصف فإن الإيجاب جبري والصلح فيه مجاز عن الحط كما علمت، وهذا قول الأوزجندي وأئمة خوارزم وفرغانة كما مر، والثاني قول أئمة سمرقند، فما في المنح مما يفيد أن الإمام ظهير الدين رجع عن القول بالجبر لا يدل على أن القول به مهجور، إلا أن ينقل الرجوع عن كل من قال به فافهم‏.‏ ‏(‏قوله تبقى الإجارة بالجبر‏)‏ بيان لوجه الشبه الذي تضمنه الكاف ط، وبحث فيه بعضهم بأنه قياس مع الفارق لتحقق الضرورة في المقيس عليه

‏(‏قوله ويضمن ما هلك بعمله‏)‏ أي من غير قصد في قول علمائنا الثلاثة، ولا يستحق الأجرة؛ لأنه ما أوفى بالمنفعة بل بالمضرة‏.‏ بدائع، وعمل أجيره مضاف إليه فيضمنه وإن لم يضمن الأجير؛ لأنه أجير وحد له ما لم يتعد كما سيذكره آخر الباب‏.‏ ‏(‏قوله من دقه‏)‏ أي بنفسه أو بأجيره، فلو استعان برب الثوب فتخرق ولم يعلم أنه من أي دق فعلى قول الإمام ينبغي عدم الضمان للشك، وعن الثاني يضمن نصف النقصان كما لو تمسك به لاستيفاء الأجر فجذبه صاحبه فتخرق حموي عن الظهيرية ملخصا‏.‏ قال في التبيين‏:‏ ثم صاحب الثوب إن شاء ضمنه غير معمول ولم يعطه الأجر، وإن شاء ضمنه معمولا وأعطاه الأجر ط ملخصا ‏(‏قوله وزلق الحمال‏)‏ الظاهر أنه بالحاء المهملة والمراد الحمال على ظهره مثلا، أما بالجيم فعلى تقدير مضاف أي جمل الجمال‏.‏ قال في شرحه على الملتقى‏:‏ أي إذا لم يكن من زحمة الناس، فلو منها لم يضمن خلافا لهما كما في شرح المجمع‏.‏ قال‏:‏ وكذا يضمن لو ساق المكاري دابته فعثرت فسقطت الحمولة ا هـ‏.‏ وكذا يضمن بانقطاع الحبل الذي يشد به المكاري كما في الكنز والملتقى، ولو كان الحبل لصاحب المتاع فانقطع لا يضمن كذا في التتارخانية‏:‏ وفي البدائع‏:‏ وكذا يضمن الراع المشترك إذا ساق الدواب على السرعة فازدحمت على القنطرة أو الشط فدفع بعضها بعضا فسقطت في الماء أو عطبت الدابة بسوقه أو ضربه ولو معتادا‏.‏ ‏(‏قوله وغرق السفينة من مده‏)‏ قيد بالمد؛ لأنها لو غرقت من ريح أو موج أو شيء وقع عليها أو صدم جبل فهلك ما فيها لا يضمن في قول الإمام - رحمه الله -‏.‏ قلت‏:‏ ويجب على المستأجر أجر ما سارت السفينة قبل الغرق بحاسبه وفروع المذهب تشهد لذلك ا هـ‏.‏ سري الدين عن المجتبى وهذا إنما يظهر إذا كان المستأجر معه وإلا فلم يوجد تسليم وقد سبق أنه لا أجر للمشترك إلا به فتأمل‏.‏ ط‏.‏ ‏(‏قوله ونحوه‏)‏ كالبزاغ والفصاد‏.‏ ‏(‏قوله والفرق في الدرر وغيرها‏)‏ حاصله أن بقوة الثوب ورقته يعلم ما يتحمله من الدق بالاجتهاد فأمكن تقييده بالسلامة منه، بخلاف القصد ونحوه فإنه ينبني على قوة الطبع وضعفه ولا يعرف ذلك بنفسه ولا ما يتحمل من الجرح فلا يمكن تقييده بالسلامة فسقط اعتباره ا هـ‏.‏ ح‏.‏ ‏(‏قوله على خلاف ما بحثه صدر الشريعة‏)‏ حيث قال ينبغي أن يكون المراد بقوله ما تلف بعمله عملا جاوز فيه القدر المعتاد على ما يأتي في الحجام ا هـ‏.‏ ح ‏(‏قوله لكن قوى القهستاني‏)‏ حيث قال بل يضمن بعمله ما هلك من حيوان وغيره عملا غير مأذون فيه كالدق المخرق للثوب كما في المحيط وغيره فهو غير معتاد بالضرورة ولذا فسر المصنف أي صدر الشريعة العمل به، فمن الباطل ما ظن أنه بطل تفسير المصنف بما في الكافي أن قوة الثوب ورقته مثلا تعرف بالاجتهاد فأمكن التقييد بالمصلح ا هـ‏.‏ ح‏.‏ أقول‏:‏ ومقتضى كلامه أن كل عمل متلف يكون غير معتاد فلا يصح تقييد صدر الشريعة ما تلف بعمله بقوله عملا غير معتاد ويبقى مخالفا لما في الكافي المفيد أن العمل المتلف قد يكون معتادا‏.‏ هذا والذي يظهر لي أنه لا منافاة بين كلامهم وأن الكل يقولون‏:‏ إن المتلف للثوب غير معتاد ولكن لما كان نحو الحجام ضمانه مقيدا بغير المعتاد دون المعتاد أرادوا التنبيه على أن نحو القصار غير مقيد بهذا القيد ليفيدوا الفرق بينهما، ولكن الخروج عن المعتاد في نحو الثوب لا يظهر لنا إلا بالإتلاف، فحيث كان متلفا علم أنه غير معتاد فيضمن لتقصيره فإن الماهر في صنعته يدرك المتلف، بخلاف نحو الحجام فإن لعمله محلا مخصوصا فإذا لم يتجاوزه لا يضمن فإنه لا يمكن إدراكه بمهارته فأنيط الضمان على مجاوزته المحل المخصوص، فظهر بهذا أن كل متلف في عمل نحو القصار خارج عن المعتاد‏.‏ يدل عليه ما في البدائع، وهو أنه يمكنه التحرز بالاجتهاد بالنظر في آلة الدق ومحله وإرسال المدقة على المحل على قدر ما يحتمله مع الحذاقة في العمل، وعند مراعاة هذه الشرائط لا يحصل الفساد فلما حصل دل على أنه مقصر وهو في حقوق العباد ليس بعذر ا هـ‏.‏ فعلم أنه لا فرق بين الكلامين وإن كان في التعبير مسامحة فافهم ‏(‏قوله فتنبه‏)‏ لعله يشير إلى ما قلنا، والله أعلم‏.‏ ‏(‏قوله هذا إذا لم يكن إلخ‏)‏ الإشارة إلى الضمان المذكور في المتن ضمنا‏.‏

مطلب ضمان الأجير المشترك مقيد بثلاثة شرائط

وحاصل ما في الطوري عن المحيط أن ضمان المشترك ما تلف مقيد بثلاثة شرائط‏:‏ أن يكون في قدرته رفع ذلك فلو غرقت بموج أو ريح أو صدمة جبل لا يضمن وأن يكون محل العمل مسلما إليه بالتخلية، فلو رب المتاع أو وكيله في السفينة لا يضمن، وأن يكون المضمون مما يجوز أن يضمن بالعقد فلا يضمن الآدمي كما يأتي ‏(‏قوله إذا لم يتجاوز المعتاد‏)‏ ولم يتعمد الفساد شرنبلالية عن الخانية وكان بأمر يمكن التحرز عنه أفاده المكي ط

‏(‏قوله وركبها إلخ‏)‏ وكذا إذا كان هو والمكاري راكبين على الدابة أو سائقين وقائدين؛ لأن المتاع في أيديهما فلم ينفرد الأجير باليد‏.‏ وروى بشر عن أبي يوسف‏:‏ إذا سرق من رأس الحمال ورب المتاع يمشي معه لا ضمان؛ لأنه لم يخل بينه وبين المتاع، وقالوا‏:‏ إذا كان المتاع في سفينتين وصاحبه في إحداهما وهما مقرونتان أو لا إلا أن سيرهما وحبسهما جميعا لا يضمن الملاح، وكذا القطار إذا كان عليه حمولة وربها على بعير أن المتاع في يد صاحبه؛ لأنه الحافظ له بدائع، وفيه كلام يأتي قريبا‏.‏ ‏(‏قوله وقدمنا‏)‏ أي في كتاب الوديعة أراد به التنبيه على أن المودع بأجر يخالف الأجير المشترك وإن شرط عليه الضمان، وكان الأولى ذكره عند قول المصنف ولا يضمن إلخ كما فعل الزيلعي‏.‏ وذكر الفرق بأن المعقود عليه في الأجير المشترك هو العمل والحفظ واجب تبعا بخلاف المودع بأجر فإنه واجب عليه مقصود ببدل‏.‏ أقول‏:‏ وذكر المصنف في الوديعة أن اشتراط الضمان على الأمين باطل به يفتى ا هـ‏.‏ وفي البزازية‏:‏ دفع إلى صاحب الحمام واستأجره وشرط عليه الضمان إذا تلف لا أثر له فيما عليه الفتوى؛ لأن الحمامي عند اشتراط الأجر للحفظ والثيابي كالأجير المشترك ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله مطلقا‏)‏ أي صغيرا أو كبيرا على الصحيح كما في التبيين، وقيل عدم الضمان إذا كان كبيرا يستمسك على الدابة ويركب وحده وإلا فهو كالمتاع ط عن المكي ‏(‏قوله بل بالجناية‏)‏ ولهذا يجب على العاقلة وضمان العقود لا تتحمله العاقلة ابن كمال ‏(‏قوله لإذنه فيه‏)‏ أي من المستأجر أصيلا أو وليا لعبد أو صغير‏.‏ ‏(‏قوله وإن انكسر دن إلخ‏)‏ في البزازية عن المنتقى‏:‏ حمل متاعا وصاحبه معه فعثر وسقط المتاع ضمن؛ لأن عثاره جناية يده‏:‏ استأجر حمولة بعينها ورب المتاع معه فساق المكاري فعثرت الدابة ضمن عندنا؛ لأنه أجير مشترك أفسده بيده ا هـ‏.‏ ولينظر الفرق بينه وبين ما قدمناه عن البدائع ولعله اختلاف رواية أو محمول على ما إذا ساقها بعنف تأمل‏:‏ ثم رأيت صاحب الذخيرة فرق بين ما إذا كان صاحب المتاع راكبا عليها فعثرت من سوق الأجير لا يضمن وبين ما إذا كان يسير خلفها مع الأجير فيضمن وتمامه فيها ‏(‏قوله في الطريق‏)‏ قيد به لما في البدائع، وإن حمله إلى بيت صاحبه ثم أنزله الحمال من رأسه وصاحب الزق فوقع من أيديهما ضمن، وهو قول محمد الأول ثم رجع وقال لا يضمن‏.‏ ‏(‏قوله بصنعه‏)‏ يشمل ما لو زلقت رجله في الطريق أو غيره فسقط وفسد حمله بدائع‏.‏ ‏(‏قوله فلا ضمان‏)‏؛ لأن المتاع أمانة عنده‏.‏ ‏(‏قوله خلافا لهما‏)‏ فيضمن قيمته في موضع الكسر بلا خيار كما في التبيين‏.‏ وفي البدائع‏:‏ ولو زحمه الناس حتى فسد لم يضمن بالإجماع؛ لأنه لا يمكنه حفظ نفسه عن ذلك فكان بمعنى الحرق الغالب ولو كان الحمال هو الذي زاحم الناس ضمن عند علمائنا الثلاثة ا هـ‏.‏ فتأمل‏.‏

‏(‏قوله أي بيطار‏)‏ فهو خاص بالبهائم‏.‏ ‏(‏قوله لم يجاوز الموضع المعتاد‏)‏ أي وكان بالإذن‏.‏ قال في الكافي‏:‏ عبارة المختصر ناطقة بعدم التجاوز وساكتة عن الإذن، وعبارة الجامع الصغير ناطقة بالإذن ساكتة عن التجاوز فصار ما نطق به هذا بيانا لما سكت عنه الآخر، ويستفاد بمجموع الروايتين اشتراط عدم التجاوز والإذن لعدم الضمان، حتى إذا عدم أحدهما أو كلاهما يجب الضمان انتهى طوري وعليه ما يأتي عن العمادية‏.‏ ‏(‏قوله فلو قطع الختان الحشفة‏)‏ أي كلها‏:‏ قال في الشرنبلالية‏:‏ وبقطع بعضها يجب حكومة عدل كما ذكره الأتقاني‏.‏ ‏(‏قوله دية كاملة‏)‏ قال الزيلعي‏:‏ هذا من أعجب المسائل حيث وجب الأكثر بالبرء والأقل بالهلاك‏.‏ ‏(‏قوله تجب دية الحر‏)‏ أي لو كان الغلام حرا وقيمة العبد لو كان عبدا، قال ح؛ لأن فعله غير مأذون فيه حيث لم يعتبر إذنهما للحجر عليهما في الأقوال‏.‏ ‏(‏قوله؛ لأنه خطأ‏)‏ أي من القتل خطأ إذ لم يتعمد قتله والدليل عليه عدم مجاوزة الفعل المعتاد ط ‏(‏قوله قال يجب القصاص‏)‏؛ لأنه قتله بمحدد ط أي وهو قاصد لقتله فكان عمدا‏.‏

‏(‏قوله ويسمى أجير وحد‏)‏ بالإضافة خلاف المشترك من الوحد بمعنى الوحيد، ومعناه أجير المستأجر الواحد‏.‏ وفي معناه الأجير الخاص؛ ولو حرك الحاء يصح؛ لأنه يقال رجل وحد بفتحتين‏:‏ أي منفرد مغرب، وظاهره أنه لا فرق بينهما، وسنذكر ما يفيد أن بينهما عموما مطلقا ‏(‏قوله وهو من يعمل‏)‏ صوابه إسقاط العاطف؛ لأنه خبر المبتدإ ح‏.‏

مبحث الأجير الخاص ‏(‏قوله لواحد‏)‏ أي لمعين واحدا أو أكثر‏.‏ قال القهستاني‏:‏ لو استأجر رجلان أو ثلاثة رجلا لرعي غنم لهما أو لهم خاصة كان أجيرا خاصا كما في المحيط وغيره ا هـ‏.‏ فخرج من له أن يعمل لغير من استأجره أولا‏.‏ ‏(‏قوله عملا مؤقتا‏)‏ خرج من يعمل لواحد من غير توقيت كالخياط إذا عمل لواحد ولم يذكر مدة ح‏.‏ ‏(‏قوله بالتخصيص‏)‏ خرج نحو الراعي إذا عمل لواحد عملا مؤقتا من غير أن يشرط عليه عدم العمل لغيره‏.‏ قال ط‏:‏ وفيه أنه إذا استؤجر شهرا لرعي الغنم كان خاصا وإن لم يذكر التخصيص، فلعل المراد بالتخصيص أن لا يذكر عموما سواء ذكر التخصيص أو أهمله، فإن الخاص يصير مشتركا بذكر التعميم كما يأتي في عبارة الدرر ‏(‏قوله وإن لم يعمل‏)‏ أي إذا تمكن من العمل، فلو سلم نفسه ولم يتمكن منه لعذر كمطر ونحوه لا أجر له كما في المعراج عن الذخيرة‏.‏ ‏(‏قوله للخدمة‏)‏ أي لخدمة المستأجر وزوجته وأولاده ووظيفته الخدمة المعتادة من السحر إلى أن تنام الناس بعد العشاء الأخيرة وأكله على المؤجر، فلو شرط على المستأجر كعلف الدابة فسد العقد كذا في كثير من الكتب، لكن قال الفقيه‏:‏ في زماننا العبد يأكل من مال المستأجر حموي عن الظهيرية والخانية، وتقدم ما فيه ط‏:‏ أي أول الباب السابق‏.‏ ‏(‏قوله أو لرعي الغنم المسمى‏)‏ كذا قيده في الدرر والتبيين‏.‏ وقد ذكر المصنف في الباب السابق‏:‏ لو استأجر خبازا ليخبز له كذا بدرهم فسد عند الإمام لجمعه بين العمل والوقت فيخالف ما هنا، ولذا قال الشرنبلالي إذا وقع العقد على هذا الترتيب كان فاسدا كما قدمناه، وصحته أن يلي ذكر المدة الأجر ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وقدمنا هناك ما يقتضي وجوب حذف قوله المسمى فراجعه‏.‏ ‏(‏قوله وتحقيقه في الدرر‏)‏ ونصه‏:‏ اعلم أن الأجير للخدمة أو لرعي الغنم إنما يكون أجيرا خاصا إذا شرط عليه أن لا يخدم غيره أو لا يرعى لغيره أو ذكر المدة أولا، نحو أن يستأجر راعيا شهرا ليرعى له غنما مسماة بأجر معلوم فإنه أجير خاص بأول الكلام‏.‏ أقول‏:‏ سره أنه أوقع الكلام على المدة في أوله فتكون منافعه للمستأجر في تلك المدة فيمتنع أن تكون لغيره فيها أيضا، وقوله بعد ذلك لترعى الغنم يحتمل أن يكون لإيقاع العقد على العمل فيصير أجيرا مشتركا؛ لأنه من يقع عقده على العمل، وأن يكون لبيان نوع العمل الواجب على الأجير الخاص في المدة، فإن الإجارة على المدة لا تصح في الأجير الخاص ما لم يبين نوع العمل؛ بأن يقول‏:‏ استأجرتك شهرا للخدمة أو للحصاد فلا يتغير حكم الأول بالاحتمال فيبقى أجير وحد ما لم ينص على خلافه بأن يقول‏:‏ على أن ترعى غنم غيري مع غنمي وهذا ظاهر أو أخر المدة بأن استأجره ليرعى غنما مسماة له بأجر معلوم شهرا فحينئذ يكون أجيرا مشتركا بأول الكلام لإيقاع العقد على العمل في أوله، وقوله شهرا في آخر الكلام يحتمل أن يكون لإيقاع العقد على المدة فيصير أجير وحد، ويحتمل أن يكون لتقدير العمل الذي وقع العقد عليه فلا يتغير أول كلامه بالاحتمال ما لم يكن بخلافه ا هـ‏.‏

مطلب ليس للأجير الخاص أن يصلي النافلة

‏(‏قوله وليس للخاص أن يعمل لغيره‏)‏ بل ولا أن يصلي النافلة‏.‏ قال في التتارخانية‏:‏ وفي فتاوى الفضلي وإذا استأجر رجلا يوما يعمل كذا فعليه أن يعمل ذلك العمل إلى تمام المدة ولا يشتغل بشيء آخر سوى المكتوبة وفي فتاوى سمرقند‏:‏ وقد قال بعض مشايخنا له أن يؤدي السنة أيضا‏.‏ واتفقوا أنه لا يؤدي نفلا وعليه الفتوى‏.‏ وفي غريب الرواية قال أبو علي الدقاق‏:‏ لا يمنع في المصر من إتيان الجمعة، ويسقط من الأجير بقدر اشتغاله إن كان بعيدا، وإن قريبا لم يحط شيء فإن كان بعيدا واشتغل قدر ربع النهار يحط عنه ربع الأجرة‏.‏ ‏(‏قوله ولو عمل نقص من أجرته إلخ‏)‏ قال في التتارخانية‏:‏ نجار استؤجر إلى الليل فعمل لآخر دواة بدرهم وهو يعلم فهو آثم، وإن لم يعلم فلا شيء عليه وينقص من أجر النجار بقدر ما عمل في الدواة

‏(‏قوله وظاهر التعليل إلخ‏)‏ أي فقول الجوهرة ما دام يرعى منها شيئا لا مفهوم له‏.‏ ورأيت بخط بعض الفضلاء أن مراد الجوهرة تحقيق تسليم نفسه بذلك لا شرط استحقاق الأجر كما فهم المصنف والمتون والتعليل يفيده ا هـ‏.‏ وهو حسن‏.‏ ‏(‏قوله وبه صرح في العمادية‏)‏ وهو الموافق لتصريح المتون بأنه يستحق الأجر بتسليم نفسه في المدة وإن لم يعمل‏.‏

‏[‏فرع‏]‏

أراد رب الغنم أن يزيد فيها ما يطيق الراعي له ذلك لو خاصا؛ لأنه في حق الرعي بمنزلة العبد، وله أن يكلف عبده من الرعي ما يطيق تتارخانية

‏(‏قوله ولا يضمن ما هلك في يده‏)‏ أي بغير صنعه بالإجماع، وقوله أو بعمله‏:‏ أي المأذون فيه، فإن أمره بعمل فعمل غيره ضمن ما تولد منه تتارخانية‏.‏ وفيها‏:‏ وإذا ساق الراع الغنم فنطح أو وطئ بعضها بعضا من سوقه، فإن كان الرعي مشتركا ضمن على كل حال، وكذا لو كانت لقوم شتى وهو أجير أحدهم‏.‏ وإن كان خاصا فإن كانت الأغنام لواحد لا ضمان وإن لاثنين أو ثلاثة ضمن‏.‏ وصورة الأجير الخاص في حق الاثنين أو الثلاثة أن يستأجر رجلان أو ثلاثة راعيا شهرا ليرعى غنما لهما أو لهم ا هـ‏.‏ وقال في الذخيرة‏:‏ فقد فرق في الأجير الخاص بين أن يكون لواحد أو لغير واحد يحفظ هذا جدا ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ ومفاده أن بين الخاص والوحد عموما مطلقا كما قدمناه‏.‏ وفي جامع الفصولين‏:‏ ولا يضمن لو هلك شيء في سقي أو رعي ولو ذبحها الراعي أو الأجنبي ضمن لو رجى حياتها أو أشكل أمرها، ولو تيقن موتها لا للإذن دلالة هو الصحيح، ولا يذبح الحمار ولا البغل إذ لا يصلح لحمهما ولا الفرس عنده لكراهته تحريما، ولو قال‏:‏ ذبحتها لمرضها لم يصدق إن كذبه لإقراره بسبب الضمان ويصدق في الهلاك وإن شرط أن يأتيه بسمة ما هلك ا هـ‏.‏ ملخصا‏.‏ أي يصدق بيمينه كما في الجوهرة‏.‏ ‏(‏قوله كالمودع‏)‏ أي إذا تعمد الفساد فإنه يضمن ط‏.‏

‏(‏قوله لكونها أجير وحد‏)‏ قال أبو السعود‏:‏ الحاصل أن المسائل في الظئر تعارضت، فمنها ما يدل على أنها في معنى أجير الوحد كقولهم بعدم الضمان في هذه، ومنها ما يدل على أنها في معنى المشترك كقولهم‏:‏ إنها تستحق الأجر على الفريقين إذا أجرت نفسها لهما‏.‏ قال الأتقاني‏:‏ والصحيح أنه إن دفع الولد إليها لترضعه فهي أجير مشترك وإن حملها إلى منزله فهي أجير وحد ا هـ‏.‏ ملخصا ط‏.‏

مطلب في الحارس والخاناتي

‏(‏قوله وكذا لا ضمان على حارس السوق وحافظ الخان‏)‏ قال في جامع الفصولين، استؤجر رجل لحفظ خان أو حوانيت فضاع منها شيء‏:‏ قيل ضمن عند أبي يوسف ومحمد لو ضاع من خارج الحجرة؛ لأنه أجير مشترك وقيل لا في الصحيح، وبه يفتى؛ لأنه أجير خاص، ألا ترى أنه لو أراد أن يشغل نفسه في صنع آخر لم يكن له ذلك، ولو ضاع من داخلها بأن نقب اللص فلا يضمن الحارس في الأصح إذ الأموال المحفوظة في البيوت في يد مالكها وحارس السوق على هذا الخلاف ا هـ‏.‏ وكذا في الذخيرة‏.‏ قال في الحامدية‏:‏ ويظهر من هذا أنه إذا كسر قفل الدكان وأخذ المتاع يضمن الحارس ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ إنما يظهر هذا على القول بأنه أجير مشترك، أما على القول بأنه خاص فلا لما سمعت من المفتى له نعم بشكل ما مر آنفا عن التتارخانية والذخيرة في الراعي لو كان خاصا لأكثر من واحد يضمن فليتأمل، اللهم إلا أن يقال إذا كسر القفل يكون بنومه أو غيبته فهو مفرط فيضمن‏.‏ وفي الخلاصة‏:‏ ولو استأجره واحد من أهل السوق فكأنهم استأجروه ولكن هذا إن كان ذلك الواحد رئيسهم ويحل له الأجرة‏.‏ وفي المحيط‏:‏ ولو كرهوا ولم يرضوا فكراهتهم باطلة

‏(‏قوله وصح ترديد الأجر‏)‏ قيد اتفاقي إذ لا فرق بين ترديده ونفيه لما في المحيط‏:‏ إن خطه اليوم فلك درهم‏.‏ وإن غدا فلا أجر لك‏.‏ قال محمد‏:‏ إن خاطه في الأول فله درهم وإن في الثاني فأجر المثل لا يزاد على درهم في قولهم جميعا طوري‏.‏ ‏(‏قوله في الأول‏)‏ متعلق بقوله وصح‏.‏ ‏(‏قوله ملحقا‏)‏ قال الرملي‏:‏ ليس في متنه وكتبه في الشرح بالأحمر ملحقا على هامشه‏.‏ ‏(‏قوله ولم يشرحه‏)‏ نعم لم يشرحه عقبه بل شرحه بعد قوله والحمل وأطال فيه‏.‏ ونقل عبارته المحشي، وكأن الشارح لم ينظر تمام كلامه ‏(‏قوله وسيتضح‏)‏ أي حكمه بعد أسطر، وبه يستغنى عن قوله قال شيخنا إلخ كما قاله ح‏.‏ ‏(‏قوله وكذا لو خيره بين ثلاثة‏)‏ أي من هذه المسائل كلها ط ‏(‏قوله كما في البيع‏)‏ قيد للثلاثة والأربعة والجامع دفع الحاجة، وانظر ما في العزمية‏.‏ ‏(‏قوله إلا في تخيير الزمان إلخ‏)‏ تقدم مثاله؛ لأن العقد المضاف إلى الغد لم يثبت في اليوم فلم يجتمع في اليوم تسميتان فلم يكن الأجر مجهولا في اليوم والمضاف إلى اليوم يبقى إلى الغد فيجتمع في الغد تسميتان درهم ونصف درهم فيكون الأجر مجهولا وهي تمنع جواز العقد درر، وهذا مذهب الإمام‏.‏ وعندهما الشرطان جائزان‏.‏ وعند زفر فاسدان وتمامه في المنح‏.‏ ‏(‏قوله لا يزاد على درهم‏)‏ أي ولا ينقص عن نصف وهذا يدل على أنه قد يزاد على نصف درهم‏.‏ وروي عن أبي حنيفة أنه لا يزاد على نصف درهم؛ لأنه المسمى صريحا، فعنه روايتان‏.‏ وجه ظاهر الرواية أنه اجتمع في الغد تسميتان فتعتبر الأولى لمنع الزيادة عليها والثانية لمنع النقصان عملا بهما، وهذا أولى من الترجيح بالمصرح كفاية ملخصا، وصحح الزيلعي الرواية الثانية، ومثله في الإيضاح وذكر أنها رواية الأصل‏.‏ ‏(‏قوله وفيه خلافهما‏)‏ قال الزيلعي‏:‏ ولو خاطه بعد غد فالصحيح أنه لا يجاوز به نصف درهم عند أبي حنيفة؛ لأنه لم يرض بتأخيره إلى الغد بأكثر من نصف درهم، فأولى أن لا يرضى إلى ما بعد الغد، والصحيح على قولهما أنه ينقص من نصف درهم ولا يزاد عليه‏.‏

‏(‏قوله أو كانونا‏)‏ هو المناسب لذكر الاحتراق أفاده ح‏.‏ ‏(‏قوله لا ضمان عليه‏)‏؛ لأن هذا انتفاع بظاهر الدار على وجه لا يغير هيئة الباقي إلى النقصان، بخلاف الحفر؛ لأنه تصرف في الرقبة، وبخلاف البناء؛ لأنه يوجب تغير الباقي إلى النقصان جامع الفصولين

‏(‏قوله إن علم أنه لا يجده‏)‏ الظاهر أن المراد به غلبة الظن، وظاهر هذا الصنيع أنه يصدق في دعواه أنه لا يجده ط‏.‏ قلت‏:‏ وفي البزازية‏:‏ دفع إلى المشترك ثورا للرعي فقال‏:‏ لا أدري أين ذهب الثور فهو إقرار بالتضييع في زماننا ‏(‏قوله بعد الطلب‏)‏ أي في حوالي مكان ضل فيه، ولو ذهب وهو يراه ولم يمنعه ضمن يريد به لو غاب عن بصره لتقصيره في حفظه لعدم المنع، وعلى هذا لو جاء به إلى الخباز واشتغل بشراء الخبز فضاع لو غاب عن بصره ضمن وإلا فلا خلاصة‏.‏ وفي الخانية‏:‏ إذا غيبها عن نظره لا يكون حافظا لها وإن ربطها بشيء ‏(‏قوله فلا يضمن‏)‏ أي إجماعا لو خاصا، ولو مشتركا فكذلك عنده منح‏.‏ ‏(‏قوله ضمن‏)‏؛ لأنه ترك الحفظ بعذر يمكن الاحتراز عنه‏.‏ قال في الذخيرة‏:‏ ورأيت في بعض النسخ لا ضمان عليه فيما ندت إذا لم يجد من يبعثه لردها أو يبعثه ليخبر صاحبها بذلك، وكذا لو تفرقت فرقا ولم يقدر على اتباع الكل؛ لأنه ترك الحفظ لعذر، وعندهما يضمن ا هـ‏.‏ قال في البزازية؛ لأنه تعذر طمعا في الأجر الوافر بتقبل الكثير ‏(‏قوله يوم الخلط‏)‏؛ لأنه يوم الاستهلاك

‏(‏قوله ولا يسافر بعبد‏)‏ أي بل يخدمه في المصر وقراه فيما دون السفر ط عن البزازية‏.‏ ‏(‏قوله لمشقته‏)‏ أي لمشقة السفر ولأن مؤنة الرد على المولى ويلحقه ضرر بذلك فلا يملكه إلا بإذنه زيلعي ‏(‏قوله إلا بشرط‏)‏ أو يرضى به بعده ط‏.‏ ‏(‏قوله؛ لأن الشرط أملك‏)‏ أي أشد ملكا وأدخل في الاتباع فهو أفعل تفضيل من المبني للفاعل أو المفعول‏:‏ أي أشد مالكية أو مملوكية بالنظر لمن اشترطه أو لمن اشترط عليه ط‏.‏ ‏(‏قوله عليك‏)‏ متعلق بمحذوف حال من الضمير في أملك ط ‏(‏قوله أم لك‏)‏ فيه الجناس التام اللفظي كقوله‏:‏ إذا ملك لم يكن ذا هبه فدعه فدولته ذاهبه ‏(‏قوله وكذا لو عرف بالسفر‏)‏ أي وكان متهيئا له كما في التبيين‏.‏ ‏(‏قوله بخلاف العبد الموصى بخدمته‏)‏ مثله المصالح على خدمته ط عن سري الدين‏.‏ ‏(‏قوله مطلقا‏)‏ أي سواء شرط السفر به أم لا منح‏.‏ ‏(‏قوله؛ لأن الأجر والضمان لا يجتمعان‏)‏ أي في حالة واحدة، فلو أوجبنا الأجر عند السلامة وأوجبنا الضمان عند الهلاك في سفره لاجتمعا في حالة واحدة وهي حالة السفر

ط‏.‏ ‏(‏قوله من عبد أو صبي‏)‏ أي آجر نفسه بلا إذن مولى أو ولي‏.‏ ‏(‏قوله أجرا‏)‏ مفعول يسترد، والمراد به أجر المثل في الصورتين كما في التبيين عن النهاية‏.‏ ‏(‏قوله لعودها بعد الفراغ صحيحة‏)‏؛ لأنه محجور عن التصرف الضار لا النافع ولذا جاز قبوله الهدية بلا إذن، وجواز الإجارة بعد ما سلم من العمل تمحض نفعا لحصول الأجر بلا ضرر فصح قبضه الأجرة؛ لأنه العاقد فلا يملك المستأجر الاسترداد زيلعي ملخصا‏.‏ قال ط وهذا التعليل يقتضي لزوم المسمى ا هـ‏.‏ وإذا هلك المحجور من العمل‏:‏ إن كان صبيا فعلى عاقلة المستأجر ديته وعليه الأجر فيما عمل قبل الهلاك، وإن كان عبدا فعليه قيمته ولا أجر عليه فيما عمل له؛ لأنه إذا ضمن قيمته صار مالكا له من وقت الاستعمال فيصير مستوفيا منفعة عبد نفسه كفاية ملخصا‏.‏ قال الزيلعي‏:‏ فإن أعتقه المولى في نصف المدة نفذت الإجارة ولا خيار للعبد، فأجر ما مضى للمولى وما يستقبل للعبد، وإن آجره المولى ثم أعتقه في نصف المدة فللعبد الخيار فإن فسخ الإجارة فأجر ما مضى للمولى وإن أجاز فأجر ما يستقبل للعبد والقبض للمولى؛ لأنه هو العاقد ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله استحسانا‏)‏ والقياس له أن يأخذه؛ لأن عقد المحجور عليه لا يجوز فيبقى على ملك المستأجر؛ لأنه بالاستعمال صار غاصبا له زيلعي

‏(‏قوله ولا يضمن غاصب عبد إلخ‏)‏ أي إذا غصب رجل عبدا فآجر العبد نفسه فأخذ الغاصب الأجرة من يد العبد فأكلها لا ضمان عليه زيلعي‏.‏ ‏(‏قوله لعدم تقومه‏)‏؛ لأنه غير محرز؛ لأن الإحراز إنما يثبت بيد حافظه كيد المالك أو نائبه ويد المالك لم تثبت عليه ويد العبد ليست يد المولى؛ لأن العبد في يد الغاصب حتى كان مضمونا عليه، ولا يحرز نفسه عن الغاصب فكيف يكون محرزا ما في يده كفاية ‏(‏قوله عند أبي حنيفة‏)‏ وقالا‏:‏ عليه ضمانه؛ لأنه أتلف مال الغير بغير إذنه من غير تأويل ‏(‏قوله وجاز للعبد قبضها‏)‏ أي الأجرة الحاصلة من إيجاره نفسه اتفاقا؛ لأنه نفع محض مأذون فيه كقبول الهدية، وفائدته تظهر في حق خروج المستأجر عن عهدة الأجرة بالأداء إليه درر‏.‏ قال الطوري‏:‏ وهذه مكررة مع قوله ولا يسترد مستأجر إلخ؛ لأنه أفاد صحة القبض ومنع الأخذ فتأمل‏.‏ ‏(‏قوله؛ لأنه العاقد‏)‏ أي؛ لأن المولى كذا تفيده عبارة العناية فليس علة لقوله وجاز للعبد قبضها لو آجر نفسه وإن كان صالحا لها، وانظر ما لو آجره الغاصب هل يملك العبد القبض ومفاد التعليل أنه لا يجوز قبضه ط‏.‏ ‏(‏قوله أخذها‏)‏؛ لأنه وجد عين ماله ابن كمال‏.‏ ‏(‏قوله كمسروق بعد القطع‏)‏ فإنه لم يبق متقوما، حتى لا يضمن بالإتلاف ويبقى الملك فيه حتى يأخذه المالك زيلعي‏.‏

‏(‏قوله صح على الترتيب‏)‏؛ لأنه إن لم ينصرف الشهر المذكور أولا إلى ما يلي العقد لكان الداخل في العقد شهرا منكرا من شهور عمره وهذا فاسد فلا بد من صرفه إلى ما يلي العقد تحريا لجوازه، وكذلك الإقدام على الإجارة دليل تنجز الحاجة إلى تملك منفعة العبد فوجب صرف الشهر المذكور أولا إلى ما يليه قضاء للحاجة الناجزة‏.‏ كفاية‏.‏

مبحث اختلاف المؤجر والمستأجر‏.‏ ‏(‏قوله في إباق العبد أو مرضه‏)‏ كأن قال المستأجر في آخر الشهر‏:‏ أبق أو مرض في المدة وأنكر المولى ذلك أو أنكر إسناده إلى أول المدة فقال‏:‏ أصابه قبل أن يأتيني بساعة زيلعي‏.‏ ‏(‏قوله فيكون القول قول من يشهد له الحال‏)‏؛ لأن وجوده في الحال يدل على وجوده في الماضي فيصلح الظاهر مرجحا وإن لم يصلح حجة، لكن إن كان يشهد للمؤجر ففيه إشكال من حيث إنه يستحق الأجرة بالظاهر وهو لا يصلح للاستحقاق، وجوابه أنه يستحقه بالسبب السابق وهو العقد وإنما الظاهر يشهد على بقائه إلى ذلك الوقت زيلعي ملخصا

‏(‏قوله فالقول قول من في يده الثمر‏)‏ هذا إنما يظهر إذا كان الثمر باقيا، فأما إذا كان هالكا أو مستهلكا فلم يتكلم عليه، والظاهر أنه ينظر ليد من هلك عنده أو استهلك ويحرر ط ‏(‏قوله فالقول للمستأجر‏)‏ لإنكاره ضمان الزائد ‏(‏قوله ولو في نفسه‏)‏ أي نفس الانقطاع، وهو من تتمة ما في الخلاصة ويغني عنه ما في المتن

‏(‏قوله والقول قول رب الثوب إلخ‏)‏ بأن قال‏:‏ أمرتك أن تعمله قباء وقال الخياط‏:‏ قميصا أو أن تصبغه أحمر وقال الصباغ‏:‏ أصفر أو أن تعمله لي بغير أجر وقال بل بأجر فالقول لرب الثوب؛ لأن الإذن يستفاد من جهته فكان أعلم بكيفيته ولأنه ينكر تقوم عمله ووجوب الأجر عليه زيلعي ملخصا‏.‏ ‏(‏قوله بيمينه‏)‏ فإذا حلف في الصورة الأولى، إن شاء ضمنه قيمة الثوب غير معمول ولا أجر له، وإن شاء أخذه وأعطاه أجر مثله لا يتجاوز به المسمى؛ لأنه امتثل أمره في أصل ما أمر به وهو القطع والخياطة، لكن خالفه في الصفة فيختار أيهما شاء، وفي الثانية إن شاء ضمنه قيمة ثوب أبيض وإن شاء أخذ ثوبه وأعطاه أجر مثله لا يجاوز به المسمى أيضا درر‏.‏ ‏(‏قوله معاملا له‏)‏ قال في العناية بأن تكررت تلك المعاملة بينهما بأجر‏.‏ وفي التبيين بأن كان يدفع إليه شيئا للعمل ويقاطعه عليه ‏(‏قوله بشهادة الظاهر‏)‏؛ لأنه لما فتح الدكان لأجله جرى ذلك مجرى التنصيص عليه اعتبارا لظاهر المعتاد زيلعي‏.‏ ‏(‏قوله فيتحالفان‏)‏ ويبدأ بيمين المستأجر؛ لأن كلا يدعي عقدا والآخر ينكره فأحدهما يدعي هبة العمل والآخر بيعه‏.‏ اختيار‏.‏

‏[‏تتمة‏]‏

قال في الخانية‏:‏ استأجر شيئا فلم يتصرف به حتى اختلفا فقال المستأجر‏:‏ الأجر خمسة دراهم وقال المؤجر‏:‏ عشرة يتحالفان وأي نكل لزمه ويبدأ بيمين المستأجر، فإذا تحالفا فسخ القاضي العقد وأي برهن يقبل، وإن برهنا يقضى ببينة المؤجر؛ لأنه يثبت حق نفسه، وكذا لو اختلفا في مدة أو مسافة إلا أنه يبدأ فيهما بيمين المؤجر وأي برهن يقبل، ولو برهنا يقضي ببينة المستأجر، ولو قال المستأجر‏:‏ آجرتني شهرين بعشرة وقال الآخر بل شهرا واحدا بعشرة فأيهما برهن يقبل، ولو برهنا فبينة المستأجر، ولو اختلفا في أجر ومدة جميعا أو في أجر ومسافة جميعا يتحالفان فتفسخ الإجارة وأي برهن يقبل، ولو برهنا يقضى بهما جميعا فيقضى بزيادة الأجر ببينة المؤجر وبزيادة المدة أو المسافة ببينة المستأجر وأي بدأ بالدعوى يحلف صاحبه أولا، ولو اختلفا في هذه الوجوه بعد مضي مدة الإجارة عند المستأجر أو بعد ما وصل المقصد فالقول للمستأجر بيمينه ولا يتحالفان إجماعا ولو اختلفا في الأجر بعد مضي بعض المدة أو بعد ما سار بعض الطريق يتحالفان فتفسخ فيما بقي والقول للمستأجر في حصة الماضي ا هـ‏.‏

‏(‏قوله يضمنه أستاذه‏)‏؛ لأنه عمل بإذنه ولا يضمن هو؛ لأنه أجير وحد لأستاذه يستحق الأجر بتسليم نفسه في المدة كما قدمناه

‏(‏قوله ادعى نازل الخان إلخ‏)‏ قال في التتارخانية‏:‏ بناء على أن الخان غالبا يكون معدا للكراء فسكناه رضا بالأجر وبعض المشايخ‏.‏ قالوا‏:‏ الفتوى على لزوم الأجر إلا إذا عرف بخلافه بأن صرح أنه نزل بطريق الغصب أو كان معروفا بالظلم مشهورا بالنزول في مساكن الناس لا بطريق الإجارة ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ والظاهر أن هذا مبني على قول المتقدمين بأن منافع الغصب غير مضمونة مطلقا، أما على ما أفتى به المتأخرون من ضمان المعد للاستغلال ومال الوقف واليتيم فالأجر لازم ادعى الغصب أو لا عرف به أو لا، تأمل قوله وساكن المعد للاستغلال‏)‏ عطف عام على خاص‏.‏ ‏(‏قوله والأجر واجب‏)‏ أي أجر المثل ط

‏(‏قوله كالخراج‏)‏ أي الموظف لإخراج المقاسمة وهو ظاهر ح‏.‏ ‏(‏قوله على المعتمد‏)‏ مخالف لما في حواشي الأشباه عن الولوالجية من أن ما وجب من الأجرة قبل الاصطلام لا يسقط وما وجب بعده يسقط ولا يؤخذ بالخراج؛ لأن سبب وجوبه ملك أرض نامية حولا كاملا حقيقة أو اعتبارا والاعتماد على هذه الرواية‏.‏ ‏(‏قوله وسقط ما بعده‏)‏ لكن هذا إذا بقي بعد هلاك الزرع مدة لا يتمكن من إعادة الزراعة، فإن تمكن من إعادة مثل الأول أو دونه في الضرر يجب الأجر‏.‏ قال في البزازية عن المحيط وعليه الفتوى، ومثله في الذخيرة والخانية والخلاصة والتتارخانية، والظاهر أن التقييد بإعادة مثل الأول أو دونه مفروض فيما إذا استأجرها على أن يزرع نوعا خاصا، أما لو قال على أن أزرع فيها ما أشاء فلا يتقيد فإن التعميم صحيح كما مر تأمل‏.‏ ‏(‏قوله وهو ما اعتمده في الولوالجية‏)‏ قدمنا آنفا حاصل عبارته عن حواشي الأشباه ‏(‏قوله لكن جزم في الخانية إلخ‏)‏ ما ذكره في الخانية ذكره في الولوالجية أيضا واعتمد خلافه كما سمعت، على أنه في الخانية ذكر التفصيل المار، وقال هو المختار للفتوى فكيف يكون جازما بخلافه وقد علمت التصريح بأن عليه الفتوى عن عدة كتب‏.‏ ‏(‏قوله لزم الأجر‏)‏ أي بتمامه، والله - تعالى - أعلم‏.‏